جلسة 20 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم وأحمد كمال حمدي "نواب رئيس المحكمة".
--------------
(58)
الطعن 3434 لسنة 82 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسائل المتعلقة بالتقادم: سلطة محكمة الموضوع بشأن الدفع بالتقادم".
الدفع بالتقادم. ماهيته. إغفال محكمة الموضوع الرد عليه. قصور. شرطه.
(2) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
وجوب دعوة الخبير للخصوم لإبداء دفاعهم . م 46 إثبات. محاضر أعمال الخبير من أوراق الدعوى. كل ما يثبت فيها من دفاع للخصوم. اعتباره مطروحا على المحكمة. وجوب الرد علية متى كان جوهريا.
(3 ، 4) تقادم "التقادم المسقط". كفالة "تحديد نطاق الكفالة" "انقضاء التزام الكفيل".
(3) التزام الكفيل متضامنا أو غير متضامن. ماهيته. التزام تابع لالتزام المدين الأصلي. مؤداه. عدم إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت في التزام المدين الأصلي.
(4) سقوط دين المدين الأصلي بالتقادم. أثره، سقوط التزام الكفيل. علة ذلك.
(5) دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه".
إغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن المبدى أمام الخبير بتقادم الدين الأصلي الذي يكفله. قصور. علة ذلك.
(6 - 9) أعمال تجارية "ما يعد عملا تجاريا". بنوك "عمليات البنوك: القرض المصرفي". تقادم "التقادم المسقط: تقادم الديون التجارية".
(6) التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية. تقادمها بمضي سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام. سقوط الأحكام النهائية الصادرة في الدعاوى الناشئة عنها بمضي عشر سنوات . م 68 ق 17 لسنة 1999. خروج ذلك عن الأصل في التقادم المقرر بالمادة 374 مدني. علة ذلك.
(7) التقادم القصير وفقا لنص م 68 ق 17 لسنة 1999. خضوعه فيما يتعلق بسريانه من حيث الزمان لحكم المادة الثامنة من القانون المدني. علة ذلك. كونه من القوانين الموضوعية المتصلة بأصل الحق.
(8) أعمال البنوك ومنها القروض وإبرام عقود المرابحة الإسلامية. اعتبارها أعمالا تجارية. م ه ق التجارة الجديد. مؤداه. خضوعها للتقادم القصير وفقا لنص م 68 ق من ذات القانون.
(9) مطالبة البنك المدعى الكفيل بدين المدين الأصلي الناشئ عن عقد القرض بعد سقوطه بالتقادم. على غير أساس. علة ذلك. زوال التزام الكفيل بتقادم دين المدين الأصلي.
--------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بالتقادم هو وسيلة دفاع يلجأ إليها الخصم للوصول إلى انقضاء الالتزام ويتعين على محكمة الموضوع أن ترد عليه متى كان من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وإلا كان حكما مشوبا بالقصور المبطل.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 146 من قانون الإثبات توجب على الخبير دعوة الخصوم للحضور أمامه لإبداء دفاعهم في الدعوى، وأن محاضر أعماله تعتبر من أوراقها، وكل ما يثبت فيها من دفاع للخصوم يعتبر دفاعا معروضا على المحكمة يتعين عليها الرد عليه متى كان جوهرياً.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التزام الكفيل - متضامنا كان أو غير متضامن - يعتبر التزاما تابعا لالتزام المدين الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه ولا يسوغ النظر في إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت في التزام المدين الأصلي.
4 - سقوط دين المدين الأصلي بالتقادم يسقط تبعا له التزام الكفيل باعتباره التزاما تبعيا يزول بزوال الالتزام الأصلي.
5 - إذ كان الثابت من تقرير الخبير المرفق صورته بأوراق الطعن أن الطاعن تمسك أمام الخبير المنتدب في الدعوى بتقادم الدين الأصلي الذي يكفله وإذ يعد هذا الدفاع المبدى أمام الخبير معروضا على محكمة الموضوع وكان التزام الطاعن ككفيل يتوقف وجوده على قيام التزام المدين الأصلي فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على الدفع بالتقادم المسقط فإنه يكون مشوبا بالقصور.
6 - البين من استقراء مواد قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنه 1999 أن المشرع انتهج سياسة تشريعية مغايرة بشأن تقادم الديون التجارية على اختلاف الأسباب التي تكون مصدرا للالتزام فيها بأن حدد مددا قصيرة للتقادم مراعيا في ذلك طبيعة المعاملات التجارية وما تقتضيه من استقرار الحقوق المترتبة عليها وعدم جعلها عرضة للمنازعة فيها بعد انقضاء فترة طويلة على نشأتها، ومن هذا التقادم القصير ما تنص عليه المادة 68 من ذلك القانون من تقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم وعلاقاتهم التجارية بمضي سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك ومن سقوط الأحكام النهائية الصادرة في تلك الدعاوى بمضي عشر سنوات، فلم يشأ المشرع التجاري بهذا النص الجديد التقيد بالأصل المقرر من أن الالتزام مدنيا كان أو تجاريا يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقا لنص المادة 374 من القانون المدني.
7 - التقادم القصير - المنصوص علية في م 68 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنه 1999 - يعد من القوانين الموضوعية المتصلة بأصل الحق فإنه يحكمه فيما يتعلق بسريانه من حيث الزمان عند التنازع بينه وبين قانون سابق المادة الثامنة من القانون المدني التي تقضي بسريان مدة التقادم الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد إذا كان يقرر مدة للتقادم أقصر مما قرره النص القديم ما لم يكن الباقي منها أقصر من المدة التي قررها النص الجديد.
8 - أعمال البنوك - ومنها منح القروض وإبرام عقود المرابحة الإسلامية - وفقا للمادة الخامسة من قانون التجارة تعتبر أعمالا تجارية تستهدف بها الريح شأنها في ذلك شأن القروض التي يعقدها التاجر لتمويل تجارته وفقا للمادة 50/ 1 من ذات القانون - التجارة الجديد رقم 17 لسنه 1999 ومن ثم فإذا كان المقترض تاجرا حصل على القرض من البنك في شأن من شئون تجارته فإن المعاملة بينه وبين البنك المقرض تعتبر معاملة تجارية تخضع للتقادم القصير المنصوص عليه في المادة 68 من ذلك القانون ويبدأ سريان هذا التقادم القصير من تاريخ نفاذ القانون اعتبارا من الأول أكتوبر سنة 1999.
9 - إذ كان البنك المدعي قد أقام دعواه الراهنة بتاريخ 20/ 10/ 2009 يطالب بالالتزامات الناشئة عن المعاملة التجارية القائمة بينه وبين المدين الأصلي الشركة المقترضة والتي يكفلها المدعى عليه فإن هذا التقادم القصير تكون قد اكتملت مدته محتسبة من تاريخ الإقرار الصادر من هذا المدين الأصلي بموجب آخر مصادقة لها على مديونيتها في 7/ 5/ 2000 والتي بها ينقطع التقادم ويبدأ تقادم جديد ويترتب على تقادم الدين الأصلي زوال التزام المدعى عليه ككفيل إذ التزامه يتبع في وجوده التزام المدين الأصلي ومن ثم فإن مطالبة البنك المدعى للكفيل المدعى عليه بدين المدين الأصلي بعد سقوطه بالتقادم تكون على غير أساس.
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنه 1 ق اقتصادية استئناف القاهرة بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدى له مبلغ سبعة ملايين وستمائة وسبعة وعشرين ألفا وستمائة جنيه حتى 31/ 8/ 2008 خلاف ما يستحق من عوض تأخير مبدئي بواقع 5% وعوض تأخير نهائي بواقع 11.5% طبقا لسعر الائتمان والخصم لدى البنك المركزي وحتى تمام السداد، وقال بيانا لذلك إنه بموجب عقد كفالة تضامنية التزم الطاعن بضمان شركة ... للأحذية الرياضية والبلاستيكية، وقد تقاعست هذه الشركة عن سداد المديونية المترتبة على التسهيلات الممنوحة لها والتي بلغت حتى 31/ 8/ 2008 المبلغ المطالب به، وإذ امتنع الطاعن عن الوفاء بالمديونية التي يكفلها رغم إنذاره فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 9 من يناير 2012 بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ ثلاثة ملايين وثلاثمائة واثني عشر ألفا وتسعمائة وتسعة وخمسين جنيها حتى 19/ 6/ 2001 وعائد بواقع 21% عبارة عن 17% عائدا مدين مضافا إليه 5% عائد تأخير من اليوم التالي لذلك التاريخ وحتى تمام السداد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعدت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط دين المدين الأصلي الذي يكفله بالتقادم الذي مدته سبع سنوات والمنصوص عليه في المادة 68 من قانون التجارة رقم 17 لسنه 1999 إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفع وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الدفع بالتقادم هو وسيلة دفاع يلجأ إليها الخصم للوصول إلى انقضاء الالتزام ويتعين على محكمة الموضوع أن ترد عليه متى كان من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وإلا كان حكما مشوبا بالقصور المبطل، وأن المقرر أن المادة 146 من قانون الإثبات توجب على الخبير دعوة الخصوم للحضور أمامه لإبداء دفاعهم في الدعوى، وأن محاضر أعماله تعتبر من أوراقها، وكل ما يثبت فيها من دفاع للخصوم يعتبر دفاعا معروضا على المحكمة يتعين عليها الرد عليه متى كان جوهريا، كما أن المقرر أن التزام الكفيل - متضامنا كان أو غير متضامن - يعتبر التزاما تابعا لالتزام المدين الأصلي فلا يقوم إلا بقيامه ولا يسوغ النظر في إعمال أحكام الكفالة على التزام الكفيل قبل البت في التزام المدين الأصلي وأن سقوط دين المدين الأصلي بالتقادم يسقط تبعا له التزام الكفيل باعتباره التزاما تبعيا يزول بزوال الالتزام الأصلي. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المرفقة صورته بأوراق الطعن أن الطاعن تمسك أمام الخبير المنتدب في الدعوى بتقادم الدين الأصلي الذي يكفله وإذ يعد هذا الدفاع المبدي أمام الخبير معروضا على محكمة الموضوع وكان التزام الطاعن ككفيل يتوقف وجوده على قيام التزام المدين الأصلي فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على الدفع بالتقادم المسقط فإنه يكون مشوبا بالقصور مما يوجب نقضه.
وحيث إن المحكمة تتصدى للفصل في موضوع الدعوي عملا بعجز المادة 12 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون بإنشاء المحاكم الاقتصادية، ولما كان البين من استقراء مواد قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنه 1999 أن المشرع انتهج سياسة تشريعية مغايرة بشأن تقادم الديون التجارية على اختلاف الأسباب التي تكون مصدرا للالتزام فيها بأن حدد مددا قصيرة للتقادم مراعيا في ذلك طبيعة المعاملات التجارية وما تقتضيه من استقرار الحقوق المترتبة عليها وعدم جعلها عرضة للمنازعة فيها بعد انقضاء فترة طويلة على نشأتها، ومن هذا التقادم القصير ما تنص عليه المادة 68 من ذلك القانون من تقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم وعلاقاتهم التجارية بمضي سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك ومن سقوط الأحكام النهائية الصادرة في تلك الدعاوى بمضي عشر سنوات، فلم يشأ المشرع التجاري بهذا النص الجديد التقيد بالأصل المقرر من أن الالتزام مدنيا كان أو تجاريا يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقا لنص المادة 374 من القانون المدني والنص على هذا التقادم القصير يعد بهذه المثابة من القوانين الموضوعية المتصلة بأصل الحق فإنه يحكمه فيما يتعلق بسريانه من حيث الزمان عند التنازع بينه وبين قانون سابق المادة الثامنة من القانون المدني التي تقضي بسريان مدة التقادم الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد إذا كان يقرر مدة للتقادم أقصر مما قرره النص القديم ما لم يكن الباقي منها أقصر من المدة التي قررها النص الجديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن اتفاقا جرى بين البنك المدعى ومدينه الأصلي - شركة ... للأحذية الرياضية والبلاستيكية - وهي شركة تجارية - على جدولة المديونية المترتبة على التسهيلات الممنوحة لها في صورة عقود مرابحة لتمويل نشاطها التجاري وسداد المديونية على عدد ثلاثين قسطا يستحق أول قسط في 20/ 7/ 1997 وأخر قسط في 20/ 12/ 1999 ولما كانت أعمال البنوك - ومنها منح القروض وإبرام عقود المرابحة الإسلامية - وفقا للمادة الخامسة من قانون التجارة تعتبر أعمالا تجارية تستهدف بها الربح شأنها في ذلك شأن القروض التي يعقدها التاجر لتمويل تجارته وفقا للمادة 50 / 1 من ذات القانون ومن ثم فإذا كان المقترض تاجرا حصل على القرض من البنك في شأن من شئون تجارته فإن المعاملة بينه وبين البنك المقرض تعتبر معاملة تجارية تخضع للتقادم القصير المنصوص عليه في المادة 68 من ذلك القانون ويبدأ سريان هذا التقادم القصير من تاريخ نفاذ القانون اعتبارا من الأول أكتوبر سنة 1999 ولما كان البنك المدعي قد أقام دعواه الراهنة بتاريخ 20/ 10/ 2009 يطالب بالالتزامات الناشئة عن المعاملة التجارية القائمة بينه وبين المدين الأصلي الشركة المقترضة والتي يكفلها المدعى عليه فإن هذا التقادم القصير تكون قد اكتملت مدته محتسبة من تاريخ الإقرار الصادر من هذا المدين الأصلي بموجب أخر مصادقة لها على مديونيتها في 7/ 5/ 2000 والتي بها ينقطع التقادم ويبدأ تقادم جديد ويترتب على تقادم الدين الأصلي زوال التزام المدعى عليه ككفيل إذ التزامه يتبع في وجوده التزام المدين الأصلي ومن ثم فإن مطالبة البنك المدعي الكفيل المدعى عليه بدين المدين الأصلي بعد سقوطه بالتقادم تكون على غير أساس ويتعين رفضها.