الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 2312 لسنة 36 ق جلسة 19 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 132 ص 1277

جلسة 19 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأستاذ/ حسن حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-------------------

(132)

الطعن رقم 2312 لسنة 36 القضائية

مجلس الدولة - أعضاؤه - طلب الرد - التنازل عنه (مرافعات)
المادة 53 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - المواد 141 و143 و159 و164 مرافعات.
تنازل طالب الرد عن طلب الرد - الحكم بإثبات التنازل أو الترك مع إلزام الطالب المصروفات ومصادرة الكفالة - لا يقضي في حالة التنازل عن طلب الرد بالغرامة - أساس ذلك: القضاء بالغرامة مرتبط برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 6/ 5/ 1990، أودع الأستاذ أحمد رضا عبد الوهاب المحامي بقلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا تقريراً يطلب فيه رد السيد الأستاذ المستشار/ .... نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة التأديبية عن نظر الدعوى رقم 117 لسنة 31 قضائية، وقيد هذا الطلب برقم 1 لسنة 1990.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 15/ 5/ 1990 أودع الأستاذ عبد الله حسن المحامي بقلم كتاب المحكمة السالفة تقريراً لطلب رد السادة الأساتذة أعضاء المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا المستشارين...... و.... و.... عن نظر ذات الدعوى السالفة، وقيد هذا الطلب برقم 2 لسنة 1990.
وقد أحال السيد الأستاذ رئيس مجلس الدولة الطلبين إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا وقيدا بجداولها برقم 2312 لسنة 36 ق. ع.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم أولاً: بقبول طلب التنازل عن طلب الرد رقم 1 لسنة 1990 وبمصادرة الكفالة، ثانياً: بعدم قبول طلب الرد رقم 2 لسنة 1990، ومن باب الاحتياط برفضه، مع الحكم في جميع الأحوال بتغريم طالب الرد الغرامة التي تراها المحكمة مناسبة ومصادرة الكفالة.
ونظر الطلبان أمام هذه المحكمة بجلسة 8/ 7/ 1990 والجلسات التالية لها حسبما هو مبين بمحاضر الجلسات حيث حضر طالب الرد، وقرر بمحضر جلسة 13/ 1/ 1991 تنازله عن طلب الرد الأول رقم 1 لسنة 1990، ثم قرر بمحضر جلسة 24/ 3/ 1991 بتنازله عن طلب الرد الثاني رقم 2 لسنة 1990، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقة وأسبابه لدى النطق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن المادة 53 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1972 تقضي بأن تسري في شأن رد مستشاري المحكمة الإدارية العليا القواعد المقررة لرد مستشاري محكمة النقض وتسري في شأن رد مستشاري محكمة القضاء الإداري والمحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا للقواعد المقررة لرد مستشاري محاكم الاستئناف وتسري في شأن رد أعضاء المحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية الأخرى القواعد المقررة لرد القضاة.
ونصت المادة 164 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أنه إذا طلب رد جميع مستشاري محكمة الاستئناف أو بعضهم بحيث لا يبقى من عددهم ما يكفي للحكم رفع طلب الرد إلى محكمة النقض.
ومن حيث إن الثابت من محاضر الجلسات التي نظر فيها طلبي الرد أمام هذه المحكمة أن طالب الرد الأول والثاني سواء برد رئيس المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا أو برد جميع أعضائها وتقضي المادة 141 من قانون المرافعات أن ترك الخصومة يكون بإعلان من التارك لخصمه أو ببيان صريح في مذكرة موقعة من التارك أو بإبدائه شفوياً في الجلسة وإثباته في محضرها، كما تقضي المادة 143 من هذا القانون على أنه يترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك رفع الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف، كما تقضي المادة 159 من هذا القانون على أن تحكم المحكمة عند رفض طلب الرد أو بسقوط الحق فيه أو عدم قبوله على الطالب بغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تزيد عن مائة جنيه وبمصادرة الكفالة وفي حالة ما إذا كان الرد مبنياً على الوجه الرابع من المادة 48 وحكم برفضه فعندئذ يجوز إبلاغ الغرامة إلى مائتي جنيه. وفي كل الأحوال تتعدد الغرامة بتعدد القضاة المطلوب ردهم. وفي حالة التنازل عن طلب الرد تحكم المحكمة بمصادرة الكفالة.
ومن حيث إن الثابت مما سلف أن طالب الرد قد تنازل عن طلبي الرد المشار إليهما فإنه يتعين الحكم بإثبات هذا التنازل أو الترك مع إلزام الطالب بالمصروفات، ومصادرة الكفالة. ولا يقضى في هذه الحالة بالغرامة لأن القضاء بها مرتبط بالقضاء برفض طلب الرد أو سقوط الحق فيه أو عدم قبوله وهو الأمر غير القائم في الحالة المعروضة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بإثبات تنازل طالب الرد عن طلبي الرد رقمي 1 و2 لسنة 1990 وإلزامه المصروفات، وأمرت بمصادرة الكفالة.

الطعن 269 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 14 ص 130

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد الحميد السكري، وأميل جبران، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

( 14 )
الطعن رقم 269 لسنة 27 القضائية

حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام المنهية للخصومة". نقض. "الأحكام الجائز الطعن فيها". وكالة. "وكيل بالعمولة".
قضاء الحكم الاستئنافي بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول الدعوى الموجهة للوكيل بالعمولة من المتعاقدين لرفعها من غير ذي صفة. استناد الحكم المطعون فيه على ما أرتاه من جواز رجوع المتعاقد مع الوكيل بالعمولة الذي أظهر اسم موكله وقت التعاقد بحسب تصوير الحكم الابتدائي لواقع العلاقة بين الطرفين، دون أن يقطع الحكم المطعون فيه بأنها هي العلاقة الحقيقية التي تقوم عليها مسئولية الوكيل بالعمولة في العقد ومع الاحتفاظ له بما تمسك به من انصراف أثر العقد إلى موكله. قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى على هذا الأساس لا يكون منهياً لخصومة كلها أو بعضها ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً.

------------------
إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول الدعوى الموجهة للوكيل بالعمولة لرفعها على غير ذي صفة - وبقبولها استناداً إلى ما أرتاه الحكم من جواز رجوع المتعاقد مع الوكيل بالعمولة الذي أظهر اسم موكله وقت التعاقد على الصور التي صورها الحكم الابتدائي لواقع العلاقة بين طرفي الدعوى دون أن يقطع الحكم المطعون فيه بأنها هي العلاقة الحقيقية التي تقوم عليها مسئولية الطاعن (الوكيل بالعمولة) في العقد مثار النزاع ومع الاحتفاظ له بالدفاع الذي يتمسك به من أن العقد قد قام مباشرة بين المطعون عليه وموكله ولا تنصرف آثاره إلا إليهما، فإن قضاء الحكم المطعون فيه من قبول الدعوى على هذا الأساس لا يكون منهياً للخصومة كلها أو بعضها ومن ثم فلاً يجوز الطعن فيه إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام على الطاعن الدعوى رقم 733 سنة 1953 تجاري كلي الإسكندرية طالباً إلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 5189 ج والمصروفات، وقال المطعون عليه في بيان دعواه إن الطاعن باعه مائة طن من التفاح الإيطالي المعروف باسم "أبونيرانزا" بمواصفات معينة وبسعر 45 ج للطن الواحد. وقد دفع الثمن كاملاً وقدره 4500 ج لحساب الطاعن المذكور ببنك القاهرة. وعندما وصلت الرسالة الأولى من التفاح المبيع تبين أنها في حالة تلف تام وغير مطابقة للمواصفات وتركت لمصلحة الجمارك لإعدامها على ما هو ثابت بدعوى إثبات الحالة رقم 915 سنة 1953 مستعجل الإسكندرية، ولما وصلت باقي الكمية تبين لخبير دعوى إثبات الحالة أنها مصابة بالعطب ومخالفة للمواصفات المشروطة ويبعث بمبلغ 302 ج، وأضاف المطعون عليه - تقريراً لمسئولية الطاعن عن العقد - بأن الطاعن المذكور كان قد استصدر من المراقبة العامة للاستيراد إذناً باستيراد مائتي طن من نوع التفاح المبيع مما يقطع بأنه كان قد اشترى ذلك المقدار لحسابه الخاص من المورد الإيطالي وهو التاجر بتروكوتشو وإذ كان الطاعن قد تعاقد على جانب من تلك الصفقة مع المطعون عليه فإن العقد الذي تم بينهما يعتبر عقد بيع على استقلال ويكون الطاعن مسئولاً فيه بوصفه بائعاً، وأنه حتى لو فرض الطاعن كان وكيلاً بالعمولة في ذلك العقد فإن الوكيل بالعمولة هو الملزم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه طبقا ًلنص المادة 82 من القانون التجاري وعلى هذه الأسس بني المطعون عليه طلبه بإلزام الطاعن برد الثمن بعد خصم مبلغ 302 ج التي حصلت من بيع الرسالة الثانية بالتعويض الذي قدره بمبلغ 1000 ج وقد دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى الموجهة إليه لرفعها على غير ذي صفة بمقولة إنه إنما يقوم بتمثيل بعض تجار الخارج وبالوساطة بينهم وبين من يرغب في التعاقد معهم من التجار المصريين وقد جرت عادته أن يحصل مقدماً على أذون باستيراد البضائع وإعدادها للتنازل عنها لمن يتعاقد عن طريقه مع تجار الخارج توفيراً للجهد والوقت، وذكر الطاعن أنه حصل في 24 فبراير سنة 1953 على إذن استيراد يسرى لمدة سنة بمقدار مائتي طن من التفاح تستورد من التاجر الإيطالي بتروكوتشو، ثم عرض عليه المطعون عليه رغبته في التعاقد مع التاجر الإيطالي المذكور فقام بدور الوساطة بينهما بطريق المراسلات البرقية حتى تلاقت إرادتهما على القدر المبيع والثمن وطريقة الشحن ومواعيد التسليم، وبعد ذلك اصطحبه المطعون عليه إلى بنك القاهرة حيث تنازل له عن إذن الاستيراد، وفتح المطعون عليه اعتماداً مستندياً لصالح التاجر الإيطالي بمقدار الثمن، وقد حدث أن تأخر البائع في التسليم وهبطت أسعار التفاح في مصر فلجأ المطعون عليه من تلقاء نفسه إلى بنك القاهرة ووسطه بدلاً عن الطاعن في الاتصال بالبائع الإيطالي لقبول مستندات الصفقة مع الخصم 5% من الثمن المتفق عليه وقيد المصاريف على حساب المطعون عليه فوافق البائع على ذلك، وقام بشحن البضاعة CIF تسليم ميناء الإسكندرية إلى المشتري. وبذلك فقد انعقد بين الطرفين بيع جديد بشروط جديدة ولم يكن الطاعن وسيطاً في هذا العقد وبالتالي فلاً يعد مسئولاً عن آثاره. وأنه على فرض أنه لم يحصل عقد بيع جديد وأن البيع الذي تم هو بذاته العقد الذي تداخل فيه الطاعن ابتداء فإن مركز الطاعن فيه انحصر في تلقي العروض من أحد الطرفين وإبلاغها للطرف الأخر والسعي للتقريب بين المتعاقدين وحملهما على التعاقد وبذلك يكون الطاعن مجرد وسيط في عقد البيع الذي ترتب آثاره فيما بين البائع والمشتري مباشرة. بل إنه حتى إذا كان الطاعن قد تعدى حدود الوساطة إلى الوكالة عن التاجر الإيطالي البائع فقد كان يتعامل مع المطعون عليه باسم ذلك التاجر ولحسابه فينصرف أثر العقد إلى الموكل بلا مسئولية على الطاعن عملاً بالمادة 83 من القانون التجاري، وفي 21 فبراير سنة 1955 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بقبول الدفع وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وأقامت قضاءها بذلك على نظر حاصلة أن الطاعن كان يتعامل في الصفقة مثار النزاع بوصفه وكيلاً بالعمولة وقد أعلن عن أسم موكله وقت التعاقد مع المطعون عليه فتقوم العلاقة مباشرة بين البائع الإيطالي والمطعون عليه ولا حق لأحدهما في الرجوع على الطاعن عملاً بالمادة 83 من القانون التجاري - استأنف المطعون عليه هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 165 سنة 11 ق تجاري - وفي 21 فبراير سنة 1957 قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء إجراءات الطعن قدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 29 مارس سنة 1961 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 3 يناير سنة 1963 وفيها صمت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه لما كانت المادة 378 من قانون المرافعات تقضي بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها على الأسباب التالية: - "وحيث إن مفصل النزاع في القضية ينحصر في نقطة واحدة هي معرفة ما إذا كان الوكيل بالعمولة مسئولاً أمام الغير عن تنفيذ العقد بين هذا الغير والموكل الذي يمثله الوكيل بالعمولة وذلك لأن المستأنف يقول بمسئولية الوكيل بالعمولة ويرتكن على نص المواد 81, 82, 83 تجاري والمستأنف عليه يقول بعدم مسئوليته وأن العقد يعتبر قائماً بين المتعاقدين دون مسئوليته ويجب أن يرجع كل منهما على الآخر بكل الحقوق التي تنشأ عن العقد أو التعويضات التي تنشأ عن عدم تنفيذه. وحيث إنه بالرجوع إلى نص المادة 82 تجاري التي تنص على أن الوكيل بالعمولة هو الملزم دون غيره لموكله ولمن يتعامل معه وله الرجوع على كل واحد منهما بما يخصه من غير أن يكون لأحدهما طلب على الآخر يبين أن الوكيل بالعمولة مسئول أمام موكله كما أنه مسئول أمام الغير الذي يتعاقد مع هذا الموكل. وهو نص صريح في أنه ليس لأحد المتعاقدين الرجوع على الآخر... وهذا هو الأصل الذي وضعه القانون التجاري لتحيد مسئولية الوكيل بالعمولة أمام كل من الموكل والغير. وهناك حالة أخرى أجاز القانون فيها لكل من الغير والموكل الرجوع على من تعاقد معه دون الوكيل بالعمولة وهذه الحالة منصوص عليها في المادة 83 تجاري إذ ورد بها - وإنما إذا عقد الوكيل بالعمولة عقداً باسم موكله وبناء على إذن منه بذلك فلكل من الموكل والمعقود معه إقامة الطلب على الآخر وتراعى فيما لوكيل المذكور من الحقوق وما عليه من الواجبات - القواعد المقررة للتوكيل فقط - وهذا النص وإن كان صريحاً في جواز رجوع أحد المتعاقدين على الآخر إلا أنه لا يؤثر على القاعدة الأصلية الواردة في المادة 82 تجاري لأنه بتفسير المادتين 82، 83 تجاري معاً يبين أن القاعدة الأصلية هي رجوع كل من المتعاقدين على الوكيل بالعمولة وجواز الرجوع على الوكيل بالعمولة في الحالة الواردة في المادة 83 تجاري ومن ثم يكون للغير طبقاً للمادتين المذكورتين أن يرجع على الوكيل بالعمولة وهذا هو الأصل كما أن له أن يتنازل عن الحق قبل الوكيل بالعمولة ويرجع على الموكل بصفة جوازية في الحالة المنصوص عليها في المادة 83 وما دام تفسير النصين المذكورين يعطي الحق للغير إما في الرجوع على الوكيل بالعمولة أو على الموكل فليس للوكيل بالعمولة أن يدفع قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وتكون محكمة أول درجة عندما قضت بذلك قد خالفت القانون ولم يصادفها التوفيق فيما ذهبت إليه" وبعد أن استدل الحكم بأقوال بعض الشراح انتهى إلى القول بأنه" في النزاع الذي يكون الوكيل بالعمولة ملزماً بشخصه واقتضى الأمر رجوع الغير عليه مباشرة دون الرجوع على الموكل تطبيقاً للمادة 82 تجاري فلا شيء يمنع من إدخال موكله بصفته ضامن في الدعوى وهذا ما فعله المستأنف عليه إذ قام بإدخال التاجر الإيطالي صاحب الصفقة ولا يغير من أثر ذلك قوله إن إدخاله كان من باب الاحتياط ومع تمسكه بنظريته في عدم مسئوليته وأن العقد قد قام مباشرة بين موكله والغير...".
وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون تقريرات قانونية مؤداها أن الوكيل بالعمولة يكون مسئولاً أمام الغير سواء تعاقد معه باسم نفسه ولحساب موكله أو تعاقد باسم الموكل ولحسابه - وأياً كان وجه الخطأ في بعض هذه التقريرات - فإن قصارى ما قضى به الحكم المطعون فيه بناء عليها هو مخالفة النظر القانوني الذي انتهى إليه الحكم الابتدائي بعدم جواز رجوع المتعاقد على الوكيل بالعمولة الذي أظهر أسم موكله وقت التعاقد وما رتبه على ذلك من القضاء بعدم قبول الدعوى الموجهة إلى الطاعن، فقضى الحكم المطعون فيه - وعلى الرأي الذي أرتاه - بأن الدعوى تكون مقبولة في هذه الصورة التي صورها الحكم الابتدائي لواقع العلاقة بين طرفي الدعوى دون أن يقطع الحكم المطعون فيه بأنها العلاقة الحقيقية التي تقوم عليها مسئولية الطاعن في العقد مثار النزاع ومع الاحتفاظ له بالدفاع الذي يتمسك به بأن العقد قام مباشرة بين المطعون عليه والبائع الإيطالي ولا تنصرف آثاره إلا إليهما لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول الدعوى على الأساس الذي أقيم عليه لم ينه الخصومة كلها أو بعضها فلاً يجوز الطعن فيه إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع عملاً بالمادة 378 المشار إليها ويتعين لذلك الحكم بعدم جواز الطعن.


(*) راجع نقض 3/ 3/ 1960 مجموعة المكتب الفني بمحكمة النفض س 11 ص 205 ونقض 10/ 3/ 1960 مجموعة المكتب الفني س 11 ص 210 "الحكم برفض دفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وإعادتها لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها حكم صادر قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة كلها أو بعضها" وراجع نقض 3/ 5/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 571 ونقض 29/ 11/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 1085 "الحكم برفض دفع شكلي وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيها لا ينتهي به الخصومة كلها أو بعضها ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً ولو كان الحكم الذي سيصدر في الموضوع غير قابل للطعن".

الطعن 1683 لسنة 36 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 131 ص 1265

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(131)

الطعن رقم 1683 لسنة 36 القضائية

(1) نيابة إدارية - أعضاؤها - المعاش عن الأجر الأساسي
المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 معدلة بالقانون رقم 61 لسنة 1968 - المعاش المستحق وفقاً للمعاملة المقررة للوزير - الحد الأقصى للمعاش عن الأجر الأساسي هو مائتا جنيه شهرياً - قوانين زيادة المعاشات تحسب على أساس معاش المؤمن عليه عن الأجر الأساسي - المقصود بهذا المعاش هو المعاش المقرر قانوناً وفق ما انتهت إليه تسويته بعد اكتمال تطبيق أحكام القانون المطبق أي معاش الأجر الأساسي المقرر للوزير ومن يعامل معاملته بعد اكتمال تطبيق كافة أحكام القوانين المتعلقة به ويشمل ذلك حكم الحد الأقصى للمعاش المنصوص عليه في المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي فتحسب الزيادة منسوبة إليه - تطبيق.
(2) نيابة إدارية - أعضاؤها - المعاش عن الأجر المتغير
قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - تتحدد قواعد حساب معاش أجر الاشتراك المتغير على أساس تاريخ انتهاء مدة الاشتراك عن هذا الأجر وتاريخ تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق - لا مجال لإعمال قواعد حساب المعاش التي بدأ سريانها بعد تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق بانتهاء الخدمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 9/ 4/ 1990 أودع الأستاذ سعد أبو عوف المحامي بصفته وكيلاً عن........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن طالباً الحكم بأحقية الطاعن في إعادة تسوية معاشه عن المرتب الأساسي على أساس معاملة الوزير وآخر مرتب تقاضاه بحسب ما استحق له قانوناً وإعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس المعاملة المقررة للوزير وبمراعاة ما استحق له قانوناً منه خلال العامين الأخيرين ودون التقيد بالحد الأقصى الصادر به قرار وزير التأمينات الاجتماعية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من تاريخ استحقاقه المعاش في 7/ 7/ 1987.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبأحقية الطاعن في إعادة تسوية معاشه على أساس المعاش المقرر للوزير وذلك عن الأجر الأساسي والأجر المتغير وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ونظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الطاعن الذي قدم حافظة بمستنداته كما حضر محامي الهيئة العامة للتأمين والمعاشات الذي قدم مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن موضوعاً وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أن الطاعن قدم تظلماً إلى لجنة فحص المنازعات المنصوص عليها في المادة 157 من القانون رقم 79/ 1975 بشأن التأمين الاجتماعي ولم تستجب الهيئة العامة للتأمين والمعاشات لطلباته، فأقام الطعن الماثل وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأمر الذي يتعين معه قبوله شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص فيما أشار إليه الطاعن في تقرير طعنه من أنه عين مديراً للنيابة الإدارية بالقرار الجمهوري رقم 304 الصادر في 9/ 7/ 1986 وقد كان يعمل بالنيابة الإدارية منذ إنشائها في عام 1954 وتدرج في مختلف وظائفها حتى وظيفة نائب مدير النيابة الإدارية التي رقي إليه بالقرار الجمهوري رقم 335 الصادر في 18/ 8/ 1983 ثم مديراً للنيابة الإدارية بالقرار السالف، وانتهت خدمته في 6/ 8/ 1987 ببلوغ السن المقررة للإحالة إلى المعاش وله مدة خدمة محسوبة في المعاش لاشتراكه عنها قدرها ثمان وثلاثون سنة تقريباً وبلغ مرتبه المرتب المقرر للوزير 249 جنيهاً في 29/ 11/ 1984 ثم زيد إلى 400 جنيهاً بالقانون رقم 57/ 1988 واستوفى مدد الاشتراك المقررة في قانون التأمين الاجتماعي رقم 79/ 1975 كما استوفى المدة المقررة في المادة 31 من هذا القانون للبقاء في منصب الوزير وذلك بقضائها في المناصب القضائية التي تعامل معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش ومن ثم يستحق قانوناً المعاملة المقررة للوزير من حيث معاش الأجر الأساسي والأجر المتغير وقد ورد ضمن القواعد المقررة بجدول المرتبات الملحق بالقانون 88/ 1973 بشأن أعضاء النيابة الإدارية أن مدير النيابة الإدارية يعامل المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش والقاعدة أن تسوى معاشات أعضاء الهيئات القضائية على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له ومقتضى ذلك أن يحسب معاشه عن الأجر الأساسي على أساس مرتب مدير النيابة الإدارية معدلاً بالقانون رقم 57/ 1988 إلى أربعمائة جنيه شهرياً وهو يعادل مرتب الوزير وبمراعاة ما نصت عليه المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي، وبذلك يزيد معاشه استحقاقاً عن مائتي الجنيه التي نصت المادة 20 من هذا القانون على ألا يربط المعاش بما يجاوزها، وتحسب الزيادات التي نصت عليها القوانين المتتالية بزيادة معاشات المؤمن عليهم منسوبة إلى معاش الأجر الأساسي المستحق طبقاً لحكم المادة 31 من هذا القانون بالغاً ما بلغ قدره دون الحد المنصوص عليه في المادة 20 من قانون التأمين الاجتماعي على ألا يربط المعاش بما يجاوزه وهو 200 جنيه شهري، لأن هناك فرقاً بين المعاش المستحق الذي تنسب إليه الزيادة وبين ما تم الربط به.
وأضاف الطاعن أنه بخصوص معاش الأجر المتغير فيتعين حسابه بمراعاة ما يستحق له من أجور متغيرة خلال السنتين الأخيرتين من مدة خدمته، وقد زيد مرتبه اعتباراً من 7/ 7/ 1987 طبقاً للقانون رقم 57/ 1988 الذي يعمل به اعتباراً من هذا التاريخ الذي ما زال يمارس الخدمة فيه فينبغي مراعاة ذلك عند حساب معاش الأجر المتغير وبمراعاة أن القانون لم يحدد الأجر المتغير بحد أقصى ولم يفوض وزير التأمينات سلطة تحديد حد أقصى لمعاش الأجر المتغير فلا يعتد بما ورد في قرار وزيرة التأمينات رقم 35/ 1987 المعمول به من 7/ 8/ 1987 من أن يكون الحد الأقصى لمجموع أجر الاشتراك المتغير هو 4500 جنيهاً سنوياً ومؤداه أن يكون المعاش عن الأجر المتغير بواقع 50% منه أي 187.5 جنيه شهرياً إذ في ذلك إنقاص لحقوق الطاعن، وعلى هذا يحمل قراره وزيرة التأمينات رقم 11/ 1988 الصادر في 27/ 2/ 1988 بشأن الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير - لمن يشغل منصب الوزير ومن تنص القوانين أو اللوائح على معاملته من حيث المرتب والمعاش معاملة الوزير والقاضي بأن ذلك الحد هو تسعة آلاف جنيه سنوياً والمعمول به من 8/ 3/ 1988 - على أنه تقرير لواقع وليس استحداثاً لحكم جديد، وبذلك يجب تحديد حد أقصى للأجر المتغير بمبلغ 4500 سنوياً طبقاً لقرار وزيرة التأمينات الاجتماعية رقم 35/ 1987 من أن الأجر المتغير يتجاوز ذلك المبلغ إلى الضعف. ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إنه عن الشق الأول من الطعن والمتعلق بمطالبة الطاعن بأحقيته في المعاش المقرر للوزير، وبحساب الزيادات المئوية في هذا المعاش المنصوص عليها في القوانين المتتالية الصادرة بها على المعاش المستحق أصلاً قبل تحديده بالحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 20 من قانون التأمين الاجتماعي، فإن القواعد الواردة بالجدول الملحق بالقانون رقم 88 لسنة 1973 بشأن بعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية نصت على أن يعامل مدير النيابة الإدارية المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش، ونصت قواعد تطبيق جداول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية رقم 46/ 1982 على أن يعامل رئيس محكمة النقض معاملة الوزير من حيث المعاش.
ومن حيث إن المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والمعدلة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 والمعدلة بالقانون رقم 61/ 1981 تنص على أنه "يسوى معاش المؤمن عليه الذي شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه وذلك وفقاً للآتي:
أولا ً- يستحق الوزير معاشاً مقداره 150 جنيهاً شهرياً ونائب الوزير معاشاً مقداره 120 جنيهاً في الحالات الآتية:
1 - إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب وزير عشرين سنة وكان قد قضى سنة متصلة على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً.
2 - إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب وزير عشر سنوات وكان قد قضى سنتين متصلتين على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً.
3 - إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب وزير خمس سنوات وكان قد قضى أربع سنوات متصلة على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً.
ويستحق من لا تتوافر فيه المدد السابقة وكان قد قضى في أحد المنصبين أو فيهما معاً مدة ثلاث سنوات متصلة ثلثي المعاش المذكور.
ويراعى في حساب المدد المنصوص عليها في هذا البند جبر كسر الشهر شهراً.
ثانياً - يسوى له المعاش عن مدة اشتراكه في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في البند أولاً ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يتجاوز مجموع المعاشين الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 20.
ثالثاً............
وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 20 من هذا القانون والمعدلة بالقانون رقم 61/ 1981 على أنه "في جميع الأحوال يتعين ألا يزيد الحد الأقصى للمعاش الشهري على مائتي جنيه شهرياً"
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا أصدرت بجلسة 3 من مارس 1990 قراراً تفسيرياً في الطلب رقم 3 لسنة 8 القضائية (تفسير) انتهت فيه إلى أنه "في تطبيق أحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض كما يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير ولو كان بلوغ العضو المرتب الممثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام الهيئات القضائية.
ومن حيث إنه طبقاً لنص المادة 49/ 1 من قانون المحكمة الدستورية العليا فإن أحكامها في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللطاعن وبهذه المثابة فإن قرارات المحكمة الدستورية العليا بالتفسير تنزل منزلة التشريع وتضحى شأن مواده واجبة التطبيق.
ومن حيث إن الثابت من المستندات أن الطاعن عين بتاريخ 9/ 7/ 1986 مديراً للنيابة الإدارية بالقرار الجمهوري رقم 304 لسنة 1986 وكان قبلها يشغل منصب نائب مدير النيابة الإدارية اعتباراً من 18/ 8/ 1983 بالقرار الجمهوري رقم 335 لسنة 1983 وقد أحيل إلى المعاش لبلوغ سن التقاعد بتاريخ 6/ 8/ 1987، فإنه إعمالاً لنصوص القوانين السالفة فإنه يتعين إجابة الطاعن إلى طلب معاملته من حيث المعاش المعاملة المقررة للوزير المنصوص عليها في المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه مع مراعاة تطبيق الحد الأقصى لمعاش الأجر الأساسي المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 20 من هذا القانون التي أحالت إليها المادة 31 في البند الثاني منها ومقدار هذا الحد الأقصى مائتا جنيه شهرياً وبه يتحدد المعاش المستحق قانوناً للطاعن عن الأجر الأساسي.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بكيفية حساب الزيادات في هذا المعاش المنصوص عليها في القوانين المتتالية التي قررتها، فإن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 107 لسنة 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي تنص على أنه "يستبدل بنص المادة 165 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه وبأحكام الزيادات المنصوص عليها بالقوانين أرقام 61 لسنة 1981 بزيادة المعاشات وتعديل بعض أحكام قوانين التأمين 116 لسنة 1982 بتقرير إعانة لأصحاب المعاشات المستحقين و98 لسنة 1983 بزيادة المعاشات المشار إليها بالنسبة للمعاملين بقانون التأمين الاجتماعي المشار إليه النص الآتي:
"تزاد المعاشات التي تستحق اعتباراً من 1/ 7/ 1987 في إحدى الحالات الآتية:
1 - بلوغ سن الشيخوخة....
2 - الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة (18)...
3 - .........
وتحدد الزيادات وفقاً للآتي:
10% بدون حد أقصى أو أدنى.
10% بحد أقصى 6 جنيهات وبحد أدنى 3 جنيهات شهرياً.
9 جنيهات.
وتسري في شأن هذه الزيادة الأحكام الآتية:
1 - تحسب على أساس معاش المؤمن عليه عن الأجر الأساسي.
2 - تستحق بالإضافة للحدود القصوى للمعاشات بما لا يجاوز مجموع معاش الحد الأقصى لمجموع معاش الأجرين الأساسي والمتغير، ولا يسري هذا الاستثناء في شأن المعاشات المستحقة وفقاً للمادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه.
3 - عدم تكرار استحقاق أي من هذه الزيادات.
4 - تعتبر هذه الزيادات جزءاً من المعاش وتسري في شأنها جميع أحكامه وتتحمل الخزانة العامة بقيمتها.
ومن حيث إن المستفاد من النصوص التشريعية السالفة المتعلقة بزيادة المعاشات أن الزيادة تحسب على أساس "معاش المؤمن عليه عن الأجر الأساسي" والمقصود بهذا المعاش هو المعاش المقرر له قانوناً وفق ما انتهت إليه تسويته بعد اكتمال تطبيق أحكام القانون المتعلقة به أي أنه مقصود به في الحالة المعروضة معاش الأجر الأساسي المقرر للوزير ومن يعامل معاملته وفق ما تنتهي إليه تسوية هذا المعاش بعد اكتمال تطبيق كافة الأحكام القانونية المتعلقة به ويشمل ذلك حكم الحد الأقصى للمعاش المنصوص في المادة 20 من قانون التأمين الاجتماعي على سريانه في جميع الأحوال فتحسب الزيادة المئوية منسوبة إليه.
ولا يسوغ القول بوجوب أن تنسب هذه الزيادة إلى المعاش الناتج أثناء مراحل حسابه قبل أن تتم تسويته النهائية في حدود الحد الأقصى المشار إليه ذلك لأن العبرة هي بما ينتهي إليه تطبيق أحكام القانون مجتمعة في تسوية هذا المعاش أما قبل ذلك فلا تعتبر التسوية وهي في مراحلها الأولية أو غير النهائية معبرة عن المعاش المقرر أو المستحق قانوناً.
ومن ثم فإنه يتعين رفض طلب الطاعن في أن تحسب له الزيادة في المعاش على أساس قيمة المعاش قبل تسويته النهائية بتطبيق حكم الحد الأقصى المشار إليه والذي يتحدد به المعاش المقرر قانوناً.
ومن حيث إنه عن الشق الثاني من الطعن المتعلق بمنازعة الطاعن في المعاش عن الأجر المتغير، فإن البادي أن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ربطت له معاش الأجر المتغير بمبلغ 187.500 جنيه.
ومن حيث إن المادة 19 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه المعدلة بالقانون رقم 107/ 1987 تنص على أن "... ويسوى معاش الأجر المتغير على أساس المتوسط الشهري للأجور التي أديت على أساسها الاشتراكات خلال مدة الاشتراك عن هذا الأجر...".
وتنص المادة الأولى من القانون رقم 107/ 1987 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي على أنه "إذا قل معاش المؤمن عليه عن أجر اشتراكه المتغير المستحق في الحالة المنصوص عليها في البند 1 من المادة 18 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 عن 50% من متوسط أجر تسوية هذا المعاش رفع إلى هذا القدر متى توافرت الشروط الآتية:
أ - أن يكون المؤمن عليه مشتركاً عن الأجر المتغير في 1/ 4/ 1984 ومستمراً في الاشتراك عن هذا الأجر حتى تاريخ انتهاء خدمته.
ب - أن تكون للمؤمن عليه في تاريخ توافر واقعة استحقاق المعاش مدة اشتراك فعلية عن الأجر الأساسي مقدارها 240 شهراً على الأقل...".
وتنص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 47/ 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 والمعدلة بالمادة العاشرة من القانون رقم 107/ 1987 "تحسب الحقوق المقررة بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 عن كل من الأجر الأساسي والأجر المتغير قائمة بذاتها وذلك مع مراعاة الآتي:
(1) يكون الحد الأقصى للمعاش المستحق عن الأجر المتغير 80% ولا تسري في شأن هذا المعاش أحكام الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه.... (2)..... (3)...... (4)..... (5)..... (6)...... (7): لا تسري الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن الحقوق المستحقة عن الأجر المتغير وذلك باستثناء ما جاء في هذه القوانين من معاملة بعض فئاتها بالمادة (31) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه كما لا تسري الأحكام المشار إليها في شأن قواعد حساب المكافأة.
وفي تطبيق المادة المشار إليها يراعى ما يأتي:
أ - يحسب المعاش عن كل من الأجرين الأساسي والمتغير معاً وفقاً للمادة المشار إليها أو وفقاً للقواعد العامة أيهما أفضل.
ب - يستحق المعاش عن الأجر المتغير بالقدر المنصوص عليه في البند أولاً من المادة المشار إليها ما دامت توافرت شروط تطبيق هذا البند في شأن معاش الأجر الأساسي وذلك أياً كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن الأجر المتغير.
ج - لا تدخل المدة التي تحسب وفقاً للفقرة الثانية من المادة 34 من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه ضمن المدة المستحق عنها المعاش المنصوص عليه في البند أولاً من المادة المشار إليها.
(8)….. (9)….. (10)….. (11): تتحدد قواعد حساب معاش أجر الاشتراك المتغير على أساس تاريخ انتهاء مدة الاشتراك عن هذا الأجر وتاريخ تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق.
ومن حيث إن الطاعن يستند في طعنه على تسوية معاش الأجر المتغير المربوط له ومقداره 187.500 مليمجـ على أن مرتبه بما يشمله من أجر متغير قد زيد اعتباراً من 7/ 7/ 1987 طبقاً للقانون رقم 57/ 1988 الذي يعمل به اعتباراً من 7/ 7/ 1987 مما يتعين معه أخذه في الاعتبار عن تحديد أجر اشتراكه دون اعتداد بقرار وزيرة التأمينات الاجتماعية رقم 35/ 1987 الذي نص على تحديد الحد الأقصى لمجموع أجر الاشتراك المتغير بمبلغ 4500 سنوياً لعدم مشروعيته.
ومن حيث إن الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن وبصفة خاصة المستند رقم 11 من حافظة مستنداته أن أجر الاشتراك المتغير طوال مدة اشتراكه بدءاً من شهر إبريل 1984 الذي بدأ فيه سريان نظام الاشتراك عن الأجر المتغير حتى نهاية خدمته في 6/ 8/ 1987 لم يجاوز سنوياً طوال هذه المدة مبلغ الحد الأقصى المشار إليه بقرار وزيرة التأمينات الاجتماعية رقم 35/ 1987، بل كان دائما أقل من هذا الحد، وحتى مع حساب زيادة الأجر المتغير اعتباراً من 7/ 7/ 1987 بعد زيادة مرتبه طبقاً للقانون رقم 57/ 1988 إلى تاريخ انتهاء مدة خدمته بعد شهر واحد من سريان هذه الزيادة وتقرير العلاوة الخاصة الشهرية بنسبة 20% من الأجر الأساسي بالقانون رقم 101/ 1987 اعتباراً من أول يوليو 1987 فإن أجر الطاعن المتغير سنوياً لم يجاوز الحد الأقصى المشار إليه ذلك أن هذه الزيادة طرأت في السنة الأخيرة من خدمته التي انتهت في 6/ 8/ 1987 ولم يجاوز بها الأجر المتغير عن هذه السنة الحد الأقصى المشار إليه ومن ثم فلا جدوى للطاعن من التمسك بعدم مشروعية ذلك الحد الأقصى المقرر بقرار وزيرة التأمينات الاجتماعية المشار إليه.
ومن ناحية أخرى فإنه عن طلب الطاعن تطبيق قرار وزيرة التأمينات الاجتماعية رقم 11/ 1988 الصادر في 25/ 2/ 1988 بتحديد الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بمبلغ تسعة آلاف جنيه لمن يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملته من حيث المعاش والمرتب المنصوص فيه على سريانه اعتباراً من أول مارس 1988، فإن هذا القرار لا يجوز أن يطبق على الطاعن الذي انتهت خدمته قبل صدور هذا القرار ونفاذ أحكامه، وخاصة مع ما عليه البند 11 من المادة 12 من القانون رقم 47/ 1984 المعدل بالقانون رقم 107/ 1987 من أنه تتحدد قواعد حساب أجر الاشتراك المتغير على أساس من تاريخ انتهاء مدة الاشتراك عن هذا الأجر وتاريخ تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق، وعلى هذا المقتضى فإنه لا محل لإعمال قواعد حساب المعاش التي بدأ سريانها بعد تحقق الواقعة المنشئة للاستحقاق بانتهاء خدمة الطاعن في 6/ 8/ 1987.
ومن حيث إن تحديد معاش الأجر المتغير إعمالاً للبند 7 من المادة 12 السالفة بتطبيق القدر المنصوص عليه في البند أولاً من المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي وهو بمبلغ 150 جنيهاً يسفر عن معاش للأجر المتغير يقل عن المعاش المربوط للطاعن وفقاً للقواعد العامة التي تعد هي الأفضل له في هذه الحالة، والتي أسفرت عن ربط معاش عن هذا الأجر مقداره 187.500 جنيه، فإنه إعمالاً لنص البند 7 من المادة الثانية عشرة يطبق الوضع الأفضل للمؤمن له.
ومن حيث إن معاش الأجر المتغير الذي تم ربطه للطاعن بواسطة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات المشار إليه 187.500 مليمجـ يمثل الوضع الأفضل للطاعن في ظل الأحكام التشريعية المنطبقة على حالته كما أنه لا يقل عن 50% من أجر الاشتراك المتغير إعمالاً للمادة الأولى من القانون 107/ 1987 فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون الأمر الذي تكون معه منازعة الطاعن فيه غير مستندة لأساس صحيح من القانون خليقة بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بأحقية الطاعن في أن يعامل المعاملة المالية المقررة للوزير من ناحية المعاش على النحو الموضح بالأسباب وبرفض ما عدا ذلك من طلبات.

الطعن 268 لسنة 26 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 13 ص 123

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسين العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(13)
الطعن رقم 268 لسنة 26 القضائية

وقف "استبدال الوقف". التزام. "أوصاف الالتزام". "الشرط". بيع. "ضمان الاستحقاق".
استبدال الوقف لا يتم قانوناً إلى إذا أوقعت المحكمة المختصة صيغة البدل الشرعية. التعاقد الحاصل بين وزارة الأوقاف ومن يرسو عليه مزاد العين المراد استبدالها، معلق على شرط واقف هو توقيع هذه الصيغة. تخلف هذا الشرط يجعل التعاقد كأن لم يكن.
ليس الراسي عليه المزاد - إذا رفضت المحكمة توقيع صيغة البدل له وأوقعتها لغيره وانتقلت الملكية إلى هذا الغير - أن يرجع على وزارة الأوقاف بضمان الاستحقاق أو يطالبها بالتعويض على أساس فسخ العقد. الرجوع بضمان استحقاق البيع لا يكون إلا على أساس قيام عقد البيع كما أن الفسخ لا يرد إلا على عقد كان له وجود.

-----------------
إذا أذن القاضي باستبدال الوقف فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج أثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة المختصة صيغة البدل الشرعية، ومن ثم فالتعاقد الحاصل بين وزارة الأوقاف وبين من يرسو عليه مزاد العين المراد استبدالها يعتبر معلقاً على شرط واقف هو توقيع هذه الصيغة بحيث إذا تخلف هذا الشرط بأن رفضت المحكمة توقيع صيغة البدل للراسي عليه المزاد فإن التعاقد يصبح كأن لم يكن ولا وجود له منذ البداية ولا يكون للراسي عليه المزاد إذا رفضت المحكمة توقيع صيغة البدل الشرعية له وأوقعتها لغيره وانتقلت ملكية العقار إلى هذا الغير أن يرجع على وزارة الأوقاف بضمان الاستحقاق طبقاً لأحكام البيع أو أن يطالبها بالتعويض على أساس فسخ العقد ذلك أن الرجوع بضمان استحقاق المبيع لا يكون إلا على أساس قيام عقد البيع كما أن الفسخ لا يرد إلا على عقد كان له وجود.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 556 سنة 1952 كلي سوهاج ضد وزارة الأوقاف (الطاعنة) وضد المطعون عليهما الثاني والثالث وطلب الحكم أصلياً بثبوت ملكيته إلى 224 متراً و75 س شيوعاً في 449 متراً و51 س المبينة بصحيفة الدعوى وكف المنازعة والتسليم وإلغاء التسجيلات الموقعة لصالح المطعون عليه الثالث واحتياطياً بفسخ البيع الصادر إليه من الطاعنة عن القدر المذكور وإلزامها بأن تدفع مبلغ 870 جنيهاً قيمة ما عجله من الثمن - والتعويض وقال المدعي في بيان دعواه إنه في سنة 1929 رسا عليه وعلى المطعون عليه الثاني مناصفة بينهما مزاد قطعة أرض فضاء مساحتها 449 متراً و51 س مملوكة لوقف المانسترلي الذي كانت تنتظر عليه وزارة الأوقاف وذلك بثمن قدره 780 جنيهاً خلاف الملحقات وقد قاما بالوفاء بهذا الثمن كل بحق النصف فيه وتسلما العقار المبيع إلا أن الوزارة لم تقم باستصدار صيغة الاستبدال الشرعية من المحكمة الشرعية وذلك على الرغم من إلحاحهما في مطالبتها باستصدار هذه الصيغة ومن إنذارهما إياها في 12 ديسمبر سنة 1950 وأخيراً لجأت الوزارة إلى طرح العقار في المزاد مرة ثانية ورسا مزاده بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1950 على المطعون عليه الثالث بثمن قدره 1650 جنيهاً وأوقعت المحكمة الشرعية الصيغة الشرعية للمطعون عليه المذكور - فاضطر إلى رفع الدعوى بالطلبات السابقة وبين المطعون عليه الأول (المدعي) مفردات المبلغ موضوع طلبه الاحتياطي بأنها عبارة عن 390 جنيهاً قيمة ما دفعه من الثمن بحق النصف و20 جنيهاً رسم تسجيل و60 جنيهاً دفعها للوزارة عند دخوله المزايدة الثانية و400 جنيه تعويضاً له عما أصابه من ضرر بسبب حرمانه من العقار الذي كان قد رسا مزاده عليه - دفعت الوزارة الدعوى بأنه لم يحصل بيع منها إلى المدعى وشريكه حتى يطلب المدعي الحكم بفسخ هذا البيع وأن شروط قائمة مزاد الاستبدال الموقع عليها منهما صريحة في أن البدل لا يتم إلا بإصدار الصيغة الشرعية به من المحكمة الشرعية وأن هذه المحكمة لم تقر نتيجة المزاد الذي رسا على المدعي وشريكه وأمرت بطرح العين في مزاد آخر رسا على المطعون عليه الثالث ووافقت المحكمة الشرعية على نتيجة هذا المزاد الأخير وأوقعت صيغة البدل الشرعية للمطعون عليه المذكور وأضافت الوزارة الطاعنة أن شروط قائمة المزاد صريحة في إعفائها من كل مسئولية وبتاريخ 15 ديسمبر سنة 1954 حكمت المحكمة الابتدائية (أولاً) برفض الطلب الأصلي الخاص بثبوت الملكية (ثانياً) في الطلب الاحتياطي بفسخ البيع الصادر من وزارة الأوقاف (الطاعنة) بالنسبة إلى 224 متراً و75 س المبينة بعريضة الدعوى وبإلزام والوزارة المذكورة بأن تؤدي إلى المدعي (المطعون عليه الأول) مبلغ 848 جنيهاً و280 مليماً والمصاريف المناسبة لهذا المبلغ، 300 قرش أتعاباً للمحاماة - وذكرت المحكمة في حكمها أن المبلغ المقضي به يشمل 388 جنيهاً و280 مليماً قيمة ما أداه المدعى من ثمن الصفقة، 60 جنيهاً قيمة التأمين المدفوع منه عند دخوله المزايدة الثانية و400 جنيه قيمة التعويض المستحق له - حسب تقديرها - عن فسخ التعاقد واستحقاق العقار المبيع إليه جميعه - وقد رفعت الطاعنة عن هذا الحكم المستأنف رقم 131 سنة 30 ق سوهاج طالبة إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به زيادة على مبلغ 448 ج و180 م وتمسكت في صحيفة استئنافها بدفاعها السابق وأضافت أن نص البندين السابع والثالث عشر من قائمة مزاد الاستبدال الموقع عليها من المطعون عليه الأول وشريكه والمقدمة منها بملف الدعوى صريح في أنه لا يجوز لهما مطالبتها بأي فائدة أو تعويض ما في حالة ما إذا تأخرت المحكمة الشرعية في الفصل في قبول الاستبدال أو رفضه وفي أن الوزارة لا تسأل عن نتيجة ما تقرره المحكمة المذكورة في هذا الشأن وبتاريخ 8 من مارس سنة 1956 حكمت محكمة استئناف سوهاج بتأييد الحكم المستأنف فطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه 28 مايو سنة 1956 انتهت فيه إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به بالنسبة لمبلغ التعويض وقدره 400 جنيه ورفض دعوى المطعون عليه الأول بالنسبة لهذا المبلغ وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 نوفمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذا الدائرة وبعد استيفائها الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 20 ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعنة عن التعويض على أساس أن رسو المزاد على المطعون عليهما الأول والثاني يعتبر بيعاً باتاً صادراً منها إليهما. وأن رسو مزاد العين المبيعة بعد ذلك على غيرهما أمام المحكمة الشرعية وتوقيع الصيغة الشرعية لهذا الغير يعتبر استحقاقاً للعقار المبيع لهما - في حين أن قائمة مزاد الاستبدال التي ارتضاها المطعون عليهما الأولان ووقعا عليها صريحة في أن البيع كان معلقاً على موافقة المحكمة الشرعية التي لها أن تقبل أو ترفض أو أن تشهر المزاد من جديد كما تضمنت القائمة المذكورة والتي تعتبر شريعة المتعاقدين - نصوصاً صريحة في إعفاء الوزارة الطاعنة من كل مسئولية في حالة ما إذا رفضت المحكمة الشرعية البيع إلى الراسي عليه المزاد - ولما كان ما حدث في الدعوى الحالية هو أن المحكمة الشرعية لم تعتمد نتيجة المزاد الذي رسا على المطعون عليهما الأولين وقررت الإشهار والتزايد من جديد وكان من نتيجة ذلك أن رسا العقار على المطعون عليه الثالث فإن الشرط الذي كان معلقاً عليه البيع إلى المطعون عليهما الأولين يكون قد تخلف وبالتالي فلم ينعقد بيع بينهما وبين الوزارة ومن ثم فلاً يعتبر رسو المزاد بعد ذلك على غيرهما استحقاقاً للعقار يصح أن يبنى عليه إلزام الوزارة بالتعويض كما لا يجوز للمطعون عليهما المطالبة بأي تعويض على أساس آخر حيث لا إخلال من جانبها بشروط التعاقد فضلاً عن أن النصوص الواردة في القائمة تقضي بعدم مسئوليتها عن أي تعويض في حالة رفض المحكمة الشرعية اعتماد البيع إلى الراسي عليه المزاد وكان يتعين على المحكمة إعمال مقتضى هذه النصوص التي يقرها القانون وذلك حتى ولو ثبت وقوع خطأ من جانب الطاعنة ولكن الحال في الدعوى أنها لم ترتكب خطأ ما يستوجب مسئوليتها بل قامت طبقاً لتعاقدها بعرض الأمر على المحكمة الشرعية وقد جاء الرفض من هذه المحكمة.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه على الرغم من أن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قرر وهو بصدد الحديث عن طلب ثبوت الملكية "وحيث إنه على هدى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض فإن المزاد الحاصل من وزارة الأوقاف في 3 يونيه سنة 1929 والذي بمقتضاه رسا مزاد العقار على المدعي وشريكه (المطعون عليهما الأولين) يعتبر بمثابة عقد بيع معلق على شرط واقف" فإنه أقام قضاءه في خصوص ما قضى به من تعويض للمطعون عليه الأول على أن رسو مزاد العقار على المطعون عليه الثالث وانتقال ملكيته إليه بصدور الصيغة الشرعية له من المحكمة الشرعية يعتبر استحقاقاً للعقار المبيع للمطعون عليهما الأولين موجباً لفسخ التعاقد ورد الثمن مع التضمينات طبقاً لما نصت عليه المادتان 304، 307 من القانون المدني الملغي والمادة 443 من القانون القائم - وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى هذه الأسباب رداً على أسباب الاستئناف المرفوع من الطاعنة بشأن التعويض المقضي عليها به قوله "وبالرغم من قيام المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) بسداد الثمن فقد طرحت الوزارة الأرض المبيعة في المزاد مرة ثانية ورسا مزادها بتاريخ 29/ 11/ 1950 على المستأنف عليه الثالث (المطعون عليه الثالث) بمبلغ 1650 جنيهاً ولا حق للوزارة في بيع الأرض مرة ثانية ما دام قد رسا مزادها على المستأنف عليهما الأول والثاني (المطعون عليهما الأول والثاني) وما دامت قد استصدرت ضدهما حكماً بباقي الثمن في القضية رقم 159 سنة 1931 مدني كلي أسيوط. وقد قام المستأنف عليه الأول بتنفيذ هذا الحكم وقد ترتب على تصرف الوزارة ضرر أصاب المستأنف عليه الأول إذ حرم من الانتفاع بارتفاع ثمن الأرض المبيعة - كما حرم من الانتفاع بما دفعه من ثمن لم تقم الوزارة برده إليه بالرغم من إنذاره لها في 12/ 12/ 1950 ولذلك تكون الوزارة مسئولة عما أصاب المستأنف عليه الأول من ضرر وما ضاع عليه من فائدة وقد قدرت محكمة أول درجة التعويض بمبلغ 400 جنيه وهو تقدير سليم" وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه بالتعويض غير صحيح في القانون ذلك أنه إذا أذن القاضي باستبدال عين موقوفة فإن الاستبدال لا يتم ولا ينتج آثاره القانونية إلا إذا أوقعت المحكمة المختصة صيغة البدل الشرعية ويعتبر التعاقد الحاصل بين وزارة الأوقاف وبين من يرسو عليه مزاد العين المراد استبدالها معلقاً على شرط واقف هو توقيع هذه الصيغة فإذا تخلف هذا الشرط بأن رفضت المحكمة توقيع صيغة البدل للراسي عليه المزاد فإن التعاقد يصبح كأن لم يكن ولا يعتبر له وجود منذ البداية وبالتالي فلاً يكون ثمة بيع صدر من الوزارة إلى الراسي عليه المزاد الذي رفضت المحكمة توقيع صيغة البدل الشرعية له ولا يكون لهذا الأخير إذا ما وقعت هذه المحكمة الصيغة لغيره بعد أن رفضت توقيعها له وانتقلت ملكية العقار إلى هذا الغير أن يرجع على وزارة الأوقاف بضمان الاستحقاق طبقاً لأحكام البيع أو أن يطالبها بالتعويض على أساس فسخ العقد ذلك أن الرجوع بضمان استحقاق المبيع لا يكون إلا على أساس قيام عقد بيع كما أن الفسخ لا يرد إلا على عقد كان له وجود - ولما كان الثابت في الدعوى الحالية أن المحكمة الشرعية لم تعتمد نتيجة رسو المزاد على المطعون عليهما الأولين ورفضت توقيع صيغة البدل الشرعية لهما وأمرت بالتزايد على العين من جديد وقد رسا مزادها على المطعون عليه الثالث ووقعت له المحكمة صيغة البدل - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بإلزام الوزارة الطاعنة بالتعويض على أساس استحقاق العقار المبيع منها إلى المطعون عليه الأول وعلى أساس اعتبار رسو المزاد على الأخير وقيامه بدفع ثمن العين الراسي عليه مزادها بيعاً باتاً وذلك على الرغم من أن المحكمة الشرعية رفضت توقيع صيغة البدل الشرعية له - يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن المطعون عليه الأول بني طلب التعويض أمام محكمة الموضوع بدرجتيها على أساس فسخ عقد البيع الصادر إليه من الوزارة الطاعنة وعلى أساس الرجوع بضمان استحقاق البيع وقد تبين فساد هذين الأساسين على ما سلف بيانه فيتعين إلغاء الحكم الابتدائي المستأنف فيما قضى به من تعويض قدره أربعمائة جنيه ورفض هذا الطلب.


(*) راجع نقض مدني 9/ 3/ 1950 في الطعن 169 سنة 17 ق مجموعة المكتب الفني س 1 ونقض 11/ 1/ 1962 مجموعة المكتب الفني س 13 ص 49 في الطعن رقم 159 لسنة 26 ق.

الطعن 249 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 12 ص 111

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(12)
الطعن رقم 249 لسنة 27 القضائية

(أ) ملكة "أسباب كسب الملكية". تقادم. "التقادم المكسب".
كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة سبب قانوني مستقل للتملك.
(ب) تقادم "التقادم المكسب". نقض "أسباب الطعن". الأسباب الواقعية". إثبات. "الإثبات بالقرائن".
استظهار الحكم لأسباب سائغة أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والهدوء والاستمرار ونية التملك. لا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقها بأسباب واقعية. اتخاذ الحكم من حصول رهن قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على الأعيان محل النزاع. بطلان الرهن - يفرض تحققه - ليس بذي آثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها.
(ج) تقادم "التقادم المكسب". هبة. "انعقادها". عقد. "العقد الباطل". "آثاره".
بطلان عقد هبة العقار لعدم إفراغه في شكل رسمي لا يمنع من تملك الموهوب له الأعيان الموهوبة بالتقادم الطويل المدة. عقد قسمة الأعيان الموهوبة بالعقد الباطل يلحقه البطلان كذلك. لا يمنع هذا من صحة البيع الذي يتضمنه عقد القسمة عن أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صلة له به، باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة المذكور.

-------------------
1 - كسب الملكية بالتقادم الطويل المدة يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإن كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على التملك بالتقادم المكسب دون أن يستند إلى العقد المدعي بصوريته فلا حاجة للخوض في بحث تلك الصورية ويكون ما أورده الحكم في هذا الشأن تزيداً منه يستقيم الحكم بدونه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد استظهر - بصدد التدليل على تملك المطعون عليه بالتقادم المكسب الطويل المدة - أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية التملك وأثبت توافرها وكان استخلاصه هذا سائغاً من شأنه أن يؤدى في مجموعه إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا سبيل للجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي. ولا عبرة بما يثيره الطاعن من بطلان عقد رهن الأعيان محل النزاع الذي اتخذ الحكم من حصوله قرينة على وضع اليد الظاهر بنية التملك على تلك الأعيان ذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة العقد أو بطلانه، كما أن بطلان العقد - بفرض تحققه - ليس بذي أثر في قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقديراته أنه على الرغم من بطلان عقد البيع باعتباره هبة سافرة لم تتم في شكل رسمي فإن أحد الموهوب لهم قد وضع يده على الأعيان الموهوبة المدة الطويلة واستوفى وضع يده الأركان القانونية التي تجعله سبباً لكسب الملكية، فإن مؤدى ذلك أنه قد تملك تلك الأعيان بالتقادم المكسب لا بالعقد الباطل ومن ثم فإذا كان عقد قسمة تلك الأعيان قد لحقه البطلان لاستناده إلى عقد الهبة الباطل إلا أنه إذ تضمن بيعاً من والد الموهوب له لحفيده عن نصيبه الميراثي في تلك الأعيان التي لم تؤول ملكيتها للبائع أو لمورثه بسبب عقد الهبة الباطل وإنما بسبب آخر غير مترتب عليه ولا صله له به، فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وإن كان وارداً في عقد القسمة المذكور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 ومسجل في 27 سبتمبر سنة 1911 باع علي محمد خفاجي لأولاده محمد وفاطمة وزينب ونفيسة وصديقه ولزوجته فاطمة حسن صيام 6 ف و20 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين ونصف منزل. وخص ولده محمد في المبيع بمقدار 4 ف و2 ط و16 س في الأطيان وبمنزل ونصف ونص في العقد على أن البيع نظير مبلغ 450 جنيهاً وأن البائع سامح المشترين في هذا المبلغ وأنه قد أخلى يده من الأطيان المبيعة وأصبح من حق المشترين التصرف فيها بكافة التصرفات ونقل تكليفها إلى أسمائهم كما ذكر في العقد أن البائع تلقى ملكية ما باعه بطريق الشراء من والده محمد خفاجي الكبير - وقد تم نقل تكليف الأطيان المبيعة إلى أسماء المشترين بعد تسجيل العقد - وفي سنة 1913 أقام محمد خفاجي الكبير بالدعوى رقم 205 سنة 1913 ضد ولده على البائع وضد آخرين طالباً تثبيت ملكيته إلى 8 ف و5 ط و16 س أطياناً زراعية ومنزلين يدخل فيها ما بيع بعقد 10 / 9/ 1907 وقضى له بطلباته في 8 مايو سنة 1913 غير أن هذا الحكم لم ينفذ حتى توفى المحكوم له وورثة ابنه علي - وبتاريخ 28 أبريل سنة 1924 توفى محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول وفي 5 مارس سنة 1929 أجرى علي محمد خفاجي قسمة الأعيان التي كان قد باعها لأولاده ولزوجته بعقد 10 سبتمبر سنة 1907 وحرر لهذا الغرض عقد قسمة بينه بصفته الشخصية وبوصفه ولياً على حفيده عبد المنعم (المطعون عليه الأول) وبين بناته وقد أقر في هذا العقد بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنه محمد في المبيع - وقدرها 16 ط و10 و2/3 سهم في الأطيان و30 و26 متراً في المنازل - إلى حفيده عبد المنعم القاصر المشمول بولايته نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه من القاصر المذكور كما أقر بتنازله عن حصته الميراثية في نصيب ابنته فاطمة التي كانت قد توفيت سنة 1912 إلى أخواتها البنات الأخريات واختص عبد المنعم في هذه القسمة بمقدار 4 ف و2 ط و16 س من الأطيان المبيعة، 160 م و30 س في المنازل وذكر في عقد القسمة أن هذه المقادير من تكليف مورثه محمد علي خفاجي - وسجل عقد القسمة في 9 مارس سنة 1929 - وبتاريخ 6 مارس سنة 1929 حرر علي محمد خفاجي إقراراً على نفسه صدق عليه من محكمة طنطا في 9 من الشهر المذكور ذكر فيه أنه بصفته وارثاً لوالده محمد خفاجي الكبير قد تنازل عن الحكم الصادر لمورثه المذكور في القضية رقم 205 سنة 1913 كلي طنطا واستئنافها وأن هذا الحكم أصبح لاغياً ولا يجوز له تنفيذه وأنه قد تصرف لأولاده ولحفيده عبد المنعم القاصر في بعض المحكوم به لوالده بعقد تم تسجيله - وفي أواخر سنة 1941 قام نزاع بين علي محمد خفاجي وبين حفيده عبد المنعم أدى بالأول إلى أن يرفع بتاريخ 4 مارس سنة 1942 الدعوى رقم 202 سنة 1942 كلي طنطا ضده حفيده عبد المنعم في شخص وصى الخصومة عليه السعيد أحمد خفاجي كما اختصم في الدعوى بناته نفيسة وزينب وصديقة وزوجته فاطمة صيام وطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى الأطيان والعقارات المبينة بالعريضة وهي ذات الأعيان الواردة في عقد 10 سبتمبر سنة 1907 كما طلب الحكم ببطلان هذا العقد على أساس أنه يتضمن هبة سافرة تعتبر باطلة بطلاناً مطلقاً لعدم حصولها بعقد رسمي وبتاريخ 25 يونيه سنة 1942 - حكمت محكمة طنطا الابتدائية ببطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر سنة 1907 وبثبوت ملكية المدعى إلى الأرض والمنازل الموضحة بالعريضة فيما عدا الـ 16 ط و10 و2/ 3 س في الأطيان و26 م و30 س في المنزلين الموضحة بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 وقد أسست المحكمة قضاءها باستبعاد هذين المقدارين - وهما قيمة ما آل إلى علي خفاجي بطريق الميراث عن ابنه محمد من نصيب الأخير في العقارات المبيعة بعقد سنة 1907 - أسست المحكمة قضاءها بذلك على أن علي خفاجي قد باع حصته هذه إلى حفيده عبد المنعم وقبض منه الثمن على ما هو ثابت من إقراره بذلك الوارد في عقد القسمة - وقد رفع الوصي علي عبد المنعم استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 199 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى جده علي محمد خفاجي - ورفع الأخير بدوره استئنافاً عن الحكم قيد برقم 207 سنة 60 ق مصر طالباً إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به لصالح حفيده عبد المنعم - وقد توفى رافع الاستئناف الثاني بعد رفعه وحل محله فيه ورثته - وضمت محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 21 فبراير سنة 1945 أولاً - في الاستئناف المرفوع من الوصي على القاصر عبد المنعم بقبوله وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10 سبتمبر 1907 وبقبول الدفع وسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة ورفض دعوى المرحوم علي محمد خفاجي بالنسبة لطلب تثبيت ملكيته للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى فيما يختص بنصيب القاصر المذكور ثانياً - في الاستئناف المرفوع من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية القاصر عبد المنعم للقدر المحكوم له به ابتدائياً - وقد طعنت السيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وصية على ابنيها القاصرين عبد الحميد وعلي ولدي علي محمد خفاجي في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 124 سنة 15 ق وبتاريخ 5 ديسمبر سنة 1946 قضت فيه محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه تأسيساً على أنه قد خالف القانون بقضائه بسقوط الحق في رفع دعوى بطلان عقد الهبة موضوع الدعوى بالتقادم ذلك لأن العقد المشوب ببطلان أصلى متعلق بالنظام العام لا ينقلب صحيحاً مهما طال عليه الزمن ومن ثم لا يسقط الحق في رفع الدعوى ببطلانه بالتقادم كما شاب الحكم قصور في تسبيب قضائه برفض طلب تثبيت ملكية مورث الطاعنين المرحوم علي محمد خفاجي فيما يختص بنصيب القاصر عبد المنعم ذلك أنه استند في ذلك إلى أن القاصر المذكور قد كسب ملكية هذا النصيب بالتقادم وقد استخلص الحكم وضع اليد المكسب للملك من مجرد ما ذكر في عقد البيع من رفع يد البائع المرحوم علي محمد خفاجي عن المبيع ومن نقل التكليف مع أن هذا - كما قالت محكمة النقض - ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له كما أن الحكم من جهة أخري لم يتعرض إلى الرد على دلالة الأحكام التي قدمتها الطاعنة إلى محكمة الموضوع إثباتاً للصورية وقد زعم الحكم أنه ليس للطاعنة إثبات هذه الصورية كمورثها إلا بالكتابة في حين أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وبتاريخ 16 من إبريل سنة 1957 حكمت محكمة استئناف طنطا من جديد في الاستئنافين اللذين قيدا بجدولها برقمي 250 و251 سنة 1 ق بقبولهما شكلاً وفي موضوع الاستئناف الأول المرفوع من عبد المنعم محمد علي خفاجي برفض الدفع سقوط الخصومة والدفع بسقوط الحق في رفع دعوى البطلان بمضي المدة وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 وبإلغائه فيما قضي به من تثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي للأعيان الموضحة بعريضة الدعوى بالنسبة لنصيب عبد المنعم محمد علي خفاجي المبين بعقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 والمسجل في 9/ 3/ 1929 وبرفض هذا الطلب بخصوص ذلك وفي موضوع الاستئناف الثاني المقام أصلاً من المرحوم علي محمد خفاجي برفضه بالنسبة للقدر المحكوم به لعبد المنعم (المطعون عليه الأول) بموجب الحكم المستأنف مع إلزام ورثة المذكور بجميع مصاريف الدعوى عن الدرجتين، 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما - وبتاريخ 26 من يونيه سنة 1957 طعن كل من علي علي محمد خفاجي عن نفسه وبصفته وارثاً لأخيه المرحوم عبد الحميد والسيدة جميلة أحمد عبد الله بصفتها وارثة أيضاً لأبنها عبد الحميد المذكور في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الحالي وطلب الطاعنان نقض الحكم المطعون فيه فيما عدا ما قضى به من رفض الدفعين المنوه عنهما في منطوقه وفيما عدا ما قضى به من بطلان العقد المؤرخ 10/ 9/ 1907 والحكم بتثبيت ملكية المرحوم علي محمد خفاجي لجميع الأعيان الموضحة بصحيفة الدعوى الابتدائية رقم 202 سنة 1942 مدني كلي طنطا مع إلزام المطعون ضدهما الأول والأخير بصفته بكافة المصروفات وأتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة المقدمة منها والتي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 3 يناير سنة 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه على أن المطعون عليه الأول قد تملك الأعيان المبيعة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بمقولة إن والده ظل واضعاً اليد على هذه الأعيان بصفة مالك من تاريخ تحرير هذا العقد حتى تاريخ وفاته وقد خلفه في وضع اليد المطعون عليه الأول واستمر واضعاً اليد حتى تاريخ رفع الدعوى وقد دلل الحكم على ذلك بما ورد في العقد المذكور من أن يد المرحوم علي محمد خفاجي قد رفعت عن الأعيان المبيعة منه إلى أولاده - وبنقل التكليف من اسم البائع المذكور إلى اسم والد المطعون عليه لأول منذ تاريخ العقد. وبإقرار المرحوم علي محمد خفاجي في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 بأن الأعيان الواردة به تركة موروثة عن ابنه المرحوم محمد علي خفاجي وإقراره أيضاً في 6/ 3/ 1929 بالتنازل عن الأحكام الصادرة لصالح مورثه المرحوم محمد خفاجي الكبير في سنة 1913 وبتعهده بعدم تنفيذها كما استدل الحكم أيضاً على ذلك بأن والد المطعون ضده الأول قام برهن تلك الأطيان للبنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 وأن تكليف هذه الأطيان نقل لاسم المطعون ضده الأول بعد وفاة والده وفي حياة جده المرحوم علي محمد خفاجي وأن هذا الجد باع للحكومة في 20 يناير سنة 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به حفيده المطعون ضده الأول وصدر منه هذا البيع بصفته ولياً طبيعياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 فيما آل بالميراث عن والده المرحوم محمد علي خفاجي المالك بالشراء من علي محمد خفاجي بعقد 10/ 9/ 1907 ويقول الطاعنان إنه بالنسبة للاستدلال بعقد 10/ 9/ 1907 ونقل التكليف وعقد القسمة والإقرارات المنوه عنها جميعاً فقد سبق لمحكمة النقض أن قررت في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق أن هذا كله ليس من شأنه أن يفيد بذاته حصول وضع اليد الفعلي ولا توافر أركانه المكونة له أما عن استدلال الحكم بقيام والد المطعون ضده الأول برهن العقارات المبيعة إلى البنك الزراعي في 27/ 2/ 1912 فإنه غير مجد ذلك أن عقد الرهن المستند إلى عقد البيع المؤرخ 10/ 9/ 1907 هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً فضلاً عن أنه يبين من شهادة ميلاد والد المطعون ضده الأول التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع أنه ولد في 4 فبراير سنة 1893 وأن عقد الرهن مؤرخ في 27 فبراير سنة 1912 أي أن المدين الراهن المذكور قد رهن العقار وهو لما يبلغ تسعة عشر عاماً (كذا) مما يجعل الرهن باطلاً لصدوره من قاصر ناقص الأهلية ثم إن قيام والد المطعون ضده الأول بالرهن لا يفيد بذاته وضع اليد الفعلي المستكمل لشرائطه القانونية وانتهى الطاعنان إلى أن استناد الحكم إلى ما تقدم بيانه في القول بالتملك بوضع اليد هو استناد قاصر لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهي إليها الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتملك المطعون عليه الأول الأعيان الموهوبة لوالده بعقد 10/ 9/ 1907 - الذي وصف بأنه عقد بيع - بالتقادم المكسب الطويل المدة على قوله "وحيث إن وضع يد محمد علي خفاجي والد عبد المنعم (المطعون عليه الأول) على الأعيان الموهوبة إليه من والده علي خفاجي بصفته مالكاً ظاهراً ثابت من إقرار والده في عقد 10/ 9/ 1907 برفع يده عن الأعيان ومن نقل تكليفها إليه منذ تسجيل العقد في سنة 1911 وبقائها كذلك حتى نقلت لاسم ابنه عبد المنعم في سنة 1929 ومن رهنه للأطيان وقد أقر الوالد على خفاجي وضع يد ابنه هذا بما قرره في عقد القسمة وفي إقراره المسجل في سنة 1929 وتأخذ المحكمة من تصرفه بالبيع في جزء من الأطيان للحكومة باعتباره ولياً على القاصر عبد المنعم ابن ابنه وتصرفه بهذه الصفة لأولاده أن وضع يده كان بصفته ولياً على القاصر وبالتالي وضع اليد انتقل من محمد خفاجي لابنه عبد المنعم - وحيث إن المحكمة تستخلص من كل ذلك أنه رغم بطلان عقد البيع المحرر في سنة 1907 فقد ظل والد عبد المنعم إلى أن توفى في سنة 1924 وجه بصفته ولياً عليه واضعين اليد على تلك الأعيان بصورة ظاهرة لا منازع فيها بنية التملك المدة الطويلة المكسبة للملك وحيث إن إقرار باقي ورثة علي خفاجي وهو نفيسة وأخواتها بعدم وضع يدهن على نصيبهن لا يؤثر على حق عبد المنعم إذ أن الإقرار حجة قاصرة عليهن لا تتعدى للغير" وقال الحكم في موضع آخر بعد أن استعرض الأحكام المقدمة من الطاعنة الثانية للتدليل على صورية عقد سنة 1907 "إن دعاوى الاسترداد المقدمة أحكامها ليست دليلاً على نفي وضع يد عبد المنعم إذ لم يكن هو طرفاً في أي من هذه الدعاوى كما لم يكن يمثل فيها جده بصفته ولياً عليه" وأشار الحكم في تقريراته إلى مستند يثبت أن والد المطعون ضده الأول المرحوم محمد علي خفاجي قد رهن الأطيان الموهوبة له بعقد سنة 1907 إلى البنك الزراعي المصري في 27/ 2/ 1912 كما أشار إلى مستند آخر يتضمن أن جد المطعون عليه الأول المرحوم علي خفاجي باع للحكومة في 20/ 1/ 1935 ثلاثة قراريط مما اختص به المطعون عليه الأول في عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وقد صدر منه هذا البيع بصفته ولياً على حفيده المذكور ونص في العقد على أن الملكية آلت إلى القاصر بطريق القسمة بالعقد المؤرخ 5/ 3/ 1929 المسجل في 9/ 3/ 1929 فيما آل إليه بالميراث عن والده - وأشار الحكم أيضاً إلى مستند ثالث تقدم إلى محكمة الاستئناف يثبت أن محمد علي خفاجي والد المطعون عليه الأول توفى في 28 من أبريل سنة 1924 - ولما كان يبين مما قرره الحكم المطعون فيه على النحو المتقدم ذكره أنه لم يقف في تدليله على تملك المطعون عليه الأول الأعيان التي قضى بأنه تملكها بالتقادم المكسب الطويل المدة عند حد الأسباب التي كان قد استند إليها الحكم الاستئنافى الأول المنقوض والتي اعتبرتها محكمة النقض في الطعن السابق رقم 124 سنة 15 ق غير كافية بذاتها لإفادة حصول وضع اليد الفعلي وتوافر أركانه - بل إن الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى تلك الأسباب أسباباً أخرى أهمها قيام والد المطعون عليه الأول برهن الأعيان المذكورة في سنة 1912. وتصرف جد المطعون عليه المذكور بصفته ولياً عنه في بعض هذه الأعيان بالبيع وإقراره في عقد البيع بأن ما باعه مملوك لحفيده المذكور بطريق الميراث عن والده محمد علي خفاجي كما استظهر الحكم المطعون فيه أركان وضع اليد المملك من حيث الظهور والاستمرار والهدوء ونية الملك وأثبت توافرها كما أثبت أن المطعون عليه الأول وسلفه قد وضعا اليد على الأطيان محل النزاع منذ سنة 1907 حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية في 4 مارس سنة 1942. لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه في هذا الخصوص سائغة ومن شأنها أن تؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهي إليها فإنه لا سبيل إلى الجدل في ذلك أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي - ولا عبرة بما يثيره الطاعنان من بطلان عقد الرهن الذي عقده والد المطعون عليه الأول في سنة 1912 وذلك أن الحكم لم يكن بصدد مسألة تتعلق بصحة أو بطلان هذا العقد وإنما هو قد اتخذ من حصول الرهن قرينة استدل بها على وضع يد والد المطعون عليه الأول بصفته مالكاً ظاهراً على الأعيان التي رهنهاً - وليس بطلان عقد الرهن - بفرض تحقق البطلان المدعى به - بذي أثر على قيام هذه القرينة وصحة الاستدلال بها في هذا المقام.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بالنسبة لما قضى به من رفض الطعن بالصورية ذلك أنه توهم أن هذا الطعن ينصب على عقد 10/ 9/ 1907 ورد عليه على هذا الأساس بأن القول بأنه قصد بالصورية التهرب من النفقة المستحقة للطاعنة الثانية ينقضه أن هذه الطاعنة لم تتزوج بالمرحوم علي محمد خفاجي إلا في 9/ 6/ 1924 وأن أحكام النفقة التي استصدرتها ضد زوجها المذكور لم تبدأ إلا في سنة 1928 - ويقول الطاعنان إن طعنهما بالصورية إنما ينصب على عقد القسمة المحرر في 5/ 3/ 1929 وعلى الإقرار المعاصر له المؤرخ 6/ 3/ 1929 الذين صدرت أحكام النفقة في تاريخ سابق عليهما - هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد وقع في ذات الخطأ الذي وقع فيه الحكم السابق نقضه وذلك بتقريره أن الطاعنة الثانية وهي وارثة حكمها حكم المورث فلا يجوز لها إثبات صورية سند صادر من مورثها إلى الغير إلا بالكتابة مخالفاً بذلك ما قررته محكمة النقض في الطعن السابق من أن الوارث يعتبر من الغير بالنسبة إلى تصرفات المورث الضارة به - وقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه أن يتبع حكم النقض في هذه المسألة القانونية وأن يصرح بالتالي للطاعنة الثانية بإثبات صورية عقد وإقرار سنة 1929 بكافة طرق الإثبات أما وقد خالف حكم النقض السابق في تلك المسألة فإنه يكون مخالفاً للقانون كما أنه بعدم تصريحه بإثبات الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية يكون مشوباً بالقصور - ويضيف الطاعنان أنه حتى لو صح أن الكتابة لازمة لإثبات الصورية المدعاة فإنه كان يوجد مانع أدبي يحول دون الحصول على هذه الكتابة - هو القرابة القائمة بين المطعون ضده الأول وجده المرحوم علي خفاجي مما يبرز جواز الإثبات بالبينة.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بتملك المطعون عليه الأول للأعيان التي قضى بملكيته لها على أنه كسب هذه الملكية بعقد 10 من سبتمبر سنة 1907 وبعقد القسمة أو الإقرار المعاصر له وإنما على أساس أنه كسب الملكية بالتقادم المكسب الطويل المدة الذي يعتبر بذاته سبباً قانونياً مستقلاً للتملك فإنه سواء انصب الطعن بالصورية على العقد الأول أو على المحررين الآخرين فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى الخوض في بحث الصورية المدعاة ويعتبر كل ما قاله في شأنها تزيداً منه لم يكن يقتضيه تسبيب قضائه ومن ثم فإنه بفرض تحقق القصور والخطأ في القانون المدعى بهما في أسباب الحكم المتضمنة الرد على الطعن بالصورية فإن ذلك لا يعيب الحكم إذ هو يستقيم بدون هذه الأسباب.
وحيث إن الطاعنين ينعيان في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأ في القانون فيما قضى به من رفض الاستئناف المرفوع من مورثهما المرحوم علي محمد خفاجي ذلك أنه أسس قضاءه بذلك على ما ورد في عقد القسمة المؤرخ 5/ 3/ 1929 من أن تنازل هذا المورث عن القدر الذي تنازل عنه لحفيده عبد المنعم المطعون عليه الأول والذي آل إليه بالميراث عن ابنه محمد والد المطعون عليه المذكور هذا التنازل تم نظير مبلغ 45 جنيهاً قبضه المتنازل من حفيده - مما اعتبره الحكم مكوناً لعقد بيع تام صحيح متوافر الأركان - في حين أن عقد القسمة المذكور هو عقد باطل لاستناده إلى عقد باطل بطلاناً مطلقاً هو عقد 10/ 9/ 1907 وإجازة الحكم للثمن الوارد في عقد القسمة معناه إجازة الأصل وهو عقد البيع المذكور ومن ثم تكون هذه الإجازة الخاصة بالثمن باطلة قانوناً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تقريراته أنه على الرغم من بطلان عقد 10 سبتمبر سنة 1907 فإن والد المطعون عليه الأول قد وضع يده على الأعيان الموهوبة له بهذا العقد من تاريخ تحريره إلى أن توفى في سنة 1924 وقد استوفى وضع يده عليها أركانه القانونية التي تجعل منه سبباً لكسب الملكية فإن مؤدى ذلك أن والد المطعون عليه الأول يكون قد تملك هذه الأعيان قبل وفاته بالتقادم المكسب الطويل المدة وليس بعقد سنة 1907 ومن ثم فلا تثريب على المحكمة بعد ذلك إذا هي اعتبرت تنازل الجد المرحوم علي محمد خفاجي عن نصيبه الميراثي في هذه الأعيان إلى حفيده مقابل مبلغ قبضه من هذا الحفيد مكوناً لعقد بيع صحيح لهذا النصيب ولا يقدح في سلامة هذا النظر أن يكون هذا العقد قد تضمنه عقد القسمة المؤرخ في سنة 1929 ذلك أن البطلان لا يلحق عقد القسمة المذكور إلا فيما كان منه مستنداً إلى عقد سنة 1907 ولما كان البيع قد وقع على أعيان لم تؤل ملكيتها للبائع أو لمورثه الذي تلقى عنه ملكية المبيع بسبب العقد المذكور وإنما بسبب آخر غير مترتب على هذا العقد ولا صلة له به فإن هذا البيع لا يمتد إليه البطلان بل يبقى صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً وارداً في عقد القسمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 699 لسنة 35 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 130 ص 1249

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

------------------

(130)

الطعن رقم 699 لسنة 35 القضائية

(أ) دعوى - صفة في الدعوى - الهيئة القومية للبريد.
القانون رقم 19 لسنة 1982 بشأن الهيئة القومية للبريد - أكسب القانون رقم 19 لسنة 1982 الهيئة القومية للبريد شخصية اعتبارية مستقلة ونص على أن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير - صاحب الصفة في تمثيل الهيئة أمام القضاء هو رئيس مجلس إدارتها دون وزير المواصلات - الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - أوردت لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد حكماً خاصاً في مجال الترقية بالاختيار لا مثيل له بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة - يجوز للعامل بالهيئة الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر شروط شغلها أن يندب بقرار من رئيس مجلس الإدارة لشغل تلك الوظيفة الأعلى مع استحقاقه مميزاتها المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها - توافر مثل هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد أن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الهيئة بقرار الندب أساس ذلك: القول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى ثم ترقيته إليها بالاختيار رهين بمشيئة الجهة الإدارية دون ضابط تتحقق به الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت بما يجاوز الهدف الأصلي المتبقي من النص - نتيجة ذلك: لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحداث سواء في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدام منه طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً للائحة هو مقدمة للترقية إليها - تطبيق.
(ج) تشريع - سريانه من حيث الزمان.
ندب عامل بالهيئة القومية للبريد لشغل وظيفة أعلى - صدور لائحة نظام العاملين بالهيئة في تاريخ لاحق على قرار الندب - خضوع ندبه لنص المادة 56 من قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978 باعتباره الشريعة العامة - عدم استفادته من نص المادة 41 من قرار وزير النقل رقم 70 لسنة 1972 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد التي تجيز النقل لوظيفة أعلى وما يترتب عليه من آثار من أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى - تطبيق.
(د) عاملون مدنيون بالدولة - طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم.
المادتان 71، 84 من قرار وزير المواصلات رقم 70 لسنة 1982 بلائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد - حظر ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر - حظر الترقية ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية تنفيذاً للإعارة أو الإجازة - لا ينصرف هذا الحظر إلى العامل قبل تنفيذ إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل فعلاً - نتيجة ذلك: احتفاظ العامل بكافة حقوقه الوظيفية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 7/ 2/ 1989 أودع الأستاذ أحمد كمال أبو الفضل المحامي نائباً عن الأستاذ فاروق أحمد دياب المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 699 لسنة 35 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 29/ 1/ 1988 في الدعوى رقم 3897 لسنة 40 قضائية - المقامة من الطاعن - والقاضي أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي بالمصرفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدها بالمصاريف.
وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 70/ 1986 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى الدرجة الأولى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 11/ 6/ 1990 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه وحافظة مستندات، وحضر محامي هيئة قضايا الدولة عن المطعون ضده الأول وقدم مذكرة بدفاعه كما حضر محامي الهيئة القومية للبريد وقدم حافظتي مستندات ومذكرة انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعات تتلخص في أن المدعي السيد/ ........ أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 31/ 5/ 1988 والتي اختصم فيها كل من.
1 - السيد وزير المواصلات.
2 - السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد وطلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 70 لسنة 1986 الصادر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليها بالمصاريف، وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه يعمل بالهيئة القومية للبريد ومعار إلى معهد البريد الثانوي بالمملكة العربية السعودية، وبتاريخ 3/ 4/ 1986 أخطرته الإدارة التي يعمل بها بصورة كتاب الإدارة العامة لشئون العاملين بما يفيد تخطيه في الترقية للدرجة الأولى بالقرار الإداري رقم 70 الصادر في 16/ 1/ 1986 وتعللت الهيئة بأن التخطي تم لوجوده بإجازة خاصة بدون مرتب طبقاً للمادتين 71، 84 من لائحة العاملين بالهيئة، وأضاف المدعي أنه لم يقم بالإجازة المشار إليها إلا اعتباراً من 21/ 1/ 1986 بعد صدور قرار الترقية ومن ثم فلا يجوز تخطيه لهذا السبب وخاصة وأنه هو الأقدم في ترتيب الأقدمية في الفئة الثانية ممن شملهم هذا القرار وملف خدمته يشهد له بالنشاط والحزم والمثابرة في عمله الذي يؤديه بكل كفاءة وإخلاص، كما أن تقارير كفايته عن السنوات الثلاث السابقة كلها بمرتبة ممتاز، وقد فوجئ بترشيحه للإعارة دون أن يتقدم بطلب لذلك، ومن البديهي أن حركة الترقيات هذه سبقتها إجراءات للإعداد تزامنت مع ترشيحه للإعارة وكانت الهيئة تعلم بأقدميته وبأحقيته في هذه الترقية، وأضاف بأنه تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 4/ 1986، ومن ثم انتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
وقدم محامي الهيئة القومية للبريد مذكرة أشار فيها أن لائحة العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1989 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1982 تنص في المادة 44 على أن الترقية إلى الدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار وتنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل تميزاً ظاهراً يجوز لرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بأعباء وظيفة أعلى فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية، كما نصت المادة 71 على أنه لا يجوز ترقية العامل إلا بعد انتهاء الإعارة، وتنص المادة 84 على أنه يسري في شأن العامل الذي يحصل على إجازة خاصة ما يسري بشأن العامل المعار عند الترقية، وأضافت الهيئة بأنه وإن كان المدعي له أقدمية في الدرجة الثانية من 1/ 5/ 1974 بينما أقدمية آخر المرقين وهو إبراهيم مصيلحي حسن مصطفى في هذه الدرجة ترجع إلى 1/ 11/ 1974 إلا أنه اكتسب خبرة في الوظيفة المرقى إليها بالدرجة الأولى بحكم ندبه لها بالقرار الإداري رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 وأظهر كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً فله الأولوية في هذه الترقية كما أن المدعي لا تجوز ترقيته لأنه كان قد تصرح له بإعارة اعتباراً من 21/ 12/ 1985 وبذلك فإن قرار تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى والمطعون فيه يعد قراراً مشروعاً ومن ثم انتهت الهيئة المدعى عليها إلى طلب الحكم برفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19/ 12/ 1988 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الأول لرفعها على غير ذي صفة ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت أن القرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 صدر بتاريخ 16/ 1/ 1986 فتظلم منه المدعي بتاريخ 19/ 4/ 1986 بالتظلم رقم 89 لسنة 1986 إلى السيد مفوض الدولة بالهيئة القومية للبريد وإذ لم يبت في التظلم أقام المدعي دعواه بتاريخ 31/ 5/ 1986 ومن ثم يكون قد أقامها في الميعاد المقرر لذلك قانوناً باعتبارها من دعاوى الطعن بالإلغاء وفقاً لنص المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 وإذ استكملت الدعوى باقي أوضاعها الشكلية فمن ثم تكون مقبولة شكلاً، ومن حيث إنه عن تحديد صاحب الصفة في الدعوى فإنه وإن كان الأصل أن كل وزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره هو الذي يتولى الإشراف على شئون وزارته والذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة، إلا أن المشرع قد يسند صفة النيابة في وحدة إدارية إلى رئيسها فتكون لهذا الأخير عندئذ هذه الصفة دون الوزير وذلك بالقدر وفي الحدود التي نص عليها القانون، ولما كانت الهيئة القومية للبريد منشأة بالقانون رقم 19 لسنة 1982 والذي نص فيه على إنها تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة وأن رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها بالغير، ولما كانت هذه الهيئة هي الجهة الإدارية المتصلة بالدعوى باعتبار أن القرار المطعون فيه صادر منها وليس من وزير المواصلات، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول "وزير المواصلات" مما يتعين معه عدم قبولها بالنسبة إليه لرفعها على غير ذي صفة.
وأضافت محكمة القضاء الإداري أنه عن موضوع الدعوى فإن لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 70 لسنة 1982 والمعمول بها اعتباراً من أول ديسمبر 1982 وضعت ضوابط معينة لترقية العامل المعار أو العامل الذي يحصل على إجازة خاصة بدون مرتب وهي عدم جواز ترقيته خلال مجموع مدد الإعارة أو الإجازة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة بالأقدمية أما بالنسبة للترقية بالاختيار فلا يجوز ترقيته إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر بعد عودته إلى عمله الأصلي، وبتطبيق ذلك على حالة المدعي يبين أنه حصل على إجازة خاصة بدون مرتب اعتباراً من 21/ 12/ 1985 تاريخ موافقة رئيس مجلس إدارة الهيئة المدعى عليها للعمل بالمملكة العربية السعودية، وأن القرار المطعون فيه صدر بعد ذلك التاريخ في 16/ 1/ 1986، ولما كانت الترقية إلى الدرجة الأولى هي ترقية بالاختيار فلا يجوز ترقية المدعي إلى هذه الدرجة ضمن المرقين إليها بالقرار المطعون فيه إلا بعد عودته من الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب ووضع تقدير كفاية عن عمله بعد عودته لمدة لا تقل عن ستة أشهر على الأقل الأمر المنتفي تماماً في شأن المدعي وقت صدور القرار المطعون فيه، ومن ثم يكون هذا القرار مطابقاً لصحيح حكم القانون مما يتعين معه رفض الدعوى وانتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ القانون في تطبيقه وتأويله ذلك أن تخطي المدعي بالقرار المطعون فيه غير قائم على سند من القانون، فالمدعي - الطاعن - يسبق المطعون على ترقيته في الأقدمية وتقارير كفايته جميعها بمرتبة ممتاز بإقرار الجهة الإدارية ذاتها، ومن المستقر عليه في أحكام المحكمة الإدارية العليا أنه وإن كانت الجهة الإدارية تترخص في الترقية بالاختيار إلا أنه يجب أن يكون قرارها مستمداً من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها فإذا لم يقع الأمر على هذا النحو فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه كما أن المبدأ العادل يجري على أن الحد الطبيعي للترقية بالاختيار هو عدم تخطي الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان هذا الأخير ظاهر الامتياز وأنه عند التساوي في درجة الكفاءة يرقى الأقدم، كما أن الندب لا يكسب العامل حقاً في الوظيفة المنتدب إليها عند التزاحم في الترقية إليها، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أصاب في قضائه صحيح حكم القانون حينما انتهى إلى عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول، المطعون عليه الأول - وزير المواصلات، تأسيساً على أن الجهة الإدارية ذات الصلة بالدعوى هي الهيئة القومية للبريد وقد اكسبها القانون رقم 19 لسنة 1982 شخصية اعتبارية مستقلة وقضى بأن يكون رئيس مجلس إدارتها هو الذي يمثلها أمام القضاء وفي صلاتها مع الغير، فيكون هو صاحب الصفة في تمثيلها في المنازعة المعروضة دون وزير المواصلات ومن ثم يتعين تأييد الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لوزير المواصلات لأسبابه سالفة السرد.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد استندت في تخطيها للطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار المطعون فيه رقم 70 لسنة 1986 إلى سببين أولهما أن آخر المرقين بهذا القرار سبق ندبه بالقرار رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 إلى الوظيفة المرقى إليها بحيث تكون له الأولوية في هذه الترقية وثانيهما أن الطاعن كان بإجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته.
ومن حيث إنه بالنسبة للسبب الأول فإنه بالرجوع إلى لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 والتي تسري اعتباراً من أول ديسمبر عام 1982 حيث إنها تنص في المادة 41 على أنه إذا أظهر العامل كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى من وظيفته وإن لم تتوافر فيه شروط شغلها أو الترقية إلى الدرجة المخصصة لها بسبب مدد الترقية فلرئيس مجلس الإدارة أن يكلفه بالقيام بأعباء هذه الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة للوظيفة الأعلى من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها أخذ ذلك في الاعتبار عند الترقية في نسبة الاختيار بحيث تكون له الأولوية قبل أعمال الأقدمية في نسبة الاختيار.
كما نصت المادة 44 من هذه اللائحة على أن تكون الترقية للدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار على أساس ما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد بملفات خدمتهم وغيرها من الأوراق المتصلة بعملهم والتي تكشف عن عناصر الامتياز........ ويشترط للترقية بالاختيار أن يكون العامل قد قدرت كفايته بمرتبة ممتاز في العامين الأخيرين ويفضل من يحصل على مرتبة ممتاز في العام السابق مباشرة عليهما فإن لم يوجد جاز الاكتفاء بالحصول على تقرير بمرتبة ممتاز في العام الأخير بشرط أن يكون التقريران السابقان عليه بمرتبة جيد وذلك كله مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في مرتبة الكفاية ودون إخلال بالأولوية المقررة في المادة 41 من هذه اللائحة.
ومن حيث إنه ولئن كانت الأحكام السابقة التي نصت عليها لائحة العاملين. بالهيئة القومية للبريد تتفق في مجموعها مع الأحكام المقررة للترقية بالاختيار المنصوص عليها في المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 إلا أن المادة 41 من هذه اللائحة أوردت حكماً خاصاً مغايراً لا مثيل له في قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة قوامه أن العامل الذي يبدي كفاية خاصة وتميزاً ظاهراً في أداء أعمال وظيفته بما يؤهله لتحمل أعباء وظيفة أعلى ولو لم تتوافر بشأنه شروط شغلها يجوز ندبة بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة لتلك الوظيفة الأعلى وفي هذه الحالة يستحق المميزات المقررة لها من بدلات وغيرها فإذا أحسن القيام بأعبائها كانت له الأولوية في الترقية إليها، وعلى ذلك فإن هذا الحكم الخاص هو الواجب التطبيق على العاملين بالهيئة دون الحكم العام الوارد بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، وذلك إعمالاً لهذا القانون ذاته الذي نص في مادته الأولى على أن يعمل في المسائل المتعلقة بنظام العاملين المدنيين بالدولة بالأحكام الواردة بهذا القانون وتسري أحكامه على العاملين بالهيئة العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة لهم، ولا تسري هذه الأحكام على العاملين الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات.
ومن حيث إنه ولئن كان نص المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد هو الواجب التطبيق على هؤلاء العاملين وفق ما سلف، إلا أن هذا النص يشكل حكماً استثنائياً يرتهن تطبيقه بشروط وأوضاع خاصة تستلزم تحقق قدرات خاصة غير عادية في العامل تتمثل فيما يبديه في عمله من كفاية ملحوظة وتميز ظاهر وهو ما لا يتحقق بطبيعة الحال إلا في فئة معينة من العاملين بما يسوغ للجهة الإدارية تطبيقاً لهذا النص بإيثارهم بالندب إلى الوظيفة الأعلى رغم عدم توافر شروط شغلها في شأنهم، وذلك توطئة لترقيتهم إليها إذا أحسنوا القيام بأعبائها، ولا جدال في أن توافر هذه القدرات المتميزة في العامل لا بد وأن يكون له صدى في الأوراق ودلائل تشير إليه وقرائن تكشف عنه، ولا يكون في هذا الصدد مجرد قول مرسل من الجهة الإدارية بتوافر تلك القدرات الخاصة في عامل دون آخر وبغير أن يستند ذلك إلى تقارير الكفاية التي أعدتها الجهة الإدارية ذاتها بواسطة مسئوليها وفق الإجراءات المقررة في لائحة العاملين بالهيئة بالنسبة لمن يخضع من العاملين لتلك التقارير أو أن تكشف الأوراق عن توافر ذلك التميز والكفاية الخاصة بالنسبة لمن لا يخضعون لتلك التقارير حتى يمكن إيثار أمثال هؤلاء العاملين المتميزين - دون الآخرين ممن توافرت في شأنهم شرائط الترقية بالاختيار من حيث الكفاية والأقدمية طبقاً للقواعد العامة المنصوص عليها في اللائحة المشار إليها - مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها الجهة الإدارية من أفضلية الأولين في الترقية على الآخرين - والقول بغير ذلك مؤداه أن يضحى ندب العامل إلى الوظيفة الأعلى.
ثم ترقيته إليها بالاختيار رهن مشيئة الجهة الإدارية دون ما ضابط تتحقق به. الضمانات التي تكفل حماية المصلحة العامة وحقوق الأفراد في ذات الوقت وتعصم الجهة الإدارية ذاتها من الغلو أو الزلل في استخدام تلك الرخصة بما يجاوز الهدف الأصلي المبتغى منها.
ومن حيث إنه من المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كانت الترقية بالاختيار إلى الوظائف العليا من الملاءمات التي تترخص فيها الإدارة إلا أن مناط ذلك أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وأن تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين العاملين على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبديه الرؤساء عنهم وذلك للتعرف على مدى تفاوتهم في مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأقدم إلى الأحدث إلا إذا كان الأخير أكثر كفاية وهو أمر تمليه دواعي المشروعية فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه، ولا ريب أن هذا المبدأ القانوني العادل الذي جرى به قضاء هذه المحكمة إنما يسري أيضاً على قرارات الندب إلى الوظائف الأعلى توطئة للترقية إليها والتي تصدر طبقاً للمادة 41 من اللائحة المشار إليها، وما يعقبها من قرارات الترقية لهذه الوظائف بالاختيار بمراعاة الأولوية التي يوفرها الندب المشار إليه في حالة ما إذا أحسن العامل القيام بواجبات الوظيفة المنتدب إليها، ذلك أن كافة هذه القرارات يجب أن تكون مستمدة من عناصر صحيحة مودية إليها ومن أصول ثابتة في الأوراق بحيث لا يسوغ تخطي الأقدم إلى الأحدث في الندب أو الترقية إلا عند توافر الأساس اليقيني الجاد بأفضلية الأحدث وتميزه الظاهر على الأقدم وفق ما سلف.
طالما أن الندب لوظيفة أعلى طبقاً لأحكام هذه اللائحة هو مقدمة للترقية إليها.
ومن حيث إنه في خصوصية الواقعة المعروضة فإن الجهة الإدارية استندت إلى قرار الندب رقم 1185 الصادر في 16/ 8/ 1982 للقول بأنه يوفر الأولوية في الترقية إلى من صدر لصالحه دون الطاعن إعمالاً للمادة 41 من اللائحة سالفة الذكر، إلا أن الملاحظ أن وقائع الدعوى لا تساير هذا الادعاء ذلك أن قرار الندب المشار إليه لم يصدر بالتطبيق لنص المادة 41 من هذه اللائحة بما يحويه حكمها من اعتبار العامل المنتدب للوظيفة الأعلى قد اختير لكفايته الخاصة وتميزه الظاهر في أداء أعمال وظيفته وأن الأثر المترتب على هذا الندب مآلاً هو أولويته في الترقية للوظيفة الأعلى إذا ما أحسن القيام بأعبائها طبقاً لحكم لائحة العاملين بالهيئة القومية للبريد إذ لم تكن هذه اللائحة قد صدرت أو عمل بها بعد عند صدور قرار الندب فهذا القرار صدر في 16/ 8/ 1982 بينما صدرت اللائحة وعمل بها في أول ديسمبر 1982 وإنما صدر هذا القرار تطبيقاً لأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 ولائحته التنفيذية وذلك وفق ما ورد في ديباجة قرار الندب ذاته. ومن ثم جاء هذا الندب في حقيقته بالتطبيق للقاعدة العامة الواردة في المادة 56 من نظام العاملين المدنيين بالدولة التي أجازت ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى من نفس وظيفته أو تعلوها مباشرة إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، ودون أن تقصد الجهة الإدارية بقرار الندب المشار إليه ترتيب الآثار المنصوص عليها في المادة 41 من لائحة العاملين بالهيئة السالفة، مما يجعل هذا الندب خارجاً عن نطاق حكم هذه المادة.
ومن حيث إنه فضلاً عن ذلك فإن الثابت بالأوراق أن الطاعن يسبق المطعون على ترقيته وهو آخر المرقين بالقرار المطعون فيه في أقدمية الدرجة الثانية، ويتساوى معه في الحصول على تقدير ممتاز في تقارير الكفاية الثلاث الأخيرة ولم يثبت أن تفضيل المطعون على ترقيته على الطاعن في الترقية بالقرار المطعون فيه مستمد من أصول ثابتة في الأوراق تؤدى على وجه يقيني بصحة النتيجة التي انتهت إليها الإدارة لإجراء هذا التخطي، ومن ثم فإن تذرع الجهة الإدارية بأولوية أو بأفضلية المطعون على ترقيته على الطاعن في هذه الترقية يعد غير صحيح قانوناً للأسباب السالفة.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية وهو كون الطاعن في إعارة أو إجازة خاصة عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بحيث لا تجوز ترقيته فإن المادة 71 من اللائحة المشار إليها تنص على أنه لا تجوز ترقية العامل خلال مجموع مدد الإعارة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة وفي نسبة الأقدمية، كما لا تجوز ترقيته بعد انتهاء الإعارة إلا بعد تقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، وتنص المادة 84 من هذه اللائحة على أن العامل الذي يحصل على إجازة بدون مرتب تسري في شأنه ترقيته الأحكام المقررة للعامل المعار.
ومن حيث إنه ولئن كانت الترقية إلى الدرجة الأولى طبقاً لأحكام اللائحة المشار إليها هي بالاختيار بحيث لا تجوز ترقية العامل المعار أو الذي يحصل على إجازة بدون مرتب إلا بعد عودته وتقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر، إلا أن هذا السبب الذي تذرعت به الجهة الإدارية في الواقعة المعروضة يستبين أيضاً عدم صحته ذلك أن حظر الترقية المشار إليه في المادتين 71، 84 من اللائحة المذكورة إنما ينصرف إلى العامل الذي انقطعت خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية بالإعارة أو الإجازة بدون مرتب أي العامل الذي نفذ بالفعل قرار إعارته أو إجازته بدون مرتب بخروجه في الإعارة أو الإجازة المصرح بها وانقطاع خدمته مؤقتاً بالجهة الإدارية، فلا ينصرف بطبيعة الحال إلى العامل قبل تنفيذ قرار إعارته أو إجازته طالما كان قائماً بالعمل بالجهة الإدارية التي يعمل بها إذ يظل العامل محتفظاً بكافة حقوقه الوظيفية.
ومن حيث إنه رغم صدور قرار الموافقة على الإجازة بدون مرتب بتاريخ 21/ 12/ 1985 وتحرير الطاعن إقرار بأنه سوف يقوم بهذه الإجازة اعتبار من 4/ 1/ 1986، إلا أن الثابت أن إدارة النقل والحركة التي يعمل بها أرسلت كتاباً إلى مدير شئون العاملين في 1/ 1/ 1986 أخطرته فيه بأن الطاعن ما زال مستمراً في ممارسة عمله نظراً لعدم إتمام الإجراءات الرسمية لسفره بالسفارة السعودية وأنها سوف تخطر عند قيامه بالإجازة في حينه، ثم أخطرت مدير شئون العاملين بعد ذلك بقيامه بالإجازة في 21/ 1/ 1986، وهو الأمر الذي ثبت يقيناً وفق البيانات الواردة بالقرار رقم 1182 الموقع من مدير شئون العاملين ذاته في 11/ 9/ 1989 بتسوية الإجازة المشار إليها باعتبارها بدأت في 21/ 1/ 1986 وانتهت في 31/ 7/ 1989.
وبالبناء على ما تقدم فإن الثابت أنه عند صدور قرار الترقية المطعون فيه بتاريخ 16/ 1/ 1986 كانت خدمة الطاعن ما زالت مستمرة بالهيئة وكان قائماً بالعمل فيها ولما كان المناط في سريان حظر الترقية بالاختيار على العامل المعار أو من في إجازة خاصة هو بنفاذ قرار إعارته أو إجازته الخاصة وانقطاع صلته مؤقتاً بوظيفته الأصلية لأن هذا الانقطاع هو العلة الحقيقية لحظر ترقيته طبقاً للحكم المشار إليه في المادتين 71 و84 من اللائحة المذكورة، أما قبل ذلك ومع استمرار العامل في أداء واجبات وظيفته فإنه لا يسوغ حرمانه من أي حق من حقوقه الوظيفية دون نص تشريعي خاص وإلا كان ذلك باطلاً ومخالفاً للقانون، الأمر الذي يبين معه عدم مشروعية السبب الثاني الذي تذرعت به الجهة الإدارية لتخطي الطاعن أو حرمانه من الترقية المشار إليها.
ومن حيث إنه استبان مما سلف كله فساد الأسس التي استند إليها لقرار المطعون فيه فإنه يعد مخالفاً للقانون وغير مشروع ومتعين الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى رفض طلب إلغاء هذا القرار تضمنه من تخطي للطاعن في الترقية مستنداً في ذلك إلى مشروعية هذا القرار، وهو ما استبان عدم صحته فإن هذا الحكم يكون قد جانب الصواب وخليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى موضوعاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى وألزمت الهيئة المطعون ضدها المصروفات.

الطعن 617 لسنة 34 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 129 ص 1238

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-------------------

(129)

الطعن رقم 617 لسنة 34 القضائية

اختصاص - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري
القانون رقم 106 لسنة 1964 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود - لم يتضمن القانون رقم 106 لسنة 1964 أحكاماً تخرج المنازعات الإدارية الخاصة بأفراد القوات المسلحة المخاطبين بأحكامه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - لا يحول دون انعقاد هذا الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة أن المشرع عمد في كل من القانون رقم 232 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة إلى تنظيم هذه الأمور على نحو يجعل الاختصاص بنظر المنازعة الإدارية الخاصة بالضباط العاملين بالقوات المسلحة مقصوراً على تلك اللجان دون غيرها - أساس ذلك: التنظيم الذي جاءت به هذه القوانين يتعلق بضباط القوات المسلحة المخاطبين بالقانون رقم 232 لسنة 1959 وليس بضباط الشرف المخاطبين بالقانون رقم 106 لسنة 1964 - القانون رقم 123 لسنة 1981 استحدث لأول مرة النص على اختصاص اللجان القضائية بضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975 - يقتصر الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 123 لسنة 1981 - نتيجة ذلك، أن المنازعات المشار إليها لم تكن تخضع قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 لاختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة - متى ثبت أن النزاع يتعلق بالطعن في قرارات إدارية بضباط الشرف قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 فإن محاكم مجلس الدولة تختص بها إلغاء وتعويضاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

يوم الأربعاء الموافق 27/ 1/ 1988 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ......... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 617 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 2955 لسنة 40 قضائية، المقامة من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بشقيها وبإحالتها بحالتها إلى اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة مع إبقاء الفصل في المصروفات، وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى، وبنظرها، والحكم بطلبات الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بالمصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 9/ 4/ 1990 والجلسات التالية لها وقررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 16/ 12/ 1990 والجلسات التالية لها، وقررت بعد أن استمعت إلى إيضاحات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقة وأسبابه لدى النطق به


.
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعى أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 31/ 3/ 1986 والتي طلب في ختامها.
الحكم أولاً: بتسوية حالته بمنحه رتبة النقيب شرف اعتباراً من 1/ 1/ 1974 والرائد شرف اعتباراً من 1/ 7/ 1979 مع ما يترتب على ذلك من آثار وعلاوات مع صرف الفروق المستحقة، ثانياً: بإلزام الوزارة المدعى عليها وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أن تدفع له تعويضاً وقدره خمسون ألف جنيه، مع إلزامها بالمصروفات. وقال المدعي شرحاً لدعواه بهذه الصحيفة ومذكراته التالية أنه بتاريخ 6/ 12/ 1979 صدر لصالحه حكم المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية في الدعوى رقم 53 لسنة 26 قضائية المرفوعة منه ضد السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1971 بما يترتب عليه من آثار وبأحقيته في التعويض المؤقت بقرش صاغ واحد مع إلزام وزارة الدفاع المصروفات، واستأنفت وزارة الدفاع هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 101 لسنة 12 قضائية وحكم فيه بجلسة 9/ 11/ 1979 بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، ثم صدر حكم المحكمة الإدارية العليا بجلسة 13/ 1/ 1982 بتأييد هذا الحكم وبرفض طعن هيئة المفوضين فيه، وقضى الحكم النهائي الصادر لصالح المدعى أنه يعتبر من 1/ 7/ 1970 تاريخ مضي سنة على حصوله على مرتبة ملازم شرف، ذلك أنه يعتبر قد أمضى مدة الاختبار وهي سنة على أكمل وجه ولم يطلب رئيسه عدم تثبيته خلال السنة، ومما يدل على ذلك أنه استمر في العمل في نفس الكتيبة حتى أحالته إلى التقاعد بالقرار المشار إليه في 1/ 7/ 1971، وكانت القواعد السارية توجب في حالة عدم حصول الضباط على تقرير يؤهله للترقية أن ينقل إلى وحدة أخرى للعمل فيها لمدة سنة أخرى وذلك طبقاً للمادة 44 من القانون رقم 106 لسنة 1964 إلا أنه لم ينقل إلى وحدة أخرى بل ظل في وحدته كما هو مما يدل على ذلك أيضاً الشهادة بآخر مرتب منصرف له من نفس الوحدة المقدمة بحافظة مستنداته، وأضاف المدعى أن ترقيته إلى رتبة النقيب والرائد فإنه يستحقها بقوة القانون في 1/ 1/ 1974 و1/ 7/ 1979 لأنه أقدم من زملائه السادة/ أحمد سرحان حامد أحمد فراج رقم 634 وعبد الوهاب إبراهيم حسن رقم 640 وحسن رفاعي محمد عزام رقم 640 في مرتبة الملازم، كما يستحق تعديل راتبه بحصوله على الراتب المقرر لكل رتبة من الرتب المستحق له مع العلاوات، وصرف هذا الراتب له كأثر للحكم الصادر لصالحه وكتعويض عن قرار إنهاء خدمته الباطل، وتسوية معاشه اعتباراً من تاريخ بلوغه سن التقاعد بعد حصوله على رتبة الرائد وعلاواتها، وأضاف المدعى أن دعواه الحالية امتداد لدعواه الأولى رقم 52 لسنة 26 قضائية ذلك أنه يترتب على عودته إلى الخدمة ترقيته إلى الرتب التالية، كما أن مطالبته الحالية بالتعويض الكامل هي امتداد لدعواه السابقة التي حكم لصالحه فيها بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ واحد.
وقدمت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ومذكرة بدفاع الجهة الإدارية المدعى عليها أشارت فيها إلى أن المدعي أحيل إلى المعاش بالقرار الصادر بالنشرة العسكرية رقم 31/ 1/ 1971 اعتباراً من 1/ 7/ 1971 فطعن في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية التي قضت بجلسة 9/ 12/ 1979 بإلغاء القرار المطعون فيه بما يترتب على ذلك من آثار وبأحقية المدعى في التعويض المؤقت قرش صاغ واحد وألزمت وزارة الحربية بالمصروفات وتأييد هذا الحكم في الاستئناف رقم 101 لسنة 12 مقضي في 16/ 6/ 1982 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأصبح الحكم نهائياً، وانتهت هذه المذكرة إلى طلب الحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى التي أصبحت من اختصاص لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وهو ما تطلب وزارة الدفاع الحكم به.
وبجلسة 2/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى بشقيها وبإحالتها إلى اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة وأسست حكمها على أن المشرع أصدر القانون رقم 96/ 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة ثم أصدر القانون رقم 71/ 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، ونصت المادة الثالثة من هذا القانون على اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالفصل في المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات القوة عن العقوبات الانضباطية وما تختص بنظره لجنة القوات المسلحة المنعقدة بصفة هيئة قضائية وفقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة ثم صدر القانون رقم 123 لسنة 81 بإصدار قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة ونصت المادة 142 منه على أن تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً للقانون رقم 96/ 1971 والقانون رقم 1 ط/ 75 ومفاد النصوص المتقدمة أن المشرع خص قضاء مستقلاً بذاته لنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوة وضباط الشرف بالقوات المسلحة فتدخل فيه جميع المنازعات الإدارية الخاصة بهم سواء المتعلقة بإلغاء القرارات الإدارية أو التعويض عنها، وعلى ذلك فإن الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة بشقيها يخرج عن ولاية مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ليندرج في ولاية اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ذلك أن المنازعة الماثلة ليست منازعة جديدة بل هي استمرار للمنازعة السابقة التي كانت محلاً للدعوى رقم 53 لسنة 26 قضائية التي قضت فيها المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية بإلغاء قرار إحالة الطاعن إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بتعويض مؤقت مقداره قرش صاغ واحد، وهو الحكم الذي تأيد في الاستئناف رقم 101 لسنة 11 قضائية بجلسة 16/ 6/ 82 وأصبح نهائياً وقد صدر هذا الحكم بعد صدور القانون رقم 123 لسنة 1981 الذي جعل المنازعات الإدارية لضباط الشرف بالقوات المسلحة لأول مرة من اختصاص اللجنة القضائية للقوات المسلحة وقد نص هذا القانون في المادة 143 منه على أن يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام مواده السابقة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون، وهذا القانون هو قانون استثنائي لا يجوز التوسع في تفسيره أو في الاختصاصات التي أتى بها، فلا ينطبق على المنازعة الماثلة وهي عن أمور سابقة على صدور هذا القانون لأنها تتعلق بتسوية حالته على أساس ترقيته إلى رتبة النقيب من 1/ 1/ 1974 ورتبة الرائد من 1/ 7/ 1979 فهي عن قرارات إدارية سابقة على صدوره، كما أن طلب التعويض الكامل فهو مكمل للتعويض المؤقت المحكوم به والذي قضت به المحكمة الإدارية وأيدته محكمة القضاء الإداري ثم المحكمة الإدارية العليا بحكم نهائي ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
من حيث إن القانون رقم 123 لسنة 1981 بشأن خدمة ضباط الشرف وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة ينص في المادة 142 على أن "تختص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 في شأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 في شأن تنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة.
وتنص المادة 143 من هذا القانون على أنه "يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام المواد السابقة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن هو من ضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1964 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود والذي ينص في المادة الأولى من مواد إصداره على أن يعمل في المسائل المتعلقة بخدمة ضباط الشرف والمساعدين وضباط الصف والجنود بالقوات المسلحة الرئيسية بالأحكام المرافقة لهذا القانون، وهو القانون الذي ألغي بمقتضى القانون رقم 123 لسنة 1981 بإصدار قانون خدمة ضباط الشرف وضباط الصف بالقوات المسلحة وذلك اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون الأخير في 23 يوليو 1981 تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القانون رقم 106 لسنة 1964 سالف الذكر لم يتضمن أحكاماً تخرج المنازعات الإدارية الخاصة بأفراد القوات المسلحة المخاطبين بأحكامه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بحسبان هؤلاء الأفراد من الموظفين العموميين الذين يختص مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بهم، ولا يحول دون انعقاد هذا الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة أن المشرع عمد في كل من القانون رقم 231 لسنة 1959 في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلحة والقانون رقم 96 لسنة 1971 بشأن الطعن في قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة والقانون رقم 71 لسنة 1975 بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة إلى تنظيم هذه الأمور على نحو يجعل الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بالضباط العاملين بالقوات المسلحة مقصوراً على تلك اللجان دون غيرها، ذلك لأن التنظيم الذي جاءت به هذه القوانين يتعلق بضباط القوات المسلحة المخاطبين بأحكام القانون رقم 232 لسنة 1959 سالف الذكر وليس بضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1964، وطالما أنه ليس ثمة نص صريح في القانون ينزع عن محاكم مجلس الدولة الاختصاص بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف المذكورين فإنه لا سبيل للقول بسريان التنظيم الخاص باختصاص لجان ضباط القوات المسلحة سالف الإشارة إليه على ضباط الشرف المخاطبين بأحكام القانون رقم 106 لسنة 1984 وإنما يبقى الاختصاص بذلك لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لما هو منصوص عليه في قانون مجلس الدولة، ومما يؤكد ذلك أنه صدر القانون رقم 123 لسنة 1981 واستحدث هذا القانون لأول مرة في المادة 142 منه النص على اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة بالفصل في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط الشرف وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975، كما نص في المادة 143 على أنه يقتصر الطعن بالإلغاء وفقاً لأحكام المواد السالفة على القرارات الإدارية النهائية التي تصدر بعد تاريخ العمل بهذا القانون الأمر الذي يؤكد أن المنازعات المشار إليها لم تكن تخضع قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 لاختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة.
ومن حيث إن النزاع الماثل يتعلق بالطعن في قرارات إدارية صدرت قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 تتعلق بعدم المدعي في الترقية إلى مرتبة النقيب بتاريخ 1/ 1/ 1974 وإلى رتبة الرائد بتاريخ 1/ 7/ 1979 أو بتسوية حالته الوظيفية على الدرجتين المشار إليهما في التاريخ المذكور حسبما يتبين من فحص الموضوع كما يتعلق بطلب التعويض الكامل عن مسلك الجهة الإدارية المخالف للقانون سواءً بإصدارها قرار إحالته إلى المعاش اعتباراً من 1/ 7/ 1971 أو بعدم تثبيته وترقيته إلى رتبتي النقيب والرائد حسبما سلف، فإن هذا النزاع يخرج عن اختصاص اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة التي ينحسر اختصاصها وفق ما سلف عن سائر المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط الشرف المتعلقة بالقرارات الإدارية الصادرة قبل العمل بأحكام القانون رقم 123 لسنة 1981 المشار إليه أو بدعاوى التعويض المترتبة على هذه القرارات إعمالاً لقاعدة أن الفرع يتتبع الأصل وبحسبان أن طلب التعويض هو الوجه الآخر لطلب الإلغاء وأن الطلبين يرتبطان ارتباطاً وثيقاً لا يقبل التجزئة من ناحية خضوعهما لاختصاص جهة قضائية واحدة فيظل هذا النزاع برمته خاضعاً للاختصاص الولائي لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري صاحب الولاية في نظر المنازعات الإدارية طبقاً للمادة 172 من الدستور والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذا الوجه من النظر وانتهى إلى عدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه مما يجعله خليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.