الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 نوفمبر 2020

الطعن 18565 لسنة 84 ق جلسة 11 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 50 ص 433

 جلسة 11 من أبريل سنة 2016

برئاسة السـيد الــقاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحـكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفي ، مجدي شبانة ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة ورفعت سـند .
----------

(50)

الطعن رقم 18565 لسنة 84 القضائية

 دستور . تقليد . ترويج عملة . شروع . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

 المواد 41 من الدستور ، 34 ، 35 ، 46 إجراءات جنائية . مؤداها ؟

وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيام حالة التلبس . تلقيه نبأها عن طريق النقل من الغير . غير كافٍ .

تقدير قيام حالة التلبس . موضوعي . شرطه ؟

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بجريمة تقليد عملة ورقية والشروع في ترويجها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : " وحيث إنه من المقرر أن الجريمة يكون متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذلك تتبع الجاني بالصياح ، ولما كان المتهم قد عرض العملة المقلدة على الشاهد الأول فاكتشف الأخير بأمر تقليدها فأبلغ على الفور الشاهدين الثاني والثالث ولاحقوا المتهم في نفس اللحظة وتم الإمساك به وهو ما يتوافر به حالة التلبس ، ويكون القبض والتفتيش تما صحيحين ويصح ما أسفر عنه التفتيش من ضبط العملات المقلدة ، ويكون هذا الدفع غير صحيح " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من الدستور قد نصت على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه إلَّا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون " . وكانت المادتان 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة ، وإذ لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً ، فإذا أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه وإذا لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلان ، وكان من المقرر أن حالة التلبس بالجريمة يستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أم متهما يقر على نفسه مادام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها. لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى قيام حالة التلبس أمراً موكلاً إلى محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة إلى أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان مفاد ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وفي رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن ما أثاره مأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم لمجرد إبلاغ شاهد الإثبات الأول له بعرض المتهم - الطاعن - ورقة مالية مقلدة عليه ورفضه إياها دون بيان ماهية هذه الورقة وعدم مشاهدة مأمور الضبط القضائي لها قبل القبض على الطاعن وتفتيشه هو قبض وتفتيش باطلين لوقوعهما في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ لمأمور الضبط القضائي ضبط الطاعن وتفتيشه وعوَّل على الدليل المستمد من أقوال الضابطين ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانونا داخل البلاد " سبع وعشرين ورقة نقدية من فئة .... جنيه مصري " مصطنعة على غرار أوراق النقد الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المرفق مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات .

2- شرع في ترويج ورقة نقدية من ضمن العملة الورقية المقلدة المضبوطة - موضوع الاتهام الأول - بأن دفع بها للتداول وقدمها إلى المدعو .... مقابل إعطاءه مبلغ مالي قدره .... جنيها مصري مع علمه بأمر تقليدها ، إلَّا أن أثر جريمته قد خاب لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو اكتشاف سالف الذكر لأمر تقليدها وعدم قبوله لها وضبطه والجريمة متلبسا بها على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/1 ، 46/3 ، 202 ، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة العملة المقلدة المضبوطة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً داخل البلاد بقصد الترويج والشروع في ترويجها قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه اطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس لتلقى ضابط الواقعة نبأ الجريمة من الغير بما لا يسوغ ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : " وحيث إنه من المقرر أن الجريمة يكون متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذلك تتبع الجاني بالصياح ، ولما كان المتهم قد عرض العملة المقلدة على الشاهد الأول فاكتشف الأخير بأمر تقليدها فأبلغ على الفور الشاهدين الثاني والثالث ولاحقوا المتهم في نفس اللحظة وتم الإمساك به وهو ما يتوافر به حالة التلبس ، ويكون القبض والتفتيش تما صحيحين ويصح ما أسفر عنه التفتيش من ضبط العملات المقلدة ويكون هذا الدفع غير صحيح " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من الدستور قد نصت على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه إلَّا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون " . وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة ، وإذ لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً ، فإذا أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه ، وإذا لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلان ، وكان من المقرر أن حالة التلبس بالجريمة يستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أم متهما يقر على نفسه ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها . لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى قيام حالة التلبس أمراً موكلاً إلى محكمة الموضوع إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة إلى أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان مفاد ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وفى رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن ما أثاره مأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم لمجرد إبلاغ شاهد الإثبات الأول له بعرض المتهم - الطاعن - ورقة مالية مقلدة عليه ورفضه إياها دون بيان ماهية هذه الورقة وعدم مشاهدة مأمور الضبط القضائي لها قبل القبض على الطاعن وتفتيشه هو قبض وتفتيش باطلين لوقوعهما في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ لمأمور الضبط القضائي ضبط الطاعن وتفتيشه وعوَّل على الدليل المستمد من أقوال الضابطين ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 3883 لسنة 84 ق جلسة 11 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 49 ص 428

 جلسة 11 من أبريل سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أنس عمارة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ربيع لبنة ، حمدي ياسين وحسن كفافي نواب رئيس المحكمة وهاني المليجي .
-----------

(49)

الطعن رقم 3883 لسنة 84 القضائية

مواد مخدرة . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

المادتان الأولى من القانون 114 لسنة 1953 ، 12 من القانون 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية . مفادهما ؟

تمتع جنود القوات المسلحة بصفة الضبطية القضائية . شرطه : صدور قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة .

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بهما في جريمة حيازة ونقل مواد مخدرة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " .... أنه بتاريخ .... وحال قيام الجندي/ ... أحد أفراد طاقم تفتيش نقطة تفتيش حرس حدود .... بمباشرة عمله في تفتيش السيارات العابرة من الشرق إلي الغرب ، استوقف السيارة رقم " ... " ثلاثة أرباع نقل ماركة .... قيادة المتهم / .... ، وبتفتيشه لها عثر داخل مخزن سري مصمم أعلى طبلية الصندوق الخلفي للسيارة على عدد 183 لفافة كبيرة الحجم ملفوفة بورق شكائر الأسمنت داخل كيس بلاستيك أسود اللون ومحزومة بالبلاستر وبفتح تلك اللفافات تبيَّن له أنها تحتوي على نبات البانجو المخدر ، وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بقيامه بنقلها لأحد الأشخاص .... " . وبعد أن حصَّل الحكم واقعة الدعوى – على السياق المتقدم – وأورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بالضبط واطرحه بقوله : " .... لما كانت الواقعة كما صار إثباتها قد تم ضبطها بمعرفة أحد رجال حرس الحدود ، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات والأماكن الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أم مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المذكور ، ومن ثم فإن المشرع لم يتطلب توافر قيود الضبط والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية ، ولم يشترط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني لمبادئ قانون الإجراءات الجنائية بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجًا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبطية القضائية العسكرية المختص حق تفتيشه ، فإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة مُعاقب عليها بمقتضى القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع من ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة قانونية ، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم يضحى وقد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون متعينًا رفضه .... ". لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " .... يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد .... " ، وكان ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 ، يبين منه أنه منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من القوات – المعدل مسماها إلي قوات حرس الحدود – وهما الضباط وضباط الصف ، أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية ، كما أن المادة 12 من قانون الأحكام العسكرية بعد أن عددت أعضاء الضبط العسكري - وهم في البند الأول ضباط وضباط صف المخابرات الحربية ، وفى البند الثاني ضباط وضباط صف الشرطة العسكرية - نصت في البند الثالث على ضباط وضباط الصف والجنود الذين يُمنحون هذه السلطة من وزير الدفاع أو من يفوضه فيما يُكلفون به من أعمال ، ومؤدى ذلك أن جنود القوات المسلحة لا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية ، إلَّا إذا صدر قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تساند في رفض الدفع إلي القانونين رقمي 114 لسنة 1953 ، 25 لسنة 1966 المشار ذكرهما ، وأرسل القول بأن القائم بالضبط أحد رجال حرس الحدود الذين منحهم القانون الأول والمادة 12 من القانون الثاني صفة الضبطية القضائية ، دون أن يستجلي صفة القائم بالضبط والتفتيش من بين هذه القوات ، ومدى تمتعه بالضبطية القضائية العسكرية على ضوء أحكام القانونين سالفي البيان ، وما إذا كان قد صدر قرار من وزير الدفاع أو من يفوضه بمنحه هذه الصفة فيما يُكلَّف به من أعماله ، أو أن ما قام به من إجراء قد تم تحت إشراف الضابط مُحرر محضر الضبط ، أو أي من أفراد طاقم التفتيش المتواجدين آنذاك – وفق الثابت من المفردات المضمومة – من أعضاء الضبط القضائي العسكري ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا ، وهو ما يُعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ، كما صار إثباتها بالحكم ، والتقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه النعي ، بما يوجب نقضه والإعادة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : حاز ونقل بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهر " حشيش " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 ، والبند رقم "56" من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عامًا وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر والسيارة المضبوطين .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المحكمــة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة ونقل مخدر الحشيش بغير قصد من القصود ، قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه الفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه قضى بإدانته بالرغم من بطلان القبض والتفتيش ، لعدم تمتع من أجراه بصفة الضبط القضائي ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " .... أنه بتاريخ .... وحال قيام الجندي/ ... أحد أفراد طاقم تفتيش نقطة تفتيش حرس حدود .... بمباشرة عمله في تفتيش السيارات العابرة من الشرق إلي الغرب ، استوقف السيارة رقم " ... " ثلاثة أرباع نقل ماركة .... قيادة المتهم / .... ، وبتفتيشه لها عثر داخل مخزن سري مصمم أعلى طبلية الصندوق الخلفي للسيارة على عدد 183 لفافة كبيرة الحجم ملفوفة بورق شكائر الأسمنت داخل كيس بلاستيك أسود اللون ومحزومة بالبلاستر وبفتح تلك اللفافات تبيَّن له أنها تحتوي على نبات البانجو المخدر ، وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بقيامه بنقلها لأحد الأشخاص .... " . وبعد أن حصَّل الحكم واقعة الدعوى – على السياق المتقدم – وأورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بالضبط واطرحه بقوله : " .... لما كانت الواقعة كما صار إثباتها قد تم ضبطها بمعرفة أحد رجال حرس الحدود ، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات والأماكن الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أم مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المذكور ، ومن ثم فإن المشرع لم يتطلب توافر قيود الضبط والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية ولم يشترط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني لمبادئ قانون الإجراءات الجنائية بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجًا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبطية القضائية العسكرية المختص حق تفتيشه ، فإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة مُعاقب عليها بمقتضى القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع من ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة قانونية ، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم يضحى وقد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون متعينًا رفضه .... ". لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " .... يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد .... " ، وكان ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 ، يبيِّن منه أنه منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من القوات – المعدل مسماها إلي قوات حرس الحدود – وهما الضباط وضباط الصف ، أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية ، كما أن المادة 12 من قانون الأحكام العسكرية بعد أن عددت أعضاء الضبط العسكري - وهم في البند الأول ضباط وضباط صف المخابرات الحربية ، وفى البند الثاني ضباط وضباط صف الشرطة العسكرية - نصت في البند الثالث على ضباط وضباط الصف والجنود الذين يُمنحون هذه السلطة من وزير الدفاع أو من يفوضه فيما يُكلفون به من أعمال ، ومؤدى ذلك أن جنود القوات المسلحة لا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية ، إلَّا إذا صدر قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تساند في رفض الدفع إلي القانونين رقمي 114 لسنة 1953 ، 25 لسنة 1966 المشار ذكرهما ، وأرسل القول بأن القائم بالضبط أحد رجال حرس الحدود الذين منحهم القانون الأول والمادة 12 من القانون الثاني صفة الضبطية القضائية ، دون أن يستجلي صفة القائم بالضبط والتفتيش من بين هذه القوات ، ومدى تمتعه بالضبطية القضائية العسكرية على ضوء أحكام القانونين سالفي البيان ، وما إذا كان قد صدر قرار من وزير الدفاع أو من يفوضه بمنحه هذه الصفة فيما يُكلَّف به من أعماله ، أو أن ما قام به من إجراء قد تم تحت إشراف الضابط مُحرر محضر الضبط ، أو أي من أفراد طاقم التفتيش المتواجدين آنذاك – وفق الثابت من المفردات المضمومة – من أعضاء الضبط القضائي العسكري ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا ، وهو ما يُعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ، كما صار إثباتها بالحكم ، والتقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه النعي ، بما يوجب نقضه والإعادة ، دون حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن الأخرى .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10266 لسنة 80 ق جلسة 10 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 48 ص 418

 جلسة 10 من أبريل سنة 2016

برئاسة السـيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / عـادل عـمارة ، عاطف عبد السميع ، أحمد رضوان ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة .
----------

(48)

الطعن رقم 10266 لسنة 80 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " " سلطاتهم " . استدلالات . قبض . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 واجبات رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم بشأن إبلاغهم عن الجرائم . ماهيتها ؟

 المادة 29 إجراءات جنائية . مؤداها ؟

 استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق التحريات عنه وجمع الاستدلالات . ليس قبضاً محظوراً عليه .

 اطراح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش استنادًا إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وعدم تفتيش مأمور الضبط القضائي له . صحيح .

(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغًا .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

منازعة الطاعن بشأن تدليل الحكم على مقارفته الجرائم التي دانه بها . جدل موضوعي
غير جائز أمام النقض .

(3) عقوبة " العقوبة المبررة " " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . نقض " المصلحة في الطعن " .

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والشروع في تهريب آثار . ما دام عاقبه بعقوبة جريمة الرشوة باعتبارها الأشد عملًا بالمادة 32 عقوبات .

(4) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات مع الاعتماد على أقوالهم بالتحقيقات. شرط ذلك ؟

النعي على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات . غير مقبول . مادام الثابت بمحضر الجلسة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوتها دون طلب سماعهم .

(5) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه. غير مقبول . ما دامت الواقعة وضحت لديها .

(7) محكمة الإعادة . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

للمحكمة إيراد الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسباباً لحكمها . ما دامت تصلح لإقامة قضائها بالإدانة .

(8) محكمة النقض " سلطتها " . نقض " نطاق الطعن " .

الإحالة في بيان وجه الطعن لطعن آخر مقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى . غير جائز .

 (9) عقوبـة " عقوبة الجريمة الأشد" " العقوبة التكميلية " . عزل . اختلاس أموال أميرية . محكمة النقض " سلطتها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

إدانة الحكم الطاعن بجرائم ومعاقبته بالعقوبة المقررة لأشدها وهي الرشوة إعمالاً للمادة 32 عقوبات دون قضائه بعزله من وظيفته باعتبارها العقوبة التكميلية الوجوبية لجريمة الاختلاس . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟

(10) آثار . عقوبـة " تطبيقها " " العقوبة التكميلية " . مصادرة . شروع . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .

إغفال الحكم القضاء في منطوقه بمصادرة القطع الأثرية محل جريمة الشروع في تهريب آثار. خطأ . يوجب القضاء بمصادرتها إدارياً . علة وأساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن من الواجبات المفروضة على رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يتحصَّلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم ، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضًا ماسًا بحريته الشخصية أو تقييدًا لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وأن مأمور الضبط القضائي لم يقم بتفتيشه ، فإن رفضها للدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون سليمًا بما تنتفي عنه قالة الخطأ في تطبيق القانون .

2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كافيًا وسائغًا ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

3- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الرشوة والاختلاس المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والشروع في تهريب آثار ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الرشوة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملًا بنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما يثيره بشأن جرائم الاختلاس والتزوير والشروع في تهريب آثار .

4- من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت – ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك – ثم مضى الدفاع في مرافعته إلى أن ختمها بطلب الحكم بالبراءة دون أن يطلب سماع شهود الإثبات ، فليس له - من بعد - أن ينعي على المحكمة قعودها عن سماعهم .

5- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .

6- لما كان يبيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إجراء تحقيق ما بشأن ما يثيره بوجه الطعن ، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزومًا لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا .

7- لما كان للمحكمة أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

8- من المقرر أنه لا يجوز في بيان وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مُقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى ، فإن محكمة النقض وهي تفصل في طعن لا يصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن آخر .

9- لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه بها وهي جريمة الرشوة بيد أنه لم يقض بعزل الطاعن من وظيفته وهي عقوبة تكميلية وجوبية لجريمة الاختلاس باعتبارها إحدى الجرائم المرتبطة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .

10- من المقرر أنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة القطع الأثرية المضبوطة – محل جريمة الشروع في تهريب آثار وهي إحدى الجرائم المرتبطة – إعمالًا لنص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار ، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقًا للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، إلَّا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم ، وهو الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلَّا أنه لما كانت مصادرة هذه القطع الأثرية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروع حيازته ، فإنه من المتعين مصادرتها إداريًا كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة رفعًا للضرر ودفعًا للخطر ، وتكتفي المحكمة بذكر ذلك في الأسباب دون الحاجة إلى النص عليه المنطوق .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

          اتهمت النيابة العامة كلًا من : 1– …. ( طاعن ) ، 2- ... ، 3- .... ، 4- .... بأنهم :

أولًا : المتهمون جميعًا : شرعوا في تهريب الآثار غير المسجلة في سجلات المتحف المصري والمبينة وصفًا بالتحقيقات إلى خارج جمهورية مصر العربية وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبط الجريمة متلبسًا بها على النحو المبين بالتحقيقات .

ثانيًا : المتهم الأول :

(1) بصفته موظفًا عموميًا .... قبل وأخذ عطية للإخلال بواجبات وظيفته بأن قبل وأخذ من المتهم الثاني مبلغ ثمانمائة جنيه مصري على سبيل الرشوة ليمده بثمانية نماذج 13 جمارك ومرفقاته والتي استخدمت إحداها في ارتكاب الجريمة محل الوصف السابق مخالفًا بذلك تعليمات جهة عمله بقصرها على أعضاء البعثات الدبلوماسية دون غيرهم على النحو المبين بالتحقيقات .

(2) بصفته سالفة الذكر اختلس أوراقًا لجهة عمله سالفة الإشارة - عدد ثمانية نماذج 13 جمارك ومرفقاتها - المبينة وصفًا بالتحقيقات والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي : تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهي : أنه في ذات الزمان والمكان آنفي البيان اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في تزوير محررين رسميين هما الإقرار الجمركي رقم …. وموافقة الخارجية رقم …. المبينين بتقريري قسم أبحاث التزييف التزوير بمصلحة الطب الشرعي بطريق تغيير المحررات بأن اتفق معه على ذلك وساعده بأن أمده بهذين المحررين لتغيير التاريخ الوارد بهما بما يتناسب وتاريخ تهريب الآثار موضوع التهمة الأولى فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.

ثالثًا : المتهم الثاني :

(1) قدم رشوة للمتهم الأول للإخلال بواجبات وظيفته بأن أنقده مبلغ " ثمانمائة جنيه " مقابل استلامه نماذج 13 جمارك سالفة الذكر الخاصة بتصدير متعلقات أعضاء البعثات الدبلوماسية وحدهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

(2) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويرًا في المحررين الرسميين المبينين بوصف التهمة الثانية من هذا الأمر وذلك بأن عدل التاريخ الوارد بالمحررين سالفي الذكر بجعلهما صادرين عام 1997 بدلًا من عام 1991 خلافًا للحقيقة على النحو المبين بالتحقيقات .

(3) استعمل المحررين سالفي الذكر فيما زورا من أجله بأن قدمهما لموظفي …. وشركة .... محتجًا بما ورد بهما من بيانات مع علمه بتزويرهما على النحو المبين بالتحقيقات .

رابعًا : المتهمان الثالث والرابع :

أخفيا الآثار الغير مسجلة بسجلات المتحف المصري والمملوكة للدولة والمبينة وصفًا بالأوراق وكان ذلك بقصد تهريبها للخارج على النحو المبين بالتحقيقات .

        وأحالتهم إلى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بــ .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

ومحكمة الجنايات قضت حضوريًا للأول والرابع وغيابيًا للثاني والثالث عملًا بالمواد 40/2 ،3، 41 /1 ، 45/1 ، 46/3 ، 103 ، 104 ، 112 /1 ، 2 ب ، 118 ، 118 مكررًا/1، 119أ، 119 مكرر/ أ ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 6 ، 40 ، 41 ، 42 /أ من القانون 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات : أولًا : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفي جنيه عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية . ثانيًا : بمعاقبة المتهمين الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إلى كل منهما وألزمتهما المصاريف الجنائية . ثالثًا : ببراءة المتهم الرابع مما أسند إليه . رابعًا : مصادرة المستندات المزورة المضبوطة .

        فطعن المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .

ومحكمة النقض قضت بقبول طعن النيابة العامة والمحكوم عليه شكلًا ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

        ومحكمة الإعادة – بهيئة مغايرة - قضت حضوريًا عملًا بالمواد 40/ ثانيًا وثالثًا ، 41/1، 45/1 ، 46/3 ، 103 ، 104 ، 112 /1 ، 2 ب ، 118 ، 119/ أ ، 119 مكرراً/أ ، 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 6 ، 40 ، 41 ، 42/أ من القانون رقم 117 لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وألزمته المصاريف الجنائية .

        فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الرشوة واختلاس أوراق وجدت في حيازته بسبب وظيفته المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها والشروع في تهريب آثار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه اطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالة من حالات التلبس بما لا يسوغ به اطراحه ، ودانه رغم عدم معقولية الواقعة وخلو الأوراق من أي دليل قبله وانتفاء أركان جرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية واستعمالها والشروع في تهريب آثار في حقه ، هذا إلى أن المحكمة لم تجبه إلى طلب سماع شهود الإثبات ولم تعرض للمستندات التي قدمها للتدليل على نفي الاتهام عنه ولم تعن بإجراء تحقيق عن طريق المختصين فنيًا لاستجلاء وجه الحق في الدعوى ، وأخيرًا فقد أوردت المحكمة في حكمها ذات الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه وهو ما يحق له أن يحيل في بيان باقي أوجه الطعن إلى ما تضمنته مذكرة أسباب طعنه الأول على الحكم المنقوض ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة على رجال الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعملون بها بأي كيفية كانت وأن يتحصَّلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم والتي يشاهدونها بأنفسهم ، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك ، ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن وسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضًا ماسًا بحريته الشخصية أو تقييدًا لها مما قد يلتبس حينئذ بإجراء القبض المحظور على مأمور الضبط القضائي إذا لم تكن الجريمة في حالة تلبس ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقرونًا بإكراه ينتقص من حريته وأن مأمور الضبط القضائي لم يقم بتفتيشه ، فإن رفضها للدفع ببطلان القبض والتفتيش يكون سليمًا بما تنتفي عنه قالة الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ؛ لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، ولما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كافيًا وسائغًا ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الرشوة والاختلاس المرتبطة بجريمتي التزوير في محررات رسمية واستعمالها ، والشروع في تهريب آثار ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الرشوة باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملًا بنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا مصلحة له ولا وجه لما يثيره بشأن جرائم الاختلاس والتزوير والشروع في تهريب آثار . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنًا دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت – ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك – ثم مضى الدفاع في مرافعته إلى أن ختمها بطلب الحكم بالبراءة دون أن يطلب سماع شهود الإثبات ، فليس له - من بعد - أن ينعي على المحكمة قعودها عن سماعهم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب إجراء تحقيق ما بشأن ما يثيره بوجه الطعن ، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزومًا لإجرائه ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم المنقوض أسبابًا لحكمه ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يجوز في بيان وجه الطعن الإحالة إلى طعن آخر مُقدم من متهم حوكم من قبل ولو عن ذات الدعوى ، فإن محكمة النقض وهي تفصل في طعن لا يصح مطالبتها بالبحث عن أسباب نقض مقدمة في طعن آخر . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .

ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشد الجرائم التي دانه بها وهي جريمة الرشوة بيد أنه لم يقض بعزل الطاعن من وظيفته وهي عقوبة تكميلية وجوبية لجريمة الاختلاس باعتبارها إحدى الجرائم المرتبطة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلَّا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ، لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده . وجدير بالإشارة إلى أنه وإن أخطأ الحكم المطعون فيه حين لم يقض في منطوقه بمصادرة القطع الأثرية المضبوطة – محل جريمة الشروع في تهريب آثار وهي إحدى الجرائم المرتبطة – إعمالًا لنص المادة 41 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار ، مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقًا للمادة 35 فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلَّا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم ، وهو الأمر المنتفي في هذه الدعوى ، إلَّا أنه لما كانت مصادرة هذه القطع الأثرية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروع حيازته ، فإنه من المتعين مصادرتها إداريًا كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة رفعًا للضرر ودفعًا للخطر ، وتكتفي المحكمة بذكر ذلك في الأسباب دون الحاجة إلى النص عليه المنطوق .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 26638 لسنة 83 ق جلسة 7 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 47 ص 412

 جلسة 7 من إبريل سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أحمد مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيل الكشكي ، حسام خليل ، هشام أبو علم وأشرف المصري نواب رئيس المحكمة .
-------------

(47)

الطعن رقم 26638 لسنة 83 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " " أثر الطعن " .

حالة الدفاع الشرعي عن النفس في التشاجر بين فريقين . مناط تحققها ؟

إغفال الحكم الصلة بين الاعتداء الواقع من الطاعن وعليه وأيهما أسبق وأثر ذلك في قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها . قصور يستوجب نقضه .

عدم امتداد أثر النقض للمحكوم عليه غيابياً .

مثال .

(2) طفل . عقوبة " تطبيقها " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أثر الطعن " .

المادتان 236/1 عقوبات ، 111 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 بشأن الطفل . مفهومهما ؟

الحكم بإدانة الطاعن باعتباره طفلاً بجريمة الضرب المفضي إلى الموت ومعاقبته بعقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر لها دون تطبيقه المادة 111/2، 3 من القانون 12 لسنة 1996. خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والإعادة له دون المحكوم عليه غيابياً . علة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيًّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه في قوله : ( فقد ثبت من الأدلة التي سبق أن بسطتها المحكمة على النهج المتقدم أنه تبادل الاعتداء مع المجني عليه حتى تمكن من طعنه في صدره بالسكين وكان ذلك بمساعدة المتهم الثاني وآخرين مما ينتفي معه توافـر حالة الدفاع الشرعي وأن ما قرره الدفاع الحاضر مع المتهم الهدف منه التشكيك في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليه المحكمة ). لما كان ذلك ، وكان من المقرر في التشاجر بين فريقين أمَّا أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع حيث تنتفي مظنة الدفاع الشرعي عن النفس وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق ورداً له من الفريق الآخر فتصدق في حقه حالة الدفاع الشرعي عن النفس ، وكان ما قاله الحكم - فيما تقدم - لا يصلح رداً لنفي ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ذلك أن الحكم أغفل كلية الإشـارة إلي ما ذكره محامي الطاعن في مرافعته من أن الطاعن سقط أرضاً وجثم المجني عليه علي ظهره محاولاً درء الخطر من المجني عليه وأن السلاح المستخدم في الحادث كان بحوزة المجني عليه وقد استخلصه المتهم منه كما أن الحكم في معرض رده علي الدفع أثبت بتبادل الاعتداء بين المتهم والمجني عليه دون أن يتعرض لاستظهار الصلة بين هذا الاعتداء الذي وقع علي الطاعن والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق وأثـر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي لديه فإن الحكم يكون قاصر البيان مما يعيبه بما يستوجب نقضـه بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر لأن الحكم صدر غيابياً بالنسبة له .

      2- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يجاوز سنه الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة ودانه الحكم المطعون فيه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وقضي بمعاقبته - طبقاً لنص المادة 236/1 من قانون العقوبات المقــرر لها عقوبة السجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلي سبع - بالسجن خمس عشرة سنة. لما كان ذلك ، وكان مفهوم نص المادة 111 من قانون الطفـل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 أن المشرع بالحظر الذي أورده بها من عدم الحكم علي الطفل بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد قد جعل العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الضرب المفضي إلي الموت المنصوص عليها في المادة 236/1 من قانون العقوبات بالنسبة للطفـل هي السجن وأورد علي هذا الحظر قيد آخر إذا ما ارتكب الطفل الذي تجاوز عمره خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد أن يحكم عليه بالسجن وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس الذي لا تقـل مدته عن ثلاثة أشهر أو بالتدبير المنصوص عليه في البند 8 من المادة 101 من هذا القانون . لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بمعاقبة الطاعن باعتباره طفلاً بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً دون أن يطبق المادة 111/2-3 من قانون الطفـل بالحكم بالحبس مدة لا تقـل عن ثلاثة أشهر أو بالتدبير المنصوص عليه في البند 8 من المادة 101 من القانون المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق هو من إطلاقات محكمة الموضوع فإنه يكون لها عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن، ولما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضـه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر .... الذي صدر الحكم غيابياً له .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما : 1- حال كون المتهم الأول " الطاعن" طفلاً جاوز الخامسة عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة من عمره : ضرب الأول المجني عليه .... عمداً بسلاح أبيض " سكين " محدثاً إصابته بيسار الصدر والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته حال تواجد الثاني علي مسرح الجريمة للشد من أزر الأول ولم يقصدا من ذلك قتلاً بل الضرب أفضي إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات .

2- استعرضا القوة ضد المجني عليه سالف الذكر بقصد ترويعه للمساس بسلامته حال حمل المتهم الأول سلاحاً أبيض " سكين " .

3- المتهم الأول " الطاعن" : أحرز سلاحاً أبيض "سكين" بغيـر مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة.

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للأول " الطاعن " وغيابياً للآخر عملاً بالمادة 236/1 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم (6) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمضاف بالقانون رقم 97 لسنة 1992 وبالقرار رقم 1756 لسنة 2007 والمواد 295 ، 111/1، 2 من القانون رقم 112 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 في شأن الطفل مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلي الموت واستعراض القوة ضد المجني عليه بقصد ترويعه والمساس بسلامته وإحراز سلاح أبيض " سكين " بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اطرح دفعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه بما لا يسوغ اطراحه كما قضي عليه بعقوبة السجن لمدة خمسة عشر عاماً متجاوزاً الحد الأقصى لعقوبة الضرب المفضي إلي الموت ورغم كونه طفلاً دون أن ينزل بالعقوبة بالمخالفة لنص المادة 236/1 من قانون العقوبات والمادة 111 من قانون الطفـل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضـه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيًّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واطرحه في قوله: (فقد ثبت من الأدلة التي سبق أن بسطتها المحكمة على النهج المتقدم أنه تبادل الاعتداء مع المجني عليه حتى تمكن من طعنه في صدره بالسكين وكان ذلك بمساعدة المتهم الثاني وآخرين مما ينتفي معه توافـر حالة الدفاع الشرعي وأن ما قرره الدفاع الحاضر مع المتهم الهدف منه التشكيك في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليه المحكمة) . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في التشاجر بين فريقين أما أن يكون اعتداء من كليهما ليس فيه من مدافع حيث تنتفي مظنة الدفاع الشرعي عن النفس وإما أن يكون مبادأة بعدوان فريق ورداً له من الفريق الآخر فتصدق في حقه حالة الدفاع الشرعي عن النفس ، وكان ما قاله الحكم - فيما تقدم - لا يصلح رداً لنفي ما أثاره الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه ذلك أن الحكم أغفل كلية الإشـارة إلي ما ذكره محامي الطاعن في مرافعته من أن الطاعن سقط أرضاً وجثم المجني عليه علي ظهره محاولاً درء الخطر من المجني عليه وأن السلاح المستخدم في الحادث كان بحوزة المجني عليه وقد استخلصه المتهم منه كما أن الحكم في معرض رده علي الدفع أثبت بتبادل الاعتداء بين المتهم والمجني عليه دون أن يتعرض لاستظهار الصلة بين هذا الاعتداء الذي وقع علي الطاعن والاعتداء الذي وقع منه وأي الاعتداءين كان الأسبق وأثـر ذلك في قيام أو عدم قيام حالة الدفاع الشرعي لديه فإن الحكم يكون قاصر البيان مما يعيبه بما يستوجب نقضـه بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر لأن الحكم صدر غيابياً بالنسبة له. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يجاوز سنه الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجريمة ودانه الحكم المطعون فيه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وقضي بمعاقبته ـــــــ طبقاً لنص المادة 236/1 من قانون العقوبات المقرر لها عقوبة السجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلي سبع ــــ بالسجن خمس عشرة سنة . لما كان ذلك ، وكان مفهوم نص المادة 111 من قانون الطفـل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 أن المشرع بالحظر الذي أورده بها من عدم الحكم علي الطفل بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد قد جعل العقوبة الأصلية المقررة لجريمة الضرب المفضي إلي الموت المنصوص عليها في المادة 236/1 من قانون العقوبات بالنسبة للطفـل هي السجن وأورد علي هذا الحظر قيداً آخر إذا ما ارتكب الطفل الذي تجاوز عمره خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد أن يحكم عليه بالسجن وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس الذي لا تقـل مدته عن ثلاثة أشهر أو بالتدبير المنصوص عليه في البند 8 من المادة 101 من هذا القانون . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي بمعاقبة الطاعن باعتباره طفلاً بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً وهي عقوبة تزيد عن الحد الأقصى المقرر قانوناً دون أن يطبق المادة 111/2-3 من قانون الطفـل بالحكم بالحبس مدة لا تقـل عن ثلاثة أشهر أو بالتدبير المنصوص عليه في البند 8 من المادة 101 من القانون المذكور فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ولما كان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق هو من إطلاقات محكمة الموضوع فإنه يكون لها عند إعادة الدعوى إليها أن تقضي بالعقوبة المقررة في القانون إذا رأت أن تدين الطاعن ، ولما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضـه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر .... الذي صدر الحكم غيابياً له دون حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ