الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات النيابة الادارية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات النيابة الادارية. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 29 نوفمبر 2023

الطعن 1027 لسنة 7 ق جلسة 19 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 27 ص 245

جلسة 19 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(27)

القضية رقم 1027 لسنة 7 القضائية

(أ) بطلان - تأديب - محاكمة تأديبية - ديوان المحاسبة 

- لا يسوغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو الإجراءات يترتب عليها البطلان - وجوب التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية التي تمس صالح الأفراد أو اقتصرت على المساس بالشروط اللاجوهرية التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم - ترتيب البطلان في الحالة الأولى دون الثانية - البطلان جزاء مخالفة الميعاد المقرر لرئيس ديوان المحاسبة للطعن في القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية - لا بطلان في حالة عدم تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لمباشرة الدعوى التأديبية.
(ب) موظف - تأديب - مخالفة مالية - ديوان المحاسبة 

- الميعاد المخول لرئيس ديوان المحاسبة وفقاً للمادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 للاعتراض على الجزء التأديبي - من مواعيد السقوط - الأصل سريانه اعتباراً من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الصادر في شأن المخالفة المالية - طلب الديوان خلال الميعاد بعض أوراق الموضوع ومستنداته - لا يبدأ حساب الميعاد في هذه الحالة إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق أو البيانات المطلوبة قد وصلت إلى الديوان - أساس ذلك.

----------------
1 - الأصل المسلم به قضاء وفقهاً هو أنه إذا كان نص القانون قد أوجب على جهة الإدارة أن تلتزم الأوضاع الشكلية أو الإجراءات التي أوصى المشرع باتباعها إلا أنه لا يستساغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو للإجراءات يكون الجزاء عليها هو بطلان القرار المترتب عليها. وإنما يتعين التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية وهي التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة قد مست الشروط اللاجوهرية بمعنى تلك التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم فرتب الأصل المسلم به على المخالفة الأولى بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي تتعلق بمصالح الأفراد، واعتبرت وكأنها ضمانات لسلامة قصد الإدارة نحوهم بينما لا يرتب الأصل المسلم به على المخالفة الثانية بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي قد رسمت لصالح الجهة الإدارية وحدها فلها أن تتمسك بها إن شاءت ذلك أو تغض الطرف عنها ما دامت تلك الأوضاع والإجراءات لا تؤثر على مصالح الأفراد ومن هذا الأصل استقى المشرع المادة 25 من قانون المرافعات (يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم). وإعمالاً لذلك الأصل وهذا النص يكون الميعاد الذي خوله نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية لرئيس ديوان المحاسبة - خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف - من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على عدم مراعاتها البطلان، ذلك لأن هذا الميعاد إنما شرع لصالح الموظف المتهم الذي أوقعت عليه جهته الإدارية ما قدرته لذنبه من جزاء إداري. وغني عن البيان أن من شأن الإخلال بهذا الميعاد أثر بالغ في المركز القانوني للموظف وعاء الجزاء - والأمر على خلاف ذلك في شأن الميعاد الثاني المنصوص عليه بنفس المادة - وعلى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى خلال الخمسة عشر يوماً التالية - فهذا الميعاد ليس إلا من قبيل المواعيد التنظيمية التي لا يترتب على إغفالها أي بطلان لأن هذا الميعاد لا يمس مصالح الأفراد ما دام تقديم الموظف للمحاكمة التأديبية قد صدر من رئيس ديوان المحاسبة في الميعاد المحدد قانوناً.
2 - إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه، قد أصاب وجه الحق إذ قرر أن الميعاد المخول لرئيس ديوان المحاسبة ليعترض فيه على الجزاء الإداري يعتبر من مواعيد السقوط إلا أن الحكم المذكور قد أخطأ صحيح فهم القانون من حيث مبدأ سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً الأولى من الفقرة الثانية من المادة 13 سالفة الذكر صحيح أن الأصل هو أن يسري هذا الميعاد من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الإداري الصادر في شأن المخالفة المالية إلا أن قضاء هذه المحكمة العليا قد أطرد على أن ديوان المحاسبة لا يتسنى له تقدير ملاءمة الجزاء الإداري الذي وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب إلا إذا كانت كافة عناصر التقدير من أوراق وتحقيقات وملابسات واقعة تحت بصره ومعروضة عليه. فإذا فات الميعاد المذكور دون أن يبادر الديوان إلى طلب موافاته بما يراه لازماً من أوراق الموضوع وما تعلق به من بيانات فإن ذلك الفوات للميعاد يعد قرينة على اكتفاء الديوان بما تلقاه من الأوراق. ولا ترتفع هذه القرينة إلا بأن يبادر الديوان خلال الميعاد المذكور بطلب ما لم يكن قد وصله من أوراق ومستندات، وفي هذه الحالة لا يبدأ حساب الميعاد إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق المطلوبة أو البيانات قد وصلت فيه إلى الديوان.


إجراءات الطعن

في 29 من مارس سنة 1961 أودع السيد محامي الحكومة سكرتارية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1027 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 29 من يناير سنة 1961 في الدعوى التأديبية المقيدة بالسجل العام برقم (149) لسنة 2 القضائية المقدمة من النيابة الإدارية ضد محمد علي إبراهيم امارة المهندس بالإرشاد الزراعي من الدرجة السادسة, والذي قضى: (بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد). وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه (الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, وإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي فيه مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل الأتعاب). وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 20 من سبتمبر سنة 1962. وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من يناير سنة 1964 ومنها لجلسة 28 من مارس سنة 1964 ثم لجلسة 16 من مايو لضم الأوراق وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية للمرافعة بجلسة 7 من نوفمبر سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, وقدم المطعون عليه مذكرة بدفاعه في 3 من نوفمبر سنة 1964 انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن وبتأييد الحكم المطعون فيه ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.ض


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن النيابة الإدارية أودعت سكرتارية المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين، في تاريخ سابق لجلسة 7 من أغسطس سنة 1960 قرار الاتهام وتقريره، وصورة من مذكرة ديوان المحاسبة المؤرخ 21 من إبريل سنة 1960 ضد الموظف محمد علي إبراهيم امارة مهندس الإرشاد الزراعي بوحدة فارسكور الزراعية سابقاً وحالياً مهندس المقننات بتفتيش السرو بوزارة الزراعة، وهو من الدرجة السادسة، لأنه في شهر أكتوبر عام 1957 وما بعده، بوحدة فارسكور الزراعية، بصفته موظفاً عمومياً بالوحدة: (1) باع ثلاثين علبة من مادة العقدين مملوكة للدولة، كانت في عهدته، واحتفظ بثمنها وقدره أربعة جنيهات ونصف. (2) تراخى في رد عدد (78) علبة عقدين كانت قد سلمت إليه في أكتوبر سنة 1957 إلى قسم الميكروبولوجي، إلى ما بعد انتهاء مدة صلاحيتها للاستعمال. وقررت النيابة الإدارية أن الموظف المذكور قد ارتكب المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها في المواد: (73)، (82) مكرر و(83) من القانون رقم (210) لسنة 1951 والقوانين المعدلة له، وطلبت محاكمته تأديبياً على أساس هذه المواد، والفقرة الأولى من المادة (31) من القانون رقم (117) لسنة 1958. وجاء في تقرير الاتهام أن قسم الميكروبولوجيا بمراقبة الأراضي التابع لوزارة الزراعة، كان قد أرسل في شهر أكتوبر سنة 1957 للوحدة الزراعية بفارسكور عدد (108) علبة من مادة العقدين لاستعمالها في مشروع تعميم التلقيح البكتيري للمحاصيل البقولية. وقد سلمت تلك الكمية للموظف المذكور بوصفه مهندس الإرشاد الزراعي بالوحدة في ذلك الوقت، ليتولى بيعها نقداً لحساب القسم المشار إليه ولإعادة الكميات غير المباعة منها، قبل انتهاء مدة صلاحيتها للاستعمال. وفعلاً قام الموظف المذكور ببيع ثلاثين علبة بمبلغ أربعة جنيهات ونصف، بيد أنه لم يواف القسم الميكروبولوجي بالمستندات الدالة على أنه قد ورد ثمن الكميات المباعة لحساب القسم أو إعادة الكميات غير المباعة قبل انقضاء مدة الصلاحية المقررة، الأمر الذي اعتقد معه القسم بأنه قد تم بيع جميع الكمية المرسلة إليه، وراح القسم يطلب مراراً من الوحدة الزراعية بفارسكور موافاته بالأوراق والمستندات الدالة على سداد القيمة لحساب القسم دون جدوى. ومن ثم رفع الأمر إلى قسم الخدمات الإقليمية التابع لمراقبة الإرشاد الزراعي فأجرى تحقيقاً مبدئياً في الموضوع ثم أحاله إلى النيابة الإدارية المختصة فقامت بدورها بالتحقيق وسألت كلاً من: (1) الموظف محمد علي امارة، مهندس الإرشاد من الدرجة السادسة. (2) محمود أحمد لطفي وكيل قسم الميكروبولوجيا من الدرجة الثالثة. فقرر الأول (المتهم) أنه إبان اشتغاله مهندساً للإرشاد الزراعي بوحدة فارسكور الزراعية كان قد استلم عدد (108) علبة عقدين باع منها ثلاثين علبة بمبلغ أربعة جنيهات ونصف قام بتوريده، في حينه لصراف ناحية السرو. وبمواجهته بأنه بالاتصال بمديرية الدقهلية أفادت بأنه لم يتبين من يومية صراف ناحية السرو، سابقة توريد المبلغ المذكور، عدل المتهم عن أقواله وراح يقرر أنه ورد المبلغ لصراف ناحية الزرقا. وبمواجهته بأنه تبين أيضاً عدم توريد المبلغ لذلك الصراف، أصر على أنه قام بتوريد المبلغ ولكنه لا يتذكر جهة الصرف التي ورد بها، وادعى أن قسيمة التوريد قد فقدت منه، وطلب البحث بيوميات جميع صيارف مركز فارسكور للتأكد من صحة ما يدعيه. وعزا عدم إرجاعه علبة العقدين غير المباعة طوال المدة من أكتوبر سنة 1957 إلى 6 من يونيو سنة 1959 مما ترتب عليه تلفها، إلى السهو، واختتم دفاعه قائلاً إن علبة العقدين لا تكلف الوزارة، على كل حال، أكثر من ثلاثة مليمات - وبسؤال الثاني، وكيل القسم (محمود أحمد لطفي) قرر أنه بوصفه المشرف على مشروع تعميم التلقيح البكتيري للمحاصيل البقولية، وعلى توزيع مادة العقدين كان قد أرسل عدد (108) علبة لوحدة فارسكور لتقوم ببيعها للمزارعين، وإعادة العلب غير المباعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إرسالها لأن مادة العقدين تتلف بعد تلك المدة، بيد أن الوحدة المذكورة لم تواف القسم بالمستندات الدالة على بيع العلب المرسلة إليها أو إعادتها ثانية خلال المدة المقررة على الرغم من مطالبتها بذلك مراراً، مما اضطره إلى رفع الأمر للجهات المختصة.
وبعد انتهاء هذا التحقيق أعدت النيابة الإدارية مذكرة بنتيجة التحقيق مؤرخة في 14 من ديسمبر سنة 1959 قال فيها إن الموظف (اماره) تارة يقرر أنه ورد مبلغ الأربعة جنيهات ونصف لصراف ناحية السرو، وأخرى يقرر أنه قام بتوريده لصراف ناحية الزرقا ثم يعدل عن ذلك ويطلب البحث في دفاتر جميع صرافي مركز فارسكور. ومضت النيابة الإدارية تقول أن ظاهر هذا الطلب غير جدي، وأن القصد منه هو تعطيل الإجراءات والتصرف النهائي في القضية، فضلاً عن أنه كان من واجب الموظف (اماره) أن يقدم الدليل على انتفاء مسئوليته، بعد أن أفسح التحقيق صدره إلى المدى الذي وصل إليه ليحقق دفاعه بالإضافة إلى أن تصرفه يدخل في نطاق القانون العام. واستطردت النيابة الإدارية تقول إنه ثبت من التحقيق أن قسم الميكروبولوجيا كان دائم التحرير لوحدة فارسكور الزراعية للمطالبة ببيان سداد ثمن العلب المرسلة إليه (108) علبة عقدين وأن القسم المذكور لم يرفع الأمر إلى المختصين بمجرد انتهاء مدة صلاحية مادة العقدين اعتقاداً منه أن جميع الكمية كان قد تم بيعها على المزارعين ذلك لأن الموظف (اماره) كان يعلم أن هذه المادة تفقد صلاحيتها بمضي ثلاثة شهور، ومن ثم فلا مسئولية على القسم المشار إليه في هذا الشأن، وخلصت النيابة الإدارية من تقريرها إلى أنها تقترح: (1) النظر بشدة في أمر الموظف (اماره) لأنه تصرف بالبيع في ثلاثين علبة عقدين كانت من بين ما في عهدته البالغ قدرها (108) علبة، ولم يورد ثمنها وقدره 4.5 (أربعة جنيهات ونصف) للخزانة وفضلاً عن ذلك فإنه لم يرد باقي العلب التي كانت في عهدته وقدرها (78) علبة في المدة من أواخر عام 1957 لغاية يونيو سنة 1959 مما أفقد محتويات تلك العلب صلاحيتها. (2) إبلاغ النيابة العامة بالواقعة لما تنطوي عليه من جانب جنائي، ثم إعمال وجه التعليمات المقررة بشأن تحصيل قيمة الخسارة. (3) حفظ الموضوع بالنسبة لقسم الميكروبولوجيا. - وقد وافقت الإدارة العامة للنيابة الإدارية على ما انتهت إليه تلك المذكرة ثم قامت النيابة الإدارية بإبلاغ النيابة العامة بالحادث. وبعرض أوراق الموضوع على السيد مدير عام الإدارة العامة للخدمات الزراعية الإقليمية قرر في 28 من يناير سنة 1960 ما يأتي: (1) مجازاة (محمد علي اماره) بخصم خمسة أيام من مرتبه، وتحصيل مبلغ (17.870 مليمجـ) قيمة الـ (108) علبة عقدين مضافاً إليها عشرة في المائة مصاريف إدارية. (2) حفظ الموضوع بالنسبة للسيد/ محمود أحمد لطفي.
وأخطرت الوزارة ديوان المحاسبة بقرار الجزاءات الإدارية المذكور في 4 من فبراير سنة 1960، ولكن دون إرفاق أوراق الموضوع فيما عدا صورة من مذكرة النيابة الإدارية وحدها. فبادر ديوان المحاسبة بكتابه رقم (2517) بتاريخ 17 من فبراير سنة 1960 إلى طلب موافاته بأوراق الموضوع والتحقيقات كي يتسنى له إبداء الرأي في الجزاء الإداري الموقع على الموظف المذكور. ولكن الوزارة أبلغت ديوان المحاسبة بكتابها رقم (1255) سري الذي وصل الديوان في 7 من إبريل سنة 1960 بأن الأوراق أرسلت إلى النيابة العمومية لإجراء شئونها فيها من الناحية الجنائية وذلك بكتاب النيابة الإدارية رقم (1808) في 15 ديسمبر سنة 1959. ثم قامت المراقبة القضائية، بديوان المحاسبة، بفحص الموضوع، ولاحظت أن ما وقع في الحالة المعروضة من الموظف (محمد علي اماره) يعد أمراً بالغ الخطورة والجسامة إذ الدلائل متوافرة على أنه قد عمد إلى الاستيلاء بغير حق على مبلغ أربعة جنيهات ونصف. وهي قيمة علب العقدين المباعة بواسطته، حيث عجز عن إثبات قيامه بتوريد المبلغ المذكور لحساب قسم الميكروبولوجيا بوزارة الزراعة. ولا شك أن ادعاءاته بتوريد المبلغ المذكور ما هي إلى محاولة منه لستر تلاعبه والتنصل من المسئولية. وعلى فرض صحة ما يدعيه، فإن ما وقع منه يعد إهمالاً جسيماً ومن شأنه المساس بأموال الدولة وهذا إلى أنه تسبب في تلف (78) علبة عقدين بإهماله في ردها قبل فوات المدة المقررة لصلاحية استعمالها, ومن ثم يكون الجزاء الموقع عليه إدارياً، وهو خصم خمسة أيام من راتبه، لا يتناسب في نظر ديوان المحاسبة مع ما وقع منه في الحالة المعروضة مما يستوجب إحالته إلى المحاكمة التأديبية إعمالاً لحكم المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958. كما لاحظت المراقبة القضائية بديوان المحاسبة أن الأوراق خلو من أية إشارة تفيد ما إذا كانت أحكام المادة (79) من اللائحة المالية للميزانية والحسابات قد طبقت على حالة المتهم المذكور من حيث فحص أعماله في جميع شتى خدمته من عدمه. وفيما عدا هاتين الملاحظتين فإن المراقبة القضائية ليس لها اعتراض على ما تم من تصرف. واقترحت المراقبة على السيد رئيس الديوان الموافقة على ما يأتي (1) إحالة الأوراق إلى الإدارة العامة للنيابة الإدارية لتتولى إقامة الدعوى التأديبية ضد المتهم المذكور لمحاكمته تأديبياً عما وقع منه في الحالة المعروضة وذلك عملاً بحكم المادة (13) سالفة الذكر. (2) التحرير للوزارة لتقوم بتطبيق أحكام المادة (79) من اللائحة المالية للميزانية والحسابات على حالة الموظف المذكور من حيث فحص أعماله في جميع شتى خدمته وإفادة الديوان بما يتم في هذا الصدد وبما تم في أمر تحصيل مبلغ (17.870 مليمجـ) الذي تقرر تحصيله منه، وأفادته أيضاً بنتيجة تصرف النيابة العامة في الموضوع من الناحية الجنائية. وقد أعدت هذه المذكرة بتاريخ 20 من إبريل سنة 1960 فأشر عليها في ذات التاريخ السيد (علي التمتامي) بعبارة (موافق على ما انتهت إليها هذه المذكرة، ويعرض على السيد الدكتور رئيس الديوان). وبعد ذلك أشر السيد رئيس الديوان بالموافقة في 21 من إبريل سنة 1960.
وقد عين لنظر الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين جلسة 7 من أغسطس سنة 1960 وفيها وفي الجلسات التالية نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر تلك الجلسة وقدم الموظف المتهم مذكرة يدفع فيها بعدم قبول الدعوى لأن ديوان المحاسبة لم يعترض على الجزاء الإداري في الميعاد المحدد في المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 الخاص بالنيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
وبجلسة 29 من يناير سنة 1961 حكمت المحكمة التأديبية (بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد) وأقامت قضاءها هذا على أن ديوان المحاسبة أعلن بقرار الجزاء الموقع على الموظف المتهم مرافقاً له مذكرة النيابة الإدارية في 4 من فبراير سنة 1960 ولم يعترض الديوان على هذا الجزاء الإداري إلا في 21 من إبريل سنة 1960 ومن ثم يكون اعتراض الديوان قد وقع بعد فواد الميعاد المذكور في المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 وأن هذا الميعاد المحدد لاعتراض ديوان المحاسبة إنما هو ميعاد سقوط تمشياً مع الحكمة من ضرورة استقرار الأوضاع الإدارية وحسم المراكز القانونية والروح التي سادت وضع أحكام القانون المذكور من البت في المسائل التأديبية على وجه السرعة. وتأسيساً على ذلك يكون الدفع المقدم من الموظف المتهم قد صادف وجه القانون ويتعين الحكم بقبوله، ولا يغير من الأمر شيئاً ما استشفع به الديوان من أن السبب المباشر في تأخيره في الاعتراض هو عدم موافاته بأوراق الموضوع التي كانت قد أرسلت إلى النيابة العامة فهذا الذي ذهب إليه الديوان لا يسوغ قبوله منه لأن الميعاد المقرر للاعتراض هو ميعاد سقوط، فضلاً عن أنه كان تحت نظره قرار الجزاء متضمناً في ديباجته سببه ومحله، ومذكرة النيابة الإدارية مشتملة على ظروف الموضوع وأقوال الإشهاد وتقدير النيابة العامة الإدارية لمدى الجرم، ومن ثم فقد علم الديوان بقرار الجزاء بمحتوياته علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً يسري معه ميعاد السقوط.
طعنت الحكومة في الحكم التأديبي المذكور وطلبت الحكم بإلغائه وبإحالة الموضوع إلى المحكمة التأديبية لتقضي فيه. وأقامت الحكومة طعنها على أن الميعاد المحدد لديوان المحاسبة لممارسة اختصاصه في الاعتراض على الجزاء التأديبي الإداري المتعلق بالمخالفات المالية لا يسري في حق الديوان إلا بعد اليوم الذي يتم فيه علمه بعناصر الموضوع ليتمكن من إبداء رأيه على الوجه الذي يرضيه ولا يقدح في ذلك أن يكون الميعاد المذكور في مواعيد السقوط لأن مجرد قيام الديوان بطلب كافة أوراق الموضوع أو استيفاء أحد عناصره في الميعاد القانوني هو بمثابة مزاولة اختصاصه خلال المدة المقررة قانوناً.
ومن حيث إن المادة (13) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (117) لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تنص على أنه (يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية والمشار إليها في المادة السابقة - 12 - ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار، أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية. وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال الخمسة عشر يوماً التالية). على أنه ولئن كانت المذكرة الإيضاحية قد أشارت إلى أنه "نظراً لما للمخالفات المالية من أهمية خاصة بالنسبة إلى مالية الدولة، فقد أوجب المشرع إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرارات الجهة الإدارية الصادرة في شأن هذه المخالفات وأعطى لرئيس الديوان الحق في أن يطلب من النيابة الإدارية إقامة الدعوى أمام المحكمة التأديبية المختصة وفي هذه الحالة يتعين على النيابة الإدارية مباشرة الدعوى". لئن كان ذلك كذلك إلا أن المشرع قد أغفل النص على تقرير جزاء على مخالفة هذه الإجراءات وعلى عدم مراعاة المواعيد التي قررها النص المذكور. والأصل المسلم به قضاء وفقهاً هو أنه إذا كان نص القانون قد أوجب على جهة الإدارة أن تلتزم الأوضاع الشكلية أو الإجراءات التي أوصى المشرع باتباعها إلا أنه لا يستساغ القول بأن كل مخالفة للشكل أو للإجراءات يكون الجزاء عليها هو بطلان القرار المترتب عليها.
وإنما يتعين التمييز بين ما إذا كانت المخالفة قد أصابت الشروط الجوهرية وهي التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة قد مست الشروط اللاجوهرية بمعنى تلك التي لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم فرتب الأصل المسلم به على المخالفة الأولى بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي تتعلق بمصالح الأفراد، واعتبرت وكأنها ضمانات لسلامة قصد الإدارة نحوهم بينما لا يرتب الأصل المسلم به على المخالفات الثانية بطلان القرار لأن الأوضاع والإجراءات التي خولفت إنما هي قد رسمت للجهة الإدارية وحدها فلها أن تتمسك بها إن شاءت ذلك أو تغض الطرف عنها ما دامت تلك الأوضاع والإجراءات لا تؤثر على مصالح الأفراد. ومن هذا الأصل استقى المشرع المادة (25) من قانون المرافعات (يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر الخصم). وإعمالاً لذلك الأصل وهذا النص يكون الميعاد الذي خوله نص المادة (13) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية لرئيس ديوان المحاسبة - خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف - من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على عدم مراعاتها البطلان، ذلك لأن هذا الميعاد إنما شرع لصالح الموظف المتهم الذي أوقعت عليه جهته الإدارية ما قدرته لذنبه من جزاء إداري. وغني عن البيان أن من شأن الإخلال بهذا الميعاد أثر بالغ في المركز القانوني للموظف وعاء الجزاء - والأمر على خلاف ذلك في شأن الميعاد الثاني المنصوص عليه بنفس المادة - وعلى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى خلال الخمسة عشر يوماً التالية - فهذا الميعاد ليس إلا من قبيل المواعيد التنظيمية التي لا يترتب على إغفالها أي بطلان. لأن هذا الميعاد لا يمس مصالح الأفراد ما دام طلب تقديم الموظف للمحاكمة التأديبية قد صدر من رئيس ديوان المحاسبة في الميعاد المحدد قانوناً.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه، قد أصاب وجه الحق إذ قرر أن الميعاد المخول لرئيس المحاسبة ليعترض فيه على الجزاء الإداري يعتبر من مواعيد السقوط إلا أن الحكم المذكور قد أخطأ صحيح فهم القانون من حيث مبدأ سريان ميعاد الخمسة عشر يوماً الأولى من الفقرة الثانية من المادة (13) سالفة الذكر. صحيح أن الأصل هو أن يسري هذا الميعاد من تاريخ إخطار رئيس الديوان بالقرار الإداري الصادر في شأن المخالفة المالية إلا أن قضاء هذه المحكمة العليا قد أطرد على أن ديوان المحاسبة لا يتسنى له تقدير ملاءمة الجزاء الإداري الذي وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب إلا إذا كانت كافة عناصر التقدير من أوراق وتحقيقات وملابسات واقعة تحت بصره ومعروضة عليه. فإذا فات الميعاد المذكور دون أن يبادر الديوان إلى طلب موافاته بما يراه لازماً من أوراق الموضوع وما يتعلق به من بيانات فإن ذلك الفوات للميعاد يعد قرينة على اكتفاء الديوان بما تلقاه من الأوراق. ولا ترتفع هذه القرينة إلا بأن يبادر الديوان خلال الميعاد المذكور، يطلب ما لم يكن قد وصله من أوراق ومستندات، وفي هذه الحالة لا يبدأ حساب الميعاد إلا من التاريخ الذي تكون الأوراق المطلوبة أو البيانات قد وصلت فيه إلى الديوان.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وبالرجوع إلى أوراق هذا الطعن، يبين أن ديوان المحاسبة قد أحيط علماً بقرار الجزاء الإداري في 4 من فبراير سنة 1960 دون أن ترفق جهة الإدارة بقرارها الجزائي سوى صورة من مذكرة النيابة الإدارية من دون أوراق الموضوع فطلب الديوان بكتابه رقم (2517) والمؤرخ 17 من فبراير سنة 1960 - أي في خلال الميعاد المنصوص عليه في أول الفقرة الثانية من المادة (13) من القانون رقم (117) لسنة 1958 موافاته بأوراق الموضوع ليتسنى له إبداء رأيه في موضوع المخالفة المالية وما وقعته جهة الإدارة على الموظف المذنب من جزاء إداري. ولكن الجهة الإدارية أبلغت الديوان بكتابها رقم (1355) سري الذي وصل الديوان في 7 من إبريل سنة 1960 ما يفيد أن الأوراق المطلوبة سبق أن أرسلت إلى النيابة العامة لإجراء شئونها في الموضوع من حيث الجانب الجنائي. وعندئذ قامت المراقبة القضائية بديوان المحاسبة بفحص الموضوع على هدي ما وصل إليها من الأوراق وقررت إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية، فوافق السيد رئيس الديوان على ذلك في 21 من إبريل سنة 1960 وبذلك يكون الديوان قد طلب تقديم الموظف الطاعن إلى المحاكمة التأديبية خلال مدة الخمسة عشر يوماً المقررة وذلك من تاريخ رد الجهة الإدارية - وزارة الزراعة - على الديوان بكتابها المؤرخ 7 من إبريل سنة 1960، وفي ذلك ما يكفي لاعتبار الدعوى التأديبية قد رفعت في الميعاد ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً لصحيح فهم القانون وتأويله ولما سبق أن قضت به هذه المحكمة العليا في هذا الشأن فإنه يكون قد خالف القانون ويكون الطعن عليه في محله.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة القضية إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها.

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2023

الطعن 806 لسنة 7 ق جلسة 13 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 24 ص 225

جلسة 13 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وحسنين رفعت ومحمد طاهر عبد الحميد المستشارين.

---------------

(24)

القضية رقم 806 لسنة 7 القضائية

موظف - تقدير درجة الكفاية 

- المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 - وضعها حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السنوية السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها - لا أثر لها على الأحكام الدائمة التي وضعتها المادة 30 معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 ولا تضع قيداً على سلطة وزير المالية في تحديد أسس تقدير الكفاية - صحة قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 سنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة - لا تعارض بين حكم هذا القرار وحكم المادة 136 من القانون 210 لسنة 1951 - لكل منهما مجال زمني يجري فيه.

---------------
إن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إنما وضعت حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها المشرع بموجب القانون المذكور ولذلك فلا يؤثر هذا النص على الأحكام الدائمة التي ضمنها المشرع المادة 30 من قانون التوظف معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كما لا يضع قيداً على سلطة وزير المالية والاقتصاد في تحديد الأوضاع التي تقدر على أساسها كفاية الموظفين تنفيذاً لحكم المادة 30 المشار إليها وعلى هذا المقتضى فإن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة الصادر به تنفيذاً لأحكام المادة 30 من قانون التوظف يكون صحيحاً قانوناً ولا ينطوي على أية مخالفة لحكم المادة 136 من القانون المذكور إذ لكل منهما مجال زمني يجري فيه ومن ثم فلا تعارض البتة بين حكميهما.


إجراءات الطعن

بتاريخ 11 فبراير سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيدين وزير الصناعة ومدير عام النيابة الإدارية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 806 لسنة 7 القضائية في القرار الصادر من المحكمة التأديبية لموظفي وزارتي الأشغال والحربية بتاريخ 12 ديسمبر سنة 1960 في الطلب المقدم من النيابة الإدارية المقيد برقم 1 للسنة الثالثة القضائية والخاص بالنظر في أمر السيد/ ماهر يوسف إلياس، الموظف من الدرجة الثامنة بإدارة الكهرباء والغاز على ضوء ما تقضي به المادة 32 من القانون رقم 215 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة والقاضي برفض هذا الطلب للأسباب الواردة في القرار وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لتقضي فيها من جديد.
وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 15 من مارس سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5 أكتوبر سنة 1963 وأبلغ الخصوم في 16 يوليو سنة 1963 بموعد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة أول نوفمبر 1964 التي أبلغ بها الخصوم في 16 سبتمبر 1964.
وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن كفاية المطعون ضده السيد/ ماهر يوسف إلياس الموظف من الدرجة الثامنة قدرت بدرجة ضعيف في التقريرين المقدمين في حقه عن عامي 1958 و1959، إذ حصل في التقرير الأول على 40 درجة من مائة وفي التقرير الثاني على 47 درجة، ومن ثم أحيل الموظف المذكور إلى المحكمة التأديبية لموظفي وزارتي الأشغال والحربية للنظر في أمره على ضوء ما تقضي به المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة وبتاريخ 12 ديسمبر سنة 1960 قررت المحكمة رفض الطلب، فطعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا القرار بتاريخ 11 من فبراير سنة 1961 طالبة - للأسباب التي تضمنها تقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء القرار المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لتقضي فيها من جديد. وتستند الطاعنة في طعنها إلى أن القرار المطعون فيه بني على أن حصول المطعون ضده على 47 درجة في عام 1959 لا يجعله في مرتبة ضعيف بل يعتبر في مرتبة "مرض" تطبيقاً لنص المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة التي حددت الأرقام الحسابية المقابلة لمراتب الكفاية التي حددتها المادة 30 من القانون المشار إليه وبالتالي يكون المطعون ضده قد حصل على تقرير ضعيف بالنسبة لعام 1958 فقط وبذلك لا تتوفر فيه شروط تطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وتؤسس الطاعنة طعنها على أن القرار المطعون فيه أخطأ إعمال نص المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالنسبة إلى التقريرين السريين اللذين حررا عن سنتي 1958 و1959 إذ أن نص المادة المذكورة معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 تضمن حكماً خاصاً بالتقارير السرية السابقة على صدور القانون رقم 73 لسنة 1957 والموضوعة على نظام الدرجات وطريقة تقديرها بما يقابلها في الأحكام الجديدة من المرتبات ومن ثم فإن مجال إعمال هذا النص هو بالنسبة للتقارير السرية السابقة على سنة 1957 ولا يحكم التقارير السرية التالية لسنة 1957 والتي تمت في ظل المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتي عدلت عن نظام تقدير الكفاية بالدرجات إلى التقدير بحسب المراتب، ومن ثم فإن طلب النيابة الإدارية النظر في أمر المطعون ضده لحصوله على تقدير ضعيف عن عامي 1958، 1959 في محله وتتوفر فيه شروط تطبيق المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المتعلقة بالتقارير السرية الخاصة بموظفي الدولة وما أدخل عليها من تعديلات أن المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كانت تنص على أنه تعد التقارير في شهر فبراير من كل عام متضمنة درجة كفاية الموظف باعتباره جيداً أو متوسطاً أو ضعيفاً، ثم عدل هذا الحكم بالقانون رقم 579 لسنة 1953 فأصبح مقنناً في المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على الوجه الآتي:
.... وتعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام على أساس تقدير كفاية الموظف بدرجات نهايتها القصوى مائة درجة، ويعتبر الموظف ضعيفاً إذا لم يحصل على 40 درجة على الأقل، ثم عدلت المادة 30 المشار إليها بالقانون رقم 73 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 4 إبريل سنة 1957 فأصبح نصها يجري بما يأتي:
"تعد هذه التقارير في شهر فبراير من كل عام أو في أي شهر آخر يصدر بتحديده قرار من الوزير المختص بعد أخذ رأي ديوان الموظفين ويكون ذلك على أساس تقدير كفاية الموظف بمرتبة ممتاز أو جيد أو مرضي أو ضعيف" وبذلك يكون المشرع قد استبدل بنظام الدرجات الذي كان يجري في تقدير كفاية الموظف قبل القانون رقم 73 لسنة 1957 نظام مراتب الكفاية سالف الذكر.
ومن حيث إن المادة 30 وفقاً لتعديلها الأخير قد نصت أيضاً على أن تكتب هذه التقارير على النماذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد أخذ رأي ديوان الموظفين وقد أصدر وزير المالية تنفيذاً لهذا النص وبعد الاتفاق مع ديوان الموظفين القرار رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة وقد تضمن مراتب كفاية الموظفين وعناصر تحديد هذه الكفاية وحدد لكل عنصر من هذه العناصر درجة مئوية، وقد نص البند الرابع على أن "تحول الدرجات المقدرة إلى مراتب الكفاية على النحو الآتي" : "أقل من 50 درجة (ضعيف) وهذا النص وحده هو الذي ينطبق على تقريري المطعون ضده عن عامي 1958 و1959 لكونهما موضوعين بعد العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 في 4 من إبريل سنة 1957.
ومن حيث إن المادة 136 من القانون رقم 210 لسنة 1951 إنما وضعت حكماً انتقالياً بالنسبة إلى التقارير السنوية السابقة على العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 من مقتضاه إعادة تقويم الدرجات المئوية التي كانت تقدر بها كفاية الموظفين بما يقابلها من مراتب جديدة استحدثها المشرع بموجب القانون المذكور ولذلك فلا يؤثر هذا النص على الأحكام الدائمة التي ضمنها المشرع المادة 30 من قانون التوظف معدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كما لا يضع قيداً على سلطة وزير المالية والاقتصاد في تحديد الأوضاع التي تقدر على أساسها كفاية الموظفين تنفيذاً لحكم المادة 30 المشار إليها وعلى هذا المقتضى فإن قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 629 لسنة 1957 بشأن النموذج الخاص بتقدير كفاية موظفي الدولة الصادر فيه تنفيذاً لأحكام المادة 30 من قانون التوظف يكون صحيحاً قانوناً ولا ينطوي على أية مخالفة لحكم المادة 136 من القانون المذكور إذ لكل منهما مجال زمني يجري فيه ومن ثم فلا تعارض البتة بين حكميهما.
ومن حيث إن ترتيباً على ما تقدم فإن من يحصل من الموظفين في التقرير السنوي المقدم عنه بعد العمل بالقانون رقم 73 لسنة 1957 كالمطعون ضده في الدعوى الحالية على أقل من خمسين درجة وفقاً للأوضاع التي بينها وزير المالية والاقتصاد في قراره المشار إليه يعتبر في مرتبة ضعيف ويتعين معاملته على هذا الأساس، وإذ صدر الحكم المطعون على خلاف هذا المبدأ فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين من ثم القضاء بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المطعون في حكمها لتقضي بناء على ما تقدم في موضوع الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى من رفض الطلب المقدم من النيابة الإدارية وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارتي الأشغال والحربية للفصل في موضوع الطلب.

الطعن 514 لسنة 9 ق جلسة 12 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 22 ص 203

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ/ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة الأساتذة/ محمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

---------------

(22)

القضية رقم 514 لسنة 9 القضائية

موظف - تأديب - مكافأة 

- نص المادة 61 من القانون رقم 46 لسنة 1964 على جواز الفصل مع الحرمان من المعاش والمكافأة في حدود الربع - صدور هذا الحكم أثناء نظر الدعوى بإلغاء القرار التأديبي يوجب إلغاء القرار فيما تضمنه من الحرمان فيما يزيد على ربع المكافأة.

---------------
بعد صدور القرار المطعون فيه صدر القانون رقم 46 لسنة 1964 المعمول به من أول يوليو سنة 1964 ناصاً في المادة (61) من أن الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي (فقرة 6) الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع. وقد جاء هذا الحكم مردداً الأحكام الواردة في المادة (36) من قانون المعاشات رقم 50 لسنة 1963.. ومن ثم ترى هذه المحكمة إنزال الأحكام السالفة الذكر على القرار المطعون فيه فيقصر الحرمان من المكافأة على ربعها.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعية فيما يزيد على (ربع) المكافأة التي قد تكون مستحقة لها.


إجراءات الطعن

في 23/ 3/ 1963 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر بجلسة 21/ 1/ 1963 من المحكمة الإدارية المختصة في الدعويين المذكورتين والقاضي بإلغاء القرار الصادر بفصل المدعية من الخدمة في 29/ 12/ 1960 وما يترتب على ذلك وطلب السيد رئيس إدارة القضايا للأسباب التي أوردها في صحيفة الطعن قبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ونظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن أرجأت النطق بالحكم فيها لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 1 لسنة 10 القضائية تطلب فيها صرف راتبها حتى يفصل في الدعوى الموضوعية الخاصة بإلغاء قرار الفصل والمقيدة برقم 1266 لسنة 8 القضائية - وبنت المدعية طلباتها في الدعويين على أنها ألحقت بالخدمة في وظيفة تمورجية بين شهر فبراير سنة 1958 وفي يوم 29/ 12/ 1960 أخطرت بإشارة تليفونية بفصلها من الخدمة - وتقول المدعية إن هذا القرار صدر دون الاستناد إلى سبب صحيح يبرره وحقيقة الأمر أن عملها في المستشفى ينحصر في نظافة المستشفى وعنابر المرضى فتقوم بجمع فضلات الطعام وتضعها في المكان المخصص لها وبينما هي في طريقها إلى ذلك فاجأها معاون المستشفى واتهمها بأنها شارعة في سرقة طعام المرضى كذباً وبهتاناً لنزاع شجر بينه وبينها وأن كل ما وجد معها بقايا خبز لا تعدو أن تكون فضلات ومتروكات ولا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال مالاً لأنها عديمة القيمة وليس في الموضوع أية جريمة لأنها لم تعتد على حق ما ومن ثم يكون من حقها أن تطلب صرف مرتبها لحاجتها إليه حتى يقضي بإلغاء القرار.
أجابت وزارة الصحة على الدعوى بأن المدعية ضبطت خارجة من باب المستشفى حاملة معها مأكولات وقطع صابون من المخصص لمرضى المستشفى وقد أجري معها تحقيق بمعرفة الدكتور نائب المستشفى ثبت منه استيلاء المدعية على الأشياء المضبوطة مخالفة بذلك واجبات وظيفتها التي تقضي بعدم أحقيتها في الاستيلاء على ما هو مخصص للمرضى، وقد عرض أمر المدعية على اللجنة الفنية في 28/ 11/ 1960 فوافقت على فصلها من الخدمة واعتمد السيد/ الدكتور في 3/ 12/ 1960 قرار اللجنة المذكورة، ومما يؤكد التهمة المسندة إلى المدعية أنها أقرت في التحقيق بأنها معتادة على أخذ الأكل الزائد عن حاجة المرضى في حين أن تعليمات المستشفى تمنع خروج الموظفين بأغذية المستشفى سواء كان ذلك قبل توزيع الغذاء على المرضى أو بعده، وما اقترفته المدعية من إخلال بواجبات الوظيفة يدل على عدم صلاحيتها للاستمرار في وظيفة من أهم واجباتها الأمانة والتعفف عن غذاء المرضى ضماناً لحسن سير المرفق لذلك فإن فصلها من الخدمة كان جزاء وفاقاً، ولا يخلي المدعية من المسئولية قولها بأن ما وجد معها إنما هي أشياء متروكة ذلك أن الأفعال المكونة للذنب الإداري إنما مردها إلى الإخلال بواجبات الوظيفة أو الخروج عن مقتضياتها بوجه عام...".
وقد قررت المحكمة الإدارية ضم الدعويين لبعضهما وأصدرت بتاريخ 21/ 1/ 1963 حكماً في الدعويين المشار إليهما، بإلغاء القرار الصادر بفصلها من الخدمة في 29 من ديسمبر سنة 1961 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بمصروفات الدعويين ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "وبنت المحكمة قضاءها هذا على ما تبينته من التحقيق الذي أجري مع المدعية من قصور في تحقيق كافة الوقائع المنسوبة إليها فبالنسبة لما ذكرته المدعية من أن بعض الأشياء التي وجدت معها قد أعطاها لها المرضى - لم يعن المحقق بتحقيق هذه الواقعة كما أنه لم يرجع إلى المستشفى لاستجلاء النظام المعمول به في شأن توزيع طعام المرضى الذين يغادرون المستشفى وكذا عن مدى صحة ما تدعيه المدعية من تأخير وصول مقررات الصابون وأنها تشتري الصابون من حسابها الخاص لحين ورود المقررات فتسترد ما اشترته كذلك لم يسألها عن مصدر اللحم والأرز المطبوخ الذي وجد معها وهي أمور كلها منتجة في التحقيق بحيث إذا انتهى دون استجلائها كان تحقيقاً مبتوراً لا يصلح أن يبنى عليه القرار المطعون فيه... وأما بالنسبة للدعوى الخاصة بصرف المرتب فإنه يغني عنها إجابتها إلى طلباتها في الدعوى الموضوعية الخاصة بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن التحقيق جاء وافياً وشاملاً لكافة الوقائع التي تناولها دون أن يشوبه أي نقص أو قصور، وقد أقامت جهة الإدارة النتيجة التي انتهت إليها منه على ما ثبت لديها في الأوراق وما أجرته من موازنة وترجيح بين الأدلة والقرائن التي قدرت كفايتها في إدانة المطعون ضدها ومن ثم فصلها وقد أدخلت في اعتبارها العمل والتعليمات. ومتى تقرر ما تقدم فإن القرار المطعون فيه إنما يكون قد جاء مطابقاً للقانون ومستنداً إلى مصادر ثابتة في الأوراق مستخلصة استخلاصاً سائغاً يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وبالتالي لا يكون من حق المحكمة المطعون في حكمها أن تعاود الموازنة بالترجيح بين الأدلة الواقعية التي استند إليها القرار المطعون فيه إذ أن هذا الترجيح على ما استقر عليه قضاء المحكمة العليا إنما هو حق خالص للإدارة لا هيمنة للقضاء الإداري عليه. وإنما تجد الرقابة التي للقضاء المذكور في ذلك - حدها الطبيعي كرقابة قانونية - عند أمر واحد، هو التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً أو لا، وإذن فلا يكون ثمة وجه لما ذهبت إليه المحكمة من حق جهة الإدارة في إعادة التحقيق لتوقيع الجزاء العادل على ما عساه يثبت في حق المطعون ضدها لأن تقدير الجزاء من الملاءمات التي تستقل بتقريرها الإدارة بلا معقب عليها من القضاء..".
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت فيه إلى ثبوت الذنب الإداري في حق المطعون ضدها وإن كانت قد ارتأت عدم ملاءمة الجزاء الموقع للذنب المقترف.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها من مواليد سنة 1921 وقد عينت بوظيفة تمورجية درجة ثانية في 2/ 4/ 1958 وقد جوزيت بالخصم يوم من راتبها في 18/ 7/ 1960 لنومها أثناء العمل ليلاً وكان تعيينها خارج الهيئة بمرتب شهري قدره 2.500 مليمجـ.
وبتاريخ 1/ 11/ 1960 أخطر ملاحظ المستشفى السيد/ مدير المستشفى بأنه في تمام الساعة "6" م ضبط فتاة عمرها حوالي 18 سنة ومعها صرة فاشتبه في أمرها وسألها عن شخصيتها فأخبرته بأنها ابنة الشغالة ستيته التمورجية بالمستشفى فأخذها وسلمها إلى السيد/ الدكتور نائب المستشفى الذي قام بتفتيشها فوجد معها بالصرة مأكولات وصابون وأرز وأشياء أخرى عبارة عن عدد 11 رغيف بلدي و6 برتقالات و1، 1/ 2 قطعة صابون و8 بطاطس و5 أنصاف رغيف أفرنكي و1 قطعة لحم تزن 60 جراماً وكيس مملوء أرزاً مطبوخاً يزن حوالي كيلو وقد أجري مع المطعون ضدها تحقيق بمعرفة السيد/ الدكتور نائب المستشفى وبسؤالها عن الأشياء التي وجدت مع ابنتها وهي المبينة آنفاً قالت إن المرضى هم الذين سلموا هذه الأشياء إليها لاستغنائهم عنها وكان ذلك بعد انتهاء موعد الزيارة وإحضار طعام لهم من الخارج بمعرفة الزوار.
وأنها أخذت هذه الأشياء لأولادها بدلاً من إلقائها في صندوق الزبالة.. وسئلت عما إذا كانت تعلم أن كل ما وجد معها من متعلقات المستشفى أم لا أجابت بأن العيش كله كان ملقى في الزبالة ومكسر وأن البرتقال أعطى لها من اثنين من المرضى وأما العيش الأفرنجي فكان لمرضى خرجوا يوم الضبط من المستشفى ثم تقول إن العادة جرت على أنه عند وجود أكل زيادة عن حاجة المرضى تعطى الزيادة للمرضى الجدد وأن ما أخذته كان زيادة عن حاجة هؤلاء المرضى. وأما الصابون فهو بدل صابون كانت قد اشترته من مالها الخاص واستعملته في شئون المستشفى ثم اعترفت أن كل ما فعلته مخالف للتعليمات وأنها بررت تصرفها في ذلك بأن ما وجد معها هو من نوع الفضلات وهي لا تفيد المرضى وإنما تنفع غذاء للطيور.. وقد طلب المستشفى الذي تعمل فيه النظر في فصلها من الخدمة للصالح العام فوافقت منطقة القاهرة الطبية على إحالتها إلى اللجنة الفنية بالوزارة التي أصدرت قراراً في 28/ 11/ 1960 بالفصل واعتمد قرارها هذا من السيد وكيل الوزارة في 3/ 12/ 1960 ويقضي القرار المذكور بإنهاء خدمة المطعون ضدها مع حرمانها من المكافأة عن مدة خدمتها وذلك اعتباراً من 3/ 12/ 1960...
وحيث إنه يؤخذ مما تقدم أن أشياء ضبطت مع ابنة المطعون ضدها من متعلقات المستشفى وغذاء المرضى وقد أقرت المطعون ضدها بأنها هي التي سلمتها لابنتها بحجة أنها تعتبر فضلات لا ينتفع بها في المستشفى - ويبين من وصف هذه الأشياء أنها ليست فضلات بل هي أشياء ينتفع بها في الوجوه التي يراها المستشفى وأن ما فعلته المطعون ضدها مخالف للتعليمات كما أنه ينطوي على إخلال خطير بواجبات الوظيفة التي تشغلها وما يقتضيه عملها من أمانة وعفة سواء أخذت هذه الأشياء خلسة أو من المرضى ففي الحالين قد أتت أمراً إداً فإذا ما استخلصت جهة الإدارة الواقعة على النحو الوارد في التحقيق اقتراف المدعية عملاً يكون ذنباً إدارياً فإن استخلاصها على هذا النحو هو استخلاص سائغ له أصول ثابتة في الأوراق تنتجه وتؤدي إليه.... فإذا ما انتهت إلى ذلك ورأت أن ملابسات الواقعة توجب أخذ المطعون ضدها بالشدة وتوقيع العقوبة الرادعة وهي الفصل فلها ذلك ولا تكون قد تجاوزت سلطتها في التقدير...
بعد صدور القرار المطعون فيه صدر القانون رقم 46 لسنة 1964 المعمول به من أول يوليه سنة 1964 ناصاً في المادة (61) من أن الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين هي (فقرة 6) الفصل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع، وقد جاء هذا الحكم مردداً الأحكام الواردة في المادة (36) من قانون المعاشات رقم 50 لسنة 1963.. ومن ثم ترى هذه المحكمة إنزال الأحكام السالفة الذكر على القرار المطعون فيه فيقصر الحرمان من المكافأة على رفعها.
ومن حيث إنه لذلك يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيما تضمنه من حرمان المدعية فيما يزيد على ربع المكافأة التي قد تكون مستحقة لها وبرفض ما عداه من الطلبات مع إلزام الحكومة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعية مما يزيد على ربع المكافأة ورفض ماعدا ذلك من طلبات المدعية وألزمت الحكومة بالمصروفات.

الطعن 1374 لسنة 7 ق جلسة 12 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 21 ص 189

جلسة 12 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ الأساتذة حسن أيوب ومحمد شلبي يوسف وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(21)

القضية رقم 1374 لسنة 7 القضائية

(أ) طعن - المحكمة الإدارية العليا 

- مدى ولايتها على ما يعرض عليها من الطعون - للمحكمة إنزال حكم القانون على المنازعة برمتها، غير مقيدة في ذلك بأسباب الطعن، أو طلبات الخصوم فيه، أو هيئة مفوضي الدولة - أساس ذلك.
(ب) اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري 

- قرارات تقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان طبقاً للقانون رقم 53 لسنة 1965 المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - النص على عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف - يجعل القضاء الإداري غير مختص بإلغاء هذه القرارات - أساس ذلك في ضوء قاعدة "الخاص يقيد العام".

----------------
1 - إن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمام المحكمة العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فللمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن أو طلبات الخصوم فيه أو هيئة مفوضي الدولة ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
2 - إنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء أنه إذا ورد نص في قانون خاص بحالة معينة، وجب اتباع هذا النص دون الأحكام الأخرى الواردة في قانون عام ولو كان لاحقاً للقانون الخاص، وذلك تطبيقاً للقاعدة التي تقول "الخاص يقيد العام" إلا إذا تناول القانون اللاحق الحكم الخاص بالحذف أو التعديل بما يعتبر عدولاً عن هذا الحكم الخاص، وعلى ذلك إذا ورد في المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - نص بعدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف، فإن هذا الحظر لا يلغيه مجرد صدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 وما طرأ عليه من تعديلات، بحجة أن هذا القانون قد استحدث قضاء إلغاء القرارات الإدارية التي كان القضاء الوطني محظوراً عليه النظر فيها بالتطبيق للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في 14 يونيه سنة 1883 والتي تقضي بأنه "لا يجوز للمحاكم تأويل الأوامر الإدارية أو إيقاف تنفيذها.." وأنه بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغائها قضائياً ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق على استثناء بعض هذه القرارات - لا حجية في هذا القول ذلك أن القانون رقم 53 لسنة 1935 هو قانون خاص بضريبة الأطيان الزراعية، فإذا ما ورد نص في هذا القانون حظر الطعن في قرارات لجان التقدير أمام المحاكم ورسم طريقة للطعن في هذه القرارات أمام لجان الاستئناف ونص على كيفية تشكيل هذه اللجان فإنه يمتنع على المحاكم بكافة أنواعها النظر في الطعون التي تقدم إليها على قرارات لجان تقدير ضريبة الأطيان الزراعية سواء كانت تلك المحاكم موجودة عند إصدار هذا القانون أو بعد ذلك، لأن القانون يتكون من قواعد عامة مجردة لكل زمان ومكان ما لم يرد قيد من حيث الزمان أو المكان، وكون مجلس الدولة في سنة 1946 أي بعد القانون رقم 53 لسنة 1935 استحدث قضاء الإلغاء ونص على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك بالطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، فإن ذلك النص لا ينسخ ولا يلغي ما ورد في قانون خاص بحالة معينة من حالات الضرائب، طالما أن النص الوارد في قانون مجلس الدولة هو نص عام لا يقيد النصوص الخاصة... وغني عن البيانات أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو اختصاص مقيد ومحدود بالقانون.


إجراءات الطعن

بتاريخ 27/ 6/ 1961 أودع السيد الوكيل عن السيد/ عبد الجواد حسين قرقر سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 5/ 1961 في الدعوى رقم 125 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ عبد الجواد حسين قرقر ضد السادة وزير الخزانة ووزير الأشغال ومحافظ البحيرة ومدير شركة البحيرة المساهمة والقاضي "برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم الثلاثة الأول بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع برفض دعوى الطاعن مع إلزامه بالمصروفات" وقد طلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة الطعن "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يختص بالطاعن وما يترتب عليه من آثار مع إلزام الحكومة بكامل المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين".
وقد أعلن هذا الطعن لذوي الشأن ثم نظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحاضر الجلسات أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة المنازعة تلخص في أن المدعي أقام الدعوى رقم 125 لسنة 14 القضائية يطلب فيها الحكم ضد الثلاثة الأول من المدعى عليهم في مواجهة رابعهم "بإلغاء القرار المطعون فيه فيما يختص به وبراءة ذمته من مبلغ 357 جنيهاً قيمة الأموال موضوع النزاع والمطالب به على أنه فرق ضريبة عن السنوات من سنة 1952 إلى سنة 1958 مع إلزام الحكومة بالمصاريف وأتعاب المحاماة" وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك 51 ف 3 ط بزمام ناحية عزب بسنتواى مركز أبو حمص بحوض السباح فصل 16 رقم 25 وذلك بطريق المشتري من المعلن إليها الرابعة بعقد مسجل في 7/ 8/ 1952 وكانت الضريبة المربوطة على هذه الأطيان لغاية نهاية سنة 1957 بواقع 280 مليماً للفدان تأسيساً على أنها من الأراضي البور وأنها تقع بالبر الأيمن لترعة حمد منيس العمومية ويفصلها عنها خصوصية أنشأتها شركة مساهمة البحيرة وخصصتها لمنفعة الأطيان المباعة منها إلى الطالب وآخرين وهذه الترعة الخصوصية تستمد مياهها من نهر النيل فرع رشيد بواسطة آلات رافعة مملوكة للشركة وتقوم الشركة بتحصيل تكاليف الري والتطهير من المنتفعين ابتداء من تاريخ الشراء إلى الآن تأسيساً على أن عقد البيع منصوص فيه على أن الأطيان المباعة ستشترك في الري الاصطناعي بواسطة الطلمبات المملوكة للشركة، وأن الشركة البائعة لها وحدها، دون سواها الحق المطلق في إدارة جميع الآلات وما يتبعها وفي تقدير القوة اللازم إعطائها للطلمبات وفي تحديد مدة الإدارة على أن يدفع المشتري سنوياً إلى الشركة البائعة عن جميع المساحة المباعة له ما تقدره الشركة عن كل فدان نظير هذه المصاريف سواء كانت الأرض منزرعة أو غير منزرعة. ورغم أن أطيان الطالب لا تنتفع من ترعة حمد منيس الخصوصية المجاورة للترعة التي أنشأتها الشركة من الجهة الغربية - وكذلك باقي أطيان الشركة الواقعة على البر الأيمن لترعة حمد منيس فإنها جميعها تروى بواسطة الآلات الرافعة سالفة الذكر. بعكس أطيان الشركة المباعة والواقعة على ترعة حمد منيس العمومية بالبر الأيسر فإنها تروى من هذه الترعة بفتحات مرخص لها من تفتيش ري قسم ثالث..... وقد أخطأ تفتيش الري ومحافظة البحيرة في تطبيق القانون إذ اعتبرا أن أطيان الطالب قد زادت منفعتها نتيجة إنشاء ترعة حمد منيس ورفعت المديرية (المحافظة) قيمة الأموال المربوطة على أطيان الطالب من 280 مليماً إلى جنيه واحد و400 مليم للفدان وذلك بأثر رجعي من سنة 1952 للآن وكلف الطالب بدفع مبلغ 357 جنيهاً فرق ضريبة لغاية سنة 1958 هذا في الوقت الذي يوجد فاصل بين أطيانه وترعة حمد منيس وعدم وجود فتحات مقررة لأطيان الطالب الذي يدفع عن هذه الأطيان سنوياً للشركة البائعة مبلغاً مقابل ريها بواسطة آلات الشركة المركبة على النيل....
أجابت الحكومة على الدعوى بأنه في 27/ 11/ 1949 صدر مرسوم بإعادة تقدير أراضي زادت قيمتها بسبب أعمال ذات منفعة عامة بمديريات منها محافظة البحيرة وذلك تطبيقاً للمادة (5) من القانون رقم 113 لسنة 1939 في شأن ضريبة الأطيان وتنص على أنه "إذا ترتب على تنفيذ أعمال ذات منفعة إن زادت قيمة الأرض الواقعة في منطقة تلك الأعمال أو نقص إيجارها السنوي بدرجة محسوسة صدر مرسوم بإعادة تقدير إيجار هذه الأراضي طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 ويحدد المرسوم بدء سريان الضريبة المعدلة. "وقد شمل المرسوم المذكور مساحة قدرها 241 ف 12 ط 12 س كانت مكلفة في ذلك الوقت باسم شركة مساهمة البحيرة وقد تم معاينة هذه الأطيان وهي تقع بناحية بسنتواى مركز أبو حمص مديرية البحيرة بحوض البلباخ فصل ثاني وعشرين (البريه) قطعة 20 بمعرفة لجنة التقدير وذلك بتاريخ 17/ 1/ 1951 وقدرت الضريبة والقيمة الإيجارية لها حسب حالتها وتم النشر والإعلان عنها ولم تقم الشركة المذكورة باعتبارها مالكة لها بالطعن على تلك التقديرات باستئنافها في ميعاد الثلاثين يوماً المنصوص عليها في القانون رقم 53 لسنة 1935 ومن ثم أصبحت هذه التقديرات نهائية وقد قامت مديرية البحيرة باعتمادها وتنفيذها بالمكلفات وسجلات المديرية طبقاً للتعليمات المالية.... وقد ترتب على ذلك أن ارتفعت الضريبة المربوطة على هذه الأطيان من جنيه و400 مليم إلى 280 مليماً سنوياً للفدان الواحد. وعند تحصيل فرق الربطين من الشركة المذكورة قدمت تظلماً في 8/ 10/ 1953 عن زيادة الربط بذلك وقررت المديرية حفظ التظلم وأخطرت الشركة بهذا القرار.... وفي 15/ 11/ 1958 تقدمت الشركة المذكورة بشكوى جاء فيها أنها باعت الـ 241 ف و12 ط و12 س التي تصعدت ضريبتها إلى أشخاص موضحة أسماؤهم بالكشف المرفق بشكواها ومن بينهم المدعي الذي اشترى 51 ف و3 ط و10 س من هذه الأطيان بعقد مؤرخ في 7/ 8/ 1952 ومسجل وطلبت استنزال هذه الأطيان من تكليفها بما عليها من مستحقات وأضافتها على المشترين - وببحث هذه الشكوى تبين صحتها وبناء على ذلك قامت المديرية بتصحيح الوضع وإضافة فرق الربطين على أوراد المشترين ومن بينهم المدعي وقررت في 8/ 12/ 1958 إضافة مبلغ 316 جنيهاً و350 مليماً أموال أميرية على ورد مال المدعي عن سنة 1958 بخلاف ضريبة الدفاع والطرق. ثم خلصت الحكومة من سرد الوقائع المتقدمة إلى الدفع أولاً بعدم سماع الدعوى تأسيساً على نص المادة (7) من المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانونين 255 لسنة 1951، 202 لسنة 1956 وتنص هذه المادة على أنه "يجوز للممول أن يستأنف هذه التقديرات خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ الإعلان في الجريدة الرسمية.... وتفصل في الاستئناف لجنة تشكل في كل مديرية من مدير عام مصلحة الأموال المقررة أو من ينيبه عنه رئيساً ومفتش الزراعة أو من ينوب عنه وقاض تنتدبه الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية بدائرة المديرية ومفتش المالية ومفتش تعديل الضرائب وثلاثة من أعضاء مجلس المديرية ينتخبهم هذا المجلس ممن لا تكون لهم أطيان بالجهة التي سيباشرون العمل فيها بصفة أعضاء ولا يكون عمل اللجنة صحيحاً إلا بحضور خمسة أعضاء على الأقل من بينهم الرئيس وأحد أعضاء مجلس المديرية.... وتصدر اللجنة قرارها بأغلبية الآراء فإن تساوت الأصوات رجح الذي فيه الرئيس وتكون قرارات اللجنة نهائية....." وتنص المادة (8) من هذا القانون على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف" ولا يجدي القول بأن القانون رقم 53 لسنة 1935 قد صدر قبل صدور مجلس الدولة وأن المقصود من عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقدير ولجان الاستئناف هو عدم جواز الطعن أمام المحاكم المدنية في هذه القرارات - ذلك أن هذا القانون قد تعدل أكثر من مرة بمقتضى قوانين لاحقة وصادرة بعد العمل بقانون مجلس الدولة وظل النص المانع من الطعن قائماً مما يقطع بأن نية المشرع قد انصرفت إلى استبقائه والعمل على مقتضاه حتى بعد صدور قانون مجلس الدولة، ولو كان الأمر على خلاف ذلك لألغاه المشرع في القوانين المعدلة.... ثم دفعت الحكومة الدعوى بدفع آخر هو عدم قبولها شكلاً استناداً إلى أنه في 27/ 11/ 1949 صدر المرسوم بإعادة تقدير الإيجار وتعديل الضرائب وفي 17/ 1/ 1951 قدرت لجنة التقدير زيادة ضرائب استمارة (5) تعديل ضرائب على الأطيان المنتفعة بهذا المرسوم بناحية بسنتواى مركز أبو حمص مديرية البحيرة وقدرها 241 ف وكسور التي تقع على مشروع ترعة حمد منيس بر أيمن حوض السباخ رقم 22 (بريه) ومنها القدر الذي اشتراه المدعي وتصعدت الضريبة على أطيان المدعي من 280 مليماً إلى جنيه واحد و400 مليم وصدر قرار مديرية البحيرة رقم 606 لسنة 1952 بتنفيذ ما تقدم.... وفي 8/ 10/ 1953 قدمت الشركة تظلماً من زيادة الربط وفي 15/ 11/ 1951 تظلمت الشركة مرة أخرى على أساس أنها قد باعت الأطيان التي تصعدت ضريبتها إلى أشخاص آخرين منهم المدعي الذي اشترى في 7/ 8/ 1952 وفي 8/ 12/ 1958 قررت مديرية البحيرة إضافة مبلغ 316 جنيهاً و350 مليماً على ورد المدعي وهو عبارة عن فرق الضريبة من سنة 1952 إلى 1958 وفي 3/ 8/ 1959 تظلم المدعي من هذا القرار - ويبين من استعراض الوقائع المتقدمة أن مطالبة الإدارة للمدعي بهذا الفرق إنما كان تنفيذاً للقرار الذي صدر في 17/ 1/ 1951 متضمناً فرض زيادة الضريبة على الشركة السابقة استناداً إلى أحكام المرسوم الصادر في 17/ 11/ 1949 ولم تطعن عليه الشركة ولا يولد عقد البيع الصادر من الشركة للمدعي مواعيد جديدة يمكن الطعن بمقتضاه وإنما يظل هذا القرار حصيناً بعد فوات مواعيد الطعن.... وعلى فرض أن مطالبة الجهة الإدارية للمدعي بدفع فرق الربطين هو قرار إداري مما يطعن فيه بالإلغاء فإن هذه المطالبة قد تمت في 8/ 12/ 1958 ولم يتظلم المدعي من ذلك إلا في 3/ 8/ 1959 أي بعد أن انقضى أكثر من ستين يوماً ومن ثم يكون هذا التظلم غير منتج في قطع مدة الطعن....".
ثم قالت الحكومة عن الموضوع إنه ثابت من الأوراق والخرائط المقدمة منها أن أطيان المدعي التي اشتراها من الشركة في سنة 1952 تقع ضمن الأطيان التي ارتفع إيجارها بسبب أعمال ذات منفعة عامة والتي شملها المرسوم الصادر في 27/ 11/ 1949 وقد تمت معاينتها حسب خريطة تفتيش ري دمنهور وثبت تحسن حالتها فربطت الضريبة عليها حسب قيمتها الإيجارية الحقيقية ويجادل المدعي في ذلك بمقولة إن أطيانه لم تنتفع بالري من مشروع ترعة حمد منيس التي بني تصعيد الضريبة على إنشائها على اعتبار أنها مشروع عام ترتب عليه زيادة القيمة الإيجارية إلا أنه في واقع الأمر يروي المدعي هذه الأطيان من مسقة الفرنساوية التي تستمد مياهها من وابورات الشركة البائعة له المركبة على النيل كما أن إنشاء قناطر أدفينا ومصرف العطف وهي أعمال ذات نفع عام لم تنشأ إلا في سنة 1951 أي بعد المرسوم الصادر في سنة 1959 - والرد على ذلك الإدعاء من جانب المدعي هو أن أرض المدعي مقرر ريها منذ عام 1941 بتصريح من وزارة الأشغال على ترعة حمد منيس إلا أن الشركة طلبت ري هذه الأراضي من مسقة الفرنساوية التي تستمد مياهها من وابورات الشركة المركبة على النيل ومثل هذا الطلب جائز قبوله بتحويل الري من ترعة حمد منيس إلى مسقة الفرنساوية ما دامت الأطيان قد اكتسبت تقرير الري نيلياً من وزارة الأشغال ذلك أن معنى تقرير الري هو أن الأرض أضيفت إلى الرقعة الزراعية ومن حقها الحصول على المياه من أي مصدر مائي مجاور، ولو فرض أن تصريح الري لم يصدر بعد وزارة الأشغال بري الأرض موضوع الدعوى نيلياً من ترعة حمد منيس لتحرر محضر مخالفة لوابورات الشركة المركبة على النيل ولأصبح الري من مسقة الفرنساوية محرماً.... ومع كل فإن ضريبة الأرض موضوع الدعوى هي على أساس انتفاع هذه الأرض بالري النيلي من مسقة الفرنساوية وهو الطريق الذي قرره تفتيش الري عقب ترخيص وزارة الأشغال بمبدأ تقرير ري الأطيان نيلياً من ترعة حمد منيس العمومية كما وأن أطيان المدعي وهي واقعة على الجهة الشرقية لهذه الترعة وهي طريق مائي بجسريه قد أصابها التحسن إذ يسهل نقل المحصولات بواسطتها فضلاً عن ارتفاع ثمنها في حالة الرغبة في التصرف فيها لآخرين. وكذلك ما يقول به المدعي من أن المرسوم الصادر في سنة 1949 بتصعيد ضريبة 241 ف و12 ط و12 س من أطيان الشركة وثانيهما بتاريخ 20/ 3/ 1951 بتصعيد 411 ف و11 ط و15 س من أطيان الشركة أيضاً لا ينطبقان على أطيانه التي اشتراها من الشركة إنما هما خاصان بالأطيان الواقعة بحوض السباخ 16 فصل 38 "نجيب" بالضفة الغربية لترعة حمد منيس العمومية بينما أطيان المدعي تقع بحوض السباخ 16 فصل 22 "البريه" بالضفة الشرقية للترعة المذكورة - وهذا الإدعاء أيضاً من جانب المدعي مردود بأن رفع ضريبة أطيان المدعي كان تنفيذاً للمرسوم الصادر 5 سنة 1949 وهي تقع بحوض السباخ 16 فصل 22 (البرية) وهي المحاطة دائرتها باللون الأصفر على الخريطة المقدمة تحت رقم (8 دوسيه) وهي التي قررت مصلحة الأموال الأميرية تصعيد ضريبتها بعد المعاينة على الطبيعة وكما هو ثابت أيضاً من الاستمارة رقم "5" تعديل ضرائب المرفقة ضمن المستندات بالحافظة المشار إليها...... وغني عن البيان أن مصلحة المساحة تقوم بإجراء تعديلات بأسماء وأرقام الأحواض من وقت لآخر كلما اقتضت الضرورة ذلك فمثلاً حوض السباخ 16 فصل ثالث بناحية بسنتواى تعدل وقت شراء المدعي للأطيان بحوض السباخ 16 فصل 22 البرية وقد اعتمد تفتيش المساحة بدمنهور الخريطة بعد تعديلها وهو ما نص عليه صراحة قرار التصعيد.... وطلبت الحكومة رفض
الدعوى موضوعاً....
وبتاريخ 2/ 5/ 1961 حكمت المحكمة "بفرض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات". وأقامت قضاءها بالنسبة للدفع الأول بعدم سماع الدعوى على أن المادة (8) من المرسوم بقانون 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان - تنص على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقدير ولجان الاستئناف" وأن المقصود بهذا النص هو عدم جواز الطعن تطبيقاً للقاعدة الواردة في المادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في سنة 1883 ولكن بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغاء تلك القرارات أمام محكمة القضاء الإداري ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق له على استثناء بعض هذه القرارات.... كما أقامت قضاءها بالنسبة للدفع الثاني بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على أن المرسوم بتصعيد الضريبة موضوع القرار المطعون فيه صدر ونشر في الجريدة الرسمية في 27/ 11/ 1949 وأن لجنة تقدير الضرائب قررت زيادة الضرائب تنفيذاً له في 17 يناير سنة 1951 وأن شركة مساهمة البحيرة البائعة للمدعي علمت بهذا التقدير وتظلمت منه في 8/ 10/ 1953 ورفض تظلمها وأخطرت بهذا القرار وفي 15/ 11/ 1958 تقدمت بطلب جديد تطلب فيه أن ترفع عنها الضريبة المقررة على 241 ف موضوع القرار المطعون فيه لأنها تصرفت في هذه الأطيان بالبيع لآخرين ذكرت أسماءهم ومقدار حصة كل منهم خص المدعي منها 51 ف و3 ط و10 س ولم يطالب المدعي بالربط الجديد ولم يعلم به إلا في أغسطس سنة 1959 فتظلم في 13 أغسطس سنة 1959 وأقام دعواه في 26/ 10/ 1959، والمدعي لا يطعن في مرسوم لتصعيد الضريبة الصادر في نوفمبر سنة 1949 وإنما يطعن على تطبيق أحكامه عليه تطبيقاً فردياً ومن ثم لا يسوغ أن يحاسب إلا من وقت علمه بهذا التطبيق الفردي عليه.... وقال الحكم عن الموضوع أنه لا صحة فيما يثيره المدعي من أن ملكه خارج عن نطاق مرسوم سنة 1949 لأن الثابت من تحقيق مأمور مالية مديرية البحيرة وتفتيش الري وتفتيش مساحة دمنهور أن هذا القدر يدخل في زمام حوض السباخ رقم 16 فصل 22 (بريه) المشار إليه في المرسوم سالف الذكر يؤكد ذلك أن المنطقة موضوع هذا المرسوم تقع على ترعة حمد منيس بر أيمن (الشرقي) حيث أرض المدعي وهو ما لا ينازع فيه أما البر الأيسر من الترعة المذكورة فإنه موضوع مرسوم آخر صدر في سنة 1952 وهو خارج موضوع هذا النزاع.. كما أنه لا اعتداد بما يثيره المدعي من أنه لا ينتفع بترعة حمد منيس لأنه يروي من ترعة الفرنساوية الخاصة بالشركة البائعة له - لا اعتداد بذلك لأن تصعيد ضريبة الأطيان يتحقق بمجرد وجود أعمال ذات منفعة عامة يترتب عليها زيادة قيمة الأراضي الواقعة بمنطقة الأعمال، وقد ترتب على مشروع ترعة المنيس أن صرحت وزارة الأشغال سنة 1941 بري الأراضي الواقعة عليها رياً نيلياً بعد أن كانت غير مقررة الري ومن ثم فلا يؤثر في ذلك قول المدعي أنه لا يروي أرضه مباشرة من ترعة حمد منيس ذلك أنه لولا تقرير الري لهذه المنطقة لما تمكنت الشركة من ريها من آلاتها والثابت من كتاب تفتيش ري البحيرة أن هذه المنطقة قد أضيفت إلى رخصة الآلات الخاصة بالشركة سنة 1942 نتيجة للتصريح بريها فالمنفعة إذن واقعة مؤكدة أفادت منها الشركة وأرضها وأفاد المدعي منها بعد ذلك عندما اشترى أطيانه وهي مقررة الري....".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في الاستدلال وفي تطبيق القانون ذلك أنه يجب استبعاد كل المشروعات التي تمت في المنطقة الواقعة فيها الأطيان بعد مرسوم سنة 1949 لأن ذلك يعتبر خارجاً عن نطاق الدعوى الحالية التي بني فيها قرار التصعيد على مشروع إنشاء ترعة حمد منيس والمرسوم المشار إليه ومن المسلم به أن أطيان الطاعن تقع على البر الأيمن لترعة حمد منيس، وليس لها فتحة على هذه الترعة وقد حاول المدعي أن يحصل على تصريح بالري من ترعة حمد منيس توفيراً للرسوم والمصاريف التي تتقاضاه منه الشركة في مقابل ري أطيانه رياً صناعياً من الترعة الخصوصية المملوكة للشركة المعروفة بترعة الفرنساوية، دون جدوى وعلى ذلك فقد أخطأ الحكم المطعون فيه حين قال بأن الطلمبات المركبة على ترعة الفرنساوية تستمد المياه بطريق مباشر أو غير مباشر من ترعة حمد منيس هذا في الوقت الذي ثبت فيه أن ترعة الفرنساوية موجودة من قبل إنشاء ترعة حمد منيس وتستمد مياهها من فرع النيل مباشرة بواسطة طلمبات الشركة وليس لها أية صلة إطلاقاً بترعة حمد منيس التي تستمد مياهها من ترعة المحمودية.
كذلك أخطأ الحكم بقوله إن تفتيش الري قد وافق على ري أرض المدعي من ترعة الفرنساوية بمناسبة التصريح لهذه المساحة موضوع الدعوى بالري النيلي وذلك في سنة 1941 - وهذا القول مردود عليه بأن الري النيلي هو ري موسمي لفترة معينة هي فترة الفيضان وهي فترة لا تزيد على بضعة شهور بعكس الري المستديم ومهما كانت البواعث التي حدت إلى الترخيص للشركة بزيادة الرقعة التي كانت تروى من الترعة الفرنساوية، فإن هذه البواعث لا تأثير لها على الحقيقة الثابتة في الأوراق من أن أطيان المدعي المشتراة من الشركة لم تنتفع إطلاقاً من مشروع إنشاء ترعة حمد منيس وذلك كله بغض النظر عن الاختلاف الحاصل في رقم الأحواض إذ أن قرار التصعيد كان قد ورد فيه أنه خاص بالأطيان الواقعة بحوض السباخ "16" فصل 38 (نجيب) بينما أن أطيان الطاعن تقع بحوض السباخ رقم 9 فصل 22 (البرية) وليس من المعقول أنه عند تقسيم الأحواض يتغير اسم الشهرة - وكان يجب على محكمة القضاء الإداري أن تقصر بحثها في الدعوى على الواقعة الجوهرية وهي ما إذا كانت أطيان المدعي موضوع الدعوى الحالية تروى بالفصل رياً طبيعياً من ترعة حمد منيس فينطبق عليها قرار التصعيد أو لا تروى منها فلا ينطبق بغض النظر عما إذا كان التصريح الصادر للشركة من مصلحة الري قد شمل مساحة أوسع أو أقل وبغض النظر أيضاً عن البواعث الواردة في كتاب تفتيش الري وهذا هو الخطأ في تطبيق القانون... وغني عن البيان أن الشركة تمتلك مئات الأفدنة على البر الأيمن لترعة حمد منيس وجميع هذه الأطيان تروى من الترعة الفرنساوية بطلمبات الشركة البائعة ولم يشملها قرار التصعيد الصادر في سنة 1951 والعدالة تأبى هذه التفرقة - ولا يغير من هذا النظر أن الشركة قد أهملت في متابعة التظلم المقدم منها في 8/ 10/ 1953 والذي انتهى بالحفظ فلجأت إلى تقديم شكوى أخرى في 15/ 11/ 1958 تلتمس فيها توزيع المبلغ موضوع التظلم على المشترين منها ومن بينهم الطاعن، وكان الأجدر بها أن تطعن أمام مجلس الدولة في الميعاد - وقد أصابت محكمة القضاء الإداري حين قررت بأن حق المدعي في التظلم لا يبدأ إلا من تاريخ تطبيق أحكام القرار (موضوع التظلم) عليه وهو لم يعلم بالربط الجديد إلا في أغسطس سنة 1959 عند مطالبته بالفرق بين الربطين..
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى رفض الطعن موضوعاً على نفس الأسس التي قام عليها الحكم المطعون فيه ولم يتعرض التقرير إلى الدفعين اللذين دفعت بهما الحكومة أمام محكمة القضاء الإداري ورددتهما أمام المحكمة الإدارية العليا وهما الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع أنه كان يجب أن يتناول التقرير بحث هذين الدفعين لتعلقهما الأول بمدى اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعة بالتطبيق لنص المادة (8) من القانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان والمعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956، والثاني بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن المدعي وهو خلف خاص للشركة البائعة له الأطيان التي تصعدت ضريبتها بالمرسوم الصادر في سنة 1949 فإنه يتقيد بالمراكز القانونية التي استقرت وأصبحت بمنأى عن الطعن - ولا يغير من وجهة النظر هذه أن الشطر من الحكم المطعون فيه والخاص بالدفعين المذكورين لم يكن محل طعن، ذلك أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها، ويفتح الباب أمام المحكمة العليا لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه، ومن ثم فللمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح غير مقيدة بأسباب الطعن أو طلبات الخصوم فيه أو هيئة مفوضي الدولة ما دام المرد هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن أن وزير المالية تقدم بمذكرة إلى مجلس الوزراء في 5/ 11/ 1949 يطلب فيها استصدار مرسوم بإعادة تقدير القيمة الإيجارية للأراضي المبينة بالخرائط المرافقة لهذه المذكرة بسبب زيادة قيمتها لنفاذ أعمال ذات منفعة عامة، وذلك بالتطبيق للقانون رقم 113 لسنة 1939 الخاص بضريبة الأطيان، وأن يجري إعادة التقدير طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 على أن يكون بدء سريان الضريبة المعدلة من أول يناير سنة 1949 - وقد صدر المرسوم في 27/ 11/ 1949 ونشر بالجريدة الرسمية بالعدد 151 في 5/ 12/ 1949 ناصاً على أن يعاد تقدير الإيجار السنوي للأراضي الواقعة بالنواحي الموضحة بالكشف المرافق والملونة على الخرائط المرافقة لهذا المرسوم وذلك طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 على أن تسري الضريبة المعدلة ابتداء من أول يناير سنة 1949 - وبالاطلاع على الكشف المشار إليه في المرسوم الصادر في 27/ 11/ 1949 اتضح أنه معنون بالآتي "وبيان أسماء النواحي الواقع بها الأراضي التي سيعاد تقدير إيجارها ووارد فيها أسماء الجهات ومن بينها بسنتواى مركز أبو حمص الواقعة في دائرتها الأطيان المملوكة للمدعي.... وقد أتمت لجان التقدير مهمتها وخلصت من ذلك في سنة 1951 ورفعت الضريبة المقررة على أطيان المدعي من 230 مليماً للفدان الواحد إلى جنيه واحد و400 مليم وتم النشر والإعلان عن ذلك طبقاً للقانون، وقد ظلت الشركة المالكة وقتذاك ساكتة، فلم تتقدم باستئناف هذا القرار أمام لجنة الاستئناف خلال الميعاد المحدد قانوناً، ثم تظلمت بعد ذلك وفي سنة 1953 إلى المديرية ولما طولب المدعي في سنة 1959 بدفع فرق الضريبة المستحقة عليه عن الأطيان التي اشتراها من الشركة في سنة 1952 أقام هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري.
ومن حيث إن المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 ينص في المادة (7) على أنه "يجوز للممول أن يستأنف هذه التقديرات خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ الإعلان في الجريدة الرسمية وذلك بطلب يسلم للمديرية أو المحافظة بإيصال أو بكتاب موصى عليه يرسل إلى المدير أو المحافظ مصحوباً بقسيمة دالة على رسم قدره 500 مليم عن كل فدان أو كسور الفدان. على ألا يزيد الرسم على عشرين جنيهاً.. كما يجوز للحكومة استئناف هذه التقديرات... وتفصل في الاستئناف لجنة تشكل في كل مديرية من مدير عام مصلحة الأموال المقررة أو من ينيبه عنه رئيساً ومفتش الزراعة أو من ينوب عنه وقاض تنتدبه الجمعية العمومية للمحكمة الابتدائية بدائرة المديرية ومفتش المالية ومفتش تعديل الضرائب وثلاثة من أعضاء مجلس المديرية ينتخبهم هذا المجلس ممن لا يكون لهم أطيان بالجهة التي سيباشرون العمل فيها... وتكون قرارات اللجنة نهائية" وتنص المادة (8) من هذا القانون على أنه "لا يجوز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف".
ومن حيث إنه لا الشركة أو المدعي قد طعن في قرارات لجان التقدير أمام اللجنة المشار إليها في المادة (7) من القانون المذكور في الميعاد المنصوص عليه فيها ومن ثم فقد أصبحت هذه القرارات نهائية. وقد حظرت المادة (8) من هذا القانون عدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف.
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة فقهاً وقضاء أنه إذا ورد نص في قانون خاص بحالة معينة وجب اتباع هذا النص دون الأحكام الأخرى الواردة في قانون عام ولو كان لاحقاً للقانون الخاص، وذلك تطبيقاً للقاعدة التي تقول "الخاص يقيد العام" إلا إذا تناول القانون اللاحق الحكم الخاص بالحذف أو التعديل بما يعتبر عدولاً عن هذا الحكم الخاص..، وعلى ذلك إذا ورد في المرسوم بقانون رقم 53 لسنة 1935 الخاص بتقدير إيجار الأراضي الزراعية لاتخاذه أساساً لتعديل ضرائب الأطيان المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1956 - نص بعدم جواز الطعن أمام المحاكم في قرارات لجان التقديرات ولجان الاستئناف، فإن هذا الحظر لا يلغيه مجرد صدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 وما طرأ عليه من تعديلات، بحجة أن هذا القانون قد استحدث قضاء إلغاء القرارات الإدارية التي كان القضاء الوطني محظوراً عليه النظر فيها بالتطبيق للمادة (15) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في 14 يونيه سنة 1883 والتي تقضي بأنه "لا يجوز للمحاكم تأويل الأوامر الإدارية أو إيقاف تنفيذها..." وأنه بإنشاء مجلس الدولة أصبحت القرارات الإدارية خاضعة لرقابة القضاء الإداري وأصبح للأفراد حق المطالبة بإلغائها قضائياً ما لم ينص قانون مجلس الدولة أو قانون لاحق على استثناء بعض هذه القرارات - لا حجية في هذا القول ذلك أن القانون رقم 53 لسنة 1935 هو قانون خاص بضريبة الأطيان الزراعية، فإذا ما ورد نص في هذا القانون حظر الطعن في قرارات لجان التقدير أمام المحاكم ورسم طريقة للطعن في هذه القرارات أمام لجان الاستئناف ونص على كيفية تشكيل هذه اللجان فإنه يمتنع على المحاكم بكافة أنواعها النظر في الطعون التي تقدم إليها على قرارات لجان تقدير ضريبة الأطيان الزراعية سواء كانت تلك المحاكم موجودة عند إصدار هذا القانون أو بعد ذلك لأن القانون يتكون من قواعد عامة مجردة لكل زمان ومكان ما لم يرد قيد من حيث الزمان أو المكان، وصدور قانون مجلس الدولة في سنة 1946 أي بعد القانون رقم 53 لسنة 1935 مستحدثاً قضاء الإلغاء ونص على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك بالطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، فإن ذلك النص لا ينسخ ولا يلغي ما ورد في قانون خاص بحالة معينة من حالات الضرائب، طالما أن النص الوارد في قانون مجلس الدولة هو نص عام لا يقيد النصوص الخاصة... وغني عن البيانات أن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري هو اختصاص مقيد ومحدود بالقانون...
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم فإن لجان التقدير قد عاينت وقدرت الضريبة المستحقة على ملك المدعي لتنفيذ أعمال ذات منفعة عامة أدت إلى زيادة قيمتها ووقت هذا التقدير والإعلان طبقاً للقانون كانت الأطيان مملوكة للشركة التي باعتها للمدعي في سنة 1952 على النحو المفصل آنفاً، فلم تطعن الشركة المالكة أصلاً في التقدير أمام لجنة الاستئناف المنصوص عليها قانوناً ومضت مواعيد الطعن فأصبح بذلك قرار لجان التقدير نهائياً غير قابل للطعن فيه أمام لجنة الاستئناف، كذلك لم يتقدم المدعي بطعن أمام هذه اللجنة ثم لجأ في سنة 1959 إلى محكمة القضاء الإداري - وهي جهة غير مختصة - متظلماً من تصاعد الضريبة على ملكه بحجة أن.. أرضه لم تنتفع من ترعة حمد منيس الأساس الذي قام عليه التصعيد.
ومن حيث إنه لذلك يكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري غير مختص بنظر الدعوى وإذا ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فقد خالف القانون وتعين إلغاؤه والقضاء بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى مع إلزام الطاعن بالمصروفات ولم يعد بعد ذلك ثمت حاجة للتعرض لأوجه الطعن المتعلقة بموضوع المنازعة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 1142 لسنة 7 ق جلسة 12 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 20 ص 181

جلسة 12 من ديسمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ حسن أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

-----------------

(20)

القضية رقم 1142 لسنة 7 القضائية

لائحة المخازن والمشتريات 

- فقد الأصناف وتلفها - الأحوال التي عددتها المادة 340 من اللائحة لم ترد على وجه الحصر - جرد اللجنة للأصناف الموجودة في مكان الحادث إجراء جوهري: ويجب أن يتم فوراً وعاجلاً - وجوب إغلاق المخزن أو التحفظ على محتوياته تحفظاً دقيقاً - الإجراءات التي قررتها المادة 340 من اللائحة في هذا الشأن جوهرية يترتب على إغفالها البطلان دون حاجة إلى نص - أساس ذلك وأثره: عدم مساءلة أمين المخزن المتهم عن فقد بعض الأصناف إذا لم يتم الجرد الفوري - لا يغير من هذا الحكم تأسيس المسئولية على نص المادة 45 أو 339 من اللائحة.

------------------
إن الأحوال التي عددتها المادة 340 من لائحة المخازن والمشتريات لتطبيقها كثيرة، وهي تعني وقوع حادث من التي ذكرتها صراحة، ومنها التلاعب أو التبديد أو أي حادث آخر، وفي هذا إطلاق والمطلق يجري على إطلاقه، وفيها إشارة إلى أن الحوادث المذكورة لم ترد على وجه الحصر والتحديد.
ومن حيث إن الفقرة "ب" منها تنص صراحة على أن واجب اللجنة التي تكون هو أن تبدأ بجرد الأصناف الموجودة في مكان الحادث لحصر الأصناف الفاقدة أو التالفة، وهذا إجراء جوهري يجب اتباعه، ومباشرته فوراً حتى يحقق فاعليته إذ يجب أن يكون فوراً وعاجلاً ولا يتراخى إلا لسبب قوي وفي هذه الحالة يجب إغلاق المخزن أو التحفظ على محتوياته تحفظاً دقيقاً حتى لا تضيع المسئولية بين كثرة الأيدي التي تمتد إلى هذه العهدة بعد أن ترفع يد المسئول عنها.
والإجراءات التي رسمتها هذه المادة جوهرية، وإغفالها أو تجاهلها أمر بالغ الخطورة ما دام الشارع استلزمها، ولا يقال أن إغفالها لا يترتب عليه البطلان لعدم النص على ذلك صراحة في متن المادة - إذ لا شك في أن المحكمة في صدد تقدير ووزن مسئولية صاحب العهدة تأخذ في الاعتبار وفي المقام الأول منه سلامة الإجراءات القانونية ومدى مراعاتها وذلك للتعرف على قيام هذه المسئولية وتحديد ضوابطها ونطاقها وتحديد من يقع عليه عبؤها بعد ذلك كله.
وتطبيقاً لما تقدم فإن العجز الذي أثبته الجرد قد يرجع إلى الأسباب التي ذكرها الحكم المطعون فيه وقد يرجع إلى عوامل أخرى لا يمكن تحديدها على وجه الحصر كما أنه لا يمكن إلقاء مسئولية ما على المطعون ضده على أساس المادة 339 من اللائحة أو المادة 45 منها أو من نص قانوني آخر إذ ثبت أن يده رفعت عن العهدة في 11/ 12/ 1954 ولم يحصل جرد لها إلا في 10/ 2/ 1955 كما أن الأسباب التي قيلت لتبرير التأخير في الجرد ليس من شأنها أن تحول دون الجرد الفوري وهو الذي يحسم الأمر حسماً قاطعاً والتراخي فيه يفتح ثغرات ويثير احتمالات كثيرة الأمر الذي يودي بالمسئولية من أي نوع كانت ويجعل المحكمة مع عدم قيام دليل آخر، في حالة يستحيل معها إلقاء عبء مسئولية الأشياء الفاقدة على شخص أو أشخاص معينين بالذات.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 27/ 4/ 1961 أودع الأستاذ رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الزراعة في الدعوى 177/ 2 ق بتاريخ 26/ 2/ 1961 وطلب السيد الطاعن اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بمجازاة المطعون ضده طبقاً لنص المواد: 73، 82 مكرر، 83 من القانون 210 لسنة 1951 والمادة - 31 من القانون 117 لسنة 1958. وفي 25 من أكتوبر سنة 1961 أعلن الطعن للمطعون ضده وتعين له أولاً جلسة أمام دائرة فحص الطعون ثم أحالته إلى هذه الدائرة فعينت له جلسة 14/ 11/ 1964 وأخطر بها ذوو الشأن في 19/ 9/ 1964 فسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظاتهم ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد مطالعة الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتلخص في أن مجهولاً قدم شكوى إلى تفتيش محلة موسى التابع لوزارة الزراعة حيث يعمل المطعون ضده أمين مخزن - ذكر فيها أنه بتاريخ 17/ 11/ 1954 أخرج من مخزن التفتيش أربعون جوالاً من السماد دون تصريح فقام التفتيش بإبلاغ الأمر إلى النيابة العامة، ثم كون لجنة إدارية للتحقيق المبدئي فارتأت بتاريخ 11/ 12/ 1954 إيقاف المطعون ضده عن العمل كما كونت لجنتين غير الأولى قامت إحداهما باستلام مفاتيح المخازن وصرف الأصناف اللازمة واستلام الأصناف الواردة وقامت الثانية بتسليم ما بعهدته في حضوره إلى السيد لبيب جورجي وتم إخطار اللجان لتباشر مأمورياتها في 28/ 12 سنة 1954 وباشرتها فعلاً وانتهت اللجنة الأولى إلى وجود عجز في صنف السماد قيمته 52 جنيهاً و800 مليماً وثبتت مسئولية المطعون ضده ومن اشترك معه في تهريب السماد وجوزيا إدارياً مع إلزامهم بالثمن على وجه التساوي ولم يطعن المطعون ضده في هذا الجزاء وكان بالخصم من راتبه مدة خمسة أيام.
أما بالنسبة للعهدة في مخازن الوقود فقد أخطر المطعون ضده في 1/ 1/ 1955 وطلب إليه حضور عملية التسليم والتسلم فرد الكتاب إلى الجهة الإدارية في 13/ 1/ 1955 ثم جاء منه كتاب في 25/ 1/ 1955 يظهر استعداده للحضور فأخطر بتحديد يوم آخر لعملية الجرد وهو يوم 29/ 1/ 1955 وقامت اللجنة بعمل الجرد في 10/ 2/ 1955 فظهر في عهدته عجز بلغت قيمته 635 جنيه و52 مليم ووقع على محاضر الجرد والاستمارة 121 ع. ح بعد مراجعة جميع أذونات الإضافة والصرف على دفاتر الزراعة 118 ع. ح.
وانتهى التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية والنيابة العامة وكذلك فحص ديوان المحاسبات إلى تقرير مسئولية المطعون ضده إذ طالبت النيابة الإدارية بإحالة الأمر إلى النيابة العامة وبعد تحقيقها طلبت الأخيرة مجازاته إدارياً وإخطارها ثم إعادة عرض الأمر عليها للنظر كما طالب ديوان المحاسبات بإحالته إلى المحاكمة التأديبية.
وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1961 أصدرت تلك المحكمة حكمها ببراءة المطعون ضده وأسست ذلك الحكم - بعد أن لخصت فيه واقعة الدعوى تلخيصاً دقيقاً كما جاءت في تحقيق النيابة العامة والنيابة الإدارية - على أن نص المادة 340 من لائحة المخازن والمشتريات يقضي بأنه في حالة الفقد أو التلف بسبب سرقة بإكراه أو سطو أو حريق أو تلاعب أو تبديد أو أي حادث آخر مهما كانت قيمة الصنف الفاقد أو التلف يتبع الآتي:
( أ ) إبلاغ الحادث لرئيس المصلحة: على مدير المخازن أن يبلغ الحادث فوراً وكتابة لرئيس المصلحة الذي عليه إبلاغ الضامن لصاحب العهدة بالحادث في المهلة المحددة لإخطاره.
(ب) إبلاغ البوليس والنيابة.
(جـ) تشكيل لجنة تحقيق.
(د) جرد الأصناف في مكان الحادث، وعلى لجنة التحقيق في حالة السرقة أو الحريق أو أي حادث آخر أن تبدأ بجرد الأصناف الموجودة بالمكان الذي حصل فيه الحادث لحصر مقدار الأصناف الفاقدة أو التالفة...
وخلصت من نص هذه المادة إلى أنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تجري الجرد الفوري ولكن الثابت من التحقيق أن الجرد لم يحصل إلا في 10/ 2/ 1955، ثم استطردت المحكمة ذاكرة أنه مع التسليم الجدلي أن النص الواجب الإعمال في هذه الحالة هو نص المادة 39 من اللائحة لا النص السابق كما يزعم التفتيش فمع ورود هذا النص تحت عنوان غياب أو وفاة أمين المخزن أو صاحب العهدة فإن هذه المادة تنص على أنه إذا غاب أحد أمناء المخازن أو أرباب العهد بدون إخطار يوقف عن أداء عمله، وإن توفى يكلف مدير المخازن أحد الموظفين بتسليم العهدة مؤقتاً وذلك بواسطة لجنة ويطلب من الضامن قبل نهاية المدة المحددة لإخطاره بوقت كاف - إيفاد مندوب لحضور التسليم وتقفيل دفاتر العهدة، ولا يسلم للخلف إلا الأصناف اللازمة للقيام بالطلبات العادية ثم يقفل المخزن بالشمع الأحمر بحضور ذوي الشأن. وعلى الموظف المعين مؤقتاً أن يراقب سلامة الأختام، وعند تعيين الخلف بصفة نهائية تفض الأختام بمعرفة لجنة تجرد جميع الأصناف بحضور الضامن ووكيل عن صاحب العهدة السابق أو عن ورثته لتسليمها لصاحب العهدة الجديد، على أنه إذا لم يحضر الطاعن ووكيل عن صاحب العهدة السابق أو عن ورثته لتسليمها لصاحب العهدة الجديد على أنه إذا لم يحضر الضامن أو مندوبه أو وكيل أمين المخزن أو ورثته في الميعاد المحدد فلا يحق لهم الاعتراض على صحة الإجراء، ثم قالت المحكمة بعد استعراض هذا النص الأخير أن الجهة الإدارية لم تطبقه أيضاً وبذلك تكون قد خرجت على أحكام لائحة المخازن خروجاً كلياً وإذ وضعت هذه الأحكام لتحديد المسئولية في هذه الأحوال تحديداً حاسماً سواء أكانت مسئولية جنائية أم إدارية أم مدنية، ومن ثم يكون في عدم مراعاتها المسوغ للقضاء بالبراءة وعدم تحميل المطعون ضده بأي نوع من أنواع المسئولية.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن مفهوم المحكمة لنص المادة 340 من لائحة المخازن لا يتفق مع هذا النص فقد استلزمت تلك المحكمة أن يكون الجرد فورياً في الحالات التي عددتها مع أن هذه المادة لم تحدد الفورية في الجرد وكل الذي استلزمته هو حصوله ولم تحدد ميقاتاً معيناً له، وأن الجرد جعل لتحديد المسئولية وقد قامت جهة الإدارة باتباع الإجراءات الكفيلة بذلك إذ شكلت لجنة للإشراف على المخازن بحيث لا يخرج شيء منها أو يدخل إليها إلا بواسطة اللجنة وأرجع سبب التأخير في الجرد إلى عدم حضور المطعون ضده عندما دعي للحضور بالرغم من إخطاره بالجرد، وأن المخازن كانت قبل الجرد خاضعة لإشراف لجنة رسمية كما أن المطعون ضده وقع على محاضر الجرد دون اعتراض مما يدل على اعترافه بالمسئولية وأضاف إلى ما تقدم أن المادة 45 من لائحة المخازن تلقي مسئولية فقد ما يظهر بالعهدة من عجز على أمين المخزن ولا تخلي مسئوليته إلا إذا أثبت أن ذلك العجز نشأ عن أسباب قاهرة وظروف خارجة عن إرادته ولم يكن في إمكانه التحوط لها ثم إن قيمة العجز في العهدة كبير وقد حدث في خلال المدة من يوليه سنة 1954 إلى 10/ 12/ 1954 وهي مدة قصيرة ولم يحدث مثل هذا العجز في أي وقت سابق.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها ذكرت فيه أن لجنة الجرد تسلمت المفاتيح من المطعون ضده في 11/ 12/ 1954 ولم يحصل الجرد الذي أثبت العجز إلا في 10/ 2/ 1955 وفي هذا التأخير إهدار الضمان المقرر للصالح العام وصالح الموظف صاحب العهدة وبذلك يكون الحكم قد أصاب وجه الحق إذ قرر أن جهة الإدارة خرجت خروجاً كلياً على أحكام لائحة المخازن والمشتريات ولا يقدح في ذلك تمسكها بالمادة 45 من هذه اللائحة طالما أن إجراءات الجرد تراخت مدة من الزمن أفقد الإجراء قيمته كما أن طريقة تخزين الوقود من شأنها أن تؤدي إلى النقص لأنها وضعت في "صهاريج" ومن الجائز أن يكون العجز نتيجة "الترشح" أو إهمال في الوزن ثم انتهى هذا التقرير إلى طلب قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة بدفاع وزارة الزراعة وديوان المحاسبات رددت ما جاء في صحيفة الطعن ثم استطردت إلى القول بأنه لم يقع حادث من الحوادث التي تعينها المادة 340 حتى يمكن تطبيق المادة 340 من اللائحة وحتى القول بتطبيقها لا يستلزم معه إجراء الجرد الفوري الذي ذهبت إليه المحكمة المطعون في حكمها ولم يرتب الشارع بطلاناً على عدم حصوله ولا بطلان بغير نص إذا ما كان التأخير بسبب عدم حضور المطعون ضده وقد أرسلت إليه جملة كتب لحضوره ولما كان الجرد يحتاج إلى تحرير استمارات ومراجعة استمارات الصرف والإضافة على دفاتر العهد، وما دام أن التأخير في الجرد مرده الأسباب السابقة مجتمعة فلا يمكن اعتبار الوقت الذي مر بين إيقاف المطعون ضده في 11/ 12/ 1954 وتاريخ الجرد في 10/ 2/ 1955 تراخياً، وإذا أقيم وزن لدفاع المطعون ضده في تبرير العجز فهم لم ينفذ أحكام المادة 339 من لائحة المخازن التي تقضي بأنه إذا فقدت أصناف أو كسرت في أثناء وجودها في المخازن أو عهدة الموظف أو في إحدى المنشآت الحكومية فعلى الموظف... أن يبلغ الأمر لمدير المخازن بمجرد علمه به لعمل التحريات... ولم يقم هو بهذه الإجراءات ثم استخلصت من الوقائع المسندة إليه أنه لم يراع أحكام المادة 73 من القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن موظفي الدولة ولم يؤد عمله بدقة وأمانة وصممت في نهاية المذكرة على وجوب تطبيق هذا النص وكذلك نص المادة 82 مكرر فقرة خامسة من نفس القانون وكذلك نص المادتين 83، 84 منه.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرة بدفاعه تمسك فيها بوجوب تطبيق المادة 340 من لائحة المخازن كما قرر أنه بعد إيقافه لم يتلق أي كتاب من الجهة الإدارية إلا كتابها الذي تزعم أنها أرسلته إليه في 1/ 1/ 1955 فأعيد إليها في 13/ 1/ 1955 - مؤشراً عليه بالتأشيرات السابقة - وتساءل عن علة عدم طلبه يوم 12/ 12/ 1954 وهو يوم تسليمه المفاتيح، وأضاف إلى ما تقدم أنه رفض التوقيع على الاستمارة 122 ع. ح الثابت بها العجز لما تبين أن الاستمارة 121 ع. ح الأصلية بها تغيير في نسبة العجز وهي التي وقع عليها أولاً بما يفيد أنه لا يوجد عجز أكثر من المسموح به ثم اختفت الاستمارة 121 ع. ح وهي التي توقع عليها في 26/ 5/ 1955 وأرسل التفتيش استمارات جديدة لا يعلم عنها شيئاً وأن مفتش محلة موسى أدين لارتكابه خطأ في عدم حصول الجرد الفردي وأن إدانته تقطع بأن الإجراء الصحيح لم يتبع فيما نسب إليه وأنه لم يعترف بحصول العجز كما تدعي الجهة الإدارية ثم صمم في نهاية مذكرته على طلب الحكم ببراءته.
ومن حيث إنه يبين من مساق واقعات هذه المنازعة أن محور الخلاف يدور حول ما إذا كانت المادة 340 من لائحة المخازن والمشتريات واجبة التطبيق على هذه الحالة، وإن قيل بتطبيقها فهل تستلزم هذه المادة الجرد الفوري؟ إذ الثابت من الأوراق أنه لا جدال في تاريخ إيقاف المطعون ضده وفي تاريخ الجرد الذي حصل.
ومن حيث إن نص هذه المادة يجري على النحو الذي استظهره الحكم المطعون فيه ومنه يبين أن الأحوال التي عددتها المادة 340 من لائحة المخازن والمشتريات لتطبيقها كثيرة، وهي تعني وقوع حادث من التي ذكرتها صراحة، ومنها التلاعب أو التبديد أو أي حادث آخر، وفي هذا إطلاق، والمطلق يجري على إطلاقه، وفيها إشارة إلى أن الحوادث المذكورة لم ترد على وجه الحصر والتحديد وإذ تبين أن في عهدة السماد التي في حيازة المطعون ضده عجز بلغت قيمته أكثر من 52 جنيهاً بعد أن ورد بلاغ المجهول إلى الجهة الإدارية وبعد أن أبلغت به النيابة العامة فإن دلالة الحال من شأنها أن تشير إلى احتمال وقوع حادث من الحوادث التي ذكرتها في عهدة المطعون ضده الخاصة بالوقود ومن ثم يكون نص هذه المادة واجب الإعمال وإن لم يشر المجهول إلى وقوع حادث معين في هذه العهدة وكان يتعين على هذه الجهة أن تسلك الإجراءات التي رسمتها هذه المادة وهي تقرر ضوابط للمحافظة على المال العام ولتحديد مسئولية أصحاب العهد بجميع أنواعها سواء أكانت مسئولية جنائية أم إدارية أم مدنية.
ومن حيث إن الفقرة "ب" منها تنص صراحة على أن واجب اللجنة التي تكون هو أن تبدأ بجرد الأصناف الموجودة في مكان الحادث لحصر الأصناف الفاقدة أو التالفة، وهذا إجراء جوهري يجب اتباعه، ومباشرته فوراً حتى يحقق فاعليته إذ يجب أن يكون فوراً وعاجلاً ولا يتراخى إلا لسبب قوي وفي هذه الحالة يجب إغلاق المخزن أو التحفظ على محتوياته تحفظاً دقيقاً حتى لا تضيع المسئولية بين كثرة الأيدي التي تمتد إلى هذه العهدة بعد أن ترفع يد المسئول عنها.
ومن حيث إن الإجراءات التي رسمتها هذه المادة جوهرية، وإغفالها أو تجاهلها أمر بالغ الخطورة ما دام الشارع استلزمها، ولا يقال أن إغفالها لا يترتب عليه البطلان لعدم النص على ذلك صراحة في متن المادة - إذ لا شك في أن المحكمة في صدد تقدير ووزن مسئولية صاحب العهدة تأخذ في الاعتبار وفي المقام الأول منه سلامة الإجراءات القانونية ومدى مراعاتها وذلك للتعرف على قيام هذه المسئولية وتحديد ضوابطها ونطاقها وتحديد من يقع عليه عبؤها بعد ذلك كله.
وتطبيقاً لما تقدم فإن العجز الذي أثبته الجرد قد يرجع إلى الأسباب التي ذكرها الحكم المطعون فيه وقد يرجع إلى عوامل أخرى لا يمكن تحديدها على وجه الحصر كما أنه لا يمكن إلقاء مسئولية ما على المطعون ضده على أساس المادة 339 من اللائحة أو المادة 45 منها أو من نص قانوني آخر إذ ثبت أن يده رفعت عن العهدة في 11/ 12/ 1954 ولم يحصل جرد لها إلا في 10/ 2/ 1955 كما أن الأسباب التي قيلت لتبرير التأخير في الجرد ليس من شأنها أن تحول دون الجرد الفوري وهو الذي يحسم الأمر حسماً قاطعاً والتراخي فيه يفتح ثغرات ويثير احتمالات كثيرة الأمر الذي يودي بالمسئولية من أي نوع كانت ويجعل المحكمة - مع عدم قيام دليل آخر، في حالة يستحيل معها إلقاء عبء مسئولية الأشياء الفاقدة على شخص أو أشخاص معينين بالذات.
ومن حيث إنه لما تقدم من أسباب وللأسباب التي ذكرها الحكم المطعون فيه يكون ذلك الحكم قد أصاب محجة الصواب في قضائه ويكون الطعن عليه على غير أساس من القانون ومتعين الرفض.
ومن حيث إن الحكومة أصابها الخسر في الطعن فتتحمل عبء مصروفاته وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة المصروفات.

الاثنين، 27 نوفمبر 2023

الطعن 1930 لسنة 6 ق جلسة 12 / 12 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 19 ص 165

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة/ الأساتذة حسن السيد أيوب ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(19)

القضية رقم 1930 لسنة 6 القضائية

(أ) ديوان الأوقاف الخصوصية الملغى 

- وضعه القانوني.
(ب) اختصاص القضاء الإداري 

- دعوى التسوية التي يرفعها أحد العاملين بديوان الأوقاف الخصوصية لتقرير أحقيته في الإعانة الاجتماعية قبل هذا الديوان - عدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل فيها - أساس ذلك.
(جـ) دعوى - تقاض 

- تمثيل الدولة في التقاضي فرع من النيابة عنها - القانون مرد هذه النيابة - كل وزير يمثل الدولة في شئون وزارته.
(د) دعوى - دفع 

- الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لا يحتاج إلى دفع به - تملك المحكمة وهي تنزل حكم القانون أن تقضي به من تلقاء نفسها.

-----------------
(1) إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن ديوان الأوقاف الخصوصية كان يتمتع بذاتية مستقلة وينحصر نشاطه في تولي إدارة الأوقاف الخيرية المختلفة المصادر الواقعة تحت نظارة الخديوي ومن خلفوه من بعده وكان هذا الديوان ينفرد بميزانية خاصة مستقلة لا صلة لها بميزانية الدولة وبهذه المثابة كان يرعى مصالح خاصة معينة ولم تتوافر له من المقومات والخصائص ما يجعله فرعاً من الحكومة أو مصلحة تابعة لها أو مؤسسة من المؤسسات العامة ولا يغير من طبيعته القانونية هذه صدور أوامر أو لوائح تقضي بأن تطبق على موظفيه ومستخدميه النظم والقواعد المتبعة في بعض مصالح الحكومة بشأن موظفي الدولة أو بأن يعامل موظفوه بأحكام قانون المعاشات أو بالأحكام الخاصة بتسوية المعاشات والمكافآت للموظفين والمستخدمين الذين لهم مدة خدمة دائمة في الحكومة أو كون اللجنة المالية بمجلس النواب رأت بجلستها المنعقدة في 14 أغسطس سنة 1951 معاملة موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية أسوة بموظفي وزارة الأوقاف عند نقلهم لوزارات الحكومة ومصالحها تحقيقاً للعدالة والمساواة بين موظفين متساوين في العمل ويؤدون واجبهم في ظل النظم واللوائح الحكومية أو كون مجلس الوزراء أصدر بجلسته المنعقدة في 6 من يناير 1952 قراراً بالموافقة على أن يكون نقل موظفي الأوقاف الخصوصية الملكية بحالتهم من حيث الدرجة والماهية مع الاحتفاظ لهم بأقدميتهم في درجاتهم ومواعيد علاواتهم ومن يكون منهم مثبتاً يحتفظ له بحالة التثبيت أسوة بموظفي الأوقاف على أن يطبق ذلك على من سبق نقلهم من الأوقاف الخصوصية الملكية أو من سينقلون منها إلى وزارات الحكومة ومصالحها وذلك للأحكام الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 الخاص بالقواعد التي تتبع عند حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية وذلك تأسيساً على أن ديوان الأوقاف الخصوصية المشار إليه يطبق على موظفيه الكادرات التي تصدرها الحكومة منذ سنة 1921 وأن به درجات مماثلة للدرجات المخصصة لموظفي الحكومة - لا يغير ذلك كله من حقيقة وضع الديوان المذكور ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 إنما صدر لحكمة معينة وفي مجال محدد نطاقه بالغاية من هذه الحكمة واستحدث بالنسبة إلى ماضي خدمة موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية أقدمية اعتبارية أقامها على تشبيه الديوان المذكور بالهيئات الحكومية في مقام ضم مدة هذه الخدمة للاعتبارات التي استند إليها وقد اقتضى الأمر صدور هذا القرار بالحكم الذي تضمنه لإنشاء الحق الذي نص عليه والذي لم يكن ليثبت لذويه من تلقاء ذاته لولا ما قضى به القرار المشار إليه من تسوية في المعاملة بين موظفي الديوان وموظفي وزارة الأوقاف على أساس التشبيه الذي ذهب إليه ومن ثم فلا يجوز إعمال أثره إلا في خصوص ما صدر بشأنه دون مجاوزة هذا القصد إلى اعتبار الديوان هيئة حكومية.
(2) إن المدعي قبل نقله إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس 1952 لم يكن يعتبر موظفاً عاماً كما أن ديوان الأوقاف الذي كان يعمل في خدمته لم يكن فرعاً من الحكومة أو مصلحة تابعة لها أو مؤسسة أو هيئة عامة وكانت علاقة المدعي به علاقة أجير برب عمل أي علاقة تعاقدية من علاقات القانون الخاص وينبني على ذلك عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الخاصة بطلب المدعي صرف الإعانة الاجتماعية التي يدعي أنها استحقت له قبل هذا الديوان في المدة من 18 من مايو 1949 حتى 16 من يوليو 1951 وبفروق مرتب الدرجة السابعة عن المدة السابقة على أول أغسطس سنة 1952 تاريخ نقله إلى وزارة الأوقاف ذلك أن اختصاص مجلس الدولة في هذا الشأن محدد وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 (بالمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم) وليس من شأن أيلولة الأوقاف التي كان ديوان الأوقاف الخصوصية يتولى إدارتها - إلى الدولة أو نقل المدعي إلى وزارة الأوقاف أن يسبغ على مجلس الدولة اختصاصاً ليس له في شأن المنازعات الخاصة بما يطلبه المدعي عن مدة سابقة على نقله إلى تلك الوزارة.
(3) إن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون وأن الأصل بالنسبة إلى فروع الدولة ليست لها الشخصية أن يمثل الدولة كل وزير في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها.
(4) إنه وإن كان مدير هيئة الأموال المصادرة والسيد وزير الخزانة الذي انضم إليه في الطعن لم يدفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى فروق المرتب سالفة الذكر وكانت هيئة مفوضي الدولة لم تثر هذا الدفع إلا أن هذه المحكمة وهي تنزل حكم القانون في المنازعة الإدارية من حيث الشكل والموضوع معاً تملك بحكم رقابتها القانونية للحكم المطعون فيه - القضاء من تلقاء نفسها في هذه المرحلة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الفروق المذكورة لرفعها على غير ذي صفة.


إجراءات الطعن

في 11 من يوليو سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير الخزانة والسيد مدير هيئة الأموال المصادرة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1930 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 12 من مايو سنة 1960 في الدعوى رقم 72 لسنة 7 القضائية المقامة من السيد/ الصاوي محمد ميرا ضد هيئة الأموال المصادرة والقاضي باستحقاق المدعي مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة اعتباراً من أول مارس سنة 1946 تزاد بالعلاوات الدورية المقررة في كادر سنة 1939 واحتفاظه بهذا المرتب عند نقله إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس سنة 1952 مع صرف الفروق المترتبة من 12 من يوليو سنة 1954 إلى 31 من يوليو سنة 1957 واستحقاق المدعي الإعانة الاجتماعية بواقع جنيه شهرياً عن المدة من 18 يناير سنة 1950 إلى 16 من يوليو سنة 1951 وصرف المتجمد عن ذلك الطلب وإلزام الحكومة المصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 29 من سبتمبر سنة 1960 وبعد أن أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من مارس سنة 1963 وأبلغ الخصوم بموعد هذه الجلسة في 19 من يناير سنة 1963 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره جلسة 24 من أكتوبر سنة 1964 وتم إخطار الخصوم بموعد هذه الجلسة في 10 من سبتمبر سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 7 من ديسمبر سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 72 لسنة 7 القضائية ضد هيئة الأموال المصادرة طالباً الحكم باستحقاقه لصرف فروق الدرجة السابعة ابتداء من أول فبراير سنة 1946 وما يترتب على ذلك من علاوة الغلاء وصرف الإعانة الاجتماعية له باعتباره متزوجاً وذلك عن المدة من 18 من مايو سنة 1949 حتى 16 من يوليو سنة 1951 مع إلزام الهيئة المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وقال شرحاً لدعواه إنه سبق الحكم له بجلسة 31 من يناير سنة 1956 في الدعوى رقم 1055 لسنة 2 القضائية التي أقامها ضد وزارة الأوقاف باعتبار خدمته في المدة من 18 من مايو سنة 1949 حتى 16 من يوليو سنة 1951 امتداداً لخدمته بديوان الأوقاف الملكية الخصوصية وما يترتب على ذلك من آثار وخاصة بالنسبة إلى تطبيق القانون رقم 296 لسنة 1953 - وذكر أنه عين كاتباً بديوان الخاصة الملكية سابقاً في أول يونيو سنة 1925 بمرتب شهري قدره ثلاثة جنيهات وفي أول فبراير سنة 1939 رقي إلى الدرجة الثامنة بمرتب شهري قدره خمسة جنيهات ونصف ثم إلى الدرجة السابعة في أول فبراير سنة 1946 بمرتب شهري قدره تسعة جنيهات ثم نقل إلى الوزارة - وقال إنه لما كان المرتب المقرر قانوناً للدرجة السابعة هو عشرة جنيهات فمن حقه المطالبة بفرق هذا المرتب من أول فبراير سنة 1946 وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة إلى الغلاء - وأضاف أنه يستحق إعانة اجتماعية قدرها جنيه واحد شهرياً عن مدة خدمة قدرها ستة وعشرون شهراً هي المدة التي قضي بضمها إلى مدة خدمته - وتقدم المدعي بمذكرة قال فيها إن هيئة التصفية كانت تصرف الإعانة الاجتماعية لزملاء له عن مدة خدمتهم التي قضوها بدائرة السيدة نازلي صبري التي انتدبوا للعمل بها وأنه لا مبرر للتفريق في المعاملة بينه وبينهم ولا مجال للقول بأن دائرة طوسون لم تكن تطبق نظام الإعانة الاجتماعية لأن الإعانة تتبع المرتب ولما كان عمله بتلك الدائرة عن طريق الانتداب فإن الجهة التي انتدبته أو الجهة التي انتدب إليها تكون ملزمه بأن تؤدي له الإعانة وقد أصبحت الجهتان تابعتان لإدارة تصفية الأموال المصادرة. وأضاف أن القرار الوزاري الصادر في 18 من أكتوبر سنة 1939 قد جعل أول مربوط الدرجة السابعة عشرة جنيهات فيكون محقاً في المطالبة بالفرق بين هذا المرتب وبين المرتب الذي كان يتقاضاه فعلاً وقدره تسعة جنيهات - وقد عقبت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بمذكرتين يتحصل ما أبدته فيهما من دفاع في أن المدعي كان موظفاً بالخاصة الملكية السابقة ومنح الدرجة السابعة في أول مارس سنة 1946 بمرتب شهري قدره تسعة جنيهات ولم تكن الخاصة - وهي ليست من المصالح الحكومية - مقيدة في معاملتها مع موظفيها بتطبيق القوانين واللوائح الحكومية كما أنها لم تنفذ منح الإعانة الاجتماعية لموظفيها وقد فصل المدعي من خدمتها اعتباراً من 17 من مايو سنة 1949 حيث نقل إلى دائرة النبيلة السابقة ملك بير طوسون وبذلك انقطعت صلته الوظيفية بالخاصة الملكية وأصبح موظفاً بتلك الدائرة وهي دائرة أهلية لا يسري عليها نظام الإعانة الاجتماعية كما أن الخاصة الملكية لم تكن ملزمة بتطبيق القوانين الحكومية فكان لها إذا استعارت النظم الحكومية لتطبيقها على موظفيها مطلق الحرية في هذا التطبيق فإن هي منحت المدعي الدرجة السابعة بأقل من مربوطها كان ذلك في حدود سلطتها التقديرية - وطلبت الهيئة رفض الدعوى - وأودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها وبنت رأيها في شأن عدم الاختصاص على أن المدعي قد ضم إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس سنة 1952 ولم يكن قبل هذا التاريخ من عداد موظفي الحكومة وعلى أن طلباته موضوع الدعوى هي عن الفترة السابقة على اعتباره موظفاً عاماً فلا تختص بها المحكمة الإدارية كما بنت رأيها في الموضوع على أنه وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 ينقل موظفو ديوان الأوقاف الخصوصية عند ضمهم إلى وزارة الأوقاف بحالتهم من حيث الدرجة والماهية وقد نقل المدعي إلى الوزارة بحالته التي كان عليها قبل ضمه فيكون طلبه منحه فروق الدرجة السابعة منذ أن شغلها في أول فبراير سنة 1946 مفتقراً إلى سنده القانوني أما الإعانة الاجتماعية فلا تصرف إلا إلى موظفي الحكومة ولم يكن المدعي من عداد هؤلاء الموظفين في الفترة موضوع المطالبة بتلك الإعانة.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية قد قضت بجلستها المنعقدة في 12 من مايو سنة 1960 باستحقاق المدعي مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة اعتباراً من 10 من مارس سنة 1946 تزاد بالعلاوات الدورية المقررة في كادر سنة 1939 واحتفاظه بهذا المرتب عند نقله إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس سنة 1952 مع صرف الفروق المترتبة من 12 من يوليو سنة 1954 إلى 31 من يوليو سنة 1957 وباستحقاقه الإعانة الاجتماعية بواقع جنيه شهرياً عن المدة من 18 يناير سنة 1950 إلى 16 من يوليو سنة 1951 وصرف المتجمد عن ذلك الطلب - وأقامت قضاءها بذلك على أنه وإن كان ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية يعتبر هيئة خاصة إلا أن حقوقه والتزاماته قد انتقلت إلى الحكومة ومن ثم تختص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى بشقيها، وأن الثابت أن ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية كان يطبق على موظفيه الكادرات التي تصدرها الحكومة منذ سنة 1921 وأن به درجات مماثلة للدرجات المخصصة لموظفي الحكومة وأن المدعي رقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول مارس سنة 1946 ومنح مرتباً شهرياً قدره تسعة جنيهات وأن أحكام كادر سنة 1939 تقضي بجعل مربوط الدرجة السابعة يبدأ من 120 جنيهاً على 180 جنيهاً بعلاوة قدرها 12 جنيهاً كل سنتين فيكون المرتب الشهري المقرر لتلك الدرجة هو عشرة جنيهات، ويكون المدعي منذ ترقيته إلى الدرجة السابعة قد تقاضى مرتباً يقل عن المرتب المقرر لهذه الدرجة طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 بمقدار جنيه واحد شهرياً، ولذلك يتعين الحكم باستحقاقه مرتباً شهرياً قدره عشرة جنيهات في الدرجة السابعة اعتباراً من أول مارس سنة 1946 يزاد بالعلاوات الدورية بالفئات وفي المواعيد المقررة طبقاً لأحكام كادر سنة 1939 وأن يكون نقله إلى وزارة الأوقاف اعتباراً من أول أغسطس سنة 1952 بالمرتب الصحيح قانوناً مزيداً بالعلاوات الدورية طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 الذي سبق معاملة المدعي وفقاً لأحكامه على أن يقتصر صرف الفروق المالية المترتبة على تلك التسوية على الخمس سنوات السابقة على تقديم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 11 من يوليو سنة 1959 حتى التاريخ السابق على منحه علاوة الترقية إلى الدرجة السادسة في أول أغسطس سنة 1957 أي عن المدة الواقعة من 12 من يوليو سنة 1954 إلى 31 من يوليو سنة 1957. كما أقامت المحكمة قضاءها للمدعي بالإعانة الاجتماعية على أنه يبين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 1055 لسنة 2 القضائية بجلسة 31 من يناير سنة 1956 أنه قد قضى باعتبار خدمة المدعي في المدة من 18 من مايو سنة 1946 إلى 16 من يوليو سنة 1951 امتداداً لخدمته بديوان الأوقاف الخصوصية سابقاً وما يترتب على ذلك من آثار وخاصة بالنسبة لتطبيق القانون رقم 296 لسنة 1953 وهو حكم نهائي وحائز لقوة الشيء المقضي فلا تقبل المنازعة بعده حول الجهة التي كان المدعي يتبعها خلال المدة المذكورة وهل هي ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية أو دائرة ملك بير طوسون وعلى ذلك يحق للمدعي خلال مدة عمله بتلك الدائرة الإفادة من النظم والقواعد الوظيفية التي كان يطبقها ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية ومنها نظام الإعانة الاجتماعية للمتزوجين المقرر بقواعد الإنصاف بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944. وأنه يستفاد من منازعة الإدارة حول استحقاق المدعي للإعانة الاجتماعية خلال مدة خدمته بدائرة ملك بير طوسون أنها لم تصرف له هذه الإعانة لاعتقادها أن نقله إلى خدمة الدائرة المذكورة يسقط عنه استحقاقه للإعانة الاجتماعية لما جرت عليه تلك الدائرة السابقة من عدم صرف الإعانة الاجتماعية للموظفين المشتغلين بها. وأن الثابت أن المدعي كان قد طلب في دعواه رقم 1055 لسنة 2 القضائية الحكم بأحقيته للإعانة المذكورة وكان قد أقام تلك الدعوى في 16 من يوليو سنة 1955 وسبقها بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية رقم 442 لسنة 2 القضائية الذي قدمه في 17 من يناير سنة 1955 وضمنه طلب الإعانة الاجتماعية المذكورة ثم تنازل - أثناء نظر تلك الدعوى وبجلسة المرافعة المنعقدة في 10 من يناير سنة 1960 - عن طلب تلك الإعانة ليقيم به خصومة جديدة مستقلة ثم أقام دعواه الحالية في 6 من ديسمبر سنة 1959 مسبوقة بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية المقدم منه في 11 من يوليو سنة 1959 والمقيد برقم 539 لسنة 6 القضائية وضمنه طلب الإعانة المذكورة عن مدة خدمته في دائرة ملك بير طوسون من 18 من مايو سنة 1949 إلى 16 من يوليو سنة 1951، ونظراً إلى أنه سبق القضاء في الدعوى رقم 1055 لسنة 2 القضائية بأن مدة خدمته في الدائرة المذكورة تعتبر امتداداً قانونياً لمدة خدمته بديوان الأوقاف الخصوصية الملكية فإنه يفيد خلال تلك المدة بجميع المزايا الوظيفية المقررة لموظفي الحكومة والتي يكون من المقرر العمل بها في ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية ومنها نظام الإعانة الاجتماعية للمتزوجين فيتعين الحكم باستحقاقه لتلك الإعانة بواقع جنيه واحد شهرياً عن المدة من 18 من يناير سنة 1950 إلى 16 من يوليو سنة 1951 إذ يكون التقادم الخمسي قد أدرك حقوقه في تلك الإعانة عن المدة السابقة على الخمس سنوات المنتهية بتقديمه طلب الإعفاء من الرسوم القضائية رقم 442 لسنة 2 القضائية في 17 من يناير سنة 1955.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية لم يكن فرعاً من الحكومة أو مصلحة تابعة لها أو مؤسسة عامة بل كان جهة خاصة تؤدي خدمات خاصة ويستأدي موظفوه مرتباتهم من ريع الأوقاف؛ فعلاقة الموظفين به لا تخرج عن كونها علاقة خاصة تخرج من نطاق تطبيق القانون العام وتخضع لأحكام القانون الخاص؛ ولا يقدح في ذلك أن أموال تلك الجهة قد آلت إلى الدولة أو وزارة الأوقاف لأن ذلك لا يغير من طبيعة هذه العلاقة ولا يقلبها إلى علاقة تنظيمية تخضع للقوانين واللوائح التي كانت سارية قبل إلغاء الديوان والتي كانت تطبق على موظفي الدولة فيكون مخالفاً للقانون ما ذهبت إليه المحكمة من أن وزارة الأوقاف وقد حلت محل الديوان وانتقلت إليها التزاماته وحقوقه فإن ذلك يجعلها مختصة بنظر الدعوى - ولما كانت مدة خدمة المدعي بديوان الأوقاف الخصوصية الملكية قبل نقله إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس سنة 1952 لا تعتبر مدة خدمة بالحكومة فلا يطبق عليه إلا القانون الساري وقت نقله وهو قانون موظفي الدولة ويكون الحكم إذ طبق عليه كادر سنة 1939 قد خالف القانون، ويعتبر نقله إلى تلك الوزارة تعييناً جديداً في الدرجة السابعة في ظل قانون نظام موظفي الدولة وطالما أن المرتب الذي تقاضاه وقت التعيين في هذه الدرجة في ظل قانون نظام موظفي الدولة هو بذاته مرتب الدرجة السابعة بل إنه يزيد عليه فكأن الإدارة قد قامت بتسوية حالته وفقاً للقانون إذ أنها أدخلت في حسابها المدة التي قضاها في خدمة الديوان والتي لولاها لما عين في هذه الدرجة على الإطلاق لأنه لا يحمل مؤهلاً يقتضي تعيينه في درجة معينة وبذلك تكون قواعد ضم مدد الخدمة السابقة قد أعملت في حقه كاملة وفق الأوضاع التي تقررت في شأن ضم موظفي ديوان الأوقاف إلى الحكومة ومنها أن ينقلوا بدرجاتهم ومرتباتهم كما هي على خلاف القواعد المعمول بها للتعيين في الحكومة ابتداء ومن ثم تصبح طلبات المدعي غير ذات موضوع.
ومن حيث إن هيئة المفوضين قدمت تقريراً برأيها انتهت فيه إلى أن الطعن في الحكم على غير سند من القانون متعين رفضه وذلك تأسيساً على ذات الأسباب التي استند إليها الحكم المذكور.
ومن حيث إن الطاعنين قد أودعا مذكرة طلبا فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو بعدم سماعها واحتياطياً برفضها وإلزام المدعي المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. واستندا في الدفع إلى أن الدعوى لم توجه إلا إلى إدارة الأموال المصادرة باعتبارها الجهة التي آلت إليها الأوقاف الخصوصية لإدارتها وتصفيتها وأن طلبات المدعي خاصة بالمدة التي كان خلالها موظفاً بديوان الأوقاف الخصوصية قبل نقله إلى وزارة الأوقاف أي أن المنازعة متعلقة بالمدة التي كان خلالها يعمل بهيئة خاصة غير حكومية فلا يختص القضاء الإداري بنظرها ولا يغير من طبيعة هذه المنازعة انتقال حقوق والتزامات الديوان إلى الحكومة ما دامت الطلبات مقصورة على المدة المشار إليها. وأضاف الطاعنان أنه لو فرض أن الديوان المذكور هيئة حكومية أو أن انتقال حقوقه والتزاماته إلى الدولة يضفي على النزاع الصبغة الإدارية فإن القضاء الإداري يكون أيضاً غير مختص بنظر النزاع أو التصدي له ذلك أن القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد علي المصادرة قد رسم طريقاً معيناً للمطالبة بالحقوق والديوان قبل أعضاء تلك الأسرة التي صودرت أموالهم بقرار مجلس قيادة الثورة في 8 من نوفمبر سنة 1953 ونص في المادة 12 منه على أنه "لا يجوز للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة بمصادرتها" ونظراً إلى أن المدعي لم يتقدم بطلب الفروق المالية السابقة إلى اللجنة المشكلة وفقاً للمادة التاسعة من القانون المذكور وإنما أقامها أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية فإنه يكون قد أقامها أمام جهة غير مختصة. أما بالنسبة للموضوع فقد ذكر الطاعنان أنه وإن كان ديوان الأوقاف الخصوصية قد أصدر عدة أوامر أو لوائح بشأن تطبيق بعض النظم والقواعد الواردة بقانون موظفي الدولة على موظفيه إلا أنه لم يكن هناك ما يمنع خروجه على هذه القواعد والنظم والإنفراد بنظم خاصة. وكان الديوان خلال الفترة التي عمل فيها المدعي يمنح الموظفين المعينين بالدرجة السابعة مرتباً قدره تسعة جنيهات شهرياً فلا يكون للمدعي أي حق في المطالبة بالمرتب الذي كان مقرراً في كادر سنة 1939 وفضلاً عن ذلك فإنه بفرض استحقاقه لهذا المرتب اعتباراً من أول مارس سنة 1946 فإنه كان عليه أن ينازع في هذا الأمر قبل أول أغسطس سنة 1952 تاريخ تعيينه بوزارة الأوقاف إذ أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 وكذلك القانون رقم 118 لسنة 1959 قد نصا على أن يكون نقل موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية إلى وزارات الحكومة ومصالحها بحالتهم عند النقل من حيث الدرجة والمرتب وقد عين المدعي في وزارة الأوقاف بالمرتب الذي كان يتقاضاه عند نقله. وذكر الطاعنان أنه بالإضافة إلى ما تقدم ما كان يجوز للحكم المطعون فيه أن يقضي باستحقاق المدعي للفروق المالية المترتبة على منحه مرتب قدره عشرة جنيهات عن المدة من 12 من يوليو سنة 1954 إلى 31 من يوليو سنة 1957 أي في مدة تالية لنقله إلى وزارة الأوقاف لأنه لم يختصم وزارة الأوقاف في الدعوى ولم يوجه إليها أية طلبات بل إن منازعته مقصورة على المدة التي قضاها في ديوان الأوقاف الخصوصية، ومن ثم يكون الحكم قد قضى بما لم يطلبه المدعي وإلزام شخصاً لم يكن خصماً في الدعوى. أما عن الإعانة الاجتماعية عن المدة التي عمل خلالها المدعي في دائرة ملك بير طوسون فإنه لا يستحقها لأنه لم يكن يعمل بالحكومة أو في هيئة تطبق النظم الحكومية ولا تلازم بين ضم هذه المدة إلى مدة خدمته وبين استحقاق تلك الإعانة.
ومن حيث إن المدعي قد تقدم بمذكرتين عقب في أولاهما على الطعن وذكر أنه لا يمكن أن يضار بسبب نقله إلى وزارة الأوقاف وأن القانون رقم 118 لسنة 1959 قد قضى بنقل موظفي الديوان إلى وزارة الأوقاف بحالتهم من حيث الدرجة والمرتب والاحتفاظ لهم بأقدميتهم في درجتهم ومواعيد علاواتهم، وعقب في ثانيتهما على مذكرة الطاعنين بقوله إنه كانت تطبق على موظفي الأوقاف الخصوصية نظم موظفي الدولة بمقتضى قوانين ومراسيم وأن القانون رقم 118 لسنة 1959 قد أقر هذا الوضع وبذلك استقرت معاملة هؤلاء الموظفين على وضع محدد وهو أنهم يعاملون معاملة موظفي الحكومة ويطبق عليهم ما يطبق على موظفي الحكومة فيختص مجلس الدولة بمنازعاتهم مع أية هيئة حكومية وذكر أن اللجنة المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون رقم 598 لسنة 1953 لا تختص إلا بالديون والحقوق التي نشأت في المدة السابقة على 8 من نوفمبر سنة 1953، أما الديون والحقوق التي تنشأ بعد هذا التاريخ فلا تختص بها تلك اللجنة ولا ينسحب عليها الحظر المنصوص عليه في المادة 12 من القانون المذكور، وأن النزاع موضوع الطعن قد نشأ عندما انحسم الخلاف بين موظفي الأوقاف الخصوصية ووزارة الأوقاف بصدور القانون رقم 118 لسنة 1959 الذي كان السند الأول لإثبات استحقاقه للعلاوة الاجتماعية وفرق مربوط الدرجة السابعة. وأضاف المدعي أن إدارة التصفية قد ضمت بموظفيها إلى وزارة المالية بمقتضى القانون رقم 127 لسنة 1956 وآلت حصيلة الأموال المصادرة إلى خزانة الدولة فأي ادعاء أو دين ينشأ بعد مارس سنة 1956 - تاريخ صدور هذا القانون - تطالب به خزانة الدولة، كما أن أي نزاع يتعلق بالمرتبات أو العلاوات يرفع إلى مجلس الدولة تأسيساً على أن القانون رقم 127 لسنة 1956 ألغى القانون رقم 598 لسنة 1953. وقال إن المال المطلوب الرجوع عليه بالفروق المالية هو صافي ربح الأوقاف الخصوصية التي انتقل التنظر عليها إلى وزارة الأوقاف وليس هذا المال مصادراً فلا ينطبق عليه القانون رقم 598 لسنة 1953 وأنه توجه بمطالبته إلى وزارة الخزانة وهيئة الأموال المصادرة (إدارة أموال الحكومة المستردة) لأن الفروق ما زالت في ذمتها وأنه سيصير التنفيذ بالحكم على وزارة الأوقاف إذا ما ظهر أن ريع الأوقاف الخصوصية قد سلم إليها من وزارة الخزانة.
ومن حيث إن طلبات المدعي تنحصر في أمرين هما:
(1) استحقاقه صرف فروق مرتب الدرجة السابعة ابتداء من أول فبراير سنة 1946 وما يترتب على ذلك.
(2) وصرف الإعانة الاجتماعية من 18 مايو سنة 1949 حتى 16 من يوليو سنة 1952 - والثابت في الأوراق أنه كان يعمل بديوان الأوقاف الخصوصية من أول يونيو سنة 1925 وفي 12 من سبتمبر سنة 1946 رقي إلى الدرجة السابعة مع منحه علاوة قدرها جنيه لإبلاغ ماهيته إلى تسعة جنيهات.. وقد أبرم معه عقد استخدام عن سنة 1950 بماهية قدرها عشرة جنيهات كما أبرم معه عقد آخر عن سنة 1951 بماهية قدرها أحد عشر جنيهاً ثم جدد عقد استخدامه لمدة سنة ابتداء من أول يناير سنة 1952 بماهية قدرها أحد عشر جنيهاً ثم منح علاوة قدرها جنيه اعتباراً من أول مارس سنة 1952 لإبلاغ ماهيته الشهرية اثني عشر جنيهاً. ثم صدر قرار بتعيينه في وزارة الأوقاف بذات ماهيته وحالته نقلاً من ديوان الأوقاف الخصوصية اعتباراً من أول أغسطس سنة 1952 وذلك وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 وبعد أن منح علاوتان في سنتي 1954، 1956 رقي إلى الدرجة السادسة في أول أغسطس سنة 1957.
ومن حيث إن دعوى المدعي تتضمن المطالبة بصرف الإعانة الاجتماعية وبعض فروق مرتب الدرجة السابعة عن مدة سابقة على نقله إلى وزارة الأوقاف لذلك يتعين بادئ ذي بدء بحث ما إذا كان المدعي خلال مدة خدمته بديوان الأوقاف الخصوصية يعتبر موظفاً عاماً فيختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الخاصة بتلك العلاوة والفروق طبقاً للمادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 أم أنه لم يكن كذلك.
ومن حيث إنه لكي يعتبر الشخص موظفاً عاماً خاضعاً لأحكام الوظيفة العامة يجب - حسبما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يعين بصفة مستقرة للمساهمة بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى بالطريق المباشر.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن ديوان الأوقاف الخصوصية كان يتمتع بذاتية مستقلة وينحصر نشاطه في تولي إدارة الأوقاف الخيرية المختلفة للمصادر الواقعة تحت نظارة الخديوي ومن خلفوه من بعده وكان هذا الديوان ينفرد بميزانية خاصة مستقلة لا صلة لها بميزانية الدولة وبهذه المثابة كان يرعي مصالح خاصة معينة ولم تتوافر له من المقومات والخصائص ما يجعله فرعاً من الحكومة أو مصلحة تابعة لها أو مؤسسة من المؤسسات العامة. ولا يغير من طبيعته القانونية هذه صدور أوامر أو لوائح تقضي بأن تطبق على موظفيه ومستخدميه النظم والقواعد المتبعة في بعض مصالح الحكومة بشأن موظفي الدولة، أو بأن يعامل موظفوه بأحكام قانون المعاشات أو بالأحكام الخاصة بتسوية المعاشات والمكافآت للموظفين والمستخدمين الذين لهم مدة خدمة دائمة في الحكومة، أو كون اللجنة المالية بمجلس النواب رأت بجلستها المنعقدة في 14 من أغسطس سنة 1951 معاملة موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية أسوة بموظفي وزارة الأوقاف عند نقلهم لوزارات الحكومة ومصالحها تحقيقاً للعدالة والمساواة بين موظفين متساوين في العمل ويؤدون واجبهم في ظل النظم واللوائح الحكومية، أو كون مجلس الوزراء أصدر بجلسته المنعقدة في 6 من يناير سنة 1952 قراراً بالموافقة على أن يكون نقل موظفي الأوقاف الخصوصية الملكية بحالتهم من حيث الدرجة والماهية مع الاحتفاظ لهم بأقدميتهم في درجاتهم ومواعيد علاواتهم ومن يكون منهم مثبتاً يحتفظ له بحالة التثبيت أسوة بموظفي الأوقاف على أن يطبق ذلك على من سبق نقلهم من الأوقاف الخصوصية الملكية أو من سينقلون منها إلى وزارات الحكومة ومصالحها وذلك وفقاً للأحكام الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 الخاص بالقواعد التي تتبع عند حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية وذلك تأسيساً على أن ديوان الأوقاف الخصوصية المشار إليه يطبق على موظفيه الكادرات التي تصدرها الحكومة منذ سنة 1921 وأن به درجات مماثلة للدرجات المخصصة لموظفي الحكومة - لا يغير ذلك كله من حقيقة وضع الديوان المذكور ذلك أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 إنما صدر لحكمة معينة وفي مجال محدد نطاقه بالغاية من هذه الحكمة واستحدث بالنسبة إلى ماضي خدمة موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية أقدمية اعتبارية أقامها على تشبيه الديوان المذكور بالهيئات الحكومية في مقام ضم مدة هذه الخدمة للاعتبارات التي استند إليها وقد اقتضى الأمر صدور هذا القرار بالحكم الذي تضمنه لإنشاء الحق الذي نص عليه والذي لم يكن ليثبت لذويه من تلقاء ذاته - ولا ما قضى به القرار المشار إليه من تسوية في المعاملة بين موظفي الديوان وموظفي وزارة الأوقاف على أساس التشبيه الذي ذهب إليه ومن ثم فلا يجوز إعمال أثره إلا في خصوص ما صدر بشأنه دون مجاوزة هذا القصد إلى اعتبار الديوان هيئة حكومية.
ومن حيث إنه لذلك فإن المدعي قبل نقله إلى وزارة الأوقاف في أول أغسطس سنة 1952 لم يكن يعتبر موظفاً عاماً كما أن ديوان الأوقاف الذي كان يعمل في خدمته لم يكن فرعاً من الحكومة أو مصلحة تابعة لها أو مؤسسة أو هيئة عامة وكانت علاقة المدعي به علاقة أجير برب عمل أي علاقة تعاقدية من علاقات القانون الخاص وينبني على ذلك عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالمنازعة الخاصة بطلب المدعي صرف الإعانة الاجتماعية التي يدعي أنها استحقت له قبل هذا الديوان في المدة من 18 من مايو سنة 1949 حتى 16 من يوليو سنة 1951 وبفروق مرتب الدرجة السابعة عن المدة السابقة على أول أغسطس سنة 1952 تاريخ نقله إلى وزارة الأوقاف ذلك أن اختصاص مجلس الدولة في هذا الشأن محدد وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959 (بالمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم) وليس من شأن أيلولة الأوقاف التي كان ديوان الأوقاف الخصوصية يتولى إدارتها - إلى الدولة أو نقل المدعي إلى وزارة الأوقاف أن يسبغ على مجلس الدولة اختصاصاً ليس له في شأن المنازعات الخاصة بما يطلبه المدعي عن مدة سابقة على نقله إلى تلك الوزارة.
ومن حيث إن طلبات المدعي بالنسبة إلى فروق مرتب الدرجة السابعة لم تقتصر على المدة السابقة على نقله إلى وزارة الأوقاف بل تتضمن المنازعة في مقدار المرتب الذي حدد له عند نقله وقد قضى الحكم المطعون فيه باستحقاقه صرف هذه الفروق عن المدة من 12 من يوليو سنة 1954 إلى 31 من يوليو سنة 1957.
ومن حيث إن نقل المدعي إلى تلك الوزارة قد تم حسبما سبق البيان في أول أغسطس سنة 1952 وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 الذي قضى على أن يكون نقل موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية إلى وزارات الحكومة ومصالحها بحالتهم من حيث الدرجة والماهية مع الاحتفاظ لهم بأقدميتهم في درجاتهم ومواعيد علاواتهم - وأنه وإن كان هذا القرار قد ألغي بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة إلا أن القانون رقم 118 لسنة 1959 قد نص في المادة الأولى منه على أن (يعتبر صحيحاً ما تم في شأن نقل موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية الملكية سابقاً إلى وزارة الأوقاف بحالتهم من حيث الدرجة والمرتب والاحتفاظ لهم بأقدميتهم في درجاتهم ومواعيد علاواتهم) وقد استهدف المشرع بهذا القانون الإبقاء على ما تم في شأن نقل موظفي ديوان الأوقاف الخصوصية إلى وزارة الأوقاف وذلك بتصحيح ما عاملتهم به الوزارة في هذا الخصوص عوداً إلى ما كان عليه الوضع في ظل قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يناير سنة 1952 الذي ألغي - أي أنه لم يترتب على العمل بهذا القانون تعديل المركز القانوني للمدعي بل الإبقاء على هذا المركز.
ومن حيث إنه اعتباراً من أول أغسطس سنة 1952 أصبح المدعي موظفاً في وزارة الأوقاف وأصبح مرتبه - حسبما هو ثابت من ملف خدمته - يصرف من ميزانية تلك الوزارة. ولا شك في التزام تلك الوزارة بأية فروق في المرتب يثبت استحقاقه لها عن أية مدة تالية لذلك التاريخ ولذلك يتعين أن توجه الدعوى في شأن هذه الفروق إلى وزارة الأوقاف باعتبارها الجهة الإدارية المختصة.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن طلب الإعفاء من الرسوم المقدم من المدعي في 11 من يوليو سنة 1959 إلى لجنة المساعدة القضائية بالمحكمة الإدارية بالإسكندرية والمقيد بجدولها تحت رقم 539 لسنة 6 القضائية إنما تقدم به المذكور ضد (إدارة التصفية العامة وإدارة تصفية أموال الملك السابق) وقد صدر قرار اللجنة في 16 من نوفمبر سنة 1959 بقبول هذا الطلب ضد (هيئة الأموال المصادرة) كما أن المدعي قد أقام دعواه ضد (هيئة الأموال المصادرة) وصدر الحكم المطعون فيه ضد تلك الهيئة ثم أقيم هذا الطعن من السيد وزير الخزانة والسيد مدير هيئة الأموال المصادرة.
ومن حيث إن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع من النيابة عنها وهي نيابة قانونية المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون وأن الأصل بالنسبة إلى فروع الدولة التي ليست لها الشخصية الاعتبارية كالوزارات والمصالح التي لم يمنحها القانون تلك الشخصية أن يمثل الدولة كل وزير في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها.
ومن حيث إن الوزارة الملزمة بأداء ما يثبت استحقاقه للمدعي من فروق المرتب عن المدة التالية لأول أغسطس سنة 1952 - وهي حسبما سبق البيان وزارة الأوقاف التي يمثلها وزيرها - لم تختصم في الدعوى وإنما رفعت الدعوى وسارت إجراءاتها وحكم فيها ضد (هيئة الأموال المصادرة) التي انضم إليها في الطعن السيد وزير الخزانة فتكون الدعوى بالنسبة إلى هذه الفروق أقيمت على غير ذي صفة.
ومن حيث إنه وإن كان مدير هيئة الأموال المصادرة والسيد وزير الخزانة - الذي انضم إليه في الطعن - لم يدفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة إلى فروق المرتب سالفة الذكر وكانت هيئة مفوضي الدولة لم تثر هذا الدفع إلا أن هذه المحكمة وهي تنزل حكم القانون في المنازعة الإدارية من حيث الشكل والموضوع معاً تملك بحكم رقابتها القانونية للحكم المطعون فيه - القضاء من تلقاء نفسها في هذه المرحلة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الفروق المذكورة لرفعها على غير ذي صفة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطلب الخاص بصرف الإعانة الاجتماعية وفروق المرتب عن المدة السابقة على أول أغسطس سنة 1952 وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي الطلبات مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطلب الخاص بصرف الإعانة الاجتماعية وفروق المرتب عن المدة السابقة على 1/ 8/ 1952 وبعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى باقي الطلبات وألزمت المدعي بالمصروفات.