الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 أغسطس 2023

الطعن 2002 لسنة 51 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 180 ص 1001

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد نوفل، سعيد صقر، عبد المنعم بركة وعلي عبد الفتاح خليل.

-----------------

(180)
الطعن رقم 2002 لسنة 51 القضائية

(1) عمل. تصحيح أوضاع العاملين "الصبية ومساعدي الصناع".
أحكام القانونين 77 لسنة 1979 و51 لسنة 1979 بشأن تعديل قانون تصحيح أوضاع العاملين بالدولة والقطاع العام. قصر سريانها على المعينين بوظائف الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع فقط المنصوص عليهم في الفقرة (ج) من المادة (21) من القانون رقم 11 لسنة 1975.
(2) عمل. تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.
تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة. قرارات تنظيمية غير ملزمة وليست لها صفة التشريع.

-----------------
1 - نظراً لما أوجده القانون رقم 11 لسنة 1975 من تفرقة بين هؤلاء العاملين (الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع) بالرغم من أنهم جميعاً يقومون بنفس العمل، وأدوا بنجاح امتحان مسابقة عند دخولهم الخدمة لأول مرة واجتازوا الامتحان الفني اللازم للترقية إلى درجة الصانع الدقيق دون تفرقة وتوخياً للعدالة بين أفراد هذه الطائفة الواحدة، واستقراراً لأوضاعهم الوظيفية فقد أصدر المشرع القانون رقم 77 لسنة 1976 ونص في مادته الأولى على أن "في تطبيق الجدول الثالث الملحق بقانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 يعتبر الصبية واللإشراقات ومساعد الصناع الحاصلين على مؤهلات دراسية أقل من المتوسط شاغلين للفئة التاسعة (162/ 630) اعتباراً من تاريخ التعيين في تلك الوظائف أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب مع ما يترتب على ذلك من آثار وبشرط ألا تقل السن عند شغل هذه الفئة عن السادسة عشرة، أما غير الحاصلين منهم على مؤهلات دراسية فيعتبرون شاغلين للفئة المذكورة اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنتين من تاريخ التعيين في إحدى تلك الوظائف مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبشرط ألا تقل السن عن شغل هذه الفئة عن الثانية عشرة" ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 51 لسنة 1979 وجاءت الفقرة الأولى من مادته الأولى مطابقة تماماً لنص المادة الأولى من القانون رقم 77 لسنة 1976 ومن بعده القانون رقم 51 لسنة 1979 ومفاد ما تقدم في مجموعه، أن أحكام القانون رقم 77 لسنة 1976 ومن بعده القانون رقم 51 لسنة 1979 لا تسري إلى على المعينين بوظائف الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع فقط المنصوص عليهم في الفقرة (ج) من المادة 21 من القانون رقم 11 لسنة 1975 دون غيرهم وإذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده من العاملين اليدويين لدى الطاعنة بقسم المصابن وتدرج في الترقية حتى حصل على الفئة السادسة تطبيقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975، مما مؤداه أنه ليس من الصبية أو الإشراقات أو مساعدي الصناع الذين خصمهم الشارع دون سواهم بالتعديل الذي تم بالقانونين رقمي 77 لسنة 1976 و51 لسنة 1979 فتنحسر أحكامهما عنه.
2 - ما ورد بالكتاب الدوري رقم 12 لسنة 1977 الصادر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة من امتداد أحكام القانون رقم 77 لسنة 1976 إلى العاملين من غير الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع يخالف أحكام القانون لما هو مقرر في قضاء محكمة النقض - من أن تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قرارات تنظيمية غير ملزمة وليست لها صفة التشريع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وطبق في شأن المطعون ضده التعديل الوارد بالقانونين رقمي 77 لسنة 1976 و51 لسنة 1979 وقضي له بالفروق المالية على هذا الأساس فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 276 سنة 7887 عمال كلي طنطا على الطاعنة - شركة طنطا للزيوت والصابون - طالباً الحكم بتطبيق أحكام القانون رقم 77 سنة 1976 عليه وتسوية حالته وتدرج فئته الوظيفية على أساسه ومساواته بزملائه وإلزام الطاعنة بصرف ما يستحق له من فروق مالية من تاريخ التعيين حتى الحكم، وقال بياناً لدعواه، إنه بتاريخ 11/ 8/ 1951 التحق بالعمل لدى الطاعنة في عمل فني، وأنه وفقاً للقانون رقم 77 لسنة 11976 يعتبر شاغلاً للدرجة التاسعة من تاريخ التعيين، كما يستحق الدرجة الخامسة 420/ 780 ج في 11/ 8/ 1974، وإذ قامت الطاعنة بترقية زملاء له وأبت عليه حقه في الترقية، فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 15/ 1/ 1951 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية الموضحة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 10/ 12/ 1979 بأحقية المطعون ضده للترقية للفئة الخامسة اعتباراً من 1/ 4/ 1975 وبإلزام الطاعنة أن تؤدي له مبلغ 388 ج و416 م. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف طنطا، وقيد استئنافها برقم 6 سنة 30 ق. وبتاريخ 10/ 6/ 1980 حكمت المحكمة بإعادة المأمورية إلى الخبير لفحص اعتراضات الطاعنة، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت في 26/ 5/ 1981 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت لنظره جلسة 7/ 11/ 1982 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول، إن المطعون ضده من العاملين اليدويين لديها بقسم المصابن، ممن طبقت على حالاتهم الجدول الثالث الملحق بقانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975، وإذ طبق الحكم في شأنه أحكام القانون رقم 77 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1979 والذي يقتصر نطاق تطبيقه على حالات الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع فحسب وأسس قضاءه على ما ارتآه الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بكتابه رقم 12 لسنة 1977 من امتداد أحكام هذا القانون على العاملين من غير الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع، بما يتعارض وصريح نصوصه، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأنه لما كان قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر به القانون رقم 11 لسنة 1975 قد نص في المادة 21 منه على كيفية حساب المدد الكلية المتعلقة بالعاملين المعينين في الوظائف المهنية أو الفنية أو الكتابية غير الحاصلين على مؤهلات دراسية والمحددة بالجدولين الثالث والخامس المرافقين للقانون المذكور، واعتبر في الفقرة (ج) منها الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع الذين اجتازوا الامتحان الفني بنجاح شاغلين للفئة (162/ 360) أو ما يعادلها اعتباراً من اليوم التالي لانقضاء سبع سنوات من تاريخ دخولهم الخدمة ما لم يكونوا قد شغلوا هذه الفئة أو ما يعادلها في تاريخ سابق وكان قد تبين عند تطبيق هذا القانون على العاملين المعينين بوظائف صبية وإشراقات ومساعدي صناع - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 77 لسنة 1976 - أن منهم من هو حاصل على الشهادة الابتدائية القديمة أو الإعدادية واعتبروا في الفئة التاسعة من بدء التعيين ومنهم من هو غير حاصل على أية مؤهلات وهؤلاء واعتبروا في الفئة التاسعة اعتباراً من اليوم التالي لانقضاء سبع سنوات من تاريخ دخولهم الخدمة ما لم يكونوا قد شغلوا هذه الفئة أو ما يعادلها في تاريخ سابق، ونظراً لما أوجده القانون رقم 11 لسنة 1975 من تفرقة بين هؤلاء العاملين بالرغم من أنهم جميعاً يقومون بنفس العمل وأدوا بنجاح امتحان مسابقة عند دخولهم الخدمة لأول مرة واجتازوا الامتحان الفني اللازم للترقية إلى درجة الصانع الدقيق دون تفرقة، وتوخياً للعدالة بين أفراد هذه الطائفة الواحدة واستقراراً لأوضاعهم الوظيفية، فقد أصدر المشرع القانون رقم 77 لسنة 1976 ونص في مادته الأولى على أن "في تطبيق الجدول الثالث الملحق بقانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 يعتبر الصبية والإشراقات ومساعدو الصناع الحاصلين على مؤهلات دراسية أقل من المتوسط شاغلين للفئة التاسعة (162/ 360) اعتباراً من تاريخ التعيين في تلك الوظائف أو الحصول على المؤهل أيهما أقرب مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبشرط ألا تقل السن عند شغل هذه الفئة من السادسة عشرة عاماً أما غير الحاصلين منهم على مؤهلات دراسية فيعتبرون شاغلين للفئة المذكورة اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنتين من تاريخ التعيين في إحدى تلك الوظائف مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبشرط ألا تقل السن عند شغل هذه الفئة عن الثامنة عشرة. ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 51 لسنة 1979 وجاءت الفقرة الأولى من مادته الأولى مطابقة لنص المادة الأولى من القانون رقم 77 لسنة 1976 ونصت الفقرة الثانية على أن تحتسب المدة الكلية للعامل اعتباراً من تاريخ التعيين أو بلوغه سن الثالثة عشر أيهما أقرب. ولما كان مفاد ما تقدم في مجموعه أن أحكام القانون رقم 77 لسنة 1976 ومن بعده القانون رقم 51 لسنة 1976 لا تسري إلا على المعينين بوظائف الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع فقط المنصوص عليهم في الفقرة (ج) من المادة 21 من القانون رقم 11 لسنة 1975 دون غيرهم. وإذ كان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده من العاملين اليدويين لدى الطاعنة بقسم المصابن وتدرج في الترقية حتى حصل على الفئة السادسة تطبيقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 مما مؤداه أنه ليس من الصبية أو الإشراقات أو مساعدي الصناع الذين خصهم الشارع دون سواهم بالتعديل الذي تم بالقانونين رقم 77 لسنة 1976 و51 لسنة 1979، فتنحسر أحكامهما عنه، ولا يفيد منها، ولا يغير من ذلك ما أورده الكتاب الدوري رقم 12 لسنة 1977 الصادر من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة من امتداد أحكام القانون رقم 77 لسنة 1976 إلى العاملين من غير الصبية والإشراقات ومساعدي الصناع، لما ينطوي عليه هذا النظر من مخالفة للقانون، فضلاً عما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - من أن تعليمات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لا تعدو أن تكون قرارات تنظيمية غير ملزمة، وليست لها صفة التشريع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وطبق في شأن المطعون ضده التعديل الوارد بالقانونين رقمي 77 لسنة 1976 و51 لسنة 1979 وقضي له بالفروق المالية على هذا الأساس فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 6 سنة 30 ق طنطا بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده.

الطعن 1884 لسنة 51 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 179 ص 997

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الرحيم حسب الله نائب رئيس المحكمة رئيساً، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرشيد نوفل، سعيد صقر، عبد المنعم بركه وعلي عبد الفتاح خليل.

-------------------

(179)
الطعن رقم 1884 لسنة 51 القضائية

(1) عمل "تصحيح أوضاع العاملين" مدة الخدمة السابقة.
مدة الخدمة السابقة م 17، 18، 19 من ق 11 سنة 1975 وجوب عرضها على لجنة شئون العاملين لاعتمادها وإصدار قرار بإضافتها.
(2) حكم "تسبيب" ما يعد قصوراً. عمل.
التمسك باختصاص لجنة شئون العاملين دون مدير المصنع باعتماد مدة خبرة العامل ق 11/ 1975. دفاع جوهري إغفال الرد عليه. قصور.

----------------
1 - مؤدى حكم المواد 17، 18، 19 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11/ 1975 أن مدة الخدمة السابقة المطالب بحسابها تعرض على لجنة شئون العاملين بالجهة للتابع لها العامل لاعتمادها وإصدار قرار بإضافتها وذلك بطلب يلتزم بتقديمه إليها في الميعاد المحدد بالمادة 19 منه.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بضم مدة الخدمة موضوع النزاع إلى المدد الكلية المنصوص عليها في المادة 17 من القانون 11 سنة 1975 المشار إليه وتسوية حالة المطعون ضده طبقاً لأحكامه على أن شهادة الخبرة بهذه المدة معتمدة من مدير عام الشركة بكفر الزيات وذلك بغير الرد على دفاع الطاعنة الذي تمسكت به في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 4/ 4/ 1981 من أن المختص باعتماد مدة الخبرة هو لجنة شئون العاملين وليس مدير عام المصنع حالة أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 918 سنة 1976 سنة 1976 عمال كلي الإسكندرية على الطاعنة - شركة إسكندرية للزيوت والصابون - طالباً الحكم بأحقيته للفئة التاسعة اعتباراً من 31/ 12/ 1962 والثامنة من 31/ 12/ 1976 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الشركة الطاعنة أن تدفع له فروقاً قدرها 300 جنيه مع ما يستجد. وقال بياناً لدعواه إنه يعمل بهذه الشركة منذ 6/ 10/ 1961 وأنها في تطبيقها للقانون 11 لسنة 1975 قررت له الفئة التاسعة اعتباراً من 1/ 11/ 1968 والثامنة من 10/ 11/ 1974 بأجر شهري قدره 15 جنيهاً اعتباراً من 1/ 1/ 1975 ولم تحسب له الشركة مدة خبرة من يناير سنة 1956 حتى آخر ديسمبر سنة 1960 ولذلك أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان فندبت المحكمة خبيراً. وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 12/ 1/ 1979 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 172 سنة 35 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية التي قضت بتاريخ 27/ 6/ 1979 بإعادة المأمورية للخبير لتحقيق طلبات المطعون ضده تأسيساً على ضم مدة الخبرة المتنازع عليها. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 28/ 4/ 1981 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده في الفئة السابعة اعتباراً من 1/ 5/ 1970 وإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي له مبلغ 141 جنيهاً. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة 31/ 10/ 1982 لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة بالسببين الثاني والثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه باعتبار مدة الخبرة من 1/ 1/ 1959 إلى آخر ديسمبر سنة 1960 كمدة خدمة سابقة للمطعون ضده واحتسبها عند تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1975 ضمن المدد الكلية له على أن شهادة الخبرة بهذه المدة معتمدة من مدير المصنع في حين أن القانون لم يخول مديري المصانع أو الفروع أو الوحدات الإنتاجية سلطة اعتماد شهادات الخبرة أو غير ذلك مما يتعلق بالتعيين أو الترقية بل جعل ذلك كله من اختصاص لجنة شئون العاملين دون غيرها وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه مما يكون معه قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 17 من قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1975 تنص على أن "يرقى اعتباراً من..... الذين تتوافر فيهم الشروط الآتية: أولاً - انقضاء المدة التالية على العامل في الخدمة محسوبة طبقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا القانون....." وتنص المادة 18 منه على أنه يدخل في حساب المدد الكلية المنصوص عليها في المادة السابقة أو في الجداول المرافقة المدد التي لم يسبق حسابها من المدد الآتية:....... "وحددت المادة 19 منه شروط احتساب المدد السابقة التي تدخل في حساب المدد الكلية المنصوص عليها في المادة 18 ثم أتبعت ذلك بالنص في الفقرة الأخيرة منها على أنه "ويصدر باحتساب المدد المشار إليها وفقاً للقواعد السابقة قرار من لجنة شئون العاملين بالجهة التي يتبعها العامل بناء على الطلب الذي يقدمه إلى هذه اللجنة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشر هذا القانون." وهو ما مؤداه أن مدة الخدمة السابقة المطالب بحسابها وفقاً لأحكام المواد 17 و18 و19 من ذلك القانون يجب أن تعرض على لجنة شئون العاملين بالجهة التابع لها العامل لاعتمادها وإصدار قرار بإضافتها وذلك بطلب يلتزم بتقديمه إليها في الميعاد المحدد بالمادة 19 منه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بضم مدة الخدمة موضوع النزاع إلى المدد الكلية المنصوص عليها في المادة 17 من القانون 11 لسنة 1975 المشار إليه وتسوية حالة المطعون ضده طبقاً لأحكامه على أن شهادة الخبرة بهذه المدة معتمدة من مدير عام الشركة بكفر الزيات وذلك بغير الرد على دفاع الطاعنة الذي تمسكت به في مذكرتها المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 4/ 4/ 1981 من أن المختص باعتماد مدة الخبرة هو لجنة شئون العاملين وليس مدير عام المصنع حالة أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 1737 لسنة 51 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 178 ص 990

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي، ومحمد لبيب الخضري.

--------------------

(178)
الطعن رقم 1737 لسنة 51 القضائية

(1) نقض. "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) إصلاح زراعي. شيوع.
ورثة المنتفع بأرض الإصلاح الزراعي. بقاؤهم منتفعين بأنصبتهم في الأرض على الشيوع حتى يتم أيلولتها إلى المستحق منهم اتفاقاً أو قضاء. المادتين 23، 24 ق 187 سنة 1952.
(3) شيوع. ريع.
للشريك على الشيوع حق المطالبة بريع حصته من الشركاء الآخرين الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم. كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة.
(4) دعوى. "وقف الدعوى".
وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 مرافعات. جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها.
(5) تقادم. "التقادم المكسب". ملكية.
عدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب حق عيني عليها بالتقادم.
(6) محكمة الموضوع. واقع. "تقدير الدليل".
لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له واستخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده.

---------------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن تكون له مصلحة في التمسك بذلك الحكم وأن تكون بينه وبين الطاعن منازعة بشأنه تبرر اختصامه وإلا كان الطعن الموجه إليه غير مقبول.
2 - نص المادتين 23، 24 من المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي قد عالج مسألة تفتيت ملكية الأرض الزراعية بأن يتفق ذوي الشأن على من تؤول إليه ملكية الأرض منهم، فإذا تعذر الاتفاق رفع الأمر إلى المحكمة المختصة سواء منهم أو من النيابة العامة لتفصل فيمن تؤول إليه الأرض فإذا لم يوجد من يستطيع الوفاء بباقي الأنصبة قررت المحكمة بيع الأرض عن طريق المزاد. كما تفصل المحكمة في أيلولة الأرض غير القابلة للتجزئة لمن يحترف الزراعة من ذوي الشأن فإن تساووا في هذه الصفة اقترع بينهم فإذا كان سبب كسب الملكية بالميراث فضل من يشتغل بالزراعة من الورثة، فإن تساووا في هذه الصفة قدم الزوج فالولد فإذا تعدد الأولاد اقترع بينهم. ويبين من ذلك أنه لا تعارض بين حكم المادتين سالفتى الذكر وانتقال ملكية الأرض الزراعية طبقاً للقواعد العامة لطرق كسب الملكية ومن بينها الميراث مما مفاده أنه حتى يتم اتفاقاً أو قضاء أيلولة الأرض الزراعية إلى المستحق فإنهم جميعاً يظلون منتفعين بأنصبتهم في الأرض على الشيوع.
3 - الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع في حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم وللشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء الذي يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة.
4 - وقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات هو أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها.
5 - من المقرر قانوناً عملاً بالمادة 970 من القانون المدني أن الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة لا يجوز تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم.
6 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له وفي استخلاص ما يرام متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 743 سنة 1978 مني كلي طنطا على الطاعن عن نفسه وبصفته والمطعون ضده الخامس بطلب الحكم أولاً: - بفرض الحراسة القضائية على الأطيان الزراعية المتنازع عليها ثانياً: - بإلزام الطاعن بصفتيه أن يدفع لهم خمسمائة جنيه مقابل الريع المستحق لهم - وقالوا في بيانها إن المرحوم....... تسلم في سنة 1954 من الإصلاح الزراعي باعتباره منتفعاً بقرانيته أطيان زراعية مساحتها 2 فدان و1 قيراط و19 سهم ثم توفى في 19/ 2/ 1955 عن زوجته وشقيقة مورثهم ووضعت الزوجة يدها على الأطيان ثم تزوجت من الطاعن سنة 1961 ورزقت منه بابنه المشمول بولايته وتوفيت بتاريخ 25/ 3/ 1965 فوضع الطاعن يده على الأطيان واستأثر بالريع دون مورثهم وهم من بعده ومن ثم فقد أقاموا الدعوى وقضت المحكمة برفض طلب الحراسة وندبت خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره عدل المطعون ضدهم الأربعة الأول طلب الريع إلى المبلغ الذي أظهره التقرير وبجلسة 6/ 11/ 1980 قضت محكمة أول درجة بإخراج المطعون ضده الخامس بصفته من الدعوى وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهم الأربعة الأول مبلغ 966 ج و810 م، طعن الطاعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 613 سنة 30 ق وبجلسة 25/ 5/ 1981 قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن على هذا الحكم بالنقض - وقدم المطعون ضده الخامس بصفته مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة له، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بقبول الدفع ورفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في التمسك بذلك الحكم وأن تكون بينه وبين الطاعن منازعة بشأنه تبرر اختصامه وإلا كان الطعن الموجه إليه غير مقبول لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم الأربعة الأول اختصموا المطعون ضده الأخير ليصدر الحكم في مواجهته وقضت المحكمة الابتدائية بإخراجه من الدعوى بلا مصاريف فاختصمه الطاعن في الاستئناف إلا أنه لم تبد منه منازعة للطاعن ولم يحكم له أو عليه بشيء ومن ثم فلا يعتبر خصماً حقيقياً له يجوز اختصامه في الطعن المماثل مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الأربعة قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بثلاثة أسباب حاصل الوجهين الأول والثاني من السبب الأول والسبب الثالث أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وتفسيره، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى للمطعون ضدهم بالريع في الوقت الذي كان يتعين عليه أن يقضي بوقف الدعوى حتى يقضى من المحكمة فيه من تؤول إليه أرض النزاع من بين ورثة المنتفع إعمالاً للمرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي لأن زوجة هذا المنتفع ومورثة الطاعن هي التي كانت تحترف الزراعة دون شقيقه مورث المطعون ضدهم الذي لم يكن يستحق أرض النزاع وأن الطاعن تمسك بهذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية وخلا حكمها المطعون عليه من الرد عليه وهو دفاع جوهري قد يتغير به الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن نص المادتين 23 و24 من المرسوم بقانون رقم 178 سنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي قد عالج مسألة تفتيت ملكية الأرض الزراعية بأن يتفق ذوي الشأن على أن تؤول إليه ملكية الأرض منهم، فإذا تعذر الاتفاق رفع الأمر إلى المحكمة المختصة سواء منهم أو من النيابة العامة لتفصل فيمن تؤول إليه الأرض، فإذا لم يوجد من يستطيع الوفاء بباقي الأنصبة قررت المحكمة بيع الأرض عن طريق المزاد - كما تفصل المحكمة في أيلولة الأرض غير القابلة للتجزئة لمن يحترف الزراعة من ذوي الشأن، فإن تساووا في هذه الصفة اقترع بينهم فإذا كان سبب كسب الملكية بالميراث فضل من يشتغل بالزراعة من الورثة، فإن تساووا في هذه الصفة قدم الزوج فالولد، فإذا تعدد الأولاد اقترع بينهم - وبين من ذلك أنه لا تعارض بين حكم المادتين سالفتى الذكر وانتقال ملكية الأرض الزراعية طبقاً للقواعد العامة لطرق كسب الملكية ومن بينها الميراث مما مفاده أنه حتى يتم اتفاقاً أو قضاء أيلولة الأرض الزراعية إلى المستحق فإنهم جميعاً يظلون منتفعين بأنصبتهم في الأرض على الشيوع، ولما كانت الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام الشيوع في حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم وللشريك على الشيوع أن يرجع بريع حصته على الشركاء الذي يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة. لما كان ذلك، وكانت الدعوى بمطالبة المطعون ضدهم بحصتهم في الريع باعتبارهم شركاء في أرض النزاع ضد الطاعن بصفته الذي يضع يده على ما يزيد عن حصته، فإذا دفعت من الأخير بأن أيلولة أرض النزاع لأحد الورثة طبقاً للمادتين المشار إليها آنفاً تعتبر مسألة أولية يجب الفصل فيها قبل الحكم بالريع فإنه طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات فإن وقف الدعوى هو أمر جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها، لما كان ذلك. فإن عدم استجابة محكمة الاستئناف لطلب الطاعن. كان لما بينه الحكم المطعون فيه ضمنياً من عدم جدية المنازعة في نطاق سلطة المحكمة التقديرية بلا تعقيب عليها من النقض، ومن ثم فإن النعي عليه بالإخلال بحق الدفاع أو القصور المبطل يكون على غير سند متعين الرفض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون. وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بملكيته لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية هو وزوجته المرحومة...... من قبله وهو سبب قائم بذاته من أسباب كسب الملكية ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه باستحقاق المطعون ضدهم للريع دون تحقيق دفاعه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر قانوناً عملاً بالمادة 970 من القانون المدني أن الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة لا يجوز تملكها أو كسب حق عيني عليها بالتقادم، متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن أرض النزاع تدخل ضمن الأراضي المستولى عليها بمقتضى قانون الإصلاح الزراعي، ومن ثم تعتبر مملوكة للدولة من تاريخ إصدار قرار الاستيلاء النهائي عليها وتوزيعها على المنتفع المرحوم....... والتوقيع على العقد المحرر بينه وبين هيئة الإصلاح الزراعي لا ينقل ملكيتها إليه، إذ أن المعول عليه قانوناً لانتقال الملكية إليه هو تسجيل البيع طبقاً لقانون الشهر العقار، ولما كانت أوراق الدعوى خلواً من أي دليل على ذلك، فإن الملكية تظل للدولة ولا يجوز للطاعن تملكها بالتقادم، ويضحى النعي بهذا السبب على غير سند من القانون خليق بالرفض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إن استمارة البحث رقم 16505 الخاصة بأرض النزاع قد شملت اسمي المنتفع الأصلي وزوجته مورثة الطاعن مما كان يتعين معه اعتبار الأرض مناصفة بينهما كمنتفعين ورغم ذلك أسندها الحكم المطعون فيه جميعها للمنتفع الأصلي دون الزوجة وبذلك فقد خالف الثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ أنه مما لا تجوز المجادلة به أمام هذه المحكمة، ذلك أنه من المقرر لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً وله سنده، ولما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن المنتفع الأصلي لأرض النزاع هو المرحوم........ دون زوجته وأورد في هذا الخصوص المستندات التي تنطوي عليها الدعوى والتي تؤيد صحة استخلاصه سواء منها المقدمة من الطاعن أو من المطعون ضدهم وتقرير الخبير المنتدب ومحاضر أعماله. ومن ثم فإن مجادلة الطاعن فيما خلص إليه الحكم غير مقبولة ويضحى النعي على غير أساس جديراً بالرفض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 102 لسنة 25 ق جلسة 10 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 114 ص 756

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

------------------------

(114)
الطعن رقم 102 لسنة 25 القضائية

(أ) تقادم "التقادم المسقط" "قطعه".
المطالبة الجزئية:
اعتبارها قاطعة للتقادم بالنسبة لباقي الدين ما دام أنها قد دلت في ذاتها على قصد الدائن في التمسك بحقه في الباقي وكان الثابت أن الحقين غير متغايرين ويجمعهما في ذلك مصدر واحد.
(ب) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "غياب الخصوم" "شطب الدعوى". قانون.
صدور قرار بشطب "دعوى" في ظل قانون المرافعات القديم لا يترتب عليه إعمال الم 91/ 2 مرافعات جديد.
"عوارض الخصومة" "سقوط الخصومة". تقادم "التقادم المسقط" "قطعه".
إنتاج الدعوى المشطوبة في ظل قانون المرافعات القديم كافة آثارها المتعلقة بقطع التقادم ما دام لم يتخذ بشأنها إجراءات سقوط الخصومة التي كان معمولاً بها في ذلك القانون.
(جـ) حكم "عيوب التدليل" "القصور".
مثال في بيع:
خصم الحكم من ثمن البضاعة المبيعة المطالب به مبلغ متحصل من بيع جزء منها جبراً بسبب الحجز عليها وفاءً لأجرة إيداعها قصر البائع في سدادها - عدم اعتباره لفرق الثمن بين البيع جبراً والثمن المقرر لها عند التعاقد. التفاته عما أدى إليه تقصير البائع من نتائج رغم تسليمه به ومدى علاقة ذلك بالتزامات المشتري نحوه.

-------------------------
1 - ليس في اعتبار المطالبة الحاصلة من الدائن بجزء من المبلغ المبين بسند الدين قاطعة للتقادم بالنسبة لباقي قيمة السند مخالفة القانون، ما دام أن هذه المطالبة الجزئية قد دلت في ذاتها على قصد الدائن في التمسك بحقه في باقي الدين وكان الثابت أن الحقين غير متغايرين بل يجمعهما في ذلك مصدر واحد.
2 - إذا كان قد قضى بشطب دعوى في 20 من أكتوبر سنة 1945 فإن هذا القرار لا يترتب عليه إعمال الفقرة الثانية من المادة 91 من قانون المرافعات الجديد باعتبار الدعوى كأن لم تكن لبقائها مشطوبة ستة أشهر دون أن يطلب المدعي السير فيها، وذلك لصدور هذا القرار في ظل قانون المرافعات القديم المعمول به حتى 14 أكتوبر سنة 1949 مما يترتب عليه أن تظل الدعوى منتجة لكافة آثارها المتعلقة بقطع التقادم بالرغم من شطبها ما دام أنه لم تتخذ بشأنها إجراءات سقوط الخصومة التي كان معمولاً بها في ذلك القانون.
3 - إذا كان الثابت أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المبلغ موضوع السند المطالب بقيمته هو ثمن بضاعة كان قد اشتراها من المطعون عليه، وأن هذا الأخير لم يقم بالتزامه المقابل وهو تسليم البضاعة بسبب الحجز تحفظياً عليها وبيع جزء منها سداداً لأجرة المكان المودعة به عن المدة السابقة على التعاقد، وكان الحكم المطعون فيه رغم تسليمه بتقصير المطعون عليه قد سوى بين الثمن الذي بيعت به البضاعة بالمزاد العلني والثمن المقرر لها عند التعاقد واكتفى بخصم المبلغ المتحصل من البيع بالمزاد العلني من قيمة السند دون اعتبار لفرق الثمن بيع البيع جبراً والبيع الحر بطريق التعاقد وبغير التفات إلى النتائج المترتبة على تصرف المطعون عليه قبل الطاعن إذ لم يقم بسداد قيمة الإيجار المستحق لصاحب المكان المودع به البضاعة المبيعة وما أدى إليه تصرفه هذا من اتخاذ إجراءات الحجز على البضاعة وبيع بعضها، ومدى علاقة ذلك بالتزامات الطاعن نحوه، فإن المطعون فيه يكون قد شابه قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 13 من يونيه سنة 1949 أقام المطعون عليه الدعوى رقم 462 سنة 1949 تجاري كلي الإسكندرية وطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 725 جنيهاً وبصحة الحجز التحفظي الموقع وفاء لهذا المبلغ تحت يد رئيس نادي الصيد حيث يشتغل الطاعن موظفاً به، وارتكن إلى سند مؤرخ في 8/ 4/ 1943 ومذيل بتوقيع الطاعن ويفيد تعهده بدفع المبلغ المطالب به خلال عشرة أيام من تحريره فدفع الطاعن بسقوط الحق في إقامة الدعوى لمضي خمس سنوات تطبيقاً لنص المادة 194 من قانون التجارة. وقضت المحكمة في 21 من يونيه سنة 1953 برفض الدفع، وفي 29 من نوفمبر سنة 1953 قضت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 581 جنيهاً و500 مليم وبصحة الحجز التحفظي، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد استئنافه برقم 19 سنة 10 قضائية تجاري، وقضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وأبدت النيابة رأيها برفض الطعن، وقررت دائرة الفحص في 31 من مارس سنة 1959 إحالة الطعن للدائرة المدنية، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بقيمة السند موضوع الدعوى لمضي خمس سنوات على تاريخ استحقاقه تأسيساً على انقطاع مدة التقادم المسقط بالدعوى رقم 1145 سنة 1945 مدني عابدين التي أقامها المطعون عليه في 12 من إبريل سنة 1945، وينعى عليه في هذا الخصوص الخطأ في تطبيق القانون وذلك من وجهين: الأول - أن المطعون عليه وقد قصر مطالبته في الدعوى المشار إليها على مبلغ عشرين جنيهاً، فلا يمتد أثر هذه المطالبة فيما يتعلق بقطع التقادم إلى باقي قيمة السند. والثاني - إن الدعوى المذكورة، إذ تقرر شطبها في 20 من أكتوبر سنة 1945، وبقيت مشطوبة لأكثر من ستة أشهر دون أن يطلب المطعون عليه السير فيها، فإنها تعتبر بذلك كأن لم تكن عملاً بالمادة رقم 91 من قانون المرافعات، ويترتب على قرار الشطب زوال كل أثر للدعوى في شأن قطع التقادم.
وحيث إن هذا السبب من أسباب الطعن مردود بوجهيه، ذلك أنه بالنسبة للوجه الأول فإن الثابت أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1145 سنة 1945 مدني عابدين بصحيفة معلنة في 12 من إبريل سنة 1945 طلب فيها توقيع الحجز تحت يد كاتب أول محكمة القاهرة الابتدائية على مبلغ عشرين جنيهاً، وهو ما يوازي مقدار الكفالة المودعة من الطاعن على ذمة قضية الجنحة رقم 3326 سنة 1944 عابدين المقيدة استئنافياً برقم 1639 سنة 1945 جنح القاهرة المستأنفة. واستند المطعون عليه في دعواه إلى أنه يداين الطاعن بمبلغ 725 جنيهاً بموجب سند تاريخه 8/ 4/ 1943 يستحق السداد بعد عشرة أيام من تحريره، ونسخ المطعون عليه صورة السند بصحيفة دعواه، واحتفظ بحقه في المطالبة بباقي قيمته. وهذه المطالبة وإن قصرها المطعون عليه على جزء من دينه، إلا أنها وقد تمت بالصورة المتقدم بيانها فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص من أنها تنم عن تمسك الدائن بحقه في باقي قيمة السند استناداً إلى الوقائع المتعلقة بها يعتبر استخلاصاً سائغاً. وليس فيما رتبه الحكم على ذلك من اعتبار المطالبة الحاصلة من الدائن بجزء من المبلغ المبين بسند الدين قاطعة للتقادم بالنسبة لباقي قيمة السند مخالفة للقانون، ما دام أن هذه المطالبة الجزئية قد دلت في ذاتها على قصد الدائن في التمسك بحقه في باقي الدين وكان الثابت أن الحقين غير متغايرين بل يجمعهما في ذلك مصدر واحد. ومردود كذلك بالنسبة للوجه الثاني، إذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في صدد ما ينعاه الطاعن على ما ورد به من "أن الدعوى رقم 1145 سنة 1945 مدني عابدين التي تركها المستأنف عليه للشطب في 20 من أكتوبر سنة 1945 كانت إلى تاريخ العمل بقانون المرافعات الجديد منتجة لآثارها ولا تعتبر كأن لم تكن طبقاً لأحكام القانون الجديد إلا إذا انقضى عليها أكثر من ستة شهور من تاريخ العمل به ولم يطلب المدعي السير فيها. ولما كانت الدعوى الحالية قد رفعت قبل العمل بالقانون الجديد إذ أعلنت عريضتها في 13 من يونيه سنة 1949، فسواء اعتبرت تحريكاً للدعوى المشطوبة أو هي دعوى جديدة فهي في الحالتين تشمل المطالبة بموضوع الحق السابق المطالبة به في الدعوى المشطوبة، وتعتبر إجراء جديداً قاطعاً للمدة، وهو إجراء لم يمض على اتخاذه أكثر من خمس سنوات من تاريخ شطب الدعوى رقم 1445 سنة 1945 مدني عابدين، والتي كانت إلى تاريخ رفع هذه الدعوى تعتبر في ظل القانون القديم لا تزال قائمة ومنتجة لآثارها وهي قطع التقادم". وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن المطالبة الحاصلة بالدعوى رقم 1445 مدني عابدين، وإن قضى بشطبها في 20 من أكتوبر سنة 1945 ولم تجدد إلى أن رفعت الدعوى الحالية في 13 من يونيه سنة 1949، إلا أن قرار الشطب هذا لا يترتب عليه إعمال الفقرة الثانية من المادة 91 من قانون المرافعات الجديد باعتبار الدعوى كأن لم تكن لبقائها مشطوبة ستة شهور دون أن يطلب المطعون عليه السير فيها، وذلك لصدور هذا القرار في 20 من أكتوبر سنة 1945 في ظل قانون المرافعات القديم المعمول به حتى 14 من أكتوبر سنة 1949، مما يترتب عليه أن تظل الدعوى منتجة لكافة آثارها المتعلقة يقطع التقادم بالرغم من شطبها، ما دام أنه لم تتخذ بشأنها إجراءات سقوط الخصومة التي كان معمولاً بها في ذلك القانون. ولا محل في صدد انقطاع التقادم لإثارة القول بأن دعوى المطعون عليه هذه تعتبر كأن لم تكن لعدم السير فيها خلال الشهور الستة الأولى منذ نفاذ قانون المرافعات الجديد في 15 من أكتوبر سنة 1949، وذلك لأن مدة التقادم المسقط كانت وقتئذ متقطعة فعلاً بالدعوى الحالية التي أقيمت في 13 من يونيه سنة 1949 قبل صدور قانون المرافعات الجديد. ومن ثم يكون هذا السبب بوجهيه على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني قصور التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن المبلغ موضوع السند المطالب بقيمته في هذه الدعوى هو ثمن بضاعة كان قد اشتراها من المطعون عليه، وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على دفاعه الذي أبداه أمام محكمة الموضوع وهو يتحصل في عدم قيام المطعون عليه بالتزامه المقابل وهو تسليم البضاعة بسبب الحجز تحفظياً عليها وبيع جزء منها سداداً لأجرة الجراج المودعة به عن المدة السابقة على التعاقد، وسوى بين الثمن الذي بيعت به البضاعة بالمزاد العلني والثمن المقرر لها عند التعاقد، وأجرى خصم المبلغ المتحصل من البيع بالمزاد العلني ومقداره 135 جنيهاً و500 مليم من قيمة السند، دون اعتبار لما هو ثابت بمحضر البيع من استمرار الحجز على باقي محتويات الجراج.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من الثابت أن الطاعن أبدى دفاعه أمام محكمة الموضوع بما هو وارد في سبب النعي وقد سلم الحكم المطعون فيه بعدم تقصير الطاعن في بيع البضاعة وأن تأخيره في التصرف فيها يرجع إلى الحجز الموقع عليها وبيعها بفعل المطعون عليه بسبب تأخره في أداء أجرة الجراج المودعة به، إذ جاء بالحكم الابتدائي "وحيث إنه مع ذلك فطالما ثبت من محضر بيع بعض المحجوزات وخطاب المطالبة بالأجرة أن هذه الأجرة يرجع التأخير في أدائها إلى مايو سنة 1942 بينما تاريخ السند 8 إبريل سنة 1943 كما أن الثابت من محضر الحجز أن الأمر به صدر بتاريخ 29 من يونيه سنة 1943 فيكون المدعي - المطعون عليه - هو وحده المسئول عن الوفاء بهذه الأجرة المتأخرة منذ سنة سابقة على تعاقده مع المدعى عليه الأول - الطاعن - بالسند موضوع الدعوى خصوصاً وقد عرقلت إجراءات هذا الحجز والبيع التصرف في محتويات الجراج في الوقت المناسب بعد أن أبلغ ضده المدعي - المطعون عليه - بتاريخ 2 يونيه سنة 1943 بتبديده بعض محتويات الجراج من السوست والألمنيوم، ولم يكن قد مضى على تاريخ السند وتسليمه المفتاح من المدعي - المطعون عليه - إلا أقل من شهر. ثم أعقبه الحجز بعد ذلك بنحو شهر، ومن ثم فلا عبرة بما يزعمه المدعي - المطعون عليه - من محاولة إسناد تقصير المدعى عليه بتأخره في التصرف في محتويات الجراج حتى توقع عليه الحجز". وسانده في ذلك الحكم الاستئنافي أخذاً بأسبابه في هذا الخصوص. ولما كان الحكم المطعون فيه رغم تسليمه بتقصير المطعون عليه على النحو السالف بيانه قد اكتفى بخصم حصيلة البضائع المبيعة بالمزاد العلني من قيمة السند، دون اعتبار لفرق الثمن بين البيع جبراً والبيع الحر بطريق التعاقد، وبغير التفات إلى النتائج المترتبة على تصرف المطعون عليه قبل الطاعن إذ لم يقم بسداد قيمة الإيجار المستحق لصاحب الجراج المودع به البضاعة المبيعة، وما أدى إليه تصرفه هذا من اتخاذ إجراءات الحجز على البضاعة وبيع بعضها، ومدى علاقة ذلك بالتزامات الطاعن نحوه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 542 لسنة 18 ق جلسة 20 / 5 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 70 ص 482

جلسة 20 من مايو سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد ويحيى توفيق الجارحي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

--------------------

(70)

القضية رقم 542 لسنة 18 القضائية

"إحالة".
لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن - عدم التزام محكمة الطعن بالحكم الصادر بالإحالة - أساس ذلك.

---------------------
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن، لأن القول بغير ذلك من شأنه أن يغل يد محكمة الطعن عن أعمال سلطتها التي خولها لها القانون في التعقيب على الأحكام، ومن بينها الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إليها. والمادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإن ألزمت المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إلا أنها لا تحرم الخصوم من الطعن على الحكم الصادر بالإحالة، وليس ثمة ريب في أن التزام محكمة الطعن بحكم الإحالة يتعارض مع سلطتها في التعقيب على هذا الحكم الأمر الذي يتجافى مع طبائع الأشياء، ويخل بنظام التدرج القضائي في أصله وغايته، ولا جدال في أن هذه الغاية هي وضع حد لمنع تضارب الأحكام، وحسم المنازعات بحكم تكون الكلمة العليا فيه لأعلى درجة من درجات التقاضي في النظام القضائي.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يخلص من الأوراق - في أن أقام الدعوى رقم 1239 لسنة 1971 عمال جزئي القاهرة ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة النيل العامة للكباري بصفته، حدد لنظرها أمام الدائرة الأولى بهذه المحكمة جلسة 29 من مايو سنة 1971، وقد طلب المدعي فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الشركة الصادر بفصله تعسفياً مع إلزام المدعى عليه بأن يؤدي إليه مرتبه الشهري وقدره خمسة وثلاثون جنيهاً شهرياً اعتباراً من تاريخ فصله في أول مايو سنة 1971 إلى تاريخ الفصل في دعوى الموضوع والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 11 من مارس سنة 1972 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا، وأقامت قضاءها على أن المدعي وقد شغل بالتطبيق لحكم القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام إحدى وظائف المستوى الثاني فإن المحكمة الإدارية العليا تكون وفقاً لحكم الفقرة رابعاً من المادة 49 من النظام المشار إليه هي صاحبة الاختصاص بالفصل في القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى - إلى محكمة الطعن، لأن القول بغير ذلك من شأنه أن يغل يد محكمة الطعن عن أعمال سلطتها التي خولها لها القانون في التعقيب على الأحكام، ومن بينها الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إليها. والمادة 110 من قانون المرافعات المدنية والتجارية وإن ألزمت المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها إلا إنها لا تحرم الخصوم من الطعن على الحكم الصادر بالإحالة، وليس ثمة ريب فيه أن التزام محكمة الطعن بحكم الإحالة يتعارض مع سلطتها في التعقيب على هذا الحكم الأمر الذي يتجافى مع طبائع الأشياء، ويخل بنظام التدرج القضائي في أصله وغايته، ولا جدال في أن هذه الغاية هي وضع حد لمنع تضارب الأحكام، وحسم المنازعات بحكم تكون الكلمة العليا فيه لأعلى درجة من درجات التقاضي في النظام القضائي.
ومن حيث إن محكمة شئون العمال الجزئية بالقاهرة وقد كانت تنظر النزاع بوصفها محكمة أول درجة فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون حين أمرت بإحالة الدعوى إلى هذه المحكمة مع إنها محكمة طعن لا تنظر النزاع لأول مرة، ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز إحالة الدعوى إلى هذه المحكمة.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن محكمة شئون العمال إنما قصدت إحالة النزاع إلى المحكمة التأديبية المختصة التي تنعقد لها ولاية الفصل في بعض قرارات السلطات الرئاسية الصادرة بتأديب العاملين بالمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها تطبيقاً لحكم المادة 49 من القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه، فإنه يتعين لذلك الأمر بإحالة هذه الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الإسكان والمرافق التي قصدت محكمة شئون العمال الجزئية إحالتها إليها.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا وبإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الإسكان والمرافق.

الطعن 2233 لسنة 51 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 177 ص 984

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فوده، محمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.

-------------------

(177)
الطعن رقم 2233 لسنة 51 القضائية

(1) حكم. "حجية الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية. شرطه.
(2، 3) محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". حكم. "عيوب التدليل". "ما لا يعد قصوراً". نقض. "السبب الموضوعي".
(2، 3) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم ما يحتويه المستند وتقدير ما يصلح منه الاستدلال به قانوناً. لا معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً.
(4) حق. "إساءة استعمال الحق". ملكية. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
استعمال حق الملكية. وجوب أن يكون في حدود القوانين واللوائح. الإخلال بذلك. خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية. مثال لاستعمال خاطئ لحق ارتفاق.
(5) حكم. "تسبيب الحكم".
إقامة الحكم قضاءه على ما يكفي لحمله فيه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن من دفاع وحجج.

-------------------
1 - من المقرر أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان فصله لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية.
2 - فهم ما يحتويه المستند من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً وتقدير ذلك مما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من النقض.
3 - مؤدى نص المادة 806 من القانون المدني أن حق الملكية ليس حقاً مطلقاً وأن المالك في استعماله إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح فإذا أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية ومن ثم فإن الجار الذي يخالف القيود القانونية يرتكب خطأ، فإذا ترتب على خطئه هذا الضرر للجار فإنه يلتزم بتعويض الجار عن هذا الضرر مهما ضئول ويستوي في ذلك أن يكون الضرر مادياً أصاب الجار في مصلحة مالية أو أدبياً أصاب الجار في معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حق له.
4 - إذ كان الحكم حمل قضاءه على ما يكفي لحمله فلا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعن لأنه بما أورده من أسباب يكون قد رد على دفاعه وأسقط حججه ضمناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 435 سنة 1979 مدني مركز الجيزة على الطاعن بطلب الحكم بإزالة الدكان الذي قام الطاعن ببنائه، وقال بياناً لها إن الطاعن أقام هذا الدكان على المساحة المقرر تركها فضاء بين عقاريهما ومحكمة مركز الجيزة الجزئية أحالت الدعوى إلى محكمة الجيزة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 7113 سنة 1979 مدني كلي الجيزة. وفي 13/ 1/ 1980 قضت المحكمة بندب خبير في الدعوى لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 28/ 12/ 1980 بإزالة البناء، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 973 سنة 98 ق. وبجلسة 17/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة وتحدد لنظره جلسة 17/ 10/ 1982 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى في الشق الأول - السبب الأول - من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر في الجنحة رقم 5944 سنة 1978 بولاق الدكرور بتغريم الطاعن لإقامته بناء بدون ترخيص له حجيته أمام القضاء المدني في أن الطاعن أقام البناء دن مخالفة لأي شرط من الشروط القانونية للبناء وهذه الحجية لم يعملها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان فصله لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، ولما كانت أحقية الطاعن في إقامة البناء على المساحة الفضاء المتروكة قانوناً بين عقاره وعقار المطعون ضده ومدى حق الأخير في طلب إزالتها غير ضرورية ولا لازمة للفصل في تهمة البناء بدون ترخيص التي كانت محلاً لتلك الجنحة فإن الحكم الجنائي لا يحوز حجية فيها أمام المحكمة المدنية، وإذ كان ذلك فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده أشار في دفاعه إلى أن حق الارتفاق يستند إلى حكم المادة 1018 من القانون المدني في حين أن الحالة المعروضة خاصة بقيد قانوني وقد جاءت الشهادة الإدارية المقدمة من المطعون ضده خالية من بيان القانون الذي يستند إليه فضلاً عن اصطدامها بالحكم الجنائي الصادر في الجنحة السالفة البيان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد في شقه الأول ذلك أن العبرة هي بما يستخلصه الحكم من واقع الدعوى وبما يطبقه على هذا الواقع من أحكام القانون وإذ لم يأخذ الحكم بما أشار إليه الطاعن في نعيه فإن هذا النعي لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه، كما أن النعي في شقه الثاني مردود ذلك أن فهم ما يحتويه المستند من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً وتقرير ذلك فيما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من النقض والعبرة هي بأن يكون ما استخلصه الحكم من المستند واعتمد عليه في قضائه موافقاً للقانون ولا يعيب المستند إغفاله لإشارة إلى رقم القانون ووصفه - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد على الشهادة الإدارية الصادرة من مجلس المدينة في التحقق من شرط من الشروط القانونية للمباني وهي جهة مختصة بذلك وقد استخلص الحكم ذلك الشرط من الشهادة المنسوبة إليها استخلاصاً سائغاً وحكم على مقتضاه ولا مخالفة فيه للقانون على ما سيأتي في الرد على أسباب الطعن الأخرى ومن ثم فإن النعي غير منتج ويتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده لا حق له في طلب إزالة البناء لأن عقده لا يخوله حق ارتفاق على الأرض التي أقيم عليها البناء يمنع من إقامته عليها ولا وجود لقانون به قيود تمنع من ذلك فالقرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 الصادر تنفيذاً للقانون رقم 656 سنة 1954 ألغي مع القانون المذكور بالقانون رقم 45 سنة 1962 الذي ألغي القانون 656 سنة 1954 صراحة كما ألغي القانون رقم 45 لسنة 1963 بالقانون رقم 106 لسنة 1976 وأصبحت الجهة التي أقيم عليها البناء المتنازع عليه مكتظة بالمصانع والمقاهي والمحلات العامة، ومع ذلك فإن وجود قيود قانونية لا يخول المطعون ضده حقاً في طلب إزالة البناء إذ هي مجرد التزامات قانونية يشترط لمسئولية الطاعن عن مخالفتها أن يترتب عليها ضرر للمطعون ضده ولا يصلح لتحديد هذا الضرر قول الحكم المطعون فيه عبارة عامة أن مجرد إقامة البناء على وجه مخالفاً للقانون والشكل وحده ضرراًُ أو أن في ذلك مساساً بالناحية الصحية والجمالية لأنه قول مرسل، كما أن مسئولية الجار عن الغلو في استعمال حقوقه تقتضي تحديد نوع الغلو وتحديد الضرر الناشئ عنه وأن يكون هذا الضرر غير مألوف، وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان ذلك كما لم يبين الأساس القانوني الذي استند إليه وقد أبدى الطاعن دفاعه أمام محكمة الاستئناف على النحو المتقدم البيان فلم يرد عليه الحكم المطعون فيه فيكون قد طبق القانون تطبيقياً غير صحيح وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع يقتضى نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 806 من القانون المدني تنص على أن "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة" ويؤدي ذلك أن حق الملكية ليس حقاً مطلقاً وأن المالك في استعماله إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح، فإذا أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية ومن ثم فإن الجار الذي يخالف القيود القانونية يرتكب خطأ فإذا ترتب على خطئه هذا ضرر للجار فإنه يلتزم بتعويض الجار عن هذا الضرر مهما ضئول ويستوي في ذلك أن يكون الضرر مادياً أصاب الجار في مصلحة مالية أو أدبياً أصاب الجار في معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حق له - لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن منزل الطاعن أقيم في سنة 60 في ظل سريان القانون رقم 656 سنة 1954 بتنظيم المباني ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 وترك الطاعن عند إنشائه المسافة القانونية ثلاثة أمتار أرضاً فضاء بين أرضه وأرض جاره المطعون ضده الذي ترك بدوره مسافة مماثلة من أرضه وكان القانون رقم 45 لسنة 1962 بتنظيم المباني الذي ألغى القانون رقم 656 سنة 1954 وحل محله قد نص في المادة 11 منه على أنه "لا يجوز إقامة بناء إلا إذا كان مطابقاً للأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تبين بقرار من وزير الإسكان والمرافق"، وقد صدر تنفيذاً له قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 169 سنة 1962 الذي خولت المادة 26 منه مجلس المحافظة المختص في شوارع أو مناطق يحددها وبقرارات تصدر منه تحديد مسافات تترك بين البناء وحدود الأرض بالقدر الذي يراه وكذلك الشأن بالنسبة للقانون رقم 106 لسنة 1976 بما نص عليه في مادته الرابعة وقد أفادت إدارة التنظيم بحي غرب التابع لمجلس مدينة الجيزة أن من شروط المباني ترك ثلاثة أمتار من حق الملكية للجار، وقد استدل الحكم المطعون فيه من ذلك على استمرار القيد الذي كان منصوصاً عليه في القرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 ومن ثم فإن الطاعن لا يستفيد من إلغاء القرار المذكور بالقانون اللاحق إذ يبقى ذلك القرار سارياً على الوقائع التي نشأت في ظله وهي بقاء منزل الطاعن على حالة وقت إنشائه في سنة 1960 طالما أن القوانين اللاحقة لم تغير من الأحكام التي كان منصوصاً عليها فيه بما يطلق يد الطاعن في مخالفتها، وإنما أقرها بذاتها فلا تزال سارية ويتعين تطبيقها - وإذ كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بما أحال عليه من أسباب الحكم المستأنف التي تضمنت أن الطاعن أقام الدكان موضوع النزاع على المسافة القانونية المفروض تركها فضاء وبما جاء في أسبابه من أن مجرد البناء على وجه مخالف لقانون يشكل وحده ضرراً إلا أن فيه مساساً بالناحية الصحية والجمالية التي من أجلها أصلاً شرع ترك المسافات بين العقارات المختلفة وكانت القيود القانونية التي توجب ترك مسافة ثلاثة أمتار بين البناء وحدد لأرض التي أقيم عليها من شأنها أن تحمل المساحة المتروكة ارتفاقاً إدارياً بعدم البناء عليها يفيد منه الجار نوراً وهواء ومنظراً جميلاً، ولا شك في أن إشغال هذا الفضاء ببناء على خلاف القيد القانوني يحرم الجار من كل ذلك ويقلل من قيمة عقاره المجاور ومن قيمة الانتفاع به فيضر بمصلحة مالية له فضلاً عن أن حرمانه من هذه المزايا يؤذي شعوره، ولا يقدح في ذلك إقامة مصانع ومقاهي ومحلات أخرى على خلاف القانون إذ بحسب الحكم أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها ويستخلص منها عناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببيه بينهما ثم يقضي للمضرور بالتعويض الذي يراه مناسباً فيكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً وحمل قضاءه على ما يكفي لحمله ولا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعن لأنه بما أورده من أسباب تكفي لحمل قضائه يكن قد رد على دفاع الطاعن وأسقط حججه ضمناً ويكون النعي عليه برمته على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 150 لسنة 13 ق جلسة 20 / 5 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 69 ص 475

جلسة 20 من مايو سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي وأحمد فؤاد أبو العيون ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-------------------

(69)

القضية رقم 150 لسنة 13 القضائية

(أ) عقد إداري "تعهد بالتدريس".
إثبات مرض الطالب المسقط للالتزام - يتعين أن يكون وفقاً للقواعد التي قررها المشرع في هذا الصدد - لا يجوز الاعتداد في هذا المجال بشهادة مرضية مقدمة من طبيب خاص - أساس ذلك.
(ب) عقد إداري "تعهد بالتدريس" - محافظات.
تعهد الطالب بمواصلة الدراسة في معهد معين بمحافظة معينة - انقطاعه عن الدراسية بهذا المعهد - يعتبر إخلالاً بتعهده ولو التحق بمعهد مماثل في محافظة أخرى أساس ذلك.

--------------------------
سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مجلس الوزراء وافق في 18 من يوليه سنة 1955 على قواعد معينة للالتحاق ببعض المعاهد التي تلتزم الحكومة بتعيين خريجيها حتى لا يعاد الكشف الطبي عليهم عند التعيين، ومن مقتضى هذه القواعد أن يخضع هؤلاء في أجازاتهم المرضية وتقرير لياقتهم للاستمرار في الدراسة للقوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، ومتى كان الأمر كذلك وكانت تلك القواعد بمثابة لائحة عامة تنظيمية متعلقة بحسن سير مرفق عام فإنه لا مناص من اتباعها دون حاجة للنص عليها صراحة في العقد الإداري المبرم بين من يلتحقون بهذه المعاهد والحكومة، ومن ثم فإنه يتعين عليهم أن يتبعوا الإجراءات المنصوص عليها - فيما يتعلق بالكشف الطبي والأجازات المرضية - في القوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، وعلى ذلك فإنه لا يجوز قبول شهادة مرضية لإثبات المرض صادرة على خلاف ما رسمه القانون، ذلك أنه وإن كان المرض واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرف إلا أنه متى وضع المشرع قواعد للإثبات تعين اتباعها، فلا يجوز إثبات المرض بالشهادة المرضية قانوناً، كما لا يجوز لهذا السبب الاعتداد بها في مجال تقدير العذر المعفى للالتزام، ومؤدى ذلك أنه ما كان يجوز التعويل على الشهادة المرضية المقدمة من المدعى عليهما لإثبات مرض المدعى عليه الأول لأنها صادرة من طبيب خاص على خلاف ما رسمه القانون، وبالتالي فإنه لا يمكن قبول عذر المرض في تبرير انقطاع المدعى عليه المذكور عن مواصلة الدراسة.
2 - أن تعهد المدعى عليهما لم يكن - حسبما يبين من عباراته - بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة لخدمة مرفق التعليم بعد تخرجه، وإنما مواصلة الدراسة بدار المعلمين بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذ أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة وميزانيتها الخاصة بها، ومن ثم فلا يمكن مسايرة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن انتظام المدعى عليه الأول في الدراسة بكفر الشيخ يسقط عنه التزامه بمواصلة الدراسة بشبين الكوم، وما انتهى إليه ترتيباً على ذلك من أنه ليس هناك ثمة مخالفة لتعهد المدعى عليهما الصريح بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها, إذا انقطع عن الدراسة بشبين الكوم ليواصلها بعد انقطاع عام دراسي كامل بمحافظة كفر الشيخ.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 766 لسنة 19 القضائية ضد السيدين/ محمد أحمد حسن زيدان وأحمد حسن زيدان بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 27 من ديسمبر سنة 1964، طلبت فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا مبلغ ثلاثين جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة "وتوجز أسانيد دعواها في أن المدعى عليه الأول التحق بدار المعلمين الريفية ببني العرب التابعة لمنطقة شبين الكوم التعليمية في 21 من سبتمبر سنة 1963، وتعهد عند التحاقه بالدار بضمانة والده المدعى عليه الثاني، بأن يستمر في الدراسة إلى أن يتخرج منها وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته حسب الشروط التي تقررها وزارة التربية والتعليم، فإذا أخل بأحد هذين الالتزامين أو فصل من الدار أو الخدمة أو تركها خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو لتغيبه أكثر من خمسة عشر يوماً بغير عذر تقبله الوزارة يكون ملزماً بدفع مبلغ خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها، ولما كان المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة أكثر من خمسة عشر يوماً فقد قامت الجهة الإدارية بإصدار قرار بفصله في 8 من أكتوبر سنة 1964، ومن ثم فإن من حقها أن تطالبه بالتضامن مع المدعى عليه الثاني بنفقات تعليمه عن سنتين دراسيتين بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة أي بمبلغ ثلاثين جنيهاً.
ومن حيث إن المدعى عليهما دفعا الدعوى بأن انقطاع المدعى عليه الأول عن مواصلة الدراسة كان بسبب مرضه وقدما شهادة طبية مؤرخة 5 من أكتوبر سنة 1964 ذكر فيها أن المدعى عليه المذكور عنده نزلة شعبية مزمنة وضعف شديد عام ويلزمه الراحة التامة وعدم الإرهاق "وذكرا أن هذا المرض أصابه نتيجة سوء حالة والده المالية فقد عجز عن تحمل نفقات انتقاله من بلدته إلى الدار وهي تبعد قرابة ساعتين من البلدة مما كان يضطره إلى التوجه إلى الدار سيراً على الأقدام، كما شق على والده القيام بكسائه الكسوة الملائمة لفصل الشتاء: وأضافا أن المدعى عليه الأول التحق في العام الدراسي 65/ 1966 بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ، وقدما ما يثبت قيده بها في العام الدراسي المذكور.
وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة "برفض طلبات المدعية (محافظة المنوفية) وألزمتها المصاريف" وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان الثابت أن المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة بالدار أكثر من المدة القانونية وقدرها خمسة عشر يوماً وقد قامت الدار بفصله في 8 من أكتوبر سنة 1964، إلا أن الثابت أيضاً أنه التحق بعد ذلك مباشرة بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ التابعة لذات الجهة الإدارية التي تشرف على مرفق التعليم، ومتى كان الأمر كذلك فلا ضرر يعود على جهة الإدارة ما دام أن المدعى عليه الأول قد ترك معهد بني العرب والتحق بمعهد كفر الشيخ والمقصود من التعهد هو إتمام الدراسة حتى يستفيد منه مرفق التعليم بعد تخرجه فلا يكون هناك ثمة مخالفة لتعهده، هذا فضلاً عن أن تصرف المدعى عليه الأول على هذا الوجه لم يكن نتيجة نزوة دون وعي بل بسبب ما أصابه من أمراض لاضطراره لقطع المسافة بين محل سكنه ومقر الدار سيراً على الأقدام لضيق ذات يد والده.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين قضى بأن التحاق المدعى عليه الأول بمنطقة كفر الشيخ التعليمية يعفيه من التزامه الاستمرار في الدراسة بدار المعلمين بمنطقة كفر الشيخ ذلك أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة، كما أخطأ الحكم المطعون فيه حين اعتد بالشهادة الطبية المقدمة من طبيب خاص في إثبات عذر المرض.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول التحق بدار المعلمين الريفية ببني العرب التابعة لمنطقة شبين الكوم التعليمية في 21 من سبتمبر سنة 1963، وفي 8 من أكتوبر سنة 1964 أصدرت الجهة الإدارية قراراً بفصله من الدار لانقطاعه أكثر من خمسة عشر يوماً منذ بدء العام الدراسي 64/ 1965.
ومن حيث إن المدعى عليه الأول وقع في 4 من أغسطس سنة 1963 تعهداً بأن يستمر في الدراسة بالدار إلى أن يتخرج فيها، وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته بالدار حسب الشروط التي تقرها وزارة التربية والتعليم، فإذا أخل بأحد هذين الالتزامين أو فصل من الدار أو الخدمة أو تركها خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو لتغيبه أكثر من خمسة عشر يوماً بغير عذر تقبله الوزارة يكون ملزماً بدفع المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليه بواقع 15 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الخارجي و40 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الداخلي"، وقد وقع المدعى عليه الثاني في ذات التاريخ تعهداً أقر فيه بأنه أذن لنجله المدعى عليه الأول بتوقيع التعهد السابق الإشارة إليه وبالتزامه متضامناً مع نجله بسداد كافة المبالغ التي تستحق نتيجة لهذا التعهد.
ومن حيث إن المدعى عليهما ذهبا في تبرير انقطاع المدعى عليه الأول عن الاستمرار في الدراسة إلى أنه كان مريضاً، وقدما للتدليل على مرضه شهادة من طبيب خاص، وقد قبل منهما الحكم المطعون فيها هذا الدليل.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مجلس الوزراء وافق في 18 من يوليه سنة 1955 على قواعد معينة للالتحاق ببعض المعاهد التي تلتزم الحكومة بتعيين خريجيها حتى لا يعاد الكشف الطبي عليهم عند التعيين، ومن مقتضى هذه القواعد أن يخضع هؤلاء في أجازاتهم المرضية وتقرير لياقتهم للاستمرار في الدراسة للقوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، ومتى كان الأمر كذلك وكانت تلك القواعد بمثابة لائحة عامة تنظيمية متعلقة بحسن سير مرفق عام فإنه لا مناص من اتباعها دون حاجة النص عليها صراحة في العقد الإداري المبرم بين من يلتحقون بهذه المعاهد والحكومة، ومن ثم فإنه يتعين عليهم أن يتبعوا الإجراءات المنصوص عليها - فيما يتعلق بالكشف الطبي والأجازات المرضية - في القوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، وعلى ذلك فإنه لا يجوز قبول شهادة مرضية لإثبات المرض صادرة على خلاف ما رسمه القانون، ذلك أنه وإن كان المرض واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرق إلا إنه متى وضع المشرع قواعد للإثبات تعين اتباعها، فلا يجوز إثبات المرض بالشهادة المرضية قانوناً، كما لا يجوز لهذا السبب الاعتداد بها في مجال تقدير العذر المسقط للالتزام، ومؤدى ذلك أنه ما كان يجوز التعويل على الشهادة المرضية المقدمة من المدعى عليهما لإثبات مرض المدعى عليه الأول لأنها صادرة من طبيب خاص على خلاف ما رسمه القانون، وبالتالي فإنه لا يمكن قبول عذر المرض في تبرير انقطاع المدعى عليه المذكور عن مواصلة الدراسة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المدعى عليه الأول قد واصل دراسته بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ عقب تركه دار المعلمين بشبين الكوم مباشرة، وأنه طالما أن المقصود من التعهد هو مواصلته الدراسة حتى يستفيد منه مرفق التعليم بعد تخرجه، فلا يكون هناك ثمة مخالفة لتعهده.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه غير صحيح في الواقع أو القانون، ذلك أن الشهادة المقدمة من المدعى عليهما تفيد أن المدعى عليه الأول مقيد ضمن طلاب السنة الأولى بدار المعلمين بكفر الشيخ في العام الدراسي 65/ 1966، وهذا يعني أنه لم يلتحق مباشرة عقب تركه دار المعلمين بشبين الكوم بدار المعلمين بكفر الشيخ، إذ أنه ترك دار المعلمين بشبين الكوم منذ بدء العام الدراسي 64/ 1965 ولم يلتحق بدار المعلمين بكفر الشيخ - على ما هو ثابت من الشهادة المقدمة منه - إلا في العام الدراسي 65/ 1966 أي بعد انقطاع عام دراسي كامل، هذا من ناحية الواقع، أما من ناحية القانون فإن تعهد المدعى عليهما لم يكن - حسبما يبين من عباراته - بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة لخدمة مرفق التعليم بعد تخرجه، وإنما بمواصلة الدراسة بدار المعلمين بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذ أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة وميزانيتها الخاصة بها، ومن ثم فلا يمكن مسايرة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن انتظام المدعى عليه الأول في الدراسة بكفر الشيخ يسقط عنه التزامه بمواصلة الدراسة بشبين الكوم، وما انتهى إليه ترتيباً على ذلك من أنه ليس هناك ثمة مخالفة لتعهد المدعى عليهما الصريح بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذا انقطع عن الدراسة بشبين الكوم ليواصلها بعد انقطاع عام دراسي كامل بمحافظة كفر الشيخ.
ومن حيث إنه لا حجة فيما أورده الحكم المطعون فيه متعلقاً بسوء حالة المدعى عليهما المالية، ذلك أن هذه الحالة وهي قائمة بالمدعى عليهما منذ التحاق المدعى عليه الأول بدار المعلمين بشبين الكوم ومنذ توقيعهما على التعهد بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بها، لا يمكن أن تكون سبباً في إعفائهما من التزامهما بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بهذه الدار.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة بدار المعلمين الريفية بشبين الكوم دون عذر، ومؤدى هذا التزامه بالتضامن مع المدعى عليه الثاني - تنفيذاً لتعهدهما السابق الإشارة إليه - برد المصروفات التي أنفقت عليه بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل عام دراسي أو جزء منه، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان المدعى عليه الأول قد فصل من دار المعلمين بشبين الكوم في 8 من أكتوبر سنة 1964 أي بعد بدء العام الدراسي 64/ 1965، إلا أن الثابت من الأوراق أنه لم ينتظم بالدراسة إطلاقاً منذ بدء هذا العام: ومن ثم فلا يكون من حق المدعية الرجوع عليه إلا بمصروفات عام دراسي واحد هو عام 63/ 1964 وقدرها خمسة عشر جنيهاً لا بمصروفات عامين دراسيين كما ذهبت إلى ذلك في دعواها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض دعوى المدعية بالنسبة إلى مطالبتها برد المصروفات التي أنفقتها على المدعى عليه الأول عن العام الدراسي 63/ 1964 في غير محله، ويتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء بإلزام المدعى عليه الأول بالتضامن مع ورثة المدعى عليه الثاني من تركة مورثهم، بأن يدفعوا للمدعية مبلغ خمسة عشر جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من ديسمبر سنة 1964 حتى تمام الوفاء مع إلزامهم بنصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليه الأول بالتضامن مع ورثة المدعى عليه الثاني فيما آل إليهم من تركة مورثهم بأن يدفعوا للمدعين مبلغ خمسة عشر جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% (أربعة في المائة سنوياً) من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من ديسمبر سنة 1964 حتى السداد مع إلزامهم بنصف المصروفات.

الطعن 299 لسنة 25 ق جلسة 3 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 113 ص 750

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------------

(113)
الطعن رقم 299 لسنة 25 القضائية

(أ) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "جزاء المسئولية" "التعويض" "تقدير التعويض". محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل" "القصور الكافي" "ما لا يعد كذلك". تعويض.
سلطة محكمة الموضوع في تحديد مقدار التعويض. اطراحها لأسباب سائغة الأرقام المقدمة من المضرور تحديداً له. حسبها تبيان أن المبلغ الذي قدرته هو عما لحق المضرور من ضرر مادي وأدبي وأنه تعويض له عما تكبده وناله.
(ب) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "جزاء المسئولية" "التعويض" "تقدير التعويض". حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما لا يعد كذلك".
لا يعيب الحكم إدماجه الضرر المادي والأدبي معاً وتقديره التعويض عنها جملة بغير تخصيص.
(ج) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "أركانها" "ركن الضرر" "الضرر المحقق والاحتمالي". حكم "تسبيبه" "الرد على أوجه الدفاع القانونية رداً سليماً".
لا يعيب الحكم استبعاده من عناصر الضرر الحرمان من المكافآت طالما أن نظره بني على أن الضرر المدعى به في هذا الصدد احتمالي وليس محقق الوقوع.

-------------------
1 - إذا كانت محكمة الموضوع - وهي بسبيل تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض قد أطرحت للأسباب السائغة التي ذكرتها الأرقام التي أوردها الطاعن في الكشف المقدم منه تحديداً من جانبه للتعويض الذي يرى نفسه مستحقاً له - وتولت هي بما لها في هذا الخصوص من سلطة التقدير - تحديد مقدار التعويض الذي رأت أن الطاعن يستحقه - مبينة في حكمها أن المبلغ الذي قدرته هو عن جميع ما لحق بالطاعن من ضرر مادي وأدبي، وأنه تعويض عن جميع ما تكبده من مصروفات، وما ناله من متاعب فحسبها ذلك ليستقيم قضاؤها.
2 - لا يعيب الحكم أنه أدمج الضرر المادي والأدبي معاً وقدر التعويض عنهما جملة بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما إذ ليس هذا التخصيص بلازم قانوناً.
3 - لا يعيب الحكم أنه فيما قرر استبعاده من عناصر الضرر لم يدخل في اعتباره حرمان الطاعن من مكافآت الدروس الخصوصية والندب للمراقبة في الامتحانات - طالما أن نظره في هذا الخصوص بني كما هو مفهوم من أسبابه على أن الضرر الذي يدعيه الطاعن في هذا الصدد هو ضرر احتمالي وليس بضرر محقق الوقوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 26/ 11/ 1950 أقام الطاعن على المطعون عليها الدعوى رقم 1406 سنة 1950 محكمة الدرب الأحمر الجزئية طالباً فيها الحكم بإلزام المدعى عليها (المطعون عليها) بأن تدفع له مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض... إلخ. وذكر في دعواه أنه بينما كان يؤدي واجبه كمدرس بمدرسة حلوان الابتدائية في يوم 12/ 3/ 1949 - مر من إحدى الفتحات المخصصة للمرور من شرفة المدرسة إلى فنائها - وكانت الفتحة مغطاة بكمية من الرمل وضعت مكان إحدى درجات السلم - ولكن المدرسة كانت قد رفعتها من مكانها من بضعة أيام دون القيام بأي احتياط لتنبيه المارين ولذلك قد تعثرت قدمه وسقط وكسرت ساقه اليسرى وأصيب بقطع في أعصاب الحس والحركة الأمر الذي كبده نفقات ودواء عدة شهور وانتهى الأمر ببتر ساقه - ثم رفع الدعوى بطلب الحكم بالمبلغ المتقدم ذكره - وبتاريخ 16/ 1/ 1951 قضت محكمة الدرب الأحمر بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 882 لسنة 1951 - وبعد أن أصدرت هذه المحكمة حكماً في 29 من يونيه سنة 1953 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما دوّن بمنطوقه قضت في 28/ 12/ 1953 برفض دعوى الطاعن وإلزامه بالمصروفات، فاستأنف هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة في 10/ 3/ 1954 بالاستئناف رقم 253 لسنة 71 ق. طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام "المطعون عليها" بأن تدفع له مبلغ 5000 جنيه والمصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين، وبتاريخ 22 فبراير سنة 1955 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً قررت في أسبابه خطأ إدارة المدرسة وما يستتبع ذلك من مسئولية المطعون عليها وقضت في منطوقه بالانتقال إلى مستشفى الهلال الأحمر وغيره من المستشفيات التي عولج بها الطاعن للاطلاع على أوراق علاجه لبيان مدى اتصال الكسر الحاصل بساقه بحادث السقوط توطئة لتقدير التعويض، وبتاريخ 3 من مايو سنة 1955 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 700 جنيه والمصروفات المناسبة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وبتاريخ 15/ 6/ 1955 قرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض، وبعد استيفاء الإجراءات أبدت النيابة العامة رأيها بمذكرتها برفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من يونيه سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب إذ لم تبين محكمة الموضوع في حكمها العناصر المكونة قانوناً للضرر - والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض ووقفت في ذلك عند حد القول بأن الطاعن غالى في تقدير التعويض وأسرف في الكشف المقدم منه في بيان عناصر التعويض الذي يستحقه ولم تبين المحكمة في حكمها تلك العناصر التي كانت موضع إسرافه كما أنها إذ استبعدت بعضها - بمقولة إنه يفتقر إلى إثبات - لم تحدد الوقائع المفتقرة لذلك واقتصرت على ذكر بعضها على سبيل المثال. ذلك إلى أنها أدمجت الضرر الأدبي والمادي معاً بغير تحديد لمقدار التعويض عن كل منهما. وبالسبب الثاني نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه جاء قاصر التسبيب - إذ لم يلتفت عند تقديره للتعويض المستحق له - إلى ما تمسك به من أن الضرر الذي أصابه لا يقف عند حد ما حل به في الماضي - بل إن آثار الحادث الذي وقع له ونتائجه ستلازمه مستقبلاً - ولم يدخل الحكم المطعون فيه هذا الاعتبار في عناصر التقدير - بل جاء تقديره عاماً من غير تحديد واكتفى بالقول بأن الطاعن لم يحرم من وظيفته مغفلاً أن كفايته قد نقصت بما يعجزه عن القيام بأعمال مشروعة أخرى غير أعمال الوظيفة - كانت تدر عليه الكثير من المال - وبالسبب الثالث نعى الطاعن على ذلك الحكم أنه إذ استبعد من عناصر التعويض مكافآت الدروس الخصوصية والندب للمراقبة في الامتحانات - بمقولة أنها ليست مكافآت ثابتة - فإنه أخطأ في التكييف القانوني للواقع - ذلك أن حرمان الطاعن من هذه المكافآت - هو مما يلحق به ضرراً محققاً - إذ لولا الحادث الذي وقع له لكان مجال الحصول عليها مفتوحاً أمامه - ولا عبرة في هذا الخصوص بأن تلك المكافآت ليست ثابتة.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب جميعها مردود بأن محكمة الاستئناف بعد أن صدرت أسباب قضائها بإيراد خلاصة الحكم الذي سبق لها إصداره في 22 فبراير سنة 1955 مبينة أن ذلك الحكم قد انتهى في أسبابه إلى تقرير خطأ إدارة مدرسة حلوان وما يستتبعه من مسئولية الوزارة (المطعون عليها) وبعد أن أوردت نتائج انتقالها للاطلاع على أوراق المستشفيات التي عولج بها الطاعن وخلصت إلى القول بأنه ليس هناك أي تقصير أو مسئولية يمكن إسنادها إليه وأنه بذلك ينهار القول بقيام خطأ مشترك - عرضت بعد ذلك لتقدير التعويض فذكرت "ومن حيث إنه عن التعويض فقد غالى المستأنف (الطاعن) كثيراً في تقديره وأسرف في بيان العناصر التي انطوى عليها الكشف المقدم منه فمنها ما لا حق له في المطالبة به كمصاريف علاج أولاده وأجور مدرسين خصوصيين لهم إذ لا شأن لذلك بالحادث وكذلك مكافآت الدروس الخصوصية أو ندبه في المراقبة لأنها ليست مكافآت ثابتة ومنها ما زاد في تقديرها زيادة ملحوظة فضلاً عن أن بعضها يفتقر إلى إثبات مثل مصاريف الأطباء والممرضات والأدوية وزيارة أسرته له في المستشفى، أما عن العملية التي يقول المستأنف أنه يزمع إجراءها لإخراج العظم المفتت المتخلف برجله نتيجة لسرعة عمل العملية السابقة فإنه ليس في الأوراق دليل على هذا التخلف ولم يظهر له أثر أو مضاعفات في الساق رغم مرور أكثر من خمس سنوات بعد البتر كما أنه ليس له أن يطالب بمصاريف السفر بالطائرة إلى الخارج لصنع رجل أخرى بعد أن أصبحت صناعة الأطراف الصناعية في مصر كفيلة بتلبية الحاجة إليها. ومن حيث إن المحكمة ترى إزاء ما تقدم اطراح هذه الأرقام التي تقدم بها المستأنف وأن تقدر له إجمالياً مبلغ 700 جنيه وهو مع ما يتناسب مع الضررين المادي والأدبي وتعويض جميع ما تكبده من مصروفات وما ناله من متاعب مراعية في ذلك أن الحادث والأثر المترتب عليه لم يؤثر على قدرته على القيام بوظيفته كمدرس أو ينقص من كفايته في أدائها على الوجه المطلوب منه فهو لم يفقد هذه الوظيفة أو يحرم من مواردها كلاً أو بعضاً" ومن ذلك يبين أن محكمة الموضوع وهي بسبيل تقدير ما يستحقه الطاعن من تعويض قد أطرحت للأسباب السائغة التي ذكرتها الأرقام التي أوردها الطاعن في الكشف المقدم منه تحديداً من جانبه للتعويض الذي يرى نفسه مستحقاً له - وتولت هي - بما لها في هذا الخصوص من سلطة التقدير تحديد مقدار التعويض الذي رأت أن الطاعن يستحقه - مبينة في حكمها أن المبلغ الذي قدرته هو عن جميع ما لحق بالطاعن من ضرر مادي وأدبي - وأنه تعويض عن جميع ما تكبده من مصروفات وما ناله من متاعب وحسبها ذلك ليستقيم قضاؤها - ولا يعيبه أنه أدمج الضرر المادي والأدبي معاً وقدر التعويض عنهما جملة بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما إذ ليس هذا التخصيص بلازم قانوناً، كما لا يعيبه إنه فيما قرر استبعاده من عناصر الضرر لم يدخل في اعتباره حرمان الطاعن من مكافآت الدروس الخصوصية والندب للمراقبة في الامتحانات - ذلك أن نظر الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص سديد لابتنائه كما هو مفهوم من أسبابه على أن الضرر الذي يدعيه الطاعن في هذا الصدد هو ضرر احتمالي وليس بضرر محقق الوقوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1201 لسنة 14 ق جلسة 7 / 5 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 68 ص 467

جلسة 7 من مايو سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر المستشارين.

----------------

(68)

القضية رقم 1201 لسنة 14 القضائية

(أ) دعوى الإلغاء "ميعاد الستين يوماً" - عاملون مدنيون "نقل - ترقية".
نقل العامل من وزارة إلى أخرى مع تفويت الدور عليه في الترقية بالأقدمية - ميعاد الطعن في قرار النقل - سريانه من تاريخ علمه بقرار الترقية - أساس ذلك.
(ب) عاملون مدنيون "نقل - ترقية".
نقل العامل من وزارة إلى أخرى في وقت لم تكن توجد فه بالجهة المنقول منها درجة خالية تسمح بترقيته - إجراء سليم قانوناً - لا يغير من ذلك أن يكون مشروع الميزانية قد تضمن اقتراح إنشاء درجات جديدة - أساس ذلك.

--------------------
1 - أنه وإن كان المطعون عليه قد علم بقرار نقله إلا أنه لم يكن في وسعه وقت صدور ذلك القرار أن يستظهر ما شابه من عيب تمثل - في تقديره - في تفويته الدور عليه في الترقية بالأقدمية في الجهة المنقول منها وتكشف له من تاريخ علمه بقرار تخطيه في الترقية المطعون فيها والصادر من تلك الجهة وبذلك فإن مركز المطعون عليه حيال قرار النقل لم يتحدد بصورة قاطعة في مجال الطعن فيه إلا اعتباراً من تاريخ علمه بقرار التخطي المشار إليه وهو التاريخ الذي تكشف له فيه ما شاب قرار نقله من عيب والذي يبدأ منه بالتالي سريان ميعاد التظلم منه.
2 - إن القرار الصادر بنقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول يونيه سنة 1959 قد صدر في 21 يونيه سنة 1959 وأن قرار ترقية السيد/ .... المطعون فيه قد صدر في 24 فبراير سنة 1960 وأن الدرجة التي تمت عليها هذه الترقية قد اعتمدت في ميزانية وزارة الحربية (الكلية الحربية) عن السنة المالية 1959/ 1960 أي أن الترقية المطعون فيها قد تمت على درجة أنشئت اعتباراً من أول يوليو سنة 1959 ومفاد ذلك أنه لم تكن ثمة درجة ثالثة فنية عالية خالية بالكلية الحربية وقت نقل المطعون عليه إلى وزارة التربية والتعليم. وإذ ثبت أن نقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم كان نقلاً سليماً اقتضته مصلحة العمل والعامل ولم يصدر عن إساءة استعمال السلطة كما يذهب المدعي - ابتغاء تفويت حقه في ترقية كانت متاحة له إذ لم تكن ثمة درجات وقت النقل تسمح بترقيته إليها فإن النقل - يكون والحالة هذه - لا مطعن عليه ذلك أن النقل لا يكون معيباً إلا إذا كان هناك درجات تسمح بترقية العامل في الجهة المنقول منها وقصد حرمانه من الترقية إليها وإفساح الطريق لمن يليه في الأقدمية أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك وذهبت جهة الإدارة إلى استعمال الرخصة المخولة لها قانوناً في النقل بقصد تحقيق الغرض الذي شرع من أجله ثم أنشأت درجة جديدة في ميزانية الإدارة بعد قرار النقل المطعون فيه فلا يسوغ الادعاء عندئذ بأن مثل هذا النقل قصد به تفويت حق الموظف المنقول في الترقية.
ولا وجه في هذا المقام للتحدي بأن الوزارة قد تعمدت نقل المدعي بغية تفويت دوره في الترقية، لأنها كانت قد اقترحت إنشاء درجات في مشروع الميزانية لأن إعداد مشروع الميزانية بواسطة الوزارات المختلفة واقتراح إنشاء الدرجات الجديدة لا يقوم دليلاً كما يذهب المدعي على إساءة استعمال السلطة باعتبار أن الوزارة كانت تعلم بمثل هذه الدرجات المقترحة، ذلك أن سلطة الوزارة تنحصر في الاقتراح فحسب ولا تمتد إلى تقديرها فعلاً ووجوب إنشائها فهي لا تملك ذلك باعتباره حقاً أصيلاً للسلطة التي تقوم باعتماد الميزانية والتي تملك حذف وتعديل وإنشاء الدرجات التي تطلبها الوزارات والمصالح كي تتم الموازنة بين أبواب الميزانية المختلفة دون أن يكون لهذه الوزارات حق الاعتراض على ذلك، ومن ثم فإن اقتراح إنشاء بعض الدرجات في ميزانية الجهة المنقول منها المطعون ضده لا ينهض دليلاً على علم الوزارة بإنشاء هذه الدرجة إذ لا يتأكد هذا للعلم إلا بصدور قانون ربط الميزانية متضمناً هذه الدرجات وبهذه المثابة يكون نقل المطعون ضده قد وقع صحيحاً بالموافقة لأحكام القانون.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي أقام الدعوى 1333 لسنة 19 القضائية ضد وزارة الحربية بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 فبراير سنة 1965 وطلب في ختامها الحكم.
أولاً - بإلغاء القرار رقم 731 الصادر بتاريخ 21 يونيه سنة 1959 بنقله من وظيفة رئيس قسم الكيمياء بالكلية الحربية إلى وزارة التربية والتعليم المركزية مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانياً - بإلغاء القرار الصادر بتاريخ 24 فبراير سنة 1960 بترقية السيد/ .... إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة مصروفات الدعوى. وقال شرحاً لدعواه أنه كان حتى 31 مايو سنة 1959 شاغلاً لوظيفة رئيس قسم الكيمياء بالكلية الحربية وبتاريخ 21 يونيو سنة 1959 صدر قرار وزاري رقم 731 بنقله إلى وزارة التربية والتعليم المركزية اعتباراً من أول يونيه سنة 1959 لترشيحه لوظيفة ملحق ثقافي بسفارة مصر بيوغوسلافيا، وأنه قد نفذ هذا القرار وبقى في تلك الوظيفة حتى شهر يناير سنة 1965 وأنه علم في أخر مرة عاد فيها إلى مصر أنه في أعقاب صدور قرار نقله من الكلية الحربية صدرت قرارات ترقية إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية في 24 فبراير سنة 1960 رقى فيها بالأقدمية المطلقة من كانوا تالين له في أقدمية الدرجة الرابعة كالسيد/ .... بينما لم يرق المدعي إلى الدرجة الثالثة في الجهة التي نقل إليها إلا في 29 نوفمبر سنة 1964 وعندئذ اتضح له أن نقله من الكلية الحربية قد ترتب عليه تفويت الدور عليه في الترقية بالأقدمية وهو أمر ممنوع بنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951. ومن ثم تظلم إلى السيد وزير الحربية في 21 من أكتوبر سنة 1964 من قرار نقله وقرار الترقية المطعون فيهما.
وأجابت الوزارة عن الدعوى بأن المدعي كان يعلم بقرار نقله وكان عليه أن يتظلم منه خلال الستين يوماً التالية لصدوره ولكنه لم يفعل إلا بعد مضي أكثر من خمس سنوات وأن علمه ثابت بالطلب المقدم منه في 16 مايو سنة 1959 والذي يطالب فيه الوزارة بإرسال البيانات الخاصة به المطلوبة لوزارة الخارجية بمناسبة ترشيحه من الوزارة المنقول إليها ملحقاً ثقافياً بسفارة مصر ببلجراد ومن ثم يكون طعنه في القرار الصادر بنقله غير مقبول شكلاً، أما بالنسبة لطلبه الثاني فقد دفعت الوزارة بعدم قبوله لعدم توافر شرطي الصفة والمصلحة في المدعي لأنه كان أجنبياً عن الوزارة وقت إجراء حركة الترقية المطعون فيها ومن ثم فليس له مصلحة في طلب إلغائها.
وبجلسة 6 من يونيو سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع.
أولاً - بإلغاء القرار رقم 731 الصادر في 21 يونيه سنة 1959 بنقل المدعي من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم.
ثانياً - بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى تاريخ نفاذ القرار رقم 430 الصادر في 24 فبراير سنة 1960 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الوزارة المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بقبول الدعوى شكلاً على أساس ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من بدء مواعيد التظلم بالنسبة للموفدين في الخارج في مهام رسمية من تاريخ علمهم بالقرارات المطعون فيها عقب عودتهم إلى أراضي البلاد طالما أن النشرات المصلحية التي تضمنت تلك القرارات لم تنشر في الخارج بطريقة رسمية يعتد بها وطالما لم تقدم جهة الإدارة ما يفيد العلم اليقيني بهذه القرارات في تاريخ سابق على التظلم منها وأخذاً بما ثبت من أن الوزارة لم تقدم ما يقطع بعلم المدعي بالقرار الذي تضمن تخطيه في تاريخ سابق على تقديم التظلم، وأشارت المحكمة في هذا الصدد إلى أن التظلم من قرار التخطي يتضمن بحكم الضرورة التظلم من قرار النقل باعتبار أن أحدهما هو سبب الأخر ذلك أن مركز المدعي حيال النقل لم يتحدد بصورة قاطعة في مجال الطعن فيه إلا اعتباراً من تاريخ صدور قرار التخطي الذي تم بالمخالفة لأحكام المادة 47 من قانون نظام موظفي الدولة ومن ثم فإنه اعتباراً من هذا التاريخ يحق للمدعي أن يتظلم من القرارين معاً وهو ما فعله المدعي مراعياً المواعيد المقررة للتظلم ورفع الدعوى ملتزماً سائر الأوضاع الشكلية الأخرى. أما بالنسبة للموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها مستندة إلى المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تجيز نقل الموظف من إدارة إلى أخرى أو من مصلحة أو وزارة إلى مصلحة أو وزارة أخرى إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية بالأقدمية أو كان قرار النقل قد تم بناء على طلبه وأن الطلب الذي يعتد به في هذا الخصوص هو الطلب الصريح الواضح المعبر عن كامل الإرادة في النقل حتى تنتفي عن جهة الإدارة مظنة الأضرار به ومن ثم فإنه لا اعتداد بما قالته الوزارة من أن نقل المدعي قد تم بناء على طلبه استناداً إلى طلب تقدم به لإرسال بعض البيانات المطلوبة للجهة المنقول إليها إذ أن هذا التصرف من جانب المدعي لا ينم عن طلب صريح بنقله فضلاً عن أن الوزارة لم تقدم الطلب المشار إليه طوال فترة نظر الدعوى وليس في أوراقها أو بملف خدمة المدعي ما يشير إليه. وإذا كان من الثابت أنه عقب صدور قرار نقل المدعي في 21 يونيه سنة 1959 أجرت الوزارة المدعى عليها ترقيات إلى الدرجة الثالثة الفنية العالية بالأقدمية المطلقة في 24 فبراير سنة 1960 رقى فيها السيد/ محمد محمود مكرم وهو من كان يلي المدعي في أقدمية الدرجة الرابعة الفنية العالية فإن الترقية تكون قد تمت بالمخالفة لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ قضى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لقرار نقل المدعي الصادر برقم 731 لسنة 1959 ذلك أن المدعي كان موجوداً بمصر وقت صدور ذلك القرار وأنه تسلم العمل بموجبه بوزارة التربية والتعليم وتقدم بطلب استعجال إلى وزارة الحربية لإرسال ملفه إلى الوزارة المنقول إليها مما يقطع بعلم المدعي بصدور هذا القرار فضلاً عن موافقته على هذا النقل بدليل سعيه لإتمام أوراق ترشيحه لإرسالها إلى وزارة الخارجية قبل مغادرته البلاد ملحقاً ثقافياً في بلجراد تابعاً لوزارة التربية والتعليم، أما ما ذهبت إليه المحكمة من خلط بين قراري النقل والترقية لتقضي برفض الدفع بالنسبة للقرار الأول فهو غير قائم على أساس سليم من القانون. أما من حيث الموضوع فإن المحكمة قد جانبها الصواب إذ قضت بإلغاء قرار نقل المدعي بمقولة مخالفته لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبار أن النقل قد تم على غير إرادة المدعي ذلك أن لجنة شئون الموظفين بالوزارة أصدرت قرارها بنقله بتاريخ 23 من أبريل سنة 1959 وأن المدعي استعجل بتاريخ 16 مايو 1959 أوراق اعتماد النقل وسرعة إرسال الملف إلى الجهة المنقول إليه مما يقطع بأن النقل لم يكن قد تم على غير إرادته طبقاً لنص المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وإنما قد تم بموافقته وإلا لكان عليه أن يرفض السفر إلى الخارج وأن يتظلم من قرار النقل في حينه، كما وأن المحكمة قد أخطأت إذ قضت بإرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الثالثة الفنية العالية إلى تاريخ نفاذ القرار الصادر في 24 من فبراير سنة 1960 تأسيساً على قضائها الخاطئ بإلغاء قرار النقل رقم 731 لسنة 1959 ومن ثم فإن المطعون ضده وقد نقل برغبته إلى وزارة التربية والتعليم وأصبح ضمن موظفيها فليس له مصلحة ولا صفة في الطعن في القرارات الصادرة بالترقية في وزارة الحربية.
ومن حيث إنه بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً فأنه وإن كان لا نزاع في أن المطعون عليه قد علم بقرار نقله رقم 731 لسنة 1959 إلا أنه لم يكن في وسعه وقت صدور ذلك القرار أن يستظهر ما شابه من عيب تمثل - في تقديره - في تفويته الدور عليه في الترقية بالأقدمية في الجهة المنقول منها وتكشفت له من تاريخ علمه بقرار تخطيه في الترقية المطعون فيها والصادر من تلك الجهة وبذلك فإن مركز المطعون عليه حيال قرار النقل لم يتحدد بصورة قاطعة في مجال الطعن فيه إلا اعتباراً من تاريخ علمه بقرار التخطي المشار إليه وهو التاريخ الذي تكشف له فيه ما شاب قرار نقله من عيب والذي يبدأ منه بالتالي سريان ميعاد التظلم منه، وإذ كان من الثابت أن جهة الإدارة لم تقدم ما يفيد علم المطعون عليه بقرار التخطي سالف الذكر في تاريخ سابق على تقديم تظلمه منه في 25 من أكتوبر سنة 1964 على النحو الذي فصله الحكم المطعون فيه فإن المطعون عليه إذ تظلم في التاريخ ذاته من قرار نقله رقم 731 لسنة 1959 يكون قد التزم الميعاد المقرر للتظلم منه وأقام الدعوى في ميعادها القانوني ومن ثم يكون الدفع الذي أبدته جهة الإدارة بعدم قبول الدعوى شكلاً غير قائم على سند من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الموضوع فإنه يبين من حكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - الذي تحكم قواعده هذه المنازعة - أن المشرع قد استهدف بها أن يكون نقل الموظف من جهة إلى أخرى مقيداً بما تقتضيه مصلحة العمل والعامل فإذا أخفى النقل غرضاً أخر وهو حرمان الموظف من ترقية متاحة ليفوز بها غيره كان قرار الإدارة في هذا الشأن باطلاً.
ومن حيث إن القرار الوزاري رقم 731 لسنة 1959 بنقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول يونيه سنة 1959 قد صدر في 21 يونيه سنة 1959 وأن قرار ترقية السيد/ محمد محمود مكرم الذي يطعن فيه المدعي قد صدر في 24 فبراير سنة 1960 وأن الدرجة التي تمت عليها هذه الترقية - حسبما يتضح من المستندات التي قدمتها الوزارة الطاعنة لهذه المحكمة بجلسة 15 مايو سنة 1971 (كتاب هيئة التنظيم والإدارة للقوات المسلحة - فرع شئون خدمة الموظفين) - قد اعتمدت في ميزانية الوزارة (الكلية الحربية) عن السنة المالية 1959/ 1960 والصادر بها القرار الجمهوري رقم 101 لسنة 1960 أي أن الترقية المطعون فيها قد تمت على درجة أنشأت اعتباراً من أول يوليو سنة 1959 ومفاد ذلك أنه لم تكن ثمة درجة ثالثة فنية عالية خالية بالكلية الحربية وقت نقل المطعون عليه إلى وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إنه إذا ثبت أن نقل المطعون عليه من وزارة الحربية إلى وزارة التربية والتعليم كان نقلاً سليماً اقتضته مصلحة العمل والعامل ولم يصدر عن إساءة استعمال السلطة - كما يذهب المدعي - ابتغاء تفويت حقه في ترقية كانت متاحة له إذ لم تكن ثمة درجات وقت النقل تسمح بترقيته إليها فإن النقل - يكون والحالة هذه - لا مطعن عليه ذلك أن النقل لا يكون معيباً إلا إذا كان هناك درجات تسمح بترقية العامل في الجهة المنقول منها وقصد حرمانه من الترقية إليها وإفساح الطريق لمن يلونه في الأقدمية أما إذا كان الأمر على خلاف ذلك وذهبت جهة الإدارة إلى استعمال الرخصة المخولة لها قانوناً في النقل بقصد تحقيق الغرض الذي شرع من أجله ثم أنشأت درجة جديدة في ميزانية الإدارة بعد قرار النقل المطعون فيه فلا يسوغ الادعاء عندئذ بأن مثل هذا النقل قصد به تفويت حق الموظف المنقول في الترقية.
ولا وجه في هذا المقام للتحدي بأن الوزارة قد تعمدت نقل المدعي بغية تفويت دوره في الترقية، لأنها كانت قد اقترحت إنشاء درجات في مشروع الميزانية لأن إعداد مشروع الميزانية بواسطة الوزارات المختلفة واقترح إنشاء الدرجات الجديدة لا يقوم دليلاً كما يذهب المدعي على إساءة استعمال السلطة باعتبار أن الوزارة كانت تعلم بمثل هذه الدرجات المقترحة، ذلك أن سلطة الوزارة تنحصر في الاقتراح فحسب ولا تمتد إلى تقديرها فعلاً ووجوب إنشائها فهي لا تملك ذلك باعتباره حقاً أصيلاً للسلطة التي تقوم باعتماد الميزانية والتي تملك حذف وتعديل وإنشاء الدرجات التي تطلبها الوزارات والمصالح كي تتم الموازنة بين أبواب الميزانية المختلفة دون أن يكون لهذه الوزارات حق الاعتراض على ذلك، ومن ثم فإن اقتراح إنشاء بعض الدرجات في ميزانية الجهة المنقول منها المطعون ضده لا ينهض دليلاً على علم الوزارة بإنشاء هذه الدرجة إذ لا يتأكد هذا العلم إلا بصدور قانون ربط الميزانية متضمناً هذه الدرجات وبهذه المثابة يكون نقل المطعون ضده قد وقع صحيحاً بالموافقة لأحكام القانون وبالتالي فإن ما ينعاه المدعي على قرار الترقية رقم 430 الصادر في 24 من فبراير سنة 1960 وطلبه إرجاع أقدميته في الدرجة الثالثة الفنية العالية من تاريخ نفاذ ذلك القرار يكون غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إنه تأسيساً على كل ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد جانب الصواب ومن ثم فإنه يتعين - والحالة هذه - القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه: وبرفض الدعوى. وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1402 لسنة 48 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 176 ص 977

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج - نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فودة، وليم رزق بدوي، ومحمد لبيب الخضري.

-----------------

(176)
الطعن رقم 1402 لسنة 48 القضائية

(1) نقض "إيداع سند الوكالة". "محاماة". وكالة "الوكالة في الخصومة".
صدور التوكيل إلى المحامي المقرر بالطعن بالنقض من وكيل بعض الطاعنين. عدم تقديم توكيل الآخرين. أثره. عدم قبول الطعن بالنسبة لهم.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
المنع من إعادة النظر في المسألة المقضى فيها. شرطه. القضاء النهائي. اكتساب قوة الأمر المقضي. أثره. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(3) تقادم "تقادم مسقط" نقض "بيان الأسباب" "السبب الجديد".
المانع من المطالبة بالحق كسبب لوقف التقادم. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) محكمة الموضوع "ندب الخبراء" خبرة.
طلب ندب خبير في الدعوى ليس حقاً للخصوم. لمحكمة الموضوع رفض إجابته متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها.
(5) إيجار "انتهاء الإجارة" "إنقاص الأجرة".
الهلاك الجزئي للعين المؤجرة لا يترتب عليه بذاته انتهاء العلاقة الإيجارية. للمستأجر أن يطلب انتقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع أو فسخ الإيجار دون إخلال بحقه في القيام بالترميمات الضرورية لصيانة العين المؤجرة. م 569/ 2 مدني.
(6) نقض "بيان الأسباب" "السبب الجديد".
دفاع جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.

-----------------
1 - لما كان المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض قدم توكيلاً صادراً من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين بالتوكيلين رقمي/ توثيق الإسكندرية، توثيق محرم بك دون أن يقدمهما في جلسة المرافعة ولا يغني عنه تقديمهما مجرد ذكر رقميهما في التوكيل الصادر من الطاعن الأول للمحامي فإن الطعن بالنسبة للطاعنين عدا الأول يكون غير مقبول.
2 - من المقرر أن المنع من إعادة النظر في المسألة المقضى فيها يشترط له أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً - وأن القضاء النهائي لا قوة له إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها. وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
3 - تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم عملاً بنص المادة 382 من القانون المدني يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة الموضوع ولا يجوز عرضها لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ندب خبير في الدعوى ليس حقاً للخصوم في كل حالة وإنما هو أمر جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها فلها رفض ما يطلبه الخصوم في شأنه إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها مما يغني عن ندب الخبير.
5 - مفاد نص المادة 569/ 2 من القانون المدني أن العلاقة الإيجارية لا تنتهي لمجرد هلاك العين المؤجرة هلاكاً جزئياً وإنما يكون للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع أو فسخ الإيجار ذاته دون إخلال بما له من حق في أن يقوم بنفسه بتنفيذ التزام المؤجر بأن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت بها وأن يقوم في أثناء الإجارة بجميع الترميمات الضرورية.
6 - لما كان ما أثاره الطاعن في شأن طلب ندب خبير لبيان ما إذا كانت آلات ومباني المطحن قد هلكت وتقادمت مما يؤدي إلى زوال حالة الاندماج في الشركة هو دفاع جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 2972 سنة 1976 مدني كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم أولاً: بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع لهم مبلغ 1935 ج والفوائد القانونية من بدء المطالب بالسداد ثانياً: بإلزامها بتسليم الحصص العقارية الموضحة بالصحيفة وقالوا شرحاً لذلك إنهم يمتلكون عن مورثهم حصصاً عقارية وأن المطعون ضده بصفته وضع اليد عليها برغم أن قرار تأميم المطحن المملوك لهم لم يشملها فأقام مورثهم الدعوى رقم 3167 سنة 1965 مدني كلي الإسكندرية بطلب مقابل الانتفاع عن تلك الحصص فقضي له بذلك ابتداء من وقت الانتفاع في أكتوبر سنة 1965 وتأييد هذا الحكم بالاستئناف رقم 842 سنة 33 ق الإسكندرية فأقاموا دعواهم الماثلة بطلب مقابل الانتفاع عن المباني المستولى عليها في المدة من أول نوفمبر سنة 1965 حتى نهاية يوليو سنة 1976 وجملة ذلك 19350 ج. قضت محكمة أول درجة في 25/ 5/ 1967 أولاً: برفض الدفع بسقوط حق المدعي (الطاعنين) في المطالبة بمقابل الانتفاع فيما زاد عن خمس سنوات ثانياً: بإلزام المدعى عليها (المطعون ضدها) بأن تؤدي للمدعين (الطاعنين) مبلغ 4515 ج والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى تمام السداد - استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 462 سنة 33 ق مدني الإسكندرية كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 497 ق الإسكندرية وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين قضت في 25/ 5/ 1977 أولاً: بتأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض طلب تسليم الحصص العقارية ثانياً: بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمطالبة بما قبل الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى وبسقوط الحق في تلك المطالبة بالتقادم ثالثاً: بالنسبة للخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع إلى الطاعنين مبلغ 3318 ج والفوائد القانونية لهذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة لجميع الطاعنين عدا الأول لرفعه من غير ذي صفة وفي الموضوع برفضه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن فإن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض قدم توكيلاً صادراً من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين بالتوكيلين رقمي 5799 سنة 71 توثيق الإسكندرية، 825 سنة 1975 توثيق محرم بك دون أن يقدمهما حتى جلسة المرافعة ولا يغني عن تقديمهما مجرد ذكر رقميهما في التوكيل الصادر من الطاعن الأول للمحامي فإن الطعن بالنسبة للطاعنين عدا الأول يكون غير مقبول أما بالنسبة للطاعن الأول فإن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه كيف العلاقة القانونية بين مورث الطاعنين وهو من بعده وبين الشركة المطعون ضدها على أنها علاقة إيجارية رغم أن الحكم رقم 3167 سنة 1965 مدني الإسكندرية واستئنافه رقم 842 سنة 22 ق قد حسم هذا النزاع وقضى لمورثه بالريع لانتفاء العلاقة الإيجارية بينه وبين الشركة المطعون ضدها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا القضاء النهائي الحائز لقوة الأمر المقضي فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما أدى به إلى مخالفة القانون، كما أن الحكم المطعون فيه إذ رتب على أن العلاقة بين الطاعن والشركة المطعون ضدها هي علاقة إيجارية طبق على المبالغ المطالب بها قواعد التقادم الخمسي الخاصة بالحقوق الدورية المتجددة رغم أن تلك المبالغ هي ريع ينطبق عليه حكم المادة 375/ 2 من القانون المدني فلا تتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة عاماً فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود ذلك أنه لما كان المقرر أن المنع من إعادة النظر في المسألة المقضى فيها يشترط له أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً - وأن القضاء النهائي لا قوة له إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها وكان الثابت من الحكم رقم 3167 سنة 1965 مدني كلي الإسكندرية والمؤيد استئنافياً بالحكم رقم 842 سنة 22 ق والمودعة صورتهما ملف الطعن أن مورث الطاعن أقام الدعوى سالفة الذكر للمطالبة بمقابل الانتفاع عن الحصص العقارية محل النزاع والتي لم يشملها قرار التأميم عن المدة من أول مايو سنة 1963 حتى آخر أكتوبر سنة 1965 وأن الخصوم لم يناقشوا في أساس المطالبة بالمبلغ هل هو أجرة سببها وجود علاقة إيجارية أم هو ريع سببه شغل حصص النزاع بدون سند وهي مسألة لم يعرض لها الحكم الصادر في الدعوى سالفة الذكر ولم ينف صراحة قيام علاقة إيجارية بين الطاعن والشركة المطعون ضدها ومن ثم لا يجوز قوة الشيء المقضى به بالنسبة لطبيعة العلاقة القانونية من الطرفين وبالتالي لا يكون هناك مانع من نظرها والفصل فيها في النزاع الماثل ذلك إن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وعرض لمسألة العلاقة القانونية من مورث الطاعن والشركة المطعون ضدها وانتهى إلى قيام العلاقة الإيجارية بينهما وأعمل قواعد التقادم الخمسي الخاص بالحقوق الدورية المتجددة طبقاً لنص المادة 735/ 2 من القانون المدني فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المادة 382 من القانون المدني تنص على أنه لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه وكانت منازعة الشركة المطعون ضدها في الملكية والتي لا يمكن الحكم بالريع إلا بعد التثبيت منها فهي توجب وقف المطالبة بالريع لم يفصل فيها نهائياً إلا في شهر إبريل سنة 1974 ثم رفعت الدعوى الحالية في 13/ 7/ 1976 أي قبل انقضاء الخمس سنوات المسقطة للحق فإن الحكم المطعون فيه وقد قبل الدفع بالتقادم الخمسي يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ناحية أخرى ما كان للحكم المطعون فيه أن يقبل الدفع بالتقادم الخمسي من الشركة المطعون ضدها نتيجة دليل خلقته لنفسها وبفعلها إذ نازعت في الملكية دون وجه حق ولا يحوز للخصم أن يتخذ لنفسه دليلاً من فعله يحاج به الغير.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سبباً لوقف التقادم عملاً بنص المادة 382 من القانون المدني يقوم على عناصر واقعية يجب طرحها أمام محكمة الموضوع ولا يجوز عرضها لأول مرة أمام محكمة النقض. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي أن الطاعن لم يسبق له أن تمسك بأي سبب من أسباب وقف التقادم أو انقطاعه ولم يقدم من جانبه ما يثبت أنه أثار هذا الدفع أمام محكمة الموضوع فإن هذا النعي يضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب بصحيفة افتتاح الدعوى ندب خبير لتقدير الربع ومعاينة آلات المطحن ومباينة لهلاكها للحكم بتسليمها ولم تستجب المحكمة إلى هذا الطلب ثم طلب بصحيفة الاستئناف الحكم احتياطياً بندب خبير لتقدير مقابل الانتفاع وتحقيق ما إذا كانت آلات المطحن قد هلكت وتوقفت عن العمل حتى يحكم بتسليمها ولم يشر الحكم المطعون فيه إلى هذا الطلب ولا محل للقول بأن هذا الطلب غير منتج لتكييف الحكم للعلاقة بأنها علاقة إيجارية محددة لقيمة لأن هذا القول لا يستساغ بالنسبة لهلاك آلات المطحن وتهدم المباني الذي يترتب عليه زوال حالة الاندماج في الشركة لعدم استغلاله كمطحن ولأن الأرض الفضاء لا ينطبق عليها قوانين الإيجار.
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ندب خبير في الدعوى ليس حقاً للخصوم في كل حال وإنما هو أمر جوازي للمحكمة متروك لمطلق تقديرها فلها رفض ما يطلبه الخصوم في شأنه إذا ما وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيها مما يغني عن ندب الخبير. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة رأت في نطاق سلطتها التقديرية كفاية أوراق الدعوى لتكوين عقيدتها بشأن رفض طلب الطاعن الأصلي بتسليم الحصص العقارية محل النزاع لأنه في غير محله ما دامت تلك العلاقة الإيجارية بشأنها لا زالت قائمة فإنها تكون قد رفضت ضمناً ما تضمنه صحيفة الاستئناف خاصاً بالطلب الاحتياطي بندب خبير لبيان مدى هلاك الحصص ذلك أن العلاقة الإيجارية لا تنتهي لمجرد هلاك العين المؤجرة هلاكاً جزئياً وإنما يكون للمستأجر أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع أو فسخ الإيجار ذاته دون إخلال بما له من حق في أن يقوم بنفسه بتنفيذ التزام المؤجر بتعهد العين المؤجرة بالصيانة لتبقى على الحالة التي سلمت عليها، وأن يقوم في أثناء الإجارة بجميع الترميمات الضرورية، وذلك طبقاً لما تقضي به الفقرة (2) من المادة 569 من القانون المدني، لما كان ذلك. فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس، وأما ما أثاره الطاعن في شأن طلب ندب خبير لبيان ما إذا كانت آلات ومباني المطحن قد هلكت وتهدمت منه يؤدي إلى زوال حالة الاندماج في الشركة فهو دفاع جديد لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.