مشروع قانون
بتعديل بعض أحكام القانون رقم 150 لسنة 1950
بشأن
تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات
السيد الأستاذ الدكتور/ على عبدالعال
رئيس مجلس النواب الموقر
تحية طيبة وبعد..
مقدمه لسيادتكم بهاء الدين أبوشقة عضو مجلس النواب
وآخرون، بشأن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر
بالقانون رقم 150 لسنة 1950
وتفضلوا سيادتكم بقبول فائق التحية والاحترام..
مقدمه لسيادتكم
بهاء الدين أبوشقة
عضو مجلس النواب
رقم العضوية «589»
مشروع قانون مقدم من السيد النائب/ بهاء الدين
أبوشقة
بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية
رقم «150» لسنة 1950
رئيس الجمهورية
بعد الاطلاع على الدستور
وعلى قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937،
وعلى القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم
القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية وتعديلاته،
وعلى القانون رقم 93 لسنة 1944 بشأن الرسوم فى
المواد الجنائية وتعديلاته.
وعلى القانون المدنى الصادر بالقانون رقم 131 لسنة
1948.
وعلى قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون
رقم 150 لسنة 1950،
وعلى القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض،
وعلى قانون القضاء العسكرى الصادر بالقانون رقم 25
لسنة 1966 وتعديلاته.
وعلى القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون
المرافعات المدنية والتجارية وتعديلاته،
وعلى القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون
الإثبات فى المواد المدنية والتجارية وتعديلاته،
وعلى قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم
46 لسنة 1972،
وعلى قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983،
وعلى القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن الكيانات
الإرهابية،
وعلى القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة
الإرهاب،
وعلى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
قرر
مشروع القانون الآتى نصه
مقدم إلى مجلس النواب
«المادة الأولى»
يستبدل بنصوص المواد أرقام «366، 366 مكرراً، 367،
368، 369، 370، 371، 373، 374، 375، 376، 377، 378، 380، 381، 382، 387» من قانون
الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 النصوص الآتية:
مادة «366»:
تشكل فى كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر لنظر
قضايا الجنايات، وتؤلف كل منها من ثلاثة من قضاتها برئاسة أحد نواب رئيس محكمة
الاستئناف على الأقل.
مادة «366 مكرراً»:
تشكل فى كل محكمة استئناف، محكمة أو أكثر تستأنف
أمامها الأحكام الصادرة من دوائر جنايات أول درجة المشار إليها بالمادة «366» من
هذا القانون، وتؤلف كل منها من ثلاثة من قضاتها، اثنان منهم على الأقل بدرجة رئيس
محكمة استئناف، وتكون رئاسة المحكمة لأقدمهم.
مادة «367»:
تعين الجمعية العامة لكل محكمة من محاكم الاستئناف
فى كل سنة بناء على طلب رئيسها، من يعهد إليه من قضاتها للعمل بمحاكم الجنايات
بدرجتيها.
وإذا حصل مانع لأحد القضاة المعينين لدور من أدوار
انعقاد محكمة الجنايات بدرجتيها يستبدل به آخر من القضاة يندبه رئيس محكمة
الاستئناف من ذات الدرجة.
مادة «368»:
تنعقد محاكم الجنايات بدرجتيها فى كل جهة بها
محكمة ابتدائية، وتشمل دائرة اختصاصها ما تشمله دائرة المحكمة الابتدائية ويجوز
إذا اقتضى الحال أن تنعقد محكمة الجنايات فى مكان آخر يعينه وزير العدل بناء على
طلب رئيس محكمة الاستئناف.
ويجوز عند الضرورة بقرار من الجمعية العامة لمحكمة
الاستئناف أو من تفوضه أن تشمل دائرة اختصاص محكمة جنايات الدرجة الثانية ما تشمله
أكثر من دائرة لمحكمة ابتدائية، ويبين القرار فى هذه الحالة مكان انعقادها.
مادة «369»:
تنعقد محاكم الجنايات بدرجتيها كل شهر ما لم يصدر
قرار من رئيس محكمة الاستئناف يخالف ذلك.
مادة «370»:
يحدد تاريخ افتتاح كل دور من أدوار الانعقاد قبله
بشهر على الأقل، بقرار رئيس محكمة الاستئناف
مادة «371»:
يعد فى كل دور جدول للقضايا التى تنظر فيه، وتوالى
محكمة الجنايات بدرجتيها جلساتها إلى أن تنتهى القضايا المقيدة بالجدول.
مادة «373»:
يتبع فى الدعاوى التى تنظرها محكمة جنايات الدرجة
الثانية كل الأحكام والأوضاع المقررة أمام محاكم الجنايات الدرجة الأولى.
مادة «374»:
يكون تكليف المتهم والشهود بالحضور أمام محكمة
جنايات الدرجة الأولى قبل الجلسة بعشرة أيام كاملة على الأقل.
وفى الأحوال التى يكون فيها استئناف الحكم من
النيابة العامة يكون إعلان المتهم بالاستئناف والحضور أمام محكمة الدرجة الثانية
قبل الجلسة بعشرة أيام على الأقل.
ولا تتصل المحكمة بالدعوى إلا بإعلان المتهم بأمر
الإحالة.
مادة «375»:
فيما عدا حالة العذر أو المانع الذى يثبت صحته يجب
على المحامى سواء أكان منتدبا من قبل النيابة العامة أو قاضى التحقيق، أو رئيس
محكمة الجنايات أم كان موكلاً من قبل المتهم، أن يدافع عن المتهم فى الجلسة أو
ينيب محامياً غيره، وإلا حكم عليه من محكمة الجنايات بغرامة لا تتجاوز ثلاثمائة
جنيه مع عدم الإخلال بالمحاكمة التأديبية إذا كان لذلك مقتضى.
وللمحكمة إعفاؤه من الغرامة إذا ثبت لها أنه تعذر
عليه أن يحضر فى الجلسة بنفسه أو أن ينيب عنه غيره.
مادة «376»:
فى الأحوال التى يتعذر فيها على المتهم أن يوكل
محامياً للدفع عنه، تقدر المحكمة للمحامى المنتدب من قبل النيابة العامة أو قاضى
التحقيق أو رئيس محكمة الجنايات بحسب الأحوال أتعاباً على الخزانة العامة تحددها
فى حكمها الصادر فى الدعوى.
ولا يجوز الطعن فى هذا التقدير بأى وجه.
مادة «377»:
لا تقبل المرافعة أمام محكمة الجنايات بدرجتيها
إلا من المحامين المقبولين للمرافعة أمام
محاكم الاستئناف.
مادة «378» فقرة أولى:
على رئيس محكمة الاستئناف عند وصول ملف القضية أن
يحدد الدور الذى يجب أن تنظر فيه، وأن يعد جدول قضايا كل دور من أدوار الانعقاد،
ويرسل صور ملفات القضايا إلى القضاة المعينين للدور الذى أحيلت إليه، ويأمر بإعلان
المتهم والشهود باليوم الذى يحدد لنظر القضية، مع مراعاة حكم المادة 374 إذا كان
الاستئناف مرفوعاً من النيابة العامة.
مادة «380»:
مع مراعاة حكم المادتين «129»، «130» لمحكمة
الجنايات بدرجتيها أن تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره، إذا تخلف عن الحضور دون عذر
مقبول أو لم يحضر الجلسة المحددة بعد إعلانه قانونا على أن يكون ذلك مسبباً، ولها
أن تأمر بحبسه احتياطياً، ولها أن تفرج بكفالة أو بغير كفالة عن المتهم المحبوس
احتياطياً.
مادة «381»:
تتبع أمام محاكم الجنايات بدرجتيها جميع الأحكام
المقررة فى الجنح ما لم ينص على خلاف ذلك.
ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام
إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأى مفتى
الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه، ويتعين عليه فى جميع الأحوال أن يرسل
رأيه إلى المحكمة قبل جلسة النطق بالحكم بفترة كافية، فإذا لم يصل رأيه إلى
المحكمة قبل التاريخ المحدد للنطق بالحكم، حكمت المحكمة فى الدعوى.
وفى حالة خلو وظيفة المفتى أو غيابه أو قيام مانع
لديه، يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامه. ولا يجوز الطعن فى أحكام محاكم
جنايات الدرجة الثانية إلا بطريق النقض أو إعادة النظر.
مادة «382»:
وفى جميع الأحوال تحكم محكمة الجنايات بدرجتيها
فيما يحال إليها من جنحة مرتبطة بجنايات ولو تبين لها أن لا وجه لهذا الارتباط وفى
جميع الوقائع التى يتبين فيها للمحكمة قبل أو بعد تحقيقها أنها تعد جنحة لو لم تكن
مرتبطة بجناية.
مادة «387»:
إذا كان المتهم مقيماً خارج مصر، يعلن إليه أمر
الإحالة بمحل اقامته إن كان معلوما، وذلك قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى بشهر على
الأقل، غير مواعيد المسافة المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية،
فإذا لم يحضر بعد إعلانه، بنفسه أو وكيله، تندب له المحكمة محامياً للدفاع عنه
وتنظر الدعوى،
«المادة الثانية»
يضاف إلى الباب الثانى من الكتاب الثالث من قانون
الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 فصل ثانٍ بعنوان «استئناف الجنايات» يتضمن
المواد أرقام «419 مكرراً»، «419 مكرراً/ 1»، «419 مكرراً/ 2»، «419 مكرراً/ 3»،
«419 مكرراً/ 4»، «419 مكرراً/ 5»، «419 مكرراً/ 6»، «419 مكرراً/ 7»، «419
مكرراً/ 8»، «419 مكرراً/ 9»، «419 مكرراً/ 10»، نصوصها كالآتى:
الفصل الثانى
استئناف الجنايات
المادة (419 مكررا)
لكل من النيابة العامة والمتهم أن يستأنف الأحكام
الحضورية الصادرة من محكمة جنايات أول درجة فى مواد الجنايات.
المادة (419 مكررا / 1):
يجوز استئناف الأحكام الصادرة فى الدعوى المدنية
من المحكمة الجزئية فى مواد الجنايات من المدعى بالحقوق المدنية ومن المسئول عنها
أو المتهم فيها يختص بالحقوق المدنية وحدها إذا كانت التعويضات تزيد على النصاب
الذى تحكم فيه المحكمة الابتدائية نهائيا.
المادة (419 مكررا/ 2):
يجوز للنيابة العامة أن تستأنف الأحكام الغيابية
الصادرة فى مواد الجنايات بالبراءة.
المادة (419 مكررا/ 3):
يتبع فى نظر الاستئناف والفصل فيه جميع الأحكام
المقررة للاستئناف فى مواد الجنح، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
المادة (419 مكررا/ 4):
يحصل الاستئناف بتقرير ومذكرة بأسباب الاستئناف
موقعة من محام مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف، ويودعان قلم كتاب المحكمة
التى أصدرت الحكم، وذلك فى ظرف أربعين يوما من تاريخ صدور الحكم.
وللنائب العام أن يستأنف الحكم خلال أربعين يوما
من تاريخ صدوره، وله أن يقرر بالاستئناف فى قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر
الاستئناف.
المادة (419 مكررا/ 5):
يرفع قلم الكتاب التقرير بالاستئناف ومذكرة إيداع
أسباب الطعن وملف الدعوى فور انتهاء الميعاد المحدد لإيداع أسباب الحكم الصادر
فيها إلى رئيس محكمة الاستئناف بعد إدراج الطعن فى جدول يعد لذلك، ويحدد رئيس
المحكمة جلسة لنظره، ويأمر بإعلان المتهم بإخطار باقى الخصوم بها.
المادة (419 مكررا/ 6):
ترسل محكمة الاستئناف صور ملفات القضايا والأحكام
الصادرة فيها إلى القضاة المعينين لنظر الاستئناف قبل ميعاد الجلسة بوقت كاف.
الماد (419 مكررا/ 7):
استثناء من حكم الفقرة الأولى من المادة 411 من
هذا القانون تسمع المحكمة أقوال المستأنف.. والأوجه التى يستند إليها فى استئنافه
وأوجه دفاعه ودفوعه كما تسمع باقي الخصوم على أن يكون المتهم آخر من يتكلم.
المادة (419 مكرراً/ 8):
لا يجوز للمحكمة أن تصدر حكما بالإعدام أو أن تؤيد
الحكم الصادر به إلا بإجماع آراء أعضائها، ويجب عليها قبل أن تصدر حكما بالإعدام -
بناء على استئناف النيابة العامة - أن تأخذ رأي المفتي وفقا للإجراءات المقررة
أمام محكمة أول درجة.
المادة (419 مكررا/ 9):
إذا كان الحكم صادرا
بعقوبة الإعدام وجب على النيابة العامة أن تعرضه على محكمة جنايات الدرجة الثانية
مشفوعا بمذكرة رأيها خلال ثلاثين يوما من إيداع أسباب الحكم، وللمحكمة أن تؤيد
الحكم أو تعدله أو تلغيه، كما لو كانت الدعوى مطروحة عليها، بناء على استئناف المحكوم
عليه، وفى جميع الأحوال تنظر المحكمة الدعوى الصادر فيها الحكم بالإعدام غير مقيدة
بأسباب استئناف المحكوم عليه أو النيابة العامة.
المادة (419 مكررا/ 10):
لا يترتب على استئناف الحكم الصادر من محكمة
جنايات أول درجة وقف تنفيذ الحكم إلا إذا رأت المحكمة وقف التنفيذ، إذا تخلف
المحكوم عليه أو وكيله بغير عذر عن الحضور فى الجلسة المحدد لنظر استئنافه أو فى
أى جلسة تالية تندب له المحكمة محاميا للدفاع عنه وتفصل فى الاستئناف. فإذا كان
الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة للمحكومة أن تأمر بالقبض عليه وحبسه احتياطيا
إلى حين الانتهاء من نظر الاستئناف مع مراعاة نص المادتين (129) و(130) من هذا
القانون.
المادة الثالثة
تلغى المادتان رقما (372) و(383) من قانون
الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.
المادة الرابعة
يعمل بأحكام استئناف الجنايات المضافة إلى الباب الثاني
من الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجنائية الصادرة بالقانون رقم 150 لسنة 1950
اعتبارا من أول يناير عام 2020، وتسرى أحكام الاستئناف فى مواد الجنايات على
الدعاوى التي لم يفصل فيها من محاكم الجنايات اعتبارا من تاريخ سريان هذا القانون.
المادة الخامسة
جميع الطعون التى تم تقديمها اعتبارا من 1/ 5/
2017، إعمالا لنص القانون رقم 11 لسنة 2017، تعتبر منقوضة بقوة القانون من تاريخ
العمل بهذا القانون على أن تحال القضايا الخاصة إلى محكمة استئناف الدرجة الثانية
تلقائيا.
المادة السادسة
ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من
اليوم التالى لتاريخ نشره، ويلغى كل حكم يخالف أحكامه.
رئيس الجمهورية
المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون
بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية
رقم 150 لسنة 1950المقدم من
النائب بهاء الدين أبوشقة
يختلف جوهر الحماية القانونية بحسب طبيعة المصالح
محل الاعتداء، فمن بين هذه الأخيرة ما يكون ذا طبيعة مالية خالصة، يدخل فى دائرة
التعامل بين الأفراد، ويكون قابلاً للانتقال من شخص إلى آخر بواسطة التصرفات
القانونية، ومنها ما يتصل بشخص المستفيد منها، فيكون لصيقاً به لا ينفصل عن ذاته،
فيخرج عن دائرة التعامل، ويمثل الاعتداء عليها مساساً بأحد جوانب الشخصية
الإنسانية، وقد أحاط الشارع هذه الطائفة الأخيرة من المصالح بحماية قانونية واسعة،
لا تنحصر فى تلك التى تقررها مدونة القانون المدنى، وإنما تمتد لتشمل حماية جنائية
تكفلها نصوص التجريم والعقاب.
ونظراً لخطورة الحماية الجنائية من حيث ما تلقيه
من تبعات ثقيلة على أطراف الخصومة الجنائية، فقد أحاط الشارع ممارستها أمام القضاء
الجنائى بجملة ضمانات، تستهدف مجتمعة تأكيد حسن سير العدالة الجنائية، دون الجور
على حقوق وحريات الأفراد.
وتوضيح ذلك أن العدالة البشرية لا تخلو بطبيعتها
من أوجه القصور، فالقاضى، مهما علا شأنه وتراكمت خبرته، ليس معصوماً من الخطأ،
فيحدث أحياناً أن يصدر أحكاماً تجانب الصواب، سواء فيما يتعلق بتكييف الوقائع، أو
بتطبيق نصوص القانون، ومن هنا يكفل الشارع فى غالبية الدول - ضمن ضمانات أخرى -
ضمانة هامة تتصل بحق التقاضى على درجتين، فيكفل هذا الأخير إصلاح ما لحق الحكم من
أخطاء، أو ما أصاب الخصوم من ظلم، فلا ريب أن الشعور العام للمجتمع يتأذى من جراء
حرمان الخصوم من أن يرفعوا مظلمتهم إلى محكمة أخرى أعلى درجة، تضطلع بتصحيح الحكم
الذى شابه العوار.
ويقدم التقاضى على درجتين ميزة مزدوجة، فيدعم من
ناحية أولى صورة العدالة فى نظر الأفراد، لقناعتهم بأن التقاضى على درجتين يضمن
قدر المستطاع إصدار أحكام صحيحة وعادلة فى آن واحد، ومن ناحية أخرى، يلعب التقاضى
على درجتين دوراً وقائياً، إذ عادة ما تكون محكمة أول درجة أكثر حرصاً على إصدار
أحكام مطابقة للقانون، خشية إلغائها من قبل المحكمة الاستئنافية، الأمر الذى
تتضاءل معه نسبة الأخطاء القضائية.
ورغم ذلك، فقد أثار التقاضى على درجتين فى المواد
الجنائية جدلاً كبيراً نتيجة للتعارض بين عدد من المصالح المتباينة، إذ تقتضى
مصلحة المجتمع عدالة جنائية ناجزة، تكفل فى نفس الوقت عقوبة رادعة، بينما تتطلب
مصلحة المجنى عليه الحصول على تعويض مرضٍ، لما لحقه من ضرر، أما المتهم فيبغى
باستئنافه إما إثبات براءته أو الخضوع للعقوبة فى حدها الأدنى على أسوأ تقدير.
ومن هنا سعى الشارع الجنائى فى مصر وغيرها من
الدول إلى تحقيق قدر من التوازن بين تلك المصالح، ففتح باب الطعن فى الجنح
والمخالفات، وحظره على الجنايات.
ويمكننا تعريف التقاضى على درجتين بوجه عام بأنه
فحص الخصومة القضائية، بشقيها الواقعى والقانونى، على نحو متتابع من محكمتين
مختلفتين، تعلو إحداهما الأخرى، فهو إذاً حق الخصوم فى طلب استظهار الحقيقة،
بواسطة سلطة قضائية أعلى من تلك التى أصدرت الحكم، يعبرون أمامها عن رفضهم ما
انتهت إليه الأخيرة بشأن الدعوى الماثلة.
ويفترض ذلك أن يخضع فحص الدعوى أمام المحكمة
الاستئنافية لذات القواعد التى تحكم نظرها أمام محكمة أول درجة، وإلا غدا حق
القاضى على درجتين محض مراجعة مقتضبة أو رقابة شكلية بحتة، لا تضمن عرضاً جديداً
لموضوع الدعوى.
ويتصل إعمال مبدأ التقاضى على درجتين بمبدأ آخر ذى
قيمة قانونية، هو حق اللجوء للقضاء، ذلك المبدأ الهام الذى كرسته دساتير الدول
والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
ويعد قانون الإجراءات الجنائية من أهم القوانين
التى تسنها الدولة لاتصاله المباشر بحقوق الأفراد وحرياتهم، وتتجلى العلاقة بين
الدستور وقانون الإجراءات الجنائية من حيث أن القانون الأخير هو الأداة التشريعية
التى تمكن الدولة من الوفاء بمجموعة الالتزامات الدستورية المهمة مثل التزامها
بإقامة العدالة فى المجتمع وكفالة حسن توزيعها بين المواطنين، كما أن اهتمام قانون
الإجراءات الجنائية بكفالة حقوق الدفاع وحماية كرامة المتهم وحقوقه الأساسية هو
الوفاء بالتزام دستورى بصيانة الحريات العامة، وحين تمس القاعدة الإجرائية الحرية
الشخصية، أو تقيدها يتعين أن يكون ذلك بمراعاة الضوابط المنصوص عليها فى الدستور.
ولما كان الدستور قد ارتقى ببعض القواعد الإجرائية
التى رأى أهميتها إلى مرتبة المبادئ الدستورية بأن نص عليها فى صلب الوثيقة
الدستورية، فإن التعديل الجوهرى فى خطة الدستور إزاء الحقوق الفردية والحريات
العامة، يؤثر بطبيعة الحال على نصوص الإجراءات الجنائية المرتبطة بهذا التعديل
التى يتعين أن تتسق مع نصوص الدستور ولا تتعارض معه.
وقد نص الدستور المصرى لعام 2014 على مجموعة من
القواعد الإجرائية الجديدة على قانون الإجراءات إذا لم يكن يتضمنها من قبل، ونظراً
لسمو الدستور على غيره من التشريعات الأخرى، فإن المشرع الجنائى الإجرائى يكون
ملزماً بإجراء التعديلات اللازمة على قانون الإجراءات الجنائية للنزول على أحكام
الدستور الجديد.
ولما كان دستور 2014 قد نص فى الفقرة الثانية من
المادة «96» على «أن ينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات»، وكذا
بالمادة «240» منه على «أن تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية
المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات» وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ
العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك.
فكان لزاماً على المشرع
أن يتدخل بإجراء تعديل حتمى يسمح باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، لما يتبين
من صياغة ومضمون نصى المادتين «96 و240» من الدستور أن تطبيق قاعدة التقاضى على
درجتين فى الجنايات غير قابل للتطبيق فى حد ذاته، وإنما يتعين على المشرع أن يتدخل
بإجراء تعديل تشريعى ويستجيب لنداء الدستور، ويقوم بإفراغ تلك النصوص الدستورية فى
قالب تشريعي نزولاً على أحكام الدستور.