صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الخميس، 7 مارس 2024
الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / أ / إيجار - إيجار الأماكن / تمليك المساكن الشعبية والاقتصادية
الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / أ / إيجار - إيجار الأماكن / حظر إبرام أكثر من عقد إيجار للمكان المؤجر
الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / أ / إيجار - إيجار الأماكن / الأماكن المؤجرة للمصالح الحكومية في القرى
الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / أ / إيجار - إيجار الأماكن / ما يقيمه المستأجر في العين المؤجرة من مبان
الدعوى رقم 41 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 3 / 2 / 2024
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م،
الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم
والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء
الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 41 لسنة 43
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر
بجلسة 21/4/2018 ملف الطعنين رقمي 5365 و5786 لسنة 63 قضائية "عليا".
المقام أولهما من
1- أحمد عرابي إسماعيل
2- أحمد عبد الوهاب محمد
والمقام ثانيهما من
حمدي محفوظ علم الدين محمد
ضد
النيابة الإدارية
-----------------
الإجراءات
بتاريخ السابع عشر من مارس
سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعنين رقمي 5365 و5786
لسنة 63 قضائية "عليا"، نفاذًا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة
21/4/2018، بوقفهما وإحالة أوراقهما إلى المحكمة الدستورية العليا؛ للفصل في
دستورية قرار وزير التنمية المحلية رقم 118 لسنة 2011 بشأن تنظيم الاشتراك في
المشروعات والصناديق والحسابات بالمحافظات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص
المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبولها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا
الدولة مذكرة تكميلية، وأضافت إلى طلباتها السابقة الحكم - من باب الاحتياط الكلي -:
برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق– في
أن النيابة الإدارية أحالت كلًّا من: أحمد عرابي إسماعيل وأحمد عبد الوهاب محمد
وحمدي محفوظ علم الدين، وآخر، إلى المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في
الدعوى رقم 160 لسنة 58 قضائية؛ لأنهم في غضون الفترة من 1/7/2011، حتى شهر فبراير
2015، بوصفهم الثابت بتقرير الاتهام، وبدائرة ديوان عام محافظة قنا - خرجوا على
مقتضى الواجب الوظيفي، ولم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة، وخالفوا القواعد والأحكام
المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها، وذلك بعدم تفعيل ومخالفة قرار
وزير التنمية المحلية رقم 118 لسنة 2011 بشأن تنظيم الاشتراك في المشروعات
والصناديق والحسابات بالمحافظات - القرار المحال - على النحو المبين بتقرير
الاتهام في الدعوى المشار إليها. وبجلسة 31/8/2016، حكمت المحكمة التأديبية لمستوى
الإدارة العليا بمجازاة المحال الأول بالإحالة إلى المعاش، وبمجازاة المحال الثاني
بخصم أجر شهر من راتبه، وبمجازاة المحال الثالث بعقوبة اللوم. طعن الأول والثاني
أمام المحكمة الإدارية العليا على الحكم المار ذكره بالطعن رقم 5365 لسنة 63
قضائية "عليا"، كما طعن الثالث على الحكم السالف بالطعن رقم 5786 لسنة
63 قضائية "عليا"، وطلبوا جميعًا الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه
والقضاء مجددًا ببراءتهم مما هو منسوب إليهم.
وإذ تراءى للمحكمة الإدارية العليا – بعد ضمها للطعنين المشار إليهما
للارتباط – أن جوهر ومضمون المخالفات المنسوبة إلى الطاعنين في هذين الطعنين،
حاصله مخالفتهم لأحكام قرار وزير التنمية المحلية رقم 118 لسنة 2011 بشأن تنظيم
الاشتراك في المشروعات والصناديق والحسابات بالمحافظات. ولما كان الثابت أنه لم
يُستدل عليه بسجلات الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، بما مؤداه أنه لم ينشر
بالجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية، مما يثير شبهة عدم دستوريته، فقد أحالت
أوراق الطعنين إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية القرار المار ذكره.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر
دعوى بذاتها يسبق الخوض في شروط قبولها أو موضوعها. ولما كان الدستور الحالي قد
عهد بنص المادة (192) منه، إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة
القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصها وحدد ما يدخل في ولايتها
حصرًا، مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة
على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية، أيًّا
كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا
على القانون بمعناه الموضوعي، باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد
عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها
السلطة التشريعية، أو تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في
حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وتنقبض تلك الرقابة – تبعًا لذلك – عما
سواها.
وحيث إن المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم 380 لسنة 1999 بتنظيم
وزارة التنمية المحلية، قد نصت على أن " تعمل وزارة التنمية المحلية على
تحقيق الأهداف الآتية: التنسيق بين مختلف الجهود التي تعمل لتنمية المجتمعات
المحلية ووحدات الإدارة المحلية في جميع محافظات مصر..."، كما نصت المادة (4)
من ذلك القرار على أن "يمارس وزير التنمية المحلية كافة اختصاصات الوزير
المختص الواردة بالقانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته بشأن نظام الإدارة المحلية،
وكذا القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن التعاون الإنتاجي".
وحيث إنه إعمالًا لاختصاص وزير التنمية المحلية السالف البيان، فقد
أصدر بتاريخ 26/6/2011 القرار رقم 118 لسنة 2011 بشأن تنظيم الاشتراك في المشروعات
والصناديق والحسابات بالمحافظات، ناصًّا على الآتي:
المادة الأولى: "يحظر الجمع بين رئاسة أو عضوية أكثر من مجلسين
أو لجنتين لإدارة المشروعات والصناديق والحسابات المقامة بالمحافظات.
كما لا يجوز صرف أية مكافآت أو حوافز أو أية مبالغ مالية من أكثر من
جهتين من الجهات المشار إليها.
ويسري هذا الحظر على مجالس إدارة الصناديق أو الحسابات أو المشاريع
المقامة بالمحافظات أو الوحدات المحلية الأخرى أو مديريات الخدمات".
المادة الثانية: "يطبق الحظر المشار إليه بالمادة الأولى على
جميع المسئولين أو المختصين بالمحافظة وبخاصة شاغلي الوظائف: سكرتير عام، سكرتير
عام مساعد، رئيس حي، رئيس مدينة، رئيس مركز، رئيس قرية، ونوابهم وسكرتيري عموم هذه
الوحدات، وشاغلي وظائف الدرجة العالية أو درجة مدير عام، ومديري عموم المديريات
ووكلائهم والمستشارين والخبراء والمتعاقدين، وسائر الوظائف القيادية
بالمحافظات".
المادة الثالثة: "في حالة مخالفة الحظر الوارد في هذا القرار،
يتعين رد المبالغ الزائدة لموازنة المشروع أو الصندوق أو الحساب، مع إحالة المتسبب
في المخالفة للنيابة الإدارية للتحقيق".
المادة الرابعة: "يلغى كل حكم يخالف القرار".
المادة الخامسة: "على جميع الجهات تنفيذ هذا القرار، ويُعمل به
بعد شهر من تاريخ نشره".
متى كان ما تقدم، وكان القرار المحال قد جاء متضمنًا قواعد تنظيمية
عامة مجردة، تسري على المخاطبين بها، في مجال مشاركتهم في المجالس واللجان الخاصة
بإدارة المشروعات والصناديق والحسابات المقامة بالمحافظات؛ فإنه ينحل بهذه المثابة
إلى تشريع بمعناه الموضوعي، على النحو الذي قصده الدستور والقانون؛ ومن ثم فإن
الفصل في دستورية هذا القرار يدخل في نطاق الرقابة التي تباشرها المحكمة الدستورية
العليا على دستورية القوانين واللوائح، مما يغدو معه الدفع المبدى من هيئة قضايا
الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – مناطها
– وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر
الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة
الموضوع. متي كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام المحكمة الإدارية العليا، يدور حول
ما نسب إلى الطاعنين من مخالفة القواعد التي انتظمها القرار المحال؛ ومن ثم فإن
الفصل في دستورية هذا القرار يكون ذا أثر مباشر وانعكاس أكيد على الدعوى
الموضوعية، وقضاء تلك المحكمة فيها، وعلى ذلك تغدو المصلحة متحققة في الدعوى
المعروضة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص
التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها
الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها
أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور
المعمول بها حين صدورها. متي كان ذلك، وكان القرار المحال قد صدر بتاريخ
26/6/2011، في ظل العمل بأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011؛ فإن المحكمة
تباشر رقابتها على دستوريته من الناحية الشكلية في ضوء ما ورد بأحكام الإعلان
الدستوري المار ذكره.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن ما قررته ديباجة
دستور جمهورية مصر العربية تعتبر مدخلًا إليه، وتكون مع الأحكام التي ينتظمها
كلًّا غير منقسم؛ ذلك أن الديباجة، التي تسميها بعض الدساتير العربية
"بالتوطئة"، دلالة على اتصالها بالدستور واندماجها في أحكامه، يعبران
معًا عن الإرادة الشعبية ونتاجها في مجتمعاتها، لتؤكد به الدولة القانونية عزمها
على أن تصوغ بمختلف سلطاتها، تصرفاتها وأعمالها وفق أحكامه، باعتباره القاعدة
الأسمى لنظام الحكم فيها، وعمادًا للحياة الدستورية بكل أقطارها.
وحيث إن ديباجة الإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011 – الذي صدر القرار
المحال في ظل العمل به – تضمنت في فقرتها الثالثة الإشارة إلى الاطلاع على البيان
الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 23 من مارس سنة 2011، الذي نُشر في
الجريدة الرسمية - العدد 11 مكرر (أ) بتاريخ 23 من مارس 2011، وقد جاء فيه
"إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة رغبة منه في تكريس دولة القانون خلال هذه
المرحلة الفارقة من تاريخ البلاد وتهيئة مناخ الاستقرار الذي يتيح استنفار كافة
الهمم والطاقات البناءة لشعب مصر العظيم، بما يكفل تقدم البلاد ويمهد لإقامة نظام
حكم جديد، يقوم على دعائم من الحرية والديمقراطية والمساواة وتداول السلطة على
أساس ديمقراطي سليم، ويكفل حماية الحقوق والحريات للمواطنين على أساس من المساواة
والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون......".
وحيث إن تعطيل العمل بأحكام دستور سنة 1971، بمقتضى الإعلان الدستوري
الصادر في 13 من فبراير سنة 2011، ولئن جاء عامًّا، لم يخص الأحكام المتعلقة بنظام
الحكم في الدولة وحدها، فإن تعطيل الأحكام المتعلقة بالحقوق والحريات والواجبات
العامة وسيادة القانون، تنهدم معه – في حال التسليم به - سائر أطر الدولة
القانونية؛ إذ من غير الجائز - بحال – أن تكون الأحكام المتعلقة بحقوق وحريات
الأفراد محلًّا للتعطيل، لأنها أحكام – وإن خلت من بعضها الوثيقة الدستورية –
فإنها تندمج بالضرورة مع سائر أحكامها، في وحدة عضوية متماسكة، اعتبارًا بأن
طبيعتها تتأبى على الوقف، وتستعصي على التعطيل؛ ومن ثم فإن هذه المحكمة تسلط –
دومًا - رقابتها الدستورية على سائر التشريعات الأصلية والفرعية التي تنظم الحقوق
والحريات والواجبات العامة - وإن سكتت عن بيانها الوثيقة الدستورية - صونًا لها من
أي تعدٍ ينال من جوهرها، أو يُهدر مدلولها، أو يطأ مفهومها.
وحيث إن مبدأ خضوع الدولة للقانون مؤداه ألا تخل تشريعات الدولة بالحقوق
التي يعتبر التسليم بها في الدول الديمقراطية مفترضًا أوليًّا لقيام الدولة
القانونية، وضمانة أساسية لصون حقوق الإنسان، ومنها الحقوق المتصلة بالحرية
الشخصية.
وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي
تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط
نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقيم بنيانها، وكان تطبيقها في
شأن المشمولين بحكمها - مع افتقارها لقوالبها الشكلية - لا يلتئم ومفهوم الدولة
القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدًا عن خضوعها
للقانون وسموه عليها، باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعمالها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نشر القاعدة القانونية
ضمانٌ لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل
بها، وكان هذا النشر يُعتبر كافلًا وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلًا
دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها
واهيًا، وكان حملهم - قبل نشرها - على النزول عليها - وهم من الأغيار في مجال
تطبيقها - متضمنًا إخلالًا بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد
بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفَصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة
القانونية التي لا تُنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها،
فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق
والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية، والحق في
الملكية.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن قرار وزير التنمية المحلية
رقم 118 لسنة 2011 بشأن تنظيم الاشتراك في المشروعات والصناديق والحسابات
بالمحافظات – المحال - لم يُنشر في الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية"؛
ومن ثم فإن تطبيقه دون نشره يخالف مفهوم الدولة القانونية، ويجترئ على الحرية
الشخصية، مما لزامه الحكم بعدم دستوريته.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار وزير التنمية المحلية رقم 118 لسنة
2011 بشأن تنظيم الاشتراك في المشروعات والصناديق والحسابات بالمحافظات.
الدعوى رقم 24 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 3 / 2 / 2024
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من فبراير سنة 2024م،
الموافق الثاني والعشرين من رجب سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد
النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد
أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيدة المستشار/ شيرين حافظ فرهود رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 43
قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة النقض - الدائرة المدنية
والعمالية - بحكمها الصادر بجلسة 10/12/2020، ملف الطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية
المقام من
1- منى فوزي السيد لاشين
2- أسامة فوزي السيد لاشين
3- أحمد عصام راغب العزبي
ضد
1- نقيب صيادلة مصر
2- خالد علي أحمد، بصفته رئيس هيئة التأديب
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا ملف الطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية، نفاذًا للحكم الصادر من محكمة
النقض بجلسة 10/12/2020، بوقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة؛
للفصل في دستورية المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة،
فيما نصت عليه من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على
القرارات التأديبية الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدم الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية مذكرتين، طلب فيهما الحكم
بعدم دستورية المادتين (51 و57) من القانون رقم 47 لسنة 1969.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 2/12/2023، وفيها قدم
الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية مذكرة، طلب في ختامها الحكم بعدم دستورية
المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة، وبسقوط نص المادة
(57) من القانون ذاته، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق –
في أن مجلس نقابة صيادلة القاهرة، كان قد أحال كلًّا من: منى فوزي السيد لاشين
وأسامة فوزي السيد لاشين وأحمد عصام راغب العزبي، إلى هيئة التأديب الابتدائية
بنقابة الصيادلة في الدعوى التأديبية رقم 132 لسنة 2010، لمساءلتهم تأديبيًّا عما
نسب إليهم من قيام الأولى والثاني بإعارة اسميهما إلى الثالث، ليتسنى له فتح
وإدارة صيدليات، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة
الصيدلة، وبجلسة 5/9/2011، قررت هيئة التأديب الابتدائية معاقبة الأولى والثاني
بإيقاف عضويتهما بالنقابة لمدة ثلاثة أشهر، وبمعاقبة الثالث بإيقاف عضويته
بالنقابة لمدة ستة أشهر؛ فطعنوا على هذا القرار أمام هيئة التأديب الاستئنافية
بمحكمة استئناف القاهرة بالاستئنافات أرقام: 420 و421 لسنة 129 قضائية، و1948 لسنة
130 قضائية. وبجلسة 9/1/2019، حكمت هيئة التأديب الاستئنافية – بعد ضم الاستئنافات
الثلاثة للارتباط - برفضها وتأييد القرار المطعون فيه. طعن المحالون على الحكم
السالف بيانه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 6 لسنة 89 قضائية. وبجلسة 10/12/2020،
قررت المحكمة وقف السير في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا؛
للفصل في دستورية ما نصت عليه المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء
نقابة الصيادلة، من اختصاص محكمة استئناف القاهرة بنظر الطعن بالاستئناف على
القرارات الصادرة من هيئة التأديب الابتدائية، لما تراءى لها من مخالفة هذا النص
للمادة (190) من الدستور، التي أصبح بمقتضاها مجلس الدولة دون غيره، هو القاضي
الطبيعي لنظر المنازعات الإدارية، وذلك في ضوء ما تواتر عليه قضاء المحكمة
الدستورية العليا من أن النقابات المهنية تُعد من أشخاص القانون العام، وتُعد
الطعون المتعلقة بصحة انعقاد الجمعية العمومية لأي من تشكيلات النقابة المختلفة،
وكذا تشكيل مجالس إداراتها أو القرارات الصادرة منها، من قبيل المنازعات الإدارية
التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمجلس الدولة، بهيئة قضاء إداري، دون
غيره.
وحيث إن المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة
الصيادلة، تنص على أنه " يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام
هيئة تأديبية استئنافية تتكون من إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار
المجلس أحدهما من بين أعضائه، ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة
التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمِل الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من
تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته اختار المجلس العضو الثاني".
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق
النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في
ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المحالة أو المدعى مخالفتها للدستور
لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها،
وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على
الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس
مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير
الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن إخلال أحد أعضاء نقابة الصيادلة بواجبات مهنته أو خروجه على
مقتضياتها يعتبر مخالفة تأديبية مؤاخذًا عليها قانونًا، ولإسنادها إليه يتعين أن
يكون مسبوقًا بتحقيق متكامل، وكلما استكمل التحقيق عناصره، وكان واشيًا بأن للتهمة
معينها من الأوراق، كان عرضه لازمًا على هيئة التأديب الابتدائية المنصوص عليها
بالمادة (50) من قانون إنشاء النقابة، بحسبانها الجهة التي أولاها المشرع مسئولية
الفصل فيه، ونص المشرع في المادة (51) من قانون إنشاء النقابة المشار إليه، على أن
يكون استئناف قرارات هيئة التأديب الابتدائية، أمام هيئة تأديب استئنافية تتكون من
إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، وعضوين يختار المجلس أحدهما من بين أعضائه
ويختار ثانيهما الصيدلي المحال إلى المحاكمة التأديبية من بين الصيادلة، فإذا لم يُعمِل
الصيدلي حقه في الاختيار خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته
اختار المجلس العضو الثاني.
متى كان ما تقدم، وكانت هيئة التأديب الاستئنافية المشار إليها، وإن
ضمت في تشكيلها إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، إلا أن غلبة العنصر القضائي على
تشكيلها لا يكفي وحده للتقرير بكونها من محاكم جهة القضاء العادي، على ما ذهب إليه
حكم الإحالة؛ ذلك أن جوهر عملها وطبيعة اختصاصها بالفصل في الطعن على قرارات هيئة
التأديب الابتدائية، وفق قواعد إجرائية وموضوعية محققة للمحاكمة المنصفة، إنما
يسبغ عليها وصف الهيئة ذات الاختصاص القضائي، التي ناط بها المشرع – في حدود سلطته
التقديرية – نظر أنزعة ودعاوى بعينها، وأسند إليها ولاية الفصل فيها بأحكام
نهائية، وأجاز تعيينها جهة مختصة بنظر الأنزعة التي تدخل في اختصاصها، إذا نازعتها
فيه جهة قضاء أخرى أو سلبتها إياه، والاعتداد بأحكامها إذا ناقضتها أحكام نهائية
صادرة عن جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي أخرى، وذلك على ما جرى به نص المادة
(192) من دستور 2014، والفقرتان (ثانيًا) و(ثالثًا) من المادة (25) من قانون
المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ ومن ثم يغدو تمحل حكم
الإحالة بنص المادة (190) من الدستور، لنزع اختصاص هيئة التأديب الاستئنافية
بالفصل في الطعن على قرارات هيئة التأديب الابتدائية، في غير محله، ذلك الفهم الذي
أنبته اعتبار هيئة التأديب الاستئنافية المنصوص عليها في المادة (51) من قانون
إنشاء نقابة الصيادلة، إحدى دوائر محكمة استئناف القاهرة، التابعة لجهة القضاء
العادي، بالمخالفة لكونها من الهيئات ذات الاختصاص القضائي، بحسب التكييف الصحيح
لها؛ ومن ثم فإن ما أورده حكم الإحالة، المار ذكره، لا يستنهض ولاية هذه المحكمة
للفصل في دستورية النص المحال، مما تكون معه الدعوى المعروضة جديرة بعدم القبول.
وحيث إن ما أبداه الطاعن الثالث في الدعوى الموضوعية، من طلب الحكم
بعدم دستورية نص المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة
وسقوط المادة (57) من القانون ذاته، لمخالفتها نصوص المواد (94 و96 و97 و184 و186)
من الدستور؛ فمردود بأن ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا
باتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها،
بطريقين لا يلتقيان؛ أولهما: إحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات
الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية المحالة، وثانيهما: برفعها من أحد
الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة
الموضوع جدية دفعه، ورخصت له في رفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا،
وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو
بميعاد رفعها – تتعلق بالنظام العام باعتباره شكلًا جوهريًّا في التقاضي، تغيا به
المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية. فإذا اتصلت الدعوى
بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من محكمة الموضوع التي تراءى لها من وجهة مبدئية عدم
دستورية نص قانوني فأحالت الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا– وفقًا للبند (أ)
من المادة (29) من قانونها –لتقول كلمتها الفاصلة في شأن دستورية النص المحال، في
النطاق الذي حدده، فإن الطعن الذي يوجهه أحد خصوم الدعوى الموضوعية، خارج النطاق
الذي حدده حكم الإحالة، ينحل إلى دعوى دستورية أصلية، أقيمت بالمخالفة لنص المادة
(29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، مما يتعين معه الالتفات عنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.