الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 سبتمبر 2024

الطعن 39 لسنة 45 ق جلسة 26 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 63 ص 302

جلسة 26 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدي، والدكتور عبد الرحمن عياد ومحمد الباجوري، وأحمد وهدان.

----------------

(63)
الطعن رقم 39 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

(1، 2، 3) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين" "الطلاق".
(1) وجوب صدور الأحكام في منازعات الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة وفق شريعتهم. المقصود بلفظ شريعتهم.
(2) أعمال المحكمة القواعد الخاصة بطائفة الأقباط الأرثوذكس التي ينتمي إليها الزوجان. استهداؤها بأحكام الشريعة الإسلامية دون أن يكون لذلك من أثر في قضائها. تزيد لا يعيب الحكم.
(3) العنة وفقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس. ماهيتها. العنة السابقة على الزواج. أثرها. بطلان العقد بطلانا مطلقا. العنة اللاحقة للزواج الصحيح. أثرها. للزوجة طلب التطليق. شرط ذلك.
(4، 5) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". محكمة الموضوع.
(4) استقلال محكمة الموضوع. بتقدير قيام المانع الطبيعي أو العرضي الذي لا يرجى زواله ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية. عدم خضوعها لرقابة محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(5) لا تثريب على المحكمة إن هي جزمت بما لم يقطع به تقارير الخبراء متى كانت وقائع الدعوى قد أبدت ذلك وأكدته.

-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما تقضي به الفقرة الثانية - المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من صدور الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة طبقا لشريعتهم، لا يقتصر مدلوله على ما جاء بالكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى ما كانت تطبقه جهات القضاء الملى قبل إلغائها باعتبارها شريعة نافذة، ولا يجوز بهذه المثابة تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية.
2 - إذ كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بإبطال عقد الزواج إلى مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أطردت المجالس الملية على تطبيقها وكان ما ساقه استدلالا على عدم قابلية العجز الجنسي للشفاء بمضي سنة بتتابع فيها الفصول الأربعة استهداء بقواعد الشريعة الإسلامية، إنما جاء تزيدا ولم يكن له من اثر في قضائه، فإنه لا يصح النعي عليه بالانحراف عن تطبيق الشريعة الواجبة التطبيق.
3 - مؤدى نص المواد 27، 41، 54/ 2 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 أنها فرقت بالنسبة للعنة وهو العجز الكامل الذي يكون بانعدام المقدرة الجنسية انعداما كاملا بحيث لا يستطيع أحد الطرفين الاتصال بالأخر على الوجه العادي، بين حاله ما اذا كانت سابقة على الزواج ومتحققة وقت قيامه فتعتبر مانعا من موانع انعقاده يتصل بأمر واقع بتعلق بالشخص وبجعله غير صالح له بحكم الحق الطبيعي، فيكون العقد باطلا بطلانا مطلقا، بشرط ثبوت أن العجز لا يرجى زواله ولا يمكن البرء منه. وبين حالة ما إذا كانت إصابة الزوج بالعنة لاحقة بالزواج فهي لا تؤثر في صحته طالما انعقد في الأصل صحيحاً، فيجوز للزوجة طلب التطليق متى مضى على الإصابة ثلاث سنوات وثبت عدم قابليتها للشفاء وكانت الزوجة في سن يخشى عليها من الفتنة، وكان ما استدل عليه الحكم المطعون فيه من أن عنه الطاعن مصاحبة لانعقاد الزواج إنما هو تطبيق سليم لتوافر شرائط المادة 27 المشار إليها وله مأخذه من الأوراق، إذ لا يهم مع ثبوت العجز الجنسي أن يكون نتيجة عنة عضوية أو مرضه إلى بواعث نفسه، ولا يصح مسايرة الطاعن في القول بموجب مضى مدة السنوات الثلاث لأنه متعلقة بالعنة الحاصلة بعد الزواج لا قبله.
4 - إذ كان تقدير قيام المانع الطبيعي أو العرض الذي لا يرجى زواله ويحول دون مباشره العلاقة الزوجية هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يدخل في سلطة المحكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى قام قضاؤها على أسباب سائغة وكان ما أفصح عنه الحكم من أن دوام العلاقة الزوجية أكثر من عامين والزوجة على فراش الزوجية لا تفارق زوجها طوالها، تعطيه طواعية واختيارا المكنة لتدارك ما فاته حريصة على عروة الزوجية، ومع ذلك ظلت عذراء، بل وقطع تقرير الطبيب الشرعي أن المعاشرة الزوجية الصحيحة لم تتم بينهما على صورة ما وان ما ادعاه الزوج من حصول الوقاع كاملا مرة واحدة منذ بدء الحياة الزوجية غير صحيح، وكان ذلك كله يتوافر به التدليل المقنع على عنة الطاعن وانها غير قابله للزوال، فان ما ينعاه الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون مجادلة في تقدير الدليل لمحكمة الموضوع لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لا تثريب على المحكمة إن هي جزمت بما لم تقطع به تقارير الأطباء متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 35 سنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم ببطلان عقد زواجها منه واعتباره كأن لم يكن. وقالت شرحا لها أنهما قبطيان أرثوذكسيان وتزوجته في 23/ 8/ 1970 طبقا لشريعتهما، وقد تبين لها أنه غير قادر على القيام بواجباته الزوجية لإصابته بعنة قبل الزواج، ورغم احتباسه لها أكثر من سنتين بمنزل الزوجية لا تزال بكرا، وإذا انعقد هذا الزواج باطلا، فقد أقامت دعواها. حكمت المحكمة في 10/ 5/ 1973 بندب الطبيب الشرعي بالإسكندرية لتوقيع الكشف الطبي على الطرفين لبيان ماذا كان الطاعن عنينا أو مريضا بمرض عضوي يجعله غير قادر على المباشرة الجنسية وسبب ذلك، وبيان ما إذا كانت المطعون عليها لا تزال بكرا، وبعد أن قدم الطبيب تقريره حكمت بتاريخ 4/ 4/ 1974 ببطلان عقد زواج المطعون عليها من الطاعن. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 1974 أحوال شخصية إسكندرية وبتاريخ 3/ 2/ 1975 حكمت محكمة الاستئناف بإعادة المأمورية للطبيب الشرعي لبيان ما إذا كان غشاء بكارة المطعون عليها من النوع الذى لا يقبل الانفضاض بالطريق العادي، وهل هناك ما يقطع بأن الطاعن لم يقرب زوجته ولم يباشرها بإيلاج كامل، وبعد أن قدم الطبيب ملحق تقريره عادت فحكمت بتاريخ 20/ 11/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، في بيان ذلك يقول أن الحكم بنى قضاءه ببطلان عقد الزواج على سند من القول بأن ما أثبته تقرير الطبيب الشرعي من بقاء غشاء بكارة المطعون عليها سليما، وما جزم به من عدم حصول مباشرة زوجية بايلاج كامل ولو مرة واحدة قاطع بأن إصابته بالعنة كانت سابقة على الزواج، وأن عجزه الجنسي غير قابل للشفاء بمضي سنة على الدخول اعتبارا بأنها تحتوى فصولا أربعة استهداء بقواعد الشريعة الإسلامية في حين أن الطبيب الشرعي أورى سلامة الطاعن من الناحيتين الجسمانية والجنسية وخلوه من أي ظواهر طبيعية أو إكلينيكية تفيد العنة الدائمة، وقرر أن غشاء بكارة المطعون عليها من النوع الحلقي اللحمي السميك الذى لا يتعدد بسهولة، ثم انتهى إلى أنه لا يستطيع الجزم بحالة الطاعن وأنه قد تكون لديه عنة نفسية مؤقتة تزول بزوال أسبابها أو أن تكون عذرية الطاعنة مردها إلى عيب القذف لديه وهذا كله لا يفيد أن عنة الطاعن دائمة وسابقة على الزواج هذا إلى أن الحكم طبق قواعد الشرعية الإسلامية والتي تكتفي بمضي سنة على الزواج دون شفاء، مع أن الواجب تطبيق الشريعة القبطية الأرثوذكسية التي توجب مضى ثلاث سنوات من تاريخ الزواج، وثبوت ألا أمل يرجى من العلاج، وبشرط ترتب ضرر جسيم للطرف الآخر، وهي لا تعتبر سرعة القذف سببا للطلاق ومن باب أولى مانعا من الزواج وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق بالإضافة إلى أنه لا يسوغ استدلال الحكم بما أورده التقرير الطبي من سلامة غشاء البكارة على عدم الاتصال الجنسي الكامل لأن ذلك لا يعدو أن يكون قرينة محتملة، ينفيها أن المطعون عليها أقرت بممارسة الطاعن العادة السرية أمامها وحصول الانتصاب الكامل، وهو ما يشوب الحكم بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 من صدور الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصرين غير المسلمين والمتحدي للطائفية والملة طبقا لشريعتهم، ولا يقتصر مدلوله على ما جاء بالكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى ما كانت تنتظمه قواعد الشريعة الإسلامية، وإذ كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بإبطال عقد الزواج إلى مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أطردت المجالس الملية على تطبيقها، وكان ما ساقه استدلالا على عدم قابلية العجز الجنسي للشفاء بمضي سنة تتتابع فيها الفصول الأربعة استهداء بقواعد الشريعة الإسلامية، إنما جاء تزيدا ولم يكن له من أثر في قضائه فإنه لا يصح النعي عليه بالانحراف عن تطبيق الشريعة الواجبة التطبيق ولما كان النصفي المادة 27 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938على أنه. لا يجوز الزواج أيضا في الأحوال الآتية: (أ) إذا كان لدى أحد طالبي الزواج مانع طبيعي أو عرضي لا يرجى زواله يمنعه من الاتصال الجنسي كالعنة والخنوثة والخصاء...، وفي المادة 41 منها على أن "كل عقد يقع مخالفا لأحكام المواد... و27 يعتبر باطلا،.... وللزوجين وكل ذي شأن حق الطعن فيه" وفى المادة 54/ 2 منها على أنه "... ويجوز أيضا للزوجة أن تطلب الطلاق لإصابة زوجها بمرض العنة إذا مضى على إصابته به ثلاث سنوات وثبت أنه غير قابل للشفاء وكانت الزوجة في سن يخشى عليها من الفتنة،" يدل على أن شريعة الأقباط الأرثوذكس فرقت بالنسبة للعنة وهى العجز الكامل الذى يكون بانعدام المقدرة الجنسية انعداما كاملا بحيث لا يستطيع أحد الطرفين الاتصال بالآخر على الوجه العادي، وبين حالة ما إذا كانت سابقة على الزواج ومتحققة وقت قيامه فتعتبر مانعا من موانع انعقاده يتصل بأمر واقع يتعلق بالشخص ويجعله غير صالح له بحكم الحق الطبيعي، فيكون العقد باطلا بطلانا مطلقا، بشرط ثبوت أن العجز لا يرجى زواله ولا يمكن البرء منه، وبين حالة ما إذا كانت إصابة الزوج بالعنة لاحقة للزواج فهي لا تؤثر في صحته طالما انعقد في الأصل صحيحا، فيجوز للزوجة طلب التطليق متى مضى على الإصابة ثلاث سنوات وثبت عدم قابليتها للشفاء، وكانت الزوجة في سن يخشى عليها من الفتنة. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي أنه استدل على أن عنة الطاعن مصاحبة لانعقاد الزواج في قوله ".... أن المحكمة ترى في بقاء غشاء البكارة سليما طوال مدة عامين ظلت فيه المدعية - المطعون عليها - على فراش الزوجية رغم محاولة الزوج الوصول إليها كما يقرر المدعى عليه - الطاعن - أنه ظل يباشرها لمرات عديدة كل أسبوع يدل أن حالة المدعى عليه سابقة على الزواج وأن حالة العنة التي يعانيها والتي تمنعه من الوصول إلى زوجته طوال هذه المدة مما لا يرجى شفاؤها بالنسبة للمدعية ذاتها ولا يقال بأن هذه العنة قد تزول بزوال دواعيها ذلك أن الحلف الذي قد وصل إلى درجة مغادرة الزوجة لمنزل الزوجية مع ما أصابها من ضرر طوال المدة التي قضتها على فراش الزوجية يستحيل أن يكون عاملاً مؤثراً في شفائه....،" وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف قوله ".... أولا: ليس صحيحاً ما ذهب إليه المستأنف - الطاعن - من أن الطبيب الشرعي وقد أثبت في تقريره أن جهازه التناسلي مكتمل النمو وأعضاءه التناسلية خالية من التشوهات والأحوال المرضية كما أنه لم يتبين من الفحص الطبي عليه والتحاليل العملية وجود علامات مظاهر مرضية عامة الأمر الذى ينفي إصابته بالعنة ذلك أنه من المقرر أن عدم وجود علامات مرضية ظاهرة لا ينفى وجود العجز الجنسي فقد يكون مبعثه عوامل نفسية لا تنم عنها أعراض خارجية وهذا ما يسمونه بالعنة الابتدائية وفيها يكون عضو التناسل غير مصاب بعاهة ولكن يكون الرجل غير قادر على الجماع لأسباب نفسية مبعثها الخوف أو الرهبة أو الوساوس الداخلية وانعدام العاطفة والشعور بالكراهية.
ثانيا: - أن المستأنف وإن كان قد زعم في دفاعه أنه كان يعاشر زوجته المستأنف عليها - المطعون عليها - معاشرة الأزواج وأنه كان يجامعها مرات متعددة كل أسبوع إلا أن الطبيب الشرعي جزم في تقريريه اللذين تطمئن إليهما المحكمة أن ما يدعيه المستأنف غير صحيح إذ تبين من الفحص على المستأنف ضدها أنه لم تحصل بها معاشرة زوجية بايلاج كامل لقضيب مكتمل النمو في حالة انتصاب ولو لمرة واحدة. ثالثا: - أن المستأنف وإن سلم ببقاء غشاء بكارة زوجته المستأنف ضدها سليما إلا أنه عزا ذلك إلى أن الغشاء مكن النوع اللحمي السميك الذي يتعدد عند الإيلاج ولا يفض إلا بعملية جراحية وهذا الأمر الذى قطع الطبيب الشرعي بعدم صحته إذ انتهى السيد الطبيب الشرعي في تقريره إلى أن غشاء بكارة المستأنف ضدها من النوع الذي لا يقبل التمدد وعلى ذلك يكون ما ساقه المستأنف من دفاع في هذا الشأن غير صحيح ويتعين طرحه جانبا....، فان ما خلص إليه الحكمان هو تطبيق سليم لتوافر شرائط المادة 27 المشار إليها وله مأخذه من الأوراق، إذ لا يهم من ثبوت العجز الجنسي أن يكون نتيجة عنة عضوية أو مرده إلى بواعث نفسية، ولا يصح مسايرة الطاعن في القول بوجوب مضي مدة السنوات الثلاث لأنها متعلقة بالعنة الحاصلة بعد الزواج لا قبله. لما كان ما تقدم وكان تقدير قيام المانع الطبيعي أو العرضي الذي لا يرجى زواله ويحول دون مباشرة العلاقة الزوجية هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض متى قام قضاؤها على أسباب سائغة، وكان ما أفصح عنه الحكم من أن دوام العلاقة الزوجية أكثر من عامين والزوجة على فراش الزوجية لا تفارق زوجها طوالها، تعطيه طواعية واختيارا المكنة لتدارك ما فاته، حريصة الإبقاء على عروة الزوجية، ومع ذلك ظلت عذراء، بل وقطع تقرير الطبيب الشرعي أن المعاشرة الزوجية الصحيحة لم تتم على صورة ما، وأن ما ادعاه الزوج من حصول الوقاع كاملا مرة واحدة منذ بدء الحياة الزوجية غير صحيح، وكان ذلك كله يتوافر به الدليل المقنع على عنة الطاعن وإنها غير قابلة للزوال، فان ما ينعاه الطاعن لا يعدو في حقيقته أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للدليل لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، ولا يوهن من ذلك أن التقرير الطبي لم يقطع في خصوص دوام العنة النفسية وتردد بين القول بها وبين سرعة القذف، لأنه طالما كان المناط هو ثبوت العجز الجنسي على ما مر بيانة، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي جزمت بما لم تقطع به تقارير الأطباء متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطاعن.

الطعن 14320 لسنة 89 ق جلسة 27 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 86 ص 799

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت ، وليد عادل وشريف عصام نواب رئيس المحكمة
---------------
(86)
الطعن رقم 14320 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) قصد جنائي . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمتي اصطناع موقع إلكتروني ونسبته زوراً لأحد الأشخاص الاعتبارية والتداخل في وظيفة حكومية . غير لازم . كفاية إيراد الوقائع والظروف الدالة على قيامه . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة ووصف التهمة . جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى . إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة ذلك ؟
(4) قانون " سريانه " . جريمة " الجريمة المستمرة " " الجريمة الوقتية " . تقنية المعلومات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
سريان التشريع الجديد على الجريمة المستمرة . ولو كانت أحكامه أشد مما سبقه . علة ذلك ؟
الجريمة الوقتية والمستمرة . ماهيتهما ومعيار التمييز بينهما جريمة اصطناع موقع إلكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة . مستمرة . تخضع لأحكام القانون اللاحق . ولو كانت أحكامه أشد . علة ذلك ؟
(5) أشخاص اعتبارية . تقنية المعلومات . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها . إحدى جهات الدولة ولها شخصية اعتبارية مستقلة . نعي الطاعن بانتفاء تلك الصفة عن مباحث الإنترنت . ظاهر البطلان . لا يستأهل رداً . أساس ذلك ؟
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(7) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " . محضر الجلسة .
العبرة بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى . مخالفة العقوبة الواردة بورقة الحكم لما ورد برول القاضي ومحضر الجلسة . خطأ مادي لا يغير من حقيقتها . أثر ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان البين أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في أي من الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك حسبه بياناً لهاتين الجريمتين بكافة أركانهما كما هما معرفتان به في القانون ، ومع ذلك فقد عرضت محكمة الموضوع لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي وانتفاء أركان الجريمتين في حقه وأطرحته برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد يكون في غير محله .
3- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
4- من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية ، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه . لما كان ذلك ، وكانت جريمة اصطناع موقع إليكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تقوم على فعل إيجابي يتمثل في إرادة المتهم بالتدخل تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل اصطناع الموقع الإلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي - فيس بوك - والتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية ، ومن ثم فإنها تكون جريمة مستمرة تخضع ما بقي استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لدفع الطاعن بعدم انطباق القانون على الواقعة واطرحه بأسباب قوامها أن واقعة الدعوى تمت بعد نفاذ التشريع الجديد ، وهو ما يكفي رداً على هذا الدفع .
5- لما كان البيّن من مطالعة التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات - إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات قسم المساعدات الفنية وزارة الداخلية - المرفق بالمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أنه ورد به أن الطاعن أنشأ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت ونشر عليها شعار وزارة الداخلية لإيهام الغير أنه جهة حكومية تابعة لوزارة الداخلية ، وكانت المادة ٥٢/١ من القانون المدني تنص على أن : ( الأشخاص الاعتبارية هي : ١- الدولة :وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون ، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ) ، وكان الطاعن لا يماري في أن وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها هي إحدى جهات الدولة التي لها شخصية اعتبارية مستقلة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يستأهل من المحكمة رداً ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحته برد سائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
6- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان لا يفوت المحكمة إذ تنوه في نهاية الحكم أن البين من الاطلاع على الأوراق أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه بالمصاريف الجنائية ، إلا أن الثابت من مطالعة رول الجلسة الموقع عليه من الهيئة - المرفق بالمفردات المضمومة - ومحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والموقع عليه من رئيس الهيئة مصدرة الحكم أنه صدر بمعاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وبتغريمه مائة ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه المصاريف الجنائية ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامـة الطاعن بأنه :
1- اصطنع موقعاً إلكترونياً باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " على شبكة الإنترنت ونسبه زوراً إلى أحد الأـشخاص الاعتبارية وهي الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات وقام من خلاله بالتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية حيالها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- تداخل في وظيفة حكومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك ولقب نفسه بتلك الصفة وأجرى عملاً من مقتضياتها بأن ارتكب الجريمة موضوع الاتهام الأول زاعماً بأنه موظف عام تابع للإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲٤/ 3،1 ، ۳۸ /1 من القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ بشأن جرائم تقنية المعلومات ، والمادتين ۱٥٥ ، 157 من قانون العقوبات ، مع إعمال المواد ١٧ ، ٣٢ ، ٥٥ ، 56/1 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه مائة ألف جنيه عما نسب إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من الحكم ومصادرة الأدوات المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي اصطناع موقع إلكتروني باسم " مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت " على شبكة التواصل الاجتماعي" فيس بوك " ونسبه زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية وهي الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات ، والتداخل في وظيفة حكومية قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يبين أركان الجريمتين اللتين دانه بهما خاصة القصد الجنائي ، ولم يعرض لدفاعه بانتفاء القصد الجنائي لديه وعدم توافر أركانهما في حقه ، كما أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، واطرح بما لا يسوغ دفاعه القائم على عدم سريان القانون رقم ١٧٥ لسنة ۲۰۱۸ في شأن جرائم تقنية المعلومات على الواقعة لصدوره في تاريخ لاحق على حدوثها ، وعدم توافر صفة الشخصية الاعتبارية لمباحث الإنترنت ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل قبله على مباشرة أي نشاط على صفحة الفيس بوك بعد صدور القانون المار ذكره ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في أي من الجريمتين اللتين دين الطاعن بهما بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك حسبه بياناً لهاتين الجريمتين بكافة أركانهما كما هما معرفتان به في القانون ، ومع ذلك فقد عرضت محكمة الموضوع لدفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي وانتفاء أركان الجريمتين في حقه واطرحته برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بقالة القصور في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في شأن التكييف القانوني للواقعة وأنها - بفرض صحتها - جنحة تندرج تحت المادة ١٥٧ من قانون العقوبات ، فإن ذلك مردود بأنه لا محل له لأنه لا يعدو أن يكون نعياً وارداً على سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى أخذاً بأدلة الثبوت التي وثقت بها واطمأنت إليها مما تستقل به بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليم - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية ، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه . لما كان ذلك ، وكانت جريمة اصطناع موقع إليكتروني ونسبته زوراً إلى أحد الأشخاص الاعتبارية العامة تقوم على فعل إيجابي يتمثل في إرادة المتهم بالتدخل تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل اصطناع الموقع الإلكتروني على شبكة التواصل الاجتماعي - فيس بوك - والتواصل مع المواطنين وتلقي بلاغاتهم وإيهامهم باتخاذ الإجراءات القانونية ، ومن ثم فإنه يكون جريمة مستمرة تخضع ما بقي استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لدفع الطاعن بعدم انطباق القانون على الواقعة واطرحه بأسباب قوامها أن واقعة الدعوى تمت بعد نفاذ التشريع الجديد ، وهو ما يكفي رداً على هذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة التقرير الفني الصادر من الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات - إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات قسم المساعدات الفنية وزارة الداخلية - المرفق بالمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أنه ورد به أن الطاعن أنشأ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي باسم مباحث الإنترنت والإبلاغ عن جرائم الإنترنت ونشر عليها شعار وزارة الداخلية لإيهام الغير أنه جهة حكومية تابعة لوزارة الداخلية ، وكانت المادة ٥٢ /١ من القانون المدني تنص على أن :( الأشخاص الاعتبارية هي : ١- الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون ، والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية ) ، وكان الطاعن لا يماري في أن وزارة الداخلية والإدارات والمصالح التابعة لها هي إحدى جهات الدولة التي لها شخصية اعتبارية مستقلة فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان لا يستأهل من المحكمة رداً ، ومع ذلك فقد عرضت المحكمة لدفاع الطاعن في هذا الشأن وأطرحته برد سائغ ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كاف وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يفوت المحكمة إذ تنوه في نهاية الحكم أن البين من الاطلاع على الأوراق أنه وإن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وتغريمه ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه بالمصاريف الجنائية ، إلا أن الثابت من مطالعة رول الجلسة الموقع عليه من الهيئة - المرفق بالمفردات المضمومة - ومحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والموقع عليه من رئيس الهيئة مصدرة الحكم أنه صدر بمعاقبة المتهم .... بالحبس مع الشغل عام واحد وبتغريمه مائة ألف جنيه لما أسند إليه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط لمدة ثلاث سنوات مع مصادرة المضبوطات وبإلزامه المصاريف الجنائية ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية عقب سماع الدعوى ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو الذي لا يغير من حقيقة الواقع ولا ينال من سلامة الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 15 لسنة 45 ق جلسة 26 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 أحوال شخصية ق 62 ص 296

جلسة 26 من يناير سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد المهدى، والدكتور عبد الرحمان عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.

----------------

(62)
الطعن رقم 15 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

(1، 2، 3) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين. بطلان.
(1) تغيير الطائفة أو الملة. لا ينتج أثره بمجرد إبداء الرغبة. وجوب الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام من الجهة الدينية المختصة.
(2) سلطة الرئيس الديني في التحقق من جدية طلب تغيير الطائفة أو الملة قبل قبوله وإبطاله بعد حصوله. عمل ديني لا قضائي. لا يؤثر فيه صدور القانون 462 لسنة 1955.
(3) إبطال الجبهة الدينية للانضمام للطائفة أو الملة. سريانه بأثر رجعي متى كان البطلان معاصرا لقرار الانضمام. حقها في فصل الشخص لسبب لاحق للانضمام. ليس للفصل أثر رجعي .
(4) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين" محكمة الموضوع. نقض.
(4) إسباغ الوصف الصحيح على قرار الجهة الدينية بأنه إلغاء للانضمام أو اعتباره فصلاً من مسائل القانون. لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع فيما انتهت إليه من تكييف بصدده.
(5) أحوال شخصية "المصريين غير المسلمين". حكم "قصور".
(5) منازعة الزوج في قرار الجهة الدينية بإبطال انضمامه للطائفة. وجوب إعمال محكمة الموضوع سلطتها في مراقبة الأسباب التي حدت إلى إصداره. إغفالها ذلك. قصور.

--------------------
1 - المستقر - في قضاء هذه المحكمة - أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا إنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة، ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة.
2 - للرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كان لم يكن إذا تبين له عدم جديتة اعتبارا بأنه يندرج فى صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدوره القانون 462 لسنة 1955.
3 - للجهات الكنسية سلطة البحث في دوافع وبواعث التغيير بقبول الانضمام إليها بداءة، كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كأن لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من الغير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصراً لقرار الانضمام وليس لاحقاً عليه، فيسري عندئذ بأثر رجعي، أما إذا كان حسن النية صادق العقيدة عند انضمامه ثم جدت ظروف أتاحت له الاستفادة من الآثار القانونية التي تخولها إياه أحكام هذا التغيير، فان إبطال القرار بالمعنى السالف لا يكون له محل. وإن كان يجوز للجهات الكنسية أن تفصله طالما وجدت في سلوكه الديني ما لا يروق لها، والقرار بالفصل لا يكون له في هذه الحالة أثر رجعي لأن الانضمام يكون تم صحيحا.
4 - إذ كان البين من الدفاع الذى ساقه الطاعن أمام محكمة الموضوع نعيا على الشهادة الصادرة بإلغاء انضمامه إلى طائفة الروم الأرثوذكس أنها موقعة من غير مختص بإصدارها وإنها في حقيقتها إسقاط للعضوية أو فصل من الكنيسة وليست إقرارا لحالة البطلان التي شابت قبول الانضمام، وأنه ليس للجهة الدينية إلغاء الانضمام دون سماع دفاعه، والقول بأن الشهادة المشار إليها تعتبر قرارا بإلغاء الانضمام أو تعد فصلا من الكنيسة هي مسألة تكييف يقصد بها إسباغ الوصف الصحيح عليها لمعرفة ما اذا كان لها من أثر رجعي أو لا يترتب عليها هذا الأثر، وهي مسائل القانون التي يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض.
5 - لقاضي الموضوع الحق في مراقبة الأسباب التي حدت بالجهة الدينية على إلغاء قرار الانضمام - أيا كان الوصف الذى تطلقه عليه - للتحقق من أنه صدر في نطاقه ولم يخرج عنه واستهدف الحيلولة دون التحايل على القانون وحتى لا يمثل الإلغاء قيدا على مبدأ حرية العقيدة والمساس به، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه وقف عند حد تقرير سلطة الرئيس الديني في سلامة إلغاء انضمامه وقيامه على أسباب مسوغة، فإنه يكون فضلا عن خطئه في تطبيق القانون قد أغفل دفاعا جوهريا من الجائز أن يترتب عليه تغير وجه الرأي في الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في إن الطاعن أقام ضد المطعون عليها الدعوى رقم 399 لسنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة إسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها الحاصل في 27/ 10/ 1972 طلقة أولى رجعية، وقال شرحا لدعواه أنه تزوجها بصحيح العقد الصادر لدى كنيسة الأقباط الأرثوذكس في 29/ 4/ 1951 ودخل بها، وإذ دب الخلاف بينهما وأضحت الحياة الزوجية مستحيلة وإذ انضم إلى طائفة الروم الأرثوذكس في 11/ 9/ 1972 ومن قبل رفع الدعوى في 19/ 11/ 1972 بينما هي قبطية أرثوذكسية وهما يدينان بالطلاق، وقد أوقعه عليها عند إقامة دعواه بقوله "زوجتي السيدة......... طالق منى" فقد طلب الحكم بإثباته، دفعت المطعون عليها بأن الطاعن لا يزال قبطيا أرثوذكسيا تبعا لصدور قرار في 17/ 1/ 1973 من بطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية بأن انضمامه للطائفة يعتبر لاغياً وكأنه لم يكن، وبتاريخ 26/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإثبات طلاقه الطاعن لزوجته المطعون عليها طلقة رجعية اعتبارا من 27/ 10/ 1972. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 22 سنة 1973 أحوال شخصية "نفس" إسكندرية طالبة إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 2/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديرا بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن الرئيس الديني لطائفة الروم الأرثوذكس التي انضم إليها الطاعن قبل رفعه لدعواه وقبل إيقاعه الطلاق بإرادته المنفردة، أصدر أمرا باعتبار انضمامه إلى الطائفة لاغياً وكأن لم يكن، وأن هذا الأمر لم يكن محل طعن منه، ورتب على ذلك أنه لم يكن في أي وقت من الأوقات من أبناء تلك الطائفة، وأن طرفي التداعي ليسا مختلفي الطائفة فلا يحق للطاعن إيقاع الطلاق، في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن منح شهادة الانضمام من الجهة الدينية المختصة ثم صدور قرار منها بإلغائها وعدم الاعتداد بالانضمام ينبغي أن يخضع لتقدير القضاء تحرزا من الانحراف فى مباشرة تلك السلطة، وإن سلطان الجهة الدينية الذى ما زال باقيا لها مقيد بالصالح العام خاصة إذا اصطدم مع مبدأ أساسي هو حرية العقيدة، وإذ لم يرد الحكم على هذا الدفاع فأنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب علاوة على الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن تغيير الطائفة أو الملة أمر يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة ولكن بعد الدخول فيها وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إلى الطائفة أو الملة الجديدة، مما مقتضاه أن للرئيس الديني للملة أو الطائفة التي يرغب الشخص في الانضمام إليها أن يتحقق قبل قبول الطلب من جديته وأن يستوثق من صدوره عن نية سليمة، كما أن له أن يبطل الانضمام بعد قبوله ويعتبره كان لم يكن إذا تبين له عدم جديته، اعتبارا بأنه يتدرج في صميم الأعمال الدينية الباقية للجهات الكنسية، ولا يعد من قبيل ممارسة أية سلطة قضائية أصبحت هذه الجهات لا تملكها بعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955، وكان مفاد ذلك أن للجهات الكنسية سلطة البحث فى دوافع وبواعث التعبير لقبول الانضمام إليها بداءة، كما أن لها سلطة تتبع مدى سلامة الانضمام بعد حصوله، فلها أن تبطله وتعتبره كان لم يكن متى استبان لها أن الشخص كان عند انضمامه سيء النية ولم يستهدف من التغير إلا التحايل على القانون، بحيث يكون سبب البطلان معاصرا لقرار الانضمام وليس لاحقا عليه، فيسرى عندئذ بأثر رجعى، أما إذ كان حسن النية صادق العقيدة عند انضمامه ثم جدت ظروف أتاحت له الاستفادة من الآثار القانونية التي تخولها إياه أحكام هذا التغيير فإن إبطال القرار بالمعنى السالف لا يكون له محل، وإن كان يجوز للجهات الكنسية أن تفصله طالما وجدت في سلوكه الديني ما لا يروق لها والقرار بالفصل لا يكون له في هذه الحالة أثر رجعي لأن الانضمام يكون قد تم صحيحا. لما كان ذلك وكان البين من الدفاع الذى ساقه الطاعن أمام محكمة الموضوع نعيا على الشهادة الصادرة بإلغاء انضمامه إلى طائفة الروم الأرثوذكس إنها موقعة من غير مختص بإصدارها وأنها في حقيقتها إسقاط للعضوية أو فصل من الكنيسة، وليست إقرار لحالة البطلان التي شابت قبول الانضمام، وأنه ليس للجهة الدينية إلغاء الانضمام دون سماع دفاعه وكان القول بأن الشهادة المشار إليها يعتبر قرارا بإلغاء الانضمام تعد فصلا من الكنيسة هي مسألة تكييف يقصد منها إسباغ الوصف الصحيح عليها لمعرفة ماذا كان لها من أثر رجعي أو لا يترتب عليها هذا الأثر، وهى من مسائل القانون التي يخضع قضاء الموضوع بصددها لرقابة محكمة النقض، وكان من حق قاضى الموضوع - مراقبة الأسباب التي حدت بالجهة الدينية على إلغاء قرار الانضمام - أيا كان الوصف الذى تطلقه عليه - للتحقق من أنه في نطاق الحدود المشار إليها ولم يخرج عنه واستهدف الحيلولة دون التحايل على القانون وحتى لا تمثل الإلغاء قيدا على مبدأ حرية العقيدة والمساس به، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه وقف عند حد تقرير سلطة الرئيس الديني في إبطال الانضمام ورتب عليه رفض الدعوى، رغم منازعة الطاعن في سلامة إلغاء انضمامه وقيامة على أسباب مسوغة، فانه يكون فضلا عن خطئه في تطبيق القانون وقد أغفل دفاعا جوهريا من الجائز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى، مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

السبت، 7 سبتمبر 2024

الطعن 21 لسنة 45 ق جلسة 27 /12 / 1977 مكتب فني 28 ج 2 ق 325 ص 1896

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1977

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، ومحمد كمال عباس، وصلاح الدين يونس، ومحمد وجدي عبد الصمد.

-------------------

(325)
الطعن رقم 21 لسنة 45 القضائية

ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي بخضوع نشاط معين للممول في سنة معينة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية مانع من المنازعة في أمر خضوع هذا النشاط للضريبة في سنة تالية.

----------------
المسألة الواحدة إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذى يرتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من إلغاء قرار اللجنة المطعون فيه فيما يتعلق بتقدير أرباح المطعون ضده من تربية الخنازير وإلغاء تقديرات المأمورية لأرباحه عن هذا النشاط في سنتي النزاع استناداً إلى أن الخنازير تدخل في عداد المواشي وتتمتع لذلك بالإعفاء الوارد في المادة 40 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 270 لسنة 1959، وكان يبين من الحكم السابق صدوره بين الطرفين نفسيهما في الدعوى 1452 لسنة 1967 تجارى القاهرة الابتدائية - والمقدمة صورته الرسمية بملف الطعن - أنه قضى بأحقية الطاعنة في اقتضاء الضريبة عن نشاط المطعون ضده في تربية الخنازير سنتي 1960، 1961، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب مصر الجديدة قدرت أرباح المطعون ضده عن نشاطه في تربية الخنازير في كل سنتي 63، 64 بمبلغ 3564 جنيه وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 12/11/1969 بتخفيض أرباحه إلى مبلغ 900 جنيه في كل من سنتي النزاع فقد أقام الدعوى رقم 275 لسنة 1970 ضرائب القاهرة الابتدائية طالباً إلغاء تقديرات المأمورية لأرباحه عن نشاطه في تربية الخنازير. بتاريخ 27/2/1972 حكمت المحكمة بإلغاء قرار اللجنة فيما يتعلق بتقدير أرباح الممول من تربية الخنازير وإلغاء تقديرات المأمورية لأرباحه عن هذا النشاط. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 332 لسنة 90 ق القاهرة وبتاريخ 18/11/1974 حكمت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم خضوع الربح الناتج من تربية الخنازير للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية في سنتي 1963، 1964 وذلك على خلاف حكم صادر بين الخصمين نفسيهما قضى بخضوع تلك الأرباح في سنتي 1960، 1961 وحاز قوة الأمر المقضي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المسألة الواحدة إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذى يرتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يحوز قوة الشيء المحكوم به في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد ما انتهى إليه الحكم الابتدائي من إلغاء قرار اللجنة المطعون فيه فيما يتعلق بتقدير أرباح المطعون ضده من تربية الخنازير وإلغاء تقديرات المأمورية لأرباحه عن هذا النشاط في سنتي النزاع استناداً إلى أن الخنازير تدخل في عداد المواشي وتتمتع لذلك بالإعفاء الوارد في المادة 40 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المضافة بالقانون رقم 270 لسنة 1959، وكان يبين من الحكم السابق صدوره بين الطرفين نفسيهما في الدعوى 1452 لسنة 1967 تجاري القاهرة الابتدائية - والمقدمة صورته الرسمية بملف الطعن - أنه قضى بأحقية الطاعنة في اقتضاء الضريبة عن نشاط المطعون ضده في تربية الخنازير سنتي 1960 -1961فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 292 لسنة 30 ق جلسة 30 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 353 ص 1832

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين/ محمدي الخولي، إبراهيم فودة، عبد الحميد المنفلوطي وعبد العزيز هيبه.

-----------------

(353)
الطعن رقم 292 لسنة 30 القضائية

(1) تقادم "التقادم المسقط". حكم. التزام.
تغيير مدة التقادم المسقط للدين بجعلها خمس عشرة سنة. شرطه. صدور حكم نهائي بالإلزام بالدين. م 385 مدني. اقتصار الحكم على مجرد تقرير الحق المدعى به. لا يترتب ذات الأثر.
(2) دعوى. تعويض. حكم. تقادم "التقادم المسقط".
الدعوى المدنية المرفوعة بالتبع للدعوى الجنائية. القضاء للمدعى فيها بتعويض مؤقت. لا يغير من مدة التقادم المسقط لدعوى التعويض الكامل عن الفعل الضار. سقوطها بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم النهائي في الدعوى الجنائية.

-------------------
1- الأصل في انقطاع التقادم - وعلى ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 385 من القانون المدني - أنه لا يغير من مقدار المدة التي حددها القانون لانقضاء الالتزام، وأن ما ورد بنص الفقرة الثانية من تلك المادة استثناء من هذا الأصل من أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضي كانت مدة التقادم خمس عشرة سنة، مفاده أن الذى يحدث تغيير مدة التقادم المسقط للدين في الأحوال التي تحدد القانون لسقوطه مدة أقل من المدة العادية هو الحكم النهائي بالالتزام بالدين، فهو وحده الذي يمكنه إحداث هذا الأثر لما له من قوة تنفيذية تزيد من حصانة الدين وتمده بسبب جديد للبقاء فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة وذلك خلافاً للحكم الذى يقتصر على مجرد تقرير الحق المدعى به دون إلزام المدعى عليه بأداء معين فهو لا يصلح ولو حاز قوة الأمر المقضي سنداً تنفيذياً يمكن المحكوم له من اقتضاء حقه بإجراء التنفيذ الجبري.
2- إذ كان الحكم للطاعنين بقرش واحد تعويضاً مؤقتاً في الادعاء المدني بالتبع للدعوى الجنائية ليست له قوة الإلزام إلا في حدود الجزء من التعويض الذى قضى به مؤقتاً، فإن أثره في تغيير مدة التقادم المسقط لدين التعويض عن العمل غير المشروع وهى ثلاث سنوات كنص المادة 172 من القانون المدني إنما يكون قاصراً على ما ألزم به من هذا الدين أي بالنسبة للقرش المقضي به تعويضاً مؤقتاً ولا يتعداه إلى دعوى تكملة التعويض التي يرفعها المضرور أمام المحكمة المدنية والتي يبدأ تقادمها من جديد من يوم صدور الحكم النهائي في دعوى المسئولية بذات المدة المقررة في تلك المادة لتقادم الالتزام الأصلي وهي ثلاث سنوات، لا يغير من ذلك أن يكون الحق في التعويض قد تقرر الحكم النهائي في دعوى المسئولية لأن مجرد صدور حكم بتقرير الحق في دين التعويض وإلزام المدعى عليه بأداء قرش واحد منه مؤقتاً لا يغنى المضرور - وعلى ما سلف - وصولاً إلى حقه بطريق التنفيذ الجبري من الحصول على حكم جديد بإلزام المدعى عليه بأداء ما قد يكون مستحقا له من تعويض تكميلي، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بسقوط الحق في طلب تكملة التعويض بالتقادم الثلاثي، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم...... مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهما الأول والثاني للحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ ألف جنيه تعويضا عما أصابها من ضرر نتيجة موت مورثهما بسبب خطأ المطعون عليه الثاني الذي قضى في الجنحة رقم ....... بإدانته وبإلزامه والمطعون عليه الأول - المسؤول عن الحقوق المدنية - متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وتأيد هذا الحكم في القضية رقم....... جنح مستأنفة المنصورة. وبتاريخ 21/ 2/ 1969 قضت المحكمة بالزام المطعون عليهما الأول والثاني بأن يدفعا للطاعنين مبلغ ألف جنيه، استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم بسقوط حق الطاعنتين في رفع الدعوى، وبتاريخ 4/ 2/ 1970 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبسقوط حق الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها والطاعنة الثانية في مطالبة المطعون عليه الأول بالتعويض، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الأول والثاني والثالث.
وحيث إن الطاعنتين تنعيان بالأسباب الثلاثة الأولى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقولان أنه إذا كان الثابت أنهما رفعتا الدعوى ضد المطعون عليهما الأولين بطلب التعويض المؤقت تابعة للدعوى الجنائية وحكم فيها بالإدانة والتعويض المؤقت قبلهما وأصبح الحكم نهائياً وكان هذا الحكم والآثار المترتبة عليه لا تسقط إلا بالتقادم طويل المدة فإن الدعوى التي يرفعانها بعد ذلك بطلب تقييم التعويض وتقديره تختلف عن الدعوى المنصوص عليها في المادة 172 من القانون المدني ومن ثم فإنها لا تسقط إلا بالتقادم الطويل ومدته خمس عشرة سنة وإذ قضى الحكم المطعون فيه بسقوطها بالتقادم الثلاثي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الأصل في انقطاع التقادم - وعلى ما تقضى به الفقرة الأولى من المادة 385 من القانون المدني - أنه لا يغير من مقدار المدة التي حددها القانون لانقضاء الالتزام، وأن ما ورد بنص الفقرة الثانية من تلك المادة استثناء من هذا الأصل من أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضي كانت مدة التقادم خمس عشرة سنة مفاده أن الذى يحدث تغيير مدة التقادم المسقط للدين في الأحوال التي يحدد القانون لسقوطه مدة أقل من المدة العادية هو الحكم النهائي بالإلزام بالدين فهو وحده الذى يمكنه إحداث هذا الأثر لما له من قوة تنفيذية تزيد من حصانة الدين وتمده بسبب جديد للبقاء فلا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة وذلك خلافاً للحكم الذى يقتصر على مجرد تقرير الحق المدعى به دون إلزام المدعى عليه بأداء معين فهو لا يصلح ولو حاز قوة الأمر المقضي سنداً تنفيذياً يمكن المحكوم له من اقتضاء حقه بإجراءات التنفيذ الجبري، لما كان ذلك وكان الحكم للطاعنتين بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً في الادعاء المدني بالتبع للدعوى الجنائية ليست له قوة الإلزام إلا في حدود الجزء من التعويض الذي قضى به مؤقتاً فإن أثره في تغيير مدة التقادم المسقط لدين التعويض عن العمل غير المشروع وهى ثلاث سنوات كنص المادة 172 من القانوني المدني إنما يكون قاصراً على ما ألزم به من هذا الدين أي بالنسبة للقرش المقضي به تعويضاً مؤقتاً ولا يتعداه إلى دعوى تكملة التعويض التي يرفعها المضرور أمام المحكمة المدنية والتي يبدأ تقادمها من جديد من يوم صدور الحكم النهائي في دعوى المسئولية بذات المدة المقررة في تلك المادة لتقادم الالتزام الأصلي وهي ثلاث سنوات، ولا يغير من ذلك أن يكون الحق في التعويض قد تقرر بالحكم النهائي في دعوى المسئولية لأن مجرد صدور حكم بتقرير الحق فى دين التعويض وإلزام المدعى عليه بأداء قرش واحد منه مؤقتاً لا يغني المضرور - وعلى ما سلف - وصولاً إلى حقه بطريق التنفيذ الجبري من الحصول على حكم جديد بإلزام المدعى عليه بأداء ما قد يكون مستحقاً له من تعويض تكميلي، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بسقوط الحق في طلب تكملة التعويض بالتقادم الثلاثي فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى السبب الرابع خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أن مسؤولية المطعون عليه الثاني وهو تابع المطعون عليه الأول أصبحت نهائية ومن أجل ذلك قضى ضد الأول باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية وفق نص المادة 174 من القانون المدني التي تستلزم لتحقق مسئولية المتبوع مجرد ثبوت علاقة التبعية ومسئولية التابع دون حاجة إلى أي إجراء آخر وبغير أن يكون من حق المتبوع أن يدفع المسئولية عنه.
وحيث إن هذا السبب غير مقبول ذلك أنه - أياً كان وجه الرأي فيما ورد بهذا السبب - فإن الطاعنتين لم تقدما إلى هذه المحكمة ما يدل على أنهما تمسكتا بالدفاع الذى انبنى عليه هذا النعي لدى محكمة الاستئناف كما لا يبين ذلك من الحكم المطعون فيه فيكون بذلك سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 319 لسنة 38 ق جلسة 29 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 349 ص 1806

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى كمال سليم وعضوية السادة المستشارين/ سليم عبد الله سليم؛ محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا وجمال خفاجي.

-----------------

(349)
الطعن رقم 319 لسنة 38 القضائية

إيجار. بطلان. نظام عام:
حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة. م 16 من ق 52 لسنة 1969. مؤداه. بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. لا محل لأعمال نص المادة 563 مدني بإجراء المفاضلة بينها.. علة ذلك.

----------------
مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة، ومن المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني أنه "إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً"، هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص في القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه"، ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتحريم مخالفته بحكم المادة 44 من هذا القانون يترتب هذا الجزاء وإن لم يصرح به. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إعمال نص المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين عند تعددهم دون مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون 52 لسنة 1969 ومؤداها بطلان هذين العقدين بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام مع نص قانوني متعلق بالنظام العام بما سيترتب عليه من امتناع إجراء المفاضلة بينهما وبين العقد المؤرخ 1/ 8/ 1941 السابق صدوره للمستأجرين الأصليين والذي انتقل صحيحاً ونافذاً للطاعن في تاريخ سابق برسو مزاد المقهى عليه في 25/ 12/ 1971 بمقوماتها المادية والمعنوية. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1941 استأجر...... وشركاؤه من وزارة الأوقاف محلات النزاع لاستعمالها مقهى، وإزاء تخلف المستأجرين عن سداد الأجرة التي بلغت 2691 جنيها و250 مليم حتى ديسمبر 1971 فقد أمر محافظ القاهرة - القائم على شئون الأوقاف وقتئذ - بتوقيع الحجز الإداري على المنقولات المادية والمقومات المعنوية للمقهى استيفاء لدين الأجرة وتم الحجز في 15/ 12/ 1971 وتحدد للبيع يوم 25/ 12/ 1971 ورسا المزاد على الطاعن فأقام المطعون ضدهما الثالثة والرابعة الدعوى 22 سنة 1975 تنفيذ الموسكي على الطاعن وهيئة الأوقاف (المطعون ضدها الأخيرة) بطلب الحكم ببطلان إجراءات الحجز والبيع بمقولة انتفاء سلطة المحافظ في الأمر بالحجز فضلاً عن أن تلك الإجراءات اتخذت ضد المستأجرين الأصلين مع أن مورثهما المرحوم ...... كان قد استأجر المقهى من باطن هؤلاء المستأجرين بعقد ثابت التاريخ في 28/ 12/ 1961 وصارت العلاقة مباشرة بينه وبين وزارة الأوقاف، وإنما استمرا في استغلال المقهى بعد وفاة مورثهما - وقدما إيصالات سداد الأجرة عن المدة من أول يناير حتى آخر أكتوبر 1972 صادرة من هيئة الأوقاف باسم المستأجر الأصلي وشركائه، وقدم المطعون ضده الأول عقداً مؤرخا 1/ 5/ 1974 يتضمن استئجاره من الهيئة المذكورة محلاً مقتطعاً من المقهى - كما أقام الطاعن الدعوى 21 سنة 1975 تنفيذ الموسكي على المطعون ضدهم بطلب تسليم محلات النزاع بمشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971 استناداً إلى رسو مزادها عليه بإجراءات صحيحة، وانضمت هيئة الأوقاف للطاعن في طلباته وقد قرر قاضي التنفيذ ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد - وبتاريخ 19/ 3/ 1977 قضى في الدعوى 22 سنة 1975 برفضها وفى الدعوى 21 سنة 1975 بإلزام المطعون ضده الأخير - في مواجهة باقي المطعون ضدهم - بتسليم الطاعن المحلات المبيعة ومشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971، استأنف المطعون ضدهم - عدا الأخير - هذا الحكم بالاستئناف 1637 سنة 94 قضائية القاهرة طالبين الحكم إلغاء المستأنف والقضاء لهم بطلباتهم وبرفض دعوى الطاعن. وبتاريخ 27/ 12/ 1977 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 22 سنة 1975 (ثانياً) في الدعوى 21 سنة 1975 بتعديل الحكم إلى تسليم المنقولات المحجوز عليها والمبينة بمحضر الحجز الإداري المؤرخ 15/ 12/ 1971 وبرفض الدعوى بالنسبة لطلب تسليم المحلات التي يتكون منها المقهى. طعن الطاعن في هذا الشق الثاني من الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن - بالوجه الأول من السبب الثالث - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ بنى قضاءه برفض طلب تسليمه الأعيان التي رسا مزاد حق إيجارها عليه على سند من أحكام المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين بمقولة تزاحم حق الطاعن في الإيجار الذي نشأ في 25/ 12/ 1971 مع الإيجار الصادر بعد ذلك إلى المطعون ضده الأول بموجب العقد المؤرخ 1/ 5/ 1974 والإيجار الذى قال الحكم بصدوره إلى المستأجرين السابقين في أول يناير 1972 حالة أن هذين العقدين الأخيرين لا يعتد بهما ولا يصلحان سنداً للمفاضلة لبطلانهما بطلاناً مطلقاً لعدم مشروعية محل الالتزام بنص الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 التي تحظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار للمبنى أو الوحدة به وهو نص آمر يتعلق بالنظام العام ومخالفته تشكل جريمة معاقب عليها بالمادة 44 من هذا القانون، وعلى ذلك فلا يعتد إلا بعقد الإيجار الصادر في 1/ 8/ 1941 للمستأجرين الأصلين والذى انتقل صحيحاً نافذاً إلى الطاعن برسو المزاد عليه في 25/ 12/ 1971، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن تسليمه أعيان النزاع على قوله "إنه وإن كان الحجز على المتجر وبيعه ينقل حق الإيجار إلى المشترى إلا أنه إذا أجر المؤجر ذات العين مرة أخرى إلى شخص آخر أو إلى المستأجر الأول نفسه فإنه تكون هناك إيجارتان من نفس المؤجر وعن ذات العين، وفي حالة تعدد المستأجرين لعين واحدة فإنه وإن كانت المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 تحظر على المالك إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه ونصت المادة 44 منه على عقوبة معينة جزاء الإخلال بهذا الواجب إلا أنه من الناحية المدنية تكفلت المادة 573 من القانون المدني ببيان حكم تعدد الإيجارات فنصت على أنه إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة فضل من سبق منهم إلى وضع يده عليها بدون غش ولما كان الثابت بالأوراق أن المستأنف الأول (المطعون ضده الأول) استأجر من هيئة الأوقاف بعقد مؤرخ 1/ 5/ 1974 محلاً مقتطعا من المقهى وأن المستأنفين سددوا الأجرة عن المدة من 1/ 1/ 1972 حتى آخر أكتوبر سنة 1972 بما يفيد أن جهة الأوقاف عادت فأجرت العين محل التداعي إلى مستأجريها السابقين والذين حل المستأنفون محلهم فإنه تكون ثمة إيجارات متعددة لهذه العين وللمفاضلة بين المستأجرين يتعين التعويل على الأسبق منهم في وضع اليد....... والثابت أن المستأنفين هم واضعوا اليد على المقهى ......" وهذا الذى استند إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أن مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة، ومن المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني أنه إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً"، هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهى المقرر بنص في القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه"، ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد فيها وتجريم مخالفته - بحكم المادة 44 من هذا القانون - يترتب هذا الجزاء وهو بطلان العقود اللاحقة للعقد الأول وإن لم يصرح به، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى القول بأن هيئة الأوقاف أبرمت عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1974 للمطعون ضده الأول عن جزء اقتطع من أعيان النزاع، واستخلص الحكم من إيصالات سداد الأجرة عن المدة من 1/ 1/ 1972 حتى أخر أكتوبر 1972 قيام عقد إيجار جديد للمطعون ضدهم اعتباراً من هذا التاريخ ثم انتهى إلى إعمال نص المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين المستأجرين عند تعددهم دون مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 سنة 1969 ومؤداها بطلان هذين العقدين بطلاناً مطلقاً لتعارض محل الالتزام مع نص قانوني آمر متعلق بالنظام العام بما يترتب عليه من امتناع إجراء المفاضلة بينهما وبين العقد المؤرخ 1/ 8/ 1941 السابق صدوره للمستأجرين الأصليين والذى انتقل صحيحاً ونافذاً للطاعن في تاريخ سابق برسو مزاد المقهى عليه في 25/ 12/ 1971 بمقوماتها المادية والمعنوية لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف في الدعوى 21 سنة 1975 تنفيذ الموسكي الصادر بتسليم الطاعن المحلات المبيعة ومشتملاتها وملحقاتها المبينة بمحضر البيع المؤرخ 25/ 12/ 1971.

الطعن 179 لسنة 40 ق جلسة 28 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 346 ص 1794

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين/ صلاح الدين يونس؛ محمد وجدى عبد الصمد، ألفى بقطر حبشى ومحمد على هاشم.

-----------------

(346)
الطعن رقم 179 لسنة 40 القضائية

ضرائب "ضرائب تركات".
اشتمال تركة المورث على سندات التعويض عن القدر الزائد من الأطيان المستولى عليها نفاذاً لقانون الإصلاح الزراعي. وجوب دخول قيمة هذه السندات في وعاء الضريبة على التركات. لا يغير من ذلك صدور القانون 104 لسنة 1964 بعد وفاة المورث بأيلولة هذه الأطيان للدولة.

-----------------
النص في المواد الأولى والرابعة والخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي الذي بدأ العمل به من 25/ 7/ 1961 على أنه لا يجوز لأى فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان، ويكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يؤدي بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة وبفائدة قدرها 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء وأن تكون السندات قابلة للتداول في البورصة، وأنه يجوز للحكومة بعد عشرة سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً بالقيمة الاسمية، والنص في المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 104 لسنة 1964 الذى عمل به من 23/ 3/ 1964 على أن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقا لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961، تؤول ملكيتها إلى الدولة دون مقابل وأن يلغى كل نص يخالف ذلك، يدل على أن سندات التعويض عن القدر الزائد المستولى عليه كانت لها قيمتها في التداول. وإذ كانت وفاة المورث في 22/ 10/ 1961 وبعد العمل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 في 25/ 7/ 1961 هي الواقعة المنشئة لرسم الأيلولة والضريبة على التركات باعتبارهما سبب الأيلولة والحادث المؤثر في انتقال الملك من الميت إلى الحى وينشأ حق الخزانة العامة بتحققه، وكانت التركة المخلفة عن المورث في ذلك الوقت تشتمل - فيما تشتمل عليه - قيمة سندات التعويض عن القدر الزائد المستولى عليه، فإن قيمة هذه السندات تدخل في وعاء الضريبة، ولا يؤثر في ذلك صدور القانون رقم 104 لسنة 1964 ذلك أن هذا القانون ليس له أثر رجعي فلا يسري إلا من تاريخ نشره في 23/ 3/ 1965، وبعد أن انتقلت ملكية السندات إلى الورثة، فيكون هلاكها عليهم لا على المورث.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب المنصورة قدرت صافى تركة المرحوم "......" - مورث المطعون ضدهم - المتوفى في 22/ 10/ 1961 بمبلغ 51722.234 جنيهاً وأعلنت ورثته بهذا التقدير، وإذ اعترضوا وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 26/ 6/ 1967 بتخفيض قيمة صافى التركة إلى مبلغ 46384.487 جنيها فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 594 لسنة 1971 تجارى كلى المنصورة بالطعن في هذا القرار طالبة تأييد تقدير المأمورية واستندت إلى أن اللجنة استبعدت من التركة قيمة 4 فدادين و8 قراريط وسهم التي استولى عليها الإصلاح الزراعي بموجب القانون رقم 127 لسنة 1961 باعتبارها زائدة عن الحد الأقصى الذي يجوز تملكه مع أن هذا الاستيلاء وقت أن تم لم يكن بدون مقابل. كما طعن الورثة بدورهم في القرار المذكور بالدعوى رقم 531 لسنة 1967 تجارى كلى المنصورة طالبين اعتبار صافي قيمة التركة مبلغ 44000 جنيهاً. قررت المحكمة ضم الطعنين، وفى 15/ 2/ 1968 حكمت فى موضوع الطعن رقم 549 لسنة 1967 برفضه وتأييد القرار المطعون فيه فيما قضى به من استبعاد قيمة 4 أفدنة و8 قراريط وسهم الزائدة عن المائة فدان، قبل الفصل في موضوع الطعن رقم 531 لسنة 1967 بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 45 سنة 20 قضائية المنصورة طالبة إلغاءه فيما قضى به من رفض الطعن رقم 549 لسنة 1967 والحكم لها بطلباتها، وفى 10/ 1/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفى بيان ذلك تقول إن الحكم استبعد من التركة قيمة التعويض المستحق عن الأطيان الزراعية التي استولى عليها الإصلاح الزراعي طبقاً للقانونين رقمي 178 لسنة 1952، 127 لسنة 1961 استناداً إلى أن القانون رقم 104 لسنة 1964 قد نص على أن هذه الأطيان تؤول ملكيتها إلى الدولة بدون مقابل، في حين أن هذا القانون الأخير لم يعمل به إلا من 23/ 3/ 1964 ولا تسرى أحكامه على الماضي. ولما كان المورث قد توفى قبل العمل بهذا القانون وقد تعلق حقه بسندات الإصلاح الزراعي عن الأطيان المستولى عليها فإن هذا الحق يؤول إلى الورثة من بعده ويعتبر عنصراً من عناصر التركة ولا يعتد بما يطرأ عليه من هلاك أو زياده أو نقص بعد وفاة المورث.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المواد الأولى والرابعة والخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي الذي بدأ العمل به من 25/ 7/ 1961 على أنه لا يجوز لأى فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان، ويكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذاً لأحكام هذا القانون الحق في تعويض يؤدى بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة وبفائدة قدرها 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء وأن تكون السندات قابلة للتداول فى البورصة، وأنه يجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً بالقيمة الاسمية، والنص في المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 104 لسنة 1964 الذى عمل به من 23/ 3/ 1964 على أن الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والقانون رقم 127 لسنة 1961، تؤول ملكيتها إلى الدولة دون مقابل وأن يلغى كل نص يخالف ذلك، يدل على أن سندات التعويض عن القدر الزائد المستولى عليه كانت لها قيمتها في التداول. وإذ كانت وفاة المورث في 22/ 10/ 1961 وبعد العمل بالقانون رقم 122 لسنة 1961 في 25/ 7/ 1961 - هي الواقعة المنشئة لرسم الأيلولة، والحادث المؤثر في انتقال الملك من الميت إلى الحي وينشأ حق الخزانة العامة بتحققه، وكانت التركة المخلفة عن المورث في ذلك الوقت تشتمل - فيما تشتمل عليه - قيمة سندات التعويض عن القدر الزائد المستولى عليه، فإن قيمة هذه السندات تدخل في وعاء الضريبة، ولا يؤثر في ذلك صدور القانون رقم 104 لسنة 1964 ذلك أن هذا القانون ليس له أثر رجعي فلا يسري إلا من تاريخ نشره في 23/ 3/ 1964 وبعد أن انتقلت ملكية السندات إلى الورثة، فيكون هلاكها عليهم لا على المورث، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأنزل على واقعة الدعوى حكما قانونيا لاحقا في صدوره على وجودها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من استبعاد قيمة سندات التعويض عن القدر 4 أفدنة و8 قراريط و1 سهم المستولى عليه من صافى قيمة أصول تركة المرحوم ..... واعتبارها عنصراً من عناصر هذه التركة.

الطعن 14024 لسنة 90 ق جلسة 24 / 11 / 2022 مكتب فني 73 ق 84 ص 780

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / نادي عبد المعتمد أبو القاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي ، سامح حامد ، أحمد الطويل ومحمد حسن زيدان نواب رئيس المحكمة .
----------------
(84)
الطعن رقم 14024 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبوله شكلاً . علة ذلك؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم الواقعة بأركانها وظروفها . متى كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) اتفاق . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . فاعل أصلي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاتفاق . ماهيته ؟
للقاضي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه .
إثبات الحكم في حق الطاعن وجوده على مسرح الجريمة وإسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها . نعيه بشأن التدليل على اتفاقه مع المتهمين على ارتكابها ودوره فيها . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .مثال .
(5) إثبات " إقرار " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إقرار متهمين آخرين لضابط الواقعة بمشاركة الطاعن في ارتكاب الجريمة . قول للضابط . تقديره موضوعي . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . علة ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . 
النعي بقيام الحكم على رأي لسواه . غير مقبول . متى استخلص الإدانة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه .
(9) غرامة. سرقة. ارتباط . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أثر الطعن .
عقوبة الغرامة المقررة لجريمة سرقة المهمات المنصوص عليها بالمادة 316 مكرراً / ثانياً (ب) عقوبات . ذات صبغة عقابية بحتة . وجوب إدماجها في عقوبة الجريمة الأشد دون الحكم بها بالإضافة إليها . مخالفة الحكم هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها للطاعن ولمن لم يقبل طعنه شكلاً . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض وهو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقدم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يُغني عنه ، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون غير مقبول شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتعرف الشاهد الخامس على البطاريات المضبوطة وما ثبت من التقرير الطبي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المقدم .... - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
3- من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي توافرت لديه ، وإذ كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن وجوده مع باقي المتهمين على مسرح الجريمة وإسهامهم جميعاً بنصيب من الأفعال المادية المكونة لها بأن باغتوا المجني عليه - المعيّن خفيراً على برج الاتصالات المملوك لشركة .... للاتصالات - وأشهروا في مواجهته سلاحاً نارياً وتعدوا عليه ضرباً باستخدام عصا محدثين إصابته وأوثقوه بالحبال مهددين إياه بموالاة التعدي وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من سرقة بطاريات الشحن المستخدمة في برج الاتصالات حراسته ، وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها ، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على اتفاقه مع باقي المتهمين ودوره في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الواقعة التي أشار إليها بأسباب طعنه ، وهي من بعد واقعة ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها .
5- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من المتهمين الأول والخامس - السابق الحكم عليهما - بل استند إلى ما أقرا به للضابط - شاهد الإثبات الثالث - بارتكابهما للجريمة بمشاركة الطاعن ، وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة ، فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه وأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الضابط مُجري التحريات - شاهد الإثبات الثاني - على النحو الذي شهد به ، ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- لما كان الحكم إذ أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ، فإنه لم يبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس .
9- لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن الماثل والمحكوم عليه الأول بجرائم السرقة بالإكراه والذي ترك أثر جروح مع التعدد وحمل السلاح وحيازة وإحراز سلاح ناري غير مششخن ( بندقية خرطوش ) بغير ترخيص وحيازة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ وعاقبهما بالمواد 314 ، 316 ، 316 مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 26/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحقين بالقانون الأول ، وأورد أن الجرائم المسندة للمتهمين قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة وانتظمها جميعاً مخطط إجرامي واحد ، ومن ثم فالمحكمة تعتبرها جريمة واحدة وتقضي بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي الأولى وذلك عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ثم عاقب كل من الطاعن الماثل والمحكوم عليه الآخر بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لكل منهما وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما نسب إلى كل منهما وألزمتهما المصاريف الجنائية . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه والذي ترك أثر جروح - والتي دين بها الطاعن الماثل والمحكوم عليه الأول - وهي السجن المؤبد أو المشدد عملاً بنص المادة 314 من قانون العقوبات المار ذكره ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عقوبة الغرامة المقررة في المادة 316 مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات - وهي الجريمة الأخف - ولو أنها تعد عقوبة تكميلية للعقوبة المقيدة للحرية المنصوص عليها في تلك المادة ، إلا أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة لعقوبة الجريمة الأشد ، فإنه يتعين إدماج تلك الغرامة في عقوبة هذه الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة بموجب المادة 316 مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جرح بموجب المادة 314 من قانون العقوبات وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، مما يقتضي من هذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة للطاعن الماثل ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه . لما كان ذلك ، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ؛ ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم أو تصحيحه واحدة إذ تأبى العدالة أن يمتد إليه أثر نقض الحكم ولا يمتد إليه هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخرين سبق الحكم عليهم - بأنهم :
- سرقوا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق ( بطاريات ) والمملوكة لشركة .... للاتصالات وكان ذلك ليلاً بطريق الإكراه الواقع على المجني عليه .... والتـارك لآثار جروح موصوفة بالتقرير الطبي المرفق بأن أشهروا في مواجهته سلاحاً نارياً ( بندقية خرطوش ) وأداة ( عصا ) وتمكنوا من تقييده بوثاق وانهالوا عليه ضرباً محدثين إصابته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من بث الرعب في نفسه وشل مقاومته والاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات .
- حازوا وأحرزوا سلاحاً نارياً ( بندقية خرطوش ) بغير ترخيص على النحو المبين بالتحقيقات .
- حازوا وأحرزوا أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( عصا ، وثاق ) بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية والحرفية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ٣١٤ ، ٣١٦ ، ٣١٦ مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات ، والمواد ۱/۱ ، 25 مكرراً/١ ، 26 /1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ۱۹٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة ١٩٧٨ ، ١٦٥ لسنة ١٩٨١ ، ٦ لسنة ۲۰۱۲ والبند رقم (۷) من الجدول رقم (۱) والجدول رقم (۲) الملحقين بالقانون الأول ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالسجن المشدد خمس سنوات وبتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليهما وألزمتهما المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الأول .... :
حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، ولما كان التقرير بالطعن بالنقض وهو مناط اتصال المحكمة به ، وأن تقدم الأسباب التي بُني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يُغني عنه ، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون غير مقبول شكلاً .
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثاني .... : حيث إن الطاعن الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح ليلاً مع التعدد وحمل السلاح وحيازة وإحراز سلاح ناري ( بندقية خرطوش ) بغير ترخيص وحيازة وإحراز أدوات ( عصا ، وثاق ) بدون مسوغ قانوني قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن الحكم صيغ في عبارات عامة مجملة لا يبين منها واقعة الدعوى وأدلة الثبوت عليها ، لا سيما وأنه لم يورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات الثالث في بيان جلي ومفصل ، ولم يبيّن الأفعال التي ساهم بها الطاعن في ارتكاب الجريمة ، وخلا من بيان كيفية ضبط المتهمين رغم استناده إلى إقرار المتهمين الأول والثاني - السابق محاكمتهما - بارتكابهما للواقعة بالاشتراك مع باقي المتهمين ، ولم يفطن لإنكارهما لإقرارهما المنسوب صدوره منهما بالتحقيقات ، واعتنق تصوير شهود الإثبات للواقعة رغم عدم تعرف المجني عليه على المتهمين ، وخلو أقوال شهود الإثبات من ذكر اسم الطاعن عدا الشاهد الثاني - مجري التحريات - والتي لا تصلح كدليل لإدانته ، مما يُنبئ عن أن المحكمة بنت حكمها على عقيدة استخلصتها هي من رأي مُجري التحريات لا عن عقيدة قامت هي بتحصيلها بنفسها ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتعرف الشاهد الخامس على البطاريات المضبوطة وما ثبت من التقرير الطبي ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المقدم .... - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي توافرت لديه ، وإذ كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن وجوده مع باقي المتهمين على مسرح الجريمة وإسهامهم جميعاً بنصيب من الأفعال المادية المكونة لها بأن باغتوا المجني عليه - المعيّن خفيراً على برج الاتصالات المملوك لشركة .... للاتصالات - وأشهروا في مواجهته سلاحاً نارياً وتعدوا عليه ضرباً باستخدام عصا محدثين إصابته وأوثقوه بالحبال مهددين إياه بموالاة التعدي وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الإكراه من سرقة بطاريات الشحن المستخدمة في برج الاتصالات حراسته ، وهو ما يكفي لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها ، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن التدليل على اتفاقه مع باقي المتهمين ودوره في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الواقعة التي أشار إليها بأسباب طعنه ، وهي من بعد واقعة ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من المتهمين الأول والخامس - السابق الحكم عليهما - بل استند إلى ما أقرا به للضابط - شاهد الإثبات الثالث - بارتكابهما للجريمة بمشاركة الطاعن ، وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة ، فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليه وأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الضابط مُجري التحريات - شاهد الإثبات الثاني - على النحو الذي شهد به ، ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، فإن منازعة الطاعن في ذلك لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم إذ أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بالتقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ، فإنه لم يبنِ حكمه على رأي لسواه ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعن الماثل والمحكوم عليه الأول بجرائم السرقة بالإكراه والذي ترك أثر جروح مع التعدد وحمل السلاح وحيازة وإحراز سلاح ناري غير مششخن (بندقية خرطوش) بغير ترخيص وحيازة وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ وعاقبهما بالمواد 314 ، 316 ، 316 مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 26 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والبند رقم لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، 6 لسنة 2012 والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحقين بالقانون الأول ، وأورد أن الجرائم المسندة للمتهمين قد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة وانتظمها جميعاً مخطط إجرامي واحد ، ومن ثم فالمحكمة تعتبرها جريمة واحدة وتقضي بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد وهي الأولى وذلك عملاً بنص المادة 32/2 من قانون العقوبات ، ثم عاقب كل من الطاعن الماثل والمحكوم عليه الآخر بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لكل منهما وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه عما نسب إلى كل منهما وألزمتهما المصاريف الجنائية . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه والذي ترك أثر جروح - والتي دين بها الطاعن الماثل والمحكوم عليه الأول - وهي السجن المؤبد أو المشدد عملاً بنص المادة 314 من قانون العقوبات المار ذكره ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن عقوبة الغرامة المقررة في المادة 316 مكرراً ثانياً (ب) من قانون العقوبات - وهي الجريمة الأخف - ولو أنها تعد عقوبة تكميلية للعقوبة المقيدة للحرية المنصوص عليها في تلك المادة ، إلا أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة لعقوبة الجريمة الأشد ، فإنه يتعين إدماج تلك الغرامة في عقوبة هذه الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة بموجب المادة 316 مكرراً / ثانياً (ب) من قانون العقوبات بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جرح بموجب المادة 314 من قانون العقوبات وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، مما يقتضي من هذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة للطاعن الماثل ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنه . لما كان ذلك ، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الأول الذي لم يقبل طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملاً بمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ؛ ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم أو تصحيحه واحدة إذ تأبى العدالة أن يمتد إليه أثر نقض الحكم ولا يمتد إليه هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ