جلسة 25 أكتوبر سنة 1951
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: سليمان ثابت بك ومحمد
نجيب أحمد بك وعبد العزيز سليمان بك وأحمد العروسي بك المستشارين.
---------------
(3)
القضية رقم 175 سنة 19
القضائية
(أ) مرض الموت.
تضمن الحكم ما
يفيد أن المرض إذا استطال لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وأعقبته الوفاة.
لا مخالفة في ذلك القانون. استخلاص اشتداد وطأة المرض. موضوعي.
(ب) حكم. تسبيبه.
حكم
استئنافي. إيراده أسباباً جديدة لقضائه كافية لحمله عليه. تقرير بعد ذلك أخذه
بأسباب الحكم المستأنف. مفاد ذلك أنه يأخذ بهذه الأسباب فيما لم يصححه منها.
------------
1 - إذا كان الذي أورده
الحكم في صدد مرض الموت يفيد أن المرض إذا استطال سنة فأكثر لا يعتبر مرض موت إلا
إذا اشتدت وطأته وأعقبه الوفاة فلا مخالفة في هذا القانون.
واستخلاص اشتداد وطأة
المرض هو استخلاص موضوعي، فمتى أقام الحكم قضاء في نفى اشتداد المرض وقت صدور
التصرف المطعون فيه على أسباب سائغة فلا يقبل الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
2 - متى كان الحكم
الاستئنافي قد أورد أسباباً جديدة لقضائه استدل بها على أن مرض المتصرف كان مرضاً
مزمناً استطال لأكثر من سنة ولم تشتد وطأته وقت صدور التصرف المطعون فيه، وكانت
هذه الأسباب كافية لحمل قضائه فإنه إذا قرر بعد ذلك أنه يأخذ بأسباب الحكم
المستأنف كان مفاد هذا أنه يأخذ بها فيما لم يصححه منها بهذه الأسباب الجديدة في
ذات الخصوص.
الوقائع
في يوم 6 من أكتوبر سنة
1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 29 من مايو سنة 1949
في الاستئناف رقم 955 سنة 65 ق - وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم المقبول الطعن
شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالته القضية على محكمة الاستئناف
للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب
المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 10 أكتوبر سنة 1949 أعلنت المطعون عليها
بتقرير الطعن، وفي 25 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة
مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي
9 من نوفمبر سنة 1949 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت
فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 31 من مارس
سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً
وإلزام الطاعن بالمصروفات وفي 11 من أكتوبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين
بمحضر الجلسة... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن أقام
الدعوى على المطعون عليها والسيدة لندا توتونجى وجاء بها أن شقيقه إميل توفي في
أغسطس سنة 1946 عن زوجته المطعون عليها وأخت شقيقه وأخوين شقيقين هما الطاعن
والأستاذ جورج توتونجى الذي توفي في سنة 1946 وآل نصيبه إلى الطاعن وأخته وبذلك
تكون حصة الطاعن في التركة 12 قيراطاً وقد ترك المورث منقولات وضعت اليد عليها
المطعون عليها وأخذت تتصرف فيها بالبيع وطلب تثبيت ملكيته إلى نصيبه منها - دفعت
المطعون عليها الدعوى بأن جميع المنقولات ملك لها بموجب عقد بيع صادر لها من
المورث في أول إبريل سنة 1946 وثابت التاريخ في 22 مايو سنة 1946. فدفع الطاعن بأن
هذا العقد صدر من المورث في حالة مرض الموت وقدم شهادة طبية موقعاً عليها من
الدكتور أندريا تاجر تتضمن أنه عالج المورث في المدة من 6 من مارس سنة 1946 حتى 13
من إبريل سنة 1946 وفي الثلاثة الأيام الأخيرة من حياته وهي 5 و6 و7 من أغسطس سنة
1946 وأنه كان مريضاً بالتهاب مزمن في الكلى وتصلب عام في الشرايين وأدى ذلك إلى
إصابته بتسمم بولي نشأت عنه الوفاة - فردت المطعون عليها بأن المورث لم يكن في
حالة مرض موت وقت تحرير عقد البيع المطعون فيه إذ كان يباشر أعماله ويحضر في
قضاياه بالمحاكم وقدمت تأييداً لذلك صورة من محضر جلسة 5 يناير سنة 1946 في القضية
رقم 6 سنة 67 بالمحكمة المختلطة وصورة من محضر جلسة 23 من مايو سنة 1946 في القضية
رقم 3020 سنة 1948 قضائية بالمحكمة المختلطة وثابت بهما حضور المورث عن بعض الخصوم
في هاتين الجلستين. فقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى - وفي 29 من مايو سنة 1949
قضت محكمة استئناف مصر بالتأييد.
ومن حيث إن الطعن بني على
سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
إذ أخذ في تعريف مرض الموت بما ورد في أسباب الحكم الابتدائي الذي أيده من أنه هو
المرض الذي يعجز صاحبه عن القيام بمصالحه خارج المنزل ويكون الغالب فيه موت المريض
على ألا تطول مدته لسنة أو أكثر مع أن هذا التعريف مرجوح والرأي الراجح هو أنه
المرض الذي يجتمع فيه وصفان أولهما أن يغلب فيه الهلاك عادة ويرجع في هذا إلى
الأطباء و ثانيهما أن يعقبه الموت مباشرة سواء أكان الموت بسببه أم بسبب آخر وقد
اجتمع هذان الوصفان في مرض المورث وأنه و إن كان مرضه قد طال إلى أنه لم يستمر على
حالة واحدة إذ اشتد وأخذ في الازدياد حتى مات به أما أنه جازف بالخروج في فترات
متقطعة لأداء بعض الأعمال والحضور في قضيتين أمام المحكمة المختلطة فإن ذلك على
فرض صحته - لا عبرة به إذ تصرف المورث بالبيع تحت تأثير المرض والشعور بدنو أجله
بدليل قرب تاريخ البيع من تاريخ الوفاة وتصرفه للمطعون عليها في كل ما يملكه.
ومن حيث إنه جاء بالحكم
أنه يستفاد من الشهادة المحررة من الدكتور أندريا تاجر أن المورث كان مصاباً
بالتهاب مزمن في أغشية الكلى مع تصلب شراييني عام و أن كلمة مزمن لا تنصرف بطبيعة
الحال إلا إلى حالة امتدت إلى بضع سنوات وأنه يضاف إلى ما تقدم من طول مدة المرض
وامتدادها إلى أكثر من عام أن هذا المرض لم يقعد المورث عن الاستمرار في عمله خارج
المنزل بدليل أنه حضر بمحكمة مصر المختلطة في يوم 6 مايو سنة 1946 وفي يوم 23 مايو
سنة 1946 في قضيتين كان موكلاً فيهما عن بعض الخصوم وقد صدر منه عقد بيع المنقولات
إلى المطعون عليها في تلك الفترة التي كان يقوم فيها بأعماله أي في الوقت الذي لا
تعتبر فيه حالته الصحية ميؤوساً منها، ولما كان ما أورده الحكم على ما سبق بيانه
يفيد أن المرض إذا استطال سنة فأكثر لا يعتبر مرض موت إلا إذا اشتدت وطأته وأعقبته
الوفاة ولا مخالفة في هذا للقانون، وكان استخلاص اشتداد وطأة المرض هو استخلاص
موضوعي وقد أقام الحكم قضاءه في نفى اشتداد المرض وقت صدور التصرف المطعون فيه على
أسباب سائغة، لما كان ذلك كذلك كان ما ينعاه عليه الطاعن في هذا السبب لا مبرر له
ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني على الحكم خطأه في تحصيل فهم الواقع الثابت من أوراق الدعوى وفساد
استدلاله إذ استند فيما استند إلى أسباب الحكم الابتدائي الذي استنتج مما ورد
بالشهادة المحررة من الدكتور أندريا تاجر من أنه عاد المورث في الفترة ما بين 6 من
مارس سنة 1946 و13 من إبريل سنة 1946 ثم انقطع عن زيارته له حتى 5 أغسطس سنة 1946
بأن المورث كان معافى سليماً وقت صدور العقد المطعون فيه إذ جاء به "فإن هذه
الشهادة تفيد أن الطبيب عاد أميل توتونجى في المدة بين 6 مارس سنة 1946 و13 إبريل
سنة 1946 ثم أنقطع عن زيارته له حتى 5 أغسطس سنة 1946 فيستفاد من ذلك أن الأستاذ
أميل كان في حالة لا تستدعى أن يعرض نفسه على طبيب في خلال المدة من 13 إبريل سنة
1946 حتى 5 أغسطس سنة 1946 أي أنه كان سليماً معافى في تلك المدة" مع أن ذلك
يتنافى مع ما ورد بالشهادة الطبية المذكورة من أن المورث كان مصاباً بالتهاب مزمن
في أغشية الكلى مع تصلب شراييني عام وتسمم بولي وقد سبب ذلك جميعاً موته مما لا
يستقيم معه هذا الاستنتاج.
ومن حيث إن هذا السبب
مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد أسباباً جديدة لقضائه استدل بها على أن مرض
المتصرف كان مرضاً مزمناً استطال لأكثر من سنة ولم تشتد وطأته وقت صدور التصرف
المطعون فيه وهى أسباب كافية لحمل قضائه فإذا قرر الحكم بعد ذلك أنه يأخذ بأسباب
الحكم الابتدائي فمفاد هذا بداهة أنه يأخذ بها فيما لم يصححه منها بأسبابه الجديدة
في ذات الخصوص ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من فساد في الاستنتاج إذ
اعتبر أن المتصرف قد برئ من مرضه وقت صدور التصرف منه مع تعارض هذا وما ورد
بالشهادة الطبية من أن مرضه كان مزمناً - يكون هذا النعي على غير أساس.
ومن حيث إنه لما تقدم
يكون الطعن على غير أساس ومتعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق