جلسة 4 من أكتوبر سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة
الأساتذة: إسماعيل مجدي، ومصطفى حسن، وحسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل
المستشارين.
-------------------
(7)
القضية
رقم 966 سنة 24 القضائية
إثبات. شهود.
أخذ المحكمة بما تطمئن إليه من أقوالهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق
أو المحاكمة وطرح ما عداها دون بيان أسباب. جائز.
----------------
إن لمحكمة الموضوع الحرية
في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى. ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن
إليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، وتطرح ما عداها
مما لا تطمئن إليه، دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب إبراهيم محمد بيصار عمداً على
رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصد من ذلك قتله ولكن
الضرب أفضي إلى موته ـ وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته
بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات، فقررت بذلك وادعى بحق مدني: 1 ـ محمد علي بيصار
عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاد ابنه المرحوم إبراهيم بيصار وهم صلاح
ورئيفة وخيري ومنجدة و2- أم محمد سليمان علي بيصار عن نفسها وبصفتها زوجة المجني
عليه وطلباً الحكم لهما قبل المتهم بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع
المصاريف والأتعاب. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن
ثلاث سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ سبعمائة جنيه والمصاريف المدنية
وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات لأنه
في الزمان والمكان سالفي الذكر ضرب إبراهيم محمد بيصار عمداً على رأسه فأحدث به الإصابات
الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضي إلى موته.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض...إلخ.
المحكمة
...
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ اعتمد على رواية معينة للشهود، قد فاته أن يتعرض لأقوالهم
الأولى في تحقيقات البوليس التي لا تؤدي إلى إدانة الطاعن، كما لم يشر الحكم إلى
اختلافهم في نوع الآلة التي استعملت في الضرب بل أنه اعتبر أن شاهد الرؤية الوحيد
هو حسن المرحومى، مع أن ما رواه عنه لا يقطع بذلك. ثم هو فضلاً عن ذلك قد أغفل أن
الحادث مشاجرة بين عائلتين مما لا يتفق مع ما أثبته من أن الطاعن هو المعتدي
الوحيد على المجني عليه الذي وجدت به ثلاث إصابات نشأت الوفاة عن إحداها. ولما
كانت المحكمة قد أخذت بأقوال الشهود الأخيرة وكانت تلك الأقوال مع تناقضها تسند
إلى الطاعن ضربتين فقط، وكان الحادث شجاراً فلا يمكن من هذا الجزم بإسناد الإصابة
المعينة إلى الطاعن، بل إن التهمة تكون شائعة يؤخذ فيها الطاعن بالقدر المتيقن في
حقه متى ثبت اشتراكه في المعركة ـ هذا ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الحادث حصل بعد
الغروب بنصف ساعة، حيث كان شاهد الرؤية على بعد منه، والمحكمة لم تجر معاينة مكان
الحادث لمعرفة إمكان الرؤية من عدمه كما فات عليها استشارة الطبيب الشرعي فيما إذا
كان المجني عليه يستطيع الكلام بعد إصابته إزاء ما ذكره شيخ الخفراء في شهادته من
أن المجني عليه أفضى إليه باسم ضاربه، وأنه هو الطاعن، وفي هذا إخلال بحقه في
الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه قد بين واقعة الدعوى التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ـ لما كان ذلك وكان الحكم قد اثبت على الطاعن أنه
وحده الذي أحدث إصابات المجني عليه بما فيها الإصابة المميتة، وكان لمحكمة الموضوع
الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ
بما تطمئن إليه من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة، وتطرح
ما عداها مما لا تطمئن إليه، دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب ـ ولما كان الطاعن ـ
على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة ـ لم يطلب إلى المحكمة الانتقال
لمكان الحادث للتحقق من إمكان الرؤية من عدمه، كما لم يطلب إليها استدعاء الطبيب الشرعي
لمناقشته في إمكان تكلم المجني عليه بعد إصابته، لما كان كل ما تقدم ـ فإن ما
يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا
تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.