الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 9 فبراير 2025

الطعن 1526 لسنة 40 ق جلسة 30 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 108 ص 949

جلسة 30 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(108)

الطعن رقم 1526 لسنة 40 قضائية

البنك المركزي المصري - التأمين على حياة العاملين به - احتفاظ البنك المركزي بملكية وثائق التأمين - استحقاق الموظف عند تقاعده لبلوغه السن القانونية المكافأة المقررة لذلك.
المادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964 ثم القانون رقم 989 لسنة 1967 نص المادتين (19)، (20) - والمواد أرقام (2)، (4)، (9)، (10)، (13)، (32) من لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات الخاصة بالبنك المركزي والمادة (162) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975. والمادتين (19)، (20) من قرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1976. في شأن تحويل احتياطي المعاش وحساب مدة الخدمة السابقة في المعاش.
إن البنك المركزي المصري عقد وثائق تأمين على حياة جميع العاملين به بواقع قسط تأمين قدره 15% من المرتب الإجمالي للموظف (المرتب الأساسي+ علاوة غلاء المعيشة يتحمل منه الموظف 5% ويتحمل البنك 10% ويحتفظ بملكية وثائق التأمين على الحياة ويستحق الموظف عند تقاعده لبلوغه السن القانونية المقررة لترك الخدمة مكافأة يبلغ مجموع قيمتها بعد إضافة مبلغ التأمين الذي عقده البنك على حياته مبلغ يعادل المرتب الأساسي لثلاثة أشهر ونصف أو المرتب الإجمالي لشهرين وربع عن كل سنة من سنوات الخدمة أيهما أكبر ويجوز للموظف أو المستحقين من ورثته المطالبة بهذه المكافأة وبمكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها في قانون العمل ما دامت الأولى مساوية أو زائدة عن الثانية. كما أخذ البنك اعتباراً من 1/ 1/ 1962 بنظام معاش الشيخوخة وهذا المعاش يقابل المكافأة القانونية المنصوص عليها في قانون العمل. وللموظف عند تقاعده أن يختار بين نظام المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول من اللائحة أو معاش الشيخوخة المنصوص عليها في الباب الثاني منها. فإذا اختار المعاش فإن البنك يلتزم بدفع الفرق بين المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية إلى الموظف أو المستحق عنه على أن يخصم من هذا الفرق مبلغ يحسب بواقع 2% من مرتبه السنوي عن كل سنة اشتراك في التأمين، ويودع البنك الأموال اللازمة لمقابلة التزاماته الناشئة عن تطبيق لائحة الاستخدام والمكافآت في حساب خاص (يطلق عليه) (احتياطي مكافآت التقاعد).


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 9/ 3/ 1994 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 1156 لسنة 40 قضائية ضد السيد/ محافظ البنك المركزي المصري، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 7/ 2/ 1994 في الدعوى رقم 174 لسنة 45 قضائية، والقاضي (بقبول الدعوى شكلاً، ورفضها موضوعاً، وإلزام المدعي المصروفات). وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن - ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام البنك بأن يدفع للطاعن المكافأة القانونية التي خصمت من المكافأة الخاصة عن الفترة السابقة للاشتراك من 21/ 11/ 1949 حتى 31/ 3/ 1964 وعن الفترة اللاحقة للاشتراك من 1/ 4/ 1964 حتى 15/ 8/ 1990 وفوائد هذا المبلغ من تاريخ المطالبة في 20/ 8/ 1990 بواقع 25، 16% (فوائد شهادات الاستثمار) حتى تاريخ السداد والمصروفات، وأتعاب المحاماة.
وتحددت جلسة 10/ 7/ 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر، وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 8/ 1/ 1996 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 3/ 2/ 1996، وبها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/.... أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) الدعوى رقم 174 لسنة 45 ق، ضد السيد/ محافظ البنك المركزي المصري، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 13/ 10/ 1990 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام البنك بأن يدفع للمدعي المكافأة القانونية التي خصمت من المكافأة الخاصة عن الفترة السابقة للاشتراك، من 21/ 11/ 1949 حتى 31/ 3/ 1964، وعن الفترة اللاحقة للاشتراك من 1/ 4/ 1964 حتى 15/ 8/ 1990، وفوائد هذا المبلغ من تاريخ المطالبة في 20/ 8/ 1990 بواقع 16.25% (فوائد شهادات الاستثمار) حتى تاريخ السداد والمصاريف وأتعاب المحاماة، وقال في بيان أسانيد دعواه، أنه التحق بخدمة البنك المدعى عليه بتاريخ 31/ 11/ 1949، وكان يسري بشأن العاملين بالبنك لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات، المعدلة بقرار مجلس إدارة البنك بتاريخ 20/ 12/ 1961، والمعمول به من 1/ 1/ 1962، وقد نظم الفصل الأول (المواد من 1 إلى 12) من هذه اللائحة، نظام المكافآت، وقد نصت المادة الرابعة على أن يستحق الموظف عند تعاقده مكافأة يبلغ مجموع قيمتها بعد إضافة مبلغ التأمين الذي عقده البنك على حياته مبلغاً يعادل المرتب الأساسي لثلاثة أشهر ونصف أو المرتب الإجمالي لشهرين وربع عن كل سنة من سنوات الخدمة أيهما أكبر. وتناول الفصل الثاني (المواد من 13 حتى 37) من اللائحة، قواعد تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة ونظام المعاشات الخاص بالعاملين بالبنك، وطبقاً للمادة (22) فإنه يربط بواقع 2.25% من قيمة متوسط الأجر الشهري في السنتين الأخيرتين عن كل سنة اشتراك في التأمين وذلك مقابل خصم المكافآت القانونية من المكافأة الخاصة وذلك في حالة اختيار العامل المعاش. ويتم تحويل المكافأة والمعاشات المنصوص عليها في هذه اللائحة بواقع نسبة 15% من المرتب الإجمالي للموظف يؤدي الموظف منه 5% ويؤدى البنك 10% من المرتب المذكور. وفى 1/ 4/ 1964 عمل بقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، الذي نصت المادة 85 منه على أن (مع عدم الإخلال بأحكام المادتين 80، 84 تدخل المدة السابقة للاشتراك للمؤمن عليه في هذا التأمين والتي استحق عنها مكافأة وفقاً لقانون العمل ضمن مدة الاشتراك عليه في هذا التأمين ويحسب عنها معاش بواقع 1% من متوسط الأجر الشهري المشار إليه في المادة 76 عن كل سنة من سنوات تلك المدة السابقة)، ونصت المادة 89 من ذات القانون على أن "يلتزم أصحاب الأعمال الذين كانوا يرتبطون حتى آخر يوليو سنة 1961 بأنظمة معاشات أو مكافآت أو ادخار أفضل بأداء قيمة الزيادة بين ما كانوا يتحملونه في تلك الأنظمة ومكافآت نهاية الخدمة القانونية محسوبة وفقاً لحكم الفقرة السابقة وذلك بالنسبة للعاملين الذين كانوا موجودين بالخدمة حتى 22 مارس سنة 1964، وتحسب هذه الزيادة عن كامل مدة خدمة العامل سواء في ذلك مدة الخدمة السابقة أو اللاحقة للاشتراك في التأمين وتصرف هذه الزيادة للمؤمن عليه، وفى حالة وفاته تصرف بأكملها وفقاً للبند (10) من المادة 27"، ومما تقدم يتضح أن قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 قد عالج بصفة عامة الاشتراكات عن المدة السابقة على صدوره، وألزم أصحاب الأعمال باشتراكات التأمينات، وباعتبار أن هذه الاشتراكات لا تقابل من التزامات رب العمل إلا المكافأة القانونية فقد نص القانون على خصم المكافأة القانونية من المكافأة الخاصة تعويضاً لصاحب العمل عن الاشتراكات التي يلتزم بها طبقاً لقانون التأمينات، مقابل استحقاق المؤمن عليه معاش عدل عن هذه الفترة ليكون بواقع 1/ 75 طبقاً للمادة 32 - 1 من القانون رقم 79 لسنة 1975، المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، وقد أكدت الفقرة الأولى من المادة 162 من هذا القانون، الحكم الذي تقدم بالنص على أن المعاشات والتعويضات المقررة وفقاً لأحكام الباب الثالث من هذا القانون للمؤمن عليه لا تقابل من التزامات صاحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة إلا ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة وفقاً لأحكام قانون العمل بعد أن القانون رقم 63 لسنة 1964 لم يعالج المعاشات الخاصة والجهات التي كانت تطبق نظم معاشات بجانب نظم المكافآت.
وبتاريخ 14/ 6/ 1964 أصدر مجلس إدارة البنك المركزي المصري قراراً بإعفاء العاملين من أداء نسبة الـ 5% التي كانت تستقطع من مرتباتهم وتحمل البنك بها بجانب النسبة المقررة عليه بواقع 15% أي أن البنك تحمل كامل النسبة (15%) علاوة على تحمله بالتزامات اشتراكات التأمينات الاجتماعية ويتضح من المذكرة التي عرضت على مجلس إدارة البنك وصدر بناء عليها القرار المذكور، أن البنك قد أخذ بنظامين معاً النظام القانوني الذي يوجبه قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 والنظام الخاص الذي نصت عليه لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات والذي تحمل بتمويله بالكامل دون تحمل العامل أية أعباء مالية في هذا التمويل دون أي تحقيق أو إجراء أية خصومات في المستحقات من مكافأة ومعاش منصوص عليها في اللائحة الخاصة، بما يعني استمرار النظام الخاص بالكامل بجانب نظام التأمينات الاجتماعية ودون إجراء الخصم المنصوص عليه في المادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964. ثم صدر القانون رقم 989 لسنة 1967، في شأن المعاشات الخاصة وقواعد تحويل احتياطي المعاش وحساب مدد الخدمة السابقة، وأنه بمقتضى نص المادتين (19)، (20) من هذا القانون استرد البنك المكافأة القانونية السابق تحويلها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية عن العاملين بالبنك ومن بينهم المدعي، ومولت المدة السابقة على الاشتراك من الاحتياطي الخاص نظام المعاشات طبقاً للائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات الخاصة ومن الصندوق الخاص الممول باشتراكات كانت تستقطع من العامل حتى 1/ 4/ 1964، والتي تحمل البنك بها بعد ذلك بقرار مجلس إدارته بتاريخ 14/ 6/ 1964، وإذ يعد الاحتياطي الخاص حقاً قانونياً خالصاً للعاملين ومن بينهم المدعي بدليل أن القانون نص على صرف الزيادة عن تكلفة المدة السابقة للعامل عند الاستحقاق فإنه ترتيباً على ذلك فلا يجوز خصم المكافأة القانونية عن الفترة السابقة لاشتراك المدعي من 21/ 11/ 1949 حتى 31/ 3/ 1964 من المكافآت الخاصة التي صرفت للمدعي، وبالنظر إلى أن المدعي انتهت خدمته اعتباراً من 16/ 8/ 1990، لبلوغه السن القانونية فإنه ما كان يجوز للبنك أيضاً أن يقوم بخصم المكافأة القانونية من المكافأة الخاصة عن الفترة اللاحقة لتطبيق قانون التأمينات الاجتماعية (من 1/ 4/ 1964 حتى 15/ 8/ 1990)، لذلك فإنه يقيم دعواه بغية الحكم له بطلباته.
وبجلسة 3/ 2/ 1994 أصدرت محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها بقبول الدعوى شكلاً على أساس أنها من دعاوى الاستحقاق التي لا تتقيد بإجراءات وميعاد دعوى الإلغاء، وأنها قد استوفت كافة أوضاعها الشكلية، أما قضاؤها برفض الدعوى فقد أقامته على سند من أن المستفاد من نص المادة (73) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، والمواد (2)، (4)، (9)، (10)، (13)، (22) من لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات الخاصة بالبنك المدعى عليه، والمعمول بها اعتباراً من أول يناير 1962، والمادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964، بشأن التأمينات الاجتماعية والمعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1964، والمادة (162) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 والمادتين (19)، (20) من قرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967، في شأن تحويل احتياطي المعاش وحساب مدة الخدمة السابقة في المعاش، أن البنك المركزي المصري كان يتبع نظاماً خاصاً بالمكافآت والمعاشات اعتباراً من 1/ 1/ 1962، وأن هذا النظام حل محل مكافأة نهاية الخدمة القانونية الواردة بالمادة 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، وأنه لا يجوز معه للموظف المطالبة بهذه المكافأة علاوة على المكافأة أو المعاش الذي يحصل عليه من البنك، وأن البنك لا يلتزم سوى بقيمة الفرق بالزيادة بين ما تتحمله في مكافأة النظام الخاص به وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية، وأن نظام المعاش حل محل نظام مكافأة انتهاء الخدمة القانونية المقررة في قانون العمل، وأصبحت الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية صاحبة الحق في اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للعامل، وحرصاً من المشرع على الاحتفاظ للعمال بالميزات الأفضل التي كانت مقررة لهم في الأنظمة الخاصة دون انتقاص منها أو تجاوز عنها أو إضافة أعباء جديدة على أصحاب الأعمال، ألزم اصحب العمل في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بما يعادل التزامه بمكافأة نهاية الخدمة المقررة في قانون العمل فضلاً عن التزامه بما زاد عن هذه المكافأة طبقاً لنظامه الخاص، واحتساب هذه الزيادة من كامل مدة خدمة العامل سواء في ذلك مدة الخدمة السابقة أو اللاحقة للاشتراك في التأمين، وذلك بالنسبة للأنظمة التي كان يرتبط بها أصحاب الأعمال مع عمالهم حتى آخر يوليو 1961، طبقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية يرتبطون مع عمالهم بأنظمة خاصة بعد هذا التاريخ وحتى 31/ 3/ 1964 (التاريخ السابق على العمل بالقانون رقم 63 لسنة 1964) فإنه طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967 يلتزم صاحب العمل بتحويل احتياطي معاش عماله إلى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، وإذا زاد المبلغ المحول عن المبلغ المطلوب لحساب المدة السابقة كاملة يكون للعامل الحق في إبقاء هذه المبالغ الزائدة لدى صاحب العمل يصرفها عند الاستحقاق، ومؤدى ذلك أن مكافأة نهاية الخدمة المقررة قانوناً صارت من أموال تأمين الشيخوخة ويلتزم صاحب العمل بأدائها إلى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية لتواجه التزامها بهذا التأمين قبل العامل الذي حل حقه فيها محل تلك المكافأة مما لا يجوز له طلب هذه المكافأة، ومن ثم ولما كان الثابت من مذكرة البنك المقدمة بجلسة 13/ 12/ 1993 أنه ورد كافة المبالغ المستحقة للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية لاحتساب كامل مدة خدمة العاملين بالبنك المعينين قبل 31/ 3/ 1964، ضمن المدة المحسوبة في المعاش عملاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967، فمن ثم فإن المدعي لا يكون له الحق في طلبه، مما يتعين معه رفضه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وشابه الفساد في الاستدلال، وخالف الثابت بالأوراق، ومتضارب في الأسباب، ذلك لأنه أنزل حكم المادة (89) من القانون رقم 63 لسنة 1964، المقابلة للمادة (162) من القانون رقم 79 لسنة 1975 على النظام الخاص الوارد بلائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات الخاص بالبنك المركزي المصري، في حين أن هاتين المادتين حددتا النطاق الزمني للأنظمة الخاصة التي يسري عليها خصم المكافأة القانونية من المكافأة الخاصة بأنها الأنظمة التي يرتبط بها أصحاب الأعمال مع عمالهم حتى آخر يوليو سنة 1961، بينما النظام الخاص بالبنك المركزي صادر في 20/ 12/ 1961 ومعمول به اعتباراً من 1/ 1/ 1962، ومن ثم يكون إنزال حكم المادتين المذكورتين على الأنظمة الخاصة الصادرة أول يوليو، ومن بينها نظام البنك المركزي، في غير محله ومخالفاً للقانون. كما أن الحكم المطعون فيه استخلص من نص المادتين (19)، (20) من قرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967، أن نظام المعاش حل محله نظام مكافأة نهاية الخدمة القانونية، وهذا غير سداد لأن هذا القرار صدر لمعالجة نص المادة (85) من القانون رقم 63 لسنة 1964، ولكي يدخل المدة السابقة على الاشتراك في المعاش القانوني أن تؤدي الأنظمة الخاصة تكلفة ذلك، والتي سميت بالاحتياطي القانوني وفقاً لحكم المادة (19)، وذلك خصماً من الاحتياطي الخاص المكون طبقاً للائحة البنك من حصيلة اشتراكات العاملين وأصحاب الأعمال وتصرف الزيادة طبقاً لحكم المادة (20)، ولم ينص القرار على أن تكلفة هذه المدة تؤدى من المكافأة القانونية، كما لم ينص على أن مكافأة نهاية الخدمة القانونية تؤدى إلى هيئة التأمينات الاجتماعية كما لم يوضح الحكم الطعين سند أحقية الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة بعد العمل بقانون التأمينات رقم 63 لسنة 1964 الذي سرى على البنك اعتباراً من 1/ 4/ 1964، وقد اعترف البنك المدعى عليه في مذكرته المقدمة بجلسة 14/ 7/ 1991 (تحضير) بأنه لما كان البنك قد تحمل باشتراكات التأمينات الاجتماعية طوال مدة خدمة المدعي. فإنه يتعين أن يخصم من المكافأة الخاصة المستحقة (المكافأة القانونية) عن كامل مدة الخدمة مقابل اشتراكات التأمينات التي أداها البنك طوال المدة، وهذا أيضاً ليس له سند من القانون أو لائحة البنك، هذا إلى أن الحكم المطعون عليه استخلص نتيجة غير واردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967، حين ذهب إلى أن مكافأة نهاية الخدمة المقررة قانوناً صارت من أموال تأمين الشيخوخة، وملتزم صاحب العمل بأدائها إلى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية لتواجه التزامها بهذا التأمين قبل العامل الذي حل حقه فيها محل الحق في تلك المكافأة.
ومن حيث إن لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات للعاملين بالبنك المركزي المصري، الصادرة بقرار مجلس إدارة البنك بتاريخ 20/ 12/ 1961، تضمنت ما بين الفصل الأول الخاص بالاستخدام والمكافآت، وتحتوى على المواد من (1) حتى (12)، وتنص المادة (2) على أن "تسري أحكام هذه اللائحة على جميع موظفي البنك الذين أمضوا فترة الاختبار على وجه مرض، ويقصد (بموظفي البنك)" جميع مستخدميه وعماله ذكوراً وإناثاً ولا يجوز للموظف بأي حال أن يرفض الاشتراك في نظام التأمين المنصوص عليه في اللائحة.
ويكون قسط التأمين اعتباراً من أول مارس 1956 بواقع 15% من المرتب الإجمالي يؤدي الموظف منه 5% ويؤدي البنك 10% من المرتب المذكور. وتنص المادة (4) على أن "يستحق الموظف عند تقاعده مكافأة يبلغ مجموع قيمتها بعد إضافة مبلغ التأمين الذي عقده البنك على حياته مبلغاً يعادل المرتب الأساسي لثلاثة أشهر ونصف أو المرتب الإجمالي لشهرين وربع عن كل سنة من سنوات الخدمة أيهما أكبر.....) وتنص المادة (9) على أن "يودع البنك الأموال اللازمة لمقابلة التزاماته الناشئة عن تطبيق أحكام هذه اللائحة في حساب خاص يطلق عليه "احتياطي مكافأة التقاعد.."، وفى المادة (10) على أن "لا يجوز للموظف أو للمستحقين من ورثته المطالبة بمكافأة انتهاء الخدمة المنصوص عليها في المادة (73) من قانون العمل الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 91 لسنة 1959 علاوة على المبلغ الإجمالي الذي يؤديه البنك طبقاً لهذه اللائحة ما دام هذا المبلغ مساوياً لتلك المكافأة أو زائداً عليها"، وفى المادة (11) على أن "يحتفظ البنك بملكية وثائق التأمين على الحياة ويؤدي إلى الموظف ما قد يستحقه من وثيقة التأمين عن طريق البنك.
وللموظف الذي يترك الخدمة لأي سبب من الأسباب الحق في الحصول على وثيقة التأمين الخاصة به للاستمرار فيها مقابل قيامه بأداء قيمة تصفيتها إلى البنك ولا يخل هذا الإجراء بحق الموظف في اقتضاء ما قد يستحقه من مكافأة وفقاً لأحكام هذه اللائحة....")). والباب الثاني من اللائحة ويتعلق بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، ويشتمل على المواد من (13) حتى (37)، وتنص المادة (13) على أن "تقابل المعاشات المنصوص عليها في هذا الباب مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على أساس المادة (73) من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون رقم 91 لسنة 1959، ويلتزم البنك بدفع الفرق بين المكافأة محسوبة وفقاً لأحكام الباب الأول من هذه اللائحة وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية إلى الموظف أو إلى المستحقين عنه"، وتنص المادة (16) على أن "في حالة خروج الموظف نهائياً من نطاق" تطبيق هذه اللائحة وكانت الاشتراكات التي دخلت في حساب التأمين 240 اشتراكاًَ شهرياً على الأقل يكون للموظف أن يختار بين الحصول فوراً على حقوقه وفقاً لأحكام الباب الأول من هذه اللائحة وبين الحصول على معاش الشيخوخة المشار إليه في هذا الباب يصرف له عند بلوغه سن الستين مع حصوله فوراً على حقه في الفرق بين لمكافأة محسوبة وفقاً لأحكام الباب الأول من هذه اللائحة وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية". وتنص المادة 22 على أن "إذا اختار الموظف المعاش خصم من الفرق بين المكافأة المستحقة وفقاً لأحكام الباب الأول من اللائحة وبين المكافأة القانونية مبلغ يساوى 2% من مرتبه السنوي عن كل سنة اشتراك في التأمين.
وتنص المادة (37) على أن "يعمل بأحكام هذا الباب اعتباراً من أول يناير سنة 1962"، وبعد صدور القانون رقم 63 لسنة 1964، بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية طبقت أحكامه على كافة العاملين بالبنك اعتباراً من 1/ 4/ 1964، والتزام البنك طبقاً للمادة (75) من الباب السابع (الخاص بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة والتأمين الإضافي ضد العجز والوفاة)، أن يورد إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، الاشتراكات الشهرية التي يؤديها عن العاملين به بواقع 14% من أجورهم وتلك التي تقطع من أجورهم بواقع 8% ثم وافق مجلس إدارة البنك بجلسته المنعقدة بتاريخ 14/ 6/ 1964 على الاستمرار في عقود التأمين وإبرام تأمينات لدى شركة مصر بفروق مبالغ التأمين السابقة لدى شركة..... ومبالغ التأمين المخفضة بها على أن يتحمل البنك بكامل أقساط التأمين بواقع 15% من أجر كل عامل (الأجر الأساسي + غلاء المعيشة) وذلك كجزء من تمويل نظام مكافآت التقاعد ونهاية الخدمة الخاصة بالعاملين بالبنك، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967 في شأن قواعد تحويل احتياطي المعاش وحساب مدة الخدمة السابقة في المعاش، ونص في المادة (19) منه على أن "تدخل مدد الخدمة السابقة لدى الهيئات والشركات وأصحاب الأعمال الذين كانوا مرتبطين مع عمالهم بنظم معاشات خاصة حتى 31/ 3/ 1964 في المدد المحسوبة في المعاش وفقاً لقانون التأمينات الاجتماعية، وتلتزم الهيئات والشركات وأصحاب الأعمال بتحويل احتياطي المعاش بالنسبة للمؤمن عليهم الموجودين بالخدمة في التاريخ المذكور إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية... وفى المادة (20) على أن "تقدير المبالغ المستحقة لحساب مدد الخدمة السابقة المشار إليها في المادة (19) وفقاً للجدول رقم (1) المرفق وعلى أساس الأجر في 31/ 3/ 1964 والسن في تاريخ العمل بهذا القرار ويستخدم الاحتياطي المحول وفقاً لحكم المادة (19) لسداد المبالغ المستحقة وفقاً لحكم الفقرة السابقة وذلك بالشروط والأوضاع المنصوص عليها بالمادة (8)، كما يسري في شأن المؤمن عليهم والمستحقين عنهم الأحكام المنصوص عليها في المادة (9) منه، فإذا زاد المحول عن المبلغ المطلوب لحساب المدة السابقة كاملة يكون للمؤمن عليه الحق في إبقاء المبالغ الزائدة لدى صاحب العمل على أن تصرف له عند الاستحقاق أو حساب مدة اعتبارية تقابل المبلغ الزائد كله أو جزء منه مع إبقاء الباقي لدى صاحب العمل يصرف للمؤمن عليه عند الاستحقاق". وقد تم الاتفاق بين البنك وبين الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية على حساب مدد الخدمة السابقة اعتباراً من تاريخ تعيين العاملين بالبنك حتى 31/ 3/ 1964، طبقاً لأحكام المادتين (19)، (20) أنفى الذكر وسدد البنك جميع المبالغ المستحقة عن العاملين به الذين يسري في شأنهم هذا الاتفاق، ومنهم المدعي وحين أحيل المدعي إلى المعاش في 16/ 8/ 1990، صرف الفرق بين المكافأة الخاصة المقررة بالباب الأول من لائحة الاستخدام والمكافآت والمعاشات، ومكافأة الخدمة القانونية محسوبة وفقاً لأحكام قانون العمل، لذلك أقام دعواه الماثلة.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن البنك عقد وثائق تأمين على حياة جميع العاملين به بواقع قسط تأمين قدره 15% من المرتب الإجمالي للموظف (المرتب الأساسي + علاوة غلاء المعيشة يتحمل منه الموظف 5% ويتحمل البنك 10%، ويحتفظ بملكية وثائق التأمين على الحياة، ويستحق الموظف عند تقاعده، لبلوغه السن القانونية المقررة لترك الخدمة، مكافأة يبلغ مجموع قيمتها بعد إضافة مبلغ التأمين الذي عقده البنك على حياته مبلغ يعادل المرتب الأساسي لثلاثة أشهر ونصف أو المرتب الإجمالي لشهرين وربع عن كل سنة من سنوات الخدمة أيهما أكبر، ولا يجوز للموظف أو المستحقين من ورثته المطالبة بهذه المكافأة وبمكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها في قانون العمل، ما دامت الأولى مساوية أو زائدة عن الثانية، كما أخذ البنك اعتباراً من 1/ 1/ 1962 بنظام معاش الشيخوخة وهذا المعاش يقابل المكافأة القانونية المنصوص عليها في قانون العمل، وللموظف عند تقاعده، أن يختار بين نظام المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول من اللائحة أو معاش الشيخوخة المنصوص عليه في الباب الثاني منها، فإذا اختار المعاش فإن البنك يلتزم بدفع الفرق بين المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية إلى الموظف أو المستحقين عنه على أن يخصم من هذا الفرق مبلغ يحسب بواقع 2% من مرتبه السنوي عن كل سنة اشتراك في التأمين.
ويودع البنك الأموال اللازمة لمقابلة التزاماته الناشئة عن تطبيق لائحة الاستخدام والمكافآت في حساب خاص يطلق عليه "احتياطي مكافآت التقاعد".
واعتباراً من 1/ 1/ 1964 طبق البنك على العاملين نظام معاش الشيخوخة المنصوص عليه في القانون رقم 63 لسنة 1964، والذي حل محل نظام معاش الشيخوخة المنصوص عليه في الباب الثاني من لائحة الاستخدام والمكافآت، بيد أن مجلس إدارة البنك قرر استمرار العمل بنظام المكافآت الخاصة المنصوص عليه في الباب الأول من اللائحة وتخفيفاً عن العاملين بعد أن التزموا بسداد قدراً من اشتراكات التأمين طبقاً للقانون رقم 63 لسنة 1964، قرر البنك أن يتولى سداد قسط التأمين كله (15%)، وطبقاً للمادتين (19)، (20) من قرار رئيس الجمهورية رقم 989 لسنة 1967، قام البنك بتحويل احتياطي المعاش للمؤمنين عليهم الموجودين بالخدمة في 31/ 3/ 1964 لحساب مدد خدمتهم السابقة على هذا التاريخ في المعاش، إلا أنه لم يقرر إلغاء القاعدة التي تضمنتها أحكام اللائحة والتي مؤداها أنه لا يجوز المطالبة بمكافأة نهاية الخدمة القانونية المنصوص عليها في قانون العمل علاوة على المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول من اللائحة ما دامت هذه المكافأة الأخيرة مساوية أو تزيد عن الأولى، وأن البنك يلتزم في حالة صرف المعاش بأن يدفع الفرق بين المكافأة المنصوص عليها في الباب الأول من اللائحة وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية وبحلول نظام المعاش المقرر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 محل نظام معاش الشيخوخة المنصوص عليه باللائحة لا يؤدي إلى إلغاء القاعدة المتقدمة، ومن ثم فإن قيام البنك بصرف الفرق بين مكافأة نهاية الخدمة الخاصة بالعاملين بالبنك وبين مكافأة نهاية الخدمة القانونية المنصوص عليها في قانون العمل، فإنه يكون قد التزم حكم القانون وتغدو دعوى المدعي غير قائمة على سند من القانون حرية بالرفض، وإذ قضى الحكم الطعين بذلك فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويضحى الطعن قائماً على غير سند من القانون حرياً بالرفض، ويلزم الطاعن، والحالة هذه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 593 لسنة 35 ق جلسة 30 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 107 ص 941

جلسة 30 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: عويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامي الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(107)

الطعن رقم 593 لسنة 35 قضائية

عاملون مدنيون - ترقيات - ضوابط الترقية بالاختيار - وجوب الالتزام بقيد الأقدمية إذا كانت الترقية تتم بالاختيار وتقوم على الصلاحية.
المادة (37) من القانون رقم 47 لسنة 1978 في شأن نظام العاملين المدنيين بالدولة - والمستبدلة فقرتها الرابعة بالقانون رقم 34 لسنة 1992.
إذا كانت الترقية تتم بالاختيار، والتي تقوم على الصلاحية فإن مناط صحة القرار، الصادر بها الالتزام بذلك القيد الذي حرصت كل نظم التوظف على النص عليه وهو عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير ظاهر الكفاية بمعنى أنه إذا تساويا في مضمار الصلاحية والكفاية فإنه يتحتم ترقية الأقدم - تحديد مضمون الصلاحية كشرط للترقية بالاختيار - والذي يثبت للعامل بحصوله على تقديري كفاية متتالين بمرتبة ممتاز عن السنتين الأخيرتين ويفضل العامل الحاصل على ثلاث تقارير بمرتبة ممتاز وعند التساوي في مرتبة الكفاية يرقى الأقدم. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 30/ 1/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السادة: محافظ كفر الشيخ، ووكيل الوزارة بمديرية الزراعة بكفر الشيخ، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها برقم 593 لسنة 35 ق ضد السيد/.....، في حكم محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) بجلسة 1/ 12/ 1988 في الدعوى رقم 5695 لسنة 4 ق، والقاضي:
أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيته...... خصماً في الدعوى منضماً للجهة الإدارية.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 758 لسنة 1986 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام الشئون الزراعية بمديرية الزراعة بمحافظة كفر الشيخ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وطلبت في ختام تقرير الطعن ولما تضمنه من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ ثم تعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً، مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الإدارة المصروفات.
وتحددت جلسة 9/ 10/ 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 15/ 12/ 1995 المسائية، إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 10/ 2/ 1996 وفيها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/..... أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات والترقيات) الدعوى رقم 5695 لسنة 40 ق، ضد السيدين محافظ كفر الشيخ، ووكيل الوزارة بمديرية الزراعة بكفر الشيخ، بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 15/ 9/ 1981، طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 758 لسنة 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير عام للزراعة بكفر الشيخ، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال في بيان أسانيد دعواه أنه حاصل على بكالوريوس العلوم الزراعية سنة 1960، وعين بتاريخ 11/ 9/ 1960 بمديرية الزراعة بالدقهلية، ثم نقل إلى مديرية الزراعة بكفر الشيخ في شهر سبتمبر سنة 1979، وتدرج في الترقي حتى شغل وظيفة مدير إدارة الإنتاج الحيواني من الدرجة الأولى وأنه فوجئ بصدور قرار السيد/ رئيس مجلس الوزراء رقم 758 بتاريخ 26/ 6/ 1986 بترقية السيد/...... مديراً عاماً للزراعة بمحافظة كفر الشيخ، برغم أنه يلي المدعي في أقدمية الدرجة الأولى، ولا يزيد عن المدعي في الكفاية، فتظلم بتاريخ 30/ 7/ 1986 من هذا القرار، لأنه تخطاه في الترقية بالمخالفة لنص المادة (36) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978، ولما لم يتلق رداً على تظلمه، لذلك فهو يقيم دعواه بغية الحكم له بطلبه.
وبصحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة بتاريخ 12/ 12/ 1987 ومعلنه اختصم المدعي كلاً من السيدين رئيس مجلس الوزراء، ووزير الزراعة، ليسمعا الحكم بطلباته الواردة بصحيفة الدعوى.
وبجلسة المرافعة المنعقدة بتاريخ 5/ 5/ 1988، طلب السيد/..... في مواجهة المدعي والحاضر عن الحكومة، قبول تدخله في الدعوى منضماً إلى الجهة الإدارية في طلب رفض الدعوى، وأثبت ذلك في محضر الجلسة.
وبجلسة 1/ 12/ 1988 أصدرت محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات أو الترقيات) حكمها المطعون فيه، وشيدت قضاءها بقبول تدخل المطعون على ترقيته/.... خصماً منضماً في الدعوى للجهة الإدارية، على أساس أنه له مصلحه في هذا التدخل بحسبانه المطعون على ترقيته. أما قضاؤها بقبول الدعوى شكلاً فقد أقامته على أن قرار المطعون فيه صدر بتاريخ 26/ 6/ 1986 وتظلم منه المدعى بتاريخ 30/ 7/ 1986، وأقام دعواه بتاريخ 15/ 9/ 1986 ومن ثم تكون مقبولة شكلاً أما قضاؤها في موضوع الدعوى فقد بني على أساس أنه ولئن كان المدعي والمطعون على ترقيته قد اتحدا في مرتبة الكفاية (ممتاز) في السنوات الثلاثة السابقة على صدور القرار المطعون فيه، ويتحدان في تاريخ الترقية إلى الدرجة الأولى وهو 15/ 10/ 1983، إلا أن المدعي سبق المطعون في ترقيته في ترتيب أقدمية الدرجة الأولى، إذ أن المدعي ترتبيه الرابع بين المرقين إلى الدرجة الأولى بالقرار رقم 784 لسنة 1983 بينما المطعون على ترقيته ترتيبه الثامن والعشرون، ومن ثم يكون المدعي هو الأحق والأجدر بالترقية إلى الوظيفة محل النزاع، ويكون القرار المطعون فيه إذ تخطاه في الترقية إلى هذه الترقية إلى هذه الوظيفة قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام الشئون الزراعية بمحافظة كفر الشيخ مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك لأن الثابت أن وظيفة مدير عام الزراعة بمحافظة كفر الشيخ، المتنازع عليها هي وظيفة واحدة، يتطلع إليها كل من المدعي بهذه الدعوى، وكذلك المدعي في الدعوى رقم 5490 لسنة 40 ق، وأن المحكمة قضت في كل دعوى من الدعويين بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي كل مدعٍ في الترقية إلى هذه الوظيفة الأمر الذي يثير نزاعاً أمام الجهة الإدارية بشأن كيفية تنفيذ الحكمين باعتبار أن الأحكام نسبية الأثر فإعمال أحدهما بشغل الوظيفة محل النزاع يجعل الحكم الآخر مستحيل التنفيذ، مما كان يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطلوب فيه إلغاء مجرداً لتعيد جهة الإدارة نشاطها في ترتيب أقدمية المدعيين والمطعون على ترقيته بما يتفق وحكم القانون ثم تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين المدعيين في الدعويين إذ أنه لم تجر مفاضلة بينهما مطلقاً.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي يسبق المطعون على ترقيته في ترتيب الأقدمية بين شاغلي الدرجة الأولى وأنه لا يقل عنه في مرتبة الكفاية إذ أن كل منهما حاصل في تقارير الكفاية الثلاثة السابقة على صدور قرار الترقية المطعون فيه على مرتبة ممتاز، فمن ثم فإن القرار المطعون فيه وإذ رقى الأحدث وترك الأقدم الذي لا يقل عنه كفاية يكون قد صدر بالمخالفة لنص المادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، مما يتعين معه الحكم بإلغائه فيما تضمنه من تخطى المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام الزراعة بكفر الشيخ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بهذا فإنه يكون قد صادف حكم القانون، ولا وجه لما تذهب إليه الجهة الإدارية في طعنها من أنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يقضي بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً، ذلك لأن قضاء الحكم المطعون فيه بالطعن الماثل بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي (المطعون ضده) في الترقية إلى وظيفة مدير عام الزراعة بكفر الشيخ، لا يمنع محكمة القضاء الإداري من أن تحكم كذلك - في الدعوى رقم 5490 لسنة 40 ق المقامة من السيد/..... طعناً على ذات قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 758 لسنة 1986، بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تخطي المدعي فيها في الترقية إلى ذات الوظيفة، والحكم في الدعويين (5490، 5695 لسنة 40 ق) على هذا النحو ليس فيه أي تعارض ولا مساس فيه بحجية كل منهما، لأن أثر حكم الإلغاء النسبي يقتصر على إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مخالفة قائمة عند إصدار الحكم تتحدد في تخطي المدعي عند الترقية تخطياً مخالفاً للقانون أما تنفيذ مقتضى أحكام الإلغاء النسبي فيما لو تعددت وكانت الوظيفة محل الترقية وظيفة واحدة لا تتسع لكل من صدرت لصالحهم هذه الأحكام إنما يرجع إلى الجهة الإدارية لتجريه بترقية الأولى بالترقية من هؤلاء وفقاً لأحكام القانون ولا يصلح هذا لإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً، ذلك لأن مناط إلغاء القرار المطعون فيه في الدعويين لم يكن عيباً قانونياً بما يشوب القرار ويبطله من أساسه، إنما هو في الدعويين نسبي أي خاص بشخص كل من المدعيين، وبناء على ذلك يغدو الطعن الماثل غير قائم على سند من القانون، مما يستوجب الحكم برفضه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعن 1735 لسنة 39 ق جلسة 26 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 106 ص 937

جلسة 26 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، ود. حمدي محمد أمين الوكيل - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(106)

الطعن رقم 1735 لسنة 39 القضائية

دعوى - عوارض سير الخصومة - انتهاء الخصومة - النزول عن الحكم.
المادة (145) من قانون المرافعات.
المادة (145) من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 - النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به - مؤدى هذا النص - عودة المراكز والأوضاع القانونية التي رتبها الحكم المتنازل عنه إلى سابق وضعها الذي كانت عليه قبل رفع الدعوى وصدور الحكم المتنازل عنه بحيث يعود المحكوم له الذي تنازل عن الحكم إلى مركزه القانوني الذي كان عليه قبل صدور الحكم - تنازل الطاعن عن الحكم الصادر لصالحه ينهي النزاع في الطعن - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 8/ 3/ 1993 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 1735 لسنة 39 ق. ع وذلك طعناًَ على الحكم الصادر من دائرة التسويات بمحكمة القضاء الإداري بجلسة 25/ 1/ 1993 في الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق. الذي قضى بإلغاء قرار الجهة الإدارية برفض إنهاء خدمة الطاعن للاستقالة وإعطائه شهادة تفيد ذلك وخلو طرفه ومدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به وإثبات تنازله عن الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق. وما يترتب على ذلك من آثار وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وبعد تحضير الطعن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني فيه انتهى لأسبابه إلى عدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعن المصروفات وبجلسة 13/ 4/ 1994 نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن وأمامها أودعت الحكومة مذكرة بدفاعها كما قدم الطاعن مذكرة وخمسة مستندات وبجلسة 7/ 6/ 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة (موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 7/ 1995، وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 25/ 1/ 1993 وكان الطعن قد أقيم في 8/ 3/ 1993 فإنه يكون مقاماً خلال الميعاد المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وإذا استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقاً للثابت بالأوراق المودعة ملف الطعن في أن الطاعن أقام بتاريخ 8/ 10/ 1987 الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري للحكم له بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إصدار قرار بإنهاء خدمته وإعطائه شهادة بذلك وخلو طرفه ومدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة 8/ 2/ 1988 قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار سالف الذكر وبتاريخ 31/ 3/ 1988 أقامت الإدارة الطعن رقم 1442 لسنة 34 ق. ع. أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) للحكم لها بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الشق العاجل من الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق. المشار إليه وفي الموضوع بإلغائه والحكم في الدعوى بصفة أصلية بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبصفة احتياطية برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومن قبيل الاحتياط الكلي برفض الدعوى وبجلسة 3/ 4/ 1990 حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية في الطعن وألزمت المطعون ضده المصروفات استناداً إلى أن الطاعن/....... قد تقدم إلى الإدارة بطلب مؤرخ 6/ 4/ 1988 أبدى فيه رغبته في إيقاف تنفيذ الحكم الصادر لصالحه مما مفاده أنه قد تنازل صراحة عن الحكم الصادر والذي أقيم بشأنه الطعن رقم 1442 لسنة 34 ق. ع وأن الإدارة قد أفادت بتسلمه العمل وأنه يترتب على ذلك اعتباره متنازلاً عن الحكم الصادر لصالحه وبالتالي عن الحق الثابت به وأن الإدارة قبلت هذا التنازل، وبعد أن صدر هذا الحكم أصدرت محكمة القضاء الإداري المطعون فيه في موضوع الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه أساساً على أنه عدل عن الاستقالة عدولاً فعلياً وأنه مستمر في العمل وأنه حصل على علاوته الدورية وعلى علاوة تشجيعية وفقاً للمستندات المقدمة منه وأن ذلك يجعل الحكم مخالفاً للواقع لأنه بني على عزوفه عن العمل وأن لذلك يطالب بإلغائه وبإثبات تنازله عن الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق. التي صدر فيها الحكم.
ومن حيث إن طلبات الطاعن إنما تسفر في حقيقتها عن تنازل عن الحكم الصادر لصالحه في موضوع الدعوى رقم 147 لسنة 42 ق وإذ سبق أن قبلت الإدارة تنازله عن الحكم الصادر لصالحه في الشق العاجل من تلك الدعوى وفقاً للثابت بأسباب الحكم الصادر في الطعن رقم 1442 لسنة 34 ق. ع، وكانت قد مكنته من الاستمرار في العمل الأمر الذي ينم عن قبول صريح لتنازله عن الحكم الصادر في موضوع الدعوى وإذ تنص المادة 145 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 على أن (النزول عن الحكم يستتبع النزول عن الحق الثابت به) وكان من مقتضى هذا النص عودة المراكز والأوضاع القانونية التي رتبها الحكم المتنازل عنه إلى سابق وضعها الذي كانت عليه قبل رفع الدعوى وصدور الحكم المتنازل عنه بحيث يعود المحكوم له الذي تنازل عن الحكم إلى مركزه القانوني الذي كان عليه قبل صدور الحكم، ولما كان الأمر كذلك وكان تنازل الطاعن عن الحكم الصادر لصالحه إنما ينهي النزاع في الطعن، فإنه يتعين الحكم بانتهاء النزاع مع إلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بانتهاء النزاع وألزمت الطاعن المصروفات.

الأربعاء، 5 فبراير 2025

الطعن 6759 لسنة 81 ق جلسة 16 / 4 / 2018 مكتب فني 69 ق 82 ص 605

جلسة 16 من أبريل سنة 2018
برئاسة السيـد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الصبور خلف الله، مجدى مصطفى، على جبريل ورفعـت هيبة نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(82)
الطعن رقم 6759 لسنة 81 القضائية
(1) بيع " آثار عقد البيع : التزامات البائع : الالتزام بتسليم المبيع " .
الالتزام بتسليم المبيع . التزام بتحقيق غاية . الوفاء به . وقوعه على عاتق البائع . ماهيته . وضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . المادتان 431 ، 435 /1 مدنى .
(3،2) قوة قاهرة " شروطها " .
(2) السبب الأجنبي للإعفاء من المسئولية . ماهيته . قوةٌ قاهرة أو حادثٌ فجائيٌ أدى إلى استحالة تنفيذ المدين لالتزامه . توافره . شرطه . عدم إمكان توقعه مطلقًا واستحالة دفعه . إشارة الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله . كفايتها لاعتباره ممكن التوقع . عدم علم المدين بهذه الظروف . شرطه . عدم إخفائها على الشخص شديد اليقظة والتبصر . المواد 165 ، 215 ، 373 مدني .
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بالزام الطاعن برد السيارة محل العقد دون دليل على استلامها ورفض طلبه بالزام البنك المطعون ضده بالتعويض عن فسخ العقد تأسيساً على استحالة تنفيذ الأخير لالتزاماته لسبب أجنبي رغم عدم توافر شروطه. خطأ وفساد . علة ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادتين 431، 435 /1 مدني يدل على أن البائع يلتزم بتسليم المبيع للمشترى، والتسليم الذى يعتبر وفاءً بهذا الالتزام وطريقًا لانقضائه هو وضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . وذلك الالتزام هو التزام بتحقيق غاية يقع على عاتق البائع إثبات الوفاء به فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا أثبت هو تسليم المبيع.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن المقصود بالسبب الأجنبي في مفهوم نصوص المواد 165، 215، 373 من التقنين المدني والذى يصلح سببًا قانونيًّا للإعفاء من المسئولية هو الأمر الذى لا يدَّ للمدين فيه وأدى إلى استحالة تنفيذ الالتزام، وهو لا يكون إلا قوةً قاهرةً أو حادثًا فجائيًا ويشترط فيه عدم إمكان التوقع واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الأمر صفة السـبب الأجنبي، ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يقع وفقًا للمألوف من الأمور بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله، كما لا يلزم أن يكون المدين على علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على الشخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوافر السبب الأجنبي يجب أن يكون مطلقًا لا نسبيًا فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي.
3- إذ كان الطاعنُ قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البنك المطعون ضده لم يوف بالتزامه بتسليم السيارة المبيعة دون أن ينازع البنك في ذلك ويقدم الدليل على وفائه بهذا الالتزام إلَّا أن الحكم المطعون فيه افترض بغير دليل استلام الطاعن السيارة المبيعة وألزمه بردها، كما اعتنق ما ذهب إليه البنك من أن استحالة تنفيذ التزامه بتسليم الطاعن الإفراج الجمركي عن السيارة واللازم لاستخراج الترخيص بتسييرها ناشئ عن سبب أجنبي لا يدَّ له فيه هو الاستغناء عن هذا الإفراج – دشته – لفوات ما يزيد على خمس وعشرين سنةً على صدوره في حين أن مرور هذه المدة الطويلة لا يجعل في الاستغناء عنه أمرًا متوقعًا فحسب بل هو الاحتمال الأقرب للمجرى العادي للأمور، ومن ثم لا يعدُّ من قبيل القوة القاهرة التي تصلح سببًا قانونيًا لإعفاء البنك من المسئولية عما لحق الطاعن من أضرار نتيجة انفساخ العقد بسبب استحالة تنفيذ ذلك الالتزام ويكون البنك مسئولًا عن تعويض هذه الأضرار . وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكليَّة.
وحيثُ إنَّ الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسار الأوراق – في أن الطاعن أقام الدعوى ... لسنة 2010 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك المطعون ضده برد مبلغ خمسين ألف جنيه ثمن السيارة المبيعة إليه بالمزاد الذى أجراه البنك المطعون ضده و 5% خبرة تثمين ومثلها قيمة ضريبة مبيعات، 55% رسوم رقابة تجارية وإلزامه بغرامة تأخير مائة جنيه عن كل يوم تأخير من 12/12/2007 حتى الفصل فى الدعوى وعشرة ملايين جنيه تعويضًا عما حاق به من أضرار، وقال شارحًا دعواه : إنه اشترى السيارة المبينة بالأوراق من المطعون ضده بالمزاد الذى أجراه البنك وسدد الثمن كاملًا إلَّا إنه تعذر عليه نقل ملكية السيارة لتقاعس البنك عن تسليمه السيارة والإفراج الجمركي الخاص بها مما ألحق به أضرارًا مادية وأدبية، ومن ثم أقام الدعوى . حكمت المحكمة بفسخ عقد المزايدة المؤرخ 23/12/2007 وإلزام البنك المطعون ضده برد خمسين ألف جنيه وأداء مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه كتعويض مادي وأدبي. استأنف المطعونُ ضده هذا الحكم برقم ... لسنة 127 ق القاهرة والطاعن برقم ... لسنة 127 ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين وقضت بتاريخ 23/2/2011 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبإلزام الطاعن برد السيارة بالحالة التى كانت عليها والتأييد فيما عدا ذلك . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعنُ على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – أمرت استعمالًا لحقها المخول بالمادة 263/5 من قانون المرافعات – باستبعاد السبب الثاني من سببي الطعن لعدم قبوله، وحددت جلسة لنظر السبب الأول التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من سببي الطعن الفساد فى الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلزامه برد السيارة المبيعة كأثر لفسخ عقد المزايدة موضوع الدعوى رغم أنه تمسك في دفاعه بأنه لم يتسلمها دون أن ينازع البنك المطعون ضده في ذلك، كما رفض طلبه بالتعويض عما لحقه من أضرار استنادًا إلى أن استحالة تنفيذ البنك لالتزاماته ناشئة عن سبب أجنبي رغم عدم توافر شروطه، مما يعيب الحكم، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعي في محله، ذلك بأنه لما كان النص في المادة 431 من التقنين المدني على أنه :- " يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشترى بالحالة التي كان عليها وقت البيع " . وفى الفقرة الأولى من المادة 435 منه على أنه :- " يكون التسليم بوضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ... " يدل على أن البائع يلتزم بتسليم المبيع للمشترى، والتسليم الذى يعتبر وفاءً بهذا الالتزام وطريقًا لانقضائه هو وضع المبيع تحت تصرف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق . وذلك الالتزام هو التزام بتحقيق غاية يقع على عاتق البائع إثبات الوفاء به فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا أثبت هو تسليم المبيع. وكان المقصود بالسبب الأجنبي في مفهوم نصوص المواد 165، 215، 373 من التقنين المدني والذي يصلح سببًا قانونيًا للإعفاء من المسئولية هو الأمر الذى لا يدَّ للمدين فيه وأدى إلى استحالة تنفيذ الالتزام، وهو لا يكون إلا قوةً قاهرةً أو حادثًا فجائيًا ويشترط فيه عدم إمكان التوقع واستحالة دفعه، فإذا تخلف أحد هذين الشرطين انتفت عن الأمر صفة السبب الأجنبي، ولا يلزم لاعتباره ممكن التوقع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يقع وفقًا للمألوف من الأمور بل يكفى لذلك أن تشير الظروف والملابسات إلى احتمال حصوله، كما لا يلزم أن يكون المدين على علم بهذه الظروف إذا كانت لا تخفى على الشخص شديد اليقظة والتبصر لأن عدم إمكان التوقع اللازم لتوافر السبب الأجنبي يجب أن يكون مطلقًا لا نسبيًا فالمعيار في هذه الحالة موضوعي لا ذاتي. لمَّا كان ذلك، وكان الطاعنُ قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البنك المطعون ضده لم يوف بالتزامه بتسليم السيارة المبيعة دون أن ينازع البنك في ذلك ويقدم الدليل على وفائه بهذا الالتزام إلَّا أن الحكم المطعون فيه افترض بغير دليل استلام الطاعن السيارة المبيعة وألزمه بردها، كما اعتنق ما ذهب إليه البنك من أنَّ استحالة تنفيذ التزامه بتسليم الطاعن الإفراج الجمركي عن السيارة واللازم لاستخراج الترخيص بتسييرها ناشئٌ عن سبب أجنبي لا يدَّ له فيه هو الاستغناء عن هذا الإفراج – دشته – لفوات ما يزيد على خمس وعشرين سنة على صدوره فى حين أن مرور هذه المدة الطويلة لا يجعل فى الاستغناء عنه أمرًا متوقعًا فحسب بل هو الاحتمال الأقرب للمجرى العادي للأمور، ومن ثم لا يعدُّ من قبيل القوة القاهرة التى تصلح سببًا قانونيًا لإعفاء البنك من المسئولية عما لحق الطاعن من أضرار نتيجة انفساخ العقد بسبب استحالة تنفيذ ذلك الالتزام ويكون البنك مسئولًا عن تعويض هذه الأضرار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبًا بالفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه فيما قضى به من إلزام الطاعن برد السيارة المبيعة ورفض طلب الطاعن تعويضه عما لحقه من أضرار بسبب انفساخ عقد المزايدة موضوع الدعوى.
وحيثُ إنَّ الموضوع صالحٌ للفصل فيه، ولِمَا تقدم، وكان الحكم المستأنف قد أقام قضاءه بإلزام البنك بالتعويض الذي قدره على ثبوت الخطأ في جانبه وعلاقة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذي أصاب الطاعن وهي الأركان اللازمة لقيام المسئولية التقصيرية فلا يعيبه وصف خطأ البنك بأنه خطأ عقدي مادام أن ذلك لم يؤثر في النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها، ومن ثم يتعين تأييده في هذا الخصوص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1692 لسنة 36 ق جلسة 26 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 105 ص 929

جلسة 26 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، ود. حمدي محمد أمين الوكيل - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(105)

الطعن رقم 1692 لسنة 36 القضائية

قرار إداري - تعريفه - نفاذه - القرارات المعلقة على شرط.
القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين ممكن وجائز قانوناً حالاً ومباشرة ابتغاء تحقيق المصلحة العامة - مقتضى ذلك - نفاذ القرارات الإدارية من تاريخ صدورها - هذه القاعدة لا تصدق على إطلاقها إلا في حالة القرارات البسيطة - القرارات المعلقة على شرط فإن نفاذها وتحقق آثارها مرهون بتحقيق الشرط الذي علق عليه القرار وإذا كانت الشروط موقفة أو فاسخة فإن معظم الشروط في القرارات الإدارية هي شروط موقفه تؤدي إلى تأجيل أثر القرار متى تحقق الشرط - الأصل - سواء كان القرار معلق على شرط موقف أو فاسخ فيجب أن يكون الشرط مشروعاً - إذا كان الشرط غير مشروع بطل الشرط وبقى القرار سليماً منتجاً لآثاره إلا إذا كان الشرط هو الدافع الرئيسي للقرار - هذه مسألة موضوعية يقدرها القاضي في كل حالة على حده - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9/ 4/ 1990 أودع الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاًَ عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد برقم 1692 لسنة 36 ق. ع وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري دائرة الجزاءات في الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق بجلسة 5/ 2/ 1990 الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة المصروفات وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهى إلى عدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 15/ 1/ 1992 وأثناء المرافعة أمامها قدم الطاعن مستندين ومذكرة وبجلسة 6/ 1/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 9/ 3/ 1993 وقد تداولت الدائرة الأخيرة نظر الطعن على الوجه المبين بالأوراق بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 26/ 10/ 1993 قررت إعادتها إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الطعن قدمت الهيئة تقريراً انتهى للأسباب الواردة به إلى قبول الطعن شكلاً وإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الإدارة المصروفات.
وقد قدم الطاعن أثناء المرافعة أحد عشر مستنداً وقدم الجهاز المطعون ضده مذكرتين وثلاثة مستندات وبجلسة 28/ 11/ 1995 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم وبجلسة اليوم 26/ 3/ 1996 صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 5/ 2/ 1990 وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن أنه كان مقيماً بالخارج في هذا التاريخ ولم يعد إلا في 19/ 8/ 1990 فإن ميعاد الطعن المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يمتد لمدة ستين يوماً عملاً بنص المادة 17 من قانون المرافعات وإذ أقام الطاعن طعنه في 9/ 4/ 1990 فإنه يكون مقاماً خلال الميعاد، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق للحكم له بإلغاء القرار الصادر من الجهاز المطعون ضده برقم 235 وتاريخ 21/ 12/ 1986 فيما تضمنه من إنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 9/ 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع إلزام الإدارة المصروفات وذلك استناداً إلى أنه يعمل بالجهاز بوظيفة مراجع وأن الجهاز رخص له بإجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوجة المعارة للمملكة العربية السعودية لمدة عام من 1/ 9/ 1984 حتى 31/ 8/ 1985 كما وافق الجهاز على تجديد هذا الترخيص لمدة عام ثان من 1/ 9/ 1985 حتى 30/ 8/ 1986 وبسبب تجديد إعارة زوجته فإنه طلب تجديد إجازته لمدة عام ثالث وأخطره الجهاز بكتابه رقم 1799 المؤرخ 1/ 7/ 1986 بالموافقة المبدئية على هذا التجديد وأن الموافقة النهائية على التجديد معلقة بإقرار رسمي مصدق عليه ومعتمد بأنه لا يعمل بالخارج وكرر الجهاز هذا الإخطار برقم 1831 وبتاريخ 2/ 8/ 1986 رقم 2032 وبتاريخ 11/ 8/ 1986 ورقم 2245 وبتاريخ 1/ 9/ 1986 وذلك بالرغم من إرساله الإقرار المطلوب عند توثيقه في 27/ 8/ 1986 وتصديق وزارة الخارجية السعودية عليه وتصديق سفارة مصر بالمملكة السعودية عليه في 28/ 8/ 1986 ورغم أنه قدم إقراراً آخر موثقاً في 1/ 11/ 1986 ومصدق عليه من الخارجية السعودية والسفارة المصرية في 2/ 11/ 1986 على أن الإقرار السابق لم يصل إلى الجهاز ومع ذلك أخطره الجهاز على موطنه بالسعودية بالقرار المطعون فيه رقم 235 لسنة 1986 وبتاريخ 31/ 12/ 1986 بإنهاء خدمته اعتباراً من 1/ 9/ 1986 لانقطاعه عن العمل وأكد الطاعن في عريضة دعواه موفقة الجهاز على تجديد إجازاته للمرة الثالثة تعد موافقة نهائية لأن القرار الإداري يعتبر نافذاً بمجرد صدوره ولأن القرار صدر من وكيل الجهاز المفوض في إصدار مثل هذا القرار بقرار رئيس الجهاز رقم 11 لسنة 1984 ولأنه حصل بناء على تلك الموافقة على تصريح السفر في 28/ 5/ 1986 ولأن الشرط الذي علقت عليه الموافقة النهائية قد تحقق بتقدمه بالإقرار المطلوب والذي يفيد بأنه لا يعمل بالخارج، كما أوضح الطاعن أن قرار إنهاء خدمته لم يسبقه إنذار على الوجه الوارد بالمادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز، وقدم الطاعن لإثبات دعواه صوراً من قرار منحه الإجازة للعام الأول وقرار تجديدها للعام الثاني والمكاتبات الخاصة بطلب الإقرار سالف الذكر والإقرارين اللذين قدمهما نزولاً على هذا الطلب وقرار إنهاء خدمته وقرار إنهاء إعارة زوجته الصادر في 18/ 2/ 1987 والتظلم الذي قدمه بعد صدور القرار المطعون فيه.
ورداً على الدعوى أكد الجهاز أنه لم يوافق على تجديد إجازة الطاعن للعام الثالث وأن الطاعن كان ملزماً بتسلم العمل في 1/ 9/ 1986 تاريخ انتهاء إجازته للعام الثاني وأنه لم يعد إلى العمل بالرغم من إنذاره، كما أنه تعاقد للعمل بإحدى الجمعيات بالسعودية لمدة عامين ينتهيان في 31/ 8/ 1988 وقدم الجهاز صورة من هذا العقد وصورة من إقرار المدعي بأنه غير مرخص له بالعمل أثناء إجازته الخاصة.
وبجلسة 5/ 2/ 1990 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً واستندت في هذا الرفض إلى أن لائحة العاملين بالجهاز الصادرة في 6/ 7/ 1975 أجازت في المادة رقم 55 منح هؤلاء العاملين إجازة لمرافقة الزوج ولم يلزم رئيس الجهاز بمنح تلك الإجازة وأن إجازة الطاعن انتهت في 1/ 9/ 1986 لعدم تقديمه ما يفيد عدم عمله بالخارج ولتقديمه صورة عقد عمل تثبت تعاقده مع إحدى الجمعيات بالسعودية ولأن الجهاز أنذره في 27/ 10/ 1986 وبرقم 2801 بالعودة لاستلام العمل وإلا اتخذ الإجراءات القانونية قبله كما أخطره قبل ذلك برقياً في 20/ 10/ 1986 بالعودة لاستلام العمل ولأن الطاعن اعترف بتلك البرقية في تظلمه المقدم في 7/ 3/ 1987.
ومن حيث عن الطعن يقوم على أن أوراق الدعوى خلت من البرقية التي استند إليها الحكم وأن الحكم لم يحدد عبارات تلك البرقية وما إذا كانت قد انطوت على تحديد للإجراءات التي ينوي الجهاز اتخاذها ضده، وأن هذا الحكم لم يناقش نهائية قرار الموافقة على منحه الإجازة الصادر في 1/ 7/ 1986 والذي حصل بموجبه على إذن السفر كمرافق لزوجته ومحرم لها بالمملكة السعودية وأكد الطاعن أن الجهاز أقام قراره المطعون فيه بإنهاء خدمته على أساس أنه منقطع عن العمل استناداً على قرينة الاستقالة الضمنية في حين أن موافقة الجهاز على الإجازة تنفي تلك القرينة، وأضاف الطاعن أن الحكم أثبت تقدمه بإقرارين موثقين يفيدان عدم علمه بالخارج ثم قرر أن إجازته انتهت في 1/ 9/ 1986 لعدم تقدمه بما يفيد عمله بالخارج وأن الحكم لم يناقش المصلحة العامة التي استهدفها الجهاز من الرجوع عن موافقته على منح الطاعن الإجازة وأكد أن قرار إنهاء خدمته قد صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة بالرغم من أن لائحة العاملين بالجهاز لم توجب على رئيس الجهاز الموافقة على منح إجازة مرافقة الزوج هذا وقد قدم الطاعن تأييداً لطعنه القرارين الصادرين بمنحه الإجازة لمدة عامين، وطلب الإجازة للعام الثالث وقرار تجديد إعارة زوجته لمدة عام ثالث ينتهي في 16/ 8/ 1987 وموافقة الجهاز مبدئياً على منحه الإجازة للعام الثالث وإخطار الجهاز له في 27/ 10/ 1986 بعدم الموافقة وقرار إنهاء خدمته وتجديد إعارة زوجته للعام الرابع وإخطار الجهاز له في 15/ 4/ 1987 برفض تظلمه.
ومن حيث إن الجهاز المطعون ضده قد رد على الطعن بأن إنذار الطاعن قبل إنهاء خدمته ثابت من واقع الأوراق وأن هذا الإنذار أرسل برقياً في 20/ 10/ 1986 وأرسل كتابة في 27/ 10/ 1986 برقم 2801 وأن الإنذار الأخير أشار إلى حكم المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز وذكره الطاعن في حافظة المستندات المقدمة منه بجلسة 22/ 11/ 1994 الأمر الذي يدل على وصوله إليه وعلمه به، وأودع الجهاز تأييداً لدفاعه صوراً من البرقية والإنذار السالف ذكرهما وصورة في تظلم الطاعن من القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه قد صدر في 31/ 12/ 1986 وكان المدعي قد أقر في تظلمه المؤرخ 7/ 3/ 1987 بأنه علم بهذا القرار في 18/ 2/ 1987 وكان الجهاز لم يثبت علم الطاعن بالقرار في تاريخ سابق، وإذ تظلم منه في 7/ 3/ 1987 ثم أقام الدعوى رقم 3340 لسنة 41 ق. في 8/ 4/ 1987 طالباً إلغاء القرار فإن تلك الدعوى تكون قد أقيمت خلال الميعاد المحدد لإقامتها.
ومن حيث إنه لما كان القرار الإداري هو إفصاح جهة الإدارة في الشكل الذي يحدده القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين ممكن وجائز قانوناً حالاً ومباشرة ابتغاء تحقيق المصلحة العامة وكان مقتضى ما تقدم هو نفاذ القرارات الإدارية من تاريخ صدورها إلا أن هذه القاعدة لا تصدق على إطلاقها إلا في حالة القرارات البسيطة، أما القرارات المعلقة على شرط فإن نفاذها وتحقق أثارها مرهون بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار وإذا كانت الشروط موقفة أو فاسخة فإن معظم الشروط في القرارات الإدارية هي شروط موقفه تؤدي إلى تأجيل أثر القرار حتى تحقق الشرط والأصل أنه إذا ما علق القرار الإداري على شرط سواء كان موقفاً أو فاسخاً فإن الشرط يجب أن يكون مشروعاً، فإذا كان الشرط غير مشروع بطل الشرط وبقى القرار سليماً منتجاً لآثاره إلا إذا كان الشرط هو الدافع الرئيسي للقرار وهى مسألة موضوعية يقدرها القاضي في كل حالة على حدة.
ومن حيث إنه بتطبيق الأصول المتقدمة في خصوص النزاع فإن الثابت بالأوراق أن جهة الإدارة قد وافقت على منح الطاعن إجازة لمرافقة الزوجة للعام الثالث وعلقت قرارها هذا على شرط واقف هو أن يتقدم الطاعن بإقرار يفيد بأنه لا يعمل بالخارج وإذا كان الثابت أن هذا الشرط قد تحقق بالإقرار الذي قدمه الطاعن في 27/ 8/ 1986 فإن الشرط الذي علق عليه قرار منح الطاعن الإجازة يكون قد تحقق فيرتب بالتالي آثاره القانونية ومن ثم فإنه ما كان يجوز إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد تعاقد للعمل بالخارج في 31/ 8/ 1986 بعد أن أصبح قرار منحه الإجازة نافذاً بتحقق الشرط الذي علق عليه القرار لأن هذه الواقعة وإن صلحت سبباً لإنهاء خدمة الطاعن لالتحاقه بالعمل بخدمة جهة أجنبية دون إذن وفقاً لنص المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز فإنه لا أثر لها في صحة القرار الصادر بمنح الإجازة أو في نفاذه بعد أن تحقق الشرط الذي علق عليه في تاريخ سابق على تلك الواقعة وغني عن البيان أنه لا يجوز للمحكمة أن تقيم القرار على سبب آخر غير السبب الدافع لجهة الإدارة لإصدار القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه وقد ثبت أن القرار المطعون فيه غير قائم على سببه فإنه يكون خليقاً بالإلغاء وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون من المتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 235 لسنة 1989 المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت المطعون ضده بصفته المصروفات.

الطعن 12241 لسنة 75 ق جلسة 6 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 26 ص 221

جلسة 6 من فبراير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ جرجس عدلي نائـب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ معتز أحمد مبروك، محمد منصور، حازم شوقي ومنصور الفخراني نواب رئيس المحكمة.
---------------
(26)
الطعن رقم 12241 لسنة 75 القضائية
(2،1) حجز " الحجز الإداري : الحجز التحفظي على مال الممول لاستيفاء دين الضريبة " .
(1) حق رئيس مصلحة الضرائب في إصدار أمر بتوقيع الحجز التحفظي على مال الممول المدين لاستيفاء الضرائب منه . مؤداه . عدم جواز التصرف في المال المحجوز عليه . استثناء. رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة . علة ذلك . م 171 من ق 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل .
(2) ثبوت توقيع الحجز التحفظي على عقار التداعي . مؤداه . عدم جواز التصرف فيه إلا بعد رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس مصلحة الضرائب . قضاء الحكم المطعون فيه باكتساب المطعون ضده الأول ملكية عقار التداعي بشهر عقد شرائه مغفلاً أثر الحجز التحفظي الموقع عليه من مصلحة الضرائب وتسجيله . خطأ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادة 171 من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل – المنطبق على واقعة الدعوى أن المشرع – استثناءً من قانوني المرافعات والحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 – قد منح رئيس مصلحة الضرائب سلطة استثنائية بتخويله الحجز التحفظي بأمر منه على أي مال من أموال الممول المدين التي يرى استيفاء الضرائب منها تحت أي يد كانت ولو لم تكن الضريبة قد ربطت عليه وذلك بالقدر الكافي لاستيفاء حقوق الخزانة العامة، وقد قصد المشرع بمنح ذلك الحق لرئيس مصلحة الضرائب إلى المحافظة على حقوق الخزانة العامة بإجراء سريع كلما لاح له أي خطر يوشك أن يعرضها للضياع، وتعتبر الأموال محجوزة بمقتضي هذا الأمر حجزاً تحفظياً ولا يجوز التصرف فيها إلا إذا رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة.
2– إذ كان البين من الأوراق أن مصلحة الضرائب أوقعت حجزاً تحفظياً على العقار محل التداعي لاستيفاء حقوق الخزانة العامة لدى المدين لها / ... وسجلته بتاريخ 13/8/1990 ومنذ ذلك التاريخ لا يجوز التصرف فيما تم الحجز عليه إلا بعد رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة ومن ثم فإن شراء المطعون ضده الأول لعقار التداعي وتسجيله يكون غير نافذ في مواجهة الجهة الحاجزة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن أمر الحجز وتسجيله لا أثر له على نقل الملكية وأن المطعون ضده الأول اكتسب ملكية العقار بشهر عقد شرائه برقم ... لسنة 92 قنا فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين بصفتيهما والمطعون ضده الثاني الدعوى التي قيدت برقم ... لسنة 2003 محكمة بندر قنا الجزئية بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للعقار المبين بالصحيفة والمملوك له بالمشهر رقم ... لسنة 1992 قنا وإلغاء كافة الإجراءات والحجوزات والتسجيلات الواقعة عليه من الطاعنين واعتبارها كأن لم تكن وكف منازعتهما له في الملكية . وقال بياناً لذلك إن الطاعنين أوقعا حجزاً تحفظياً على العقار محل التداعي وسجل برقم ... في 13/8/1990 على زعم أن مصلحة الضرائب تداين المفلس / ... على الرغم من أن الأخير ليس مالكاً للعقار . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره الأخير حكمت في مادة تنفيذ موضوعية بالطلبات بحكم استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم ... لسنة 24 ق قنا وفيه قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أيد الحكم المستأنف في قضائه بإجابة المطعون ضده الأول لطلباته على أن الحجز الموقع من مصلحة الضرائب على العقار محل التداعي وتسجيله لا أثر له على نقل الملكية للمطعون ضده الأول الذى سجل عقد شرائه له برقم ... لسنة 1992 قنا في حين أن مصلحة الضرائب أوقعت الحجز التحفظي على العقار وتم تسجيله برقم ... في 13/8/1990 واعتباراً من هذا التاريخ فإن ما يرد عليه عقب ذلك من تصرفات يكون غير نافذ في حق المصلحة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن النص في المادة 171 من القانون 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل - المنطبق على واقعة الدعوى - على أن "إذا تبين لمصلحة الضرائب أن حقوق الخزانة العامة معرضة للضياع فلرئيسها استثناء من أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه أن يصدر أمراً بحجز الأموال التي يرى استيفاء الضرائب منها تحت أية يد كانت وتعتبر الأموال محجوزة بمقتضى هذا الأمر حجزاً تحفظياً ولا يجوز التصرف فيها إلا إذا رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة أو كانت قد مضت أربعة أشهر من تاريخ توقيع الحجز دون إخطار الممول بمقدار الضريبة طبقاً لتقدير المأمورية المختصة ..." مفاده أن المشرع استثناءً من قانوني المرافعات والحجز الإداري رقم 308 لسنة 1995 قد منح رئيس مصلحة الضرائب سلطة استثنائية بتخويله الحجز التحفظي بأمر منه على أي مال من أموال الممول المدين التي يرى استيفاء الضرائب منها تحت أي يد كانت ولو لم تكن الضريبة قد ربطت عليه وذلك بالقدر الكافي لاستيفاء حقوق الخزانة العامة، وقد قصد المشرع بمنح ذلك الحق لرئيس مصلحة الضرائب إلى المحافظة على حقوق الخزانة العامة بإجراء سريع كلما لاح له أي خطر يوشك أن يعرضها للضياع وتعتبر الأموال محجوزة بمقتضى هذا الأمر حجزاً تحفظياً ولا يجوز التصرف فيها إلا إذا رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن مصلحة الضرائب أوقعت حجزاً تحفظياً على العقار محل التداعي لاستيفاء حقوق الخزانة العامة لدى المدين لها / ... وسجلته بتاريخ 13/8/1990 ومنذ ذلك التاريخ لا يجوز التصرف فيما تم الحجز عليه إلا بعد رفع الحجز بحكم من المحكمة أو بقرار من رئيس المصلحة ومن ثم فإن شراء المطعون ضده الأول لعقار التداعي وتسجيله يكون غير نافذ في مواجهة الجهة الحاجزة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن أمر الحجز وتسجيله لا أثر له على نقل الملكية وأن المطعون ضده الأول اكتسب ملكية العقار بشهر عقد شرائه برقم ... لسنة 92 قنا فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1052 لسنة 36 ق جلسة 26 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 104 ص 921

جلسة 26 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فاروق علي عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلي فكري حسن صالح، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(104)

الطعن رقم 1052 لسنة 36 القضائية

تأديب - واجبات العامل - احترام الرئيس وطاعته - الاعتراض على تعليمات الرئيس المخالفة للقانون - حكمه.
من الأمور المسلم بها في مجال التأديب أنه لا تثريب على الموظف إن كان معتداً بنفسه واثقاً من سلامة نظره أن يبدي ما يعن له من ملاحظات تتعلق بالعمل أمام رئيسه - يجب أن يظل ملتزماً بما تقتضيه علاقته برئيسة من التزام حدود الأدب واللياقة وحسن السلوك الذي يستلزمه واجب الطاعة للرؤساء واحترامهم - طاعة الرؤساء لا تعفي العامل من المسئولية عما نسب إليه من مخالفات بناء على أوامر الرؤساء ما لم يثبت أن العامل قد اعترض كتابة التعليمات إلا أن الرئيس تمسك بوجهة نظره - لا يشترط في هذا الاعتراض شكلاً معيناً وإنما يكفي أن تشير إليه الأوراق والقرائن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 24/ 2/ 1990 أودع الأستاذ/...... المحامي المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعن بالتوكيل الخاص رقم 259 لسنة 1990 توثيق الواسطى - قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 1052 لسنة 36 ق ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعي في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 26/ 12/ 1989 في الطعن التأديبي رقم 1 لسنة 23 ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضده والذي قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وببراءته مما نسب إليه مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدم الطاعن مذكرة نعى فيها على الحكم المطعون عليه مخالفة القانون حيث خالف لائحة الجزاءات المعمول بها بالبنك المطعون ضده كما نعى على هذا الحكم بكونه مشوباً بالفساد في الاستدلال ذلك لأن توقيع مدير البنك ضامناً إنما يؤكد أنه كان يرفض طرق منحه القرض إلا أن المدير هو الذي تحمل مسئولية الصرف باعتباره رئيساً له فضلاً عن كونه المسئول الأول في هذا الشأن الأمر الذي كان يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه - وقدم البنك المطعون ضده مذكرة طلب فيها رفض الطعن تأسيساً على ما ورد بالحكم المطعون عليه وتقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن خاصة وأنه لم يثبت أن الطاعن اعترض على تصرف مدير البنك بالصرف بطريق الخطأ وبجلسة 7/ 12/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 7/ 3/ 1995 وأحيل الطعن إلى المحكمة وتدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم البنك المطعون ضده مذكرتي دفاع ردد فيهما ما ورد بمذكرة دفاعه المقدمة أمام فحص الطعون وتقرر بالحكم جلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو مبين بالأوراق تخلص في أن الطاعن أقام الطعن التأديبي رقم 1 لسنة 23 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 96 لسنة 1987 فيما تضمنه من مجازاته بخصم شهر من راتبه مع حرمانه من الراتب المصرفي لمدة شهر وإبعاده عن أعمال العهدة والأعمال المالية وذلك استناداً إلى أنه كان يعمل صراف خزينة بفرع الواسطى التابع لبنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة بني سويف تأسيساً على ما نسب إليه بمعرفة اللجنة المشكلة لبحث أعمال الفرع من صرف قرض باسم أحد المواطنين مع تواجده بالخارج حيث أحيل إلى النيابة الإدارية التي انتهت إلى ثبوت المخالفة المشار إليها في حقه وطلبت مجازاته وآخر تأديبياً حيث صدر القرار محل الطعن حيث تظلم في هذا القرار وانتهت لجنة التظلمات إلى تخفيض الجزاء ليكون بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وقد نعى الطاعن على القرار الصادر بمجازاته بمخالفته للواقع والقانون ذلك لأن الثابت بالأوراق أن مدير البنك (بنك قرية أطواب مركز الواسطى) والذي هو رئيسه في العمل قد وقع على إيصال الصرف باعتباره ضامناً وقد قام العميل بسداد قيمة القرض كاملة وفي ختام عريضة الطعن التمس إجابته إلى طلباته.
وبجلسة 26/ 12/ 1989 حكمت المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وأقامت المحكمة التأديبية قضاءها على أن الثابت في التحقيقات وتقرير اللجنة المشكلة لمراجعة أعمال المسئولين ببنك قرية أطواب مركز الواسطى أنه قد صرف قرض تسمين عجول لعميل موجود خارج البلاد من استعمال خاتمه في التوقع على الأوراق وأن الطاعن قام بصرف قيمة القرض لمدير البنك دون توكيل وأن العميل قام بسداد قيمة القرض وبالتالي فإن المخالفة التي جوزي بسببها الطاعن تكون ثابتة في حقه ولا ينال من ذلك ما تذرع به الطاعن في أن قام بصرف قيمة القرض لمدير الفرع بناء على أوامره كان عليه الاعتراض على هذا الأمر كتابة ومن ثم فإن ذلك لا ينهض لإعفائه من المسئولية وأنه ولئن كانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن لا تندرج في عداد المخالفات المنصوص عليها بلائحة الجزاءات إلا أن للمحكمة التأديبية سلطة الجزاء المناسب ومن ثم فإن الجزاء الموقع على الطاعن بخصم خمسة عشر يوماً وهو ما تطمئن هذه المحكمة بمناسبته للمخالفة الثابتة في حق الطاعن بما تقضي معه برفض الطعن.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون عليه للقانون تأسيساً على:
(1) أثبت الحكم المطعون عليه أن المخالفة المنسوبة إليه لا تندرج تحت أي بند من بنود المخالفات الواردة بلائحة الجزاءات المعمول بها بالبنك المطعون عليه الأمر الذي كان يتعين معه القضاء ببطلان القرار المطعون فيه.
(2) أن الحكم المطعون عليه وقد انتهى إلى أن توقيع مدير البنك تحت بصمة خاتم العميل لا تعتبر بمثابة الأمر الكتابي فإنه لا يكون قد صادف صحيح القانون هذا فضلاً عن مطابقة صرف السلفة للإجراءات السابقة لصرف مماثلة كما أن توقيع مدير البنك على إيصال الصرف أقوى من التوكيل الذي يقوم بتحريره ويعتمده مدير البنك طبقاً لما يجري عليه العمل.
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أنه بمناسبة ما تلاحظ لبنك التنمية والائتمان الزراعي بمحافظة بني سويف من وجود مبالغ مستحقه السداد لقروض تم منحها عن طريق بنك قريرة أطواب مركز الواسطى لبعض العملاء فقد صدر القرار رقم 63 لسنة 1985 بتشكيل لجنة لتحديد مسئولية مدير بنك القرية وغيره من المختصين حيث أعدت تلك اللجنة تقريراً أوردت به بعض المخالفات التي وقعت من العاملين بالبنك المشار إليه ومن بينها أعداد ملف قرض تسمين عجول لعميل يدعى/....... من ناحية ميدوم مركز الواسطى مع صرف قيمة القرض رغم تواجده خارج البلاد ثم إجراء تحقيق إداري تبين منه أنه قد تم صرف هذا القرض بمبلغ 3600 جنيه بناء على إجراءات أعدها مدير بنك القرية وأن صراف الخزينة (الطاعن) قام بالصرف بدون توكيل مع التوقيع بخاتم العميل على استمارات الصرف وقد قام بالعمل المذكور بتقديم شكوى المختصمة على هذا الإجراء كما قام بسداد القرض وفوائده وأصدر رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان ببني سويف قراراً بوقف الطاعن باعتباره صراف القرية الذي قام بالصرف بالمخالفة للأصول الواجب مراعاتها وكذا وقف مدير هذا البنك وأخطرت النيابة العامة لإعمال شئونها فيما تكشف من مخالفات بالبنك كما أخطرت النيابة الإدارية التي أجرت تحقيقاً في هذا الشأن فانتهت منه إلى طلب مجازاة مدير بنك قرية أطواب مركز الواسطى لما ثبت في حقه من مخالفات مع طلب مجازاة باقي العاملين إدارياً ومن بينهم الطاعن لما نسب إليه بصفته صراف خزينة بنك قريرة أطواب قام بصرف قيمة القرض الممنوح باسم السيد/..... لمدير البنك وعليه تم صدور قرار بمجازاة الطاعن بخصم أجر شهر من راتبه ثم خفض هذا الجزاء بناء على تظلم الطاعن إلى مجازاته بخصم أجر خمسة عشر يوماً من راتبه.
ومن حيث إنه لما سبق يكون القرار المطعون فيه قد بني على ما نسب إلى الطاعن من قيامه بصرف قيمة القرض الممنوح لأحد العملاء ببنك القرية بعد التوقيع بخاتم العميل.
ومن حيث إن الثابت من أقوال مدير بنك القرية الذي يعمل به الطاعن بتحقيقات النيابة الإدارية أن المجلس الشعبي المحلي لقرية مبدوم قد قرر الاستمرار في صرف مستلزمات الإنتاج للعملاء غير المتواجدين بصفة مستمرة بالناحية طالما كانت زوجاتهم أو أولادهم يديرون زراعتهم أو مشاريعهم الحيوانية وتم التوقيع على إجراءات القروض بالخاتم الخاص بكل منهم طبقاً لبصمات الأختام المودعة بالبنك كما وأن الثابت من أقوال الطاعن بتلك التحقيقات أن مدير بنك القرية باعتباره رئيساً له في العمل قدم له إيصال تسليم قيمة القرض وطلب منه صرف قيمته لأن العميل مريض وملازم الفراش وذلك استناداً إلى التوقيع بخاتم العميل وأن اعترض على ذلك شفاهة إلا أن مدير البنك أصر على موقفه الأمر الذي حدا به (الطاعن) أن يطلب من المدير التوقيع على إيصال الصرف كضامن.
ومن حيث إن التحقيقات جاءت خالية مما يفيد إجراء مواجهة بين الطاعن ومدير البنك للوقوف على ما إذا كان الطاعن قد اعترض شفاهة على الصرف أم لا وسبب توقيع مدير البنك على إيصال الصرف بجانب خاتم العميل.
ومن حيث إنه لما سبق يكون مقطع النزاع هو ما إذا كان توقيع مدير بنك القرية على إيصال استلام قيمة القرض بجانب بصمة خاتم العميل يفيد أن الطاعن قد اعترض على صرف قيمة القرض أم لا.
ومن حيث إنه من الأمور المسلم بها في مجال التأديب من أنه لا يترتب على الموظف إمكان معتداً بنفسه واثقاً من سلامة نظره أن يبدي ما يعن له من ملاحظات تتعلق بالعمل أمام رئيسه على أن يظل ملتزماً بما تقضيه علاقته برئيسه من التزام حدود الأدب واللياقة وحسن السلوك الذي يستلزمه واجب الطاعة للرؤساء واحترامهم ومن ثم فإنه ولئن كانت طاعة الرؤساء لا تعفي العامل من المسئولية عما نسب إليه من مخالفات بناء على أوامر الرؤساء ما لم يثبت أن العامل قد اعترض كمثابة على تلك التعليمات إلا أن الرئيس تمسك بوجهة نظره إلا أن هذا الاعتراض المكتوب لا يشترط فيه شكلاً معيناً وإنما يكفي أن تشير إليه الأوراق والقرائن بحيث إذا كانت الأوراق وتقطع بأن العامل قد اعتراض على تعليمات الرئيس المخالفة إلا أن الرئيس تمسك بوجهة نظره بأن وقع في مثل الحالة المماثلة على إيصال الصرف بجانب بصمة خاتم العميل فإنه لا يكون هناك ما يلزم العامل في مثل هذه الحالة أن يعد مذكرة تتضمن وجهة نظره ثم يثبت رئيسه وجهة نظره بحسبان ذلك إغراقاً في أمور شكلية لا مبرر لها ولا تستلزمه ظروف الحال ويمثل خروجاً على واجب التوقير للرؤساء والمساس بهيبتهم وبناء على ما سبق وفي ضوء أقوال مدير بنك القرية بتحقيقات النيابة الإدارية في أن المجلس المحلي لقرية ميدوم قرر الاستمرار في صرف القروض للعملاء غير المتواجدين طالما كانت لهم زراعة أو مشروعات تسمين حيوانات يديرها أولادهم أو زوجاتهم وتم التوقيع على أوراق صرف القرض بخاتم هؤلاء العملاء يكون توقيع مدير بنك القرية على إيصال صرف قيمة القرض بجانب بصمة خاتم العميل قاطع الدلالة في أن الطاعن قد اعتراض على تعليمات رئيسه بالصرف إلا أن هذا الرئيس تمسك بوجهة نظره الأمر الذي حدا بالطاعن أن يطلب منه التوقيع بجانب بصمة خاتم العميل ومن ثم فلا يكون هناك مسئولية على الطاعن في هذا الشأن بما يغدو معه القرار الصادر بمجازاته غير قائم على سبب يبرره وبالتالي مخالفاً للقانون وإذ ذهب الحكم المطعون عليه غير هذا المذهب فإنه يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعون التأديبية معفاة من الرسوم القضائية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلغاء القرار الصادر بمجازاة الطاعن بخصم أجر خمسة عشر يوماً من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار.

الطعن 1893 لسنة 35 ق جلسة 26 / 3 / 1996 إدارية عليا مكتب فني 41 ج 1 ق 103 ص 903

جلسة 26 من مارس سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: د. محمد عبد السلام مخلص، ود. حمدي محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(103)

الطعن رقم 1893 لسنة 35 القضائية

تأديب - التحقيق الجنائي وأثره في المجال التأديبي - مبدأ استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية.
التحقيق الجنائي الذي تجريه النيابة العامة فيما هو منسوب إلى العامل من اتهام يقع تحت طائلة قانون العقوبات يصلح أساساً لاستخلاص المخالفات التأديبية قبله وتوقيع الجزاء الإداري المناسب عنها - شروط ذلك - أن يتناول الوقائع التي تشكل الذنب الإداري في حق العامل وسمعت أقواله وحقق دفاعه بشأنها - لا عبرة بما انتهت إليه النيابة العامة من قرارات بالحفظ على قيام المسئولية التأديبية عن ذات الفعل الجنائي - أساس ذلك - استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية - استثناء من ذلك - إذا كان قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم ثبوت الاتهام ففي هذه الحالة ينعدم سبب القرار التأديبي - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 4/ 1989 أودع الأستاذ/..... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1893 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى التأديبية رقم 12 لسنة 30 ق - بجلسة 8/ 3/ 1989 والقاضي "بمجازاة المحال الأول... بعقوبة الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.." وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما هو منسوب إليه، وما يترتب على ذلك من آثار.
وقد أعلن الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بمجازاة الطاعن بحرمانه من نصف العلاوة الدورية، كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة / / 19 وقد تدول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص، حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 11/ 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 12 لسنة 30 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا شاملة ملف القضية رقم 321 لسنة 1986 شركات متضمناً أوراق ومذكرة تحقيق وتقرير اتهام ضد:...... - مدير فرع كهرباء المنصورة بشركة توزيع كهرباء الدلتا (درجة أولى) وآخرين لأنهم في غضون الفترة من 1/ 8/ 1983 وحتى 8/ 5/ 1986 بدائرة الشركة المذكورة بوصفهم السابق خرجوا على مقتضيات واجبات وظائفهم ولم يؤدوا الأعمال المنوطة بدقة وأمانة ولم يحافظوا على ممتلكات وأموال الشركة التي يعملون بها، ولم يحافظوا على كرامة وظيفتهم ولم يسلكوا المسلك اللائق بها وخالفوا ما نهى عنه قانون العقوبات:
الأول: (..........).
(1) ما طل في سداد قيمة استهلاك الكهرباء الخاص بمصنع غادة للمكرونة المملوك له مستغلاً في ذلك وظيفته كمدير لفرع الشركة بالمنصورة على النحو المبين بالأوراق.
(2) استغل وظيفته في التأثير على مرؤسيه في رفع العداد الخاص بالمصنع سالف الذكر بحجة عدم صلاحيته بغية الهروب من سداد قيمة استهلاك الكهرباء.
(3) وافق على ما انتهت إليه المخالفة الثالثة من توصيل الكهرباء لورثة.... وورثة.... مصنع....، رغم عدم سماح أحمال الأكشاك التي تم التوصيل عليها وإثبات أحمال أكشاك أخرى على خلاف الحقيقة مما عرض المحولات للحريق وضيع على الشركة قيمة المقايسات الفعلية لرفع قدره هذه المحولات.
(4) أشر بالموافقة على توصيل التيار الكهربائي لورثة...... رغم عدم سماح أحمال الكشك المطلوب التوصيل عليه وإثبات أحمال كشك أخر لإيهام لجنة الترشيد بسماح أحمال الكشك المطلوب التوصيل عليه.
(5) وافق على توصيل التيار الكهربائي لشقق بعض المواطنين منهم شقيقه رغم عدم سماح الأحمال التي تم التوصيل عليها مما عرض المحولات للحريق وأوضاع على الشركة قيمة المقايسات الفعلية لرفع قدرة المحولات.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكور وآخرين قد ارتكبوا المخالفة المالية المنصوص عليها بالمادتين 78/ 1، 4، 5 والمادة 80/ 1 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978، وطلبت محاكمتهم بالمادتين المشار إليهما، والمواد 82، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 - والأولى والثانية من القانون رقم 19 لسنة 1959 والمادة 14 من القانون ر قم 117 لسنة 1958 وبالمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 8/ 3/ 1989 قضت المحكمة التأديبية بمجازاة المحال الأول/.... بعقوبة الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة وأقامت قضاءها - بعد استعرض وقائع الموضوع على أساس ثبوت المخالفة الأولى والثانية والخامسة في حق المحال الأول (الطاعن) على النحو التالي:
عن المخالفة الأولى: وحاصلها أنه ما طل في سداد قيمة استهلاك الكهرباء الخاص بمصنع غادة للمكرونة المملوك له مستغلاً في ذلك وظيفته كمدير لفرع الشركة بالمنصورة فإنه لما كان الثابت من الأوراق أنه تم تركيب محول خاص بالمصنع المشار إليه وإطلاق التيار في 1/ 8/ 1983 وحرر عنه عقد في 9/ 10/ 1983 وتم تركيب العداد في 12/ 10/ 1983 وصدرت فواتير استهلاك بموجب إجراءات فعلية للعداد اعتباراً من فبراير سنة 1984 - ونظراً لوجود عطل بالعداد فقد تم رفعه على رقم (76801) كيلو وات/ ساعة في 27/ 10/ 1984 وقرر المعمل الهندسي بعدم صلاحية العداد ووجود نسبة زيادة وصلت (75.46%) بالعداد، وتم تركيب عداد جديد بمعرفة الفرع على رقم 1500 في 1/ 12/ 1984 وشكلت لجنة من الفرع في 28/ 2/ 1985 لتحديد متوسط الاستهلاك فقدرته بواقع (825) كيلو وات/ ساعة في الشهر، وكانت الشئون التجارية قد طالبت المحال باعتباره صاحب المصنع المتعاقد مع الشركة بسداد قيم الفواتير الصادرة قبل رفع العداد، وتلك الصدارة بعد رفع العداد وتقدير المتوسط، غير أنه امتنع عن السداد حتى رقم (16149) كيلو وات/ ساعة بالمقدار الجديد، ولم يسدد سوى مبلغ (207.785 جنيهاً) وقد ثبت للجنة فحص المخالفات المشار إليها بتقرير الجهاز المركزي للحاسبات، أن متوسط الاستهلاك للمصنع حوالي (5000) كيلو وات/ ساعة شهرياً، وتم حساب متوسطات الاستهلاك ومطالبة المحال بمبلغ (6118.470 جنيهاً) فقام بسداد مبلغ ثلاثة آلاف جنيه في 15/ 5/ 1986 ومبلغ 3500 جنيهاً في 22/ 5/ 1986 وأنه بمواجهة المحال بهذا الاتهام لم يقدم نفياً ثابتاً له بل وأكده شهادة كلاً من محصل قرية ميت بدر خميس، ورئيس إيرادات القرية، فإنهما عرضا الفواتير على المحال لسدادها وعلى والده مدير المصنع فرفض أكثر من عشرين مرة، كما شهد بذلك رئيس إيرادات مدينة المنصورة، ومن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقه وترى المحكمة معاقبته عنها تأديبياً.
وعن المخالفة الثانية: وحاصلها أن المحال الأول (الطاعن) استغل وظيفته في التأثير على مرؤسيه في رفع العداد الخاص بالمصنع سالف الذكر بحجة عدم صلاحيته بغية الهروب من سداد قيمة استهلاك الكهرباء، فإنه لما كان الثابت من الأوراق أن رفع عداد المصنع المشار إليه تم بمعرفة الفرع الذي يرأسه المحال ولم تخطر الإدارة التجارية بذلك إلا بعد تقرير المعمل الهندسي الذي انتهى على عدم صلاحية العداد ووجوب تغييره، حيث إنه يقرأ بزيادة مقدارها 75.46% مما اضطرت معه الإدارة التجارية إلى التنبيه بحساب التسوية الخاصة بالمصنع طبقاً للقواعد المعمول بها على أساس متوسط الاستهلاك محسوباً على أساس استهلاك الشهور التالية لتاريخ تركيب العداد الجديد، وقد تمت التسوية من لجنة مشكلة من العاملين بالفرع ولم تضم عضواً من الشئون التجارية واقتصرت على المهندس/...... والفني/...... وجميعهم من العاملين بفرع المنصورة، وقررت اللجنة أنه تم تركيب العداد الجديد في 1/ 12/ 1984 على قراءة (1500) كيلو وات، وتم اعتماد محضرها من المحال بالرغم من أنه المشترك بوصفه مالك المصنع، ثم ثبت للجنة فحص المخالفات أن متوسط الاستهلاك يصل إلى (6266) كيلو وات شهرياً ثم خفضت بعد ذلك بناء على تعليما ت رئيس القطاع إلى (5000) كيلو وات شهرياً، وإذ أن أعمال رفع العداد وحساب المتوسط الشهري للاستهلاك بعد تركيب العداد الجديد لا يدخل ضمن اختصاصات المحال، فمن ثم تكون المخالفة المنسوبة إليه ثابتة في حقه ولا حجة لما أبداه في هذا الصدد بالتحقيقات ومذكرة دفاعه من أن الإدارة التجارية طلبت رفع العداد لتحديد نسبة العلاقة العشرية عن طريق المعمل الهندسي الذي أثبت وجود خلل في العداد وأن العاملين الذين اشتركوا في رفع العداد أو في حساب متوسط الاستهلاك لا يعدون من مرؤسيه، وبالتالي فإنه لم يقم بالتأثير عليهم، ذلك أن ما قرره المحال في هذا الصدد جاءت فيه أقوال مرسلة مجردة من الدليل، ومتى كان ذلك فإن المحكمة ترى معاقبة المحال عن هذه المخالفة تأديبياً.
وعن المخالفة الخامسة: والتي حاصلها موافقة المحال (الطاعن) على توصيل التيار الكهربائي لشقق بعض المواطنين منهم شقة شقيقه رغم عدم سماح الأحمال التي تم التوصيل عليها مما عرض المحولات للحريق، وأضاع على الشركة قيمة المقايسات الفعلية لرفع قدرة هذه المحولات، الثابت من الأوراق أن المواطنين الذين تمت الموافقة لهم منه على توصيل التيار الكهربائي للإنارة قد تأشر على طلباتهم من المختصين بعدم سماح الأحمال وعلى الرغم من ذلك أشر بالموافقة دون إجراء مقايسة تعديل لرفع قدرة المحولات على حساب المشترك أو مالك العمارة. وأنه بمواجهة المحال الأول بهذا الاتهام قرر في التحقيقات أن ظروف الطلب هي التي أملت عليه الموافقة إذ أن السيد المحافظ طلب منه شفاهة التوصيل، فضلاً عن أن خطة التدعيم المقبلة كانت قد تضمنت تغيير محولاً (كشك بسيم) إلى (500 ك) بدلاً من (200 ك) وأن هناك ظروفاً لبعض المشتركين كما في الحالة الثانية إذ أن المشترك دكتور بالجامعة كان قادماً إلى المنصورة من ليبيا - ولم يبد دفاعاً مقبولاً في بقية الحالات. وإذ يقضي قرار شركة توزيع كهرباء الدلتا رقم 15 لسنة 1984 بعدم تجاوز الحمل لتصميم المحولات عن نسبة (80%) من قدرتها من أول يناير سنة 1985. واستمرار العمل به حتى صدور قرار لجنة السياسات بالشركة في 27/ 7/ 1987 برفع هذه النسبة إلى 100% من القدرة التصميمية للمحولات، وإذ وافق المحال على طلبات المشتركين الماثلة في ظل العمل بالقرار المذكور بالرغم من تجاوز الحمل التصميمي للمحولات التي تم التوصيل عليها بالنسبة 80% من القدرة التصميمية للمحرك، فمن ثم تكون المخالفة المنسوبة إليه ثابتة في حقه دون الاعتداد بدفاعه سالف الإشارة إليه - إذ كان يتعين عليه قبل الموافقة أجراء مقايسة تعديل لرفع قدرة المحولات على حساب المشتركين أو ملاك العقارات التي يقطن بها من تمت الموافقة لهم أو إرجاء النظر في هذه الطلبات حتى يتم تخفيف الأحمال من هذه المحولات التي تم التوصيل عليها. كما لا ينفي مسئولية المحال الأول عن هذه المخالفة صدور قرار لجنة السياسات - بالشركة برفع نسبة التحميل إلى 100% من القدرة التصميمية للمحولات اعتباراً من 27/ 7/ 1987، ذلك أنه كان يتعين عليه الالتزام بالقرارات الصادرة من الشركة والتي تمثل سياستها وعدم الخروج عليها، كذلك لا يدرأ المسئولية عنه عدم حدوث تلفيات للمحولات التي تم التوصيل عليها في الحالات المماثلة حسبما جاء بشهادة رئيس قطاع كهرباء الدقهلية بالتحقيقات، ذلك أن المحال يسأل عن المخالفة المرتكبة ولو لم يترتب عليها ضرر للجهة التي يعمل بها.
ومن حيث إنه لما كان هذا القضاء لم يلق قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل مؤسساً إياه على الأسباب الآتية: -
أولاً: إغفال الحكم المطعون فيه لأثر قرار النيابة العامة بحفظ جميع الاتهامات الموجهة للطاعن والتي من أجلها قدم للمحاكمة التأديبية.
ثانياً: تناقض الحكم المطعون فيه إذ برأ الطاعن من بعض الاتهامات استناداً لأساس قانوني أغفله عند إدانته في باقي الاتهامات، إذ جاء في أسباب الحكم ببراءة الطاعن من التهمتين الثالثة والرابعة (... وإذ المحال يشغل وظيفة مدير فرع كهرباء المنصورة لشركة توزيع كهرباء الدلتا وهى وظيفة إشرافية على ما يتبعه من العاملين مناطها اعتماد أعمال مرؤوسيه من الفنيين فإن مسئوليته تنحصر في اتخاذ التدابير اللازمة من الناحية الإشرافية دون الأعمال التنفيذية التي تتم بمعرفة العاملين تحت رئاسته والتي يتولون القيام بها.." وإذ سلم الحكم المطعون فيه بذلك فإن مؤداه أنه حيث تكون المخالفات الثلاثة التي أدين فيها تدخل في اختصاص إدارة أخرى غير إدارة الطاعن فإنه لا يجوز بداهة أن يسأل عنها.
ثالثاً: فساد الاتهامات التي أدين فيها الطاعن، فقد أدانت المحكمة الطاعن بأنه ماطل في سداد قيمة استهلاك الكهرباء الخاص بمصنع "غادة للمكرونة" المالك له مستغلاً في ذلك وظيفته كمدير لفرع الشركة بالمنصورة.. وهو اتهام باطل، فضلاً عن أنه يستحيل أن يشكل ذنباً تأديبياً ذلك أن مصنع المكرونة المذكور ليس مملوكاً للطاعن ولا يخضع لإدارته، وليس من شأن شغله وظيفة مدير فرع بالشركة أنه يملك نفوذ أو سيطرة ما على الإدارة التجارية المستقلة وهي التي تملك بجانب المطالبة القانونية سلطة قطع التيار عن المشترك المتخلف عن السداد وليس للطاعن أي سلطان على هذه الإدارة ولا على ما تملكه من إجراءات يجب عليها التزامها، وليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه أن هناك مطالبات متكررة وجهت إلى مصنع المكرونة أخذاً بشهادة المحصل المقصر على التفصيل الآتي: -
في حالة مماطلة أي مشترك في السداد تتخذ الإجراءات الآتية: -
( أ ) المطالبات المتكررة.
(ب) الإنذار بفصل التيار.
(ج) فصل التيار.
(د) رفع العداد.
(هـ) فسخ العقد.
(و) إبلاغ شرطة الكهرباء.
فإذا كانت الأوراق قد جاءت خالية مما يفيد إتباع الشركة لأي إجراء من هذه الإجراءات، فكيف يستساغ عقلاً ومنطقياً أن يوصم الطاعن بالمماطلة في السداد. ومما يؤكد حسن نية الطاعن في التعامل مع الشركة في قيمة الاستهلاك المطلوب منه أنه قام بسداد الحساب الخاص بمصنع المكرونة قبل أية تحقيقات ولمدة طويلة على النحو الموضح بالتحقيقات وأن الشركة قد قامت بمجازاة رئيس وحدة القوى المحركة بالمديرية نظراً لإهماله وتأخره في اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحصيل مبلغ 817.370 جنيهاً وهي قيمة الاستهلاك الخاص بالاشتراك رقم 160/ 54/ 1 وهو ذات الاشتراك الخاص بمصنع المكرونة موضوع الاتهام وهذا الجزاء ورد في القرار رقم 54 لسنة 1987 (مرفق بحافظة المستندات) وإذا فرض جدلاً وجود تأخير في مستحقات الشركة عن استهلاك المصنع موضوع الاتهام، فإن هذا التأخير لا يرجع إلى المتهم أو المماطلة المزعومة في السداد منه بل يرجع إلى عدم انتظام القراءة، عدم الدقة في المطالبة والخطأ في تسجيل القراءات مما استتبعه خطأ في الإصدار الأمر الذي ترتب عليه مراجعة حسابات المصنع وإلغاء عدد كبير من الفواتير لعدم مطابقتها للواقع، مما يقطع بأن التراخي في السداد لم يكن نتيجة مماطلة الطاعن وإنما بسبب إهمال موظفة الشركة الذين يتبعون إدارة الشئون التجارية المركزية التي بدورها تتبع مديرية الكهرباء بالدقهلية ولا تتبع فرع كهرباء المنصورة وبعيداً كل البعد عن اختصاصات الطاعن الذي يعمل مديراً للنواحي الفنية للفرع (فرع كهرباء المنصورة) وليست النواحي التجارية التابعة للإدارة المركزية - وفى التوصيف الوظيفي للهيكل الإداري للشركة (المرفق صورته) ما يؤكد عدم رئاسة الطاعن لأي من موظفي الشئون التجارية.
وأن ما أسماه الحكم المطعون فيه مطالبة، فهو خطاب لمدير الفرع بأن مديونات القوى المحركة في 31/ 1/ 1986 قد بلغت ما يزيد على المليون جنيه، ومعنى ذلك أن المتأخرات كبيرة ضخمة ولكنها لا تعني أن مطالبات فردية قد وجهت إلى المشتركين وهذه هي مسئولية الشئون التجارية التي لا يجوز أن يحاسب عنها الطاعن كأحد المشتركين.
رابعاً: أن رفع العداد الخاص بالمصنع محل التهمة - قد تم بناء على طلب الإدارة التجارية المركزية ضمن عديد من الطلبات الأخرى بذات المنطقة وتم تشكيل لجنة لمراجعة هذه العدادات، وقد قامت اللجنة المذكورة برفع العداد الخاص بالمصنع ضمن العدادات الأخرى أيضاً لشكلها في وجود خلل به، وقد أرسلت هذه العدادات للمعمل الهندسي (الذي يتبع ديوان عام المديرية) برئاسة رئيس قطاع كهرباء الدقهلية، ومن ثم لا يمكن نسبة هذا الاتهام إلى الطاعن لبعده تماماً عن كافة الإجراءات التي اتخذت في هذا الشأن، وفى المستند رقم (6) بالحافظة ما يقطع بأن المعمل الهندسي بالديوان العام هو المسئول عن فحص وتقرير صلاحية العدادات لكبار المشتركين بالقطاع الذي يتبع إدارة الاختبارات والوقاية بالديوان العام ولا يتبع فرع كهرباء المنصورة وإنما هو تحت رئاسة القطاع بالدقهلية ويستحيل أن ينال من حيدة الطاعن تشكيله للجنة الفنية إذ ذلك إجراء طبيعي لمن في موقعه.
خامساً: في خصوص الاتهام الخامس: فإنه لم يكن هناك أي قيد على المختصين بالفروع والإدارة العامة يلزمهم برفض طلبات المشتركين بسبب عدم سماح الأحمال، حيث إنه إذا كان هناك قيد فإنه يجب أن تبادر الجهة المختصة إلى تدعيم الشبكات لإجراء التوازن بين الأكشاك بما يؤدي إلى قبول طلبات المشتركين للإنارة وخلافه - وأنه في عام 1984 أصدرت الشركة القرارين رقمي 14، 15 وهذه القرارات تضمنت تحديد الأحمال حتى 80% في المدن، 85% في القرى وتم وضع هذه القرارات موضع التنفيذ الفعلي بفروع الشركة في أوائل سنة 1986، ثم عدلت نسبة الأحمال إلى 100% في كل من المدن والقرى بموجب قرار لجنة السياسات بالشركة الصادر بتاريخ 27/ 7/ 1987 وأشار هذا القرار إلى وصول حمل المحول إلى 100% لا يمثل أي خطورة على المحول، وبناء على ذلك فإنه قد تم توصيل التيار للحالات التي حددت بقرار الاتهام قبيل صدور هذه القرارات والتعليمات المنظمة للتوصيل والتي تخضع هذه التوصيلات لمدى سماح الأحمال من عون ولا يوجد بالأوراق ثمة ما يثبت وجود مثل هذه التعليمات وقت التوصيل وأن جميع هذه الحالات تم التوصيل لها في حدود سماح الأحمال وجميعها أقل من 100% حيث إن هذه النسبة لا تشكل خطورة وفقاً لما جاء بالمستندات المقدمة. أما بالنسبة لشقة الطاعن فهذه الشقة إحدى شقق عمارة سكنية مكونة من 16 شقة وتم التوصيل لعدد 14 شقة منها قبل التوصيل لشقة شقيق الطاعن والتي تمت في 23/ 8/ 1985 والتاريخ المشار إليه كان قبل صدور القرارات المنظمة، ومع ذلك كانت الأحمال في حدود المسموح قانوناً وأقل من 80% فضلاً عن أنه عند توصيل التيار للشقة الأخيرة الطلب رقم 17 فقد صدرت الموافقة له من الرئيس الأعلى للشركة (رئيس مجلس الإدارة) بتاريخ 26/ 10/ 1986 لهذه الشقة الأخيرة، وتضمنت هذه الموافقة الأخيرة أن حالة الأحمال تسمح ومن الجدير بالذكر أن شقة شقيق الطاعن كان رقم طلبها (15) فكيف تسمح الأحمال للطلب رقم 17 ولا تسمح لطلب قبله.
وأضاف الطاعن أن ما ورد بالاتهام الخامس بشأن تعرض المحولات للحريق وضياع قيمة المقايسات الفعلية على الشركة، فإنه لا توجد في الأوراق ما يفيد وقوع مثل هذا الحريق وهو ما أكده الحكم المطعون فيه نفسه بالنسبة لتبرئة الطاعن عن التهمة الثالثة استناداً إلى الشهادة التي قدمها الطاعن الصادرة من وكيل الوزارة رئيس قطاع الكهرباء بتاريخ 11/ 1/ 1988 كما أضاف الطاعن أن هناك عدم تناسب صارخ بين الاتهامات لو جاز جدلاً ثبوتها - وبين العقوبة التأديبية التي أوقعتها المحكمة التأديبية.
ومن حيث إنه من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن التحقيق الجنائي الذي تجريه النيابة العامة فيما هو منسوب إلى العامل من اتهام يقع تحت طائلة قانون العقوبات يصلح أساساً لاستخلاص المخالفات التأديبية قبله وتوقيع الجزاء الإداري المناسب عنها طالما أنه قد تناول الوقائع التي تشكل الذنب الإداري في حق العامل وسمعت أقواله وحقق دفاعه بشأنها. إلا أنه من ناحية أخري فإنه من المقرر أيضاً استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية، ومن ثم فلا عبرة بما انتهت إليه النيابة العامة من قرارات بالحفظ على قيام المسئولية التأديبية عن ذات الفعل الجنائي، إلا إذا كان قرار النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم ثبوت الاتهام، ففي هذه الحالة ينعدم سبب القرار التأديبي. لما كان ذلك، وكان الثابت من خلال تحقيقات النيابة العامة (قسم ثاني المنصورة) في المحضر رقم 4239 لسنة 1987 عن ذات الوقائع التي قدم عنها الطاعن إلى المحاكمة التأديبية في الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين، ومن تصرفها في هذا المحضر ثبوت ارتكاب الطاعن للمخالفة الإدارية الخامسة المنسوبة إليه ثبوتاً يقينياً بقيامه بالموافقة على توصيل التيار الكهربائي لعدد من القوى المحركة لبعض المشتركين بالمخالفة لأحكام قرار الشركة التي يعمل بها رقم 15 لسنة 198 4 رغم عدم سماح الأحمال واثبات أحمال على خلاف الحقيقة على طلب المقايسة المقدم من المشتركين وذلك لإيهام لجان الترشيد بسماح الحمل - والثابت من أوراق الطعن الماثل أن الطاعن لم يقدم دفعاً جدياً لهذا الاتهام سوى ما ردده من أقوال مرسلة خلاصتها أن هناك تعليمات شفهية من المحافظ المختص وظروف خاصة بأصحاب هذه الطلبات، الأمر الذي يتعين معه تقرير ثبوت هذا الاتهام قبل الطاعن، ولا مقنع فيما أبداه الطاعن من نفي له من حفظ النيابة العامة للمحضر المشار إليه، إذ الثابت من مطالبة قرار الحفظ أنه لم يستند إلى نفي الاتهام المشار إليه بل العكس تماماً فقد أيدت مذكرة النيابة العامة ثبوت الفعل المشار إليه، بيد أن النيابة العامة أوصت - بصفة الطاعن موظفاً عمومياً بمحاكمته تأديبياً دون المحكمة الجنائية لعدم إحداث فعله أية أضرار مالية بالشركة.
ومن حيث إنه عن الاتهام الأول، والذي يتمثل فيما نسب للطاعن من مماطلة في سداد قيمة استهلاك الكهرباء الخاص بمصنع مكرونة غادة المملوك له مستغلاً في ذلك وظيفته كمدير فرع لشركة المنصورة، فإنه مما يجدر التنويه إليه أن الشهادة التي قدمها الطاعن من غرفة صناعة الحبوب ومنتجاتها والتي ورد بها أن الشخص المقيد في سجلات العضوية عن مصنع مكرونة غادة الكائن في المنصورة - ميت بدر خميس وكذلك المدير المسئول عن المصنع حتى 7/ 6/ 1993 هو السيد/..... ومن بعد وفاته المهندس/..... لا يقطع بعدم ملكية الطاعن للمصنع المذكور أو عدم اشتراكه في إدارته وآية ذلك أن عقد توصيل الكهرباء للمصنع المذكور كان الطاعن طرفاً فيه بصفته مالكاً للمصنع - وبناء على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أنه تم تركيب محول خاص بالمصنع المشار إليه وإطلاق التيار في 1/ 8/ 1983 وحرر عنه عقد في 9/ 10/ 1983 وتم تركيب العداد في 12/ 10/ 1983 وصدرت فواتير استهلاك بموجب إجراءات فعلية للعداد اعتباراً من فبراير سنة 1984 ونظراً لوجود عطل بالعداد فقد تم رفعه على رقم (76801) كيلو وات/ ساعة في 27/ 10/ 1984 وتقرر عدم صلاحيته لوجود نسبة زيادة، وتم تركيب عداد جديد بمعرفة الفرع في 1/ 12/ 1984 وشكلت لجنة من الفرع في 28/ 2/ 1985 لتحديد متوسط الاستهلاك فقدرته بوقع (825) كيلو وات/ ساعة في الشهر، وكانت الشئون التجارية قد طالبت الطاعن باعتباره صاحب المصنع المتعاقد مع الشركة بسداد قيمة الفواتير الصادرة قبل رفع العداد وتلك الصادرة بعد رفع العداد وتقدير المتوسط، غير أنه امتنع عن السداد حتى رقم (16149) كيلو وات/ ساعة بالعداد الجديد ولم يسدد سوى مبلغ (207.785) جنيهاً وقد ثبت للجنة فحص المخالفات المشار إليها بتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات أن متوسط الاستهلاك للمصنع حوالي 5000 جنيه (خمسة آلاف كيلو وات/ ساعة) وتم حساب متوسطات الاستهلاكية ومطالبة الطاعن بمبلغ (6118.470 جنيهاً) ومن ثم قام بسداد مبلغ 3000 في 15/ 5/ 1986 ومبلغ 3500 جنيهاً في 22/ 5/ 1986 - وقد ثبت من الأوراق أن ثمة مطالبات كانت توجه إلى الطاعن لسداد قيمة الإيصالات في حينهاً، كما أنه لم يسدد أية مبالغ عن قيمة استهلاك كهرباء المصنع حتى بدأ التحقيق معه بالشركة على أثر تقديم لجنة فحص المخالفات لتقريرها في 6/ 5/ 1986 ومن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقه، ولا مقنع فيما أبداه الطاعن من أن تأخره في السداد يرجع إلى عدم انتظام القراءة للعداد وعدم الدقة في المطالبة الأمر الذي ترتب عليه إلغاء عدد من فواتير المصنع لعدم مطابقتها للواقع ذلك أن إلغاء الفواتير جاء على أثر تركيب العداد الجديد وحساب متوسط الاستهلاك من جانب اللجنة التي شكلها الفرع الذي يرأسه الطاعن ومن ثم أعيد حساب الاستهلاك الخاص بالمصنع، كما لا يسوغ الاحتجاج بأن الأوراق قد خلت من اتخاذ الإجراءات القانونية قبل المحال والتي تتدرج من المطالبة حتى فصل التيار ورفع العداد وفسخ العقد ذلك أن هذه الإجراءات يتم اتخاذها على مراحل تبدأ بالمطالبات المتكررة وذلك ثابت بالنسبة للواقعة الماثلة، ثم تأتي مرحلة الإنذار بفصل التيار وذلك ثابت من خطاب مدير الشئون المالية والتجارية المؤرخ 4/ 2/ 1986 إلى مدير فرع المنصورة (المحال) والمتضمن أن مديونيات القوى المحركة بالفرع في 31/ 1/ 1986 بلغت (138925 جنيهاً) لاتخاذ إجراءات التحصيل وتضمن بيان مديونية مصنع غادة للمكرونة وتم إخطار شرطة الكهرباء، كما تم إخطار الفرع بكتاب رئيس قطاع الدقهلية المؤرخ 12/ 1/ 1986 بأنه تحدد يوم 22/ 2/ 1986 موعداً لفصل التيار الكهربائي عن جميع مشتركي القوى المحركة المتأخرين في السداد ومن بينهم الطاعن وكل أولئك يقطع بثبوت المخالفة قبل الطاعن ويسوغ مساءلته تأديبياً حسبما انتهى إليه الحكم المطعون فيه بحق.
ومن حيث إنه عما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من إدانة الطاعن عن استغلال وظيفته في التأثير على مرؤوسيه في رفع العداد الخاص بالمصنع سالف الذكر بحجة عدم صلاحية بغية الهروب من سداد قيمة استهلاك الكهرباء، فإن تلك الإدانة قامت على أساس ما هو ثابت بالأوراق من أن رفع العداد المشار إليه قد تم بمعرفة الفرع الذي يرأسه الطاعن ولم تخطر الإدارة التجارية بذلك إلا بعد تقرير المعمل الهندسي الذي انتهى إلى عدم صلاحية العداد ووجوب تغييره مما اضطرت معه الإدارة التجارية إلى التنبيه بحساب التسوية الخاصة بالمصنع طبقاً للقواعد المعمول بها على أساس متوسط الاستهلاك محسوباً على أساس استهلاك الشهور التالية لتاريخ تركيب العداد الجديد، وقد تمت التسوية من لجنة مشكلة من العاملين بالفرع ولم تضم عضواً من الشئون التجارية واقتصرت على بعض العاملين بفرع المنصورة المرؤوسين للطاعن، وقررت اللجنة أنه قد تم تركيب العداد الجديد في 1/ 12/ 1984 على قراءة (1500) كيلو وات، وأن القراءة في 28/ 2/ 1985 كانت (3974) كيلو وات وبذلك يكون متوسط الاستهلاك (825) كيلو وات، وقد تم اعتماد محضرها من الطاعن بالرغم من أنه المشترك. بالإضافة إلى ذلك فقد ثبت للجنة فحص المخالفات أن متوسط الاستهلاك يصل إلى (6266) كيلو وات شهرياً خفضت بعد ذلك بناء على تعليمات رئيس القطاع إلى (5000 كيلو وات) شهرياً - وكما كانت أعمال رفع العداد وحساب المتوسط الشهري للاستهلاك بعد تركيب العداد الجديد لا تدخل ضمن الاختصاصات الوظيفية للطاعن وبالرغم من ذلك فقد أقحم نفسه في تسييرها وتوجيهها ومن ثم تكون المخالفة ثابتة في حقه مما يتعين مساءلته تأديبياً عنها.
ومن حيث إنه تأسيساً على جميع ما تقدم وكانت المخالفات المنسوبة للطاعن ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً، وكانت ولا شك تنطوي على إخلال جسيم بمقتضى الواجب الوظيفي وتمثل مسلكاً غير لائق، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى إدانة السلوك الوظيفي للطاعن ومن ثم مجازاته بالعقوبة التأديبية التي تتلاءم مع ما فرط منه من ذنب إداري فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه في غير محله خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاًَ.

الطعن رقم 29 لسنة 33 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 4 / 1 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من يناير سنة 2025م، الموافق الرابع من رجب سنة 1446هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 33 قضائية دستورية

المقامة من
شركة أتلانتيك إندستريز
ضد
1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس الشعـب (النواب حاليًّا)
4- وزيـر العدل
5- وزير التجارة والصناعة
6- وزير التجارة، بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تنمية التجارة الداخلية
7- رئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية
8- مدير الإدارة العامة للعلامات التجارية والملكية الصناعية
9- الممثل القانوني للشركة الوطنية للصناعات الغذائية (سونات)

---------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثاني والعشرين من فبراير سنة 2011، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدمت الشركة المدعى عليها التاسعة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على طلباتها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرة، تمسكت فيها بطلباتها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن الشركة المدعى عليها التاسعة أقامت الدعوى التي آل قيدها أمام محكمة القاهرة الاقتصادية برقم 289 لسنة 1 قضائية اقتصادية، ضد الشركة المدعية، وآخرين، طالبةً الحكم بصحة ونفاذ عقد الترخيص الحصري المؤرخ 23/ 2/ 1996، الصادر من شركة شويبس العالمية (شويبس إنترناشونال ليمتد) لصالحها باستعمال علامتها التجارية المسجلة بإدارة العلامات التجارية SCHWEPPES، الذي يجيز لها استخدام العلامة التجارية على نحو حصري في مصر لمدة ثماني سنوات، يجدد لمدد متتالية ومتتابعة، تقدر كل منها بخمس سنوات، وأن هذا الاتفاق يسري في حق الشركة المدعية باعتبارها خلفًا خاصًّا لشركة شويبس العالمية بمقتضى اتفاق لاحق على عقد الترخيص موضوع تلك الدعوى، وبمقتضاه منحتها شركة شويبس العالمية الحق في استغلال العلامة التجارية للشركة في قارة أفريقيا، وبتاريخ 26/ 10/ 2008، ورد خطاب من الإدارة العامة للعلامات التجارية، يفيد إنذار الشركة المُدعية لها بشطب قيد عقد الترخيص المؤرخ 23/ 2/ 1996، لكافة شهادات تسجيل العلامات التجارية شويبس الخاص بها؛ ومن ثم فقد أقامت دعواها الموضوعية بطلباتها السالفة. واجهت الشركة المدعية تلك الدعوى بدعوى فرعية ضد الشركة المدعى عليها التاسعة، طلبت فيها الحكم - وفق طلباتها الختامية- بإلزام الشركة المذكورة بإيقاف تعبئة منتجاتها، وبرفض الدعوى الأصلية. وفي أثناء نظر الدعوى، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (10) من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، والفقرة الثانية من المادة (95) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002، وهو الدفع الذي قدرت محكمة الموضوع جديته، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها - وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يتحدد بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة في صحيفة الدعوى الدستورية. لما كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (10) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008، ونص الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية المار ذكره، وصرحت لها محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه، إلا أنها قصرت دعواها أمام المحكمة الدستورية العليا على النص الأخير؛ ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى في هذا النص وحده، ولا يعد نص المادة (10) من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه مطروحًا على هذه المحكمة للفصل في دستوريته.
وحيث إن الفقرة الثانية من المادة (95) من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002، تنص على أنه لا يجوز لمالك العلامة إنهاء عقد الترخيص أو عدم تجديده إلا لسبب مشروع.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة -وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة. ومن ثم؛ فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون الضرر مباشرًا ومستقلًّا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه.
لما كان ذلك، وكانت جل مناعي الشركة المدعية تنصب على عدم دستورية ما تضمنه النص المطعون فيه من تأبيد لعقد استغلال العلامة التجارية، وكان العقد محل الدعوى الموضوعية، المبرم بتاريخ 23/ 2/ 1996، قد نص في المادة الرابعة منه على تحديد مدته الأصلية بثمانية أعوام، كما نص على تجديدها لمدد متتالية تجدد تلقائيًّا، مدة كل منها خمس سنوات، ومن ثم يكون مناط الضرر المدعى به عائدًا إلى نصوص ذلك العقد، وما اتفقت عليه إرادة طرفيه في خصوص مدة نفاذه، ويكون الفصل في شأن امتداد العقد لمدد متتالية دون تحديد، أو إنهائه لسبب مشروع، مسألة موضوعية يوسد أمرها إلى محكمة الموضوع، دون حاجة للفصل في دستورية النص المطعون فيه، الأمر الذي تنتفي معه المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المعروضة؛ وتبعًا لذلك تقضي المحكمة بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة