الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 يونيو 2023

الطعن 219 لسنة 36 ق جلسة 22 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 83 ص 532

جلسة 22 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(83)
الطعن رقم 219 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض "أسباب الطعن. السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن للمستندات التي يدعي إهدار الحكم لها، ودلالتها وأثرها في القصور المدعى به. نعي مجهل. غير مقبول.
(ب) موظفون. إثبات "عبء الإثبات".
علاقة الموظف بالسلطة العامة. علاقة تنظيمية. إدعاء الموظف خلاف الثابت في الأوراق. عليه عبء إثباته.

---------------
1 - إذا كانت الوزارة الطاعنة - في نعيها بأن الحكم أهدر دفاعها بحجة أنها لم تقدم الأدلة المؤيدة له في حين أنها قدمت مستنداتها - لم تحدد المستندات والوقائع المراد الاستدلال بها وإنما ساقت نعيها بشكل عام دون بيان مفردات تلك المستندات، ودلالة كل منها، وأثر ما تنسبه للحكم من القصور في قضائه، فإن النعي يكون مجهلاً وغير مقبول.
2 - من المقرر أن علاقة الموظف بالسلطة العامة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تملك السلطة إصدارها في أي وقت تحقيقاً للمصلحة العامة. فإذا كان ما اتخذه رئيس البعثة الدبلوماسية هو إجراء مؤقت إلى أن تبت الوزارة في الأمر، وكان قد أخطر بعدم الموافقة على هذا الإجراء الذي اتخذه، فإن الطاعنة - وزارة الخارجية - تكون قد أثبتت أن السلطة المختصة لم توافق على الإجراء الذي اتخذه رئيس البعثة، وعلى هذا الأخير إن هو ادعى خلاف الثابت في الأوراق أن يقيم الدليل على ما يدعيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الخارجية أقامت على الأستاذ محمد كامل البنداري الدعوى رقم 1825 سنة 1952 مدني كلي القاهرة طالبة إلزامه بأن يدفع لها مبلغ 5567 ج و636 م. وقالت بياناً للدعوى إن المدعى عليه كان رئيساً للبعثة الدبلوماسية المصرية لدى الاتحاد السوفيتي ولما أحيل إلى التعاقد تبين أنه مدين للوزارة بهذا المبلغ وإذ امتنع عن سداده فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة الذكر. وبتاريخ 28/ 1/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للوزارة المدعية مبلغ 132 ج و312 م قيمة مصاريف سفره من موسكو إلى واشنجطون. واستأنفت الوزارة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله والحكم لها بباقي طلباتها وقيد استئنافها برقم 710 سنة 81 ق، وبتاريخ 20/ 2/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف، وطعنت وزارة الخارجية في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص السبب الثاني، وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها الوارد في مذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، تنعى الوزارة الطاعنة في أولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أهدر دفاعها بحجة أنها لم تقدم الأدلة المؤيدة له في حين أنها قدمت المستندات المثبتة لهذا الدفاع وهو ما كان يقتضي من الحكم تمحيصها والرد عليها، وإذ هو لم يفعل فإنه يكون قاصر البيان.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الوزارة الطاعنة لم تحدد المستندات والوقائع المراد الاستدلال بها وإنما ساقت نعيها بشكل عام دون بيان مفردات تلك المستندات ودلالة كل منها وأثر ما تنسبه للحكم من القصور في قضائه ممل يجعله نعياً مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال من وجوه. (أولها) أنه ذكر في خصوص ثمن المواد التموينية التي أرسلها المطعون عليه من محلات لاباس بالقاهرة إلى المفوضية في موسكو أن الوزارة أقرت في دفاعها بأنها درجت على إرسال بعض المواد التموينية إلى مفوضياتها، واستظهر الحكم من ذلك أن دفع قيمة المواد التموينية ونفقات شحنها كان من الوزارة على سبيل التبرع في حين أن ما ذكرته الوزارة لا يؤدي إلى تلك النتيجة لأنها قالت إنها وإن كانت قد دفعت ثمن تلك المواد بناء على طلب المطعون عليه، إلا أنها قيدت الثمن ضمن العهد تحت التحصيل، وما ذكره الحكم من أن الوزارة لم تقدم المكاتبات الخاصة بهذا الشأن ودفتر توزيع تلك المواد على موظفي المفوضية هو انسياق وراء دفاع المطعون عليه لأن هذه الأوراق لا وجود لها (وثانيها) إن الطاعنة طلبت رد المبلغ الذي أمر المطعون عليه بصرفه لنفسه تعويضاً له عن الضرر الذي لحق به من جراء صدور قانون الإصلاح النقدي للاتحاد السوفيتي في سنة 1947 والذي تضمن استبدال عملة جديدة بالعملة القديمة بتخفيض يبلغ الثلث، وقد رأي المطعون عليه باعتباره رئيساً للبعثة أن يعوض الموظفين عن هذه الخسارة وصرف ما قدره لنفسه من التعويض، وهو اغتصاب منه لسلطة الدولة التي تنفرد وحدها بمنح هذا التعويض، وقد ذكر المطعون عليه في دفاعه الخاص بمطالبته برد هذا المبلغ أن الدولة - ممثلة في رئيس حكومتها - قد وافقت على هذا الإجراء، وأخذ الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع وأوجب على الوزارة أن تقيم الدليل على عكسه، وبذلك أعفى من يدعي براءة الذمة من إثبات تلك البراءة، وهو منه خطأ ومخالفة القواعد الإثبات (وثالثها) الحكم قد جرى في قضائه بالنسبة للمبالغ المتعلقة بأجرة سفر المطعون عليه من موسكو إلى القاهرة وبدل السفر الذي تقاضاه في الفترة من 15/ 3/ 1948 إلى 23/ 6/ 1948 على أنه كان في مهمة رسمية، مع أنه كان في إجازة اعتيادية لمدة ثلاثة شهور وهو ما لا يجوز معه تحمل نفقات السفر أو صرف بدل إقامة، وقد أخذ الحكم بدفاع المطعون عليه في هذا الشأن مع أن الثابت في الأوراق أنه كان في إجازة اعتيادية (ورابعها) أنه فيما يتعلق بالمبالغ التي صرفها المطعون عليه من أموال المفوضية على أن يسددها فيما بعد فقد ذكر الحكم أن مجرد استلام تلك المبالغ لا ينهض دليلاً على مديونيته بها لأنه كان دائناً للوزارة بمرتبه ومخصصاته الوظيفية، وهذا من الحكم قصور وفساد في الاستدلال، لأن تلك المبالغ لم تسحب وفاء لمرتب أو مخصصات وإنما سحبت بناء على طلب المطعون عليه كدين عليه تعهد بسداده فيما بعد وقدمت الوزارة ما يدل على ذلك، ولكن الحكم أهدر دلالة المستندات في هذا الشأن.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه ذكر عن ثمن المواد التموينية المرسلة من محلات لاباس إلى المفوضية المصرية بموسكو أن الدفاع عن المدعى عليه أورد في مذكرته أنه "انتهز فرصة وجوده في القاهرة لكي يحمل إلى أولى الأمر شكوى موظفي المفوضية من الارتفاع الباهظ في الأسعار الذي كان سائداً في موسكو في ذلك الوقت والذي يثقل كاهل هؤلاء الموظفين ويقعدهم بسبب ضآلة المرتبات التي كانوا يتقاضونها وعدم تمشيها مع حالة الغلاء عن الوفاء بمطالب الحياة الأساسية في بلد يفترض أنهم يمثلون وطنهم فيه وقد أشارت عليه الوزارة، وهي راغبة في رفع علاوات غلاء المعيشة لهم، بأن يدبر شراء ما يلزمهم من مؤن وحاجيات من مصر على أن تساعدهم في ذلك وهي في سبيل نقلها إلى موسكو، وتنفيذاً لذلك أعد المدعى عليه قائمة بالأشياء التي قدر حاجته وحاجة موظفي المفوضية إليها، وأوصى بإرسالها إلى المفوضية، ونظرة واحدة إلى هذه القائمة تشهد بالغرض المقصود منها، فقد كان المدعى عليه يقيم وحده في موسكو في ذلك الوقت، ومن غير المعقول أن يكون قد طلب لاستعماله الشخصي فقط 520 رطلاً من المسلي و400 أقة من السكر و200 أقة من الدقيق و24 زجاجة خل و400 أقة من الأرز وستة عشر صندوقاً من الصابون، خصوصاً وقد كان المدعى عليه على وشك الإحالة إلى المعاش لبلوغه سن الستين ولم يكن قد بقي له في منصبه - كما يشهد ملف خدمته - سوى أشهر معدودات، وقد أعد في المفوضية حساب خاص يقيد فيه ما يسحبه كل موظف... وقد عقبت الوزارة على دفاع المدعى عليه بأنه جرت عادة الوزارة في ذلك الحين على إرسال مواد تموينية إلى موظفيها بالخارج وذلك عند طلبها على أن تقوم بشحنها وصرف تكاليفها ثم مطالبة صاحب الشأن بها.. وأن قول المدعى عليه إنه وزعها على الموظفين فهو عمل شخصي وما عليه إلا الرجوع على الموظفين شخصياً، وإذ كان هذا هو الثابت فإنه يستفاد أن هذا العمل الذي جرت عليه عادة الوزارة في ذلك الحين هو مساهمة منها في تخفيض أعباء الحياة المعيشية المرتفعة وعلى سبيل التبرع"، وما ذكره الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ، ذلك أن كمية المواد التموينية وطبيعتها وأداء وزارة الخارجية لثمنها وقيامها بشحنها على نفقتها تدل على أن الوزارة كانت على بينة من أن تلك المواد أرسلت بقصد توزيعها على رجال المفوضية وأن رئيس البعثة لا يختص بها دون سواه وأن كلاً منهم مسئول عن ثمن ما استهلكه، ولا يغير من الأمر شيئاً أن تكون الوزارة قد قيدت الثمن ضمن العهد تحت التحصيل لأن ذلك لا يعني مسئولية رئيس البعثة وإنما يعني تحصيلها من الموظفين، كل على قدر استهلاكه، ولا يعيب الحكم ما تطرق إليه من أن الوزارة إنما أرسلت تلك المواد على سبيل التبرع لأن هذه العبارة تعتبر من قبيل التزيد الذي يستقيم الحكم بدونه، وإذ كان ذلك فإنه لا رقابة لمحكمة النقض على هذا الاستخلاص السائغ، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن على غير أساس. والنعي في وجوهه الثلاثة الأخرى صحيح، ذلك أنه فيما يتعلق بالمبلغ الذي أمر المطعون عليه بصرفه لنفسه كتعويض له عن الضرر الذي لحقه من قانون الإصلاح النقدي للاتحاد السوفيتي، فقد أقام الحكم قضاءه في هذا الشأن على ما قاله الحكم الابتدائي من أن المطعون عليه يقول في دفاعه "إنه قابل رئيس الحكومة وقتئذ وأقره على هذا التصرف، وبذا يكون قد أقر صدور هذا القرار الإداري منه واعتبره صحيحاً وهو في قوله هذا مصدق، ولم تقدم الحكومة ما ينفي ذلك أو يدحضه، بل إن البادي من تعقيبها على دفاعه أنه كان على حق في إصدار ذلك القرار في تلك الظروف الملحة إذ قررت وزارة المالية بعد ذلك في 4/ 5/ 1948 تعديل فئات إعانة غلاء المعيشة للظروف والنظم المالية الموجودة في روسيا اعتباراً من 16/ 12/ 1947 وهو تاريخ صدور القرار المشار إليه" ولما كان الثابت من الاطلاع على الملف الإداري لأعضاء المفوضية المصرية في موسكو والمقدم بالحافظة الخامسة للطاعن - وقد كان معروضاً على محكمة الاستئناف - أن المطعون عليه أخطر وزارة الخارجية بالإجراءات التي اتخذها الاتحاد السوفيتي لاستبدال عملة جديدة بالعملة القديمة وطلب زيادة إعانة غلاء المعيشة بنسبة 120% لمواجهة تلك الإجراءات، ثم أخطر الوزارة في 3/ 1/ 1948 بأنه اضطر لأن يرخص لكل موظف بصرف نصف المبلغ الذي صودر منه وذلك بصفة مؤقتة على أن يصرف النصف الباقي بعد موافقة الوزارة، ثم عاد وصرف النصف الآخر بعد أن تأخر رد الوزارة عليه وأخطر الوزارة بذلك، وعلل تصرفه ذاك بالحالة السيئة التي أصبح الموظفون عليها، وبتاريخ 23/ 12/ 1948 أخطر وكيل وزارة الخارجية المطعون عليه بأن وزارة المالية لم توافق على إجراء المفوضية ورأت ضرورة تحصيل المبالغ السابق صرفها، وذلك اكتفاء بما تقرر من تعديل فئات غلاء المعيشة اعتباراً من اليوم الذي صدر فيه قانون استبدال العملة، وقد اعترض المطعون عليه على هذا القرار وبين أن إجراء وزارة المالية لا علاقة له بالمبالغ المصادرة وإنما هو يواجه آثار تحديد سعر جديد للروبل بالنسبة للدولار وللجنيه الإسترليني، وإذ كان ذلك وكان من المقرر أن علاقة الموظف بالسلطة العامة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تملك السلطة إصدارها في أي وقت تحقيقاً للمصلحة العامة، وكان ما اتخذه رئيس البعثة هو إجراء مؤقت إلى أن تبت الوزارة في الأمر وكان قد أخطر بعدم الموافقة على هذا الإجراء الذي اتخذه، إذ كان ذلك فإن الطاعنة تكون قد أثبتت أن السلطة المختصة لم توافق على الإجراء الذي اتخذه رئيس البعثة وعلى هذا الأخير أن إن هو ادعى خلاف الثابت في الأوراق أن يقيم الدليل على ما يدعيه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من عدم إثبات الوزارة عدم صحة ما يدعيه المطعون عليه من أن رئيس الحكومة المصرية في ذلك الوقت قد أقر الإجراء الذي اتخذه دليلاً على صحة هذا الادعاء، فإنه يكون قد ألقى على الوزارة عبء إثبات واقعة ليست مكلفة بإثباتها، وكان الظاهر ينفيها إذ أن المطعون عليه كتب لوزارة الخارجية في 2/ 2/ 1949 يعترض فيه على قرارها ولم ينسب إلى رئيس الحكومة موافقته على هذا الإجراء الذي اتخذه، مع أن هذه الموافقة - حسبما جاء في دفاعه - كانت سابقة على هذا الكتاب فإن الحكم بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
والنعي في شقه الخاص بالمبلغ الذي صرفه مقابل أجرة سفره إلى القاهرة وبدل الإقامة فيها سديد أيضاً، ذلك أن الحكم الابتدائي بعد أن استعرض دفاع المطعون عليه بشأن سفره إلى مصر في سنة 1948 ذكر أن البادي من دفاعه المذكور والبرقيتين اللتين أرسلهما إلى الوزارة قبل سفره أن استدعاءه إلى مصر كان بسبب أعمال متصلة بعمله ولم تقدم الوزارة ما ينفي ذلك وأن استدعاءه كان بسبب قيامه بإجازة اعتيادية، ومن ثم تكون المبالغ المطلوبة مقابل هذا البند عارية عن أي دليل يؤيدها. ولما كان يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه - الذي كان معروضاً على محكمة الاستئناف - أن المطعون عليه بعد أن استأذن من وزارة الخارجية في السفر إلى مصر للاتصال بوزارة الخارجية عاد وطلب بالبرقية المؤرخة 24/ 1/ 1948 أنه بالإضافة إلى الاعتبارات السابقة فإن حالته الصحية تستوجب قيامه من موسكو، وقد رد عليه وزير الخارجية بالبرقية المؤرخة 29/ 1/ 1948 بأنه وافق على منحه إجازة لمدة ثلاثة شهور من أول مارس فرد عليه ببرقية شكر مؤرخة 30/ 1/ 1948، وقد أخطرت إدارة المستخدمين بأنه رخص للمطعون عليه بإجازة اعتيادية ابتداء من 15/ 3/ 1948 إلى 14/ 6/ 1948، وطلبت قطع ربع مرتب بدل التمثيل أثناء الإجازة، وهذه المستندات دالة بذاتها على أن حضوره إلى مصر كان بسبب منحه إجازة اعتيادية، ويكون ما قرره الحكم من أن الوزارة لم تقدم ما يدل على أن استدعاءه كان بسبب إجازة اعتيادية مخالفاً الثابت في الأوراق. والنعي في شقه المتعلق بالمبالغ التي صرفها المطعون عليه من أموال المفوضية سديد، ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استند في رفض هذا الشق من الطلبات على أن المطعون عليه "كان دائناً للوزارة بمرتبه وبالأنواع المختلفة من الأموال المستحقة له بحكم عمله، وأنه لا يكفي في علاقة مستمرة تتناوب فيها الحقوق والالتزامات على هذا النحو وتتابع أن تقدم الوزارة ما يفيد تسليم المطعون عليه الأول مبالغ معينة لكي تثبت هذه المبالغ في ذمته، ولم تقدم الوزارة كشفاً شاملاً يفصح عما ترتب في ذمته من حقوق وما تحمل من الالتزامات مشفوعاً بالإيضاحات الكاملة التي تبين أصل كل دين وطبيعته معززاً بالمستندات التي تنهض على صحته وذلك كله موجود في الملف المالي للمفوضية الذي لم تقدمه الوزارة وعلى ذلك فإن الوزارة لم تقدم الدليل المقنع على ثبوت تلك المبالغ في ذمته، وتكون مطالبتا بهذه المبالغ عارية عن الدليل" ولما كان الثابت من الاطلاع على الملف الخاص بأعضاء المفوضية أن كل مخصصات المطعون عليه كانت تصرف من الوزارة إلى البنك الأهلي بالقاهرة وأن المطعون عليه أرسل إلى وزارة الخارجية في 30/ 9/ 1948 خطاباً يذكر فيه أنه سحب مبلغ 1054 حـ ك و7 ش و6 ب وأنه أرسل برقية بدفع هذا المبلغ للوزارة بشيك مسحوب على البنك الأهلي، وأنه نظراً للظروف الاستثنائية التي يصعب معها تحديد مبلغ معين لنفقاته الشهرية فإنه يحتاج من وقت إلى آخر مبالغ إضافية وأنه يزمع أخذها من اعتمادات المفوضية على أن تدفع بشيك إلى الوزارة وذلك تفادياً من صعوبة فتح الاعتمادات وعدم تراكم رصيد ضخم له في موسكو يصعب الاستفادة به في الخارج، ولما طلبت الوزارة بتاريخ 4/ 5/ 1949 كشفاً بالمبالغ التي صرفها حتى أخر إبريل من السنة نفسها أرسل ذلك الكشف بتاريخ 2/ 6/ 1949، ومن ثم فإنه يبين أن كل ما كان يستحقه لدى الوزارة كان يحول إلى البنك الأهلي، وأن كل ما استلمه من المفوضية كان ديناً عليه، وإذ كان الحكم قد أهدر دلالة تلك المستندات فإنه يكون مشوباً بالقصور.

الطعن 486 لسنة 35 ق جلسة 21 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 82 ص 530

جلسة 21 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي ومحمد طايل راشد، وجوده أحمد غيث.

--------------

(82)
الطعن رقم 486 لسنة 35 القضائية

نقض. "إجراءات الطعن". "التوكيل بالطعن". محاماة. وكالة. بطلان. "بطلان الإجراءات".
عدم تقديم المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض ما يثبت وكالته عن الطاعن. أثره. بطلان الطعن.

-----------
مؤدي نص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض معدلة بالقانون رقم 106 لسنة 1962 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن موقعاً من محام موكل عن الطاعن، وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. وإذ كان التقرير بالطعن موقعاً من محام لم تثبت وكالته عن الطاعن فإن الطعن يكون باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن رمسيس ناشد أقام الدعوى رقم 2300 سنة 1960 الإسكندرية الابتدائية ضد كل من شركة إسكندرية للتأمين على الحياة وشركة إسكندرية للتأمين بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 12000 جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وبتاريخ 31/ 1/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدعوى وأعفت المدعي من المصروفات. استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 109 سنة 18 قضائية. وبتاريخ 13/ 5/ 1960 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة ودفعت فيها ببطلان الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع المقدم من النيابة العامة أن المحامي الموقع على تقرير الطعن لم يقدم ما يثبت وكالته عن الطاعن فيكون الطعن باطلاً.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن مؤدي نص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض معدلة بالقانون رقم 106 لسنة 1962 التي تحكم هذا الطعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يجب أن يكون التقرير بالطعن موقعاً من محام موكل عن الطاعن وهو إجراء جوهري يترتب على إغفاله بطلان الطعن. وإذ كان ذلك وكان التقرير بالطعن موقعاً من محام لم تثبت وكالته عن الطاعن فإن الطعن يكون باطلاً.


(1) نقض 30/ 5/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 من 1147.
نقض 6/ 12/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 من 1775.

الطعن 248 لسنة 28 ق جلسة 22 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 98 ص 693

جلسة 22 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(98)
الطعن رقم 248 لسنة 28 القضائية

إثبات. "طرق الإثبات". "الإقرار غير القضائي". "عدم التجزئة". "الدفاتر التجارية".
مناط تطبيق قاعدة عدم تجزئة الإقرار وإعمالها في شأن ما يرد بدفاتر التاجر من قيود وبيانات هو أن تكون هذه الدفاتر منتظمة ومؤيدة بالمستندات الدالة على صحة القيود والبيانات الواردة فيها وأمانتها.

-------------
مناط تطبيق قاعدة عدم تجزئة الإقرار وإعمالها في شأن ما يرد بدفاتر التاجر من قيود وبيانات بحيث لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضاً لدعواه هو أن تكون هذه الدفاتر منتظمة ومؤيدة بالمستندات الدالة على صحة القيود والبيانات الواردة فيها وأمانتها. وإذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عول على بعض بيانات هذه الدفاتر واعتبرها إقراراً مركباً لا تجوز تجزئته بينما لم يكن قد تحقق من انتظام هذه الدفاتر وقضى بتعيين خبير لبحثها وبيان ما إذا كانت منتظمة وتمثل الحقيقة أم لا فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وديع اشقجي مورث المطعون عليه أقام الدعوى رقم 139 سنة 1951 تجاري القاهرة الابتدائية بطلب إلغاء قرار لجنة التقدير الصادر بتاريخ 25/ 10/ 1949 وبطلان الإجراءات التي اتخذت ضده على أساس القرار المذكور والحكم بأنه سدد ما عليه من ضريبة طبقاً لدفاتره مع إلزام المصلحة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لها إن اللجنة أهدرت دفاتره وحساباته ولم تعول على نسبة إجمالي الربح الواردة فيها بينما هي منتظمة وأنها جزأت عليه إقراره الثابت في هذه الدفاتر بالنسبة لواقعة سقوط الخاتم الزمردي وكسره وبيعه نتيجة لذلك بملغ 150 جنيهاً بخسارة قدرها 1150 جنيهاً في حين أن إقراره هذا لا يتجزأ. وبتاريخ 18 نوفمبر سنة 1953 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفض الدفع ببطلان الإجراءات وفي موضوع الطعن برفضه وتأييد القرار المطعون فيه وألزمت الطاعن بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة لمصلحة الضرائب. واستأنف المورث هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه بالنسبة للسنوات 1940 و1941 و1942 و1946/ 1947 و1947/ 1948 والحكم ببراءة ذمته من كل ضريبة مستحقة عليه مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 83 سنة 70 قضائية وبتاريخ 18 مارس سنة 1956 حكمت المحكمة حضورياً وعلناً بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير في شئون الضرائب من مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراق القضية ومراجعة أوراق الممول وحساباته وبيان ما إذا كانت دفاتره منتظمة وتمثل الحقيقة أم لا مع بحث اعتراضات مصلحة الضرائب المستأنف عليها على تلك الدفاتر ومناقشة الطرفين فيما يرى لزوماً له واستخراج حقيقة أرباح الممول أو خسارته في كل سنة من سني النزاع مع مراعاة ما أثبته الممول في دفاتره عن الخاتم الزمردي باعتبار أنه أدرجه بعد كسره في رأس مال محله التجاري وقدره بمبلغ 100 جنيه ثم باعه بمبلغ 150 جنيهاً وباشر خبير المكتب مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن الممول خسر في سنة 1940 مبلغ 376 جنيهاً (طبقاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة وأنه في سنة 1941 خسر مبلغ 756 جنيهاً وأنه في سنة 1942 ربح مبلغ 2214 جنيهاً) (طبقاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة) وأنه في سنة 1944/ 1945 ربح مبلغ 237 جنيهاً وأنه في سنة 1945/ 1946 ربح مبلغ 167 جنيهاً (طبقاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة) وأنه في سنة 1946/ 1947 خسر مبلغ 157 جنيهاً (طبقاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة) وأنه في سنة 1947/ 1948 ربح مبلغ 470 جنيهاً (طبقاً لما انتهت إليه محكمة أول درجة) وبتاريخ 30 إبريل سنة 1958 - وفي ضوء هذا التقرير - حكمت المحكمة علناً وحضورياً في موضوع الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف فيما يختص بسنة 1941 واعتبار أن المستأنف خسر فيها مبلغ 756 جنيهاً وفيما يختص بسنة 1944/ 1945 واعتبار أن الممول ربح فيها مبلغ 237 جنيهاً وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وألزمت المستأنف عليها المصروفات المناسبة عن الدرجتين وألزمت المستأنف باقي المصروفات ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - وطعنت مصلحة الضرائب في هذين الحكمين بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكمين ولم يحضر المطعون عليه ولم يقدم دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيه إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين يتحصل أولهما في أن الحكمين المطعون فيهما أقاما قضاءهما في الدعوى على أن ما ورد بدفاتر مورث المطعون عليه بخصوص واقعة سقوط الخاتم الزمردي وتهشمه وبيعه في سنة 1941 بخسارة وبخصوص إجمالي ربحه من تصليح الساعات في سنة 1944/ 1945 يعتبر إقراراً مركباً لا تجوز تجزئته، وهو خطأ ومخالفة للقانون إذ أن عدم تجزئة الإقرار لا تكون إلا في حالة انتظام دفاتر الممول وحساباته والثابت في الدعوى ومن تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة أن دفاتر المورث لم تكن منتظمة ولا مؤيدة بالمستندات وهو ما يتقرر معه حق مصلحة الضرائب في أن تجري ما تشاء من التعديلات على إقراراته للوصول إلى حقيقة الأرباح.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مناط تطبيق قاعدة عدم تجزئة الإقرار وإعمالها في شأن ما يرد بدفاتر التاجر من قيود وبيانات بحيث لا يجوز لمن يريد أن يستخلص منها دليلاً لنفسه أن يجزئ ما ورد فيها ويستبعد ما كان مناقضاً لدعواه هو أن تكون هذه الدفاتر منتظمة ومؤيدة بالمستندات الدالة على صحة القيود والبيانات الواردة فيها وأمانتها، وإذ كان الثابت في الدعوى أن دفاتر مورث المطعون عليه غير منتظمة وأن مبيعاته لا يوجد من المستندات ما يؤيدها وكان الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع قد جرى في قضائه على أن ما أثبته المورث في دفاتره بخصوص الخاتم الزمردي يعتبر إقراراً مركباً لا تجوز تجزئته بينما لم يكن قد تحقق من انتظام هذه الدفاتر وقضى بتعيين خبير "لفحص أوراقه وحساباته وبيان ما إذا كانت دفاتره منتظمة وتمثل الحقيقة أم لا مع بحث اعتراضات مصلحة الضرائب على تلك الدفاتر" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني - وبما ينبني عليه نقض الحكم الصادر في الموضوع بعد أن كانت المحكمة قد استنفدت ولايتها على هذا الشق من النزاع.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم ولما جاء في الحكم الابتدائي من أسباب يتعين تأييده.

الطعن 373 لسنة 35 ق جلسة 21 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 81 ص 525

جلسة 21 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعثمان زكريا علي، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

--------------

(81)
الطعن رقم 373 لسنة 35 القضائية

عمل. "أفراد أسرة رب العمل".
أفراد أسرة رب العمل المستثنون من تطبيق أحكام قانون عقد العمل. ذوو قرباه ممن يجمعهم معه أصل مشترك، متى كان يعولهم. سواء كانت قرابتهم مباشرة أو قرابة حواشي.

------------------
مؤدى نصوص المواد 88 فقرة ب من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، و34 و35، من القانون المدني مجتمعة، أن أفراد أسرة صاحب العمل الذين استثناهم المشرع من تطبيق أحكام الفصل الثاني من القانون رقم 91 لسنة 1959 هم ذوو قرباه بصفة عامة الذين يجمعهم معه أصل مشترك، سواء كانت قرابتهم مباشرة، وهي الصلة ما بين الأصول والفروع، أو قرابة حواشي، وهي الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للأخر، متى كان يعولهم فعلاً. والقول بغير ذلك، وقصر أفراد أسرة صاحب العمل الذين استثناهم المشرع من تطبيق أحكام الفصل الثاني من قانون العمل على ذوي قرباه المباشرين، وهو أصوله وفروعه، وتخصيص لنص المادة 88 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بغير مخصص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 22/ 12/ 1962 تقدم محمود عبد التواب أحمد العسال بشكوى إلى مكتب العمل بالفيوم ضد عبد العظيم أحمد العسال يقول فيها إنه بتاريخ 5/ 6/ 1954 التحق بالعمل لدي المشكو فيه وبلغ مرتبه الشهري 15 ج واستمر إلى أن فوجئ في 16/ 12/ 1962 بفصله دون مبرر، وطلب وقف تنفيذ قرار الفصل وإلزام صاحب العمل بأن يؤدي له مرتبه اعتباراً من أول يناير سنة 1963، ولم يتمكن المكتب من تسوية النزاع وأحاله إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة الفيوم، وقيد بجدولها برقم 14 سنة 1963، وبتاريخ 11/ 6/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 15 ج شهرياً اعتباراً من 1/ 1/ 1963 وبإحالة الدعوى إلى محكمة بندر الفيوم لنظر الموضوع، وإذ حدد المدعي طلباته بملغ 695 ج منه 172 ج و500 م مكافأة نهاية الخدمة و7 ج و500 م بدل إجازات و15 ج بدل إنذار و500 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي فقد أحالت المحكمة الدعوى إلى محكمة الفيوم الابتدائية لاختصاصها حيث قيدت بجدولها برقم 214 سنة 1963. وبتاريخ 28/ 12/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 105 ج والمصروفات المناسبة ومبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المؤقت وبلا كفالة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 15 سنة 2 قضائية، وبتاريخ 6/ 4/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليه وألزمته بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن مستنداً في ذلك إلى أنه من أفراد أسرة رب العمل الذين يعولهم فعلاً فلا تخضع العلاقة بينهما لأحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 عملاً بالفقرة ب من المادة 88 من القانون المذكور والمادة 34 من القانون المدني، وأن هذه الأحكام لا تعتبر نصوصاً مستحدثة وإنما ترديد لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، لأن المقصود بأفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً والذين استثناهم المشرع في الفقرة ب من المادة 88 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 من تطبيق أحكام الفصل الثاني منه الخاص بعقد العمل الفردي هم - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 - أصول رب العمل وفروعه فقط، والطاعن ليس من هؤلاء وإن كانت تجمعه بصاحب العمل قرابة، وبالتالي تسري على العلاقة بينهما أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وأنه مما يؤكد ذلك إبرام المطعون عليه مع الطاعن عقد عمل تضمن تحديد مرتبه والتزامات الطرفين والجزاءات التي توقع في حالة مخالفة أحكامه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه طبقاً للفقرة (ب) من المادة 88 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 "يستثني أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً من تطبيق أحكام الفصل الثاني منه الخاص بعقد العمل الفردي". وإذ نصت المادة 34 من القانون المدني على أن "1 - تتكون أسرة الشخص من ذوي القربى - 2 - ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك" كما نصت المادة 35 منه على أن "1 - القرابة المباشرة هي الصلة ما بين الأصول والفروع 2 - وقرابة الحواشي هي الرابطة بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك، دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر". فإن مؤدى هذه النصوص مجتمعة أن أفراد أسرة صاحب العمل الذين استثناهم المشرع من تطبيق أحكام الفصل الثاني من القانون رقم 91 لسنة 1959، هم ذوو قرباه بصفة عامة الذين يجمعهم معه أصل مشترك سواء كانت قرابتهم مباشرة وهي الصلة من بين الأصول والفروع، أو قرابة حواشي وهي الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للأخر متى كان يعولهم فعلاً، والقول بغير ذلك، وقصر أفراد أسرة صاحب العمل الذين استثناهم المشرع من تطبيق أحكام الفصل الثاني من قانون العمل على ذوى قرباه المباشرين وهو أصوله وفرعه تخصيص لنص المادة 88 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بغير مخصص. وإذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعن ابن أخ المطعون عليه وبالتالي يجمعهما أصل مشترك، وأن المطعون عليه يعوله فعلاً، وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه باستثنائه من تطبيق أحكام عقد العمل الفردي على ما قرره من أن "المادة 88 - ب - من قانون عقد العمل الموحد قد استثنت من تطبيق أحكام الفصل الثاني..... أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلاً" وأن "أسرة صاحب العمل محل الاستثناء تتكون من ذوي قرباه الذين يجمعهم به أصل مشترك متى كان صاحب العمل يعولهم فعلاً وذلك لأن رابطة القرابة أقوى من القانون ويخشى أن يؤدي سريان القانون عليهم إلى فساد الرابطة العائلية" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه شابه قصور وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أنه استخلص من المناقشة التي أجرتها المحكمة بجلستي 8 و10 فبراير سنة 1965، ومن المستندات المقدمة من الطرفين، أن الفصل كان مبرراً، وهو استخلاص غير سائغ، لأن كل ما أجراه الطاعن من معاملات كانت مشروعة وتمت بترخيص من المطعون عليه ولا تنطوي على تبديد أو اختلاس أو تتسم بالفساد، إذ لم يثبت أن مالاً قد ضاع على المنشأة أو أن كسباً قد فاتها أو أن الطاعن قد أفشى سراً أو أهمل إهمالاً يمكن محاسبته عليه. (وثانيهما) أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن قد تضارب في دفاعه وأن الإنذار الذي وجهه إلى المطعون عليه بتاريخ 23/ 12/ 1962 بعد فصله قد التفت عن الإشارة إلى سبق استنزال ثمن المشتريات من البضاعة التي حددها في هذا الإنذار بأنها بمبلغ 537 جنيهاً و10 مليمات وعن مطالبة المطعون عليه بسدادها، وما ذهب إليه الحكم لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها لأن العبرة بما تقدم من مستندات ولا يؤثر في دفاع الطاعن خلو إنذاره المشار إليه من استنزال ثمن المشتريات المذكورة.
وحيث إن هذا النعي بسببيه على غير أساس، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم أحقية الطاعن للتعويض - حتى في ظل الأحكام العامة المقررة للعقود في القانون المدني - على ما قرره من أن "عقيدة المحكمة تستقر في يقين استخلاصاً من المناقشة التي أجرتها بجلستي 8 و10 من فبراير سنة 1965 ومن المستندات التي قدمها الطرفان وقد سبق بيانها تفصيلاً، إلى أن المستأنف فصل المستأنف ضده بمبرر بعد أن فقد ثقته فيه وتعذر التعاون معه نتيجة لتصرفاته التي وإن كانت لا تتسم بطابع التبديد أو الاختلاس إلا أنها تنبئ في جلاء عن إساءة المستأنف عليه للثقة فيه غير ملتزم صالح المؤسسة التي يعمل بها غير عابئ بطلباتها وما يصيبها من خسارة، إذ دأب على شراء بضائع منها وهو المشرف عليها المسئول عن ازدهارها ونموها بأثمان النقد وما يقل عنها دون أن يؤدي حتى هذا الثمن نقداً أو أجلاً مخالفاً بذلك نظام المؤسسة وسير العمل بها دون علم صاحب العمل وإذنه أو حتى اطلاعه عليه مهملاً في أداء عمله، وتلتفت المحكمة عن دفاعه الذي حاصله أن تلك العمليات قد تمت بموافقة المستأنف وبتصريح منه بخصم الثمن من العمولة التي يستحقها لديه، ذلك أنه فضلاً عن أن هذا الدفاع قد استحدثه المستأنف عليه أمام هذه المحكمة وبجلستي المناقشة ولو كان صحيحاً لتحدي به من فجر الدعوى، خاصة وأن المستأنف تمسك بهذه الوقائع كسبب للفصل فوراً اتصال الخصومة بالقضاء المستعجل، فضلاً عن ذلك فإنه لم يقم الدليل عليه وينقضه. ( أ ) تضاربه في حصول التصريح كتابة من جانب المستأنف ثم عدوله عن ذلك إلى حصوله مشافهة، واستطراده إلى أن هذه المشافهة لم يسمع بها أحد سواه، وتضاربه بشأن المستندات الخمسة التي قدمها أصلاً للتدليل على أنه كان يدفع ثمن مشترياته مثل خطاب العمولة ثم عدوله عن ذلك على النحو الذي سبق بيانه إلى أنها مستندات مجاملة. (ب) خلو الإنذار الذي وجهه إلى المستأنف بتاريخ المشتريات من العمولة التي حددها في هذا الإنذار بأنها 537 جنيهاً و10 مليمات عن المدة منذ بدء استحقاقه لها حتى تاريخ فصله وتأكيده أنه لم يستوفه كلاً أو بعضاً ومطالبته المستأنف بسداده، ولو كان دفاعه صحيحاً لأشار في إنذاره إلى سبق استنزاله ثمن المشتريات من العمولة التي يدعيها بعد أن ضمن دفاعه في الدعوى الراهنة على ما سلف بيانه أنه لم يدفع ثمناً لهذه المشتريات لاستنزاله من العمولة التي يستحقها" وهو استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق وكاف لحمل قضائه في هذا الخصوص.

الطعن 178 لسنة 28 ق جلسة 16 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 97 ص 689

جلسة 16 من مايو سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

(97)
الطعن رقم 178 لسنة 28 القضائية

مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع من أعمال تابعه". "قوامها".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه حال تأدية وظيفته أو بسببها قوامها وقوع خطأ من التابع مستوجب لمسئوليته هو. انتفاء مسئولية التابع يستتبع انتفاء مسئولية المتبوع. قضاء الحكم مع ذلك على المتبوع بالتعويض مخالف للقانون.

-----------------
مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع الواقع منه حال تأدية وظيفته أو بسببها (م 174 مدني) قوامها وقوع خطأ من التابع مستوجب لمسئوليته هو، بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها من أساس تقوم عليه. وإذ كانت مسئولية التابع لا تتحقق إلا بتوافر أركان المسئولية الثلاثة وهي الخطأ بركنيه المادي والمعنوي وهما فعل التعدي والتمييز، ثم الضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وكان الثابت من الأوراق أن التابع وقت اقترافه حادث القتل لم يكن مميزاً لإصابته بمرض عقلي يجعله غير مدرك لأقواله وأفعاله مما ينتفي به الخطأ في جانبه لتخلف الركن المعنوي للخطأ وهو ما يستتبع انتفاء مسئولية التابع وبالتالي انتفاء مسئولية الوزارة المتبوعة، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وبني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض على أساس مسئولية المتبوع من أعمال تابعه، يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليهم، ورثة المرحوم القطب حسين الأعرج، أقاموا أمام محكمة طنطا الابتدائية الدعوى رقم 151/ 86 سنة 1954 طالبين الحكم بإلزام وزارة الداخلية - الطاعنة - والمطعون عليهما الثاني والثالثة - عبد الرؤوف خلف بصفته قيماً على المحجوز عليه إسماعيل عبد الرؤوف خلف، وشركة أقطان كفر الزيات - متضامنين، أن يدفعوا إليهم مبلغ 3000 جنيه على سبيل التعويض - وقالوا في بيان الدعوى أن المحجور عليه إسماعيل عبد الرؤوف خلف قتل مورثهم المرحوم القطب حسين الأعرج بأن أطلق عليه عيارين ناريين فأرداه قتيلاً، وأنه من أجل ذلك مسئول عن تعويض الضرر الذي لحقهم نتيجة وقوع هذا الحادث، كما أن وزارة الداخلية وشركة أقطان كفر الزيات مسئولتان عن ذلك أيضاً، مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه لأن الحادث وقع من المحجور عليه المذكور وهو يعمل شيخ خفراء نظاميين تابعاً لوزارة الداخلية ووقت أن كان مكلفاً بحراسة محلج شركة أقطان كفر الزيات - وبتاريخ 29/ 1/ 1957 حكمت المحكمة بإلزام وزارة الداخلية وشركة أقطان كفر الزيات، متضامنين، بأن تدفعا للمدعين مبلغ 1000 جنبه على سبيل التعويض وبرفض الدعوى قبل المحجور عليه إسماعيل عبد الرؤوف خلف - وقد اعتبرت المحكمة أن المحجوز عليه، وقت وقوع الحادث، كان تابعاً لكل من وزارة الداخلية وشركة أقطان كفر الزيات واستندت في تقرير مسئوليتهما عن التعويض، نتيجة لذلك، إلى حكم المادة 174 من القانون المدني - ثم استندت في القضاء برفض الدعوى قبل المحجور عليه إلى أنه ثبت لها من الاطلاع على ملف الجناية المتعلقة بتحقيق حادث القتل الذي اقترفه، أنها مقيدة ضده لأنه قتل عمداً قطب حسين الأعرج بأن أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله، وأن قاضي التحقيق قرر في 20/ 1/ 1953 بألا وجه لإقامة الدعوى العمومية قبل المتهم وبإيداعه مستشفى الأمراض العقلية إلى أن تأمر الجهات المختصة بإخلاء سبيله وذلك لما ثبت لديه من التقرير الطبي المحرر بمعرفة مدير عام مصلحة الأمراض العقلية من أن المتهم مريض بمرض عقلي يجعله لا يقدر نتائج أقواله وأفعاله وأنه يرجح أن يكون المتهم قد كان مصاباً بنفس هذا المرض وقت الحادث مما يجعله غير مسئول عن أفعاله - وقد رتبت المحكمة على ذلك أن مسئوليته عن الضرر الناجم عن هذا الحادث منعدمة لانعدام التمييز الذي هو شرط من شروط تحقق المسئولية - استأنفت وزارة الداخلية هذا الحكم بالاستئناف رقم 89 سنة 7 ق استئناف طنطا وكان من بين الأسباب التي بنت عليها استئنافها انعدام مسئولية المحجور عليه لوقوع الحادث منه، وهو مصاب بحالة مرضية عقلية مفاجأة - كذلك استأنفت شركة أقطان كفر الزيات هذا الحكم أمام نفس المحكمة بالاستئناف رقم 72 سنة 7 ق - وقد ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 1/ 4/ 1958 حكمت في الاستئناف المرفوع من شركة الأقطان بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى قبلها، وحكمت برفض الاستئناف المرفوع من وزارة الداخلية وبتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لها - طعنت وزارة الداخلية في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه - عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 16/ 5/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعن جلسة 25/ 4/ 1963 وفيها تمسكت الطاعنة بما أوردته في تقرير الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه، مخالفته القانون، ومما تقوله في بيان ذلك إن الحكم قضى بمسئوليتها مدنياً، عن الجريمة التي قارفها المحجور عليه، باعتباره تابعاً لها، بينما أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه لا تقوم إلا إذا تحققت مسئولية التابع بتوافر أركانها وهي في النزاع المعروض غير متحققة إذ التابع - المحجور عليه - عندما قارف جريمته المترتب عليها طلب التعويض كان قد أصيب فجأة بالجنون المعدم للمسئولية تبعاً لانعدام التمييز.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع الواقع منه حال تأدية وظيفته أو بسببها (المادة 174 من القانون المدني) قوامها وقوع خطأ من التابع مستوجب لمسئوليته هو بحيث إذا انتفت مسئولية التابع فإن مسئولية المتبوع لا يكون لها من أساس تقوم عليه، ولا تتحقق مسئولية التابع التي تقوم عليها مسئولية المتبوع إلا بتوافر أركان المسئولية الثلاثة وهي الخطأ بركنيه المادي والمعنوي، وهما فعل التعدي والتمييز - ثم الضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر - ولما كان الثابت بالأوراق - على ما سلف بيانه - أن التابع وقت اقترافه حادث القتل لم يكن مميزاً إذ كان مصاباً بمرض عقلي يجعله غير مدرك لأقواله وأفعاله مما ينتفي به الخطأ في جانبه لتخلف الركن المعنوي للخطأ - وهو ما يستتبع انتفاء مسئولية التابع وبالتالي انتفاء مسئولية الوزارة المتبوعة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وبني قضاءه بإلزام الطاعنة بالتعويض على أنها مسئولة عن الضرر الذي أحدثه المحجور عليه بعمله غير المشروع لمجرد أنه كان تابعاً لها وقت وقوعه الجريمة التي اقترفها وأن اقترافه لهذه الجريمة متصل بالعمل الذي كان يؤديه والذي عينته الطاعنة من أجله - فإن الحكم يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما سلف بيانه يتعين رفض الدعوى.

الطعن 14 لسنة 34 ق جلسة 21 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 80 ص 521

جلسة 21 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمد طايل راشد، وجوده أحمد غيث.

----------------

(80)
الطعن رقم 14 لسنة 34 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح الاستثنائية". "خصم احتياطي الاستهلاك الاستثنائي".
طلب الترخيص بإجراء خصم احتياطي الاستهلاك الاستثنائي. وجوب تقديمه مع الإقرار السنوي الخاص بالضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وإلا سقط الحق فيه. هذا الميعاد لا يتراخى إلى سنوات لاحقة.

------------
متى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء فيه سقوط الحق في إجرائه، وإذ كان مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 - بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية - والمادة السابعة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه يتعين على الممول أن يتقدم بطلب الترخيص بإجراء خصم احتياطي الاستهلاك الاستثنائي مع الإقرار السنوي الخاص بالأرباح التجارية والصناعية وإلا سقط الحق فيه، وكان لا وجه للقول بأن هذا الميعاد يتراخى إلى سنوات لاحقه إذ من شأن ذلك أن يفتح باب المنازعة بإجراء الخصم من ضريبة تحددت وربطت وأصبح الربط عنها نهائياً، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى على ما قرره من أن "المشرع لم يشترط إجراء هذا الخصم سنة بسنة مما مؤداه جواز إجرائه في سنة عن سنة أو سنوات سابقة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب بور سعيد قامت بربط الضريبة الخاصة على أرباح مطبعة ومكتبة مايرجور فيتش الاستثنائية في سنة 1947، وأخطرت الممول بهذا الربط على النموذج 4 ضرائب، وإذ اعترض طالباً خصم الاستهلاكات الاستثنائية بالنسبة لمبلغ 258 ج و325 م وأحيل الخلاف على لجنة الطعن، وبتاريخ 28/ 7/ 1956 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإقرار حق الممول في إجراء الاستهلاك الاستثنائي عن السنوات من 1940 إلى 1947 في حدود مبلغ 257 ج و970 م، فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 132 لسنة 1956 تجاري بور سعيد الابتدائية ضد محمد رشاد رمضان بصفته حارساً خاصاً على مطبعة ومكتبة مايرجور فيتش بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه والحكم بسقوط حق الممول في خصم الاستهلاك الاستثنائي عن السنوات 1940، 1945، 1946 مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 28/ 1/ 1959 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه وألزمت المدعية بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة - مأمورية بور فؤاد - طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف بجدول المأمورية برقم 87 سنة 3 قضائية تجاري، وبتاريخ 9/ 11/ 1963 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات. وطعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وبالجلسة طلب قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على أنه يجوز استهلاك الأصول المستحدثة في المنشأة خلال السنوات 1940، 1945، 1946 من أرباح سنة تالية وذلك بخصمها جملة من أرباح المنشأة في سنة 1947، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن المشرع وقد أجاز في المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941 - بفرض ضريبية على الأرباح الاستثنائية - الترخيص للممول في أن يخصم من الربح الاستثنائي المبالغ اللازمة لاستهلاك رؤوس الأموال المستثمرة بادئ الأمر في المنشآت الجديدة التي استحدثت من أول يناير سنة 1940، أو لاستهلاك رؤوس أموال استحدثت أو اشتريت بعد التاريخ المذكور بواسطة منشآت موجودة من قبل، ثم أوجب بنص المادة السابعة من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور على كل ممول يرغب في الترخيص له بتكوين الاحتياطي المشار إليه، أن يقدم مع الإقرار السنوي الخاص بالأرباح التجارية والصناعية ولأول مرة في بحر شهر من تاريخ نشر هذه اللائحة في الجريدة الرسمية، إقراراً مفصلاً ببيان الإنشاءات الجديدة التي استحدثت من أول يناير سنة 1941 توضح فيه الأصول المستحدثة أصلاً مع ذكر نوعها ووصفها ومميزاتها وتاريخ وقيمة شراء كل منها، فإنه يكون قد رسم للترخيص بهذا الاستهلاك طريقاً معيناً، هو تقديم إقرار مفصل بالأصول المستحدثة في كل سنة مع الإقرار السنوي الخاص بالأرباح المتعلقة بها، وذلك ليتسنى استهلاك الأصول المستحدثة في سنة من أرباح هذه السنة بالذات التزاماً منه لقاعدة سنوية الضريبة، وذلك فضلاً عن أنه لا خلاف من جهة الواقع في أن ربط كل من الضريبتين التجارية والخاصة على المطعون عليه في السنوات من 1940 إلى 1946 قد أصبح نهائياً، والقول بإجازة استهلاك أصول استحدثت في هذه السنوات عند الربط عن سنة تالية، فيه مساس بالربط النهائي لا يجيزه القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه متى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء فيه سقوط الحق في إجرائه، وبالرجوع إلى القانون رقم 60 لسنة 1941 - بفرض ضريبة على الأرباح الاستثنائية، - يبين أنه نص في المادة السابعة منه على أنه "يجوز الترخيص للممول بأن يخصم من الربح الاستثنائي المبالغ اللازمة لاستهلاك رؤوس الأموال المستثمرة بادئ الأمر في المنشآت الجديدة التي استحدثت بعد أول يناير سنة 1940 أو لاستهلاك إنشاءات استحدثت أو اشتريت بعد التاريخ المذكور بواسطة منشآت موجودة من قبل" وبالرجوع إلى المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون يبين أنها أوجبت على كل ممول، يرغب في الترخيص له بتكوين الاحتياطي المشار إليه بالفقرة (ثانياً) من المادة السابعة من القانون رقم 60 لسنة 1941، أن يقدم مع الإقرار السنوي الخاص بالأرباح التجارية والصناعية، ولأول مرة في بحر شهر من تاريخ نشر هذه اللائحة في الجريدة الرسمية، إقراراً مفصلاً ببيان الإنشاءات الجديدة التي استحدثت بعد أول يناير سنة 1940 توضح فيه الأصول المستحدثة أصلاً مع ذكر نوعها ووصفها ومميزاتها وتاريخ وقيمة شراء كل منها، ومؤدى هذين النصين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يتعين على الممول أن يتقدم بطلب الترخيص بإجراء خصم احتياطي الاستهلاك الاستثنائي مع الإقرار السنوي الخاص بالأرباح التجارية والصناعية وإلا سقط الحق فيه، ولا وجه للقول بأن هذا الميعاد يتراخى إلى سنوات لاحقه: إذ من شأن ذلك أن يفتح باب المنازعة بإجراء الخصم من ضريبة تحددت وربطت وأصبح الربط عنها نهائياً، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى على ما قرره من أن "المشرع لم يشترط إجراء هذا الخصم سنة بسنة مما مؤداه جواز إجرائه في سنة عن سنة أو سنوات سابقة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نقض 8/ 6/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1336.

الطعن 392 لسنة 36 ق جلسة 20 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 79 ص 516

جلسة 20 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، محمد أسعد محمود.

----------------

(79)
الطعن رقم 392 لسنة 36 القضائية

(أ) إعلان. "الإعلان في النيابة". نقض. "إعلان تقرير الطعن".
توجيه إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهم في موطنهم المبين في الحكم المطعون فيه. إجابة أخيهم بأنهم تركوا هذا الموطن ولا يعرف موطنهم الجديد. خلو الأوراق مما يستدل منه على أن التحري يهدي إلى هذا الموطن. إعلان التقرير في مواجهة النيابة في هذه الحالة صحيح.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير شهادة الشهود".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير أقوال الشهود طالما لم يخرج عن مدلولها.
(ج) حكم. "تسبيب الحكم". "تسبيب كاف". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى. كفاية إقامة قضائه على أسباب سائغة تحمله. عدم وجوب تتبع حجج وأقوال وطلبات الخصوم والرد على كل منها استقلالاً.

---------------
1 - إذ كان يبين من الأوراق أن الطاعنين حاولا إعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهم في موطنهم المبين في الحكم المطعون فيه، فلم يجدهم المحضر في ذلك الموطن، وأخبره أخوهم أنهم تركوا هذا الموطن، ولا يعرف موطنهم الجديد، فأعلنهم الطاعنان بالتقرير في مواجهة النيابة. وكانت أوراق الدعوى قد خلت ما يستدل منه على أن الطاعنين لو بذلا جهداً آخر في التحري لاهتديا لموطن المطعون عليهم المذكورين، فإن الإعلان الذي تم في مواجهة النيابة في الظروف سالفة الذكر يكون صحيحاً.
2 - تقدير أقوال الشهود مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع، وله أن يأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر، ولا سلطان لأحد عليه في ذلك، إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
3 - لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطالباتهم، ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه، ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ولده حسن - الطاعن الثاني - أقام الدعوى رقم 1723 سنة 1945 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها الأولى والمرحوم عبد الوهاب فهمي مورث باقي المطعون عليهم، يطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بتسليم المنقولات والمصوغات المبينة بصحيفة الدعوى أو دفع ثمنها وقدره 2300 ج. وقال شرحاً لدعواه إن زوجته المرحومة آمنة محمد الشافعي توفيت وتركت ما يورث عنها المنقولات والمصوغات المشار إليها، وإذ كان هو وابنه حسن المشمول بولايته بين ورثتها، وكانت شقيقتها المطعون عليها الأولى وزوجها المرحوم عبد الوهاب فهمي قد استوليا على هذه المنقولات والمصوغات بغير وجه، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 19/ 2/ 1949 حكمت محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق، ليثبت الطاعن عن نفسه وبصفته أن مورثته تركت المنقولات والمصوغات سالفة الذكر، ومقدار ثمنها، وأن المطعون عليها الأولى والمرحوم عبد الوهاب فهمي قد استوليا عليها. وبعد سماع شهود الطرفين، وانقطاع سير الخصومة بوفاة المرحوم عبد الوهاب فهمي، واستئناف الدعوى سيرها ضد ورثته - المطعون عليهم - بناء على طلب الطاعن الأول، وتدخل الطاعن الثاني في الدعوى بشخصه بعد بلوغه سن الرشد، حكمت المحكمة بتاريخ 7/ 11/ 1964 برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 سنة 82 ق القاهرة، وطلبا القضاء بإلغائه وبأحقيتهما إلى نصيبهما عيناً وقدره 8/ 9 في المنقولات والمصوغات المبنية بصحيفة الدعوى أو قيمة استحقاقها نقداًَ وقدره 2300 ج. وبتاريخ 8/ 5/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن تأسيساً على أن الطاعنين أعلنا المطعون عليهم الثاني والثامنة والتاسعة في النيابة دون أن يثبتا أنهما قاما بالتحريات الكافية للتقصي عن محل إقامة هؤلاء المطعون عليهم، مما يبطل هذا الإعلان ويؤدي إلى بطلان الطعن بالنسبة لهم، ويستتبع البطلان بالنسبة لباقي المطعون عليهم لأن الحكم صدر في موضوع غير قابل للتجزئة، وأبدت النيابة الرأي في الموضوع برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع ببطلان الطعن في غير محله، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعنين حاولا إعلان تقرير الطعن للمطعون عليهم الثاني والثامنة والتاسعة في موطنهم المبين في الحكم المطعون فيه وهو شارع عامر رقم 10 بالدقي، فلم يجدهم المحضر في ذلك المحل، بل أخبره سعيد عبد الوهاب فهمي وهو أخوهم أنهم تركوا هذا المحل ولا يعرف موطنهم الجديد، فأعلنهم الطاعنان بالتقرير في النيابة، وإذ خلت أوراق الدعوى مما يستدل منه على أن الطاعنين لو بذلا جهداً آخر في التحري لاهتديا لموطن المطعون عليهم المذكورين، فإن الإعلان الذي تم في مواجهة النيابة في الظروف سالفة الذكر يكون صحيحاً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب من وجهين، (أولهما) أن الحكم أقام قضاءه على أن أقوال شهودهما لا تؤيد صحة إدعائهما بأن المطعون عليها الأولى وزوجها المرحوم عبد الوهاب فهمي مورثها ومورث باقي المطعون عليهم قد استوليا على المنقولات والمصوغات موضوع الدعوى، هذا في حين أن هؤلاء الشهود قرروا أن المنقولات والمصوغات المخلفة عن مورثتهما المرحومة آمنه محمد شافعي بعد وفاتها كانت في حيازة والدتها السيدة حياة محمد كاشف التي كانت تقيم مع المطعون عليها الأولى وزوجها المرحوم عبد الوهاب فهمي، وظلت كذلك حتى توفيت في منزلهما، وأنه لم يعثر في تركتها على هذه المنقولات أو المصوغات، وأن عمال المرحوم عبد الوهاب فهمي نقلوا المنقولات المذكورة، وهو ما يدل على أن المطعون عليها الأولى وزوجها هما اللذان استوليا على هذه الأشياء لأن أحداً منهما لم يدع بأنها سرقت كما لم يبين الحكم مصيرها وهو ما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب (ثانيهما) أغفل الحكم التحدث عن دلالة الإقرار المؤرخ 10/ 7/ 1952 الصادر من السيدة شفيقة محمد كاشف، مع أنه ورد به أن الدعوى الأخرى وهي التي رفعتها المطعون عليها الأولى ووالدتها تطالبان الطاعنين بمصوغات مملوكة لها هي دعوى "منقلبة الوضع" وهذه العبارة يستفاد منها أن الطاعنين على حق في دعواهما وهو ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع، وله أن يأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر ولا سلطان لأحد عليه في ذلك، إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وكان يبن من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه بعد أن استعرض أقوال شهود الطرفين انتهى إلى أن أقوال شهود الطاعنين لا تكفي لإقناع المحكمة بصحة ادعائهما بأن المطعون عليها الأولى وزوجها المرحوم عبد الوهاب فهمي قد استوليا على المنقولات موضوع الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك أن أقوال هؤلاء الشهود لا تؤيد صحة إدعاء الطاعنين دون أن يخالف الثابت بالأوراق فيما استخلصه من أقوالهم، فلا عليه إن هو لم ير في إقامة المطعون عليها الأولى وزوجها مع والدتها ما يبرر مسئوليتهما عما كان بحيازة هذه الوالدة من مصاغ المورثة ومنقولات طالما أن الدليل المستمد من هذه القرينة غير مقطوع بصحته. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنان بالوجه الأول لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لشهادة الشهود بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذ بها الحكم. والنعي في وجهه الثاني مردود أيضاً، ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، فلا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطالباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها، فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك، وكان ما استند إليه الحكم المطعون فيه على ما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول يكفي لحمل قضائه برفض دعوى الطاعنين ويتضمن الرد المسقط للإقرار الصادر من السيدة شفيقة محمد كاشف، لما كان ما تقدم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.

الطعن 2528 لسنة 40 ق جلسة 8 / 11 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 8 ص 109

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(8)

الطعن رقم 2528 لسنة 40 قضائية عليا

جامعات - جامعة الأزهر - إلغاء قيد رسالة العالمية (الدكتوراه) - حالاته.
المادتان 225، 228 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975.
يجوز إلغاء قيد رسالة العالمية في حالتين - الأولى هي انقضاء مدة خمس سنوات من تاريخ القيد دون الحصول على الرسالة ما لم يرخص مجلس الكلية بامتداد القيد - بناءً على تقرير الأستاذ المشرف على الرسالة وموافقة مجلس القسم - والحالة الثانية هي التي يتم فيها إلغاء القيد قبل انقضاء مدة خمس سنوات بناءً على اقتراح الأستاذ المشرف إذا تبين عدم صلاحية الطالب لمتابعة البحث العلمي وبموافقة مجلس القسم ومجلس الكلية - اشترطت اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر أن يصدر القرار بإلغاء القيد من مجلس الجامعة في ضوء هذه التقارير - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 18/ 5/ 1994 أودع الأستاذ/ ...... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات أ) في الدعوى رقم 7124 لسنة 46 ق الصادر بجلسة 22/ 3/ 1994 والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام جامعة الأزهر مصروفات هذا الطلب، وإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة، لتقديم تقرير بالرأي القانوني في موضوعه.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع تحميل المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين قانوناً، وأودعت هيئة المفوضين تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، مع إلزام الجامعة الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) جلسة 1/ 12/ 1997، وتم تداول نظره بالجلسات، إلى أن قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظره بجلسة 19/ 7/ 1998، وتأجل نظره لجلسة 11/ 10/ 1998، ثم تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمرافعة والمداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
وحيث إنه عن الموضوع، فإنه يخلص - حسبما يتبين من الأوراق - في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 7124 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 8/ 7/ 1992، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار جامعة الأزهر رقم 221 بتاريخ 5/ 2/ 1992 بشطب تسجيلها لدرجة الدكتوراه، بقسم الدراسات العليا، بكلية العلوم، واعتباره كأن لم يكن.
وقالت شرحاً للدعوى، أنها عينت معيدة بكلية العلوم بجامعة الأزهر بتاريخ 6/ 2/ 1980، وحصلت على درجة الماجستير بتاريخ 22/ 3/ 1984، وقامت بتسجيل رسالة الدكتوراه في 9/ 10/ 1984 تحت إشراف الدكتور/ ........ وانتهت من إعدادها في عام 1987، وسعت إلى مناقشتها، ثم فوجئت باعتذار المشرف على الرسالة دون بيان الأسباب، وطلبت تحديد مشرف آخر لإتمام المناقشة، إلا أنها تلقت خطاباً مسجلاً بتاريخ 25/ 2/ 1992 بإخطارها بإلغاء تسجيل الرسالة بموجب القرار رقم 221 المؤرخ 5/ 2/ 1992، فتظلمت منه بتاريخ 26/ 4/ 1992، ولم تتلق رداً على التظلم، فأقامت دعواها للحكم لها بالطلبات.
وأثناء تداول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة، قدمت جامعة الأزهر ثلاث حوافظ بالمستندات اشتملت على ما يأتي:
1 - كتاب كلية العلوم (قسم الدراسات العليا) رقم 199 بتاريخ 21/ 9/ 1992، رداً على الدعوى وجاء فيه أن المدعية قامت بتسجيل درجة العالمية "الدكتوراه" في الرياضيات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1984 تحت إشراف الأستاذ الدكتور/ ......... الأستاذ بكلية العلوم جامعة عين شمس - ب - الأستاذة الدكتورة/ ........ الأستاذ المساعد بكلية العلوم بنات بجامعة الأزهر - ج - وأضيفت الأستاذة الدكتورة/ ......... إلى لجنة الإشراف بقرار مجلس الكلية في يوليو سنة 1987.
وقد قدم الأستاذ الدكتور/ ....... اعتذاراً عن الاستمرار في الإشراف بتاريخ 28/ 11/ 1987 ووافق مجلس القسم بتاريخ 2/ 12/ 1987، إلا أن مجلس الكلية رفض الاعتذار وقرر استمراره في لجنة الإشراف، وعدل مجلس القسم عن موافقته بتاريخ 19/ 12/ 1987، مع إضافة الأستاذ الدكتور/ ..... الأستاذ بكلية العلوم - بنين بجامعة الأزهر، ورفع اسم الدكتورة/ ..... نظراً لإعارتها، ووافق مجلس الكلية على ذلك بتاريخ 9/ 1/ 1988، كما أصدر مجلس الكلية القرار رقم 678 بتاريخ 12/ 2/ 1990 بإضافة الدكتورة/ ..... إلى اللجنة، بدلاً من الدكتورة/ ...... لسفرها.
وأضافت كلية العلوم بكتابها سالف الذكر، بأنها خاطبت الدكتور/ ....... عدة مرات بالكتب أرقام 18 بتاريخ 6/ 5/ 1991، رقم 134 بتاريخ 3/ 6/ 1991، رقم 191 بتاريخ 16/ 7/ 1991، رقم 21 بتاريخ 21/ 10/ 1991، للاستعلام عن مدى تقدم المدعية في إعداد الرسالة، إلا أنه لم يصل منه أي رد، وبمخاطبة الدكتور/ ..... قرر بتاريخ 21/ 8/ 1991 أنه لم يقابل المدعية منذ أكثر من عامين، واقترح إلغاء التسجيل، وبناءً على ذلك قرر مجلس قسم الرياضيات بتاريخ 16/ 12/ 1991 إلغاء تسجيل الرسالة، ووافق مجلس الكلية على هذا الإجراء بقراره رقم 221 بتاريخ 13/ 1/ 1992 ووافق مجلس الجامعة بقراره رقم 327 بتاريخ 5/ 2/ 1992، وتم إخطار المدعية بالكتاب رقم 215 بتاريخ 18/ 2/ 1992.
وذكرت الكلية، بأن المدعية لم تتقدم بأية رسالة معدة، سواءً للقسم أو للكلية.
2 - صورة من كتاب الكلية المؤرخ 3/ 6/ 1991 الموجه إلى الدكتورة/ ......، للإفادة عن مدى تقدم المدعية في الرسالة، مؤشراً عليه منها بأنها لم تر الطالبة منذ إسناد الإشراف إليها بتاريخ 12/ 2/ 1990.
وقدمت الجامعة مذكرة طلبت فيها الحكم، برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعية المصروفات.
كما تقدمت المدعية بحافظة مستندات، قررت على غلافها أن ما تنطوي عليه، صورة ضوئية من الرسالة المنتهية منها عام 1987، كما عقبت على مستندات الجامعة بمذكرات ثلاث وصممت على طلباتها.
وبجلسة 22/ 3/ 1994 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وشيدت ذلك القضاء على أساس أنه ولئن خلت الأوراق من دليل مقبول على تقدم المدعية في رسالتها حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه، وقرر الدكتور/ ........ بكتابه بتاريخ 21/ 8/ 1991 أنه لم يلتق بالمدعية منذ أكثر من عامين، كما قررت الدكتورة/ ......... أنها لم تر المدعية منذ إسناد الإشراف إليها بتاريخ 12/ 2/ 1990، إلا أن الأوراق قد خلت كذلك من دليل على أن المشرفين الآخرين، وهم الأساتذة/ ........ و....... و........ تقدموا بأية تقارير عن مدى تقدم المدعية في الرسالة، إعمالاً لنص المادة 228 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961، بل إن الجامعة لم تتلق رداً على مكاتباتها الموجهة إلى الدكتور/ ......... وهذا ما ينبئ بأن أياً من هؤلاء لم يباشر فعلاً ما وسد إليه من إشراف على تحضير الرسالة، دون الإفصاح عن سبب مقبول، وهو ما لا يتحقق معه الإشراف الذي تكفله الجامعة وفقاً لأحكام اللائحة، خلال الفترة من أكتوبر سنة 1984 حتى 9/ 1/ 1988 من مدة الخمس سنوات التي يتعين عليها فيها الحصول على الرسالة، ومن ثم فإن المدعية لا تكون، حتى تاريخ صدور القرار المطعون فيه، بتاريخ 5/ 2/ 1992، قد استنفدت المدة القانونية المنصوص عليها بالمادة 48 من اللائحة الداخلية لكلية العلوم، ويضحى القرار المطعون فيه، صادراً بحسب الظاهر من الأوراق، مفتقداً السبب الصحيح المستمد من الواقع والقانون، الأمر الذي يجعله مرجح الإلغاء عند الفصل في الموضوع، ويتحقق بذلك ركن الجدية، في طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها، تتمثل في حرمان المدعية من مواصلة دراستها لنيل درجة العالمية (الدكتوراه) مما ينال من مستقبلها الوظيفي.
وحيث إن مبنى الطعن في الحكم سالف البيان، يقوم على أنه أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه وفقاً لحكم المادة (225) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961، تحدد اللوائح الداخلية للكليات إجراءات تسجيل الرسائل الخاصة بدرجتي الماجستير والعالمية، والمدة التي يسقط بعدها القيد، إلا إذا رأى مجلس الكلية الإبقاء عليه لمدة أخرى بناءً على تقرير المشرف على الرسالة، كما أنه وفقاً للمادة (228) من تلك اللائحة، يقدم المشرف على الرسالة تقريراً عن مدى تقدم الطالب في بحوثه في نهاية كل عام جامعي، وتعرض هذه التقارير على مجلس الكلية، ولمجلس الجامعة إلغاء قيد الطالب، بناءً على اقتراح مجلس الكلية، بناءً على هذه التقارير، كما أنه وفقاً لحكم المادة (48) من اللائحة الداخلية لكلية العلوم بجامعة الأزهر، يتم إلغاء قيد الطالب لدرجة العالمية إذا لم يحصل عليها خلال 5 سنوات من تاريخ القيد، ولمجلس الكلية أن يرخص بامتداد القيد سنة أخرى بناءً على تقرير المشرف على الرسالة.
وذكرت الجامعة أنه في ضوء هذه الأحكام، فقد تم منح الطالبة مدة خمس سنوات للحصول على الرسالة، إلا أن المشرفين عليها، السابق ذكرهما، تقدماً بما يفيد أن الطالبة لم تقابلهما منذ تاريخ إسناد الإشراف عليها على النحو الثابت بالمستندات المقدمة من الجامعة، واقترح الدكتور/ ........ إلغاء القيد، وفقاً للتقرير المقدم منه بتاريخ 21/ 8/ 1991، ووافق مجلس القسم والكلية على ذلك، وعرض الأمر على مجلس الجامعة، وصدق على هذا القرار، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه، متفقاً مع أحكام القانون، وقائماً على أسبابه، وذلك على خلاف ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، لمخالفته لأحكام القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال.
وحيث إنه باستقراء أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975، تبين أن المادة 225 منها نصت على أنه "تحدد اللوائح الداخلية للكليات إجراءات تسجيل الرسائل الخاصة بدرجتي التخصص والعالمية والمدة التي يسقط التسجيل بعدها إلا إذا رأى مجلس الكلية الإبقاء على التسجيل لمدة أخرى يحددها بناءً على تقرير الأستاذ المشرف.
ويعين مجلس الكلية أستاذاً يشرف على تحضير الرسالة...... وللمجلس أن يعهد بالإشراف على الرسالة إلى أحد الأساتذة المساعدين، ويجوز أن يتعدد المشرفون من بين أعضاء هيئة التدريس أو منهم ومن أعضاء مجمع البحوث الإسلامية ومن أعضاء هيئات التدريس السابقين ومن الهيئات العلمية الأخرى...".
كما نصت المادة 228 على أنه "يقدم المشرف على الرسالة تقريراً عن مدى تقدم الطالب في بحوثه في نهاية كل عام جامعي وتعرض هذه التقارير على مجلس الجامعة، ولمجلس الجامعة بناءً على اقتراح مجلس الكلية إلغاء قيد الطالب في ضوء هذه التقارير".
وبالاطلاع على أحكام اللائحة التنفيذية لكلية العلوم بجامعة الأزهر، يتبين أن المادة 49 منها تنص على أنه "يلغي قيد الطالب إذا لم يحصل على درجة العالمية (دكتوراه الفلسفة في العلوم) في مدى خمس سنوات من تاريخ القيد، ولمجلس الكلية أن يرخص بامتداد القيد بناء على تقرير الأستاذ المشرف وموافقة مجلس القسم".
وتنص المادة 50 من اللائحة المذكورة على أنه "يقدم الأستاذ المشرف إلى مجلس الكلية في نهاية السنة الأولى لقيد الطالب، تقريراً عن مدى تقدمه وصلاحيته لمتابعة البحث ولمجلس الكلية بناءً على اقتراح الأستاذ المشرف وبموافقة مجلس القسم أن يلغي قيد الطالب إذا تبين عدم صلاحيته لمتابعة البحث".
ومن حيث إن المستفاد من نصوص المواد السابقة، أنه يجوز إلغاء قيد رسالة العالمية (الدكتوراه) في حالتين، هما انقضاء مدة خمس سنوات من تاريخ القيد، دون الحصول على الرسالة، ما لم يرخص مجلس الكلية بامتداد القيد، بناءً على تقرير الأستاذ المشرف على الرسالة وموافقة مجلس القسم، والحالة الثانية، هي التي يتم فيها إلغاء القيد، قبل انقضاء مدة خمس سنوات، بناءً على اقتراح الأستاذ المشرف، إذا تبين عدم صلاحية الطالب لمتابعة البحث العلمي وبموافقة مجلس القسم ومجلس الكلية، وقد اشترطت اللائحة التنفيذية لقانون الأزهر سالفة الذكر، في المادة 228 منها أن يصدر القرار بإلغاء القيد من مجلس الجامعة، في ضوء هذه التقارير.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن قرار إلغاء قيد المطعون ضدها لنيل درجة العالمية في الرياضيات من كلية العلوم بجامعة الأزهر، قد تم بناءً على تقريرين اثنين من المشرفين على الرسالة، وهما الدكتورة/ ......... والتي أفادت بأنها لم تر الطالبة منذ وسد إليها الإشراف على تحضير الرسالة اعتباراً من 12/ 2/ 1990، والدكتور/ ....... الذي قرر بتاريخ 21/ 8/ 1991 أنه لم يقابل الطالبة المذكورة منذ أكثر من عامين، واقترح إلغاء القيد، وبناءً على هذا، قرر مجلس قسم الرياضيات بالكلية بتاريخ 16/ 12/ 1991 إلغاء تسجيل الرسالة وتمت موافقة مجلس الكلية على هذا الإجراء بالقرار رقم 221 بتاريخ 13/ 1/ 1992، كما وافق مجلس جامعة الأزهر على ذلك بقراره رقم 327 بتاريخ 5/ 2/ 1992، وهو ما تم إخطار الطالبة به بالكتاب رقم 215 بتاريخ 18/ 2/ 1992، الأمر الذي يتبين منه سلامة ما اُتبع من إجراءات في اتخاذ القرار المطعون فيه، وصحة السبب الذي قام عليه، سواءً لانقضاء مدة خمس سنوات التي نصت عليها المادة 49 من اللائحة الداخلية للكلية دون الحصول على الرسالة، أو بسبب عدم الصلاحية لمتابعة البحث العلمي، بناءً على التقارير المقدمة من المشرفين على الرسالة، كما هو ثابت بالأوراق، ومن ثم يكون القرار الصادر من مجلس الجامعة بموافقته على إلغاء القيد، بحسب الظاهر من الأوراق، مطابقاً لأحكام القانون، مما ينتفي معه ركن الجدية، في طلب وقف تنفيذه، وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه، حيث قضى بإيقاف تنفيذ القرار، تأسيساً على توافر ركني الجدية والاستعجال، يكون مشوباً بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 2502 لسنة 39 ق جلسة 31 / 10 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 7 ص 101

جلسة 31 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عويس عبد الوهاب عويس -نائب رئيس مجلس الدولة، ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة علام، وعلي عوض محمد صالح، ومحمود سامي الجوادي، ولبيب حليم لبيب - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(7)

الطعن رقم 2502 لسنة 39 قضائية عليا

عاملون مدنيون بالدولة - تعيين في وظائف الكادر العالي - مدى اعتبار دبلوم المعهد العالي للتدبير المنزلي من عداد المؤهلات العالية - المرسوم الصادر في 6 أغسطس 1953 بتعيين المؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في الوظائف.
إنه للوقوف على طبيعة المؤهل الدراسي يتعين أن تؤخذ في الاعتبار عدة أمور كالدرجة التي تمنح لحاملة والمرتب الذي يتقرر له ومدة الدراسة اللازم قضاؤها للحصول عليه وأن الشهادة الدراسية لا تعد كقاعدة عامة مؤهلات عالية إلا إذا ورد النص عليها باعتبارها كذلك وكان صاحبها قد حصل عليها بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) الثانوية العامة حالياً، وبعد قضاء أربع سنوات دراسية كاملة على الأقل في إحدى الكليات الجامعية أو في معهد عال معادل لها - تطبيقاً لذلك: إن هذه الدراسة اللازمة للحصول على دبلوم المعهد العالي للتدبير المنزلي كانت ثلاث سنوات بعد شهادة أداء الثانوية العامة (القسم الخاص) فمن ثم لا يمكن اعتباره مؤهلاً عالياً رغماً من صلاحيات الحاصلات عليه للتعيين في وظائف الكادر العالي بحسبان أن ذلك لا يعدو أن يكون تحديداً للدرجة المالية المقررة للمؤهل لا تقييماً له من الناحية العلمية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 4/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيدين وزير التعليم ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2502 لسنة 35 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة الترقيات - بجلسة 11/ 3/ 1993 في الدعوى رقم 5784 لسنة 42 ق المرفوعة من/ ......... ضد الطاعنين، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 604 لسنة 1988 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى وظيفة من درجة مدير عام اعتباراً من 4/ 6/ 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل المحاماة عن الدرجتين.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 25/ 5/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 20/ 6/ 1998 وفيها نظرته المحكمة وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم فصدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعات هذا النزاع على ما استبان من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 5784 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 6/ 8/ 1988 طالبة الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 604 لسنة 1988 فيما تضمنه من تخطيها في الترقية إلى درجة مدير عام مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت شرحاً لدعواها ما حاصله أنها عينت في 15/ 10/ 1954 بوزارة التربية والتعليم بوظيفة مدرس إعدادي من الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة القسم العام 1948 وشهادة إتمام الدراسة الثانوية بالقسم الإعدادي بمعهد التدبير المنزلي عام 1950 ودبلوم المعهد العالي للتدبير المنزلي مع إجازة التدريس عام 1954 وأضافت قولها أن مؤهلها طبقاً لمرسوم 6 أغسطس 1953 هو من المؤهلات التي يرشح الحاصلون عليها للتعيين في وظائف الكادرين الإداري والفني العالي باعتباره مؤهلاً عالياً، وقد تدرجت بالوظائف حتى ندبت في 3/ 9/ 1987 مديراً للإدارة العامة للتنظيم توطئة لترقيتها إلى درجة مدير عام باعتبارها تشغل الدرجة الأولى بالمجموعة النوعية التخصصية لوظائف التعليم اعتباراً من 25/ 1/ 1979، بيد أنها فوجئت بصدور القرار المطعون فيه خلواً من اسمها بذريعة أن مؤهلها لا يعتبر مؤهلاً عالياً فبادرت بالتظلم من ذلك القرار في 6/ 6/ 1988 واتبعت بإقامة دعواها ابتغاء الحكم بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 11/ 2/ 1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالمنطوق الوارد فيما سلف.
وأقامت قضاءها على سند من أن الثابت أنه بتاريخ 26/ 11/ 1989 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1420 متضمناً تعيين المدعية في وظيفة مدير عام الإدارة العامة للتنظيم ومن ثم تكون الجهة الإدارية. قد اعتبرت المؤهل الحاصلة عليه المذكورة باعتباره من عداد المؤهلات العالية التي تؤهل لشغل وظيفة من درجة مدير عام، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه إذ تخطاها في التعيين في وظيفة مدير عام قد صدر على غير سند صحيح من القانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن قوام الطعن ومبناه أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ كان من الحكمة أن يعرض لتقييم المؤهل ومدى اعتباره مؤهلاً عالياً من عدمه بصرف النظر عن صدور قرار...... بترقية المدعية إلى درجة مدير عام، هذا ومن المقرر قانوناً أنه يشترط لاعتبار مؤهل ما من المؤهلات العليا أن تكون مدة الدراسة اللازمة للحصول عليه أربع سنوات على الأقل بعد الحصول على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وإذ كانت مدة الدراسة بالنسبة إلى مؤهل المدعية تقل عن ذلك فلا يمكن اعتباره مؤهلاً عالياً ويكون القرار المطعون فيه إذ انطوى على تخطيها في الترقية قد أصاب صحيح القانون ويغدو الحكم القاضي بإلغائه مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى اعتبار دبلوم المعهد العالي للتدبير المنزلي الذي تحمله المدعية من عداد المؤهلات العالية أخذاً في الاعتبار أن بطاقة وصف وظيفة مدير عام التنظيم والتدريب بوزارة التربية والتعليم تطلبت لشغلها الحصول على مؤهل عال مناسب فضلاً عن الاشتراطات الأخرى المتعلقة بالمدة البينية اللازم قضاؤها في الوظيفة الأدنى واجتياز البرامج التدريبية والقدرة على القيادة والتوجيه.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام مرسوم/ 6 أغسطس 1953 بتعيين المؤهلات التي يعتمد عليها للتعيين في الوظائف إلى الدرجات الجامعية التي تمنحها الجامعة المصرية والتي تعد مؤهلات عالية ونص على صلاحية حاملها للتعيين في وظائف الكادرين الإداري والفني العالي ثم أورد بعض المؤهلات والشهادات الأخرى وقضى بصلاحية حاملها للتقدم للترشيح لهذه الوظائف.
ومن هذه الشهادات شهادة معهد التدبير المنزلي والفنون الطرزية مع إجازة التدريس - البند 16 من المادة 2 من المرسوم آنف الذكر -، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه للوقوف على طبيعة المؤهل الدراسي يتعين أن يؤخذ في الاعتبار عدة أمور كالدرجة التي تمنح لحامله والمرتب الذي يتقرر له ومدة الدراسة اللازم قضاؤها للحصول عليه، وأن الشهادات الدراسية لا تعد كقاعدة عامة مؤهلات عالية إلا إذا ورد النص عليها باعتبارها كذلك وكان صاحبها قد حصل عليها بعد حصوله على شهادة الدراسة الثانوية (القسم الخاص) الثانوية العامة حالياً - وبعد قضاء أربع سنوات دراسية كاملة على الأقل في إحدى الكليات الجامعية أو في معهد عال معادل لها.
ومن حيث إن مدة الدراسة اللازمة للحصول على دبلوم المعهد العالي للتدبير المنزلي الذي حصلت عليه المدعية عام 1953 كانت ثلاث سنوات بعد الثانوية العامة (القسم الخاص) فمن ثم لا يمكن اعتباره مؤهلاً عالياً رغم ما قرره مرسوم 6 أغسطس 1953 من صلاحية الحاصلات عليه للتعيين في وظائف الكادر العالي بحسبان أن ذلك لا يعدو أن يكون تحديداً للدرجة المالية المقررة للمؤهل لا تقييماً له من الناحية العلمية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر على ما تقدم فإن القرار رقم 604 لسنة 1988 إذ انطوى على تخطي المدعية - المطعون ضدها - في الترقية إلى درجة مدير عام لافتقادها شرط الحصول على مؤهل عال يكون مصادفاً صواباً ومطابقاً لصحيح القانون ويغدو الحكم المطعون فيه وقد قضى بإلغائه ركوناً إلى قرار لاحق رقيت السيدة المذكورة بمقتضاه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، الأمر الذي لا مندوحة معه من القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 383 لسنة 36 ق جلسة 20 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 78 ص 506

جلسة 20 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

------------------

(78)
الطعن رقم 383 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) أهلية. "عوارض الأهلية". "السفه". عقد. "العقد الباطل". بطلان. "بطلان التصرفات". أحوال شخصية.
(أ) لتسجيل طلب الحجر ما لتسجيل قرار الحجر من آثار. تصرفات المحجور عليه للسفه بعد تسجيل طلب الحجر قابلة للإبطال دون حاجة لإثبات أن التصرف كان نتيجة استغلال أو تواطؤ.
(ب) التصرف الصادر من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر. يكفي لإبطاله أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ. اجتماعهما غير لازم. الاستغلال والتواطؤ. المقصود بكل منهما.
(ج) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". نقض. "سلطة محكمة النقض".
سلطة محكمة الموضوع في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب تحمله.
(د) إثبات. "حجية الأوراق العرفية". إرث. "حجية المحررات الصادرة من المورث". خلف.
حجية تاريخ المحررات الصادرة من المورث قبل الوارث ولو لم يكن ثابتاً ثبوتاً رسمياً. سواء صدر إلى وارث أو غير وارث ما لم يقم الدليل على عدم صحته.
(هـ) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة والقرائن". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير شهادة الشهود والقرائن". نقض. "سلطة محكمة النقض".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود والقرائن، واستخلاص ما تقتنع به منها، والأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.
(و) إثبات. "طرق الإثبات". "القرائن". حكم. "تسبيب الحكم". استئناف.
محكمة الاستئناف غير ملزمة بالتحدث عن كل من القرائن غير القانونية من طريق الاستنباط. هي غير مكلفة بتتبع أقوال الخصوم أو أسباب الحكم الابتدائي بشأنها.

------------------
1 - مؤدى نص المادة 1028 من قانون المرافعات أنه يترتب على تسجيل طلب الحجر ما يترتب على تسجيل قرار الحجر نفسه من تطبيق أحكام القانون المدني، بحيث تكون تصرفات المحجور عليه للسفه الصادرة بعد تسجيل طلب الحجر قابلة للإبطال عملاً بنص المادة 115/ 1 من القانون المدني دون حاجة إلى إثبات أن التصرف كان نتيجة استغلال أو تواطؤ، إلا أن مجال إعمال هذا النص أن يكون التصرف صادراً بعد تسجيل طلب الحجر. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض دعوى إبطال العقد الصادر إلى المطعون ضده على نفي ما ادعى به الطاعن من أن هذا العقد قد صدر من والده إلى المطعون ضده بعد تاريخ تسجيل طلب الحجر، وكان التصرف الصادر من السفيه في مثل هذه الحالة لا يكون وفقاً لما نصت عليه المادة 115/ 2 من القانون المدني باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ. فإن الحكم إذ استلزم إثبات توافر أحد هذين الأمرين بعد أن حصل في أسباب سائغة أن التصرف المنعي عليه قد صدر قبل تسجيل طلب الحجر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - يشترط وفقاً للفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ، والمقصود بالاستغلال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن يعلم الغير بسفه شخص، فيستغل هذه الحالة، ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة، فلا يكفي لإبطال التصرف أن يعلم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه، بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ، كما أنه لا يكفي لتحقق الاستغلال أن يكون المتصرف إليه قد أبرم مع المتصرف العقد بقصد الاستغلال، إذ أنه بفرض توافر هذا القصد لدى المتصرف إليه، فإنه لا يكفي بذاته لإبطال العقد، بل يجب لذلك أن يثبت أنه استغل المتصرف فعلاً، وحصل من وراء هذا العقد على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول حتى يتحقق الاستغلال بالمعنى الذي يتطلبه القانون، أما التواطؤ فإنه يكون عندما يتوقع السفيه الحجر عليه، فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب.
3 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله، وتسوغ النتيجة التي انتهت إليها.
4 - الوارث بحكم كونه خلفاً لمورثه لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (2) - من الغير طبقاً للمادة 395 من القانون المدني، بل حكمه بالنسبة إلى المحررات غير الرسمية التي يكون المورث طرفاً فيها هو حكم مورثه، ويكون تاريخها - بحسب الأصل - حجة عليه، ولو لم يكن ثابتاً ثبوتاً رسمياً، سواء أكانت الورقة صادرة إلى وارث أو إلى غير وارث ما لم يقم الدليل على عدم صحته.
5 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن، واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة.
6 - لا تلتزم محكمة الاستئناف بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط كما أنها غير مكلفة بأن تتبع أقوال الطاعن أو أسباب الحكم الابتدائي بشأنها، وترد على كل منها استقلالاً، إذ أن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني لإطراح هذه الأقوال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 534 سنة 1963 كلي الزقازيق طلب فيها الحكم بإبطال العقد المؤرخ 1/ 10/ 1951 الصادر من والده المرحوم حسن متولي ميدان إلى المطعون ضده ببيعه له عشرة قراريط أطياناً زراعية مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لذلك إنه تقدم إلى محكمة الزقازيق الابتدائية للأحوال الشخصية بطلب سجل في 7/ 11/ 1951 لتوقيع الحجر على والده "البائع" للسفه وقضت المحكمة في 27/ 4/ 1952 بإجابته إلى طلبه وتعيينه قيماً على والده، غير أن المطعون ضده استغل حالة سفه المحجور عليه واستصدر منه العقد المطالب بإبطاله وسارع إلى رفع الدعوى رقم 91 سنة 1952 مدني كلي الزقازيق بطلب الحكم بصحته ونفاده والتي انتهت صلحاً بين طرفيها، وإذ يحق له إبطال هذا العقد فقد أقام دعواه بطلباته السابقة. وبتاريخ 22/ 12/ 1964 قضت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن عن أن عقد البيع قد تم بعد تسجيل طلب الحجر وأنه أعطى تاريخاً سابقاً هو التاريخ الذي يحمله، وأن المطعون ضده يعلم وقت التعاقد باتخاذ إجراءات الحجر ضد البائع وأن التعاقد كان بسوء نية. وبتاريخ 16/ 11/ 1965 وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت للطاعن بطلباته. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 9 سنة 9 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق) ومحكمة الاستئناف حكمت في 8/ 5/ 1966 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على ما قرره من أنه لا يكفي لإبطال تصرف السفيه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر مجرد علم المتصرف إليه بطلب الحجر بل يشترط أن يثبت إلى جانب هذا العلم أن التصرف كان نتيجة استغلال أو تواطؤ وهو ما لم يثبته الطاعن. هذا في حين أن طلب توقيع الحجر قد سجل فور تقديمه وأنه يترتب على تسجيل طلب الحجر ما يترتب على تسجيل قرار الحجر نفسه من اعتبار التصرف الصادر من المحجور عليه باطلاً أو قابلاً للإبطال، وإذ لم يرتب الحكم على تسجيل طلب الحجر هذا الأثر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان مؤدى ما تقضي به المادة 1028 من قانون المرافعات أنه يترتب على تسجيل طلب الحجر ما يترتب على تسجيل قرار الحجر نفسه من تطبيق أحكام القانون المدني، بحيث تكون تصرفات المحجور عليه للسفه الصادرة بعد تسجيل طلب الحجر قابلة للإبطال عملاً بنص المادة 115/ 1 من القانون المدني دون حاجة إلى إثبات أن التصرف كان نتيجة استغلال أو تواطؤ، إلا أن مجال إعمال هذا النص أن يكون التصرف صادراً بعد تسجيل طلب الحجر. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض دعوى إبطال العقد الصادر إلى المطعون ضده على نفي ما ادعى به الطاعن من أن هذا العقد قد صدر من والده إلى المطعون ضده بعد تاريخ تسجيل طلب الحجر وأرده في هذا الخصوص قوله "تلاحظ المحكمة بداءة أن صحيفة الدعوى الافتتاحية لم تتضمن طعناً على تاريخ العقد المطلوب إبطاله بل إنها عولت على تاريخ دعوى صحة ذلك التعاقد وكونها قد رفعت بعد تسجيل طلب الحجر ولو كان صحيحاً ما ذهب إليه المدعي "الطاعن" بعد ذلك بشأن تاريخ العقد وإدعاؤه بأنه لاحق على تسجيل طلب الحجر في 7/ 11/ 1951 لما أغفل تلك الواقعة على أهميتها مما يوحي إلى المحكمة بأن تلك الواقعة قد ران عليها الشك من مطلع الدعوى، على أنه وهو المطالب بإثبات دعواه الماثلة لم يقدم دليلاً تطمئن إليه المحكمة في صدد إثبات الدعوى برمتها، ذلك أن شاهده الأول قد قرر بأنه علم بأن العقد موضوع النزاع تم في سنة 1952 في حين أن الثابت من الأوراق أنه قدم عنه طلب للشهر في 25/ 12/ 1951 بما ينقض أقوال هذا الشاهد كما ينقضها وبتناقض معها أيضاً أقوال الشاهد الثاني للمدعي "الطاعن" إذ قرر بما مؤداه أن العقد قد تم في آخر سنة 1951". وإذ جاء ما حصله الحكم في هذا الخصوص سائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من أن التصرف قد صدر قبل تسجيل طلب الحجر، وكان التصرف الصادر من السفيه في مثل هذه الحالة لا يكون وفقاً لما نصت عليه المادة 115/ 2 من القانون المدني باطلاً أو قابلاً للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ، فإن الحكم إذ استلزم إثبات توافر أحد هذين الأمرين بعد أن حصل في أسباب سائغة وعلى النحو السالف بيانه أن التصرف المنعي عليه قد صدر قبل تسجيل طلب الحجر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكفي لحمله فيما انتهى إليه في هذا الخصوص. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون فيما استطرد إليه بعد ذلك يكون غير منتج طالما أن الحكم يستقيم بدونه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ويقول في بيان ذلك إن الحكم ذهب إلى أنه لا يكفي لإبطال التصرف علم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه التصرف من سفه بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ. هذا في حين أن الثابت من ظروف التصرف وملابساته أن المطعون ضده كان على علم بحالة المتصرف المستوجبة للحجر وأنه بالرغم من علمه بها، أقدم على التعامل معه مغتنماً هذه الفرصة بحصوله منه على عقد البيع محل النزاع وهو ما يتوافر به عنصر الاستغلال على النحو الذي يتطلبه القانون في هذه الحالة، هذا إلى أن الحكم قد أغفل القرائن الثابتة بأوراق الدعوى والتي تدل على الاستغلال والتواطؤ وسوء النية لدى المطعون ضده على الوجه الوارد في معرض سرده للوقائع، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال علاوة على خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود، ذلك أنه يشترط وفقاً للفقرة الثانية من المادة 115 من القانون المدني لإبطال التصرف الصادر من السفيه قبل تسجيل قرار الحجر أن يكون نتيجة استغلال أو تواطؤ، والمقصود بالاستغلال - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعلم الغير بسفه شخص فيستغل هذه الحالة ويستصدر منه تصرفات لا تتعادل فيها التزاماته مع ما يحصل عليه من فائدة، فلا يكفي لإبطال التصرف أن يعلم المتصرف إليه بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه، بل يجب أن يثبت إلى جانب هذا العلم قيام الاستغلال أو التواطؤ، كما أنه لا يكفي لتحقق الاستغلال أن يكون المتصرف إليه قد أبرم مع المتصرف العقد بقصد الاستغلال، إذ أنه بفرض توافر هذا القصد لدى المتصرف إليه فإنه لا يكفي بذاته لإبطال العقد بل يجب لذلك أن يثبت أنه استغل المتصرف فعلاً وحصل من وراء هذا العقد على فوائد أو ميزات تجاوز الحد المعقول حتى يتحقق الاستغلال بالمعنى الذي يتطلبه القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى نفي توافر الاستغلال لدى المطعون ضده بالمعنى السابق بيانه، ورتب على ذلك عدم إبطال التصرف الصادر إليه من المحجور عليه قبل تسجيل طلب الحجر فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير صحيح، والنعي في شقه الثاني مردود أيضاً، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن عرف التواطؤ على وجهه الصحيح بأنه يكون بأنه يكون عندما يتوقع السفيه الحجر عليه فيعمد إلى التصرف في أمواله إلى من يتواطأ معه على ذلك بقصد تفويت آثار الحجر المرتقب، وأورد القرائن الدالة على عدم توافر الاستغلال والتواطؤ بالمعنى السالف بيانه، ثم قرر أنه لا حاجة بعد ذلك إلى مناقشة القرائن التي ساقها الطاعن للتدليل على صحة دعواه طالما أن المحكمة رأت فيما قدمته ما يدحضها. وإذ لا يعد هذا من الحكم إغفالاً لتلك القرائن بل إسقاطاً صريحاً لها بعد أن رأت المحكمة عدم كفايتها في إثبات عنصري الاستغلال والتواطؤ، وكان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب تكفي لحمله وتسوغ النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال لإطراحه القرائن التي أوردها الطاعن وأخذه بدفاع المطعون ضده يكون على غير أساس.
وحيث إن هذا الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ويقول في بيان ذلك إن الحكم استند في قضائه بعدم إبطال التصرف إلى أن الطاعن لم يضمن صحيفة دعواه طعناً على تاريخ العقد موضوع الدعوى، وإلى أن أحد شاهديه قد شهد في التحقيق الذي أجرته المحكمة بأن هذا العقد قد تم في سنة 1952، بينما الثابت أنه قدم عنه طلب للشهر العقاري في 25/ 12/ 1951 مما ينقض أقوال هذا الشاهد، كما ينقضها أقوال شاهده الآخر إذ قرر أن العقد تم في آخر سنة 1951 وإلى أن الطاعن تراخى في رفع دعواه حتى سنة 1963، هذا في حين أن دفاع الطاعن كان يقوم من أول الأمر على أن عقد البيع يعتبر ذا تاريخ ثبات من تاريخ رفع الدعوى بصحته ونفاذه أو من تاريخ إثبات مضمونه في الطلب المقدم عنه إلى الشهر العقاري، ولم ير الطاعن حاجة إلى المنازعة في صحة التاريخ العرفي الذي يحمله العقد طالما أنه لا يحاج بالتصرف الصادر من المحجور عليه قبل تسجيل قرار الحجر إلا إذا كان التصرف ثابت التاريخ، وأضاف الطاعن أن باقي الأسباب التي استند إليها الحكم لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها على النحو سالف الذكر ذلك أن اختلاف الشاهدين في تاريخ صدور العقد لا يدل على التناقض، وأن استناد الحكم إلى تأخر الطاعن في رفع دعواه للتدليل على عدم صحتها استناد فاسد لأن لصاحب الحق الحرية في اختيار الوقت الذي يراه مناسباً للالتجاء إلى القضاء. هذا إلى أن الحكم لم يرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب استدل بها على سوء نية المطعون ضده وتواطؤه مع المحجور عليه وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب فوق خطئه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، بأنه لما كان الوارث بحكم كونه خلفاً لمورثه لا يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الغير طبقاً للمادة 395 من القانون المدني، بل حكمه بالنسبة إلى المحررات غير الرسمية التي يكون المورث طرفاً فيها هو حكم مورثه، ويكون تاريخها - بحسب الأصل - حجة عليه ولو لم يكن ثابتاً ثبوتاً رسمياً سواء أكانت الورقة صادرة إلى وارث أو إلى غير وارث ما لم يقم الدليل على عدم صحته، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه التزم هذا النظر وانتهى في حدود سلطته الموضوعية وبأسباب سائغة على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول إلى نفى ما ادعاه الطاعن من عدم صحة التاريخ الذي يحمله العقد، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى ولو كانت محتملة متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة. ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أشار إلى التناقض بين أقوال شاهدي الطاعن على النحو السالف ذكره في الرد على السبب الأول قرر ما يلي "على أن أقوال هذين الشاهدين قاصرة عن إثبات التواطؤ والاستغلال بالمعنى الذي تشير إليه المادة 115 من القانون المدني. فإذا أضيف إلى ذلك أن ذلك الشاهد الأول يقرر أن البيع موضوع النزاع قد تم انتقاماً من طالب الحجر، وأن المستأنف "المطعون ضده" قد وضع يده بالقوة على العين محل البيع في آخر مايو سنة 1952، فإذا روعي مع هذا الذي قرره أن الثابت من الأوراق أن طالب الحجر قد عين قيماً على البائع في 27 إبريل سنة 1952، وأنه وهو المدعي حالياً "الطاعن" قد تراخى في رفع الدعوى منذ ذلك التاريخ حتى 17/ 7/ 1963، وبعد وفاة ذلك البائع، فإنه لو كان صحيحاً ما يدعيه في دعواه، وقد حرر البيع انتقاماً منه، لسارع إلى رفع دعواه التي يدعي فيها بغير دليل أن البيع تم تواطؤاً لتفويت آثار الحجر المرتقب، ولئن كان موقفه هذا مما لا يسقط دعواه إلا أن فيه مع تلك الظروف مجتمعة ما يجعل دعواه بعيدة عن التصديق، أما تلك القرائن التي ساقها المدعي "الطاعن" والحكم المستأنف دليلاً على صحة الدعوى، فإنها قاصرة عن إثبات التواطؤ والاستغلال المدعى بهما بالمعنى المتقدم. كما أنها مردودة في هذا الصدد بما سبق وانتهت إليه المحكمة، وغني عن البيان أن ليس على هذه المحكمة مناقشة تلك القرائن إذا رأت فيما قدمته ما يدحضها في صدد إثبات الدعوى". لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه إذ رفض الأخذ بأقوال شاهدي الطاعن على أساس أنها قاصرة ومتناقضة وتخالف ما هو ثابت في أوراق الدعوى، قد مارس سلطته الموضوعية ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك، وكانت القرائن التي استند إليه الحكم مستمدة من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان ما أورده الحكم - وعلى ما سلف البيان - يكفي لحمل قضائه برفض طلب الطاعن إبطال التصرف ويتضمن الرد على دفاعه، فإن محكمة الاستئناف لا تكون بعد ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط، كما أنها غير مكلفة بأن تتبع أقوال الطاعن أو أسباب الحكم الابتدائي بشأنها وترد على كل منها استقلالاً، إذ أن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها، التعليل الضمني لإطراح هذه الأقوال. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذت بها تلك المحكمة، وهو ما لا يجوز. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب على النحو الذي يثيره الطاعن يكون على غير أساس.


(1) نقض 28/ 5/ 1970 مجموعة المكتب الفني. السنة 21 ص 920.
(2) نقض 11/ 3/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20 ص 404.

الطعن 156 لسنة 28 ق جلسة 9 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 95 ص 672

جلسة 9 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار, وحافظ محمد بدوي.

--------------------

(95)
الطعن رقم 156 لسنة 28 القضائية

(أ) أشخاص اعتبارية. "حق التقاضي". "مصلحة التنظيم". مجالس بلدية.
الأشخاص الاعتبارية لها الشخصية المعنوية والحق في التقاضي، ولكل منها نائب يعبر عن إرادته. لم يمنح المشرع مصلحة التنظيم الشخصية الاعتبارية ولم يخول مديرها حق تمثيلها أمام القضاء. رفع الدعوى عليها في شخص مديرها أو في شخص وزير المالية أو وزير الأشغال يجعلها غير مقبولة. تبعية مصلحة التنظيم لمجلس بلدي القاهرة الذي يمثله محافظها في التقاضي. محافظ القاهرة هو وحده صاحب الصفة في تمثيل مصلحة التنظيم.
(ب) أشخاص اعتبارية. "حق التقاضي". "مصلحة التنظيم". نزع الملكية للمنفعة العامة.
مباشرة مصلحة التنظيم لإجراءات نزع الملكية لا يضفي - بذاته - عليها أهلية التقاضي. وليس في نصوص القانون 5 لسنة 1907 ما يسبغ على مصلحة التنظيم هذه الأهلية.

----------------
1 - الأشخاص الاعتبارية على ما نصت عليه المادة 52/ 1 من القانون المدني هي الدولة والمديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية. ويكون لها حق التقاضي ويكون لكل منها نائب يعبر عن إرادته (م 53 مدني). فإذا كان القانون لم يمنح مصلحة التنظيم الشخصية الاعتبارية ولم يخول مديرها حق تمثيلها أمام القضاء، وإنما جعلها تابعة لمجلس بلدي القاهرة الذي يمثله محافظها في التقاضي، وكان محافظ القاهرة هو وحده صاحب الصفة في تمثيل مصلحة التنظيم، وكان لا صفة لوزارتي المالية والأشغال في تمثيل مصلحة التنظيم أمام القضاء، فإن رفع الدعوى ضد مصلحة التنظيم ووزارتي الأشغال والمالية يجعلها غير مقبولة. (1)
2 - مباشرة مصلحة التنظيم لإجراءات نزع الملكية - في الوقت الذي لم يمنحها فيه القانون الشخصية الاعتبارية - ليس من شأنه أن يضفي بذاته عليها أهلية التقاضي، ولم يرد في نصوص القانون 5 لسنة 1907 - المنطبق على واقعة الدعوى - ما يسبغ على مصلحة التنظيم هذه الأهلية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 3950 سنة 1951 مدني كلي القاهرة ضد الطاعنين وطلبوا فيها رفع ثمن العقار المنزوع من ملكيتهم إلى مبلغ 18500 جنيه مع إلزام المدعى عليهم (الطاعنين) بالأداء على هذا الأساس وقالوا في شرح دعواهم إنه في 14/ 12/ 1949 صدر مرسوم بنزع مساحة قدرها 556.25 متراً بما عليها من مباني في العقار رقم 3 بشارع مراد بالجيزة للمنفعة العامة (بقصد توسيع شارع مراد) وأن مجلس التثمين قدر ثمناً لم يرتضوه فأحالت مصلحة التنظيم طالبة نزع الملكية الأوراق إلى رئاسة المحكمة الابتدائية التي ندبت خبيراً قدر قيمة ما نزع ملكيته بمبلغ يقل عن تقدير مجلس التثمين وأنهم لذلك لم يجدوا مندوحة من إقامة دعواهم معارضين في تقدير مجلس التثمين، وبتاريخ 27/ 1/ 1955 قضت محكمة الدرجة الأولى بعد أن ندبت خبيراً هندسياً برفع المقابل إلى مبلغ 15368 ج و740 م ثم قضت بتاريخ 20/ 3/ 1956 بإلزام المدعى عليهم (الطاعنين) بأن يدفعوا للمطعون عليهم ما بقى لهم من المقابل المشار إليه. استأنف الطاعنون الحكم المذكور بالاستئناف رقم 812 سنة 73 ق القاهرة كما استأنفوا الحكم الصادر في 27/ 1/ 1955 بالاستئناف رقم 148 سنة 75 ق القاهرة وتمسكوا فيه بأن الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة لأن مصلحة التنظيم نازعة الملكية التابعة لبلدية القاهرة وأن الذي يمثل البلدية قانوناً هو محافظ القاهرة بصريح نص المادة 22 من القانون رقم 145 لسنة 1949 وأن الدعوى قد رفعت على المستأنفين دون أن تكون لهم صفة في تمثيل بلدية القاهرة وبتاريخ 22/ 2/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين: أولاً - في الاستئناف رقم 812 سنة 73 ق برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف وبقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات. ثانياً - في الاستئناف رقم 148 سنة 75 ق قضت بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين بالمصروفات وبتاريخ 24 مايو سنة 1958 طعن الطاعنون في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه. وبتاريخ 25 أبريل سنة 1961 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 18/ 4/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - ذلك أنه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على وزارتي المالية والأشغال ومصلحة التنظيم مخالفاً بذلك أحكام المادتين 20 و22/ 2 من القانون رقم 145 لسنة 1949 وقرار وزير الشئون البلدية رقم 38 سنة 1951 ومؤداها جميعها أن مصلحة التنظيم التي باشرت إجراءات نزع الملكية ليست إلا إحدى إدارات بلدية القاهرة وليست شخصاً معنوياً وإنما الشخصية المعنوية هي لمجلس بلدية القاهرة الذي يمثله في التقاضي محافظ القاهرة وحده بصفته رئيساً له وأما وزيرا المالية والأشغال فليست لهما صفة في تمثيل مصلحة التنظيم في التقاضي.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 145 لسنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة نصت على أنه "يشكل المجلس البلدي أولاً من محافظ القاهرة وتكون له الرئاسة" ونصت الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون المذكور على ما يأتي: "ويقوم الرئيس بتمثيل المجلس البلدي أمام المحاكم" كما نص قرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 38 المنشور في 25/ 1/ 1951 على أنه "تلحق مصلحة التنظيم بالإدارة العامة لبلدية القاهرة وتكون تابعة لها" ومفاد هذه النصوص - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مصلحة التنظيم تتبع مجلس بلدي القاهرة الذي يمثله محافظها في التقاضي فهو وحده صاحب الصفة في تمثيل مصلحة التنظيم لما كان ذلك، وكانت المادة 52 من القانون المدني قد نصت على أن "الأشخاص الاعتبارية هي: الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها شخصية اعتبارية"، كما نصت المادة 53 من ذات القانون على أن "الشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون فيكون له... حق التقاضي... ويكون له نائب يعبر عن إرادته" - لما كان ذلك، وكان القانون لم يمنح مصلحة التنظيم شخصية اعتبارية ولم يخول مديرها حق تمثيلها أمام القضاء، وكان لا صفة لوزارتي المالية والأشغال في تمثيل مصلحة التنظيم أمام القضاء فإن الدعوى الحالية وقد رفعت من المطعون عليهم في 20/ 2/ 1951 ضد مصلحة التنظيم ووزارتي الأشغال والمالية تكون غير مقبولة، ولا يقدح في صحة هذا النظر ما آثاره المطعون عليهم من أن مصلحة التنظيم هي التي قامت بمباشرة إجراءات نزع الملكية مما يستتبع في نظرهم جواز اختصام هذه المصلحة ذلك أنه لما كان القانون لم يمنح المصلحة المذكورة الشخصية الاعتبارية فإن مباشرتها لإجراءات نزع الملكية لا يضفي بذاته عليها أهلية التقاضي وليس في نصوص القانون رقم 5 لسنة 1907 المنطبق على واقعة الدعوى ما يسبغ على مصلحة التنظيم هذه الأهلية - هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن طالبة نزع الملكية في النزاع الحالي هي بلدية القاهرة التي يمثلها محافظ القاهرة فلا يصح اختصامها في شخص إحدى الإدارات التابعة لها كمصلحة التنظيم - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه وما سلف بيانه يتعين إلغاء الحكمين المستأنفين والقضاء بعدم قبول الدعوى.


(1) راجع نقض 1/ 11/ 1962 طعن 132 س 27 ق السنة 13 ص 961.