جلسة 2 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل
عبد المقصود.
-----------------
(30)
الطعن
رقم 19 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"
وقف. "شرط الواقف". "تفسيره".
إنشاء الوقف. دلالته على
أن الواقف أراد أن يجعل وقفه بعد وفاته حصصاً وأوقافاً متعددة. مثال. شرط انتقال
نصيب من مات عن غير ولد لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم
يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات إليه من أهل الوقف. المراد بالطبقة. الطبقة
الخاصة لا ما يعم المستحقين في درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص.
مقتضاه. عودة حصة العقيم إلى أصل غلة الوقف كله فيما عدا حصة الخيرات وناظر الوقف
وتقسم قسمته.
---------------------
متى كان إنشاء الوقف يدل
على أن الواقف أراد أن يجعل وقفه بعد وفاته حصصاً وأوقافاً متعددة يستقل كل منها
عن الآخر بالاستحقاق فيه وبمستحقيه من أفراد الطبقة الأولى المذكورين بأسمائهم في
كتاب الوقف ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه خاصة وقفاً على أولاده ثم على
أولاد أولاده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته
المشاركين له في الدرجة والاستحقاق وإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات
إليه من أهل الوقف، وكانت المادة 33 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 تنص على أنه
إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان
يستحق فيها" وهي أقرب قسم كان الميت يتناول استحقاقه منه وبقي من يستحق فيه
بعد وفاة هذا المستحق - وكان الثابت في الدعوى أنه بوفاة العقيمين انقرض أفراد الطبقة
الأولى ولم يبق أحد من أهل الحصة التي كانتا تستحقان فيها ينتقل إليه استحقاقهما
طبقاً لشرط الواقف - إذ المراد بالطبقة هي الطبقة الخاصة لا ما يعم المستحقين في
درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص، فإن لازم هذا ومقتضاه أن لا يعود
شيء من استحقاقهما إلى من هو في مثل طبقتهما من أهل الحصص الأخرى بل يعود إلى أصل
غلة الوقف كله فيما عدا حصة الخيرات وناظر الوقف ويقسم قسمته - إذ كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الحصة التي كان
يستحق فيها أهل الطبقة الأولى في هذا الوقف هي كل الحصص عدا حصة الخيرات فهي
للخيرات خاصة ووقفها مؤبد لا يتحول عن الخيرات وعدا حصة الناظر فهي لكل ناظر على
الوقف ومن ثم تكون الحصة التي كان يستحق فيها العقيم هي مجموع الحصص الباقية بعد
نصيب الخيرات فتؤول حصة العقيم إلى غلة هذه الحصة وتقسم مقسمها، فإنه لا يكون قد
خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدتين فاطمة أحمد
زكي وزينب أحمد زكي المطعون عليهما الأولى والثانية أقامتا الدعوى رقم 610 سنة
1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف وآخرين بطلب استحقاقهما
لحصة قدرها 0 059261 و0 سهماً من مليون في وقف المرحوم إسماعيل باشا الفريق وقالتا
شرحاً لها إنه بموجب الإشهاد المؤرخ 27 صفر سنة 1282 هجرية وقف العقارات المبينة
به على نفسه مدة حياته ومن بعده يصرف قيراطان على جهات بر عينها وقيراطان على
زكريا بن موسى شقيق زوجته وقيراطان على شريفه ابنة زكريا وأربعة قراريط على
مدبرتيه كلزار وعشق جمال بالسوية بينهما وقيراطان على مديريه حسن وأحمد بالسوية
بينهما وأربعة قراريط على عتقائه الأحباش والسود بحر الزين وظريفه وقدم فرح وقدم
خير ومجبور ونور صباح ولادن بالسوية بينهم وثمانية قراريط لمن يكون ناظراً على
الوقف ثم من بعد كل منهم - فيما عدا ما هو موقوف على ناظر الوقف والخيرات يكون ما
هو موقوف عليه خاصة وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولادهم ثم
على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة
العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع
غيره يستقل به الواحد إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، على
أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته
وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب
طبقات من توفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، وعلى أن من مات منهم قبل دخوله في
هذا الوقف واستحقاقه لشيء فيه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده أو
ولد ولده وإن سفل مقامه - وقد توفيت كل من مجبور ونور صباح عقيماً في حياة الواقف
ثم توفى الواقف والوقف باق على حاله ثم توفيت كل من شريفه بنت زكريا وكلزار وقدم
خير وقدم فرح ولادن وظريفه وبحر الزين عقيماً وبوفاتهن آل استحقاقهن وقدره ثمانية
قراريط إلى الباقين منهم وانحصر استحقاق الأربعة عشر قيراطاً الموقوفة على غير
الخيرات وناظر الوقف في فرع زكريا وفرعي حسن أفندي وأحمد أفندي مديري الواقف بنسبة
ما هو موقوف على كل منهم وهو قيراطان لفرع زكريا جد المدعيتين وقيراط لفرع أحمد
وثلاثة قراريط لفرع حسن وزوجه عشق جمال وهم المدعى عليهم الثاني والثالثة والرابعة
والخامس والسادسة وقاصري المدعى عليها السابعة فيكون لفرع زكريا من ذلك 194445
سهماً من مليون تعادل 4 ط و16 س من 14 ط من ريع الوقف، وإذ أقيمت وزارة الأوقاف في
النظر على الوقف ونازعتهما هي وباقي المدعى عليهم في استحقاقها الآيل عن ظريفة
وبحر الزين وقدره 59261 سهماً من مليون فقد طلبتا الحكم لهما به زيادة على
استحقاقهما الأصلي والآيل من باقي العقماء وقدره 135184 سهماً وجرى النزاع في
الدعوى حول استحقاق ظريفة وبحر الزين ولمن يؤول من بين هؤلاء المستحقين، حيث ذهبت
المدعيتان إلى أن حصة كل مستحق تعتبر بمثابة وقف مستقل وقد شرط الواقف أن من يموت
عقيماً لا عن إخوة ولا أخوات ينتقل استحقاقه لأقرب الطبقات إليه من أهل الوقف وهم
هنا معدومون وطبقاً للمادة 33 من القانون رقم 48 لسنة 1946 يرجع استحقاق ظريفة
وبحر الزين إلى أصل غلة الوقف - أصل غلة الأربعة عشر قيراطاً الموقوفة على غير
الخيرات وناظر الوقف - ويكون لهما نصيب فيه هو القدر الذي تدعيان به، بينما طلبت
وزارة الأوقاف رفض الدعوى استناداً إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 54 لسنة 1931/
1932 القاهرة الابتدائية الشرعية بتاريخ 24/ 4/ 1934 وتأيد استئنافياً من المحكمة
العليا الشرعية في الاستئناف رقم 109 لسنة 1933/ 1934 وقضى بأن نصيب المتوفى
عقيماً من أهل الطبقة الأولى يؤول إلى الباقين فيها وبذلك يؤول نصيب ظريفه ومن
معها إلى من بقى من أهل طبقتها ومن ذلك جهة الخيرات، ودفعت فاطمة محمد حسن المدعى
عليها الثالثة بعدم سماع الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى 54 لسنة
1931/ 1932 القاهرة الابتدائية الشرعية والاستئناف رقم 109 سنة 1933/ 1934 وفي
الموضوع طلبت رفضها استناداً إلى أنه عندما توفيت ظريفه لم يكن من أهل طبقتها على
قيد الحياة سوى حسن وبحر الزين فآل نصيبها إليهما باعتبارهما أقرب الطبقات إليها
وعندما توفيت بحر الزين لم يكن من طبقتها سوى حسن فآل نصيبها الأصلي والآيل عن
ظريفه إليه وطبقاً للمادة 59 من القانون رقم 48 لسنة 1946 لا تطبق أحكام المادة 33
من هذا القانون متى وجد في كتاب الوقف نص يخالفها وقد انطوى كتاب الوقف على نص
مخالف هو شرط الواقف أن نصيب العقيم يؤول إلى أقرب الطبقات إليه. وبتاريخ 27 يونيه
سنة 1959 حكمت المحكمة حضورياً بالنسبة للمدعى عليها الأولى ولفاطمة محمد حسن
وخديجة أمين دانش بصفتهما وغيابياً بالنسبة لباقي المدعى عليهم (أولاً) برفض الدفع
المبدى من المدعى عليها فاطمة محمد حسن بعدم سماع الدعوى لسابقة الفصل فيها
(ثانياً) برفض دعوى المدعيتين مع إلزامهما بمصروفاتها وأن تدفعا عشرة جنيهات
للمدعى عليه الأول بصفته وللمدعى عليها فاطمة محمد حسن مناصفة بينهما مقابل أجر
المحاماة واستأنفت المدعيتان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وطلبتا إلغاءه
والحكم لهما بطلباتهما وقيد هذا الاستئناف برقم 139 سنة 76 ق. وبتاريخ 30 يونيه
سنة 1960 حكمت المحكمة حضورياً بالنسبة لوزارة الأوقاف وللسيدة فاطمة محمد حسن
وغيابياً بالنسبة لباقي المستأنف عليهم بإلغاء الحكم المستأنف وباستحقاق
المستأنفتين إلى 4 ط و16 س من 24 قيراطاً ينقسم إليها ريع الوقف مناصفة بينهما
وألزمت وزارة الأوقاف والسيدة فاطمة محمد حسن بالمصروفات وخمسة جنيهات للمستأنفتين
مناصفة بينهما مقابل أتعاب المحاماة، وعارض المستأنف عليهم الثالث والرابعة
والخامسة والسادسة في هذا الحكم طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى. وبتاريخ 26/ 1/
1961 حكمت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المعارضين
بالمصروفات وأربعة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق
النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته
إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعنون ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً
وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن في
خصوص السبب الثاني.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم سماع الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم
الصادر بتاريخ 24/ 4/ 1933 في الدعوى رقم 54 سنة 1931/ 1932 القاهرة الابتدائية
الشرعية التي كانت مرفوعة ضد الوزارة وآخرين من المستحقين بتفسير شرط الواقف في
نصيب العقيم وتأيد من المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 5/ 11/ 1933 في الاستئناف رقم
109 سنة 1933/ 1934 وقد قضى بأن نصيب من مات عقيماً من عتقاء الطبقة الأولى من أهل
الوقف ينتقل إلى الباقين من أفراد هذه الطبقة ولا يكون منقطعاً، وهذا من الحكم
المطعون فيه خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن الحكم الصادر بتفسير شرط الواقف يعتبر حجة
على جميع المستحقين وكان واجباً على المحكمة المعروض عليها هذا النزاع من جديد أن
تحكم بعدم سماعه لوحدة الموضوع وهو انتقال نصيب العقيم ووحدة الخصوم لأن ناظر
الوقف كان ممثلاً في الدعوى الأولى وقد رفعت على فريق من المستحقين والمنصوص عليه
شرعاً أن بعض المستحقين ينتصب خصماً عن الباقين.
وحيث إن هذا السبب مردود
ذلك أن الطاعنين لم يقدموا صورة من الحكم الصادر في الدعوى رقم 54 سنة 1931/ 1932
القاهرة الابتدائية الشرعية والاستئناف المرفوع عنه رقم 109 سنة 1933/ 1934 العليا
الشرعية، ومن ثم فإن الدفع بعدم سماع الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في
الدعوى رقم 54 سنة 1931/ 1932 يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بأن نصيب ظريفة وبحر الزين يرجع إلى أصل الوقف
ويقسم قسمته ويوزع على جميع المستحقين استناداً إلى أن كل حصة تعتبر وقفاً مستقلاً
وبموت مستحقيها يعود الاستحقاق لأصل الغلة، وهذا من الحكم خطأ في فهم الواقع انتهى
به إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ أن الواقف نص في حجة الإنشاء على أن من مات من
المستحقين عن ولد فنصيبه لولده وولد ولده وإن سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد
فلأخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات
فلأقرب الطبقات إليه من أهل هذا الوقف، وعملاً بذلك انتقلت حصة العقيمين مجبور
وصباح إلى باقي المستحقين من أهل الطبقة الأولى واستمر الحال على ذلك إلى أن كان
الباقون على قيد الحياة من أفراد الطبقة الأولى هم ظريفه وبحر الزين وحسن وبوفاة
ظريفه انتقل نصيبها إلى بحر الزين وحسن وبوفاة بحر الزين انتقل نصيبها الأصلي
والآيل إلى حسن باعتباره أقرب الطبقات إليها وبوفاة حسن انتقل نصيبه إلى الطاعنين
أو المطعون ضدها الثالثة، وفي سنة 1930 أرادت وزارة الأوقاف أن تشرك حصة الخيرات
وحصة أجر النظر في نصيب من مات عقيماً من المستحقين فأقام إبراهيم محمد حسن مورث
الطاعنين الدعوى رقم 54 سنة 1931/ 1932 مصر الشرعية ضد الوزارة في شأن نصيب من مات
عقيماً من العتقاء وهل يكون منقطعاً ويعود للفقراء أم يرجع إلى أهل طبقته وبتاريخ
24/ 4/ 1933 قضت المحكمة بأن نصيب من مات من عتقاء الطبقة الأولى من أهل هذا الوقف
وكذلك نصيب شريفه التي ماتت عقيماً ينتقل إلى الباقين من أفراد هذه الطبقة ولا
يكون منقطعاً لأن الواقف جعل الحصص كلها وقفاً واحداً وليست كل حصة وقفاً مستقلاً
كما فهم الحكم المطعون فيه وقد تأيد هذا الحكم من المحكمة العليا الشرعية، ولا وجه
للقول بأن نصيب من يموت عقيماً من الموقوف عليهم ابتداء يعود إلى أصل غلة الوقف
طبقاً للفقرة الأولى من المادة 16 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 لأن شرط انطباق
تلك المادة أن يكون المستحق قد توفى وليس له فرع يليه في الاستحقاق وألا تكون حجة
الوقف قد حوت نصاً يخالف حكمها وقد تضمنت حجة الوقف نصاً يخالفها هو شرط الواقف
أيلولة نصيب المتوفى عقيماً لا عن إخوة ولا أخوات إلى أقرب الطبقات من أهل الوقف،
وما انتهى إليه الحكم من ذلك يتعارض مع حكم المحكمة العليا الشرعية الذي قضى بأن
من مات عقيماً من عتقاء الطبقة الأولى من أهل الوقف ينتقل نصيبه إلى الباقين من
أفراد هذه الطبقة ولا يكون منقطعاً.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله. ذلك أنه بالرجوع إلى الأوراق يبين أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه مدة حياته
ثم من بعده يكون منه قيراطان من أربعة وعشرين قيراطاً على جهات بر عينها وقيراطان
على شقيق زوجته زكريا ابن موسى وقيراطان على شريفه ابنة زكريا وأربعة قراريط على
مدبرتيه كلزار وعشق جمال بالسوية بينهما وقيراطان على مديريه حسن أفندي وأحمد
أفندي بالسوية بينهما وأربعة قراريط على عتقائه الأحباش والسود بحر الزين وظريفه
وقدم فرح وقدم خير ومجبور ونور صباح ولادن بالسوية وجعل الثمانية قراريط الباقية
لمن يكون ناظراً على الوقف ثم من بعد كل منهم - فيما عدا ما هو موقوف على الناظر
والخيرات - يكون ما هو موقوف عليه خاصة وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم
على أولاد أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم
طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة
السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل به الواحد
منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، على أن من مات منهم
وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لولده أو ولد ولده وإن
سفل فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه من ذلك لإخوته
وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب
الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم، وعلى أن من مات منهم قبل دخوله
في هذا الوقف واستحقاقه لشيء منه وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك قام ولده
أو ولد ولده مقامه في الدرجة والاستحقاق واستحق ما كان أصله يستحقه أن لو كان حياً
باقياً لاستحق ذلك، ثم من بعد انقراض الموقوف عليهم جميعاً يكون ذلك وقفاً على من
يوجد من عتقائهم وعتقاء عتقائهم وذريتهم حسب ترتيب طبقاتهم فإذا انقرضوا جميعاً
كان ذلك وقفاً على جهات بر عينها - وظاهر إنشاء الوقف وشروطه هذه يدل على أن
الواقف أراد أن يجعل وقفه بعد وفاته حصصاً وأوقافاً متعددة يستقل كل منها عن الآخر
بالاستحقاق فيه وبمستحقيه من أفراد الطبقة الأولى المذكورين بأسمائهم في كتاب
الوقف ثم من بعد كل منهم يكون ما هو موقوف عليه خاصة وقفاً على أولاده ثم على
أولاد أولاده فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد انتقل نصيبه من ذلك إلى إخوته وأخواته
المشاركين له في الدرجة والاستحقاق وإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات
إليه من أهل الوقف، وإذ كانت المادة 33 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 تنص على
أنه "مع مراعاة أحكام المادة 16 إذا مات مستحق وليس له فرع يليه في الاستحقاق
عاد نصيبه إلى غلة الحصة التي كان يستحق فيها" وهي أقرب قسم كان الميت يتناول
استحقاقه منه وبقي من يستحق فيه بعد وفاة هذا المستحق، وكان الثابت في الدعوى أن
كلاً من ظريفة وبحر الزين توفيت عقيماً وكانتا آخر طبقتهما موتاً وبوفاتهما انقرض
أفراد الطبقة الأولى ولم يبق أحد من أهل الحصة التي كانتا تستحقان فيها ينتقل إليه
استحقاقهما طبقاً لشروط الواقف: إذ المراد بالطبقة - وعلى ما يبين من صنيع الواقف
ومن المذكرة التفسيرية لمشروع القانون رقم 48 لسنة 1946 - هي الطبقة الخاصة لا ما
يعم المستحقين في درجة واحدة من جميع أهل الوقف وفي جميع الحصص، ولازم هذا ومقتضاه
- وفراراً من القول بالانقطاع الذي لا يتفق مع أغراض الواقفين - أن لا يعود شيء من
استحقاقهما إلى من هو في مثل طبقتهما من أهل الحصص الأخرى بل يعود إلى أصل غلة
الوقف كله فيما عدا حصة الخيرات وناظر الوقف ويقسم قسمته - إذ كان ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن "الحصة التي كان يستحق
فيها أهل الطبقة الأولى في هذا الوقف هي كل الحصص عدا حصة الخيرات فهي للخيرات
خاصة ووقفها مؤبد لا يتحول عن الخيرات وعدا حصة الناظر فهي لكل ناظر على الوقف ومن
ثم تكون الحصة التي كان يستحق فيها العقيم هي مجموع الحصص الباقية وهي الأربعة عشر
قيراطاً بعد نصيب الخيرات فتؤول حصة العقيم إلى غلة هذه الحصة وتقسم مقسمها فإنه
لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب
الثالث أن الحكمين المطعون فيهما مشوبان بالقصور أما الأول وهو الحكم الغيابي
فلأنه أقام قضاءه في الدعوى على أن الواقف جعل كل حصة خاصة بمن يستحقها لا يشاركه
فيها أحد غيره من أهل الحصص الأخرى مخالفاً بذلك غرض الواقف وهو ظاهر لا يحتاج إلى
تفسير وما اشترطه في كتاب الوقف من الرجوع بالغلة عند انقراض العقيم إلى أقرب
الطبقات إليه ومقتضاه أن نصيب ظريفة وبحر الزين يؤول إلى حسن وهو أقرب الطبقات
إليها ولا يكون زكريا مستحقاً في نصيبهما ولا يشاركهما فيه، وأما الثاني وهو الحكم
الصادر في المعارضة فلأنه قضى برفض الدفع بعدم جواز سماع الدعوى لسابقة الفصل فيها
تأسيساً على أن الموضوع في دعوى التفسير وفي دعوى الاستحقاق مختلف في حين أن دعوى
التفسير لا تختلف عن دعوى الاستحقاق والمقصود من دعوى التفسير هو استحقاق نصيب
وانتقاله من أحد المستحقين لمستحق آخر ويلزم لانتقاله الرجوع إلى حجة الوقف وتفسير
شرط الواقف.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله - ذلك أنه لا يعدو أن يكون ترديداً للسببين الأول والثاني ومن ثم فهو مردود
بما سبق الرد به على هذين السببين ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق