الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّة 6 : اَلنُّصُوصُ اَلْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَهْلِيَّةِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 6 (1)

1 - النصوص المتعلقة بالأهلية تسري على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في هذه النصوص.

2 - وإذا عاد شخص توافرت فيه الأهلية - بحسب نصوص قديمة - ناقص الأهلية بحسب نصوص جديدة ، فإن ذلك لا يؤثر في تصرفاته السابقة.

التقنين  المدني السابق :

لا مقابل لها .

المشروع التمهيدي: (2)

المادة 8 – تسري النصوص المتعلقة بأهلية الأداء من وقت العمل بها على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في هذه النصوص .".

 

المذكرة الإيضاحية للمشروع :

جاء بمذكرة المشروع التمهيدي: مادة (8): تعرض المادة من المشروع لتطبيق من تطبيقات القاعدة العامة التي بسطتها المادة 7 فتقرر أن النصوص المتعلقة بأهلية الأداء تسري من وقت العمل بها. ومؤدي هذا أن تلك النصوص ترد من كان يعتبر رشيداً إلى حالة القصر فيما لو رفعت سن الرشد مثلا وتدخل من كان يعتبر قاصراً في ظل القانون القديم في عداد الراشدين فيما لو خفضت السن. ذلك أن تحديد أهلية الأداء- وهي صلاحية الالتزام بالتصرفات الإرادية، يراعي فيه حماية فريق من الأشخاص، وهذه الحماية أمر يتعلق بالنظام العام، وقد أخطأ واضع المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925 بترتيب المجالس الحسبية، إذ ذكر أن الحكم المتعلق برفع سن الرشد (من 18 سنة إلى 21 سنة) في هذا المرسوم لا ينطبق علي الأشخاص الذين يكونون قبل العمل بالقانون الجديد قد بلغوا سن الثماني عشرة المحددة لانتهاء الوصاية بمقتضي القانون القديم، بل هؤلاء الأشخاص يعتبرون أنهم راشدون قانونا".

2 - على أن عودة الشخص إلى حالة القصر بمقتضي قانون جديد، بعد أن أعتبر رشيداً تحت سلطان التشريع القديم لا تؤثر في صحة التصرفات التي صدرت منه في ظل هذا التشريع. فهذه التصرفات لا يجوز الطعن عليها بسبب نقص الأهلية متي كان العاقد كامل الأهلية وقت انعقادها إذ القانون الجديد يعيد الأشخاص إلي حالة القصر بالنسبة إلى المستقبل فحسب.

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 8 واقترح السنهوري باشا تحويراً يزيل ما كان بها من إبهام .

كما اقترح إضافة فقرة ثانية إليها تقضي بصحة التصرفات التي صدرت من شخص كان كامل الأهلية فأصبح ناقصها - فوافقت اللجنة على ذلك وأصبح نصها : 1 - النصوص المتعلقة بالأهلية تسري على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في هذه النصوص .

۲ - وإذا عاد شخص توافرت فيه الأهلية بحسب نصوص قديمة ناقص الأهلية بحسب نصوص جديدة فإن ذلك لا يؤثر في تصرفاته السابقة .

وأصبح رقم المادة 7 في المشروع النهائي .

 المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 7 .

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

وافقت اللجنة على المادة دون تعديل وأصبح رقمها 6 .

مناقشات المجلس:

وافق المجلس على المادة دون تعديل .

 



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 1 ص 214 .

(2) مادة محذوفة من المشروع التمهيدي .

المادة 7 : إذا نسخ قانون جديد قانوناً سابقا عليه فإن القانون المنسوخ يظل مع ذلك سارياً على الروابط والحالات القانونية التي نشأت تحت سلطانه وكانت مترتبة على إرادة المتعاقدين ما لم يوجد نص يقضي بغير هذا أو كان القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام أو الآداب.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها ولكن يقابلها المادة 3 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمادة ٢٧ من الدستور .

المادة 3 - من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية : لا تسري أحكام القوانين والأوامر إلا على الحوادث التي تقع من تاريخ العمل بمقتضاها ولا يكون لها تأثير في الوقائع السابقة عليها ما لم يكن منبهاً عن ذلك بنص صريح فيها .

المادة ٢٧ من الدستور : لا تجري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبله مالم ينص على خلاف ذلك بنص خاص .

القضاء المصري :

استئناف أهلي ١٩ مايو ۱۸۹۲ الحقوق ٧ ص ١٠٥  ، و ١٠ مايو ١٨٩٤ الحقوق 9 ص ۱۳۱ ، وطنطا ١٦ نوفمبر ۱۹۰۱ المجموعة الرسمية ٣ ص ۱۰۸ ، استئناف مختلط ۱۳ مارس ۱۸۹۰ ب ۲ ص ٢٩٤ ، ۱۸ فبراير ١٩٣٦ ب ٤٨ ص ١٤٢ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - لم يعن المشروع باستظهار القاعدة العامة المتعلقة بعدم استناد القانون لأن الدستور قد تكفل بذلك في المادة ٢٧ إذ قرر الحكم الذي نصت عليه من قبل المادة 3 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية . ومن المعلوم أن اقتضاب هذا الحكم يحد من فائدته في التطبيق العملي لأن بساطته ظاهرة تقعد به عن إسعاف القاضي بالحل حيث يستمر وضع من الأوضاع تحت سلطان قانون جديد بعد أن يكون قد نشأ في ظل قانون قديم . فالتنازع بين القانونين يعرض أمره ولكن سذاجة الصيغة التقليدية التي تقضي بعدم استناد القانون دون زيادة أو تفصيل تكاد تخفي هذا التنازع وتستر حقيقته . والواقع أن المسألة ليست مسألة عدم استناد ولكنها مسألة تعاقب قانونين للقديم ولاية تزول بزواله وقد تظل برغم ذلك تلاحق بعض الأوضاع في ظل التشريع اللاحق وللجديد ولاية تتناول كل ما يجد في المستقبل بغير خلاف وقد تتناول ما تم من الأوضاع قبل صدوره أحياناً وفي هذا الوضع يعرض أمر التنازع واضحاً .

2 - ولذلك ساير المشروع الفقه الحديث وأخذ برأيه في وجود مبدأين متعادلين الأول أن القانون القديم قد يظل أحيانا رغم إلغائه ساريا في شأن أوضاع قدر لها أن تظل قائمة تحت سلطان القانون الجديد والثاني أن القانون الجديد قد يطبق في شأن أوضاع نشأت في كنف القانون القديم لينظمها في جملتها أو في شق منها تنظيماً جديداً . فليس من صواب الرأي النظر إلى عدم استناد القانون بوصفه أصلاً واعتبار الاستناد استثناء يرد على هذا الأصل . ولكن ثمة أوضاعاً يجب أن تظل من حيث تكوينها وآثارها خاضعة لسلطان التشريع القديم ولو أنه قد نسخ . وفي طليعة هذه الأوضاع كل ما يرجع إلى سلطان الإرادة كالأحكام المتممة التي تطبق على العقد عند سكوت المتعاقدين. وثمة أوضاع لا يحول نشوؤها في ظل تشريع قديم دون سريان التشريع الجديد فوراً في شأنها وأبرز مثل لهذه الأوضاع ما تغلب فيه مصلحة الدولة أو اعتبارات الآداب والنظام العام .

3 - ومن المبدأين اللذين تقدمت الإشارة إليهما تستخلص الضوابط التي تتحكم في مسائل تعاقب القوانين وهي ضوابط مرنة يعتد في تحديدها بالرأي وبالصلة بين إنشاء الوضع القانوني وما يترتب عليه من آثار . وبطبيعة القاعدة التشريعية التي يراد تحديد ولايتها في الزمان . وقد عمد المشروع إلى إقرار هذين المبدأين في أبرز تطبيقاتهما فقضى أولاً بأن القانون المنسوخ يظل سارياً على العلاقات والحالات القانونية التي نشأت تحت سلطانه متى كانت مترتبة على إرادة المتعاقدين . وقضى أيضاً بأن القانون الجديد هو الذي يطبق على ما تقدمه من أوضاع متى وجد فيه نص يقضي بذلك أو متى كان متعلقاً بالنظام العام أو الآداب والنص بشقيه قد وضع حلاً موفقاً للتنازع بصدد الروابط التعاقدية واحتفظ لولاية القانون التقديم بكل ما ترتب على إرادة المتعاقدين من هذه الروابط. هذا وينبغي التنويه بأن امتداد ولاية القانون المنسوخ إلى المستقبل في هذا النطاق لا يستعصي على إرادة المشرع فله أن يحد من هذا الامتداد بمقتضى نص خاص .

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 7 واقترح معالى السنهوري باشا وضعها وضعاً جديداً يجعل المعنى أكثر وضوحاً فوافقت اللجنة وأصبح نصها كما يأتي : "لا يُعمل بالنصوص التشريعية إلا من وقت صيرورتها نافذة فلا تسري على ما سبق من الوقائع إلا إذا وجد نص في التشريع الجديد يقضي بغير ذلك أو كان التشريع الجديد متعلقاً بالنظام العام أو الآداب ".

وأصبح رقمها في المشروع النهائي ٦ .

المشروع في مجلس النواب:

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم ٦ .

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشة لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة السادسة والأربعين

قررت اللجنة حذفها لورود حكمها في الدستور .

تقرير اللجنة :

حذفت اكتفاء بالأحكام الواردة في الدستور والقوانين الخاصة . وقد وافق المجلس على تقرير اللجنة بحذف هذه المادة .

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / تَنَازُعُ اَلْقَوَانِينِ مِنْ حَيْثُ اَلزَّمَانُ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


2- تطبيق القانون

تنازع القوانين من حيث الزمان (1)

نظرة عامة :

جرت التقنينات القديمة على الاكتفاء بالنص على عدم جواز سريان القانون على الماضي في عبارات يتفاوت اقتضابها وما تشفع به من استثناءات بتفاوت الأحوال (المادة 2 من التقنين الفرنسي والمادة 5 من التقنين النمساوي والمادة 2 من التقنين الإسباني) ولذلك قضت المادة 3 من الأمر العالي الصادر في 14 يونيه سنة 1883 بخصوص لائحة ترتيب المحاكم الأهلية بأن أحكام القوانين والأوامر لا تسري إلا على الحوادث التي تقع من تاريخ العمل بمقتضاها ولا يكون لها تأثير على الوقائع السابقة عليها ما لم يكن منبها عن ذلك بنص صريح فيها " . ولم يجاوز الدستور المصري هذا المعنى في المادة 27 فقد ردد عبارة النص المتقدم ذكره مع تعديل لفظي طفيف ، وكانت المادة 2 التي ألغيت من القانون المدني المختلط تقتصر على تقرير قاعدة عدم استناد القانون وتستدرك فيما يتعلق بقوانين المرافعات والاختصاص القضائي فتنص على أنها تنطبق على المنازعات الخاصة بالتزامات نشأت قبل العمل بهذه القوانين .

على أن اتساع نطاق النشاط التشريعي في العصر الحديث افضى إلى زيادة كبيرة في أحوال تعاقب القوانين في الزمان وكان من اثر هذه الزيادة أن توفر الفقه على دراسة مسألة عدم استناد القانون دراسة تتكافأ مع أهميتها العملية ، ثم تأثر التشريع بدوره فلم تعد التقنينات الحديثة تقنع بمجرد التنويه بعدم استناد القوانين ، وإنما هي تعمد إلى تنظيم اشمل يتناول كيفية الانتقال من ولاية القانون القديم إلى ولاية القانون الجديد ، ومن هذا القبيل التقنين الألماني ( المواد من 153 إلى 218 من قانون الإصدار ) ، والتقنين السويسري في بابه الختامي والقانون الصادر في أول يونيه سنة 1925 في شأن إدخال التشريع المدني الفرنسي في الألزاس واللورين ، وتكاد القواعد التي نبتت في ظل حركة الفقه والتشريع تستقل بكيان ذاتي وتعتبر شعبة خاصة من شعب القانون .

وتمشياً مع هذه الحركة رؤي أن يتضمن المشروع في بابه التمهيدي تنظيماً مفصلاً لما يعرض من مسائل تنازع القوانين في الزمان ، فافرد نصاً للقاعدة العامة (م 7) وصاغها صياغة نبذ فيها فكرة اعتبار استناد القانون استثناء من قاعدة عانة وجاري اتجاهات الفقه الحديث ثم عقب على ذلك بأهم التطبيقات العملية فعرض للأهلية (م 8) والوصاية والقوامة (م 9) والالتزامات غير التعاقدية (م 10) وللتقادم (م 11 و12) وقوانين الإجراءات (م 13 و16) وأهلية التقاضي (م 14) والتنظيم القضائي واختصاص المحاكم (م 15) والإثبات (م 17 ، 18 ، 19) والأحكام وآثارها ، وبذلك تدارك المشروع نقصاً لم يكن يتيسر لاجتهاد القضاء أن يتداركه على نحو يكفل استقرار الحقوق والمعاملات .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 212 .

الطعن 1118 لسنة 7 ق جلسة 27 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 31 ص 277

جلسة 27 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(31)

القضية رقم 1118 لسنة 7 القضائية

(أ) حكم - بطلان 

- اشتراك أحد المستشارين في إصدار حكم دون أن يسمع المرافعة - مبطل للحكم.
(ب) قانون - عدم دستورية 

- القانون رقم 84 لسنة 1959 بإلغاء قسم قضايا الأوقاف وإحلال إدارة قضايا الحكومة في اختصاصاته - نص المادة 4 منه الذي منع الطعن في القرارات الصادرة بالتطبيق له أمام أية جهة قضائية لا مصادرة فيه لحق التقاضي - وجوب التفرقة بين مصادرة حق التقاضي وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء الإداري بالتوسيع أو التضييق.
(جـ) قانون 

- إغفال عرض صياغته على مجلس الدولة - لا بطلان.
(د) طعن 

- انغلاق باب الطعن بالإلغاء لا يرد إلا على قرارات إدارية بذاتها - النص في قانون باستثناء طائفة من القرارات من رقابة قضاء الإلغاء يجب تأويله بصورة مضيقة - وجوب التقرير بعودة الرقابة القضائية على القرارات الأخرى غير تلك التي أحاطها الشارع بالتحصين.
(هـ) قسم قضايا الأوقاف - إلغاؤه 

- القانون رقم 84 لسنة 1959 ترك للإدارة حرية اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم في إدارة قضايا الحكومة دون تعقيب عليها من القضاء - تنظيمه أوضاع تعيين من لم يقع عليهم الاختيار للتعيين في إدارة قضايا الحكومة بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية - مخالفة هذه الأوضاع تجيز الطعن دون التقيد بالحظر الوارد في هذا القانون على حق التقاضي - أساس ذلك.
(و) مجلس الدولة - وظيفة نائب 

- معادلة للدرجة الثانية في الكادر العام الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 - أنسب معيار للتعادل بين الدرجتين هو متوسط الربط, وليس الحد الأعلى لمربوط هذه الوظيفة - أساس ذلك.

---------------
1 - إذا اشترك أحد المستشارين في إصدار الحكم وهو لم يسمع المرافعة في الدعوى فمن ثم فإنه طبقاً للمبادئ العامة للإجراءات القضائية يقع الحكم باطلاً ويتعين لذلك القضاء ببطلانه.
2 - لا وجه للنعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 التي نصت على أن تكون القرارات الصادرة وفقاً لأحكام المادة الثالثة منه نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، بدعوى أن هذا النص فيه مصادرة لحق التقاضي ذلك أنه تجب التفرقة بين المصادرة المطلقة لحق التقاضي وبين تحديد اختصاص القضاء الإداري والحد منه، وإذا كان لا يجوز من الناحية الدستورية حرمان الناس كافة من الالتجاء إلى القضاء لأن في ذلك مصادرة لحق التقاضي وهو حق كفله الدستور اعتباراً بأن هذه المصادرة هي بمثابة تعطيل لوظيفة السلطة القضائية وهي سلطة أنشأها الدستور لتؤدي وظيفتها في توزيع العدالة مستقلة عن السلطات الأخرى، لئن كان ذلك هو ما تقدم إلا أنه لا يجوز الخلط بين هذا الأمر وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء بالتوسيع أو التضييق، فكل ما يخرجه القانون من اختصاص القضاء الإداري يصبح هذا القضاء معزولاً عن نظره ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون آنف الذكر فيما تضمنته من تضييق لاختصاص القضاء الإداري بمنعه من نظر المنازعات المشار إليها في غير محله متعين الرفض.
3 - إن إغفال عرض القانون على مجلس الدولة لا يترتب عليه بطلانه.
4 - من المقرر أن القضاء الإداري ليس ممنوعاً بحكم النصوص المغلقة لباب الطعن بالإلغاء إلا من النظر في قرارات إدارية بذاتها عينت فيها بطريق النص عليها وخصت بالذكر على سبيل الحصر والتعيين، ذلك أن الأصل طبقاً لمبدأ المشروعية هو تسليط رقابة الإلغاء على القرارات الإدارية كافة، دعماً للضمانة الأصلية التي يحققها قضاء الإلغاء لمن تحيفت بهم تلكم القرارات، فإذا ورد في قانون نص يقضي باستثناء طائفة من القرارات من رقابة الإلغاء والتعويض، لحكمة ابتغى الشارع إصابتها وغاية مشروعة قصد حمايتها، وجب تأويل هذا النص بصورة مضيقة مع الاحتراس من توسيع مدى شموله حرصاً على عدم إهدار هذه الضمانة التي يوفرها قضاء الإلغاء وتوقياً لمحذور أتى به هذا النص من قبل أنه أوصد باب الطعن بالإلغاء والمطالبة بالتعويض معاً وإذاً فكلما وجدت قرارات أخرى غير التي أحاطها الشارع صراحة بالتحصين المشار إليه وجب التقرير بعودة الرقابة القضائية بالنسبة إليها.
5 - تبين من الاطلاع على القانون رقم 84 لسنة 1959 أنه قد نص في المادة الثالثة منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 58 لسنة 1959، يجوز خلال أسبوع من تاريخ العمل بهذا القانون تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا وزارة الأوقاف في الوظائف المماثلة لوظائفهم بإدارة قضايا الحكومة متى توافر فيهم الشرط المبين في البند (2) من المادة 55 من القانون رقم 55 لسنة 1959، ويكون التعيين بقرار من رئيس الجمهورية أو وزير العدل حسب الأحوال وتحدد في القرار أقدمية المعينين بالنسبة إلى أعضاء إدارة قضايا الحكومة - أما الذين لا يعينون في إدارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، ثم نص القانون المذكور في المادة الرابعة منه على أن (تكون القرارات الصادرة بالتعيين وتحديد الأقدمية وفقاً لأحكام المادة السابقة نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية).. ومفاد هذين النصين ومدلولهما أن المشرع بعد أن ألغى قسم قضايا الأوقاف قد ترك للإدارة الحرية في اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم في إدارة قضايا الحكومة التي حلت محله وفي هذا المجال تترخص الإدارة بمقتضى السلطة المخولة لها في القانون في اختيار من تعينهم في الإدارة المذكورة دون ما معقب عليها في هذا الاختيار، وإذا هي أعملت هذه الرخصة فإن القرار الصادر منها في هذا الشأن وبمقتضى الحصانة التي أضفاها عليها القانون يكون بمنجاة من الطعن سواء من جانب أعضاء إدارة قضايا الحكومة أو من جانب أعضاء قسم قضايا الأوقاف الذين لم يقع عليهم الاختيار للتعيين في تلك الإدارة، على أن القانون وإن حرم أعضاء قسم قضايا وزارة الأوقاف من الطعن في القرار الصادر بتعيين زملائهم بإدارة قضايا الحكومة فيما تضمن من عدم تعيينهم مثلهم، فإنه قد نظم أوضاعهم ولم يترك للإدارة مجالاً تترخص فيه حيالهم بل فرض عليها مقدماً الوضع الذي يتعين تسوية حالتهم على مقتضاه وذلك بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، فوجب بالتالي على الإدارة نزولاً على مقتضى حكم القانون المشار إليه أن تعينهم على الوجه وبالحدود التي رسمها وأوجبها فإن هي خالفت حكم القانون بأن عينتهم في درجة ليست فنية أو إدارية أو عينتهم في درجة فنية أو إدارية، ولكنها تقل عن درجاتهم الأصلية كان لصاحب الشأن أن يطعن بالإلغاء في القرار الصادر من هذا الشأن، وبذلك يتوصل إلى حقه الذي قرره له القانون، ولا يجوز أن ينعى على هذا الطعن بأنه داخل في حكم الحظر المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون آنف الذكر ذلك أن العضو الذي لم يقع عليه اختيار الإدارة للتعيين في إدارة قضايا الحكومة ثم يعين في وظيفة فنية أو إدارية إنما يتعلق حقه بالتعيين في وظيفة فنية أو إدارية لا ينبغي أن تقل من حيث الدرجة عن درجته القضائية السابقة وذلك حرصاً من الشارع على رعاية حقوقه المكتسبة، وإذا كان ذلك فإنه لا يعقل أن يفسر ذلك الحظر الوارد في القانون بما من شأنه أن يعطل نصاً آخر وارد في ذات القانون بل الأولى هو إعمال جميع نصوصه في ضوء الحكمة التي تغياها، وخلاصة ذلك كله أن الأمر هنا وكما سلف البيان متعلق بنص استثنائي هو قيد على مبدأ الرقابة القضائية ويتعين من أجل ذلك تفسير هذا النص تفسيراً ضيقاً يخرج من حكمه الطعن مثار المنازعة الحالية، وتأسيساً على ما تقدم يكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم جواز نظر الدعوى في غير محله، متعيناً رفضه.
6 - إن وظيفة نائب بفئتيها الأولى والثانية كانت تعادل درجتها في كادر سنة 1939 الدرجة الثانية كما يتبين من الاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949 معدلاً بالمرسوم بقانون رقم 187 لسنة 1952 أن وظيفة (نائب) كانت من فئتين أيضاً، نائب من الدرجة الثانية (780/ 840) بعلاوة مقدارها 60 جنيه كل سنتين ونائب من الدرجة الأولى (840/ 960) بذات العلاوة، أي أنها كانت بفئتيها تعادل في الكادر العام الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الدرجة الثانية ومربوطها (780/ 960) بعلاوة 60 جنيه كل سنتين واعتباراً من 29 مارس سنة 1955 استبدل بأحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 آنف الذكر القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وقد أدمج هذا القانون فئتي الوظيفة المذكورة وجعلها فئة واحدة بدايتها 780 جنيه أي ذات البداية السابقة ونهايتها 1080 ج بعلاوة مقدارها 72 جنيه كل سنتين أي أنه احتفظ لهذه الوظيفة بعد إذ أدمج فئتيها بذات البداية ورفع النهاية إلى 1080 جنيه بدلاً من 960 جنيه وفي 21 من فبراير 1959 صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، وبالاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق به يتبين أنه قد أدمج وظيفة المندوب الأولى والتي كانت تعادل في بدايتها ونهايتها الدرجة الثالثة 540/ 780 في قانون موظفي الدولة - في وظيفة النائب وقرر لها الدرجة 540/ 1080 بعلاوة 60 جنيه كل سنتين لفترتين ثم بعلاوة 72 جنيه كل سنتين، وبذلك أصبحت بداية الدرجة هي بداية الدرجة الثالثة في الكادر العام وظلت نهايتها على حالها التي كانت عليها في القانون السابق. ومن حيث إنه يتضح مما تقدم في بيان المراحل التي مرت بها الدرجة المالية لوظيفة النائب أن الدرجة المعادلة لدرجتها كانت في كادر سنة 1939 وفي القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هي الدرجة الثانية وعندما تغير وضع هذه الوظيفة بحيث أصبحت من فئة واحدة بدلاً من فئتين وأدمجت فيها وظيفة المندوب الأول اختلت هذه المعادلة، إذ هبطت بدايتها إلى 540 جنيه وهي بداية مربوط الدرجة الثالثة بينما ظلت نهايتها مجاوزة لنهاية مربوط الدرجة الثانية وإن كانت لا تزال دون نهاية مربوط الدرجة الأولى، ولما لم تعد درجة هذه الوظيفة تتطابق تماماً مع درجات الكادر العام لا من حيث البداية ولا من حيث النهاية، أصبح لا مناص - إذ اقتضى الحال معادلتها بالدرجة المقابلة لها في الكادر العام - من التعويل في ذلك على متوسط مربوط الدرجة إذ أنه باختلاف البداية والنهاية يكون هذا المعيار هو المعيار السليم لإجراء التعادل المالي إذ أنه فضلاً عن أنه يلائم في التقدير بين حدي الدرجة المالية فإنه المعيار الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها وإذا كان متوسط مربوط الدرجة المقررة لوظيفة النائب وقت صدور القرار المطعون فيه هو 810 جنيه وكان متوسط مربوط الدرجات الثالثة والثانية والأولى المتداخلة فيها في الكادر العام هو على التوالي 660 جنيه، 870 جنيه، 1050 جنيه، فقد وضح أن المعادلة بين درجة "نائب" في الكادر الخاص وبين الدرجة الثانية في الكادر العام هي معادلة سليمة لا شائبة فيها.
ومن حيث إنه ليس مقبولاً، بعد أن أسلكت درجات مالية ثلاث في درجة النائب (540/ 1080) أن يعتد بالحد الأعلى لمربوط هذه الدرجة معياراً تجري على أساسه المعادلة بينها وبين درجات الكادر العام، لأن التزام هذا المعيار يفضي إلى نتائج لا يمكن تقبلها، فالمرقى حديثاً إلى وظيفة "نائب" وقد كان إلى عهد قريب في وظيفة "مندوب" لا يجاوز ربطها المالي حدود الدرجة الرابعة (360/ 540) لا تقبل منه المطالبة بالدرجة الأولى لو صار تعيينه بعد ذلك خارج قسم القضايا طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف إلى إدارة قضايا الحكومة، ولو جاز على الفرض الجدلي تعيين مثل هذا النائب في الدرجة الأولى رغم أن نهاية هذه الدرجة أعلى من نهاية مربوط وظيفته الفنية السابقة بقسم القضايا لكان في هذا التعيين طفرة صارخة لا يسيغها العدل، ويأباها الحرص على تحقيق التعادل بين الدرجتين. ولا ريب أن الأخذ بمعيار متوسط الدرجة هو أقرب إلى الحق وأبعد عن الشطط، إذ به ينضبط مفهوم التعادل المنشود وليس فيه حيف على وضع سابق، ولا اعتداء على حق مكسوب، سيما وهو ينطوي في الغالب على مزايا يستفيد منها النائب المعين خارج قسم القضايا، ومتى انتفى المساس بالوضع الوظيفي السابق، فإنه لا وجه لمجاراة المدعي في طلب المزيد من المزايا التي يختل بها التعادل ولا تقرها روح المادة الثالثة من القانون آنف الذكر، وعلى ذلك لا يتعلق حق المدعي بغير الدرجة الثانية، وهي الدرجة التي عينته الوزارة فيها بأول مربوطها الذي لم يكن قد بلغه راتبه في وظيفة نائب واعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24 من إبريل سنة 1961 أودع الأستاذ محمود عيسى عبده المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ محمد إبراهيم علي صالح سكرتارية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 23/ 2/ 1961 في الدعوى رقم 635 لسنة 14 القضائية القاضي بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية وإلزام المدعي المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة في عريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبطلان الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واستحقاق الطاعن للدرجة الأولى بأول مربوطها من تاريخ العمل بالقرار المذكور مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة, وبعد استيفاء الإجراءات المقررة قانوناً وإحالة الطعن إلى هذه المحكمة, ونظره على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه بصحيفة أودعت سكرتارية المحكمة في 30 من يناير سنة 1961 وذكر فيها أنه كان يشغل وظيفة نائب بقسم قضايا وزارة الأوقاف، وقد صدر القانون رقم 84 لسنة 1959 الذي ألغى قسم قضايا الأوقاف وأحل محله إدارة قضايا الحكومة في اختصاصاته المبينة في القوانين واللوائح وأجاز القانون المذكور تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا الأوقاف في الوظائف المماثلة لوظائفهم بإدارة قضايا الحكومة، أما الذين لا يعينون بإدارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية ولم يكن من حظ الطالب أن يعين في إدارة قضايا الحكومة بدرجة نائب، فلزم من ثم تعيينه في وظيفة فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجة النائب، وهي الدرجة الأولى غير أنه قد صدر في 12/ 8/ 1959 القرار رقم 1575 بتعيينه في الدرجة الثانية الفنية وهي دون نهاية درجة النائب فتظلم الطالب إلى السيد/ وزير الأوقاف من هذا القرار ولما لم يجد تظلمه نفعاً أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري طالباً إلغاء هذا القرار والحكم باستحقاقه للدرجة الأولى وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقد دفعت الوزارة بعدم جواز نظر الدعوى وفي الموضوع طلبت رفضها تأسيساً على أن الدرجة الثانية هي الدرجة المعادلة لدرجة نائب وبجلسة 23/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لعدم قابلية القرار المطعون فيه لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية وألزمت المدعي المصروفات. وقد أقامت محكمة القضاء الإداري قضاءها على ما حصلته من مفهوم نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 المنطبق على واقعة الدعوى، فذكرت أن هذه المادة إذ نصت على أن تكون القرارات الصادرة وفقاً لأحكام هذا القانون نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، فإنه يمتنع على المحكمة نظر الطعون في القرارات الصادرة وفقاً لأحكامه سواء أكانت هذه القرارات صحيحة أم مخالفة للقانون ذلك أن المشرع حسماً للمنازعات ومنعاً من فتح الباب أمام طعون مختلفة قد يطول أمد التقاضي بشأنها قد أضفى على تلك القرارات حماية قانونية تمنع القضاء الإداري من تسليط رقابته عليها وعلى أساس هذا الفهم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على ثلاثة أوجه، الوجه الأول هو بطلان الحكم لمخالفته حكم المادة 339 مرافعات والتي تنص على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً، وذلك لأن السيد/ المستشار مصطفى درويش لم يسمع المرافعة في الدعوى ومع ذلك اشترك في إصدار الحكم، أما الوجه الثاني للطعن فمبناه عدم دستورية القانون رقم 84 لسنة 1959 وبطلانه شكلاً بمقولة إن هذا القانون بإيراده نصاً على عدم قابلية القرارات التي تصدر طبقاً لأحكامه لأي طعن قضائي يكون غير دستوري لما في ذلك من مصادرة لحق التقاضي، هذا بالإضافة إلى أن القانون لم يعرض على مجلس الدولة لصياغته وهذا عيب يجعل التشريع باطلاً من الناحية الشكلية وأما الوجه الثالث من أوجه الطعن فقوامه مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون. إذ لم يراع أن للحصانة التي قررها التشريع شرطاً ورد بصريح النص وهو موافقة القرارات المنصوص على تحصينها للقاعدة الواردة في المادة الثالثة ومقتضاها أن تكون الدرجة التي عين عليها الموظف لا تقل عن الدرجة التي كان مقيداً عليها في كادر القضاء، فإذا قام نزاع حول معادلة هذه الدرجة لتلك، فإن قرار التعيين لا يكون حصيناً من الرقابة القضائية.
ومن حيث إنه يتبين من الاطلاع على محاضر جلسات الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أنها نظرت بجلسة 5 من يناير سنة 1961 بمعرفة الهيئة المشكلة برئاسة السيد المستشار محمد مكاوي الشيخ وعضوية السيدين المستشارين حسن حسني وخليل شنياره، وبالجلسة المذكورة قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 9 من فبراير سنة 1964، وبهذه الجلسة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 23/ 2/ 1964 حيث صدر الحكم بالجلسة الأخيرة، وقد تبين للمحكمة من الاطلاع على المسودة وعلى النسخة الأصلية للحكم أن السيد/ المستشار مصطفى درويش كان عضواً في الهيئة التي أصدرت الحكم.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن السيد المستشار مصطفى درويش اشترك في إصدار الحكم وهو لم يسمع المرافعة في الدعوى فمن ثم فإنه طبقاً للمبادئ العامة للإجراءات القضائية يقع الحكم باطلاً ويتعين لذلك القضاء ببطلانه.
ومن حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إنه لا وجه للنعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 84 لسنة 1959 التي نصت على أن تكون القرارات الصادرة وفقاً لأحكام المادة الثالثة منه نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية، بدعوى أن هذا النص فيه مصادرة لحق التقاضي ذلك أنه تجب التفرقة بين المصادرة المطلقة لحق التقاضي وبين تحديد اختصاص القضاء الإداري والحد منه، وإذا كان لا يجوز من الناحية الدستورية حرمان الناس كافة من الالتجاء إلى القضاء لأن في ذلك مصادرة لحق التقاضي وهو حق كفله الدستور اعتباراً بأن هذه المصادرة هي بمثابة تعطيل لوظيفة السلطة القضائية وهي سلطة أنشأها الدستور لتؤدي وظيفتها في توزيع العدالة مستقلة عن السلطات الأخرى، لئن كان ذلك هو ما تقدم إلا أنه لا يجوز الخلط بين هذا الأمر وبين تحديد دائرة اختصاص القضاء بالتوسع أو التضييق، فكل ما يخرجه القانون من اختصاص القضاء الإداري يصبح هذا القضاء معزولاً عن نظره ومن ثم يكون الدفع بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون آنف الذكر فيما تضمنته من تضييق لاختصاص القضاء الإداري بمنعه من نظر المنازعات المشار إليها في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه بالنسبة لما يدفع به الطاعن من بطلان القانون المذكور بمقولة إنه لم يعرض على مجلس الدولة فقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن إغفال عرض القانون على مجلس الدولة لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم فيكون هذا الدفع كذلك في غير محله مستوجب الرفض.
ومن حيث إنه من المقرر أن القضاء الإداري ليس ممنوعاً بحكم النصوص المغلقة لباب الطعن بالإلغاء إلا من النظر في قرارات إدارية بذاتها عينت فيها بطريق النص عليها وخصت بالذكر على سبيل الحصر والتعيين، ذلك أن الأصل طبقاً لمبدأ المشروعية هو تسليط رقابة الإلغاء على القرارات الإدارية كافة، دعماً للضمانة الأصلية التي يحققها قضاء الإلغاء لمن تحيفت بهم تلكم القرارات، فإذا ورد في قانون نص يقضي باستثناء طائفة من القرارات من رقابة الإلغاء والتعويض، لحكمة ابتغى الشارع إصابتها وغاية مشروعة قصد حمايتها، وجب تأويل هذا النص بصورة مضيقة مع الاحتراس من توسيع مدى شموله حرصاً على عدم إهدار هذه الضمانة التي يوفرها قضاء الإلغاء وتوقياً لمحظور أتى به هذا النص من قبل هو أنه أوصد باب الطعن بالإلغاء والمطالبة بالتعويض معاً، وإذاً فكلما وجدت قرارات أخرى غير التي أحاطها الشارع صراحة بالتحصين المشار إليه وجب التقرير بعودة الرقابة القضائية بالنسبة إليها.
ومن حيث إنه تبين من الاطلاع على القانون رقم 84 لسنة 1959 أنه قد نص في المادة الثالثة منه على أنه (استثناء من أحكام القانون رقم 58 لسنة 1959 يجوز خلال أسبوع من تاريخ العمل بهذا القانون تعيين الموظفين الفنيين بقسم قضايا وزارة الأوقاف في الوظائف المماثلة لوظائفهم بإدارة قضايا الحكومة متى توافر فيهم الشرط المبين في البند (2) من المادة 55 من القانون رقم 55 لسنة 1959، ويكون التعيين بقرار من رئيس الجمهورية أو وزير العدل حسب الأحوال وتحدد في القرار أقدمية المعينين بالنسبة إلى أعضاء إدارة قضايا الحكومة - أما الذين لا يعينون في إدارة قضايا الحكومة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ثلاثة أشهر يعينون خلالها في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية) ثم نص القانون المذكور في المادة الرابعة منه على أن (تكون القرارات الصادرة بالتعيين وتحديد الأقدمية وفقاً لأحكام المادة السابقة نهائية وغير قابلة لأي طعن أو مطالبة أمام أية جهة قضائية) ومفاد هذين النصين ومدلولهما أن المشرع بعد إذ ألغى قسم قضايا الأوقاف قد ترك للإدارة الحرية في اختيار من ترى تعيينه من أعضاء هذا القسم في إدارة قضايا الحكومة التي حلت محله وفي هذا المجال تترخص الإدارة المذكورة دون ما معقب عليها في هذا الاختيار، وإذ هي أعملت هذه الرخصة فإن القرار الصادر منها في هذا الشأن وبمقتضى الحصانة التي أضفاها عليها القانون يكون بمنجاة من الطعن سواء من جانب أعضاء إدارة قضايا الحكومة أو من جانب أعضاء قسم قضايا الأوقاف الذين لم يقع عليهم الاختيار للتعيين في تلك الإدارة، على أن القانون وإن حرم أعضاء قسم قضايا وزارة الأوقاف من الطعن في القرار الصادر بتعيين زملائهم بإدارة قضايا الحكومة فيما تضمنه من عدم تعيينهم مثلهم، فإنه قد نظم أوضاعهم ولم يترك للإدارة مجالاً تترخص فيه حيالهم بل فرض عليها مقدماً الوضع الذي يتعين تسوية حالتهم على مقتضاه وذلك بأن أوجب تعيينهم خلال ثلاثة أشهر في وظائف فنية أو إدارية لا تقل من حيث الدرجة عن درجاتهم الحالية، فوجب بالتالي على الإدارة نزولاً على مقتضى حكم القانون المشار إليه أن تعينهم على الوجه وبالحدود التي رسمها وأوجبها فإن هي خالفت حكم القانون بأن عينتهم في درجة ليست فنية أو إدارية أو عينتهم في درجة فنية أو إدارية، ولكنها تقل عن درجاتهم الأصلية كان لصاحب الشأن أن يطعن بالإلغاء في القرار الصادر في هذا الشأن، وبذلك يتوصل إلى حقه الذي قرره له القانون، ولا يجوز أن ينعى على هذا الطعن بأنه داخل في حكم الحظر المنصوص عليه في المادة الرابعة من القانون آنف الذكر ذلك أن العضو الذي لم يقع عليه اختيار الإدارة للتعيين في إدارة قضايا الحكومة ثم يعين في وظيفة فنية أو إدارية إنما يتعلق حقه بالتعيين في وظيفة فنية أو إدارية لا ينبغي أن تقل من حيث الدرجة عن درجته القضائية السابقة وذلك حرصاً من الشارع على رعاية حقوقه المكتسبة، وإذا كان ذلك فإنه لا يقل أن يفسر ذلك الحظر الوارد في القانون بما من شأنه أن يعطل نصاً آخر وارداً في ذات القانون بل الأولى هو إعمال جميع نصوصه في ضوء الحكمة التي تغياها. وخلاصة ذلك كله أن الأمر هنا وكما سلف البيان متعلق بنص استثنائي هو قيد على مبدأ الرقابة القضائية ويتعين من أجل ذلك تفسير هذا النص تفسيراً ضيقاً يخرج من حكمه الطعن مثار المنازعة الحالية، وتأسيساً على ما تقدم يكون الدفع المبدى من الحكومة بعدم جواز نظر الدعوى في غير محله، متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم بيانه في معرض سرد الوقائع أن المسألة مثار النزاع في هذه الدعوى هي تحديد الدرجة المالية التي لا تقل عن درجة النائب في الكادر العام.
ومن حيث إنه تبين للمحكمة أن وظيفة (نائب) بفئتيها الأولى والثانية كانت تعادل درجتها في كادر سنة 1939 الدرجة الثانية كما يتبين من الاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق بقانون مجلس الدولة رقم 9 لسنة 1949 معدلاً بالمرسوم بقانون رقم 187 لسنة 1952 أن وظيفته (نائب) كانت من فئتين أيضاً، نائب من الدرجة الثانية (780 - 840) بعلاوة مقدارها 60 جنيه كل سنتين ونائب من الدرجة الأولى (840 - 960) بذات العلاوة، أي أنها كانت بفئتيها تعادل في الكادر العام الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الدرجة الثانية ومربوطها (780/ 960) بعلاوة 60 جنيه كل سنتين واعتباراً من 29 مارس سنة 1955 استبدل بأحكام القانون رقم 9 لسنة 1949 آنف الذكر القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وقد أدمج هذا القانون فئتي الوظيفة المذكورة وجعلها فئة واحدة بدايتها 780 جنيه أي ذات البداية السابقة ونهايتها 1080 جنيه بعلاوة مقدارها 72 جنيه كل سنتين أي أنه احتفظ لهذه الوظيفة بعد إذ أدمج فئتيها بذات البداية ورفع النهاية إلى 1080 جنيه بدلاً من 960 جنيه وفي 21 من فبراير سنة 1959 صدر القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، وبالاطلاع على جدول الوظائف والمرتبات الملحق به تبين أنه قد أدمج وظيفة المندوب الأول والتي كانت تعادل في بدايتها ونهايتها الدرجة الثالثة 540/ 780 في قانون موظفي الدولة - في وظيفة النائب وقدر لها الدرجة 540/ 1080 بعلاوة 60 جنيه كل سنتين لفترتين ثم بعلاوة 72 جنيه كل سنتين، وبذلك أصبحت بداية هذه الدرجة هي بداية الدرجة الثالثة في الكادر العام وظلت نهايتها على حالها التي كانت عليها في القانون السابق.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم في بيان المراحل التي مرت بها الدرجة المالية لوظيفة النائب أن الدرجة المعادلة لدرجتها كانت في كادر سنة 1939 وفي القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة هي الدرجة الثانية وعندما تغير وضع هذه الوظيفة بحيث أصبحت من فئة واحدة بدلاً من فئتين وأدمجت فيها وظيفة المندوب الأول اختلت هذه المعادلة، إذ هبطت بدايتها إلى 540 جنيه وهي بداية مربوط الدرجة الثالثة بينما ظلت نهايتها مجاوزة لنهاية مربوط الدرجة الثانية وإن كانت لا تزال دون نهاية مربوط الدرجة الأولى، ولما لم تعد درجة هذه الوظيفة تتطابق تماماً مع درجات الكادر العام لا من حيث البداية ولا من حيث النهاية، أصبح لا مناص - إذ اقتضى الحال معادلتها بالدرجة المقابلة لها في الكادر العام - من التعويل في ذلك على متوسط مربوط الدرجة إذ أنه باختلاف البداية والنهاية يكون هذا المعيار هو المعيار السليم لإجراء التعادل المالي، إذ أنه فضلاً عن أنه يلائم في التقدير بين حدي الدرجة المالية فإنه المعيار الذي تأخذ به التشريعات المالية والميزانيات في تقدير وتسويات مرتبات الموظفين ومعاشاتهم باعتباره المعيار المالي الدقيق لتقييم الدرجة وانضباطها وإذا كان متوسط مربوط الدرجة المقررة لوظيفة النائب وقت صدور القرار المطعون فيه هو 810 جنيه وكان متوسط مربوط الدرجات الثالثة والثانية والأولى المتداخلة فيها في الكادر العام هو على التوالي 660 جنيه، 870 جنيه، 1050 جنيه، فقد وضح أن المعادلة بين درجة نائب في الكادر الخاص وبين الدرجة الثانية في الكادر العام هي معادلة سليمة لا شائبة فيها.
ومن حيث إنه ليس مقبولاً، بعد أن أسلكت درجات مالية ثلاث في درجة النائب (540/ 1080) أن يعتد بالحد الأعلى لمربوط هذه الدرجة معياراً تجرى على أساسه المعادلة بينها وبين درجات الكادر العام، لأن التزام هذا المعيار يفضي إلى نتائج لا يمكن تقبلها فالمرقى حديثاً إلى وظيفة (نائب) وقد كان إلى عهد قريب في وظيفة (مندوب) لا يجاوز ربطها المالي حدود الدرجة الرابعة (360/ 540) لا تقبل منه المطالبة بالدرجة الأولى لو صار تعيينه بعد ذلك خارج قسم القضايا طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 84 لسنة 1959 بضم قسم قضايا وزارة الأوقاف إلى إدارة قضايا الحكومة، ولو جاز على الفرض الجدلي تعيين مثل هذا النائب في الدرجة الأولى رغم أن نهاية هذه الدرجة أعلى من نهاية مربوط وظيفته الفنية السابقة بقسم القضايا لكان في هذا التعيين طفرة صارخة لا يسيغها العدل، ويأباها الحرص على تحقيق التعادل بين الدرجتين. ولا ريب أن الأخذ بمعيار متوسط الدرجة هو أقرب إلى الحق وأبعد عن الشطط، إذ به ينضبط مفهوم التعادل المنشود وليس فيه حيف على وضع سابق، ولا اعتداء على حق مكسوب سيما وهو ينطوي في الغالب على مزايا يستفيد منها النائب المعين خارج قسم القضايا، ومتى انتفى المساس بالوضع الوظيفي السابق، فإنه لا وجه لمجاراة المدعي في طلب المزيد من المزايا التي يختل بها التعادل ولا تقرها روح المادة الثالثة من القانون آنف الذكر، وعلى ذلك لا يتعلق حق المدعي بغير الدرجة الثانية، وهي الدرجة التي عينته الوزارة فيها بأول مربوطها الذي لم يكن قد بلغه راتبه في وظيفة نائب واعتباراً من تاريخ نفاذ القرار المطعون فيه.
ومن ثم فإن الوزارة على مقتضى ما تقدم تكون قد طبقت القانون في حق المدعي تطبيقاً سليماً، ويكون طلبه إلغاء القرار المطعون فيه على أساس لم يزعمه من استحقاقه الدرجة الأولى من تاريخ نفاذ تعيينه في الدرجة الثانية بالقرار المذكور غير قائم والحالة هذه على أساس من القانون ويتعين لذلك رفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبطلان الحكم المطعون فيه وبجواز نظر الدعوى وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي بجميع المصروفات.

الطعن 8224 لسنة 58 ق جلسة 20 / 2 / 1989 مكتب فني 40 ق 44 ص 280

جلسة 20 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة ومجدي الجندي وحامد عبد الله.

---------------

(44)
الطعن رقم 8224 لسنة 58 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمام المحكمة. موضوعي.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تقيد المحكمة بالأدلة المباشرة دون غيرها. حقها في استخلاص الحقائق القانونية مما قدم إليها من أدلة ولو غير مباشرة. ما دام ذلك متفقاً مع العقل والمنطق.
(3) قتل عمد. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. استظهاره. موضوعي.
(4) سبق إصرار. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع. يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها.
(5) قتل عمد. اقتران. ظروف مشددة. عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". طعن "المصلحة في الطعن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بعدم توافر ظرفي الاقتران والارتباط. لا جدوى منه. ما دامت العقوبة التي نص عليها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار محل الاتهام مجردة عن الظرفين المشار إليهما.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في الإعراض عن سماع ما يبديه المتهم إذا كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداًً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
3 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في حق الطاعن بأمور منها "إعداده للسلاح الأبيض المضبوط والتوجه به إلى المجني عليها واستدراجها إلى مكان الحادث" وكان ما حصله الحكم له مأخذه من شهادة الضباط التي لا نعي بصددها بمخالفة الثابت بالأوراق فإن ما استظهره الحكم للاستدلال على هذا الظرف من وقائع وأمارات كشف عنها هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل.
5 - لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي الأشغال الشاقة المؤبدة تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرفي الاقتران والارتباط فإن الطاعن لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الظرفين.
6 - من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك جسم صلب راض (صنجة ميزان) واستدرجها إلى مكان مسكون وما أن ظفر بها حتى عاجلها بالضرب بالأداة سالفة الذكر على رأسها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق الحلي الذهبية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر كما وضع عمداً النار في محل مسكون هو الوكالة الخاصة بالمدعو...... الأمر المنطبق عليه المادتين 252/ 1، 314 من قانون العقوبات كما ارتبطت هذه الجناية بجنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "خنجراً ذو حدين". وأحالته إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى ورثة المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل أولاً: بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة السلاح المضبوط. ثانياً: ألزمت المتهم بأن يؤدي للمدعين بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية الحريق العمد والمرتبط بجنحتي سرقة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وانطوى على فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ذلك أن الصورة التي خلص إليها الحكم غير معقولة لأن مكان الجريمة مغلق وفي حراسة دائمة فضلاً عن أن الأوراق قد خلت من شاهد على رؤية الطاعن مع المجني عليها يوم الحادث أو اصطحابه إياها إلى مكانه الذي خلا من آثار دماء للمجني عليها كما خلت ملابس الطاعن منها ولم يشهد أحد بوجود أية مظاهر خارجية بالطاعن تنبئ عن ارتكابه الحادث. ولم يعرض الحكم لما أثاره الطاعن من أن مرتكب الجريمة شخص آخر هو الذي أعطاه المضبوطات لإخفائها كما أن ما أورده في الرد على الدفع بالإكراه وفي استظهار نية القتل وتوافر الظروف المشددة لجريمة القتل مع سبق إصرار واقتران وارتباط لا يكفي لإثبات ذلك - وحصل الحكم بما لا سند له في الأوراق بما يناقض التقرير الفني وجود علاقة عاطفية بين الطاعن والمجني عليها رغم ما أثبته التقرير من أنها بكر، وحاجة الطاعن إلى المال باعتباره الباعث على الجريمة، ولم يستجب إلى طلب الدفاع ضم إشارة الحادث التي تفيد أن مرتكب الجريمة شخص آخر ودعوة الطبيب الشرعي لمناقشته فيما جاء بتقريره من تناقض بصدد ما أورده عن مضي أقل من نصف يوم على الحادث عند التشريح وما انتهى إليه من أن الجثة كانت في حالة تيبس رمى كامل وهو ما لا يتحقق قبل مضي اثنتي عشرة ساعة على الوفاة، كما لم تستجب المحكمة إلى طلب التحقق من كون المصوغات ذهبية من عدمه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه صباح يوم الحادث تقابل المتهم..... مع المجني عليها..... لوجود علاقة عاطفية سابقة بينهما أمام مزلقان السكك الحديدية بمدينة كفر الشيخ وطلب منها الحضور إلى محل ومخزن الفاكهة الخاص بـ....... وسبقها هو إليه حيث لحقت به على الفور فأدخلها المخزن حيث لا يوجد أحد به ولضيق حالته المادية كان قد عقد العزم على قتلها وأعد لذلك سلاحاً أبيض خنجر وذلك لسرقة المصوغات الذهبية التي معها فعاجلها على الفور بالضرب بصنجة حديد على رأسها أفقدتها الوعي وقام بعد ذلك بطعنها بالخنجر قاصداً قتلها ثم قام بقطع معصم يدها اليمنى وأصبعها واستولى على ما بها من مصوغات وأخذ قرطها وكيس نقودها ثم قام بإشعال النار في ملابس المجني عليها لإخفاء معالم الجريمة وشخصية المجني عليها وأغلق المخزن عليها وشرع في مغادرة المحل ففوجئ بالعامل ....... يقابله على الباب الخارجي فاصطحبه إلى المقهى خشية افتضاح أمره ثم عاد الأخير إلى المحل حيث اكتشف الحادث وأبلغ صاحب المحل وتوجه المتهم إلى وكالة....... حيث أخفى المسروقات والخنجر بدورة المياه (داخل السيفون) ولما تم القبض عليه أرشد الشرطة إلى مكانها حيث تم العثور عليها وتعرفت أسرة المجني عليها على تلك المسروقات "وأورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة استمدها من أقوال ..... و...... والضابط..... و...... و...... و...... و...... وما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير قسم الحريق ومن إرشاد الطاعن لمكان إخفاء المسروقات والسلاح المستعمل في الحادث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يلزم لصحة الحكم أن يكون الدليل الذي تستند إليه المحكمة صريحاً ومباشراً في الدلالة على ما تستخلصه منه بل لها أن تركن في تكوين عقيدتها على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستقراء والاستنتاج وكافة الممكنات العقلية ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود واستخلصت منها ارتكاب الطاعن للواقعة وكان ما استخلصته في ذلك سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ولم يخطئ الحكم في تقديره فإن ما يثيره الطاعن من أن الحادث لم يقع بالصورة التي أخذت بها المحكمة وأنه ارتكب بواسطة شخص آخر يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الحكم قد حصل إنكار الطاعن وأن صاحب الوكالة هو الذي أعطاه المسروقات وطلب منه إخفائها ثم عرض لما أثاره الدفاع عن إكراه الطاعن بمناسبة إرشاده عن المسروقات ورد عليه بقوله "كما أن ادعاء بأن المتهم كان في حالة إكراه شديد فواضح من الأوراق أنه لا يوجد ما يدعو إلى استعمال الإكراه مع المتهم أثناء الإجراءات حيث لم يعترف المتهم بارتكابه للحادث ومن ثم تلتفت المحكمة عما أثاره الدفاع على النحو سالف الذكر وتطمئن إلى أقوال المتهم بخصوص إرشاده عن مكان المسروقات والسلاح المستعمل في الحادث وترى أن رواية ادعائه على صاحب الوكالة....... من الكيد بسبب طرده له من العمل وكان الحكم لم يعول على اعتراف للطاعن فإن ما رد به على الدفع بالإكراه - على السياق المتقدم - يكون كافياً ويضحى ما ينعاه الطاعن بخصوص ذلك على غير أساس.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في استعمال أداتين تؤديان إلى القتل (صنجة حديد وخنجر) وفي ضرب المجني عليها في مقتل أكثر من ضربة في رأسها بقصد إزهاق روحها، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. فإن ما أورده الحكم يكون كافياً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لظرف سبق الإصرار وكشف عن توافره في حق الطاعن بأمور منها "إعداده للسلاح الأبيض المضبوط والتوجه به إلى المجني عليها واستدراجها إلى مكان الحادث" وكان ما حصله الحكم له مأخذه من شهادة الضباط التي لا نعي بصددها بمخالفة الثابت بالأوراق فإن ما استظهره الحكم للاستدلال على هذا الظرف من وقائع وأمارات كشف عنها هو مما يسوغ به هذا الاستخلاص ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي الأشغال الشاقة المؤبدة تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار مجردة من ظرفي الاقتران والارتباط، فإن الطاعن لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذين الظرفين. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يماري في أن ما نقله الحكم من أقوال الضباط عن وجود العلاقة العاطفية بين المجني عليها والطاعن وحاجة الأخير للمال له صداه في الأوراق فإن ما ينعاه بقالة الخطأ في الإسناد يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان محضر جلسة المحاكمة خلا من طلب الطاعن ضم إشارة الحادث فإن تعييبه الحكم بعدم ضمها يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وتحقيقه إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة. وكان الحكم المطعون فيه قد رد على طلب مناقشة الطبيب الشرعي وطلب فحص المصوغات بقوله "بالنسبة للأمر الأول أن الطلب غير منتج حيث أوضح الطبيب الشرعي في تقرير الصفة التشريحية ظروف الحادث تفصيلاً وانتقاله إلى التشريح وقت الحادث وأنه مضى على الوفاة لحين التشريح نصف يوم" وبالنسبة للأمر الثاني "...... لا جدوى منه هو الآخر بعد عرض المصوغات المضبوطة على أسرة المجني عليها وتعرفهم عليها وأنها هي نفس مصوغات المجني عليها التي كانت معها". فإن المحكمة تكون قد ردت على الطلبين بما يسوغ رفضهما ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له هذا فضلاً على أنه بالنسبة للطلب الثاني فإنه والعقوبة مبررة لجريمة القتل دون الجنحة المرتبطة فإنه لا يؤثر في سلامة الحكم - بفرض حصوله - قصوره في التدليل على جنحة السرقة لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2291 لسنة 6 ق جلسة 27 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 30 ص 269

جلسة 27 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

----------------

(30)

القضية رقم 2291 لسنة 6 القضائية

(أ) مجالس بلدية وقروية 

- القواعد المنظمة لشئون موظفيها وعمالها قبل نفاذ قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 - هي القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية, والقانون رقم 66 لسنة 1955 واللوائح التنفيذية للقانون رقم 145 لسنة 1944 ومنها قرار مجلس الوزراء في 15/ 5/ 1945 بشروط توظيف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها - النص في هذا القرار على سريان القواعد المقررة لموظفي وعمال الحكومة عليهم - مقصود به الشروط والقواعد الأساسية للوظيفة, ذلك بالقدر الذي تتحمله ميزانية هذه المجالس - مثال بالنسبة لإعانة غلاء المعيشة المزيدة.
(ب) عامل - ندب - إعارة 

- ندب عامل بمجلس بلدى فاقوس للعمل بمصحة القصاصين (التابعة لوزارة الصحة) غير جائز قانوناً - أساس ذلك وأثره - امتناع استحقاقه إعانة غلاء المعيشة المزيدة ما دام هذا الاستحقاق مترتباً على الندب.

---------------
(1) إنه قبل نفاذ قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 كان مجلس بلدى فاقوس يخضع لأحكام القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية ثم لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية ولأحكام اللوائح الصادرة تنفيذاً للقانون رقم 145 لسنة 1944 التي ظل معمولاً بها وفقاً لأحكام المادة 81 من القانون رقم 66 لسنة 1955 ومن بين هذه اللوائح اللائحة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها وإذ كانت هذه اللائحة نصت في المادة الأولى فيها على أن "يتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة والتي ستقرر لموظفي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك دون إخلال بالأحكام الواردة بهذه اللائحة"، فإن هذه المادة قد قصرت تطبيق اللوائح الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على أمثالهم بالمجالس البلدية والقروية على ما يتعلق فيها بشروط التعيين ومنح العلاوات والنقل والإجازات وبدل السفر - وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المراد بذلك هو الشروط والقواعد الأساسية التي تحكم التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل وما إلى ذلك كأصول عامة مشتركة توحد الأسس التي تنظم هذه الأوضاع ولكن بالقدر الذي تستطيع ميزانية هذه المجالس أن تحتمله حتى لا تختل أو تضطرب - وقد نصت المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 على أن يعين رئيس المجلس الموظفين والمستخدمين والعمال طبقاً للاعتمادات التي وافق عليها المجلس في الميزانية المعتمدة، كما رددت هذا الحكم المادة 59 من القانون 66 لسنة 1955 ومن ثم كان تطبيق أو عدم تطبيق قواعد إعانة غلاء المعيشة المزيدة المتعلقة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على موظفي وعمال المجالس البلدية رهيناً بالقدرة المالية للمجالس المذكورة بحسب مواردها وطاقة ميزانيتها طبقاً لتقدير هذه المجالس ملاءمة أو عدم ملاءمة مواجهة تلك الإعانة بالاعتمادات اللازمة لها.
(2) إن الأحكام الواردة في المادتين 48 و51 من القانون رقم 210 لسنة 1951، بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة إلى ندب الموظفين الداخلين في الهيئة أو إعارتهم هي أحكام استثنائية واردة على خلاف الأصل الذي يقضي بقيام الموظف بعمله الأصلي في الجهة التي عين فيها، دون غيره من الأعمال في أية جهة أخرى ومن ثم فلا يسوغ تطبيقها على العمال وبخاصة وأنه لم يرد في قواعد كادرهم ما يشير إلى جواز هذا الندب أو الإعارة، وعلى ذلك فإنه إعمالاً لحكم سريان ما يجري على عمال الحكومة على عمال المجالس البلدية والقروية فيما يتعلق بشروط التعيين، ومنح العلاوات، والنقل وما إلى ذلك طبقاً للمادة 59 من القانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية، يكون ندب المدعي، بوصفه عاملاً بمجلس بلدى فاقوس، غير جائز قانوناً شأنه في ذلك شأن العامل المعين في الحكومة، ويمتنع تبعاً لذلك استحقاقه لإعانة غلاء المعيشة المزيدة ما دام هذا الاستحقاق مترتباً على الندب المشار إليه وبذلك يسقط موجب مطالبة المدعي لهذه الإعانة سواء قبل وزارة الصحة التي ندب للعمل بإحدى مستشفياتها أو تجاه المجلس البلدي الذي كان يؤدي فيه عمله الأصلي يؤكد ما تقدم أن اختصاصات مجلس بلدى فاقوس لا تتعدى إلى المناطق المعينة على سبيل الحصر في قرارات مجلس الوزراء المنظمة لاستحقاق إعانة الغلاء المزيدة. وعلى مقتضى هذا لا يتصور أن يدرج هذا المجلس في ميزانيته ما يواجه به تكاليف هذه الإعانة بالذات فالاستحقاق إذن ساقط ممتنع أياً كانت الجهة المطالبة بتأدية هذه الإعانة، وأياً كان تصوير ذلك التكليف الذي نيط بالمدعي إعارة كان أم ندباً.


إجراءات الطعن

بتاريخ 30 من يوليو سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدى فاقوس عريضة الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية في القضية رقم 438 لسنة 7 القضائية بتاريخ 30 من مايو سنة 1960 والقاضي بأحقية المدعي المطعون ضده في صرف إعانة الغلاء المزيدة من تاريخ مباشرته العمل ببلدة القصاصين على الوجه المبين بأسباب هذا الحكم وألزمت الحكومة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - وطلبت الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل وأتعاب المحاماة عن الدرجتين - وقد نظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 3/ 1963, فقررت بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا حيث نظر بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1964, وأرجأ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الدعوى قد استوفت أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من أوراقها تجمل في أن المدعي المطعون ضده أقام هذه الدعوى أمام المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية ضد وزارة الشئون البلدية ومجلس بلدى فاقوس طالباً الحكم له بأحقيته في الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 19 من سبتمبر سنة 1953 وصرف الزيادة المقررة بواقع 50% من إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من 18/ 8/ 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليها المصروفات وقال شارحاً دعواه إن مجلس الوزراء وافق في 20 من يوليو سنة 1947، 3 من أغسطس سنة 1958، 12 من إبريل سنة 1950، على منح الموظفين والمستخدمين المقيمين في منطقة القنال وجهات سيناء والبحر الأحمر والصحراء الشرقية زيادة قدرها 50% من إعانة الغلاء المقررة لهم، وبتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1953 وافق المجلس على المذكرة المقدمة إليه من وزارة المالية بناء على طلب مصلحة السكك الحديدية على اعتبار منطقة العباسية وهي تشمل البلاد الآتية: محطة محجر أبو حماد، التل الكبير، العبابده، أبو صوير، الواصفية، القصاصين، كفر الحمايدة ضمن المنطقة السابق تقرير إعانة غلاء إضافية لها، وأنه لما كانت المحكمة العليا قد أصدرت حكماً في الطعن رقم 980 لسنة 2 القضائية مقررة سريان القرار المشار إليه على موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة المقيمين بالجهات المنصوص عليها دون استثناء أو تمييز بين الوزارات والمصالح الحكومية فإنه (أي المطعون ضده) وهو يعمل بجهة القصاصين يحق له الإفادة من هذا القرار ويستحق إعانة الغلاء الإضافية اعتباراً من تاريخ مباشرته العمل ببلدة القصاصين, وانتهى إلى طلباته المبينة في صحيفة دعواه - وأجابت الجهة الإدارية مجلس بلدى فاقوس (وليس وزارة الصحة كما ورد في الحكم المطعون عليه) بمذكرة مؤرخة 6 من فبراير سنة 1960 ضمنتها أنه سبق لهذا العامل أن التمس صرف هذه الإعانة بكتابه إلى مصحة القصاصين المنتدب إليها وقد تحرر لإدارة البلديات لإبداء الرأي فردت بكتابها رقم 79 ملف 156/ 5/ 5 المؤرخ في 24 من نوفمبر سنة 1959 أنه في شأن تطبيق كتاب ديوان الموظفين الوارد مع كتاب المجلس سالف الذكر على حالة العامل إبراهيم مصطفى حنفي بأن رأي الديوان المشار إليه ينص على منح إعانة غلاء المعيشة الإضافية للذين يعملون في منطقة القنال وينتدبون بمصحة القصاصين ومن ثم فلا يسري على حالة المدعي رأي الديوان المشار إليه فقضت المحكمة الإدارية ضد وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدى فاقوس بأحقية المدعي في صرف إعانة الغلاء المزيدة من تاريخ مباشرته العمل ببلدية القصاصين على الوجه المبين بأسباب الحكم وأقامت قضاءها - بعد أن استعرضت قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر من أن مجلس الوزراء عندما أصدر قراره في 16 من سبتمبر سنة 1953 لم يكن بصدد تقرير معاملة خاصة لموظفي مصلحة السكك الحديدية، ولم يكن يستهدف إيثار موظفي المصلحة المذكورة بميزة اختصهم بها دون باقي موظفي الحكومة، وإنما كان يقر تفسير المصلحة لقراره في 20 من يوليه سنة 1947 ويؤكد انطباقه على البلاد التي حددتها مصلحة السكك الحديدية ومن بينهما بلدة القصاصين للحكمة التي قام عليها قراره المشار إليه وأنه متى كان الثابت من الأوراق أن المدعي يقيم ببلدة القصاصين فإنه يستحق بذلك الزيادة التي قررها مجلس الوزراء وقدرها 50% من إعانة الغلاء المقررة اعتباراً من تاريخ تعيينه بالبلدة المشار إليها مع مراعاة إسقاط ما انقضى عليه منها خمس سنوات سابقة على تاريخ تقدمه بطلب إعفائه من رسوم هذه الدعوى وآخر تظلم، وأنه لا وجه لما أثارته الجهة الإدارية من عدم وجود اعتماد في ميزانيتها لمواجهة صرف إعانة الغلاء المزيدة بالنسبة لموظفيها المقيمين بالبلاد التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1957 لا وجه لذلك - إذ أنه روعي عند ربط الاعتمادات الخاصة بإعانة غلاء المعيشة أن تتضمن هذه الإعانة - فطعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم نيابة عن وزير الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدى فاقوس طالبة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذهبت في طعنها إلى أن إعانة الغلاء المزيدة تقررت للتيسير على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يقتضي صالح العمل وتضطرهم ظروفهم إلى أن يقيموا في بلد من البلاد التي تسري عليها تلك الإعانة، فالمفروض في هذه الإعانة أنها تسري على موظفي المرافق العامة الإدارية على اختلاف صورها ما دام أن الأصل فيها أن نشاطها يمتد إلى جميع بلاد الإقليم المصري ومن بينها بلاد منطقة القنال التي تسري عليها تلك الإعانة إذ أن نشاطها قاصر فقط في حدود بلاد تلك المنطقة، ولما كانت بلدية فاقوس ذات ميزانية مستقلة ونشاطها الإداري لا يمتد إلى بلاد منطقة القنال التي تسري عليها إعانة الغلاء المزيدة ومن بينها القصاصين بما لا يتصور معه أن يكون قد روعي ربط الاعتمادات الخاصة بإعانة غلاء المعيشة المزيدة أن تتضمن هذه الإعانة موظفي بلدية فاقوس، وبالتالي فلا يصح أن يصرف منها إعانة غلاء مزيدة وأضاف الطعن أنه لما كان المطعون ضده من موظفي مجلس بلدى فاقوس ويصرف راتبه على ميزانيته وبالتالي لا يصح أن يصرف له من تلك الميزانية إعانة غلاء المعيشة المزيدة، فضلاً عن ذلك فإنه يعمل بالقصاصين على سبيل الندب لدواعي صحية لا تمت إلى العمل بصلة - فقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ذهبت فيه إلى أنه باستقراء قرارات مجلس الوزراء حسبما استظهرتها في حكم المحكمة العليا رقم 980 لسنة 2 القضائية عليا يبين أن قراره الصادر في 30 من يوليو سنة 1947 قد وضع قاعدة تنظيمية عامة تسري في حق موظفي الحكومة ومستخدمي وعمال الحكومة المقيمين في البلدان الواقعة على طول قنال السويس، من مقتضاها زيادة إعانة غلاء المعيشة بنسبة 50%، ووافق قراره في 3 من أكتوبر سنة 1948 على ما اقترحته اللجنة المالية من اعتبار قرار 16 من مايو سنة 1948 الخاص بصرف هذه الإعانة لموظفي ومستخدمي وعمال محافظتي سيناء والبحر الأحمر والصحراء الشرقية اعتبار هذا القرار شاملاً لجميع موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة المقيمين بالجهات المذكورة توحيداً للمعاملة، كما وافق وزير المالية في 31 من يوليو سنة 1949 على منح الصيارفة المقيمين بمناطق نفيشة وسربيوم والمحسمة والعباسية الزيادة في إعانة الغلاء التي تقررت لموظفي منطقة القنال...... إلى أن وافق مجلس الوزراء بقرار 16 من سبتمبر سنة 1953 على صرف إعانة الغلاء المزيدة لموظفي السكك الحديدية وعمالها ومستخدميها المقيمين بالجهات التي تقع بين بلدتي المحسمة والعباسية والواقعة في دائرة المعسكرات البريطانية ومنها بلدة القصاصين....، ثم قالت هيئة المفوضين إن المحكمة بعد أن استعرضت ما سلف على الوجه المتقدم انتهت إلى سريان هذا القرار على جميع موظفي الحكومة وليس فقط على موظفي السكك الحديدية - ثم أردفت الهيئة المذكورة بقولها إن مناط استحقاق إعانة الغلاء المزيدة للموظف أو المستخدم أو العامل تطبيقاً للقاعدة التنظيمية سالفة الذكر هو إقامته في إحدى المناطق أو البلدان التي نصت عليها القرارات الصادرة في هذا الخصوص، لا سيما وأن اللجنة المالية قد كشفت في مذكرتها المرفوعة إلى مجلس الوزراء عن دوافع زيادة إعانة الغلاء والعلة التي قامت عليها وهو ازدياد حالة الغلاء بسبب تدفق القوات البريطانية وما اتصل بذلك من أسباب، فضلاً عن القواعد التنظيمية الصادرة في هذا الشأن وصفت الموظفين المستحقين لتلك العلاوة بلفظ المقيمين مما يدل على أن مناط استحقاقها هو الإقامة - وأضافت الهيئة أنه لا محل لما أثاره الطعن من عدم صرف الإعانة المزيدة للمدعي تأسيساً على أن يصرف مرتبه من ميزانية مجلس بلدى فاقوس طالما أن هذه الزيادة قد ووجهت في جملتها ضمن الاعتمادات المالية التي رصدت لإعانة الغلاء، وانتهت الهيئة إلى تأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه قبل نفاذ قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 كان مجلس بلدى فاقوس يخضع لأحكام القانون رقم 145 لسنة 1944 بنظام المجالس البلدية والقروية ثم لأحكام القانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية ولأحكام اللوائح الصادرة تنفيذاً للقانون رقم 145 لسنة 1944 التي ظل معمولاً بها وفقاً لأحكام المادة 81 من القانون رقم 66 لسنة 1955 ومن بين هذه اللوائح اللائحة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 15 من مايو سنة 1945 بشروط توظف موظفي المجالس البلدية والقروية ومستخدميها وعمالها وإذ كانت هذه اللائحة نصت في المادة الأولى فيها على أن يتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية والقروية جميع القواعد المقررة والتي ستقرر لموظفي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر وذلك بغير إخلال بالأحكام الواردة بهذه اللائحة، فإن هذه المادة قد قصرت تطبيق اللوائح الخاصة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على أمثالهم بالمجالس البلدية والقروية على ما يتعلق فيها بشروط التعيين ومنح العلاوات والنقل والإجازات وبدل السفر - وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المراد بذلك هو الشروط والقواعد الأساسية التي تحكم التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل وما إلى ذلك كأصول عامة مشتركة تقصد توحيد الأسس التي تنظم هذه الأوضاع ولكن بالقدر الذي تستطيع ميزانية هذه المجالس أن تحتمله حتى لا تختل أو تضطرب - وقد نصت المادة 55 من القانون رقم 145 لسنة 1944 على أن يعين رئيس المجلس الموظفين والمستخدمين والعمال طبقاً للاعتمادات التي وافق عليها المجلس في الميزانية المعتمدة، كما رددت هذا الحكم المادة 59 من القانون رقم 66 لسنة 1955 ومن ثم كان تطبيق أو عدم تطبيق قواعد إعانة غلاء المعيشة المزيدة المتعلقة بموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة على موظفي وعمال المجالس البلدية رهيناً بالقدرة المالية للمجالس المذكورة بحسب مواردها وطاقة ميزانيتها طبقاً لتقدير هذه المجالس ملاءمة أو عدم ملاءمة مواجهة تلك الإعانة بالاعتمادات اللازمة لها.
ومن حيث إنه قد تبين من الأوراق أن المدعي يشغل درجة عامل بمجلس بلدى فاقوس وأنه ندب للعمل بمصحة القصاصين بسبب إصابته بداء الدرن ويتضح كذلك أن المدعي وجه دعواه في جميع مراحلها إلى مجلس بلدى فاقوس مقتصراً على مخاصمته دون غيره من الجهات.
ومن حيث إن الأحكام الواردة في المادتين 48 و51 من القانون رقم 210 لسنة 1951، بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة إلى ندب الموظفين الداخلين في الهيئة أو إعارتهم هي أحكام استثنائية واردة على خلاف الأصل الذي يقضي بقيام الموظف بعمله الأصلي في الجهة التي عين فيها، دون غيره من الأعمال في أية جهة أخرى ومن ثم فلا يسوغ تطبيقها على العمال وبخاصة وأنه لم يرد في قواعد كادرهم ما يشير إلى جواز هذا الندب أو الإعارة، وعلى ذلك فإنه إعمالاً لحكم سريان ما يجري على عمال الحكومة على عمال المجالس البلدية والقروية فيما يتعلق بشروط التعيين، ومنح العلاوات، والنقل، وما إلى ذلك طبقاً للمادة 59 من القانون رقم 66 لسنة 1955 بنظام المجالس البلدية، يكون ندب المدعي، بوصفه عاملاً بمجلس بلدى فاقوس، غير جائز قانوناً شأنه في ذلك شأن العامل المعين في الحكومة، ويمتنع تبعاً لذلك استحقاقه لإعانة غلاء المعيشة المزيدة ما دام هذا الاستحقاق مترتباً على الندب المشار إليه وبذلك يسقط موجب مطالبة المدعي لهذه الإعانة سواء قبل وزارة الصحة التي ندب للعمل بإحدى مستشفياتها أو تجاه المجلس البلدي الذي كان يؤدي فيه عمله الأصلي. يؤكد ما تقدم أن اختصاصات مجلس بلدى فاقوس لا تتعدى إلى المناطق المعينة على سبيل الحصر في قرارات مجلس الوزراء المنظمة لاستحقاق إعانة الغلاء المزيدة. وعلى مقتضى هذا لا يتصور أن يدرج هذا المجلس في ميزانيته ما يواجه به تكاليف هذه الإعانة بالذات فالاستحقاق إذن ساقط ممتنع أياً كانت الجهة المطالبة بتأدية هذه الإعانة، وأياً كان تصوير ذلك التكليف الذي نيط بالمدعي إعارة كان أم ندباً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد جانب هذا النظر يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بجميع المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 399 لسنة 7 ق جلسة 20 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 29 ص 262

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت حسنين ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

-----------------

(29)

القضية رقم 399 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - تقرير سنوي 

- المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بتقدير درجة كفاية الموظف - ليس طليقاً من كل قيد بل يجب أن يقوم على سبب يبرره - وجوب تأسيسه على عناصر ثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف الخدمة ومتعلقة بعمل الموظف خلال السنة التي يقدم عنها إعمالا لمبدأ سنوية التقرير - مثال.
(ب) موظف - تقرير سنوي 

- القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بتقدير درجة كفاية الموظف - لا تثريب على اللجنة إذا أدخلت في اعتبارها الجزاءات السابقة - الأصل هو الاعتداد بالأفعال التي يأتيها الموظف خلال السنة التي يوضع عنها التقرير أخذاً بمبدأ سنوية التقرير - الاعتداد بالجزاءات في وضع التقرير لا يعتبر معاقبة للموظف عن الفعل الواحد مرتين - اختلاف مجال تقدير درجة الكفاية عن مجال التأديب - أساس ذلك - مثال.

----------------
1 - إنه وإن كانت المادة 31 من قانون الموظفين تنص على أن يقدم التقرير السنوي عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاته ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية، مما قد يوحي بإطلاق يد لجنة شئون الموظفين في التقدير إلا أنه لا جدال في أن القرار الصادر من اللجنة المذكورة بتقدير درجة كفاية الموظف، وإن لم يتقيد برأي رؤساء الموظف إلا أنه شأنه شأن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سببه المبرر له قانوناً، فيتعين أن يقوم هذا التقدير على عناصر ثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف الخدمة ومتعلقة بعمل الموظف خلال السنة التي يقدم عنها، وعلى هذا فإن تقدير لجنة شئون الموظفين ليس طليقاً من كل قيد بل هو مقيد بالبيانات المتعلقة بعمل الموظف عن السنة الموضوع عنها التقرير والتي تجد أصلها في الأوراق وعلى الأخص ملف الخدمة وذلك كله حتى لا يؤخذ الموظف بما لم يقم عليه دليل من الأوراق وكيلاً ينتهك مبدأ أصيل يقوم عليه وضع التقارير وهو مبدأ سنوية التقرير.
2 - إن لجنة شئون الموظفين إذ قدرت كفاية المدعي بدرجة ضعيف في التقرير السنوي السري عن سنة 1958 إنما استمدت قرارها من أصول صحيحة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف خدمته، وهي أصول وعناصر منتجة الأثر في ضبط درجة كفايته ويتصل بعضها بوقائع حدثت خلال السنة المذكورة وجوزي عنها بالأمر الإداري رقم 428/ 1959 آنف الذكر، ولا تثريب على اللجنة في هذه الحالة إن هي أدخلت في اعتبارها عند تقدير درجة الكفاية الجزاءات السابقة إذ أنه يجب أن يكون تحت نظر اللجنة عند تقدير درجة كفاية الموظف بياناً شاملاً بحالته حتى تكتمل أمامها صورة واضحة لنواحي نشاطه ومسلكه وتهيأ لها جميع العناصر التي تستطيع بموجبها تقدير درجة كفايته تقديراً مبرءاً من القصور؛ ذلك أنه وإن كان الأصل هو الاعتداد بالأفعال التي يأتيها الموظف خلال السنة التي يوضع عنها التقرير أخذاً بمبدأ سنوية التقرير إلا أن في تعاقب الجزاءات كما هو الحال بالنسبة إلى المدعي واتصال ماضيه في السنوات السابقة بحاضره في السنة التي وضع عنها التقرير ثم بمسلكه في السنة التالية لها ما يرين على صفحة المدعي ويخدش بلا شك حس قيامه بعمله بكفاية، ومجال هذا كله يختلف عن مجال التأديب؛ إذ الأمر هنا لا يتعلق بعقاب الموظف وإنما يتصل بتقدير كفايته في ضوء عمله ومسلكه بعد تقصي نواحي عمله ومتابعة مسلكه في الماضي والحاضر استكمالاً للعناصر التي يقوم عليها تقدير كفايته. وغني عن البيان أن هذا هو الذي يتفق مع حسن سير العمل ويحقق وجه المصلحة العامة المنشودة من ضبط درجة كفاية الموظف، وإذا كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر استناداً إلى البيانات الواردة في ملف الخدمة وما كشفت عنه المعلومات والتحريات التي عرضت على لجنة شئون الموظفين في شأن المدعي، وقد ثبت للمحكمة أن ما احتواه ملف الخدمة كاف وحده لحمل القرار المذكور عليه فإن القرار يكون قد صدر والحالة هذه سليماً وقائماً على سببه المبرر له قانوناً.


إجراءات الطعن

في 21 من ديسمبر سنة 1960 أودع السيد الأستاذ مصطفى يوسف المحامي بإدارة قضايا الحكومة نائباً عن السيد وزير التموين سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجداول المحكمة برقم 399 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التموين بجلستها المنعقدة في 22 من أكتوبر سنة 1960 في الدعوى رقم 518 لسنة 6 القضائية والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بتاريخ 27 من إبريل سنة 1959 فيما تضمنه من تقدير درجة كفاية المدعي عن عام 1958 بدرجة ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة بالمصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد محامي الحكومة - للأسباب الواردة في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين, وبعد إحالة الطعن إلى المحكمة ونظره أمامها على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات عين لإصدار الحكم فيه جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي المطعون ضده أقام الدعوى رقم 518 لسنة 6 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة التموين ضد وزارة التموين بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة وذكر فيها أنه تسلم صورة من التقرير السنوي بتقدير درجة كفايته عن عام 1958 بدرجة ضعيف مع حرمانه من العلاوة المستحقة له في 1/ 5/ 1959. ولما كان هذا القرار قد صدر فاقداً سببه وليس له ما يبرره لأنه موظف كفء أمين يقوم بعمله خير قيام وهذا ما شهد به كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي ورئيس المصلحة وهم أقدر الناس على معرفة كفايته، فإذا جاءت لجنة شئون الموظفين وخفضت درجة كفايته إلى مستوى الموظف الضعيف فإن قرارها هذا يكون قد صدر مخالفاً للقانون، ومن أجل ذلك طلب إلغاءه بما يترتب على ذلك من أثار في استحقاقه لعلاوة أول مايو سنة 1959، وقد دفعت الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بمقولة إن قرار لجنة شئون الموظفين ليس من بين القرارات التي يختص مجلس الدولة بنظر الطعن عليها بالإلغاء وفي الموضوع طلبت رفض الدعوى لأن القرار المطعون عليه قد صدر مستوفياً أوضاعه الشكلية وقائماً على سببه ومن ثم يكون قد صدر مطابقاً للقانون فلا وجه للطعن عليه، وبجلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها وبقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 27/ 4/ 1959 من لجنة شئون الموظفين بوزارة التموين فيما تضمنه من تقدير كفاية المدعي عن عام 1958 بدرجة ضعيف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقد أقامت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن القرار الصادر بتقدير درجة كفاية الموظف هو قرار إداري ويترتب عليه آثار خطيرة في ترقية الموظف واستحقاقاته للعلاوة بل وفي صلاحيته للبقاء في الوظيفة، وأنه بهذه المثابة يندرج في عموم القرارات التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالنظر في الدعاوى المقامة طعناً بالإلغاء فيها، وفي الموضوع أسست المحكمة قضاءها على أن المدعي لم توقع عليه جزاءات خلال السنة التي وضع عنه التقرير فيها وأنه إذا كان قد جوزي في السنة التالية فإن هذا الجزاء لم يكن محل نظر اللجنة عند وضع التقرير، وإذا كان للمدعي عدة جزاءات سابقة على التقرير فإن الاعتداد بهذه الجزاءات في وضع التقرير إنما يعتبر معاقبة للمدعي عن الفعل الواحد مرتين، وإذا كانت اللجنة على ما يبدو من التقرير الذي وضعته عن المدعي قد اعتدت بهذه الجزاءات وهو ما لا يجوز، وأنها اعتمدت من جهة أخرى على تحريات ومعلومات رفضت الجهة الإدارية تقديمها إلى المحكمة حتى تطمئن إلى وجودها وجديتها هذا بالإضافة إلى أن ذلك كله لو ثبت فإنه لا يمس عناصر التقدير حسب النموذج المعد لتحرير التقرير، وإذا كان ذلك فإن القرار الصادر من اللجنة اعتماداً على هذه المعلومات وتلك الجزاءات يكون قد صدر والحالة هذه فاقداً سببه ومخالفاً للقانون، وعلى هذا انتهت المحكمة إلى إلغاء القرار المطعون فيه وأصدرت حكمها بإلغائه على الوجه آنف الذكر.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن تقدير درجة كفاية الموظف أصبح بعد تعديل قانون موظفي الدولة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 من اختصاص لجنة شئون الموظفين وحدها فلم يعد نشاطها قاصراً على تسجيل للتقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة للكفاية كما كان عليه الحال قبل تعديل القانون، بل إنها أصبحت صاحبة الكلمة في هذا المجال تستأنس بملاحظات الرؤساء ولكنها لا تتقيد ولا تلتزم بها فتعتمد على عناصر أخرى لملف الخدمة وما قد يصل إلى علمها عن الموظف من معلومات تطمئن إليها وتكون منها عقيدتها فيما تنتهي إليه من رأي في تحديد درجة الكفاية التي تراها وتنفرد بتقديرها دون تعقيب عليها باعتبارها السلطة المهيمنة على شئون الموظفين والأقدر على وزن كفايتهم بميزان واحد دقيق بعكس الجهات المتعددة داخل الوزارة أو المصلحة التي تتولى وضع التقارير فهذه قد تختلف فيها الموازين التي توزن بها درجة الكفاية من جهة إلى أخرى وانتهاء الأمر عند جهة واحدة وهي لجنة شئون الموظفين يؤدي إلى إيجاد تنسيق بين التقديرات التي يضعها الرؤساء في نطاق وحداتهم الإدارية دون معرفة شاملة لأوضاع موظفي الوزارة أو المصلحة، ولجنة شئون الموظفين في تحديدها لمرتبة الكفاية التي تراها إنما تنفرد بالتقدير بلا معقب عليها فيه ما دام قرارها قد خلا من شائبة إساءة استعمال السلطة، فتقديرات الكفاية هي كما قضت بذلك المحكمة الإدارية العليا لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن يحل نفسه مكانها فيه. وسلطة القضاء الإداري على ما قضت به المحكمة الإدارية العليا محصورة في التحقق من صدور التقرير الخاص بتقدير درجة الكفاية مطابقاً للإجراءات المرسومة بحسب الأوضاع المقررة في القانون فيقع بذلك سليماً منتجاً لكافة الآثار المترتبة عليه أم أنه لم يصدر كذلك فيقع باطلاً عديم الأثر، ومتى استوفت التقارير أضاعها وأشكالها ومرت بمراحلها حتى صدر في شأنها قرار لجنة شئون الموظفين أصبحت حصينة من الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن. ولما كان الثابت أن التقدير الخاص بتقدير درجة كفاية المطعون ضده قد اتبعت في شأنه المراحل والإجراءات المرسومة في القانون وقد مارست لجنة شئون الموظفين سلطتها في تقدير هذه الكفاية، فإن الحكم المطعون فيه إذ تصدى لتقدير هذه الكفاية وجرى على خلاف ما تقدم يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على التقرير السري الخاص بالمدعي عن عام 1958. وهو التقرير محل الطعن أن لجنة شئون الموظفين اعتمدت في إصدار قرارها بتقدير درجة كفاية المدعي بضعيف على ما احتواه ملف خدمته وعلى التحريات والمعلومات التي عرضت عليها بشأن المدعي.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وإن كانت المادة 31 من قانون الموظفين تنص على أن يقدم التقرير السنوي عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاته ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية، مما قد يوحي بإطلاق يد لجنة شئون الموظفين في التقدير، إلا أنه لا جدال في أن القرار الصادر من اللجنة المذكورة بتقدير درجة كفاية الموظف، وإن لم يتقيد برأي رؤساء الموظف إلا أنه شأنه شأن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سببه المبرر له قانوناً، فيتعين أن يقوم هذا التقدير على عناصر ثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف الخدمة ومتعلقة بعمل الموظف خلال السنة التي يقدم عنها، وعلى هذا فإن تقدير لجنة شئون الموظفين ليس طليقاً من كل قيد بل هو مقيد بالبيانات المتعلقة بعمل الموظف عن السنة الموضوع عنها التقرير والتي تجد أصلها في الأوراق وعلى الأخص ملف الخدمة، وذلك كله حتى لا يؤخذ الموظف بما لم يقم عليه دليل من الأوراق وكيلاً ينتهك مبدأ أصيل يقوم عليه وضع التقارير وهو مبدأ سنوية التقرير.
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة من الاطلاع على ملف خدمة المطعون ضده - المدعي - أنه حاصل على شهادة الدراسة الثانوية (القسم العام) سنة 1939 والتحق بخدمة الحكومة في وظيفة من الدرجة الثامنة اعتباراً من 31/ 7/ 1949، وبتاريخ 13/ 8/ 1951 صدر القرار رقم 339/ 1951 بمجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من ماهيته لاستهتاره وإهماله في عمله. وفي 21 من أغسطس سنة 1952 صدر القرار رقم 404/ 1952 بمجازاته بخصم يومين من ماهيته، وبتاريخ 20 من أكتوبر سنة 1952 أوصت لجنة فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي بفصله من الخدمة لأنه تصرف تصرفات تمس نزاهته وحسن سمعته وتجعله غير صالح للعمل غير أن مجلس الوزراء لم يوافق على فصله، وفي 23 من سبتمبر سنة 1954 صدر القرار رقم 655/ 1954 بمجازاته بخصم يوم من ماهيته، وبتاريخ 29 من يناير سنة 1957 صدر القرار رقم 89/ 1957 بخصم ثلاثة أيام من ماهيته لإهماله في عمله وخروجه على مقتضى الواجب بجمعه مبالغ من التجار لتأثيث مكتب التموين، وفي 12 من يونيه سنة 1959 صدر الأمر الإداري رقم 428 لسنة 1959 بمجازاته بخصم يوم من مرتبه وذلك لأنه في 30/ 11/ 1958 خرج على مقتضى الواجب بأن وجه إلى رئيسه عبارة غير لائقة بقوله "لا أنت ولا الوزارة ما تقدروش تشيلوني" وحرر مذكرة في ذات اليوم هدد فيها بالامتناع عن تأدية أعماله إذ لم تستجب الوزارة إلى طلباته بأن خيرها بمناسبة ندبه لأعمال السكرتارية بين أن تعيده إلى عمله الأصلي وبين أن تصرف إليه أجراً إضافياً وإلا امتنع عن تأدية العمل مما يكشف عن روح التحرر والعصيان. وبتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1959 صدر الأمر الإداري رقم 646/ 1959 بخصم يومين من مرتبه لامتناعه عن القيام بالأعمال الكتابية التي أسندها إليه السيد النائب.
ومن حيث إنه تبين مما تقدم أن لجنة شئون الموظفين إذ قدرت كفاية المدعي بدرجة ضعيف في التقرير السنوي السري عن سنة 1958 إنما استمدت قرارها من أصول صحيحة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من ملف خدمته وهي أصول وعناصر منتجة الأثر في ضبط درجة كفايته ويتصل بعضها بوقائع حدثت خلال السنة المذكورة وجوزي عنها بالأمر الإداري رقم 428/ 1959 آنف الذكر، ولا تثريب على اللجنة في هذه الحالة إن هي أدخلت في اعتبارها عند تقدير درجة الكفاية الجزاءات السابقة إذ أنه يجب أن يكون تحت نظر اللجنة عند تقدير درجة كفاية الموظف بياناً شاملاً بحالته حتى تكتمل أمامها صورة واضحة لنواحي نشاطه ومسلكه وتتهيأ لها جميع العناصر التي تستطيع بموجبها تقدير درجة كفايته تقديراً مبرءاً من القصور؛ ذلك أنه وإن كان الأصل هو الاعتداد بالأفعال التي يأتيها الموظف خلال السنة التي يوضع عنها التقرير أخذاً بمبدأ سنوية التقرير إلا أن في تعاقب الجزاءات كما هو الحال بالنسبة إلى المدعي واتصال ماضيه في السنوات السابقة بحاضره في السنة التي وضع عنها التقرير ثم بمسلكه في السنة الثانية لها ما يرين على صفحة المدعي ويخدش بلا شك حسن قيامه بعمله بكفاية، ومجال هذا كله يختلف عن مجال التأديب؛ إذ الأمر هنا لا يتعلق بعقاب الموظف وإنما يتصل بتقدير كفايته في ضوء عمله ومسلكه - بعد تقصي نواحي عمله ومتابعة مسلكه في الماضي والحاضر استكمالاً للعناصر التي يقوم عليها تقدير كفايته. وغني عن البيان أن هذا هو الذي يتفق مع حسن سير العمل ويحقق وجه المصلحة العامة المنشودة من ضبط درجة كفاية الموظف، وإذا كان ذلك وكان القرار المطعون فيه قد صدر استناداً إلى البيانات الواردة في ملف الخدمة وما كشفت عنه المعلومات والتحريات التي عرضت على لجنة شئون الموظفين في شأن المدعي، وقد ثبت للمحكمة أن ما احتواه ملف الخدمة كاف وحده لحمل القرار المذكور عليه، فإن القرار يكون قد صدر والحالة هذه سليماً وقائماً على سببه المبرر له قانوناً، وإذ صدر الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون خالف القانون، فيتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.