جلسة 17 من مايو سنة 1978
برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين. الدكتور إبراهيم صالح، وصلاح نصار، ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.
--------------
(250)
الطعن رقم 452 لسنة 44 القضائية
(1) استئناف أثر "الاستئناف". إيجار. قانون.
الاستئناف. أثره. إقامة دعوى الإخلاء استناداً إلى عدم خضوع العين المؤجرة مفروشة للامتداد القانوني انتهاء الحكم المطعون فيه إلى انتفاء إعمال قوانين الإيجار الاستثنائية. وجوب بحث المنازعة طبقاً للقواعد العامة.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
الأماكن المؤجرة مفروشة. عدم خضوعها للامتداد القانوني. م 23 ق 52 لسنة 69 وقرار وزير الإسكان رقم 486 لسنة 1970 المعدل بالقرار رقم 662 لسنة 1970 لا يتضمن استثناء لتلك القاعدة. الاستئناف الوارد بالمادة 31 ق 49 لسنة 1977 ليس له أثر رجعي.
(3) إيجار. عقد.
انقضاء عقد الإيجار غير الخاضع للقوانين الاستثنائية بانتهاء مدته. وجوب مراعاة التنبيه بالإخلاء إذا اتفق المتعاقدان على ذلك بقاء المستأجر بالعين بعد انتهاء مدة العقد برضاء المؤجر. تجديد ضمني للعقد وليس امتداد له. وجوب مراعاة مواعيد التنبيه للإخلاء في هذه الحالة. مادتان 563، 599 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 2596 سنة 1970 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبين الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1963 وإخلائه من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها لهم، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب العقد سالف الذكر استأجر منهم الطاعن شقة بالعقار رقم...... بمدينة القاهرة بما فيها من مفروشات وأدوات لاستعمالها عيادة طبية بأجرة قدرها 25 جنيهاً شهرياً، ونص في العقد على أن مدة الأجازة ستة أشهر تجددت لمدة أخرى انتهت في 30/ 11/ 1964 ثم تحددت مشاهرة وإزاء رغبتهم في عدم تجديد الإيجار اعتباراً من فبراير سنة 1970 فقد نبهوا على الطاعن بموجب إنذارين معلنين في 21/ 2/ 1970 و12/ 3/ 1970 برغبتهم في إنهاء العقد واستلام العين المؤجرة في نهاية شهر مارس سنة 1970 وإذ لم يتمثل فقد أقاموا الدعوى وبتاريخ 28/ 4/ 1971 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن من شقة النزاع وتسليمها للمطعون عليهم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2278 سنة 88 ق القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، دفع المطعون عليهم بعدم جواز الاستئناف وبعد أن حكمت محكمة الاستئناف في 13/ 6/ 1971 بقبول الاستئناف شكلاً عادت وحكمت بتاريخ 11/ 4/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والتناقض، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم بعد أن خطأ الحكم الابتدائي فيما ذهب إليه من تأسيس قضائه بالإخلاء على حكم المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وخلص إلى عدم جواز إخلاء الطاعن بناء على الحكم الانتقالي الذي نصت عليه هذه المادة كان يتعين عليه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. دون أن يستطرد إلى مناقشة القواعد العامة في القانون المدني - هذا إلى أنه طالما أن القانون رقم 52 لسنة 1969 لم يجز إخراج المستأجرين لأماكن مفروشة بعد انتهاء السنة المنصوص عليها في المادة 29 منه متى كانوا قد شغلوا هذه الأماكن المفروشة مدة خمس سنوات متصلة قبل صدور القانون المشار إليه، وفق المادة 1/ 7 من القرار الوزاري رقم 486 لسنة 1970 فإنه يكون قد سوى بين هذه الطائفة من المستأجرين وبين مستأجري الأماكن غير المفروشة من ناحية امتداد الإجارة امتداداً قانونياً لمدة غير محددة، بما يترتب عليه عدم جواز الحكم بالإخلاء إلا لأحد الأسباب الثلاثة المبينة في المادة 23 من ذات القانون بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه أعمل أثر التنبيه المؤرخ 12/ 3/ 1970 وقضى بإنهاء العقد بناء عليه اعتباراً من أول إبريل سنة 1970، في حين إنه قرر عدم جواز الإخلاء تطبيقاً لنصوص القانون رقم 52 لسنة 1969 بما يفيد أحقية الطاعن في العين المؤجرة حتى انتهاء المدة المقررة في المادة 29 من القانون المذكور، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والتناقض.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الاستئناف وفقاً لنص المادة 232 من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف ويعتبر مطروحاً على هذه المحكمة كل ما كان قد أبدى أمام محكمة أول درجة من أوجه دفاع ودفوع ويتعين عليها أن تقول كلمتها فيها. لما كان ذلك وكان المطعون عليهم أقاموا الدعوى بطلب إخلاء الطاعن من شقة النزاع مستندين إلى أسباب من بينها انتهاء مدة عقدة الإيجار الاتفاقية وعدم خضوعه لأحكام الإنذار القانوني، فإن خلوص الحكم المطعون فيه إلى عدم جواز القضاء بالإخلاء تأسيساً على أحكام التشريع الاستثنائي يقتضيه وجوباً تمحيص جوازه بالتطبيق للقواعد العادية المقررة في القانون المدني - لما كان ذلك، وكان النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على إنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية....."، يدل على أن المشرع استحدث استثناء من حكم الامتداد القانوني لم تكن القوانين السابقة تنص عليه فأخرج الأماكن المؤجرة مفروشة من نطاقه، وكان ما تقضي به الفقرة السابعة من المادة الأولى من قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 486 لسنة 1970 المعدل بالقرار رقم 662 لسنة 1970 بشأن القواعد المنظمة لتأجير وحدات سكنية مفروشة من أنه يجوز تأجير وحدات سكنية مفروشة تنفيذاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في حالة التأجير للمستأجرين لأعيان مفروشة متى ثبت أن المستأجر قد استمر شاغلاً لها مدة خمس سنوات متصلة حتى تاريخ العمل بالقانون - أياً كان وجه الرأي في مدى قانونيتها - لا تفيد صراحة أو ضمناً استثناء طائفة المستأجرين التي تعنيهم من القاعدة القاضية بعدم سريان الامتداد القانوني على إيجارات الأماكن المفروشة، بحيث تخضع هذه الإيجارات من حيث إنهائها لحكم القواعد العامة المقررة في القانون المدني. يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 49 لسنة 77 مع تضمنه نص المادة 31 المقابلة للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 سالفة الذكر أتى بحكم جديد ليس له من أثر رجعي في المادة 46 منه حول المستأجر الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة حق الامتداد القانوني إلى أجل غير مسمى بشرائط معينة مما مفاده أن المشرع قد أفصح عن اتجاهه بأن الامتداد القانوني لم يكن سارياً على الشقق المفروشة في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح القانون. لما كان ما تقدم وكان ما انتهى إليه الحكم من عدم انطباق حكم المادة 29 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يتنافى مع أعماله أثر التنبيه المشار إليه بسبب النعي لجواز الإخلاء بمقتضاه وفق القواعد العامة التي أخذ بها، ويكون نسبة التناقض للحكم غير واردة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بنى قضاءه على سند من أن عقد الإيجار لم يتجدد طبقاً لنصوصه إلا لمدة ستة أشهر غايتها نوفمبر سنة 1964، وبانقضائها انتهت مدته الأصلية وتجدد باستمرار انتفاع المستأجر لمدة غير معينة تعتبر مشاهرة طبقاً للمادتين 563، 599 من القانون المدني وهو بفرض انطباق القواعد العامة قد مسخ نصوص العقد وخالف ظاهرها ولم يسترشد نية المتعاقدين، فالبندان الثاني والتاسع صريحان في أن العقد يتجدد لمدد متعاقبة كل ستة أشهر، وقصر البند الأخير الحق في إنهاء الإجارة على المستأجر ونص على وجوب حصول التنبيه قبل انتهاء التجديد لا قبل انتهاء المدة الأصلية، وهو ما يقتضيه طبيعة التعامل في عيادة طبية مفروض فيها الاستمرار والاستقرار، صرح فيها للمستأجر بإجراء ما يراه مناسباً من تعديلات وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت لم تخرج عما تحتمله عبارات الاتفاق ولم تنحرف عن المعنى الظاهر لها، لما كان ذلك وكان مفاد المواد 563، 598، 599 من القانون المدني أنه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار بفواتها ما لم يشترط لإنهائه صدور التنبيه بالإخلاء من أحدهما للآخر قبل فوات المدة بوقت معين وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقاً لاتفاقهما، فإذا انقضت المدة الثانية فإن الإيجار ينتهي دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء ما لم يتفق على خلاف ذلك، ويعد بقاء المستأجر في العين برضاء المؤجر بعد ذلك تجديداً ضمنياً وليس امتداداً للإيجار ومدته هي المدة المحددة لدفع الأجرة مع وجوب التنبيه بالإخلاء في المواعيد القانونية، وهي بالنسبة للمساكن والغرف المؤثثة قبل نصفها الأخير إذا كانت الفترة المعينة لدفع الأجرة أقل من شهرين، لما كان ما تقدم، وكان البين من الاطلاع على عقد الإيجار المبرم بين طرفي التداعي أن البند الثاني منه ينص على أن "قبل الطرف الثاني - الطاعن - استئجار هذه الشقة بما فيها من مفروشات وأدوات لاستعمالها كعيادة لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ هذا العقد وتتجدد تلقائياً بإيجار شهري قدره 25 ج تدفع شهرياً"، وفي البند التاسع على أن يتجدد هذا العقد لمدة أخرى وهذا إذا لم يحصل تنبيه من المستأجر قبل انتهاء التجديد بشهرين بخطاب موصى عليه، وكان الحكم قد استخلص من عبارات العقد أن نية المتعاقدين انصرفت عند التعاقد إلى أن تكون مدة الإيجارة ستة أشهر تمتد لمدة أخرى مماثلة إذا لم يحصل تنبيه من المستأجر قبل انتهاء المدة الأصلية بشهرين وأن الإشارة في البند التاسع إلى تجدد العقد لمدة أخرى مفاده أن المتعاقدين استهدفا امتداده إلى مدة أخرى مماثلة لا إلى مدد أخرى، فينتهي الإيجار بانقضاء الستة الأشهر الثانية وأن بقاء الطاعن في عين النزاع برضاء المطعون عليهم يشير إلى تجدد العقد ضمنياً لمدة غير معينة تحدد بالمدة المحددة لسداد الأجرة فإن هذا الذي خلص إليه الحكم من تفسير لبنود العقد هو مما تحتمله عباراته ولا ينطوي على خروج على مدلولها الظاهر لا يغير من ذلك إيجاب البند التاسع حصول التنبيه قبل انتهاء مدة التحديد لأنه إنما ينظم الامتداد الذي يعقب انتهاء مدة العقد الأصلية ولا يفيد بذاته التكرار مراراً عدة، إذ أن البند نفسه صريح في تجدد العقد لمدة أخرى وحيدة على ما سلف بيانه. ولا يتنافى مع استعمال العين المؤجرة عيادة طبية إقرار الطاعن بالتنبيه بإنهاء العقد أو تخويله إجراء الإصلاحات بها، إذ أن ذلك يستقيم مع قصر الامتداد على مدة واحدة قدرها نصف العام، ويكون النعي بهذه المثابة غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليهم تمسكوا أمام محكمة الدرجة الثانية بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب، وقضاء المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً يفيد أنها اعتبرت أن عقد الإيجار ممتداً امتداداً قانونياً لمدة غير محددة وتكون الدعوى غير مقدرة القيمة والحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأن الإجازة لم تجدد إلا مشاهرة فإنه يكون قد خالف ذلك الحكم السابق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كانت حجية الأمر المقضي ترد على منطوق الحكم القطعي الذي يفصل في موضوع الخصومة كله أو بعضه أو في دفع من الدفوع الشكلية أو الموضوعية، وما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً ولازماً للنتيجة التي انتهى إليها، ولئن أشار الحكم المطعون فيه إلى سبق صدور حكم من المحكمة الاستئنافية قضى بقبول الاستئناف شكلاً بما يتضمن قضاء برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب إلا أنه لما كان الحكم الصادر بقبول الاستئناف شكلاً إنما يتصل بشكل الاستئناف دون غيره وأن المحكمة قدرت فيه الدعوى بما يجاوز مائتين وخمسين جنيهاً، وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من الحكم المشار إليه بسبب النعي كي يتسنى لمحكمة النقض مراقبة الأساس القانوني الذي على هديه قضى بقبول الاستئناف شكلاً وهل عرض لامتداد العقد من عدمه لإمكان الإدلاء بالرأي فيما إذا كان الحكم المطعون فيه قد فصل في النزاع بما يناقض حكماً سابقاً، فإن النعي أياً كان وجه الرأي فيه - يكون مجرداً من الدليل.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.