جلسة
26 من سبتمبر سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وفتحي الصباغ والبشري
الشوربجي وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.
---------------
(109)
الطعن رقم
30157 لسنة 59 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام" "قرائن".
لمحكمة الموضوع
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى.
تقدير الدليل موكول
إلى محكمة الموضوع. لها أن تأخذ به متى اطمأنت إليه.
قرائن الأحوال من
طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية. للمحكمة أن تأخذ بها في تكوين عقيدتها.
(2)
إثبات
"خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
توقيع الكشف الطبي
وإثبات إصابات المجني عليه بموجب تقرير طبي شرعي غير لازم. كفاية أن يكون من طبيب
ذي علم وخبرة من المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له.
(3)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها
في تقدير الدليل". استدلالات. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إجراءات "إجراءات
التحقيق".
تقدير القوة
التدليلية لآراء الخبراء وتقاريرهم. موضوعي.
للمحكمة الأخذ
بتقرير طبيب قام بإجراء التشريح دون حلف يمين قبل مباشرة مأموريته باعتباره ورقة
من أوراق الاستدلالات في الدعوى. أساس ذلك؟
(4)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء
والمفاضلة بين تقاريرهم. موضوعي. للمحكمة الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه والالتفات
عما عداه.
(5)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية
التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه
عام". استدلالات.
التأخير في عرض
محضر جمع الاستدلالات لا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به وبأقوال محرره من أدلة
منتجة. متى اطمأنت إليها. لها الأخذ برواية منقولة عن شهودها متى آنست فيها الصدق
وصدورها عمن نقلت عنه.
للمحكمة أن تعول في
تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(6)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد
جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر نية القتل". محكمة النقض
"نظرها الدعوى والحكم فيها".
قصد القتل أمر خفي.
إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني
وتنم عما يضمر في نفسه. استخلاصه. موضوعي.
مثال: لحكم صادر من
محكمة النقض في ثبوت نية القتل لدى نظرها موضوع الدعوى.
(7)
قتل عمد. إثبات
"بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم
فيها" "الطعن للمرة الثانية".
لا يشترط لثبوت
جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة. للمحكمة تكوين
اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها.
مثال: لحكم
بالإدانة صادر من محكمة النقض في جريمة قتل عمد لدى نظرها موضوع الدعوى.
-------------
1 - من المقرر أن للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، وكان تقدير الدليل موكولاً إليها فمتى اقتنعت به وإطمانت إليه أخذت به، كما أن من سلطتها أن تأخذ في تكوين عقيدتها بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية.
2 - من المقرر أنه لا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي وإجراء الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعي، ذلك أن الطبيب ..... مدير مستشفى ..... يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المجني عليه نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير طبيب ذي علم وخبرة حيث يغني الأخير في هذا المقام.
3 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء مهما وجه إليها من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها فمتى اطمأنت إليه أخذت به ولا يجافي ذلك المنطق والقانون، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي بتقرير الطبيب سالف الذكر الذي قام بالتشريح ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصرا من عناصرها، لما هو مقرر من أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات لجميع رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم ملاك الأمر فيه لمحكمة الموضوع فلها الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
5 - من المقرر أن مجرد التأخير في عرض محضر الاستدلالات المحرر بمعرفة الضابط الذي قبض على المتهم في حالة التلبس بالجريمة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ لما ورد به وأقوال محررة من أدلة منتجة في الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، كما لا جناح عليها في أخذها برواية منقولة عن شهودها إذا آنست الصدق فيها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وكذلك تعويلها في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم وتستخلصها من أنه فور عمله بمقتل قريبه ..... أعد سلاحاً قاتلاً بطبيعته هو مطواة (قرن غزال) وما أن ظفر بالمجني عليه حتى انهال طعناً بهذا السلاح في مواضع عدة قاتلة من جسمه قاصداً قتله منها النافذة إلى تجويف البطن والكافية بذاتها لإحداث الوفاة إضافة إلى إصابات أخرى غير نافذة سهلت الوفاة وذلك أخذا بثأر قريبه سالف الذكر.
7 - من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن عليه من ظروف الدعوى وقرائنها، فإن ما سردته المحكمة آنفا من أدلة وقرائن ساغت لديها في اكتمال اطمئنانها واقتناعها إلى أن المتهم.... بتاريخ ..... بدائرة قسم .... محافظة ..... قتل .....عمداً بان انهال عليه طعناً بمطواه كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 234 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة أدانت المتهم فإنها تلزمه بالمصروفات الجنائية عملا بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما: المتهم الأول:- قتل ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً "مسدس" حمله وتوجه إليه حيث يسير بالطريق العام وأطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الثاني:- قتل ...... عمداً بأن انهال عليه بمطواة كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بالمواد 230, 231, 134/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض " قيد بجدول محكمة النقض برقم ... لسنة .... قضائية". ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً ببراءة كل من المتهمين مما أسند إليهما ومصادرة المطواة المضبوطة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات ..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للمطعون ضده الأول وتحديد جلسة لنظر الموضوع بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات سمعت المحكمة المرافعة ...... إلخ.
بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفهية ومطالعة الأوراق والمداولة قانوناً.
وحيث إن وقائع الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من أقوال شهودها وسائر العناصر المطروحة أمامها وما دار بشأنها بجلسة المرافعة توجز في أنه بتاريخ ..... أثناء وجود الرائد ..... على مقربة من مكان حادث قتل .... لاتخاذ بعض إجراءات الاستدلالات, سمع استغاثة فالتفت إلى جهة صدورها فشاهد المتهم .... يجري فراراً من هذه الجهة ويتبعه عدواً نفر من العامة ويصيحون خلفه أنه المعتدي بالضرب على المجني عليه ...... فتعقبه برهة يسيرة حتى ضبطه وهو يردد بأن ...... الذي يمت بصلة قربى إليه, قد قتل, وأن هؤلاء النفر من العامة التفوا حول المتهم .... بعد القبض عليه مقررين أنه هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمطواة, فقام بتفتيش المتهم الذي كانت ملابسه ممزقة من قبل وملوثة بدم حديث فضبط في الجيب الأيمن لجلبابه مطواة ((قرن غزال)) تحمل آثار دماء حديثة.
وحيث إنه لما كان للمحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وجميع عناصر الدعوى المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى, وكان تقدير الدليل موكولاً إليها فمتى اقتنعت به واطمأنت إليه أخذت به, كما أن من سلطتها أن تأخذ في تكوين عقيدتها بقرائن الأحوال وهي من طرق الإثبات الأصلية في المواد الجنائية, فإن المحكمة تطمئن إلى أن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى هي أن المتهم .... اعتدى على المجني عليه .... بمدية بقصد قتله انتقاماً لمقتل قريبه ...... وقد ضبط متلبساً بها مدللاً عليها بالأدلة والقرائن التي اقتنعت بها المحكمة واطمأنت إليها والمستمدة من أقوال كل من الرائد .... و....... و..... و...... و...... و..... والطبيب ..... و...... والملازم أول ......, وتقرير الصفة التشريحية وتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية وتقريري الطب الشرعي. فقد شهد الرائد .... رئيس وحدة مباحث قسم ....... أنه لدى تواجده بالقرب من المكان الذي قتل فيه ..... قائماً بإجراءات الاستدلالات بشأن هذا الحادث .. سمع استغاثة فالتفت إلى ناحية صدورها فرأى المتهم .... يعدو هارباً من هذه الناحية ويتبعه جرياً عصبة من العامة صائحين خلفه بما يفيد اتهامهم إياه بالاعتداء بمطواة على المجني عليه ...... فتعقبه لمسافة قصيرة جداً حتى ضبطه وهو يردد بأن ...... قد قتل. وأن تلك العصبة تجمعت حوله بعد إتمام القبض على المتهم ...... مقررين أن هذا هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمدية. وقد قام بتفتيش المتهم الذي كانت ملابسه ممزقة من الأمام وملوثة بدم حديث فضبط في الجيب الأيمن لجلبابه مطواة ((قرن غزال)) تحمل آثار دماء حديثة. وشهد الرقيب أول ....... رئيس نقطة شرطة مستشفى ..... أنه في زهاء الساعة الثانية من مساء يوم ...... حضر إلى المستشفى المجني عليه ...... وتنفيذاً لما أشار به طبيب الاستقبال رافق المجني عليه إلى حيث غرفة العمليات الجراحية, وحال صعوده وإياه في المصعد الكهربائي في صحبة كل من ..... و....... و...... سأل المجني عليه عن اسمه وشخص من أحدث إصابته فأجابه عن اسمه وأن محدث إصابته هو المتهم ......... بمطواة. وشهد كل من ..... و....... و....... العاملين بمستشفى ..... أن الشاهد السابق الرقيب أول ...... سأل المجني عليه أثناء نقله إلى غرفة العمليات الجراحية بالمصعد الكهربائي عن اسم محدث إصابته فأجابه أنه المتهم ........ بمطواة.
وشهد الطبيب ..... مدير مستشفى ..... بتحقيقات النيابة العامة أنه وقع الكشف الطبي على المجني عليه ........ الذي أسفر عن إصابته بجرح قديم بأعلى الجدارية اليمنى تحت كسر منخسف بعظام الجدارية اليمنى وجروح قطعية متعددة وجرح قطعي نافذ إلى تجويف البطن وتبرز منه مساريقا الجزء الأعلى للمصران الغليظ النازل, وقد نتجت الوفاة عن نزف بتجويف البطن بسبب تمزق مساريقا المصران الصائمي وأن باقي الإصابات ساهمت في وفاة المجني عليه بحسبانها جروح طعنية غائرة. ومن الجائز حدوث تلك الإصابات من المطواة المضبوطة مع المتهم ..... وشهد ...... رئيس مجلس إدارة جمعية ...... أنه في يوم سابق على الحادث تدخل لإصلاح خلاف قام بين ....... وبين ...... وابن عمه ...... وشهد الملازم أول ........ معاون مباحث قسم شرطة ...... أن تحرياته عن الحادث أسفرت عن أن خلافاً نشب بين ...... وبين ..... أدى بالأخير إلى قتل الأول وعندما أدرك هذا المتهم ...... الذي على صلة قربى بالمجني عليه المذكور أسرع بإعداد أداة قاطعة - مطواة- وتوجه صوب المكان الذي يتواجد فيه المجني عليه ...... الذي على قرابة بالمتهم ..... وطعنه بها قاصداً قتله ثأراً فأحدث به إصاباته التي أدت إلى وفاته. وثبت من تقرير الصفة التشريحية التي أجراها الطبيب ..... مدير مستشفى ...... بناء على تكليف النيابة العامة أن إصابات المجني عليه ...... عبارة عن:- (1) جرح طولي قديم أعلى الجدارية اليمنى ويوجد أسفله كسر منخسف قديم. (2) جرح قطعي أمام الأذن اليمنى وآخر بأعلاها. (3) جرح قطعي بالجزء الأمامي من الجدارية اليمنى .(4) جرح قطعي نافذ إلى تجويف البطن ويبرز منه جزء من الصائمي بأعلى جدار البطن من الناحية اليسرى ونزيف خارجي. (5) جرح قطعي مستعرض غير نافذ إلى تجويف الصدر أسفل لوحة الكتف اليسرى. (6) جرح قطعي خلف الأذن اليسرى. (7) خمسة عشر جرحاً قطعيا غير نافذ إلى تجويف البطن والصدر بالظهر. (8) جرح قطعي طولي غير نافذ أمام الفقرات القطنية الأولى والثانية والثالثة من الناحية اليمنى. (9) جرح قطعي مستعرض أسفل جدار البطن الأيمن غير نافذ. (10) جرح قطعي بالناحية الداخلية للخلخال الأيمن. وأن ثمة نزيف شديد بتجويف البطن ناتج من جرح المساريقا الصائمي, وأن سبب الوفاة النزيف بتجويف البطن نتيجة الجرح النافذ الموصوف تحت رقم 4 سالف البيان الذي أحدث جروحاً بمساريقا المصران النازل والصائمي, وأن الآلة المستعملة آلة حادة. وثبت من التقرير الطبي الشرعي المؤرخ ...... أن الإصابة النافذة أو باقي الإصابات غير النافذة ليست قاتلة للمجني عليه في التو واللحظة وغير مصحوبة بإصابات بأحشاء دفينة من الجسم من شأنها أن تتعارض والحياة لأي فترة زمنية, وعلى ذلك فمن الممكن للمجني عليه بمثل هذه الإصابات موضعاً وعدداً وجسامة أن يعيش فترة من الزمن عقب إصابته بحوالي ساعة أو أكثر أو أقل وهو في حالة صحو عقلي ومحتفظاً بعقله قادراً على الكلام بتعقل وأن يدلي بما نسب إليه من أقوال خاصة أنه لم تحدث به إصابات بأجهزة الكلام أو مراكز الكلام العليا بالمخ وذلك قبل أن يدخل في دور الغيبوبة التي انتهت بالوفاة. وأنه يجوز حدوث إصابات المجني عليه من المطواة المضبوطة أو مثلها. وثبت من تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية أن:- (1) التلوثات الدموية الموجودة على قطعة القماش الأبيض ((الملاية)) التي كان ملفوفاً بها المجني عليه ...... تنتمي للفصيلة ((O)). (2) الآثار البنية اللون الموجودة على الكم الأبيض، وجيب الجلباب الخاص بالمتهم ....... هي دماء آدمية تنتمي للفصيلة ((O)). (3) الآثار الحمراء اللون الموجودة على نصل المطواة ((قرن الغزال)) والتي ضبطت مع المتهم المذكور هي دماء آدمية تنتمي للفصيلة ((O)). وحيث إن المتهم مثل بجلسة المرافعة وأنكر ارتكابه تهمة قتل المجني عليه, ودفع ببطلان تقرير الصفة التشريحية لعدم حلف من أجراها اليمين القانونية, كما نازع في قدرة المجني عليه على الكلام والإدلاء باسم قاتله, وتدليلاً على هذه المنازعة قدم تقريراً طبياً استشارياً ينتهي إلى نتيجة مؤداها أن المجني عليه ..... كان في حالة صدمة عصبية أولية فور حصول إصاباته ثم اندمجت في الصدمة الثانوية الناشئة عن النزيف وبذلك ظل المجني عليه فاقد الوعي جزئياً ثم كلياً منذ حصول إصاباته إلى أن توفى, ومن ثم لم يكن في استطاعته الكلام بتعقل خلال أي فترة منذ وقوع الإصابات لحين وفاته, وأنه لا يوجد دليلي فني على أن المطواة المضبوطة هي أداة الحادث إذ لم تفحص التلوثات المحمرة اللون التي كانت على نصلها لإثبات أنها دماء آدمية من ذات فصيلة دم المجني عليه.
لما كان ما تقدم, وكان لا محل للقول بضرورة توقيع الكشف الطبي وإجراء الصفة التشريحية بمعرفة الطبيب الشرعي, ذلك أن الطبيب ........ مدير مستشفى ..... يعتبر من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدى له وأثبته لأن القانون لا يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المجني عليه نتيجة لتقرير طبي شرعي دون تقرير طبيب ذي علم وخبرة حيث يغني الأخير في هذا المقام, وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء مهما وجهت إليها من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها فمتى اطمأنت إليه أخذت به ولا يجافي ذلك المنطق والقانون, وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتقرير الطبيب سالف الذكر الذي قام بالتشريح ولو لم يحلف يميناً قبل مباشرة مأموريته بحسبانه ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة لها وعنصراً من عناصرها لما هو مقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في إجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية له من الاختصاص ما خوله قانون الإجراءات الجنائية لجميع رجال الضبطية القضائية في الفصلين الأول والثاني من الباب الثاني منه بما في ذلك ما تجيزه لهم المادة 29 من هذا القانون أثناء جمع الاستدلالات من الاستعانة بأهل الخبرة وطلب رأيهم شفهياً أو بالكتابة بغير حلف يمين. وإذ كان من المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم ملاك الأمر فيه لمحكمة الموضوع فلها الأخذ بالتقرير الذي تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي المؤرخ ...... من إمكانية المجني عليه على الرغم من إصاباته أن يعيش فترة من الزمن عقب إصاباته بحوالي ساعة أو أكثر أو أقل وهو في حالة صحو عقلي ومحتفظاً بوعيه قادراً على الكلام بتعقل وأن يدلي بما نسب إليه من أقوال وذلك قبل أن يدخل في دور الغيبوبة التي انتهت بالوفاة والذي تأيد بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ ..... والمتضمن ذات النتيجة المتقدم ذكرها. فإن المحكمة في شأن ما سلف تطرح في حدود سلطتها التقديرية تقري الخبير الاستشاري المقدم من المتهم.
وإذ كان مجرد التأخير في عرض محضر الاستدلالات بمعرفة الضابط الذي قبض عليه في حالة التلبس بالجريمة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به وأقوال محرره من أدلة منتجة في الدعوى ما دامت اطمأنت إليها. كما لا جناح عليها في أخذها برواية منقولة عن شهودها إذا آنست الصدق فيها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه, وكذلك تعويلها في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة, فإن المحكمة يكون قد اكتمل اقتناعها واطمأن وجدانها إلى أن المتهم ..... هو الذي اعتدى على المجني عليه ...... بمدية بقصد قتله فأحدث إصاباته التي أدت إلى وفاته على نحو ما أثبته تقرير الصفة التشريحية السالف إيراده.
وحيث إنه لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه استخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم وتستخلصها من أنه فور علمه بمقتل قريبه ...... أعد سلاحاً قاتلاً بطبيعته هو مطواة ((قرن غزال)) وما أن ظفر بالمجني عليه حتى انهال طعناً بهذا السلاح في مواضع عدة قاتلة من جسمه قاصداً قتله منها النافذة إلى تجويف البطن والكافية بذاتها لإحداث الوفاة إضافة إلى إصابات أخرى غير نافذة سهلت الوفاة وذلك أخذاً بثأر قريبه سالف الذكر.
وحيث إنه لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل ومعاقبة مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها فإن ما سردته المحكمة آنفاً من أدلة وقرائن ساغت لديها في اكتمال اطمئنانها واقتناعها إلى أن المتهم ....... بتاريخ ...... بدائرة قسم ..... محافظة ..... قتل ..... عمداً بأن انهال عليه طعناً بمطواة كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة 234 من قانون العقوبات. وحيث إن المحكمة أدانت المتهم فإنها تلزمه بالمصروفات الجنائية عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.