الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 يوليو 2020

الطعن 13 لسنة 6 ق جلسة 4 / 6 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 374 ص 1150


جلسة 4 يونيه سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازي بك المستشارين.
-----------------
(374)
القضية رقم 13 سنة 6 القضائية

بيع.
عقد البيع. أثر قانون التسجيل رقم 18 سنة 1923 على أحكام المبيع، غلة المبيع من حق المشترى من تاريخ الشراء لا من تاريخ التسجيل فقط. (المادة 266 مدنى والقانون رقم 18 سنة 1923)
---------------
إن عقد البيع لم يزل بعد قانون التسجيل الصادر في 26 يونيه سنة 1923 من عقود التراضي التي تتم قانونا بالإيجاب والقبول. وكل ما أحدثه هذا القانون من تغيير في أحكام البيع هو أن نقل الملكية بعد أن كان نتيجة لازمة للبيع الصحيح بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 266 من القانون المدني أصبح متراخيا إلى ما بعد التسجيل. ولذلك بقي البائع ملزما بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشترى، كما بقي المشترى ملزما بأداء الثمن إلى غير ذلك من الالتزامات التي ترتبت بينهما على التقابل بمجرّد حصول البيع. كما أنه ليس للبائع، لعدم تسجيل العقد وتراخى نقل الملكية بسببه، أن يدّعى لنفسه ملك المبيع على المشترى لأن من يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه (1) . ومقتضى ذلك أن يكون البائع ملزما للمشترى بتسليم المبيع وبغلته إن لم يقم بتسليمه. فالحكم الذي لا يعطى المشترى الحق في ريع الشيء المبيع عن المدّة السابقة على تاريخ تسجيل عقد البيع يكون حكما خاطئا متعينا نقضه.


الوقائع
تتلخص وقائع هذه القضية - بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن باقي الأوراق المقدّمة لهذه المحكمة والتي تقدّمت من قبل لمحكمة الاستئناف - في أنه بموجب عقد عرفي اشترت الطاعنة من المدّعى عليه في الطعن النصف شائعا في أرض وبناء منزلي كائن بثغر الإسكندرية تبينت حدوده ومساحته فيه بثمن قدره 300 جنيه نص في العقد أن البائع قبضه من المشترية، وأنها استلمت الحصة المبيعة تنتفع بها وتتصرف فيها كيف شاءت. وقد تصدّق على توقيع المتعاقدين في 11 أبريل سنة 1925 ثم تسجل العقد بمحكمة الإسكندرية المختلطة، بتاريخ 7 يونيه سنة 1930. وفى 15 يناير سنة 1930 رفعت المدّعية الدعوى لدى محكمة الإسكندرية الكلية ضدّ المدّعى عليه قيدت بجدولها برقم 137 سنة 1930 طلبت فيها الحكم بإلزامه بتقديم حساب مؤيد بالمستندات عن صافى ريع حصتها التي اشترتها بالعقد السالف الذكر في المدّة من 11 أبريل سنة 1925 لغاية 15 يناير سنة 1930 تاريخ رفع الدعوى وذلك في ظرف ثمانية أيام من صدور الحكم وفى حالة تأخيره عن تقديم الحساب يقضى عليه بغرامة قدرها 100 قرش يوميا لحين تقديم الحساب مع إلزامه بأن يدفع قيمة ما يظهر من نتيجة الحساب بعد تقديمه والموافقة عليه مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب والنفاذ. وبجلسة 21 يونيه سنة 1930 حكمت المحكمة غيابيا بإلزام المدّعى عليه بأن يقدّم للمدّعية حسابا معززا بالمستندات عن صافى ريع حصتها عن المدّة من 11 أبريل سنة 1925 لتاريخ الحكم المذكور وذلك في ظرف شهر من تاريخ صدوره وإلا يلزم بدفع غرامة قدرها 100 قرش عن كل يوم من أيام التأخير. عارض المدّعى عليه في هذا الحكم وحكم برفض المعارضة شكلا لتقديمها بعد الميعاد. ولما لم يقدّم المدّعى عليه الحساب طلبت المدّعية ندب خبير ليقدّر صافي ريع المنزل المشترك بينهما. وفى 11 فبراير سنة 1932 حكمت تلك المحكمة حضوريا بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم. قام الخبير بمباشرة العمل وقدّم تقريره وتبين منه أن صافى ما خص المدّعية من الريع من مايو سنة 1925 لغاية فبراير سنة 1932 هو مبلغ 92 جنيها و900 مليم. والمحكمة حكمت بتاريخ 11 مايو سنة 1933 بإلزام المدّعى عليه بأن يدفع للمدّعية المبلغ المذكور والمصاريف و100 قرش أتعاب محاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات معتمدة في ذلك على تقرير الخبير.
استأنف المدعى عليه هذا الحكم بصحيفة أعلنت في 30 يناير سنة 1935 طلب للأسباب الواردة بها الحكم بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليها (المدعية) مع إلزامها بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. وفى أثناء تحضير الدعوى دفعت المستأنف عليها (المدّعية) فرعيا (أولا) بعدم قبول الاستئناف لخلو صحيفته من الأسباب (ثانيا) بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب. والمحكمة بعد سماع مرافعة الخصوم والاطلاع على مذكراتهم قضت بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1935 حضوريا برفض الدفعين الفرعيين وبجواز الاستئناف وقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليها وإلزامها بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المستأنف، بانية حكمها برفض دعوى المدعية على أن عقد ملكيتها للحصة التي تطالب بريعها لم يسجل إلا في 7 يونيه سنة 1930 فهي لم تصبح مالكة لتلك الحصة إلا من تاريخ التسجيل. فمطالبتها بالريع عن المدّة من 11 أبريل سنة 1925 إلى تاريخ رفع دعواها في 15 يناير سنة 1930 لا حق لها فيه.
أعلن هذا الحكم للست نجية شعبان في 31 ديسمبر سنة 1935 فطعنت فيه بطريق النقض في 30 يناير سنة 1936 بتقرير أعلن للمدعى عليه فيه في 6 فبراير سنة 1936، وقدّمت مذكراتها ومستنداتها في الميعاد القانوني ولم يقدّم المدعى عليه في الطعن شيئا، وقدّمت النيابة مذكرتها في 19 مايو سنة 1936.
وبجلسة اليوم المحدّدة لنظر هذا الطعن سمعت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم صدر الحكم الآتي:


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن رفع صحيحا في الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
وحيث إن الوجه الأوّل من أوجه الطعن يتحصل في أن محكمة الاستئناف قد أخلت بحق الدفاع لأنها بعد أن رخصت للخصوم بتقديم مذكرات في الدفعين الفرعيين اللذين أثارتهما الطاعنة حجزت القضية للحكم لمدّة أربعة أسابيع وفى اليوم المحدّد للحكم فصلت في الدفعين وفى الموضوع من غير أن تمكن المدّعية من الدفاع فيه، وذلك لأن المدّعى عليه في الطعن تعمد تأخير مذكرته إلى ما قبل جلسة الحكم بثلاثة أيام فلم تستطع في هذه الفترة تقديم مذكرتها بالرد عليه.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الطاعنة لم تقدّم ما يثبت ما زعمته من أن القضية حجزت للحكم في الدفعين مع الترخيص بتقديم مذكرة في هذا الأمر وحده، وأنه بالرغم من ذلك أصدرت المحكمة حكمها في الدفعين وفى الموضوع أيضا فأخلت بحق الدفاع. لم تثبت الطاعنة شيئا من ذلك فضلا عن أن المفهوم من عبارة الحكم المطعون فيه أن الطاعنة طلب التأييد، وهذا الطلب الذى يؤخذ منه أن المناقشة تناولت موضوع الدعوى يسقط بلا جدال زعمها بأن حق الدفاع قد أخل به.
وحيث إن الوجه الثاني من أوجه الطعن يتلخص في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق قانون التسجيل إذ قضى برفض دعوى الريع التي رفعتها الطاعنة ضدّ البائع لها على أساس أن عقد شرائها المصدّق عليه في 11 أبريل سنة 1925 لم يسجل إلا في 7 يونيه سنة 1930 فلم تنتقل لها ملكية المبيع إلا من هذا التاريخ وأنها بناء على ذلك لم تكن مالكة في المدّة السابقة عليه فلا تستحق ريعا عنها. ووجه الخطأ أن قانون التسجيل لم يغير طبيعة عقد البيع وإنما عدل آثاره بالنسبة للعاقدين وغيرهم فجعل نقل الملكية غير مرتب على مجرّد العقد، بل أرجأه إلى حين حصول التسجيل، وترك لعقد البيع معناه وباقي آثاره.
وحيث إن الذي جرى عليه القضاء أن عقد البيع لم يزل بعد قانون التسجيل الصادر في 26 يونيه سنة 1923 من عقود التراضي التي تتم قانونا بالإيجاب والقبول. وكل ما أحدثه هذا القانون من تغيير في أحكام البيع هو أن نقل الملكية بعد أن كانت نتيجة لازمة للبيع الصحيح بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة 266 من القانون المدني أصبح متراخيا إلى ما بعد التسجيل. ولذلك بقي البائع ملزما بموجب العقد بتسليم المبيع وبنقل الملكية للمشترى كما بقي المشترى ملزما بأداء الثمن إلى غير ذلك من الالتزامات التي ترتبت بينهما على التقابل بمجرّد حصول البيع. كما أنه ليس للبائع - لعدم تسجيل العقد وتراخى انتقال الملكية بسببه - أن يدعى لنفسه ملك المبيع على المشترى لأن من يضمن نقل الملك لغيره لا يجوز له أن يدعيه لنفسه (حكم النقض الصادر في 22 ديسمبر سنة 1932 في الطعن رقم 52 سنة 2 قضائية).
وحيث إن مقتضى ذلك أن البائع يكون ملزما للمشترى بتسليم المبيع وبغلته إن لم يقم بتسليمه.
وحيث إنه بناء على هذا تكون محكمة الاستئناف قد أخطأت في قضائها بأن عقد شراء المدّعية الغير المسجل والصادر لها من المدّعى عليه في الطعن لا يعطيها الحق في مطالبته بالريع عن نصف المنزل الذى اشترته منه عن المدّة السابقة على تاريخ تسجيله. ولذا يتعين نقض الحكم.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها.
وحيث إن المدّعية وإن رفعت دعواها أوّلا بالمطالبة بالريع عن المدّة من 11 أبريل سنة 1925 لغاية 15 يناير سنة 1930 وهو تاريخ رفع الدعوى إلا أنها - كما هو ظاهر من الحكم المستأنف - قد عدّلت طلباتها بالمطالبة بالريع لغاية فبراير سنة 1932.
وحيث إن الحكم المستأنف يكون لذلك قد أصاب فيما قضى به اعتمادا على تقرير الخبير الذى ندبته والذى قدّر ريع الحصة التي اشترتها المدّعية بمبلغ 92 جنيها و900 مليم عن المدّة من مايو سنة 1925 لغاية فبراير سنة 1932. ولذا يتعين تأييده لأسبابه.


 (1) تقرّرت هذه القاعدة بحكم محكمة النقض الصادرة في 22 ديسمبر سنة 1932 في الطعن رقم 52 سنة 2 القضائية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق