الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 يوليو 2020

الطعن 104 لسنة 33 ق جلسة 31 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 189 ص 1033


جلسة 31 من ديسمبر سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(189)
الطعن رقم 104 لسنة 33 القضائية

(أ) بلاغ كاذب. قصد جنائي. محكمة الموضوع. جريمة.
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. شروط توافره: إقدام المبلغ على التبليغ مع علمه بكذب الوقائع المبلغ عنها وبراءة المبلغ ضده مما ينسبه إليه، وأن يكون ذلك بنية الإضرار به. تقدير توافر هذا الركن من شأن محكمة الموضوع.
(ب) توكيل. محكمة الموضوع.
تفسير سند التوكيل وتعرف حدوده وحقيقة معناه. من سلطة محكمة الموضوع.
(ج، د، هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) الدليل في المواد الجنائية. لا يشترط أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها. يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج.
(د) إيراد الحكم الاستئنافي أسباباً جديدة لقضائه وتقريره الأخذ بأسباب الحكم المستأنف كأسباب مكملة لحكمه. مفاده. أنه يأخذ بها فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أنشأها لنفسه.
(هـ) البيان المعمول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع.

--------------
1 - يجب لتوفر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ قد أقدم على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي أبلغ عنها مكذوبة وأن الشخص المبلغ في حقه برئ مما نسب إليه وأن يكون ذلك بنية الإضرار به، وتقدير توافر هذا الركن من شأن محكمة الموضوع التي لها الحق المطلق في استظهاره من الوقائع المعروضة عليها.
2 - تفسير سند التوكيل وتعرف حدوده وحقيقة معناه من سلطة محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه ما دامت عبارته وسائر ما استعانت به المحكمة في تفسيرها له وما كونت به اقتناعها يؤدى إلى ما انتهت إليه وله مأخذ صحيح من الأوراق.
3 - لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
4 - من المقرر أنه إذا كان الحكم الاستئنافي قد أورد أسباباً جديدة لقضائه فإنه إذ قرر بعد ذلك أن يأخذ بأسباب الحكم المستأنف كأسباب مكملة لحكمه فإن ذلك يكون مفاده أنه يأخذ بها فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أنشأها لنفسه.
5 - البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع.


الوقائع
أقام المدعى بالحق المدني الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة السيدة زينب الجزئية ضد الطاعن بصحيفة قال فيها إنه بتاريخ 12، 14 نوفمبر سنة 1960 بدائرة قسم السيدة زينب ارتكب الطاعن الأفعال الواردة بعريضة الدعوى (هي واقعتي القذف والبلاغ الكاذب) وطلبت عقابه بالمواد 171، 302، 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. وأثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة قدم المتهم طلباً بتوجيه تهمة الجنحة المباشرة إلى المدعى لأنه قذف في حقه وسبه علناً وطلب إلزامه بدفع مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. كما دفع الحاضر مع المدعى المدني (أولاً) بعدم قبول حضور محامى المتهم في الجلسة بدلاً عنه. (ثانياً) بعدم قبول دفاع محامى المتهم لأنه لم يحصل على تصريح من النقابة، ثم قضت بتاريخ 12 يونيه سنة 1961 حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام: أولاً - عدم قبول الدعوى المقامة من المتهم ضد المدعى المدني لرفعها بغير الطريق القانوني. وثانياً - عدم قبول كل من الأستاذين صفى الدين سالم وصلاح عبد السلام المحاميين محاميين في الدعوى. وثالثاً - حبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات للإيقاف وألزمته بأن يدفع للمدعى بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد مؤقتاً والمصروفات وخمسة جنيهات أتعاب محاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 20 يناير سنة 1961 عملاً بالمواد 302، 303، 305، 308 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع: أولاً - ببراءة المتهم من تهمة القذف المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية عنها. ثانياً - بتعديل الحكم المستأنف عن تهمة البلاغ الكاذب وتغريم المتهم 50 ج عنها. وثالثاً - بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للدعوى المدنية عنها وإلزام المتهم المصاريف الاستئنافية المدنية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بأنه أبلغ كذبا ضد المطعون ضده بأنه باشر قضاياً باسمه دون علمه وبغير تكليف منه واستند في إثبات علم الطاعن بكذب البلاغ إلى أن ثمة توكيلاً صادراً منه إلى المطعون ضده يبيح له ذلك وأن هذا التوكيل ظل معمولاً به ولم يلغ بوجه رسمي فضلاً عن عدم اعتراضه على حضور المطعون ضده في تلك القضاياً حتى سنة 1960 مع علمه بها وهو ما يستفاد من إعلانه بها مخاطبا مع أهل بيته وفقاً للقانون مع أن هذين السببين لا يؤديان إلى ما رتبه الحكم عليهما من ثبوت علم الطاعن بكذب البلاغ ذلك أن التوكيل الصادر منه للمطعون ضده لم يكن سوى توكيل خاص بقضية معينة صدر في سنة 1953 وانقضى بانتهاء تلك القضية. وهذا التوكيل خلافاً للتوكيل العام لا يتطلب إجراءاً رسمياً من الطاعن لإلغائه لأنه غير مشهر ولا أصل له في مصلحة الشهر العقاري، وقد تمسك الطاعن بذلك في جميع مراحل الدعوى وقدم إلى المحكمة شهادة رسمية من مصلحة الشهر العقاري تفيد أنه لا يوجد توكيل رسمي بالرقم الذي يحمله هذا التوكيل. ولكن المحكمة أخذت بقول المطعون ضده من أن هذا التوكيل هو توكيل عام. دون أن تحقق دفاع الطاعن أو تثبت اطلاعها على التوكيل لتتعرف حقيقته. كما أن افتراض علم الطاعن بقيام هذه الدعاوى من مجرد إعلانه بها في غيبته مخاطباً مع أهل بيته طبقاً لأحكام قانون المرافعات يخالف قواعد الإثبات في القانون الجنائي حيث يتعين ثبوت هذا العلم على وجه اليقين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المدعى بالحق المدني (المطعون ضده) أقامها بصحيفة مباشرة تضمنت أن الطاعن شقيقه كانت تربطهما علاقة المودة والقربى إلا أنه قد أخذ يغتال أموال الأسرة كلها ويفتأت على حقوق شقيقاته إلى أن استقر النزاع في المحاكم فلما أن تدخل منصفاً شقيقاته وأدلى بشهادة لصالحهم في 2/ 11/ 1960 أغضبه ذلك فسارع بتاريخ 14/ 11/ 1960 فأرسل برقية في حقه إلى النائب العام بين فيها أنه استغل اسمه في رفع دعاوى كيدية ضد إحدى الراقصات بغير علمه وبأنه قد زور عليه عقداً وأن هذه الشكوى قد حققت بواسطة النيابة العامة وثبت كذبها فحفظتها إلا أن المتهم (الطاعن) سار في تبليغه وغيه بأن استأنف أمر الحفظ هذا الذي أيدته غرفة الاتهام وأنه لما كان تبليغه هذا كان عن فعل يستوجب معاقبته جنائياً وقد ثبت كذبه مما يجعله قد اقترف تهمة البلاغ الكاذب كما اقترف واقعة السب في حقه فقد أقام هذه الدعوى ضده..." واستند الحكم في إدانة الطاعن بجريمة البلاغ الكاذب إلى صور التحقيقات المقدمة في الدعوى وإلى صورة أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة والقرار الصادر من غرفة الاتهام بتأييد الأمر المذكور. وبعد أن عرض الحكم إلى دفاع كل من الطرفين قال "إنه بالترتيب على ما تقدم. ولما كان المتهم قد قام بالإبلاغ في حق المدعى المدني بأنه قد حضر عنه في عديد من القضايا دون توكيل وكان هذا الإبلاغ غير صحيح وقد ثبت كذبه لدى هذه المحكمة كما ثبت كذبه من قبل لدى غرفة الاتهام بما ثبت من قيام توكيل للمدعى المدني يبيح له الحضور عنه ولم يثبت المتهم إلغاؤه فإن جريمة البلاغ عن أمر كاذب تقوم في حقه ولا يعفى من العقوبة كون البلاغ لم يثبت كذبه إلا في هذه الواقعة دون غيرها من وقائع متعلقة بالاتهام بالتزوير، ذلك أن جريمة البلاغ الكاذب تقوم بثبوت كذب بعض الوقائع التي يتضمنها البلاغ متى توافرت الأركان الأخرى للجريمة كما أنه لا يشترط في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون كله مكذوباً بل يكفى أن تمسخ فيه الوقائع كلها أو بعضها مسخاً يؤدى إلى الإيقاع بالمبلغ ضده....." ثم تبنى الحكم المطعون فيه ما أورده الحكم المستأنف عن كذب البلاغ بما قاله عن صدور هذا التوكيل للمطعون ضده وأنه كان قائماً حتى تاريخ الشكوى وأن الطاعن كان على علم يقيني بتلك الدعاوى التي باشرها المطعون ضده بمقتضى حقه الذي خوله له التوكيل وأنه ليس أدل على هذا العلم من أنه أعلن أكثر من مرة وفى أكثر من دعوى. كما هو ثابت من المستندات بمسكنه مخاطباً مع زوجته ثم مع ابنه وهما يقيمان معه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم أن الحكم المطعون فيه بما أنشأه لنفسه من أسباب وما أخذ به من أسباب حكم محكمة أول درجة قد استند في إثبات كذب الواقعة التي حصل التبليغ من الطاعن عنها. إلى أن ثمة توكيلاً عاماً صدر من الطاعن إلى المطعون ضده يخوله حق رفع القضاياً المنوه عنها في البلاغ والحضور فيها وأن هذا التوكيل ظل قائماً منتجاً لآثاره حتى تقديم تلك الشكوى. وكان يبين من الاطلاع على هذا التوكيل المرفق بالطعن رقم 2193 سنة 32 ق المنظور مع هذا الطعن بين نفس الخصوم وقرار غرفة الاتهام المطعون عليه فيه والمتضمن تأييده لأمر الحفظ الصادر من النيابة في شكوى الطاعن ضد المطعون ضده في هذا الصدد أن الغرفة انتهت بحق بعد اطلاعها على هذا التوكيل أنه توكيل عام وليس توكيلاً خاصاً بقضية معينة خلافاً لما ذهب إليه الطاعن وكان البحث في كذب البلاغ وتفسير سند التوكيل وتعرف حدوده وحقيقة معناه من سلطة محكمة الموضوع ولا معقب عليها فيه ما دامت عبارته وسائر ما استعانت به المحكمة في تفسيرها له وما كونت به اقتناعها يؤدى إلى ما انتهت إليه وله مأخذ صحيح من الأوراق لما كان ذلك، وكان اتخاذ الحكم من إعلان الطاعن مخاطباً مع أهل بيته المقيمين معه قرينة على علمه بالدعاوى المرفوعة باسمه سائغاً في استخلاص هذا العلم. لما هو مقرر من أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما تكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات وكان الحكم لم يقتصر على هذه القرينة في استخلاص علم الطاعن بالدعاوى المرفوعة باسمه بل عززها بما قاله عن تقديم المطعون ضده مستندات خاصة بهذه القضايا وأنها ما كانت تصل إلى يده إلا عن طريق الطاعن وهو ما لم يجحده الأخير. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم استند في إثبات ركن القصد الجنائي لجريمة البلاغ الكاذب بعنصرية وهما العلم بكذب البلاغ وسوء القصد إلى أن الطاعن كان راضياً عن حضور المدعى المدني في قضاياه ولم يلجأ إلى الإبلاغ ضده إلا بعد حصول النزاع بينهما وبعد أن أدلى المدعى المدني بالشهادة ضده لمصلحة شقيقاته في دعوى الحجر المرفوعة منه ضد والدته مع أن الثابت من الأوراق أن دعوى الحجر لم ترفع من الطاعن بل رفعت من شقيقاته كما أن إبلاغ الطاعن كان في يوم 12/ 11/ 1960 الذي تمت فيه الشهادة في تلك الدعوى بنيابة المنصورة للأحوال الشخصية ولم يكن تالياً لهذه الشهادة وقد تمسك بذلك في مذكرته المقدمة للمحكمة الاستئنافية رداً على ما أورده المدعى بالحق المدني في مذكرته من أن البلاغ كان في يوم 14/ 11/ 1960 بعد تأدية هذه الشهادة في طلب الحجر وقال الطاعن إن مقطع النزاع في هذا الأمر هو أصل البرقية المرسلة منه والمرفقة بالشكوى ولكن المحكمة أخذت بادعاء المدعى المدني من أن البلاغ كان تالياً على الشهادة دون أن تبين تاريخ البلاغ وتاريخ الشهادة ودون الرد على دفاع الطاعن في هذا الصدد مع أنه دفاع جوهري.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن وعلى أصل البرقية ثم على الصورة الرسمية لمحضر تحقيق نيابة المنصورة في القضية 8 ب سنة 1956 عن طلب الحجر المرفوع من شقيقات الطاعن ضد والدتهن والمقدمة من المطعون ضده أن الطاعن أرسل شكواه إلى النائب العام بالبرقية رقم 198 من مكتب تلغراف مجلس الأمة بتاريخ 12/ 11/ 1960 في الساعة الثامنة وخمس دقائق مساء وتبين من الختم الثابت على البرقية أنها صدرت في يوم 13/ 11/ 1960 ثم تأشر عليها في 14/ 11/ 1960 بإرسالها إلى نيابة جنوب القاهرة وقد سئل المطعون ضده في تحقيق طلب الحجر في يوم 12/ 11/ 1960 كما يبين من الحكم الابتدائي أنه إذ دلل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن قال "إن المتهم حين أبلغ ضد المدعى بالحق المدني كان يعلم مقدماً بكذب البلاغ وعدم صحة الوقائع التي أبلغ عنها بدليل التوكيل الصادر منه للمدعى بالحق المدني وما ثبت من علمه بجميع القضايا التي باشرها المدعى بالحق المدني نيابة عنه وقد قصد الإساءة إليه والتشهير به فقد ثبت أن المدعى شهد ضد المتهم في 12/ 11/ 1960 وأنه أبلغ ضده بتاريخ 14/11/ 1960 مما يدل دلالة قاطعة على أن هذا الإبلاغ كان انتقاماً للشهادة سالفة الذكر". وقد أخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب وعرض بدوره إلى صدور التوكيل العام من الطاعن وعلمه بالقضايا المرفوعة باسمه وكذب الوقائع التي أبلغ عنها وأضاف إلى أسباب الحكم الابتدائي "أن المتهم كان راضياً عن حضور المدعى المدني عنه ولم يبلغ ضده إلا بعد أن استمر أوار النزاع بينهما بعد أن أدلى بالشهادة ضده لمصلحة إخوته في دعوى الحجر...." ثم استطرد فقال "إن سوء قصد المتهم قائم من تبليغه بعد حفظ الشكوى من النيابة بإقامة استئناف عن قرار الحفظ وللأسباب التي سردها الحكم الابتدائي في خصوص قيام أركان الجريمة". ولما كان يجب لتوفر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ قد أقدم على التبليغ مع علمه بأن الوقائع التي بلغ عنها مكذوبة وأن الشخص المبلغ في حقه برئ مما نسب إليه وأن يكون ذلك بنية الإضرار بالمبلغ ضده وتقدير توافر هذا الركن من شأن محكمة الموضوع التي لها الحق المطلق في استظهاره من الوقائع المعروضة عليها. وكان من المقرر أنه إذا كان الحكم الاستئنافي قد أورد أسباباً جديدة لقضائه فإنه إذا قرر بعد ذلك أن يأخذ بأسباب الحكم المستأنف كأسباب مكملة لحكمه فإن ذلك يكون مفاده أنه يأخذ بها فيما لا يتعارض مع الأسباب التي أنشأها لنفسه. لما كان ذلك، وكان الجزء المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدو فيه اقتناع القاضي دون غيره من الأجزاء الخارجة عن سياق هذا الاقتناع. ومتى كان الحكم المطعون فيه قد بنى اقتناعه بتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن على ما تبينه من الوقائع المطروحة على بساط البحث مع علمه بكذب الوقائع التي أبلغ عنها لرضائه عن الدعاوى المرفوعة باسمه ومن إقدامه على التبليغ وهو عالم بكذب تلك الوقائع إثر قيام النزاع بينه وبين المطعون ضده وأن هذا التبليغ كان تالياً لشهادة الأخير لصالح شقيقاته في دعوى الحجز فإنه لا يعيب الحكم ما استطرد إليه سهوا نقلاً عن أقوال المطعون ضده من أن تاريخ البرقية هو 14/ 11/ 1960 متأثراً بتاريخ إرسالها للنيابة المختصة ولا جدوى للطاعن من إثارة هذا الجدل الموضوعي ما دام أن ما استقر في عقيدة المحكمة وعولت عليه في قضائها هو أن الطاعن قد أرسل تلك البرقية بعد إدلاء المطعون ضده بالشهادة في طلب الحجر وهو ما له مأخذ صحيح من الأوراق. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق