جلسة 28 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم
إبراهيم وخيري فخري.
-----------------
(138)
الطعن
رقم 364 لسنة 58 القضائية
(1)قضاة "مخاصمة القضاة". مسئولية.
عدم مسئولية القاضي عما
يصدر منه من تصرفات أثناء عمله. الاستثناء. مسئوليته إذا انحرف عن واجبات وظيفته
أو أساء استعمالها. أحوال مساءلة القضاة. ورودها على سبيل الحصر. أحوال مخاصمة
القضاة. م 494 مرافعات الغش والخطأ المهني الجسيم. ماهية كل منهما. تقدير جسامة
الخطأ من سلطة محكمة الموضوع.
(2)تزوير. محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". دعوى "الدفاع فيها". خبرة. أوراق تجارية
"الشيك".
الطعن بالتزوير في ورقة
من أوراق الدعوى. طبيعته. من وسائل الدفاع خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. علة ذلك.
للمحكمة كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط
البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير
يخضع رأيه لتقديرها. ما دامت المسألة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا
تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها.
----------------
1 - الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله
لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله القانون له وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع
رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء في المادة 494 من قانون المرافعات في
الأحوال المنصوص عليها فيها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه في عمله خطأ
مهني جسيم ويقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فادح ما كان ليساق
إليه لو أنه اهتم بواجباته الاهتمام العادي، أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً،
ويستوي في ذلك أن يتعلق خطؤه بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في
أوراق الدعوى، فيخرج من دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وكل
رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد واستنباط الحلول
القانونية المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء، وتقدير مبلغ
جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة
الموضوع.
2 - الطعن بالتزوير أمام المحاكم الجنائية في ورقة من أوراق الدعوى
المقدمة فيها من مسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم
بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر
الدعوى المطروحة على بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه
بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة ليست من المسائل
الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها فإذا
ما اطمأنت المحكمة إلى صدور الشيك موضوع الدعوى من الطاعن فإنها تكون قد فصلت في
أمر موضوعي ولا عليها بعد ذلك إذا لم تستجب إلى ما طلبه الطاعن بشأن تمكينه من
الطعن بالتزوير في هذا الشيك طالما أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه
لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً مما له أصله الثابت
بالأوراق نفي الخطأ المهني الجسيم في جانب المطعون عليه لعدم إجابة الطاعن إلى طلب
تمكينه من الطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب إليه على الشيك موضوع الدعوى رقم
1080 لسنة 1986 جنح روض الفرج بعد أن اطمأنت تلك المحكمة إلى صدوره عنه للأدلة
التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها عليها وكانت هذه الاعتبارات التي أقامها الحكم المطعون
فيه كافية لحمل قضائه فإن النعي عليه بسبب الطعن لا يعدو أن تكون جدلاً فيما تستقل
محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتقرير بقلم كتاب محكمة
استئناف القاهرة أقام الطاعن على المطعون عليه دعوى المخاصمة رقم 101 سنة 104 ق
بطلب الحكم بجواز قبول المخاصمة وببطلان الحكم الصادر في الجنحة رقم 1080 سنة 1986
روض الفرج حيث قيدت دعواه برقم 101 سنة 104 ق، وقال بياناً لذلك إن...... أقام ضده
دعوى الجنحة المباشرة ناسباً إليه وآخر أنهما أعطياه بسوء نية شيكاً لا يقابله
رصيد قائم وقابل للسحب وطلب عقابهما بالمادة 337 من قانون العقوبات، فأصدر المطعون
عليه حكماً بحبس كل منهما ثلاث سنوات رغم أن الشيك لا يحمل إلا توقيعاً واحداً تتعذر
قراءته أو نسبته إليه، كما جاء بالحكم على خلاف أحكام سابقة صادرة عن ذات المطعون
عليه في دعاوى ماثلة مما يعد خطأ مهنياً جسيماً يجيز مخاصمته بتاريخ 11/ 1/ 1988
حكمت المحكمة بعدم جواز المخاصمة وتغريم الطاعن مائة جنيه. طعن الطاعن في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن
على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها
التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سبب واحد ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ اعتبر أن دفاعه
بتزوير التوقيع المنسوب إليه على الشيك موضوع الاتهام في الجنحة المقدم فيها إلى
المحاكمة الجنائية مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع باعتباره وسيلة دفاع لها أن تعرض
عنها طالما كانت غير منتجة في الدعوى واطمأنت إلى الأدلة المقدمة فيها، في حين أن
هذا الدفاع جوهري يترتب عليه - إن صح - انتفاء الورقة لمقومات الشيك وبالتالي
انتفاء التجريم الذي أسبغه الشارع حماية له، ولا يحول دون ذلك أن يكون الشيك
معنوناً باسمه وآخر وكله في التوقيع نيابة عنه إلا أن يكون التوقيع عليه صادراً
منه وهو ما أنكره طوال مراحل المحاكمة الجنائية، وبالتالي يعد الالتفات عن تحقيق
هذا الدفاع خطأً مهنياً جسيماً يجيز مخاصمة المطعون عليه، وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل
في ذلك حقاً خوله القانون له وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر
مسئوليته على سبيل الاستثناء في المادة 494 من قانون المرافعات في الأحوال المنصوص
عليها فيها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه في عمله خطأ مهني جسيم، ويقصد به
الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فادح ما كان ليساق إليه لو أنه اهتم
بواجباته الاهتمام العادي، أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، ويستوي في ذلك أن
يتعلق خطأه بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في أوراق الدعوى، فيخرج
من دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وكل رأي أو تطبيق قانوني
يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد واستنباط الحلول القانونية المطروحة عليه ولو
خالف في ذلك أحكام القضاء وأراء الفقهاء، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من
المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضع، ولما كان الطعن
بالتزوير أمام المحاكم الجنائية في ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من مسائل
الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته، لأن الأصل أن
المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على
بساط البحث وهي الخبير الأعلى في كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة
بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا
تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء رأي فيها، فإذا ما اطمأنت المحكمة إلى
صدور الشيك موضوع الدعوى من الطاعن فإنها تكون قد فصلت في أمر موضوعي ولا عليها
بعد ذلك إذا لم تستجب إلى ما طلبه الطاعن بشأن تمكينه من الطعن بالتزوير في هذا
الشيك طالما أنها استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه - لما كان ما تقدم وكان
الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً مما له أصله الثابت بالأوراق نفي الخطأ المهني
الجسيم في جانب المطعون عليه لعدم إجابة الطاعن إلى طلب تمكينه من الطعن بالتزوير
على التوقيع المنسوب إليه على الشيك موضوع الدعوى رقم 1080 لسنة 1986 جنح روض
الفرج بعد أن اطمأنت تلك المحكمة إلى صدوره عنه للأدلة التي اقتنعت بها وأقامت قضاءها
عليها وكانت هذه الاعتبارات التي أقامها الحكم المطعون فيه كافية لحمل قضائه فإن
النعي عليه بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره
وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويضحى بذلك على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق