الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 سبتمبر 2024

الطعن 1812 لسنة 90 ق جلسة 1 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 89 ص 825

جلسة الأول من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / نبيل الكشكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علاء سمهان ، أشرف المصري ، جمال عبد المنعم ومحمد أباظة نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(89)
الطعن رقم 1812 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . النعي بإسقاط المحكمة بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . لا يؤثر فيه اختلافهم في بعض التفصيلات التي لم يوردها . علة ذلك ؟
(4) تسهيل استيلاء على أموال أميرية . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام لا يشترط لإثباتها طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوعها من أي دليل أو قرينة مهما كانت قيمة المال . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات وجديتها . كفايته لاطراح الدفع بعدم جديتها .
(6) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد الحكم من تقرير لجنة الفحص ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ٣١٠ إجراءات جنائية . لا قصور .
عدم إيراد نص تقرير لجنة الفحص بكامل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم . علة ذلك ؟
(8) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نعي الطاعن على المحكمة عدم عرضها الأوراق المزورة والاطلاع عليها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) عقوبة " تطبيقها " " وقف تنفيذها " . عزل . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
عقوبة العزل ليست عقوبة جنائية بالمعنى الحقيقي . قضاء الحكم بها مدة مساوية لمدة الحبس وإيقاف تنفيذها . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لمَّا كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – كان ذلك مُحققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يضحى غير سديد .
2- من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما عداه ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يُؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة المشهود عليها ، ولا يُؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم في بعض التفصيلات ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
4- من المقرر أن القانون لا يشترط لإثبات جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كان قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت تسهيل الطاعن للمتهم الثالث الاستيلاء على المال العام ، فإن منعى الطاعن بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها لا يكون سديداً .
5- لمَّا كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي قام بها مجريها وجديتها وهو ما يُعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً .
6- لمَّا كان ما أورده الحكم من تقرير لجنة الفحص يحقق مُراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، هذا إلى أنه لا يُؤثر في سلامة الحكم بالإدانة عدم إيراد نص تقرير اللجنة المشار إليها بكامل أجزائه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لمَّا كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ إنه من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة في المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وما دام لم يطلب الدفاع استكمال ما يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه .
8- لمَّا كان لا يبين أن الطاعن قد طلب من المحكمة أن تطلعه على الأوراق المزورة فليس له أن ينعى عليها عدم عرضها عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يُفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة ، فلا يُقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت .
9- لمَّا كان الحكم قد أعمل المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة وبعزله من وظيفته لمدة مساوية مخالفاً بذلك المادة 27 من قانون العقوبات التي تُوجب في حالة الحكم بالحبس ألا تقل مدة العزل عن ضعف مدة الحبس ، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو الذي طعن في الحكم وحده دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ حتى لا يُضار الطاعن بطعنه . لمَّا كان ذلك ، وكانت عقوبة العزل لا تعتبر عقوبة جنائية بالمعنى الحقيقي المقصود بنص المادة 55 من قانون العقوبات التي عنت بوقف تنفيذ العقوبات الجنائية دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبة بحتة حتى لو كان فيها معنى العقوبات وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بصفته موظفاً عاماً بجريمتي تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بجريمتي التزوير في محرر رسمي واستعماله والإضرار العمدي بالمال العام وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والغرامة والعزل وأمر بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والعزل المقضي بهما ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يُوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف التنفيذ لعقوبة العزل من الوظيفة ، إلا أنه لما كان الطاعن هو الذي طعن في الحكم وحده دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ حتى لا يُضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... 2- .... ( الطاعن ) 3- .... بأنهم :
- المتهم الأول : أولاً : بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع ( أمين مخزن المستهلك بمستشفى .... ) اختلس المستلزمات الطبية المبينة وصفاً بالأوراق والبالغ قيمتها 82 ، ۲۳۲۹۸۳ جنيه ( مائتان واثنان وثلاثون ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانون جنيهاً واثنين وثمانون قرشاً ) والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وصفته آنفتي البيان بأن تصرف فيها لحسابه الشخصي وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال وبمصالح جهة عمله .... بأن ارتكب الجريمة موضوع الوصف السابق مما ألحق بأموالها ومصالحها ضرراً جسيماً تمثل في جملة المبالغ المالية المختلسة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمان الأول والثاني : أولاً : بصفتهما موظفين عموميين (الأول أمين مخزن المستهلك بمستشفى ....) ، (الثاني مدير الشئون المالية بصحة .... ) سهلا للمتهم الثالث الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على أموال هي مبلغ قدره ٥۰۷۱ خمسة آلاف وواحد وسبعون جنيهاً والمملوكة لجهة عملهما سالفة البيان وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر : وبصفتهما آنفة البيان ارتكبا تزويراً في محررين رسميين لجهة عملهما هما ( مستند الصرف رقم .... - إذن إضافة رقم .... ) وكان ذلك بطريق الاصطناع وبجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اصطنعاهما على غرار الصحيح منها وأثبتا بالأول استحقاق المتهم الثالث للمبلغ سالف البيان ، وأثبتا بالثاني إضافة قطع الغيار للعهدة وذلك على خلاف الحقيقة واستعملا المحررين المزورين فيما زورا من أجله بأن قدماهما للمتهم الثالث للاحتجاج بهما لدى جهة عملهما في صرف المبالغ سالفة الذكر مع علمهما بتزويرها .
ثانياً : بصفتهما آنفة البيان أضرا عمداً بأموال ومصالح جهة عملهما بأن ارتكبا الجريمة موضوع الوصف السابق مما ألحق بأموالها ومصالحها ضرراً جسيماً تمثل في جملة المبلغ المستولى عليه وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثالث : أولاً : اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين الأول والثاني على ارتكاب الجرائم موضوع الوصفين السابقين بأن اتفق معهما على ارتكابها فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق مما ألحق ضرراً جسيما بأموال ومصالح جهة عملهما تمثل في جملة المبالغ المستولى عليها على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : استعمل المحررين المزورين موضوع الاتهام السابق فيما زورا من أجله مع علمه بتزويرهما بأن احتج بهما لدى جهة عمل المتهمين الأول والثاني لإعمال أثرهما في صرف المبلغ سالف البيان وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 30 ، 40/ ثانياً ، 41/1 ، 113 /1-2 ، 116 مكرر/1 ، 118 ، 119/أ ، 119 مكرر/أ ، 211 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من ذات القانون ، وتطبيق المادتين 55/1 ، 56/1 منه بشأن المتهم الثاني ، أولاً : بانقضاء الدعوى الجنائية بالوفاة بالنسبة للمتهم .... ، ثانياً : حضورياً للثاني .... وغيابياً للثالث .... بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة وتغريم أولهما مبلغ خمسة آلاف وواحد وسبعون جنيهاً وعزله من وظيفته مدة مساوية لمدة العقوبة عما أُسند إليه ومصادرة المحررات المزورة وأمرت بإيقاف عقوبتي الحبس والعزل للمتهم الثاني – الطاعن - .... مدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم .
فطعـن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إنَّ الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بصفته موظفاً عاماً بجريمتي تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بجريمتي التزوير في محرر رسمي واستعماله فيما زور من أجله والإضرار العمدي بالمال العام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه صيغت في عبارات عامة مجهلة لا يبين منها أدلة الإدانة ومُؤداها سيِمَّا أقوال شاهد الإثبات الأول في أمور عددها وأحال إلى أقواله في بيان أقوال الشهود من الثاني إلى الخامس رغم اختلاف أقوالهم في مواضع ذكرها بأسباب طعنه ، واطرح برد غير سائغ دفعيه بعدم توافر أركان جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام ، وعدم جدية التحريات لشواهد عددها ، وعول على تقرير لجنة الفحص دون أن يورد مضمونه مكتفياً بإيراد نتيجته ، وعلى تحقيقات النيابة العامة فيما أوردته من أقوال شاهد الإثبات الأول رغم قصور تلك التحقيقات والتفتت عن دفعه في هذا الشأن ، ولم تقم المحكمة بفض حرز الأوراق المدعى تزويرها واطلاعه ومحاميه عليها ، كل ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بَيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تُؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لمَّا كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – كان ذلك مُحققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يضحى غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم ، بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما عداه ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يُؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة المشهود عليها ، ولا يُؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم في بعض التفصيلات ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط لإثبات جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام المنصوص عليها في الباب الرابع من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – بوقوع الفعل المكون لها من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كان قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت تسهيل الطاعن للمتهم الثالث الاستيلاء على المال العام ، فإن منعى الطاعن بعدم توافر تلك الجريمة بركنيها لا يكون سديداً . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي قام بها مجريها وجديتها وهو ما يُعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون قويماً . لمَّا كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من تقرير لجنة الفحص يحقق مُراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، هذا إلى أنه لا يُؤثر في سلامة الحكم بالإدانة عدم إيراد نص تقرير اللجنة المشار إليها بكامل أجزائه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لمَّا كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن الطاعن اقتصر على القول بقصور تحقيقات النيابة العامة في عبارة عامة مرسلة لا تشتمل على بيان مقصده منها ودون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، هذا فضلاً عن أن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ إنه من المقرر أن تعييب التحقيق الذي تجريه النيابة العامة لا تأثير له على سلامة الحكم ، والأصل أن العبرة في المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها وما دام لم يطلب الدفاع استكمال ما يكون بالتحقيقات الابتدائية من نقص أو عيب فليس له أن يتخذ من ذلك سبباً لمنعاه . لمَّا كان ذلك ، وكان لا يبين أن الطاعن قد طلب من المحكمة أن تطلعه على الأوراق المزورة فليس له أن ينعى عليها عدم عرضها عليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يُفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة ، فلا يُقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت . لمَّا كان ذلك ، وكان الحكم قد أعمل المادة 17 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة سنة واحدة وبعزله من وظيفته لمدة مساوية مخالفاً بذلك المادة 27 من قانون العقوبات التي تُوجب في حالة الحكم بالحبس ألا تقل مدة العزل عن ضعف مدة الحبس ، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو الذي طعن في الحكم وحده دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ حتى لا يُضار الطاعن بطعنه . لمَّا كان ذلك ، وكانت عقوبة العزل لا تعتبر عقوبة جنائية بالمعنى الحقيقي المقصود بنص المادة 55 من قانون العقوبات التي عنت بوقف تنفيذ العقوبات الجنائية دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبة بحتة حتى لو كان فيها معنى العقوبات وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بصفته موظفاً عاماً بجريمتي تسهيل الاستيلاء على المال العام المرتبطة بجريمتي التزوير في محرر رسمي واستعماله والإضرار العمدي بالمال العام وعاقبه بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والغرامة والعزل وأمر بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والعزل المقضي بهما ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يُوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف التنفيذ لعقوبة العزل من الوظيفة ، إلا أنه لما كان الطاعن هو الذي طعن في الحكم وحده دون النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ حتى لا يُضار الطاعن بطعنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 13914 لسنة 90 ق جلسة 4 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 93 ص 881

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد مقلد ، محمد قنديل ، محمد غنيم وماجد إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
------------------
(93)
الطعن رقم 13914 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي في المحاكمات الجنائية بدليل معين . له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه بالأوراق . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بجميع تفاصليها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نعي الطاعن بعدم جدية التحريات وصلاحيتها دليلاً للإدانة . غير مقبول . ما دام الحكم لم يستند في الإدانة لدليل مستمد منها أقوال الضابط بشأن التحريات . مجرد قول . تقديره موضوعي .
(6) آثار . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية دون ترخيص . عمدية . القصد الجنائي فيها . تحققه بتعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه واتجاه إرادته لذلك . إيراد الحكم ما يكفي للدلالة على توافره . النعي بشأنه . غير مقبول .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بعدم ارتكاب الجريمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .مثال .
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(10) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في تاريخ الواقعة . لا يؤثر في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بمعاينة لجنة الآثار وبكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً .
2- لما كان الحكم قد أورد تفصيلاً أقوال شاهد الإثبات الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يضحى غير مقبول .
3- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقديته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة غير يقينية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصليها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يرتكن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعها بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وضابط مباحث قسم الآثار وما ثبت من معاينة اللجنة وكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... وكان ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
6- من المقرر أن جريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها من تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون ، واتجاه إرادته إلى إقامة البناء وعلمه بأنه يقيمه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلة الثبوت فيها وفي معرض رده على الدفع بانتفاء القصد الجنائي يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، وكان ما رد به الحكم على الدفع بانتفاء القصد الجنائي كاف وسائغ ، فإن ما يجادل فيه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
7- من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .
8- لما كان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه المؤيد بالمستندات لنفي ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه وعدم مسئوليته عن أعمال البناء وعدم تواجده في تلك الفترة وأن المسكن مملوك لوالده وانتفاء صلته بالجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومع ذلك فقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الصدد على غير محل .
9- من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان الاختلاف في تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار على النحو المشار إليه بسبب الطعن – بفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطقه واستدلاله ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
10- لما كان خطأ الحكم في تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- قام بأعمال بناء على أرض متاخمة لأثر ( مسجد .... الأثري ) دون ترخيص من هيئة الآثار وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 20/ 4،3،1 ، 22 ، 40 /2 ، 43 ، 44 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار والمعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه مائة ألف جنيه لما نسب إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يورد مؤدى أدلة الإدانة بصورة وافية ، وأحال في بيان مؤدى أقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث إلى ما قرره شاهد الإثبات الأول ، وعوّل في الإدانة على أدلة غير يقينية مستنداً إلى أقوال شهود الإثبات رغم أنهم لم يروا الواقعة ولم يجزم أي منهم بارتكابه لها ولم يحددوا كيفية التعدي على الحرم الأثري والشروط والمسافة التي كان يتعين عليه مراعاتها . ونسبوا له ملكية المبنى رغم أنه مملوك لوالده بإقراره والمستندات التي قدمها ، واتخذ من تحريات المباحث دليلاً أساسياً في الدعوى رغم عدم جديتها وصلاحيتها كدليل إدانة ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء القصد الجنائي لديه ، وأغفل الرد على ما ساقه من شواهد مدعمة بالمستندات للتدليل على نفي التهمة ، وأخطأ في بيان تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار وتاريخ حدوث الواقعة ، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بمعاينة لجنة الآثار وبكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد تفصيلاً أقوال شاهد الإثبات الأول ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال عليها الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يضحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقديته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن في شأن خلو الأوراق من دليل على ارتكاب الواقعة والتعويل على أدلة غير يقينية لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصليها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يرتكن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكانت المحكمة قد كشفت عن اطمئنانها إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعها بحدوث الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وضابط مباحث قسم الآثار وما ثبت من معاينة اللجنة وكتاب الإدارة الهندسية بحي غرب .... وكان أن ما ورد بأقوال الضابط في شأن التحريات إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت جريمة البناء على أرض متاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها من تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون ، واتجاه إرادته إلى إقامة البناء وعلمه بأنه يقيمه بغير حق وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً وأن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وإيراده لأدلة الثبوت فيها وفي معرض رده على الدفع بانتفاء القصد الجنائي يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعن وتتوافر به جريمة البناء على أرض مُتاخمة لمنطقة أثرية بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، وكان ما رد به الحكم على الدفع بانتفاء القصد الجنائي كاف وسائغ ، فإن ما يجادل فيه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن دفاعه المؤيد بالمستندات لنفي ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه وعدم مسئوليته عن أعمال البناء وعدم تواجده في تلك الفترة وأن المسكن مملوك لوالده وانتفاء صلته بالجريمة المسندة إليه لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ومع ذلك فقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم يضحى منعاه في هذا الصدد على غير محل . لما كان ذلك ، وكان الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان الاختلاف في تاريخ صدور خطاب الإدارة الهندسية وقرار هيئة الآثار على النحو المشار إليه بسبب الطعن – بفرض حصوله – لا أثر له في عقيدة المحكمة ولا في منطقه واستدلاله ، فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم في تاريخ الواقعة – بفرض حصوله – لا يؤثر في سلامته ما دام أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون فيها ، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 177 لسنة 41 ق جلسة 28 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 347 ص 1798

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين/ صلاح الدين يونس ومحمد وجدي عبد الصمد، ألفي بقطر حبشي ومحمد على هاشم.

------------------

(347)
الطعن رقم 177 لسنة 41 القضائية

الأحكام القطعية - موضوعية أو فرعية - ولو كانت باطلة أو مبنية على إجراء باطل - عدم جواز العدول عنها من ذات المحكمة التي أصدرتها. لا محل لإعمال نص المادة 195 مرافعات بشأن الأوامر على العرائض.

---------------------
من القواعد المقررة في قضاء هذه المحكمة (1) أنه بصدور الحكم يمتنع على المحكمة التي أصدرته العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية - موضوعية كانت أو فرعية - أنهت الخصومة أو لم تنهها، حتى يخرج النزاع من ولاية المحكمة يتعين أن يكون قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أو باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاؤه إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة. ولا يغير من هذا النظر ما تقضي به المادة 195 من قانون المرافعات التي استند إليها الحكم المطعون فيه تبريراً لقضائه لأن مؤدى هذا النص أنه يجوز للقاضي أن يصدر أمراً على عريضة مخالفاً لأمر سابق على أن يذكر الأسباب التي اقتضت إصدار الأمر الجديد. وحكمها بذلك يكون مقصورا على الأوامر على العرائض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن مأمورية ضرائب الأقصر قدرت أرباح المطعون ضده الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية والصناعة في سنة 1960 بمبلغ 2250 جنيهاً و670 مليماً وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 12/ 2/ 1968 بتخفيض تقديرات المأمورية إلى مبلغ 554 ج فقد أقام الدعوى رقم 56 سنة 1968 ضرائب قنا الابتدائية طالبا الحكم بتعديل القرار المطعون فيه إلى اعتبار أرباحه في سنة 1960 مبلغ 126 جنيه. بتاريخ 2/ 4/ 1969 حكمت المحكمة بتعديل القرار المطعون فيه إلى اعتبار أرباحه في سنة النزاع بمبلغ 130 ج استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 104 سنة 44 ق - أسيوط. وبتاريخ 16/ 6/ 1970 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وصدوره على خلاف حكم سابق صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وفي بيان ذلك تقول أنها طعنت بالاستئناف في الحكم الابتدائي استناداً إلى أنه أخطأ حينما اعتبر أن لجنة الطعن قد تجاوزت حدود اختصاصها رغم أن القرار الصادر منها كان في حدود تقديرات المأمورية وطلبات الممول طبقاً لحكم المادة 53 من القانون 14 لسنة 1939، وبالرغم من أن المحكمة الاستئنافية قد حسمت هذا النزاع بحكمها الصادر في 16/ 6/ 1970 بما قررته من أن اللجنة لم تتجاوز حدود اختصاصها وأن قرارها جاء مطابقاً للمادة سالفة الذكر وأن هذا القضاء حاز حجية الشيء المحكوم فيه فإنها عادت وقضت بحكمها الصادر في 26/ 12/ 1970 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وأسست قضاءها على أن لجنة الطعن قد تجاوزت اختصاصها في قررته بما يتناقض مع قضائها الأول وفى ذلك مخالفة للقانون ولا يغير من هذا النظر استناد الحكم المطعون فيه في تبرير قضائه إلى المادة 195 من قانون المرافعات لأن هذا النص إنما يتعلق بالأوامر على العرائض ولا شأن له بالأحكام.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من القواعد المقررة في قضاء هذه المحكمة أنه بصدور الحكم يمتنع على المحكمة التي أصدرته العدول عما قضت به ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أو فرعية أنهت الخصومة أو لم تنهها وحتى يخرج النزاع من ولاية المحكمة يتعين أن تكون قد فصلت فيه صراحة أو ضمناً، ويستوى أن يكون حكمها صحيحاً أو باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاؤه إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة.
وإذ كان ذلك الثابت من الحكم التمهيدي الصادر من المحكمة الاستئنافية في 6/ 6/ 1970 أنه قطع في أسبابه بأن..... "ما ذهب إليه الحكم المستأنف من أن لجنة الطعن قد تجاوزت اختصاصها وأضافت عنصراً آخر هو التصنيع مردود بأنه إذ نصت المادة 53 من القانون 14 لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950 على أن تصدر اللجنة قرارها باعتماد تقدير مصلحة الضرائب أو بتخفيضه فإن المقصود بكلمة التقدير في هذه المادة هو تقدير المأمورية لصافى الربح لا تقديرها لكل عنصر من عناصر الربح على حده ولذلك فللجنة الطعن أن تزيد في عنصر من عناصر التقدير ما دام ذلك لا يسفر في النهاية عن زيادة التقدير المعروض عليها" وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لذات النزاع بقوله "....... وحيث إن المحكمة لا ترى الأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير الذى ندبته بهيئة سابقة..... للأسباب الآتية..... نصت الفقرة الثالثة من المادة 53 على أن تصدر اللجنة قرارها في حدود تقدير المصلحة وطلبات الممول ومؤدى ذلك أن لجنة الطعن ليست هيئة مخولة لتقدير الأرباح ابتداء بل هي هيئة تنظر في طعن في قرار أصدرته المأمورية وأن ولايتها بالنظر في أمر الطعن لا يتعدى النظر في طلبات الممول في حدود تقدير الضرائب وليس لها بحال أن تتجاوز ذلك إلى بحث أسس التقدير بإقامة عنصر لم يدخل في الاعتبار عند إصدار قرار الربط، ورتب على ذلك تأييده للحكم المستأنف، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد عدل عما قطعت فيه المحكمة بحكمها الصادر في 6/ 6/ 1970 مما يتعين معه نقضه ولا يغير من هذا النظر ما تقضى به المادة 195 من قانون المرافعات التي استند إليها الحكم المطعون فيه تبريرا لقضائه لأن مؤدى هذا النص أنه يجوز للقاضي أن يصدر أمرا على عريضة مخالفا لأمر سابق على أن يذكر الأسباب التي اقتضت إصدار الأمر الجديد. وحكمها بذلك يكون مقصورا على الأوامر على العرائض وفى حالات استثنائية خاصة وردت على سبيل الحصر.


(1) نقض 30/ 5/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 صـ 1082 (نقض 27/ 4/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 صـ 918).

الطعن 623 لسنة 41 ق جلسة 26 / 11 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 338 ص 1756

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين/ أحمد شيبه الحمد، أحمد شوقي المليجي، عبد السلام القرش وعبد الوهاب سليم.

----------------------

(338)
الطعن رقم 623 لسنة 41 القضائية

(1) تقادم "تقادم مسقط". عمل:
علم العامل علماً يقينياً بقرار فصله من تاريخ شكواه إلى مكتب العمل. مطالبته بحقوقه العمالية بعد انقضاء سنة من هذا التاريخ. أثره. سقوط دعواه بالتقادم. لا يغير من ذلك عدم مراعاة المهلة القانونية للإخطار بالفصل.
(2) عمل "إنهاء العقد".
عدم مراعاة رب العمل قواعد التأديب. لا يمنعه من فسخ عقد العمل وفصل العامل لأحد الأسباب المبينة بالمادة 76 ق 91 لسنة 1959.

-------------------
1- لما كان يجوز لكل من المتعاقدين في عقد العمل غير محدد المدة - وفقاً لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدني والمادة 72 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر ويتعين لاستعمال أي من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقا بثلاثين يوما بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة للعمال الآخرين، فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدى إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها، مما مفاده اعتبار عقد العمل منتهيا بإبلاغ الرغبة في إنهائه من أحد طرفيه إلى الآخر، وأنه لا يترتب على عدم مراعاة المهلة القانونية إلا مجرد التعويض على التفصيل السابق، ولما كان يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون عليه، أن الطاعن علم بقرار فصله يقيناً بتاريخ 16/ 9/ 1965 وهو تاريخ تقديمه شكواه إلى مكتب العمل بطلب وقف قرار فصله، ومن ثم يعتبر عقد عمله منقوضاً اعتباراً من هذا التاريخ بينما أقام دعواه بحقوقه العمالية بعد مضى أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم المطعون فيه قد أنهى إلى سقوط الحق في المطالبة بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2- عدم مراعاة قواعد التأديب المشار إليها قبل توقيع جزاء الفصل التأديبي لا يمنع من فسخ عقد العمل وفصل العامل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959 ومنها عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1031 سنة 1966 عمال كلي القاهرة على المطعون ضده - بنك مصر - وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 3150 جنيهاً و324 مليم - وقال بياناً لها أنه التحق بالعمل لدى البنك بتاريخ 7/ 3/ 1957 وتدرج في وظائفه حتى بلغ أجره الشهري 37 جنيه و581 مليم - غير أنه أجرى تحقيق معه لاتهامه بالاختلاس ثم أوقف عن العمل بتاريخ 10/ 7/ 1964 وفصل بلا مبرر، مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 9445 لسنة 1965 عمال جزئي القاهرة بطلب إيقاف قرار الفصل وقضى فيها بعدم قبول الطلب، فأقام هذه الدعوى بطلب الحكم له بالمبلغ المطالب به ويمثل ما يستحقه من أجر عن المدة من 1/ 4/ 1964 إلى 30/ 6/ 1964 ومقداره 112 جنيهاً و246 مليم ومبلغ 37 جنيه و185 مليماً بدل إنذار ومبلغ ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن فصله، وبتاريخ 8/ 4/ 1970 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالتقادم، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، وقيد الاستئناف برقم 1517 سنة 87 قضائية، وبتاريخ 13/ 5/ 1971 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 7/ 10/ 1978 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على أسباب ثلاثة ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون عليه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون عليه أقام قضاءه بسقوط الحق في المطالبة بالتقادم على أن الطاعن علم في 16/ 9/ 1965 بقرار فصله الصادر في 24/ 8/ 1965 حين تقدم بشكواه لمكتب العمل بطلب وقف ذلك القرار، وأنه كان يتعين عليه إقامة دعواه خلال سنة من هذا التاريخ، وأنه لما كانت المادة 72/ 1 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إلغاءه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة الإلغاء، وأوضحت المادة السادسة من قانون المرافعات شكل الإعلان، وكان المطعون ضده لم يوجه إلى الطاعن إعلان بالفصل على نحو ما تقدم فإن ميعاد السنة المقرر لسقوط الحق في المطالبة لا يكون قد سري في حقه، كما أن قرار الفصل وقد صدر دون عرض على اللجنة الثلاثية المشكلة وفق قرار وزير العمل 96 لسنة 1962 المعدل بالقرار 107 لسنة 1963 للنظر مسبقاً في أمر فصل العامل أنه يكون باطلاً ولا يعتد به بداية لميعاد السقوط وينفى علم الطاعن بفصله في 16/ 9/ 1965 ما تضمنه الخطاب المرسل إليه من المطعون ضده في 26/ 10/ 1965 بتسوية حالته اعتباراً من 1/ 7/ 1964 على وظيفة محاسب بالفئة الخامسة دون ذكر لواقعة الفصل في الخطاب مما يستفاد منه أن الطاعن كان لا يزال حينئذ يعمل لدى المطعون ضده، ومع ذلك أغفل الحكم المطعون فيه دلالة هذا الخطاب وانتهى في قضائه إلى سقوط حق الطاعن في المطالبة بالتقادم فأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه على الحكم المطعون عليه في غير محله ذلك أنه لما كان يجوز لكل من المتعاقدين في عقد العمل غير محدد المدة - وفقاً لما تنص عليه المادتان 694 و695 من القانون المدني والمادة 72 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 - أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر، ويتعين لاستعمال أي من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقاً لثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة للعمال الآخرين فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منهما، مما مفاده اعتبار عقد العمل منتهياً بإبلاغ الرغبة في إنهائه من أحد طرفيه إلى الآخر، وأنه لا يترتب على عدم مراعاة المهلة القانونية إلا مجرد التعويض على التفصيل السابق، ولما كان يبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون عليه، أن الطاعن علم بقرار فصله بتاريخ 16/ 9/ 1965 وهو تاريخ تقديمه شكواه إلى مكتب العمل بطلب وقف قرار فصله، ومن ثم يعتبر عقد عمله منقوضاً اعتباراً من هذا التاريخ، لما كان ذلك وكان لا وجه لما يقول به الطاعن من أنه يتعين استبعاد تاريخ علمه بقرار الفصل من العمل باعتباره بداية لميعاد السقوط بالتقادم لصدوره دون مراعاة قواعد التأديب المنصوص عليها في القرارات الوزارية لوزير العمل إذ أن عدم مراعاة قواعد التأديب المشار إليها قبل توقيع جزاء الفصل التأديبي لا يمنع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من فسخ عقد العمل وفصل العامل لأحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 76 من القانون رقم 91 لسنة 1959 ومنها عدم قيام العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل، كما أن ما يثيره الطاعن حول مدلول خطاب المطعون ضده إليه في 26/ 10/ 1965 هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ولا يجوز طرحها أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكانت المادة 698 من القانون المدني تنص على أنه "تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد إلا فيما يتعلق بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسب المئوية في جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذى يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد "مما مؤداه سريان هذا التقادم على جميع الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن علم يقيناً بفصله من العمل في 16/ 9/ 1965 بينما أقام دعواه بحقوقه العمالية بعد مضى أكثر من سنة من تاريخ الفصل، وكان الحكم فيه قد انتهى إلى سقوط الحق في المطالبة بالتقادم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 96 لسنة 46 ق جلسة 20 / 12 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 385 ص 1977

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

------------------

(385)
الطعن رقم 96 لسنة 46 القضائية

(1) تقادم. إيجار.
التقادم. جواز النزول عن الدفع به صراحة أو ضمناً بعد ثبوت الحق فيه. لمحكمة الموضوع تقدير ذلك. مثال في سقوط الحق في المطالبة بالأجرة.
(2) إيجار "إيجار الأماكن. ضرائب.
العقارات المملوكة للأفراد المؤجرة لمعاهد وزارة التربية والتعليم خضوعها للضريبة على العقارات المبنية. وجوب تخفيض الأجرة بما يعادل الإعفاء الضريبي. القانون رقم 169 لسنة 1961.

------------------
1- مؤدى نص المادة 388 من التقنين المدني أن النزول عن التقادم بسائر أنواعه عمل قانوني من جانب واحد يتم بمجرد إرادة المتنازل وحدها بعد ثبوت الحق فيه، ولما كان النزول عن التقادم لا يخضع لأي شرط شكلي فكما يقع صراحة بأي تعبير عن الإرادة يفيد معناه، فإنه يجوز أن يكون ضمنا يستخلص من واقع الدعوى ومن كافة الظروف والملابسات المحيطة التي تظهر منها هذه الإرادة بوضوح لا غموض فيه، ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضى الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان يستقي من موقف المدين ما يستفاد منه حتماً نزوله عن الدفع بالتقادم بما لا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين بصفتهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة بالتقادم عن المدة السابقة على 29/ 11/ 1949 وأنه استخلص من الكتاب الذي وجهته المنطقة التعليمية إلى المطعون عليهم في 11/ 1/ 1960 وبعد ثبوت الحق في التمسك بالتقادم أنه مع إقرارها الضمني بعدم سداد الأجرة وعدت بالوفاء بها لدى تقديم مستندات التمليك، ومن الكتاب المرسل إلى المطعون عليه الأول بتاريخ 26/ 11/ 1962 المتضمن طلب إدارة الشئون القانونية موافاتها بمذكرة مبين بها تاريخ تسليم المبنى واسم المؤجر وقدر المبالغ المعلاة كأمانات وتواريخ الطلبات المقدمة لصرفها حتى يمكن إنهاء موضوع الأجرة المستحقة المتأخرة ودفعها - استخلص من هذين الكتابين غير المجحودين إرادة الطاعنين الثابتة والمؤكدة في النزول عن التقادم فإن هذا الاستخلاص الموضوعي سائغ وله مأخذه من الأوراق.
2- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 169 لسنة 1961 بتقرير بعض الإعفاءات من الضريبة على العقارات المبينة أن المشرع أعفى من أداء الضريبة على العقارات المبينة والضرائب الإضافية الأخرى المساكن التي لا يزيد متوسط الإيجار الشهري للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات، كما أعفى من أداء الضريبة الأصلية وحدها المساكن التي يزيد متوسط الإيجار الشهري للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات ولا تجاوز خمسة جنيهات، بحيث يقع عبء التخفيض على عاتق الخزانة في صورة إعفاء الملاك من الضرائب مقابل تخفيض الأجرة بما يعادلها بقصد التخفيف عن كاهل المستأجرين، ومؤدى المادتين 2 و21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبينة أن هذه الضريبة تسري على أنحاء معينة بالجدول المرفق بالقانون، ولا يعفى من أدائها سوى الأحوال المبينة فيها بيان حصر، وليس من بينها العقارات المملوكة للأفراد والمؤجرة معاهد تابعة لوزارة التربية والتعليم وإذ كان البين من محضر أعمال الخبير أن المطعون عليهم قدموا ما يفيد خضوع العقار موضوع النزاع للضريبة العقارية ولم يكن لذلك صدى في النتيجة التي خلص إليها التقرير، وكان ما خلص إليه الخبير يخالف الثابت بمحضر أعماله وإذ أخذ الحكم بالتقرير دون أن يفطن إلى هذا التناقض فإنه فضلاً عن خطئه في القانون يكون قاصر التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليه الأول ومورث باقي المطعون عليهم أقاما - بعد رفض أمر الأداء - الدعوى رقم 1085 لسنة 1964 مدني أمام محكمة طنطا الابتدائية ضد الطاعنين بصفتهما - وزرة التربية والتعليم ومنطقة طنطا التعليمية - بطلب إلزامهما أن يدفعا لهما مبلغ 1901 جنيه قيمة الإيجار المتأخر حتى آخر شهر سبتمبر سنة 1964. وقالا شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 9/ 11/ 1953 أجرا وزارة التربية والتعليم منزلاً مملوكاً لهما كائناً ...... بقصد استعماله مدرسة لقاء أجرة قدرها 23 جنيه شهرياً. وإذ تأخرت الوزارة في سداد مبلغ 1901 جنيه من الأجرة المستحقة، فقد أقاما الدعوى. طلب الطاعنان وقفها حتى يفصل في دعوى تخفيض الأجرة المقامة منهما، كما تمسكا بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة عن المدة السابقة على 29/ 11/ 1959 بالتقادم الخمسي. وبتاريخ 11/ 1/ 1966 حكمت المحكمة بوقف الدعوى لحين الفصل في دعوى التخفيض، وبعد الفصل في هذه الدعوى عدل المطعون عليهم طلباتهم إلى مبلغ 2509.80 جنيه قيمة الإيجار المستحق حتى آخر فبراير سنة 1969، وعادت المحكمة بتاريخ 23/ 9/ 1969 فحكمت بإلزام الطاعنين بأن يدفعا مبلغ 2494.561 جنيه، استأنفت وزارة التربية والتعليم هذا الحكم بالاستئناف رقم 225 لسنة 19 ق طنطا، وبتاريخ 18/ 4/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء لمعاينة العقار المؤجر وبيان عدد غرفه وما إذا كان يتمتع بالإعفاء والتخفيضات التي نص عليها القانون رقم 169 لسنة 1961، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وحكمت بتاريخ 4/ 12/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم والحكم الصادر بندب الخبير بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان إن محكمة الاستئناف سايرت محكمة أول درجة في رفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة بالتقادم عما زاد عن الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى، على سند من القول بأن كتاب المنطقة التعليمية الموجه إلى المؤجرين في 11/ 1/ 1960 ينطوي على التنازل عن التمسك بالتقادم الذى كان قد تم، بنصه على صرف الإيجار عند تقديم مستندات الملكية، وهو ما يجاوز مجرد الإقرار بالأجرة إلى الاعتراف بالدين ذاته وباستحقاقه بدليل إبداء الاستعداد لسداده وأضاف الحكم المطعون فيه قرينة على هذا النزول استقاها من سداد الوزارة الأجرة المستحقة عن جزء من المدة التي تمسكت بسقوط الحق في اقتضائها، في حين أن ما تضمنه الكتاب آنف البيان لا يؤدى إلى معنى التنازع عن التقادم، بل يفهم منه أن المنطقة التعليمية على استعداد لسداد ما لم يتقادم من الأجرة حال تقديم المستندات الدالة على ملكية العين المؤجرة، وهو مجرد تقرير للواقع لوجود نزاع على ملكيتها، ولا يمكن اعتبار مطالبة الدائن بتقديم المستندات دليلاً على التنازل عن التقادم. هذا إلى أن المبلغ الذى سددته المنطقة يندرج ضمنه مبالغ أخرى بخلاف الأجرة، الأمر الذي ينتفي معه القول بسداد مبالغ عن المدة التي سقطت بالتقادم، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 388 من التقنين المدني على أنه "لا يجوز النزول عن التقادم قبل ثبوت الحق فيه.... وإنما يجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه أن ينزل ولو ضمناً عن التقادم بعد ثبوت الحق فيه...." يدل على أن النزل عن التقادم بسائر أنواعه عمل قانوني من جانب واحد يتم بمجرد إرادة المتنازل وحدها بعد ثبوت الحق فيه. ولما كان النزول عن التقادم لا يخضع لأي شرط شكلي فكما يقع صراحة بأي تعبير عن الإرادة يفيد معناه، فإنه يجوز أن يكون ضمناً يستخلص من واقع الدعوى ومن كافة الظروف والملابسات المحيطة التي تظهر منها هذه الإرادة بوضوح لا غموض فيه، وكان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان يستقى من موقف المدين ما يستفاد منه حتماً نزوله عن الدفع بالتقادم بما لا معقب عليه ما دام استخلاصه سائغاً. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون أن الطاعنين بصفتهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة بالتقادم عن المدة السابقة على 29/ 11/ 1959 وإذ استخلص من الكتاب الذى وجهته المنطقة التعليمية إلى المطعون عليهم فى 11/ 1/ 1960 وبعد ثبوت الحق فى التمسك بالتقادم أنه مع إقرارها الضمنى بعدم سداد الأجرة وعدت بالوفاء بها لدى تقديم مستندات التمليك، ومن الكتاب المرسل إلى المطعون عليه الأول بتاريخ 26/ 11/ 1962 المتضمن طلب إدارة الشئون القانونية موافاتها بمذكرة مبين بها تاريخ تسليم المبنى واسم المؤجر وقدر المبالغ المعلاة كأمانات وتواريخ الطلبات المقدمة لصرفها حتى يمكن إنهاء موضوع الأجرة المستحقة المتأخرة ودفعها، استخلص من هذين الكتابين غير المجحودين إرادة الطاعنين الثابتة والمؤكدة في النزول عن التقادم، فإن هذا الاستخلاص الموضوعي سائغ وله مأخذه من الأوراق. لما كان ما تقدم وكانت هذه الدعامة الأساسية كافية لحمل قضاء الحكم فإنه لا يعيبه ما تزيد فيه من القول بوفاء الطاعن جزءاً من الأجرة المستحقة عن مدة متقادمة، لأن هذه القرينة - أياً كان وجه الرأي فيها - غير ذات تأثير على صحة ما خلص إليه على النحو السابق تجليته ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم تبنى ما أورده تقرير الخبير من أن عقار النزاع الكائن...... معفى من الضرائب العقارية، ورتب على ذلك عدم انطباق القانون رقم 169 لسنة 1961 عليه، في حين أن القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية فرض ضريبة سنوية على المباني الواقعة في المدن والبلاد الموضحة بالجدول المرافق لهذا القانون أياً كان الغرض الذى تستخدم فيه طالما ليست من العقارات المعفاة من أداء الضريبة والواردة وفق المادة 21 منه والعقار المؤجر ليس منها. وإذ لم يوضح تقرير الخبير أو الحكم الذى اعتمد عليه الأسباب المبررة للنتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 169 لسنة 1961 بتقرير بعض الإعفاءات من الضريبة على العقارات المبينة أن المشرع أعفى من أداء الضريبة على العقارات المبنية والضرائب الإضافية الأخرى - المساكن التي لا يزيد متوسط الإيجار الشهري للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات، كما أعفى من أداء الضريبة الأصلية وحدها المساكن التي يزيد متوسط الإيجار الشهري للحجرة بالوحدة السكنية منها على ثلاث جنيهات ولا تجاوز خمسة جنيهات، بحيث يقع عبء التخفيض على عاتق الخزانة في صورة إعفاء الملاك من الضرائب مقابل تخفيض الأجرة بما يعادلها بقصد التخفيف عن كاهل المستأجرين، ومؤدى المادتين 2، 21 من القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبينة أن هذه الضريبة تسري على أنحاء معينة بالجدول المرفق بالقانون، ولا يعفى من أدائها سوى الأحوال المبينة فيها بيان حصر، وليس من بينها العقارات المملوكة للأفراد والمؤجرة معاهد تابعة لوزارة التربية والتعليم، وكان البين من محضر أعمال الخبير الرقيم 4/ 1/ 1975 أن المطعون عليهم قدموا ما يفيد خضوع العقار موضوع النزاع للضريبة العقارية ولم يكن لذلك صدى في النتيجة التي خلص إليها التقرير، وكان ما خلص إليه الخبير يخالف الثابت بمحضر أعماله وإذ أخذ الحكم بالتقرير دون أن يفطن إلى هذا التناقض فإنه فضلا عن خطئه في القانون يكون قاصر التسبيب وهو ما يستوجب نقض الحكم على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 13963 لسنة 90 ق جلسة 10 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 95 ص 912

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة ، وهشام الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد كامل باشا .
-----------------
(95)
الطعن رقم 13963 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
امتداد ميعاد الطعن بالنقض وتقديم الأسباب إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة . أساس ذلك ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده مؤدى الأدلة في بيان واف . لا قصور .
(3) شروع . قصد جنائي . سرقة . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة . كفاية أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً لاعتباره شارعاً في ارتكاب جناية أو جنحة . متى كان قصد الفاعل معلوماً وثابتاً . مؤدى وأساس ذلك ؟
تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة إرادية أم خارجة عن إرادة الجاني . موضوعي .
استخلاص المحكمة وقوع السرقة . كفايته لتوافر فعل الاختلاس .
القصد الجنائي والإكراه في جريمة السرقة . مناط تحققهما ؟
إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه . موضوعي . ما دام سائغاً .
تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه في جريمة السرقة . غير لازم . حد ذلك ؟
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . متى استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
وجوب بناء الأحكام على أدلة يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته عن عقيدة يحصلها بنفسه مما يجريه من تحقيق . إدخاله حكماً لسواه في تكوين عقيدته . غير جائز.
مثال .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة وتلفيقها وانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(9) شروع . مراقبة الشرطة . محكمة النقض " سلطتها " .
عدم جواز الانحراف عن عبارة القانون عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث . متى كانت واضحة لا لبس فيها . علة ذلك ؟
معاقبة الطاعن عن جريمة الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح بوضعه تحت مراقبة الشرطة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيح الحكم بإلغائها . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ .... وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ .... وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ .... ، ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في .... ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم والأيام التالية له حتى .... باعتبارهم عطلة رسمية لعيد الأضحى المبارك ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم .... . لما كان ذلك ، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- من المقرر أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ وافٍ وكاف ، وجاء استعراض المحكمة للأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور في التسبيب في غير محله ، لما كان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
3- لما كانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرَّفت الشروع بأنه : ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها .... ) ، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً ، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع ، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة قولية وفنية سائغة أن الطاعن شرع في سرقة أسطوانة الغاز المملوكة للمجني عليها بالإكراه بأن تعدى عليها بالضرب الذي ترك أثر جروح وكان ذلك ليلاً من منزلها حال حمله لسلاحٍ أبيض إلا أنه قد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وفراره هارباً ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بيَّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل الشروع في السرقة ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته يتوافر به أركان جناية الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح كما هي معرفة به في القانون التي دان الطاعن بها ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه من المقرَّر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم لعدم الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - ، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، إذ هي لا تلتزم - بحسب الأصل - بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وكانت المحكمة قد استندت في قضائها بالإدانة إلى أقوال المجني عليها والشاهدة الثانية والضابط مجري التحريات ومما ثبت من التقرير الطبي الخاص بإصابات المجني عليها فإنها تكون قد بنت حكمها عن عقيدة حصَّلتها هي بنفسها ولم يدخل في تكوين عقيدتها رأي لسواها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
6- من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
7- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى وأوجه التناقض بين أسباب الحكم ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مواد الاتهام وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله .
9- لما كان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك ، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ، وكانت المادة 28 من قانون العقوبات قد نصت على أنه : ( كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 من هذا القانون أو لجناية من المنصوص عليها في المواد 356 و 368 يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين ، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو أن يقضي بعدمها جملة ) ، ولما كان النص في هذه المادة صريحاً في أنه يشترط لجواز الحكم بالمراقبة الواردة فيها أن يكون المتهم ارتكب جريمة سرقة تامة وحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن ، فإذا كانت الجريمة التي ارتكبها شروعاً في سرقة فلا يجوز الحكم بالمراقبة لأن النص لم يتكلم عن الشروع ، ولأن القانون في أحكامه العامة لا يسوي في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بغير مسوغ قانوني ، طبَّق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجريمتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد - الشروع في السرقة بالإكراه - عملاً بالمادتين 46/ 3 ، 314 /2،1 من ذات القانون وهي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن - دون الوضع تحت المراقبة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تكميلية لم يفرضها القانون ، فإنه يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه :
1- شرع في سرقة المنقول المبين وصفاً بالأوراق ( اسطوانة بوتاجاز ) المملوكة للمجني عليها .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليها بأن تعدى عليها بالضرب فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق إلا أنه خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وتمكنه من الهرب .
2- أحرز سلاحاً أبيض ( مطواة ) بغير مسوغ من الضرورة المهنية أو الحرفية .
3- التقط خلسة في مكان خاص صوراً فوتوغرافية للمجني عليها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 28 ، 45 /1 ، ٤٦ /3 ، ٣١٤ من قانون العقوبات ، والمادتين ۱/۱ ، 25 مكرراً/1 من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانون ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ والبند رقم (٥) من الجدول رقم (1) المرفق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32 من القانون الأول ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبوضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية وبأن يؤدي للمدعية بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً وبمصاريف الدعوى المدنية ومائتي جنيه أتعاب محاماة ، بعد أن قصرت وصف الاتهام على التهمتين الأولى والثانية فقط واستبعدت التهمة الثالثة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً بتاريخ .... وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ .... وقدم مذكرة بأسباب طعنه بتاريخ .... ، ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في .... ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم والأيام التالية له حتى .... عطلة رسمية باعتبارهم عطلة رسمية لعيد الأضحى المبارك ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم .... . لما كان ذلك ، فإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان قد تما في الميعاد القانوني ويكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد والتناقض وران عليه البطلان ، ذلك أنه جاء في صيغة عامة مجهلة ولم يبين واقعة الدعوى والظروف التي وقعت فيها ومضمون أدلة الثبوت ومؤداها بياناً كافياً يكشف عن وجه استدلاله بها ولم يبين الأفعال المادية التي أتاها الطاعن والتي تفصح عن الدور الذي قام به ، والتفت عن الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها بركنيها المادي والمعنوي ، واعتنق صورة للواقعة لا تتفق والعقل والمنطق ، خاصة وأن شهادة شاهدتي الإثبات الأولى والثانية التي عوَّل الحكم على أقوالهما جاءت كاذبة تتناقض فيما بينهما وبين تحريات الشرطة في كثير من المواضع وأسس حكمه علي رأي لسواه ، كما لم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بانتفاء صلته بالواقعة ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، هذا إلى أن أسباب الحكم لا تمت بصلة لما هو ثابت بأوراق الدعوى ، وجاءت متناقضة ، وأخيراً خلا الحكم من نص القانون الذي دان الطاعن بموجبه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأورد مضمون ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ وافٍ وكاف ، وجاء استعراض المحكمة للأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون معه منعى الطاعن بأن الحكم شابه القصور في التسبيب في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمتين اللتين دانه الحكم بهما ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكانت المادة 45 من قانون العقوبات قد عرَّفت الشروع بأنه : ( البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها .... ) ، فلا يشترط لتحقق الشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتبار أنه شرع في ارتكاب جريمة - جناية أو جنحة - أن يبدأ في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدٍ إليه حتماً ، وبعبارة أخرى يكفي أن يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤدياً حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكاب الجريمة ما دام قصد الجاني من هذا الفعل معلوماً وثابتاً ، وكان من المقرر أن تقدير العوامل التي أدت إلى وقف الفعل الجنائي أو خيبة أثره ، وكون الأسباب التي من أجلها لم تتم الجريمة هي إرادية أو خارجة عن إرادة الجاني هو أمر متعلق بالوقائع يفصل فيه قاضي الموضوع ، وكان يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكى يستفاد توافر فعل الاختلاس ، وكان القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ، وكان الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ، وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه ، ولا يشترط تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي والقصد الجنائي والإكراه بل يكفي أن يكون ذلك مستفاداً منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة قولية وفنية سائغة أن الطاعن شرع في سرقة اسطوانة الغاز المملوكة للمجني عليها بالإكراه بأن تعدى عليها بالضرب الذي ترك أثر جروح وكان ذلك ليلاً من منزلها حال حمله لسلاحٍ أبيض إلا أنه قد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو استغاثتها وفراره هارباً ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بيَّن ظرف الإكراه والرابطة بينه وبين فعل الشروع في السرقة ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته يتوافر به أركان جناية الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح كما هي معرفة به في القانون التي دان الطاعن بها ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه من المقرَّر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يُورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المُسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم لعدم الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادته فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى - وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، إذ هي لا تلتزم - بحسب الأصل - بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الشهود أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدلٍ موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكماً لسواه ، وكانت المحكمة قد استندت في قضائها بالإدانة إلى أقوال المجني عليها والشاهدة الثانية والضابط مجري التحريات ومما ثبت من التقرير الطبي الخاص بإصابات المجني عليها فإنها تكون قد بنت حكمها عن عقيدة حصَّلتها هي بنفسها ولم يدخل في تكوين عقيدتها رأي لسواها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة والدفع بتلفيقها وانتفاء صلة الطاعن بالواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين ما أورده الحكم وما ورد بأوراق الدعوى وأوجه التناقض بين أسباب الحكم ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مواد الاتهام وأفصح عن أخذه بها - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن النعي على الحكم بإغفال نص القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه يجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك ، وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل ، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه يجب أن تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ولا الخروج عن النص متى كان واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه ، وكانت المادة 28 من قانون العقوبات قد نصت على أنه : ( كل من يحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن لجناية مخلة بأمن الحكومة أو تزييف نقود أو سرقة أو قتل في الأحوال المبينة في الفقرة الثانية من المادة 234 من هذا القانون أو لجناية من المنصوص عليها في المواد 356 و 368 يجب وضعه بعد انقضاء مدة عقوبته تحت مراقبة البوليس مدة مساوية لمدة عقوبته بدون أن تزيد مدة المراقبة على خمس سنين ، ومع ذلك يجوز للقاضي أن يخفض مدة المراقبة أو أن يقضي بعدمها جملة ) ، ولما كان النص في هذه المادة صريحاً في أنه يشترط لجواز الحكم بالمراقبة الواردة فيها أن يكون المتهم ارتكب جريمة سرقة تامة وحكم عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن ، فإذا كانت الجريمة التي ارتكبها شروعاً في سرقة فلا يجوز الحكم بالمراقبة لأن النص لم يتكلم عن الشروع ، ولأن القانون في أحكامه العامة لا يسوي في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جريمتي الشروع في السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح وإحراز سلاحٍ أبيض بغير مسوغ قانوني ، طبَّق حكم المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجريمتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة وعاقبه بعقوبة الجريمة الأشد - الشروع في السرقة بالإكراه - عملاً بالمادتين 46/3 ، 314/ 2،1 من ذات القانون وهي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن - دون الوضع تحت المراقبة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تكميلية لم يفرضها القانون ، فإنه يتعين نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ