جلسة 26 من فبراير سنة 2008
برئاسة السيد القاضي الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ صلاح سعداوي خالد، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، زياد محمد غازي ومحمود حسن التركاوي نواب رئيس المحكمة.----------------
(49)
الطعن رقم 10593 لسنة 76 القضائية
(1) اختصام من لم يكن خصماً في النزاع الذي فُصل فيه. أثره.
(2) عدم طعن بعض المطعون عليهم على القضاء برفض استئنافهم. أثره. صيرورته باتاً بالنسبة لهم. مؤداه. عدم قبول اختصامهم في الطعن بالنقض على حكم في ذات النزاع لاحق لذلك القضاء.
(3) حكم "بطلان الحكم".
وجوب إيراد الحكم ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري والأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي. علة ذلك. م 178 مرافعات. قصور الأسباب الواقعية والإيرادات الموجزة للدفوع والدفاع الجوهري. أثره. بطلان الحكم.
(4) تأمين "التأمين البحري: دعوى ترك السفينة: شروطها".
تعلق دفاع ودفوع الطاعنة والأسباب القانونية لحكم النقض بمدى توفر شروط دعوى الترك الواردة في قانون التجارة البحرية. احتجاب الحكم المطعون فيه عن بحثها مكتفياً بإيراد طلب الطاعنة الختامي وبعدم التعرض لما أحال إليه حكم النقض. قصور مبطل.
(5 ، 7) وكالة "حدودها وآثارها".
(5) حق التقاضي أو الدفاع عن النفس أو الذات أصالة أو بالوكالة. مكفول لكل من الشخص الطبيعي أو الاعتباري. المادتان 68، 69 من الدستور. القواعد الخاصة لحماية الشخص لحقوقه والزود عنها. استقلالها عن القواعد المقررة لوكالة غيره للدفاع عنه. علة ذلك.
(6) الوكالة في التقاضي. الأصل أن تتم بالتراضي. مؤداه. قبول الوكيل تكليف الموكل له بالنيابة عنه في الالتجاء إلى القضاء. للأول مباشرة كافة الأعمال القانونية المتعلقة بالتقاضي. أثره. صحة الإجراء الذي يتخذه المحامي قبل صدور التوكيل ممن كلفه به.
(7) تحرير وتوقيع المحامي لصحيفتي الدعوى وتعجيل الاستئناف بصفته وكيلا عن الشركة المستأنف عليها. لا ينال من صفتها في رفعهما ولو لم تفرغ وكالتها لهذا المحامي في شكل خاص أو تدون في محرر.
(8 – 10) تأمين "تأمين بحري: دعوى ترك السفينة: شروطها".
(8) فقدان الوحدة النهرية المؤمن عليها صلاحيتها في الملاحة وصيرورتها حطاما. أثره. زوال هذه الصفة عنها وخضوعها لقواعد الحيازة في المنقول. مؤداه. ثبوت الحق لمالكها في التخلي عنها وفي تقاضي مبلغ التأمين من المؤمن.
(9) هلاك السفينة كلها أو أن يصبح إصلاحها أو إنقاذها يعادل ثلاثة أرباع قيمتها. أثره. للمؤمن له أن يُبلغ المؤمن عن رغبته في تركها. سبيله إلى ذلك. إعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل بعلم الوصول. شرطه. أن يتم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تحقق علم المؤمن له الحقيقي بالحادث. المادتان 368، 383 قانون التجارة البحرية. المناط في تحقق هذا العلم. استخلاصه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان سائغاً.
(10) إبلاغ المستأنف عليها (المؤمن له) المستأنفة (المؤمن) برغبتها في التخلي عن الوحدة المؤمن عليها لغرقها. وقوع هذا الإبلاغ قبل انقضاء ثلاثة أشهر على علم الأولى الحقيقي بالحادث. أثره. ليس للثانية التمسك بسقوط حق الأولى في دعوى الترك.
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
2- إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما (ثانياً) وإن كانا ضمن الخصوم في الحكم الأول الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 19 من فبراير سنة 2002 لإقامتهما الاستئناف رقم .... لسنة ... ق القاهرة إلا أنه وقد قضت المحكمة برفضه ولم يطعنا عليه بطريق النقض أسوة بما سلكته الطاعنة والمطعون ضدها أولاً فإن هذا القضاء يكون قد أضحى باتاً ومن ثم لا يكونان طرفاً في خصومة الحكم المطعون فيه اللاحق عليه – محل هذا الطعن – بما يتعين معه القضاء بعدم قبول اختصامهما في الطعن.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه تقديراً لأهميته البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم على نحو ما جاء بالمادة 178 من قانون المرافعات أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ليتسنى تقدير هذا وذاك في ضوء الواقع الصحيح من الدعوى ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي، ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعة، والإيرادات الموجزة للدفوع والدفاع الجوهري الذي أثير في الدعوى بطلان الحكم.
4- إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يورد موجز ما تمسكت الطاعنة به في مذكراتها من دفوع ودفاع مكتفية في ذلك بإيراد طلبها الختامي برفض الاستئناف وهو ما حجبها عن بحث مدى توافر شروط قبول دعوى الترك التى تمسكت الطاعنة بعدم تحققها أو تعرض لما أحال إليه حكم النقض من أسباب قانونية تتعلق بمدى توافر شروط الترك الوارد ذكرها في المواد من 367 حتى 370 من قانون التجارة البحري والحالات التي يجوز فيها الترك لتعويض الأضرار الناجمة عن وقوع الحادث المؤمن منه وفقاً لحكم المادة 383 من هذا القانون فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل.
5- المقرر – في قضاء محكمة النقض – إن مفاد النص في المادتين 68، 69 من الدستور على أنه لكل شخص طبيعي أو اعتباري حق التقاضي، وذلك بجانب حقه في الدفاع عن نفسه أو عن ذاته أصالة أو بالوكالة وعلى ذلك فرق قضاء النقض بين حق التقاضي الذي يكون لكل شخص أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه والذود عنها وبين حقه في وكالة غيره للدفاع عنه وكانت التشريعات المنظمة لإجراءات التقاضي والوكالة في الخصومة للدفاع أمام القضاء قد عنت بوضع القواعد المنظمة لكل من الحقين فتناولت مواد قانون المرافعات مخاطبة الأشخاص – دون من لهم حق الوكالة عنهم - (مدعون أو مدعى عليهم) وذلك في مراحل رفع الدعوى وقيدها (المواد 65، 63/4) وقواعد الحضور والغياب (المواد 67/1، 68/3، 70، 71، 72 من 82 حتى 85) واختصام الغير وإدخال ضامن المادتين (117، 119) والطلبات العارضة المواد (123، 124، 125) ووقف الدعوى المادة 128 وانقطاع الخصومة وسقوطها المادتين (130، 134) ثم القواعد المنظمة للطعن في الأحكام بصفة عامة والطعن بالاستئناف والنقض في المواد 248، 249، 254، 255 وأخيراً حق الشخص الطبيعي والاعتباري في الدفاع عن نفسه أو عن ذاته بالأصالة أو الوكالة.
6- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الوكالة في التقاضي تتم بحسب الأصل بالتراضي ولا يلزم أن تفرغ في شكل خاص أو تدون في محرر فبمجرد تكليف الموكل الوكيل نيابة عنه في الالتجاء إلى القضاء وقبول الأخير ذلك صح له أن يباشر كافة الأعمال القانونية المتعلقة بالتقاضي من رفع الدعاوى والطعن على الأحكام - عدا الطعن أمام محكمة النقض - فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء الصحيح ما لم ينص القانون على غير ذلك.
7- إذ كانت المستأنفة (شركة ....) لا تجادل في حقيقة أن الشركة المستأنفة عليها (شركة ....) هي رافعة الدعوى المبتدأة والمعجلة للاستئناف بعد صدور حكم النقض الأول باعتبارها الطرف الذي تعاقدت معها في وثيقة التأمين - محل الخلاف -، وكان المحامي الذي حرر صحيفة الدعوى وصحيفة التعجيل وقعهما بصفته وكيلاً عن هذه الشركة والتي لا تتطلب أي منهما لصحتهما أن تفرغ وكالته عنها في شكل خاص أو تدون في محرر ومن ثم يضحى ما تمسكت به الشركة المستأنفة من عدم قبول دعوى الترك، وكذا عدم قبول دعوى تعجيل الاستئناف بعد صدور حكم النقض الأول لإقامة كل منهما من غير ذي صفة وما يترتب على ذلك من آثار في غير محله ولا ينال من ذلك مباشرة الوكيل عن المستأنفة عليها تلك الإجراءات بعد انتهاء مدة القيد في السجل التجاري دون تجديد باعتبار أنه إنما ينوب عنها باعتبارها ذات شخصية اعتبارية ما زالت قائمة.
8- إذ كان الثابت من وثيقة التأمين رقم 6050 (وحدات بحرية) أنها حررت بين المستأنف عليها (شركة ...) – ثم عدلت بتاريخ 13/2/1996 بجعل ممثل الشركة (.....) مع سريان هذا التعديل من بداية التأمين الصادر في 10/2/1996 – وبين الشركة المستأنفة وتحدد فيها اسم الوحدة المؤمن عليها وهي (......) فندق عائم ومن سبق تعامل الشركة المستأنفة مع المستأنفة عليها من قبل وقوع حادث الغرق بقيامها بسداد تعويض للأخيرة عن شحوط هذه الوحدة يوم 18/4/1996 بين إدفو وإسنا نفاذاً لذات الوثيقة وخلال فترة سريانها، وذلك وفقاً لصورة الإقرار الموقع عليه من ممثل الشركة المستأنفة والصادر على مطبوعات المستأنف عليها بتاريخ 5/8/1996 والمرفق بالأوراق – وكان الثابت من السجل التجاري للمستأنف عليها والمقدم صورة منه أمام محكمة أول درجة من المستأنفة أن من أغراض هذه الشركة تشغيل وإدارة الباخرة السياحية (......) وغيرها والذي لا خلاف بين طرفي الاستئناف بأن هذه الباخرة هي الفندق العائم (.......) - الوحدة المؤمن عليها - وكان إسناد تشغيل وإدارة هذه الوحدة إلى الشركة المستأنف عليها متى وردت دون تخصيص فإنها تعني وفقاً لمفهوم المادة 701 من القانون المدني القيام بأعمال تشغيلها فيما أعدت لها من رحلات نيلية وغيرها باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق الإدارة الحسنة، وكذا الحق في إبرام وثائق التأمين عنها ضد الحوادث التي تعد من أعمال الإدارة اليقظة، كما يكون لها كذلك الحق في رفع الدعاوى التي تنشأ عن هذه الأنشطة ومنها استيفاء حق ملاكها بمقابل، وكان من أثر فقدان الوحدة النهرية المؤمن عليها لصلاحيتها للملاحة وصيروريتها حطاماً أن يزول عنها هذا الوصف ويضحى التصرف بشأنها إنما يخضع لقواعد الحيازة في المنقول بما يضحى معه ما تمسكت به المستأنفة من نفي للصفة والمصلحة للمستأنف عليها في رفع دعوى الترك وحقها في التخلي عن الوحدة المؤمن عليها للمستأنفة بعد أن صارت حطاماً وفي تقاضي مبلغ التأمين الذي يمثل المقابل لثمن الوحدة نيابة عن ملاك هذه الوحدة يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
9- إذ كانت الأوراق قد خلت من صدور تصريح من الشركة المستأنفة عليها عند تبليغ رغبتها في الترك بعقود التأمين الأخرى التي أجرتها على الوحدة المؤمن عنها ولم تدع المستأنفة وجود هذه العقود، كما خلت كذلك الأوراق من قيام المستأنف عليها بالتبليغ بسوء نية عن الحادث الذي أدى إلى غرق هذه الوحدة على نحو غير مطابق للحقيقة نفاذاً لما اشترطته المادتان 369، 370 من ذلك القانون - على نحو ما سبق الإشارة إليه - وكان النص في المادة 368 منه على أن "يبلغ الترك إلى المؤمن بإعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل مصحوب بعلم وصول، ويجب أن يحصل الإعلان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له بالحادث الذي يجيز الترك أو من تاريخ انقضاء المواعيد المنصوص عليها في المادتين 383، 393 من هذا القانون" وفي المادة 383 منه على أنه "1- يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الحالات الآتية: (أ) إذا هلكت السفينة كلها. (ب) إذا كانت نفقات إصلاح السفينة أو إنقاذها تعادل على الأقل ثلاثة أرباع قيمتها المبينة في وثيقة التأمين ........." مفاده أنه متى هلكت السفينة كلها (كما إذا غرقت أو تحطمت) أو أصبح إصلاحها أو إنقاذها يعادل على الأقل ثلاثة أرباع قيمتها المبينة في وثيقة التأمين كان للمؤمن له أن يبادر إلى إبلاغ رغبته في الترك إلى المؤمن أما بإعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل مصحوب بعلم وصول وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بالحادث الذي يجيز الترك والذي يقصد به العلم الحقيقي بما آل إليه الشيء المؤمن عليه من أضرار وهو ما لا يتأتى إلا بعد أن تصل إلى المؤمن له المعلومات والبيانات الكافية التي تمكنه من المفاضلة بين الالتجاء إلى دعاوى الخسارة البحرية للحصول على تعويض عن الضرر الذي لحق الشيء المؤمن عليه أو استعمال حق الترك متى لحق هذا الشيء مخاطر جسيمة - وفق الصورة الواردة في المادة 383 سالفة البيان - فيحق له طلب مبلغ التأمين بأكمله مقابل التخلي عن ملكية الشيء إلى المؤمن، وذلك باعتبار أن فوات مدة الثلاثة أشهر من يوم تحقق ذلك العلم ينطوي على تنازل من المؤمن له عن استعمال حق الترك ويستتبع سقوط دعواه هذا ويعد استخلاص العلم الحقيقي على ذلك النحو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
10- إذ كان البين من الأوراق أن الوحدة المؤمن عليها غرقت يوم 14 من نوفمبر سنة 1996 وتم انتشالها في 26 من ديسمبر سنة 1996 وأبلغت المستأنفة برغبتها في الترك بتاريخ 5 من مارس سنة 1996 وذلك على يد محضر، وهو ما لا خلاف بين طرفي الاستئناف بشأنه، وكانت المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها أنه ما كان يتأتى للمستأنف عليها الوقوف على ما آلت إليه الوحدة المؤمن عليها من أضرار تجيز لها الترك متى تحقق لها إحدى الحالتين الواردتين في المادة 383 من قانون التجارة البحري 18/أ، ب المنطبقتين على الواقع في الدعوى أي بالعلم الحقيقي بالحادث المؤدي إلى ذلك إلا بعد انتشال الوحدة من الغرق التى تم في 26 من ديسمبر سنة 1996 وإذ أبلغت المستأنف عليها المستأنفة برغبتها في التخلي وما يستتبعه من نقل ملكية حطام الوحدة المؤمن عليها باعتباره منقولاً إلى الأخيرة في 5 من مارس سنة 1996 فإنها تكون قد راعت المواعيد سالفة البيان ويكون التمسك بسقوط حق المستأنف عليها في دعوى الترك على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.حيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أولاً أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ...... لسنة 1997 مدني جنوب القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بتخليها عن السفينة العائمة (.......) للطاعنة بصفتها المؤمن لديها وذلك لغرقها مع إلزامها بأن تؤدي لها مبلغ التأمين ومقداره خمسة ملايين جنيه والفوائد القانونية، وذلك على سند من أنها بتاريخ 8 من فبراير سنة 1996 أبرمت وثيقة تأمين لدى الطاعنة بالمبلغ سالف البيان على تلك السفينة لتغطية الخسائر والأضرار التي قد تلحق بها ومنها الأخطار الملاحية عن المدة من 10 من فبراير سنة 1996 حتى 10 من فبراير سنة 1997، وبتاريخ 14 من نوفمبر نمى إلى علمها غرق السفينة فأخطرت الطاعنة بالواقعة وطلبت منها الوفاء بالتزاماتها الواردة في وثيقة التأمين إلا أنها رفضت فأقامت الدعوى. أقامت الطاعنة الدعوى رقم ..... لسنة 1997 مدني جنوب القاهرة بطلب الحكم بفسخ عقد التأمين محل تلك الوثيقة اعتباراً من 10 من أكتوبر سنة 1996 مع إلغاء كافة الآثار المترتبة عليه من هذا التاريخ بما في ذلك إعلان التخلي على سند من تخلف المطعون ضدها أولاً عن الوفاء بقيمة القسط الخامس للوثيقة لارتداد الشيك الصادر بقيمته من البنك المسحوب عليه لعدم كفاية الرصيد والذي يمثل قسط الفترة التأمينية من 10 من أكتوبر سنة 1996 حتى 9 من فبراير سنة 1997 بما يوجب اعتبار وثيقة التأمين ملغاة دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه وفقاً للشروط الواردة بها، ولما كان غرق السفينة محل التأمين قد وقع في تاريخ 14 من نوفمبر سنة 1996 بعد إلغاء الوثيقة فإن طلب التخلي يكون وارداً على غير محل. تدخل في الدعوى الأولى والدا من يدعى ..... (المطعون ضدهما ثانياً) أحد عمال الباخرة بطلب الحكم بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها أولاً بالتضامن أن يؤديا لهما مبلغ 300000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهما من جراء وفاة مورثهما في حادث غرق السفينة، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت في 25 من فبراير سنة 1993 في الدعوى الأولى بقبول التدخل شكلاً وفي الموضوع برفضه وبإجابة المطعون ضدها أولاً إلى طلباتها عدا الفوائد, وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ..... لسنة 116ق, واستأنفته المطعون ضدها أولاً بالاستئناف رقم ..... لسنة 116ق القاهرة، كما استأنفه طالبا التدخل بالاستئناف رقم .... لسنة 116ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة، وندبت لجنة فنية، وأودعت تقريرها حكمت في 19 من فبراير سنة 2002 في موضوع الاستئناف رقم ..... لسنة 116ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم ..... لسنة 1997 وبرفضها, وفي الاستئنافين رقمي ....، ..... لسنة 116ق برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت المطعون ضدها أولاً في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ...... لسنة 72ق، کما طعنت الطاعنة عليه بالطعنين رقمي .....، ..... لسنة 72ق، وبعد أن قررت المحكمة ضم الطعون الثلاثة حكمت في 22 من مارس سنة 2007 برفض الطعنين الأخيرين, وبنقض الحكم المطعون فيه في الطعن الأول مع إحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً، وبعد أن عجلت المطعون ضدها أولاً الاستئناف رقم ..... لسنة 116ق حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف مع رفض طلب الفوائد بعد أن أغفلت محكمة أول درجة القضاء بها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانياً وبنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها أمرت المحكمة باستجواب الخصوم في بعض نقاط الدعوى على أن تكون الإجابة بمذكرات مقدمة منهم، وبعد تقديم هذه المذكرات من الطاعن والمطعون ضدها أولاً, التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المثار من النيابة العامة بشأن عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما ثانياً فهو سديد، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما ثانياً وإن كانا ضمن الخصوم في الحكم الأول الصادر من محكمة الاستئناف بتاريخ 19 من فبراير سنة 2002 لإقامتهما الاستئناف رقم ..... لسنة 116ق القاهرة إلا أنه وقد قضت المحكمة برفضه ولم يطعنا عليه بطريق النقض أسوة بما سلكته الطاعنة والمطعون ضدها أولاً فإن هذا القضاء يكون قد أضحى باتاً, ومن ثم لا يكونان طرفاً في خصومة الحكم المطعون فيه اللاحق عليه – محل هذا الطعن – بما يتعين معه القضاء بعدم قبول اختصامهما في الطعن دون حاجة إلى إيراد ذلك في منطوق هذا الحكم.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعنة والمطعون ضدها فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب, ذلك بأنها تمسكت في دفاعها بعدم قبول دعوى الترك المقامة من المطعون ضدها لرفعها من غير ذي صفة لعدم تملكها للسفينة (......) محل وثيقة التأمين - موضوع النزاع – باعتبار أن الأثر المترتب على صحة الترك هو تملك الطاعنة هذه السفينة وهي ما لا تملكه المطعون ضدها وإنما يمتلكه آخرون تستقل ذمتهم المالية عن ذمتها، هذا إلى أنها تمسكت بعدم قبول تلك الدعوى كذلك لسقوط الحق في إقامتها لإبدائه بعد اكتمال الميعاد المحدد في المادة 368 من قانون التجارة البحري، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذين الدفعين ويتناول مدى توفر شروط الترك على نحو ما جاء بأسباب الحكم الناقض مكتفياً بإجابة المطعون ضدها إلى طلبها بأسباب موجزة لا تواجه كل ما أثير في الاستئناف من دفوع ودفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أنه تقديراً لأهميته البالغة لتسبيب الأحكام وتمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة سلامة تطبيق القانون على ما صح من وقائع أوجب المشرع على المحاكم على نحو ما جاء بالمادة 178 من قانون المرافعات أن تورد في أحكامها ما أبداه الخصوم من دفوع وما ساقوه من دفاع جوهري ليتسنى تقدير هذا وذلك في ضوء الواقع الصحيح من الدعوى ثم إيراد الأسباب التي تبرر ما اتجهت إليه المحكمة من رأي، ورتب المشرع على قصور الأسباب الواقعة، والإيرادات الموجزة للدفوع والدفاع الجوهري الذي أثير في الدعوى بطلان الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يورد موجز ما تمسكت الطاعنة به في مذكراتها من دفوع ودفاع مكتفية في ذلك بإيراد طلبها الختامي برفض الاستئناف وهو ما حجبها عن بحث مدى توفر شروط قبول دعوى الترك التي تمسكت الطاعنة بعدم تحققها أو تعرض لما أحال إليه حكم النقض من أسباب قانونية تتعلق بمدى توفر شروط الترك الوارد ذكرها في المواد من 367 حتى 370 من قانون التجارة البحري والحالات التي يجوز فيها الترك لتعويض الأضرار الناجمة عن وقوع الحادث المؤمن منه وفقاً لحكم المادة 383 من هذا القانون فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل الموجب لنقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية, وكانت هذه المحكمة إنما تتقيد في قضائها بالمبادئ القانونية التي أرساها حكم النقض السابق والتي لم يسترسل الحكم المطعون فيه في استكمال تنفيذ ما انتهى إليه هذا الحكم، وكانت شركة ..... (المستأنفة) قد تمسكت في دفاعها ببعض من الدفوع الشكلية والإجرائية وبأوجه دفاع قانونية وواقعية, فإن المحكمة تعرض إلى تلك الدفوع الشكلية والإجرائية أولاً والتي توجز في عدم قبول دعوى الترك التي أقامتها الشركة المستأنف عليها (شركة ....) رقم ..... لسنة 1997 للتوقيع على صحيفتها من (المرحوم الأستاذ/ .....) بموجب توكيل صادر له من ..... بشخصه وليس بصفة الممثل القانوني للشركة المدعية لتعذر إصدار هذا التوكيل بهذه الصفة لانتهاء مدة القيد في السجل التجاري للشركة دون تجديد، هذا إلى أن التعجيل الذي أقامته هذه الشركة إثر صدور حكم النقض السابق صدر كذلك بوكالة صادرة من ...... بشخصه وليس بصفته مما يكون معه هذا التعجيل قد تم من غير ذي صفة, ويضحى الحكم المستأنف الصادر في 19 من فبراير سنة 2002 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الشركة المستأنفة عليها نهائياً وباتاً لعدم تعجيله من صاحب الصفة خلال المواعيد التي أوردتها المادة 134 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي برمته على غير أساس، ذلك بأن النص في المادة 68 من الدستور على أن "التقاضي حق مصون مكفول للناس كافة ....." وفي المادة 69 منه على أن "حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول" مفاده أن لكل شخص طبيعي أو اعتباري حق التقاضي، وذلك بجانب حقه في الدفاع عن نفسه أو عن ذاته أصالة أو بالوكالة وعلى ذلك فرق قضاء النقض بين حق التقاضي الذي يكون لكل شخص أن يلجأ إلى القضاء لحماية حقوقه والذود عنها وبين حقه في وكالة غيره للدفاع عنه، وكانت التشريعات المنظمة لإجراءات التقاضي والوكالة في الخصومة للدفاع أمام القضاء قد عنت بوضع القواعد المنظمة لكل من الحقين فتناولت مواد قانون المرافعات مخاطبة الأشخاص – دون من لهم حق الوكالة عنهم – (مدعون أو مدعى عليهم) وذلك في مراحل رفع الدعوى وقيدها (المواد 63، 65/4) وقواعد الحضور والغياب (المواد 67/1، 68/3، 70، 71، 72 من 82 حتى 85) واختصام الغير وإدخال ضامن المادتين (117, 119) والطلبات العارضة المواد (123، 124، 125) ووقف الدعوى المادة 128 وانقطاع الخصومة وسقوطها المادتين (130، 134) ثم القواعد المنظمة للطعن في الأحكام بصفة عامة والطعن بالاستئناف والنقض في المواد 248، 249, 254، 255 وأخيراً حق الشخص الطبيعي والاعتباري في الدفاع عن نفسه أو عن ذاته بالأصالة أو الوكالة، واستقر قضاء محكمة النقض إظهاراً لذلك بأن الوكالة في التقاضي تتم بحسب الأصل بالتراضي ولا يلزم أن تفرغ في شكل خاص أو تدون في محرر فبمجرد تكليف الموكل الوكيل نيابة عنه في الالتجاء إلى القضاء وقبول الأخير ذلك صح له أن يباشر كافة الأعمال القانونية المتعلقة بالتقاضي من رفع الدعاوى والطعن على الأحكام - عدا الطعن أمام محكمة النقض – فإذا باشر المحامي إجراء قبل أن يستصدر توكيلاً له من ذي الشأن الذي كلفه بالعمل فلا يعترض عليه بأن وكالته لم تكن ثابتة قبل اتخاذ الإجراء الصحيح - ما لم ينص القانون على غير ذلك. لما كان ذلك، وكانت المستأنفة (شركة التأمين) لا تجادل في حقيقة أن الشركة المستأنفة عليها (شركة .....) هي رافعة الدعوى المبتدئة والمعجلة للاستئناف بعد صدور حكم النقض الأول باعتبارها الطرف الذي تعاقدت معها في وثيقة التأمين – محل الخلاف –، وكان المحامي الذي حرر صحيفة الدعوى وصحيفة التعجيل وقعهما بصفته وكيلاً عن هذه الشركة والتي لا تتطلب أي منهما لصحتهما أن تفرغ وكالته عنها في شكل خاص أو تدون في محرر, ومن ثم يضحى ما تمسكت به الشركة المستأنفة من عدم قبول دعوى الترك، وكذا عدم قبول دعوى تعجيل الاستئناف بعد صدور حكم النقض الأول لإقامة كل منهما من غير ذي صفة وما يترتب على ذلك من آثار في غير محله, ولا ينال من ذلك مباشرة الوكيل عن المستأنفة عليها تلك الإجراءات بعد انتهاء مدة القيد في السجل التجاري دون تجديد باعتبار أنه إنما ينوب عنها باعتبارها ذات شخصية اعتبارية ما زالت قائمة.
وحيث إن المستأنفة تمسكت في دفاعها بعدم توافر شروط دعوى الترك لتخلف صفة المستأنفة عليها في إقامتها لعدم تملكها السفينة محل طلب الترك باعتبارها مملوكة لآخرين، وإن كان البعض منهم ضمن الشركاء فيها لانفصال الذمة المالية لكل منهم عن ذمة المستأنفة عليها وهو ما يتعذر عليها التخلي عن السفينة الغارقة لعدم تملكها لها وما يترتب على ذلك من بطلان وثيقة التأمين لصدورها بناء على بيانات كاذبة تفيد تملك المستأنفة عليها لهذه السفينة خلافاً للحقيقة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأنه لما كان الثابت من وثيقة التأمين رقم 6050 (وحدات بحرية) أنها حررت بين المستأنف عليها (شركة ......) – ثم عدلت بتاريخ 13/2/1996 بجعل ممثل الشركة (.....) مع سريان هذا التعديل من بداية التأمين الصادر في 10/2/1996 – وبين الشركة المستأنفة وتحدد فيها اسم الوحدة المؤمن عليها وهي (.....) فندق عائم ومن سبق تعامل الشركة المستأنفة مع المستأنفة عليها من قبل وقوع حادث الغرق بقيامها بسداد تعويض للأخيرة عن شحوط هذه الوحدة يوم 18/4/1996 بين إدفو وإسنا نفاذاً لذات الوثيقة وخلال فترة سريانها، وذلك وفقاً لصورة الإقرار الموقع عليه من ممثل الشركة المستأنفة والصادر على مطبوعات المستأنف عليها بتاريخ 5/8/1996 والمرفق بالأوراق, وكان الثابت من السجل التجاري للمستأنف عليها والمقدم صورة منه أمام محكمة أول درجة من المستأنفة أن من أغراض هذه الشركة تشغيل وإدارة الباخرة السياحية (.....) وغيرها والذي لا خلاف بين طرفي الاستئناف بأن هذه الباخرة هي الفندق العائم (.....) – الوحدة المؤمن عليها – وكان إسناد تشغيل وإدارة هذه الوحدة إلى الشركة المستأنف عليها متى وردت دون تخصيص فإنها تعني وفقاً لمفهوم المادة 701 من القانون المدني القيام بأعمال تشغيلها فيما أعدت لها من رحلات نيلية وغيرها باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق الإدارة الحسنة، وكذا الحق في إبرام وثائق التأمين عنها ضد الحوادث التي تعد من أعمال الإدارة اليقظة، كما يكون لها كذلك الحق في رفع الدعاوى التي تنشأ عن هذه الأنشطة ومنها استيفاء حق ملاكها بمقابل، وكان من أثر فقدان الوحدة النهرية المؤمن عليها لصلاحيتها للملاحة وصيرورتها حطاماً أن يزول عنها هذا الوصف, ويضحى التصرف بشأنها إنما يخضع لقواعد الحيازة في المنقول, بما يضحى معه ما تمسكت به المستأنفة من نفي للصفة والمصلحة للمستأنف عليها في رفع دعوى الترك وحقها في التخلي عن الوحدة المؤمن عليها للمستأنفة بعد أن صارت حطاماً وفي تقاضي مبلغ التأمين الذي يمثل المقابل لثمن الوحدة نيابة عن ملاك هذه الوحدة يكون غير منتج, ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن المستأنفة تمسكت في دفاعها بعدم توفر الشروط الموضوعية لترتيب طلب الترك لآثاره حسبما ورد في قانون التجارة البحري في المواد 367، 369، 370، 383 مع تخلف إجراءات إبلاغ هذا الطلب خلال المواعيد الواردة في المادة 368 منه. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت من صدور تصريح من الشركة المستأنفة عليها عند تبليغ رغبتها في الترك بعقود التأمين الأخرى التي أجرتها على الوحدة المؤمن عنها ولم تدع المستأنفة وجود هذه العقود، كما خلت كذلك الأوراق من قيام المستأنف عليها بالتبليغ بسوء نية عن الحادث الذي أدى إلى غرق هذه الوحدة على نحو غير مطابق للحقيقة نفاذاً لما اشترطته المادتان 369، 370 من ذلك القانون – على نحو ما سبق الإشارة إليه –, وكان النص في المادة 368 منه على أن "يبلغ الترك إلى المؤمن بإعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل مصحوب بعلم وصول، ويجب أن يحصل الإعلان خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علم المؤمن له بالحادث الذي يجيز الترك أو من تاريخ انقضاء المواعيد المنصوص عليها في المادتين 383، 393 من هذا القانون" وفي المادة 383 منه على أنه "1- يجوز للمؤمن له ترك السفينة للمؤمن في الحالات الآتية: (أ) إذا هلكت السفينة كلها. (ب) إذا كانت نفقات إصلاح السفينة أو إنقاذها تعادل على الأقل ثلاثة أرباع قيمتها المبينة في وثيقة التأمين ....." مفاده أنه متى هلكت السفينة كلها (كما إذا غرقت أو تحطمت) أو أصبح إصلاحها أو إنقاذها يعادل على الأقل ثلاثة أرباع قيمتها المبينة في وثيقة التأمين كان للمؤمن له أن يبادر إلى إبلاغ رغبته في الترك إلى المؤمن إما بإعلان على يد محضر أو بخطاب مسجل مصحوب بعلم وصول وذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بالحادث الذي يجيز الترك والذي يقصد به العلم الحقيقي بما آل إليه الشيء المؤمن عليه من أضرار وهو ما لا يتأتى إلا بعد أن تصل إلى المؤمن له المعلومات والبيانات الكافية التي تمكنه من المفاضلة بين الالتجاء إلى دعوى الخسارة البحرية للحصول على تعويض عن الضرر الذي لحق الشيء المؤمن عليه أو استعمال حق الترك متى لحق هذا الشيء مخاطر جسيمة - وفق الصور الواردة في المادة 383 سالفة البيان - فيحق له طلب مبلغ التأمين بأكمله مقابل التخلي عن ملكية الشيء إلى المؤمن، وذلك باعتبار أن فوات مدة الثلاثة أشهر من يوم تحقق ذلك العلم ينطوي على تنازل من المؤمن له عن استعمال حق الترك ويستتبع سقوط دعواه هذا ويعد استخلاص العلم الحقيقي على ذلك النحو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الوحدة المؤمن عليها غرقت يوم 14 من نوفمبر سنة 1996 وتم انتشالها في 26 من ديسمبر سنة 1996 وأبلغت المستأنفة برغبتها في الترك بتاريخ 5 من مارس سنة 1996 وذلك على يد محضر، وهو ما لا خلاف بين طرفي الاستئناف بشأنه، وكانت المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها أنه ما كان يتأتى للمستأنف عليها الوقوف على ما آلت إليه الوحدة المؤمن عليها من أضرار تجيز لها الترك متى تحقق لها إحدى الحالتين الواردتين في المادة 383 من قانون التجارة البحري 18/أ - ب المنطبقتين على الواقع في الدعوى أي بالعلم الحقيقي بالحادث المؤدي إلى ذلك إلا بعد انتشال الوحدة من الغرق التي تم في 26 من ديسمبر سنة 1996، وإذ أبلغت المستأنف عليها المستأنفة برغبتها في التخلي وما يستتبعه من نقل ملكية حطام الوحدة المؤمن عليها باعتباره منقولاً إلى الأخيرة في 5 من مارس سنة 1996 فإنها تكون قد راعت المواعيد سالفة البيان, ويكون التمسك بسقوط حق المستأنف عليها في دعوى الترك على غير أساس.
وحيث إن الحكم المستأنف قد انتهى إلى أحقية المستأنف عليها في طلباتها فإنه يتعين تأييده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق