جلسة 9 من يناير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حمدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نجاح نصار ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ
---------------
(3)
الطعن رقم 6174 لسنة 58 القضائية
(1) إعدام. نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام. غير لازم. علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحق المخول لمأموري الضبط القضائي بمقتضى المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية. نطاقه؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استجواب. مأمورو الضبط القضائي.
الاستجواب المحظور. ماهيته؟
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيمة الاعتراف واستقلاله عن الإجراء الباطل. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". نيابة عامة.
النعي على النيابة بأنها لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قتل عمد. سبق إصرار.
سبق الإصرار تقدير توفره. موضوعي.
(8) إعدام "الحكم بالإعدام". إجراءات "إجراءات الحكم بالإعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب أخذ رأي المفتي قبل الحكم بالإعدام. المادة 381 إجراءات. لا يوجب على المحكمة أن يكون قد صدر بإجماع قضاتها. ولا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي.
(9) حكم "بطلان الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
(10) دعوى مدنية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. ضرر.
إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من الطاعن كفايته للإحاطة بأركان المسئولية المدنية. وللقضاء بالتعويض. عدم بيان الحكم من بعد. الضرر بنوعيه. لا يعيبه.
عدم التزام المحكمة ببيان مدى الضرر الذي قدر التعويض على أساسه. علة ذلك؟
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". عقوبة. إعدام. قتل عمد.
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
2 - لما كانت المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً وعملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف.
5 - من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على أثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس.
6 - من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها.
7 - من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
8 - من المقرر أنه وإن كانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
9 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
10 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان البين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة بعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما - أولاً: المتهمان (1) تدخلا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجناية المبينة بالوصف بالبند (2) بأن اتحدت إرادتهما على قتل....... عمداً مع سبق الإصرار وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق (2) قتلا...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد المتهم الأول سلاحاً نارياً "مسدس" وما أن ظفر به حتى أطلق عليه الأول عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ثانياً: المتهم الأول أيضاً ( أ ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "مسدس" (ب) أحرز ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها، وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى...... شقيق المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بالتضامن بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات شبين الكوم قررت إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها بالنسبة للمتهم الأول...... وحددت جلسة...... للنطق بالحكم، وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً بإجماع الآراء وعملاً بالمواد 40، 41، 230، 231 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1/، 6، 26/ 2، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة...... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة....... بالأشغال الشاقة المؤبدة وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إلى...... مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن التهمتين المسندتين إلى المتهم الأول هي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر وأن التهمة المسندة للمتهمة الثانية هي الاشتراك مع المتهم في ارتكاب جناية القتل العمد مع سبق الإصرار. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية مشفوعة بمذكرة برأيها.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن الأول دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان تجاوز - هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي التي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن المحكوم عليها الثانية وإن قررت بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز سلاح ناري وذخائر بغير ترخيص قد شابه البطلان والخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عولت على القبض الباطل الذي أجراه مأمور الضبط القضائي دون أن يكون مخولاً في إجرائه من النيابة العامة التي اتصلت بالدعوى في..... وما ترتب على هذا القبض من استجواب - للمتهمين قام به مأمور الضبط القضائي وكان من جرائه صدور الاعتراف في محضر الشرطة وتحقيق النيابة بغير فاصل زمني بينهما على خلاف ما أثبته الحكم، وعولت المحكمة على اعتراف الطاعنة الثانية مع أنها أنكرت ارتكابها الجريمة وما جاء على لسانها كان وليد الغش من مأمور الضبط القضائي الذي أوهمها أن في اعترافها ما يدرأ عنها الاتهام، وتساندت المحكمة إلى الاعتراف بتحقيقات النيابة رغم أنه جاء غير مسبوق بإحاطة المتهمين بأركان الجريمة وعقوبتها ولم يقم المحقق باستجلاء كيفية الاعتراف الذي ورد بمحضر الضبط، ولم تقطع المحكمة على سبيل اليقين بأن الاعتراف الذي تم لمأمور الضبط القضائي غير متصل بالاعتراف أمام المحقق ولم تدلل سائغاً على توافر ظرف سبق الإصرار وأغفلت أثر ما تضمنته الأوراق من إبلاغ الطاعنة الثانية للطاعن الأول من أن زوجها قد علم بعلاقتهما غير المشروعة وتحذيرها له من ذلك، هذا إلى أن قرار إحالة الأوراق إلى المفتي لم يتضمن ما يفيد صدوره بإجماع الآراء، ولم تبين المحكمة مواعيد عرض الدعوى عليه، وقد تناقض الحكم عندما استبعد الاتفاق في مقام حديثه عن جريمة الاتفاق الجنائي بينما أثبت قيام هذا الاتفاق بصدد الاشتراك في جريمة القتل دون تنبيه، كما وأن المحكمة قد أخطأت بمعاقبة الطاعن بمواد الاشتراك في الجريمة مع تحصيلها أنه الفاعل الأصلي وبقضائها بالتعويض لشقيق المجني عليه دون بيان النصوص التي أعملتها وبغير تحديد لطبيعة هذا التعويض مادياً أو أدبياًً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن علاقة آثمة قد نشأت بين المتهمين في غياب زوج المتهمة الثانية الذي كان يعمل بالخارج وساعد على نشوء هذه العلاقة "أن المتهمة المذكورة كانت تباشر الزراعة في الأرض المجاورة لحقل ومزرعة الدواجن الخاصين بالمتهم الأول، وقد عكر صفو علاقتهما عودة الزوج منذ شهرين سابقين على ارتكاب الحادث فقررا التخلص منه ليصفوا لهما الجو ثانية خاصة وقد سرت الإشاعة في القرية بالعلاقة الآثمة بينهما ووصلت إلى علم الزوج الذي بدأ يسيء معاملة زوجته المتهمة الثانية، وظلت فكرة القتل تراودهما حتى قررا تنفيذها يوم..... والتقيا صباحاً واتفقا على أن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه أثناء وجوده في الحقل مساء، وحضرت في الموعد المتهمة الثانية لتشد من أزر المتهم الأول أثناء ارتكاب الجريمة وأطلق المتهم الأول عيارين ناريين على المجني عليه من طبنجة أعدها لذلك قاصداً قتله فأرداه قتيلاً في الحال وقام بوضع جثته في جوال وذهب لإحضار من يدعى...... الذي يعمل طرفه باليومية للتعاون على حمل الجوال الذي به الجثة على دابة سارا بها حتى ألقاها المتهم الأول في أحد المصارف، في الوقت الذي توجهت فيه المتهمة الثانية للإبلاغ عن غياب زوجها للتمويه، وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من اعتراف المتهمين بالتحقيقات ومن أقوال....... الرائدين..... و....... وتقرير الصفة التشريحية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا نعي عليها بمخالفة الحكم للثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات - التي كلفته النيابة العامة بها على ما يبين من المفردات - لا يعتبر بمجرده تعرضاً مادياً فيه مساس بحريته الشخصية فإن ما يثيره الطاعن بصدد ذلك عن بطلان القبض يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاستجواب الذي حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها إن كان منكراً أو يعترف بها إن شاء الاعتراف وكان البين من مطالعة المفردات المضمومة أن الضابط بعد أن أجرى التحريات سأل المتهم عن التهمة دون أن يناقشه تفصيلاً في الأدلة القائمة فعلاً وأحاله بعد ذلك للنيابة العامة التي تتولى استجوابه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من أن مأمور الضبط القضائي قد استجوبه يكون غير مقبول، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير قيمة الاعتراف الذي يصدر من المتهم على إثر إجراء باطل وتحديد مدى صلة هذا الاعتراف بهذا الإجراء وما ينتج عنه من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال قد صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء جاز لها الأخذ بها. وإذ كانت المحكمة قد قدرت في حدود سلطتها التقديرية أن اعتراف المتهمين أمام النيابة كان دليلاً مستقلاً عن الإجراءات السابقة عليه ومنبت الصلة بها واطمأنت إلى صحته وسلامته فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلتها في ذلك ويضحى ما يثيره الطاعن بصدد بطلان الاعتراف على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم فإن ما ينعاه من أن النيابة لم تواجه المتهم بالتهمة وعقوبتها يكون في غير محله هذا فضلاً عما هو ثابت من المفردات من أن المحقق قد أحاط الطاعن بالتهمة المنسوبة إليه وبعقوبتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر هذا الظرف وأثبت قيامه في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإن انعقاد عزم المتهم الأول وتصميمه على قتل المجني عليه منذ أن عاد من الخارج ولمدة شهرين وثباته على هذه الفكرة بغير تحول عنها وبقاؤها حية في ذهنه طوال هذه المدة لدليل على توافر سبق الإصرار لديه فالمدة المشار إليها يتاح فيها عادة للروية أن تخاطب الشهوة ويصح للعقل أن يرد جماح الغضب وقد تهيأً للمتهم الأول لا شك خلالها من الهدوء النفسي والصفاء الفكري أتاحت له أن يتدبر عاقبة فعله بحيث يمكن القول أنه لم يرتكب جريمته إلا بعد ترو وتفكير ولا أدلة على ذلك من قيامه مسبقاً بإعداد السلاح المستخدم في الحادث واستدراجه للمجني عليه إلى مكان يعلم سلفاً بتواجده فيه واتفاقه مع المتهمة الثانية للحضور إلى مكان الحادث للمعاونة في إخفاء الجثة والتخلص من معالم تلك الجريمة البشعة" فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس، لما كان ذلك، وكانت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت ألا يصدر الحكم بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضاء المحكمة وأن تأخذ رأي مفتي الجمهورية فلم تستوجب أن يكون أخذ رأي المفتي قد صدر بإجماع آراء قضاتها هذا إلى أن الحكم وقد أثبت أنه تم استطلاع رأي المفتي قبل إصداره فلا أهمية لإثبات أن ميعاد العشرة أيام المقررة لإبداء رأيه قد روعي وتعين منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه عن ثبوت جريمة الاشتراك في القتل في حق الطاعنة الثانية دون توافر جريمة الاتفاق الجنائي لا يعد من قبيل التناقض فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة فإن ما يثيره بشأن معاقبته شريكاً يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله ولا يعيب الحكم عدم بيان الضرر بنوعيه المادي والأدبي ذلك بأن في إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه ما يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية ويوجب بمقتضاه الحكم على مقارفه بالتعويض وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن للجريمة التي دانه بها وهي الفعل الضار الذي ألزمه بالتعويض على مقتضاه فلا تثريب على الحكم من بعد إن هو لم يبين مدى الضرر الذي قدر التعويض المحكوم به على أساسه إذ الأمر في ذلك متروك لتقديره بغير معقب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ما تقدم، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - وجاء خلواً من حالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وقد صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.