الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 12 فبراير 2025

الطعن 15901 لسنة 88 ق جلسة 23 / 10 / 2021 مكتب فني 72 ق 82 ص 900

جلسة 23 من أكتوبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة ، أحمد أمين وتامر الجمال نواب رئيس المحكمة .
----------------
(82)
الطعن رقم 15901 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . استدلالات . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
لمحكمة الموضوع التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(3) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .
مثال .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التفات الحكم عن الصلح الذي تم بين المجني عليها والمتهم . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير توافر رضاء المجني عليها في جريمة التقاط صور لها في مكان خاص . موضوعي . نعي الطاعن في هذا الشأن . غير مقبول . حد ذلك ؟
(6) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن .
مثال .
(7) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة استناداً لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعن بأن الحكم شابه قصور في بيان واقعة الدعوى وظروفها لا محل له .
2- لما كان الحكم المطعون فيه - خلافاً لما يدعيه الطاعن - قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم بعدم جدية التحريات وبطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فهو دفع غير سديد ذلك أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره خاصة أن الضابط قد ضمن تحرياته اسم المتهم وسنه وعنوانه ومهنته ومحل إقامته والجريمة التي يقارفها الأمر الذي تقر معه المحكمة النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ومن ثم تقضي برفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لماساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بخصوص التفات الحكم عن التحريات المبدئية المقدمة في الدعوى – والتي لم يعوِّل عليها ولم يكن لها أثر في عقيدته – يكون لا محل له .
4- لما كان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها الأولى وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له .
5- لما كانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن ، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وكان ما أثبته الحكم تتوافر به أركان هذه الجريمة ، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
6- لما كان ما يثيره الطاعن في شأن قعود النيابة عن توجيه اتهام للمجني عليها بابتزاز الطاعن والحصول منه على مبالغ مالية لعدم افتضاح أمره ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما رآه من نقص في تحقيق النيابة لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
7- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامة الطاعن بأنه :-
1- التقط صوراً وفيديو للمجني عليها / .... بمكان خاص دون علمٍ منها على النحو المبين بالأوراق .
2- نقل عن طريق جهاز " هاتف محمول " صور المجني عليها / .... وذلك من هاتفها الخاص والتي تم تصويرها بمعرفة المجني عليها في مكان خاص على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق .
3- أذاع الصور الخاصة بالمجني عليهما والمتحصل عليها بالطريق محل التهمتين السابقتين وذلك بأن قام بنشر هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي دون علم ورضاء المجني عليهما وذلك على النحو المبين بالأوراق .
4- هدد المجني عليها الأولى بإفشاء الصور المتحصل عليها محل التهم السابقة وذلك بقصد حملها على استكمال علاقة الخِطبة معه على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۳۰۹ مكرراً/۱ ، ۲ ، 4 ، ۳۰۹ مكرراً أ / ١ ، ٢ ، ٤ من قانون العقوبات ، والمـواد 1 ، 5/4 ، 6 ، 70 ، 76 /1 بند ٢ مـن القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٣ بشـأن تنظيم الاتصالات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه ومصادرة الأجهزة والأدوات المضبوطة ومحو التسجيلات المتحصلة عنها وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التقاط صور وفيديو للمجني عليها الأولى بمكان خاص دون علمها ونقل صور للمجني عليها الثانية عن طريق الهاتف المحمول من هاتفها الخاص وهدَّد المجني عليها الأولى بإفشاء الصور المتحصل عليها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، ولم يرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، كما أن المحكمة التفتت عن التحريات التي أجريت بمعرفة مباحث قسم .... والتي أسفرت عن عدم التوصل لمعرفة الحقيقة ، كما التفت عن عدول المجني عليها الأولى بجلسة المحاكمة ونفي التهمة عن الطاعن وأن هذه الصور أخذت برضائها ، هذا إلى أن النيابة العامة لم تقم بتوجيه اتهام للمجني عليها لقيامها بابتزاز الطاعن والحصول منه على مبالغ نقدية لعدم افتضاح أمره ، وأخيراً لم يعن الحكم بالرد على الدفع بكيدية الاتهام وتلفيق التهمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعن بأن الحكم شابه قصور في بيان واقعة الدعوى وظروفها لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - خلافاً لما يدعيه الطاعن - قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم بعدم جدية التحريات وبطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لابتنائه علي تحريات غير جدية فهو دفع غير سديد ذلك أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره خاصة أن الضابط قد ضمن تحرياته اسم المتهم وسنه وعنوانه ومهنته ومحل إقامته والجريمة التي يقارفها الأمر الذي تقر معه المحكمة النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن ومن ثم تقضي برفض الدفع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدلٍ موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بخصوص التفات الحكم عن التحريات المبدئية المقدمة في الدعوى – والتي لم يعوِّل عليها ولم يكن لها أثر في عقيدته – يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليها الأولى وبين المتهم في معرض نفي التهمة عنه إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن ، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ، وكان ما أثبته الحكم تتوافر به أركان هذه الجريمة ، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سدید . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن قعود النيابة عن توجيه اتهام للمجني عليها بابتزاز الطاعن والحصول منه على مبالغ مالية لعدم افتضاح أمره ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة بما رآه من نقص في تحقيق النيابة لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن رقم 135 لسنة 35 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 1 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يناير سنة 2025م، الموافق الرابع من رجب سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 135 لسنة 35 قضائية دستورية، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية)، بحكمها الصادر بجلسة 24/ 3/ 2013، ملف الدعوى رقم 4566 لسنة 55 قضائية

المقامة من
عبد السلام عبد السلام إبراهيم الجمال
ضد
1- رئيس مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع
2- رئيس مجلس الدولة خصم مدخل
3- النائب العام خصم مدخل
---------------
" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من أغسطس سنة 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 4566 لسنة 55 قضائية، نفاذًا لحكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية)، الصادر بجلسة 24/ 3/ 2013، بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (60) من النظام الأساسي للهيئة العربية للتصنيع، الصادر بقرار اللجنة العليا للهيئة رقم 6 لسنة 1975.
وقدم المدعي في الدعوى الموضوعية مذكرتين، طلب فيهما الحكم بعدم دستورية النص المحال وقراري مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع رقمي: 44 لسنة 1976 و14 لسنة 1989 بإصدار لائحة اللجان القضائية للهيئة، ونص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 30 لسنة 1979، فيما تضمنته من أن تظل الهيئة العربية للتصنيع خاضعة في وجودها ونشاطها للأحكام المقررة في نظامها الأساسي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة والهيئة العربية للتصنيع مذكرتين، طلبتا فيهما الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- في أن المدعي أقام أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) الدعوى رقم 4566 لسنة 55 قضائية، ضد المدعى عليهم، بطلب الحكم -وفقًا لطلباته الختامية حسبما كيَّفتها محكمة الإحالة- أولًا: بإلغاء قرار اللجنة القضائية للهيئة العربية للتصنيع في الدعاوى أرقام: 25 و45 لسنة 21 قضائية و9 لسنة 24 قضائية. ثانيًا: بإلغاء قراري رئيس مجلس إدارة تلك الهيئة رقمي: 88 لسنة 2000 و187 لسنة 2004، فيما تضمناه -على الترتيب- من نقله إلى مصنع صقر للصناعات المتطورة، وإحالته إلى المعاش المبكر. ثالثًا: ببطلان تشكيل اللجنة القضائية للهيئة المذكورة اعتبارًا من عام 1999، وما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من أنه بتاريخ 11/ 1/ 2001، في أثناء نظر الدعوى رقم 42 لسنة 23 قضائية أمام تلك اللجنة، طلب المدعي ردَّ هيئتها لِما نسبه إليها من أخطاء جسيمة أوردها بمذكرته المقدمة في هذا الشأن، وإذ أكد قرار مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها الأولى رقم 3 لسنة 2001 خلو لائحة اللجنة القضائية للهيئة من نظام رد القضاة؛ فقد أقام الدعوى. وقد تراءى لمحكمة القضاء الإداري أن نص المادة (60) من النظام الأساسي للهيئة العربية للتصنيع الصادر بقرار اللجنة العليا للهيئة رقم 6 لسنة 1975، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية والعمالية على اللجنة القضائية المذكورة، ينطوي على شبهة مخالفة أحكام المادتين (75 و174) من دستور سنة 2012، فحكمت بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ولايتها في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها؛ وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية -سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو بميعاد رفعها- تتعلق بالنظام العام، باعتبارها شكلًا جوهريًّا في التقاضي، تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكان طلب المدعي بمذكرتي دفاعه أمام هيئة المفوضين الحكم بعدم دستورية قراري مجلس إدارة الهيئة العربية للتصنيع رقمي 44 لسنة 1976 و14 لسنة 1989 بإصدار لائحة اللجان القضائية للهيئة، ونص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 30 لسنة 1979، فيما تضمنته من أن تظل الهيئة العربية للتصنيع خاضعة في وجودها ونشاطها للأحكام المقررة في نظامها الأساسي، قد أقيم دون دفع وتصريح من محكمة الموضوع؛ ومن ثم فإن الدعوى الدستورية المعروضة في شأن هذا الطلب تنحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما لزامه الالتفات عن هذا الطلب.
وحيث إن البت فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على بحث شرائط قبولها أو الخوض فى موضوعها، وتواجهه هذه المحكمة من تلقاء نفسها؛ إذ لا يتصور أن تفصل فى شرائط اتصال الدعوى بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، قبل تثبتها من أن النزاع موضوعها مما يدخل فى ولايتها، وكان من المقرر كذلك أن تحقيقها لولايتها بنظر دعوى بذاتها قد يقتضيها أن تعرض لموضوعها، بقدر ما يكون ذلك لازمًا لتحديد ما إذا كان الطعن المطروح عليها داخلًا فى نطاق ولايتها، أم واقعًا فيما وراء تخومها.
وحيث إن عبارة المعاهدة الدولية لا تعدو أن تكون مصطلحًا عامًّا يمتد إلى كل أشكال الاتفاق الدولي فيما بين دولتين أو أكثر إذا دُوّنَ هذا الاتفاق سواء فى وثيقة واحدة أو أكثر، وأيًّا كان نطاق المسائل التى ينظمها، أو موضوعها، ومن ثم يندرج تحتها ما يتصل بمفهومها من صور هذا الاتفاق سواء كان عهدًا، أو ميثاقًا، أو إعلانًا، أو بروتوكولًا، أو نظامًا، أو تبادلًا لمذكرتين. في حين يطلق مصطلح المعاهدات الشارعة على المعاهدات التي تبرم بين عدد من الدول لتخدم مصالحها، وتكون الغاية منها وضع قواعد جديدة، على أن تنضم إليها في وقت لاحق دول أخرى، إما باتخاذ إجراء رسمي وفقًا لشروط المعاهدة أو بموافقتها ضمنًا على القاعدة الجديدة واحترامها، ولذلك فالمعاهدة الشارعة هي وثيقة تعلن الدول من خلالها الارتضاء بحكم معين من أحكام القانون، أو توضع بموجبه أحكام عامة جديدة تتصرف وفقًا لها في المستقبل كل الدول التي تنضم إليها أو تصدق عليها، ويتم بواسطتها إلغاء أو تعديل عادة أو عرف قائم، أو إنشاء منظمة دولية جديدة تضطلع ببعض المهام في الحياة الدولية.
وحيث إن المعاهدات التي تعني عددًا من الدول غالبًا ما تتضمن نصًّا يبيح للدول التي لم تسهم في إبرامها الانضمام إليها انضمامًا لاحقًا باستيفاء شروط أو اتباع إجراءات معينة، ويطلق الفقهاء على تلك المعاهدات المعاهدات المفتوحة، ولا يحصل الانضمام على هذا الوجه إلا بعد أن تصبح نافذة بين أطرافها الأصليين، وبتمام إجراءات الانضمام تصبح للدولة المنضمة كافة الحقوق والمزايا، كما تتحمل كافة الأعباء التي تقررها المعاهدة بالنسبة لأطرافها.
وحيث إنه من المستقر عليه في قواعد القانون الدولي أنه يقصد ب المنظمة الدولية كل تجمع لعدد من الدول في كيان متميز ودائم يتمتع بالإرادة الذاتية وبالشخصية القانونية الدولية، تتفق هذه الدول على إنشائه، كوسيلة من وسائل التعاون الاختياري بينها في مجال أو مجالات معينة يحددها الاتفاق المُنشِئ للمنظمة، وعليه فإن العناصر الأساسية للمنظمة الدولية تنحصر في أربعة عناصر هي: الكيان المتميز الدائم، والإرادة الذاتية، والاستناد إلى اتفاقية دولية، وعدم انتقاص المنظمة من سيادة الدول المشتركة في عضويتها، كما أن تلك المنظمات تتمتع بالشخصية القانونية الدولية، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية برأيها الاستشاري الذي أصدرته عام 1949، مؤكدة أن الدول ليست وحدها أشخاص القانون الدولي العام، وأن المنظمات التي نشأت نتيجة لتطورات الظروف الدولية يمكن اعتبارها أشخاصًا قانونية من طبيعة خاصة متميزة عن طبيعة الدول، تتمتع بأهلية خاصة تتناسب في اتساع مجالها أو ضيقه مع الأهداف التي أُنشئت المنظمة من أجل تحقيقها.
وحيث إن التعريف الاصطلاحي للتصرفات الدولية الصادرة عن الإرادة المنفردة، في مجال العلاقات الدولية، إنما ينصرف إلى كل تعبير -صريح أو ضمني- عن الإرادة المنفردة لشخص واحد بعينه من أشخاص القانون الدولي، متى استهدف من ورائه ترتيب آثار قانونية معينة، ومن ثم فإن الوعد الصادر عن الإرادة المنفردة لا يكتسب قوته الملزمة إلا إذا توافرت فيه شروط الصحة الرئيسة الواجب توافرها في أي من التصرفات الدولية الصادرة عن الإرادة المنفردة، كما أن تفسيره يخضع لكل ما تخضع له الاتفاقيات الدولية من قواعد التفسير.
وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين تجد أساسًا لها -كأصل عام- فى مبدأ الشرعية وسيادة القانون الذى أرساه الدستور، غير أنه يرد على هذا الأصل ما استقر عليه القضاء والفقه من استبعاد أعمال السيادة من مجال الرقابة القضائية على أساس أن طبيعتها تأبى أن تكون محلًّا لدعوى قضائية، وإذا كانت نظرية أعمال السيادة فى أصلها الفرنسي قضائية النشأة، وُلدت فى ساحة القضاء الإداري وتطورت به قواعدها، إلا أنها فى مصر ذات أساس تشريعي يرجع إلى بداية التنظيم القضائي الحديث الذى أقرها بنصوص صريحة فى صلب التشريعات المتعاقبة المنظمة للمحاكم ومجلس الدولة، وآخرها ما ورد فى قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، اللذين استبعدا أعمال السيادة من ولاية القضاء العادي والقضاء الإداري على السواء. واستبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء إنما يأتي تحقيقًا للاعتبارات السياسية التي تقتضى بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالًا وثيقًا أو بسيادتها فى الداخل والخارج النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية، وذلك لدواعي الحفاظ على كيان الدولة فى الداخل والذود عن سيادتها فى الخارج ورعاية مصالحها العليا، وقد وجدت هذه الاعتبارات صدى لدى القضاء الدستوري فى الدول التى أخذت بنظام الرقابة القضائية على دستورية القوانين، وبخاصة في المسائل السياسية التى تعد المجال الحيوي والطبيعي لنظرية أعمال السيادة واستبعادها من نطاق هذه الرقابة.
وحيث إن نظرية الأعمال السياسية -كقيد على ولاية القضاء الدستوري- تجد فى ميدان العلاقات والاتفاقيات الدولية معظم تطبيقاتها بأكثر مما يقع في المجال الداخلي، نظرًا لارتباط ذلك الميدان بالاعتبارات السياسية وسيادة الدولة ومصالحها العليا.
وحيث إن العبرة في تحديد التكييف القانوني للأعمال السياسية -على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- هي بطبيعة العمل ذاته، لا بالأوصاف التى قد يخلعها المشرع عليه متى كانت طبيعته تتنافى وهذه الأوصاف، ذلك أن استبعاد الأعمال السياسية من ولاية القضاء الدستوري إنما يأتي تحقيقًا للاعتبارات السياسية التي تقتضى -بسبب طبيعة هذه الأعمال واتصالها بنظام الدولة السياسي اتصالًا وثيقًا أو بسيادتها فى الداخل أو الخارج- النأي بها عن نطاق الرقابة القضائية استجابة لدواعي الحفاظ على الدولة والذود عن سيادتها ورعاية مصالحها العليا، مما يقتضى منح الجهة القائمة بهذه الأعمال -سواء كانت هي السلطة التشريعية أو التنفيذية- سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقًا؛ تحقيقًا لصالح الوطن وسلامته، دون تخويل القضاء سلطة التعقيب على ما تتخذه فى هذا الصدد، ولأن النظر فيها والتعقيب عليها يستلزم توافر معلومات وضوابط وموازين تقدير لا تتاح للقضاء، فضلًا عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنًا في ساحاته؛ ومن ثم فالمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التى تحدد -بالنظر إلى طبيعة المسائل التى تنظمها النصوص المطعون عليها- ما إذا كانت النصوص المطروحة عليها تعتبر من الأعمال السياسية فتخرج عن ولايتها بالرقابة على الدستورية، أم أنها ليست كذلك فتبسط عليها رقابتها.
وحيث إن إنهاء الاتفاقية الدولية يُعد من الأعمال السياسية التي تخرج بطبيعتها عن الرقابة القضائية، وهذه القاعدة ذاتها هي التي يتعين تطبيقها إذا قرر رئيس الجمهورية أن الاتفاقية الدولية التي ارتبطت بها الدولة لا تزال معمولًا بها، رغم إخلال إحدى الدول المتعاقدة بأحكامها أو تنصلها منها، وليس لجهة الرقابة على الدستورية أن تنازع رئيس الجمهورية في تقديره، ولا أن تفرض عليه تصورها للطريقة التي ينبغي أن يدير بها السياسة الخارجية من خلال الاتفاقية الدولية التي تعتبر العنصر الحاسم في تقدير أبعادها وتطوير ملامحها؛ ذلك أن قرار رئيس الجمهورية في ذلك يكون نهائيًّا فلا يعاق، وعلى جهة الرقابة الدستورية أن تتقيد به، وألا تعتد بعمل أو إجراء يعطل إنفاذ السياسة الخارجية أو يرهقها.
متى كان ذلك، وكانت اتفاقية تأسيس الهيئة العربية للتصنيع، المبرمة بين مصر والمملكة العربية السعودية ودولتي قطر والإمارات العربية المتحدة - المصدق عليها في مصر بالقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٧٥- قد توخت بناء قاعدة صناعية داخل الوطن العربي، تكفُل الوفاء باحتياجات الدول العربية في مجال الصناعات المتقدمة؛ توثيقًا لعُرى المودة والأخوة، وتأكيدًا لروابط التعاون المشترك بين الدول العربية، وتأمينًا لاستخدام الموارد العربية في تحقيق النفع الاقتصادي والمصلحة القومية للوطن العربي، فنشأت الهيئة المذكورة بموجب تلك الاتفاقية كمنظمة دولية إقليمية متخصصة، أُبرمت بين الدول الأربع لتخدم مصالحها، وأفسحت المجال لغيرها من الدول العربية للانضمام إليها باعتبارها معاهدة مفتوحة، حسبما جاء بنص المادة (14) منها، وخلت من النص على توقف استمرارها ببقاء عدد محدد من أطرافها. وعلى إثر انسحاب المملكة العربية السعودية ودولتي قطر والإمارات العربية المتحدة من هذه الاتفاقية، لظروف قدرتها، صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1979، المتضمن في مادته الأولى بقاء الشخصية الاعتبارية للهيئة العربية للتصنيع، وتتمتع بالاختصاصات والسلطات والمزايا والحصانات المقررة وفقًا لقرار اللجنة العليا لها رقم 6 لسنة 1975 بإنشاء تلك الهيئة وإقرار نظامها الأساسي، وتظل خاضعة في وجودها ونشاطها لجميع الأحكام المقررة في تشريع مقرها ومركز نشاطها وفي نظامها الأساسي، كما أبقت المادة السادسة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه على التنظيم الساري في شأن وجود الهيئة العربية للتصنيع ونشاطها مفتوحًا لانضمام الدول التي ترغب في ذلك، وإذ أبرمت الدول الأربع اتفاقية - وُوفق عليها بموجب قرار رئيس جمهورية مصر العربية بالقانون رقم 219 لسنة 1994- أُودعت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وتضمنت إنهاء علاقة الدول الثلاث لشراكتها في الهيئة، وتحديد أُطر المسئوليات المتبادلة بينها، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 326 لسنة 1994 في شأن الهيئة العربية للتصنيع، متضمنًا استمرار الهيئة في مزاولة نشاطها، وأن تظل خاضعة في وجودها ونشاطها لجميع الأحكام المقررة في القوانين وقرارات رئيس الجمهورية المنظمة لها، مع استمرار العمل بالنظام الأساسي للهيئة، الذي أحالت إليه اتفاقية تأسيسها، في بيان تحقيق أغراضها، والذي نص على أن تهدف الهيئة إلى بناء قاعدة صناعية حربية تكفل إقامة وإنماء وتطوير الصناعات المتقدمة وتحقيق المصالح المشتركة للدول الأعضاء على أسس علمية وفنية، وأن تعمل الهيئة على تنسيق وتحقيق التكامل الصناعي والاقتصادي بين الدول الأعضاء في مجال تطوير الصناعات المتقدمة، وأن تضع الخطط العلمية والعملية لتوحيد الموارد والطاقات البشرية في الدول الأعضاء، في ميدان الصناعات المتقدمة؛ لما فيه خيرها جميعًا والتقدم الشامل للشعوب العربية. ويكون مفاد ما تقدم عدم انقضاء الشخصية الاعتبارية الدولية للهيئة العربية للتصنيع؛ اعتدادًا بالإرادة المنفردة لجمهورية مصر العربية التي أفصح عنها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 30 لسنة 1979 وقرار رئيس الجمهورية رقم 326 لسنة 1994 في شأن الهيئة العربية للتصنيع، وبما تواترت عليه قواعد القانون الدولي، على النحو السالف البيان، وإذ أبقت الدولة المصرية هذه الاتفاقية سارية دون تغيير في طبيعتها الدولية التي تقررت بصريح نصوصها، فتظل للهيئة التي أنشأتها هذه الاتفاقية الدولية الشارعة خصائص الشخصية الاعتبارية الدولية، التي لا ينال منها انسحاب ثلاث من الدول الأطراف في اتفاقية إنشائها، ما دامت أبقت عليها دولة طرف فيها، بما مؤداه أن الهيئة المذكورة لم تنضوِ خلال أي فترة زمنية، منذ نشأتها، ضمن فئات الأشخاص الاعتبارية المحلية التي عددتها المادة (52) من القانون المدني. إذ كان ذلك، وكان النظام الأساسي للهيئة، الذي تضمن النص المحال، هو الأداة القانونية التي عينتها اتفاقية إنشائها لتنظيم سائر شئونها، بما لا تنفصم به البتة العروة الوثقى بين الاتفاقية والنظام الأساسي لها، فبهذه المثابة يكون إقرار هذا النظام وعمل الهيئة بأحكامه -على نحو ما تقدم- عملاً من الأعمال السياسية، وليس تشريعًا بالمعنى الموضوعي؛ مما تنحسر عنه الرقابة القضائية على دستوريته، ولزامه الحكم بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.

الطعن 361 لسنة 26 ق جلسة 2 / 2 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 13 ص 127

جلسة 2 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

-----------------

(13)
الطعن رقم 361 لسنة 26 القضائية

عمل "التزامات صاحب العمل" "أجر العامل" "تعريف الأجر" "المقصود به".
شمول الأجر كل ما يتقاضاه العامل من مال أياً كان نوعه مقابل قيامه بالعمل فتدخل في هذا المفهوم علاوة غلاء المعيشة. إيضاح المادة 683/ 2 مدني هذا المعنى.
يتعين عند حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة إضافة علاوة غلاء المعيشة إلى الأجر الأصلي.
حساب المكافأة على أساس الأجر دون العلاوة فيه إهدار لحق فرضه القانون لا يسقط إلا بنص صريح.

--------------------
إذا كانت الشركة المطعون عليها قد اتفقت مع عمالها على حساب مكافأة نهاية مدة الخدمة على أساس المرتب دون قيد - فإن مؤدى ذلك أن الطرفين إذا اتفقا على عناصر تقدير المكافأة يكون قد انعقد رضاؤهما على أن تحسب من واقع الأجر ونظراً إلى الأجر وهو يتزايد على مر الزمان وقصداه بمفهومه القانوني الذي يشمل كل ما يتقاضاه العامل من مال أياً كان نوعه مقابل فقيامه بالعمل، فتدخل في هذا المفهوم علاوة غلاء المعيشة - وقد أوضحت المادة 683 من القانون المدني هذا المعنى فنصت في فقرتها الثانية على أن العلاوات التي تصرف لمستخدمي المحلات التجارية بسبب غلاء المعيشة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأجر. ومن ثم يتعين عند حساب المكافأة الاعتداد بهذه العلاوة وإضافتها إلى الأجر الأصلي، وحسابها على أساس المرتب دون علاوة الغلاء فيه إهدار لحق فرضه القانون لا يسقط إلا بنص صريح، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مكافأة نهاية مدة الخدمة تحسب على أساس الأجر دون علاوة الغلاء فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
من حيث إن الوقائع على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة من نفسها وبصفتها وأخريات أقمن الدعوى رقم 105 سنة 1955 عمال كلي الإسكندرية على الشركة المطعون عليها وآخرين بطلب الحكم بإلزام الشركة بأن تدفع لهن مبلغ 455 مليماً، 1156 جنيهاً مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وقلن شرحاً لدعواهن إن مورثهن المرحوم عبد الفتاح عبد الغني شطا كان يعمل بالشركة من 15 أبريل سنة 1917 حتى توفى في 23 مايو سنة 1952 وكان آخر مرتب شهري له هو مبلغ 23 جنيهاً و500 مليم شاملاً إعانة غلاء المعيشة. وأن الشركة درجت على أن تصرف له منحة سنوية قدرها تسعون جنيهاً وبتوزيعها على شهور السنة تكون جملة المرتب الشهري 31 جنيهاً وبالتالي تكون المكافأة المستحقة عن مدة الخدمة 1088 جنيهاً و100 مليم يضاف إلى ذلك نصف المنحة السنوية عن سنة 1951 ومرتب 22 يوماً من شهر مايو سنة 1952 فتكون جملة ذلك 1159 جنيهاً و425 مليماً تستحق منه المدعيات المبلغ المطالب به. وبتاريخ 30 أكتوبر سنة 1955 قضت المحكمة بإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة عن نفسها وبصفتها مبلغ 841 جنيهاً و749 مليماً والمصروفات المناسبة ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات. وأقامت قضاءها في شأن المكافأة على أن المنحة السنوية التي تدعيها المدعية - الطاعنة - لا يصح إدخالها ضمن عناصر المرتب الذي تحسب على أساسه المكافأة، وأن الشركة أرسلت ثلاثة خطابات إلى لجنة التوفيق في تواريخ متلاحقة هي 11 ديسمبر سنة 1919، 8 يناير سنة 1920، 14 يناير سنة 1920 ذكرت في أولها أن ما يستحقه العامل من حصيلة صندوق الادخار يحسب على أساس المرتب الأصلي دون إعانة غلاء المعيشة. وذكرت في الخطابين الأخيرين أنها أحلت نظام المكافأة محل صندوق الادخار على أن تحسب المكافأة على أساس مرتب شهر عن كل سنة. وأن هذه الخطابات تعتبر اتفاقاً ملزماً للشركة وعمالها مؤداه حساب المكافأة على أساس المرتب الأصلي مضافاً إليه إعانة الغلاء. وأن آخر مرتب للمورث على هذه الصورة متفق عليه بين الطرفين إذ كانت قيمته 23 جنيهاً و500 مليم فتكون جملة المكافأة 824 جنيهاً 483 مليماً استأنفت الشركة هذا الحكم بالاستئناف رقم 484 سنة 11 ق الإسكندرية طالبة تعديله إلى مبلغ 368 جنيهاً و402 مليمات وركنت في ذلك إلى أنها جرياً على ما هو متبع في نظامها الداخلي حسبت المكافأة على أساس المرتب الأصلي وكان ذلك أكثر نفعاً للورثة من حساب المكافأة على هدي أحكام عقد العمل الفردي. وأن هذا النظام الداخلي مستمد من خطابات الشركة التي أرسلته إلى لجنة التوفيق في سنتي 1919، 1920 وأن محكمة أول درجة أخطأت تفسير ما اشتملت عليه هذه الخطابات. وبجلسة 22 مايو سنة 1956 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع لورثة عبد الفتاح عبد الغني شطا مورث الطاعنة مبلغ 460 جنيهاً و526 مليماً بما في ذلك المبلغ المودع بخزينة المحكمة بتاريخ 15 من مايو سنة 1954 وقدره 94 جنيهاً و424 مليماً وصرحت بصرف هذا المبلغ لمن يستحقه من الورثة وألزمت المستأنف عليهم بالمصروفات عن الدرجتين وعشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة للمستأنفة. وبتاريخ 16 من يوليه سنة 1956 قررت الطاعنة الطعن بالنقض في هذا الحكم. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 أبريل سنة 1960 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها. وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة إحالته إلى هذه الدائرة. وأعلنت الطاعنة المطعون عليها بتقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة ونظر الطعن أخيراً بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1960 حيث صممت الطاعنة على طلباتها وطلبت النيابة نقض الحكم.

ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن الاتفاق الذي تم بين الشركة المطعون عليها وعمالها في سنة 1920 كان قاصراً على أجور ذلك الوقت ولا ينصرف إلى إضافات أخرى جاءت بها أوامر عسكرية استثنائية لم يكن منظوراً إليها وقت التزام مضى عليه ربع قرن وانتهى إلى حساب مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الشهري دون إضافة علاوة الغلاء. ولما كانت الأوامر والقوانين التي أضافت علاوة غلاء المعيشة للأجر من النظام العام فإن ما قرره الحكم من عدم إضافة علاوة الغلاء للأجر في حساب المكافأة يكون قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون عليها أرسلت في 14 يناير سنة 1920 خطاباً إلى لجنة التوفيق تنهى إليها فيه أنها قبلت ما يطلبه عمالها من إحلال نظام المكافأة محل نظام صندوق الادخار على أن تحسب المكافأة على أساس مرتب شهر ولم يرد بالخطاب تحديد لهذا المرتب. كما يبين من خطابها الذي كانت قد أرسلته من قبل وبتاريخ 19 ديسمبر سنة 1919 إلى لجنة التوفيق أنها إذ تحدثت عن حصيلة صندوق الادخار ذكرت أن المبالغ التي تخصم لحساب الصندوق تحسب على أساس المرتب الأصلي دون علاوة الغلاء. فإن مدلول ذلك أن الطرفين اتفقا على مكافأة نهاية مدة الخدمة على أساس المرتب دون قيد في حين أن حصيلة صندوق الادخار قد نص في شأنها على حسابها من واقع الأجر دون علاوة غلاء ومؤدى ذلك أن الطرفين إذ اتفقا على عناصر تقدير المكافأة انعقد رضاؤهما على أن تحسب من واقع الأجر ونظراً إلى الأجر وهو يتزايد على مر الزمان وقصداه بمفهومه القانوني الذي يشمل كل ما يتقاضاه العامل من مال أياً كان نوعه مقابل قيامه بالعمل فتدخل في هذا المفهوم علاوة غلاء المعيشة. وقد أوضحت المادة 683 من القانون المدني هذا المعنى فنصت في فقرتها الثانية على أن العلاوات التي تصرف لمستخدمي المحلات التجارية بسبب غلاء المعيشة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأجر. وتأسيساً على ذلك يتعين عند حساب المكافأة الاعتداد بهذه العلاوة وإضافتها إلى الأجر الأصلي. وحساب المكافأة على أساس المرتب دون علاوة الغلاء فيه إهدار لحق فرضه القانون لا يسقط إلا بنص صريح. ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن مكافأة نهاية مدة الخدمة تحسب على أساس الأجر دون علاوة الغلاء كان هذا الذي خلص إليه الحكم مخالفاً للقانون مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.

الطعن 10 لسنة 26 ق جلسة 2 / 2 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 11 ص 116

جلسة 2 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

---------------

(11)
الطعن رقم 10 لسنة 26 القضائية

(أ) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" - "الضريبة على الأرباح الاستثنائية" "وعاء الضريبة":
وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية هو كل ما يحققه الممول من أرباح فعلية. أما وعاء الضريبة على الأرباح الاستثنائية فهو كل ربح يتجاوز ربح إحدى السنوات 37، 38، 39، أو 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر حسب الأحوال. استقلال كل منهما عن الأخرى وإن كانا متماثلين في طرق التحصيل ومتشابهين في إجراءات الربط. لا تغني الإجراءات التي تتخذ في شأن إحداهما عن الإجراءات الخاصة بالثانية.
(ب) استئناف "آثار الاستئناف" "الأثر الناقل للاستئناف".
الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف. المادة 409 مرافعات. مثال...

-------------------
1 - ضريبة الأرباح التجارية المقررة بالقانون 14 لسنة 1939 هي ضريبة متميزة عن ضريبة الأرباح الاستثنائية المقررة بالقانون 60 لسنة 1941 فوعاء الضريبة الأولى هو كل ما يحققه الممول من أرباح فعليه أما وعاء الضريبة الثانية فهو كل ربح يتجاوز ربح إحدى السنوات 1937، 1938، 1939 أو 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر حسب الأحوال - مما يتأدى منه استقلال كل منهما عن الأخرى وإن كانا متماثلين في طرق التحصيل ومتشابهين في إجراءات الربط، ومن ثم فلا تغني الإجراءات التي تتخذ في شأن إحداهما عن الإجراءات الخاصة بالثانية - فإذا كانت مصلحة الضرائب الطاعنة قد اتخذت في صدد مطالبتها الضريبتين إجراءات خاصة لكل منهما فإن الطعن في تقدير ضريبة الأرباح التجارية لا يتضمن الطعن في تقديرات رأس المال موضوع الضريبة الاستثنائية - ولا يغير من هذا النظر التعرض لرأس المال بصدد تقدير الأرباح التجارية لأن المراد منه هو تحديد ما يتحمل به الممول في حساب الأرباح والخسائر من قيمة الاستهلاك السنوي.
2 - إذا كان تقدير رأس المال لم تشمله الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى كما يبين من صحيفة افتتاح الدعوى ولم تعرض له محكمة الدرجة الأولى بل أفصحت في حكمها بأن الممول لم يضمن دعواه الطعن على تقدير رأس المال، وكان الاستئناف إنما ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف (م 409 مرافعات) فإن أثر الاستئناف لا يمتد إلى المنازعة في تقدير رأس المال الذي لم يطرح على المحكمة الابتدائية ولم يشمله الطعن المقدم إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع هذا الطعن تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه يملك مصنعاً لضرب الأرز وطحن الغلال بالمنصورة. وقد أصدرت لجنة تقدير الضرائب بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1947 قراراً بتقدير أرباحه في المدة من 4 من يونيه سنة 1942 حتى آخر ديسمبر سنة 1942 بمبلغ 1538 جنيهاً و767 مليماً وفي سنة 1943 بمبلغ 1536 جنيهاً و531 مليماً كما أصدرت في نفس التاريخ قراراً بتقدير رأس ماله المستثمر في الفترة الأولى بمبلغ 11073 جنيهاً و206 مليمات وفي الثانية بمبلغ 9080 جنيهاً و670 ليماً ولما أخطرته مصلحة الضرائب بهذا التقدير أقام الدعوى رقم 139 سنة 1948 كلي المنصورة بعريضة ذكر فيها ما قدرته لجنة التقدير من أرباح وطلب إلغاء قرارها الصادر في 12 من نوفمبر سنة 1947 واعتباره كأن لم يكن. وبتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1949 أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار لجنة التقدير المطعون فيه وأشارت في أسبابها إلى أن المطعون عليه لم يضمن طعنه أي اعتراض على قرار اللجنة بشأن تقدير رأس ماله في المدة موضوع النزاع وهو نفس التقدير الذي احتسب على أساسه قسط الاستهلاك المخصوم من الأرباح مما يجعل قرار اللجنة بالنسبة لرأس المال تقديراً نهائياً بجميع عناصره - استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بصحيفة قيدت بجدولها برقم 41 سنة 2 تجاري ق طلب فيها إلغاء الحكم المذكور وإلغاء قرار لجنة التقدير الصادر في 12 نوفمبر سنة 1947 واعتباره كأن لم يكن وضمن أسباب استئنافه اعتراضه على تقدير رأس ماله المستثمر طبقاً لقيمة المصنع الثابتة في عقد القسمة المحرر بينه وبين ورثة والده الشناوي باشا مع أن تلك القيمة قصد تخفيضها للتخفيف من رسوم التسجيل وقد دفعت مصلحة الضرائب - الطاعنة - بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لرأس المال لأن المطعون عليه لم يطعن على قرار اللجنة فيما يختص برأس المال إلا أمام محكمة الاستئناف وبعد انتهاء مواعيد الطعن فيه فأصبح بذلك قرار اللجنة الخاص برأس المال نهائياً - وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 27 أبريل سنة 1953 برفض هذا الدفع وقضت في ذات الحكم بندب خبير لتقدير رأس المال الحقيقي المستثمر في 4 يونيه سنة 1942 وأول يناير سنة 1943 مع بيان ربح المنشأة في فترتي النزاع. ولما قدم الخبير تقريره اعترض المطعون عليه على ما قامت به لجنة التقدير من استنزال مبلغ 1951 جنيهاً و954 مليماً من رأس المال مع أن لمأمورية لم تر استنزال هذا المبلغ كما قدم بعض الاعتراضات الأخرى. وقد أخذت محكمة الاستئناف بهذه الاعتراضات في حكم ثانٍ أصدرته بتاريخ 11 أبريل سنة 1955 - وأعادت المأمورية إلى الخبير لتسوية حساب الأرباح ورأس المال المستثمر على أساس هذه الاعتراضات - وبعد أن قدم الخبير تقريره التكميلي أصدرت المحكمة حكمها في 14 نوفمبر سنة 1955 وعلى أساس ما قضت به في حكميها السابقين في 27 أبريل سنة 1953، 11 إبريل سنة 1955 بتعديل الحكم المستأنف وبتعديل قرار لجنة تقدير الضرائب الصادر في 12 نوفمبر سنة 1947 واعتبار أرباح المطعون عليه في المدة من 4 يونيه سنة 1942 إلى 31 ديسمبر سنة 1942 مبلغ 1401 جنيهاً و994 مليماً وفي سنة 1943 مبلغ 1125 جنيهاً و767 مليماً وتحديد رأس ماله الحقيقي المستثمر في 4 يونيه سنة 1942 بمبلغ 35384 جنيهاً و422 مليماً وفي أول يناير سنة 1943 بمبلغ 34699 جنيهاً - وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم الأخير والحكمين السابقين عليه بطريق النقض وذلك بتقرير مؤرخ 7 يناير سنة 1956 - وعرض الطعن بعد استيفاء إجراءاته على دائرة فحص الطعون بجلسة 26 أبريل سنة 1960 وفيها حضر ممثل الطاعنة وصمم على ما جاء بتقرير الطعن كما صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم وأصبحت دائرة الفحص قرارها في تلك الجلسة بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية. وأعلنت الطاعنة تقرير الطعن مؤشراًَ عليه بقرار الإحالة إلى المطعون عليه في 5 مايو سنة 1960 ثم أودعت أصل ورقة الطعن مع مذكرتها الشارحة في 16 مايو سنة 1960 كما أودع المطعون عليه مذكرة رادة في 31 مايو سنة 1960 طلب فيها رفض الطعن. وقدمت النيابة مذكرة تكميلية أشارت فيها إلى صحة الإجراءات وأحالت إلى رأيها السابق. وبجلسة المرافعة صمم الحاضر عن الطاعنة على نقض الحكم كما صممت النيابة العامة على طلباتها السابقة.
وحيث إن الطعن مقصور على ما قضى به الحكم المطعون فيه في خصوص تقدير الأرباح الاستثنائية ومما تنعاه الطاعنة في الوجه الأول من السبب الأول أن المطعون عليه قدم إقراراً بتقدير أرباحه التجارية عن سنتي 1942، 1943 كما قدم إقراراً بتحديد رأس المال المستثمر وذلك لتحديد وعاء الضريبة على الأرباح الاستثنائية. وسارت إجراءات تقدير كل من الضريبتين مستقلة عن الأخرى حتى أصدرت لجنة التقدير في 12 نوفمبر سنة 1947 قرارين أحدهما خاض بتقدير الأرباح التجارية والثاني بتقدير رأس المال المستثمر وأعلن المطعون عليه بهذين القرارين فطعن في القرار الصادر بتحديد أرباحه التجارية فقط أمام المحكمة الابتدائية ولم يطعن في القرار الخاص بتحديد رأس ماله المستثمر حتى فات ميعاد الطعن فيه. ولما حكم برفض دعواه استأنف الحكم طالباً إلغاءه - وإلغاء قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1947 واعتباره كأن لم يكن. وفي إحدى مذكراته المقدمة لمحكمة الاستئناف طلب تعديل قرار اللجنة بتحديد رأس المال. فدفعت المصلحة الطاعنة بعدم جواز نظر هذا الطلب ولكن المحكمة في حكمها الأول رفضت هذا الدفع وندبت خبيراً لتقدير رأس المال. وقضت في حكمها الأخير بتعديل قرار اللجنة الصادر بتحديد رأس المال. وما انتهى إليه الحكم في هذا الصدد خطأ في القانون لأن المحكمة مقيدة بما يطعن فيه من قرارات ولا يتسع نطاق الطعن في القرار الخاص بتقدير الأرباح التجارية للطعن في تقدير رأس المال. وإذا كان للمحكمة أن تتعرض لتقدير رأس المال وهي بصدد بحث تقدير الأرباح التجارية فإن ذلك مشروط بأن يكون الغرض من هذا التعرض هو تحديد ما يحمل به حساب الأرباح والخسائر من قيمة الاستهلاك دون أن يجاوز هذه الحدود إلى القرار الخاص بتقدير رأس المال لتحديد وعاء الضريبة على الأرباح الاستثنائية وقد صدر بها قرار خاص لم يطعن فيه الممول في الميعاد القانوني.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه الصادر في 27 أبريل سنة 1953 أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لتقديرات رأس المال على ما يأتي: "ومن حيث إن المستأنف طعن أمام محكمة الدرجة الأولى في قرار اللجنة الصادر بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1947 وذلك في طلباته الختامية طالباً إلغاءه - وكان قبل ذلك قد اعترض في الملف الفردي على تقدير المأمورية لرأس المال. ثم لما أحيل إلى لجنة التقدير طعن أمامها بلسان ممثلة على تقدير المأمورية لرأس المال وأبدى أوجه اعتراضه على ذلك. وظهر هذا الاعتراض في أسباب قرار اللجنة عن الأرباح التجارية لسنتي 1942، 1943 لتأثير رأس المال زيادة ونقصاً على هذه الأرباح فطعنه في القرار الصادر بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1947 يتضمن طعنه على تقدير رأس المال ومن ثم لا يكون المستأنف قد أثار طلباً جديداً أمام محكمة الاستئناف وبذلك يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وانبنى عليه صدور الحكمين التاليين له غير صحيح في القانون - ذلك أن تقدير رأس المال لم تشمله الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى كما يبين من صحيفة افتتاح الدعوى المقدمة صورتها بملف الطعن ولم تعرض له محكمة الدرجة الأولى بل لقد أفصحت في حكمها بأن الممول لم يضمن دعواه الطعن على تقدير رأس المال - والاستئناف إنما ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف (م 409 مرافعات) ومن ثم فلا يمتد أثر الاستئناف إلى المنازعة في تقدير رأس المال الذي لم يطرح على المحكمة الابتدائية ولم يشمله الطعن المقدم إليها - ولما كانت ضريبة الأرباح التجارية المقررة بالقانون 14 لسنة 1939 هي ضريبة متميزة عن ضريبة الأرباح الاستثنائية المقررة بالقانون 60 لسنة 1941 فوعاء الضريبة الأولى هو كل ما يحققه الممول من أرباح فعلية أما وعاء الضريبة الثانية فهو كل ربح يتجاوز ربح إحدى السنوات 1937، 1938، 1939 أو 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر حسب الأحوال مما يتأدى منه استقلال كل منهما عن الأخرى. وإن كانا متماثلين في طرق التحصيل ومتشابهين في إجراءات الربط. ومن ثم فلا تغني الإجراءات التي تتخذ في شأن إحداهما عن الإجراءات الخاصة بالثانية. لما كان ذلك وكانت المصلحة الطاعنة قد أخذت في صدد مطالبتها بالضريبتين إجراءات خاصة لكل منهما كما هو ثابت من الملف الفردي المودع بملف الطعن. فإن الطعن في تقدير ضريبة الأرباح التجارية لا يتضمن الطعن في تقديرات رأس المال موضوع الضريبة الاستثنائية - ولا يغير من هذا النظر التعرض لرأس المال بصدد تقدير الأرباح التجارية لأن المراد منه هو تحديد ما يتحمل به الممول فغي حساب الأرباح والخسائر من قيمة الاستهلاك السنوي فحسب - وإذ قضى الحكم الصادر بتاريخ 27 أبريل سنة 1954 برفض الدفع المقدم من الطاعنة بعدم جواز إبداء طلبات جديدة في الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص بلا حاجة لمناقشة باقي الأسباب.
وحيث إنه ينبني على نقض هذا الحكم نقض الحكمين المترتبين عليه والصادرين في 11 أبريل سنة 1955، 14 نوفمبر سنة 1955 عملاً بالمادة 26 من القانون 57 سنة 1959.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يكون الطعن في تقديرات رأس المال الحقيقي المستثمر طلباً جديداًً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ويتعين الحكم بعدم قبوله.

الطعن 13472 لسنة 88 ق جلسة 14 / 11 / 2021 مكتب فني 72 ق 91 ص 989

جلسة 14 من نوفمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / منصور القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / د. عادل أبو النجا ، محمد السعدني ، هشام رضوان عبد العليم ووائل صبحي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(91)
الطعن رقم 13472 لسنة 88 القضائية
تزوير " أوراق رسمية " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " نظرها الطعن والحكم فيه " .
التزوير بطريق الاصطناع . تحققه بإنشاء محرر على غرار أصل موجود أو مثال سابق متضمناً واقعة تترتب عليها آثار قانونية وصالحة للاحتجاج بها .
تغيير الحقيقة . وجوب أن يقع على محرر وفي بيان أعد لإثباته وتعمد الجاني ارتكابه بنية استعمال المحرر فيما زور من أجله .
عدم وقوع التغيير في محرر . تنتفي معه جريمة التزوير لانعدام المحل .
المحرر هو كل مسطور ينتقل به فكر أو معنى معين أو محدد من شخص إلى آخر عند مطالعته أو النظر إليه . مؤدى ذلك ؟
بصمة الخاتم . وجوب أن تكون ممهورة على محرر كي يحتج بها قانوناً .
خلو المحررات المضبوطة من بياناتها . أثره : عدم الاعتداد بها كمحرر وتنأى به الواقعة عن التأثيم . مخالفة الحكم هذا النظر . خطأ يوجب النقض والبراءة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهم يزاول نشاطه الإجرامي في تزوير المحررات الرسمية وغير الرسمية ، وساق عن ضابط الواقعة قوله أنه تمكن من تفتيش مسكن المتهم بناءً علي إذن من النيابة العامة وضبط محررين الأول لشهادة بيانات إفراج سيارة منسوب صدورها للإدارة العامة لمرور .... وحدة تراخيص .... ، والثاني شهادة إفراج نهائي منسوب صدورها لوحدة تراخيص .... ، كما عثر على أوراق فارغة ممهورة بنماذج لخاتم شعار الجمهورية مقلد لنيابة .... لشئون الأسرة ، وكذا جهاز حاسب آلي " كمبيوتر" تبين أنه مخزن به بعض الصور لمحررات ، ونقل عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن جميع المستندات المضبوطة لدى المتهم سواء بمنزله أو المخزنة بجهاز الكمبيوتر نماذج لصور مستندات فارغة من بياناتها ومبصوم على بعضها بأختام باهتة للإدارة العامة لمرور .... وبخاتم نيابة .... لشئون الأسرة وأنه في حالة ملؤها يمكن استخدامها وينخدع بها الشخص العادي ، وأقام الحكم قضاءه علي تلك الأدلة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاصطناع باعتباره طريقاً من طرق التزوير المادي هو إنشاء محرر بكامل أجزائه على غرار أصل موجود أو خلق محرر على غرار مثال سابق ما دام المحرر في أي من الحالتين متضمناً لواقعة تترتب عليها آثار قانونية وصالحة لأن يحتج به في إثباتها ، وكان البين من استقراء نصوص الباب السادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات في شأن التزوير أن الشارع ولئن لم يورد تعريفاً محدداً للمحرر - رسمياً كان أم عرفياً – إلا أنه اشترط صراحة للعقاب على تغيير الحقيقة أن تقع في محرر ، وأن يكون تغيير الحقيقة في بيان مما أُعد المحرر لإثباته ، وأن يتعمد الجاني ارتكاب هذا التغيير بنية استعمال المحرر في الغرض الذي زور من أجله ، فالمحرر محل جريمة التزوير هو المحرر الذي يتمتع بقوة الإثبات ويرتب عليه القانون أثرا ً ، فإن لم يكن التغيير قد جرى في محرر فإن جريمة التزوير تكون منتفية لانعدام المحل ، وإذ كانت قواعد التفسير لنصوص القانون في هذا النطاق يتأدى منها أن المحرر هو كل مسطور ينتقل به فكر أو معنى معين أو محدد من شخص إلى آخر عند مطالعته أو النظر إليه ، وترتيباً على ذلك فإن المحرر لا يحاج به إلا إذا كان يحتوي على فكرة معينة ويتضمن معنى واضحاً ومحدداً ومنتجاً لأثر قانوني وأن يكون ذلك واقعاً مسطوراً ، وكذلك بصمة الخاتم كي يحتج بها يجب أن تكون ممهورة على محرر يعتد به قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي بنى عليه الحكم قضاءه أن جميع المحررات المضبوطة سواءً بمنزل المتهم أو المخزنة داخل جهاز الكمبيوتر الخاص به خالية من بياناتها وأنه لا يعتد بها إلا في حالة إقدام المتهم على ملئها وتحريرها ، وكان البين من الأوراق أنها قد خلت مما يفيد قيام المتهم بتحرير بيانات المحررات المضبوطة لديه ، ومن ثم فإنها - حسب المساق المتقدم - لا تعد محررات بالمعنى القانوني السليم لكونها فارغة من أي محتوى مسطور يتضمن بياناً محدداً بين أطرافه وغير صالحة لأن تثبت أي التزام أو تنشئ لحق جرى تغييراً فيه ، ولا يمكن أن يحاج بها بحالتها لدى مؤسسات الدولة ، ولا تعد وفقاً لذلك محررات رسمية حسب المنظور القانوني السليم وتنأى معه عن نطاق التأثيم ، وكانت العدالة تتأذى بأن يعاقب الإنسان عن فعل لم يقدم عليه ولم يشرع في تنفيذه وانتوى حصوله ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانة الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- وهو من أرباب الوظائف العمومية " موظف بنيابة .... " ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو شهادة بيانات إفراج عن سيارة منسوب صدورها لوحدة تراخيص .... ونسبها زوراً للجهة سالفة الذكر على خلاف الحقيقة ، ووضع عليها بيانات مغايرة ، وقام بإنشائها على غرار المحررات الرسمية الصحيحة ومهرها بأختام منسوبة إلى جهة الإصدار بقصد بيعها بمقابل مادي لمجهولين على النحو المبين بالتحقيقات . 2- قلد خاتم شعار الجمهورية " خاتم بيضاوي خاص بإدارة التراخيص بالإدارة العامة لمرور .... ، خاتم شعار الجمهورية لنيابة .... " وذلك بأن قلدهما على غرار الصحيح منهما واستعملهما بأن مهر بهما المحررات محل الاتهام الأول مع علمه بأمر تقليدها .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين ٢٠٦ ، ۲۱۱ من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة ٣٢ من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنواتوألزمته المصاريف ، وأمرت بمصارة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه لم يستظهر أركان الجريمة التي دانه بها ولم يدلل على ارتكابه للواقعة وكيفية حصولها ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهم يزاول نشاطه الإجرامي في تزوير المحررات الرسمية وغير الرسمية ، وساق عن ضابط الواقعة قوله أنه تمكن من تفتيش مسكن المتهم بناءً علي إذن من النيابة العامة وضبط محررين الأول لشهادة بيانات إفراج سيارة منسوب صدورها للإدارة العامة لمرور .... وحدة تراخيص .... ، والثاني شهادة إفراج نهائي منسوب صدورها لوحدة تراخيص .... ، كما عثر على أوراق فارغة ممهورة بنماذج لخاتم شعار الجمهورية مقلد لنيابة .... لشئون الأسرة ، وكذا جهاز حاسب آلي " كمبيوتر" تبين أنه مخزن به بعض الصور لمحررات ، ونقل عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن جميع المستندات المضبوطة لدى المتهم سواء بمنزله أو المخزنة بجهاز الكمبيوتر نماذج لصور مستندات فارغة من بياناتها ومبصوم على بعضها بأختام باهتة للإدارة العامة لمرور .... وبخاتم نيابة .... لشئون الأسرة وأنه في حالة ملؤها يمكن استخدامها وينخدع بها الشخص العادي ، وأقام الحكم قضاءه علي تلك الأدلة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاصطناع باعتباره طريقاً من طرق التزوير المادي هو إنشاء محرر بكامل أجزائه على غرار أصل موجود أو خلق محرر على غرار مثال سابق ما دام المحرر في أي من الحالتين متضمناً لواقعة تترتب عليها آثار قانونية وصالحة لأن يحتج به في إثباتها ، وكان البين من استقراء نصوص الباب السادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات في شأن التزوير أن الشارع ولئن لم يورد تعريفاً محدداً للمحرر - رسمياً كان أم عرفياً – إلا أنه اشترط صراحة للعقاب على تغيير الحقيقة أن تقع في محرر ، وأن يكون تغيير الحقيقة في بيان مما أُعد المحرر لإثباته ، وأن يتعمد الجاني ارتكاب هذا التغيير بنية استعمال المحرر في الغرض الذي زور من أجله ، فالمحرر محل جريمة التزوير هو المحرر الذي يتمتع بقوة الإثبات ويرتب عليه القانون أثرا ً ، فإن لم يكن التغيير قد جرى في محرر فإن جريمة التزوير تكون منتفية لانعدام المحل ، وإذ كانت قواعد التفسير لنصوص القانون في هذا النطاق يتأدى منها أن المحرر هو كل مسطور ينتقل به فكر أو معنى معين أو محدد من شخص إلى آخر عند مطالعته أو النظر إليه ، وترتيباً على ذلك فإن المحرر لا يحاج به إلا إذا كان يحتوي على فكرة معينة ويتضمن معنى واضحاً ومحدداً ومنتجاً لأثر قانوني وأن يكون ذلك واقعاً مسطورا ً ، وكذلك بصمة الخاتم كي يحتج بها يجب أن تكون ممهورة على محرر يعتد به قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي بنى عليه الحكم قضاءه أن جميع المحررات المضبوطة سواءً بمنزل المتهم أو المخزنة داخل جهاز الكمبيوتر الخاص به خالية من بياناتها وأنه لا يعتد بها إلا في حالة إقدام المتهم على ملئها وتحريرها ، وكان البين من الأوراق أنها قد خلت مما يفيد قيام المتهم بتحرير بيانات المحررات المضبوطة لديه ، ومن ثم فإنها - حسب المساق المتقدم - لا تعد محررات بالمعنى القانوني السليم لكونها فارغة من أي محتوى مسطور يتضمن بياناً محدداً بين أطرافه وغير صالحة لأن تثبت أي التزام أو تنشئ لحق جرى تغييراً فيه ، ولا يمكن أن يحاج بها بحالتها لدى مؤسسات الدولة ، ولا تعد وفقاً لذلك محررات رسمية حسب المنظور القانوني السليم وتنأى معه عن نطاق التأثيم ، وكانت العدالة تتأذى بأن يعاقب الإنسان عن فعل لم يقدم عليه ولم يشرع في تنفيذه وانتوى حصوله ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإدانة الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه والقضاء ببراءة المتهم مما نسب إليه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 11 فبراير 2025

الطعن 16889 لسنة 89 ق جلسة 12 / 9 / 2021 مكتب فني 72 ق 63 ص 727

جلسة 12 من سبتمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد أحمد ، توفيق سليم ، خالد الصاوي ومحمد ثابت نواب رئيس المحكمة .
----------------
(63)
الطعن رقم 16889 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
(2) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . فاعل أصلي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اقتراح الطاعن طريقة علاج المجني عليه وتخلف عاهة مستديمة حال مزاولته مهنة الطب بغير ترخيص . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً في الجريمة . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(4) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بقصور الحكم في التدليل على وجود اتفاق بينه وبين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه . غير مقبول . متى انتهى لحدوث الإصابة نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه واعتبره فاعلاً أصلياً .
(5) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . قصد جنائي . رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .
جريمة إحداث الجروح عمداً . لا تتطلب غير القصد الجنائي العام .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير ثبوت علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على دفاع لم يثر أمامها . دفع الطاعن بانقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لدى المجني عليه . غير مقبول . متى أثبت الحكم مسئوليته عن الإصابة التي تخلفت عنها العاهة .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
لا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها . كفاية ثبوتها عن طريق الاستنتاج من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
ماهية العاهة وفقاً للمادة ٢٤٠ عقوبات ؟
إثبات فقد منفعة أحد الأعضاء ولو جزئياً . كفايته لقيام جريمة إحداث العاهة .
مثال لرد سائغ على دفاع الطاعن أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الطاعن للحكم أخذه بأقوال المجني عليه بالتحقيقات رغم عدوله عنها بإقرار مقدم منه بجلسة المحاكمة . غير مقبول . نعيه في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(9) نقض " المصلحة في الطعن " . ضرب " ضرب أحدث عاهة " .
لا مصلحة للطاعن في النعي بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها . ما دام الحكم دانه بإحداث عاهة مستديمة باعتبارها الأشد . اختلاف تاريخ ارتكاب الجريمتين . كفايته للرد على القول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الأخف .
(10) طب . عقوبة " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون التكميلية . إغفال عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة والنشر عن جريمة مزاولة مهنة الطب على خلاف أحكام القانون . خطأ في تطبيقه . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه عليها ، وبيَّن مضمون تلك الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وقد جاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فيكون ذلك محققاً لحكم القانون ، وبات ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله .
2- لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الضرب العمدي المفضي إلى عاهة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، بعدما استبان من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها استبياناً للواقعة - أن الطاعن هو من اختار للمجني عليه طريقة علاجه مقترحاً عليه أن يكون ذلك بطريق الحقن بمادة زعم قدرتها على إذابة الدهون وتم حقنه بها بمعرفة آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن مرة أولى لم تأت ثمارها قبل أن يقترح الطاعن إعادة حقنه مرة ثانية بعد زيادة المادة الفعالة في المادة المحقون بها مما تسبب في إحداث إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة ، فإن في هذا ما يكفي لمساءلته كفاعل أصلي في الجريمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما قرره المجني عليه بالتحقيقات من قيام آخر بحقنه بالمادة التي أحدثت إصابته التي تخلف عنها عاهة مستديمة يعود ويلتقي من جديد بما انتهت إليه المحكمة من قيام الطاعن بإتيان الفعل المادي بنفسه بعدما ثبت أن القائم فعلياً بحقن المجني عليه آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن واقتصر دوره على حقن المجني عليه بالمادة التي اقترحها الطاعن علاجاً للمجني عليه وهو ما كان قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، فإنه بفرض وقوع ثمة خطأ في هذا الأمر ، فإنه لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للواقعة ، وتنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الشأن .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إحداث الطاعن لإصابة المجني عليه والتي حدثت نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه ، وغدا بذلك فاعلاً أصلياً في الدعوى ، فإن ما ينسبه الطاعن للحكم المطعون فيه من قصور في التدليل على وجود اتفاق بين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه والطاعن لا يكون له محل .
5- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة المجني عليه بما أثبته تقرير الطب الشرعي من تخلف عاهة مستديمة ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبل الأطباء الذين تردد عليهم المجني عليه لاحقاً لعلاجه ومداوة آلامه ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن إصابة المجني عليه التي تخلف من جرائها لديه عاهة مستديمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يذهب إليه بأسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لديه من جرائه لتلقيه علاج أو إجرائه جراحة بمعرفة أطباء آخرين ، فلا تكون المحكمة ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وأن لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واتهامهم للطاعن بارتكابها ، كما نقلت منها ما لا يماري الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم تعويله في قضائه بالإدانة على أقوالهم ، كما أن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان القانون لم يورد تعريفاً للعاهة المستديمة وإنما اقتصر على إيراد بعض الأمثلة لها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض في ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته ووظيفته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية وذلك بصفة مستديمة بيد أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب الشرعي ، ومتى أثبت الحكم أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته فقدت ولو فقداً جزئياً بصفة مستديمة فذلك كاف لسلامته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة في مجال التدليل على كون ما تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته التي تسبب فيها الطاعن مما تمثل عاهة مستديمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي وما انتهى إليه من كون إصابته بتشويه للجلد بمنطقة البطن مما يعد عاهة واستبياناً منها لذلك فقد عمدت إلى مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره والذي أوضح حال ذلك تأثر الجلد بتلك المنطقة وما به من أعصاب حسية مما قلل من وظيفته الدفاعية ودورها في وقاية الجسم من الميكروبات الخارجية مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها 2% ، ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة مستديمة ، كما أن المحكمة قد تناولت هذا الدفع واطرحته برد سائغ ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح .
8- لما كان الحكم المطعون فيه - في الدعوى الراهنة - قد اطمأن إلى أقوال المجني عليه بالتحقيقات ، ونقل منها ما لا يمارى الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بها مع عدوله عنها بالإقرار المقدم من الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة ، إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه . فضلاً عن كون ما حواه الإقرار المقدم بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدولاً عن أقواله وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم ما يؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة إحداث عاهة مستديمة ، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحداث العاهة المستديمة وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الأشد ، والقول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الجريمة الأخيرة أمر مردود بكونها لا تلتقي مع تاريخ الواقعة المكونة للجريمة ذات العقوبة الأشد وجوداً وعدماً بل وإن جمعتهما مظلة واحدة إلا أنهما يتباينان في تاريخ ارتكابهما . فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته برد سائغ على نحو يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح .
10- من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة وبنشر الحكم الصادر بالعقوبة مرة أو أكثر من مرة في جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون مزاولة مهنة الطب الصادر بالقانون رقم 415 لسنة 1954 والذي أدين الطاعن به ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بتلك العقوبات التكميلية إعمالاً لنص المادة آنفة البيان يكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- أحدث إصابة المجني عليه / .... عمداً الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، بأن قام بحقنه بمادة مجهولة من أجل علاجه من مرض السمنة بجلسات علاجية والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي تشويه الجلد بمنطقة البطن والتي تقدر بنسبة 2% على النحو المبين بالتحقيقات .
2- توصل إلى الاستيلاء على نقود المجني عليه / .... بأن استعمل وسائل احتيالية من شأنها إيهامه بوجود واقعة مزورة وهى قدرته على علاجه من مرض السمنة على خلاف الحقيقة وحصل من المجني عليه على النقود بناء على ذلك الإيهام على النحو المبين بالتحقيقات .
3- زاول مهنة الطب دون أن يكون مقيداً بسجل الأطباء بجدول نقابة الأطباء البشرين على النحو المبين بالتحقيقات .
4- أدار منشأة طبية سبق أن صدر قرار إداري بإغلاقها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى وكيل المجني عليه قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 240/1 ، 336 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 10 /1 ،3 من القانون 415 لسنة 1954 المعدل ، والمواد 1 ، 11 ، 14 من القانون 51 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 2004 بعد إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبغلق المنشأة وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحداث عاهة والنصب ومزاولة مهنة الطب دون القيد بسجل الأطباء البشريين وإدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في الإسناد ، ذلك أن ما أورده من أسباب لا يكفي بياناً لواقعة الدعوى وأدلتها ، ودانه مع انتفاء أركان الجرائم في حقه بعدما أورد بمدوناته حقن الطاعن للمجني عليه بمادة تعمل على إذابة الدهون خلافاً لما قرره الأخير بالتحقيقات من قيام آخر مجهول من العاملين بالمركز بذلك ، ودون أن يدلل على وجود اتفاق بين الطاعن وذاك المجهول على نحو ينتفي معه الركن المادي في حقه ، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه ، ولم يستظهر رابطة السببية بين الأفعال المادية المسندة إليه وإصابة المجني عليه بالعاهة خاصة وقد حدثت تداخلات جراحية من أطباء آخرين مطرحاً دفعه بانتفاء ما سبق بما لا يسوغ ، وعول على أقوال شهود الإثبات مع عدم مشاهدة أيهم للواقعة وعدم نسبتهم أي دور للطاعن في ارتكابها ، ودانه مع كون ما تخلف عن إصابة المجني عليه بالجلد لا يعد عاهة مستديمة بدلالة اقتراح مصلحة الطب الشرعي بإضافتها لجدول تقدير نسب العاهات مطرحاً دفعه في هذا الشأن برد غير سائغ ، ولم يعرض لما قدمه دفاعه من إقرار منسوب للمجني عليه باسترداد المبلغ المدفوع منه دون بدء برنامج العلاج وعدوله عن اتهام الطاعن بإحداث إصابته ، وأخيراً فقد اطرح برد غير سائغ دفعه بانتفاء أركان جريمة إدارة منشأة طبية سبق إغلاقها بقرار إداري بدلالة الخطأ في تاريخ ارتكاب الواقعة التي حدثت في غضون شهري يولیة وأغسطس في حين أن ترخيص المركز لم يلغ إلا بتاريخ .... مما ينفي الاتهام في حقه ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه عليها ، وبيَّن مضمون تلك الأدلة - خلافاً لقول الطاعن - وقد جاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، فيكون ذلك محققاً لحكم القانون ، وبات ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الضرب العمدي المفضي إلى عاهة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، بعدما استبان من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها استبياناً للواقعة - أن الطاعن هو من اختار للمجني عليه طريقة علاجه مقترحاً عليه أن يكون ذلك بطريق الحقن بمادة زعم قدرتها على إذابة الدهون وتم حقنه بها بمعرفة آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن مرة أولى لم تأت ثمارها قبل أن يقترح الطاعن إعادة حقنه مرة ثانية بعد زيادة المادة الفعالة في المادة المحقون بها مما تسبب في إحداث إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة ، فإن في هذا ما يكفي لمساءلته كفاعل أصلي في الجريمة ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما قرره المجني عليه بالتحقيقات من قيام آخر بحقنه بالمادة التي أحدثت إصابته التي تخلف عنها عاهة مستديمة يعود ويلتقي من جديد بما انتهت إليه المحكمة من قيام الطاعن بإتيان الفعل المادي بنفسه بعدما ثبت أن القائم فعلياً بحقن المجني عليه آخر يعمل بالمركز وتحت إمرة وإشراف الطاعن واقتصر دوره على حقن المجني عليه بالمادة التي اقترحها الطاعن علاجاً للمجني عليه وهو ما كان قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، فإنه بفرض وقوع ثمة خطأ في هذا الأمر ، فإنه لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على ارتكاب الطاعن للواقعة ، وتنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إحداث الطاعن لإصابة المجني عليه والتي حدثت نفاذاً لتعليماته وتحت إشرافه ، وغدا بذلك فاعلاً أصلياً في الدعوى ، فإن ما ينسبه الطاعن للحكم المطعون فيه من قصور في التدليل على وجود اتفاق بين الشخص المجهول القائم بحقن المجني عليه والطاعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو متوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، ويكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر رابطة السببية بين الفعل المسند للطاعن وإصابة المجني عليه بما أثبته تقرير الطب الشرعي من تخلف عاهة مستديمة ، وثبت عدم وجود أي إهمال طبي أو تقصير من قبل الأطباء الذين تردد عليهم المجني عليه لاحقاً لعلاجه ومداوة آلامه ، فإن ذلك ما يحقق مسئوليته في صحيح القانون عن إصابة المجني عليه التي تخلف من جرائها لديه عاهة مستديمة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الوجه يضحى غير قويم . فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بما يذهب إليه بأسباب طعنه من انقطاع رابطة السببية بين فعله والعاهة التي تخلفت لديه من جرائه لتلقيه علاج أو إجرائه جراحة بمعرفة أطباء آخرين ، فلا تكون المحكمة ملزمة بالرد على دفاع لم يطرح أمامها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وأن لها أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولا يشترط في الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وباقي شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واتهامهم للطاعن بارتكابها ، كما نقلت منها ما لا يماري الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم تعويله في قضائه بالإدانة على أقوالهم ، كما أن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة لها وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يورد تعريفاً للعاهة المستديمة وإنما اقتصر على إيراد بعض الأمثلة لها ، وقد جرى قضاء محكمة النقض في ضوء هذه الأمثلة على أن العاهة في مفهوم المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو فقد منفعته ووظيفته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية وذلك بصفة مستديمة بيد أن القانون لم يحدد نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع يبت فيه بما يتبينه من حالة المصاب وما يستخلصه من تقرير الطبيب الشرعي ، ومتى أثبت الحكم أن منفعة أحد الأعضاء أو وظيفته فقدت ولو فقداً جزئياً بصفة مستديمة فذلك كاف لسلامته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكانت المحكمة في مجال التدليل على كون ما تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته التي تسبب فيها الطاعن مما تمثل عاهة مستديمة قد اطمأنت إلى تقرير الطبيب الشرعي وما انتهى إليه من كون إصابته بتشويه للجلد بمنطقة البطن مما يعد عاهة واستبياناً منها لذلك فقد عمدت إلى مناقشة الطبيب الشرعي في تقريره والذي أوضح حال ذلك تأثر الجلد بتلك المنطقة وما به من أعصاب حسية مما قلل من وظيفته الدفاعية ودورها في وقاية الجسم من الميكروبات الخارجية مما يعد عاهة مستديمة تقدر نسبتها 2% ، ومن ثم فلا جدوى مما يجادل فيه الطاعن من أن إصابة المجني عليه لا تعد عاهة مستديمة ، كما أن المحكمة قد تناولت هذا الدفع واطرحته برد سائغ ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - في الدعوى الراهنة - قد اطمأن إلى أقوال المجني عليه بالتحقيقات ، ونقل منها ما لا يمارى الطاعن أن له أصلاً ثابتاً في الأوراق ، ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بها مع عدوله عنها بالإقرار المقدم من الطاعن بمحاضر جلسات المحاكمة ، إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه . فضلاً عن كون ما حواه الإقرار المقدم بجلسة المحاكمة لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منه يتضمن عدولاً عن أقواله وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها الحكم ما يؤدي دلالة إلى اطراح هذه الأقوال ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة إحداث عاهة مستديمة ، ومن ثم فلا مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إدارة منشأة طبية سبق صدور قرار بإغلاقها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة إحداث العاهة المستديمة وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الأشد ، والقول بوجود خطأ في تاريخ ارتكاب الجريمة الأخيرة أمر مردود بكونها لا تلتقي مع تاريخ الواقعة المكونة للجريمة ذات العقوبة الأشد وجوداً وعدماً بل وإن جمعتهما مظلة واحدة إلا أنهما يتباينان في تاريخ ارتكابهما . فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن واطرحته برد سائغ على نحو يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير صحيح . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية والتي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان ما يصدق عليه هذا النظر عقوبة نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الاشياء المتعلقة بالمهنة وبنشر الحكم الصادر بالعقوبة مرة أو أكثر من مرة في جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون مزاولة مهنة الطب الصادر بالقانون رقم 415 لسنة 1954 والذي أدين الطاعن به ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بتلك العقوبات التكميلية إعمالاً لنص المادة آنفة البيان يكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لمحكمة النقض تصحيح هذا الخطأ بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12037 لسنة 90 ق جلسة 16 / 9 / 2021 مكتب فني 72 ق 64 ص 740

جلسة 16 من سبتمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / أحمد عبد القوي أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد قزامل ، محمد السنباطي ، أحمد المتناوي ود. أحمد عاصم عجيلة نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(64)
الطعن رقم 12037 لسنة 90 القضائية
نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
الطعن بالنقض في الجريمة المعاقب عليها بالمادتين 95 و 163 من القانون 159 لسنة 1981 بشأن الشركات المساهمة . غير جائز . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جواز الطعن من جانب الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة ۲۰۰۷ لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، وكانت الجريمة التي رُفعت بها الدعوى ودان الطاعن بها الحكم المطعون فيه معاقباً عليها بالمادتين 95 ، 163 من القانون رقم 159 لسنة ۱۹۸۱ بشأن شركات المساهمة ، وكان نص المادة 163 من القانون سالف البيان قد جرى على أنه " مع عدم الإخلال بالعقوبات الأشد المنصوص عليها في القوانين الأخرى ، يعاقب بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه يتحملها المخالف شخصياً .... " وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه مما لا يجوز معه الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن وبمصادرة الكفالة وبتغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر قبل المعلن إليهما وطلب في ختامها عقابهما بالمادتين 95 ، 163 من القانون رقم 159 لسنة ١٩٨١ وبـإلزامهما أن يؤديا إليه مبلغ مائة ألف وواحـد جنيه على سـبيل التعويض المدني الموقت مع إلـزامهما بالمصروفات ومقابـل أتعـاب المحاماة ، ، وذلك تأسيساً على قيام كل منهما بمخالفـة نصـوص القانون رقم 159 لسنة ١٩٨١ وهـو قيامهما بأعمـال فنية وإدارية لـدى شركة مساهمة أخرى وذلك بدون ترخيص لهما مـن الجمعية العمومية للشركة التي يعملان بها ، الأمر الذي حدا بـه لإقامة دعواه بغية القضاء له بطلباته آنفة البيان .
ومحكمة .... الجزئية قضـت بعـدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظـر الدعوي والإحالـة للنيابة العامـة لاتخاذ شئونها على سـند أن الاختصاص ينعقد إلى المحكمة الاقتصادية .
ومحكمة .... الاقتصادية قضت حضورياً بتوكيل بالنسـبة للمتهم الأول (الطـاعن) وغيابياً بالنسبة للمتهم الثاني بتغريم كل متهم مبلغ عشرة آلاف جنيـه ، وألزمتهمـا بالمصاريف الجنائية ، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة للفصل فيها وأرجأت البت في المصاريف فيها .
فاستأنف المحكوم عليـهما ، ومحكمة جنح مستأنف .... الاقتصادية قضت حضـورياً بقبول الاستئنافين شكلاً ، وفي الموضوع برفضهما ، وتأييد الحكم المستأنف ، وألزمـت كل مسـتأنف بمصاريف استئنافه ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جواز الطعن من جانب الطاعن . لما كان ذلك ، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة ۲۰۰۷ لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، وكانت الجريمة التي رُفعت بها الدعوى ودان الطاعن بها الحكم المطعون فيه معاقباً عليها بالمادتين 95 ، 163 من القانون رقم 159 لسنة ۱۹۸۱بشأن شركات المساهمة ، وكان نص المادة 163 من القانون سالف البيان قد جرى على أنه " مع عدم الإخلال بالعقوبات الأشد المنصوص عليها في القوانين الأخرى ، يعاقب بغرامة لا تقل عن ألفي جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه يتحملها المخالف شخصياً .... " وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه مما لا يجوز معه الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها بما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن وبمصادرة الكفالة وبتغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 74 لسنة 2007 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ