مما لاشك فيه أن غش الدواء يعد من اخطر الجرائم التي تعرض صحة الناس وأرواحهم للخطر الشديد وينعكس أثره سلبا – بصورة مباشرة – على قدرة الشعب على العمل والبناء ، ويقوض الجهود التي تبذلها الدولة في سبيل كفالة أداء الخدمات الصحية ، وينال من سمعة الجودة التي يتمتع بها الدواء في السوق العالمي مما يلقي بظلال سيئة على التصدير والاقتصاد القومي .
وقد أدرك المشرع خطورة التدليس والغش منذ بداية أربعينيات القرن الماضي ، فأصدر في شأن مكافحته القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع الغش والتدليس وجعل نطاقه شاملا لكافة السلع بما في ذلك أغذية الإنسان والحيوان والعقاقير والنباتات الطبيعية والمنتجات الصناعية ، وفي عام 1994 – واثر زيادة حالات الغش في الأغذية وتنامي خطورتها – أصدر المشرع القانون رقم 281 لسنة 1994 بتعديل بعض أحكام قانون قمع التدليس والغش سالف الذكر ، وكانت أهم المحاور التي قادت عملية التعديل هي :
- تشديد العقوبات في جرائم الغش المعاقب عليها في القانون سواء أكانت العقوبة السالبة للحرية أو الغرامة ، فجعل عقوبة الحبس وجوبية ، وزاد عقوبة الغرامة في حديها الأدنى والأقصى ، منها عقوبة الجرائم الآتية :
-- جريمة خداع المتعاقد أو الشروع فيه .
-- جريمة غش الدواء .
-- جريمة بيع الدواء المغشوش .
-- جريمة غش المواد والعبوات والأغلفة التي تستعمل في ذلك .
-- جريمة التحريض على غش العبوات أو الأغلفة .
- جعل الحد الأدنى للعقوبة الحبس في الجرائم سالفة البيان لا تقل عن سنة .
- تشديد العقوبة – في حالة توافر ظروف مشددة – فصارت السجن المشدد أو السجن المؤبد إلى جانب الغرامة مع زيادة حديها الأدنى والأقصى ، وتتمثل هذه الظروف فيما يلي :
-- كون الدواء المغشوش ضار بالصحة
-- حصول عاهة مستديمة
-- وفاة شخص أو أكثر
- تخصيص أحكام لتطبيق العقوبة المشددة في حالة العود إلى ارتكاب جرائم الغش ، وذلك دون الإخلال بالأحكام العامة للعود المنصوص عليها في قانون العقوبات .
- ساوى القانون في المسئولية الجنائية عن جرائم الغش المنصوص عليها في القانون بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي فنص على معاقبة الأخير إذا وقعت جرائم الغش لحسابه أو باسمه بواسطة احد أجهزته أو ممثليه أو احد العاملين لديه بالغرامة التي تعادل مثل الغرامة المعاقب بها عن الجريمة التي وقعت ، فضلا عن وقف نشاطه أو إلغاء الترخيص في مزاولة النشاط نهائيا ( بحسب الأحوال ) .
- النص على تجريم الغش إذا وقع بطريق الإهمال أو عدم الاحتياط أو التحرز أو الإخلال بواجب الرقابة ، ولم يكن هذا الفعل مؤثما من قبل .
وتطبيقا للأحكام التي تضمنها قانون قمع التدليس والغش سالف البيان في شأن جرائم غش الدواء ، وتحقيقا للأهداف المنشودة من التعديلات التي طرأت بعد أحكام القانون رقم 48 لسنة 1941 بشأن قمع التدليس والغش بمقتضى القانون رقم 281 لسنة 1994 ندعو السادة أعضاء النيابة إلى مراعاة ما يلي :
أولا : يجب المبادرة إلى تحقيق جرائم عش الأدوية والعقاقير والنباتات الطبية تحقيقا قضائيا ، واتخاذ كافة إجراءات التحقيق اللازمة لاستظهار أركان وعناصر هذه الجرائم والجرائم المرتبطة بها والظروف والملابسات المحيطة بها ، وأدلة ثبوت أو نفي الاتهام ، وانجاز هذه التحقيقات في آجال قريبة .
مع مراعاة ما تضمنته مذكرة إدارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة المؤرخة 10/10/2009 بشأن أهم العناصر التي يجب مراعاتها في التحقيق والتصرف في قضايا غش الأدوية والعقاقير والنباتات الطبية .
ثانيا : يجب الحرص على حضور محام مع المتهم عند استجوابه أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود وفقا لحكم المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية ، وما تضمنه الكتاب الدوري رقم 17 لسنة 2006 في شان تعزيز حق الدفاع ، مع تمكين المتهمين من إبداء ما يعن لهم من دفوع أو طلبات أو ملاحظات ، وتحقيق دفاعهم وخاصة ما يتعلق منه بنفي القصد الجنائي في جرائم غش الدواء .
ثالثا : إذا اقتضت مصلحة التحقيق حبس المتهم في جرائم غش الدواء احتياطيا وتوافرت شروط ومبررات هذا الإجراء ، فيجب استطلاع رأي المحامي العام للنيابة الكلية في ذلك .
رابعا : يجب إخطار المكتب الفني للنائب العام بالهام من البلاغات والمحاضر التي ترد إلى النيابة بجرائم غش الأدوية والعقاقير والنباتات الطبية .
خامسا : يجب إعمال ما تقضي به التعليمات العامة للنيابات (القضائية ) في شأن التحقيق في القضايا التي يتهم فيها الصيادلة وعلى الأخص ما يلي :
- تحقيق القضايا التي يتهم فيها الصيادلة بمنتهى العناية ، والتصرف فيها على وجه السرعة منعا من تعطيل الصيدليات وغلقها والإضرار بمصالح الجمهور تبعا لذلك ( المادة 136) .
- إخطار نقابة الصيادلة الفرعية بالاتهام المنسوب إلى الصيدلي (المادة 596)
- التأكد من وصول الإخطار المشار إليه إلى النقيب المختص في الوقت المناسب قبل البدء في التحقيق حتى يتسنى له أو من يندبه حضور التحقيق وفقا للقانون ( المادة 598) .
- إخطار النقابة المختصة بنتيجة التحقيق بكافة الأحكام الجنائية التي تصدر ضد أعضائها أولا بأول . ( المادة 599) .
- إخطار إدارة الصيدلة المختصة بكل اتهام يوجه إلى احد الصيادلة ، وإرسال صور من كل حكم نهائي يصدر ضد احدهم في جريمة تمس شرفه أو استقامته أو كفاءته في مهنته . ( المادة 929)
سادسا : إسباغ القيود والأوصاف المنطبقة على هذه الجرائم ، مع العناية بذلك ، وتحديد جلسات قريبة لنظرها أمام المحاكم المختصة ، وإبداء الطلبات اللازمة أثناء نظرها لسرعة الفصل فيها وتوقيع عقوبة الجريمة الأشد عند الاقتضاء .
سابعا : مراجعة الأحكام التي تصدر في هذه القضايا مراجعة دقيقة ، والطعن بالاستئناف أو النقض – بحسب الأحوال – على ما يصدر منها بعقوبات تخالف أحكام القانون .
ثامنا : التنسيق مع المختصين بالإدارة المركزية لشئون الصيدلة وإدارات الصيدلة بالمحافظات فيما يباشرونه من اختصاصات تتعلق بضبط جرائم التدليس والغش في الدواء ، والاستعانة بهم في تنفيذ ما يتم اتخاذه من قرارات تتعلق بالتحفظ على الأدوية المضبوطة ، وحفظها ، وإرسالها إلى معامل التحاليل المختصة ، والتصرف فيها ، وتنفيذ طلبات حضور الشهود والخبراء من الجهات التابعة لها .
تاسعا : تسهيل مهام مندوبي الإدارة المركزية لشئون الصيدلة وإدارات الصيدلة بالمحافظات في الإطلاع على المحاضر والقضايا المحررة في هذا الصدد ، والحصول على صور منها والقرارات الصادرة فيها وفقا لما تقضي به التعليمات العامة للنيابات .
والله ولي التوفيق
صدر في 10/10/2009
النائب العام
المستشار / عبد المجيد محمود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق