الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 فبراير 2015

الطعن 16553 لسنة 67 ق جلسة 19 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 103 ص 446

جلسة 19 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.

----------------

(103)
الطعن رقم 16553 لسنة 67 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". إجراءات "إجراءات التحقيق". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(5) مأمورو الضبط القضائي. استيقاف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمأمور الضبط القضائي إيقاف السيارات المعدة للإيجار بقصد مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح أو البحث عن مرتكبي الجرائم. إثارة الطاعن بطلان الاستيقاف لانتفاء مبرراته. دفاع قانوني ظاهر البطلان. التفات الحكم عنه. لا يعيبه.
(6) تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
تقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها. لرجل الضبط القضائي تحت رقابة محكمة الموضوع.
مثال لتوافر حالة التلبس.

-----------------
1 - لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه عدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولم يجادل الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق.
3 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة العامة لقعودها عن الاستعلام عن المحاضر التي حررها الضابط له، بيد أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه.
5 - من المقرر أن من حق مأمور الضبط القضائي إيقاف السيارة المعدة للإيجار حال سيرها في الطريق العام بقصد مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح في شأنها واتخاذ إجراءات التحري للبحث عن مرتكبي الجرائم في دائرة اختصاصه، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان استيقاف الضابط للسيارة لانتفاء مبرراته لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه.
6 - لما كان التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها، ومتى قامت، صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بالجريمة سواء كان فاعلاً أم شريكاً، وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة محكمة الموضوع، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقم بضبط لفافة النبات المخدر التي كان يخبئها الطاعن خلف ظهره على مقعد القيادة، والتي بانت له بعد أن أنزله من السيارة لقيادته لها بغير رخصة تسيير أو قيادة، إلا عندما تحقق من اتصاله بجريمة حيازة المحكوم عليه الآخر النبات المخدر المتلبس بها، لوجوده مع الأخير في سيارة واحدة والذي كان يضع عند قدميه لفافة من البلاستك يظهر منها نبات الحشيش المخدر حال جلوسه بجواره، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير سند من القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما حازا بقصد الاتجار نباتاً ممنوعة زراعته "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه لكل منهما وبمصادرة السيارة رقم..... نقل جيزة والنبات المخدر المضبوط باعتبار أن حيازة المخدر مجردة من القصود.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه، مما يتعين معه عدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثاني قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة نبات مخدر بغير قصد من القصود قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أغفل دفاعه القائم على عدم معقولية تصوير الضابط للواقعة، وانفراده بالشهادة، وقعود النيابة عن الاستعلام عن المحاضر التي حررها للطاعن، هذا إلى أنه دفع ببطلان استيقاف الضابط للسيارة لانتفاء مبرراته وببطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس، إلا أن الحكم أطرح هذين الدفعين بما لا يسوغ إطراحهما، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولم يجادل الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق. وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى تلك المحكمة تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة العامة لقعودها عن الاستعلام عن المحاضر التي حررها الضابط له، بيد أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حق مأمور الضبط القضائي إيقاف السيارة المعدة للإيجار كما هو الحال في الدعوى الراهنة حال سيرها في الطريق العام بقصد مراقبة تنفيذ القوانين واللوائح في شأنها أو اتخاذ إجراءات التحري للبحث عن مرتكبي الجرائم في دائرة اختصاصه، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان استيقاف الضابط للسيارة لانتفاء مبرراته لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان، ولا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها بصرف النظر عن شخص مرتكبها، ومتى قامت صحت إجراءات القبض والتفتيش في حق كل من له اتصال بالجريمة سواء كان فاعلاً أم شريكاً، وتقدير الدلائل على صلة المتهم بالجريمة المتلبس بها ومبلغ كفايتها يكون بداءة لرجل الضبط القضائي تحت رقابة محكمة الموضوع، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقم بضبط لفافة النبات المخدر التي كان يخبئها الطاعن خلف ظهره على مقعد القيادة، والتي بانت له بعد أن أزله من السيارة لقيادته لها بغير رخصة تسيير أو قياده، إلا عندما تحقق من اتصاله بجريمة حيازة المحكوم عليه الآخر النبات المخدر المتلبس بها، لوجوده مع الأخير في سيارة واحدة والذي كان يضع عند قدميه لفافة من البلاستك يظهر منها نبات الحشيش المخدر حال جلوسه بجواره، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير سند من القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الخميس، 5 فبراير 2015

الطعن 27460 لسنة 63 ق جلسة 20 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 104 ص 450

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ مجدي منتصر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله وفتحي حجاب وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

----------------

(104)
الطعن رقم 27460 لسنة 63 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. قانون "سريانه من حيث الزمان" "القانون الأصلح". عقوبة "تطبيقها".
القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه. مؤدى ذلك: وجوب تطبيق المادة 337 من قانون العقوبات حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع عقوبة الغرامة. أساس ذلك؟
(2) محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض نقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى.
(3) عقوبة "تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق. موضوعي.

-----------------
1 - لما كان قد صدر القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة بعد الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى حكم بات ونشر في الجريدة الرسمية في 17 مايو سنة 1999 ونص في الفقرة الأولى من المادة 534 منه على أنه "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية: ( أ ) إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للسحب.....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس، بحسبان أن هذا الأمر ينشئ مركزاً قانونياً أصلح للمتهم ومن ثم تعد في هذا الصدد قانوناً أصلح تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وتكون واجبة التطبيق على الدعوى.
2 - إن المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم - ومن تلقاء نفسها - إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى.
3 - إن تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص قاضي الموضوع.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الشرق ضد الطاعنة بوصف أنها أعطت لها بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابها بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً بحبس المتهمة سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامها بأن تؤدي للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت استأنفت ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف عارضت وقضي في معارضتها بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف المعارض فيه.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن المدعية بالحق المدني أقامت دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنة بوصف أنها أعطت لها بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب، وطلبت عقابها بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً اعتبارياً بحبس المتهمة سنة مع الشغل وإلزامها بأن تؤدي إلى المدعية بالحقوق المدنية التعويض المؤقت المطلوب، استأنفت ومحكمة ثاني درجة قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضت وقضت ذات المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان قد صدر القانون رقم 17 لسنة 1999 بإصدار قانون التجارة بعد الحكم المطعون فيه وقبل الفصل في الدعوى حكم بات ونشر في الجريدة الرسمية في 17 مايو سنة 1999 ونص في الفقرة الأولى من المادة 534 منه على أنه "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية: ( أ ) إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للسحب....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون الجنائي يحكم ما يقع في ظله من جرائم إلى أن تزول عنه القوة الملزمة بقانون لاحق ينسخ أحكامه إلا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره، فإن المادة 337 من قانون العقوبات تكون واجبة التطبيق على الوقائع التي تحدث حتى زوال القوة الملزمة عنها إلا فيما نصت عليه المادة 534 من قانون التجارة من جواز توقيع الغرامة على الجاني خلافاً لما نصت عليه المادة 337 من قانون العقوبات من وجوب توقيع عقوبة الحبس، بحسبان أن هذا الأمر ينشئ مركزاً قانونياً أصلح للمتهم ومن ثم تعد في هذا الصدد قانوناً أصلح تطبق من تاريخ صدورها طبقاً للفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات وتكون واجبة التطبيق على الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول لهذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم - من تلقاء نفسها - إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون أصلح يسري على واقعة الدعوى - وهو الحال في الدعوى الماثلة - فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص قاضي الموضوع، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

الطعن 27925 لسنة 68 ق جلسة 22 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 108 ص 466

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(108)
الطعن رقم 27925 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) حكم "بيانات التسبيب".
إشارة الحكم إلى مادة القانون الذي حكم بمقتضاه. كفايته رداً على النعي عليه بالقصور في هذا الصدد.
(3) جريمة "أركانها". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الرشوة لا يشترط فيها أن يكون الموظف مختصاً بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض منها.
جريمة الرشوة. تمامها. بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله.
مثال: لتسبيب سائغ في توافر جريمة الرشوة.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تسجيل المحادثات.
إطراح الحكم التسجيلات وعدم الأخذ بالدليل المستمد منها ينحسر عنه الالتزام بالرد على أي دفاع يتصل بها.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا تجوز إثارته أمام النقض.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". مأمورو الضبط القضائي. إكراه.
حضور مأمور الضبط القضائي التحقيق. لا يعيب إجراءاته. سلطان الوظيفة في حد ذاته. لا يعد إكراها. ما دام لم يستطل إلى الشاهد بالأذى مادياً أو معنوياً. مجرد الخشية منه. لا يعد قرين الإكراه المبطل للشهادة.
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي. غير مقبول أمام النقض.
(9) إثبات "بوجه عام". "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. حق لمحكمة الموضوع وحدها. لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين دون الأخر. ولا تناقض في ذلك. علته؟
(10) نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "سلطتها".
نقض الحكم وإعادة المحاكمة. يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض.
مجرد مخالفة محكمة الإعادة لقضاء محكمة النقض لا يصح بذاته أن يكون وجهاً للطعن على الحكم.

------------------
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
2 - لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله "يتعين معاقبته عن ذلك طبقاً للمادة 304/ 2 أ. ج بمقتضى المادة 103 من قانون العقوبات". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون. ويكون ما ينعاه الطاعن من قصور الحكم في هذا الصدد على غير أساس.
3 - من المقرر أن القانون لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعن وهو يعمل كيميائي ومفتش أمن صناعي بإدارة الأمن الصناعي بـ..... طلب وأخذ لنفسه مبلغ ألفي جنيه من شركة...... ومبلغ ألف وخمسمائة جنيه من الشركة....... التابعتين لرقابة وإشراف الإدارة التي يعمل بها - مقابل عمل تقارير بحوث لهاتين الشركتين تتضمن عدم مخالفتهما لأحكام قانون الأمن الصناعي. وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن ولم يكن تسلم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
4 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أطرح التسجيلات التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها ولم يشر إليها في مدوناته وبنى قضاءه - على ما اطمأن إليه من أقوال شهود الإثبات التي لم تستمد أياً منها من تلك التسجيلات ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
6 - لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
7 - من المقرر أن مجرد حضور مأمور الضبط القضائي التحقيق - بفرض حصوله - ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاص وإمكانيات لا يعد إكراها ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى الشاهد بالأذى مادياً أو معنوياً، كما أن مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للشهادة لا معنى ولا حكماً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
8 - لما كان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة دفاع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يقبل لدى محكمة النقض.
9 - لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها، وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون لا محل له.
10 - لما كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها، وإذ كان ذلك، وكان الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لمجرد مخالفته قضاء محكمة النقض، وكانت هذه المخالفة - بفرض وقوعها - لا تصح أن تكون بذاتها وجهاً للطعن على الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم المطعون فيه إلى أدلة أخرى غير ما عول عليه الحكم المنقوض ومجادلته في هذه الأدلة لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - وآخر "قضي ببراءته" - أولاً: بصفته موظف عمومي "كيميائي ومفتش أمن صناعي بإدارة الأمن الصناعي بـ..... طلب وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب وأخذ مبلغ ستة آلاف وخمسمائة جنيه" من شركات..... و..... والمهندس ..... مفتش أمن صناعي بالإدارة على سبيل الرشوة مقابل عمل تقارير بحوث لتلك المنشآت والشركات تتضمن عدم مخالفتها لأحكام قانون الأمن الصناعي دون إتباع الإجراءات الواردة بدليل الأمن الصناعي ومنح الأخير خطوط سير مفتوحة بالقرب من مسكنه للقيام بأعماله الخاصة والتغاضي عن اشتراكه مع أعضاء قسم البحوث عند إجراء القياسات. ثانياً: بصفته السابقة طلب عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب مبلغ ثلاثة آلاف جنيه من شركة..... مقابل إعداد تقرير بحث لصالح الشركة وقد رفضت الشركة البحث بقرار من لجنة السلامة والصحة المهنية بالشركة لعلمهما المسبق بمجانية تلك البحوث. ثالثاً: بصفته السابقة ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي "تقارير البحوث الخاصة بشركات....... و....... وكذا استمارات العهدة المستهلكة حالة تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت بتلك التقارير انتقال أعضاء قسم البحوث بأجهزة الإدارة لإجراء المعاينات على الطبيعة وأخذ المقايسات اللازمة كما أثبت باستمارات العهدة المستهلكة استخدام الكروت وإجراء المقايسات الخاصة بتلك التقارير وذلك على خلال الحقيقة مع علمه بذلك. رابعاً: استعمل المحررات المزورة سالفة البيان بأن قدمها إلى أصحاب الشأن للعمل بموجبها مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات. خامساً: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر في اختلاس مبلغ خمسمائة وأربعين جنيهاً "قيمة الكروت موضوع التهمة الثالثة المنسوبة للمتهم الآخر بأن اتفق معه على إحضار الفواتير من المكتب..... ثم قام بتحرير مذكرة ضمنها شراء الكروت وفقاً للأسعار الثابتة بالفواتير وعرضت على وكيل الوزارة فتمت الموافقة على صرف قيمتها ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2، 41، 103، 104، 111/ 8، 112/ أ - ب، 113/ 1 - 2، 115، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً، 211، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 30، 32 من ذات القانون بمعاقبته.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....) ومحكمة النقض قضت بقبول طعن النيابة العامة والمحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 103، 104 ،107 مكرراً، 111، 112/ أ - ب، 113/ 1 - 2، 115، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً، 211، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه عن التهمة الأولى وببراءته مما نسب إليه عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "المرة الثانية"... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك بأن خلا من بيان واقعة الدعوى وظروفها بياناً تتحقق به أركان جريمة الرشوة خاصة وأنه غير مختص بالعمل الذي أخذت من أجله الرشوة كما خلا من نص القانون الذي حكم بموجبه، وأغفل دفوعه ببطلان الإذن بالتسجيل والمراقبة التليفونية، وببطلان إجراءات التسجيل والتفتيش، وببطلان اعتراف الطاعن الوارد بالتسجيلات إيراداً لها ورداً عليها، وعول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم صحتها وتناقضها، وجاءت شهادة....... وليدة إكراه لحضور عضو الرقابة الإدارية لدى سؤالها بالتحقيقات، كما أن التهمة لفقت للطاعن من قبل رجال الضبط. وقضت المحكمة بإدانة الطاعن رغم سبق قضائها ببراءة المتهم الآخر ووحدة الواقعة. مخالفاً بذلك حكم محكمة النقض. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله "ويتعين معاقبته عن ذلك طبقاً للمادة 304/ 2 أ. ج بمقتضى المادة 103 من قانون العقوبات". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن من قصور الحكم في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعن وهو يعمل كيميائي ومفتش أمن صناعي بإدارة الأمن الصناعي..... طلب وأخذ لنفسه مبلغ ألفي جنيه من شركة...... ومبلغ ألف وخمسمائة جنيه من الشركة...... التابعتين لرقابة وإشراف الإدارة التي يعمل بها - مقابل عمل تقارير بحوث لهاتين الشركتين تتضمن عدم مخالفتهما لأحكام قانون الأمن الصناعي. وكان من المقرر أن جريمة الرشوة تقع تامة بمجرد طلب الموظف الجعل أو أخذه أو قبوله وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن ولم يكن تسلم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أطرح التسجيلات التي تمت ولم يأخذ بالدليل المستمد منها ولم يشر إليها في مدوناته وبني قضاءه - على ما اطمأن إليه من أقوال شهود الإثبات التي لم تستمد أياً منها من تلك التسجيلات ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شهود الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة وهو من اطلاقاتها، ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مجرد حضور مأمور الضبط القضائي التحقيق - بفرض حصوله - ليس فيه ما يعيب إجراءاته إذ أن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من اختصاص وإمكانيات لا يعد إكراهاً ما دام هذا السلطان لم يستطل إلى الشاهد بالأذى مادياً أو معنوياً، كما أن مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للشهادة لا معنى ولا حكماً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة دفاع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها لتلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لذات الأدلة بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها، وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض والفساد في الاستدلال يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فلا تتقيد بما ورد في الحكم الأول في شأن تقدير وقائع الدعوى ولا يقيدها حكم النقض في إعادة تقديرها بكامل حريتها. وإذ كان ذلك، وكان الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لمجرد مخالفته قضاء محكمة النقض، وكانت هذه المخالفة - بفرض وقوعها - لا تصح أن تكون بذاتها وجهاً للطعن على الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم المطعون فيه إلى أدلة أخرى غير ما عول عليه الحكم المنقوض ومجادلته في هذه الأدلة لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 18750 لسنة 67 ق جلسة 22 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 107 ص 462

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(107)
الطعن رقم 18750 لسنة 67 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي".
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. شرط ذلك؟
(2) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تجزئة اعتراف المتهم. حق لمحكمة الموضوع. حد ذلك: ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حالة الدفاع الشرعي لا يشترط لقيامها حصول اعتداء بالفعل على النفس أو المال. كفاية صدور فعل من المجني عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي.
الفعل المتخوف منه. لا يلزم فيه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته. كفاية أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره. ما دام للتخوف أسباب معقولة.
تقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري. مناطه؟
إغفال الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن والمؤيد بمناظرة النيابة العامة لإصابته والتي ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعي وإعراضه عن دلالة هذه الوقائع وإقساطها حقها إيراداً لها ورداً عليها. قصور.
(4) نقض "الطعن للمرة الثانية".
النقض لثاني مرة. يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟

-----------------
1 - الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه، ويؤدي منطقياً إلى ما انتهى إليه.
2 - من حق محكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم، إلا أن ذلك حده ألا تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها.
3 - لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع الثابتة في التحقيق ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً لها ورداً عليها، فإنه يكون قاصر البيان.
4 - إذ كان النقض لثاني مرة، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها وأعد لذلك أداة راضة "منقرة" واستدرجها لحظيرة الماشية وما أن انفرد بها حتى انهال عليها ضرباً في رأسها مستخدماً الأداة سالفة البيان قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمصادرة الأداة المضبوطة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة.... قضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات شبين الكوم لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة الأداة المضبوطة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وألزمه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما بدلالة ما بجسمه من إصابة، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه، مغفلاً الإشارة إلى ظروف الواقعة واستمرار المجني عليها في الاعتداء بيديها على الطاعن وإصابتها له، بعد نزعه "المنقرة" منها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه عرض إلى الدفع الذي أبداه الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ورد عليه بما نصه: "وأن ما أثاره الدفاع من أن المتهم كان في حالة دفاع شرعي حين بادل المجني عليها الاعتداء فهو قول غير صحيح، ذلك أن الثابت للمحكمة من أقوال المتهم نفسه بتحقيقات النيابة العامة أن المجني عليها بعد أن أمسكت بالمنقرة ما لبثت أن تخلت عنها وأن تعتدي بها عليه وأن ما فعلته من ذلك هو تهديدها إياه بفضح أمره. ومن ثم فإن حالة الدفاع الشرعي المقال بها لا سند لها في الأوراق، وبذا تطرح المحكمة أوجه دفاع محامي المتهم ولا تعول عليها"، ولما كان الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم سليماً لا عيب فيه، ويؤدي منطقياً إلى ما انتهى إليه، كما أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع تجزئة اعتراف المتهم، إلا أن ذلك حده ألاَّ تمسخ تلك الأقوال بما يحيلها عن معناها ويحرفها عن مواضعها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي عن النفس على ما قرر به المتهم في تحقيق النيابة من أن المجني عليها تخلت عن "المنقرة" بعد إمساكها بها واقتصر اعتداؤها على تهديدها له بفضح علاقتهما غير المشروعة، في حين أن الثابت من أقوال الطاعن - في التحقيق المنوه عنه - أن المجني عليها أمسكت بشعره ووجه وخربشته فأحدث إصابة به - بعد أخذه المنقرة منها -، وقد أثبت وكيل النيابة المحقق - مصداقاً لما قال به الطاعن - أنه ناظره فوجد في أيسر وجهه سحجة طولية 3 سم تقريباً. وكان الحكم المطعون فيه قد اقتطع هذا الجزء الثابت من قول الطاعن وأهدر مناظرة النيابة لإصابته، برغم أنه جعل منها ركيزة لدفاعه، وكان لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد حصل بالفعل اعتداء على النفس أو المال، بل يكفي أن يكون قد صدر من المجني عليه فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي، ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته، بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره، بشرط أن يكون لهذا التخوف أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة دقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن المطمئن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسقط من الوقائع الثابتة في التحقيق - حسبما تقدم البيان - ما يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي دون أن يعرض لدلالة هذه الوقائع بغير مسخ أو تحريف ويقسطها حقها إيراداً لها ورداً عليها، فإنه يكون قاصر البيان واجب النقض دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن. ولما كان النقض لثاني مرة، فإنه يتعين تحديد جلسة لنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

الطعن 11621 لسنة 63 ق جلسة 22 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 106 ص 457

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد صادق ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب ومحمد عيد سالم نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(106)
الطعن رقم 11621 لسنة 63 القضائية

(1) معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقديم الطاعن لمحكمة النقض دليل العذر القهري الذي حال بينه وحضور جلسة المعارضة المرفوعة عن الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي. أثره: صحة القضاء بعدم قبول المعارضة.
(2) معارضة. إعلان.
عدم اشتراط المشرع شكلاً خاصاً للتقرير بالمعارضة. علة ذلك: أنه عمل إجرائي يثبت فيه الموظف المختص رغبة المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية في الاعتراض على الحكم الغيابي الصادر ضده. خلو التقرير من توقيع رئيس القلم الجنائي. لا يؤثر في صحته.
إثبات الموظف المختص بورقة التقرير بالمعارضة تاريخ الجلسة المحددة لنظرها. يعد إعلاناً لها. سواء كان التقرير من المعارض أو من وكيله. أساس ذلك؟
(3) حكم "بيانات التسبيب". معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان الواقعة وأدلة الإدانة. لزومه في الأحكام الصادرة في موضوع الدعوى.
الحكم بعدم قبول المعارضة. شكلي. إغفاله بيان الواقعة والأدلة التي بني عليها القضاء بالإدانة. لا يعيبه.
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تقرير التلخيص. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقرير التلخيص. ماهيته؟
ورود نقص أو خطأ بتقرير التلخيص. لا بطلان.
النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(5) معارضة "نظرها والحكم فيها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ورود الطعن على الحكم الصادر بعدم قبول المعارضة دون الحكم الحضوري الاعتباري. التعرض في الطعن للحكم الأخير أو الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييده. غير مقبول.
(6) إثبات "قوة الأمر المقضي". صلح. قانون "تطبيقه". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
الصلح بين المجني عليه والمتهم في جرائم الضرب المنصوص عليها بالمادتين 241، 242 عقوبات. أثره: انقضاء الدعوى الجنائية. أساس ذلك؟
تعرض محكمة النقض لبحث الصلح بين الطاعنين والمجني عليه والمثار بأسباب الطعن. غير جائز. علة ذلك؟

-------------------
1 - لما كان الطاعنان لم يقدما لهذه المحكمة - محكمة النقض - الدليل على قيام عذر قهري حال دون حضورهما بجلسة المعارضة التي صدر بها الحكم المطعون فيه فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير سند.
2 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 400 منه المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 على أن "تحصل المعارضة بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم يثبت فيه تاريخ الجلسة التي حددت لنظرها ويعتبر ذلك إعلاناً لها ولو كان التقرير من وكيل، ويجب على النيابة العامة تكليف باقي الخصوم في الدعوى......" وكان مفاد هذا النص أن التقرير بالمعارضة عمل إجرائي يباشره موظف في قلم كتاب المحكمة مختص بتحريره يثبت فيه رغبة المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية في الاعتراض على الحكم الغيابي الصادر ضده ولم يشترط الشارع شكلاً خاصاً لهذا التقرير، ومن ثم فإن خلو التقرير من توقيع رئيس القلم الجنائي لا يؤثر في صحته، ولما كان مفاد ما تقدم أن الشارع اعتبر إثبات الموظف المختص تاريخ الجلسة المحددة لنظر المعارضة في ورقة التقرير إعلاناً لها سواء كان التقرير من المعارض أو من وكيله. وكان الطاعنان لا يدعيان أن معارضتهما قد نظرت في جلسة غير تلك المحددة في ورقة التقرير فإن منعاهما في صدد ما تقدم لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من خلوه من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي بني عليها القضاء بإدانتهما مردود بأن هذا البيان لا يكون لازماً إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى ولا كذلك الحكم بعدم قبول المعارضة الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب.
4 - لما كان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقض أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يعترضا على ما تضمنه التقرير فلا يجوز لهما من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الطعن وارداً على الحكم الصادر في المعارضة بعدم قبولها دون الحكم الحضوري الاعتباري الذي لم يقرر الطاعنان بالطعن فيه فلا يقبل منهما أن يتعرضا في طعنهما لهذا الحكم الأخير ولا للحكم الابتدائي الذي قضى بتأييده ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان نعياً على ما سوى الحكم المطعون فيه من أحكام صادرة في الدعوى لا يكون مقبولاً.
6 - لما كان الطاعنان قد أثارا بأسباب طعنهما أنهما تصالحا مع المجني عليه، ولئن كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 18 مكرراً ( أ ) منه المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 على أن يترتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم في جرائم الضرب المنصوص عليها في المادتين 241/ 1، 2، 242/ 1، 2، 3 انقضاء الدعوى الجنائية، إلا أنه لما كان الطعن وارداً على الحكم الصادر بعدم قبول المعارضة فلا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لبحث أمر الصلح - وهو متعلق بموضوع الدعوى - بعد أن حاز الحكم الحضوري الاعتباري الصادر في موضوع الدعوى قوة الأمر المقضي وبات الطعن فيه بطريق النقض غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحدثا عمداً بـ..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك باستخدام أداة "سنجة" وطلبت عقابهما بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز ميت غمر قضت غيابياً بحبس كل منهما شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. عارضا وقضي في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفا ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارضا وقضي باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من الأوراق أن الطاعنين عارضا في الحكم الحضوري الاعتباري الاستئنافي الذي قضى بتأييد الحكم المستأنف، وتخلفا عن الحضور بجلسة نظر المعارضة فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه باعتبار المعارضة كأن لم تكن - وهو في حقيقته وفقاً لصحيح القانون حكم بعدم قبول المعارضة. لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقدما لهذه المحكمة - محكمة النقض - الدليل على قيام عذر قهري حال دون حضورهما بجلسة المعارضة التي صدر بها الحكم المطعون فيه فإن منعاهما في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 400 منه المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 على أن "تحصل المعارضة بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم يثبت فيه تاريخ الجلسة التي حددت لنظرها ويعتبر ذلك إعلاناً لها ولو كان التقرير من وكيل، ويجب على النيابة العامة تكليف باقي الخصوم في الدعوى......" وكان مفاد هذا النص أن التقرير بالمعارضة عمل إجرائي يباشره موظف في قلم كتاب المحكمة مختص بتحريره يثبت فيه رغبة المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية في الاعتراض على الحكم الغيابي الصادر ضده ولم يشترط الشارع شكلاً خاصاً لهذا التقرير، ومن ثم فإن خلو التقرير من توقيع رئيس القلم الجنائي لا يؤثر في صحته، ولما كان مفاد ما تقدم أن الشارع اعتبر إثبات الموظف المختص تاريخ الجلسة المحددة لنظر المعارضة في ورقة التقرير إعلاناً لها سواء كان التقرير من المعارض أو من وكيله. وكان الطاعنان لا يدعيان أن معارضتهما قد نظرت في جلسة غير تلك المحددة في ورقة التقرير فإن منعاهما في صدد ما تقدم لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من خلوه من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي بني عليها القضاء بإدانتهما مردوداً بأن هذا البيان لا يكون لازماً إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الصادرة في موضوع الدعوى ولا كذلك الحكم بعدم قبول المعارضة الذي يدخل في عداد الأحكام الشكلية فحسب. لما كان ذلك، وكان التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقض أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يعترضا على ما تضمنه التقرير فلا يجوز لهما من بعد النعي على التقرير بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطعن وارداً على الحكم الصادر في المعارضة بعدم قبولها دون الحكم الحضوري الاعتباري الذي لم يقرر الطاعنان بالطعن فيه فلا يقبل منهما أن يتعرضا في طعنهما لهذا الحكم الأخير ولا للحكم الابتدائي الذي قضى بتأييده ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان نعياً على ما سوى الحكم المطعون فيه من أحكام صادرة في الدعوى لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد أثارا بأسباب طعنهما أنهما تصالحا مع المجني عليه، ولئن كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 18 مكرراً ( أ ) منه المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 على أن يترتب على الصلح بين المجني عليه والمتهم في جرائم الضرب المنصوص عليها في المادتين 241/ 1، 2، 242/ 1، 2، 3 انقضاء الدعوى الجنائية، إلا أنه لما كان الطعن وارداً على الحكم الصادر بعدم قبول المعارضة فلا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض لبحث أمر الصلح - وهو متعلق بموضوع الدعوى - بعد أن حاز الحكم الحضوري الاعتباري الصادر في موضوع الدعوى قوة الأمر المقضي وبات الطعن فيه بطريق النقض غير جائز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله.

الطعن 13325 لسنة 60 ق جلسة 22 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 105 ص 453

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة وحسن حسين الغزيري.

-------------------

(105)
الطعن رقم 13325 لسنة 60 القضائية

(1) نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
اقتصار حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح. مفاد وأساس ذلك؟
الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق والإحالة. غير جائز. إلا بنص خاص. أساس ذلك؟
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
العبرة في تحديد ما إذا كان الطعن وارداً على حكم أم قرار أم أمر متعلق بالتحقيق أو بالإحالة. هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره عنه الجهة التي أصدرته ولا بما تصفه من أوصاف.
(3) قانون "تفسيره" "سريانه من حيث الزمان". نقض "التقرير بالطعن".
خضوع الحكم أو القرار أو الأمر من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره.
الطعن في قرار محكمة الجنايات برفض الطعن في أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. غير جائز.

-----------------
1 - لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح وذلك في الأحوال الآتية (1)..... (2)..... (3)..... فقد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، أما القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق أو بالإحالة أياً كان نوعها فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص، وهو ما فعله الشارع عندما بين طرق الطعن في الأمر الصادر من مستشار الإحالة أو من محكمة الجنح المستأنفة في غرفة المشورة، برفض الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية والأمر الصادر من مستشار الإحالة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، والأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية باعتبار الواقعة جنحة أو مخالفة وذلك في المواد 193، 194، 212 من قانون الإجراءات الجنائية، قبل إلغائها بالقرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1981 والمعمول به في الخامس من نوفمبر من ذات السنة والذي نصت المادة الرابعة منه على أن "تلغى المواد من 170 إلى 196 والمادة 212 من قانون الإجراءات الجنائية".
2 - لما كانت العبرة في تحديد ما إذا كان الطعن وارداً على حكم أم قرار أم أمر متعلق بالتحقيق أو بالإحالة هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره عنه الجهة التي أصدرته ولا بما تصفه من أوصاف وكان البين من الأوراق أن الطاعن بوصفه مدعياً بالحقوق المدنية قد طعن في أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1989 في مادة جناية أمام محكمة الجنايات فإن ما يصدر من هذه المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق بمقتضى المادتين 167، 210 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقرار بالقانون 170 لسنة 1981 سالف الذكر وليس حكماً بالمعنى القانوني في المادة 30 من حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، دون ما سواها، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر برفض الطعن في أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه ضرب عمداً..... بعصا على ذراعه الأيسر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي التي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي كسر بعظمة الكعبرة وإعاقة في حركة الكب والبطح بالساعد عند مفصل المرفق تقدر نسبتها بنحو 40% على النحو المبين بالأوراق. أصدرت النيابة العامة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، فطعن المدعي بالحقوق المدنية (المجني عليه) على هذا الأمر أمام محكمة جنايات أسوان. والمحكمة المذكورة قررت قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد القرار المطعون عليه.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا القرار بطريق النقض.. إلخ.


المحكمة

من حيث إن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح وذلك في الأحوال الآتية (1)..... (2) ..... (3)..... فقد قصرت حق الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، أما القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق أو بالإحالة أياً كان نوعها فإنه لا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بنص خاص، وهو ما فعله الشارع عندما بين طرق الطعن في الأمر الصادر من مستشار الإحالة أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، برفض الاستئناف المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية في الأمر الصادر من النيابة العامة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية والأمر الصادر من مستشار الإحالة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، والأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة الجزئية باعتبار الواقعة جنحة أو مخالفة وذلك في المواد 193، 194، 212 من قانون الإجراءات الجنائية، قبل إلغائها بالقرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الصادر في 4 من نوفمبر سنة 1981 والمعمول به في الخامس من نوفمبر من ذات السنة والذي نصت المادة الرابعة منه على أن "تلغى المواد من 170 إلى 196 والمادة 212 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكانت العبرة في تحديد ما إذا كان الطعن وارداً على حكم أم قرار أم أمر متعلق بالتحقيق أو بالإحالة هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره عنه الجهة التي أصدرته ولا بما تصفه من أوصاف وكان البين من الأوراق أن الطاعن بوصفه مدعياً بالحقوق المدنية قد طعن في أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر في 27 من نوفمبر سنة 1989 في مادة جنائية أمام محكمة الجنايات فإن ما يصدر من هذه المحكمة في هذه الحالة يكون في حقيقته قراراً متعلقاً بعمل من أعمال التحقيق بمقتضى المادتين 167، 210 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقرار بالقانون 170 لسنة 1981 سالف الذكر وليس حكماً بالمعنى القانوني في المادة 30 من حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. وإذا كان ذلك وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها وكان القرار المطعون فيه قد صدر بعد سريان القرار بالقانون رقم 170 لسنة 1981 الذي ألغى طريق الطعن بالنقض في القرارات والأوامر المتعلقة بالتحقيق وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض آنفة الذكر لا تجيز الطعن إلا في الأحكام النهائية، دون ما سواها، فإن الطعن في قرار محكمة الجنايات الصادر برفض الطعن في أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية المرفوع من المدعي بالحقوق المدنية يكون غير جائز، وهو ما يتعين القضاء به، مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وإلزام الطاعن بالمصروفات.

الطعن 23302 لسنة 63 ق جلسة 26 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 110 ص 481

جلسة 26 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(110)
الطعن رقم 23302 لسنة 63 القضائية

حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إعلام وراثة.
حكم الإدانة. بياناته؟
نص الفقرة الأولى من المادة 226 عقوبات. مفاده: عقاب كل شخص سواء كان طالب تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة. أم كان شاهداً في ذلك التحقيق شريطة أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد أدلى بها أمام السلطة المختصة بأخذ الإعلام نفسها وليس أمام سواها.
خلو الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واكتفاؤه بالإحالة إلى محضر الضبط وأقوال الشهود. دون بيان مضمون ذلك المحضر وأسماء الشهود وما شهد به كل منهم واستظهار ما إذا كان كل منهم قد مثل فعلاً أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط الإعلام وقرر أمامه أقوال غير صحيحة وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة ليستقيم قضاؤه بالإدانة. قصور.

-------------------
لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة ومضمونها إذ لا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكره مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وكان من المقرر أن المشرع إذ نص في الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون العقوبات على عقاب "كل من قرر في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة بضبط الإعلام أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال" قد قصد بالعقاب كل شخص سواء كان هو طالب تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أم كان شاهداً في ذلك التحقيق، شريطة أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد قرر بها أمام السلطة المختصة بضبط الإعلام نفسها وليس أمام سواها، فلا يمتد التأثيم إلى ما يدلي به الطالب أو الشاهد في تحقيق إداري تمهيدي لإعطاء معلومات، أو إلى ما يورده طالب التحقيق في طلبه لأن هذا منه من قبيل الكذب في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه بعد ما أورد وصف النيابة العامة للتهمة قد اقتصر على مجرد قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمين مما جاء بمحضر ضبط الواقعة من أقوال الشهود من ثم تعين معاقبتهما طبقاً لمادة الاتهام وإعمالاً لنص المادة 304/ 2 أ. ج" وبذا خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واكتفى في بيان هذا الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة وأقوال الشهود دون أن يبين مضمون هذا المحضر وأسماء هؤلاء الشهود وما شهد به كل منهم ويوضح وجه استشهاده بهذه الأدلة على ثبوت الاتهام في حق الطاعنين كليهما ولم تستظهر ما إذا كان كل منهما قد مثل فعلاً أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط الإعلام وقرر أمامه أقوالاً غير صحيحة وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة حتى يستقيم قضاؤه بالإدانة، فإنه وقد خلا من كل ذلك يكون قد تعيب بالقصور الذي يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قررا في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة أقوالاً غير صحيحة عن الواقعة المراد إثباتها مع علمهما بذلك وتم ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال. وطلبت عقابهما بالمادة 226/ 1 عقوبات وادعى...... مدنياً قبلهما بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنح الحوامدية قضت حضورياً بتغريم كل منهما مائة جنيه وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت، استأنفا ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة التزوير في إعلام تحقيق وفاة ووراثة قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجريمة ولم يورد مضمون أدلة الثبوت، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة ومضمونها إذ لا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكره مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وكان من المقرر أن المشرع إذ نص في الفقرة الأولى من المادة 226 من قانون العقوبات على عقاب "كل من قرر في إجراءات تتعلق بتحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أمام السلطة المختصة بضبط الإعلام أقوالاً غير صحيحة عن الوقائع المرغوب إثباتها وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة وذلك متى ضبط الإعلام على أساس هذه الأقوال" قد قصد بالعقاب كل شخص سواء كان هو طالب تحقيق الوفاة والوراثة والوصية الواجبة أم كان شاهداً في ذلك التحقيق، شريطة أن تكون الأقوال غير الصحيحة قد قرر بها أمام السلطة المختصة بضبط الإعلام نفسها وليس أمام سواها، فلا يمتد التأثيم إلى ما يدلي به الطالب أو الشاهد في تحقيق إداري تمهيدي لإعطاء معلومات، أو إلى ما يورده طالب التحقيق في طلبه لأن هذا منه من قبيل الكذب في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه بعد ما أورد وصف النيابة العامة للتهمة قد اقتصر على مجرد قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمين مما جاء بمحضر ضبط الواقعة من أقوال الشهود من ثم تعين معاقبتهما طبقاً لمادة الاتهام وإعمالاً لنص المادة 304/ 2 أ. ج" وبذا خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة واكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة وأقوال الشهود دون أن يبين مضمون هذا المحضر وأسماء هؤلاء الشهود وما شهد به كل منهم ويوضح استشهاد بهذه الأدلة على ثبوت الاتهام في حق الطاعنين كليهما ولم تستظهر ما إذا كان كل منهما قد مثل فعلاً أمام قاضي الأحوال الشخصية الذي ضبط الإعلام وقرر أمامه أقوالاً غير صحيحة وهو يجهل حقيقتها أو يعلم أنها غير صحيحة حتى يستقيم قضاؤه بالإدانة، فإنه وقد خلا من كل ذلك يكون قد تعيب بالقصور الذي يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 30157 لسنة 59 ق جلسة 26 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 109 ص 473

جلسة 26 من سبتمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ والبشري الشوربجي وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.
---------------
(109)
الطعن رقم 30157 لسنة 59 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "قرائن".
لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى.
تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع. لها أن تأخذ به متى اطمأنت إليه.
قرائن الأحوال من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية. للمحكمة أن تأخذ بها في تكوين عقيدتها.
(2) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المجني عليه بموجب تقرير طبي شرعي غير لازم. كفاية أن يكون من طبيب ذي علم وخبرة من المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له.
 (3)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
تقدير القوة التدليلية لآراء الخبراء وتقاريرهم. موضوعي.
للمحكمة الأخذ بتقرير طبيب قام بإجراء التشريح دون حلف يمين قبل مباشرة مأموريته باعتباره ورقة من أوراق الاستدلالات في الدعوى. أساس ذلك؟
 (4)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم. موضوعي. للمحكمة الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه والالتفات عما عداه.
 (5)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". استدلالات.
التأخير في عرض محضر جمع الاستدلالات لا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به وبأقوال محرره من أدلة منتجة. متى اطمأنت إليها. لها الأخذ برواية منقولة عن شهودها متى آنست فيها الصدق وصدورها عمن نقلت عنه.
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
 (6)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمر في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
مثال: لحكم صادر من محكمة النقض في ثبوت نية القتل لدى نظرها موضوع الدعوى.
(7) قتل عمد. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها" "الطعن للمرة الثانية".
لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة. للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها.
مثال: لحكم بالإدانة صادر من محكمة النقض في جريمة قتل عمد لدى نظرها موضوع الدعوى.
-------------
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، وكان تقدير الدليل موكولاً إليها فمتى اقتنعت به وإطمانت إليه أخذت به، كما أن من سلطتها أن تأخذ في تكوين عقيدتها بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.
2 - من المقرر أنه لا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي وإجراء الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعي، ذلك أن الطبيب ..... مدير مستشفى ..... يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المجني عليه نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير طبيب ذي علم وخبرة حيث يغني الأخير في هذا المقام.
3 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء مهما وجه إليها من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها فمتى اطمأنت إليه أخذت به ولا يجافي ذلك المنطق والقانون، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي بتقرير الطبيب سالف الذكر الذي قام بالتشريح ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصرا من عناصرها، لما هو مقرر من أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات لجميع رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم ملاك الأمر فيه لمحكمة الموضوع فلها الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
5 - من المقرر أن مجرد التأخير في عرض محضر الاستدلالات المحرر بمعرفة الضابط الذي قبض على المتهم في حالة التلبس بالجريمة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ لما ورد به وأقوال محررة من أدلة منتجة في الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، كما لا جناح عليها في أخذها برواية منقولة عن شهودها إذا آنست الصدق فيها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وكذلك تعويلها في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم وتستخلصها من أنه فور عمله بمقتل قريبه ..... أعد سلاحاً قاتلاً بطبيعته هو مطواة (قرن غزال) وما أن ظفر بالمجني عليه حتى انهال طعناً بهذا السلاح في مواضع عدة قاتلة من جسمه قاصداً قتله منها النافذة إلى تجويف البطن والكافية بذاتها لإحداث الوفاة إضافة إلى إصابات أخرى غير نافذة سهلت الوفاة وذلك أخذا بثأر قريبه سالف الذكر.
7 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن عليه من ظروف الدعوى وقرائنها، فإن ما سردته المحكمة آنفا من أدلة وقرائن ساغت لديها في اكتمال اطمئنانها واقتناعها إلى أن المتهم.... بتاريخ ..... بدائرة قسم .... محافظة ..... قتل .....عمداً بان انهال عليه طعناً بمطواه كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 234 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة أدانت المتهم فإنها تلزمه بالمصروفات الجنائية عملا بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
----------------
الوقائع
  اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: المتهم الأول:- قتل ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" حمله وتوجه إليه حيث يسير بالطريق العام وأطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الثاني:- قتل ...... عمداً بأن انهال عليه بمطواة كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بالمواد 230, 231, 134/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض " قيد بجدول محكمة النقض برقم ... لسنة .... قضائية". ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المطواة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للمطعون ضده الأول وتحديد جلسة لنظر الموضوع بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات سمعت المحكمة المرافعة ...... إلخ.
---------------
المحكمة
   بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق والمداولة قانوناً.
وحيث إن وقائع الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من أقوال شهودها وسائر العناصر المطروحة أمامها وما دار بشأنها بجلسة المرافعة توجز في أنه بتاريخ ..... أثناء وجود الرائد ..... على مقربة من مكان حادث قتل .... لاتخاذ بعض إجراءات الاستدلالات, سمع استغاثة فالتفت إلى جهة صدورها فشاهد المتهم .... يجري فراراً من هذه الجهة ويتبعه عدواً نفر من العامة ويصيحون خلفه أنه المعتدي بالضرب على المجني عليه ...... فتعقبه برهة يسيرة حتى ضبطه وهو يردد بأن ...... الذي يمت بصلة قربى إليه, قد قتل, وأن هؤلاء النفر من العامة التفوا حول المتهم .... بعد القبض عليه مقررين أنه هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمطواة, فقام بتفتيش المتهم الذي كانت ملابسه ممزقة من قبل وملوثة بدم حديث فضبط في الجيب الأيمن لجلبابه مطواة ((قرن غزال)) تحمل آثار دماء حديثة.
وحيث إنه لما كان للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى, وكان تقدير الدليل موكولاً إليها فمتى اقتنعت به واطمأنت إليه أخذت به, كما أن من سلطتها أن تأخذ في تكوين عقيدتها بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية, فإن المحكمة تطمئن إلى أن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى هي أن المتهم .... اعتدى على المجني عليه .... بمدية بقصد قتله انتقاماً لمقتل قريبه ...... وقد ضبط متلبساً بها مدللاً عليها بالأدلة والقرائن التي اقتنعت بها المحكمة واطمأنت إليها والمستمدة من أقوال كل من الرائد .... و....... و..... و...... و...... و..... والطبيب ..... و...... والملازم أول ......, وتقرير الصفة التشريحية وتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية وتقريري الطب الشرعي. فقد شهد الرائد .... رئيس وحدة مباحث قسم ....... أنه لدى تواجده بالقرب من المكان الذي قتل فيه ..... قائماً بإجراءات الاستدلالات بشأن هذا الحادث .. سمع استغاثة فالتفت إلى  ناحية صدورها فرأى المتهم .... يعدو هارباً من هذه الناحية ويتبعه جرياً عصبة من العامة صائحين خلفه بما يفيد اتهامهم إياه بالاعتداء بمطواة على المجني عليه ...... فتعقبه لمسافة قصيرة جداً حتى ضبطه وهو يردد بأن ...... قد قتل. وأن تلك العصبة تجمعت حوله بعد إتمام القبض على المتهم ...... مقررين أن هذا هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمدية. وقد قام بتفتيش المتهم الذي كانت ملابسه ممزقة من الأمام وملوثة بدم حديث فضبط في الجيب الأيمن لجلبابه مطواة ((قرن غزال))  تحمل آثار دماء حديثة. وشهد الرقيب أول ....... رئيس نقطة شرطة مستشفى ..... أنه في زهاء الساعة الثانية من مساء يوم ...... حضر إلى المستشفى المجني عليه ...... وتنفيذاً لما أشار به طبيب الاستقبال رافق المجني عليه إلى حيث غرفة العمليات الجراحية, وحال صعوده وإياه في المصعد الكهربائي  في صحبة كل من ..... و....... و...... سأل المجني عليه عن اسمه وشخص من أحدث إصابته فأجابه عن اسمه وأن محدث إصابته هو المتهم ......... بمطواة. وشهد كل من ..... و....... و....... العاملين بمستشفى ..... أن الشاهد السابق الرقيب أول ...... سأل المجني عليه أثناء نقله إلى غرفة العمليات الجراحية بالمصعد الكهربائي عن اسم محدث إصابته فأجابه أنه المتهم ........ بمطواة.
وشهد الطبيب ..... مدير مستشفى ..... بتحقيقات النيابة العامة أنه وقع الكشف الطبي على المجني عليه ........ الذي أسفر عن إصابته بجرح قديم بأعلى الجدارية اليمنى تحت كسر منخسف بعظام الجدارية اليمنى وجروح قطعية متعددة وجرح قطعي نافذ إلى تجويف البطن وتبرز منه مساريقا الجزء الأعلى للمصران الغليظ النازل, وقد نتجت الوفاة عن نزف بتجويف البطن بسبب تمزق مساريقا المصران الصائمي وأن باقي الإصابات ساهمت في وفاة المجني عليه بحسبانها جروح طعنية غائرة. ومن الجائز حدوث تلك الإصابات من المطواة المضبوطة مع المتهم ..... وشهد ...... رئيس مجلس إدارة جمعية ...... أنه في يوم سابق على الحادث تدخل لإصلاح خلاف قام بين ....... وبين ...... وابن عمه ...... وشهد الملازم أول ........ معاون مباحث قسم شرطة ...... أن تحرياته عن الحادث أسفرت عن أن خلافاً نشب بين ...... وبين ..... أدى بالأخير إلى قتل الأول وعندما أدرك هذا المتهم ...... الذي على صلة قربى بالمجني عليه  المذكور أسرع بإعداد أداة قاطعة - مطواة- وتوجه صوب المكان الذي يتواجد فيه المجني عليه ...... الذي على قرابة بالمتهم ..... وطعنه بها قاصداً قتله ثأراً فأحدث به إصاباته التي أدت إلى وفاته. وثبت من تقرير الصفة التشريحية التي أجراها الطبيب ..... مدير مستشفى ...... بناء على تكليف النيابة العامة أن إصابات المجني عليه ...... عبارة عن:- (1) جرح طولي قديم أعلى الجدارية اليمنى ويوجد أسفله كسر منخسف قديم. (2) جرح قطعي أمام الأذن اليمنى وآخر بأعلاها. (3) جرح قطعي بالجزء الأمامي من الجدارية اليمنى .(4) جرح قطعي نافذ إلى تجويف البطن ويبرز منه جزء من الصائمي بأعلى جدار البطن من الناحية اليسرى ونزيف خارجي. (5) جرح قطعي مستعرض غير نافذ إلى تجويف الصدر أسفل لوحة الكتف اليسرى. (6) جرح قطعي خلف الأذن اليسرى. (7) خمسة عشر جرحاً قطعيا غير نافذ إلى تجويف البطن والصدر بالظهر. (8) جرح قطعي طولي غير نافذ أمام الفقرات القطنية الأولى والثانية والثالثة من الناحية اليمنى. (9) جرح قطعي مستعرض أسفل جدار البطن الأيمن غير نافذ. (10) جرح قطعي بالناحية الداخلية للخلخال الأيمن. وأن ثمة نزيف شديد بتجويف البطن ناتج من جرح المساريقا الصائمي, وأن سبب الوفاة النزيف بتجويف البطن نتيجة الجرح النافذ الموصوف تحت رقم 4 سالف البيان الذي أحدث جروحاً بمساريقا المصران النازل والصائمي, وأن الآلة المستعملة آلة حادة. وثبت من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ ...... أن الإصابة النافذة أو باقي الإصابات غير النافذة ليست قاتلة للمجني عليه في التو واللحظة وغير مصحوبة بإصابات بأحشاء دفينة من الجسم من شأنها أن تتعارض والحياة لأي فترة زمنية, وعلى ذلك فمن الممكن للمجني عليه بمثل هذه الإصابات موضعاً وعدداً وجسامة أن يعيش فترة من الزمن عقب إصابته بحوالي ساعة أو أكثر أو أقل وهو في حالة صحو عقلي ومحتفظاً بعقله قادراً على الكلام بتعقل وأن يدلي بما نسب إليه من أقوال خاصة أنه لم تحدث به إصابات بأجهزة الكلام أو مراكز الكلام العليا بالمخ وذلك قبل أن يدخل في دور الغيبوبة التي انتهت بالوفاة. وأنه يجوز حدوث إصابات المجني عليه من المطواة المضبوطة أو مثلها. وثبت من تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية أن:- (1) التلوثات الدموية الموجودة على قطعة القماش الأبيض ((الملاية)) التي كان ملفوفاً بها المجني عليه ...... تنتمي للفصيلة ((O)). (2) الآثار البنية اللون الموجودة على الكم الأبيض، وجيب الجلباب الخاص بالمتهم ....... هي دماء آدمية تنتمي للفصيلة ((O)). (3) الآثار الحمراء اللون الموجودة على نصل المطواة ((قرن الغزال)) والتي ضبطت مع المتهم المذكور هي دماء آدمية تنتمي للفصيلة ((O)). وحيث إن المتهم مثل بجلسة المرافعة وأنكر ارتكابه تهمة قتل المجني عليه, ودفع ببطلان تقرير الصفة التشريحية لعدم حلف من أجراها اليمين القانونية, كما نازع في قدرة المجني عليه على الكلام والإدلاء باسم قاتله, وتدليلاً على هذه المنازعة قدم تقريراً طبياً استشارياً ينتهي إلى نتيجة مؤداها أن المجني عليه ..... كان في حالة صدمة عصبية أولية فور حصول إصاباته ثم اندمجت في الصدمة الثانوية الناشئة عن النزيف وبذلك ظل المجني عليه فاقد الوعي جزئياً ثم كلياً منذ حصول إصاباته إلى أن توفى, ومن ثم لم يكن في استطاعته الكلام بتعقل خلال أي فترة منذ وقوع الإصابات لحين وفاته, وأنه لا يوجد دليلي فني على أن المطواة المضبوطة هي أداة الحادث إذ لم تفحص التلوثات المحمرة اللون التي كانت على نصلها لإثبات أنها دماء آدمية من ذات فصيلة دم المجني عليه.
لما كان ما تقدم, وكان لا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي وإجراء الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعي, ذلك أن الطبيب ........ مدير مستشفى ..... يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المجني عليه نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير طبيب ذي علم وخبرة حيث يغني الأخير في هذا المقام, وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء مهما وجهت إليها من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها فمتى اطمأنت إليه أخذت به ولا يجافي ذلك المنطق والقانون, وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتقرير الطبيب سالف الذكر الذي قام بالتشريح ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها لما هو مقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات الجنائية لجميع رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين. وإذ كان من المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم ملاك الأمر فيه لمحكمة الموضوع فلها الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ ...... من إمكانية المجني عليه على الرغم من إصاباته أن يعيش فترة من الزمن عقب إصاباته بحوالي ساعة أو أكثر أو أقل وهو في حالة صحو عقلي ومحتفظاً بوعيه قادراً على الكلام بتعقل وأن يدلي بما نسب إليه من أقوال وذلك قبل أن يدخل في دور الغيبوبة التي انتهت بالوفاة والذي تأيد بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ ..... والمتضمن ذات النتيجة المتقدم ذكرها. فإن المحكمة في شأن ما سلف تطرح في حدود سلطتها التقديرية تقري الخبير الاستشاري المقدم من المتهم.
وإذ كان مجرد التأخير في عرض محضر الاستدلالات بمعرفة الضابط الذي قبض عليه في حالة التلبس بالجريمة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به وأقوال محرره من أدلة منتجة في الدعوى ما دامت اطمأنت إليها. كما لا جناح عليها في أخذها برواية منقولة عن شهودها إذا آنست الصدق فيها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه, وكذلك تعويلها في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة, فإن المحكمة يكون قد اكتمل اقتناعها واطمأن وجدانها إلى أن المتهم ..... هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمدية بقصد قتله فأحدث إصاباته التي أدت إلى وفاته على نحو ما أثبته تقرير الصفة التشريحية السالف إيراده.
وحيث إنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم وتستخلصها من أنه فور علمه بمقتل قريبه ...... أعد سلاحاً قاتلاً بطبيعته هو مطواة ((قرن غزال)) وما أن ظفر بالمجني عليه حتى انهال طعناً بهذا السلاح في مواضع عدة قاتلة من جسمه قاصداً قتله منها النافذة إلى تجويف البطن والكافية بذاتها لإحداث الوفاة إضافة إلى إصابات أخرى غير نافذة سهلت الوفاة وذلك أخذاً بثأر قريبه سالف الذكر.
وحيث إنه لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها فإن ما سردته المحكمة آنفاً من أدلة وقرائن ساغت لديها في اكتمال اطمئنانها واقتناعها إلى أن المتهم ....... بتاريخ ...... بدائرة قسم ..... محافظة ..... قتل ..... عمداً بأن انهال عليه طعناً بمطواة كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 234 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة أدانت المتهم فإنها تلزمه بالمصروفات الجنائية عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 18597 لسنة 67 ق جلسة 28 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 112 ص 487

جلسة 28 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوي.

----------------

(112)
الطعن رقم 18597 لسنة 67 القضائية

إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرراً المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. صحيح. حضور شهود الخصوم جلسة المحاكمة لم يدرجوا بالقائمة أو يعلنوا وفقاً للقانون. يوجب على المحكمة سماعهم. علة ذلك؟
سماع الشاهد. لا يصح أن يتوقف على سبق ذكره في التحقيقات الأولى وإبداء المحكمة رأيها في أقواله قبل سماعها. لما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. يعيبه.

----------------
لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً/ "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 قد جرى نصها "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم توضح أسماؤهم في القائمة..... على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى...." ومن المقرر أنه لا على المحكمة إن لم تسمع هؤلاء الشهود إن لم يتم إعلانهم على النحو المبين بالمادة السابقة، إلا أنه ما دام أن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة حضورهم فقد كان على محكمة الجنايات سماعهم، لأن الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها محكمة الموضوع في الجلسة وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً، لأن تلك المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح ولا يصح أن يتوقف سماع أي شاهد - ولو كان للنفي - على سبق ذكره في التحقيقات الأولى، وليس للمحكمة أن تبدي رأيها في سماعها لاحتمال أن يسفر عن حقيقة يتغير بها اقتناع المحكمة بوجه الرأي في الدعوى، وإذ لم تلتزم محكمة الجنايات هذا النظر فإن حكمها يكون معيباً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: 1 - شرعوا في قتل..... عمداً وذلك بأن تعدوا عليه بالضرب بأسلحة بيضاء فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي قاصدين من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج 2 - ضربوا المجني عليه سالف الذكر عمداً بأسلحة بيضاء فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة على النحو المبين بالأوراق 3 - حازوا أسلحة بيضاء بدون ترخيص. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 240/ 1 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند "10" من الجدول رقم "1" الملحق مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد استبعاد التهمة الأولى من الاتهام.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز أسلحة بيضاء بدون ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعنين طلب سماع شهود النفي الموجودين بالجلسة إلا أن المحكمة التفتت عن ذلك الطلب وردت عليه رداً غير سائغ. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين طلب سماع ثلاثة شهود موجودين بالجلسة والمحكمة تبينت وجودهم إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وأطرحته بقولها "وحيث إن المحكمة وقد ألمت بالدعوى وما حوته أوراقها على نحو ما سلف بيانه فإنها تشير بداية إلى أنها لم تر إجابة المتهمين إلى سماع شهود نفي، ذلك أنهم إذ مثلوا أمام وكيل النيابة المحقق بجلسة 2/ 5/ 1993 لاستجوابهم سألهم صراحة بعد أن أحاطهم علماً بالتهمة وعقوبتها عما إذا كان لديهم شهود نفي فأجابوا نفياً في حضور محاميهم الأستاذ..... الذي اصطحبهم لسراي النيابة وحضر التحقيق معهم، ومن ناحية أخرى فإن دفاع المتهمين لم يذكر أن أولئك الشهود قد عاينوا الواقعة أو حضروا على مسرح الحادث حتى يمكن القول بإمكان أن يكونوا قد عاينوها فيكون في إجابة الدفاع إلى طلبه تقصى للواقعة على الوجه الصحيح، أما وقد ذكر الدفاع أنهم شهود نفي فقط دون أن يذكر أنهم شاهدا الواقعة أو تواجدوا بمكانها فإن المحكمة تلتفت عن طلبه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً/ "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 قد جرى نصها "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم توضح أسماؤهم في القائمة...... على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى..." ومن المقرر أنه لا على المحكمة إن لم تسمع هؤلاء الشهود إن لم يتم إعلانهم على النحو المبين بالمادة السابقة، إلا أنه ما دام أن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة حضورهم فقد كان على محكمة الجنايات سماعهم، لأن الأصل في الأحكام الجنائية أن تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها محكمة الموضوع في الجلسة وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً، لأن تلك المحكمة هي الملاذ الأخير الذي يتعين أن ينفسح لتحقيق الواقعة وتقصيها على الوجه الصحيح ولا يصح أن يتوقف سماع أي شاهد - ولو كان للنفي - على سبق ذكره في التحقيقات الأولى، وليس للمحكمة أن تبدي رأيها في سماعها لاحتمال أن يسفر سماعه عن حقيقة يتغير بها اقتناع المحكمة بوجه الرأي في الدعوى، وإذ لم تلتزم محكمة الجنايات هذا النظر فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 17444 لسنة 63 ق جلسة 28 / 9 / 1999 مكتب فني 50 ق 111 ص 484

جلسة 28 من سبتمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا ومصطفى عبد المجيد وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(111)
الطعن رقم 17444 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "قوة الأمر المقضي". حكم "حجيته". أمر بألا وجه. نيابة عامة. بلاغ كاذب.
قوة الأمر المقضي أمام المحاكم الجنائية أو المدنية. لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة.
الأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق في الجريمة المبلغ عنها. لا حجية له أمام المحكمة الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة. المادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية.
(2) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". قصد جنائي.
جريمة البلاغ الكاذب. مناط تحققها؟
اقتصار الحكم بالإدانة في جريمة البلاغ الكاذب على مجرد القول أن النيابة العامة انتهت إلى حفظ البلاغ لعدم صحته. غير كاف للتدليل على علم الطاعن بكذب البلاغ وانتوائه السوء بالمبلغ في حقه والإضرار به ويكون قاصراً في إثبات القصد الجنائي في تلك الجريمة.

-----------------
1 - المقرر بنص المادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية أن قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام بعد صيرورتها باتة وأنه ليس للأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق في الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة التي عليها أن تفصل في الدعوى المطروحة أمامها بحسب ما ينتهي إليه تحقيقها.
2 - من المقرر أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعله ولو لم تقم دعوى بما أخبر به مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان أركان هذه الجريمة وكان الحكم المطعون فيه إذ تحدث عن توافر القصد الجنائي لدى الطاعن اقتصر على مجرد القول بأن النيابة العامة انتهت إلى حفظ البلاغ لعدم صحته وهو لا يكفي للتدليل على علمه بكذب البلاغ وأنه كان منتوياً السوء بالمبلغ في حقه والإضرار به، لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قصر في إثبات القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعن بها مما يعيبه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدني دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح شبين القناطر ضد الطاعن بوصف أنه أبلغ كذباً مع سوء القصد ضده بما ثبت عدم صحته على النحو المبين بالأوراق وطلب عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي عن الأستاذ/ ...... المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه استند في إثبات القصد الجنائي إلى ما لا يؤدي إليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه خلص - بعد أن عرض لما جاء بصحيفة الادعاء المباشر ولدفوع المتهم وبعض المبادئ القانونية - خلص إلى إدانة الطاعن في قوله إن "الثابت من مطالعة المحضر رقم..... لسنة..... إداري شبين القناطر أن المستأنف تقدم بشكوى ضد المدعي بالحق المدني وأبلغ أنه قد قام بالتزوير في محررات رسمية (حيازات) بغرض الترشيح لمنصب العمودية، بيد أن النيابة العامة قد قامت بتحقيق الواقعة.. وانتهت إلى عدم صحة الواقعة كما أن المحكمة قد استظهرت سوء نية المبلغ في الإبلاغ وعلمه بعدم صحة ما أبلغ به مما يطمئن وجدانها إلى ثبوت الواقعة في حق المستأنف". لما كان ذلك، وكان من المقرر بنص المادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية أن قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام بعد صيرورتها باتة وأنه ليس للأمر الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق في الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة التي عليها أن تفصل في الدعوى المطروحة أمامها بحسب ما ينتهي إليه تحقيقها وكان من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعله ولو لم تقم دعوى بما أخبر به مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان أركان هذه الجريمة، وكان الحكم المطعون فيه إذ تحدث عن توافر القصد الجنائي لدى الطاعن اقتصر على مجرد القول بأن النيابة العامة انتهت إلى حفظ البلاغ لعدم صحته وهو ما لا يكفي للتدليل على علمه بكذب البلاغ وأنه كان منتوياً السوء بالمبلغ في حقه والإضرار به. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد قصر في إثبات القصد الجنائي في الجريمة التي دان الطاعن بها مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.