الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 ديسمبر 2023

الطعنان 3404 ، 3418 لسنة 33 ق جلسة 30 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 62 ص 600

جلسة 30 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وحسني سيد محمد أبو جبل والسيد محمد العوضي ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(62)

الطعنان رقما 3404/ 3418 لسنة 33 القضائية

(أ) دعوى - شروط قبولها - الصفة في الدعوى (الهيئة العامة للاستثمار).
المادة (25) من القانون رقم 43 لسنة 1974 - نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء أو الغير في كل ما يثور من منازعات وكل ما يرفع منها أو عليها في دعاوى - لا ينال من ذلك: تمتع المناطق الحرة بشخصية اعتبارية وفقاً لحكم المادة 30 من القانون المذكور - إذ أن ذلك يقوم في نطاق الشخصية الاعتبارية الأشمل للهيئة العامة للاستثمار بحكم إنشائها وتكوينها فضلاً عن أن الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة المعمول به في 1/ 9/ 1980 هو هيكل واحد يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية لشئون المناطق الحرة - تطبيق.
(ب) إدارات قانونية - العاملون بها - نقلهم.
المادتان 19، 24 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية - المادة الأولى من القانون رقم 73 لسنة 1976 بشأن منح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حق وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها - يجوز نقل العاملين من إحدى شركات القطاع العام إلى الهيئة العامة للاستثمار أو العكس على ألا يترتب على النقل أي تغير في حالة الموظف المنقول - نتيجة ذلك: يستصحب العامل المنقول مركزه القانوني في الجهة المنقول منها بما في ذلك أقدميته في الفئة التي كان يشغلها قبل النقل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ محمد عز رزق المحامي بصفته وكيلاً عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3404 لسنة 33 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 3/ 6/ 1987 في الدعوى رقم 2158 لسنة 40 ق والذي قضى بأحقية المدعي في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية في مرتبه الأساسي من ذلك التاريخ وصرف كافة البدلات والحوافز والمميزات المالية لشاغل تلك الوظيفة اعتباراً من 22/ 12/ 1985 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الهيئة المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه وبعدم قبول دعوى المطعون ضده رقم 2158 لسنة 40 ق.
وبتاريخ 30/ 7/ 1987 أودع الأستاذ/ أحمد صالح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3418 لسنة 33 ق عليا في ذات الحكم المشار إليه طلب فيه الحكم أولاً بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من حرمانه من الحوافز ومقابل الجهود غير العادية وبدلي التمثيل والانتقال اعتباراً من 11/ 12/ 1980 تاريخ إعارته للهيئة وحتى 22/ 12/ 1985 والحكم بأحقيته فيها عن الفترة من 11/ 12/ 1980 إلى 22/ 12/ 1985 وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 14/ 1/ 1991 ضمهما للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 25/ 5/ 1992 قررت الدائرة إحالتهما إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرها بجلسة 27/ 6/ 1992 وفيها قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة 25/ 7/ 1992 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعنين للمرافعة بجلسة 17/ 10/ 1992، ثم تدوول نظر الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 12/ 12/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 30/ 1/ 1993 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال ثلاثة أسابيع وخلال هذا الأجل أودع كل من الطاعنين مذكرة بدفاعه وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنهما يكونان مقبولين شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 12/ 2/ 1986 أقام السيد...... الدعوى رقم 2158 لسنة 40 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ووزير الاقتصاد والتجارة الخارجية طلب فيها الحكم بتسوية حالته الوظيفية طبقاً لما انتهى إليه الحكم الصادر في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي وذلك على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 مع صرف ما يترتب على ذلك من فروق مالية تتمثل في فروق المرتب والحوافز والجهود غير العادية وكذلك كافة البدلات والمميزات المقررة لشاغلي وظيفة مدير عام بالهيئة العامة للاستثمار اعتباراً من تاريخ إعارته للعمل بالهيئة من 11/ 12/ 1980 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حصل على ليسانس الحقوق دفعة مايو سنة 1956 والتحق بالخدمة بوزارة التربية في 29/ 5/ 1957 ثم نقل للشركة المصرية للحوم والدواجن من 1/ 1/ 1976 حيث شغل وظيفة مدير إدارة قضايا بها اعتباراً من 15/ 9/ 1979 وأعير بعد ذلك للعمل بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة اعتباراً من 11/ 12/ 1980 ثم نقل إليها نهائياً اعتباراً من 11/ 6/ 1981 بوظيفة مدير الإدارة القانونية بالمناطق الحرة العامة بمدينة نصر وكان قد أقام الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المذكورة وصدر الحكم فيها لصالحه بجلسة 31/ 3/ 1984 قاضياً بعدم الاعتداد بقرار الشركة المدعى عليها الصادر برقم 109 لسنة 1981 وبأحقية المدعي في التسكين على الهيكل الوظيفي المعتمد في 29/ 10/ 1980 على وظيفة مدير عام إدارة قانونية كما صدر حكم آخر في ذات الدعوى بجلسة 31/ 12/ 1984 وقضى بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تؤدي إلى المدعي مبلغاً مقداره 64.400 جنيه كفروق مالية مستحقة عن المدة من 29/ 10/ 1980 تاريخ تسكينه إلى 10/ 12/ 1980 تاريخ إعارته للعمل بهيئة الاستثمار المدعى عليها. واستطرد المدعي أنه تنفيذاً للحكم المذكور أصدر مجلس إدارة الشركة المدعى عليها القرار رقم 157 لسنة 1985 بتسكينه على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وأخطرت الهيئة العامة للاستثمار في 22/ 12/ 1985 بذلك إلا أن الهيئة رفضت تنفيذ الحكم المذكور ونظراً لأنه كان وقت اعتماد الهيكل الخاص بالإدارة القانونية للشركة المصرية العامة للدواجن واللحوم في 29/ 10/ 1980 من بين المحامين العاملين بها بالإدارة القانونية وتوافرت في شأنه كافة الشروط اللازمة لشغل وظيفة مدير عام فتسكينه عليها من تاريخ اعتماد الهيكل كان من ثم أمراً حتمياً وقد كشف الحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عن حقه المستمد من أحكام القانون مباشرة ولا تملك جهة الإدارة حياله منحاً أو منعاً ومن ثم فإن تسكين المدعي على النحو المتقدم يعتبر مركزاً قانونياً يتعين الإقرار به على اعتبار أنه أحد عناصر حالته الوظيفية ويستصحبه إلى أي جهة عمل ينقل إليها وأضاف المدعي أن في هيكل الإدارة القانونية بالهيئة العامة للاستثمار درجة مدير عام شاغرة ورفض تسوية حالته عليها طبقاً لما انتهى إليه الحكم في الدعوى رقم 963 لسنة 1983 عمال كلي ليس له ما يبرره اللهم إلا الإضرار به وذلك بتجميد وضعه على وظيفة لا تتناسب مع خبرته التي بلغت ثلاثين عاماً.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بان أودعت حافظة مستندات ضمت كتاب رئيس قطاع الأمانة العامة بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المؤرخ 23/ 4/ 1987 والمتضمن إرفاق صورة من الهيكل الوظيفي لقطاع الشئون القانونية بتلك الهيئة المعتمد من نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد بالقرار رقم 153 الصادر بتاريخ 27/ 8/ 1980 والمعمول به من 1/ 9/ 1980 وأنه توجد بالهيكل الوظيفي لقطاع الشئون القانونية درجتا مدير عام يشغل أحدهما السيد...... وظيفة مدير عام بالإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار بصفة أصلية وتشغل السيدة...... وظيفة مدير عام بالإدارة المركزية القانونية لشئون المناطق الحرة وذلك بالندب عليها كما أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية طلب في ختامها الحكم أولاً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني وبرفض الدعوى موضوعاً استناداً إلى أن الحكم الصادر لصالح المدعي بتسكينه في وظيفة مدير عام إدارة قانونية حكم منشئ لذلك المركز القانوني وليس كاشفاً وكذلك فإن الحكم قد صدر في 31/ 3/ 1984 بعد تاريخ نقل المدعي إلى الهيئة ولم يصدر في مواجهة الهيئة وبالتالي فلا إلزام عليها في تنفيذه، كما أن الإدارة القانونية ليس بها درجة مدير عام إدارة قانونية خالية.
وبجلسة 3/ 6/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعي في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية في مرتبه الأساسي من ذلك التاريخ وصرف كافة البدلات والحوافز والمميزات المالية لشاغل تلك الوظيفة اعتباراً من 22/ 12/ 1985 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الهيئة المصروفات. وقد أقامت قضاءها بأحقية المدعي في وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 على أساس أن الحكم في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي بجلسة 31/ 3/ 1984 هو حكم كاشف عن المركز القانوني للمدعي من التاريخ المشار إليه وليس حكماً منشئاً ولذلك فقد قامت الشركة المدعى عليها بتنفيذه بأثر رجعي بالقرار رقم 540 لسنة 1985 والهيئة وإن لم تكن خصماً في تلك الدعوى ولم يصدر في مواجهتها إلا أن المدعي أعير إليها بتاريخ 11/ 12/ 1973 ثم نقل إليها بتاريخ 11/ 6/ 1981 وقد قرر المشرع في القانون رقم 47 لسنة 1973 ضمانات لشاغلي وظائف الإدارات القانونية بالإضافة إلى القواعد العامة في أنظمة العاملين المدنيين في الدولة التي تقضي باستصحاب عضو ومدير الإدارة القانونية المنقول لوضعه الوظيفي في الجهة المنقول إليها دون أن يمس النقل بأي وجه مستواه أو درجته أو فئته أو مرتبه أو حقوقه الأساسية في الجهة المنقول منها وإلا كان هذا النقل جزاءاً تأديبياً مقنعاً صدر بالمخالفة للقانون وتتفق مع النقل في تلك الآثار الإعارة من جهة إلى أخرى فيما عدا توقيت تلك الآثار بمدة الإعارة وهو ما نفذت مقتضاه الشركة التي كان يتبعها بالقرار الذي أصدرته في هذا الشأن ولذلك فلا سند من القانون للهيئة المدعى عليها في عدم إعمال آثار استصحاب المدعي لمركزه القانوني الصحيح الذي كشف عنه الحكم الصادر لصالحه سواء خلال فترة إعارته أو بعد تمام نقله من الشركة إليها كما أقامت قضاءها بالنسبة لأحقية المدعي في صرف البدلات والحوافز لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 22/ 12/ 1985 على أساس أن البدلات والحوافز وغيرها مما يماثلها من ملحقات للمرتب الأساسي المقررة كمزايا مالية تصرف لمن يشغل الوظيفة ويتولى أعباءها وأعمالها ولا حجة للمدعي في الاستناد إلى المادة 24 من القرار رقم 154 لسنة 1980 بلائحة شئون العاملين بالهيئة للقول باستحقاق البدلات ومزايا الوظيفة المذكورة لأن تلك المادة تشترط صراحة شغل الوظيفة بالفعل والمدعي لم يشغلها وإن كان ذلك يحرمه من الاستحقاق مباشرة من أحكام القانون لتلك البدلات والحوافز والمزايا إلا أنه يستحق صرفها على سبيل التعويض إذا ثبت خطأ الإدارة في عدم تمكينه من شغل وظيفته ومباشرة أعبائها على خلاف ما يقتضيه القانون دون تقاعس أو امتناع من العامل في هذا الشأن والثابت أن الهيئة المدعى عليها لم تقم بمنع المدعي من مباشرة أعباء الوظيفة المذكورة إلا اعتباراً من تاريخ إخطار الشركة للهيئة بما انتهت إليه طبقاً للحكم الصادر لصالحه وقد تم ذلك في 22/ 12/ 1985 أما عن الفترة السابقة على ذلك فإن السبب في عدم تمكين المدعي من استصحاب مركزه القانوني السليم عند إعارته عند نقله للهيئة وما ترتب على ذلك من عدم صرفه للبدلات والمزايا المالية للوظيفة التي لم يشغلها هو ذلك التصرف الخاطئ من جانب الشركة التي كان يتبعها والمدعي وشأنه معها بالنسبة لمطالبته بتلك الحقوق.
ومن حيث إن الطعن رقم 3404 لسنة 33 ق يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب التالية: أولاً: صدوره على غير ذي صفة ذلك لأن صاحب الصفة الواجب اختصامه في الدعوى الماثلة هو رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة بمدينة نصر وليس نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار لأن المنطقة المذكورة وحدة اقتصادية قائمة بذاتها لها شخصية اعتبارية وهي بذلك تنفصل عن الشخصية القانونية للهيئة إعمالاً لنص المادتين 30، 33 من القانون رقم 43 لسنة 1974. وأن لكل من الهيئة في المنطقة الحرة هيكلها وجهازها الوظيفي المستقل عن الآخر وأن الهيكل الوظيفي للمنطقة الحرة ينتهي عند درجة مدير إدارة قانونية - فئة أولى - وهي الوظيفة التي نقل إليها وشغلها المطعون ضده بالفعل.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه استناداً إلى تنفيذ الشركة التي كان يعمل بها المدعي للحكم الصادر لصالحه في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة وأقامت بتسكينه على وظيفة مدير عام إدارة قانونية بالهيكل الوظيفي بها وهذا الحكم صدر ضد الشركة وفي مواجهتها وفي ضوء الأوراق والمستندات التي أودعتها ملف الدعوى والتي أبانت أن هيكلها الوظيفي يسمح بتسكين المدعي على الوظيفة المذكورة وهو ما لا يسمح به الهيكل الوظيفي للإدارة القانونية بالمنطقة الحرة بمدينة نصر حيث ينتهي هذا الهيكل عند وظيفة مدير إدارة قانونية وبالتالي فإن هيكلها الوظيفي لا يتلاءم وتسكين المطعون ضده على وظيفة مدير عام بالمنطقة الحرة لذلك فإن الحكم المذكور ينصرف تطبيقه إلى الشركة وحدها دون سواها.
ثالثاً: أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين استند إلى المادتين 19، 24 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية كأساس لأحقية المطعون ضده في تسوية حالته باعتباره شاغلاً لوظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 لأن حكم المادة الأولى مقصور على حالة نقل مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية وهو الأمر غير المتحقق في الدعوى الراهنة. وأن المادة الثانية لا تنطبق على ظروف وملابسات الدعوى إذ أنها (المادة 24) لا تنطبق فيما لم يرد به نص خاص وأن نص المادتين 30، 33 قد أصبح مقيداً لأعمال نص هذه المادة باعتبارهما واردين في قانون خاص هو القانون رقم 43 لسنة 1974 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1977 هذا فضلاً عن أن لائحة شئون العاملين بالهيئة الصادر بها القرار رقم 154 لسنة 1980 قد وضعت هيكلاً تنظيمياً للعاملين بها راعت فيه ما ورد بالقانون رقم 47 لسنة 1973 سالف الذكر.
ومن حيث إن الطعن رقم 3418 لسنة 33 ق يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأنه استند في عدم أحقية الطاعن للبدلات والمميزات الخاصة بوظيفة مدير عام بهيئة الاستثمار في الفترة من 11/ 12/ 1980 حتى 22/ 12/ 1985 على أساس عدم شغله لهذه الوظيفة إعمالاً للأصل العام الذي يقضي بعدم استحقاق البدلات والحوافز إلا لمن يقوم بأعباء الوظيفة وشغلها في حين أن العاملين بالهيئة يخضعون لحكم المادة 24 من لائحة شئون العاملين بها وهو حكم خاص يتقرر بموجبه حقهم في البدلات والحوافز بمجرد تحقق واقعة استحقاقهم للأجر الأساسي للوظيفة بغض النظر عن شغلهم الفعلي لها من عدمه وذلك حسبما ورد بنص الفقرة الثانية من المادة المذكورة التي توجب استمرار صرف كافة المخصصات وبدلات الوظيفة خلال الإجازات من أي نوع ومهما طالت وكذلك خلال المأموريات التدريبية أو الرسمية أو أثناء الندب الذي قد يتم على وظيفة غير مقرر لها بدل أصلاً وذلك كله على سبيل الاستثناء من القواعد العامة التي تربط البدل بالوظيفة ذاتها وتجعله حقاً لمن يشغلها فعلاً سواء كانت بدلات ترتبط بالوظيفة وتعتبر من المميزات الملحقة بها كبدل التمثيل أو بدل الانتقال أو حوافز وبدلات لا ترتبط بالوظيفة ولا تعتبر من المميزات الملحقة بها وإنما تعتبر من ملحقات الأجر ذاته كالحوافز والجهود غير العادية.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من الهيئة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بمقولة أن صاحب الهيئة الواجب اختصامه فيها هو رئيس مجلس إدارة المنطقة الحرة بمدينة نصر وليس نائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار فإنه لما كانت المادة 25 من القانون رقم 43 لسنة 1974 بشأن نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة تنص على أن "تنشأ هيئة عامة تتبع رئيس مجلس الوزراء أو من ينوب عنه... ويكون للهيئة شخصية اعتبارية ومجلس إدارة يصدر تشكيله بقرار من رئيس الجمهورية... ويتولى نائب رئيس مجلس الإدارة إدارة الهيئة وتصريف شئونها ويمثلها أمام القضاء أو أمام الغير....".
ومن حيث إنه يبين من النص المشار إليه أن نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة هو صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء أو الغير في كل ما يثور من منازعات وكل ما يرفع منها أو عليها من دعاوى ولا ينال من ذلك تمتع المناطق الحرة بشخصية اعتبارية وفقاً لحكم المادة 30 من القانون المذكور إذ أن هذه الشخصية تقوم في نطاق الشخصية الاعتبارية الأشمل للهيئة العامة للاستثمار بحكم إنشاؤها وتكوينها هذا فضلاً عن أن الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة المعمول به في 1/ 9/ 1980 هو هيكل واحد يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية لشئون المناطق الحرة وهو يضم الوظيفة مثار المنازعة الراهنة وبهذه المثابة فإن اختصام نائب رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار في المنازعة الماثلة يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويكون الدفع المبدى في هذا الخصوص على غير أساس سليم من القانون متعين رفضه.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية تنص على أن "لا يجوز نقل أو ندب مديري وأعضاء الإدارات القانونية إلى وظائف غير قانونية إلا بموافقتهم الكتابية..." وتنص المادة 24 منه على أن "يعمل فيما لم يرد به نص في هذا القانون بأحكام التشريعات السارية بشأن العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام على حسب الأحوال وكذلك باللوائح المعمول بها في الجهات المنشأة بها الإدارات القانونية....".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 73 لسنة 1976 بشأن منح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حق وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بها تنص على أن "لمجلس إدارة الهيئة العامة لاستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة في سبيل تنفيذ أغراضها اتخاذ الوسائل الآتية: أ) ...... ب) ...... ج) وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة بهم".
وتنفيذاً لذلك فقد أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير الاقتصاد القرار رقم 154 لسنة 1980 بلائحة شئون العاملين بالهيئة ونصت في المادة 69 منها على أنه "يجوز نقل العامل من الهيئة إلى إحدى الوحدات التي تطبق أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أو الهيئات العامة أو وحدات القطاع العام وبالعكس وذلك بناءً على طلبه ويكون النقل في هذه الحالات بقرار من السلطة المختصة بالتعيين بعد العرض على لجنة شئون العاملين....".
ومن حيث إنه وفقاً للنصوص المتقدم بيانها فقد أجيز نقل العامل من إحدى شركات القطاع العام إلى الهيئة العامة للاستثمار أو العكس والأصل في النقل بمفهومه الاصطلاحي ألا يترتب عليه أي تغيير في حالة الموظف المنقول فيستصحب مركزه القانوني في الجهة المنقول منها بما في ذلك أقدميته في الفئة التي كان يشغلها قبل النقل دون مساس بالمركز القانوني للعامل المنقول وإلا خرج النقل عن المعنى الذي حدده القانون ورتب عليه آثاره.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن مطالعة ملف خدمة المدعي أنه كان من العاملين بالشركة المصرية العامة للحوم والدواجن وأعير إلى الهيئة المدعى عليها لمدة ستة أشهر تمهيداً لنقله اعتباراً من 11/ 12/ 1980 بالقرار رقم 488 لسنة 1980 ثم نقل نقلاً نهائياً إليها بالقرار رقم 337 لسنة 1981 الصادر في 23/ 6/ 1981 ليشغل وظيفة مدير إدارة الشئون القانونية - درجة أولى - بالمنطقة الحرة بمدينة نصر بالهيئة وبأقدميته فيها من 15/ 9/ 1979. وكان المدعي قد أقام الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المذكورة وصدر فيها الحكم بجلسة 21/ 3/ 1984 قاضياً بأحقية المدعي في التسكين على الهيكل الوظيفي المعتمد في 29/ 10/ 1980 على وظيفة مدير عام إدارة قانونية كما صدر حكم آخر في ذات الدعوى بجلسة 31/ 12/ 1984 قضى بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي فروق مالية قدرها 64.400 جنيه عن الفترة من 29/ 10/ 1980 حتى 11/ 12/ 1980 وتنفيذاً لهذا الحكم أصدر مجلس إدارة الشركة القرار رقم 157 لسنة 1985 في 20/ 11/ 1985 بالموافقة على تنفيذ منطوق الحكم المشار إليه ثم صدر قرار الشركة رقم 540 لسنة 1985 في 15/ 12/ 1985 بتسكين المدعي على وظيفة مدير عام إدارة قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 وبصرف مبلغ 64.400 جنيه قيمة الفروق المالية المقضى بها. ومتى كان ذلك وكان الحكم المشار إليه يعد كاشفاً للمركز القانوني للمدعي وليس منشئاً له ومن ثم يكون المدعي قد اكتسب مركزاً قانونياً بهذا الحكم فيما تضمنه من أحقيته في التسكين على درجة مدير عام شئون قانونية بأقدمية فيها ترجع إلى 29/ 10/ 1980. ومتى كان المدعي قد نقل إلى الهيئة على نحو ما سلف بيانه فإنه يتعين استصحابه للمركز القانوني الذاتي الذي كشف عنه هذا الحكم واعتباره في درجة مدير عام شئون قانونية بالهيئة ولا ينال ذلك ما تدعيه الهيئة من أن الهيكل الوظيفي للمنطقة الحرة بمدينة نصر ينتهي عند درجة مدير إدارة قانونية التي نقل إليها المدعي إذ أن الواضح من مطالعة الهيكل التنظيمي لقطاع الشئون القانونية بالهيئة والمعمول به من 1/ 9/ 1980 أنه يشمل كلاً من الإدارة المركزية القانونية لشئون الاستثمار والإدارة المركزية القانونية لشئون المناطق الحرة فهو هيكل واحد للقطاع المذكور يشمل الإدارتين سالفتي البيان، ومتى كان ما تقدم فإنه لا يجوز للهيئة بأي حال تعديل الآثار القانونية المترتبة على نقل المدعي إليها أياً كانت الاعتبارات التي قام عليها وأخص هذه الآثار استصحابه الدرجة المنقول منها وأقدميته فيها على النحو الذي كشف عنه الحكم المذكور وقامت بتنفيذ مقتضاه الشركة المذكورة، ومن ثم فإن المدعي يكون محقاً في طلبه بتسوية حالته باعتباره شاغلاً لدرجة مدير عام شئون قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 والاعتداد في نقله إلى الهيئة بشغله لتلك الدرجة. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة للبدلات والحوافز وغيرها مما يماثلها من ملحقات المرتب الأساسي المقررة كمزايا مالية للوظيفة المذكورة والتي يطالب بها المدعي فإنه لما كان من المقرر أن مناط استحقاق هذه المزايا - كأصل عام - أن يكون الموظف شاغلاً للوظيفة المقرر لها البدل أو الميزة وقائماً بأعبائها وأعمالها وبهذه المثابة فإنه لا يجوز للعامل أن يتمسك في مواجهة الإدارة بأن له حقاً مكتسباً فيها ما لم يكن قد باشر أعمال هذه الوظيفة فعلاً لو حيل بينه وبين مباشرتها بسبب من جانب الإدارة لا دخل لإرادته فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم الصادر لصالح المدعي في الدعوى رقم 963 لسنة 1981 عمال كلي قد كشف عن المركز القانوني الصحيح للمدعي وعلى مقتضاه أصدرت الشركة المصرية العامة للحوم والدواجن المدعى عليها القرار رقم 540 لسنة 1985 في 15/ 12/ 1985 بتسكينه على وظيفة مدير عام شئون قانونية اعتباراً من 29/ 10/ 1980 إلا أن هذا الحكم لم تختصم فيه الهيئة ولم يصدر في مواجهتها ولم تخطر بما أسفر عنه إلا بكتاب الشركة المدعى عليها في 22/ 12/ 1985 وإذ لم تقم الهيئة - بعد هذا الإخطار - بتعديل الوضع الوظيفي للمدعي واستصحاب مركزه القانوني السليم وحالت بذلك من تمكينه من مباشرة الوظيفة المذكورة والقيام بأعبائها وأعمالها فمن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ وحده يكون للمدعي الحق في صرف مقابل المزايا المقررة للوظيفة المذكورة من بدلات وحوافز وغيرها مما يماثلها على سبيل التعويض عن خطأ الهيئة مما يوجب مسئوليتها عن ذلك وفقاً لقواعد المسئولية الإدارية وذلك اعتباراً من التاريخ المذكور وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات.

الطعن 1825 لسنة 37 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 61 ص 595

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد عزت السيد إبراهيم ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(61)

الطعن رقم 1825 لسنة 37 القضائية

جامعات - أعضاء هيئة التدريس - مجلس الكلية - حرية الرأي.
الأصل أن لعضو مجلس الكلية أن يبدي رأيه بحرية وصراحة تامة وأن يتناول بالنقد ما يراه جديراً بذلك - ليس له أن يجاوز ذلك إلى الطعن والتجريح والتطاول دون مقتضى على الزملاء - أساس ذلك: أن هذه الاجتماعات ليست مجالاً للنيل من الرؤساء والزملاء والتشهير بهم الأمر الذي يتعارض مع المصلحة العامة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 3/ 4/ 1991 أودع الأستاذ/ فتحي عبد الصبور المحامي والوكيل عن الطاعن بمقتضى التوكيل رقم 2319/ 1991 عام الجيزة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1825/ 37 ق عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر بجلسة 26/ 2/ 1991 في الدعوى رقم 12/ 1989 والمتضمن مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم.
وقد انتهى تقرير الطعن للأسباب الواردة به تفصيلاً إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وببراءته مما أسند إليه.
وبتاريخ 30/ 4/ 1991 أعلن الطعن إلى المطعون ضده.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 26/ 6/ 1991 وقد تدوول الطعن أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة بجلسة 9/ 12/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 26/ 12/ 1992 بالجلسة المسائية. وحيث قررت المحكمة بجلسة 9/ 1/ 1993 إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم في الميعاد وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 8/ 11/ 1989 أصدر الأستاذ الدكتور/ رئيس جامعة الأزهر القرار رقم 12 لسنة 1989 بإحالة الأستاذ الدكتور...... إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لأنه بجلسة مجلس الكلية المنعقد في 13/ 11/ 1988 وجه ألفاظاً في حق الأستاذ الدكتور....... ومجلس قسم التفسير وعلوم القرآن سباً علنياً على النحو الوارد في التحقيق مما يعتبر إخلالاً بمقتضى الواجب الوظيفي وخروجاً على القيم والتقاليد الجامعية التي يجب أن يتحلى بها أستاذ الجامعة بصفة عامة وجامعة الأزهر على وجه الخصوص.
ومن حيث إنه بجلسة 26/ 2/ 1991 أصدر مجلس التأديب القرار المطعون فيه بمجازاة الدكتور....... بعقوبة اللوم، وأقام قضاءه على ثبوت الواقعة المسندة إليه من شهادة الشهود ومن اعتراف الطاعن نفسه خلال التحقيقات بصدور هذه العبارات وأن القول بأن القصد من ذلك هو المعنى اللغوي دون المعنى الحرفي لا تَصَنُّّع فيه إذ لا يتفق والجو الذي دارت فيه المناقشة وإصرار الطاعن على استبعاد كلمة أسلوب الذي اقترحها الدكتور....... وتمسكه بالعبارة التي قالها على الرغم مما أوضح له من مجافاتها للأصول المرعية بين الزملاء، وهذه العبارات تتضمن تحقيراً للزملاء وتعد خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي وإخلالاً بحسن السير والسلوك والمستأهل للعقاب بوصفه ذنباً إدارياً.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن جهة الإدارة قد حددت الذنب التأديبي محل الاتهام الموجه إلى الطاعن على أساس أن الأقوال المنسوبة إليه تشكل جريمة السب العلني على أساس أن تلك الأقوال فيها تحقير للزملاء وسوء سلوك من الطاعن - أي سباً قصد به الطاعن خدش الشرف والاعتبار مع انتفاء ذلك لأن مكان واقعة الاتهام مكان خاص غير علني وصدور عبارات الاتهام نتيجة استفزاز، كما أن عبارات الاتهام تحمل معنيين أحدهما لغوي والآخر حرفي وقد نفى الطاعن المعنى الحرفي من عبارة (ليتعلموا الأدب) حتى في مواجهة الدكتور...... وإنما هدف إلى المعنى العلمي وهو أن يتعلموا أسلوب الحوار أو المخاطبة وهذا المعنى لا مساس فيه بالشرف والاعتبار سواء بالنسبة للدكتور.... أو رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن، كما أن قول الطاعن للدكتور...... من أنت حتى تسمح أو لا تسمح قصد به أنه ليس له إدارة المناقشة بجلسة مجلس الكلية وذلك رداً على ما قرره الدكتور...... من أنه لا يسمح للطاعن بما قاله في المناقشة وليس ذلك إلا من باب الحوار دون أن تصل إلى حد المساس بالشرف والاعتبار لأي منها ودون أن تتجه إرادة الطاعن إلى ذلك بالإضافة إلى أن القرار المطعون فيه عابه الفساد في الاستدلال والقصور ذلك لأنه لم يعلل انصراف المعني الحرفي من عبارات الاتهام دون المعنى العلمي إلا أنه لا يتفق مع سير المناقشة بين الطاعن والدكتور...... واقتراح الأخير استبدال كلمة (أسلوب) بدلاً من (أدب) ذلك لأن السياق ذاته يدل على أن المناقشة كانت تدور حول المعنى اللغوي دون المعنى الحرفي وهو ما صرح به الطاعن وانصرفت إرادته إليه، كما أن القرار المطعون فيه لم يرد على ما أثاره الطاعن من أن الذنب التأديبي غير متوافر لصدور عبارات الاتهام نتيجة استفزاز الدكتور...... وتبادله مع الطاعن عبارات مماثلة تحمل التوجيه والتأديب للطاعن هي التي جعلت المناقشة ذات نبرة حادة وإن لم يقصد به الخدش والاعتبار من أيهما للآخر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 13/ 11/ 1988 وأثناء انعقاد مجلس كلية الدراسات الإسلامية والعربية حدثت مناقشة حول موضوع تعديل الإشراف الخاص بالسيدة...... المدرس المساعد بقسم التفسير وعلوم القرآن المقدم من قسم التفسير وعلوم القرآن وكان قد جاء بقرار القسم (إلغاء) إشراف كل من الأستاذ الدكتور...... والدكتور...... على رسالة السيدة المذكورة ويسند الإشراف إلى كل من الأستاذ الدكتور...... والأستاذ الدكتور....... وقد اقترح الأستاذ الدكتور....... تغيير كلمة (إلغاء) واستبدال كلمة تغيير بها فعقب الأستاذ الدكتور...... بأن كلمة تغيير أحسن للمحافظة على المشرفين السابقين ووافق الطاعن على ذلك ثم انتقلت المناقشة إلى هل يعاد القرار إلى مجلس التفسير لتعديل الكلمة أو الاكتفاء بتعديلها بقرار مجلس الكلية فاقترح بإعادة الموضوع إلى القسم فعقب الطاعن قائلاً يعاد إلى مجلس القسم (ليتعلموا الأدب) فرد عليه الدكتور..... بأنه لا يصح أن يقال مثل هذا التعبير على زملائنا ومن الأحسن أن نقول ليتعلموا الأسلوب فرد الطاعن بل أكرر ليتعلموا الأدب فرد عليه الدكتور...... أنا لا أسمح لك أن تقول هذه العبارات على زملائنا الغائبين لأنهم متعلمون الأدب فرد الطاعن من أنت حتى تسمح أو لا تسمح فأنا أقول لتتعلم أنت الأدب أيضاً فتقدم الأستاذ الدكتور...... بشكوى إلى الدكتور عميد الكلية طلب فيها إبلاغ الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة بما حدث من الطاعن رئيس قسم اللغة الفارسية ضده وضد أعضاء مجلس قسم التفسير وعلوم القرآن بجلسة مجلس الكلية في التاريخ المذكور وبشهادة أعضاء المجلس فأحيل الموضوع إلى التحقيق بمعرفة أحد أساتذة القانون بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر وبناءً على ذلك أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 12 بتاريخ 7/ 1/ 1989 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمحاكمته تأديبياً عما نسب إليه بقرار الاتهام، وبجلسة 26/ 2/ 1991 أصدر المجلس قراره المطعون فيه.
ومن حيث إنه لا يوجد اختلاف في الوقائع التي حدثت أثناء انعقاد مجلس كلية الدراسات الإسلامية والعربية بتاريخ 13/ 11/ 1988 فقد عرض قرار مجلس قسم التفسير وعلوم القرآن بإلغاء الإشراف على المدرس المساعد بالقسم السيدة..... وأن اقتراح الطاعن تعديل كلمة إلغاء واستبدالها بكلمة تغيير وموافقة الدكتور...... على ذلك بأن كلمة تغيير أحسن للمحافظة على المشرفين السابقين ثم انتقلت المناقشة حول إعادة القرار إلى القسم أو إجراء التعديل فتم الاقتراع بإعادة الموضوع فعقب الطاعن قائلاً بأن يعاد إلى القسم ليتعلموا الأدب فرد عليه الدكتور...... بأنه لا يصح أن يقال ذلك على زملائنا ومن الأحسن أن يقال ليتعلموا الأسلوب فرد الطاعن بل أكرر ليتعلموا الأدب فرد عليه الدكتور...... أنا لا أسمح لك أن تقول هذه العبارة على زملائناً الغائبين لأنهم تعلمون الأدب فرد عليه الطاعن بعبارة من أنت حتى تسمح أو لا تسمح وأنا أقول لتتعلم أنت الأدب أيضاً.
ومن حيث إن هذه المناقشة قد حدثت أثناء انعقاد مجلس كلية الدراسات الإسلامية والعربية وإذا كان الأصل أن لأعضاء المجلس أن يبدي رأيه بحرية وصراحة تامة وأن يتناول بالنقد ما يراه جديراً بذلك إلا أنه ليس له أن يجاوز ذلك إلى الطعن والتجريح والتطاول دون مقتضى على الزملاء وإلا أصبحت مثل هذه الاجتماعات مجالاً للنيل من الرؤساء والزملاء والتشهير بهم الأمر الذي لا يتفق مع المصلحة العامة وما تقتضيه من قيام الثقة والتعاون بين جميع الأساتذة الزملاء، ومن ثم فإن مجلس التأديب إذا أدان سلوك الطاعن وأوقع عليه عقوبة اللوم إنما يكون قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً ومقبولاً من أصول تنتجها مادياً وقانوناً ويكون الطعن والحالة هذه لا يقوم على أساس سليم متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 7002 لسنة 58 ق جلسة 11 / 5 / 1989 مكتب فني 40 ق 97 ص 581

جلسة 11 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عميره ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة ومحمد حسام الدين الغرياني.

----------------

(97)
الطعن رقم 7002 لسنة 58 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "تطبيقه". عقوبة "تطبيقها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
صياغة النص في عبارات واضحة جلية اعتبارها تعبيراً صادقاًَ عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل.
(2) إيجار أماكن. قانون "تفسيره" "تطبيقه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مسئولية جنائية. خلو رجل.
للمالك تقاضي 50% من قيمة بيع الجدك أو مقابل التنازل عن عقد الإيجار في الحالات التي يثبت فيها للمستأجر ذلك بعد خصم ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف. المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ في القانون يوجب نقض الحكم.
حجب الخطأ. محكمة الموضوع عن بحث دفاع الطاعنة المتعلق بتحديد مسئوليتها الجنائية وجوداً أو عدماً. وجوب أن يكون مع النقض الإحالة.

-------------
1 - الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
2 - لما كانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض...." والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلاً عادلاً لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحاً أو ضمنياً بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين مؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخصص عموم النص بغير مخصص فيما أورده بتقريراته على النحو المتقدم فصرفه عما يحقق الغاية التي تغياها المشرع من تقريره فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون بما يوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن بحث دفاع الطاعنة آنف البيان، وكان هذا الدفاع في خصوص الدعوى المطروحة يعد هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعنة الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره في ضوء التأويل الصحيح للقانون كشفاً لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه وهي على بينة من حكم صحيح القانون بشأنه إذ أن ما أورده الحكم فيما تقدم لا يسوغ به الرد على دفاع الطاعنة لخروجه عن نطاقه، ومن ثم يتعين أن يكون مع النقض الإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: وهي مؤجرة تقاضت من المستأجر........ المبلغ المبين بالأوراق خارج نطاق عقد الإيجار وعلى سبيل خلو الرجل، وطلبت عقابها بالمواد 1، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالمادتين 24، 25/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمها مبلغ مائة ألف جنيه لصالح صندوق الإسكان وإلزامها برد مبلغ خمسين ألف جنيه للمجني عليه........ استأنفت المحكوم عليها، ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ..... المحامي عن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها - وهي وكيلة عن الملاك - بجريمة خلو الرجل عن واقعة اقتضائها مبلغاً من النقود مقابل تنازل المستأجر عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية المصرح له به قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه ذلك بأن المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 تبيح هذا الفعل وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع فإطراحه الحكم بما يخالف صحيح القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أحال إلى الحكم المستأنف في بيان واقعة الدعوى التي حصلها بما مفاده أن المجني عليه....... أبلغ الشرطة أنه استأجر من الطاعنة - بصفتها وكيلة عن الملاك شقة بالعقار رقم..... شارع....... بالإسكندرية بموجب عقد إيجار مؤرخ....... وتقاضت منه مبلغ خمسين ألف جنيه مقابل تحرير العقد وأضاف أن هذه العين كانت مؤجرة لـ....... الذي تنازل له عن الإجارة وحرر له هذا التنازل على عقده المؤرخ....... وطلب منه الحصول على موافقة الطاعنة على هذا التنازل فأجرت له العين مقابل المبلغ الذي تقاضته منه، وإذ سئل المستأجر الأول أقر بواقعة تنازله عن الإجارة للمجني عليه وأنه تقاضى منه مبلغ عشرة آلاف جنيه مقابل ما أدخله على العين من تحسينات وكلف المتنازل بالحصول على موافقة الطاعنة، وإذ سئلت الطاعنة قررت أن تنازل المستأجر للعين عن حقه في الانتفاع تم للمستأجر الثاني مقابل مبلغ مائة ألف جنيه تقاضت منه 50% لحساب الملاك وأشهدت شاهدين صادقاها، وانتهى الحكم المطعون فيه من تقريره واستدلاله - بأسباب جديدة أنشأها لنفسه مستقلة عن أسباب الحكم المستأنف - إلى معاقبة الطاعنة بجريمة خلو الرجل المؤثمة بالمادتين 26/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وعرض إلى دفاع الطاعنة بعدم تأثيم الواقعة موضوع المحاكمة طبقاً للمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وبعد أن أورد نص هذه المادة أطرح دفاعها بقوله "إن التنازل عن العين المؤجرة لغير أغراض السكنى جائز بنص هذه المادة ما دام المالك قد أقره وأحقيته في الحصول على 50% من مقابل التنازل إذا أراد أو ألحق في الشراء إذا أبدى رغبته على النحو المبين في الفقرة الثانية من هذه المادة، فإذا كانت العين مؤجرة لأغراض السكنى فلا يجوز للمالك الموافقة على التنازل عنها بمقابل ولا يغير من هذا النظر ما ورد بالنص من جواز التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية إذ أن حق الانتفاع يتفرع عن حق الملكية ولصاحب حق الانتفاع حق الاستعمال والاستغلال (مادة 988 مدني) وغني عن البيان أن للمنتفع تأجير العين التي يرد عليها حق الانتفاع ويرد الإيجار هذا على ما للمنتفع من حق وينتهي الإيجار بانتهاء هذا الحق (مادة 560) ويؤكد هذا النظر أن "أو" في نص المادة 20 تقتضي المغايرة أي أن التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية مغاير للتنازل عن العين المؤجرة لغير أغراض السكنى والتي يضع فيها واضع اليد يده مستنداً إلى علاقة إيجارية. ولما كان البين من أوراق الجنحة ومستنداتها أن العين المؤجرة لغرض السكنى، ومن ثم فلا يجوز لمالكها التنازل عنها للغير بمقابل وإلا عد من المخالفين لأحكام المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ومعاقب بالعقوبة الواردة بالمادة 77" لما كان ذلك، وكان الأصل أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج على النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه.
وكانت المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد نصت على أنه "يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض....". والبين من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته ومن عنوان القانون الذي وضع فيه والأعمال التشريعية التي اقترنت بإصداره أن الشارع استحدث حلاً عادلاً لحالة تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين في هذه الحالة ولم يقصر المشرع هذا الحل على حالة بيع الجدك الذي ينطبق عليه حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني بل جعله يشمل الحالة التي يثبت فيها للمستأجر حق التنازل عن الإجارة بسبب وجود تصريح من المالك بذلك في عقد الإيجار أو في وقت لاحق بعد إبرامه وسواء كان هذا الترخيص قد جاء صريحاً أو ضمنياً بتصرف يدل عليه وسواء كانت العين مؤجرة بغرض السكنى أو لغير ذلك من الأغراض ولذلك فقد رأى الشارع أن العدالة تقتضي أن يقتسم المالك مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من التصرف ببيع الجدك أو التنازل عن الإيجار ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة ما قد يوجد بالعين من منقولات شملها التصرف وأوجب على المستأجر إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وخصص عموم النص بغير مخصص فيما أورده بتقريراته على النحو المتقدم فصرفه عما يحقق الغاية التي تغياها المشرع من تقريره فإنه يكن قد أخطأ في تأويل القانون بما يوجب نقضه، ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن بحث دفاع الطاعنة آنف البيان، وكان هذا الدفاع في خصوص الدعوى المطروحة يعد هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعنة الجنائية وجوداً أو عدماً مما كان يتعين على المحكمة أن تمحص عناصره في ضوء التأويل الصحيح للقانون كشفاً لمدى صدقه أو أن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه وهي على بينة من حكم صحيح القانون بشأنه إذ أن ما أورده الحكم فيما تقدم لا يسوغ به الرد على دفاع الطاعنة لخروجه عن نطاقه، ومن ثم يتعين أن يكون مع النقض الإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 761 لسنة 37 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 60 ص 584

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض صالح وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(60)

الطعن رقم 761 لسنة 37 القضائية

(أ) مجلس الدولة - اختصاصه - ما يدخل في هذا الاختصاص - منازعات العاملين ببنك الاستثمار القومي.
بنك الاستثمار القومي شخص معنوي عام يتبع وزير التخطيط ويتولى الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة حساباته سنوياً - تسري على العاملين به لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة كما يسري قانون العاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد به نص خاص فيها - أساس ذلك:
القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي وقرار رئيس الجمهورية رقم 29 لسنة 1981 - أُنشئ هذا البنك في إطار السلطة العامة ليقوم على تعبئة المدخرات المتولدة لدى الحكومة والهيئات العامة ويتولى تمويل مشروعات الحكومة والقطاع العام وهو بهذه المثابة شخص معنوي عام يدير مرفقاً من المرافق العامة للدولة - أثر ذلك: اعتبار العاملين بالبنك موظفين عموميين والقرارات الصادرة في شأنهم قرارات إدارية تدخل في اختصاص مجلس الدولة - تطبيق.
(ب) بنك الاستثمار القومي - العاملون به - حقوق الموفد لدورة تدريبية بالخارج - بدل السفر المادة (63) من لائحة العاملين ببنك الاستثمار القومي.
جواز التنازل عن بدل السفر المقرر عن الدورة التدريبية بالخارج مقابل استضافة الجهة الموفد إليها المتدرب مع احتفاظه بكامل مرتبه ومكافآته وحوافزه ومقابل الجهود غير العادية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 5/ 2/ 1986 أودع الأستاذ/ محمود الشربيني المحامي بصفته وكيلاً عن الممثل القانوني لبنك الاستثمار القومي (الطاعن) قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 761 لسنة 37 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة التسويات بجلسة 25/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 434 لسنة 38 ق المقامة من المطعون ضدهما ضد الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بأحقية المدعيين لبدل السفر المستحق لهما عن مدة إيفادهما في إيطاليا لدورة تدريبية في المدة من 8 مايو سنة 1983 حتى 8 يوليو سنة 1983 وذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت البنك المدعى عليه بالمصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه وللأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها دائرة أخرى غير التي أصدرت الحكم المطعون فيه واحتياطياً بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدهما مع إلزامهما مصروفاتها ومصروفات الطعن وخلال نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وأمام المحكمة حضر المطعون ضدهما أكثر من جلسة وقدما بجلسة 9/ 3/ 1992 مذكرة دفاع وحافظة مستندات ومن ثم يكون حضورهما أمام المحكمة قد حل محل إعلانهما قانوناً بتقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد تحددت جلسة 25/ 11/ 1991 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة فتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت بجلسة 8/ 6/ 1992 إحالته إلى هذه المحكمة حيث عينت لنظره جلسة 4/ 7/ 1992 م وتداولت المحكمة نظره بها بالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 10/ 10/ 1992 إصدار الحكم بجلسة 5/ 12/ 1992، ثم قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من أوراقها في أن المطعون ضدهما أقاما بتاريخ 29/ 10/ 1983 الدعوى رقم 434 لسنة 38 ق ضد الطاعن بصفته أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بطلب الحكم بأن يدفع المدعى عليه مبلغ 3059.325 مليمجـ للمدعي الأول ومبلغ 4052.450 مليمجـ للمدعية الثانية مع الفوائد القانونية المستحقة لكل منهما من تاريخ المطالبة القضائية مع إلزام الجهة المدعى عليها بالمصروفات.
وقالا شرحاً لدعواهما أنهما يعملان بالبنك المدعى عليه في وظيفة باحث بقطاع المعلومات والبحوث وكانا قد اجتازا بتفوق دورة تدريبيه بمركز الحاسب الآلي بجامعة عين شمس واستكمالاً لهذه الدورة كفلهما البنك بحضور دورة تدريبية أخرى في إيطاليا نظمتها الحكومة الإيطالية وهيئة اليونسكو في المدة من 8 مايو سنة 1983 حتى 8 من يوليو سنة 1983 وذلك لدراسة نظم المعلومات والحاسبات الالكترونية وقام المسئولون في البنك باستدعائهما حيث أوضحوا لهما أنه يتعين عليهما أن يوقعا إقراراً بالتنازل عن مستحقاتهما المقررة بلائحة العاملين بالبنك فيما يتعلق ببدل السفر وإلا فإنهما لن يقوما بهذه المهمة التدريبية واستجابة لهذا الطلب وقع المدعيان تعهداً بالتنازل عن مستحقاتهما باللائحة مقابل حصول كل منهما على المرتب والجهود والحوافز للإنفاق على أسرته أثناء السفر.
وبعد وصولهما إلى إيطاليا تبين لهما أن ما يصرف لهما هو خمسة وعشرون دولاراً في اليوم ونظراً لارتفاع نفقات المعيشة فقد اضطرا للاستدانة حتى يمكنهما استكمال الدورة التدريبية وتمكنا من اجتياز الدورة والعودة لأرض الوطن وعقب عودتهما تقدما بعدة تظلمات إلى المسئولين بالبنك أوضحا فيها أن إقرارهما بالتنازل مخالفاً للنظام العام فضلاً عن أنهما وقعاه تحت إكراه أدبي يتمثل في عدم الموافقة على قيامهما بالدورة التدريبية واستطرد المدعيان قائلين أنهما كانا في مهمة رسمية تتعلق بنشاط عملهما في البنك وأنهما بناءً على ذلك يستحقان بدل السفر المقرر لهذه المهمة مع خصم ما تم صرفه لهما طوال فترة التدريب وأنهما المدعيان قدما عريضة دعواهما بطلب الحكم لهما بطلباتهما المنوه عنها آنفاً.
وبجلسة 25/ 12/ 1985 أصدرت المحكمة حكمها محل هذا الطعن وأقامته على أساس أن البنك المدعى عليه أصدر القرار رقم 10 لسنة 1983 بالتصريح بسفر المدعيين إلى إيطاليا في إجازة دراسية مدفوعة الحوافز والجهود لحضور الدورة التدريبية التي نظمها معهد سيزم بإيطاليا في المدة من 9 مايو حتى 8 يوليو سنة 1983 وأنه طبقاً لنص المادة 63 من لائحة العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المطبقة على العاملين ببنك الاستثمار القومي بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 29 لسنة 1981 م يكون من حق المدعيين أن يصرفا بدل السفر المقرر لهما وفقاً للائحة العاملين بالبنك أثناء فترة إيفادهما إلى الخارج في بعثتهما التدريبية وما دامت الجهة التي أوفدا إليها قد تحملت بنفقات السكن ومصروفات الغذاء فينخفض بدل السفر المستحق لهما بنسبة الربع كما يخصم من هذا البدل أية مبالغ نقدية أخرى تكون تلك الجهة قد دفعتها إليهما.
ولا أثر للتنازل الموقع عليه منهما قبل سفرهما على حق المدعيين في المطالبة لما يكون مستحقاً لهما وفقاً للقانون ولائحة العاملين بالبنك ذلك أن العلاقة التي تربط الموظف بالإدارة ليست علاقة تعاقدية ينظمها العقد إنما هي علاقة تنظيمية تخضع للقوانين واللوائح الصادرة في هذا الشأن ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفهما نظراً لتعلقها بالصالح العام.
ومن حيث إن هذا الطعن يقوم على أسباب حاصلها بطلان الحكم ومخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه على الوجه الآتي أولاً: الثابت من مطالعة تقرير مفوض الدولة المودع في الدعوى محل الطعن أنه اقتصر على عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى دون أن يتصدى لموضوعها إلا أن محكمة الموضوع تصدت إبان نظرها لتلك الدعوى لموضوعها وأصدرت الحكم المطعون فيه قاضياً في شقيها الشكلي والموضوعي وبذلك يكون قد شابه البطلان. للفصل في موضوع الدعوى قبل أن تقوم هيئة مفوضي الدولة بتهيئته للمرافعة وتقديم تقريرها في موضوعه.
ثانياً: أن ما تم صرفه للمدعيين سواء داخل الجمهورية من مرتب وحوافز وجهود أو خارجها أثناء تواجدهما في دورتهما التدريبية بإيطاليا فيه إثراء على حساب الدولة نظراً لاستضافتهما استضافة كاملة لمواجهة ظروف المعيشة في البلد الذي تم فيه التدريب أما في الداخل فقد تقدم كل منهما بطلب لإدارة البنك بأن يصرف له مرتبه كاملاً بالإضافة إلى الحوافز والجهود غير العادية والمكافآت الدورية ليتم لهما ولأسرتيهما مواجهة أعباء المعيشة في مصر حيث أجابتهما إدارة البنك لذلك بالرغم من أن الحوافز والجهود غير العادية والمكافآت لا تصرف إلا لمن يكون متواجداً في عمله في مصر ويؤدي أعماله بكفاءة وبصورة مستمرة ومع ذلك وتقديراً لأنهما يتدربان في الخارج صرفت لهما الحوافز والجهود غير العادية والمكافآت مع مرتباتهما كاملة بالإضافة إلى ما يصرف لهما من العملة الأجنبية في إيطاليا وكل هذا في مقابل تنازلهما عن بدل السفر المقرر في اللائحة.
ثالثاً: أن قصور الاعتمادات المالية بالنقد الأجنبي لم يكن يسمح بسفرهما لولا الاتفاقات التي تمت مع المجموعة الأوربية بشأن استضافة المتدربين استضافة كاملة وبناءً على ذلك فإن قرار البنك رقم 10 لسنة 1983 بسفر كل من المطعون ضدهما لم يكن ممكناً تنفيذه وقت صدوره لعدم توافر الاعتماد المالي وأصبح ممكناً تنفيذه بإقرار المطعون ضدهما بالتنازل عن بدل السفر وتحمل المجموعة الأوربية بنفقات الإقامة والإعاشة والمصروفات الأخرى (استضافة كاملة) وأنه لو لم يكن ذلك متاحاً لما أمكن تنفيذ هذا القرار.
رابعاً: أن إيفاد المطعون ضدهما للدورة التدريبية التي نظمها معهد سيزم بجامعة ماديين في موضوع تطبيقات نظم المعلومات في الدول النامية إنما عاد بنفع خاص لهما وليست للبنك الطاعن مصلحة مباشرة تعود عليه بالنفع الخاص الأمر الذي يمتنع معه اعتبار بدل السفر المقرر بهذه اللائحة خاصاً بتلك المهام التدريبية كما أن تنظيم هذه الدورة جاء بالاتفاق بين البنك الطاعن ومعهد CTSM حيث تضمن في عناصره تحميل البنك الطاعن بالنفقات الآتية: 40 دولاراً في اليوم نفقات إقامة ومعيشة 400 دولار بدل كتب ومراجع، 6500 دولاراً تذكرة سفر ذهاب وعودة وكان بإمكان البنك إزاء هذه النفقات الامتناع عن ترشيح المطعون ضدهما وقد سبق ترشيحه لهما ولازمه رغبتهما في السفر ومن أجل ذلك تحرر التنازل المنوه عنه بمحض إرادتهما ومن ثم فقد وقع صحيحاً ومنتجاً لآثاره ويتعين أخذهما به، ولا يجوز لهما بعد ذلك أن ينقضا من جانبهما ما تم صحيحاً على يدهما فضلاً عن أن هذا التنازل إنما كان مراعاة لظروف الاعتماد المالي المخصص بالميزانية بالعملة الصعبة (الدولار) وخلص البنك الطاعن من ذلك إلى أن تنازل المطعون ضدهما عن بدل السفر يعد بمثابة إبراء يرتب انقضاء التزام البنك الطاعن في هذا الشأن.
وأثناء تداول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة قدم الحاضر عن المطعون ضدهما بجلسة 9/ 7/ 1993 حافظة مستندات ومذكرة دفاع عقب فيها على ما جاء بتقرير الطعن وانتهى إلى طلب رفض الطعن وبجلسة 11/ 5/ 1992 قدم الحاضر عن البنك الطاعن مذكرة دفاع رد فيها على ما جاء بتقرير الطعن وعقب على مذكرة دفاع المطعون ضدهما كما دفع فيها بعدم اختصاص محاكم الدولة ولائياً بنظر الدعوى وطلب إحالتها للقضاء المدني تأسيساً على أن الطبيعة القانونية للبنك الطاعن وفقاً لقانون إنشائه تؤدي إلى أن تكون علاقة العاملين به علاقة تعاقدية خاضعة للقانون الخاص كما قدم حافظة مستندات طويت على صور أحكام وفتاوى.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر النزاع المطروح فإن المستفاد من نصوص القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي (الطاعن) أن هذا البنك شخص معنوي عام إذ يتبع وزير التخطيط ويديره مجلس إدارة برئاسته ويتولى الجهاز المركزي للمحاسبات مراجعة حساباته سنوياً عن طريق مراقبة تنشأ لهذا الغرض وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 29 لسنة 1981 بسريان لائحة نظام العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة على العاملين بالبنك وبأن تسري عليهم أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد به نص خاص فيها، ويخلص من ذلك كله أن البنك الطاعن منشأ في إطار السلطة العامة وهو يقوم على تعبئة المدخرات المتولدة لدى الحكومة والهيئات العامة ويتولى تمويل مشروعات الحكومة والقطاع العام ومن ثم فهو يعد شخصاً معنوياً عاماً يدير مرفقاً من المرافق العامة للدولة وبالتالي فإن العاملين فيه تحكمهم به علاقة تنظيمية لائحية ويعتبرون في هذا الإطار موظفين عموميين وتكون القرارات التي تصدرها - سلطات البنك في شأنهم قرارات إدارية كما تكون المنازعات المتعلقة بشئونهم الوظيفية منازعات إدارية تدخل في ولاية واختصاص القضاء الإداري، وبالتالي فإن الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر الدعوى الماثلة يكون غير سديد ولا أساس له من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن الخاص ببطلان الحكم المطعون فيه لتصدي المحكمة لموضوع الدعوى والفصل فيه قبل أن تقدم هيئة مفوضي الدولة تقريرها بالرأي القانوني في الموضوع حيث اقتصر النقد المقدم على الشق الخاص بمدى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى، فإن هذا الوجه مردود بأن قضاء هذه المحكمة استقر على أن هيئة مفوضي الدولة تعتبر أمينة على المنازعة الإدارية وعاملاً أساسياً في تحضيرها وتهيئتها للمرافعة وفي إبداء الرأي القانوني المحايد فيها وقد تضمنت المواد 26، 27، 28 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 النص على أن يقوم قلم كتاب المحكمة بإرسال ملف الأوراق إلى هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة وتتولى الهيئة المذكورة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة ثم بعد إتمام تهيئة الدعوى يودع المفوض تقريراً يحدد فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدي رأيه مسبباً ثم تقوم هيئة مفوضي الدولة بعرض الملف على رئيس المحكمة لتعيين تاريخ الجلسة التي تنظر فيها الدعوى.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن هيئة مفوضي الدولة قامت بتحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وقدمت تقريراً بالرأي القانوني فيها حددت وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع وأبدت رأياً مسبباً في الاختصاص وعرضتها على رئيس المحكمة الذي حدد لها جلسة ومن ثم تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة بعد اتباع الإجراءات التي أشارت إليها المواد سالفة الذكر وبالتالي لا يكون لزاماً على المحكمة بعد ذلك أن تعيد الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستيفاء أي جوانب فيها موضوعية كانت هذه الجوانب أو قانونية ولا سند من القانون فيما تمسك به الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه بمقولة أن تقرير هيئة مفوضي الدولة اقتصر على التوصية بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر الدعوى دون إبداء الرأي القانوني في موضوعها إذ أن هذا يعد مجرد اجتهاد بالرأي في التقرير لا يؤدي إلى بطلان الحكم حيث لا يوجد ما يوجب قانوناً على المحكمة أن تعيد الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستكمال تقريرها بعد أن اتصلت بنظر الدعوى على أساس تسلسل الإجراءات التي أشارت إليها مواد القانون تسلسلاً سليماً. فإذا مرت الدعوى بمراحلها المقررة قانوناً فليس ثمة إلزام من القانون على المحكمة أن تعيد الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لاستيفاء ما تكون قد أغفلته في تحضيرها أو في التقرير الذي أودعته بالرأي القانوني فيها. وبناءً على ما تقدم فإن النعي ببطلان الحكم المطعون فيه لاقتصار تقرير هيئة مفوضي الدولة على رأيها بعم اختصاص مجلس الدولة ولائياً بنظر النزاع الماثل دون إبداء رأيها في الموضوع يكون على غير أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن باقي أوجه الطعن فإن النزاع في الدعوى يدور حول مدى استحقاق المطعون ضدهما لبدل السفر المقرر بالمادة 63 من لائحة العاملين بالبنك وأثر الإقرار بالتنازل عن أحقيتهما في صرف هذا البدل والموقع عليه منهما قبل سفرهما إلى الدورة التدريبية بإيطاليا.
ومن حيث إن المادة 63 من لائحة شئون العاملين بالبنك تنص على أن يصرف للموفدين في بعثات دراسية للتدريب في الخارج بدل السفر المقرر للموفد في مهمة رسمية على أن يخصم من هذا البدل ما قد تتحمل به الجهة الموفد إليها العامل من نفقات ومصاريف وذلك على أساس ربع البدل مقابل كل من السكن ومصروفات الغذاء كما يخصم منه ما قد تدفعه تلك الجهة من مبالغ نقدية للموفد.
ومن حيث إن الماثل بالأوراق أن السيد نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الاستثمار القومي كان قد أصدر بتاريخ 16/ 4/ 1983 القرار رقم 10 لسنة 1983 بالتصريح بسفر المدعيين إلى إيطاليا لحضور الدورة التدريبية التي نظمها معهد سيزم بجامعة بادتين في المدة من 9/ 5/ 1983 حتى 15/ 7/ 1983 وقد منح المدعيان خلال فترة هذه الدورة كامل مرتباتهما ومكافآتهما والحوافز والجهود غير العادية كما لو كانا يؤديان عملهما في البنك وتم صرف هذه المبالغ لهما بناءً على التنازل الموقع عليه منهما بتاريخ 8/ 2/ 1983، 10/ 3/ 1983 وكان ذلك قبل صدور القرار الخاص بالتصريح لهما بالسفر في هذه الدورة والذي روعي في إصداره أثر ومدى التنازل المشار إليه الذي تضمن قبول تنازلهما عما يستحق لهما من بدل السفر عن فترة الدورة مع اشتراطهما للعمل بهذا التنازل أن يمنحا مرتبهما كاملاً شاملاً الحوافز والجهود أثناء التواجد بالخارج "هذا بالإضافة إلى قبولهما مبدأ الاستضافة لدى الجهة الموفد إليها بالخارج أثناء الفترة التدريبية والتي منحتهما مبلغ خمسة وعشرون دولاراً يومياً للسكن مع الإعاشة وذلك طبقاً للاتفاقية المعقودة بين البنك والمجموعة الأوربية المتحملة لقيمة نفقات مثل هذه الدورات وهذا الأمر الذي يجعل عبء تحمل هذه النفقات مرفوعاً عن كاهل البنك فإذا ما تقدم المدعيان بعد ذلك بطلب صرف بدل السفر المستحق لهما طبقاً للمادة 63 من لائحة شئون العاملين بالبنك عن فترة هذه الدورة فإن هذه المطالبة تكون لا سند لها من القانون بناءً على التنازل المشار إليه والذي بمقتضاه قام البنك بصرف مرتبهما كاملاً وملحقاته للإنفاق منه على أسرتيهما أي أن موافقة البنك في هذه الحالة على التصريح لهما بالسفر بالقرار رقم 10 لسنة 1983 وصرف مستحقاتهما بالداخل كاملاً كان استناداً إلى التنازل المقدم منهما عن بدل السفر الأمر الذي يجعل موافقة البنك على هذا السفر مشروطاً بهذا التنازل أمراً سائغاً قانوناً مما يتعين معه أخذ المدعيان به حيث لا يجوز لهما بعد ذلك أن ينقضا من جانبهما ما التزما به وقبلاه ولا يغير من هذا الوضع ما أثاره الحكم المطعون فيه من أن التنازل المشار إليه لا ينتج أثره القانوني لكون علاقة البنك بالمدعيين علاقة لائحية ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها لتعلقها بالصالح العام - ذلك أن بدل السفر مع قبيل الحقوق المالية التي يملك العامل التنازل عن استحقاقه فيها بإرادته طالما يتمثل في هذا التنازل مصلحة له أو يحقق به ميزة يقبلها، طالما كان التنازل في مناسبته له ما يبرره، فإنه لا يوجد ما يحول دون صدوره عن العامل وأخذه به، وهو ما حدث في واقعة النزاع الماثل حيث ارتبط التنازل المتنازع عليه برغبة المدعيين في السفر حيث جاء بالأوراق أن المهمة التي أوفدا إليها هدفها رفع المستوى العلمي لهما في مجال تطبيقات تنظيم المعلومات في الدول النامية ومن أجل هذه الأغراض اتفق على تنظيم هذه الدورات التدريبية كي يفيد منها المدعيان فإذا ما وضع ذلك في الاعتبار انعزلت طبيعة هذه الدراسات التدريبية التي انتفع بها المدعيان عن طبيعة المهام الاعتيادية التي توفد فيها الجهات الإدارية موظفيها في العادة لمصلحة مباشرة تعود عليها بالنفع الخاص مما يمتنع معه القول بعدم جواز التنازل عن المبالغ المستحقة للمدعيين كبدل سفر لهما عن الأيام التي قضيت بإيطاليا في المدة 9/ 5/ 1983 حتى 8/ 7/ 1983 سواء تم ذلك قبل القيام بالمهمة أو بعدها وترتيباً على ذلك تغدو دعوى المدعيين والحال كذلك على غير سند صحيح من القانون خليقة بالرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلافه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات عن درجتي التقاضي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعيين المصروفات.

الطعن 6980 لسنة 58 ق جلسة 11 / 5 / 1989 مكتب فني 40 ق 96 ص 578

جلسة 11 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره ومحمد زايد وصلاح البرجى نواب رئيس المحكمة.

----------------

(96)
الطعن رقم 6980 لسنة 58 القضائية

جريمة "أركانها". اختلاس أموال أميرية. موظفون عموميون. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
تحقق صفة الموظف العام ركن في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات.
تمسك المتهم في جريمة اختلاس أموال أميرية بانحسار صفة الموظف العام عنه واعتبار الواقعة جنحة وليست جناية اختلاس. دفاع جوهري. على المحكمة أن تمحصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه.
إطراح المحكمة دفاع الطاعن جملة دون أن تقسطه حقه. قصور.

-------------
لما كان تحقق صفة الموظف العام ركناً في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تقوم هذه الجريمة إلا بتوافره، فإن الدفاع السالف يعد دفاعاً جوهرياً في الدعوى المطروحة لما يترتب عليه من اختلاف التكييف القانوني لوقائع الاختلاس المسندة إلى الطاعن وما إذا كان ينطبق عليها وصف الجناية المتقدم ذكرها أم تعتبر جنحة تبديد منطبقة على المادة 341 من قانون العقوبات، ومن ثم فقد كان يتعين على المحكمة أن تمحص هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه، أما وهي لم تفعل واكتفت بإطراحه مع غيره من أوجه دفاع الطاعن جملة - دون أن تقسطه حقه - رغم ما انتهت إليه من اعتبار الواقعة جناية اختلاس مرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال وفقاً للمادة 112 من قانون العقوبات فإن حكمها يكون قاصر البيان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عاماً "منتج بشركة...... للتأمين إحدى وحدات القطاع العام" اختلس إيصالات تسليم المستندات المبينة تفصيلاً بالتحقيقات وإيصالي سداد الأقساط الخاصين بـ....... ومبلغ....... المملوكة جميعاً للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حال كونه من مأموري التحصيل، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير والاستعمال موضوع التهمتين الثانية والثالثة ارتباطاً لا يقبل التجزئة. ثانياً: - ارتكب تزويراً في محررات الشركة السابقة هي وثائق التأمين وإيصالات سداد الأقساط الموضحة تفصيلاً بالتحقيقات وكان ذلك بتغيير المحررات عن طريق المحو والإضافة بأن محا بيانات مدة التأمن وقيمة الأقساط وعددها وطريقة الدفع الثابتة في هذه المستندات ووضع بدلاً منها بيانات أخرى مغايرة على النحو المبين بالأوراق ليخفي اختلاسه لبعض الأموال التي حصلها من العملاء والمفروض توريدها لحساب الشركة. ثالثاً: - استعمل المحررات المزورة سالفة البيان بأن قدمها لعملاء الشركة ليحتجوا بها قبلها مع علمه بتزويرها، وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة، قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2 (أ، ب)، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119/ هـ مكرراً، 214/ 1، 2 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 32/ 2، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 3345.228 جنيهاً وعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية اختلاس مال عام مرتبطة بجريمتي تزوير في محررات واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن دفاع الطاعن انبنى على أنه ليس موظفاً بشركة...... للتأمين المجني عليها إذ تنحصر علاقته بها في اجتذاب العملاء للتعاقد معها مقابل حصوله على عمولة مما لا يجوز معه تكييف ما أسند إليه من الاستيلاء على أموالها بأنه جناية اختلاس لانحسار صفة الموظف العام عنه، إلا أن الحكم أغفل الرد على دفاعه ودانه على أساس هذا التكييف الخاطئ مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة والحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن أثار الدفاع المشار إليه بوجه الطعن وتمسك باعتبار الواقعة جنحة وليس جناية اختلاس. لما كان ذلك، وكان تحقق صفة الموظف العام ركناً في جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تقوم هذه الجريمة إلا بتوافره. فإن الدفاع السالف يعد دفاعاً جوهرياً في الدعوى المطروحة لما يترتب عليه من اختلاف التكييف القانوني لوقائع الاختلاس المسندة إلى الطاعن وما إذا كان ينطبق عليها وصف الجنائية المتقدم ذكرها أم تعتبر جنحة تبديد منطبقة على المادة 341 من قانون العقوبات، ومن ثم فقد كان يتعين على المحكمة أن تمحص هذا الدفاع بلوغاً إلى غاية الأمر فيه وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت الالتفات عنه، أما وهي لم تفعل واكتفت بإطراحه مع غيره من أوجه دفاع الطاعن جملة - دون أن تقسطه حقه - رغم ما انتهت إليه من اعتبار الواقعة جناية اختلاس مرتبطة بجريمتي تزوير واستعمال وفقاً للمادة 112 من قانون العقوبات فإن حكمها يكون قاصر البيان. ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار في مدوناته إلى ما جاء بأقوال بعض الشهود من أن الطاعن يعد من موظفي شركة...... المجني عليها مما مفاده اعتباره موظفاً عاماً طالما قد خلا الحكم من بيان الأسانيد التي اطمأنت معها المحكمة إلى صحة ما جاء بتلك الأقوال المرسلة من توافر الصفة الوظيفية بحق الطاعن والتي يتعين إثباتها عند المنازعة فيها بما ينحسم به أمرها. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 1535 لسنة 36 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 59 ص 576

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض صالح وحسني سيد محمد - المستشارين.

---------------

(59)

الطعن رقم 1535 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تقارير الكفاية - سلطة رئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 واللائحة التنفيذية للقانون المذكور.
حرص المشرع على وضع ضمانات معينة تبعد تقارير الكفاية عن التأثر بالأهواء الشخصية والأغراض الخاصة لما لهذه التقارير من الأثر البالغ في حياة العاملين الوظيفية - ضرورة ذكر رئيس المصلحة ومن بعده لجنة شئون العاملين تفصيلات تقدير مرتبة الكفاية بمرتبة جيد وفقاً للتفصيلات التي يتضمن الأنموذج ذكرها كأسباب لتقدير مرتبة الكفاية: قيام رئيس المصلحة ومن بعده لجنة شئون العاملين بتقدير الكفاية تقديراً مجملاً ويعتبر مخالفاً لأحكام القانون لعدم قيامه على العناصر والمعطيات التفصيلية التي أوجب المشرع مراعاتها في إعداد التقارير الدورية عن العاملين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 28/ 3/ 1990 أودع الأستاذ/ سيد لطفي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1535 لسنة 36 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 25/ 1/ 1990 في الدعوى رقم 5050 لسنة 41 ق المرفوعة من الطاعن ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما بتاريخ 5/ 4/ 1990.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء تقدير كفاية الطاعن المطعون فيه فيما تضمنه من خفض تقرير كفايته إلى مرتبة جيد مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات مع إلزام المطعون ضدهما والطاعن بالمصروفات مناصفة بينهما.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة التي قررت بجلسة 10/ 2/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 21/ 3/ 1992 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبالجلسات التالية وبعد أن استمعت إلى ما رأت ما لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 28/ 11/ 1992 ثم مدت أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 25/ 1/ 1990 وقدم الطاعن طلباً لإعفائه من الرسوم القضائية بتاريخ 27/ 2/ 1990 قيد برقم 78 لسنة 36 وتقرر قبوله بجلسة 27/ 3/ 1990 فأقام طعنه الماثل بتاريخ 28/ 3/ 1990 أي خلال الميعاد المقرر قانوناً باعتبار أن طلب الإعفاء من الرسوم القضائية يقطع ميعاد رفع الدعوى وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فمن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 5/ 7/ 1987 أقام السيد...... الدعوى رقم 5050 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزير العدل ورئيس الإدارة المركزية لمصلحة الخبراء طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء تخفيض كفاية المدعي عن عام 1986 عن ممتاز مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما بالتعويض المناسب وحفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقال شرحاً للدعوى أنه بتاريخ 1/ 6/ 1987 أخطرته مصلحة الخبراء بتقدير كفايته عن عام 1986 بمرتبة جيد فتظلم فيه خلال المدة القانونية إلا أن المصلحة أخطرته برفض تظلمه ونعى المدعي على تقرير كفايته المطعون فيه مخالفته للقانون لأن رئاسته المباشرة قدرت كفايته بمرتبة ممتاز (90 درجة) إلا أن الرئاسات الأعلى والتي لا يعمل معها المدعي قررت تخفيض مرتبة الكفاية إلى جيد بعد شطب الدرجات التي وصفها الرؤساء المباشرون والعبث بها بالتخفيض وأوردت ملاحظة قول (يلاحظ كثرة الشكاوي المقدمة بما يشوب عمله) وتكرر ذلك في الصفحة الثانية من التقرير حيث ورد به عبارة كثرة الشكاوى وعدم الاكتراث بالعمل وعدم الالتزام كما ورد بخانة أخرى أنه مهمل في عمله والدليل على ذلك أنه لم يقدم كشوف الأرصدة رغم التنبيه عليه مراراً وتكراراً مع إخطار رئاسته بذلك ولكنه لم يستجب وذكر المدعي أنه بالنسبة لكثرة الشكاوى خطأ لما لم يسفر أي تحقيق عن صحتها فلا يجوز أن تكون سبباً في تخفيض مرتبة كفايته أما عن القول بعدم الاكتراث وعدم الالتزام فإنه لم يصدر عن رئاسته المباشرة وإنما ممن لا يعمل معه مما يدل على عدم صحة هذا الادعاء كما أنه بالنسبة للادعاء بأنه مهمل في عمله لعدم تقديمه كشوف الأرصدة فإن تحرير الأرصدة وتقديمها ليس من عمل الخبير لوجود إدارات للسكرتارية مسئولة عن ذلك فضلاً عن أنه قام بإعداد الكشوف المذكورة وقدمها وتسلمها منه من وضع الملاحظة سالفة الذكر واختتم المدعي دعواه بالقول بعدم قيام التخصيص لمرتبة كفايته على مبررات صحيحة وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
ورداً على الدعوى قدمت الجهة الإدارية عدة حوافظ مستندات ومذكرة بدفاعها تمسكت فيها بأن التقرير وضع بمرتبة جيد استناداً إلى وقائع صحيحة منها تكرار الشكوى ضد المدعي من الجمهور بتضررهم من مساومته لهم في الحصول على رشاوى ليقوم بوضع تقاريره في صالحهم وأن إدارة التفتيش الفني بمصلحة الخبراء أبدت رأيها في مدى كفاية المدعي كما أن المدعي نُسب إليه عدم الاكتراث بعمله بدليل عدم إعداد الكشوف الخاصة بالأرصدة رغم التنبيه عليه وحتى بفرض أن هذا العمل ليس من اختصاصه بل من اختصاص السكرتارية فإنه من اختصاصه بلا جدال متابعة إعداد السكرتارية لها بما تحتاجه تلك السكرتارية من معلومات لازمة لذلك الأمر الذي يحيل تقرير كفاية المدعي بمرتبة جيد قد خلا من إساءة استعمال السلطة وفي حدود السلطة المخولة قانوناً للجهة الإدارية التي طلبت في ختام مذكرتها الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 25/ 1/ 1990 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن تخفيض تقرير كفاية المدعي إلى مرتبة جيد واعتماده بهذه المرتبة قد جاء مستنداً إلى وقائع ثابتة بالأوراق بما يجعل تقرير الكفاية المطعون فيه قد صدر في حدود السلطة المخولة للجهة الإدارية دون إساءة لاستعمال السلطة أو الانحراف بها ويكون لذلك قد صدر صحيحاً وتغدو الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء هذا التقرير فاقدة الأساس القانوني مستوجبة الرفض أما عن طلب التعويض فإنه وقد تبين سلامة تقرير الكفاية المطعون فيه وصحته فمن ثم ينتفي ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية ولا تقوم معه المسئولية الموجبة للتعويض، ويعد الطلب فاقداً الأساس القانوني مستوجباً الرفض بدوره.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه جاء مخالف لصحيح الواقع والقانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب للأسباب الآتية:
أولاً: بالنسبة لكثرة الشكاوى المقدمة ضد الطاعن فلم يثبت وجود هذه الشكاوى وإلا لعلم بها رئيسه المباشر ومديره المحلي وهم الألصق به ولكنهما لم يسجلا عليه أي شيء كما لم يجر معه أي تحقيق بخصوص هذه الشكاوى.
ثانياً: قدمت الجهة الإدارية ضمن حوافظ مستنداتها تقريراً مرسلاً من هيئة الرقابة الإدارية يوجه للمدعي أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقابه جنائياً. بينما لم يتم إجراء أي تحقيق معه في أي شيء مما ورد به وهذا التقرير يحمل تاريخ عام 1987 أي السنة التالية للتقرير موضوع هذا الطعن، مما حدا بالطاعن إلى طلب التعويض الأدبي المناسب على مسلك الإدارة والتشهير به.
ثالثاً: على خلاف المستقر عليه في مثل هذه الأمور بأنه لا يؤخذ بأي اتهام لم يجر فيه تحقيق وسماع وقائع إلا أن المحكمة في حكمها المطعون فيه تأثرت بهذه الأمور الملفقة وكونت عقيدة فورية خاطئة باستنادها إلى أقوال وتقارير مرسلة.
رابعاً: يخلو ملف خدمة الطاعن من وجود أي شيء مما ورد في تقرير الكفاية من ملاحظات لأنها لو كانت صحيحة لوجب التحقيق معه إدارياً على الأقل كما أنها تمثل هذا الوصف فلا يعقل أن يكون التقرير السنوي المقابل لها بدرجة جيد فتقدير جيد غير مخصص لموظف له مثل هذه الصفات السيئة الرديئة ولو كان ذلك صحيحاً لما رفضت الإدارة أن يكون تخفيض كفايته بما لا يزيد على درجة ضعيف بأي حال.
خامساً: تخفيض تقرير كفاية الطاعن صدر خارج حدود السلطة المخولة للجهة الإدارية واعتماداً على إساءة استعمال السلطة والانحراف بها خاصة في العبث بأصل التقرير مما تغدو معه الدعوى بالنسبة لطلب إلغاء هذا التقرير مستندة على أساس سليم من القانون مستوجبة القبول.
سادساً: بالنسبة لطلب التعويض فإنه وقد ثبت الخطأ والضرر وعلاقة السببية مما يوجب التعويض العادل خاصة لمسلك الإدارة في التشهير بالمدعي عن أمور مهنية لم يثبت صحة أي منها على الإطلاق. وخلال تداول الطعن وبجلسة 3/ 10/ 1992 قدم الطاعن حافظة مستندات طويت على شهادتين من مصلحة الخبراء تفيد دوام ترقي المدعي وحصوله على تقارير ممتاز بصفة مستمرة وبجلسة 17/ 10/ 1992 قدمت الجهة الإدارية مذكرة وقائع عقبت فيها على ما ورد بتقرير الطعن وطلبت في ختامها الحكم برفضه.
ومن حيث إنه فيما يختص بالتقرير السنوي عن تقدير كفاية الطاعن بمرتبة جيد المطعون فيه فإن المادة 28 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن تضع السلطة المختصة نظاماً يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها..... ويعتبر الأداء العادي هو المعيار الذي يؤخذ أساساً لقياس الأداء ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف وتضع السلطة المختصة نظاماً يتضمنه تحديد الإجراءات التي تتبع في وضع وتقديم واعتماد تقارير الكفاية والتظلم منها. ويكون وضع التقارير النهائية عن سنة تبدأ من أول يناير وتنتهي في آخر ديسمبر وتقدم خلال شهري يناير وفبراير وتقيمه خلال شهر مارس وتعلن للعاملين معايير قياس الكفاية التي تستخدم في شأنهم، وواضح مما نص عليه قانون العاملين المشار إليه ولائحته التنفيذية من إجراءات إعداد التقارير السنوية عن العاملين أن المشرع حرص على وضع ضمانات معينة تبعد التقارير عن التأثر بالأهواء الشخصية والأغراض الخاصة لما لهذه التقارير من أثر بالغ في حياة العاملين الوظيفية.
ومن حيث إنه بالاطلاع على تقرير كفاية المدعي عن الفترة من أول يناير سنة 1986 إلى آخر ديسمبر سنة 1986 المطعون فيه يبين أنه يتضمن خانات تفصيلية لكل عنصر من عناصر تقدير كفاية العامل وهي العمل والإنتاج والاستعداد الذاتي والصفات الشخصية والمواظبة والإجازات وقد قسم كل عنصر من هذه العناصر إلى درجات ومستويات تبدأ من أعلى درجات التقدير والثابت من الاطلاع على التقرير فيه أن كلاً من الرئيس المباشر والمدير المحلي قد قدر كفاية المدعي بمرتبة ممتاز، 90 درجة من مائة درجة، وهذا التقدير هو حال جميع التقديرات التفصيلية الصادرة من كل عنصر من عناصر التقرير أما رئيس المصلحة ومن بعده لجنة شئون العاملين فلم تذكر تفصيلات تقديرها لمرتبة كفاية المدعي في كل خانة من خانات وبنود التقرير التفصيل الواجب ولكنهما أجملا تقدير مرتبة كفاية المدعي بمرتبة جيد وأوردا تقديراً إجمالياً هو 70 درجة بالنسبة لرئيس المصلحة و71 درجة بالنسبة للجنة شئون العاملين دون ذكر التفصيلات التي قد تضمن الأنموذج السابق ذكرها كأسباب للتقدير الصادر عن رئيس المصلحة ومن بعده لجنة شئون العاملين ولما كان نموذج تقدير الكفاية الحق على أساس التقدير المطعون فيه يلزم السلطة المختصة بالاعتماد في حالة خفض مرتبة الكفاية بأن يكون تقدير مرتبة كفاية العامل المختص مبنياً على عناصر تفصيلية توازن وتقدر بالأرقام في كل خانة وكل بند من عناصر الكفاية لذلك يكون ما اتبعه رئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين في التقرير محل الطعن الماثل من تقدير كفاية المدعي تقديراً مجملاً بمرتبة جيد قد جاء مخالفاً لأحكام القانون لعدم قيامه على العناصر والمعطيات التفصيلية التي أوجب النموذج مراعاتها في إعداد التقارير الدورية عن العاملين طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 وعلى ذلك يتعين القضاء بإلغاء تقدير رئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين لمرتبة كفاية المدعي عن عام 1986 بدرجة جيد دون حاجة لبحث سائر ما ساقه المدعي من طعن على هذا التقدير وما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في الاعتداد في وزن كفاية المدعي بما انتهى إليه تقدير الرئيس المباشر والمدير المحلي في التقدير المطعون فيه عن سنة 1986 من أن المدعي ممتاز (90 درجة) في التقدير الإجمالي وهو التقدير المبنى على العناصر التفصيلية التي حتم القانون نموذج التقرير المعتمد إقامة تقدير الكافية على أساسها، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى غير تلك النتيجة فإنه يكون متعين الإلغاء في هذا الخصوص.
ومن حيث إنه عن طلب المدعي الحكم على جهة الإدارة بالتعويض الأدبي. فإنه ولئن كان القرار المطعون فيه بتخفيض تقرير كفاية الطاعن قد جاء مخالفاً للقانون إلا أن الإدارة وهي في سبيلها لإعداد تقارير الكفاية وترتيب آثارها لصالح العمل والعاملين لا وجه لمسائلة من يعدون ذلك التقرير عن تقديرهم بعناصر الكفاية ما دام لم يثبت قصد أحدهم الإساءة إلى المدعي كما أن في إلغاء هذا القرار واعتبار كفايته بدرجة ممتاز فإنه يكون قد حصل بذلك على التعويض العيني الجابر لما يكون قد لحقه من ضرر من جراء ذلك بما يتعين معه برفض هذا الطلب وإذ قضى الحكم المطعون فيه بهذه النتيجة فإن الطعن عليه في هذا الشق لا يكون له سند من القانون خليق بالرفض مع إلزام طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار المطعون فيه وبإلغاء قرار تخفيض مرتبة كفاية الطاعن عن عام 1986 إلى مرتبة جيد وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم ورفض الطعن فيما عدا ذلك وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.

الطعن 346 لسنة 35 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 58 ص 568

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلي فكري صالح وسعيد أحمد برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(58)

الطعن رقم 346 لسنة 35 القضائية

(أ) جامعات - أعضاء هيئة التدريس - تأديب - مناط تحديد الاختصاص بين مجالس التأديب. 

العبرة في تحديد الاختصاص بين مجالس التأديب الخاصة بالمعيدين والمدرسين المساعدين وتلك الخاصة بأعضاء هيئة التدريس بالمستوى الوظيفي وقت إقامة الدعوى - صدور قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بعدم اختصاصه بالاستمرار في السير في إجراءات الدعوى بوصف المحال يشغل إحدى وظائف هيئة التدريس يتفق وصحيح حكم القانون - تطبيق.

(ب) دعوى - الحكم بعدم الاختصاص والإحالة - أثره في تحديد تاريخ تحريك الدعوى.
المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
مقتضى حكم عدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة وفقاً للمادة (110) مرافعات أن يجعل لتحريك الدعوى وإقامتها تاريخاً واحداً هو تاريخ الإحالة أمام المحكمة الأولى التي قضت بعدم الاختصاص - إحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة يكون تنفيذاً لحكم المحكمة استناداً إلى قرار الإحالة المودع في المحكمة الأولى والذي يعتبر تاريخاً لإقامة الدعوى - لا يحتاج الأمر إلى قرار إحالة جديد إلى المحكمة المحال إليها الدعوى - تطبيق.
(جـ) دعوى - دفوع في الدعوى - الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
الحكم بعدم الاختصاص لا يتضمن حكماً قطعياً فاصلاً في الموضوع - أثر ذلك: تخلف شرط من شروط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14/ 1/ 1989 أودع الأستاذ/ حامد محمود وصفي نائباً عن الأستاذ عبد الفتاح المليجي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن - سكرتارية المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 346/ 35 ق، في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط بجلسة 17/ 11/ 1988 في الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1988 المقامة من الجامعة ضده، بمجازاته بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له لفترة واحدة - وطلب للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 21/ 1/ 1989 أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده بصفته.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً - بالرأي القانوني - انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين للاختصاص للفصل في موضوعها مجدداً من هيئة أخرى - كما تقدمت الجامعة بمذكرة طلبت للأسباب المبينة بها - رفض الطعن.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلسة 28/ 10/ 1992 إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/ 11/ 1992 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/ 12/ 1992 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم - وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر الطعن - تتلخص - حسبما يبين من القرار المطعون فيه ومن سائر الأوراق المرفقة به - في أنه بتاريخ 13/ 1/ 1987 تقدم الدكتور ( أ ) المدرس بقسم الطبيعة بكلية العلوم فرع جامعة أسيوط بقنا بشكوى إلى رئيس فرع الجامعة بقنا ضد (ب) المدرس المساعد بقسم الطبيعة تضمنت أنه اعتدى عليه بألفاظ غير لائقة وحاول التهجم عليه - كما تقدم أيضاً (ب) بشكوى مماثلة ضد الدكتور ( أ ) وأحيلت الشكويان إلى الإدارة القانونية للتحقيق الذي انتهى في 8/ 3/ 1987 إلى طلب إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بالجامعة لمحاكمته تأديبياً عما ثبت في حقه. وبناءً على ذلك أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 939 لسنة 1987 بتاريخ 31/ 3/ 1987 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة أسيوط لمساءلته تأديبياً لأنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفي بصورة جسيمة بأن: 1 - تصرف مع السيد/ د. ( أ ) المدرس بقسم الطبيعة بقنا بطريقة غير لائقة وذلك بزجره والتحرش به والتحدث معه بصورة محتدة دون أي داع لذلك على مرأى ومسمع من العاملين بالوحدة الحسابية.
2 - تعدى عليه بالقول وتلفظ ضده بألفاظ غير لائقة على النحو المبين بالأوراق.
3 - حاول التهجم عليه مستعملاً في ذلك قطعة خشب تم نزعها بمعرفته من أحد الأبواب.
4 - ادعى كذباً إصابته بجرح طوله 4 سم نتيجة لإلقاء د. ( أ ) نظارته عليه في حين أن إصابته قد حدثت نتيجة لفعله ومسلكه الخاطئ وكنتيجة لمحاولته نزع جزء من الباب، (عنوة لاستعماله في تعديه عليه مما ترتب عليه إصابته من مسمار في الباب) وقيدت القضية تحت رقم 1 لسنة 1987 أمام مجلس التأديب الذي قرر بجلسة 31/ 3/ 88 عدم الاختصاص بالاستمرار في إجراءات سير الدعوى تأسيساً على أن المحال قد صدر في 21/ 11/ 1987 قراراً بتعيينه في وظيفة مدرس اعتباراً من 8/ 11/ 1987.
وبتاريخ 14/ 4/ 1988 صدر قرار رئيس الجامعة رقم 1238 لسنة 1988 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمحاكمته عن ذات المخالفات السالف ذكرها.
وبجلسة 17/ 11/ 1988 قرر المجلس مجازاة الطاعن باللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له لفترة واحدة مؤسساً قراره على أساس ثبوت الاتهامين الأول والثاني في حقه من شهادة كل من (د) و(هـ) من العاملين بالوحدة الحسابية. وأن الواقعة الثالثة ثابتة مما شهد به (جـ) في التحقيق رقم 51/ 1987 والسيد/ (هـ) وأن الاتهام الرابع ثابت مما ورد في شكواه المؤرخة 13/ 1/ 1987 ومن التحقيق رقم 51 لسنة 1987 - وأن ادعاء الطاعن لم يؤيده أي من الشهود بل نفاه السيد (جـ) في التحقيق.
ومن حيث إن الطاعن أسس طعنه على ما يلي: -
1 - الخطأ في تطبيق القانون، برفضه الدفع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وتصديه لنظرها.
2 - أن المجلس أخطأ برفضه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
3 - الفساد في الاستدلال.
وحيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن من خطأ المجلس برفضه الدفع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وتصديه لنظرها والذي أسسه الطاعن على أن الاختصاص يتحدد تبعاً للمستوى الوظيفي للعامل وقت إقامة الدعوى وفقاً للمادة 17/ 1 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. ولما كان الطاعن قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية وقت أن كان يشغل وظيفة مدرس مساعد بقسم الطبيعة بكلية العلوم بقنا فإن المجلس المختص بمساءلته تأديبياً هو مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة أسيوط عملاً بنص المادة 154 من قانون الجامعات رقم 49/ 1972 وبالتالي فإن مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط لا يكون مختصاً بنظر الدعوى وإذ قرر بخلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إن هذا السبب من أسباب الطعن مردود عليه بأن سند اختصاص مجلس التأديب المطعون في قراره هو قرار رئيس الجامعة رقم 1328 الصادر في 14/ 4/ 1988 بإحالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس - في وقت كان يشغل فيه الطاعن وظيفة مدرس بقسم الطبيعة بكلية العلوم بقنا، تطبيقاً لنص المادتين 105/ 109 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - ومن ثم يكون مجلس التأديب قد فصل بالدعوى فصلاً صحيحاً وفقاً لأحكام القانون وأنه مختص بنظر مساءلة الطاعن وقت إحالته إليه باعتبار أنه كان في ذلك الوقت شاغلاً لوظيفة مدرس مساعد مما يختص مجلس التأديب بمساءلته تأديبياً ومن ثم فلا تثريب على مجلس التأديب إذ رفض الدفع الذي أبدى بعدم اختصاصه بمساءلة الطاعن تأديبياً لأنه - المجلس المختص قانوناً وقت صدور قرار الإحالة رقم 1328 الصادر في 14/ 4/ 1988 تبعاً للوظيفة التي يشغلها في ذلك الوقت، ولا يغير من ذلك سبق إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المدرسين المساعدين والمعيدين بالقرار رقم 939 في 31/ 3/ 1987 وأنه كان في ذلك الوقت يشغل وظيفة مدرس مساعد وأن العبرة في تحديد الاختصاص هو بالمستوى الوظيفي وقت إقامة الدعوى - ذلك أن الثابت أن مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين أصدر قراره بجلسة 31/ 3/ 1988 بعدم اختصاصه بالاستمرار في السير في إجراءات الدعوى بوصف المحال يشغل إحدى وظائف هيئة التدريس.
وأن هذا القرار أصبح نهائياً لا محل للرجوع فيه ولم يطعن عليه أحد من طرفي الخصومة في التأديب وبالتالي فقد انتهت ولاية مجلس التأديب الأول عن مساءلة الطاعن تأديبياً، كما أن الثابت أن مجلس التأديب الأول أصدر قراره بعدم الاختصاص دون إحالة إلى المجلس المختص - كما هو الحال في المحاكم التأديبية التابعة لمجلس الدولة، بالنسبة للدعاوى التي تقيمها النيابة الإدارية - لأن مقتضى حكم عدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة وفقاً للمادة 110 مرافعات، أن يجعل - لتحريك الدعوى التأديبية وإقامتها تاريخاً واحداً هو تاريخ الإحالة أمام المحكمة الأولى التي قضت بعدم الاختصاص وأن إحالة الأوراق والدعوى إلى المحكمة المختصة يكون تنفيذاً لحكم المحكمة استناداً إلى قرار الإحالة المودع في المحكمة الأولى والذي يعتبر تاريخاً لإقامة الدعوى ولا يحتاج الأمر إلى قرار إحالة جديد إلى المحكمة المحال إليها الدعوى - وهذا الوضع غير متوافر في الطعن الماثل - لأن مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لم يتصل بالدعوى التأديبية بموجب قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين الذي اتصل ابتداءً بالدعوى بقرار الإحالة الأول - وإنما اتصاله بالدعوى كان بإجراءات جديدة مستقلة عن الدعوى الأولى رقم 1 لسنة 1987 ومنبته الصلة بها وليست استمراراً لها بل بدأت بقرار إحالة جديد صدر من مختص إلى مجلس تأديب مختص وقت الإحالة وهو القرار رقم 1328 لسنة 1988 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس، وهذا هو التاريخ الذي يعتبر تاريخاً لإقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعن وبذلك يكون اتصال المجلس بالدعوى الجديدة رقم 2 لسنة 1988 سليماً وتم وفقاً للقانون وغير متعارض مع قرار مجلس التأديب الأول الذي صار نهائياً ولم يطعن عليه الطاعن وبناءً على ذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن في غير محله متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن بشأن رفض مجلس التأديب الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فقد أسسه الطاعن على أن مجلس التأديب إذ قرر عدم اختصاصه بالاستمرار في السير في إجراءات الدعوى بمقولة أن الطاعن عين مدرساً في 21/ 11/ 1987 - وأن هذا القرار خاطئ قانوناً ولم تطعن عليه الجامعة في حينه بحيث أصبح نهائياً وباتاً ومن ثم فما كان يجوز إحالة الطاعن من جديد إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بزعم أنه المختص بمحاكمته فهذا السبب هو الآخر مردود عليه بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو أثر لأصل مقرر مؤداه حجية الأحكام فيما فصلت فيه بما تحمله من قوة الشيء المقضى به إلا أن مناط صحة هذا الدفع أن يكون هناك حكماً فاصلاً في الموضوع يمنع من إعادة النظر فيما قضي فيه من جديد وعلى هذا نصت المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 بأن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضى فيه تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينفي هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً - إلا أن مناط تطبيق حكم هذا النص أن يكون الحكم قطعياً فاصلاً في موضوع النزاع سواء في جملته أو جزء منه أو مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسماً لا رجوع فيه وبعد تناول موضوع النزاع بالموازنة بين حجج الخصوم وأوجه دفاعهم بحيث يمكن القول أنه تم الفصل في موضوع النزاع وحسمه حسماً باتاً لا رجوع فيه.
وحيث إن قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين، بعدم اختصاصه بنظر الدعوى التأديبية للطاعن لم يصدر حكماً قطعياً حاسماً في موضوع المحاكمة التأديبية ولم يتناول أوجه دفاع الطاعن وأوجه ادعاء الجامعة، ثم قضى بقرار تأديبي في الموضوع، وأن كل ما قضى به هو قرار بعدم الاختصاص فإن هذا القرار لا يحوز أية حجية إلا بالنسبة لمسألة الاختصاص وحدها دون الموضوع الذي يتعرض له أصلاً، ومن ثم فإن هذا القرار لا يمنع مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس من التعرض لموضوع المساءلة التأديبية للطاعن والفصل فيها، لأن قرار إحالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لا يتعارض مع قرار مجلس تأديب المدرسين المساعدين لعدم الاختصاص بل هو تنفيذاً له بعد أن أصبح نهائياً أياً كان الرأي حوله من الناحية القانونية ومن ثم فإن تأسيس الطاعن طعنه على عدم جواز إعادة النظر في الدعوى لسبق الفصل فيها، غير صحيح في القانون لأن الموضوع لم يسبق الفصل فيه من قبل ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس سليم وفي غير محله متعيناً رفضه.
وحيث إنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن بشأن الفساد في الاستدلال وأنه انتهى إلى نتيجة من غير أصول تنتجها لتناقض أقوال الشهود وبكونها جاءت من قبيل القول المرسل وأن التحقيق تم في جو غير طبيعي لاستدعاء الشاكي لأحد أقاربه من مباحث أمن الدولة الذي أشاع جواً من الإرهاب في الكلية وهي واقعة شهد بها الدكتور عميد كلية العلوم واستنكرها في ذلك الوقت هذا فضلاً عن أن الثابت من الأوراق أن الشاكي كان هو البادئ بالتعدي وكان البادئ بالاعتداء بالسب، وأن الثابت من قرار مجلس التأديب المطعون فيه أنه استند في إثبات المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ومجازاته عنها إلى شهادة من شهد الوقائع موضوع الاتهام سواء في التحقيق الذي أجرته الإدارة القانونية بالجامعة أم أمام مجلس أعضاء هيئة التدريس حيث شهد كل من (د) و(هـ) من العاملين بالوحدة الحسابية بفرع الجامعة في قنا وأيضاً ما شهد به الدكتور (و) المدرس بكلية العلوم فرع جامعة أسيوط بقنا حيث شهد الجميع بصحة الوقائع موضوع المخالفات المنسوبة إلى الطاعن وصدورها منه وعلى النحو الذي أثبته مجلس التأديب في أسباب قراره والمأخوذة من أقوال الشهود بالتحقيقات التي أجريت ومن أقوالهم أمام مجلس التأديب بعد حلف اليمين القانونية، وبذلك يكون مجلس التأديب قد أصدر قراراه على أساس ثابت مما أجمع عليه شهود الواقعة ويكون قراره قد قام على أساس سليم من الواقع والقانون ومستخلصاً استخلاصاً سليماً مما هو ثابت بالأوراق ومن ثم يكون الطعن عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس متعيناً رفضه.
وإذ ثبت على النحو المتقدم أن أسباب الطعن غير قائمة على أساس سليم في القانون فإنه ومن ثم يتعين الحكم برفض الطعن.

فلهده الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

الطعن 508 لسنة 34 ق جلسة 23 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 57 ص 561

جلسة 23 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وحسني سيد محمد أبو جبل وأحمد حمدي الأمير والسيد محمد العوضي - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------------

(57)

الطعن رقم 508 لسنة 34 القضائية

قرار إداري - القرار الصادر بالموافقة على الإعارة أو بالحرمان منها - وقف تنفيذه. المواد 10، 12، 49 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة.
القرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها - حدد المشرع هذه القرارات على سبيل الحصر وهي القرارات الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي والصادرة بجزاءات تأديبية - مؤدى ذلك: أن القرارات الصادرة بالإعارة أو بالحرمان منها لا تندرج ضمن القرارات المشار إليها ومن ثم يجوز النظر في طلب وقف تنفيذها باعتبارها صادرة في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المنصوص عليها في البند الرابع عشر من المادة (10) من قانون مجلس الدولة - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 19/ 1/ 1988 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 3/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 1961 سنة 41 ق والقاضي بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي المصروفات وبإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني مسبباً في طلب الإلغاء.
وطلب السيد/ رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 170 سنة 1987 فيما تضمنه من عدم تجديد إعارة المدعي للعمل للعام الثالث بجمهورية اليمن الشمالية وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت بجلسة 13/ 7/ 1992 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثانية - لنظره بجلسة 31/ 10/ 1992 حيث نظر أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 30/ 7/ 1987 أقام السيد/ محمد نصر علي أحمد زغلول الدعوى رقم 1961 سنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ الإسكندرية ووكيل وزارة التربية بالإسكندرية ومدير عام إدارة شرق الإسكندرية التعليمية طالباً في ختامها الحكم أولاً بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار رقم 170 سنة 1987 فيما تضمنه من عدم تجديد إعارته للعام الثالث إلى اليمن الشمالية وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات، ثانياً وفي الموضوع بإلغاء القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل مدرساً لدى الجهة الإدارية وأعيد للعمل لليمن الشمالية خلال عامي 85/ 1986، 86/ 1987 وقد فوجئ لدى عودته لقضاء إجازته السنوية بقرار الإدارة العامة للإعارات رقم 170 سنة 1987 الصادر في 9/ 4/ 1987 بحرمانه من الإعارة لمدة أربع سنوات وعدم تجديد إعارته للعام الثالث وعودته للعمل من 1/ 9/ 1987 وعلم أن سبب القرار اتهام غير صحيح من مستأجر لعقار يملكه عن تقاضيه خلو رجل والحكم عليه غيابياً بالحبس لمدة ثلاثة شهور ورد المبالغ التي قيل بأنه تقاضاها وقد استأنف المدعي حكم الإدانة ولم يقض في الاستئناف بعد وقد نعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون لاستناده إلى سبب غير صحيح وفي غير الحالات المحددة بالقرار الوزاري رقم 158 سنة 1985 بشأن شروط وقواعد الإعارة الخارجية فضلاً عن عدم نهائية الحكم الغيابي وأضاف أنه سيترتب على هذا القرار نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمانه من استكمال مدة إعارته وما يستتبع ذلك من خسارة مالية محققة.
وبجلسة 3/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الشق المستعجل من الدعوى بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وإلزام المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن مفاد المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 عدم قبول طلبات وقف تنفيذ القرارات الصادرة في شأن الموظفين وهي التي لا يقبل طلب الحكم بإلغائها قبل التظلم فيها نهائياً فيما عدا حالات الفصل فيجوز للمحكمة أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه - وهو أمر مرده افتراض عدم قيام الاستعجال المبرر لطلب وقف تنفيذ هذه القرارات وذلك بقرينة قانونية قاطعة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 سنة 1955 الواردة في المادة 18 منه أصل المادة 49 من قانون مجلس الدولة الحالي من أن القانون المذكور عالج الاستعجال في حالة واحدة نص عليها على سبيل الحصر وهي الفصل لا بوقف تنفيذ القرار ولكن بعلاج استحدثه قدر فيه الضرورة بقدرها وذلك بجواز القضاء باستمرار صرف المرتب كله أو بعضه حتى لا ينقطع مورد الرزق من المرتب وأنه يجب استهداء تلك الحكمة التشريعية عند استظهار ركن الاستعجال في القرارات التي لا تخضع لوجوب التظلم الإداري لاتحاد العلة ومن ثم وتطبيقاً لذلك فإن طلب المدعي الحكم بوقف تنفيذ قرار حرمانه من التقدم للإعارة بعد قضائه سنتين فقط منها لا تتوافر في شأنه مقومات الاستعجال المقرر لقبول طلب وقف التنفيذ بحسبانه من القرارات التي قرر قانون مجلس الدولة عدم قبول طلب وقف تنفيذها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك لأنه أدخل القرار المطعون فيه ضمن القرارات التي لا تقبل طلب إلغائها إلا بعد التظلم منها إدارياً بينما هذا القرار تختص محاكم مجلس الدولة بنظره باعتباره قرار صادراً في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المشار إليها في البند 13 من المادة 10 من قانون مجلس الدولة رقم 47 سنة 1972 ولا يدخل في عداد القرارات التي تخضع لنظام التظلم الوجوبي قبل رفع دعوى الإلغاء التي قررت على سبيل التحديد في المادة 12 من قانون مجلس الدولة هذا وقد توافرت حالة الاستعجال في المنازعة الماثلة إذ يترتب على الإعارة مزايا مادية عديدة قد يكون العامل في حاجة ماسة إليها في ظروفه الاجتماعية وقد لا تتكرر فرص الإعارة مستقبلاً كما أن ركن الجدية متوافر بدوره إذ أن الظاهر من الأوراق أن قرار وقف الإعارة بني على أسباب تتعلق بمنازعات شخصية - وادعاء تقاضي المدعي خلو رجل من أحد المستأجرين عنده ولم يصدر فيها حكم نهائي بعد - لا صلة لها بعمل المدعي في مرفق التربية والتعليم وبهذه المثابة يكون قد توافر كل من ركني الاستعجال والجدية ويكون طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه جديراً بالقبول.
ومن حيث إن المسألة الأولية في مقطع النزاع في الطعن الماثل تدور حول ما إذا كان القرار الصادر بالإعارة أو الحرمان منها من القرارات التي يجوز أو لا يجوز وقف تنفيذها في تطبيق المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن المادة 10 من قانون مجلس الدولة المشار إليه تنص على أن تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية أولاً....، ثانياً.... ثالثاً: الطلبات التي يقدمها ذو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح علاوات. رابعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي. خامساً، سادساً، سابعاً، ثامناً، تاسعاً: الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية. عاشراً: ..... رابع عشر: سائر المنازعات الإدارية.
وتنص المادة 12 على ألا تقبل الطلبات الآتية: أ - ..... ب - الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم.
وتنص المادة 49 من ذات القانون على أنه لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاءه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركه وبالنسبة للقرارات التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها إدارياً لا يجوز طلب وقف تنفيذها على أنه يجوز للمحكمة بناءً على طلب المتظلم أن تحكم مؤقتاً باستمرار صرف مرتبه كله أو بعضه إذا كان القرار صادراً بالفصل.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المشار إليها أن المشرع أورد على سبيل الحصر القرارات التي لا يجوز نظر طلب وقف تنفيذها وهي القرارات الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو منح العلاوات أو بالإحالة إلى المعاش أو الاستيداع أو الفصل بغير الطريق التأديبي أو بجزاءات تأديبية وهي بذاتها التي لا يقبل طلب إلغائها قبل التظلم منها وجوباً على النحو المنصوص عليه في المادة 12 آنفة الذكر وبهذه المثابة فإن القرارات الصادرة بالإعارة أو الحرمان منها لا تندرج فيها ومن ثم يجوز النظر في طلب وقف تنفيذها باعتبارها صادرة في شأن منازعة إدارية يصدق عليها وصف سائر المنازعات الإدارية المنصوص عليها في البند الرابع عشر من المادة 10 سالفة البيان وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بحسبانه من القرارات التي قرر قانون مجلس الدولة عدم قبول طلب وقف تنفيذها، ويكون قد جانبه الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبقبول طلب وقف تنفيذ ذلك القرار حيث استوفيت سائر أوضاع ذلك القبول.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مهيأ للفصل فيه لذا فإن لهذه المحكمة وقد قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم قبول طلب وقف تنفيذه وبقبوله أن تتصدى للفصل في موضوعه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن وقف تنفيذ القرار الذي يطلب إلغاؤه رهن بتوافر ركنين أولهما ركن الجدية وتتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر - على أسباب جدية تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع وثانيهما ركن الاستعجال بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه ترتيب نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 170 سنة 1987 الصادر في 9/ 4/ 1987 بإلغاء إعارة المدعي لدولة اليمن بعد قضائه عامي 85/ 86، 86/ 87 من حرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات قد قام على أساس ما ذكره المدعي في عريضة دعواه ولم تجحده جهة الإدارة طوال نظر الدعوى من صدور حكم غيابي ضده في 21/ 12/ 1985 في الجنحة رقم 529 سنة 1985 دائرة الرمل قضى بحبسه ثلاثة أشهر لأنه بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل وهي المنازعة التي قضى فيها بالبراءة من دائرة الجنح المستأنفة بجلسة 27/ 10/ 1987 - على النحو البادي من الشهادة الصادرة من نيابة غرب الإسكندرية والمودعة حافظة المستندات بتاريخ 5/ 11/ 1987 - ومتى كان ذلك وكانت هذه الواقعة تتعلق بمنازعات شخصية لا صلة لها بعمل المدعي في مرفق التربية والتعليم في الداخل والخارج وصدر فيها الحكم غيابياً وبعد أن تم إعارته فعلاً ثم قضي فيها بالبراءة على نحو ما سلف بيانه وبهذه المثابة يكون القرار المطعون فيه قد بني - بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء - على غير أساس سليم من القانون وصدر فاقداً لركن السبب المبرر له قانوناً ومن ثم يتحقق ركن الجدية في الطلب المستعجل بوقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو يتحقق أيضاً بالنظر إلى ما ينتجه الاستمرار في تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل في حرمان المدعي من فرصة الإعارة التي قد لا تتكرر مستقبلاً وبالتالي حرمانه من المزايا العديدة التي يكون العامل في حاجة ماسة إليها.
ومن حيث إنه وقد توافر في شأن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق ركنا الجدية والاستعجال ومن ثم فإنه يتعين القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار رقم 170 لسنة 1987 فيما تضمنه من إلغاء إعارة الطاعن إلى جمهورية اليمن وحرمانه من التقدم للإعارة لمدة أربع سنوات وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.