الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 6174 لسنة 58 ق جلسة 9 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 3 ص 21

جلسة 9 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ

---------------

(3)
الطعن رقم 6174 لسنة 58 القضائية

(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية. نطاقه؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استجواب. مأمورو الضبط القضائي.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيمة الاعتراف واستقلاله عن الإجراء الباطل. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة.
النعي على النيابة بأنها لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. سبق إصرار.
سبق الإصرار تقدير توفره. موضوعي.
(8) إعدام "الحكم بالإعدام". إجراءات "إجراءات الحكم بالإعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل الحكم بالإعدام. المادة 381 إجراءات. لا يوجب على المحكمة أن يكون قد صدر بإجماع قضاتها. ولا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي.
(9) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(10) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن كفايته للإحاطة بأركان المسئولية المدنية. وللقضاء بالتعويض. عدم بيان الحكم من بعد. الضرر بنوعيه. لا يعيبه.
عدم التزام المحكمة ببيان مدى الضرر الذي قدر التعويض على أساسه. علة ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. إعدام. قتل عمد.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------
1 - من المقرر أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز - هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي التي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - لما كانت المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً وعملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف.
5 - من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس.
6 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها.
7 - من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
8 - من المقرر أنه وإن كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
9 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
10 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان البين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما - أولاً: المتهمان (1) تدخلا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجناية المبينة بالوصف بالبند (2) بأن اتحدت إرادتهما على قتل....... عمداً مع سبق الإصرار وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق (2) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وما أن ظفر به حتى أطلق عليه الأول عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ثانياً: المتهم الأول أيضاً ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى...... شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات شبين الكوم قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها بالنسبة للمتهم الأول...... وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء وعملاً بالمواد 40، 41، 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1/، 6، 26/ 2، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة...... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إلى...... مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن التهمتين المسندتين إلى المتهم الأول هي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر وأن التهمة المسندة للمتهمة الثانية هي الاشتراك مع المتهم في ارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز - هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي التي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عولت على القبض الباطل الذي أجراه مأمور الضبط القضائي دون أن يكون مخولاً في إجرائه من النيابة العامة التي اتصلت بالدعوى في..... وما ترتب على هذا القبض من استجواب - للمتهمين قام به مأمور الضبط القضائي وكان من جرائه صدور الاعتراف في محضر الشرطة وتحقيق النيابة بغير فاصل زمني بينهما على خلاف ما أثبته الحكم، وعولت المحكمة على اعتراف الطاعنة الثانية مع أنها أنكرت ارتكابها الجريمة وما جاء على لسانها كان وليد الغش من مأمور الضبط القضائي الذي أوهمها أن في اعترافها ما يدرأ عنها الاتهام، وتساندت المحكمة إلى الاعتراف بتحقيقات النيابة رغم أنه جاء غير مسبوق بإحاطة المتهمين بأركان الجريمة وعقوبتها ولم يقم المحقق باستجلاء كيفية الاعتراف الذي ورد بمحضر الضبط، ولم تقطع المحكمة على سبيل اليقين بأن الاعتراف الذي تم لمأمور الضبط القضائي غير متصل بالاعتراف أمام المحقق ولم تدلل سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار وأغفلت أثر ما تضمنته الأوراق من إبلاغ الطاعنة الثانية للطاعن الأول من أن زوجها قد علم بعلاقتهما غير المشروعة وتحذيرها له من ذلك، هذا إلى أن قرار إحالة الأوراق إلى المفتي لم يتضمن ما يفيد صدوره بإجماع الآراء، ولم تبين المحكمة مواعيد عرض الدعوى عليه، وقد تناقض الحكم عندما استبعد الاتفاق في مقام حديثه عن جريمة الاتفاق الجنائي بينما أثبت قيام هذا الاتفاق بصدد الاشتراك في جريمة القتل دون تنبيه، كما وأن المحكمة قد أخطأت بمعاقبة الطاعن بمواد الاشتراك في الجريمة مع تحصيلها أنه الفاعل الأصلي وبقضائها بالتعويض لشقيق المجني عليه دون بيان النصوص التي أعملتها وبغير تحديد لطبيعة هذا التعويض مادياً أو أدبياًً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن علاقة آثمة قد نشأت بين المتهمين في غياب زوج المتهمة الثانية الذي كان يعمل بالخارج وساعد على نشوء هذه العلاقة "أن المتهمة المذكورة كانت تباشر الزراعة في الأرض المجاورة لحقل ومزرعة الدواجن الخاصين بالمتهم الأول، وقد عكر صفو علاقتهما عودة الزوج منذ شهرين سابقين على ارتكاب الحادث فقررا التخلص منه ليصفوا لهما الجو ثانية خاصة وقد سرت الإشاعة في القرية بالعلاقة الآثمة بينهما ووصلت إلى علم الزوج الذي بدأ يسيء معاملة زوجته المتهمة الثانية، وظلت فكرة القتل تراودهما حتى قررا تنفيذها يوم..... والتقيا صباحاً واتفقا على أن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه أثناء وجوده في الحقل مساء، وحضرت في الموعد المتهمة الثانية لتشد من أزر المتهم الأول أثناء ارتكاب الجريمة وأطلق المتهم الأول عيارين ناريين على المجني عليه من طبنجة أعدها لذلك قاصداً قتله فأرداه قتيلاً في الحال وقام بوضع جثته في جوال وذهب لإحضار من يدعى...... الذي يعمل طرفه باليومية للتعاون على حمل الجوال الذي به الجثة على دابة سارا بها حتى ألقاها المتهم الأول في أحد المصارف، في الوقت الذي توجهت فيه المتهمة الثانية للإبلاغ عن غياب زوجها للتمويه، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من اعتراف المتهمين بالتحقيقات ومن أقوال....... الرائدين..... و....... وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا نعي عليها بمخالفة الحكم للثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الضابط بعد أن أجرى التحريات سأل المتهم عن التهمة دون أن يناقشه تفصيلاً في الأدلة القائمة فعلاً وأحاله بعد ذلك للنيابة العامة التي تتولى استجوابه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من أن مأمور الضبط القضائي قد استجوبه يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على إثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر هذا الظرف وأثبت قيامه في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإن انعقاد عزم المتهم الأول وتصميمه على قتل المجني عليه منذ أن عاد من الخارج ولمدة شهرين وثباته على هذه الفكرة بغير تحول عنها وبقاؤها حية في ذهنه طوال هذه المدة لدليل على توافر سبق الإصرار لديه فالمدة المشار إليها يتاح فيها عادة للروية أن تخاطب الشهوة ويصح للعقل أن يرد جماح الغضب وقد تهيأً للمتهم الأول لا شك خلالها من الهدوء النفسي والصفاء الفكري أتاحت له أن يتدبر عاقبة فعله بحيث يمكن القول أنه لم يرتكب جريمته إلا بعد ترو وتفكير ولا أدلة على ذلك من قيامه مسبقاً بإعداد السلاح المستخدم في الحادث واستدراجه للمجني عليه إلى مكان يعلم سلفاً بتواجده فيه واتفاقه مع المتهمة الثانية للحضور إلى مكان الحادث للمعاونة في إخفاء الجثة والتخلص من معالم تلك الجريمة البشعة" فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي وتعين منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه عن ثبوت جريمة الاشتراك في القتل في حق الطاعنة الثانية دون توافر جريمة الاتفاق الجنائي لا يعد من قبيل التناقض فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة فإن ما يثيره بشأن معاقبته شريكاً يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 5739 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 2 ص 18

جلسة 5 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر وحسن عميره نائبي رئيس المحكمة وصلاح البرجى ورشدي حسين.

--------------

(2)
الطعن رقم 5739 لسنة 58 القضائية

(1) رابطة السببية. حكم "بياناته. بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها". قتل خطأ. إصابة خطأ. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات "خبرة".
إغفال حكم الإدانة بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أدت إلى وفاة أحدهما. من واقع الدليل الفني وكذا عدم استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر. قصور.
(2) نقض "أثر الطعن". مسئولية مدنية. دعوى مدنية.
نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يوجب نقضه كذلك بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية. أساس ذلك؟

---------------
1 - لما كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن دلل على وقوع الحادث نتيجة اصطدام المجني عليهما بأحد أسلاك الكهرباء المنوط بالطاعن بحكم عمله الإشراف عليها، إلا أنه فيما انتهى إليه من إدانته لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أنها لحقت بهما من جراء التيار الكهربائي وأدت إلى وفاة أولهما وذلك من واقع الدليل الفني وهو "التقرير الطبي" مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر - الذي يتسع له وجه الطعن - ويتعين لذلك نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.
2 - لما كان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين الطاعن بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب خطأ في موت وإصابة شقيقه ...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح بأن أهمل في عمله وترك سلك الكهرباء ملقى على الأرض مدة طويلة فصعق الأول أثناء مروره بالطريق وأحدث الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي بالثاني وطلبت عقابه بالمادتين 238، 244/ 1، 2 من قانون العقوبات، وادعى والد المجني عليهما مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح الباجور قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه عما نُسب إليه وفي الدعوى المدنية بإلزامه والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن فيما بينهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، استأنف المحكوم عليه، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يورد في بيان كاف مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه وإن دلل على وقوع الحادث نتيجة اصطدام المجني عليهما بأحد أسلاك الكهرباء المنوط بالطاعن بحكم عمله الإشراف عليها، إلا أنه فيما انتهى إليه من إدانته لم يذكر شيئاً عن بيان الإصابات التي حدثت بالمجني عليهما ونوعها وكيف أنها لحقت بهما من جراء التيار الكهربائي وأدت إلى وفاة أولهما وذلك من واقع الدليل الفني وهو "التقرير الطبي" مما يعيب الحكم بالقصور في استظهار رابطة السببية بين الخطأ والضرر - الذي يتسع له وجه الطعن - ويتعين لذلك نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن. لما كان ما تقدم، وكان نقض الحكم بالنسبة إلى المتهم يقتضي نقضه بالنسبة إلى المسئول عن الحقوق المدنية لقيام مسئوليته عن التعويض على ثبوت الواقعة ذاتها التي دين الطاعن بها فإنه يتعين نقض الحكم بالنسبة إليهما معاً.

الطعن 5736 لسنة 58 ق جلسة 5 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 1 ص 5

جلسة 5 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

-----------------

(1)
الطعن رقم 5736 لسنة 58 القضائية

(1) سب وقذف. قانون "تفسيره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى. حد ذلك: أن لا يخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها.
(2) سب وقذف. قانون "تفسيره". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
تحري معنى اللفظ. تكييف قانوني. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(3) نقض "نظر الطعن والحكم فيه". "أثر الطعن". سب وقذف.
كون العبارات التي سطرها الطاعن لا تقع تحت نص المادة 302 عقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى. وجوب نقض الحكم وبراءة الطاعن.
وحدة الواقعة واتصال وجه الطعن بمحكوم عليه لم يقرر بالطعن. يوجب امتداد أثر نقض الحكم إليه.
(4) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". تعويض.
خضوع الدعوى المدنية المرفوعة أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية ما دام يوجد بها نصوص خاصة تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات. عدم وجود نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية. لا يحول دون إعمال القواعد العامة في قانون المرافعات. المادة 266 إجراءات.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "إصداره" "الطعن فيه" "إلغاؤه" "تعديله".
النطق بالحكم تخرج به الدعوى عن حوزة المحكمة. يمتنع معه عليها العدول عنه ولو كان باطلاً أو مبنياً على إجراء باطل. علة ذلك؟
(6) حكم "تصحيحه" "الطعن في الحكم". طعن.
الأصل أن إلغاء الحكم أو تعديله. بالطعن عليه بالطرق المقررة قانوناً.
سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ. مقصورة على الأخطاء المادية البحتة. كتابية أو حسابية. تجاوز هذا النطاق. جواز الطعن في قرار التصحيح بالطرق المقررة للطعن. المادة 191 مرافعات.
الأخطاء غير المادية. عدم جواز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم. أساس ذلك؟
الحالات التي يجوز فيها للمحكمة العدول عن حكمها؟ المواد 242 إجراءات و86 و99 و104 مرافعات و9 من قانون الإثبات.
(7) دعوى مدنية "تركها". محكمة مدنية. تعويض. نقض "حالات الطعن" الخطأ في القانون" "أثر الطعن".
للمدعي بالحقوق المدنية إذا ترك دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية أن يرفعها أمام المحاكم المدنية. ما لم يكن قد صرح بترك الحق. أساس ومؤدى ذلك؟
ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية. يعد إسقاطاً تتحقق آثاره بمجرد صدور الحكم به. عدم جواز عودته لتجديدها مرة أخرى أمام المحكمة الجنائية. حقه اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى. علة ذلك؟
(8) دعوى مدنية. تعويض. محكمة مدنية "اختصاصها". محكمة جنائية "اختصاصها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
اختصاص المحاكم المدنية أصلاً بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة. يجوز للمضرور رفعها أمام المحاكم الجنائية. استثناء.
سلوك المضرور الطريق الاستثنائي ثم عدوله عنه. أثره: عدم جواز العودة إليه مرة أخرى. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.

------------------
1 - من المقرر أنه إن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف، هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها.
2 - أن تحري الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.
3 - لما كانت العبارات التي سطرها الطاعن والمحكوم عليه الآخر حسبما جاءت بمدونات الحكم لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى الجنائية - عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن الأول...... والمحكوم عليه الآخر....... الذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية وذلك عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة.
4 - من المقرر وفقاً للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية أن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور، فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية، أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات.
5 - القواعد المقررة - طبقاً لأحكام قانون المرافعات - أنه يترتب على النطق بالحكم خروج الدعوى عن حوزة المحكمة اعتباراً بأن ولايتها القضائية على الدعوى تنتهي بصدور الحكم فيها ويمتنع عليها العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أم فرعية - كالحكم الصادر بإثبات ترك الخصومة - وسواء أنهت الخصومة أو لم تنهها، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أم باطلاً أم مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه.
6 - لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون واستثناء من هذا الأصل إذا شاب الحكم خطأ مادي بحت فقد ارتأى المشرع الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً لإجراءات خاصة نظمتها المادة 191 من قانون المرافعات التي نصت على أنه: "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليها في الفقرة السابقة بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال". ويتضح من المفهوم المخالف للنص القانوني سالف الإشارة أنه قاطع في أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، والقول بعكس ذلك فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع - كما أنه استثناء من هذا الأصل المقرر أباح الشارع للمحكمة العدول عن حكمها في أحوال معينة نص عليها على وجه الحصر - لمحكمة ارتآها في تلك الحالات - منها ما نصت عليه المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا حضر الخصم قبل انتهاء الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه في غيبته، وجب إعادة نظر الدعوى في حضوره" وما نصت عليه المادة 86 من قانون المرافعات من أنه: "إذا حضر الخصم الغائب قبل انتهاء الجلسة اعتبر كل حكم صدر عليه فيها كأن لم يكن" وما نصت عليه المادة 99 منه من حق المحكمة بتوقيع غرامة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن تنفيذ قرارات المحكمة ثم أجاز المشرع للمحكمة إقالة المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذراً مقبولاً، وما نصت عليه المادة 104 من ذات القانون على حق المحكمة في الحكم بعقوبات عينتها المادة على من يخل بنظام الجلسة وحقها إلى ما قبل انتهاء الجلسة في الرجوع عن الحكم، وما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من حق المحكمة في العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر.
7 - لما كان نص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك بمفهوم المخالفة، وأنه لا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية - بعد أن حكم في دعواه المدنية من المحكمة - بالترك - وما دام حكم الترك قائماً لم يلغ، على السياق المتقدم، وهو الحال في الدعوى الماثلة - أن يعود فيجدد الدعوى تلك من جديد أمام المحكمة الجنائية لأن هذا الترك منه يعد إسقاطاً تتحقق أثاره القانونية بمجرد صدور الحكم به ولا يملك المسقط العودة إلى ما أسقط حقه فيه باعتبار أن طبيعة الإسقاط تتأبى على الرجوع فيما تناوله من إسقاط، وكل ما له هو اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى.
8 - إن الأصل المقرر أن تختص المحاكم المدنية بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة، وأجاز المشرع للمضرور استثناء من ذلك الأصل أن يرفعها أمام المحكمة الجنائية ومن ثم فإنه إذا ما سلك الطريق الاستثنائي ثم عدل عنه مسقطاً حقه فيه فلا يجوز له العودة إليه مرة أخرى، لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاد من بعد إلى العدول عن قضائه السابق بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وأجاز لهما تجديد دعواهما المدنية المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية مرة ثانية، والقضاء من ثم بقبول الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية - وإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 18/ 3/ 1985 وتأييد الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 17/ 5/ 1982 القاضي بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر.....، عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ....... (الطاعن) 2 - ....... بأنهما: قذفا وسبا علناً المدعيين بالحقوق المدنية كتابة بأن حررا تقريراً أسندا فيه إليهما أموراً لو صحت لأوجبت احتقارهما عند أهل وطنهما، وطلب عقابهما بالمواد 171، 302، 303، 306، 308 من قانون العقوبات وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهمين بالتضامن مع...... بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بمبلغ (51 ج) على سبيل التعويض المؤقت، كما ادعى المتهم الثاني مدنياً قبل المجني عليهما بمبلغ (101 ج) على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح روض الفرج قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام (أولاً) برفض الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بعد الميعاد وقبولها. (ثانياً) تغريم كل متهم مبلغ عشرين جنيهاً وإلزامهما بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بصفته بدفع مبلغ (51 ج) للمدعيين بالحقوق المدنية على سبيل التعويض المؤقت. (ثالثاً) برفض الدعوى المدنية المقامة من المتهم الثاني ضد المدعيين بالحقوق المدنية، استأنف المحكوم عليهما والمسئول عن الحقوق المدنية، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً - عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه اعتبر العبارات التي أوردها محضر التحريات المنسوب إليه تحريره - قذفاً في حق المدعيين بالحقوق المدنية رغم أن دفاعه أمام درجتي التقاضي قام على أنه كان حسن النية ولم يقصد قذفاً، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه ورد عليه بما لا يصلح رداً، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه نشأ نزاع بين المدعيين بالحقوق المدنية وجار لهما، وتحرر عنه عديد من المحاضر، وقد قام المتهمان بوصفهما من ضباط الشرطة بتحرير تقريرين عن ذلك النزاع، أوردا بهما أن الذي أثار حفيظة الجار هو تردد مساعد الشرطة - المدعي بالحقوق المدنية الأول - على الثانية بمسكنها دون أن يتأكد اقترانه بها أو وكالته عنها وانتهيا إلى ضرورة توجيه النصح إلى المدعي بالحقوق المدنية الأول بالابتعاد عن مواطن الشبهات وأن المدعيين بالحقوق المدنية قدما أمام النيابة العامة وثيقة زواجهما في 10/ 11/ 1977، ثم انتهى الحكم المطعون فيه من ذلك إلى أن ما نسبه المتهمان إلى المدعيين بالحقوق المدنية - على خلاف الحقيقة - هي واقعة صحيحة لو صحت لأوجبت احتقارهما عند أهل وطنهما، الأمر الذي يعد مكوناً لجريمة القذف المنصوص عليها في المادتين 171، 302 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت المادة 302/ 1 من قانون العقوبات التي دين المتهمان بمقتضاها قد نصت على أن: "يعد قذفاً كل من أسند لغيره بواسطة إحدى الطرق المبينة بالمادة 171 من هذا القانون أموراً لو كانت صادقة لأوجبت عقاب من أسند إليه بالعقوبات المقررة لذلك قانوناً أو أوجبت احتقاره عند أهل وطنه". وكان من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف، هو بما يطمئن إليه قاضي الموضوع في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى، إلا أن حد ذلك أن لا يخطئ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها، كما أن تحري الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سباً أو قذفاً - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة. لما كان ذلك، وكان ما سطره الطاعن والمحكوم عليه الآخر على السياق الذي أورده الحكم فيما تقدم - ليس من شأنه - إن صح - أن يحط من قدر المدعيين بالحقوق المدنية أو يجعلهما محلاً للاحتقار أو الازدراء بين أهل وطنهما، أو يستوجب عقابهما أو خدشاً لشرفهما أو اعتبارهما ومن ثم فإن ما أسند إلى المتهمين لا جريمة فيه، وليس مما يعاقب عليه القانون وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه قد أخطأ في تأويل القانون، لما كان ما تقدم، وكانت العبارات التي سطرها الطاعن والمحكوم عليه الآخر حسبما جاءت بمدونات الحكم لا تقع تحت نص المادة 302 من قانون العقوبات ولا تشكل أي جريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى الجنائية - عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف وبراءة الطاعن الأول....... والمحكوم عليه الآخر...... الذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية وذلك عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة.
ثانياً - عن الطعن المقدم من المسئول عن الحقوق المدنية:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه المسئول عن الحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ ألزمه بالتضامن مع المتهمين فيما قضى به من تعويض للمدعيين بالحقوق المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن محكمة أول درجة قضت بجلسة 17/ 5/ 1982 بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية ثم عادت - بعد أن استنفذت ولايتها - إلى نظر الدعوى المدنية وألزمت المتهمين بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بالتعويض المدني المطلوب، وإذ أيد الحكم المطعون فيه قضاء أول درجة - في هذا الصدد - فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن المدعيين بالحقوق المدنية تخلفا عن الحضور بجلسة 2/ 5/ 1982 فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لجلسة 17/ 5/ 1982 وصرحت للمتهم الثاني بإعلان المدعيين بالحقوق المدنية باعتبارهما تاركين لدعواهما المدنية، وبجلسة 17/ 5/ 1982 قضت بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما وإلزامهما بمصروفات هذا الترك، وتأجيل نظر الدعوى بالنسبة للشق الجنائي، وبجلسة 21/ 3/ 1983 حضر محام عن المدعيين بالحقوق المدنية وقرر بأن حكم إثبات الترك صدر بالمخالفة لنص المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ لم يتم إعلانهما لشخصهما باعتبارهما تاركين لدعواهما المدنية ثم قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى وصرحت للمدعيين بالحقوق المدنية بإعلان المتهمين، وبجلسة 18/ 3/ 1985 قضت محكمة أول درجة بتغريم كل متهم مبلغ عشرين جنيهاً وإلزامهما بالتضامن مع المسئول عن الحقوق المدنية بصفته بدفع مبلغ (51 ج) للمدعيين بالحقوق المدنية، لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن المسئول عن الحقوق المدنية قدم مذكرة بدفاعه أمام محكمتي أول درجة وثاني درجة ضمنهما عدم جواز تجديد الدعوى المدنية بعد صدور حكم فيها بإثبات تركها، غير أن محكمة ثاني درجة قضت بجلسة 5/ 2/ 1986 بتأييد الحكم المستأنف، كما تبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، أنه أطرح ما أثاره المسئول عن الحقوق المدنية بصدد عدم جواز تجديد الدعوى المدنية بقوله: "إنه فيما يختص بالدعوى المدنية ومن أن المحكمة - بهيئة مغايرة - قد قضت بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية فإن المقرر أنه إذا ثبت أن المدعي المدني أعلن للحضور للجلسة في محله المختار ولم يعلن لشخصه فإنه لا يعتبر تاركاً لدعواه، وحيث إنه ومتى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدعيين بالحق المدني لم يعلنا بالترك لشخصيهما فمن ثم لا يعتبر عدم حضورهما الجلسة التالية بمثابة ترك منهما لدعواهما المدنية وقد عدلت المحكمة - بهيئة مغايرة - عن هذا القضاء وصرحت للمدعيين بالحضور وبإعلان المتهمين، ومن ثم يكون دفاع المتهمين تلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية أن يتبع في الفصل في الدعاوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة في القانون المذكور، فتخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي للقواعد الواردة في مجموعة الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في مجموعة الإجراءات نصوص خاصة بذلك تتعارض مع ما يقابلها في قانون المرافعات المدنية، أما إذا لم يوجد نص خاص في قانون الإجراءات الجنائية فليس هناك ما يمنع من إعمال القواعد العامة الواردة في قانون المرافعات، وإذ كانت القواعد المقررة - طبقاً لأحكام قانون المرافعات - أنه يترتب على النطق بالحكم خروج الدعوى عن حوزة المحكمة اعتباراً بأن ولايتها القضائية على الدعوى تنتهي بصدور الحكم فيها ويمتنع عليها العدول عما قضت به، ويعمل بهذه القاعدة بالنسبة لسائر الأحكام القطعية موضوعية كانت أم فرعية - كالحكم الصادر بإثبات ترك الخصومة - وسواء أنهت الخصومة أو لم تنهها، ويستوي أن يكون حكمها صحيحاً أم باطلاً أم مبنياً على إجراء باطل، ذلك لأن القاضي نفسه لا يسلط على قضائه ولا يملك تعديله أو إلغاءه، إذ لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون واستثناء من هذا الأصل إذا شاب الحكم خطأ مادي بحت فقد ارتأى المشرع الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً لإجراءات خاصة نظمتها المادة 191 من قانون المرافعات التي نصت على أنه: "تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال". ويتضح من المفهوم المخالف للنص القانوني سالف الإشارة أنه قاطع في أن الأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم، والقول بعكس ذلك فيه ابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع - كما أنه استثناء من هذا الأصل المقرر أباح الشارع للمحكمة العدول عن حكمها في أحوال معينة نص عليها على وجه الحصر - لحكمة ارتآها في تلك الحالات - منها ما نصت عليه المادة 242 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه: "إذا حضر الخصم قبل انتهاء الجلسة التي صدر فيها الحكم عليه في غيبته، وجب إعادة نظر الدعوى في حضوره" وما نصت عليه المادة 86 من قانون المرافعات من أنه: "إذا حضر الخصم الغائب قبل انتهاء الجلسة اعتبر كل حكم صدر عليه فيها كأن لم يكن" وما نصت عليه المادة 99 منه من حق المحكمة بتوقيع غرامة على من يتخلف من العاملين بها أو من الخصوم عن تنفيذ قرارات المحكمة ثم أجاز المشرع للمحكمة إقالة المحكوم عليه من الغرامة كلها أو بعضها إذا أبدى عذراً مقبولاً، وما نصت عليه المادة 104 من ذات القانون على حق المحكمة في الحكم بعقوبات عينتها المادة على من يخل بنظام الجلسة وحقها إلى ما قبل انتهاء الجلسة في الرجوع عن الحكم، وما نصت عليه المادة التاسعة من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 من حق المحكمة في العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر. متى كان ما تقدم، وكانت محكمة أول درجة بعد إذ قضت بجلسة 17/ 5/ 1982 بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، عادت في جلسة لاحقة وعدلت عن قضائها السابق ومضت في نظر الدعوى المدنية فإن حكمها يكون - في صدد هذه الدعوى معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه ما كان يجوز لها العدول عن ذلك القضاء بعد أن استنفذت ولايتها في هذا الخصوص، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أشار في مدوناته إلى أن المحكمة عقب قضاءها بإثبات الترك صرحت للمدعيين بالحقوق المدنية بالحضور وبإعلان المتهمين مما مفاده تجديد رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية بعد إذ سبق الحكم فيها - على السياق المتقدم - لما كان ذلك، وكان نص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه: "إذا ترك المدعي بالحقوق المدنية دعواه المرفوعة أمام المحاكم الجنائية، يجوز له أن يرفعها أمام المحاكم المدنية، ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى". ومفاد ذلك بمفهوم المخالفة، أنه لا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية - بعد أن حكم في دعواه المدنية من المحكمة - بالترك - وما دام حكم الترك قائماً لم يلغ، على السياق المتقدم، وهو الحال في الدعوى الماثلة - أن يعود فيجدد الدعوى تلك من جديد أمام المحكمة الجنائية لأن هذا الترك منه يعد إسقاطاً تتحقق أثاره القانونية بمجرد صدور الحكم به ولا يملك المسقط العودة إلى ما أسقط حقه فيه باعتبار أن طبيعة الإسقاط تتأبى على الرجوع فيما تناوله من إسقاط، وكل ما له هو اللجوء إلى المحكمة المدنية ما لم يكن قد صرح بترك الحق المرفوع به الدعوى، يؤكد ذلك أن الأصل المقرر أن تختص المحاكم المدنية بنظر دعوى التعويض الناشئة عن الجريمة، وأجاز المشرع للمضرور استثناء من ذلك الأصل أن يرفعها أمام المحكمة الجنائية ومن ثم فإنه إذا ما سلك الطريق الاستثنائي ثم عدل عنه مسقطاً حقه فيه فلا يجوز له العودة إليه مرة أخرى، لما كان ما تقدم، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عاد من بعد إلى العدول عن قضائه السابق بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وأجاز لهما تجديد دعواهما المدنية المرفوعة بطريق التبعية للدعوى الجنائية مرة ثانية، والقضاء من ثم بقبول الدعوى المدنية تبعاً للدعوى الجنائية المقامة، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه - فيما قضى به في الدعوى المدنية - وإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 18/ 3/ 1985 وتأييد الحكم الابتدائي الصادر بجلسة 17/ 5/ 1982 القاضي بإثبات ترك المدعيين بالحقوق المدنية لدعواهما المدنية، وذلك بالنسبة للطاعن والمحكوم عليه الآخر......، عملاً بنص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، وذلك لاتصال وجه الطعن به ووحدة الواقعة مع إلزام المطعون ضدهما (المدعيين بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية.

الخميس، 30 نوفمبر 2017

الجهة مختصة بنظر التظلم من قرار النائب العام بمنع السفر

القضية رقم 40 لسنة 27 ق " تنازع " جلسة 13 / 6 /2015
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من يونيو سنـة 2015م، الموافـق السادس والعشرين من شعبان سنة 1436 هـ .
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: أنور رشـاد العاصي والدكتور حنفي على جبالي والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليـا برقـم 40 لسنة 27 قضائية " تنازع " .
المقامة من
1 - السيد / هاني صلاح الدين حافظ
2 - السيدة / رفاه عدنان العقــاد
ضد
1 - السيد المستشار النائب العــام
2 - السيد المستشار وزير العــدل
الإجراءات
بتاريخ التاسع والعشرين من أكتوبر سنة 2005 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبين القضاء بتحديد الجهة القضائية المختصة بالفصل في النزاع الذى أقاماه طعنًا على قرار النائب العام بمنعهما من السفر، بعد أن تسلبت كل من جهتي القضاء العادي والإداري من نظره .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم بتعيين جهة القضاء العادي جهة مختصة بنظر النزاع .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا أصليًّا برأيها، وآخر تكميليًّا .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – فى أن النيابة العامة سبق أن تولت التحقيق مع المدعيين فيما نسب إلى الأول من حصوله على تسهيلات ائتمانية من أحد البنوك بلغت جملتها 20 مليون جنيه مصري، بضمانات غير كافية، بالتواطؤ مع المسئولين بالبنك، فضلاً عن قيامه بضمان شخص آخر للحصول على تسهيل ائتماني من بنك آخـر بضمانات غير كافية بلغت جملتها 15 مليون جنيه، وما نسب إلى المدعية الثانية من ضمانها المدعى الأول لدى تلك البنوك، وأثناء التحقيق أصدر النائب العام قرارًا بمنع المدعيين من السفر لمقتضيات التحقيق، فبادرا بالطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة بالدعوى رقم 593 لسنة 55 قضائية طالبين الحكم بصفة مستعجلة : وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه، وبجلسة 20/3/2001 قضت المحكمة برفض الشق العاجل من الدعوى، فطعن المدعيان على ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 6254 لسنة 47 قضائية، وبجلسة 28/2/2004 قضت بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة استئناف الإسكندرية للاختصاص، وبجلسة 29/11/2004 قضت محكمة جنايات الإسكندرية بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإذ تسلبت جهتا القضاء العادي والإداري من نظر تلك الدعوى، فقد أقام المدعيان دعواهما الماثلة طلبًا لتحديد جهة القضاء المختصة بنظرها .

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى التنازع على الاختصاص وفقًا للبند ثانيًا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها؛ وكان فض التنازع السلبى على الاختصاص يتوخى أن يكون لكل خصومة قضائية قاضي يمحص جوانبها إنهاءً للنزاع فى موضوعها، فلا يبقى معلقًا إلى غير حد بما يعرض للضياع الحقوق المدعى الإخلال بها، ويقوض الأغراض التي يتوخاها حق التقاضي باعتباره مدخلاً للفصل إنصافًا فى الحقوق المتنازع عليها، ضمانًا لتقديم الترضية القضائية التي تعود بها هذه الحقوق إلى أصحابها، ومن ثم فقد صار متعينًا أن ترد هذه المحكمة الخصومة القضائية المتسلب من نظرها، إلى جهة قضائية تكون قواعد الاختصاص الولائي التي رسمتها السلطة التشريعية فى مجال توزيعها لهذا الاختصاص بين جهات القضاء على اختلافها، قد أولتها دون غيرها سلطانًا مباشرًا عليها .
وحيث إن مقطع النزاع فى الدعوى الماثلة هو بيان التكييف القانوني للقرار الصادر من النائب العام بمنع المدعيين من السفر، وذلك بمناسبة وأثناء التحقيق الذى تجريه النيابة العامة معهما، وما إذا كان ذلك القرار يعد قرارًا إداريًّا مما يختص بنظر المنازعة فيه محاكم مجلس الدولة، أم أنه يُعد قرارًا قضائيًّا تختص جهة القضاء العادي دون غيرها بالفصل في المنازعات التي يثيرها .
وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن تعيين الجهة القضائية المختصة في أحوال تنازع الاختصاص – إيجابيًّا كان أم سلبيًّا – إنما يتم على ضوء القواعد التي حدد بها المشرع لكل جهة أو هيئة قضائية تخوم ولايتها .
وحيث إن المقرر أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها يتعين دائمًا أن يكون بمقتضى مشروع، وأن تقييدها دون مسوغ مشروع، إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها، ولقد احتفت الدساتير المصرية جميعها بالحقوق المتصلة بالحق فى التنقل فنصت على حظر إلزام المواطن بالإقامة فى مكان معين أو منعه من الإقامة فى جهة معينة، إلا فى الأحوال التي يبينها القانون، كما حظرت بإبعاد المواطن عن البلاد أو حرمانه من العودة إليها، وأكدت على حق المواطن فى الهجرة الدائمة أو الموقوتة . واعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور المعدّل الصادر فى يناير سنة 2014 لا يجوز منع مواطن من مغادرة الأراضي المصرية إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة وفى الأحوال التي يبينها القانون .
وحيث إن النيابة العامة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شعبة من السلطة القضائية، خصتها القوانين بصفتها الأمينة على الدعوى العمومية، بأعمال التحقيق فى الجنايات والجنح، وتحريك الدعوى الجنائية، ومباشرتها أمام المحاكم الجنائية، أو بالأمر بأ لا وجه لإقامتها، وأوجبت تمثيلها في تشكيل تلك المحاكم وإلا كان قضاؤها باطلاً .
وحيث إن إجراءات التحقيق التي تتولاها النيابة العامة بمناسبة ارتكاب جريمة جنائية تتميز بأنها ذات طبيعة قضائية، بها تتحرك الدعوى الجنائية، ويتحدد بمقتضاها التصرف فىهذه الدعوى، إما بإحالتها إلى المحكمة المختصة، أو بالأمر فيها بألا وجه لإقامتها، وكان القرار الصادر من النائب العام بمنع المتهمين من السفر – بمناسبة التحقيقات التي تجريها النيابة العامة معهم – يُعد إجراءً قضائيًّا من الإجراءات الجنائية التي تباشرها النيابة العامة باعتبارها سلطة ناط بها القانون مهمة التحقيق عند ارتكاب جريمة، وكانت الغاية من إصدار ذلك القرار، هو بقاء المتهم قريبًا من السلطة التى تباشر التحقيق والمحافظة على أدلة الاتهام، وهو بهذه المثابة يُعد عملاً من أعمال التحقيق التي تتسم بالطبيعة القضائية، ومن ثم تكون جهة القضاء العادي، وقد ناط بها المشرع اختصاص الفصل فى الدعاوى الجنائية، هى المختصة بنظر المنازعات التى تثور بشأن تلك القرارات، ذلك أن هذه القرارات وقد صدرت من النيابة العامة فى شأن منازعة جنائية، باعتبارها تتصل بجريمة من الجرائم التى تدخل في اختصاص جهة القضاء العادى، فإن هذه الجهة بحسبانها الجهة صاحبة الولاية العامة بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم - عدا ما تختص به محاكم مجلس الدولة – تكون هى المختصة بنظر الطعن على هذه القرارات .
وحيث إن ما تقدم يؤكده أن القرار الصادر من النائب العام بمنع المتهمين من السفر – كما هو الحال فى الدعوى الماثلة – إنما صدر بمناسبة تحقيقات تجريها النيابة العامة، والتي تنتهى بصدور قرار قضائى منها، إما بالأمر بألا وجه لإقامة الدعوى، أو بإحالتها إلى المحكمة الجنائية، بحسبانها المختصة بنظر الدعاوى الجنائية والتعقيب على القرارات والأوامر التى تصدرها النيابة العامة فى شأن التحقيقات الجنائية، وإذا كان مستقر هذه التحقيقات فى الحالتين إلى المحاكم الجنائية، فإن تلك المحاكم تكون هى المختصة بنظر المنازعات التى يثيرها ذلك القرار، إعمالاً لقاعدتين – أولاهما – أن المحكمة المختصة بالفصل فى أصل النزاع تكون هى المختصة بالتالي بنظر ما يتفرع عنه من منازعات، ثانيتهما – أن تحقيق العدالة يستوجب أن تكون المنازعة وما يتفرع عنها بيد جهة قضائية واحدة، جمعًا لأواصر تلك المنازعة، وحرصًا على عدم تقطيع أوصالها بين جهات قضائية مختلفة، إذ كان ما تقدم وكان القرار الصادر من النائب العام بمنع المدعيين من السفر قد صدر بمناسبة تحقيقات تجريها النيابة العامة معهما، ويتصل بجريمة من الجرائم الجنائية التى تدخل فى اختصاص جهة القضاء العادى، ومن ثم تكون تلك الجهة هى المختصة بنظر الطعن على ذلك القرار .
وحيث إنه لا ينال مما تقدم القول، بأن القرارات التى يصدرها النائب العام بمنع المتهمين من السفر بمناسبة التحقيق معهم، يعوزها السند القانوني الذى ينظم هذه القرارات ويحدد إجراءات الطعن عليها، ذلك أن تقاعس المشرع العادي عن إصدار تشريع ينظم إجراءات المنع من السفر والسلطة المختصة بتقريره والجهة التي تختص بنظر الطعن عليها، لا يغير من الطبيعة القضائية لتلك القرارات، ولا يسوغ بحال إسناد الفصل في المنازعات التي تثيرها تلك القرارات لمحاكم مجلس الدولة، والتى حددت الدساتير المصرية ابتداء بدستور 1971 وانتهاء بالدستور الحالي اختصاصه حصرًا فى المنازعات الإدارية باعتباره قاضيها الأصيل .
وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن مقتضى الحكم الصادر عنها بتعيين الجهة القضائية المختصة عملاً بالبند ثانيًا من نص المادة (25) من قانونها، استنهاض هذه الجهة لنظر النزاع الموضوعي من خلال إسباغ الولاية عليها من جديد، ولو كان حكمها بتسلبها من الاختصاص بنظره قد صار نهائيًّا، بما مؤداه التزامها بنظر الدعوى الموضوعية غير مقيدة بسبق قضائها بعدم الاختصاص .
فلهــــــــذه الأسبــــــــاب
حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء العادي محكمة جنايات الإسكندرية " جهة مختصة بنظر التظلم من قرار النائب العام الصادر بتاريخ 5/9/1999 بمنع سفر المدعيين في القضية المقيدة أمامها برقم 507 لسنة 1999 أموال عامة

أحكام الهيئة العامة الجنائية لمحكمة النقض المصرية مجمعة




-----------------
الطلب 1 لسنة 2023 جلسة 22 / 3 / 2023 مكتب فني 73 ق 2 ص 11 عدم وقف استئناف النيابة العامة على معارضة المتهم الجزئية + طلب النائب العام
الطلب 4 لسنة 2023 جلسة 18 / 10 / 2023 عدم اختصاص غرفة المشورة بالإحالة للهيئة العامة
------------------------

الطعن 2790 لسنة 89 ق جلسة 22 / 3 / 2022 مكتب فني 72 ق 1 ص 5 (حظر التشديد في التعويضات في الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات)
------------------------
الطعن 34 لسنة 2018 تعيين محكمة مختصة جلسة 25 / 6 / 2019 مكتب فني 68 ص 5  (صفة الموظف العام في النوادي الرياضية)
--------------------------
 الطعن 16995 لسنة 86 ق جلسة 6 / 9 / 2017 مكتب فني 65 ق 2 ص 11 (إعادة الحكم المنقوض)
الطعن 7703 لسنة 81 ق جلسة 21 / 3 / 2017 مكتب فني 65 ق 1 ص 5 (الطعن في حكم البراءة الغيابي)
--------------------
-------------------
الطعن 14203 لسنة 74 ق جلسة 19 /12/ 2012 مكتب فني 56 ص 5 (تنفيذ الأحكام الغيابية)
--------------
الطلب 1 لسنة 2010 ق جلسة 19/ 3/ 2012 مكتب فني 55 ق 2 ص 8 (الارتباط عند الحكم بالبراءة)
الطلب 2 لسنة 2010 ق جلسة 19/ 3/ 2012 مكتب فني 55 ق 3 ص 17 (سقوط الطعن لعدم التقدم للتنفيذ)
الطلب 3 لسنة 2010 ق جلسة 19/ 3/ 2012 مكتب فني 55 ق 4 ص 22 (الإحالة لأسباب حكم أول درجة)
الطلب 5 لسنة 2010 ق جلسة 19/ 3/ 2012 مكتب فني 55 ق 6 ص 33 (طلب النائب العام عرض الحكم على الهيئة العامة للنقض)
الطلب 1 لسنة 2011 ق جلسة 19/ 3/ 2012 مكتب فني 55 ق 7 ص 38 (عدم تمحيص الأوراق لا يعني مخالفة مبادئ النقض)
الطعن 57185 لسنة 73 ق جلسة 10/ 3/ 2009 مكتب فني 54 ق 1 ص 5 (اندماج الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن مع الحكم الغيابي الاستئنافي)
الطعن 43276 لسنة 77 ق جلسة 14/ 4/ 2009 مكتب فني 54 ق 2 ص 12 (فك الارتباط يوجب الفصل في الجريمة المرتبطة)
الطعن 48528 لسنة 76 ق جلسة 21/ 4/ 2009 مكتب فني 54 ق 3 ص 18 ( القانون الأصلح في التهريب الجمركي)
الطعن 37456 لسنة 77 ق جلسة 21/ 4/ 2009 مكتب فني 54 ق 4 ص 30 (الامتناع عن الرد لا يتحقق به جريمة خيانة الأمانة)
الطعن 4224 لسنة 70 ق جلسة 19/ 5/ 2009 مكتب فني 54 ق 5 ص 35 (تقادم التهرب الضريبي وتجنيح الجناية)
------------------
الطعن 49390 لسنة 75 ق جلسة 12 / 11 / 2006 مكتب فني 51 ق 1 ص 4 (الإحالة للمفتي في المرة الثانية)
الطعن 72594 لسنة 75 ق جلسة 12 / 11 / 2006 مكتب فني 51 ق 2 ص 11 (القصد الخاص والغيبوبة المانعة من المسئولية)
-------------
الطعن 9098 لسنة 64 ق جلسة 10/ 7 / 1999 مكتب فني 47 ص 5 (الشيك والقانون الأصلح)
--------------
الطعن 11573لسنة 60 ق جلسة 11 / 6 / 1997 مكتب فني 46 ق 2 ص 15 (البناء على جانبي الطرق العامة)
-----------
الطعن 11838 لسنة 60 ق جلسة 13 / 4 / 1997 مكتب فني 44 ص 5 (جرائم قوانين الإيجار الاستثنائية)
------------
الطعن 3172 لسنة 57 ق جلسة 24 / 2/ 1988 مكتب فني 39 ص 5 (ارتباط جلب المخدر بالتهريب الجمركي)
--------------
الطعن 868 لسنة 54 ق جلسة 29 / 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 1 ص 5 (تعويضات قوانين الضرائب والرسوم . عقوبة)
الطعن 459 لسنة 55 ق جلسة 28 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ق 2 ص 12 (عدول غرفة المشورة  عن مبدأ قانوني)
-------------
الطعن 8941 لسنة 50 ق جلسة 7 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ص 3 (الإعفاء في قانون الأسلحة والذخائر)
------------
الطعن 1015 لسنة 43 ق جلسة 21 / 1 / 1974 مكتب فني 25 الهيئتين مجتمعتين ق 1 ص 1 (خلو الحكم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب)
--------------
الطعن 1167 لسنة 35 ق جلسة 17 / 5 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 1 ص 415 (قيد الطلب في التهريب الجمركي )
الطعن 442 لسنة 36 ق جلسة 20/ 12/ 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 2 ص 881 (وقف تنفيذ العقوبة في جرائم التموين)
--------------
الطعن 1718 لسنة 34 ق جلسة 18/ 5/ 1965 مكتب فني 16 ق 1 ص 340 (خلو الحكم من تاريخ إصداره)
--------------
الطعن 1084 لسنة 32 ق جلسة 1 /1 /1963 مكتب فني 14 ق 1 ص 1 (تبديد الشيك، والحصول عليه بطريق النصب)
------------
الطعن 1 لسنة 31 جلسة 14 /2/ 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 1 ص 1 (عدم الاختصاص بدعاوى التعويض على أساس عقد التأمين)
الطعن 2 لسنة 31 جلسة 16 /5/ 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 2 ص 385 (ميعاد قبول عرض النيابة للقضايا المحكوم فيها بالإعدام)
-------------
الطعن 1 لسنة 30 ق جلسة 17/ 12/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 1 ص 643 (جواز التشديد في الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات)

الطعن 9 لسنة 30 جلسة 4/ 4/ 1961 مكتب فني 12 ج 2 نقابات ق 7 ص 401

جلسة 4 من أبريل سنة 1961
برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.
--------------
(7)
الطعن رقم 9 لسنة 30 "تظلم محامين"

نقض. 
التقرير بالطعن بالنقض. حق شخصي. التوكيل فيه. يلزم أن يكون توكيلا خاصا. لا يغنى عن ذلك التوكيل الصادر بالحضور والمرافعة.
---------------
الطعن بالنقض حق شخصي لمن صدر الحكم أو القرار ضده، يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته، وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه - ولما كان ذلك وكان الموكل لم يخول وكيله استعمال هذا الحق، نيابة عنه، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا للتقرير به من غير ذي صفة، ولا يغير من ذلك أن يكون التوكيل صادرا بالحضور والمرافعة نيابة عن الموكل لأن الطعن بالنقض لا يدخل في حدود هذه الوكالة.

الوقائع
تتلخص وقائع هذا التظلم فيما يقول به الطاعن من أن لجنة قبول المحامين قررت قيد اسمه بجدول المحامين المشتغلين تحت التمرين وكان قد قدم مسوغات القيد ومن بينها شهادة ثابت فيها أنه غير موظف بالحكومة ولا في إحدى الجمعيات أو الشركات... الخ ولم يسبق توظفه في أي جهة من الجهات المذكورة من قبل وموقع على هذه الشهادة من عضوين من أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة عين شمس، كما قدم إقرارا بهذا المعنى ثم ورد إلى اللجنة شكوى أشير فيها إلى أن المذكور يعمل مدرسا بوزارة التربية والتعليم منذ عام 1957 وانتدب للتدريس بالمملكة العربية السعودية وبعد عمل التحريات أفاد السيد الملحق الثقافي بالمراقبة العامة للبعثات التعليمية السعودية أنه يوجد بيانات المتعاقدين شخص باسم الطاعن معين بالمملكة العربية السعودية في العام الدراسي 1959 - 1960 فقررت اللجنة غيابيا اعتبار قيد الطالب المذكور كأن لم يكن وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة للتحقيق في شأن الإقرار المقدم منه وقد أخطر المذكور بهذا القرار فقرر بالمعارضة فيه المحامي عنه بتوكيل صادر له منه. فقررت لجنة قبول المحامين رفض المعارضة وتأييد القرار المعارض فيه، وأخطر وكيله بهذا القرار فطعن فيه المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن بطريق النقض... الخ.

المحكمة
من حيث أن الأستاذ . . . . . المحامي قرر بتاريخ 19 من مايو سنة 1960 - بصفته وكيلا عن السيد / . . . . بالطعن في القرار الصادر بتاريخ 10 من أبريل سنة 1960 من لجنة قبول المحامين برفض المعارضة المقدمة من هذا الأخير وتأييد القرار المعارض فيه، ويبين من الاطلاع على التوكيل الرسمي المقدم في الطعن أنه مقصور على تخويل الأستاذ. . . . . المحامي حق الحضور نيابة عن الموكل في المعارضة أمام لجنة قبول المحامين وأمام محكمة الاستئناف ومحكمة النقض ومجلس الدولة إذا دعت الحال فيما يختص بشطب اسم الموكل من جدول المحامين والمطالبة بإحالة اسمه من جدول المحامين المشتغلين إلى جدول غير المشتغلين، ولم يخوله التوكيل حق الطعن بطريق النقض نيابة عن الموكل، ولما كان الطعن بالنقض حقا شخصيا لمن صدر الحكم أو القرار ضده، يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته، وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، وكان الموكل لم يخول وكيله استعمال هذا الحق نيابة عنه فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا للتقرير به من غير ذي صفة، ولا يغير من ذلك أن يكون التوكيل صادرا بالحضور والمرافعة نيابة عن الموكل، لأن الطعن بالنقض لا يدخل في حدود هذه الوكالة.

الطعن 1 لسنة 31 جلسة 14 /2/ 1961 مكتب فني 12 ج 1 هيئة عامة ق 1 ص 1

المؤلفة من السيد مصطفى فاضل رئيس محكمة النقض رئيساً، وبحضور السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، والسادة: مصطفى كامل، واسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمود محمد مجاهد، والدكتور عثمان رمزي، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطيه إسماعيل، وعبد الحسيب عدي، وتوفيق أحمد الخشن المستشارين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أ - ج) دعوى مدنية
(أ) شرط اختصاص المحكمة الجزائية بنظر دعوى التعويض المدعى به أمامها : توافر رابطة السببية المباشرة بين الجريمة وبين الضرر. علة ذلك.
(ب) المدعى عليه في الدعوى المدنية . من هو المسئول عن الحقوق المدنية المشار إليه بنص المادة 142 عقوبات سوري ؟
هو المسئول عن عمل غيره بالمعنى الوارد بنص المادتين 174 و175 من القانون المدني السوري. شركة التأمين لا يصدق عليها هذا الوصف. التزامها مترتب على عقد التأمين - لا على الجريمة التي وقعت من المتهم. لا يجوز اختصام شركات التأمين أمام المحاكم الجزائية.
(ج) ما الذي عناه الشارع بالحق المباشر الوارد بنص المادة 137 من قانون السير السوري ؟
أن يكون للمضرور حق مقاضاة شركة التأمين بالمبلغ المؤمن به مباشرة أمام المحكمة المختصة - وهي المحكمة المدنية. ذلك لا يمس القاعدة المقررة بنص المادة 4 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – (*) إن القانون إذ أجاز بالمادتين 4 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، 142 من قانون العقوبات السوري - للمدعي بالحقوق المدنية أن يطالب بتعويض ما لحقه من ضرر عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية - إما عن طريق الدعوى العمومية التي تقيمها النيابة العامة على المتهم، أو بالتجائه مباشرة إلى المحاكم المذكورة مطالباً بالتعويض عن طريق تحريك الدعوى الجزائية، فإن هذه الإجازة إنما هي استثناء من أصلين مقررين - أولهما أن المطالبة بالحقوق المدنية محلها المحاكم المدنية، وثانيهما أن تحريك الدعوى الجزائية هو من شأن النيابة العامة - وهذا الاستثناء مبناه الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقام عليه كل منهما، ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجزائية وأن يكون موضوعها طلب التعويض الناشئ مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجزائية.
2 - (**) المادة 142 من قانون العقوبات السوري إنما قصدت بالمسئولين مدنياً - الأشخاص المسئولين قانوناً عن عمل غيرهم - وهم الذين تناولتهم المادتان 174 و175 من القانون المدني السوري وأساس مسئوليتهم ما افترضه القانون في حقهم من ضمان سوء اختيارهم لتابعيهم أو تقصيرهم في واجب الرقابة لهم أو لمن هم تحت رقابتهم بمقتضى القانون أو الاتفاق، وليست شركة التأمين من بين هؤلاء - ذلك بأن أساس مسئوليتها هو الالتزامات الناشئة عن عقد التأمين - فكل نزاع يقوم حول ذلك يتعلق بالمسئولية العقدية ومحله المحاكم المدنية.
3 - (***) المراد بنص المادة 137 من قانون السير الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1953 أن يكون للمضرور حق مقاضاة شركة التأمين بالمبلغ المؤمن به مباشرة أمام المحكمة المختصة - وهي المحكمة المدنية - دون اللجوء إلى استعمال حق مدينه في الرجوع عليها - وهو أمر لا يمس القاعدة المقررة بالمادة الرابعة من قانون أصول المحاكمات الجزائية - وهي قاعدة قد وردت على سبيل الاستثناء فيتعين عدم التوسع فيها وقصرها على الحالة التي يتوافر بها الشرط الذي قصد به المشرع أن يجعل الالتجاء إلى المحاكم الجزائية منوطاً بتوافره - وهو قيام السببية المباشرة بين الجريمة وبين الضرر، فمتى كان التعويض المطلوب يستند إلى عقد التأمين كان لا محل للقول باختصاص المحاكم الجزائية بنظره، ومتى تقرر ذلك، وكانت الدعوى المدنية قد اختصمت بها الشركة الطاعنة على أساس عقد التأمين وقضت المحكمة الجزائية باختصاصها بنظرها وفصلت فيها على مبدأ جرى به قضاء الدائرة الجزائية لمحكمة النقض بالإقليم الشمالي، فإن الهيئة العامة ترى العدول عنه والفصل في الدعوى وفقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 56 لسنة 1959، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الشركة الطاعنة بالتعويض، والقضاء بعدم اختصاص المحاكم الجزائية بنظر الدعوى المدنية قبلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهمين بجرم مخالفة قواعد السير وإيذاء الغير مما أدى إلى إصابة بعض الركاب بجروح مختلفة. وطلبت عقابهم بالمواد 12 و13 و16 و129 و137 من قانون السير الصادر سنة 1953 والمادتين 244 و551 من قانون العقوبات السوري. وأمام محكمة قاضي صلح النبك تقرر إدخال مالكي السيارات مسئولين بالمال - مدعى عليهم - كما تقرر إدخال كل من شركة التأمين العربية المحدودة بصفتها، وهي الشركة المؤمن لديها السيارة رقم 3298 وشركة الضمان السورية، وهي الشركة المؤمن لديها السيارتان 12294 و3109. وقد دفعت شركة الضمان السورية، بأنه لا يجوز إدخال شركة التأمين أمام القضاء الجزائي. والمحكمة المذكورة قضت 1- بحبس كل من المدعى عليهم شهرين.
2- وللأسباب المخففة التقديرية المبحوث عنها تقرر تنزيل الحبس إلى خمسة وعشرين يوما بالنسبة للمدعى عليهما الثاني والثالث وتنزيلها إلى عشرة أيام إلى المدعى عليه الأول 3- تحسب مدة التوقيف لكل من الموقوفين الثالث من تاريخ 23/4 إلى 17/5/1956 والأول من تاريخ 23/4 إلى 28/4/1956 والثاني من تاريخ 13/6 إلى 20/6/1956 من اصل مدة الحكم. 4- إلزام المدعى عليهم سائق السيارة 12294 ومالكها بالتكافل والتضامن مع شركة الضمان السورية وسائق السيارة رقم 3109 مع مالكيها بالتكافل والتضامن مع شركة التأمين نفسها وسائق السيارة رقم 3298 مع مالكيها بالتكافل والتضامن مع شركة التأمين العربية المحدودة بأن يؤدوا الأضرار المبحوث عنها البالغة ثلاثة عشر ألفا ومائة ليرة سورية منها 45 % على عاتق مالكي السيارة 12294 وسائقها وشركة التأمين المختصة بالتكافل والتضامن ومثلها على عاتق مالكي السيارة 3109 وسائقها ومالكيها وشركة التأمين المختصة بالتكافل والتضامن أيضا و10% على عاتق مالكي السيارة 3298 وسائقها وشركة التأمين المختصة بالتكافل والتضامن والمذكورة جميع أسماؤهم في هذا القرار تدفع إلى المدعين الشخصيين وفقا لما هو مبين ذيلا على أن يجري التقاضي بما حكم لكل من مالكي السيارتين 3109 و12294 والسائق. 1000 فقط ألف ليرة سورية للمدعي الشخصي ... 3000 فقط ثلاثة آلاف ليرة سورية للمدعي الشخصي ... 900 فقط تسعمائة ليرة سورية للمدعي الشخصي ... 1600 فقط ألف وستمائة ليرة سورية للمدعي الشخصي ... 400 فقط أربعمائة ليرة سورية للمدعية الشخصية ... 3700 فقط ثلاثة آلاف وسبعمائة ليرة سورية للمدعي الشخصي ... 2500 فقط ألفين وخمسمائة ليرة سورية للمدعيين الشخصيين ... و... 5- عدم البحث بأضرار الجريح ... لعدم مطالبته بها 6- تثبيت الحجوز الواقعة علي السيارات 3298 و3109 و12294 حتى تسديد المبالغ المحكوم بها مع الرسوم والمصاريف. 7- تضمين المدعى عليهم بالتكافل الرسم سبع ليرات سورية ونصف بالتساوي بينهم. 8- تضمين المدعى عليهم جميعا مبلغ الرسوم المدنية البالغة ثلاثمائة وتسعون ليرة سورية والمصاريف البالغة ستة وثمانين ليرة سورية وعشرين قرشا سوريا المصروفة من نفقات الجرائم العامة لقاء تعويض القاضي والمساعد وأجرة السيارة وأجور الخبراء. قرارا وجاهيا بحق المتهمين وشركة التأمين العربية المحدودة وشركة الضمان السورية وغيابيا بمثابة الوجوهية بحق ... و... و... و... قابلا للاستئناف، وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها علي الدفع الذي أثارته شركة الضمان السورية قائلة بأن إجراء التأمين على السيارات العامة من المستوجبات القانونية وأنه ثابت قبل الشركة بإقرارها الخطي. استأنفت شركة الضمان السورية هذا الحكم كما استأنفه المتهمون وقضي من محكمة استئناف الجزاء بدمشق وجاهيا قابلا للتمييز بالأكثرية ما يلي: 1- فسخ القرار المستأنف من جهة العقوبة عن المستأنفين المحكومين للعفو رقم 3. 2- تصديق القرار المستأنف من جهة تقدير الأضرار البالغة 13100 ليرة سورية كل حسب ضرره المقدر . 3- إلزام المدعى عليهم ... و... وشركة الضمان بأن يؤدوا 60 % من كامل الأضرار متضامنين . 4- إلزام المدعى عليهم ... و... و... وشركة الضمان السورية بأن يؤدوا متضامنين 40% من كامل الأضرار على أن يجري التقاص بما حكم لكل من مالكي السيارتين 3109 و12294 والسائق ... وعلى أن تدفع للمدعيين الشخصيين كما هو مبين أدناه: 1000 ألف ليرة سورية لـ ... 3000 ثلاثة آلاف ليرة سورية لـ ... 900 تسعمائة ليرة سورية لـ ... 1600 ألف وستمائة ليرة سورية لـ ... 400 أربعمائة ليرة سورية لـ ... 3700 ثلاثة آلاف وسبعمائة ليرة سورية لـ ... 2500 ألفين وخمسمائة ليرة سورية لـ ... ولـ ... فيكون المجموع 13100 ثلاثة عشر ألفا ومائة ليرة سورية . 5- رد الدعوى على سائق ومالكي السيارة 3298. 6- تثبيت الحجز على السيارتين 12294، 3109 حتى تسديد المبالغ المحكوم بها مع الرسوم ورفعه عن السيارة 3298. 7- إعادة التأمين إلى المستأنفين.
فطعن الوكيل عن رئيس مجلس إدارة شركة الضمان السورية في هذا الحكم بطريق النقض ..الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 الهيئة
من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه خالف قواعد الاختصاص إذ قضى بالتعويض قبلها بوصفها مؤمنا لديها من مالكي السيارتين المحكوم عليهم بالتعويض مع أنه لا يصح قبول الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية إلا قبل المتهمين بمقارفة الجريمة الناشئ عنها الضرر والمسئولين عنهم مدنيا. وهذا النعي صحيح ذلك بأن القانون إذ أجاز بالمادتين 4 من أصول المحاكمات الجزائية و142 من قانون العقوبات السوري للمدعي بالحقوق المدنية أن يطالب بتعويض ما لحقه من ضرر عن الجريمة أمام المحاكم الجزائية إما عن طريق الدعوى العمومية التي تقيمها النيابة العامة على المتهم أو بالتجائه مباشرة إلى المحاكم المذكورة مطالبا بالتعويض عن طريق تحريك الدعوى الجزائية ، فإن هذه الإجازة إنما هي استثناء من أصلين مقررين - أولهما أن المطالبة بالحقوق المدنية محلها المحاكم المدنية ، وثانيهما أن تحريك الدعوى الجزائية هو من شأن النيابة العامة ، وهذا الاستثناء مبناه الارتباط بين الدعويين ووحدة السبب الذي تقام عليه كل منهما ، ومشروط فيه ألا تنظر الدعوى المدنية إلا بالتبعية للدعوى الجنائية ، وأن يكون موضوعها طلب التعويض الناشئ مباشرة عن الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجزائية. ومتى تقرر أن ممارسة هذا الحق مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون في الحدود التي رسمها القانون ، لما كان ذلك وكانت المادة 142 من قانون العقوبات السوري إذ نصت على أنه يدعي المسئولون مدنيا إلى المحاكمة ويلزمون متضامنين مع فاعل الجريمة - إنما قصدت بالمسئولين مدنيا الأشخاص المسئولين قانونا عن عمل غيرهم ، وهم الذين تناولتهم المادتان 174 و175 من القانون المدني السوري ، وأساس مسئوليتهم ما افترضه القانون في حقهم من ضمان سوء اختيارهم لتابعيهم أو تقصيرهم في واجب الرقابة لهم أو لمن هم تحت رقابتهم بمقتضى القانون أو الاتفاق ، وليست شركة التأمين الطاعنة من بين هؤلاء - ذلك بأن أساس مسؤوليتها هو الالتزامات الناشئة عن عقد التأمين ، فكل نزاع يقوم حول ذلك يتعلق بالمسئولية العقدية ، ومحله المحاكم المدنية - ولا يرد على ذلك بأن المادة 137 من قانون السير الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1953 قد نصت على أن للمضرور على شركة التأمين حقا مباشرا ، لأن المراد بهذا النص أن يكون للمضرور حق مقاضاة شركة التأمين بالمبلغ المؤمن به مباشرة أمام المحكمة المختصة - وهي المحكمة المدنية دون اللجوء إلى استعمال حق مدينه في الرجوع عليها ، وهو أمر لا يمس القاعدة المقررة بالمادة 4 من قانون أصول المحاكمات الجزائية من أنه يحق لكل متضرر إقامة دعوى الحق الشخصي بالتعويض عن الضرر الناتج من الجرائم - فهي قاعدة قد وردت كما سبق القول على سبيل الاستثناء فيتعين عدم التوسع فيها وقصرها على الحالة التي يتوافر بها الشرط الذي قصد به المشرع أن يجعل الالتجاء إلى المحاكم الجزائية منوطا بتوافره - وهو قيام السببية المباشرة بين الجريمة وبين الضرر - فمتى كان التعويض المطلوب يستند إلى عقد التأمين كان لا محل للقول باختصاص المحاكم الجزائية بنظره. لما كان ما تقدم ، وكانت الدعوى المدنية قد اختصمت بها شركة الضمان السوري على أساس عقد التأمين وقضت المحكمة الجزائية باختصاصها بنظرها وفصلت فيها على مبدأ جرى به قضاء الدائرة الجزائية لمحكمة النقض بالإقليم الشمالي ، فإن الهيئة العامة ترى بالأغلبية المنصوص عنها في المادة 4 من القانون رقم 56 سنة 1959 العدول عنه للأسباب المتقدمة والفصل في الدعوى وفقا للمادة المذكورة ، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا فيما قضى به من إلزام شركة الضمان السورية الطاعنة بالتعويض والقضاء بعدم اختصاص المحاكم الجزائية بنظر الدعوى المدنية قبلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




(*) مبدأ استقر عليه في قضاء المحكمة العليا بالإقليم الجنوبي . راجع على سبيل المثال الأحكام الصادرة في الطعون 1448/23 ق جلسة 25/5/1954 قاعدة 235 مج الأحكام س 5 ص 703 و1104/25 ق جلسة 16/1/1956 ق 19 مج الأحكام س 7 ص 49 و809/26 ق جلسة 25/12/1956 ق 359 مج الأحكام س 7 ص 1305 و29/27 ق جلسة 26/3/1957 قاعدة 83 س 8 289 و219/29 ق جلسة 31/3/1959 ق 88 س 10 ص 398 . والمادة الرابعة من قانون أصول المحاكمات الجزائية تقابل المادة 251/1 من قانون الإجراءات الجنائية المصري .
(**) راجع على سبيل المثال الحكم في الطعن 646/19 ق – جلسة 13/6/1949 الفهرس الخمس والعشريني ج 2 بند 20 ص 602 ، والطعن 1972/30 ق جلسة 21/2/1961 . والمادة 142 من قانون العقوبات السوري تقابل المادة 253/2 من قانون الإجراءات الجنائية المصري – ويلاحظ أن الفقرة الأخيرة من هذه المادة لم تأت بجديد . والمادة 174 و175 من القانون المدني السوري تقابل المادة 173 و174 من القانون المدني المصري .
(***) المادة الخامسة من القانون 652 لسنة 1955 بشأن " التأمين الإجباري على المسئولية الناشئة عن حوادث السيارات " في الإقليم الجنوبي – تقابل المادة 137 من قانون السير السوري .
ملحوظة : بالنسبة للمبدأ السابق الذي جرى به قضاء الدائرة الجزائية لمحكمة النقض بالإقليم الشمالي – راجع القرار رقم 18 جنح بتاريخ 21/1/1957 مجلة القانون – س 8 ص 350 ، 230 جنح بتاريخ 10/4/1960 – المجلة المذكورة – السنة 11 ص 327 .