الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 سبتمبر 2020

الطعن 22647 لسنة 84 ق جلسة 18 / 11 / 2015 مكتب فني 66 ق 120 ص 802

 جلسة 18 من نوفمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، بهاء محمد إبراهيم ، أبو الحسين فتحي وشعبان محمود نواب رئيس المحكمة .
---------

(120)

الطعن رقم 22647 لسنة 84 القضائية

(1) استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات .

المراد بالتسبيب المعتبر ؟

اكتفاء الحكم بإدانة الطاعن بجريمة استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة بسرد أقوال الشهود والتحريات دون بيان ماهية تلك الأفكار والقصد منها . قصور يوجب نقضه .

(2) استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة . شروع . حكم "تسبيبه . تسبيب معيب". عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

المادتان 47 ، 98 (ب) عقوبات . مؤداهما ؟

لا جريمة ولا عقوبة إلَّا بنص .

إدانة الحكم الطاعن بالشروع في الجريمة المؤثمة بالمادة 98 (ب) عقوبات . خطأ في تطبيق القانون وتأويله يوجبان نقضه والإعادة للطاعن دون المحكوم عليهما غيابياً . ولا تملك محكمة النقض تصحيحه . مادامت قضت بنقضه . علة وأساس ذلك ؟

(3) نقض " أثر الطعن " .

عدم امتداد أثر نقض الحكم لمن لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية . علة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   1- لما كان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بُني عليها ، وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبني هو عليها ، والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مُفَصَّل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة ، فلا يحقِّق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكِّن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده من أسباب أو فيما اعتنقه من أسباب الحكم المستأنف لا يكفي بياناً للواقعة – موضوع التهمة الثانية – وتدليلاً عليها على النحو الذي يتطلبه القانون ، ذلك أنه اكتفى بسرد أقوال الشهود والتحريات ، ولم يوضح مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة في القانون ، ولم يستظهر من ظروف الدعوى وأقوال الشهود والتحريات التي حصَّلها أنها تضمنت ترويجاً – بأي طريقة من الطرق – للأفكار المتطرفة ، ولا أبان ماهية تلك الأفكار التي دان الطاعنين بالترويج لها ، ولا كذلك استظهر كيف أن القصد منها كان إثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض والذي هو مدار الأحكام ، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً عن استظهار العناصر المكونة للجريمة – موضوع التهمة الثانية – التي دان الطاعنين بها كما هي معرفة من القانون بما يوجب نقضه .

       2- لما كان المشرع بما أورده في المادة 47 من قانون العقوبات قد نص صراحة ووضوح لا لبس فيه على أن : " تعين قانوناً الجنح التي يعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع " هو مناط التجريم والعقاب ، إذ الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلَّا بنص خاص ، وكانت المادة 98 "ب" من قانون العقوبات إذ سكتت عن النص على ثمة عقوبة للشروع في الجريمة المنصوص عليها فيها ، وكان من المقرر أنه لا جريمة ولا عقوبة إلَّا بنص . وإذا كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وغابت عنه هذه الحقيقة القانونية وقضى على الرغم من ذلك بإدانة الطاعنين عن جنحة الشروع في الترويج – موضوع التهمة الأولى – إعمالاً للمادة الأخيرة – على السياق المتقدم – رغم أنه فعل خارج عن نطاق التأثيم المنصوص عليه في تلك المادة ولا يندرج تحت أي نص عقابي آخر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ، مما كان يتعين معه لذلك إعمالاً لنص الفقرتين الأولى من المادة 39 والثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – أن تحكم محكمة النقض في الطعن بتصحيح الخطأ بمقتضى القانون باعتبار أن هذه التهمة غير معاقب عليها قانوناً بالنسبة إلى الطاعنين ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنهم ، إلَّا أنه لما كان الحكم قد شابه القصور في التسبيب ، على النحو السابق إيضاحه ، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ، ذلك بأن القصور في التسبيب له الصدارة على الخطأ في تطبيق القانون الموجب للتصحيح ، فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله الحكم من عقوبة الحبس سنة وغرامة خمسمائة جنيه عن تهمة الشروع في الترويج ، إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه ، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تصحح هذا الخطأ وتحكم في هذه التهمة وفق صحيح القانون.

       3- لما كان وجه النقض وسببه وإن اتصلا بالمحكوم عليهما الرابع / .... ، والخامس/ .... ، إلَّا أنهما لما كان الحكم غيابياً بالنسبة لهما ، ولم يكونا – أيضاً – طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ، فإن أثر الطعن لا يمتد إليهما ، لأنه لم يكن لهما أصلاً حق الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... (الطاعن) . 2- .... (الطاعن) . 3- .... (الطاعن) 4- .... 5- .... 6- .... (الطاعن) . 7- .... (الطاعن) . 8- .... (الطاعن) بوصف أنهم : 1- جهروا بالقول لإثارة الفتن بين طوائف الشعب على النحو المبين بالتحقيقات .

2- أذاعوا عمداً أخباراً وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة وبثوا دعايات مثيرة ، وكان ذلك من شأنه تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، وطلبت عقابهم بالمادتين 102 ، 102 مكرر/1 من قانون العقوبات .

ومحكمة جنح .... قضت حضورياً للمتهمين جميعاً عدا المتهمين الرابع والخامس غيابياً بحبس كل متهم خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريم كل منهم خمسمائة جنيه عن التهمة الأولى وبحبس كل منهم خمس سنوات مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية ، وذلك بعد أن عدلت القيد والوصف إلى الشروع بالترويج في جمهورية مصر العربية لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات واستغلال الدين الإسلامي في الترويج لأفكار متطرفة ، بالمواد 39 ، 40، 41 ، 98/ب ، 98/و من قانون العقوبات .

استأنف المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والسادس والسابع والثامن .

ومحكمة .... الابتدائية " بهيئة استئنافية " قضت حضوريًا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل منهم سنة عن كل اتهام والتأييد فيما عدا ذلك .

        فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثالث والسادس والسابع والثامن في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

    حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ دانهم وآخرين بجريمتي الشروع في الترويج بجمهورية مصر العربية لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها ، وللقضاء على طبقة اجتماعية ، وهدم القوات المسلحة ، وكان ذلك باستعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ، واستغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة قد شابه القصور في التسبيب ؛ ذلك بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه ، قد خلا من بيان أركان الجريمتين اللتين دانهم بهما ، وجاءت عباراته عامة مجملة ، وأغفل إيراد مؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه ، والتفت كلية عن دفاع الطاعنين ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

       وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين وآخرين بوصف أنهم أولاً :- جهروا بالقوة لإثارة الفتن بين طوائف الشعب على النحو المبين بالتحقيقات ، ثانياً :- أذاعوا عمداً أخباراً وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة وبثوا دعايات مثيرة ، وكان ذلك من شأنه تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، وطلبت النيابة العامة عقابهم بالمادتين 102 ، 102 مكرراً/1 من قانون العقوبات ، وانتهت محكمة الموضوع بدرجتيها إلى إدانتهم بوصف دارت المرافعة على أساسه ، أنهم أولاً :- شرعوا في الترويج بجمهورية مصر العربية لتسويد طبقة الإخوان على غيرها من الطبقات الاجتماعية الأخرى ، بأن عرضوا مبلغاً مالياً على والدة المجند الشهيد وذلك بتحريضها وذويها على اتهام القوات المسلحة في قتل نجلها وللقضاء على الطبقة الغالبية من المجتمع المصري غير المنتمي لهم ، ولهدم القوات المسلحة المصرية متى كان استعمال القوة والإرهاب غير مشروع ، ثانياً :- استغلوا الدين الاسلامي في الترويج بالقول لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية بين جموع الشعب المصري ، وعلى النحو الثابت بالتحقيقات ، وقضى الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه ، والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيه بمعاقبة كل من الطاعنين والآخرين بمقتضى المادتين 98 "ب" ، و98 "و" من قانون العقوبات بالحبس سنة ، وغرامة خمسمائة جنيه عن التهمة الأولى ، والحبس سنة عن التهمة الثانية . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بُني عليها ، وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر تحرير الأسانيد والحجج المبني هو عليها ، والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون ، ولكي يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مُفَصَّل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة ، فلا يحقِّق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكِّن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده من أسباب أو فيما اعتنقه من أسباب الحكم المستأنف لا يكفي بياناً للواقعة – موضوع التهمة الثانية – وتدليلاً عليها على النحو الذي يتطلبه القانون ، ذلك أنه اكتفى بسرد أقوال الشهود والتحريات ، ولم يوضح مدى مطابقتها للأهداف المؤثمة في القانون ، ولم يستظهر من ظروف الدعوى وأقوال الشهود والتحريات التي حصَّلها أنها تضمنت ترويجاً – بأي طريقة من الطرق – للأفكار المتطرفة ، ولا أبان ماهية تلك الأفكار التي دان الطاعنين بالترويج لها ، ولا كذلك استظهر كيف أن القصد منها كان إثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض والذي هو مدار الأحكام ، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً عن استظهار العناصر المكونة للجريمة – موضوع التهمة الثانية – التي دان الطاعنين بها كما هي معرفة من القانون بما يوجب نقضه ، كما أن المشرع بما أورده في المادة 47 من قانون العقوبات قد نص صراحة ووضوح لا لبس فيه على أن : " تعين قانوناً الجنح التي يعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع " هو مناط التجريم والعقاب ، إذ الأصل عدم العقاب على الشروع في الجنح إلَّا بنص خاص ، وكانت المادة 98 "ب" من قانون العقوبات إذ سكتت عن النص على ثمة عقوبة للشروع في الجريمة المنصوص عليها فيها ، وكان من المقرر أنه لا جريمة ولا عقوبة إلَّا بنص . وإذا كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وغابت عنه هذه الحقيقة القانونية وقضى على الرغم من ذلك بإدانة الطاعنين عن جنحة الشروع في الترويج - موضوع التهمة الأولى – إعمالاً للمادة الأخيرة – على السياق المتقدم – رغم أنه فعل خارج عن نطاق التأثيم المنصوص عليه في تلك المادة ولا يندرج تحت أي نص عقابي آخر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ، مما كان يتعين معه لذلك إعمالاً لنص الفقرتين الأولى من المادة 39 والثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – أن تحكم محكمة النقض في الطعن بتصحيح الخطأ بمقتضى القانون باعتبار أن هذه التهمة غير معاقب عليها قانوناً بالنسبة إلى الطاعنين ولو لم يرد ذلك في أسباب طعنهم ، إلَّا أنه لما كان الحكم قد شابه القصور في التسبيب ، على النحو السابق إيضاحه ، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن ، ذلك بأن القصور في التسبيب له الصدارة على الخطأ في تطبيق القانون الموجب للتصحيح ، فإن محكمة النقض لا تملك التعرض لما أنزله الحكم من عقوبة الحبس سنة وغرامة خمسمائة جنيه عن تهمة الشروع في الترويج ، إذ ليس بوسعها أن تصحح منطوق حكم قضت بنقضه ، بل على محكمة الموضوع عند إعادة الدعوى لها أن تصحح هذا الخطأ وتحكم في هذه التهمة وفق صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان وجه النقض وسببه وإن اتصلا بالمحكوم عليهما الرابع / .... ، والخامس/ .... ، إلَّا أنهما لما كان الحكم غيابياً بالنسبة لهما ، ولم يكونا – أيضاً – طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم ، فإن أثر الطعن لا يمتد إليهما ، لأنه لم يكن لهما أصلاً حق الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 12426 لسنة 84 ق جلسة 11 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 7 ص 113

 جلسة 11 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / فرغلي زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبد العال ، هاشم النوبي ، صلاح محمد وأيمن شعيب نواب رئيس المحكمة .

----------

(7)

الطعن رقم 12426 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " حجيته " .

      القضاء بعدم جواز نظر بعض الوقائع والبراءة في وقائع أخرى في الأسباب التي يُحمل عليها المنطوق . كافٍ .

حجية الأحكام . لا ترد إلَّا على منطوقها . امتدادها إلى الأسباب . متى كانت مكملة للمنطوق ومرتبطة معها ارتباط لا يقبل التجزئة .

(2) أمر بألا وجه . حكم " حجيته " . قوة الأمر المقضي . نيابة عامة . استيلاء على أموال أميرية . كسب غير مشروع . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

        الأمر الصادر من سلطة التحقيق بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية . ما دام قائماً لم يلغ . علة ذلك ؟

حجية الأحكام . مناطها : وحدة الخصوم والموضوع والسبب . اتحاد السبب . شروط تحققه ؟

المادتان 454 ، 455 إجراءات . مفادهما ؟

  صدور أمر من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية عن واقعة استيلاء المطعون ضده على المال العام وبقائه قائماً . أثره : عدم جواز تقديمه للمحاكمة عن ذات الواقعة بوصف الكسب غير المشروع . التزام الحكم هذا النظر . صحيح . أساس وعلة ذلك ؟

(3) إثبات " بوجه عام " . كسب غير مشروع . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

كفاية تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة للمتهم كي تقضي ببراءته . النعي على الحكم بشأن ذلك . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض . علة وشرط ذلك ؟

عدم التزام المحكمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت. ما دامت قد داخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات . علة ذلك ؟

مثال لتدليل سائغ لحكم صادر بالبراءة من جريمة الكسب غير المشروع .

(4) إثبات " بوجه عام " . كسب غير مشروع . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

لمحكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وسائر عناصرها . شرط ذلك ؟

الكسب غير المشروع طبقاً للمادة 2/1 من القانون 62 لسنة 1975 . ماهيته وصورتيه؟

    قضاء الحكم بإدانة الطاعن بجريمة الكسب غير المشروع لمجرد قيام الوظيفة به دون بيانه وجه استغلالها والإجراءات والنظم التي خالفها واكتفائه بعبارات عامة مجملة واستناده لأقوال شهود الإثبات مع خلوها من الوقائع المثبتة لارتكابه لها . قصور وفساد وخطأ في تطبيق القانون. توجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه ، وإن سكت في منطوقه عن القضاء بعدم جواز نظر الدعوى عن الواقعة الأولى بقرار الاتهام المسندة إلى المطعون ضده وبراءته من الواقعتين الثالثة والرابعة - واقعة استغلال نفوذ وظيفته في شراء الوحدة السكنية .... وما حققه من كسب غير مشروع منها ، وواقعتي تحقيقه مبلغاً قدره ستة وعشرون مليوناً ومائتان وثلاثة وستون ألفاً وثلاثمائة وثمانية جنيهات من الكسب غير المشروع نتيجة زيادة طرأت في ثروته وعجزه عن إثبات مصدر مشروع لها ، وإجرائه أعمال إنشائية بفيلته بـ .... بأقل من قيمتها محققاً كسباً غير مشروع مقداره خمسة وستون ألف جنيه جراء استغلاله لوظيفته بصفته رئيساً للهيئة العامة .... ثم وزيراً .... ثم وزيراً .... إلَّا أنه بيَّنهما في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها ، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ منه وهو بيان كاف ، لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام لا ترد الحجية إلَّا على منطوقها ، إلَّا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً معه ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلَّا به .

2- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى فيما يخص الواقعة الأولى بقوله : " .... أن المتهم .... وزير .... الأسبق وبصفته من القائمين بأعباء السلطة العامة ومن الخاضعين لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قام بشراء الوحدة رقم .... بمشروع .... التابع للشركة .... وهى إحدى الشركات المساهمة المصرية - وذلك في يوم .... ومساحتها .... بسعر إجمالي قدره مليون وخمسمائة وأربعة وأربعون ألف جنيه وذلك بالتقسيط - إذ سدد مقدماً لها مبلغاً قدره مائتا ألف جنيه ودفع ثلاثمائة ألف جنيه أخرى على أقساط - أي بما يوازى سعر المتر أربعة آلاف جنيه - حال أن سعر المتر في ذلك الوقت بذلك المكان يبلغ 12190 جنيه اثنى عشر ألفا ومائة وتسعين جنيهاً أي أن إجمالي سعر الوحدة هو مبلغ 4.789.840 جنيه فيكون قد اشترى تلك الوحدة السكنية بأقل من سعرها الحقيقي بمبلغ ثلاثة ملايين ومائتين وخمسة وأربعين ألفاً وثمانمائة وأربعين جنيهاً ، وفى ../../.... طلب فسخ العقد الخاص بتلك الوحدة وكان مقتضى إعمال نصوص ذلك العقد أن يسترد ما دفعه مخصوماً منه مبلغ 5% إلَّا أنه استغلالاً لنفوذ وظيفته طلب من رئيس مجلس إدارة الشركة آنذاك الحصول على مبلغ خمسة ملايين جنيه نظير ذلك الفسخ وكان له ما أراد فصدر له شيك بذلك المبلغ محققاً كسباً غير مشروع لنفسه من تلك الواقعة قدره أربعة ملايين وخمسمائة وسبعة وسبعون ألف ومائتا جنيه تمثل الفرق بين ما كان يجب أن يحصل عليه بالفعل جراء فسخ العقد وهو 475 ألف جنيه وما حصل عليه فعلاً وهو خمسة ملايين جنيه ، وقد انقضت الدعوى الجنائية في تلك الواقعة لصدور قرار من نيابة الأموال العامة العليا بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية لسداد المتهم لمبلغ أربعة ملايين وخمسمائة وسبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه لصالح شركة .... بموجب شيكات آجلة الدفع على زوجته .... " ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها ، لأن له في نطاق حجيته ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، كما وأن مفاد نص المادتين 454 ، 455 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين ، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ، ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة ولو تحت وصف جديد أن يتحد الأساس الذى أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذى يخضع لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مذكرة نيابة الأموال العامة العليا في القضية رقم .... لسنة .... حصر أموال عامة عليا - المرفق صورتها الرسمية بالأوراق - أن النيابة أصدرت بتاريخ ../../... أمراً بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية عن عدة وقائع من بينها واقعة استيلاء المطعون ضده - في الدعوى الراهنة - على المال العام البالغ قدره 4.577.200 أربعة ملايين وخمسمائة سبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه وذلك عن واقعة شرائه لوحدة سكنية بـ .... ، لسداده هذا المبلغ وهى ذات الواقعة الأولى الواردة بأمر الإحالة في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة ؛ لما هو مقرر من أن جريمة الاستيلاء على المال العام وجريمة الكسب غير المشروع - بخصوص الواقعة السالف بيانها - ولئن لزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخرى ، إلَّا أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو حصول المطعون ضده على المال آنف البيان سواء عن طريق الاستيلاء عليه أو كسبه بطريق غير مشروع ، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل في الحصول على ذلك المال هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون ، ولكنها كلها ناشئة عن حصول المطعون ضده على المال التي تمت مخالفة للقانون ، وهو ذات الأساس الذى أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان الثابت بالأوراق أن هذا الأمر لا زال قائماً لم يلغ ممن يملك إلغاءه - وهو ما لا تدعيه النيابة العامة الطاعنة - فإنه ما كان يجوز للنيابة العامة - من بعد - العودة إلى تقديم المتهم للمحاكمة عن هذه الواقعة بوصف جديد ، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها يكون قضاء سليماً لا يخالف القانون ، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد .

3- لما كان الحكم المطعون فيه صرح بأنه " لا يطمئن إلى ما ورد بأمر الإحالة في شأن واقعة تحقيق المتهم لكسب غير مشروع مقداره ستة وعشرون مليوناً ومائتان وستون ألف جنيه - تمثل الزيادة التي طرأت على ثروته - وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها أو استغلاله نفوذه الوظيفي في إنشاء حمام سباحة بفيلته بأقل من السعر المناسب - تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من أن ذلك المبلغ قد تحقق للمتهم وزوجته من نشاط مشروع وهو تحقيق أرباح من نشاط المجموعة الثقافية مما يعد دخلاً مشروعاً للمتهم وكذا ملاءمة السعر الذى أنشأ به حمام السباحة ، وأن اللجنة التي شكلتها المحكمة انتهت إلى عدم وجود كسب غير مشروع من الناحية الحسابية للمتهم في نطاق ما بحثته حسابياً " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام ، وكانت المحكمة قد خلصت إلى عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت ورجحت دفاع المتهم وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، فإن ما تنعاه النيابة العامة - الطاعنة - على الحكم المطعون فيه من أنه لم يمحص أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام لا يكون له محل ، لما هو مقرر كذلك من أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت مادام أنها قد رجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ، ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضده . لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

        4- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى فيما دان الطاعن فيه بقوله " .... كما أن المتهم .... قد استغل صفته كوزير .... بجمهورية مصر العربية واستطاع أن يحصل لنفسه على قطعة أرض مساحتها .... هي القطعة رقم .... حيث تم تخصيصها له في ../../.... من جهاز مدينة .... بتعليمات من وزير .... الأسبق وبصفته الرئيس الأعلى لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حيث خصصت له تلك القطعة وبموقع متميز بمبلغ 770880 جنيه بقرار من وزير .... الأسبق استجابة منه لطلب .... كوزير .... بذات الوزارة وبتوجيهات من وزير .... الأسبق بتحديدها بذلك المكان المتميز مما أتاح للمتهم فرصة بيعها بمبلغ قدره 2.570.880 جنيه محققاً من ذلك كسباً غير مشروع بلغ قدره مليوناً وثمانمائة ألف جنيه ، ما كان للمتهم أن يحصل على تلك القطعة إلَّا استغلالا لصفته الوظيفة كوزير .... مخالفاً بذلك ما يحظره الدستور من تعامل الوزير في أموال الدولة بيعاً وشراءً درءاً لتلك الشبهة فيكون إجمالي ما حققه .... من كسب غير مشروع من استغلال لصفته الوظيفية مبلغ 6.377.200 جنيه ستة ملايين وثلاثمائة وسبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه " ، وأورد على ثبوتها في حقه على تلك الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات بتقرير هيئة الفحص بجهاز الكسب غير المشروع . لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون الدليل الذى تعول عليه مؤدياً إلى ما رتبه عليه حكمها من نتائج بغير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وكان المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتزاء على محارم القانون ، مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة ، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 لا يعدو صورتين الأولى: وهى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهى التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أيا كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال وهى الصورة التي اعتنقها الحكم في الدعوى الماثلة ، كما أن من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم ، وكان هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره ، وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن إذ لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ووجه هذا الاستغلال وماهية الإجراءات والنظم المعمول بها التي خالفها وأصدرها الطاعن مدلولاً على كل ذلك بما أثبته في حقه ، وإنما اعتبر مجرد قيام الوظيفة به دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع، فضلاً عن أن ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات والتي عول عليها في إدانة الطاعن قد خلت من تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه تلك الجريمة بعناصرها القانونية وحسبما استخلص الحكم منها بيانه صورة الواقعة وما عدده من صور استغلال الوظيفة وما نتج عنه من كسب محرم، إذ إنها لا تكشف في مجموعها عن أن الطاعن قد أتى عملاً من جانبه يفصح عن تدخله لدى وزير ... الأسبق ولدى المسئولين في الجهات الأخرى وهو ما عول عليه الحكم في استخلاص أنه انحرف بوظيفته انحرافاً يؤدى إلى التأثيم ، واكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبن منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم يكون فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال قد أخطأ في تطبيق القانون .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

 اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- بصفته من القائمين بأعباء السلطة العامة رئيس الهيئة العامة .... ثم وزيراً .... ثم وزيراً .... حصل لنفسه على كسب غير مشروع مقداره 33399188 ثلاثة وثلاثون مليوناً وثلاثمائة وتسعة وتسعون ألفاً ومائة وثمانية وثمانون جنيهاً بسبب استغلاله لنفوذ وظيفته وعجز عن إثبات مصدر مشروع لما طرأ من زيادة غير مبررة في ثروته على النحو المبين بالتحقيقات ومن صـور ذلك الاستغلال :

أ- شراء الوحدة السكنية بالبرج رقم .... بثمن بخس وبأقساط طويلة الأمد لم تمنح لغيره من المشترين من الشركة البائعة ولم يلتزم بسداد الأقساط في مواعيد استحقاقها مما كان ينبغي معه فسخ التعاقد ورد ما دفعه بعد خصم 5% مما سدده إعمالاً لشروط العقد إلَّا أن استغلاله لصفته أتاح له رد الوحدة المشتراة والحصول بغير حق على كسب غير مشروع مقداره مبلغ أربعة ملايين ونصف المليون جنيه .

ب - استغل نفوذ وظيفته بالتدخل لدى وزير .... الأسبق في الحصول على قطعة أرض متميزة القطعة رقم .... بحي .... دون اتباع الإجراءات القانونية المنصوص عليها باللائحة العقارية التي تنظم بيع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة للأراضي التابعة لها فضلاً عن مخالفته لنص المادة 158 من دستور 1971 المعمول به آنذاك المقابلة لنص المادة 158 من الدستور الحالي والتي تحظر على الوزير أن يشترى شيئاً من أموال الدولة وأن يبيعها شيئاً من أمواله ، وتصرف بالبيع في تلك الأرض محققاً من وراء ذلك كسباً غير مشروع مقداره مليونان وخمسمائة وسبعون ألفاً وثمانون جنيه .

جـ - بصفته سالفة البيان حقق كسباً غير مشروع بلغ مقداره ستة وعشرين مليون ومائتين وثلاثة وستين ألفاً وثلاثمائة وثمانية جنيهات تمثل الزيادة التي طرأت على ثروته وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وتقارير الخبرة الفنية المرفقة .

د - أجرى أعمالاً إنشائية بالفيلا المملوكة له بمنطقة .... بأقل من قيمتها عن أسعار المثل السائدة في ذلك الوقت مستغلاً نفوذ وظيفته فحقق كسباً غير مشروع مقداره خمسة وستون ألف جنيه .

         وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

 والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2/1 ، 5 ، 10 ، 18/1 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع وبعد أن أعملت في حقه المواد 17 ، 55 ، 56 من قانون العقوبات . بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه مبلغ مليون وثمانمائة ألف جنيه وألزمته بالمصاريف الجنائية وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم – بالنسبة للتهمة (ب) وهي جريمة الكسب غير المشروع تأسيساً على استغلاله لنفوذ وظيفته - .

        فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً : عن الطعن المقدم من النيابة العامة :-

        حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى عن الواقعة الأولى بوصف الاتهام - واقعة شراء الوحدة السكنية بمشروع .... - المسندة إلى المطعون ضده تأسيساً على سابقة صدور أمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها من نيابة الأموال العامة العليا قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن الأمر الذى اعتمد عليه الحكم لم يصدر إلَّا عن جرائم العدوان على المال العام فلا تستطيل حجيته إلى جريمة الكسب غير المشروع التي رفعت بشأنها الدعوى الجنائية لاستقلال كل من الجريمتين عن الأخرى ، كما شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الكسب غير المشروع المسندة إليه عن الواقعتين الثالثة والرابعة بأمر الإحالة ذلك أنه أقام قضاءه على أسباب لا تؤدى إلى ما انتهى إليه ، واطرح الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وتقارير الخبراء التي تقطع بارتكابه سائر صور الكسب غير المشروع بعبارة مجملة ودون أن يفند أدلة الثبوت أو يعني ببحث باقي عناصر الذمة المالية له مما أسله إلى الخطأ في قيمة المبالغ المقضي بردها والغرامة التي ألزمه بها وهو ما ينبئ عن عدم إحاطة المحكمة بوقائع الدعوى وأدلتها ، ويعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

        حيث إن الحكم المطعون فيه ، وإن سكت في منطوقه عن القضاء بعدم جواز نظر الدعوى عن الواقعة الأولى بقرار الاتهام المسندة إلى المطعون ضده وبراءته من الواقعتين الثالثة والرابعة - واقعة استغلال نفوذ وظيفته في شراء الوحدة السكنية .... وما حققه من كسب غير مشروع منها ، وواقعتي تحقيقه مبلغ قدره ستة وعشرون مليوناً ومائتان وثلاثة وستون ألفاً وثلاثمائة وثمانية جنيهات من الكسب غير المشروع نتيجة زيادة طرأت في ثروته وعجزه عن إثبات مصدر مشروع لها ، وإجرائه أعمال إنشائية بفيلته بـ .... بأقل من قيمتها محققاً كسباً غير مشروع مقداره خمسة وستون ألف جنيه جراء استغلاله لوظيفته بصفته رئيساً للهيئة العامة .... ثم وزيراً .... ثم وزيراً .... إلَّا أنه بيَّنهما في أسبابه التي يحمل المنطوق عليها ، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ منه وهو بيان كافٍ ، لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام لا ترد الحجية إلَّا على منطوقها ، إلَّا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً معه ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلَّا به . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى فيما يخص الواقعة الأولى بقوله : " .... أن المتهم .... " وزير .... الأسبق " وبصفته من القائمين بأعباء السلطة العامة ومن الخاضعين لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع قام بشراء الوحدة رقم .... بمشروع .... التابع للشركة .... وهى إحدى الشركات المساهمة المصرية - وذلك في يوم .... ومساحتها .... بسعر إجمالي قدره مليون وخمسمائة وأربعة وأربعون ألف جنيه وذلك بالتقسيط - إذ سدد مقدماً لها مبلغاً قدره مائتي ألف جنيه ودفع ثلاثمائة ألف جنيه أخرى على أقساط - أي بما يوازى سعر المتر أربعة آلاف جنيه - حال أن سعر المتر في ذلك الوقت بذلك المكان يبلغ 12190 جنيه اثنى عشر ألفا ومائة وتسعين جنيهاً أي أن إجمالي سعر الوحدة هو مبلغ 4.789.840 جنيه فيكون قد اشترى تلك الوحدة السكنية بأقل من سعرها الحقيقي بمبلغ ثلاثة ملايين ومائتين وخمسة وأربعين ألفاً وثمانمائة وأربعين جنيهاً ، وفى ../../.... طلب فسخ العقد الخاص بتلك الوحدة وكان مقتضى إعمال نصوص ذلك العقد أن يسترد ما دفعه مخصوماً منه مبلغ 5% إلَّا أنه استغلالاً لنفوذ وظيفته طلب من رئيس مجلس إدارة الشركة آنذاك الحصول على مبلغ خمسة ملايين جنيه نظير ذلك الفسخ وكان له ما أراد فصدر له شيك بذلك المبلغ محققاً كسباً غير مشروع لنفسه من تلك الواقعة قدره أربعة ملايين وخمسمائة وسبعة وسبعون ألفاً ومائتا جنيه تمثل الفرق بين ما كان يجب أن يحصل عليه بالفعل جراء فسخ العقد وهو 475 ألف جنيه وما حصل عليه فعلاً وهو خمسة ملايين جنيه ، وقد انقضت الدعوى الجنائية في تلك الواقعة لصدور قرار من نيابة الأموال العامة العليا بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية لسداد المتهم لمبلغ أربعة ملايين وخمسمائة وسبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه لصالح شركة .... بموجب شيكات آجلة الدفع على زوجته .... " ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية مادام قائماً لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائماً إقامة الدعوى الجنائية عن الواقعة ذاتها التي صدر فيها لأن له في نطاق حجيته ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، وكان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق ، كما وأن مفاد نص المادتين 454 ، 455 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - أنه يحظر محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين ، وأنه إذا رفعت الدعوى عن واقعة معينة بوصف معين وحكم فيها فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوى عن تلك الواقعة ذاتها بوصف جديد ومناط وحدة الواقعة التي تمنع من إعادة المحاكمة ولو تحت وصف جديد أن يتحد الأساس الذى أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان القول بوحدة الجريمة أو بتعددها هو من التكييف القانوني الذى يخضع لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مذكرة نيابة الأموال العامة العليا في القضية رقم .... لسنة .... حصر أموال عامة عليا - المرفق صورتها الرسمية بالأوراق - أن النيابة أصدرت بتاريخ ../../.... أمراً بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية عن عدة وقائع من بينها واقعة استيلاء المطعون ضده - في الدعوى الراهنة - على المال العام البالغ قدره 4.577.200 أربعة ملايين وخمسمائة سبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه وذلك عن واقعة شرائه لوحدة سكنية بـ .... ، لسداده هذا المبلغ وهى ذات الواقعة الأولى الواردة بأمر الإحالة في دعوى الكسب غير المشروع المطروحة ، لما هو مقرر من أن جريمة الاستيلاء على المال العام وجريمة الكسب غير المشروع - بخصوص الواقعة السالف بيانها - ولئن لزم لقيام كل منهما عناصر وأركان قانونية ذاتية تتغاير في إحداها عن الأخرى ، إلَّا أن الفعل المادي المكون للجريمتين واحد وهو حصول المطعون ضده على المال آنف البيان سواء عن طريق الاستيلاء عليه أو كسبه بطريق غير مشروع ، ومن ثم فإن الواقعة المادية التي تتمثل في الحصول على ذلك المال هي عنصر مشترك بين كافة الأوصاف القانونية التي يمكن أن تعطى لها والتي تتباين صورها بتنوع وجه المخالفة للقانون ، ولكنها كلها ناشئة عن حصول المطعون ضده على المال التي تمت مخالفة للقانون ، وهو ذات الأساس الذى أقيمت عليه الوقائع في الدعويين ، وكان الثابت بالأوراق أن هذا الأمر لا زال قائماً لم يلغ ممن يملك إلغاءه - وهو ما لا تدعيه النيابة العامة الطاعنة - فإنه ما كان يجوز للنيابة العامة - من بعد - العودة إلى تقديم المتهم للمحاكمة عن هذه الواقعة بوصف جديد ، ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية فيها يكون قضاء سليماً لا يخالف القانون ، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه صرح بأنه " لا يطمئن إلى ما ورد بأمر الإحالة في شأن واقعة تحقيق المتهم لكسب غير مشروع مقداره ستة وعشرون مليوناً ومائتان وستون ألف جنيه - تمثل الزيادة التي طرأت على ثروته - وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها أو استغلاله نفوذه الوظيفي في إنشاء حمام سباحة بفيلته بأقل من السعر المناسب - تأسيساً على ما ثبت للمحكمة من أن ذلك المبلغ قد تحقق للمتهم وزوجته من نشاط مشروع وهو تحقيق أرباح من نشاط المجموعة الثقافية مما يعد دخلاً مشروعاً للمتهم وكذا ملاءمة السعر الذى أنشأ به حمام السباحة ، وأن اللجنة التي شكلتها المحكمة انتهت إلى عدم وجود كسب غير مشروع من الناحية الحسابية للمتهم في نطاق ما بحثته حسابياً " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام ، وكانت المحكمة قد خلصت إلى عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت ورجحت دفاع المتهم وهو ما يدخل في سلطتها بغير معقب عليها ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يثار لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، فإن ما تنعاه النيابة العامة - الطاعنة - على الحكم المطعون فيه من أنه لم يمحص أدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام لا يكون له محل ، ولما هو مقرر كذلك من أن محكمة الموضوع لا تلتزم في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الثبوت ما دام أنها قد رجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبة والشك في عناصر الإثبات ، ولأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المطعون ضده . لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن .... :-

        وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الكسب غير المشروع تأسيساً على استغلاله لنفوذ وظيفته قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون لعدم بيان الدليل الذى خلص منه إلى أنه حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لنفوذ الوظيفة ، وأن الوظيفة هي التي أتاحت هذا الاستغلال ، واعتبر الحكم مجرد قيام الوظيفة دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع ، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

 ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى فيما دان الطاعن فيه بقوله
" .... كما أن المتهم .... قد استغل صفته كوزير .... بجمهورية مصر العربية واستطاع أن يحصل لنفسه على قطعة أرض مساحتها .... هي القطعة رقم .... ــــ حيث تم تخصيصها له في ../../.... من جهاز مدينة .... بتعليمات من وزير .... الأسبق وبصفته الرئيس الأعلى لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة حيث خصصت له تلك القطعة وبموقع متميز بمبلغ 770880 جنيه بقرار من وزير .... الأسبق استجابة منه لطلب .... كوزير .... بذات الوزارة وبتوجيهات من وزير .... الأسبق بتحديدها بذلك المكان المتميز مما أتاح للمتهم فرصة بيعها بمبلغ قدره 2.570.880 مليون جنيه محققاً من ذلك كسباً غير مشروع بلغ قدره مليوناً وثمانمائة ألف جنيه، ما كان للمتهم أن يحصل على تلك القطعة إلَّا استغلالاً لصفته الوظيفة كوزير .... مخالفاً بذلك ما يحظره الدستور من تعامل الوزير في أموال الدولة بيعاً وشراءً درءاً لتلك الشبهة فيكون إجمالي ما حققه .... من كسب غير مشروع من استغلال لصفته الوظيفية مبلغ 6.377.200 جنيه ستة ملايين وثلاثمائة وسبعة وسبعين ألفاً ومائتي جنيه " ، وأورد على ثبوتها في حقه على تلك الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات بتقرير هيئة الفحص بجهاز الكسب غير المشروع . لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص واقعة الدعوى من أدلتها وسائر عناصرها ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون الدليل الذى تعول عليه مؤدياً إلى ما رتبه عليه حكمها من نتائج بغير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، وكان المقصود بالكسب غير المشروع كل مال تملكه الموظف أو من في حكمه فصار ضمن ذمته المالية عنصراً من عناصرها باستغلال ما تسبغه عليه وظيفته أو يخوله مركزه من إمكانيات تطوع له الاجتزاء على محارم القانون ، مما يمس ما يفترض في الموظف العام أو من في حكمه من الأمانة والنزاهة ، والكسب غير المشروع أخذاً من نص قانونه رقم 62 لسنة 1975 لا يعدو صورتين الأولى: وهى المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون المذكور وهى التي يثبت فيها في حق الموظف - ومن في حكمه أيا كان نوع وظيفته - استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه وحصوله كذلك بالفعل على مال مؤثم نتيجة لهذا الاستغلال وهى الصورة التي اعتنقها الحكم في الدعوى الماثلة ، كما أن من المقرر أنه متى ثبت مصدر الزيادة في ثروة المتهم ، وكان هذا المصدر من شأنه إنتاج الزيادة في ماله فقد انتفت القرينة التي افترضها الشارع ولم يجز من بعد اعتباره عاجزاً عن إثبات مصدره ، وأنه متى كانت الزيادة في ثروة المتهم ترجع إلى مصدر لا شأن له بالوظيفة مشروعاً كان أو غير مشروع فلا يصح إسنادها بمقتضى القرينة العامة إلى الوظيفة . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بياناً لواقعة الدعوى جاء غامضاً ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن إذ لم يبين أن الطاعن حصل على الكسب بسبب استغلاله بالفعل لأعمال أو نفوذ أو ظروف وظيفته أو مركزه ووجه هذا الاستغلال وماهية الإجراءات والنظم المعمول بها التي خالفها وأصدرها الطاعن مدلولاً على كل ذلك بما أثبته في حقه ، وإنما اعتبر مجرد قيام الوظيفة به دليلاً على أن ما كسبه غير مشروع ، فضلاً عن أن ما أورده الحكم من أقوال شهود الإثبات والتي عول عليها في إدانة الطاعن قد خلت من تفاصيل الوقائع والأفعال التي قارفها الطاعن والمثبتة لارتكابه تلك الجريمة بعناصرها القانونية وحسبما استخلص الحكم منها بيانه صورة الواقعة وما عدده من صور استغلال الوظيفة وما نتج عنه من كسب محرم ، إذ إنها لا تكشف في مجموعها عن أن الطاعن قد أتى عملاً من جانبه يفصح عن تدخله لدى وزير .... الأسبق ولدى المسئولين في الجهات الأخرى وهو ما عول عليه الحكم في استخلاص أنه انحرف بوظيفته انحرافاً يؤدى إلى التأثيم ، واكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبن منها مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق بها الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان ، فإن الحكم يكون فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال قد أخطأ في تطبيق القانون ، وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة من الطاعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 1726 لسنة 84 ق جلسة 11 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 6 ص 103

 جلسة 11 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حسن الغزيري ، عزمي الشافعي ، علي حسنيـن وعاطف عبدالسمـيع نواب رئيس المحكمـة .
----------

(6)

الطعن رقم 1726 لسنة 84 القضائية

(1) توظيف أموال . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المادتان 1 ، 21 من القانون 146 لسنة 1988 . مفادهما ؟

تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي لجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها والامتناع عن ردها لأصحابها . غير لازم .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمتي تلقى أموال من الجمهور لتوظيفها والامتناع عن ردها لأصحابها .

(2) توظيف أموال . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

نعي الطاعن على الحكم بخلو أقوال الضابط من بيان كيفية توجيه الدعوة للاكتتاب ووسيلته . غير مقبول . ما دام دانه بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها وعدم ردها وليس بجريمة توجيه الدعوة للاكتتاب أو لجمع تلك الأموال . علة وأساس ذلك ؟

(3) إثبات " بوجه عام " . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلـة الثبـوت التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على مقارفة الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . إثارته أمام محكمة النقض . غير جائزة .

(4) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إجابة المحكمة لطلب التحقيق أو ردها عليه . غير لازم . ما لم يصر مقدمه عليه.

عدم تمسك الطاعن بطلبه السابق بتحقيق طعنه بالتزوير على صلب العقود أمام الهيئة الجديدة . أثره ؟

(5) إثبات " بوجه عام " " إقرار " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

التفات الحكم عن الإقرارات الموثقة لبعض المجني عليهم بالعدول عن اتهام الطاعن . لا يعيبه . علة ذلك ؟

(6) قانون " تفسيره " . محكمة الإعادة . عقوبة " تطبيقها " . نشر . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون " .

المادة 395 إجراءات المعدلة بالقانون 95 لسنة 2003 . مفادها ؟

تشديد الحكم العقوبة عند إعادة الإجراءات بإضافة عقوبة النشر للعقوبة المقضي بها بالحكم الغيابي . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها . علة وأساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوي بما تتوافر به كافه العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال المجني عليهم والضابطين / .... و.... - مجريي التحريات - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء أركان جريمة تلقي الأموال من الجمهور واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع المبدى من وكيل المتهم والخاص بانتفاء أركان الجريمة المادية والمعنوية وأن المجني عليهم تربطهم علاقة قرابة وانتفاء العلانية والتميز .... ثم أورد بعض التقريرات القانونية .... . لما كان ذلك ، وكان الثابت للمحكمة أن المتهم ليس ممثلاً لشركة مساهمة تطرح أسهمها للاكتتاب العام ومقيدة في السجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال حيث إن المتهم لم يدع ذلك أو بقوله بل
إن المتهم قرر بالتحقيقات أنه يعمل أخصائياً أول بمديرية التربية والتعليم بـ .... وثبت من أقوال المجني عليهم اســتلام المتهم أموالاً منهم لتوظيفها في مجال بيع وشراء العقارات والمضاربة في البورصة وتوافر في المجني عليهم مفهوم الجمهور بالمعنى القانوني آنف البيان فتلقي الأموال لم يكن مقصوراً علي أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان للكافة بلا تميز وتحققت العلانية بالكتابة علي أوراق في صورة إعلانات مطبوعة تم توزيعها في كافه الشوارع والميادين بالمدينة حسبما جاء بأقوال المجني عليهم وتحريات المباحث في أماكن يسمح بارتيادها للجمهور كافة وتوافر لدي المتهم أيضا ركنا العلم والارادة وهو الأمر الذي تكون معه كافة أركان الجريمة متوافرة ومتحققة في الأوراق ) . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولي من المادة الأولي من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة تحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون علي أن " كل من تلقى أموالاً علي خلاف أحكام هذا القانون ، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها ، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد علي مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق ، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلي أصحابها " ، ومفاد ذلك أن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تميز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو 
ما يعني أن تلقي الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معنيين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تميز أو تحديد ، ودل على ذلك استعمال المشرع لكلمة " الجمهور" للتعبير عن أصحاب الأموال ، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه إذ جاء بها أن المقصود من النص الأول هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير تميز ، أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر علي عموم الجمهور ، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها ، فالجمعيـــــات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو شركات محاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً وسائغاً في التدليل علي توافر جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها علي خلاف أحكام القانون والامتناع عن رد الأموال المستحقة لأصحابها بأركانهما المادية والمعنوية ، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بانتفاء أركان جريمة تلقي الأموال وما أثير حول ذلك من عدم استظهار الحكم لوصف الجمهور وعلاقة المجني عليهم بالطاعن أو صلة القرابة التي تربط بعض المجني عليهم يكون غير سديد .

2- لما كان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها علي خلاف أحكام القانون وعدم ردها المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 وليس بجريمة توجيه الدعوة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من ذات القانون ، فإن ما يثيره الطاعن من خلو أقوال الضابط .... - التي عول عليها الحكم - من كيفية توجيه الدعوة ووسيلته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ويكون لا محل له .

3- لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه علي ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

4- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب تحقيق أو الرد عليه ، إلَّا إذا كان من قدمه قد أصر عليه ، وكان الثابت من الاطلاع علي الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة ـــــ وبفرض ـــــ أن الطاعن طلب ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لتحقيق طعنه بالتزوير علي صلب العقود المؤرخة .... ، .... ، .... أمام المحكمة التي كانت منظورة أمامها الدعوى محكمة جنايات .... قبل إحالتها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - محكمة .... الاقتصادية - بيد أنه لم يعد إلي التمسك بهذا الطلب أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه ، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بإجابة طلب لم يطرحه عليها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول .

5- لما كان لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرارات الموثقة الصادرة من بعض المجني عليهم علي فرض أنها تتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن في معرض نفي التهمة عنه ، إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليهم يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها يؤدي دلالة إلي اطراح ما تضمنته تلك الإقرارات ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد .

6- لما كان يبين من مطالعة المفردات أن محكمة جنايات .... سبق وأن قضت غيابياً بتاريخ .... بمعاقبه الطاعن بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه مبلغ مائة ألف جنية وإلزامه برد مبلغ .... جنيه عما أسند إليه ، وكان مفاد نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 أن محكمة الجنايات تتقيد سلطتها في نطاق العقوبة بما قضى به الحكم الغيابي بحيث لا يجوز لها عند إعادة نظر الدعوى تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم الغيابي - خلافاً لما كان عليه الحال قبل تعديل المادة سالفه البيان - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمناسبة إعادة إجراءات المحاكمة حضورياً بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وإلزامه برد مبالغ لأصحابها علي النحو المبين بالأسباب ونشر منطوق الحكم على نفقته ، فإنه مع إبقائه علي أنواع العقوبة - التي قضي بها الحكم الغيابي - من سجن وغرامة ورد وإن نقص من مدة الأولى - إلَّا أنه شدد العقوبة بإضافة عقوبة النشر ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً علي الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه يتعين حسبما أوجبته الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة النشر ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... (طاعن) ، 2- .... (مقضي ببراءتها) في قضية الجناية رقم .... بأنهما في غضون عامي .... و.... .

أـــ تلقيا أموالاً من الجمهور بلغ مقدارها .... جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في تجارة الأراضي والعقارات والمستلزمات الطبية والأدوية والإعلان عن نشاطها بالطرق والميادين العامة واستوليا علي المبلغ آنف البيان حال كونهما غير مرخص لهما بمزاولة ذلك النشاط .

ب- امتنعا عن رد المبالغ المالية المثبتة سلفاً بالتهمة الأولى المستحقة للمجني عليهم والتي تلقياها منهم لاستثمارها .

وأحالتهما إلي محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً أولا : ببراءة .... مما أسند اليها ورفض الدعوى المدنية بالنسبة لها . ثانياً : غيابياً بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ مليون وسبعمائة وخمسة عشر ألف جنيه للمجني عليهم وألزمته المصاريف الجنائية وفي الدعوي المدنية بإلزامه بأن يودي للمدعين بالحق المدني مبلغ 10001 جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمته مصروفاتها ومبلغ مائة جنيه أتعاب محاماة .

وحيث أعيدت إجراءات محاكمة الطاعن أمام ذات المحكمة ، وبجلسة .... قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالته إلى المحكمة الاقتصادية بـ .... للاختصاص إعمالاً لقانون المحاكم الاقتصادية .

وأحيلت الدعــوى إلـى محـكـمـة جـنـايـات .... الاقتصــادية لمحـاكمتـه طبقــاً للقيـد والوصـف الوارديـن بــأمر الاحالة .

وادعي مدنياً كل من .... قبل المتهم بمبلغ 10001 جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة .... عملاً بالمواد 1/1 ، 2/1 ، 21/، 26 من القانون 146 لسنة 1988 . أولاً : بمعاقبة المتهم .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف وإلزامه برد المبالغ لأصحابها علي النحو المبين بالأسباب ونشر منطوق الحكم علي نفقته لما أسند اليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثانياً : إحالة الدعوى المدنية المقامة قبل المحكوم عليه .... إلى المحكمة المدنية المختصة .

        فطعن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً وامتناعه عن ردها لأصحابها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ به اطراحه دفعه بانتفاء أركان جريمة تلقي الأموال في حقه دون أن تستظهر وصف الجمهور ومدي تحققه في الدعوي ، أو يفطن لصلة القرابة التي تربط المجني عليهم ببعضهم أو الصداقة والمعرفة السابقة التي تربطهم بالطاعن ، أو لخلو أقوال الضابط / .... - التي عول عليها الحكم ضمن ما عول عليه في الادانة - من كيفية توجيه الطاعن دعوته للجمهور ووسيلته في ذلك إذ لم يقم بالإعلان عن ذلك ، وأغفل الرد على دفعه بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبتها والدته التي كانت تتلقى الأموال من المجني عليهم ، ولم تجبه المحكمة لطلبه بتحقيق طعنه بالتزوير علي صلب العقود المؤرخة .... ، .... ، .... عن طريق ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير ، وأخيراً التفت الحكم عن الإقرارات الموثقة الصادرة من بعض المجني عليهم التي تنفي صلة الطاعن بالواقعة ولم يرد عليها بما ينفذها ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافه العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة مستقاة من أقوال المجني عليهم والضابطين / .... و.... - مجريي التحريات - وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبة الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بانتفاء أركان جريمة تلقي الأموال من الجمهور واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن الدفع المبدى من وكيل المتهم والخاص بانتفاء أركان الجريمة المادية والمعنوية وأن المجني عليهم تربطهم علاقة قرابة وانتفاء العلانية والتميز .... ثم أورد بعض التقريرات القانونية .... لما كان ذلك ، وكان الثابت للمحكمة أن المتهم ليس ممثلاً لشركة مساهمة تطرح أسهمها للاكتتاب العام ومقيدة في السجل المعد لذلك بالهيئة العامة لسوق المال حيث إن المتهم لم يدع ذلك أو بقوله بل إن المتهم قرر بالتحقيقات أنه يعمل أخصائياً أول بمديرية التربية والتعليم بـ .... وثبت من أقوال المجني عليهم اســتلام المتهم أموالاً منهم لتوظيفها في مجال بيع وشراء العقارات والمضاربة في البورصة وتوافر في المجني عليهم مفهوم الجمهور بالمعنى القانوني آنف البيان فتلقي الأموال لم يكن مقصوراً علي أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان للكافة بلا تميز وتحققت العلانية بالكتابة علي أوراق في صورة إعلانات مطبوعة تم توزيعها في كافه الشوارع والميادين بالمدينة حسبما جاء بأقوال المجني عليهم وتحريات المباحث في أماكن يسمح بارتيادها للجمهور كافة وتوافر لدى المتهم أيضا ركنا العلم والادارة وهو الأمر الذي تكون معه كافة أركان الجريمة متوافرة ومتحققة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها
قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو بأية وسيلة تحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون علي أن " كل من تلقى أموالاً علي خلاف أحكام هذا القانون ، أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها ، يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق ، ويحكم علي الجاني برد الأموال المستحقة إلي أصحابها " ، ومفاد ذلك أن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور أي من أشخاص بغير تميز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو ما يعني أن تلقي الأموال لم يكن مقصوراً علي أشخاص معنيين بذواتهم أو محددين بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تميز أو تحديد ، ودل على ذلك استعمال المشرع لكلمة " الجمهور" للتعبير عن أصحاب الأموال ، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه إذ جاء بها أن المقصود من النص الأول هو تنظيم مـسألة التعرض لأخـذ أمــوال الجمهـور بغير تميز ، إما بالــنسبة للاتفــاقات الخاصة المحـددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر علي عموم الجمهور ، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها ، فالجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو شركات محاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً وسائغاً في التدليل علي توافر جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها علي خلاف أحكام القانون والامتناع عن رد الأموال المستحقة لأصحابها بأركانهما المادية والمعنوية ، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بانتفاء أركان جريمة تلقي الأموال وما أثير حول ذلك من عدم استظهار الحكم لوصف الجمهور وعلاقة المجني عليهم بالطاعن أو صلة القرابة التي تربط بعض المجني عليهم يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها علي خلاف أحكام القانون وعدم ردها المنصوص عليها في الفقرة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 وليس بجريمة توجيه الدعوة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من ذات القانون ، فإن ما يثيره الطاعن من خلو أقوال الضابط .... - التي عول عليها الحكم - من كيفية توجيه الدعوة ووسيلته لا يكون متعلقاً بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ويكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لدية على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ممالا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب تحقيق أو الرد عليه ،
إلَّا إذا كان من قدمه قد أصر عليه ، وكان الثابت من الاطلاع علي الحكم المطعون فيه ومحاضر جلسات المحاكمة وبفرض أن الطاعن طلب ندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لتحقيق طعنه بالتزوير على صلب العقود المؤرخة .... ، .... ، ... أمام المحكمة التي كانت منظورة أمامها الدعوى محكمة جنايات .... قبل إحالتها إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - محكمة .... الاقتصادية - بيد أنه لم يعد إلي التمسك بهذا الطلب أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه ، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بإجابة طلب لم يطرحه عليها ، ويكون منعاه في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الإقرارات الموثقة الصادرة من بعض المجني عليهم علي فرض أنها تتضمن عدولاً عن اتهام الطاعن في معرض نفي التهمة عنه ، إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من المجني عليهم يتضمن عدولاً عن اتهامه ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقها يؤدي دلالة إلي اطراح ما تضمنته تلك الإقرارات ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة المفردات أن محكمة جنايات .... سبق وأن قضت غيابياً بتاريخ .... بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وتغريمه مبلغ مائة ألف جنية وإلزامه برد مبلغ .... جنيه عما أسند إليه ، وكان مفاد نص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 95 لسنة 2003 أن محكمة الجنايات تتقيد سلطتها في نطاق العقوبة بما قضى به الحكم الغيابي بحيث لا يجوز لها عند إعادة نظر الدعوى تشديد أو تغليظ العقوبة التي قضى بها الحكم الغيابي - خلافاً لما كان عليه الحال قبل تعديل المادة سالفه البيان - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمناسبة إعادة إجراءات المحاكمة حضورياً بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه وإلزامه برد مبالغ لأصحابها علي النحو المبين بالأسباب ونشر منطوق الحكم على نفقته ، فإنه مع إبقائه علي أنواع العقوبة - التي قضى بها الحكم الغيابي - من سجن وغرامة ورد وإن نقص من مدة الأولى - إلَّا أنه شدد العقوبة بإضافة عقوبة النشر ومن ثم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون علي الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، فإنه يتعين حسبما أوجبته الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 تصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة النشر ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ