الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يوليو 2020

الطعن 489 لسنة 30 ق جلسة 30 / 6 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 139 ص 883

جلسة 30 من يونيه سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل, وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.
-----------------
(139)
الطعن رقم 489 لسنة 30 القضائية
(أ ) حكم. "تسبيب الأحكام".
مغايرة دعامة الحكم الابتدائي لدعامة الحكم المطعون فيه. عدم اندماج أسباب الحكم الأول ضمن أسباب الحكم المطعون فيه ولو انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي في منطوقه وما لا يتعارض من أسبابه.
(ب) استئناف. "نطاق الاستئناف". "استئناف فرعي".
على محكمة الاستئناف الفصل في كافة الأوجه التي تمسك بها المستأنف عليه أمام محكمة الدرجة الأولى سواء ما أغفلت الفصل فيه أو ما قضت فيه بغير مصلحته دون حاجة لرفع استئناف فرعي متى حكم لمصلحته في الدعوى ولم يثبت تنازله عن تلك الأوجه. طلب تأييد الحكم المستأنف لا يعد تنازلاً عن أوجه الدفاع التي لم يأخذ بها الحكم الابتدائي.
(ج) محكمة الموضوع. عقد. "تفسير العقد".
سلطة محكمة الموضوع في تفسير صيغة العقود والشروط المختلف عليها. لا رقابة عليها من محكمة النقض متى كانت تلك الصيغ والشروط تحمل المعنى الذي حصلته.
----------------
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه وإن انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي قد صرح بأنه يأخذ بأسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض مع أسبابه هو وكان الحكم المطعون فيه قد أقيم على دعامة تختلف عن الدعامة التي أقيم عليها الحكم الابتدائي فإن الطعن الموجه إلى دعامة الحكم الابتدائي التي لم يأخذ بها الحكم المطعون فيه لا يكون مقبولاً.
2 - على محكمة الاستئناف طبقاً للمادة 410 من قانون المرافعات أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة الدرجة الأولى سواء في ذلك الأوجه التي تكون تلك المحكمة قد أغفلت الفصل فيها أو تلك التي تكون قد قضت فيها لغير مصلحته وذلك دون حاجة لرفع استئناف فرعي ما دام أن المحكمة قد انتهت إلى الحكم لمصلحته في الدعوى ولم يثبت أنه قد تنازل عن تلك الأوجه ولا يعد طلب المستأنف عليه تأييد الحكم المستأنف لأسبابه تنازلاً منه عن باقي أوجه دفاعه التي لم يأخذ بها الحكم الابتدائي.
3 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه هي أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها ما دامت تلك الصيغة والشروط تحمل المعنى الذي حصلته.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضده رفع على الطاعن الدعوى رقم 9 لسنة 1958 أمام محكمة المنصورة الابتدائية طالباً الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 75133 ج و339 م قائلاً في تبيان دعواه إن الطاعن كان يعمل لديه كوكيل لدائرته مدة عشر سنوات تقريباً وأنه بحكم عمله هذا كان يقوم بقبض وصرف المبالغ الخاصة بشئون الدائرة وقد وضع لذلك نظاماً حسابياً غير سليم ينم عما انطوت عليه نفسه من اختلاس أمواله وهو ما لم يتبينه المطعون ضده إلا بعد أن عهد إلى خبير حسابي بفحص الدفاتر الموقع عليها من الطاعن ومطابقتها بمستندات الصرف فقد اتضح لهذا الخبير أن كثيراً من المصروفات غير مؤيد بالمستندات وأن بعض صفحات المصروفات مكررة القيد وأن مصروفات دفعت قيمتها من المطعون ضده أضيفت على المصروفات خصماً من عهدة الطاعن دون تعليتها على الإيرادات - وقد أسفر ذلك كله عن انشغال ذمة الطاعن بالمبلغ المطالب به، دفع الطاعن الدعوى بأن المطعون ضده عهد إلى خبير بتصفية الحساب بينهما وقد كشفت هذه التصفية عن مديونية المطعون ضده له بمبلغ خمسمائة جنيه وذلك على ما هو ثابت من إقرار المطعون ضده في الخطاب المؤرخ 26 من يونيو سنة 1956 والموجه منه إلى الطاعن والذي جرى نصه كالآتي: "السيد عبد الحميد خضر يوسف - بعد التحية - حيث إنه قد تمت المحاسبة النهائية بيننا وظهر لكم مبلغ خمسمائة جنيه مصري لا غير كمتأخر مرتب حتى آخر يونيو سنة 1956 فعلى ذلك يكون أي إيصال يظهر بعد ذلك سواء كان بطرفكم أو بطرفنا لا يعتد به ويعتبر كأن لم يكن كما صرحنا لكم باستقطاع مبلغ الخمسمائة جنيه متأخر المرتب السالف الذكر والمستحق لكم بعد تصفية الحساب بيننا حتى تاريخه من المبلغ الذي سيصرف من الإصلاح الزراعي والمتبقي لنا من ثمن الطوب المورد إلى بلدة درين الجديدة..." وفي 18 من مارس سنة 1959 قضت محكمة المنصورة الابتدائية قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكومي بالدقهلية ليعهد إلى أحد خبرائه الحسابيين بالاطلاع على دفاتر دائرة المدعي (المطعون ضده) ومراجعتها وتصفية الحساب بين المدعي ووكيله المدعى عليه (الطاعن) من واقع الحسابات المثبتة بهذه الدفاتر وذلك في المدة من سنة 1948 حتى 25 من أكتوبر سنة 1956 تاريخ عزله (الطاعن) مقيمة قضاءها على أن المخالصة المقدمة من الطاعن والمحررة في صورة الخطاب المشار إليه إنما حررت بصيغة مجملة مبهمة إذ لم يرد بها أي بيان عن الإيرادات والمصروفات ومثل هذه المخالصة لا تبرئ ذمة الطاعن ولا تمنع المطعون ضده من مطالبة وكيله بتقديم الحساب. استأنف الطاعن هذا الحكم وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1960 قضت محكمة استئناف المنصورة بتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها على أن المخالصة المشار إليها وإن تضمنت أن محاسبة نهائية قد تمت بين الطرفين إلا أنه يستفاد من مجموع عبارتها أنها متعلقة بتصفية المرتب فقط - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن المخالصة لا تعتبر حجة على المطعون ضده وبالتالي فلا تمنع من إلزام الطاعن بتقديم الحساب وذلك تأسيساً على ما استخلصه من عبارتها من أنها جاءت مرسلة لا تدل على أنها كانت نتيجة حساب تفصيلي اطلع عليه من أصدرها ويرى الطاعن أن هذا الذي استند إليه الحكم غير صحيح ذلك أن الثابت بالشكوى الإدارية رقم 1239 سنة 1957 إداري طلخا والتي كان قد قدمها المطعون ضده إلى النيابة العامة متهماً الطاعن باختلاس أمواله أن المطعون ضده قرر فيها عند سؤاله أنه قام بمحاسبة الطاعن عدة مرات أثناء وكالته بوساطة الخبير الحسابي وليم السندي وأنه اعتمد التقرير الذي قدمه ذلك الخبير واستلم الدفاتر والمستندات بعد المحاسبة وأنه حرر المخالصة المشار إليها في منزله بالقاهرة بتاريخ 26 من يونيه سنة 1959 أي بعد اعتماده الحساب بستة أشهر فإذا ما جاء الحكم الابتدائي وألزم الطاعن بتقديم الحساب لفحصه من جديد فإنه يكون قد خالف القانون. كما أنه - قد خالف الثابت في الدعوى حين قرر أنه لم يثبت أن الحساب روجع وفحص وأن المستندات تؤيد ما جاء به من أرقام - أما قول الحكم بأن ما جاء بالشكوى الإدارية على لسان المطعون ضده لا يعتبر إقراراً منه باعتماد الحساب مانعاً من المطالبة بإعادة فحصه فإنه قول مشوب بالقصور إذ لم يبين الحكم الأسباب التي استند إليها في ذلك - هذا إلى أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده بعد فحص الحساب وقبل تحرير المخالصة كان على بينة من عيوب القيد الموجودة بكشوف الحساب ومما كشف عنه هذا الحساب من خسارة ومن ثم فإن تحرير المخالصة بعد هذا العلم يعتبر من المطعون ضده إبراء للطاعن من التزامه بتقديم الحساب ينقضي به هذا الالتزام فإذا ما جاء الحكم المطعون فيه وألزمه بتقديم الحساب فإنه يكون مخالفاً لحكم المادة 371 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي أقيم على دعامة حاصلها أن المخالصة المشار إليها كانت خاصة بحساب الطاعن عن إدارته لأموال المطعون ضده وأنه إذ كانت تلك المخالصة من الإبهام والإجمال ومن عدم اشتمالها على بيان الإيرادات والمصروفات فإنها لا تعتبر مبرئة لذمة الطاعن وبالتالي لا تعتبر مانعة من إلزامه بتقديم الحساب عن تلك الإدارة - أما الحكم المطعون فيه فقد أقيم على دعامة مختلفة حاصلها أن تلك المخالصة لا صلة لها بإدارة أموال المطعون ضده وإنما هي خاصة بنتيجة تصفية مرتب الطاعن فحسب - ومتى كان ذلك، فإن ما ورد بهذا النعي يكون موجهاً إلى ما ورد في الحكم الابتدائي مما لم يأخذ به الحكم المطعون فيه وبالتالي يكون غير مقبول، ولا يغير من ذلك أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي إذ أن هذا التأييد - على ما صرح به الحكم المطعون فيه في أسبابه - قد انصب على منطوق الحكم الابتدائي وعلى أسبابه التي لا تتعارض مع أسبابه هو ولما كانت دعامة الحكم الابتدائي على النحو السابق تخالف دعامة الحكم المطعون فيه فإن أسبابه بالتالي لا تكون مندمجة ضمن أسباب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون ضده حين أقام هذه الدعوى أشار في صحيفتها إلى المخالصة - حيث توقع تقديمها من الطاعن - ووصفها بأنها مخالصة جزافية ثم عدل عن هذا الوصف بعد ذلك في إحدى مذكراته وقرر بأن المخالصة خاصة بالمرتب فقط فأنكر الطاعن عليه هذا القول لمخالفته لإقراره الوارد بصحيفة الدعوى - وإذ انتهى الحكم الابتدائي في قضائه بأن المخالصة لا تعتبر حجة على المطعون ضده ولا تسقط حقه في تعيين خبير لفحص الحساب فإن هذا يعتبر قضاء صريحاً باستبعاد دفاع المطعون ضده المتضمن أن المخالصة خاصة بالمرتب فقط - ولما كان المطعون ضده قد اقتصر في طلباته أمام محكمة الاستئناف - كما يبين من الحكم المطعون فيه - على طلب تأييد الحكم المستأنف مستنداً إلى أن الطاعن كان وكيلاً عنه وأنه كان يمسك دفتر يومية كشف المطعون ضده تلاعباً فيه فأصر الطاعن على الحصول على المخالصة فإن مثل هذا الطلب من المطعون ضده يعتبر قبولاً صريحاً لقضاء محكمة الدرجة الأولى باستبعاد دفاعه المتضمن أن المخالصة مقصورة على المرتب فإذا ما جاء الحكم المطعون فيه وأخذ بهذا الدفاع فإنه يكون قد خالف حجية الأمر المقضي وخرج على الواقعة والوصف اللذين ارتضاهما المطعون ضده أساساً لدعواه - وإذ خلا الحكم المطعون فيه من بيان أسباب ترجيحه لقول للمطعون ضده على باقي أقواله واقتصر على التقرير بأن ما انتهى إليه مستفاد من مجموع عبارات المخالصة فإن هذا التقرير علاوة على أنه ليس مستساغاً فإنه ليس من التفصيل بحيث يسمح لمحكمة النقض بإعمال سلطتها في مراقبة قضائه على أن الحكم أراد أن يدعم قضاءه في هذا الخصوص فقرر أن الخبير المحاسب أبدى بعض الملاحظات عن الخطأ في الحساب من حيث الصرف والخطأ في الدفاتر وأن الطاعن قد أقر بصحة ما أبداه الخبير ومثل هذا التقرير من الحكم يتوجه إلى مخالصة عن حساب لا مخالصة عن مرتب ومن ثم فقد دعم الحكم وجهة نظره بما لا يتصل بها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه ما دام أن المطعون ضده قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى بأن المخالصة خاصة بنتيجة تصفية المرتب وحده فإن قضاء تلك المحكمة لصالحه على أساس آخر لا يمنع محكمة الاستئناف إذا ما استأنف الخصم هذا الحكم من الأخذ بدفاع المطعون ضده السابق والقضاء في الدعوى على أساسه ذلك أن على محكمة الاستئناف طبقاً للمادة 410 من قانون المرافعات أن تفصل في كافة الأوجه التي يكون المستأنف عليه قد تمسك بها أمام محكمة الدرجة الأولى سواء في ذلك الأوجه التي تكون تلك المحكمة قد أغفلت الفصل فيها أو تلك التي تكون قد قضت فيها لغير مصلحته وذلك دون حاجة لرفع استئناف فرعي ما دامت المحكمة قد انتهت إلى الحكم لمصلحته في الدعوى ولم يثبت أنه قد تنازل عن تلك الأوجه، ولا يعتبر طلب المطعون ضده أمام محكمة الاستئناف تأييد الحكم المستأنف لأسبابه تنازلاً منه عن باقي أوجه دفاعه التي لم يأخذ بها الحكم الابتدائي ومن ثم لا يكون الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون في هذا الخصوص ولما كان ذلك الحكم قد قرر في معرض التدليل على أن المخالصة المشار إليها كانت خاصة بالمرتب وحده قرر ما يأتي بعد أن أورد نصها على النحو المشار إليه في الوقائع "وحيث إنه واضح من عبارات الخطاب المقدم أنه وإن تضمن أن محاسبة نهائية تمت بين الطرفين إلا أنه يستفاد من مجموع عباراته أن هذه المحاسبة متعلقة بتصفية مرتب المستأنف (الطاعن) عن المدة حتى آخر يونيو سنة 1956 والتصريح للمستأنف بصرف مبلغ 500 ج يمثل مرتباته المتأخرة حتى التاريخ المتقدم من المبلغ المستحق صرفه من الإصلاح الزراعي ولم يرد فيه ذكر أو إشارة إلى أن المبلغ المدون به هو ما ظهر بعد مراجعته الدفاتر بمعرفة الخبير المحاسب وليم السندي واعتماد المستأنف ضده هذه النتيجة" ولما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير صيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه هي أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها ما دامت تلك الصيغ والشروط تحتمل المعنى الذي حصلته - وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أن عبارة المخالصة تفيد أنها تنصب على المرتب وحده ليس فيه خروج على المعنى الظاهر لتلك المخالصة ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس، أما ما ساقه الحكم بعد ذلك لتأييد وجهة نظره فقد كان استطراداً منه وتزيداً يستقيم الحكم بدونه ومن ثم فإن النعي به غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق