الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

الطعن 1343 لسنة 6 ق جلسة 3 / 12 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 34 ص 234

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم وحسني جورجي ومحمود مختار العزبي المستشارين.

----------------

(34)

القضية رقم 1343 لسنة 6 القضائية

ترخيص استيراد - مصادرة إدارية 

- الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 بحظر استيراد البضائع والمنتجات المعمول به بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945 باستمرار العمل بالتدابير المقررة ببعض الأوامر العسكرية - إجازته المصادرة في حالتين - الأولى الاستيراد بدون ترخيص، الثانية مخالفة البضاعة المستوردة للترخيص - القرار الجمهوري رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة استثناء من الحظر الوارد بالأمر العسكري سالف الذكر - تحديد وزير الاقتصاد مبلغ 450 جنيهاً كحد أعلى لسعر السيارة الصغيرة خالصاً المصروفات لميناء الوصول - استيراد سيارات من طراز معين مطابقة للترخيص - عدم جواز مصادرتهما إدارياً - التحدي بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة - غير جائز ما دام قد رخص باستيرادها فعلاً - مجاوزة سعرها الحقيقي لمبلغ 450 جنيهاً - لا يجيز المصادرة ما دامت الشركة المنتجة ارتضت هذا السعر - بيان ذلك - مثال.

----------------
إذا كان الثابت أن السيارات التي استوردت بناء على هذا الترخيص والتي صدر القرار المطعون فيه بمصادرتها هي بذاتها السيارات الصادر بها الترخيص، فإن القول بأن سعرها الحقيقي يجاوز 450 جنيهاً الذي حدده وزير الاقتصاد بناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد السيارات الصغيرة بفرض صحته لا يؤثر في حقيقة الواقع من أن السيارات المستوردة هي نفسها الصادر عنها الترخيص وأن الثمن الذي اشتريت به هو 450 جنيهاً مصرياً وأن هذا السعر هو سعر خاص ارتضته الشركة المنتجة لتصريف ما لديها من سيارات طراز سنة 1958 ولكي يتمشى مع القوانين المصرية الخاصة بالاستيراد، ومن ثم تكون هذه السيارات قد استوردت في حدود الترخيص الصادر للشركة المدعية الأولى وبالتالي لا يجوز مصادرتها إدارياً استناداً إلى الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 الذي استمر العمل به بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945، إذ أن المصادرة الإدارية بمقتضى هذا الأمر لا تجوز إلا في حالة استيراد البضاعة بدون ترخيص سابق أو استيراد بضاعة مخالفة للترخيص، ولا يجدي بعد ذلك الحكومة القول بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة ما دام أنها رخصت باستيرادها فعلاً.


إجراءات الطعن

في 28 من إبريل سنة 1960 أودع السيد النائب عن الحكومة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة أول مارس سنة 1960 في الدعوى رقم 115 لسنة 14 القضائية المرفوعة من (1) شركة التجارة والتبادل للشرق الأوسط (2) شركة منير مقار وشركاه ضد مجلس الوزراء التنفيذي واللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية التنفيذية ووزراء الاقتصاد والتموين والخزانة القاضي "بوقف تنفيذ قرار وزير الاقتصاد الصادر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1959 بمصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا موضوع ترخيص الاستيراد رقم 7325 (على بنك القاهرة) المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1958 والصادر للمدعية الأولى وما تضمنه من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد" وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن الحكم "بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف التنفيذ بالطعن رقم 115 لسنة 14 القضائية مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في جميع الأحوال"، وقد أعلن الطعن للمدعين في 11 من مايو سنة 1960 وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1960 - وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1960 قررت الهيئة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 31 من ديسمبر سنة 1960 ثم أجل نظره لجلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 ومنها أحيلت لجلسة 26 من نوفمبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 25 من أكتوبر سنة 1959 أقامت الشركتان المدعيتان الدعوى رقم 115 لسنة 14 القضائية ضد رئيس مجلس الوزراء التنفيذي وآخرين طلبتا فيها الحكم بوقف تنفيذ قرار اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية الصادر بجلسة 2 من أغسطس سنة 1959 والمؤيد بقرارها الصادر في 22 من سبتمبر سنة 1959 والمصدق عليه من المجلس التنفيذي في 23 من سبتمبر سنة 1959 وقرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 والمتضمن مصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا وكذا ما تضمنه القرار الأخير من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة، وفي الموضوع بإلغاء القرارات سالفة الذكر واعتبارها منعدمة لصدورها ممن لا ولاية له وإلزام المدعى عليهم على وجه التضامن بأن يدفعوا للمدعيتين مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما مع الفوائد بواقع 4% حتى تمام الوفاء مع حفظ حقهما في تعديل هذا المبلغ نتيجة لما تسفر عنه هذه الدعوى وما تتكشف عنه حالة السيارات وما أصابها من تلف نتيجة تخزينها إلى أن يتم الإفراج عنها مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالتا بياناً لذلك إن الشركة الأولى تقدمت بطلب ترخيص في استيراد 140 سيارة فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب وذلك في ظل نظام الاستيراد المعلن عنه في ملحق الوقائع رقم 54 في 14 من يوليه سنة 1958 والذي يسمح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة التي لا تزيد قيمتها على 450 جنيهاً سيف مقابل سداد قيمتها خضراً وبطاطس ومنتجات خان الخليلي وبعض أصناف أخرى وقد صدر إليها الترخيص رقم 7325 (بنك القاهرة) في 26 من أغسطس سنة 1958 ونص فيه في خانة الصنف المرخص في استيراده "سيارات فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب" (وافق السيد وزير الاقتصاد والتجارة على إعفاء هذه العملية من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وذلك بموجب الخطاب المؤرخ 24 من أغسطس سنة 1958 ملف رقم 264 - 4/ 321) ونص في خانة الوحدات "140 سيارة صغيرة بسعر السيارة (439 جنيهاً و200 مليم) حسب الفاتورة المرفقة بحيث لا يزيد سعرها على 450 جنيهاً سيف"، وبموجب عقد ثابت التاريخ في 26 من أغسطس سنة 1958 باعت الشركة الأولى إلى الشركة الثانية السيارات المذكورة بسعر 1062 جنيهاً و500 مليم للسيارة الواحدة تسليم سيف القاهرة، وعندما بدأ ورود السيارات أرسلت الإدارة العامة للاستيراد خطاباً إلى الشركة الأولى تخطرها فيه بأن مصلحة الجمارك قد اعترضت على القيمة الواردة بالفاتورة وهي 450 جنيهاً للسيارة وقدرتها بمبلغ 569 ج. ك و9 شلن فوب للسيارة الواحدة وقد عرض الموضوع على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 فقررت أن تستولي وزارة التموين على السيارات المذكورة وتوزيعها بمعرفتها وقامت الإدارة العامة للاستيراد بإخطار وزارة التموين ومصلحة الجمارك بهذا القرار في 11 من نوفمبر سنة 1958، وقد ردت الشركة على الإدارة العامة للاستيراد في 22 من نوفمبر سنة 1958 بأنها باعت السيارات قبلاً إلى شركة منير مقار بعقد ثابت التاريخ في 26 من أغسطس سنة 1958 وأن هذه السيارات استوردت لبيعها لشركة منير مقار التي تمثل مصانع فوكسهول في مصر وأنها وردت بمستندات مصرفية تحمل اسم شركة منير مقار وعلى ذلك فإنه يستحيل تنفيذ قرار اللجنة لوقوعه على بضائع غير مملوكة لها، ولفتت الشركة النظر إلى أن اعتراض مصلحة الجمارك على قيمة السيارات الواردة بالفاتورة يرد عليه بالآتي: أولاً - أن سعر السيارات هو سعر تصفية خاص ممنوح من شركة فوكسهول وقد خفض تخفيضاً خاصاً لظروف خاصة أي أنه أقل من السعر الأصلي، كما لم تبد المراقبة أي اعتراض على استيراد هذه السيارات بل أصدرت الترخيص ونص فيه على أن السيارات هي سيارات فوكسهول كريستا ستة سلندرات أربعة أبواب مع ذكر أنها سيارات صغيرة، وأيد السيد وزير الاقتصاد ذلك بإعفائه السيارات من أحكام الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وقد وردت السيارات مطابقة لما دون بترخيص الاستيراد، ثانياً: أن السيارات استوردت مقابل تصدير بطاطس، ومن المعلوم أن مصلحة الجمارك تراقب أسعار التصدير للتأكد من أنها وفق الأسعار السارية. وقد أرفقت الشركة المدعية بكتابها إلى مراقبة الاستيراد صورة فوتوغرافية من خطاب مؤرخ 11 من نوفمبر سنة 1958 موجه من شركة فوكسهول موتورز إلى مؤسسة ماتفين تؤيد فيه أنها منحتها خصماً استثنائياً على السيارات المذكورة حتى يتمشى سعرها مع اللوائح المصرية لاستيراد سيارات الركوب ولأن الشركة السويسرية كانت وسيطة في تصدير عدد كبير من السيارات واللوريات والموتورات إنتاج شركة فوكسهول موتورز، كما أرفقت صورة فوتوغرافية من كتاب مؤسسة ماتفين تؤيد نجاحها في أن تشتري للشركة الأولى لحساب الشركة الثانية السيارات المشار إليها بسعر استثنائي مخفض قدره 450 جنيهاً إسترلينياً شاملاً الشحن للأسباب التي ذكرتها في كتابها أهمها أن مؤسسة ماتفين تعتبر لدى شركة فوكسهول عميلاً كبيراً، كما أن الشركة المنتجة قد عرضت الموديل الجديد للسيارات لعام 1959 في الوقت الذي تملك فيه رصيداً كبيراً من موديل 1958 الذي تمت فيه صفقة الـ 140 سيارة فكان من مصلحة شركة فوكسهول موتورز التخلص من موديل 1958 ولو بتخفيض في السعر، وقالت الشركة بعد ذلك أنها تتظلم من قرار اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية والتمست إعادة عرض الموضوع عليها مع تبيان جميع النقط الموضحة بكتابها حتى لا تكون هناك تفرقة بين الشركة وغيرها من الشركات وتفادياً لما تتعرض له من أضرار. وقد عرض الأمر على إدارة الفتوى والتشريع المختصة فأفتت اللجنة الثالثة للقسم الاستشاري بأن المستولي لديه في الحالة المعروضة هو شركة منير مقار وأنه يختص بالتعويض فيجب الالتجاء إلى الاتفاق فإن تعذر فيدفع له ثمن المثل في السوق وقت الأداء مخصوماً منه ما قد يكون هناك من أرباح نتيجة الاحتكار. وقد حققت إدارة المخابرات ثم النيابة الإدارية الموضوع وانتهى الأمر بالاقتناع بسلامة الموضوع. وفي 14 من إبريل سنة 1959 أرسلت الشركة الأولى إلى السيد وزير التموين صورة من الخطاب المرسل إليها من بنك جنيفواز للتجارة والائتمان بجنيف بشأن تلك السيارات ويبين منه أن شركة فوكسهول موتورز منحت مؤسسة ماتفين التي مولت العملية خصماً يبلغ 24000 جنيه إسترليني وأن هذا الخصم منح خصيصاً لخفض ثمن تصدير السيارات لمصر إلى 450 جنيهاً للسيارة الواحدة ليتفق مع القرار الخاص باستيراد السيارات، والتمست الشركة الإفراج عن السيارات كما تظلمت للسيد وزير الاقتصاد ثم للسيد وزير التموين. وقد أعادت وزارة الاقتصاد عرض الموضوع على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 20 من يوليه سنة 1959 وبينت سلامة العملية واقترحت الإفراج عن السيارات فوافقت اللجنة على ذلك بالرجوع إلى مصلحة الجمارك للتأكد من أنه ليس هناك مخالفات جمركية، ثم أعيد عرض الموضوع على اللجنة في 2 من أغسطس سنة 1959 دون انتظار وصول رأي مصلحة الجمارك فقررت مصادرة السيارات، وفي هذه الأثناء شكلت مصلحة الجمارك لجنة لدراسة الموضوع فقررت سلامة عملية الاستيراد وعدم وجود مخالفات جمركية وكتبت بذلك إلى وزارة التموين، ولكن هذا الرأي وصل بعد صدور قرار اللجنة الوزارية، فتقدمت الشركة بمذكرة في 5 من سبتمبر سنة 1959 للسيد رئيس اللجنة ورئيس المجلس التنفيذي ضمنتها الحقائق المتقدمة غير أنها علمت بأن اللجنة الوزارية أيدت قرارها السابق بجلستها المنعقدة في 22 من سبتمبر سنة 1959 كما أيد المجلس التنفيذي قرار اللجنة الوزارية في 23 من سبتمبر سنة 1959 ووافق السيد وزير الاقتصاد في 10 من أكتوبر سنة 1959 على هذه المصادرة وتكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيعها وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد، وقد طعنت الشركتان في القرارات السالفة الذكر طالبة بصفة مستعجلة وقف تنفيذها وفي الموضوع بإلغائها مستندة في ذلك إلى ما يأتي: أولاً - بالنسبة لطلب وقف التنفيذان أركان طلب وقف التنفيذ متوفرة، ذلك أن تنفيذ قرار المصادرة من شأنه إفلاس المدعيتين فقد كان تمويل هذه العملية عن طريق البنوك، ففي حالة تنفيذ المصادرة ستقوم البنوك فوراً بالمطالبة بقروضها وهو أمر تنوء به ميزانية كل من الشركتين ويؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها، هذا إلى أن المصادرة هنا إجراء غير قانوني لصدوره من جهة غير مختصة بإصداره ولأنه من الناحية الموضوعية لا تجوز المصادرة أصلاً نظراً لسلامة إجراءات الاستيراد حسبما سلف البيان. ثانياً - أما عن الموضوع فقد أشارت المدعيتان أولاً إلى أن ملخص قرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 قد أبلغ إليها في 21 من أكتوبر سنة 1959 أما الشركة الثانية فلم يعلن إليها ذلك القرار ومن ثم لم تعرف المدعيتان مشتملاته على وجه يقيني؛ ومن ثم فإن ميعاد الطعن فيه ما زال مفتوحاً إلى أن تعلم به المدعيتان العلم اليقيني ويمضي ميعاد الستين يوماً ومن ثم يكون الطلب قد قدم في الميعاد، ثم انتقلت المدعيتان إلى موضوع الدعوى فبينتا مراحل عملية الاستيراد حسبما سلف إيضاحه ثم قالتا إن السعر المقدر للسيارات بني على أساس تخفيض خاص مما يدل على أن السعر الأصلي كان أعلى من ذلك لولا أن شركة فوكسهول موتورز قد رأت لاعتبارات تتعلق بعلاقاتها مع الشركة السويسرية الوسيطة (مؤسسة ماتفين) إذ اشترت منها لحساب المدعية الأولى بضائع تبلغ قيمتها 1.642.213 جنيهاً و102 مليماً كما أن الموديل الجديد للسيارة سنة 1959 قد عرض وما زال متبقياً لدى شركة فوكسهول كميات كثيرة من موديل 1958 لذلك قبلت هذه الشركة إجراء الخفض المذكور في الثمن إبقاء على العلاقات ولتصريف المخزون من موديل 1958. وهناك اعتبار آخر هو المحافظة على السوق المصرية والعملاء المصريين، ثم قالتا إن الشركة الأولى قد ذكرت في طلب الاستيراد نوع السيارة وعدد السلندرات وعدد الأبواب فلم تر مراقبة الاستيراد أن السيارة المذكورة لا تعتبر صغيرة فأعطت الترخيص؛ ذلك أن كل ما يعني مراقبة الاستيراد حين أصدرت تعليماتها بخصوص الاستيراد هو توفير العملة الأجنبية فكان المعيار لديها هو الثمن الذي يدفع في السيارة وكان هذا هو المقياس في تحديد وصف كلمة صغيرة، وإزاء ذلك وأمام سلامة المستندات وصدقها وما أثبتته الشركة من أن الخصم الذي تم هو خصم خاص وبصفة غير متكررة للاعتبارات التي سلف ذكرها أصدرت اللجنة الاقتصادية قراراً بالإفراج عن السيارات على أن يستولى عليها، فلما تظلمت الشركة من ذلك القرار وعرض الأمر على إدارة الفتوى والتشريع التي أشارت بأن الاستيلاء يجب أن يوجه للشركة الثانية وأن يكون ذلك بسعر السوق لم تقنع وزارة التموين بذلك وطوت قرار الاستيلاء لأنه لم يحقق لها ما كانت تهدف إليه من الحصول على الصفقة بسعر 450 جنيهاً للسيارة وجاءت بفكرة جديدة هي جواز مصادرة السيارات بقرار من وزير الاقتصاد طبقاً لأحكام الأمر رقم 556 لسنة 1945 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945 والقانون رقم 9 لسنة 1959 بل ذهبت إلى اعتبار فاتورة شركة ماتفين سنداً مصطنعاً تحكمه المادة 336 من قانون العقوبات وانتهت وزارة التموين إلى إحالة الموضوع إلى وزارة الاقتصاد لإبداء الرأي، غير أن وزارة الاقتصاد لم تقرها على ما ذهبت إليه ورأت أن الأمر رقم 556 لسنة 1945 سالف الذكر لا ينطبق في هذه الخصوصية لأن الأمر المذكور يحظر استيراد البضائع والمنتجات من أي بلد في الخارج إلا بعد الحصول على رخصة استيراد من وزارة المالية وقد حصلت الشركة المدعية على ترخيص قبل الاستيراد، كما أن الأمر العسكري لم يتعرض للمستندات المصطنعة إذ أن هذا الحكم مستحدث في القانون رقم 9 لسنة 1959 ومن غير الجائز إقامة الدعوى طبقاً للمادة العاشرة من القانون المذكور لأن الوقائع المعروضة حدثت في ظل الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 وتم الاستيراد قبل العمل بالقانون الجديد، كما أن المادة 336 عقوبات الخاصة بالنصب غير منطبقة لوجود نص خاص في القانون رقم 623 لسنة 1955 في شأن أحكام التهريب الجمركي يعالج هذه الحالات ومن المقرر أن الخاص يقيد العام. ثم انتقلت المدعيتان بعد ذلك إلى بحث ما إذا كان قرار المصادرة قد صدر من جهة مختصة بإصداره أم أنه صدر من جهة لا ولاية لها أصلاً ومن ثم يكون قراراً منعدماً، وإذا فرض أنه صدر من جهة مختصة بإصداره فهل تملك إصداره حسب القوانين واللوائح. أما عن الأمر الأول فقد استعرضت المدعيتان أحكام الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945 وهو يقضي بحظر الاستيراد دون رخصة من وزارة المالية كما ينص على أن تصادر إدارياً جميع البضائع التي تستورد بالمخالفة لأحكامه، ولما كانت مراقبة الاستيراد ومصلحة الجمارك قد أبديا رأيهما في سلامة إجراءات الاستيراد، كما أن الأمر العسكري قد خلا من أي تفويض لوزارة التموين أو اللجنة الاقتصادية فمن ثم يكون قرار اللجنة المذكورة بالمصادرة قد صدر من جهة لا تملكه وليست لها ولاية أصلاً في إصداره فهو والحالة هذه معدوم لا يعتد به ويكون قرار وزير الاقتصاد في 10 من أكتوبر سنة 1959 بالموافقة على المصادرة معدوماً. ثم استعرضت المدعيتان بعد ذلك أحكام القانون رقم 623 لسنة 1955 في شأن أحكام التهريب الجمركي وانتهيا إلى أنه يبين من هذه النصوص أنها خلت من نص يخول المصادرة إدارياً بل أوجب القانون أن يصدر بها حكم قضائي، أما القانون رقم 9 لسنة 1959 في شأن الاستيراد الصادر في 12 من يناير لسنة 1959 الذي ينص في المادة العاشرة منه على تخويل وزير الاقتصاد أو من ينيبه الاكتفاء بمصادرة السلع المستوردة إدارياً فلا يسري على الحالة المعروضة لأن واقعة الاستيراد تمت قبل صدوره، أما عن الأمر الثاني فإن القانون رقم 623 لسنة 1955 لا يخول المصادرة الإدارية بل يستلزم صدور حكم بها من المحكمة ومن ثم فإن اللجنة الوزارية لا تملك هي أو غيرها من الجهات الإدارية إصدار قرار بالمصادرة الإدارية ويكون القرار والحالة هذه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون، أما عن الأمر الثالث وهو افتراض صدور القرار من جهة تملك إصداره فهل صدر القرار سليماً أم مشوباً بعيبي مخالفة القانون وإساءة استعمال السلطة. وقد استعرضت المدعيتان مراحل عملية الاستيراد وانتهت إلى أنها عملية سليمة ولذلك قررت اللجنة الوزارية الإفراج عن السيارات مع الاستيلاء عليها ثم عادت اللجنة فأصدرت قراراً بالمصادرة دون انتظار رأي مصلحة الجمارك كما سلف البيان وهذا يدل على الانحراف بالسلطة كما صدر بدوافع شخصية للحصول على السيارات بغير مقابل ولذلك يكون قرار اللجنة باطلاً. وعن طلب التعويض قالت المدعيتان أنه قد ترتب على قرار المصادرة بقاء السيارات في مخازن الاستيداع فتحملت المدعية الثانية مصروفات التخزين والتأمين والصيانة علاوة على ثمن السيارات الذي تحصلت عليه عن طريق التمويل بواسطة البنوك، كما أن ما اتخذ مع الشركة الأولى من إجراءات وتحقيق وما نسب إليها ابتداء من اصطناع مستندات، كل ذلك أصاب المدعيتين بأضرار مادية وأدبية تقدر مؤقتاً بثلاثين ألف جنيه. وقد ردت الحكومة على الدعوى بما محصله أنه بعد أن حصلت الشركة الأولى على ترخيص باستيراد السيارات موضوع هذه الدعوى على النحو السابق تفصيله وردت منها 49 سيارة في 29 من أكتوبر سنة 1958، وعند النظر في تحديد الرسوم الجمركية عليها اعترضت مصلحة الجمارك على القيمة الواردة بالفاتورة الأصلية إذا ثبت لها من القوائم الموجودة لديها أن سعر السيارة بالمصنع هو 633 جنيهاً إسترلينياً فوب أي بما يساوي 562 جنيهاً مصرياً فضلاً عن أن السيارات مزودة بإضافات أخرى كجهاز راديو وأشياء أخرى لا تدخل قيمتها في سعر السيارة كما اتضح من المعاينة أنها لا تدخل في عداد السيارات الصغيرة وإنما هي من السيارات للاستيراد بهذه المخالفات متوسطة الحجم ومن ثم قامت بإخطار الإدارة العامة وقررت عدم الإفراج عنها، وقد تقدمت الشركة بمذكرة جاء بها أن السعر الوارد بالفاتورة هو سعر تصفية وليس السعر الحقيقي وقدمت الخطابات الواردة من شركة فوكسهول موتورز وبنك جنيفواز للتجارة ومؤسسة ماتفين - وهي التي سبقت الإشارة إليها - وعرض الأمر على اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية بجلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 فقررت الإفراج عن السيارات على أن تستولي عليها وزارة التموين وتقوم بتسعيرها، إلا أن وزارة التموين بحثت الموضوع واتضح لها أن العملية غير سليمة وأن الشركة المدعية قد لجأت إلى طرق غير مشروعة واستخدمت وسائل ملتوية للتحايل على أحكام القانون وخالفت بذلك أنظمة الاستيراد المعمول بها إذ استوردت سيارات يزيد سعرها على 450 جنيهاً باستخدام مستندات مصطنعة وفواتير صورية فطلبت إعادة عرض الأمر على اللجنة الوزارية فوافقت اللجنة على مصادرة السيارات لحساب الحكومة بجلستها المنعقدة في 2 من أغسطس سنة 1959 لورودها بالمخالفة لأنظمة الاستيراد سواء من حيث الوصف إذ وصفت بأنها صغيرة أو من حيث القيمة نظراً للملابسات التي أحاطت بالفاتورة المقدمة ولما ثبت أيضاً من أن السيارات مزودة بإضافات أخرى لم يرد لها ذكر في الفاتورة ثم أيدت اللجنة رأيها بجلسة 22 من سبتمبر سنة 1959 وصدق عليه المجلس التنفيذي في 23 من سبتمبر سنة 1959، فأقامت المدعيتان هذه الدعوى. ويتحصل دفاع الحكومة في أنه صدر القرار الجمهوري رقم 970 لسنة 1957 بالسماح باستيراد السيارات الصغيرة وذلك استثناء من قرار الحظر الصادر بالأمر رقم 556 لسنة 1945 والمعدل بالمرسوم بقانون رقم 105 لسنة 1945، وحددت اللجنة الوزارية للشئون الاقتصادية أسعار السيارات الصغيرة بما يتراوح بين 380 و440 جنيهاً مصرياً سيف ثم حدد وزير الاقتصاد بناء على تفويض اللجنة له بجلستها المنعقدة في 3 من مايو سنة 1958 سعر السيارة الواحدة خالصة المصاريف لميناء الوصول "سيف" بمبلغ 450 جنيهاً كحد أعلى، وتنفيذاً لذلك أذاعت وزارة الاقتصاد (الإدارة العامة للاستيراد) في ملحق العدد رقم 54 من الوقائع المصرية الصادر في 14 من يونيه سنة 1958 النص التالي "يسمح باستيراد سيارات الركوب الصغيرة التي لا تزيد قيمتها على 450 جنيهاً سيف مقابل سداد قيمتها بخضر وفواكه... الخ - ومفاد ذلك أنه يجب لكي تطابق السيارة المستوردة نظام الاستيراد أن تكون من سيارات الركوب الصغيرة وألا يزيد ثمنها على 450 جنيهاً وأن يتم سداد قيمتها بالخضر والفواكه.. الخ، فالأصل هو حظر استيراد السيارات على اختلاف أنواعها فإذا أباح المشرع استثناء استيراد سيارات وجب التقيد بالقيود التي نص عليها. فهل وردت السيارات موضوع الدعوى بالمطابقة للشروط سالفة الذكر؟ تنطق أوراق الدعوى بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة وهذا ثابت من تأشيرة الجمارك على الطلب المقدم من الشركة لسداد الرسم الجمركي، حيث جاء بها أن السيارات كبيرة وأن سعرها 569 جنيهاً و9 شلن إسترليني بالإضافة إلى أن الفواتير المقدمة غير أصلية بالنسبة للمصنع المنتج، كما ورد بتقرير لمراقبة التعريفات "أن قوة هذه السيارات 23.4 حصاناً فإذا أضيف إلى ذلك أنها من ذات الست سلندرات فإنها تعتبر في رأينا من السيارات متوسطة الحجم إذ أن السيارات الصغيرة تكون عادة ذات أربعة سلندرات وتتراوح قوتها بين 11.4 حصاناً و17.4 حصاناً. أما السيارات الكبيرة فهي ذات ستة أو ثمانية سلندرات ولا تقل قوتها عن 30 حصاناً، وثابت أيضاً باعتراف الشركة أن سعر السيارات بالمصنع في لندن يزيد على السعر المقرر كحد أعلى للسماح بالاستيراد بل إن الشركة قررت بأن هذا السعر منح لها بقصد التغلب على أنظمة الاستيراد الموجودة بمصر وقدمت المستندات الدالة على ذلك، وهذا القول على فرض صحته لا يغير من واقع الأمر شيئاً، هذا إلى أن نظرة واحدة إلى مستندات الشركة تقطع بصوريتها وتؤكد أنها اصطنعت خصيصاً بغرض التحايل على أنظمة الاستيراد، ولا أدل على ذلك مما ورد بكتاب بنك جنيفواز إلى الشركة المدعية المؤرخ 4 من إبريل سنة 1959 من أنه "... يمكننا أن نؤكد بأن شركة فوكسهول قد قبلت لمجرد تسهيل إدخال هذه السيارات إلى مصر فقط أن تمنح بصفة استثنائية وعلى خلاف العرف التجاري خصماً قدره 3% على جملة مبيعات شركة ماتفين المقدرة بحوالي 800.000 جنيه إسترلينياً من مختلف السيارات المباعة لها من شركة فوكسهول وشركة جنرال موتورز وذلك لكي يتسنى لمؤسسة ماتفين وهي الشركة الوسيطة تغطية الفرق بين سعر المصنع بالنسبة إلى 140 سيارة كريستا لمصر وهي 633 جنيهاً إسترلينياً و2 شلن و6 بنس للسيارة الواحدة وبين السعر المحدد للاستيراد في هذا القطر وهو 450 جنيهاً للسيارة المسموح به عند وصول هذه السيارات إلى مصر" وظاهر من هذا الخطاب أن الخصم الممنوح لمؤسسة ماتفين على جملة مبيعاتها هو خصم استثنائي بحت وعلى خلاف العرف التجاري المألوف وأن القصد منه فقط التحايل على أنظمة الاستيراد الموجودة في مصر فليس أقطع في الدلالة على صورية هذه المستندات واصطناعها من تلك العبارات، وإذا كان العرف التجاري يجيز خصم 3% من قيمة السلعة بسبب كثرة المعاملات فإن خصم 3% من قيمة مبيعات مؤسسة ماتفين وقدره 24000 جنيه وتحميل هذا الخصم بأكمله على صفقة السيارات المصدرة إلى مصر يجعل هذا الخصم غير مألوف تجارياً إذ يبلغ 28% من قيمة السلعة مما يدل على عدم مشروعية هذا الخصم، يؤيد ذلك أيضاً ما ورد بخطاب شركة فوكسهول إلى مؤسسة ماتفين المؤرخ 11 من نوفمبر سنة 1958 حيث جاء به ما يلي: "بالإشارة إلى محادثاتنا الأخيرة بشأن الصعوبات التي لاقيتموها والتي تلاقونها والمتعلقة بتصدير السيارات الفوكسهول والبدفورد إلى مصر أود أن أؤكد النقاط التالية، إننا نعلم تمام العلم أن القواعد والتعليمات الخاصة بنظام تصدير السيارات إلى مصر تقوم عقبة في سبيل إرسال هذا النوع من الرسائل وقد علمنا أخيراً أن ثمة تشريعاً حديثاً قد صدر بشأن تحديد ثمن سيارات الركوب التي قد تستورد لمصر مما يزيد الموضوع صعوبة ونحن من جانبنا قد سبق أن أخبرناكم في أكثر من مناسبة بأن لنا سياسة ثابتة بخصوص الأسعار وأن سيارات الفوكسهول والبدفورد تباع لجميع موزعينا فيما وراء البحار بنفس أسعار المصنع - إلا أنه بالرغم من هذه السياسة ونظراً إلى تلك المشاكل المذكورة بصدر هذا الخطاب والتي يجب أن تتغلبوا عليها شرط القيمة قد وافقنا بخصوص رسالة الكريستا الجاري توريدها أن نعطيكم خصماً خصوصياً لمساعدتكم لتخطي هذه العقبات التي تعترضكم" وهذا المستند كسابقه دليل جديد على صورية الثمن الوارد بالفاتورة وأن الهدف من إجراء هذا الخصم الصوري هو مجرد التحايل على أنظمة الاستيراد الموجودة بمصر. هذا وثابت أيضاً من صحيفة الدعوى ومن المستندات المقدمة من المدعيتين أن دور شركة التجارة والتبادل اقتصر على تمويل العملية إذ باعت السيارات قبل ورودها إلى شركة منير مقار وشركاه وليس من المعقول في العرف التجاري أن يتعدى ربح الممول في عملية تشبه عملية البنوك أكثر من 10% بأي حال من الأحوال والأمر على خلاف ذلك بالنسبة لهذه الصفقة إذ يبلغ ربح تلك الشركة 50% من قيمة التكلفة الخاصة بهذه السيارات، وهذا يؤكد أن السعر الوارد بالفاتورة لا يمكن أن يكون الثمن الحقيقي لها وأنه لا يمكن بحال ما أن يرتفع ثمن السيارة إلى هذا القدر إلا أن يكون ذلك بقصد التحايل على أنظمة الاستيراد باستعمال وسائل غير مشروعة. ثم قالت الحكومة إن المستندات التي قدمتها الشركتان مؤرخة في تواريخ لاحقة على وصول السيارات وحجزها في الجمرك لمخالفتها لنظام الاستيراد إذ أنها مؤرخة 11 من نوفمبر سنة 1958 و4 من إبريل سنة 1959 مما يدل على أنها اصطنعت خصيصاً لإيهام المسئولين بسلامة العملية ولإضفاء صفة المشروعية على الثمن الصوري. وما يؤكد هذا القول أن المدعيتين زعمتا في أول الأمر أن السعر هو سعر تصفية خاص على النحو الوارد بالفاتورة المقدمة منهما ثم عجزتا عن إقامة الدليل على ذلك وفشلتا في حمل الشركة على إعطائهما ما يؤيد ذلك القول إذ خشيت شركة فوكسهول أن يتحرج مركزها بالنسبة إلى وكلائها الآخرين عن نفس السيارة إذ تقرر هذه الشركة في خطاباتها السالفة الذكر أن لها سعراً ثابتاً بالنسبة لجميع عملائها، لجأتا إلى هذه الحيلة المكشوفة وقدمتا الخطابات المشار إليها في تاريخ لاحق على حجز الصفقة بالجمارك مما يدل على تناقضهما في بيان سبب نقص الثمن بالفاتورة عن ثمن المصنع، ومؤدى هذا بلا جدال أن الثمن الوارد بالفاتورة هو ثمن صوري وأن المستندات سالفة الذكر مصطنعة، ثم تساءلت الحكومة عن سبب تداخل شركة ماتفين وشركة التجارة والتبادل في هذه العملية التي كان يجب أن تتم بين شركة فوكسهول وشركة منير مقار وهي الوكيلة الوحيدة عن شركة فوكسهول ثم قالت إن الإجابة عن ذلك هي أن المعروف أن شركة التجارة والتبادل تقوم بالاتجار في العملات الأجنبية في الخارج وفي النقد وهي الوكيلة في مصر عن شركة ماتفين التي تقوم بتمويل العمليات بشراء العملات وبيعها بعد الحصول على عمولة كما تحصل على ربح نتيجة الشراء والبيع في العملات، وعلى ذلك فإن شركة منير مقار قد وسطت شركة التجارة والتبادل بالاتصال بشركة ماتفين لتمويل صفقة الـ 140 سيارة نظير عمولة تستبقيها لها في مصر أو نظير تسوية فرق السعر عنها في الخارج عن عملات أجنبية مملوكة لشركة منير مقار ومودعة بالخارج وكلا الأمرين يكون مخالفة نقدية صريحة وفقاً لأحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 والمعدل بالقوانين التالية له، وخلصت الحكومة من كل ذلك إلى أن السيارات المستوردة ليست من السيارات الصغيرة كما أن ثمنها يزيد على 450 جنيهاً وهو الحد الأعلى لما يسمح باستيراده من سيارات الركوب، وبذلك تكون هذه السيارات قد خالفت نظام الاستيراد وشروط الترخيص وتصبح وكأنها قد استوردت بدون ترخيص أصلاً، ومن ثم وجبت مصادرتها إدارياً تطبيقاً لأحكام القانون. ثم ردت الحكومة بعد ذلك على ما ورد بصحيفة الدعوى من العدول عن قرار الاستيلاء وشهادة مصلحة الجمارك ومراقبة الاستيراد بسلامة العملية وباختصاص اللجنة الاقتصادية بإصدار قرار المصادرة، كما ردت على ما أثارته الشركتان وهما بصدد وقف التنفيذ من أن حجز السيارات سيؤدي بهما إلى الإفلاس، وقالت إن الثابت أن ثمن السيارات على النحو الذي تقول به المدعية لا يزيد على 60000 جنيه بينما رأس مال هذه الشركة هو 140000 جنيه، وانتهت الحكومة من ذلك كله إلى طلب رفض الدعوى وفي طلب وقف التنفيذ برفضه وإلزام المدعيتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبعد أن تبادل الطرفان المذكرات حكمت المحكمة بجلسة أول مارس سنة 1960 "بوقف تنفيذ قرار وزير الاقتصاد الصادر في 10 من أكتوبر سنة 1959 بمصادرة 140 سيارة فوكسهول كريستا موضوع ترخيص الاستيراد رقم 7325 (على بنك القاهرة) المؤرخ 26 من أغسطس سنة 1958 والصادر للمدعية الأولى وما تضمنه من تكليف مصلحة الجمارك اتخاذ الإجراءات الخاصة ببيع السيارات المذكورة وتسوية المتحصل لحساب وزارة الاقتصاد" وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن السيارات التي استوردت بناء على هذا الترخيص والتي صدر القرار المطعون فيه بمصادرتها هي بذاتها السيارات الصادر بها الترخيص، أما القول بأن سعرها الحقيقي يجاوز 450 جنيهاً فإنه بفرض صحته لا يؤثر في حقيقة الواقع من أن السيارات المستوردة هي نفسها الصادر عنها الترخيص وأن الثمن الذي اشتريت به هو 450 جنيهاً مصرياً وأن هذا السعر هو سعر خاص ارتضته الشركة المنتجة لتصريف ما لديها من سيارات طراز سنة 1958 ولكي يتمشى مع القوانين المصرية الخاصة بالاستيراد. ومن ثم تكون هذه السيارات قد استوردت في حدود الترخيص الصادر للشركة المدعية الأولى وبالتالي لا يجوز مصادرتها إدارياً استناداً إلى الأمر العسكري رقم 556 لسنة 1945؛ إذ أن المصادرة الإدارية بمقتضى هذا الأمر لا تجوز إلا في حالة استيراد البضاعة بدون ترخيص سابق أو استيراد بضاعة مخالفة للترخيص، ولا يجدي بعد ذلك الحكومة القول بأن السيارات المستوردة ليست صغيرة ما دام أنها رخصت باستيرادها فعلاً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على نفس الأسباب التي استندت إليها الحكومة في مذكراتها ولا يخرج رد المدعيتين على عريضة الطعن عما أوردتاه في مذكراتهما السابقة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تقرها هذه المحكمة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات، ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 225 لسنة 34 ق جلسة 30 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 129 ص 886

جلسة 30 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام، وعثمان زكريا.

---------------

(129)
الطعن رقم 225 لسنة 34 القضائية

ملكية. "أسباب كسب الملكية". "إثبات كسب الملكية". "التصاق". استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". تجزئة.
طلب تثبيت الملكية طلب قابل للتجزئة. طلب إزالة المنشآت العامة على عين النزاع طلب متفرع عنه. تقضي فيه المحكمة طبق قواعد الالتصاق في القانون المدني. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة لأحد المطعون عليهم في خصوص هذا الطلب لا يمتد إلى سواه.

--------------
طلب تثبيت الملكية لقدر معين من الأطيان هو مما يقبل التجزئة بطبيعته (1) وإذ يعد طلب إزالة ما أقيم على هذا القدر من الأطيان من منشآت طلباً متفرعاً عن طلب ثبوت الملكية وتفصل فيه المحكمة طبقاً لقواعد الالتصاق المقررة في القانون المدني، فإن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة لأحد المطعون عليهم في خصوص هذا الطلب لا يمتد إلى سواه من المطعون عليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم من المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الزراعة - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 605 سنة 1948 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهما بصحيفة معلنة في 28/ 4/ 1948 طلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى 55 ف و8 ط مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وتسليمها إليها خالية من كل ما يشغلها في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانها بالحكم النهائي وإلا أزالتها الطاعنة بمصاريف ترجع بها عليهما. وقالت شرحاً لدعواها إنها تملك الأطيان موضوع الدعوى وأن ملكيتها ثابتة من ورودها بسجلات المساحة في سنة 1903 وبكشف الحصر ومكلفات الحكومة منذ سنة 1909 كما أنها كانت تضع اليد عليها وتقوم بإنشاء المصارف والمراوي وتخطيطها وإجراء كل ما يلزم لإصلاحها واستغلالها. وإذ تعدى المطعون عليهما بتاريخ 18/ 4/ 1946 على هذه الأطيان بطريق الغصب وادعيا ملكيتها دون وجه حق فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. دفع المطعون عليهما الدعوى بأنهما اشتريا هذه الأطيان من المرحومة السيدة محمود البساطي بعقد بيع مؤرخ 27/ 12/ 1940 وحكم بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 260 سنة 1946 كلي المنصورة وسجل الحكم في 16/ 12/ 1946 وأن البائعة كانت قد تملكت هذه الأطيان بعقد بيع مؤرخ 14/ 3/ 1914 صادر لها من المرحوم المرسي علي المرجاوي الذي كان يضع اليد عليها من 1/ 8/ 1910. وبتاريخ 22/ 12/ 1959 حكمت محكمة أول درجة بندب خبير زراعي بمكتب خبراء وزارة العدل لبيان ما إذا كانت الأطيان موضوع النزاع تتفق في الحدود مع الأطيان التي بيعت إلى المطعون عليهما مع تحقيق وضع اليد ومدته وسببه وتحديد ما أقيم عليها من مبان وغراس وخلافه وتقدير عمر كل منهما. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 12/ 2/ 1963 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 171 سنة 15 ق المنصورة ودفع الحاضر عن المطعون عليهما باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه إلى المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين. وحكمت المحكمة بتاريخ 8/ 2/ 1964 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون عليهما مذكرة دفعا فيها ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم نقضاً جزئياً في خصوص طلب تثبيت الملكية بالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبني الدفع بالبطلان أن الطاعنة وجهت إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليه الثاني بتاريخ 3/ 8/ 1965 بشارع خلوصى رقم 4 بالقاهرة مع أنه لا يقيم في هذا الموطن بل يقيم به شقيقه المطعون عليه الأول الذي رفض استلام صورة هذا الإعلان فسلمها المحضر لجهة الإدارة مما يجعل الإعلان باطلاً ويترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة له.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أنه وإن رفع الطعن في 5/ 4/ 1964 وأدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون ولئن كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22/ 7/ 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على اتباع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، إلا أن القانون رقم 4 لسنة 1967 وقد أجاز استكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 وتصحيح ما لم يصح منها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ نشره في 11/ 5/ 1967 وذلك بالنسبة للطعون التي لم تكن قد عرضت على المحكمة وقت العمل به ومنها هذا الطعن، فإن للطاعنة إعلان هذا الطعن حتى يوم 26/ 5/ 1967، وإن كان هذا اليوم قد صادف يوم جمعة، فإن الميعاد يمتد إلى اليوم التالي وهو 27/ 5/ 1967. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة بعد أن أعلنت تقرير الطعن بتاريخ 3/ 8/ 1965 إلى المطعون عليه الثاني في الموطن الذي يدعي أنه لا يقيم فيه وهو شارع خلوصى رقم 4 بالقاهرة - عادت وقامت بإعلانه في موطنه بالجمالية يوم 27/ 5/ 1967 مخاطباً مع شخصه وإذ تم هذا الإعلان في الميعاد الذي انفتح بالقانون رقم 4 لسنة 1967، فإنه لم يعد هناك محل للتمسك ببطلان الطعن بالنسبة له، ومن ثم يتعين رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببن تنعى الطاعنة بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أن المطعون عليه الثاني لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد وعلى عدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة، هذا في حين أن الثابت من صحيفة الاستئناف أن المطعون عليه الأول هو الذي لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الحاضر عن المطعون عليهما دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لأن المطعون عليه الأول لم يعلن إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين، وكان الحكم في صدد الرد على هذا الدفع قد أثبت أن المطعون عليه الأول لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد وأن المطعون عليه الثاني قد أعلن في الميعاد وأورد الحكم الأسباب التي استند إليها في عدم صحة إعلان المطعون عليه الأول في الميعاد ثم بحث قابلية موضوع النزاع للتجزئة وانتهى إلى ما يلي: "إن موضوع النزاع على هذه الصورة يكون غير قابل للتجزئة ومن ثم فإن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - يستتبع اعتباره كذلك والقضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن"، وإذ يتفق ما قرره الحكم وانتهى إليه في هذا الخصوص مع الثابت بالأوراق من أن المطعون عليه الأول هو الذي لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد وأن المطعون عليه الثاني قد أعلن في الميعاد فإنه لا يعيب الحكم ما أورده في أسبابه فيما عدا ذلك من أن المطعون عليه الثاني لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد لأن هذا يعد من قبيل الخطأ المادي في الأسباب طالما أن الواضح من الحكم أنه يقصد أن المطعون عليه الأول هو الذي لم يعلن إعلاناً صحيحاً في الميعاد.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بأن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليه الأول يستتبع اعتباره كذلك بالنسبة للمطعون عليه الثاني لعدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة استناداً إلى أن الدعوى رفعت بطلب تثبيت ملكية الطاعنة لأرض اغتصبها المطعون عليهما وإزالة ما عليها من منشآت وتسليمها إليها خالية مما يشغلها دون تحديد للقدر الذي اغتصبه كل منهما أو بيان لما أقامه عليها من منشآت، هذا في حين أن موضوع الدعوى المعروض على المحكمة هو ما يقبل التجزئة لأن الحكم الذي قد يصدر من محكمة الاستئناف بتثبيت ملكية الطاعنة للأرض موضوع النزاع ضد المطعون عليه الثاني الذي صح إعلانه بصحيفة الاستئناف يمكن تنفيذه مع الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى وصار نهائياً بالنسبة للمطعون عليه الأول بصدور الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذ تصبح الطاعنة مالكة على الشيوع في هذه الأرض مع المطعون عليه الأول.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الثابت أن الطاعنة أقامت الدعوى ضد المطعون عليهما تطلب الحكم بتثبيت ملكيتها إلى 55 ف و8 ط أطياناً زراعية وتسليم هذه الأطيان إليها خالية من كل ما يشغلها وإلا قامت بالإزالة بمصاريف ترجع بها عليهما وذلك استناداً إلى أنهما اغتصبا هذه الأطيان. ولما كان طلب تثبيت الملكية لقدر معين من الأطيان هو مما يقبل التجزئة بطبيعته. وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول لم يعلن خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفة الاستئناف إلى قلم المحضرين وأن المطعون عليه الثاني أعلن في هذا الميعاد فإن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن في خصوص طلب تثبيت الملكية يكون بالنسبة للمطعون عليه الأول الذي لم يعلن في الميعاد قاصراً عليه وحده دون المطعون عليه الثاني الذي أعلن في الميعاد. وإذ يعد طلب الطاعنة إزالة ما أقامه المطعون عليهما من منشآت على الأطيان موضوع النزاع طلباً متفرعاً عن ثبوت حقها في الملكية وتفصل فيه المحكمة طبقاً لقواعد الالتصاق المقررة في القانون المدني فإن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليه الأول في خصوص هذا الطلب لا يمتد إلى المطعون عليه الثاني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن موضوع النزاع غير قابل للتجزئة ورتب على ذلك قضاءه بأن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليه الأول يستتبع اعتباره كذلك بالنسبة للمطعون عليه الثاني، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في خصوص قضائه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بالنسبة للمطعون عليه الثاني.


(1) نقض 1/ 10/ 1959 - طعن 247 لسنة 24 ق مج المكتب الفني السنة 10 ص 25.

الطعن 432 لسنة 37 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 33 ص 185

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.

-----------------

(33)
الطلب رقم 432 لسنة 37 القضائية

(1) إيجار. "إيجار الأماكن". حكم. "الأحكام الغير جائر الطعن فيها". استئناف. "الأحكام الغير جائز استئنافها".
الحكم بتخفيض الأجرة استناداً إلى القانون 121 لسنة 1947. عدم قابليته للطعن. إجراء تعديلات وتحسينات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 يجيز طلب زيادة الأجرة طبقاً لأحكام القانون المذكور.
(2) إيجار. "إيجار الأماكن". استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". بطلان. "بطلان الحكم".
نص المادة 396 مرافعات سابق على جواز استئناف الأحكام الصادرة بصفة نهائية من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم. عدم اعتباره استثناء من حكم المادة 15 من قانون إيجار الأماكن 121 لسنة 1947 المانعة من الطعن في الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيقه. علة ذلك.
(3) دعوى. "نظر الدعوى. تقديم المذكرات". حكم. "مد أجل الحكم". محكمة الموضوع.
حجز الدعوى للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات في أجل معين. عدم التزام المحكمة بمد هذا الأجل ولو أجلت إصدار الحكم إلى جلسة أخرى.
(4) حكم. "إصدار الحكم". بطلان. "بطلان الأحكام".
نص المادة 344 مرافعات سابق على بيان أسباب تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية. من النصوص التنظيمية. مخالفة ذلك. لا بطلان. 

--------------

1 - متى كان الحكم الابتدائي قد استند في قضائه بتخفيض الأجرة إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون صادراً في منازعة ناشئة عن تطبيقه، ولا يكون قابلاً للطعن فيه عملاً بنص المادة 15 منه، ولا يغير من ذلك تمسك الطاعن بحصول تعديلات وتحسينات في العين المؤجرة لأن إجراء التعديلات والتحسينات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يعفي هذه المباني من الخضوع لأحكام القانون المشار إليه وإنما يجيز للمالك المطالبة بزيادة الأجرة مقابل تكاليفها، مما تختص به المحكمة الابتدائية طبقاً لأحكامه، ويكون حكمها في ذلك غير قابل للطعن.
2 - ما أجازته المادة 396 من قانون المرافعات السابق من استئناف الأحكام الصادرة بصفة نهائية من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - استثناء من حكم المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي تقضي بأن الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيقه لا تكون قابلة لأي طعن، لأن القانون رقم 121 لسنة 1947 هو تشريع خاص، تضمنت نصوصه قواعد تعتبر استثناء من أحكام قانون المرافعات، ولا سبيل لإلغاء أحكامه إلا بتشريع خاص ينص على هذا الإلغاء، ولا يستفاد هذا الإلغاء من نص المادة 396 مرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 137 لسنة 1956.
3 - متى كانت الدعوى قد حجزت للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات في ميعاد معين، ولم يقدم أحد الخصوم مذكرة بدفاعه خلال هذا الميعاد، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بأن تمد له الأجل الذي حددته لتقديم المذكرة فيه حتى ولو أجلت إصدار حكمها إلى جلسة أخرى.
4 - النص في المادة 344 من قانون المرافعات السابق على بيان أسباب تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية في ورقة الجلسة وفي المحضر يعتبر من النصوص التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن....... أقام الدعوى رقم 2062 سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية ضد...... بطلب الحكم بتحديد أجرة الشقة التي يستأجرها منه بمبلغ 1 ج و500 م استناداً إلى أن المكان المؤجر أنشئ قبل يناير سنة 1944 ويخضع في تحديد أجرته لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وأن الأجرة الواجبة الأداء طبقاً لهذه الأحكام هي المبلغ المشار إليه وفي 14 مايو سنة 1966 حكمت المحكمة بتخفيض أجرة الشقة إلى مبلغ 1 ج و955 م استناداً إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى، واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 644 سنة 22 قضائية، وبتاريخ 23 مايو سنة 1967 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل السبب الأول منها أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف تطبيقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أن المطعون عليه الأول كان مالكاً لعين النزاع، ويعلم أجرتها قبل أن يصبح مستأجراً لها بذات القيمة ومن ثم فلا تخضع المنازعة الحالية في تقدير الأجرة لأحكام ذلك القانون، هذا علاوة على أن المطعون عليه الأول قد أجرى في العين وقت أن كان مالكاً لها تعديلات وتحسينات تخرجها عن نطاق أحكامه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه متى كان الحكم الابتدائي قد استند في قضائه بتخفيض الأجرة إلى أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون صادراً في منازعة ناشئة عن تطبيقه، ولا يكون قابلاً للطعن فيه عملاً بنص المادة 15 منه، ولا يغير من ذلك تمسك الطاعن بحصول تعديلات وتحسينات في العين المؤجرة، لأن إجراء التعديلات والتحسينات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يعفي هذه المباني من الخضوع لأحكام القانون المشار إليه، وإنما يجيز للمالك المطالبة بزيادة الأجرة مقابل تكاليفها، مما تختص به المحكمة الابتدائية طبقاً لأحكامه ويكون حكمها في ذلك غير قابل للطعن، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف لاعتماده تقرير الخبير الذي اتخذ من الأجرة المحددة بمقتضى عقد إيجار مؤرخ أول يناير سنة 1942 أساساً لتقدير الأجرة خلافاً لما يستلزمه القانون من اتخاذ أجرة شهر أغسطس سنة 1939 أو شهر إبريل سنة 1941 أساساً لتحديدها، وإذ صدر الحكم باطلاً على هذا النحو فإنه يكون قابلاً للاستئناف عملاً بنص المادة 396 مرافعات معدلة بالقانون رقم 137 لسنة 1956.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ما أجازته المادة 396 من قانون المرافعات السابق من استئناف الأحكام الصادرة بصفة نهائية من المحاكم الابتدائية بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم، لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - استثناء من حكم المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي تقضي بأن الأحكام الصادرة في المنازعات الناشئة عن تطبيقه لا تكون قابلة لأي طعن، لأن القانون رقم 121 لسنة 1947 هو تشريع خاص تضمنت نصوصه قواعد تعتبر استثناء من أحكام قانون الرافعات، ولا سبيل إلى إلغاء أحكامه إلا بتشريع خاص ينص على هذا الإلغاء، ولا يستفاد هذا الإلغاء من نص المادة 396 مرافعات بعد تعديله بالقانون رقم 137 لسنة 1956، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قررت حجز الدعوى للحكم وحددت أجلاً لتقديم المذكرات، وبعد أن مدت أجل الحكم وقدم الطاعن في خلاله مذكرة بدفاعه أمرت المحكمة باستبعاد هذه المذكرة والمستندات المرفقة بها بحجة تقديمها بعد الميعاد، في حين أن مد أجل الحكم يقتضي بالضرورة مد الأجل المحدد لتقديم المذكرات، كما أن المحكمة إذ رأت تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية لم تبين أسباب هذا التأجيل في ورقة الجلسة وفي المحضر خلافاً لنص المادة 344 من قانون المرافعات وهو ما يعيب الحكم ويبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأنه متى كانت الدعوى قد حجزت للحكم مع التصريح للخصوم بتقديم مذكرات في ميعاد معين ولم يقدم أحد الخصوم مذكرة بدفاعه خلال هذا الميعاد، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بأن تمد له الأجل الذي حددته لتقديم المذكرة فيه حتى ولو أجلت إصدار حكمها إلى جلسة أخرى. ومردود في شقه الثاني بأن النص في المادة 344 من قانون المرافعات السابق على بيان أسباب تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية في ورقة الجلسة وفي المحضر يعتبر من النصوص التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 26/ 11/ 1970 مجموعة المكتب الفني. س 21 ص 1170.

الطعن 113 لسنة 33 ق جلسة 30 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 128 ص 881

جلسة 30 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وعثمان زكريا.

--------------

(128)
الطعن رقم 113 لسنة 33 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". "ميعاده". بطلان. قانون.
مقتضى نص المادة 3/ 2 من القانون 43 لسنة 1965 والمادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات وجوب إعلان الطعن خلال خمسة عشر يوماً تبدأ من 22/ 7/ 1965 تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965 - منح القانون 4 لسنة 1967 للطاعن ميعاداً جديداً لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات وتصحيح ما لم يصح منها. هذا الميعاد الجديد بالنسبة لإعلان الطعن هو خمسة عشر يوماً تبدأ من 11/ 5/ 1967 تاريخ نشر القانون الأخير. عدم إعلان الطعن في الميعادين المذكورين. جزاؤه بطلان الطعن وفقاً للمادة 431 مرافعات.
(ب) دعوى. "دعوى صحة ونفاذ عقد". "وصية". تجزئة. نقض. "إعلان الطعن بالنقض".
دعوى صحة ونفاذ عقد بيع صادر من مورث. دفعها من جانب فريق من الورثة بأن التصرف في حقيقته وصية. نزاع غير قابل للتجزئة. علة ذلك. بطلان الطعن بالنقض بالنسبة لفريق من الورثة يبطله بالنسبة للباقين.

---------------
1 - متى كان الطعن قد رفع في 17/ 4/ 1963 وأدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، وكانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22/ 7/ 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 451 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان الطعن فيه يبدأ من 22 يوليو سنة 1965 وهو تاريخ نشر القانون 43 لسنة 1965، وإذ خلت أوراق الطعن مما يدل على قيام الطاعنات بإعلان المطعون ضدها الثانية خلال هذا الميعاد، وكانت الأوراق خالية أيضاً مما يثبت أن الطاعنات قمن بإعلان الطعن إلى المطعون ضدها المذكورة في الميعاد الذي انفتح بعد ذلك بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وكان هذا الميعاد الجديد طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1967 المشار إليه هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11 مايو سنة 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت وقتئذ على المحكمة ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة بجلسة 19/ 3/ 1968، فإنه يتعين معه - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثالثة [(1)].
2 - متى كان الطاعنات قد أقمن الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر لهن من مورثهن ومورث المطعون ضدهم، وإذ دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأولون الدعوى بأن ذلك العقد لا يتضمن بيعاً منجزاً بل ينطوي في حقيقته على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت، وكان النزاع في هذه الصورة يدور حول المركز القانوني للمطعون ضدهم والمستمد بالنسبة لهم جميعاً من طعنهم على التصرف الصادر من مورثهم إضراراً بحقهم في الإرث باعتبارهم من الغير بالنسبة لهذا التصرف، وإذ يعد المطعون ضدهم جميعاً سواء في هذا المركز ماداموا يستمدونه من مصدر واحد هو حقهم في الميراث ولا يحتمل الفصل في طعنهم على التصرف غير حل واحد، وكان لا يصح في هذه الصورة أن يكون التصرف بيعاً بالنسبة لبعضهم ويكون في نفس الوقت وصية بالنسبة للآخرين منهم وكان مؤدى ذلك هو عدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة، فإن بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة يستتبع بطلانه بالنسبة للمطعون ضدهم الآخرين، لأن حق المطعون ضدها الثالثة وقد استقر بحكم حائز لقوة الأمر المقضي يعلو على الأمل المرتقب للطاعنات في كسب الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنات أقمن الدعوى رقم 467 سنة 59 مدني كلي الإسكندرية على المطعون ضدهم وطلبن الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر لهن من مورثهن ومورث المطعون ضدهم المرحوم ياقوت النقلي بتاريخ أول يناير سنة 1954 متضمناً بيعه لهن الحصص العقارية المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبالعقد المذكور في مقابل مبلغ 12000 ج ومرتب لمدى الحياة مقداره 150 ج شهرياً. دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأولون الدعوى بأن العقد المشار إليه ينطوي في حقيقته على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت قصد به المورث حرمانهم من التركة وبتاريخ 16 يونيه سنة 1960 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم الثلاثة الأولون أن التصرف موضوع النزاع ليس بيعاً منجزاً وأنه يخفي وصية. وبعد سماع شهود الطاعنات حكمت المحكمة في 18 مايو سنة 1961 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنات هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 330 سنة 17 ق، وبتاريخ 20 يناير سنة 1963 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت الرأي في الأولى منهما برفض الطعن ودفعت في الثانية ببطلان الطعن على أساس أن المطعون ضدها الثالثة لم تعلن بتقرير الطعن وأن هذا البطلان يمتد إلى باقي المطعون ضدهم لأن الموضوع غير قابل للتجزئة، وفي الجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 17 مارس سنة 1963 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون. ولما كانت المادة الثالثة من هذا القانون الذي عمل به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 قد نصت في فقرتها الثانية على أن تتبع الإجراءات التي كان معمولاً بها قبل إنشاء دوائر فحص الطعون، وكانت المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 451 لسنة 1955 الذي أنشأ دوائر فحص الطعون قد أوجبت على الطاعن أن يعلن الطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه إليهم في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وكان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ونص المادة 11 من قانون إصداره والمادة الأولى من قانون المرافعات أن ميعاد الخمسة عشر يوماً الذي يجب على الطاعن إعلان الطعن فيه يبدأ من 22 يوليه سنة 1965 وهو تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965 وإذ خلت أوراق الطعن مما يدل على قيام الطاعنات بإعلان المطعون ضدها الثالثة خلال هذا الميعاد، وكانت الأوراق خالية أيضاً مما يثبت أن الطاعنات قمن بإعلان الطعن إلى المطعون ضدها المذكورة في الميعاد الذي انفتح بعد ذلك بالقانون رقم 4 لسنة 1967 لاستكمال ما لم يتم من الإجراءات التي يقتضيها نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولتصحيح ما لم يصح منها وفقاً لحكم تلك الفقرة، وكان هذا الميعاد الجديد طبقاً لما يقضي به نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1967 المشار إليه هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ نشر هذا القانون في 11 مايو سنة 1967 بالنسبة للطعون التي لم تكن قد طرحت وقتئذ على المحكمة ومنها هذا الطعن الذي طرح على المحكمة لأول مرة بجلسة 19 مارس سنة 1968، لما كان ما تقدم فإنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليه والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة ولما كان الثابت أن الطاعنات أقمن الدعوى بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد الصادر لهن من مورثهن ومورث المطعون ضدهم المرحوم إبراهيم ياقوت النقلي، وإذ دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأولون هذه الدعوى بأن ذلك العقد لا يتضمن بيعاً منجزاً بل ينطوي في حقيقته على تصرف مضاف إلى ما بعد الموت، وكان النزاع في هذه الصورة يدور حول المركز القانوني للمطعون ضدهم والمستمد بالنسبة لهم جميعاً من طعنهم على التصرف الصادر من مورثهم المذكور إضراراً بحقهم في الإرث باعتبارهم من الغير بالنسبة لهذا التصرف، وإذ يعد المطعون ضدهم جميعاً سواء في هذا المركز ما داموا يستمدونه من مصدر واحد هو حقهم في الميراث ولا يحتمل الفصل في طعنهم على التصرف غير حل واحد، وكان لا يصح في هذه الصورة أن يكون التصرف بيعاً بالنسبة لبعضهم ويكون في نفس الوقت وصية بالنسبة للآخرين منهم، وكان مؤدى ذلك هو عدم قابلية موضوع النزاع للتجزئة، فإن بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة يستتبع بطلانه بالنسبة للمطعون ضدهم الآخرين لأن حق المطعون ضدها الثالثة وقد استقر بحكم حائز لقوة الأمر المقضي يعلو على الأمل المرتقب للطاعنات في كسب الطعن، مما يتعين معه الحكم ببطلان الطعن برمته.


[(1)] راجع نقض 26/ 10/ 1967 - الطعن 94 لسنة 32 ق مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1557 - و26/ 3/ 1968 - الطعن 159 السنة 33 ق - مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 593 رقم 89.

الطعن 621 لسنة 5 ق جلسة 17 / 12 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 45 ص 311

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد عبد العزيز البرادعي المستشارين.

----------------

(45)

القضية رقم 621 لسنة 5 القضائية

كادر عمال - كتبة 

- كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 9/ 53 الصادر في 8/ 9/ 1951 المتضمن أحكام قرار مجلس الوزراء في 12/ 8/ 1951 - تطبيق القواعد الجديدة التي جاء بها بأثر فوري - أثر ذلك - بداية تدرج العلاوات الدورية كل سنتين ابتداء من أول مايو سنة 1951 لا من بدء التعيين - أساس ذلك.

-------------
إن البند (ثانياً) من الكتاب الدوري رقم (ف 234 - 9/ 53) الصادر من وزارة المالية في 8 من سبتمبر سنة 1951 المتضمن أحكام قرار مجلس الوزراء في 12 من أغسطس سنة 1951، وهذا البند خاص (بالعلاوات الدورية) جاء فيه "ولما كان بعض العمال في الفئات السابق ذكرها (ومنهم العمال الكتبة - كتبة الأجرية) قد بلغوا نهاية مربوط درجاتهم منذ زمن طويل فلم تصرف لهم علاوات دورية، وحيث إن رفع نهاية مربوط الدرجات سيترتب عليه صرف علاوات لهم، فقد وافق مجلس الوزراء بقراره آنف الذكر على صرف العلاوات لهم بالكيفية الآتية: (1) العمال الذين بلغت أجورهم آخر مربوط درجاتهم وكانت لهم قبل أول مايو سنة 1951 سنتان أو أكثر من تاريخ آخر علاوة منحوها تصرف لهم العلاوة بالفئات الجديدة (وهي 20 مليماً كل سنتين بالنسبة لدرجتي العمال الكتبة وكتبة الأجرية) في حدود ربط الدرجة الجديدة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء، ويتخذ أول مايو سنة 1951 أساساً لتحديد موعد العلاوات المقبلة (2) أما العمال الذين لم تنقض على آخر علاوة منحوها سنتان في أول مايو سنة 1951 تمنح لهم العلاوة بالفئات الجديدة بعد انقضاء السنتين مع مراعاة أول مايو في حدود ربط الدرجة الجديدة". ومعنى هذا أن مجلس الوزراء قد قصد إلى تطبيق القواعد الجديدة بغير أثر رجعي وإلا لما جعل أول مايو سنة 1951 مناطاً لحساب مدة العلاوة الجديدة بمعنى أن حساب السنتين لا تطبق إلا ابتداء من أول مايو سنة 1951 ويكون بداية التطبيق على العمال الذين لم تنقص على آخر علاوة منحوها سنتان في أول مايو سنة 1951. ولو أراد الشارع أن يكون تدرج العلاوات كل سنتين من بدء التعيين لما كان في حاجة إلى أن يضع نص الفقرة (2) من البند ثانياً الخاص بالعلاوات الدورية، بل كان يحيل على التاريخ الذي تسفر عنه التسوية للأجر منذ بدء التعيين. ولكن قرار مجلس الوزراء لم يسلك هذا المسلك بل وضع قاعدة من مقتضاها ألا يبدأ تدرج العلاوات كل سنتين إلا بالنظر إلى تاريخ أول مايو سنة 1951. وهذا ما أخطأ فيه الحكم محل هذا الطعن إذ قضى بتدرج العلاوات كل سنتين من بدء تعيين المدعي.


إجراءات الطعن

في 6 من إبريل سنة 1959 أودع السيد النائب عن الحكومة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (621) لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 5 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم (130) لسنة 5 القضائية المقامة من إسماعيل سيد أحمد ضد الحربية والبحرية والطيران ومصلحة الأشغال العسكرية، والذي قضى "باستحقاق المدعي تسوية حالته في وظيفة عامل كتابي في الفئة (160/ 360 مليماً) - اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة في 11 من يوليه سنة 1942 وتدرج أجره بالعلاوات الدورية بفئة عشرين مليماً كل سنتين طبقاً لكشوف حرف (ب) بحيث تستحق أول علاوة دورية في أول مايو سنة 1945 وصرف الفروق عن الخمس سنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 25 من إبريل سنة 1957، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الإدارة نصف المصروفات". وطلب السيد النائب عن الحكومة - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض دعوى المطعون عليه مع إلزامه بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 13 من يوليه سنة 1959 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12 من يونيه سنة 1960، وفيها أحيل الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقدمت هيئة المفوضين تقريراً في الطعن انتهت فيه إلى أن "الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بتدرج أجر المدعي بالعلاوات الدورية اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة، والصحيح أن يكون هذا التدرج اعتباراً من أول مايو سنة 1951". ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم (130) لسنة 5 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية ضد وزارة الحربية، بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 18 من ديسمبر سنة 1957، بعد قبول طلب الإعفاء من الرسوم القضائية المقدم منه في 25 من إبريل سنة 1957 والمقيد تحت رقم 543 لسنة 4 القضائية، وقال فيها إنه عين بإدارة الأشغال العسكرية والتحصينات في وظيفة (مخزنجي) في يونيه سنة 1942 وأسندت إليه أعمال (أمين مخزن). وفي سنة 1945 سويت حالته طبقاً لأحكام كادر العمال في درجة (عامل كتابي فئة 140/ 360) مع أنه يعمل (أمين مخزن) وهي وظيفة مقرر لها درجة (صانع دقيق فئة 300/ 500). وعلى هذا النحو يكون المدعي قد سويت حالته على نحو يخالف أحكام كادر العمال التي تقضي باعتبار المناط في التسوية هو المهنة التي يزاولها العامل، وقد وردت مهنة المدعي في الكشف رقم (5) الخاص بالصناع والعمال الفنيين في الوظائف التي تحتاج إلى دقة في الفئة (300/ 500).
وقد تظلم المدعي من تسوية حالته في درجة (عامل كتابي) فأجابته إدارة الأشغال العسكرية بكتابها المؤرخ 10 من ديسمبر سنة 1947 بأن اللجنة الفنية المختصة بشئون العمال قد أوصت في 14 من يونيه سنة 1947 بتقديم المدعي إلى لجنة الترقيات للنظر في ترقيته إلى درجة (أمين مخزن فرعي) ثم كررت الإدارة الوعد بترقية المدعي إلى الوظيفة المذكورة. وعلى الرغم من أن لجنة الترقيات قد انعقدت عدة مرات إلا أنها لم تقرر ترقية المدعي إلى وظيفة (أمين مخزن فرعي) بدرجة صانع دقيق، وهي الوظيفة التي يقوم بأعبائها فعلاً، ومن ثم يستحق الأجر والدرجة المقررين لمن يشغلها. وحدد المدعي طلباته في "طلب الحكم باستحقاقه تسوية حالته باعتباره أمين مخزن بدرجة (صانع دقيق فئة 300/ 500) من بدء التعيين في الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المستحقة، وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل الأتعاب".
ردت المدعى عليها بقولها إن المدعي عين في وظيفة (مساعد مخزنجي) بأجر يومي قدره 140 مليماً وذلك اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1942 وقد سويت حالته طبقاً لأحكام كادر العمال في وظيفة (مساعد مخزنجي بالدرجة 160/ 360) وتسلسل أجره بالعلاوات الدورية إلى أن وصل إلى 260 مليماً في أول مايو سنة 1956. ولا يجوز ترقية المدعي من وظيفة (عامل كتابي) إلى درجة (صانع دقيق) أو غيرها من الدرجات الخاصة بالصناع إذ يعتبر ذلك بمثابة التعيين الجديد، ويستلزم النقل من سلك العمال العاديين إلى سلك الصناع وتغيير طبيعة الوظيفة. وقد قدم المدعي شكوى طلب فيها ترقيته إلى درجة (صانع دقيق) وصدر الكتاب المؤرخ 16 من مارس سنة 1954 بأن قواعد كادر العمال لا تجيز تلك الترقية. وعلى ذلك تكون تسوية حالة المدعي على النحو الذي ذهبت إليه المدعى عليها تسوية صحيحة ومطابقة لأحكام كادر العمال وتكون الدعوى واجبة الرفض.
وقدم السيد مفوض الدولة أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية تقريراً انتهى فيه إلى اقتراح الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 5 من فبراير سنة 1959 حكمت المحكمة الإدارية بالإسكندرية "باستحقاق المدعي تسوية حالته في وظيفة عامل كتابي في الفئة (160/ 360) اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة في 11 من يوليه سنة 1942 وتدرج أجره بالعلاوات الدورية بفئة 20 مليماً كل سنتين طبقاً لكشوف حرف (ب) بحيث تستحق أول علاوة دورية في أول مايو سنة 1945 وصرف الفروق عن الخمس سنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 25 من إبريل سنة 1957 ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وألزمت الإدارة نصف المصروفات". وأقامت قضاءها على أن الدرجة ومقدار الأجر اللذين يستحقهما العامل هما من المراكز القانونية التي تنطبق على العامل ويستمد حقه فيها من القانون مباشرة متى توافرت فيه شروط انطباقها؛ ومن ثم يحق للقضاء الإداري أن يحكم باستحقاق العامل للمركز القانوني الذي ينطبق عليه قانوناً بصرف النظر عن طلباته إذا قامت على الخطأ في فهم القانون، وقد بان للمحكمة الإدارية من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه قد سويت حالته في الدرجة (160/ 360) اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1942 تاريخ تعيينه في الخدمة وزيد أجره إلى 160 مليماً في أول مايو سنة 1946 ثم إلى 180 مليماً في أول مايو سنة 1949 وإلى 200 مليم في 11 من يونيه سنة 1950 وإلى 220 مليماً في أول مايو سنة 1952 وإلى 240 مليماً في أول مايو سنة 1954 وإلى 260 مليماً في أول مايو سنة 1956، وهو الأجر الذي كان يتقاضاه عند فصله من الخدمة. فالمدعي كان يتقاضى علاوة دورية قدرها عشرون مليماً كل ثلاث سنوات حتى أول مايو سنة 1952 ومن هذا التاريخ لغاية فصله من الخدمة ظل أجره يتدرج بالعلاوات الدورية بفئة 20 مليماً مرة واحدة كل سنتين.
ولما كانت إدارة الأشغال العسكرية بوزارة الحربية قد درجت أجر المدعي بحيث وصل إلى 260 مليماً في أول مايو سنة 1956 فإنها بذلك لا تكون قد أعملت في حقه أحكام كادر العمال وما ألحقه به قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 من تعديل إعمالاً صحيحاً. ولذلك فإنه يتعين الحكم له باستحقاق تسوية حالته في درجة (عامل كتابي) المخصصة لوظيفة (مساعد مخزنجي) بالفئة (160/ 360) اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة في 11 من يوليه سنة 1947 على أن يتدرج أجره بالعلاوات الدورية بفئة 20 مليماً كل سنتين طبقاً لكشوف حرف (ب) بحيث يستحق أول علاوة دورية في أول مايو سنة 1945 فيصل إلى ثلاثمائة مليم في أول مايو سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار، على ألا تصرف الفروق المالية المستحقة إلا من الخمس سنوات السابقة على تقديمه طلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 25 من إبريل سنة 1957 ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
ومن حيث إن الطعن لا ينصرف إلا إلى ما انزلق إليه الحكم المطعون فيه فيما اتجه إليه من وجوب تدرج الأجر المستحق للمدعي على أساس منحه علاوة قدرها عشرون مليماً كل سنتين ابتداء من تاريخ تعيينه في 11 من يوليه سنة 1942، والصحيح في وجهة نظر الطعن، أن هذه العلاوة الدورية كل سنتين، بتلك الفئة ذاتها ما كان يجوز أن تمنح للمدعي إلا ابتداء من أول مايو سنة 1951 فحسب وليس من يوليه سنة 1942.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه عين في خدمة مصلحة الأشغال العسكرية بوزارة الحربية في وظيفة (مساعد مخزنجي) بأجر يومي قدره مائة مليم اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1942. وقد سويت حالته طبقاً لأحكام كادر العمال في الدرجة (160/ 360) اعتباراً من تاريخ التحاقه بالخدمة، وتدرج أجره بالعلاوات الدورية إلى أن وصل إلى 260 مليماً يومياً اعتباراً من أول مايو سنة 1956. والمدعي من مواليد 12 من فبراير سنة 1893 فقد بلغ الخامسة والستين من عمره في 12 من فبراير سنة 1958 وقد فصل لذلك من الخدمة لبلوغه السن المقررة لرفت العمال، وتبين من الملف أن اللجنة الفنية بالمصلحة أوصت في 14 من يونيه سنة 1947 برفع أمر المدعي إلى لجنة الترقيات للنظر في ترقيته إلى درجة (أمين مخزن فرعي) وجاء في كتاب قائد المنطقة الشمالية المؤرخ 15 من نوفمبر سنة 1948 بأنه لم يصدر بعد قرار بترقية المدعي إلى الدرجة المذكورة وأوصى القائد المذكور بترقيته إلى درجة أمين مخزن توصية مستردة. وظلت المكاتبات تجري بين أقسام المصلحة في شأن ترقية المدعي الذي ثبت أنه أدى امتحاناً في 20 من فبراير سنة 1954 أمام اللجنة الفنية المشكلة لهذا الغرض وأسفر الامتحان عن ثبوت صلاحيته لوظيفة (تشهيلجي ممتاز). وقد ردت إدارة الأشغال العسكرية في 4 من مارس سنة 1954 على طلب ترقية المدعي وبعض زملائه إلى الدرجة المقررة لمهنة تشهيلجي بأن الأصل في هذه المهنة أن يكون العامل (صانعاً) وأن مهنة المدعي من المهن الكتابية، ولا يجوز ترقية العامل الكتابي إلى درجة الصانع الدقيق أو غيرها من درجات الصناع إذ يعتبر ذلك تعييناً جديداً؛ إذ أنه يستلزم النقل من سلك العمال العاديين إلى سلك الصناع، ثم تغيير المهنة. هذا فضلاً عن أنه لم يرد بقواعد كادر العمال ما يجيز ذلك. وقد منح المدعي علاوة من علاوات الدرجة بفئة 20 مليماً وصل بها أجره اليومي إلى 260 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1956 ثم فصل من الخدمة لبلوغه سن الخامسة والستين اعتباراً من 12 من فبراير سنة 1958.
ومن حيث إن تحديد المركز القانوني للمدعي يتعين تبعاً لوصف الخدمة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه في الخدمة ولا يغير من هذا المركز أن انصرفت نية الإدارة إلى ترقيته، وجرت المكاتبات الرسمية مستهدفة تحقيق هذه الترقية، كما لا يغير منه أيضاً أن يكون المدعي قد أدى امتحاناً لوظيفة (تشهيلجي) في 20 من فبراير سنة 1954 ثبتت فيه صلاحيته لشغل هذه الوظيفة ما دامت الإدارة لم تعينه على الدرجة المقررة لهذه الوظيفة. والمدعي قد عين في 11 من يوليه سنة 1942 في وظيفة (مساعد مخزنجي) كشوف (ب) كشف رقم (3) الخاص بالعمال الكتبة - وكانت هذه الوظيفة قبل قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951، في درجة (160/ 240) ثم صارت بعد هذا القرار (160/ 360)، فإنه لذلك يكون ما ذهبت إليه الإدارة من تسوية حالته في درجة عامل كتابي فئة (160/ 360) المقررة للوظيفة المسندة إليه في القرار الإداري الصادر بتعيينه في الخدمة، قد صادف حكم القانون ويكون الإبقاء عليه في هذه الدرجة متفقاً أيضاً مع نص القانون وروحه ما دامت المصلحة لم تعينه أو ترقيه إلى درجة أعلى من درجات كادر العمال. وعلى ذلك يكون طلب المدعي إعادة تسوية حالته في درجة (صانع دقيق) المقرر لوظيفة (أمين مخزن) هو طلب لا يستند على أساس من القانون ما دام لم يثبت من الأوراق أن المصلحة قد باشرت اختصاصاتها الأصلية في حقه بتعيينه في تلك الدرجة، وما دامت أحكام كادر عمال اليومية لم توجب بحال ترقية العمال الكتبة إلى درجة صانع دقيق، ترقية تتحقق في مستوى التسويات الوجوبية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على قواعد كادر عمال اليومية الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1945 أنه كان من المقرر للعمال الكتبة حسب كشوف حرف (ب) رقم (3) الدرجة فئة (120/ 240) والدرجة فئة (160/ 240) بعلاوة قدرها 20 مليماً كل ثلاث سنوات. ثم صدر قرار مجلس الوزراء في 12 من أغسطس سنة 1951 متضمناً تعديل بعض درجات كادر العمال وعلاواتهم الدورية والنسب المئوية لعدد العمال في كل درجة ثم ضبط بعض القواعد العامة اللازمة لهذا الخصوص. وقد تضمن الكتاب الدوري رقم (ف 234 - 9/ 53) بشأن إنصاف عمال اليومية، والصادر في 8 من سبتمبر سنة 1951 أحكام قرار مجلس الوزراء المذكور، وجاء في الفقرة (3) من البند أولاً، أن الدرجتين الحاليتين لعمال الكتبة الأجرية هما: (120/ 240)، (160/ 240)، بعلاوة عشرين مليماً كل ثلاث سنوات فأصبحت هاتان الدرجتان (140/ 360، 160/ 360) بعلاوة عشرين مليماً كل سنتين. وقد وردت مهنة المدعي (مساعد مخزن) في الدرجة (160/ 360). ومؤدى قرار مجلس الوزراء هذا أن تسوى حالة المدعي بوصفه في الدرجة (160/ 360) اعتباراً من تاريخ قرار مجلس الوزراء سالف الذكر.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء السالف الذكر وإن احتفظ بفئة العلاوة الدورية للكتبة الأجرية (ومنهم المدعي) وقدر هذه الفئة (عشرون مليماً) فإنه قد عدل المدة التي تمنح بعدها هذه العلاوة وقد كانت ثلاث سنوات فأصبحت "بعد كل سنتين". وعند إعمال هذه القاعدة المعدلة أخطأت المحكمة إذ ذهبت إلى وجوب تطبيق هذا التعديل على حالة المدعي منذ بداية تعيينه في 11 من يوليه سنة 1942 بحيث يتدرج أجره على هذا الأساس.
ومن حيث إنه قد فات المحكمة ما نص عليه البند (ثانياً) من الكتاب الدوري رقم (ف 234 - 9/ 53) الصادر من وزارة المالية في 8 من سبتمبر سنة 1951 المتضمن أحكام قرار مجلس الوزراء في 12 من أغسطس سنة 1951، وهذا البند خاص (بالعلاوات الدورية) جاء فيه: "ولما كان بعض العمال في الفئات السابق ذكرها قد بلغوا نهاية مربوط درجاتهم منذ زمن طويل فلم تصرف لهم علاوات دورية، وحيث إن رفع نهاية مربوط الدرجات سيترتب عليه صرف علاوات لهم. فقد وافق مجلس الوزراء بقراره آنف الذكر على صرف العلاوات لهم بالكيفية الآتية (1) العمال الذين بلغت أجورهم آخر مربوط درجاتهم وكانت لهم قبل أول مايو سنة 1951 سنتان أو أكثر من تاريخ آخر علاوة منحوها تصرف لهم العلاوة بالفئات الجديدة وهي 20 مليماً كل سنتين بالنسبة لدرجتي العمال الكتبة وكتبة الأجرية في حدود ربط الدرجة الجديدة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء، ويتخذ أول مايو سنة 1951 أساساً لتحديد موعد العلاوات المقبلة (2) أما العمال الذين لم تنقض على آخر علاوة منحوها سنتان في أول مايو 1951 تمنح لهم العلاوة بالفئات الجديدة، بعد انقضاء السنتين مع مراعاة أول مايو في حدود ربط الدرجة الجديدة" ومعنى هذا أن مجلس الوزراء قد قصد إلى تطبيق القواعد الجديدة بغير أثر رجعي وإلا لما جعل أول مايو سنة 1951 مناطاً لحساب مدة العلاوة الجديدة بمعنى أن حساب السنتين لا تطبق إلا ابتداء من أول مايو سنة 1951 ويكون بداية التطبيق على العمال الذين لم تنقض على آخر علاوة منحوها سنتان في أول مايو سنة 1951. ولو أراد الشارع أن يكون تدرج العلاوات كل سنتين من بدء التعيين لما كان في حاجة إلى أن يضع نص الفقرة (2) من البند (ثانياً) الخاص بالعلاوات الدورية، بل كان يحيل على التاريخ الذي تسفر عنه التسوية للأجر منذ بدء التعيين. ولكن قرار مجلس الوزراء لم يسلك هذا المسلك، بل وضع قاعدة من مقتضاها ألا يبدأ تدرج العلاوات كل سنتين إلا بالنظر إلى تاريخ أول مايو سنة 1951، وهذا ما أخطأ فيه الحكم محل هذا الطعن؛ إذ قضى بتدرج العلاوات كل سنتين من بدء تعيين المدعي.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه، ولئن كان قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من استحقاق المدعي تسوية حالته في وظيفة من وظائف العمال الكتبة في الفئة (160/ 360) على النحو السالف تسبيبه، إلا أنه قد أخطأ في الشق الخاص ببداية تدرج العلاوات الدورية، إذ قضى بتدرج أجر المدعي بالعلاوات الدورية بفئة عشرين مليماً كل سنتين بحيث تستحق أول علاوة دورية في أول مايو سنة 1945. والصحيح أن يكون بدء هذا التدرج في العلاوات من أول مايو سنة 1951 وليس أول مايو سنة 1945. وهذا ما أجرته الوزارة في حقه فعلاً، ومن ثم تكون دعواه على غير أساس من القانون ويتعين القضاء برفضها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 387 لسنة 37 ق جلسة 8 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 32 ص 175

جلسة 8 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين.

---------------

(32)
الطعن رقم 387 لسنة 37 القضائية

(1) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب" حيازة. "شروط وضع اليد".
الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم. شروطها. عدم لزوم علم المالك بها علم اليقين. كفاية أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها.
(2) محكمة الموضوع. نقض. "سلطة محكمة النقض". حيازة.
سلطة محكمة الموضوع في التحقق من استيفاء الحيازة لشروطها. لا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(3 و4) حيازة.
(3) كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري. عدم إخلاله بصفة الاستمرار.
(4) العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
(5) ملكية. "أسباب كسب الملكية". تقادم "التقادم المكسب". حيازة. إيجار.
استئجار المطعون عليه أرض النزاع من مصلحة الأملاك في سنة 1943. شراؤه هذه الأرض من مورثه بعقد مسجل في سنة 1948. تمسكه بملكية البائع بالتقادم الطويل. قضاء الحكم المطعون فه بثبوت هذه الملكية تأسيساً على أن البائع حاز تلك الأرض بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع وأن عقد الاستئجار لم ينفذ بالتسليم. لا خطأ.
(6) دعوى. "مصروفات الدعوى".
مصاريف الدعوى يحكم بها على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. م 357 مرافعات سابق. الخصم المدخل للحكم في مواجهته والذي لم يكن له شأن بالنزاع. عدم جواز إلزامه بالمصروفات.

---------------
1 - الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم، وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس في قصد التملك بالحيازة، كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته، وبقدر الحاجة إلى استعماله، إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين، وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها، ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع، وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة، على فترات متقاربة منتظمة.
3 - كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة متقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار.
4 - العبرة - في الحيازة - بالحيازة الفعلية، وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة.
5 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها إلى أن مورث المطعون عليه قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وكان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه، ولا يعتبر صفته ولا يجعل حيازته عرضية، وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك، فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة، لا هي عرضية وقتية، ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك، ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده، وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه، وكان الثابت أن مورث المطعون عليه باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل، ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
6 - مصاريف الدعوى لا يحكم بها - على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها. وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها، وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض. وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها، وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء، ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات، فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير الشئون البلدية والقروية أقام الدعوى رقم 242 سنة 1957 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم وطلب في مواجهة الطاعن الثاني الحكم (أولاً) بثبوت ملكية الحكومة إلى قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى الكائنة بزمام بندر المطرية وتسليمها خالية مما يشغلها وإزالة ما عليها من غراس ومنشآت وغيرها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم وإلا قام بإزالتها على نفقتهم. (ثانياً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم بتاريخ 13/ 4/ 1948 والذي بمقتضاه باع مورث المدعى عليهم من الثاني حتى العاشر هذه القطعة إلى المدعى عليه الأول (ثالثاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 65 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليه الحادي عشر (رابعاً) ببطلان عقد البيع المسجل برقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وهو الذي بمقتضاه باع المدعى عليه الأول 130 متراً من هذه القطعة إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر (خامساً) إلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة على هذه العقود الباطلة (سادساً) إلزام المدعى عليهم عدا الأخير بالمصروفات والأتعاب. وقال بياناً للدعوى إن الحكومة تملك ببندر المطرية قطعة أرض مساحتها 780 متراً مربعاً برقمي 344 و345 في المربع 124 وهي واردة في سجل مساحة فك الزمام باسم الحكومة ضمن القطعة 1 بحوض/ 1 في زمام العصافرة المتداخلة في كردون بندر المطرية وكانت الحكومة تباشر عليها كافة حقوقها وتقوم بتأجيرها للأفراد، وأن المدعى عليه الأول استأجرها بعقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 لمدة سنة يبدأ من 1/ 1/ 1943 إلا أنه تواطأ مع والده إضراراً بالحكومة على أن بيعه والده هذه القطعة بموجب عقد مسجل برقم 2620 بتاريخ 3/ 4/ 1948 نص فيه على أن البائع تملكها بوضع اليد المدة الطويلة قبل سنة 1924، وقام المدعى عليه الأول ببيع جزء منها مساحته 65 متراً مربعاً إلى المدعى عليه الحادي عشر بعقد مسجل تحت رقم 2224 بتاريخ 24/ 4/ 1952 وببيع جزء مساحته 130متراً مربعاً إلى المدعى عليهما الثاني عشر والثالث عشر بعقد مسجل تحت رقم 2225 بتاريخ 24/ 4/ 1952، وانتهى من ذلك إلى طلب الحكم له بالطلبات، وبتاريخ 14/ 2/ 1961 حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتحقيق وضع اليد ومدته وسببه، ثم عادت بتاريخ 17/ 11/ 1964 فحكمت بثبوت ملكية المدعي إلى هذه القطعة وببطلان عقود البيع المشار إليها وإلغاء التأشيرات والتسجيلات المترتبة عليها، وذلك في مواجهة المدعى عليه الرابع عشر وألزمت المدعى عليه الأول بالمصروفات. واستأنف المدعى عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 311 سنة 16 قضائية. وبتاريخ 4/ 5/ 1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن مورث المستأنفين العشرة الأول والبائع للمستأنف الأول وضع يده على الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للتملك بشروطها القانونية، وبعد أن نفذت هذا الحكم وبتاريخ 9/ 5/ 1967 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليهما وإلزامهما بصفتهما بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ 500 ق مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت نقض الحكم نقضاً جزئياً وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل الأسباب الثلاثة الأولى أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن الأول مستنداً في ذلك إلى ما ورد بأقوال شاهدي المطعون عليهم وما جاء بتقرير الخبير من أن والد المطعون عليهم تملك الأرض موضوع النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وهو من الحكم قصور وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون من وجوه (أولها) أن أقوال شاهدي المطعون عليهم وتقرير الخبير لا تتضمن مظاهر وضع اليد من جانب والد المطعون عليه الأول لأن قيامه بردم الأرض موضوع النزاع منذ أربعين سنة دون اتخاذ أي مظهر آخر أو القيام بنزع بعض الأعشاب منها والحصول على شهادة من الجيران بوضع يده عليها لتقديمها إلى الشهر العقاري لا يدل على حيازة قانونية تؤدي إلى اكتساب ملكيتها بالتقادم (وثانيها) أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة بأن ردم الأرض - إن صح حدوثه - يعتبر من قبيل التسامح لأن الثابت بالأوراق أن أرض النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة، وأن مجرد ردمها في مدة شهر لاستغلالها لا يفيد استمرار الحيازة وإنما هو سبيل لبدء حيازتها بالزراعة أو البناء إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع الذي يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف، واعتمد على قيام والد المطعون عليه الأول بردم الأرض موضوع النزاع دون بحث العناصر والصفات القانونية الواجب توافرها في الحيازة (وثالثها) أن الحكم قرر أن وضع اليد اكتملت مدته قبل رفع الدعوى، في حين أن الثابت بالمستندات المقدمة من الطاعن الأول أمام محكمة أول درجة أن لجنة تقدير الإيجار المشكلة من مندوب الحكومة ورجال السلطة المحليين أثبتت في محاضرها بتاريخ 21/ 9/ 1936 و23/ 4/ 1939 أن الأرض موضوع النزاع تغمرها مياه البحيرة، وهو ما يفيد أن الأرض لم تكن في حيازة المورث حتى ذلك التاريخ، كما أن الثابت بعقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك الأميرية للمطعون عليه الأول بتاريخ 27/ 4/ 1943 أن الأرض المؤجرة فضاء وبها غاب وحشائش وهو ما يستبعد وضع يد المورث عليها عن طريق الزراعة أو البناء حتى أبرم المطعون عليه الأول عقد البيع في 13/ 4/ 1948، وأعقبه هذا الأخير بإقامة البناء على أرض النزاع في سنة 1953 إلا أن الحكم اعتبر وضع يد المورث سابقاً على إبرام هذا العقد وأغفل بحث هذه المستندات اكتفاء بأقوال شاهدي المطعون عليهم وهي أقوال مرسلة يشوبها الاضطراب والغموض (ورابعها) أن الحكم قرر أن الحكومة لم تنفذ عقد الإيجار المؤرخ 27/ 4/ 1943 ولم تطالب المستأجر بأي مبلغ في حين أن الثابت من تقرير الخبير أن المطعون عليه الأول قام بسداد الأجرة المستحقة عن سنة 1943 ولم يذكر المطعون عليه الأول أو الشاهدان أن العقد لم ينفذ، كما قدم الطاعن أمام محكمة أول درجة الإيصال المؤرخ 29/ 5/ 1943 والثابت فيه قيام المطعون عليه الأول بسداد الأجرة عن هذه السنة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحيازة التي تصلح أساساً لتملك المنقول أو العقار بالتقادم وإن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة في معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء. أو اللبس في قصد التملك بالحيازة كما تقتضي من الحائز الاستمرار في استعمال الشيء بحسب طبيعته وبقدر الحاجة إلى استعماله إلا أنه لا يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين وإنما يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بها ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء في كل الأوقات دون انقطاع وإنما يكفي أن يستعمله كما يستعمله المالك في العادة وعلى فترات متقاربة منتظمة. ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في التحقق من استيفاء الحيازة للشروط التي يتطلبها القانون، ولا سبيل لمحكمة النقض عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الأرض موضوع النزاع كانت جزءاً من بحيرة المنزلة وأصبحت قطعتين على شارع بمدينة المطرية، وأن الخبير المنتدب في الدعوى أثبت في معاينته أنه مقام عليها مبان للسكن بالطوب الأحمر والأسمنت المسلح، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "إنه يبين من التحقيق الذي أجرته المحكمة أن المستأنف...... أشهد..... و....... فشهد كل منهما أن...... اشترى من والده........ وأن الأخير كان يمتلك الأرض المبيعة إلى المستأنف منذ أربعين سنة تقريباً وأن أحداً لم ينازع البائع في وضع يده وأن مظهر وضع يد....... البائع أنه هو الذي قام بردم الأرض المبيعة بنفسه وأنه عندما أراد واضع اليد أن يبيع لوالده المستأنف الأول طلب منه الشهر العقاري مستندات التمليك فأحضر شهادة من الجيران وكبار السن ومن مشايخ البلد ومن رجال الإدارة بوضع يده" وأنه "ثبت من تقرير الخبير أن والد المستأنف الأول قام بردم الأرض المتنازع عليها منذ أربعين سنة ووضع اليد عليها، ثم تصرف فيها بالبيع إلى ابنه المستأنف الأول بموجب عقد مسجل في سنة 1948، وقد قام هذا الأخير بالتصرف فيها وكذلك بموجب عقود مسجلة أيضاً وذلك في سنة 1952" وأنه "يبين من الاطلاع على العقد المسجل رقم 2742 المؤرخ 8/ 4/ 1948 أنه ثبت فيه بالبند الرابع أن البائع يقر بأنه تملك الأرض المذكورة بطريق وضع اليد المدة الطويلة من قبل سنة 1924 وضع يد هادئ بموجب الشهادة الإدارية الموقع عليها من كبار السن والمجاورين ومن رجال الحكومة المحليين ومعتمدة من مركز المنزلة بتاريخ 8/ 5/ 1947 قسيمة رقم 904471 -" ومن ذلك يبين أن الحكم اعتمد على أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى والقرائن التي ساقها في ثبوت حيازة والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بصفة ظاهرة ومستمرة وبنية التملك قبل تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وهي أدلة لها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وتواجه دفاع الطاعن الأول بما أوردته من بيان مظاهر الحيازة طوال هذه المدة وهو ما ينفي عن الحيازة مظنة التسامح وشبهة الخفاء ويتضمن الرد على ما ورد بمحاضر لجنة الإيجارات من أن الأرض كانت تغمرها البحيرة في سنة 1939، لأن كف الحائز عن استعمال حقه في بعض الأوقات لسبب قهري لا يفيد أن الحيازة منقطعة ولا يخل بصفة الاستمرار، كما يتضمن الرد على ما تمسك به الطاعن الأول من تأجير هذه الأرض إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 واقتضاء الأجرة عن هذه السنة لأن العبرة بالحيازة الفعلية وليست بمجرد تصرف قانوني قد يطابق أو لا يطابق الحقيقة. إذ كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص من أقوال الشهود ومن تقرير الخبير أن عقد الإيجار لم ينفذ بالفعل بحسب ما هو ثابت بالأوراق في محضر التحقيق وفي تقرير الخبير فإن الحكم إذ رتب على ذلك تملك والد المطعون عليه الأول لأرض النزاع وصحة عقود البيع الصادرة منهما فإنه لا يكون مشوباً بالقصور أو الفساد في الاستدلال أو الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه عول على حيازة المطعون عليه الأول في اكتساب ملكية الأرض موضوع النزاع بالتقادم وهو خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن حيازة مورثه كانت على سبيل التسامح ويشوبها عيب الخفاء وعدم الاستمرار فتنتقل إلى خلفه المطعون عليه الأول بصفاتها التي تحول دون اكتساب الملكية بالتقادم، ولأن المطعون عليه الأول وقد استأجر الأرض موضوع النزاع من مصلحة الأملاك الأميرية بمقتضى عقد مؤرخ 27/ 4/ 1943 يكون قد اعترف بملكيتها للأرض فلا يجوز له أن يكسب بالتقادم على خلاف سنده ولو لم تحصل منه الأجرة عن السنوات التالية لأن السكوت عن تحصيلها يرتب سقوط الحق فيها بالتقادم إذا توافرت شروطه ولا يترتب عليه زوال العقد، بل يظل العقد قائماً منتجاً لكافة آثاره ولا يغير من ذلك عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون عليه الأول بالتواطؤ إضراراً بحق الجهة الإدارية مالكة الأرض لأن عقد الإيجار يخوله الحق في الانتفاع فتكون الحيازة مشوبة بالغموض ولا يتوافر فيها ركن القصد اللازم لكسب الملك بالتقادم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه انتهى من الأسباب السائغة التي أوردها على ما سلف البيان إلى أن مورث المطعون عليه الأول قد حاز الأرض موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية بنية التملك وبصفة ظاهرة ومستمرة حتى تاريخ البيع الصادر منه للمطعون عليه الأول في سنة 1948، وأن عقد الإيجار الصادر من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليه الأول في سنة 1943 لم ينفذ بالتسليم، وإذ كان هذا العقد حجة على المتعاقدين لا ينصرف أثره إلى المورث الذي لم يكن طرفاً فيه ولا يغير صفته ولا يجعل حيازته عرضية وهو لم يقترن بتسليم العين للمستأجر وحيازتها لحساب مصلحة الأملاك فلا يكون له تأثير على حيازة المورث الأصلية، وتظل مع استمرارها صحيحة لا هي عرضية وقتية ولا هي مفقودة أو مقطوعة ويترتب عليها أثرها في كسب الملك ولا يحول العقد دون تمسك المستأجر بحق سلفه في كسب الملك بالتقادم، لأنه لا يدعي حيازة لنفسه على خلاف سنده وإنما يدعي بحق في الحيازة اكتمل لسلفه، ولا وجه للتحدي باعترافه بالملكية لمصلحة الأملاك بمقتضى عقد الإيجار، لأنه لا يملك النزول عن حق سلفه قبل انتقاله إليه. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن مورث المطعون عليهم باع الأرض المتنازع عليها إلى المطعون عليه الأول بعقد مسجل بتاريخ 13/ 4/ 1948 وأن المطعون عليه الأول تمسك بملكية البائع لهذه الأرض بالتقادم الطويل ولم يتمسك بحيازة يدعيها لنفسه على خلاف عقد الإيجار، فإن الحكم إذ قضى بثبوت ملكية البائع بالتقادم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن الثاني بالمصروفات قد خالف القانون، ذلك أن الطاعن الثاني أدخل في الدعوى أمام محكمة أول درجة ليصدر الحكم في مواجهته بشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة على عقود البيع المشار إليها بالصحيفة كما لم توجه إليه طلبات أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مصاريف الدعوى لا يحكم بها على مقتضى المادة 357 من قانون المرافعات السابق إلا على الخصم الذي ألزم بالحق المتنازع عليه فيها، وإذ كان الثابت أن الطاعن الأول أقام الدعوى على المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته للأرض المبينة بصحيفتها وببطلان عقود البيع الصادرة لهم عن هذه الأرض وشطب التسجيلات والتأشيرات المترتبة عليها وأنه أدخل فيها الطاعن الثاني بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري ليصدر الحكم في مواجهته، وأن الطاعن الثاني لم يدفع الدعوى بشيء ولم يكن له شأن في النزاع الذي دار فيها أمام محكمة أول درجة أو محكمة ثاني درجة، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزامه مع الطاعن الأول بالمصروفات فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلزام المستأنف عليه الأول والذي يمثله الطاعن الأول بالمصروفات عن الدرجتين.

الطعن 384 لسنة 34 ق جلسة 25 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 127 ص 875

جلسة 25 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

-----------------

(127)
الطعن رقم 384 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "مسئولية ناظر الوقف".
تقصير ناظر الوقف نحو أعيانه أو غلاته. ضمان ما ينشأ من تقصيره الجسيم. لا يسأل عن التقصير اليسير إلا إذا كان له أجر على النظر.
(ب) وقف. "مسئولية ناظر الوقف". "الغبن الفاحش في إيجار الوقف". إجارة.
اختلاف فقهاء الشريعة الإسلامية في ضمان متولي الوقف الغبن الفاحش في أجر عقار الوقف من عدمه. غالبية المتأخرين من الفقهاء يرون ضمان الغبن الفاحش ولو كان متعمداً أو عالماً به. هذا الرأي تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر. تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به. اعتباره تقصيراً جسيماً يسأل عنه دائماً.
(ج) إجارة. "إجارة الوقف". "مسئولية ناظر الوقف". وقف.
عدم صحة إجارة الوقف بالغبن الفاحش. عدم بيان المادة 631 من القانون المدني مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن. خلو المواد الأخرى في القانون المدني من تحديد هذه المسئولية.

--------------
1 - إذا قصر ناظر الوقف نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر. وهو ما نصت عليه المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946.
2 - اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء أن المتولي يلزمه تمام أجر المثل وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون جناية تستوجب عزله. وهذا الرأي الأخير هو ما تأخذ به محكمة النقض لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً.
3 - اقتصرت المادة 631 من القانون المدني على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح، دون أن تبين مسئولية ناظر الوقف عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الأوقاف "المطعون ضدها الأولى" أقامت الدعوى رقم 514 سنة 1959 كلي طنطا على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وقالت في بيانها إنه بموجب عقد تاريخه 21/ 9/ 1951 أجر الطاعن بصفته ناظراً على وقف عبد اللطيف فايد الخيري إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث أرضاً زراعية للوقف المذكور مساحتها 84 ف و13 ط و10 س لمدة ثلاث سنوات تنتهي في آخر سنة 1954 الزراعية بإيجار سنوي قدره 1353 ج أي بواقع 16 ج للفدان الواحد سنوياً وقد تبين لوزارة الأوقاف بعد حلولها بمقتضى القانون رقم 247 سنة 1952 محل الطاعن في النظر على هذا الوقت أن هذه الإجارة فيها غبن فاحش لأن أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة لا يقل عن 130 جنيهاً سنوياً في عام 1951 و1952 الزراعية ولا عن 27 ج و440 م في كل من السنتين التاليتين، وأنه إذ كانت المادة 362 من القانون المدني توجب على المستأجر لأرض الوقف في حالة استئجاره لها بغبن فاحش تكملة الأجرة إلى أجر المثل وكان يحق للوزارة أن تطالب بصفتها ناظرة للوقف مستأجري الأرض بقيمة الفرق بين الإيجار المتفق عليه وأجر المثل عن المدة الواردة بالعقد وقدره 3118 ج و538 م كما أن الطاعن يعتبر مسئولاً شخصياً عن هذا المبلغ لإساءته إدارة الوقف وتأجيره لأعيانه بغبن فاحش فقد انتهت الوزارة إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام المطعون عليهما الثاني والثالث المستأجرين متضامنين بأن يدفعا لها بصفتها المبلغ سالف البيان واحتياطياً بإلزام الطاعن بأدائه لها على سبيل التعويض. وفي 27/ 12/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) في الطلب الأصلي برفض الدعوى قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث على أساس أنه لا يجوز مطالبتهما بتكملة الأجرة بعد انتهاء عقد الإيجار. (ثانياً) وفي الطلب الاحتياطي وقبل الفصل في موضوعه بندب أحد خبراء وزارة العدل للانتقال إلى الأطيان موضوع الدعوى ومعاينتها وتقدير أجر المثل لها في 21/ 9/ 1951 تاريخ تحرير عقد الإيجار - وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 17 إبريل سنة 1962 برفض الدعوى قبل الطاعن - فاستأنفت الوزارة قضاءها لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 281 سنة 12 قضائية وفي 14/ 4/ 1964 حكمت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للوزارة بصفتها مبلغ 2166 ج و780 م فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرتين دفعت في الأخيرة منهما ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث وبرفضه موضوعاً بالنسبة للمطعون عليهما الأول والثاني.
وحيث إن النيابة أسست الدفع ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث على عدم قيام الطاعن بإعلانه بالطعن.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطعن رفع في 13 يونيو سنة 1965 وقد أدركه قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون وقد خلت الأوراق مما يثبت قيام الطاعن بإعلان تقرير الطعن للمطعون ضده الثالث خلال الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ العمل بذلك القانون وحتى انقضى الميعاد الذي منحه إياه القانون رقم 4 لسنة 1967 ومن ثم يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والقضاء ببطلان الطعن بالنسبة له ولما كان هذا الطعن موجهاً إلى قضاء الحكم في الطلب الاحتياطي الذي تنحصر الخصومة فيه بين الطاعن والمطعون ضده الأول بصفته الذي أعلن بالطعن ولم يكن المطعون ضده الثالث الذي لم يعلن طرفاً في هذه الخصومة ولم يقض له الحكم المطعون فيه بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير لازم بل وغير جائز فإن بطلان الطعن بالنسبة إليه لا يترتب عليه بطلان الطعن بالنسبة لمن أعلن من الخصوم.
وحيث إن الطعن غير مقبول أيضاً بالنسبة للمطعون ضده الثاني لأنه كالمطعون ضده الثالث لم يكن طرفاً في الطلب الاحتياطي الذي اقتصر الطعن على قضاء الحكم فيه ولم يقض له هذا الحكم بشيء مما يجعل اختصامه في هذا الطعن غير جائز.
وحيث إنه بالنسبة للمطعون ضده الأول "وزير الأوقاف بصفته" فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور لم يبين السند القانوني الذي يوجب إلزامه وهو ناظر الوقف السابق بأن يدفع من ماله الخاص قيمة الغبن الفاحش وهي الفرق بين الأجرة التي أجر بها أعيان الوقف وبين أجر المثل إذ أن الحكم المطعون فيه بعد أن خطأ محكمة أول درجة في عدم أخذها بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير الذي عينته من حيث اعتبار الإيجار الصادر من الطاعن بغبن فاحش وأورد الأسباب التي تجعله يأخذ بهذه النتيجة انتهى إلى القول "بأنه لما تقدم ولأن المادة 631 من القانون المدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش يتعين إلزام الطاعن بما ضاع على الوقف بسبب تفريطه" - وهذا الذي ذكره الحكم ليس فيه بيان للسند القانوني الذي استند إليه في إلزام الطاعن بقيمة الغبن لأن المادة 631 التي أشار إليها الحكم لا تلزم ناظر الوقف بشيء في حالة تأجيره أعيانه بالغبن الفاحش وإنما تلزم المستأجر بتكملة الأجرة إلى أجر المثل ومن ثم فلا تصلح هذه المادة سنداً قانونياً لإلزام الطاعن بما ألزمه به الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك لأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أيد قضاء الحكم الابتدائي برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلي الذي كان موجهاً إلى المستأجرين عرض للطلب الاحتياطي الموجه إلى الطاعن وأورد الأسباب التي تجعله يخالف الحكم الابتدائي ويأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير من اعتبار أجر المثل للفدان من الأرض المؤجرة من الطاعن بصفته ناظراً للوقف 25 ج مما يعتبر معه الإيجار حاصلاً بالغبن الفاحش ثم قال الحكم "وحيث إنه لما تقدم وكانت المادة 631 مدني تنص على أنه لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش وكان يبين من أوراق الدعوى أن المستأنف عليه الثالث (الطاعن) الناظر السابق على الوقف وإن كان قد نشر في إحدى الجرائد عن مزايدة لتأجير أطيان الوقف إلا أنه لم يقدم ما يدل على قيامه بإجراء المزايدة وأجر أطيان الوقف للمستأنف عليهما الأول والثاني مع أن ناظر الوقف يلزمه التحري في تصرفاته حتى تكون موافقة لصالح الوقف مما يترتب عليه ضياع غلة الوقف بتفريطه ومن ثم فعليه ضمانها" - ولما كانت المادة 50 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 التي تحدد مسئولية ناظر الوقف تنص على أنه "يعتبر الناظر أميناً على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين.. والناظر مسئول عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته وهوة مسئول أيضاً عن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر" وحكم هذه المادة إن هو إلا ترديد لحكم المادة 521 من القانون المدني الملغي وإعمال لحكم المادة 704 من القانون المدني القائم وهما المادتان اللتان تحددان مسئولية الوكيل بصفة عامة - ومفاد ذلك أن ناظر الوقف إذا قصر نحو أعيان الوقف أو غلاته كان ضامناً دائماً لما ينشأ عن تقصيره الجسيم أما ما ينشأ عن تقصيره اليسير فلا يضمنه إلا إذا كان له أجر على النظر - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن سجل على الطاعن التفريط إلا أنه لم يبين ما إذا كان هذا التفريط الذي أسنده إليه يصل إلى حد التقصير الجسيم الذي يجعل الناظر ضامناً دائماً أم هو من قبيل التقصير اليسير الذي لا يسأل عنه إلا إذا كان يعمل في الوقف بأجر وفي هذه الحالة يجب التثبت من وجود الأجر وعدمه وهو الأمر الذي غفل الحكم أيضاً عن إظهاره - لما كان ذلك وكانت أقوال فقهاء الشريعة الإسلامية ليس فيها ما يغني هذه المحكمة عن بيان الحكم للأمور المتقدمة فقد اختلفوا فيما إذا كان متولي الوقف يضمن الغبن الفاحش إذا أجر عقار الوقف بأقل من أجر المثل أو لا يضمنه فقال بعض المتقدمين إنه لا يضمنه وإنما يلزم المستأجر أجر المثل وقال البعض من هؤلاء إن المتولي يلزمه تمام أجر المثل لأنه كالأب على مال الصغير ليس لأيهما ولاية الحط وذهب رأي ثالث إلى أن المتولي يضمن نصفه ونصفه الآخر يضمنه المستأجر بينما ذهب غالبية المتأخرين إلى أن المتولي يضمن الغبن الفاحش لو كان متعمداً وعلى قول البعض عالماً به لأن ذلك منه يكون خيانة تستوجب عزله وهذا الرأي هو ما تأخذ به هذه المحكمة لو كان الناظر بغير أجر إذ يعتبر تأجيره أعيان الوقف بالغبن الفاحش وهو متعمد أو عالم به تقصيراً جسيماً فيسأل عنه دائماً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد غفل فيما غفل عن بيانه عن إظهار ما إذا كان الطاعن متعمداً التأجير بالغبن الفاحش أو عالماً به أو أنه كان حسن النية في ذلك - وكان لا غناء في استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة 631 من القانون المدني لأنها اقتصرت على تقرير أن إجارة الوقف بالغبن الفاحش لا تصح دون أن تبين مسئولية الناظر عن هذا الغبن كما خلت المواد الأخرى الواردة في القانون المدني في الباب الخاص بإيجار الوقف من تحديد هذه المسئولية لأن موضعها خارج عن نطاق هذا الباب - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا من بيان السند القانوني لقضائه وأعجز محكمة النقض عن ممارسة وظيفتها في مراقبة صحة تطبيقه للقانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.