جلسة
15 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا
رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك وأحمد على علوبة بك
وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
-------------
(617)
القضية رقم
1371 سنة 15 القضائية
شهادة الزور.
إدانة
الشاهد في جريمة شهادة الزور لمجرّد أن شهادته أمام المحكمة خالفت ما قاله في التحقيقات
الأوّلية. لا تصح.
(المادة 254 ع =
294)
---------------
لا يصح تكذيب
الشاهد في إحدى رواياته اعتمادا على رواية أخرى له دون قيام دليل يؤيد ذلك. لأن
كلتا الروايتين مصدرهما واحد له اعتبار ذاتي واحد. ولأن ما يقوله الشخص الواحد
كذبا في حالة، وما يقرّره صدقا في حالة، إنما يرجع إلى ما تنفعل به نفسه من
العوامل التي تلابسه في كل حالة، مما يتحتم معه ألا يؤخذ برواية له دون أخرى صدرت
عنه إلا بناء على ظروف يترجح معها صدقه في تلك الرواية دون الأخرى. وإذا كان مثول
الشاهد أمام هيئة المحكمة في جلسة المحاكمة بين رهبة الموقف وجلاله وقدسية المكان،
محوطا بالضمانات العديدة المعلومة التي وضعها القانون للحصول منه على الحقيقة
الخالصة - ذلك فيه ما من شأنه أن يشعره بعظم مسئوليته فيما يدلى به في آخر فرصة
تسمع فيها أقواله، مما يصح معه في العقل أن يفترض أنه، وهو في هذه الحال، يكون
أدنى إلى أن تغلب عليه النزعة إلى الحق فيؤثره ولا يتمادى في الحنث بيمينه إذا كان
قد حلفها من قبل - إذ كان ذلك كذلك فإن اعتبار روايته الأولى - عند اختلاف روايتيه
- هي الصحيحة، لا لشيء إلا لكونها هي الأولى لا يكون له ما يقتضيه، بل لعل شهادته
أمام المحكمة تكون هي الأولى بهذا الاعتبار. وإذن فإن إدانة الشاهد في جريمة شهادة
الزور لمجرّد أن روايته أمام المحكمة قد خالفت ما قاله في التحقيقات الأوّلية لا
تكون مقامة على أساس صحيح من شأنه في حدّ ذاته أن يؤدّى إليها. وخصوصا أنه يجب في سبيل
تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفسح أمام الشاهد المجال ليقرّر الحق وألا يقيد
بأقواله الأولى التي سبق له إبداؤها في التحقيقات إلى حدّ تعريضه للعقوبة الجنائية
إذا هو عدل عنها، وذلك حتى لا ينغلق في وجهه الباب، إذا ما عاوده ضميره، إلى
الرجوع إلى الحق والإقلاع عما كان عليه من باطل - الأمر الذى راعاه القانون نفسه
إذ لم يعاقب على شهادة الزور إذا عدل الشاهد عن الباطل وقرّر الحق في أية مرحلة
كانت عليها الدعوى حتى تمام نظرها أمام المحكمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق