الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 أكتوبر 2020

الطعن 27 لسنة 38 ق جلسة 14 / 6 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 أحوال شخصية ق 178 ص 1132

جلسة 14 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق.

------------------

(178)
الطعن رقم 27 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) أحوال شخصية. "النسب". إثبات. "الإقرار". البينة.
(أ ) النسب يثبت في جانب الرجل بالفراش وبالإقرار والبينة.
(ب) إقرار الأب بالبنوة. لا يحتمل النفي. إنكار الزوجة وإقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت. لا أثر له.

----------------
1 - النسب يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالإقرار والبينة.
2 - إقرار المتوفى ببنوة المطعون عليها الأولى، حجة ملزمة فيثبت نسبها منه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي، لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار ولا يسمع، ويثبت هذا النسب بمجرد إقرار الأب وإن أنكرت الزوجة، إذ هو إلزام له دون غيره، فلا يتوقف نفاذه على تصديقها، ولا يبطله إقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت، ولا كون التصادق على الزواج مسنداً إلى تاريخ لاحق لميلادها، كما أن إقرار الزوجة بالبكارة لا يفضي إلى إبطال حق المقر لها، لأنها لا تملك إبطاله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 126 لسنة 1966 أحوال شخصية (نفس) أمام محكمة المنصورة الابتدائية ضد الطاعنتين وفي مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث بصفتيهما بطلب الحكم بإثبات وفاة والدها المرحوم محمد زكي عبد المنعم بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وأنها من ورثته وتستحق في تركته 2 و1/ 10 قيراطاً من أربعة وعشرين قيراطاً تنقسم إليها التركة، وقالت شرحاً لدعواها إن والدها المرحوم محمد زكي عبد المنعم توفي بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وانحصر إرثه الشرعي فيها بصفتها ابنته من زوجة انفصل عنها فيما بعد، وفي الطاعنتين وهما زوجته الثانية وأولاده منها، وإذ نازعتها الطاعنتان واستصدرتا إعلاماً شرعياً برقم 49 لسنة 1965 من محكمة قسم ثاني بندر المنصورة للأحوال الشخصية بإثبات وفاة والدها وأنهما ورثته وأسقط منه اسمها كوارثة بقصد حرمانها من الميراث الشرعي فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 26 من مارس سنة 1967 حكمت المحكمة للمطعون عليها الأولى بطلباتها. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 6 لسنة 67 ق المنصورة للأحوال الشخصية، وبتاريخ 9 من يناير سنة 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى وفاة المرحوم محمد زكي عبد المنعم بتاريخ 5 من إبريل سنة 1965 وأنها من بين ورثته بصفتها ابنته بصحيح النسب الشرعي وتستحق في تركته 2 و1/ 10 ط من 24 ط تنقسم إليها التركة، وبعد سماع شهود الطرفين عادت المحكمة وبتاريخ 4 من يونيو سنة 1968 فحكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل السببين الأولين منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأن المتوفى أقر صراحة ببنوة المطعون عليها الأولى في الخطابات التي أرسلها إلى زوجته الأولى، في حين أن هذه الخطابات لا تصلح في جملتها مسوغاً لسماع الدعوى ولا تنهض قرينة على ثبوت الأبوة، علاوة على أنها لم تصدر من المورث أصلاً، مما يعيب الحكم بفساد الاستدلال. هذا إلى أن المطعون عليها الأولى مولودة في أول ديسمبر سنة 1929 طبقاً لشهادة ميلادها بينما ثبت من وثيقة التصادق على الزواج المؤرخة 20 من إبريل سنة 1938 المقدمة من الطاعنتين أن المتوفى وزوجته السابقة والدة المطعون عليها الأولى تصادقاً على قيام الزوجية بينهما اعتباراً من أوائل سنة 1934، وأن الزوجة المذكورة كانت بكراً، مما مقتضاه انتفاء الفراش قبل هذا التاريخ فلا يثبت نسب المطعون عليها الأولى من المورث لأنها في تاريخ ولادتها كانت أمها بكراً، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النسب يثبت في جانب الرجل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالفراش وبالإقرار والبينة وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بثبوت نسب المطعون عليها من المورث على قوله "... لما كانت بداية الخطابات ترجع إلى عام 1927 فإنها تدل على قيام علاقة بينه وبين السيدة نفيسه منذ هذا التاريخ، والمحكمة تطمئن إلى أن هذه العلاقة علاقة مشروعة بعبارات الخطابات التي يكتنفها الاحترام والتقدير، وقد خاطب المورث تلك السيدة كثيراً قائلاً (زوجتي) فضلاً عن أن الخطابات التي خلت من كلمة زوجتي يبين منها أنها تحوى تحيته وتحيات بعض أفراد أسرته إلى أسرة تلك السيدة ولا شك أن علاقته بها علاقة مشروعة، وإلا ما كانت معلومة لذوي الطرفين على هذا الوجه فضلاً عن ذلك فقد أرسل خطاباً لها بتاريخ 10/ 9/ 1929 أي قبل ولادة المدعية - المطعون عليها الأولى - بحوالي ثلاثة شهور يطلب من الوالدة الحضور وإن كان يعتقد أنها ستتأخر إلى ما بعد الأربعين لدى أسرتها، ولا شك أن المقصود هو أنها ستبقى لدى أسرتها حتى فوات مدة مناسبة بعد الوضع، ولا يتصور أن تكون علاقتها غير مشروعة وعلى وشك أن تظهر ثمرتها ثم تبقى هي لدى أسرتها، فهذا أمر لا يتفق مع العادات والتقاليد ولا مع أهل الشرق عامة والمسلمين بصفة خاصة.... كما أن عقد الزواج المقدم لا ينفي وجود علاقة مشروعة بين المورث وبين والدة المدعية ما دام عقد الزواج ينعقد شرعاً بالإيجاب والقبول، ولعل المورث والزوجة في هذا العقد قد حرراه بتلك الصورة لسبب في نفسيهما..." وكان الحكم المطعون فيه أضاف إلى ذلك قوله "فضلاً عما ورد بالخطابات المقدمة... ومن بينها الخطاب رقم 10 المبدوء بالعبارة الآتية (عزيزتي الست نفيسة هانم) وفي ثناياه يقول (أرجو الله سبحانه وتعالى أن يديم لنا ثمرة حياتنا كريمتنا كوثر ويبقيها حتى نراها في سعادة ورفاهية) وهذا الخطاب موقع عليه بتوقيع منسوب للمتوفى وتاريخه 15/ 7/ 1931 والخطاب رقم 11 قد بدئ بعبارة (ابنتي كوثر أقبلك كثيراً وشوقي إليك عظيم) إلى آخر ما جاء به وعليه توقيع منسوب للمتوفى وفي نفس الخطابات كتب إلى زوجته... بعض الأمور التي يعتب عليها فيها ومن بينها يقول لها بالنص (مرض كوثر طبعاً هذا راجع لإهمالك وعدم اعتنائك بها وعلى كل حال نطلب من الله أن يتم لها الشفاء) وهذا الكلام أيضاً قد انتهى بتوقيع منسوب للمتوفى وتاريخه 3/ 12/ 1932. هذا ولم تطعن المستأنفتان - الطاعنتان - بطعن جدي يدحض هذه الخطابات وتلك التوقيعات التي تنطق صراحة بإقرار المتوفى ببنوة كوثر وزواجه بأمها، وفقط قال وكيل المستأنفين بمذكرته... وهذه الخطابات لم تظهر إلا بعد فترة طويلة من قيام النزاع مما يؤكد افتعالها ونحن كورثة يكفينا أن ننكرها إنكاراً تاماً ومستعدين لحلف اليمين بأننا لا نعلم أنها صادرة من مورثنا فضلاً عن أنها موجهة لسيدة تدعى نفيسة فقط دون ذكر اللقب، ولو كانت هذه الخطابات ليست صادرة من المتوفى وأن ما عليها من توقيع ليس له لأمكن للمستأنفتين الطعن عليها بالتزوير ولكن وكيلهما قد اكتفى بما قرره بشأنها على نحو ما ذكر..." ولما كان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تعول على إنكار صدور الخطابات من المورث لعدم جديته، وكان للمحكمة أن تقضي بصحة الورقة أو باستبعادها متى رأت في وقائع الدعوى وأدلتها ما يكفي لاقتناعها، وقد أشار الحكم إلى أن الطاعنتين لم تطعنا على هذه الخطابات بالتزوير، وكان الحكم في حدود سلطته الموضوعية قد استخلص من الخطابات المذكورة قيام علاقة الزوجية بين المورث وبين والدة المطعون عليها الأولى في تاريخ معاصر لميلاد ابنتها وأن المورث قد أقر ببنوتها واستند الحكم في ذلك إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان لا وجه للاستناد إلى ما جاء بالتصادق على الزوجية المؤرخ 20 من إبريل سنة 1938 لأن إقرار المتوفى ببنوة المطعون عليها الأولى حجة ملزمة فيثبت نسبها منه، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع، ويثبت هذا النسب بمجرد إقرار الأب وإن أنكرت الزوجة، إذ هو إلزام له دون غيره فلا يتوقف نفاذه على تصديقها، ولا يبطله إقرارها بالبكارة بعد ميلاد البنت، ولا كون التصادق على الزواج مستنداً إلى تاريخ لاحق لميلادها، كما أن إقرار الزوجة بالبكارة لا يفضي إلى إبطال حق المقر لها لأنها لا تملك إبطاله. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان إن محكمة الاستئناف أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى نسبها إلى المتوفى مع أنها مولودة في أول ديسمبر سنة 1929 قبل قيام الزوجية في سنة 1934 بالتصادق، ورغم أن المستندات المقدمة من الطاعنتين تدل على أنها لا تمت إليه بصلة، إذ لم يبلغ عنها ضمن من يعولهم ولم يذكرها في بطاقتيه التموينية أو العائلية، علاوة على أنه بينما ولدت المطعون عليها الأولى في سنة 1929 فإن من تدعى أنها والدتها من مواليد 1922، مما ينتفي معه قيام صلة الأمومة بينهما، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان للمحكمة أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون الإثبات بشهادة الشهود متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أحال الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها بنوتها من المورث، ثم أقام قضاءه بثبوت النسب على ما حصله من أقوال الشهود من أن المورث رزق بها على فراش الزوجية فضلاً عن إقراره ببنوتها، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أن المحكمة بما لها من سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها انتهت إلى عدم التعويل على المستندات التي أشار إليها الطاعنتان في سبب النعي، ولما كانت الطاعنتان لم تقدما ما يؤيد ادعاءها بأن والدة المطعون عليها الأولى من مواليد سنة 1922 مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الخصوص عارياً عن الدليل، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 41 لسنة 40 ق جلسة 15 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 أحوال شخصية ق 41 ص 167

جلسة 15 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

------------------

(41)
الطعن رقم 41 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". إرث. دعوى "شروط قبولها".
التناقض في دعوى المال. مانع من سماع الدعوى ومن صحتها. ماهيته التناقض. لا يلزم أن يكون التناقض في ذات الدعوى. مثال في دعوى إرث.
( 2 و3 و4 و5) أحوال شخصية "النسب". دعوى "شروط قبولها". إثبات. إرث.
(2) دعوى النسب. سماعها مجردة. شرطه. التناقض فيها مغتفر. سماعها ضمن حق آخر. شرطه. التناقض فيها لا يغتفر.
 (3)الإقرار بما يتضمن تحميل النسب على الغير لا يصلح في الأصل لثبوت النسب. وجوب معاملة المقر بإقراره من جهة الميراث.
 (4)النسب يثبت في جانب الرجل بالفراش وبالإقرار أو البينة. شرط صحة الإقرار بالبنوة. صدور الإقرار مستوفياً لشروطه. لا يحتمل النفي.
(5) النسب يثبت بالدعوة سواء كان المقر صادقاً في الواقع أم كاذباً عليه إثم ادعائه.
 (6)حكم "تسبيب الحكم".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه.
 (7)إثبات "الإحالة إلى التحقيق". أحوال شخصية "النسب".
إقرار المورث ببنوة الطفل. لا يحتمل النفي. عدم استجابة المحكمة لطلب الإحالة إلى التحقيق لتحقيق شخصية الطفل. لا خطأ.

--------------
1 - التناقض في الدعوى هو أن يسبق من المدعي كلام مناف للكلام الذي يقوله في دعواه وهو مانع من سماع الدعوى ومن صحتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو بقول المتناقض تركت الكلام الأول مع إمكان التوفيق بحمل أحد الكلامين على الآخر، وهو يتحقق كلما كان الكلامان قد صدرا من شخص واحد وكان أحدهما في مجلس القاضي والآخر خارجه، ولكن ثبت أمام القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي، وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول سبق أن أدلى بأقوال في تحقيق نيابة الأحوال الشخصية في طلب المطعون عليها الأولى سلب ولاية المورث عن أولادها القصر بوصفه جدهم لأبيهم، مفادها أن والد القصر هو ابن صلبي للمورث، فإن إنكاره هذه البنوة ودعواه أنه متبناه فلا يرثه يتحقق به التناقض الذي يتعذر معه التوفيق لاستحالة ثبوت الشيء وضده معاً، دون استلزام لصدور الأقوال السابقة في ذات الدعوى بل يكفي أن تكون مناقضه لما ادعى فيها ودون اشتراط لأن يكون الكلام المناقض لما يقوله المدعي في دعواه قد صادف محله بعد ثبوت حقه فيما يدعيه من إرث، وإذ كانت الدعوى الماثلة من دعاوى المال التي لا يغتفر فيها التناقض فإن الدعوى تفقد شرطاً من شروط صحتها فيمتنع سماعها.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة (2) أن الأصل في دعوى النسب، النظر إلى النسب المتنازع فيه فلو كان مما يصح إقرار المدعى عليه به ويثبت باعترافه وليس فيه تحميل النسب على الغير كالأبوة والبنوة فإنها تسمع مجردة أو ضمن حق آخر سواء ادعى لنفسه حقاً أو لم يدع، ويغتفر فيها التناقض، لأن مقصودها الأصلي هو النسب، والنسب يغتفر فيه التناقض للخفاء الحاصل فيه، أما لو كان مما لا يصح إقرار المدعى عليه به ولا يثبت باعترافه وفيه تحميل النسب على الغير كالأخوة والعمومة فلا تسمع إلى أن يدعي حقاً من إرث أو نفقة ويكون هو المقصود الأول فيها ولا يغتفر فيها التناقض لأنه تناقض في دعوى مال لا في دعوى نسب.
3 - إذا كانت الأقوال التي أدلى بها الطاعن الأول في تحقيقات نيابة الأحوال الشخصية، تعد إقراراً فيه تحميل النسب على الغير ابتداء، ثم يتعدى إلى المقر نفسه، وإن كان لا يصلح في الأصل سبباً لثبوت النسب، إلا أن المقر يعامل بإقراره من ناحية الميراث وغيره من الحقوق التي ترجع إليه لأن للمقر ولاية التصرف في مال نفسه.
4 - النسب كما يثبت في جانب الرجال بالفراش وبالبينة يثبت بالإقرار، ويشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب وأن يكون ممكناً ولادة هذا الولد لمثل المقر وأن يصدق الولد المقر في إقراره إن كان مميزاً، وصدور الإقرار صحيحاً مستوفياً شرائطه ينطوي على اعتراف ببنوة الولد بنوة حقيقية، وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال (3).
5 - القول المعتبر في الفقه الحنفي المعمول به أن النسب يثبت بالدعوة من غير أن يبين المقر وجه النسب سواء أكان المقر صادقاً في الواقع أم كاذباً فيكون عليه إثم ادعائه.
6 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه، وهي صاحبة الحق في تقدير ما يقدم لها من الأدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية.
7 - النعي على الحكم فيما انتهى إليه من رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات واقعة التبني وتحقيق شخصية الطفل المتبنى، مردود بأن الحكم وقد أقام قضاءه على ثبوت النسب بإقرار المورث الذي يعتبر حجة ملزمة فيثبت نسب الطفل منه وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكار بعد الإقرار ولا يسمع، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 133 لسنة 1964 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية "نفس" ضد المطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر بطلب الحكم بإثبات وفاة....... وانحصار إرثه فيهما وأمرها بعدم التعرض لهما. وقال شرحاً للدعوى إن....... ابن....... توفى بتاريخ 7 من يوليه سنة 1963 وترك ما يورث عنه وانحصر إرثه الشرعي في أخته الشقيقة - الطاعنة الثانية - وتستحق نصف تركته فرضاً، وفي ابن أخيه الشقيق - الطاعن الأول - ويستحق باقي التركة تعصيباً، إلا أن المطعون عليها الأولى قد وضعت اليد على التركة زاعمة أن زوجها........ ووالد أولادها القصر كان ابناً نسبياً للمتوفى...... مع أنه في الحقيقة لا يرثه باعتباره متبناه - فأقاما الدعوى ضدها. دفعت المطعون عليها الأولى بعدم سماع الدعوى استناداً إلى أن الطاعن الأول سبق له أن أقر في الدعوى رقم 265 لسنة 1962 كلي أحوال شخصية مال الوايلي بأن..... هو ابن المورث...... خوصمت المطعون عليها الثانية بعد بلوغها سن الرشد. وبتاريخ 28 من يناير سنة 1969 حكمت المحكمة (أولاً) بقبول الدفع وبعد سماع الدعوى بالنسبة للطاعن الأول (ثانياً) برفضها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 26 لسنة 81 ق القاهرة، وبتاريخ 13 يونيو سنة 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم انتهى إلى عدم سماع الدعوى بالنسبة للطاعن الأول على سند من سبق إقراره ببنوة زوج المطعون عليها الأولى للمورث مما يتناقض مع جحده هذه البنوة في الدعوى المعروضة، في حين أن أقوال الطاعن الأول لا أثر لها، باعتبارها شهادة لا إقرار، وصدرت قبل ثبوت حقه في الميراث، وفي نزاع لم يكن النسب فيه محل نزاع، وفي تحقيقات إدارية لا في مجلس قضاء هذا إلى أن هذه الأقوال بفرض إنها إقرار فيها تحميل النسب على الغير ومثلها لا يثبت بها نسب، وبالتالي فلا تناقض فيها، علاوة على أن حق الإرث كأصل لا يتجزأ ويكفي قبول الدعوى من أحد الورثة ليثبت تبعاً لذلك بالنسبة للباقين، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن التناقض في الدعوى هو أن يسبق من المدعي كلام مناف للكلام الذي يقوله في دعواه، وهو مانع من سماع الدعوى ومن صحتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه، بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو بقول المتناقض تركت الكلام الأول مع إمكان التوفيق بحمل أحد الكلامين على الآخر، وهو يتحقق كلما كان الكلامان قد صدرا من شخص واحد وكان أحدهما في مجلس القاضي والآخر خارجه، ولكن ثبت أمام القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في دعوى النسب النظر إلى النسب المتنازع فيه، فلو كان مما يصح إقرار المدعى عليه به ويثبت باعترافه وليس فيه تحميل النسب على الغير كان كالأبوة والبنوة فإنها تسمع مجردة أو ضمن حق آخر سواء ادعى لنفسه حقاً أو لم يدع، ويغتفر فيها التناقض لأن مقصودها الأصلي هو النسب، والنسب يغتفر فيه التناقض للخفاء الحاصل فيه، أما لو كان مما لا يصح إقرار المدعى عليه به ولا يثبت باعترافه وفيه تحميل النسب على الغير كالأخوة والعمومة فلا تسمع إلا أن يدعي حقاً من إرث أو نفقة ويكون هو المقصود الأول فيها ولا يغتفر فيها التناقض لأنه تناقض في دعوى مال لا في دعوى نسب، وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول سبق أن أدلى بأقوال في تحقيق نيابة الأحوال الشخصية في طلب المطعون عليها الأولى سلب ولاية المورث عن أولادها القصر بوصفه جدهم لأبيهم، مفادها أن والد القصر هو ابن صلبي للمورث، فإن إنكاره هذه البنوة ودعواه أنه متبناه فلا يرثه يتحقق به التناقض الذي يتعذر معه التوفيق لاستحالة ثبوت الشيء وضده معاً، دون استلزام لصدور الأقوال السابقة في ذات الدعوى بل يكفي أن تكون مناقضة لما ادعى فيه، ودون اشتراط لأن يكون الكلام المناقض لما يقوله المدعي في دعواه قد صادف محله بعد ثبوت حقه فيما يدعيه من إرث، لما كان ذلك وكانت الأقوال التي أدلى بها الطاعن الأول في تحقيقات نيابة الأحوال الشخصية تعد إقراراً فيه تحميل النسب على الغير ابتداء ثم يتعدى إلى المقر نفسه، وإن كان لا يصلح في الأصل سبباً لثبوت النسب، إلا أن المقر يعامل بإقراره من ناحية الميراث وغيره من الحقوق التي ترجع إليه، لأن للمقر ولاية التصرف في مال نفسه، وإذ كانت الدعوى الماثلة من دعاوى المال التي لا يغتفر فيها التناقض على ما مر تفصيله لتحققه في ادعاء استحقاق التركة فإن الدعوى تفقد شرطاً من شروط صحتها فيمتنع سماعها دون إمكان المحاجة في هذا المقام بعدم ثبوت النسب بمقتضى الإقرار، ويكون النعي على الحكم على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بباقي الأسباب خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم بنى قضاءه بثبوت نسب زوج المطعون عليها الأولى للمورث تأسيساً على إقرارات ذلك الأخير ببنوته، ورتب على ذلك أن طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات أنه متبنى غير مجد طالما توافرت الأدلة على ثبوت النسب، في حين أن مناط الفصل في الدعوى هي واقعة التبني وتحقيق شخصية المتبنى وتعيينه، وإذ كان التبني غير جائز في الإسلام وأساس إثباته البينة الشرعية التي لا يسع القاضي الترخص فيه، وهو خلاف الإقرار بالبنوة الذي لا يصح بعد ثبوت التبني، وكانت إقرارات المورث المتعددة المشار إليها يكذبها ظاهر الحال ودفتر المستشفى المثبت لواقعة التبني وإقرار الحالة الاجتماعية للمورث الدال على أن..... ابنه بالتبني، علاوة على القرينة المستفادة من مقارنة تاريخ التبني بتاريخ الولادة المزعومة، فإنه كان يتعين معه على محكمة الموضوع أن تجري تحقيقاً في هذا الشأن وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان المقرر أن النسب كما يثبت في جانب الرجل بالفراش والبينة يثبت بالإقرار، وكان يشترط لصحة الإقرار بالبنوة أن يكون الولد مجهول النسب لا يعرف له أب، وأن يكون ممكناً ولادة هذا الولد لمثل المقر، وأن يصدق الولد المقر في إقراره إن كان مميزاً، و كان صدور الإقرار صحيحاً مستوفياً شرائطه ينطوي على اعتراف ببنوة الولد بنوة حقيقية وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي ولا ينفك بحال، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت نسب زوج المطعون عليها الأولى للمورث على سند من الأقارير العديدة الصادرة منه والمثبتة في أوراق رسمية والتي تفيد أنه ابنه من صلبه كما استظهر الحكم توافر شروط صحة الإقرار على ما سلف بيانه، وأورد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه الأدلة على أنه ليس دعياً للمورث بطريق التبني في قوله "إن إقرار الحالة الاجتماعية للمرحوم..... بشأن الأولاد الذين كان يعولهم المرفق بملف خدمته، وقد ذكر فيه قرين اسم...... تحت خانة الملاحظات طالب بالطب وقرين اسم........ تحت نفس الخانة بالتبني، لا تحمل في العقل والمنطق السليم إلا أن هذه الأخيرة هي المقصودة بهذا الوصف خاصة وأنها غير مجهولة النسب لأنها بنت أخت زوجته ونسبها معروف على ما هو ثابت من المستخرج الرسمي من المدعيين - الطاعنين - بخصوص ميلادها، وكان تبني المرحوم...... في 15/ 8/ 1920 على ما هو ثابت من دفتر مستشفى الأطفال بالمنيرة طفلاً كان سنه في هذا التاريخ حوالي تسعة شهور ونصف لا ينفي نسب المرحوم....... إليه، سيما وأنه ليس في الأوراق من دليل قاطع على أن ذاك المتبني هو بعينه المذكور........." كما أضاف الحكم المطعون فيه قوله إن "الثابت من دفتر مستشفى الأطفال المودع أن الولد الذي تسلمه المورث من المستشفى باسم....... يوم 15/ 8/ 1920 قد وصل إلى المستشفى وأودع به يوم 30/ 10/ 1919 وأن سنه وقت تسليمه للمورث تسعة أشهر ونصف شهر، فإذا كان الثابت من شهادة ميلاد المرحوم........ لوالديه المورث والمرحومة.......... إنه مولود في 21/ 12/ 1920 أي بعد إيداع الولد......... المذكور بالمستشفى بأكثر من عام ولم تكن شهادة الميلاد مطعونة بطعن مقبول، فإن ذلك كاف في تبيان المغايرة بين الولدين فضلاً عن اختلاف الاسمين..." لما كان ما تقدم، وكان القول المعتبر في الفقه الحنفي المعمول به أن النسب يثبت بالدعوة من غير أن يبين المقر وجه النسب، سواء أكان المقر صادقاً في الواقع أم كاذباً فيكون عليه إثم ادعائه، وكان الدليل المستمد من الإقرار كاف لحمل قضاء الحكم، وكان البين مما أورده الحكم المطعون فيه أن المحكمة في صدد سلطتها الموضوعية قد استخلصت بنوة....... للمورث من إقرار الأخير بالبنوة، واستند الحكم في ذلك إلى أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ولما كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد في حكمها على كل ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه وكانت هي صاحبة الحق في تقدير ما يقدم لها من الأدلة، ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية، لما كان ما تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب يكون على غير أساس، أما ما ينعاه الطاعنان على الحكم فيما انتهى إليه من رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات واقعة التبني وتحقيق شخصية الطفل المتبنى، فمردود بأن الحكم وقد أقام قضاءه على ثبوت نسب المرحوم....... للمورث بإقراره الذي يعتبر حجة ملزمة فيثبت نسبه منه وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار ولا يسمع، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


 (1) نقض 29/ 6/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1480.
ونقض 11/ 7/ 1973 مجموعة المكتب الفني السنة 24 ص 1004.
 (2) نقض 17/ 4/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص.
 (3) ويراجع نقض 14/ 6/ 1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 1132.

الطعن 1 لسنة 41 ق جلسة 29 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 أحوال شخصية ق 64 ص 297

جلسة 29 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

-------------------

(64)
الطعن رقم 1 لسنة 41 ق "أحوال شخصية"

( 1، 2  ) أحوال شخصية "الطلاق". "النسب".
 (1)الطلاق نظير الإبراء من مؤخر الصداق ونفقة العدة. طلاق بائن. المادة 5 م بق 25 لسنة 1929.
(2) دعوى النسب لولد المطلقة. عدم سماعها عند الإنكار إذا أتت به لأكثر من سنة بعد الطلاق. المادة/ 15 م. بق 25 لسنة 1929.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
عدم التزام المحكمة بتتبع الخصم في شتى وجوه دفاعه والرد عليها استقلالاً.

------------------
1 - إذ يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطلاق الذي تم بين والدة الطاعن ومورث المطعون عليهم بتاريخ 7/ 5/ 1944 كان طلاقاً نظير الإبراء من مؤخر الصداق ونفقة العدة فيكون الطلاق بائناً طبقاً للمادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 التي تنص على أن كل طلاق يقع رجعياً إلا المكمل للثلاث، والطلاق قبل الدخول والطلاق على مال.
2 - من المقرر وفقاً لحكم المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ألا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد المطلقة إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد ولد في سنة 1950 أي بعد ست سنوات من الطلاق، وقد أنكره مورث المطعون عليهم حال حياته، كما أنكر قيام أية علاقة زوجية جديدة بينه وبين والدة الطاعن بعد الطلاق، وكان الحكم قد دلل على عدم قيام الزوجية بعد الطلاق على أسباب سائغة، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
3 - لا على الحكم إن هو لم يتتبع الطاعن في شتى وجوه دفاعه والرد عليها استقلال، إذ في الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل تلك الأوجه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1263 لسنة 1963 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الأستاذ...... طالباً ثبوت بنوته له على أساس أنه رزق به من السيدة....... على فراش الزوجية الصحيح في 17/ 5/ 1950. دفع الأستاذ....... بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بحكم بات صادر من محكمة النقض بتاريخ 20/ 3/ 1963 في الطعن رقم 3 سنة 31 ق أحوال شخصية ضد والدة الطاعن التي كانت تمثله باعتباره صغيرها ومن حقها أن تخاصم عنه في طلب إثبات نسبة وهذا الحكم قضى بعدم ثبوت نسبه للأستاذ...... وبتاريخ 26/ 9/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدفع فاستأنف الأستاذ..... هذا الحكم وقضى استئنافياً بتأييد الحكم المستأنف، ثم تابعت محكمة أول درجة نظر الدعوى وقضت بتاريخ 29/ 4/ 1968 بإحالتها إلى التحقيق لإثبات ونفي النسب، وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 29/ 6/ 1970 بثبوت نسب الطاعن إلى الأستاذ...... استأنف المطعون عليهم هذا الحكم نظر لوفاة مورثهم المرحوم........ بالاستئناف رقم 115 سنة 87 ق طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وبتاريخ 12/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم ثبوت نسب الطاعن لمورث المطعون عليهم، ذلك أنه لا يشترط لثبوت النسب أن يكون من نكاح صحيح بل يثبت من النكاح الفاسد فإذا أبان الزوج زوجته ثم وطأها في العدة ثبت النسب، ولما كان طلاق والدة الطاعن من مورث المطعون عليهم لم يوصف بوثيقة الطلاق بأنه بائن مما فهمت منه والدة الطاعن أن من حق مطلقها أن يعيدها إلى عصمته وقد راجعها فعلاً بدون عقد ابتغاء عدم غضب زوجته الأخرى فمن المسلم به شرعاً أن يثبت بذلك النسب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الطلاق الذي تم بين والدة الطاعن ومورث المطعون عليهم بتاريخ 7/ 5/ 1944 كان طلاقاً نظير الإبراء من مؤخر الصداق ونفقة العدة، فيكون الطلاق بائناً طبقاً للمادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 25 سنة 1929 التي تنص على أن "كل طلاق يقع رجعياً إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل الدخول والطلاق على مال..." لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً لحكم المادة 15 من المرسوم بقانون سالف الذكر ألا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد المطلقة إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد ولد في سنة 1950 أي بعد ست سنوات من الطلاق وقد أنكره مورث المطعون عليهم حال حياته كما أنكر قيام أية علاقة زوجية جديدة بينه وبين والدة الطاعن بعد الطلاق، وكان الحكم قد دلل على عدم قيام هذه الزوجية بعد الطلاق بأسباب سائغة استمدها من المستندات المقدمة من المطعون عليهم ومفادها أن والدة الطاعن ذكرت في وثيقة زواجها المؤرخة 18/ 2/ 1954 أنها طلقت من مورث المطعون عليهم في سنة 1944 وقد انقضت عدتها برؤية الحيض ثلاثاً كما ذكرت في الدعاوى التي رفعتها قبل مورث المطعون عليهم لمطالبته بنفقة لابنها...... وإيصالات استلامها هذه النفقة وأنها لم تقل أبداً بقيام زوجية جديدة بينها وبين مورث المطعون عليهم بل كانت تذكر في هذه المستندات كلها أنها مطلقة، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك أنه لم يرد على دفاع الطاعن المتضمن أن الإيصالات والمستندات المقدمة من المطعون عليهم لا تدل على عدم الزواج أو الرجعة لأنه كان على الزوجة بسبب عدم جواز مطالبتها بنفقة عن زواج غير موثق وخشية أن يقوم الأب بضم الطاعن إليه أن ترضخ لطلبات الأب وتذكر له في إيصالات استلام نفقة ابنها الآخر أنها مطلقة منه مع أنها كانت في عصمته، كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعن من أنه كان لزاماً على والدته أن تذكر في عقد زواجها من...... في سنة 1954 أنها مطلقة من مورث المطعون عليهم في 7/ 5/ 1944 لأن كلاً من الزواج والطلاق التاليين كان بغير وثيقة مكتوبة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين مما سبق في الرد على السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه عرض لوثيقة زواج والدة الطاعن...... المؤرخة 18/ 2/ 1954 ودعاوى النفقة الخاصة بابنها...... وإيصالات استلامها لهذه النفقة واستخلص مما ذكرته فيها من أنها مطلقة من مورث المطعون عليهم أنه لم يقم أية علاقة زوجية جديدة بينها وبينه بعد طلاقها منه في 7/ 5/ 1944، ولما كان ما استخلصه الحكم في هذا الشأن سائغاً ويقوم على ما تكشف من ظروف الدعوى وملابساتها وله مأخذه الصحيح من الأوراق، فإنه لا يكون على الحكم إن هو لم يتتبع الطاعن في شتى وجوده دفاعه والرد عليه استقلالاً إذ في الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لكل تلك الأوجه، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 6 لسنة 41 ق جلسة 15 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 أحوال شخصية ق 42 ص 175

جلسة 15 من يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

-------------------

(42)
الطعن رقم 6 لسنة 41 القضائية "أحوال شخصية"

( 1، 2، 3   ) وقف "النظر في الوقف".
 (1)النظر على الوقف الخيري لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه. الاستثناء. وقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية. النظر لمن تعينه المحكمة ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف.
 (2)القانون 247 لسنة 1953 بعد تعديله بالقانون 547 لسنة 1953. لا عبرة بما يرد في كتاب الوقف بشأن من يتولى النظر على الوقف الخيري بعد الواقف.
 (3)النظر في الوقف الخيري معقود لوزارة الأوقاف. لا صفة لغيرها في المطالبة بربع الوقف.

-----------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 معدلة بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953 و296 لسنة 1954 والمادة الثالثة من ذات القانون معدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953، والنص في المادتين 1 و17 من القانون رقم 272 لسنة 1959 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - على أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف، ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها، وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام، وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فأعطاها الحق في النظر بحكم القانون في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953، وأورد بالمادة الثالثة منه استثناء على هذا الحق خاصاً بوقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ليقيم القاضي ناظره إن لم يشترط الواقف النظر لنفسه، والحكمة من ذلك دفع الحرج عن الطوائف غير الإسلامية وعن وزارة الأوقاف في ولايتها على أوقاف جعلت لمصارف الطائفة خاصة، ولم يشأ المشرع عند وضع القانون رقم 272 لسنة 1959 أن يلغي الفقرة الأولى من المادة الثانية سالفة الذكر إذ نص في المادة 17 منه على إلغاء الفقرات 2 و3 و4 من المادة الثانية المشار إليها دون الفقرة الأولى التي قررت النظر لوزارة الأوقاف على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه حتى يستمر العمل بحكمها دون مساس أو تعديل في حدود الاستثناء الوارد في المادة الثالثة بشأن وقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ولا وجه للتحدي بما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 من أن وزارة الأوقاف تتولى الأوقاف الخيرية التي يشترط النظر فيها لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين، والقول بأنها ألغت الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون القديم وأنها لا تعطي وزارة الأوقاف الحق في النظر على الوقف الخيري من غير المسلم إذا لم يشترط فيه النظر لها، ذلك أن الفقرة الثالثة من القانون الجديد على ما هو واضح من عبارتها إنما وضعت لتجعل لوزارة الأوقاف حق إدارة الأوقاف الخيرية إذا كان الواقف غير مسلم وشرط لها النظر، وتعتبر هذه الفقرة قيداً يضاف إلى نص المادة الثالثة من القانون القديم بحيث إذا كان الواقف مسلماً والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف، ولا علاقة لهذه الفقرة بالحالة التي تنظمها الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون القديم وهي حالة الوقف الذي اشترط فيه الواقف النظر لغيره إذ يكون النظر لوزارة الأوقاف بحكم هذا القانون بدلاً ممن شرطه الواقف، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن وزارة الأوقاف هي صاحبة الحق في النظر على الأطيان الموقوفة على المستشفى الخيري القبطي، وهي جهة بر عامة تدخل في المصارف الإسلامية الأمر الذي لا تجادل الجهة الطاعنة - الجمعية الخيرية القبطية - فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - لما كان القانون رقم 547 لسنة 1953 قد عدل الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الثالثة من القانون رقم 247 لسنة 1953 وحذف منها حالة اشتراط الواقف النظر لغيره معيناً بالاسم واكتفى بأن يقام الواقف في النظر إذا كان قد شرط ذلك لنفسه، فقد أصبح ولا عبرة بما يرد في كتاب الوقف بشأن من يتولى النظر بعد الواقف.
3 - لما كان حق النظر معقود لوزارة الأوقاف دون غيرها - الوقف الخيري - منذ صدور القانون رقم 247 لسنة 1953، فإنه يكون ولا صفة للجمعية الطاعنة في المطالبة بريع الأطيان - الموقوفة - عن المدة السابقة على أيلولة ملكية المستشفى القبطي إلى الدولة بطريق التأميم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الجمعية الخيرية القبطية الكبرى - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 24 لسنة 1964 تصرفات أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف - المطعون عليها - طالبة الحكم بإقامتها ناظرة على الأطيان المبينة بكتاب وقف...... وبصحيفة الدعوى ومنع تعرض وزارة الأوقاف لها مع محاسبتها على الريع منذ استلامها الأطيان وقالت شرحاً لدعواها إنه بموجب إشهاد شرعي صدر من محكمة أسيوط الابتدائية الشرعية في 10 من ديسمبر سنة 1931 وقف المرحوم..... أطياناً زراعية خصص منها مساحة مقدارها 19 ف و5 ط و16 س - وقفاً خيرياً منجزاً على المستشفى الخيري القبطي بمدينة القاهرة، للإنفاق من ريعها على شئون المستشفى فإن تعذر ذلك فينصرف الريع على الفقراء والمساكين وقد شرط النظر على هذا الوقف لنفسه مدة حياته ثم من بعده لأكبر أولاده ثم للأرشد فالأرشد من أولاده ثم للأرشد فالأرشد من أولاد أولاده ونسلهم وعقبهم من الذكور، حتى إذا انقرضوا جميعاً كان النظر عليه لرئيس وأعضاء إدارة المستشفى وعند أيلولة الوقف جميعه للفقراء والمساكين يكون النظر لهيئة مجلس الطائفة الإنجيلية بمصر، وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1932 توفى الواقف وتولى ابنه الأكبر..... وبعد وفاته أقيم أخوه..... ناظراً بقرار من محكمة أسيوط الشرعية في الدعوى رقم 12 لسنة 1959 تصرفات فأقامت وزارة الأوقاف الدعوى رقم 259 لسنة 1956 كلي أحوال شخصية أسيوط بطلب إبطال هذا القرار استناداً إلى أحقيتها في النظر على الأوقاف الخيرية وحكم لها بالنظر في 31 من مارس سنة 1958 واستلمت الأطيان جبراً. وإذ أصدرت هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس بتاريخ 4 من يونيه سنة 1962 - في حدود اختصاصاتها - قراراً بإقامة الجمعية الخيرية القبطية الكبرى ناظرة على الوقف، فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان وبتاريخ 10 من فبراير سنة 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 44 لسنة 87 ق أحوال شخصية القاهرة، وبتاريخ 16 من يناير سنة 1971 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أسس قضاءه برفض إقامتها ناظرة على سند من القول بأن مقتضى القانون رقم 247 لسنة 1953 المعدل بالقانون رقم 547 لسنة 1953 أن يكون لوزارة الأوقاف حق النظر على الأوقاف التي يكون مصرفها جهة بر عامة أياً كانت ديانة الواقف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وأن القانون رقم 272 لسنة 1959 نص على تولي وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الخيرية عامة ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وإن هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس غير مختصة بإقامة الطاعنة ناظرة على الوقف إعمالاً للقانون رقم 264 لسنة 1960 الذي يقصر ولاية الهيئة على الأطيان الخارجية من الاستبدال في حين أن القانون رقم 272 لسنة 1959 وإن خول في الفقرة الأولى من المادة الأولى وزارة الأوقاف حق إدارة جميع الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، فقد أورد في الفقرة الثالثة من ذات المادة استثناء لهذه القاعدة العامة مقتضاه ألا تتولى الوزارة إدارة الأوقاف الخيرية لغير المسلمين ما لم يشترط الواقف النظر لها، بمعنى أن المشرع لم يسند النظر للوزارة على الأوقاف التي يكون واقفوها غير مسلمين ولم يشترطوا النظر عليها لوزير الأوقاف، كما لم يعتد الشارع بمصرف الوقف في صدد إسناد النظارة للوزارة وهل هي جهة بر عامة أو جهة بر غير إسلامية، وإنما شرط لتوليها النظر على وقف غير المسلم أن يحدد الواقف النظر لوزارة الأوقاف بالذات وهو أمر غير متحقق في الحالة المعروضة، هذا إلى أن القرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 بين اختصاصات هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وناط بها الإشراف على إدارة جميع الأوقاف من أطيان وعقارات دون تلك التي خرجت من الاستبدال وحدها، والقول بغير ذلك تخصيص للنص بغير مخصص، علاوة على أن جعل الواقف النظر لإدارة المستشفى القبطي يفيد أنه كان قبطياً وليس إنجيلي المذهب حسبما استخلص الحكم لمجرد تحديد النظر لهيئة الطائفة الإنجيلية حال أيلولة الوقف للفقراء، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953 معدلة بالقانونين رقمي 547 لسنة 1953، 296 لسنة 1954 على أنه "إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم هذا القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه"، والنص في مادته الثالثة معدلة بالقانون رقم 547 لسنة 1953 على أنه "ومع ذلك إذا كان الواقف غير مسلم والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة الشرعية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه"، والنص في المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية: (أولاً) الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه..... (ثالثاً) الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين"، والنص في المادة 17 منه على "إلغاء الفقرات 2 و3 و4 من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953.... وكل نص يخالف حكم هذا القانون"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أقام وزارة الأوقاف في النظر على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه، وجعلها أحق بالنظر ممن شرط له الواقف ولو كان من ذريته أو أقاربه باعتبارها صاحبة الولاية العامة وأولى من غيرها برعاية جهات الخير وحمايتها وتوجيه الريع إلى المصارف ذات النفع العام، وتحقيق غرض الواقف من التقرب إلى الله بالصدقة الجارية، فأعطاها الحق في النظر بحكم القانون في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 247 لسنة 1953، وأورد بالمادة الثالثة منه استثناء على هذا الحق خاصاً بوقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ليقيم القاضي ناظره إن لم يشترط الواقف النظر لنفسه، والحكمة من ذلك دفع الحرج عن الطوائف غير الإسلامية وعن وزارة الأوقاف في ولايتها على أوقاف جعلت لمصارف الطائفة خاصة، ولم يشأ المشرع عند وضع القانون رقم 272 لسنة 1959 أن يلغي الفقرة الأولى من المادة الثانية سالفة الذكر إذ نص في المادة 17 منه على إلغاء الفقرات 2 و3 و4 من المادة الثانية المشار إليها دون الفقرة الأولى التي قررت النظر لوزارة الأوقات على الوقف الخيري ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه حتى يستمر العمل بحكمها دون مساس أو تعديل في حدود الاستثناء الوارد عليه في المادة الثالثة بشأن وقف غير المسلم على مصرف لغير جهة إسلامية ولا وجه للتحدي بما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من القانون رقم 272 لسنة 1959 من أن وزارة الأوقاف تتولى الأوقاف الخيرية التي يشترط النظر فيها لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين والقول بأنها ألغت الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون القديم وأنها لا تعطي وزارة الأوقاف الحق في النظر على الوقف الخيري من غير المسلم إذا لم يشترط فيه النظر لها، ذلك أن الفقرة الثالثة من القانون الجديد على ما هو واضح من عباراتها إنما وضعت لتجعل لوزارة الأوقاف حق إدارة الأوقاف إذا كان الواقف غير مسلم وشرط لها النظر، وتعتبر هذه الفقرة قيداً يضاف إلى نص المادة الثالثة من القانون القديم بحيث إذا كان الواقف مسلماً والمصرف غير جهة إسلامية كان النظر لمن تعينه المحكمة ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه أو لوزارة الأوقاف، ولا علاقة لهذه الفقرة بالحالة التي تنظمها الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون القديم، وهي حالة الوقف الذي اشترط فيه الواقف النظر لغيره إذ يكون النظر لوزارة الأوقاف بحكم هذا القانون بدلاً ممن شرطه الواقف، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن وزارة الأوقاف هي صاحبة الحق في النظر على الأطيان الموقوفة على المستشفى الخيري القبطي وهي جهة بر عامة تدخل في المصارف الإسلامية الأمر الذي لا تجادل الجهة الطاعنة فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، لما كان ما تقدم، وكانت هذه الدعامة كافيه بذاتها لحمل قضاء الحكم بعدم أحقية الطاعنة في إقامتها ناظراً على الوقف الخيري موضوع النزاع، وكان لا يعيب الحكم استطراده لبحث نطاق اختصاص هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس أو تحديد المذهب الذي ينتمي إليه الواقف - أياً كان وجه الرأي فيه - متى كان هذا الاستطراد زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم الحكم بدونه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن الثابت من إشهاد الوقف أن الجمعية الخيرية القبطية الكبرى لم يرد اسمها ضمن من عينهم الواقف للنظر على الوقف، وأنه حدد للنظر بعد وفاته وأولاده هيئة إدارة المستشفى القبطي ثم هيئة مجلس الطائفة الإنجيلية، في حين أن هيئة إدارة المستشفى القبطي هي بذاتها الجمعية الطاعنة لأنه ليس للمستشفى شخصية معنوية والجمعية هي التي تتولى إدارته وتمثيله.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، لأنه لما كان القانون رقم 547 لسنة 1953 قد عدل الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الثالثة من القانون رقم 247 لسنة 1953 وحذف منهما حالة اشتراط الواقف النظر لغيره معيناً بالاسم واكتفى بأن قيام الواقف في النظر إذا كان قد شرط ذلك لنفسه، فقد أصبح ولا عبرة بما يرد في كتاب الوقف بشأن من سيتولى النظر بعد الواقف.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه استند إلى أيلولة ملكية المستشفى القبطي إلى الدولة بموجب القانون رقم 135 لسنة 1964 ورتب على ذلك أن ينتفي أي حق للجمعية الطاعنة في النظر عليه، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون، لأن الطاعنة أقامت دعواها بطلب محاسبة المطعون عليها عن الريع منذ استلامها الجبري للوقف في غضون سنة 1958 ولا يجوز سحب أثر القانون رقم 130 لسنة 1964 على الماضي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان حق النظر معقوداً لوزارة الأوقاف دون غيرها منذ صدور القانون رقم 247 لسنة 1953، على ما سبق بيانه في الرد على السببين الثاني والثالث فإنه يكون ولا صفة للجمعية الطاعنة في المطالبة بريع الأطيان عن المدة السابقة على أيلولة ملكية المستشفى القبطي إلى الدولة بطريق التأميم.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن برمته.


 (1) نقض 29/3 /1972 مجموعة المكتب الفني السنة 23 ص 564.

الطعن 3 لسنة 41 ق جلسة 1 / 1 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 أحوال شخصية ق 31 ص 114

جلسة أول يناير سنة 1975

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

-----------------

(31)
الطعن رقم 3 لسنة 41 ق "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية "الولاية على المال". أهلية. نقض "الأحكام الجائز الطعن فيها".
القرار الصادر بعزل القيم على المحجور عليه. جواز الطعن فيه بطريق النقض. المادة 1025 مرافعات معدلة بالمرسوم بقانون 129 لسنة 1952.
(2) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية". حكم "بيانات الحكم". نيابة عامة. بطلان.
عدم بيان الحكم. اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية. لا بطلان. المادة 178 مرافعات.
 (3)حكم "إصدار الحكم". أحوال شخصية "ولاية على المال". بطلان.
اشتراك قاض في تلاوة القرار المستأنف دون إصداره. لا محل للنعي على القرار بالبطلان لسبق إبداء هذا القاضي رأيه في القضية عندما كان وكيلاً للنائب العام.
 (4)حكم "إصدار الحكم". نقض "أسباب الطعن".
النعي بأن القرار المستأنف صدر في غير اليوم المحدد للنطق به وعدم إيراد القرار أسباباً لعدول المحكمة عن مناقشة الخصوم. أمور واقعية لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع. عدم قبول التحدي بها أمام محكمة النقض.
 (5)أحوال شخصية "ولاية على المال". حكم "ما يعد قصوراً". أهلية.
دعوى عزل القيم. إغفال الحكم بحث مدى إخلال القيم بواجباته، وتوافر الأسباب الجدية لعزله. قصر المحكمة بحثها على الأولوية في القوامة بالتطبيق للمادة 68 ق 119 لسنة 1952. قصور.

--------------
1 - أجازت المادة 1025 من قانون المرافعات معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة، الطعن بالنقض في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر والغيبة والمساعدة القضائية وسلب الولاية أو وقفها أو الحد منها أو ردها واستمرار الولاية أو الوصاية والحساب، ولما كان المعنى المقصود في شأن القرارات الصادرة في الحجر هو لزوماً جواز الطعن بالنقض فيها جميعاً سواء كانت صادرة بتوقيع الحجر أو برفض طلب توقيعه، وما يتصل بذلك من تعيين القيم وعزله، فإن الدفع بعدم جواز الطعن - في القرار الصادر بعزل القيم - يكون في غير محله.
2 - لم ترتب المادة 178 من قانون المرافعات - كما أوضحت المذكرة التفسيرية - البطلان على عدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية لأن ذكر اسمه ليس بياناً أساسياً ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكرتها وثبت ذلك في الحكم.
3 - لما كان الثابت من الصورة الرسمية لمحاضر الجلسات أن الهيئة التي نظرت الدعوى وسمعت المرافعة وقررت حجزها للقرار وهي التي أصدرته ولم يكن بين أعضائها القاضي الذي اشترك فقط في تلاوة القرار لتخلف أحد القضاة الذين أصدروه عن حضور جلسة النطق به، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان القرار لاشتراك هذا القاضي في إصداره - وهو غير صالح لنظر الدعوى لسبق إبدائه الرأي في طلب عزل القيم عندما كان وكيلاً للنائب العام - لا يكون له محل.
4  - إن ما يثيره الطاعن في شأن صدور القرار المستأنف في غير اليوم المحدد للنطق به، ولعدم إيراد القرار أسباباً لعدول المحكمة عن قرارها بمناقشة الخصوم، مردود بأن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف، وإذ كان سبب الطعن قائماً على أمور واقعة لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به أمام محكمة النقض.
5 - إذ يبين من القرار المطعون فيه أنه بنى قضاءه بعزل القيم على أن الابن أحق برعاية والدته وأحرص على مالها مستهدية في ذلك بما نصت عليه المادة 68 من القانون رقم 119 لسنة 1952 من أن القوامة تكون للابن البالغ ثم للأب ثم للجد، ثم لمن تختاره المحكمة، وكان مفهوم ذلك أن نظر المحكمة إنما تعلق فقط بالترتيب الذي وصفه المشرع عند تعيين القيم وقصر عن الإحاطة بمقطع النزاع في القضية، وهو مدى إخلال الطاعن بواجباته وما إذا كانت قد توافرت أسباب جدية تدعو للنظر في عزله مما نص عليه في المادة 48 من القانون رقم 119 لسنة 1952 في شأن الوصي والتي تسري في حق القيم بنص المادة 78 من ذات القانون. لما كان ذلك فإن هذا القرار يكون قد شابه قصور مبناه الخطأ في فهم القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 13 من مارس سنة 1951 قضت محكمة بندر دمنهور الحسبية بتوقيع الحجز على...... للغفلة وتعيين شقيقها........ - الطاعن - قيماً عليها في القضية 12 ب سنة 1952. تقدم المطعون عليه بالطلب رقم 18 م عرائض سنة 1968 وذكر فيه أن القيم على والدته - المحجور عليها - أساء معاملتها واستولى على كل دخلها واستغلها ومالها أسوأ استغلال، ولما كانت حالتها الصحية تتطلب رعاية وعناية لا يصلح لهما إلا أحد أولادها فيكون هو أولى منه بالقوامة عليها. وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1970 قررت محكمة دمنهور الكلية للأحوال الشخصية تعيين هذا الابن قيماً على والدته بدلاً من الطاعن. استأنف الأخير هذا القرار بالاستئناف رقم 3 لسنة 1970 ق إسكندرية (مأمورية دمنهور)، وبتاريخ 31/ 12/ 1970 قررت المحكمة تأييد القرار المستأنف. طعن الطاعن في هذا القرار بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز الطعن، وفي الموضوع بنقض القرار وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وبالجلسة المحددة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن بالنقض أن المادة 1025 من قانون المرافعات لا تجيز الطعن بطريق النقض إلا في القرارات الصادرة بتوقيع الحجر أو برفضه، أما القرار الصادر فإنه لا يصح الطعن فيه.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن المادة 1025 من قانون المرافعات معدلة بالمرسوم بقانون رقم 129 لسنة 1952 أجازت للنيابة العامة ولمن كان طرفاً في المادة الطعن بالنقض في القرارات الانتهائية الصادرة في مواد الحجر والغيبة والمساعدة القضائية وسلب الولاية أو وقفها أو الحد منها أوردها واستمرار الولاية أو الوصاية والحساب. ولما كان المعنى المقصود في شأن القرارات الصادرة في "الحجر" هو لزوماً جواز الطعن بالنقض فيها جميعاً سواء كانت صادرة بتوقيع الحجر أو برفض طلب توقيعه، وما يتصل بذلك من تعيين القيم وعزله فإن الدفع بعدم جواز الطعن يكون في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الثالث منها على القرار المطعون فيه أولاً بطلانه لإغفاله ذكر اسم وكيل النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى. وثانياً أنه أخطأ في تطبيق القانون، إذ لم يبطل القرار الابتدائي رغم أن القاضي..... الذي اشترك في المداولة وفي إصدار هذا القرار غير صالح لنظر الدعوى وممنوع من سماعها، لسبق إبدائه الرأي في طلب العزل بمذكرة عندما كان وكيلاً للنائب العام. وثالثاً أن محكمة أول درجة حجزت الدعوى للقرار لجلسة 23/ 2/ 1970، ثم مدت أجل النطق "لباكر"، إلا أنها أصدرته يوم 25/ 2/ 1970، كما أنها عدلت عن قرارها بمناقشة الخصوم ولم تورد أسباباً لهذا العدول.
وحيث إن هذا النعي مردود، في وجهه الأول بأن المادة 178 من قانون المرافعات - كما أوضحت المذكرة التفسيرية - لم ترتب البطلان على عدم ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية لأن ذكر اسمه ليس بياناً أساسياً ما دامت النيابة قد أبدت بالفعل رأيها في مذكرتها وثبت ذلك في الحكم كما أنه مردود في وجهيه الثاني والثالث بأنه لما كان الثابت من الصورة الرسمية لمحاضر الجلسات القضية رقم 12 ب سنة 1952 أحوال شخصية دمنهور، أن الهيئة التي نظرت الدعوى وسمعت المرافعة فيها بجلسة 2/ 2/ 1970 وقررت حجزها للقرار هي التي أصدرته في 25/ 2/ 1970 ولم يكن من بين أعضائها القاضي..... الذي اشترك فقط في تلاوة القرار لتخلف أحد القضاة الذين أصدروه عن حضور جلسة النطق به، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان القرار لاشتراك هذا القاضي في إصداره لا يكون له محل. أما ما إن ما يثيره الطاعن في شأن صدور القرار المستأنف في غير اليوم المحدد للنطق به ولعدم إيراد القرار أسباباً لعدول المحكمة عن قرارها بمناقشة الخصوم فمردود بأن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف وإذ كان سبب الطعن قائماً على أمور واقعية لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والثاني، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أنه أقام قضاءه بعزله من القوامة على أن المطعون عليه أولى منه، لأن الابن عادة أكثر حدباً على والدته من أخيها، مستهدية في ذلك بنص المادة 68 من القانون رقم 119 لسنة 1952 التي رتبت الأولوية في القوامة، في حين أن مجال تطبيق هذا النص يكون عند تعيين القيم ابتداء، ولا يعزل من القوامة إلا إذا توافرت في حقه الأسباب الموجبة للعزل قانوناً وهو ما لم يعرض له الحكم.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن المطعون عليه أسس طلبه عزل الطاعن من القوامة، على إساءته معاملة والدته واستيلائه على أموالها. وكان الطاعن قد رد على ذلك بأن طالب العزل بلغ سن الرشد منذ عشرين عاماً لم يحاول فيها الاتصال بوالدته، وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق، وكان يبين من القرار المطعون فيه إنه بنى قضاءه بعزل القيم على أن الابن أحق برعاية والدته وأحرص على مالها مستهدية في ذلك بما نصت عليه المادة 68 من القانون رقم 119 لسنة 1952 من أن القوامة تكون للابن ثم للجد ثم لمن تختاره المحكمة. وكان مفهوم ذلك أن نظر المحكمة إنما تعلق فقط بالترتيب الذي وضعه المشرع عند تعيين القيم، وقعد عن الإحاطة بمقطع النزاع في القضية، وهو مدى إخلال الطاعن بواجباته وما إذا كانت قد توافرت أسباب جدية تدعو للنظر في عزله مما نص عليه في المادة 48 من القانون رقم 119 لسنة 1952 في شأن الوصي والتي تسري في حق القيم بنص المادة 78 من ذات القانون، فإن هذا القرار يكون قد شابه قصور مبناه الخطأ في فهم القانون مما يعيبه ويستوجب نقضه.