جلسة 21 من أكتوبر سنة
1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وحسين صفوت السركي، ومحمد صبري، ومحمد محمد
محفوظ.
-----------------
(115)
الطعن رقم 2773 لسنة 32
القضائية
(أ) حكم "بياناته". "ما لا يبطله".
إغفال الحكم الإشارة في
ديباجته إلى مواد القانون التي طلبت النيابة تطبيقها. لا يبطله ما دام أن أمر
الإحالة الذي أعلن به قد تضمن وصفاً للتهمة ولمواد القانون المنطبقة عليها وما دام
الحكم قد اشتمل في أسبابه على مواد القانون التي عوقب المتهم بموجبها.
(ب) حكم. "ما لا
يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم في بيان تاريخ
الواقعة. لا يعيبه ما دام لا يتصل بحكم القانون على الواقعة وما دام أن الدعوى لم
تنقض بمضي المدة.
(ج) قانون أصلح. وصف
التهمة. عقوبة. مواد مخدرة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا
يوفره".
صدور قانون أصلح للمتهم
أثناء محاكمته. إعماله وإدانته بمقتضاه. ليس في ذلك تغيير للتهمة. لفت نظر الدفاع.
لا يلزم.
مثال: رفع الدعوى على
المتهم بإحرازه مخدراً في ظل المرسوم بقانون 351 لسنة 1952. صدور قانون أصلح. هو
القانون 182 لسنة 1960. استظهار حكم الإدانة "قصد الاتجار" في حق
المتهم. عدم اعتباره تعديلاً للتهمة.
عقوبة. مواد مخدرة. تدرج
الشارع في العقاب في أحكام القانون 182 لسنة 1960. تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه
ومدى ترديه في هوة الإجرام.
(د) دفوع. حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. من
أوجه الدفاع الموضوعية. الرد عليها صراحة من المحكمة. غير لازم. يكفي أن يستفاد
الرد ضمناً من أدلة الإثبات التي أوردها حكم الإدانة.
-----------------
1 - إغفال الحكم الإشارة
في ديباجته إلى مواد القانون التي طلبت النيابة تطبيقها لا يبطله ما دام أن أمر
الإحالة الذي أعلن به تضمن وصفاً للتهمة. ومواد القانون المنطبقة عليها وما دام
الحكم قد اشتمل في أسبابه على مواد القانون التي عوقب الطاعن بموجبها.
2 - خطأ الحكم في بيان
تاريخ الواقعة لا يعيبه، طالما أن هذا التاريخ لا يتصل بحكم القانون على الواقعة،
وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة.
3 - متى كانت الدعوى
الجنائية قد أقيمت على المتهم في ظل المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 بوصف أنه
أحرز جواهر مخدراً في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وكانت المادة 33 من المرسوم
بقانون سالف الذكر لم تكن تشترط لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها فيها - وهى
الأشغال الشاقة المؤبدة - أن يثبت اتجار المتهم في الجواهر المخدرة وإنما يكفى
لتوقيعها ثبوت حيازته أو إحرازه لها، وليس ثمة محل لتطبيق العقوبة المخففة التي نص
عليها في المادة 34 من ذلك المرسوم بقانون إلا إذا ثبت أن الحيازة أو الإحراز بقصد
التعاطي أو الاستعمال الشخصي. وإذ صدر القانون رقم 182 لسنة 1960 في أثناء سير -
المحاكمة والذي تدرج في العقوبات تبعاً لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في
هوة الإجرام وقدر لكل حالة العقوبة التي تناسبها - وكان هو الأصلح بما جاء في
نصوصه من عقوبات أخف، فأعملته المحكمة وقضت بإدانة المتهم بوصف أنه أحرز تلك
المخدرات "بقصد الاتجار" - وهى في هذا لم تتعد الواقعة التي أقيمت بها
الدعوى وتناولها الدفاع في مرافعته - فإن استظهار الحكم هذا القصد في حق المتهم لا
يعد تغييراً للتهمة مما يقتضى لفت نظر المتهم أو المدافع عنه، بل هو مجرد تطبيق
للقانون الأصلح الواجب الاتباع إعمالاً للمادة الخامسة من قانون العقوبات، مما
ينفى عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع.
4 - الدفع بتلفيق التهمة
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً، ما دام
أن الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الإثبات التي أوردها
الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 23/ 6/
1957 بدائرة قسم السويس محافظة السويس: "أحرز مخدرات "أفيوناً" في
غير الأحوال المصرح بها". وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات
بالمواد 1و2 و33/ جـ و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرافق. فقررت
الغرفة بذلك. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر المتهم ببطلان
التفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1961 عملاً
بالمواد 1 و2 و34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند رقم 1 من الجدول رقم
1 المرفق به بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وتغريمه ثلاثة آلاف
جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض....
إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو البطلان
في الإجراءات ذلك أن من تولى الدفاع عن الطاعن أمام محكمة الجنايات وهو الأستاذ
أحمد بدوى غير مقيد بجدول المحامين كما يبين من الشهادة المرفقة بأسباب الطعن
والصادرة من نقابة المحامين ولا يصحح الإجراءات أن يكون قد حضر مع الطاعن محام آخر
هو الأستاذ كحيل نصر منتدباً من غرفة الاتهام ما دام أنه لم يبد دفاعاً وانضم إلى
الدفاع الذي أبداه الأستاذ أحمد بدوى وهو ليس محامياً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نظرت أمام محكمة الجنايات في 26 مارس سنة 1961
ولعدم إعلان المتهم أجلت لجلسة 14 مايو سنة 1961 ثم لجلسة 23 سبتمبر سنة 1961 إلا
أنها عرضت خطأ بجلسة 31 مايو سنة 1961 وفيها حضر الأستاذ أحمد الحضري المحامي عن
المتهم وأنهى إلى المحكمة أن القضية مؤجلة أصلاً لجلسة 23 سبتمبر سنة 1961 وأنه
أخطر أهل المتهم بذلك فقررت المحكمة تأجيلها لجلسة 23 سبتمبر سنة 1961 المحددة
أصلاً لنظرها وفى هذه الجلسة حضر المتهم وأثبت حضور محاميه الموكل الأستاذ أحمد
بدوى والمحامي المنتدب الأستاذ كحيل نصر وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى أجلت نظرها
لليوم التالي 24 سبتمبر سنة 1961 كطلب المحامي الموكل للاستعداد للمرافعة وفى هذا
اليوم أثبت أيضاً حضور الأستاذين أحمد بدوى موكلاً وكحيل نصر منتدباً وترافع الأول
عن المتهم وانضم إليه زميله فيما أبداه من دفاع. لما كان ذلك، وكان الثابت من
مذكرة النيابة العامة المؤرخة 13 أكتوبر سنة 1963 أنها رجعت إلى الأستاذ أحمد
الحضري المحامي لتشابه اسمه مع اسم الأستاذ أحمد بدوي الذي أثبت حضوره عن الطاعن
موكلاً ولسبق حضوره عن الطاعن بجلسة 31 مايو سنة 1961 فأفاد كتابة بأنه حضر فعلاً
مع الطاعن بجلسة المرافعة أمام محكمة الجنايات وتولى بنفسه الدفاع عنه. ومن ثم فإن
الواضح الذي لا شبهة فيه أن ما جاء بمحضر جلستي 23 و24 من سبتمبر سنة 1961 من حضور
الأستاذ أحمد بدوى موكلاً مع الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً وقع من كاتب
الجلسة في إثبات اسم المحامي الموكل وهو ما لا يمس سلامة إجراءات المحاكمة.
وحيث إن مبنى الوجه
الثاني من أوجه الطعن هو بطلان الحكم لخلود ديباجته من بيان اسم المتهم وسنه ومحل
إقامته ومواد الاتهام ولإيراده تاريخاً للواقعة يخالف تاريخ التهمة التي حول بها
الطاعن إلى محكمة الجنايات.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على الحكم المطعون فيه أن ديباجته اشتملت فضلاً عن البيانات الجوهرية المنصوص
عليها في المادة 349 من قانون المرافعات. على بيان اسم المتهم وسنه ومحل إقامته
والوصف القانوني للتهمة التي أحيل بها إلى محكمة الجنايات وإن جاء خلواً من بيان
مواد القانون المطلوب تطبيقها. لما كان ذلك، وكان إغفال الحكم الإشارة في ديباجته
إلى مواد القانون التي طلبت النيابة تطبيقها لا يبطله ما دام أن أمر الإحالة الذي
أعلن به - كما يبين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - قد
تضمن وصفاً للتهمة ولمواد القانون المنطبقة عليها وما دام الحكم قد اشتمل في
أسبابه على مواد القانون التي عوقب الطاعن بموجبها. أما ما يثيره الطاعن من خطأ
الحكم في بيان تاريخ الواقعة فإنه بفرض صحته لا يعيبه. طالما أن هذا التاريخ لا
يتصل بحكم القانون على الواقعة، وما دام الطاعن لم يدع أن الدعوى الجنائية قد
انقضت بمضي المدة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الوجه لا يكون
سديداً.
وحيث إن مبنى الوجه
الثالث من أوجه الطعن هو الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة غيرت وصف التهمة من
إحراز في غير الأحوال المصرح بها قانوناً إلى إحراز بقصد الاتجار دون أن تنبه
الطاعن أو المدافع عنه إلى هذا التغيير مخالفة لنص المادة 308 من قانون الإجراءات
الجنائية.
وحيث إن الدعوى الجنائية
رفعت على الطاعن بوصف أنه أحرز مخدرات (أفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها
بالتطبيق لأحكام المواد 1/ 2 - 33/ جـ و35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952
والجدول المرافق ومحكمة جنايات القاهرة سمعت الدعوى ودانت الطاعن بحكمها المطعون
فيه وطبقت في حقه المواد 1 - 2 - 34/ 1 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند
رقم 1 من الجدول رقم 1 المرفق به على اعتبار أنه القانون الأصلح وبوصف أن الإحراز
بقصد الاتجار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار التي دان
الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وكان
النعي على الحكم بالإخلال بحق الدفاع لتعديل وصف التهمة من إحراز المخدر في غير
الأحوال المصرح بها إلى إحراز بقصد الاتجار دون لفت نظر الطاعن أو المدافع عنه،
مردوداً بأن المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 351 سنة 1952 التي أقيمت بها الدعوى
الجنائية لم تكن تشترط لتوقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها وهى الأشغال الشاقة
المؤبدة أن يثبت اتجار المتهم في الجواهر المخدرة وإنما يكفى لتوقيعها ثبوت حيازته
أو إحرازه لها. وليس ثمة محل لتطبيق العقوبة المخففة التي نص عليها في المادة 34
من ذلك المرسوم بقانون إلا إذا ثبت أن الحيازة أو الإحراز بقصد التعاطي أو الاستعمال
الشخصي، وإذ صدر القانون رقم 182 لسنة 1960 في أثناء سير المحاكمة وهو الأصلح بما
جاء في نصوصه من عقوبات أخف من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 الذي أقيمت
الدعوى الجنائية في ظله وهو الواجب التطبيق عملاً بالمادة الخامسة من قانون
العقوبات فإن ما أجرته المحكمة من إعمال القانون رقم 182 لسنة 1960 في حق الطاعن
يعد تطبيقاً سليماً للقانون، ولما كان هذا القانون قد تدرج في العقوبات تبعاً
لخطورة الجاني ودرجة إثمه ومدى ترديه في هوة الإجرام وقدر كل حالة العقوبة التي
تناسبها وكان الحكم قد استظهر قصد الاتجار لدى الطاعن وهى واقعة مادية يستقل قاضى
الموضوع بتقديرها طالما يقيمها على أسباب سائغة - وهو ما لم يخطئ فيه الحكم. فمن
واجبه أن ينزل حكم المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في حق الطاعن. وهو في
هذا لم يتعد الواقعة التي أقيمت بها الدعوى أصلاً وتناولها الدفاع في مرافعته. ومن
ثم فلا يعد هذا الأمر تغييراً لوصف التهمة يقتضى لفت نظر المتهم أو المدافع عنه بل
هو مجرد تطبيق للقانون الأصلح الواجب الاتباع مما ينفى عن الحكم قالة الإخلال بحق
الدفاع.
وحيث إن الطاعن ينعى على
الحكم المطعون فيه في الوجه الرابع قصوره في التسبيب إذ دفع الحاضر معه بأن المخدر
المضبوط في حقيبته قد دس عليه ممن يدعى محمد متولي الذي اعتاد تهريب المخدرات
بدسها على الأشخاص ثم الحصول عليها منهم بعد ذلك بطريق التهديد وطلب إلى المحكمة
تحقيق دفاعه ولكنها التفتت عنه ولم ترد عليه في أسباب حكمها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه
عرض إلى دفاع الطاعن من أن مجهولاً وضع المخدر في حقيبته في غفلة منه على أن
يستردها منه بعد خروجه من دائرة الجمرك ورد عليه بقوله "وحيث إن هذا الدفاع
لم يؤيد بأي دليل وهو في ذاته دفاع غير معقول إذ لا يعقل أن يترك أحد كمية المخدر
الكبيرة المضبوطة للمتهم بالطريقة التي بينها دون أن يكون بينهما اتفاق أو علاقة
سابقة خاصة وأنه غير واثق من إمكان استعادتها منه فضلاً عن أن ما بدا على المتهم
من ارتباك عند الشروع في تفتيشه يدل على علمه بوجود المخدر في حقيبته ومن ثم يكون
دفاع المتهم غير قائم على أي أساس "لما كان ذلك، وكان الحكم قد اطمأن إلى
الأدلة التي كون منها معتقدة في الدعوى، ورتب عليها النتيجة السائغة التي خلص
إليها، وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في
الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام أن الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً
إلى أدلة الإثبات التي أوردها الحكم، ومع ذلك فقد تصدى الحكم لهذا الدفاع ورد عليه
رداً سائغاً بما يدحضه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق