الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

الطعن 792 لسنة 33 ق جلسة 4 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 134 ص 747


جلسة 4 من نوفمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(134)
الطعن رقم 792 لسنة 33 القضائية

(أ، ب، جـ، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". إثبات. "شهود". محكمة الموضوع.
(أ) إغفال الحكم بيان مدى العاهة. لا يؤثر في سلامته، طالما أن المتهم لا يجادل فيما نقله الحكم عن التقرير الطبي من تخلف عاهة بالمجني عليه.
(ب) تناقض الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(جـ) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن. مرجعه إلى محكمة الموضوع. تقدره التقدير الذي تطمئن إليه. أخذها بشهادة شاهد يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. مثال.
(د) عدم التزام محكمة الموضوع بأن تبين نوع الآلة التي استعملت في الاعتداء. ما دامت قد استيقنت أن المتهم هو الذي أحدث إصابات المجني عليه. مثال.

----------------
1 - لا يؤثر في سلامة الحكم إغفاله بيان مدى العاهة طالما أن المتهم لا يجادل فيما نقله الحكم عن التقرير الطبي من تخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه.
2 - لا يعيب الحكم تناقض الشهود، ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه.
3 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن، مرجعه إلى محكمة الموضوع، تقدره التقدير الذي تطمئن إليه. ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في قضائها على أقوال المجني عليه وبعض أقاربه من شهود الواقعة ما دامت قد اطمأنت إليها، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي بهذا الشأن ما دام الرد مستفاداً دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تبين نوع الآلة التي استعملت في الاعتداء ما دامت قد استيقنت أن المتهم هو الذي أحدث إصابات المجني عليه. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في التسبيب - لإغفاله الإشارة إلى الآلة المستعملة في إحداث الإصابة - لا يكون له محل.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 7 يوليه سنة 1959 بدائرة مركز الزقازيق محافظة الشرقية: أولاً - المتهم الأول - ضرب منير محمد عبد المطلب بفأس على رأسه فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى بالجدارية اليسرى في مساحة 3 × 4 سم وفقد إبصار العين اليمنى. وثانياً: المتهم الثاني - أحدث عمداً بعبد الله عبد المطلب الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وادعى منير محمد عبد المطلب مدنياً بمبلغ 300 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم الأول. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً بتاريخ 6 يناير سنة 1962 عملاً بمادتي الاتهام: أولاً - بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالسجن ثلاث سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصروفات المدنية. ثانياً - بمعاقبة المتهم الثاني بغرامة قدرها عشرة جنيهات فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وبطلان في الحكم، ذلك أن محضر الجلسة وديباجة الحكم تضمنا وصفاً للتهمة المسندة إلى الطاعن بأنه ضرب المجني عليه بفأس على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى بالجدارية اليسرى في مساحة 3 × 4 سم وفقد إبصار العين اليمنى وهذا الوصف يختلف تماماً عن وصف الاتهام الثابت بأمر الإحالة إذ لم يتضمن أمر الإحالة فقد إبصار هذه العين ومن ثم كان لزاماً على المحكمة أن تنبه الطاعن والدفاع إلى هذه الإضافة في الوصف ولا يصحح هذا البطلان ما أوردته المحكمة في نهاية حكمها خاصاً بوصف التهمة من أنه ثبت لديها في حق الطاعن أنه أحدث عمداً بالمجني عليه الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى بالجداري الأيسر للمجني عليه دون أن تذكر شيئاً عن فقد إبصار العين اليمنى. ثم إن الحكم لم يورد النسبة المئوية للعاهة سواء في وصف التهمة الوارد بمحضر الجلسة أو ديباجة الحكم أو أسبابه في حين أن الثابت في أمر الإحالة أن نسبة العاهة 15% في الماية ولو كانت المحكمة أثبتت هذه النسبة في حكمها لأمكن تصور تغيير وجه الرأي سواء بالنسبة للثبوت أو العقوبة، كما أن في عدم إيراد النسبة المئوية للعاهة ما يدل على عدم اطلاع المحكمة على أمر الإحالة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه في حوالي السابعة الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم 7/ 7/ 1959 شجرت منازعة بين منير محمد عبد المطلب - المجني عليه - وشقيقه عبد الله محمد عبد المطلب من جانب وبين عبد العظيم أحمد منصور - الطاعن - وعبد الحميد السيد العياط من جانب آخر بشأن الخلاف على ري أرض من ساقية يملك حق الانتفاع بها الأخوان مشاركة مع الطاعن ولما فرغ الأخير من ري أرضه، وقبل أن يباشر الأخوان ري أرضهما لاحظا أن مياه الساقية تجرى في أرض عبد الحميد السيد العياط الذي لا يحق له استخدام الساقية ونشب الخلاف لهذا السبب ووقف كل من الطرفين عند رأيه وأدى الخلاف إلى تضارب الفريقين وأسفر التضارب عن إصابة المجني عليه منير محمد عبد المطلب في رأسه إصابة اقتضت إجراء عملية تربنه وتخلف عنها آخر الأمر عاهة رفعت الدعوى بها بعد التحقيق ضد الطاعن بوصفه محدثها، وعن إصابة عبد الله محمد عبد المطلب بإصابات اقتضى علاجه منها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً رفعت الدعوى بها ضد المتهم الثاني عبد الحميد السيد العياط. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المجني عليه وشقيقه وزوجته وإلى أقوال أحمد محمد عبد النبي وإلى التقريرين الطبيين الموقعين على المجني عليه، وبعد أن أورد الحكم أقوال شهود الواقعة، حصل التقريرين الطبيين في قوله "وتضمن تقرير الكشف الواقع على منير محمد عبد المطلب أنه نقل إلى المستشفى الأميري في بلبيس مصاباً بجرح رضي بالجداري والصدغية اليسرى طوله 4 سم وباستكشاف الجرح وجد تحته كسر منخسف مضاعف بعظم الجداري الصدغية اليسرى وأجريت له عملية تربنه ورفع من العظام في موضع الجرح ما مساحته 3 × 4 سم والإصابة جائزة من أي جسم صلب راض كالعصا أو ما يشبهها ولم ير الطبيب الشرعي حالة هذا المصاب نهائية إلا يوم كشف عليه في 11/ 12/ 1960 إذ خلص يومها إلى أن إصابة رأسه أسفرت بأنه تخلف عنها عاهة مستديمة نتيجة للفقد العظمى الكامل من عظام الجدارية اليسرى في مساحة دائرة تقريباً قطرها 4 × 4 سم لا ينتظر أن تملأ بالعظام بل بنسيج ليفي بما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة محتملة لا يمكن تقدير مداها إلا تقريباً للأذهان بنحو 15%" وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات وبوصف أنه "أحدث عمداً بمنير محمد عبد المطلب الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى بالجداري الأيسر للمجني عليه". لما كان ذلك، وكان يبين من محضر الجلسة وديباجة الحكم أنه أثبت وصف التهمة المسندة للطاعن بأنه "ضرب منير محمد عبد المطلب بفأس على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظمى بالجدارية اليسرى في مساحة 3 × 4 سم وفقد إبصار العين اليمنى" لما كان ذلك، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه قد خلت - في جميع أجزائها - من الإشارة إلى إصابة المجني عليه في عينه اليمنى أو إلى فقد إبصارها وكان وصف التهمة التي دان الحكم الطاعن بها وأوقع عليه عقوبتها يتفق مع الوصف الثابت بأمر الإحالة وفقاً لما أورده الطاعن في وجه الطعن مما يشير بوضوح إلى أن ما أدرج بنهاية وصف التهمة في محضر جلسة المحاكمة وديباجة الحكم من فقد إبصار العين اليمنى لا يعدو أن يكون خطأ مادياً في التحرير غير مقصود من المحكمة ولم يترتب عليه أي أثر في الحكم الأمر الذي لا يصح معه القول بأنه حصل تعديل في وصف التهمة يستلزم تنبيه الطاعن أو المدافع عنه. لما كان ذلك، وكان إغفال الحكم بيان مدى العاهة لا يؤثر في سلامته طالما أن الطاعن لا يجادل فيما نقله الحكم عن التقرير الطبي من تخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه هي فقد جزء من عظام الجدارية اليسرى ومع ذلك فقد أورد الحكم بيان النسبة المئوية المقدرة للعاهة فيما حصله من التقرير الطبي الشرعي أما القول بأن المحكمة لم تطلع على قرار الإحالة فمردود بما هو ثابت بديباجة الحكم من سماع المحكمة لأمر الإحالة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين لا يكون له محل.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الثالث من الطعن القصور في التسبيب، ذلك أن المحكمة لم ترد في أسباب حكمها على دفاع الطاعن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة من تجريح للمجني عليه ولشهود الإثبات وهم من أقاربه ومن تضاربهم في أقوالهم وتناقضهم في تحديد الآلة المستعملة في الاعتداء مكتفية بقولها إنها لا تلتفت إلى إنكار المتهم مما يعيب الحكم.
وحيث عن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة بالمجني عليه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود والتقريرين الطبيين الموقعين على المجني عليه، وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه. ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في قضائها على أقوال المجني عليه وبعض أقاربه من شهود الواقعة ما دامت قد اطمأنت إليها، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي بهذا الشأن إذ الرد مستفاد دلاله من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها، أما ما يثيره الطاعن بشأن تناقض الشهود فإنه - بفرض وقوعه - لا يعيب الحكم ما دام قد أورد أقوالهم بما لا تناقض فيه، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الوجه لا يكون سديداً.
وحيث إن مبنى الوجهين الرابع والخامس من الطعن هو التناقض والقصور في التسبيب، ذلك أنه يبين من سرد المحكمة لواقعة الدعوى على لسان المجني عليه أن التعدي إنما وقع أصلاً من المجني عليه على المتهم الآخر بمحاولته حل الدابة التي كانت معلقة بالساقية ومع ذلك استخلص الحكم منها إدانة الطاعن. كما أن الحكم لم يشر في أسبابه إلى الآلة المستعملة في إحداث الإصابة رغم تضارب الشهود بشأنها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى حصل أقوال المجني عليه في قوله "شهد منير محمد عبد المطلب بأنه وأخاه عبد الله يشاركان المتهم الأول في ملكية ساقية وكان المذكور يديرها يروى بها أرضه وظل هو وأخوه في انتظار الفراغ من ذلك ليأتي دورهما لكنهما فوجئا بعد ظهر يوم الحادث بالماء يتحول - والساقية مداره - إلى أرض من لا حق له وهو المتهم الثاني الذي يربطه بالأول صلة مصاهرة. وإذ كان هذا تحيفاً من حقهما فقدهما بأن يجعلا بهيمتهما تعلق بالساقية مع فك بهيمة المتهم الأول تمهيداً لأن يرويا أرضهما ولم يرق ذاك المتهمان فبادر المتهم الأول بضربه بفأس في رأسه حال تشاغله مع ابن المتهم الثاني في تماسك ومن ثم سقط على الأرض متأثراً بإصابته" لما كان ذلك، وكان مفاد ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه أنه هم مع شقيقه بحل الدابة من الساقية بعد أن فرغ الطاعن من ري أرضه وبعد أن شاهد مياه الساقية تتحول إلى أرض المتهم الآخر الذي لا يحق له الانتفاع بها فاعتدى الطاعن على المجني عليه بالضرب على رأسه بفأس وهو ما يتفق وما استخلصه الحكم منها من نسبة التعدي إلى الطاعن وما لا يتعارض مع ما أورده الحكم عن واقعة الدعوى مما ينفى عن الحكم قالة التناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تبين نوع الآلة التي استعملت في الاعتداء ما دامت قد استيقنت أن الطاعن هو الذي أحدث إصابات المجني عليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق