حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضدها الأخيرة الدعوى المقيدة برقم .... لسنة ..... مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم في مواجهة المطعون ضدهم من الثانية إلى السابعة بإثبات العلاقة الإيجارية بين مورثهم كمستأجر للشقة المبينة بالصحيفة والطاعن الأول كمؤجر, وإلزامه بتحرير عقد إيجار له عنها, وقال بياناً لذلك إن شقيقه مورث المطعون ضدهم المذكورين يستأجر هذه الشقة من الطاعن الأول من قبل عام 1950, وأقام هو معه فيها منذ هذه السنة إقامة مستقرة, حتى تركها له المستأجر الأصلي وأولاده إلى شقة أخرى سنة 1962, وإلى أن وافته المنية سنة 1987. وظل شاغلاً لها ويقوم بسداد أجرتها باسم شقيقه وحتى الآن, غير أن الطاعن الأول امتنع عن تحرير عقد إيجار له عنها واستلام قيمتها الإيجارية, فأقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن الأول هذا الحكم لدى محكمة الاستئناف القاهرة بالاستئناف رقم .... لسنة ...... قضائية. وبتاريخ 23/2/1994 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الذي تثيره النيابة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بإلزام الطاعن الأول بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة محل النزاع, امتداداً لعقد شقيقه المستأجر الأصلي. إعمالاً لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977, وإذ قضي بعدم دستورية هذا النص فيما قرره من امتداد عقد إيجار المسكن لغير الوالدين والأزواج والأولاد, فلا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض, وهو أمر متعلق بالنظام العام. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند في قضائه إلى حكم النص المشار إليه المقضي بعدم دستوريته, فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد, ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم, وأن عدم تطبيق النص لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعد دستورية النص. إلا أنه يستثني من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز القانونية التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزام الطاعن الأول بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة محل النزاع استناداً إلى إقامته فيها مع شقيقه المستأجر الأصلي منذ عام 1950 إقامة مستقرة حتى تركها له سنة 1962, طبقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977. وكان المطعون ضده ظل مقيماً بالعين بعد ذلك لمدة أكثر من عشرين سنة سابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 فيما تضمنه من استقرار عقد إيجار المسكن لأقارب المستأجر نسباً حتى الدرجة الثالثة, مما يكون معه حقه على العين قد استقر بانقضاء مدة التقادم, ويستثنى من الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فيما انتهى إليه, فإنه يكون قد وافق صحيح القانون, ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ أقام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أن واقعة التأجير وشغل العين المؤجرة تمت في تاريخ سابق على التنازل بالبيع والهبة عن العقار الكائن به العين, في حين أنه يتعين النظر إلى مالك العقار وقت رفع الدعوى, كما أقام الحكم قضاءه بإلزام الطاعن الأول بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة محل النزاع استناداً إلى أقوال شاهديه التي اطمأن إليها, دون أن يمكن الطاعن الأول من إحضار شاهديه لنفي العلاقة الإيجارية كطلبه, رغم أن ميعاد التحقيق كان قائماً, ولم يورد أو يرد على طلب الخصوم المدخلين إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعهم, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته, ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص توافر الصفة في الدعوى, وتحصيل فهم الواقع فيها, وتقدير الأدلة, إذ أنها لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه, وتثق به ولا رقيب عليها في ذلك متى كانت لم تعتمد على واقعة بغير سند, وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها. وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تحمله. ولا عليها من بعد أن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه. ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد استخلص من الأوراق - وفي حدود سلطته التقديرية - توافر صفة الطاعن الأول في الدعوى, واستند في قضائه بإلزامه بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده الأول عن الشقة محل النزاع على ما خلص إليه من أقوال شاهديه التي اطمأن إليها من أنه أقام فيها مع شقيقه المستأجر الأصلي إقامة مستقرة منذ عام 1950، حتى ترك الأخير الشقة له عام 1962, وأنه ما زال مقيماً فيها, وكان حقه على العين قد استقر بانقضاء مدة التقادم, ويستثنى من الأثر الرجعي للمحكمة الدستورية بعدم دستورية نص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - وعلى ما سلف بيانه - وكان ما استخلصه الحكم سائغاً, وله أصله الثابت بالأوراق, ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بما يكفي حمل قضائه, وفيه الرد الضمني المسقط لما يخالفه. فإن النعي برمته لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره, ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.