الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 يوليو 2020

الطعن 1325 لسنة 15 ق جلسة 15 / 10 / 1945 مج عمر الجنائية ج 6 ق 614 ص 762

جلسة 15 أكتوبر سنة 1945
برياسة حضرة صاحب السعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: جندي عبد الملك بك وأحمد نشأت بك وأحمد على علوبة بك وأحمد فهمى إبراهيم بك المستشارين.
----------------
(614)
القضية رقم 1325 سنة 15 القضائية
(أ) ضرب وجرح. 
نتيجة محتملة. تغليظ العقاب بسبب ذلك. ملحوظ فيه مراعاة المجني عليه في حق نفسه ما يجب على الشخص العادي مراعاته. تعمد المجني عليه تسوئ مركز المتهم بالإهمال قصدا. وقوع خطأ جسيم منه سوأ نتيجة فعله المتهم. لا يسأل المتهم عن النتيجة. مجني عليه في ضرب. وجوب تحمله المداواة المعتادة. لا تصح مطالبته بتحمل عملية جراحية تعرّض حياته للخطر أو تحدث له آلاما مبرحة.
)ب) تعويض. 
تمسك المتهم في رفض الدعوى المدنية بانتفاء مسئوليته لعدم وقوع الاعتداء منه. صلح بين المتهم والمجني عليه يصح أن يقال عنه إنه لم تراع فيه النتيجة التي انتهى إليها الاعتداء. القضاء بالتعويض. لا تثريب على المحكمة فيه.
--------------
1 - إن أحكام القانون في تغليظ العقوبة على المتهم بسبب نتيجة فعلته إنما لحظ فيها قيام حسن النية لدى المجنى عليه ومراعاته في حق نفسه ما يجب على الشخص العادي مراعاته، فإذا كان المجنى عليه قد تعمد تسوئ مركز المتهم فأهمل قصدا، أو كان قد وقع منه خطأ جسيم سوأ نتيجة تلك الفعلة، فعندئذ لا تصح مساءلة المتهم عما وصلت إليه حال المجنى عليه بسبب ذلك. وإذ كان المجني عليه في الضرب أو نحوه مطالبا بتحمل المداواة المعتادة المعروفة، فإنه إذا رفضها فلا يسأل المتهم عما يترتب على ذلك، لأن رفضه لا يكون له ما يسوغه. لكنه لا يصح أن يلزم بتحمل عملية جراحية يكون من شأنها أن تعرّض حياته للخطر أو أن تحدث له آلاما مبرحة، وإذا رفض ذلك فإن رفضه لا يكون ملحوظا فيه عنده أمر المتهم، وفى هذه الحالة يجب أن يتحمل المتهم النتيجة باعتبار أنه كان عليه وقت ارتكاب فعلته أن يتوقعها بما يلابسها من الظروف.
2 - إذا كان الدفاع عن المتهم لم يتمسك أمام المحكمة في طلب رفض الدعوى المدنية الموجهة عليه إلا بانتفاء مسئوليته الجنائية على أساس عدم اعتدائه على المجنى عليه، ولم يتعرّض للصلح الذى تم بينه وبين المجنى عليه، وكان هذا الصلح يصح أن يقال عنه إنه لم تراع فيه النتيجة التى انتهى إليها الاعتداء، فإن الحكم إذا قضى بالتعويض يكون قد اعتبر الصلح المدعى كذلك، ولا يصح تعييبه من هذه الناحية.

المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الثالث أنه ثابت من أوراق المستشفى أن المجنى عليه رفض إجراء عملية استكشاف للجرح الذى وجد برأسه كما رفض أن يجرى عليه المستشفى العلاج اللازم، ثم انقطع عن التردد على المستشفى حتى توفى، ولا شك بأن هذا إهمال جسيم ومعتمد من جانب المجنى عليه يجعل موته بعد ذلك بعيدا عما وقع من الطاعن، فلا يصح أن يسأل عنه. ولذا تكون إدانته مع هذه الظروف خاطئة.
وحيث إن الحكم قد ردّ على ما يشير إليه الطاعن فقال: كذلك لا يرفع عن المتهم هذه المسئولية إهمال المجني عليه في العلاج أو انقطاعه عن العلاج ما دامت الإصابة التي أحدثها المتهم بالمجنى عليه هي السبب المباشر في الوفاة. ولئن ثبت من أقوال الدكتور نصيف بشارة أمام النيابة أن تقيح الجرح والالتهاب السحائي بالمخ والنيكروز بالعظم التي كانت السبب في الوفاة نتجت عن ترك الجرح بغير عملية الاستكشاف التي كان الطبيب يراها ضرورية لتنظيف الجرح من التلوث الذى به، وهى الخطوة السابقة مباشرة لعملية رفع العظام، وهى العملية التي رفض المصاب إجراءها إلا أنه مع هذا لا يمكن القول إن إجراء هذه العملية كان يترتب عليه بطريقة قاطعة عدم وفاة المصاب إذ كثيرا ما تجرى عمليات استكشاف ورفع عظام المصابين دون أن يكون لهذا الإجراء تأثير على وفاتهم. أما القول من دفاع المتهم بأن رفض المصاب إجراء هذه العملية يعتبر إهمالا منه جسيما ترفع به مسئولية المتهم نهائيا عما أحدثه هو بالمصاب من إصابات فهو ما لا توافق عليه المحكمة، بل تلاحظه في تقدير العقوبة وفى التعويض الذي تقدّره لوالد المجني عليه. وهذا منه سديد. لأن أحكام القانون في تغليظ العقوبة على المتهم بسبب نتيجة عمله معناها افتراض حسن النية لدى المجني عليه ومراعاته ما يجب على الشخص العادي مراعاته، فإذا تعمد المجني عليه إيذاء المتهم والإساءة إليه أو وقع منه خطأ جسيم أثر في هذه النتيجة فعندئذ يصح نسبتها إليه وعدم مساءلة المتهم عنها. فالمجنى عليه في الضرب أو نحوه مطالب بتحمل المداواة المعتادة المعروفة، فإذا رفضها فلا يسأل المتهم عما يترتب على ذلك، لأن رفضه لا يكون له ما يسوغه. ولكن لا يمكنه أن يطالب بتحمل عملية جراحية يكون من شأنها أن تعرّض حياته للخطر أو تحدث له آلاما مبرحة، لأن الرفض في هذه الحالة لا يكون ملحوظا فيه مركز المتهم ويجب أن يتحمل هذه النتيجة باعتبار أنه كان عليه وقت ارتكاب فعلته أن يتوقعها بالظروف التي أحاطت بها. ولما كانت العملية التي رفضها المجني عليه من هذا القبيل فإن القول بأن عدم قبوله إجراءها عليه يؤثر في مسئولية الطاعن لا يكون له من مبرر.
وحيث إن الوجه الباقي يتلخص في أن الحكم قضى بإلزام الطاعن بتعويض للمدّعى بالحق المدني مع أن المجني عليه قد تصالح مع الطاعن عند البدء في التحقيق. فضلا عن أنه قد اعتدى بدوره على الطاعن وأحدث به عدّة إصابات. ولذا كان يتعين عدم قبول الدعوى المدنية أو رفضها.
وحيث إن الحكم إذ تحدّث عن الدعوى المدنية قال: "وبما أن شنودة بخيت والد المجني عليه ادعى مدنيا بمبلغ مائة جنيه بصفة تعويض عن الضرر الذي ناله من فقده ابنه، وترى المحكمة أن طلبه في محله، غير أنها تقدّر التعويض بمبلغ خمسين جنيها للسبب السابق بيانه". ولما كان الدفاع عن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة برفض الدعوى المدنية إلا على أساس انتفاء مسئوليته الجنائية لعدم اعتدائه على المجني عليه ولم يتعرّض للصلح، وكان هذا الصلح المدعى يصح القول عنه بأنه لم تراع فيه النتيجة التي وصل إليها الاعتداء، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد اعتبره كذلك ثم قضى بالتعويض على هذا الأساس وعلى أساس ثبوت وقوع الاعتداء من الطاعن على المجني عليه. وبهذا لا يصح نسبة أي خطأ إليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق