جلسة 26 من ديسمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/
وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه الشريف، أحمد أبو
الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
------------
(326)
الطعن رقم 3652 لسنة 58
القضائية
(1)إثبات
"مبدأ الثبوت بالكتابة" "الإثبات بالبينة" القرائن.
مبدأ الثبوت بالكتابة.
قوته في الإثبات تعادل الكتابة متى أكمل بشهادة الشهود أو القرائن. سواء اشترط
الإثبات بالكتابة بنص القانون أو بالاتفاق توافره. شرطه. م 62 إثبات.
(2)إثبات "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. عدم
التزامها بالاستجابة إلى طلب الخصم إحضار شهود نفي. شرطه. تمكينه من ذلك وتقاعسه.
-----------
1 - المقرر وفقاً للقواعد
العامة في الإثبات أن النص في الفقرة الأولى من المادة 62 من القانون رقم 25 لسنة
1968 - يدل على أن المشرع خرج على الأصل العام الذي يقضي بعدم جواز الإثبات بشهادة
الشهود فيما يجب إثباته بها بأن يجعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة في
الإثبات متى أكمله الخصوم بشهادة الشهود أو القرائن يستوي في ذلك أن يكون الإثبات
بالكتابة مشترطاً بنص القانون أو باتفاق الطرفين واشترط لتوافره أن تكون هناك ورقة
مكتوبة أياً كان شكلها والغرض منها وأن تكون هذه الورقة صادرة من الخصم المراد
إقامة الدليل عليه أو من يمثله أو ينوب عنه قانوناً وأن يكون من شأنها أن تجعل
الالتزام المدعى به أو الواقعة المراد إثباتها مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال.
2 - المقرر - وعلى ما جرى
به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تستجيب إلى طلب الخصم
لإحضار شهود نفي طالما أنها مكنته من ذلك وتقاعس عن إحضارهم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى
رقم 810 لسنة 1986 مدني كلي الإسكندرية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد البيع
المؤرخ 1/ 8/ 1984 المتضمن بيعه للأخير العقارين المبينين موقعاً ومعالماً به
وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التعاقد وتسليمه إياهما وبإلزامه بأن يؤدي له
مبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. وقال بياناً لذلك إنه باع للطاعن عقارين
عبارة عن فيلتين بمنطقة الهانوفيل بالعجمي محافظة الإسكندرية بعقد مؤرخ 1/ 8/ 1984
لقاء ثمن قدره أربعون ألفاً من الجنيهات وقد نص البند الثاني من العقد على أن
الثمن قد دفع بالكامل في مجلس العقد إلا أن حقيقة ما عجل دفعه منه وفقاً للاتفاق
بينهما هو مبلغ خمسة عشر ألفاً من الجنيهات وحررت بباقيه شيكات من بينها الشيك رقم
404614 يستحق دفعه في 25/ 2/ 1985 ولعسره مالياً في ميعاد الاستحقاق فقد طلب إليه
تأجيل الوفاء به إلى شهر نوفمبر من ذات العام على أن يسلمه إليه لاستبداله بشيك
آخر يستحق الوفاء في التاريخ الأخير وإذ سلمه الشيك الأول فوجئ به قد حرر شيكاً
برقم 404619 بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه خالياً من توقيعه فأعاده إليه وإذ كان ذلك منه
يعد إخلالاً بالتزامه التعاقدي عملاً بالمادة 157/ 1 من القانون المدني فقد أقام
الدعوى بطلباته - قضت المحكمة برفض الدعوى - استأنف المطعون ضده هذا الحكم
بالاستئناف رقم 678 لسنة 43 ق الإسكندرية - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد
سماع شهود الإثبات فقضت بجلسة 23/ 6/ 1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد البيع
المبرم بين المطعون ضده والطاعن بتاريخ 1/ 8/ 1984 وإعادة الحال إلى ما كانت عليه
وتسليم العقارين محل العقد إلى المطعون ضده خاليين ممن يشغلهما وبإلزام الطاعن بأن
يؤدي إليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة
مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم
المطعون فيه قد خرج في تفسيره لبنود عقد البيع محل النزاع المؤرخ 1/ 8/ 1984 عن
دلالتها الواضحة ونية المتعاقدين وأسس قضاءه بفسخ العقد على أن الطاعن لم يدفع
كامل الثمن المحدد بالعقد وإنما دفع جزء منه والباقي بموجب شيكين لم يتم صرفهما
أحدهما بمبلغ خمسة آلاف جنيه والآخر بمبلغ أربعة آلاف جنيه مستنداً في ذلك لأقوال
شهود المطعون ضده والبيان الوارد من البنك الأهلي المصري برغم انقطاع الصلة بين
هذين الشيكين وبين البنك وبين عقد البيع محل النزاع وإذ اعتبرهم الحكم المطعون فيه
مبدأ ثبوت بالكتابة رغم أنهما لا يجعلان التصرف المدعى به قريب الاحتمال لمخالفة
ذلك لما ورد بالبند الثاني من العقد ولانتفاء المعاصرة بين الشيكين وعقد البيع
وأحال المدعي الدعوى إلى التحقيق لتكملة هذا المبدأ بشهادة الشهود ليكون له قوة
بالكتابة في الإثبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في
الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه ولئن كان المقرر وفقاً للقواعد العامة في الإثبات أن النص في الفقرة
الأولى من المادة 62 من القانون رقم 25 لسنة 1968 على أنه "يجوز الإثبات
بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة" يدل
على أن المشرع خرج على الأصل العام الذي يقضي بعدم جواز الإثبات بشهادة الشهود
فيما يجب إثباته بها بأن جعل لمبدأ الثبوت بالكتابة ما للكتابة من قوة الإثبات متى
أكمله الخصوم بشهادة الشهود أو القرائن يستوي في ذلك أن يكون الإثبات بالكتابة مشترطاً
بنص القانون أو باتفاق الطرفين واشترط لتوافره أن تكون هناك ورقة مكتوبة أياً كان
شكلها والغرض منها وأن تكون هذه الورقة صادرة من الخصم المراد إقامة الدليل عليه
أو من يمثله أو ينوب عنه قانوناً وأن يكون من شأنها أن تجعل الالتزام المدعى به أو
الواقعة المراد إثباتها مرجحة الحصول وقريبة الاحتمال. لما كان ذلك، وكان تقدير ما
إذا كانت الورقة المتمسك بها من الخصم تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة من عدمه هو من
مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع فإنه بحسب الحكم المطعون فيه إذ اعتبر
إفادة البنك الأهلي بكتابه المؤرخ 27/ 3/ 1986 ببيانه الشيكات المسحوبة من الطاعن
لصالح المطعون ضده عليه ومن بينها الشيكين المؤرخين 25/ 2/ 1985 و25/ 10/ 1985
بأرقام مسلسلة متوالية وكذلك صورة الشيك بمبلغ الثلاثة آلاف جنيه المحرر بخط يده
خالياً من توقيعه والتي لم يجحدها مبدأ ثبوت بالكتابة يجعل الواقعة التي يدعيها
المطعون ضده من أن الثمن الذي تم تحديده بقيمة العقارين محل عقد البيع مثار النزاع
لم يدفع كاملاً بمجلس العقد وأن ما دفع منه هو مبلغ خمسة عشر ألفاً من الجنيهات
وحررت بباقيه الشيكات المبينة بالإفادة سالفة البيان أمراً مرجح الحصول وقريب
الاحتمال يجيز الإثبات بشهادة الشهود والقرائن فيما كان يجب إثباته بالكتابة فأحال
الدعوى إلى التحقيق وأقام قضاءه ذلك بفسخ العقد موضوع النزاع لعدم وفاء الطاعن
بباقي الثمن الذي لا يغنيه عن الوفاء إعطاءه شيكات به للمطعون ضده إذ لا يعتبر
وفاءً مبرئاً لذمته لأن الالتزام المترتب في ذمته لا ينقضي إلا بتحصيل قيمة
الشيكات - مستنداً في ذلك لأقوال الشهود وما قدم في الدعوى من مستندات وقرائن لها
أصلها الثابت بالأوراق مما لا يعد ذلك منه انحرافاً بتفسير عبارات العقد عن
مدلولها وما ترمي إليه إرادة المتعاقدين ويكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي
عليه بسببي الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان
ذلك يقول إنه تمسك بحقه في طلب التأجيل لإحضار شهود نفي إلا أن المحكمة رفضت طلبه
ولم تورده بأسبابها أو ترد عليه مما يعد إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود
وذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة
بأن تستجيب إلى طلب الخصم لإحضار شهود نفي طالما أنها مكنته من ذلك وتقاعس عن
إحضارهم. لما كان ذلك وكان الثابت من محاضر الجلسات أن المحكمة أصدرت حكمها بإحالة
الدعوى إلى التحقيق بجلسة 27/ 12/ 1987 وحددت لبدئه جلسة 22/ 2/ 1988 وأعلن طرفي
التداعي بها وإذ حضر كلاهما استأجلا لإحضار الشهود وتأجل نظر الدعوى لجلسة 18/ 4/
1988 ثم تأجل نظرها لإتمام مشروع صلح بينهما ولإحضار الشهود لجلسة 24/ 5/ 1988 وإذ
لم يتم الصلح حضرا واستمعت المحكمة إلى أقوال شاهدي المطعون ضده واستأجل الطاعن
لإحضار شهوده مما يدل على أن المحكمة قد أفسحت له المجال في هذا الصدد وبحسبها إن
رفضت طلب التأجيل إعمالاً لسلطتها التقديرية في هذا الشأن دون أن يعد ذلك إخلالاً
بحقه في الدفاع ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن برمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق