الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

الطعن 903 لسنة 46 ق جلسة 2 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ق 1 ص 5


برياسة السيد المستشار/ حسن المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة, ويعيش رشدي, وأحمد طاهر خليل, ومحمد وجدي عبد الصمد.
------------
- 1  استدلالات . اعتراف . مأمورو الضبط القضائي . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق مأمور الضبط القضائي في سؤال المتهم دون استجوابه . حق المحكمة في التعويل علي ما يتضمنه محضر الاستدلالات من اعترافات تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الاثبات موضوعي ما دام سائغا .
من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضاً أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعترافات في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع. لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان محضر جمع الاستدلالات وما تضمنه من اعترافه بالجرائم المسندة إليه لا يكون له محل.
- 2 تزوير "تقليد اوراق الشركات المملوكة للدولة او التي تساهم فيها".
سندات الشحن والفواتير الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول من محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب التزوير فيها معاقب بالمادة 214 مكررا عقوبات.
إن سندات الشحن والفواتير الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول هي محررات إحدى الشركات التي تساهم في مالها بنصيب وقد قام الطاعن بوصفه موظفاً عاماً بالمصنع الحربي 81 بالتوقيع عليها بما يفيد - على خلاف الحقيقة - ورود كميات الوقود المبينة بتلك السندات إلى المصنع الأمر الذي يشكل إحدى صور التزوير التي أوضحتها المادة 213 من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالمادة 214 مكرراً منه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تلك الجريمة على هذا النحو فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
- 3  وصف التهمة
تعديل تاريخ الحادث . لا يعد تعديلا للتهمة . حق المحكمة في إجرائه . دون لفت نظر الدفاع.
لما كان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الاختلاس خلاله هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصته المحكمة من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييراً في كيانها المادي فلا يعد ذلك في حكم القانون تعديلاً في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى.
- 4  حكم "بيانات الحكم . التسبيب غير المعيب".
متى يعيب التناقض . الحكم؟
إن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة.
- 5  وصف التهمة
حق المحكمة في اسباغ الوصف الصحيح على الواقعة دون لفت نظر الدفاع ما دامت الواقعة المادية التي اتخذتها أساسا لوصفها هي بذاتها الواقعة الواردة بأمر الاحالة .
لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفاً عمومياً من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي 81" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته، وطلبت من قضاء الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات. وإذ أحيل الطاعن بهذا الوصف، قضت المحكمة بإدانته عن ذات الفعل بوصف أنه "بصفته موظفاً عمومياً ومن الأمناء على الودائع" مساعد أمين مخزن بالمصنع الحربي 81" اختلس كمية السولار والبنزين البالغ قيمتها 1012ج و700م والمسلمة إليه بسبب وظيفته وبصفته أميناً عليها" ولما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان به المتهم، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - إذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة المطروحة كما صار إثباتها في الحكم وليس في ذلك خروج على واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم.
- 6  تزوير " تقليد اوراق الشركات المملوكة للدولة او التي تساهم فيها". حكم "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
بيان الحكم لواقعة التزوير بما ينطبق عليه نص المادة 214 مكررا عقوبات ايراده نص المادة 213 عقوبات علي أنها مادة العقاب خطأ مادي لا يعيب الحكم .
إذا كان الحكم قد وصف فعل التزوير الذي دان به الطاعن وبين واقعة الدعوى في شأنه بما ينطبق على حكم المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات فإن إيراد الحكم لنص المادة 213 من قانون العقوبات وإدانة الطاعن بها ليس إلا من قبيل الخطأ في رقم المادة المطبقة مما لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 3 يوليو سنة 1962 بدائرة قسم مصر الجديدة محافظة القاهرة "أ" بصفته موظفا عموميا من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي (81)" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته "ب" استحصل بغير حق على ختم المصنع الحربي رقم 81 واستعمله استعمالا ضارا بمصلحة عامة بأن بصم على بونات الشحن المقدمة من الجمعية التعاونية للبترول تأييدا لتوريد كميات الوقود المبينة بالمحضر للمصنع خلافا للحقيقة "ج" ارتكب تزويرا في أوراق أميرية هي بونات شحن صادرة من الجمعية التعاونية للبترول بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف الحقيقة أنه استلم كميات الوقود المبينة ووقع عليها وقام كذلك ببصم البونات سالفة الذكر بخاتم المصنع 81 حربي فتمت الجريمة بناء على ذلك وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 111/6 و112 و118 و119 و207 و213 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبإلزامه برد مبلغ 1012ج و700م وبتغريمه مثله وذلك عما أسند إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على بطلان في الإجراءات وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون كما جاء مشوبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم إذ دان الطاعن بالجرائم المسندة إليه قد عول في قضائه على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات بالرغم من بطلانه إذ أبلغت الواقعة إلى شرطة قسم مصر الجديدة وقام معاون القسم باستجواب الطاعن مع أنه غير مختص بالتحقيق في مواد الجنايات وقد تمسك الطاعن ببطلان هذا التحقيق وما ترتب عليه ولكن الحكم رد على هذا الدفاع بما ينطوي على مسخ له. كما أن الحكم قد دان الطاعن بجريمة التزوير دون أن تقوم المحكمة بفض المظروف المحتوي على الأوراق المدعى بتزويرها مما حجبها عن استظهار صحة دفاع الطاعن من أن ما أثبته في تلك الأوراق لا يعدو بيانات فردية تخضع للمراجعة من جانب عديد من الموظفين. وقد عول الحكم أيضا في إدانة الطاعن على تقرير لجنة الجرد التي شكلت تشكيلا باطلا من أعضاء مسئولين مع الطاعن عن العجز في المواد البترولية موضوع الاتهام وأن هذه اللجنة لم تمكن الطاعن من الحضور أثناء مباشرة أعمالها. وفضلا عن ذلك فإن الحكم قد حدد مسئولية الطاعن عن العجز في الوقود خلال المدة من 8/7/1962 حتى 18/10/1962 مخالفا بذلك ما تضمنه وصف التهمة بأن الفترة من 3/7/1962 إلى 7/10/1962
كما أن الحكم قد دان الطاعن عن اختلاسه كمية من السولار في حين أن لجنة الجرد انتهت إلى وجود زيادة في تلك المادة وبذلك يكون الحكم قد أقام قضاءه على دليلين متناقضين يضاف إلى ذلك أن الحكم التفت عن دلالة أقوال جميع السائقين من أنهم أدخلوا كميات الوقود الثابتة بالفواتير إلى مخازن المصنع وما قرره أمين المخازن من أن مرد العجز في البنزين إلى أن مدير المصنع وكبار موظفيه يصرفون منه لسياراتهم دون أن يثبتوا ذلك في الدفاتر وأن التبخر والانسكاب عند التفريغ من عوامل ذلك العجز. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس في حين أن الدعوى الجنائية رفعت عليه بوصف الاستيلاء دون وجه حق على مال للدولة من غير أن تنبهه المحكمة إلى ذلك التغيير في وصف التهمة، كما دانه الحكم أيضا عن جريمة التزوير طبقا للمادة 213 من قانون العقوبات في حين أن التزوير لم يقع على أوراق أميرية وإنما على أوراق الجمعية التعاونية للبترول مما ينطبق على المادة 214 مكررا عقوبات
وحيث أنه لما كان من المقرر طبقا لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائي أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلا وأن يثبت في محضره ما يجيب به المتهم بما في ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منه، وللمحكمة أن تستند في حكمها إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث والتحقيق أمامها بالجلسة ولها أيضا أن تعول على ما يتضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلالات التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن في شأن بطلان محضر جمع الاستدلالات وما تضمنه من اعترافه بالجرائم المسندة إليه لا يكون له محل هذا فضلا عن أنه لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد دفع ببطلان ذلك المحضر ومن ثم فلا يصح أن يكون ما ينعاه الطاعن بشأن إجراءات تحقيق الشرطة سببا للطعن على الحكم بالنقض ما دام هذا التحقيق قد جرى في مرحلة سابقة على المحاكمة وما دام الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلانه. لما كان ذلك، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة قامت بجلسة 10/3/1975 بفض المظروف الخاص بالدعوى واطلعت على محتوياته في حضور الطاعن ومحاميه الذي ترافع في الدعوى بعد ذلك ثم صدر الحكم المطعون فيه متضمنا في أسبابه ما تبين للمحكمة من الاطلاع على الأوراق محل الاتهام، فإن ما ينعى به الطاعن من إغفال المحكمة هذا الإجراء الجوهري يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن في شأن إدانته بجريمة التزوير في محررات رسمية بالرغم من أن ما أثبته فيها لا يعدو بيانات فردية تخضع للمراجعة من جانب عديد من الموظفين فمردود بان سندات الشحن والفواتير موضوع الاتهام الصادرة من الجمعية التعاونية للبترول هي من محررات إحدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب وقد قام الطاعن بوصفه موظفا عاما بالمصنع الحربي 81 بالتوقيع عليها بما يفيد - على خلاف الحقيقة - ورود كميات الوقود المبينة بتلك السندات إلى المصنع الأمر الذي يشكل إحدى صور التزوير التي أوضحتها المادة 213 من قانون العقوبات والمعاقب عليها بالمادة 214 مكررا منه. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تلك الجريمة على هذا النحو فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان النعي بالبطلان على تشكيل إجراءات لجنة الجرد التي قامت بفحص أعمال الطاعن موضوع الاتهام مردود بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن بقوله "أن المتهم هو الذي تخلف عن الحضور وعملية الجرد كان قوامها المستندات التي أقر بتوقيعه عليها ومقارنته بالكميات الموجودة بالمصنع والكميات المستهلكة ومع ذلك لم يبين المتهم في هذا الشق من الدفاع مصلحته في هذا النعي ولم يذكر مطاعن محددة على عمل اللجنة حتى يمكن للمحكمة بحثها واستجلاء مصلحته في هذا النعي" وهو قول سائغ في إطراح هذا الدفاع فضلا عن أنه لا مصلحة للطاعن في المنازعة في سلامة إجراءات لجنة الجرد بعد أن استند الحكم المطعون فيه في إدانته إلى أدلة مستقلة عن تقرير تلك اللجنة اطمأن إلى سلامتها ومن ثم فلا يعدو هذا النعي أن يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما تستقل بالبت فيه بما لا معقب عليها. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم من رد تاريخ الحادث إلى الوقت الذي اطمأن إلى وقوع الاختلاس خلاله هو مجرد تصحيح لبيان تاريخ التهمة كما استخلصته المحكمة من العناصر المطروحة على بساط البحث وليس تغييرا في كيانها المادي فلا يعد ذلك في حكم القانون تعديلا في التهمة بما يستوجب لفت نظر الدفاع إليه ليترافع على أساسه، بل يصح إجراؤه من المحكمة بعد الفراغ من سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد أقام قضاءه في شأن تهمة الاختلاس التي دان بها الطاعن على أن شحنات المواد البترولية الموضحة بسندات الشحن والفواتير لم ترد أصلا لمخازن المصنع فلا يعيب الحكم بعد أن ثبت لديه تصرف الطاعن فيها أن يكون تقرير لجنة الجرد قد تضمن وجود زيادة في رصيد السولار الموجود بمخزن المصنع أيا كان قدرها ولا يكون لمنعى الطاعن على الحكم بقالة التناقض محل لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي منها قصدته المحكمة، وهو ما خلا منه الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان ما يرمي به الطاعن الحكم المطعون فيه بأنه التفت عن دلالة أقوال السائقين من أنهم أدخلوا كميات الوقود الثابتة بالفواتير إلى مخازن المصنع وما قرره أمين المخازن من أن مرد العجز في البنزين هو قيام مدير المصنع وكبار موظفيه بصرف البنزين لسياراتهم دون أن يثبتوا ذلك في الدفاتر وأن التبخر والانسكاب من عوامل العجز فيه، كل ذلك مردود بأنه فضلا عن أن الحكم قد اعتمد في إدانة الطاعن على أن كميات الوقود موضوع جريمة الاختلاس لم ترد إلى مخازن المصنع أصلا، فإن مفاد أخذ المحكمة بأدلة الثبوت التي ساقتها أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز مصادرة محكمة الموضوع في اعتقادها أو المجادلة في الأدلة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه بصفته موظفا عموميا من الأمناء على الودائع "أمين مخزن العهدة بمصنع حربي 81" استولى بغير حق على مال للدولة هو الزيوت المبينة بالمحضر والمملوكة للجمعية التعاونية والمسلمة إليه بسبب وظيفته، وطلبت من قضاء الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات. وإذ أحيل الطاعن بهذا الوصف، قضت المحكمة بإدانته عن ذات الفعل بوصف أنه بصفته موظف عموميا ومن الأمناء على الودائع "مساعد أمين مخزن بالمصنع الحربي 81" اختلس كمية من السولار والبنزين البالغ قيمتها 1012 ج و 700 م والمسلمة إليه بسبب وظيفته وبصفته أمينا عليها". ولما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها، وأوصافها، وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساسا للوصف الذي دان به المتهم، دون أن تضيف إليها المحكمة شيئا - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - إذ يوجب القانون على المحكمة أن تطبق القانون تطبيقا صحيحا على الواقعة المطروحة كما صار إثباتها في الحكم، وليس في ذلك خروج على واقعة الدعوى أو افتئات على حق مقرر للمتهم، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون في غير محله - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وصف فعل التزوير الذي دان به الطاعن وبين واقعة الدعوى في شأنه بما ينطبق على حكم المادة 214 مكررا من قانون العقوبات، فإن إيراد الحكم النص المادة 213 من قانون العقوبات وإدانة الطاعن لها ليس إلا من قبيل الخطأ في رقم المادة المطبقة مما لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، ومن ثم فإن تعيب الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا.

الطعن 906 لسنة 46 ق جلسة 6 / 3 / 1977 مكتب فني 28 نقابات ق 1 ص 1


برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة, ويعيش محمد رشدي, ومحمد محمد وهبة, وأحمد علي موسى.
-----------
دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما يوفره".  محاماة . دعوى " دعوي جنائية . نظرها والحكم فيها".
تعارض المصلحة بين فريقين من المتهمين . وجوب تخصيص محام خاص بالدفاع عن كل فريق . مخالفة ذلك . إخلال بحق الدفاع.
لما كان يبين من مطالعة التحقيقات أن شاهد الإثبات قرر أمام النيابة أن الطاعنين الثلاثة الأول هم الفاعلون لجريمة القتل إذ أطلقوا النار على المجني عليه بعد أن أنزلوه عنوة من سيارة الأتوبيس التي كان يستقلها ونفى في ذات الوقت الاتهام عن الطاعنين الرابع والخامس مقرراً بعدم وجودهم على مسرح الحادث وقت وقوعه وأنه فور تركه لمكان الحادث تقابل مع الطاعن الخامس خارجاً من منزله فأبلغه بارتكاب الطاعنين الثلاثة الأول بجريمة قتل المجني عليه بالصورة التي رآها. كما يبين منها أن الطاعنين الرابع والخامس نفيا التهمة المسندة إليهما وبنيا دفاعهما على أنهما لم يحضرا الحادث ولم يشتركا فيه كما أن الطاعن الخامس أيد ما قرره الشاهد السابق من أنه قابله لدى خروجه من منزله إثر سماعه الأعيرة النارية وأخبره بارتكاب الطاعنين الثلاثة الأول لحادث قتل المجني عليه على نحو ما سلف ذكره ذلك الشاهد. ويبين منها أيضاً أن الطاعنين الثلاثة الأول أنكروا ارتكابهم جريمة القتل وأسند الطاعن الأول الاتهام إلى الطاعنين الرابع والخامس وقرر أن الشاهد يشهد لمصلحتهما لقرابته لهما. لما كان ذلك، وكان تبادل الاتهام بين الطاعنين على هذا النحو، وحصر شاهد الإثبات الاتهام في الطاعنين الثلاثة الأول وحدهم، ونفيه الاتهام عن الطاعنين الرابع والخامس وتأييد هذا الأخير له في ذلك يؤدي حتماً إلى تعارض المصلحة بينهم فيما يدعو صالح الطاعنون الثلاثة الأول إلى تكذيب أقوال هذا الشاهد والتشكيك في الصورة التي أعطاها للحادث فإن مصلحة الطاعنين الرابع والخامس تستدعي التمسك بأقوال هذا الشاهد وتأييدها مما يستلزم فصل دفاع كل من الفريقين عن الآخر وإقامة محام خاص لكل منهما حتى تتوافر له حرية الدفاع عن موكله في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت للمحامين الثلاثة بالمرافعة عن الطاعنين الثلاثة الأول وعن الطاعنين الرابع والخامس في دفاع واحد مشترك بينهم جميعاً مع قيام التعارض المشار إليه آنفاً، فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعنين في الدفاع مما يستوجب نقض الحكم.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 24 يوليه سنة 1971 بدائرة مركز أبو تيج محافظة أسيوط (أولا) قتلوا ... ... ... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية (بنادق) وترصدوه في طريق أيقنوا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه بوابل من الأعيرة النارية قاصدين قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته (ثانيا) المتهمون جميعا عدا الخامس "أ" أحرزوا أسلحة نارية (بنادق) مششخنة بغير ترخيص "ب" أحرزوا ذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية سالفة الذكر دون أن يكون مرخصا لهم في حيازة السلاح أو إحرازه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات والمواد 1/1 و6 و26/2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 3 الملحق. فقرر ذلك. وادعى ابن المجني عليه مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 250 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادتين 32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 250ج على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانهم بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد انطوى على إخلال بحق الدفاع إذ سمحت المحكمة لمحامين ثلاثة بتولي الدفاع عنهم جميعا بدفاع واحد مشترك رغم تعارض مصلحة الطاعنين الرابع والخامس مع مصلحة الطاعنين الثلاثة الأول
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت ضد الطاعنين لأنهم قتلوا ..... عمدا مع سبق الإصرار وأحرزوا عدا الخامس أسلحة نارية بدون ترخيص وذخائر مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا لهم في حيازة السلاح أو إحرازه، وقد دان الحكم الطاعنين الخمسة وقضى بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة وإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني مبلغ 250 جنيها على سبيل التعويض
لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة التحقيقات أن شاهد الإثبات ..... قرر أمام النيابة أن الطاعنين الثلاثة الأول هم الفاعلون لجريمة القتل إذ أطلقوا النار على المجني عليه بعد أن أنزلوه عنوة من سيارة الأتوبيس التي كان يستقلها ونفى في ذات الوقت الاتهام عن الطاعنين الرابع والخامس مقرا بعدم وجودهم على مسرح الحادث وقت وقوعه وأنه فور تركه لمكان الحادث تقابل مع الطاعن الخامس خارجا من منزله فأبلغه بارتكاب الطاعنين الثلاثة الأول لجريمة قتل المجني عليه بالصورة التي رآها. كما يبين منها أن الطاعنين الرابع والخامس نفيا التهمة المسندة إليهما وبنيا دفاعهما على أنهما لم يحضرا الحادث ولم يشتركا فيه كما أن الطاعن الخامس أيد ما قرره الشاهد السابق من أنه قابله لدى خروجه من منزله أثر سماعه الأعيرة النارية وأخبره بارتكاب الطاعنين الثلاثة الأول لحادث قتل المجني عليه على نحو ما سلف وذكره ذلك الشاهد. ويبين منها أيضا أن الطاعنين الثلاثة الأول أنكروا ارتكابهم جريمة القتل وأسند الطاعن الأول الاتهام إلى الطاعنين الرابع والخامس وقرر أن الشاهد ... ... .... يشهد لمصلحتهما لقرابته لهما. لما كان ذلك، وكان تبادل الاتهام بين الطاعنين على هذا النحو، وحصر شاهد الإثبات الاتهام في الطاعنين الثلاثة الأول وحدهم، ونفيه الاتهام عن الطاعنين الرابع والخامس وتأييد هذا الأخير له في ذلك يؤدي حتما إلى تعارض المصلحة بينهم فبينما يدعو صالح الطاعنين الثلاثة الأول إلى تكذيب أقوال هذا الشاهد والتشكيك في الصورة التي أعطاها للحادث فإن مصلحة الطاعنين الرابع والخامس تستدعي التمسك بأقوال هذا الشاهد وتأييدها مما يستلزم فصل الدفاع كل من الفريقين عن الآخر وإقامة محام خاص لكل منهما حتى تتوافر له حرية الدفاع عن موكله في نطاق مصلحته الخاصة دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد سمحت للمحامين الثلاثة بالمرافعة عن الطاعنين الثلاثة الأول وعن الطاعنين الرابع والخامس في دفاع واحد مشترك بينهم جميعا مع قيام التعارض المشار إليه آنفا، فإنها تكون قد أخلت بحق الطاعنين في الدفاع مما يستوجب نقض الحكم والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 704 لسنة 47 ق جلسة 28 / 11 / 1977 مكتب فني 28 ق 204 ص 998


برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب, ومحمد صلاح الدين الرشيدي, وأحمد رفعت خفاجى, وإسماعيل محمود حفيظ.
-----------
- 1  استئناف "نظره والحكم فيه". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". وصف التهمة . حكم " بيانات الحكم . التسبيب غير المعيب".
فصل المحكمة الاستئنافية في الدعوى على أساس الوصف المعدل من محكمة أول درجة من تبديد إلى نصب . عدم جواز النعي عليه . طالما كان الطاعن على علم بهذا التعديل عند استئناف الحكم .
لما كان الطاعن حين استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في التهمة من تبديد إلى نصب كان على علم بهذا التعديل، وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به، فلا وجه للقول بأن الدفاع لم يخطر به طالما أن المحكمة الاستئنافية لم تجر أي تعديل في التهمة.
- 2  نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب". وصف التهمة
عدم جواز إثارة شيء عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض .
لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص تعديل وصف التهمة أمام المحكمة الاستئنافية، فلا يجوز له أن يبدي ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
- 3  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". حكم " بيانات الحكم . التسبيب غير المعيب".
التمسك بالصلح بين المتهم والمجني عليه بعد صدور الحكم المطعون فيه . بغية استعمال الرأفة . إطراحه . صحيح . أساس ذلك ؟
إن ما يثيره الطاعن في أسباب الطعن من تصالحه مع المجني عليه بعد صدور الحكم المطعون فيه ابتغاء أخذه بالرأفة، مردود بأنه أمر لاحق لصدور الحكم ولا يمسه.
- 4  رأفة .
تقدير مبررات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع .
إن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد النقود المبينة بالمحضر، المملوكة لـ ..... والتي سلمت إليه على سبيل الأمانة فاختلسها لنفسه إضرارا بالمجني عليها وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت في الدعوى غيابيا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ. فعارض وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض, وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع ذلك بأن محكمة أول درجة عدلت وصف التهمة من تبديد إلى نصب، وقد أيدتها في ذلك المحكمة الاستئنافية دون أن تواجه للطاعن بالوصف الجديد وتلفت نظر الدفاع إليه - كما شاب الحكم الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون حين اعتبرت المحكمة أن ما صدر من الطاعن يعد طرقاً احتيالية خاصة بعد أن جحد الطاعن المستندات المقدمة في الدعوى، ودون أن تعني بتمحيصها، هذا فضلاً عن تصالح المجني عليه مع الطاعن بعد صدور الحكم المطعون فيه بما يحق له معه أخذه بالرأفة
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة النصب التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها - لما كان ذلك، وكان الطاعن حين استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة درجة أولى في التهمة من تبديد إلى نصب كان على علم بهذا التعديل، وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به، فلا وجه للقول بأن الدفاع لم يخطر به طالما أن المحكمة الاستئنافية لم تجر أي تعديل في التهمة - هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثير شيئاً بخصوص تعديل وصف التهمة أمام المحكمة الاستئنافية، فلا يجوز أن يبديه لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك - وكان مفاد ما أورده الحكم أن الطاعن أوهم المجني عليه بمشروع كاذب وأيد ادعاءه هذا بعقد اتفاق يشهد باطلاً باتفاقه مع آخر على استيراد ماكينة لصناعة التريكو لحساب زوجة المجني عليه، وسداده له مبلغ ألف جنيه على النحو الثابت بالمحضر، فانخدع المجني عليه بذلك وسلمه النقود. فمتى تقرر ذلك كان الحكم سديداً لأن ما ادعاه الطاعن لم يكن يمت إلى الحقيقة بصلة ولأن الدليل الكتابي الذي قدمه للمجني عليه ليدعم به مدعاه كان باطلاً وفي هذا ما تتحقق به طريقة الاحتيال كما عرفها القانون - لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في أسبابه من تصالح مع الجني عليه بعد صدور الحكم المطعون فيه ابتغاء أخذه بالرأفة، فمردود بأن ما يثيره في هذا الصدد أمر لاحق لصدور الحكم ولا يمسه، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك بما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 911 لسنة 46 ق جلسة 2 / 1 / 1977 مكتب فني 28 ق 2 ص 14


برياسة السيد المستشار/ حسن المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة, ويعيش رشدي, ومحمد وهبة, وأحمد موسى.
-----------
- 1  أسباب الاباحة " الدفاع الشرعي".
شروط اعمال المادة 63 عقوبات .
إن المادة 63 من قانون العقوبات إذ نصت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه متى حسنت نيته قد أوجبت عليه - فوق ذلك - أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنياً على أسباب معقولة.
- 2  إهانة . باعث
تعرف حقيقة ألفاظ الاهانة موضوعي . حد ذلك .
من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ الإهانة هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هي لم تخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة.
- 3  قصد جنائي
تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل معني الاهانة في ذاته كفايته لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاهانة الا عبرة بالباعث علي توجيهها . مثال .
يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة بالقول مجرد تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل بذاتها معنى الإهانة، بغض النظر عن الباعث على توجيهها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره بصدد الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص ومن ثم فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد ثبوت صدور الألفاظ المهينة من الطاعن - إلى التدليل على أنه كان يقصد بها الإهانة. لما كان ذلك وكان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة انتقل إلى المركز أثر علمه - من شكوى قدمها محامي المحبوسين - بوجودهما فيه بصفة غير قانونية وبقيام الطاعن بحبسهما بدون وجه حق بالرغم من صدور قرار القاضي بالإفراج عنهما، وأن الإهانة قد وقعت على كل من وكيل النيابة والمحامي عن الطاعن - لما أن علم بأمر الشكوى والانتقال وبتولي وكيل النيابة دون إخباره تفتيش السجن - وذلك أثناء قيام وكيل النيابة بإجراء التحقيق المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 43 من قانون الإجراءات الجنائية بديوان المركز وحضور المحامي الشاكي هذا التحقيق بناء على الحق المخول له بالمادتين 83، 85 من قانون المحاماة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1968، فإن في ذلك ما يحقق وقوع جريمتي الإهانة - المنصوص عليهما في المادتين 133 من قانون العقوبات، 98 من قانون المحاماة.
- 4  محاماة . نقابات . دعوى " دعوى مدنية . الصفة والمصلحة فيها".
حق نقيب المحامين في اتخاذ صفة المدعى في كل قضية تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها تخويل هذا الحق لرئيس مجلس النقابة الفرعية بالنسبة لها ولأعضائها المادتان 32 و 40 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 .
لما كان الواقع الذي أثبته الحكم أن الدعوى المدنية التي رفعت من رئيس مجلس نقابة المحامين الفرعية بطلب تعويض عن إهانة أحد أعضائها استعمالا لحقه المنصوص عليه في المادة 22 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 40 منه - واللتين خولت أولاهما للنقيب أن يتخذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها، وجعلت لرئيس مجلس النقابة الفرعية اختصاصات وسلطات النقيب بالنسبة للنقابة الفرعية - فلا يؤثر في قبول الدعوى كون هذا المجلس قد قرر بعد ذلك دعوة الجمعية العمومية للنقابة الفرعية لاجتماع قررت هي فيه مواصلة السير في تلك الدعوى المقامة بالفعل، وذلك بفرض أن قرارها هذا لم يرفع إلى مجلس النقابة وفقاً للمادة 29 من القانون أسوة بسائر قراراتها، ما دام حق رئيس مجلس النقابة الفرعية في رفع الدعوى ومباشرتها غير مقيد بموافقة مجلس النقابة وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1) الرقيب/ ..... (2) العقيد/ ... ... (الطاعن) (3) النقيب/ ... ... ... (4) الملازم أول/ ... ... ... بأنهم في الفترة من 2 من أكتوبر سنة 1974 إلى 5 من أكتوبر سنة 1974 بدائرة مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة - المتهم الأول - ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو دفتر أحوال مركز شرطة إيتاي البارود حال تحريره المختص بوظيفته بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن أثبت على غير الحقيقة إخلاء سبيل كل من ... ... و.... المتهمين في الجناية رقم 3272 لسنة 1974 إيتاي البارود مع علمه بذلك - المتهمين الثلاثة الآخرون (1) اشتركوا مع المتهم الأول بطريق التحريض والاتفاق في ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بأن طلبوا منه أن يثبت في دفتر أحوال المركز ما يفيد إخلاء سبيل كل من ..... و...... في الساعة 10.30 صباح يوم 3/10/1974 خلافا للحقيقة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض (2) حبسوا كل من .... و.... في غير الأحوال المصرح بها قانونا وبعد الإفراج عنهما بالقرار الصادر من القاضي الجزئي المختص في 2/10/1974 في الجناية رقم 3272 سنة 1974 - ج إيتاي البارود - المتهم الثاني (الطاعن) أيضا - (1) استعمل التهديد مع موظف عام ليحمله بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته وكان ذلك بأن تعدى بالقول على السيد الأستاذ ..... وكيل نيابة إيتاي البارود أثناء وبسبب تأديته وظيفته بأن وجه إليه العبارات المبينة في المحضر قاصدا منعه من الاستمرار في تفتيش سجن المركز ومكان الحجز فيه وقد ترتب على التعدي بالإهانة والتهديد والاستمرار فيها استحالة قيام وكيل النيابة بواجبه وقد توصل المتهم بهذا الاعتداء إلى بلوغ مقصده وهو عدم تمكين وكيل النيابة من استكمال تفتيش مكان الحجز في مركز الشرطة (2) أهان بالقول السيد الأستاذ ..... وكيل نيابة إيتاي البارود في أثناء وبسبب تأديته وظيفته بأن وجه إليه العبارات المبينة بالمحضر (3) أهان بالقول والتهديد الأستاذ ...... المحامي في أثناء تأدية واجبات مهنته بأن وجه إليه العبارات المبينة في المحضر وطلبت إلى السيد مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40/1, 2 - 41 و133 - 137 مكررا "أ"، 211 - 213 - 280 من قانون العقوبات والمادة 98 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1968 المعدل بالقانون رقم 65 لسنة 1970 فصدر القرار بذلك. وادعى كل من (1) ...... (2) ..... مدنيا بمبلغ قرش صاغ. كما ادعى الأستاذ .... المحامي بصفته مدنيا بمبلغ 51ج قبل المتهم الثاني (الطاعن) على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بالمواد 133 و280 من قانون العقوبات والمادة 19 من القانون رقم 61 لسنة 1968 الخاص بالمحاماة والمواد 32 و55 و56 من قانون العقوبات (أولا) بمعاقبة العقيد/ ..... بغرامة قدرها عشرة جنيهات وذلك عن ارتكابه لجريمة حبس .... و..... وبمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة شهرين عن ارتكابه لجريمتي إهانة الأستاذين .... وكيل النيابة و...... المحامي أثناء تأدية الأول لوظيفته والثاني لواجبات مهنته وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس ثلاث سنوات تبدأ من اليوم على أن يكون الإيقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المترتبة على الحكم وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني ... و... ..... قرشا واحدا على سبيل التعويض المدني المؤقت والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبأن يدفع للمدعي بالحق المدني الأستاذ ..... المحامي بصفته مبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية (ثانيا) ببراءته من باقي التهم المنسوبة إليه (ثالثا) ببراءة باقي المتهمين من التهم المسندة إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام مدعيها المصاريف المدنية. فطعن المحكوم عليه (الطاعن) في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم حبس شخصين بدون وجه حق وإهانة وكيل نيابة ومحام بالقول، قد انطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن دفاع الطاعن - في خصوص الجريمة الأولى - كان مؤسسا على أنه أخطأ إذ اعتقد أن ثمة تعليمات تكسبه حقا في احتجاز المحبوسين لمدة أربع وعشرين ساعة منذ صدور قرار القاضي بالإفراج عنهما، وقال أنه وقد ارتكب الفعل بحسن نية فإن ذلك الخطأ يغتفر له عملاً بالمادة 63 من قانون العقوبات، بيد أن الحكم - مع ما سجله، في معرض تبرئة الطاعن من تهمة أخرى، من أنه أمر بإثبات تاريخ الإفراج بدفتر أحوال المركز وفقا للحقيقة في اليوم التالي لصدور ذلك القرار - لم يلتفت إلى دلالة هذه الواقعة على حسن نية الطاعن، ورد على دفاعه بما لا يصلح ردا كما أن الحكم أخطأ في الرد على دفاعه القائم - بصدد الجريمتين الأخريين - على أن ما نسب إليه فيهما لا يكون في القانون إهانة، ولم يكن هو يقصدها، علاوة على أنه وقع بعد فراغ وكيل النيابة من تفتيش السجن - وحال شروعه في دخول مكان الحجز الملحق بالمركز - وبالتالي لم يقع أثناء تأدية وكيل النيابة وظيفته ولا أثناء قيام محامي المحبوسين بأعمال مهنته، لأن ذلك المكان ظاهر للعيان فلم تكن ثمة حاجة لممارسة حق الدخول فيه، فضلا عن أن هذا الحق مقصور على النائب العام أو من ينيبه من رجال النيابة العامة بدرجة رئيس نيابة على الأقل. هذا إلى خطأ الحكم في رفض الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية - المقامة من رئيس مجلس نقابة المحامين الفرعية قبل الطاعن - الذي أسسه الطاعن على قيامه بتنفيذ أهم شروط المجلس بقبول الاعتذار، وهو صدوره منه في مكتب المحامي، الأمر الذي يؤكد أن النزاع قد أنحسم صلحا، وعلى انعدام صفة رئيس المجلس في الدعوى ما دام الأمر قد عرض على الجمعية العمومية للنقابة الفرعية ولم يقدم ما يثبت تصديق مجلس نقابة المحامين على قرار تلك الجمعية مواصلة السير في الدعوى المدنية أو رفع قرارها إلى هذا المجلس وفقاً للمادة 29 من قانون المحاماة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1968
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة حبس شخصين بدون وجه حق التي دان بها الطاعن، عرض لما تمسك به من أحكام المادة 63 من قانون العقوبات ورد عليه بقوله: "أما ما قاله الدفاع من أن المتهم الثاني - الطاعن - كان يعتقد بحسن نية أن من حقه إبقاء المدعيين بالحق المدني في المدة من 2/10/1974 إلى 3/10/1974 وأن هذا الأمر جائز في قانون الإجراءات فإن الثابت بالأوراق أن المتهم الثاني وهو مأمور مركز ورئيس للسجن المركزي لا يستساغ القول منه بأنه يجهل الأمور التي ينفذها في كل يوم لأن قانون الإجراءات الجنائية في خصوص حبس الأشخاص وإيداعهم في السجن ومدة الحبس وكيفية قبول الشخص في السجن هي أمور واضحة في نصوص قانون الإجراءات الجنائية التي ينفذها المتهم الثاني كل يوم ومن ثم فإن عدم تنفيذ نصوصه لا تفترض فيه حسن النية لأنه على درجة من الثقافة العالية التي تجعله محيطا بكل دقائق الأمور في قانون الإجراءات الجنائية في خصوص ما يتصل بعمله اليومي ومن ثم فإن المحكمة لا تعول على هذا الدفاع" ولما كان هذا الذي أورده الحكم سائغا في الرد على دفاع الطاعن الخاص بحسن نيته، ذلك بأن المادة 63 من قانون العقوبات إذ قضت بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل من الموظف تنفيذا لما أمرت به القوانين أو ما اعتقد أن إجراءه من اختصاصه منى حسنت نيته، قد أوجبت عليه فوق ذلك - أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته اعتقادا مبنيا على أسباب معقولة. وإذ كان البين من الحكم أن الطاعن لم يثبت شيئا من ذلك، علاوة على أن ما ساقه الحكم في مدوناته - على النحو المتقدم بيانه - من شأنه أن يؤدي إلى انتفاء حسن النية الذي تمسك به الطاعن على نحو مرسل، فإن تعييبه الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دون الألفاظ المقذعة المنسوب إلى الطاعن التفوه بها في جريمتي الإهانة بالقول اللتين دانه بهما، وبين الواقعة بما تتوافر به - في الوقت ذاته - كافة الأركان القانونية المكونة لهاتين الجريمتين، وإذ كان من المقرر أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ الإهانة إنما هو بما تطمئن إليه محكمة الموضوع من تحصيلها لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هي لم تخطئ في التطبيق القانوني على الواقعة - كما هي الحال في الدعوى الماثلة - وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الإهانة بالقول مجرد تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل بذاتها معنى الإهانة، بغض النظر عن الباعث على توجيهها، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره بصدد الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، ومن ثم فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد ثبوت صدور الألفاظ المهينة من الطاعن - إلى التدليل على أنه كان يقصد بها الإهانة، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة انتقل إلى المركز أثر علمه - من شكوى قدمها محامي المحبوسين - بوجودهما فيه بصفة غير قانونية وبقيام الطاعن بحبسهما بدون وجه حق بالرغم من صدور قرار القاضي بالإفراج عنهما، وأن الإهانة قد وقعت على كل من وكيل النيابة والمحامي من الطاعن - لما أن علم بأمر الشكوى والانتقال وبتولي وكيل النيابة، دون إخباره، تفتيش السجن - وذلك أثناء قيام وكيل النيابة بإجراء التحقيق المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 43 من قانون الإجراءات الجنائية بديوان المركز وحضور المحامي الشاكي هذا التحقيق بناء على الحق المخول له بالمادتين 82 و85 من قانون المحاماة الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1968، فإن في ذلك ما يحقق وقوع جريمتي الإهانة - المنصوص عليهما في المادتين 133 من قانون العقوبات و98 من قانون المحاماة المذكور - أثناء تأدية وكيل النيابة وظيفته وبسبب تأديتها وأثناء قيام المحامي بأعمال مهنته وبسببها، ومن ثم لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان الحكم قد سجل - من واقع الاطلاع على جدول محاضر جلسات نقابة المحامين الفرعية - أن الجمعية العمومية وافقت على قبول الاعتذار بالشروط التي يحددها المجلس، وأن هذا المجلس قد اشترط - فيما اشترطه - توقيع جزاء إداري على الطاعن أو نقله، وإذ لم تتحقق الشروط فقد قرر المجلس دعوة الجمعية العمومية لاجتماع غير عادي وفيه قررت الجمعية الاستمرار في الدعوى المدنية المقامة من النقابة، فإن ما تمسك به الطاعن من اعتذاره للمحامي في مكتبه وما يرتبه على ذلك من نعي على قضاء الحكم بصدد قبوله تلك الدعوى يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الواقع الذي أثبته الحكم أن الدعوى المشار إليها قد رفعت من رئيس مجلس النقابة الفرعية استعمالا لحقه المنصوص عليه في المادة 22 من قانون المحاماة سالف الذكر - التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 40 منه - واللتين خولت أولاهما للنقيب أن يتخذ صفة المدعي في كل قضية تتعلق بكرامة النقابة أو أحد أعضائها، وخولت أخراهما لرئيس مجلس النقابة الفرعية اختصاصات وسلطات النقيب بالنسبة للنقابة الفرعية - فلا يؤثر في قبول الدعوى كون هذا المجلس قد قرر بعد ذلك دعوة الجمعية العمومية للنقابة الفرعية لاجتماع قررت هي فيه مواصلة السير في تلك الدعوى المقامة بالفعل، وذلك بفرض أن قرارها هذا لم يرفع إلى مجلس النقابة وفقا للمادة 29 من القانون أسوة بسائر قراراتها، ما دام حق رئيس مجلس النقابة الفرعية في رفع الدعوى ومباشرتها غير مقيد بموافقة مجلس النقابة، وإذ التزم الحكم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الاثنين، 1 أكتوبر 2018

الطعن 1374 لسنة 30 ق جلسة 29 / 11 / 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 166 ص 857

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، وحسن خالد المستشارين.

------------

(166)
الطعن رقم 1374 لسنة 30 القضائية

جريمة. تقسيمها: مواليد ووفيات:
طبيعة جريمة عدم الإبلاغ عن الميلاد والوفاة في الميعاد المحدد. هي من الجرائم المستمرة استمرار تجدديا. آثار ذلك.
--------------
جريمة التخلف عن الإبلاغ عن الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد من الجرائم المستمرة استمراراً تجددياً، وذلك أخذاً من جهة بمقومات الجريمة السلبية - وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني، وإيجاباً من جهة أخرى لصريح نص المادة 23 من القانون رقم 23 لسنه 1912 والمادة 37 من القانون رقم 130 لسنه 1946، ويظل المتهم مرتكبا للجريمة في كل وقت، وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته، ولا تبدأ مدة التقادم مادام الامتناع عن التبليغ قائما، ومتى كان المتهم لم يحاكم في ظل القانون السابق فإن القانون الجديد يكون هو الواجب التطبيق.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه لم يبلغ مكتب الصحة عن وفاة ابنه فى الميعاد المقرر دون عذر مقبول وطلبت عقابه بالمواد 1، 17، 18، 19، 35/ 1 ،37، 38 من القانون رقم 130 لسنة 1946. والمحكمة الجزئية قضت غيابياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت غيابيا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
--------------
المحكمة
من حيث إنه لما كانت العبرة فيما يتعلق بتطبيق الضوابط التي وضعها القانون لتحديد جواز الطعن في الأحكام بطريق النقض هي بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلا وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة, وكانت الدعوى الحالية قد أقيمت على أساس أن الواقعة المسندة للمطعون ضده جنحة فقضى الحكم المطعون فيه باعتبارها مخالفة, فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزا, ولما كان الحكم المطعون فيه لا يعتبر أنه أضر بالمتهم حتى يصح له المعارضة فيه, فإن ميعاد الطعن من النيابة يبدأ من تاريخ صدوره
وحيث إن الطعن بعد ذلك قد استوفى الشكل المقرر بالقانون
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون, ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بالبراءة استنادا إلى أن القانون المنطبق على الواقعة المسندة للمتهم هو القانون رقم 23 لسنة 1912, وأنه لما كانت جريمة عدم الإبلاغ عن الوفاة المنصوص عليها في هذا القانون "مخالفة" كما أنها جريمة وقتية فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي سنة من تاريخ وقوع المخالفة, وما ذهب إليه الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون, ذلك أن جريمة عدم التبليغ عن الوفاة اعتبرها القانون رقم 23 لسنة 1912 جريمة مستمرة طبقا لنص المادة 23 منه والذي مؤداه أن هذه الجريمة تظل قائمة مستمرة طالما أن المسئول عن التبليغ لم يقم بما فرضه عليه القانون مهما طالت المدة, ومن ثم يستمر ملزما بالتبليغ في ظل القانون رقم 130 لسنة 1946 - فإن لم يقم بذلك جاز رفع الدعوى الجنائية عليه وفقا للقانون الأخير على الرغم من أنه شدد العقوبة وجعل الجريمة جنحة بدلا من المخالفة, ولذا فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الجريمة المرفوعة بها الدعوى مخالفة وفي ذات الوقت جريمة وقتية وقضى بالبراءة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بأنه في 19/11/1958 لم يبلغ مكتب الصحة لوفاة ابنه في الميعاد المقرر دون عذر مقبول. وطلبت عقابه طبقا للمواد 1 و17 و18 و19 و35/2 و36 و37 من القانون رقم 130 لسنة 1946 فقضت محكمة أول درجة بالبراءة ولما استأنفت النيابة الحكم قضت محكمة ثاني درجة بتأييد الحكم المستأنف مستندة في ذلك إلى ما ثبت بمحضر ضبط الواقعة من أن الوفاة حصلت في سنة 1937 أو سنة 1938 وهو تاريخ سابق على صدور القانون رقم 130 لسنة 1946 الذي طلبت النيابة تطبيقه, وإنه لما كان القانون رقم 23 لسنة 1912 الذي حدثت الوفاة في ظله ينص على اعتبار جريمة عدم التبليغ عن الوفاة مخالفة وهي في نفس الوقت جريمة مؤقتة فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضي المدة
وحيث إنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 23 لسنة 1912 قد نصت على أنه "يستمر وجوب التبليغ عن المواليد والوفيات... ... لغاية يوم إتمام هذه الإجراءات" وكان القانون رقم 130 لسنة 1946 الخاص بالمواليد والوفيات قد نص أيضا في المادة 37 منه على أنه "يستمر وجوب التبليغ عن المواليد والوفيات لغاية يوم تمام إجراء القيد". لما كان ذلك, وكان مفاد ما تقدم أن جريمة التخلف عن الإبلاغ عن الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد من الجرائم المستمرة استمرارا تجدديا, وذلك أخذا من جهة بمقومات الجريمة السلبية - وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني, وإيجابا من جهة أخرى لصريح النص, فإن المتهم يظل مرتكبا للجريمة في كل وقت وتقع جريمته تحت طائلة العقاب ما دامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته, ولا تبدأ مدة التقادم ما دام الامتناع عن التبليغ قائما وما دام أن المتهم لم يحاكم في ظل القانون السابق, فإن القانون الجديد هو الواجب التطبيق, ومتى تقرر ذلك, وكانت المادة 35 من القانون 130 لسنة 1946 تنص على معاقبة مرتكب هذه الجريمة بعقوبة الجنحة - وهي الغرامة التي لا تتجاوز عشرة جنيهات. لما كان ذلك, وكان الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن المتهم المطعون ضده لم يقم بالتبليغ, فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من اعتبار الواقعة المسندة للمطعون ضده مخالفة والقضاء ببراءته على أساس انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه وتصحيحه ومعاقبة المتهم طبقا لنص المادتين 35 و37 من القانون رقم 130 لسنة 1946.

الطعن 1767 لسنة 53 ق جلسة 1 / 11 / 1983 مكتب فني 34 ق 180 ص 910


برئاسة السيد المستشار / محمد عبد العزيز الجندي. نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: قيس الرأى عطية، محمد أحمد حمدي، أحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا.
-----------
- 1  ايجار أماكن . جريمة " أنواعها". عقد
جريمة الامتناع عن تحرير عند ايجار من الجرائم المستمرة استمرارا تحديديا أثر ذلك.
لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت - استنادا إلى أقوال المجني عليها أن عقد الإيجار أبرم منذ عامين فقط سابقين على 2-2-1980 أي بعد سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعمول به اعتبارا من 9-9-1977، هذا فضلاً عن أن جريمة الامتناع عن تحرير عقد إيجار هي من الجرائم المستمرة استمرارا تجددياً و إذ كانت الطاعنة لا تنازع في أنها لم تحرر عقد إيجار للمجني عليها إلى ما بعد العمل بالقانون المشار إليه فإنه لا يكون هناك محل لما تثيره من عدم انطباق ذلك القانون على واقعة الدعوى.
- 2  دعوى " دعوى جنائية . نظرها والحكم فيها".
حق القاضي الجنائي في الفصل في المسائل المدنية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية.
المقرر أن للقاضي الجنائي الفصل في المسائل المدنية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية - مما يكون معه النعي بعدم اختصاص المحكمة الجنائية ببحث أو ثبوت العلاقة الإيجارية غير سديد.
- 3  إثبات " شهود".
حق محكمة الموضوع في الاقتناع من أي دليل تطمئن إليه. وزن أقوال الشهود. موضوعي. حق محكمة الموضوع في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية متى كان يصح في العقل أن يكون غير ملتئم في الحقيقة التي اطمأنت إليها.
من حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه، وأن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه، كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها، وكان الحكم المطعون فيه لم يركن في تكوين عقيدته إلى شيء من الأقوال المسند إلى الطاعنة الإدلاء بها في محضر جمع الاستدلالات والتي تدعى صدورها من أخرى انتحلت شخصيتها مما يكون معه الطعن بالتزوير على ما أثبت بالمحضر في هذا الخصوص غير منتج في الدعوى، فإن كافة أوجه الطعن تكون على غير أساس ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة في قضية الجنحة ..... بأنها لم تحرر عقد إيجار للمستأجرة المقيمة لديها. وطلبت معاقبتها بالمادتين 24-76 من القانون رقم 49 لسنة 1977. ومحكمة الجنح المستعجلة بالقاهرة قضت غيابياً في ... ببراءة المتهمة. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية. بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهمة ستة أشهر وتغريمها خمسمائة جنيه. عارضت وقضى في معارضتها بقبولها شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهمة خمسمائة جنيه
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ

-------------
المحكمة
لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت - استنادا إلى أقوال المجني عليها - أن عقد الإيجار أبرم منذ عامين فقط سابقين على 2-2-1980 أي بعد سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعمول به اعتبارا من 9-9-1977, هذا فضلا عن أن جريمة الامتناع عن تحرير عقد إيجار هي من الجرائم المستمرة استمرارا تجددياً وإذ كانت الطاعنة لا تنازع في أنها لم تحرر عقد إيجار للمجني عليها إلى ما بعد العمل بالقانون المشار إليه فإنه لا يكون هناك محل لما تثيره من عدم انطباق ذلك القانون على واقعة الدعوى. ولما كان من المقرر أن للقاضي الجنائي الفصل في المسائل المدنية التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجنائية, مما يكون معه النعي بعدم اختصاص المحكمة الجنائية ببحث أو ثبوت العلاقة الإيجارية غير سديد, وكان ما تثيره الطاعنة بشأن استناد الحكم المطعون فيه إلى أقوال المجني عليها على الرغم من عدم وجود ما يؤيدها وما تثيره من التفات الحكم عن المستند الرسمي المقدم منها إثباتاً لتأجيرها المسكن إلى شخص آخر خلاف المجني عليها, مردوداً بأن حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. وأن وزن أقوال الشهود مرجعه إليها بغير معقب عليها فيه, كما أن لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها, وكان الحكم المطعون فيه لم يركن في تكوين عقيدته إلى شيء من الأقوال المسند إلى الطاعنة الإدلاء بها في محضر جمع الاستدلالات والتي تدعي صدورها من أخرى انتحلت شخصيتها مما يكون معه الطعن بالتزوير على ما أثبت بالمحضر في هذا الخصوص غير منتج في الدعوى, فإن كافة أوجه الطعن تكون على غير أساس ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبوله.

الطعن 1512 لسنة 51 ق جلسة 3 / 11 / 1981 مكتب فني 32 ق 139 ص 805


برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فوزي المملوك، وراغب عبد الظاهر، وعبد الرحيم نافع، وحسن غلاب.
------------------
بناء . دخول منزل بقصد ارتكاب جريمة فيه .
سريان التشريع الجديد على الجريمة المستمرة حتى ولو كانت أحكامه أشد مما سبقه . معيار التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة ؟ جريمة الامتناع عن تنفيذ القرار الهندسي . مستمرة . أثر ذلك ؟
لما كان من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون، سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً، ارتكاباً أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه أثاره الجنائية في أعقابه، لما كان ذلك، وكانت جريمة امتناع المطعون ضده عن تنفيذ القرار الهندسي تقوم على فعل سلبي يتوقف على تدخل إرادته تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل الامتناع المعاقب عليه ومن ثم فإنه يكون جريمة مستمرة تخضع ما بقي استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 27 يونيو سنة 1978 لم ينفذ القرار الهندسي خلال الموعد المحدد. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 52 لسنة 1969. ومحكمة بندر المحلة قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وتنفيذ القرار خلال شهر. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فأستأنف. ومحكمة طنطا الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم مائة قرش وتأييده فيما عدا ذلك
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

-------------
المحكمة
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
بأسباب طعنها موقعاً عليه من رئيسها
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة عدم تنفيذ قرار هندسي في الموعد المحدد وأوقع عليه عقوبة الغرامة التي أخذ في تقديرها بأحكام القانون 52 لسنة 1969 فقد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك بأنه نزل بعقوبة الغرامة عن الحد الأدنى المقرر لها بالمادة 79 من القانون اللاحق رقم 49 لسنة 1977 والذي انطبق على الواقعة باعتبارها تكون جريمة مستمرة مما يعيب الحكم ويوجب نقضه
وحيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المطعون ضده أنه حتى يوم 27/6/1978 لم ينفذ القرار الهندسي خلال الموعد المحدد وطبت معاقبته بمواد القانون رقم 52 لسنة 1969 ومحكمة أول درجة قضت بتغريمه مائة جنيه وبإلزامه بتنفيذ القرار خلال شهر واستأنف المحكوم ضده ومحكمة ثاني درجة قضت بحكمها المطعون فيه - بتعديل عقوبة الغرامة إلى مائة قرش إعمالا للمادة 46 من القانون 52 لسنة 1969 تأسيساً على أن القرار الهندسي صدر في 19/7/1977 ولم ينفذه المطعون ضده خلال المهلة المحددة وهي شهر من هذا التاريخ فتكون الجريمة قد وقعت منه في 19/8/1977 أي قبل نفاذ القانون 49 لسنة 1977 المعمول به من اليوم التالي لتاريخ نشره في 8/9/1977
وحيث إنه لما كان من المقرر قانوناً أن التشريع الجديد يسري على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون، سواء أكان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً، ارتكاباً أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي تدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذي يسبق هذا الفعل في التهيؤ لارتكابه والاستعداد لمقارفته أو بالزمن الذي يليه والذي تستمر فيه أثاره الجنائية في أعقابه، لما كان ذلك، وكانت جريمة امتناع المطعون ضده عن تنفيذ القرار الهندسي تقوم على فعل سلبي يتوقف على تدخل إرادته تدخلا متتابعاً ومتجدداً بتكوين فعل سلبي يتوقف عليه ومن ثم فإنه يكون جريمة مستمرة تخضع ما بقى استمرارها لأحكام القانون اللاحق ولو كانت أحكامه أشد، لما كان ذلك، وكان البين من وصف التهمة كما جاءت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المتهم ظل ممتنعاً عن تنفيذ القرار الهندسي حتى 27/6/1978 أي لما بعد سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 المعمول به في اليوم التالي من تاريخ نشره في 8/9/1977 فإنه يتعين إعمال أحكام هذا القانون الأخير على الواقعة وإذ كانت المادة 79 منه تنص على معاقبة الامتناع عن تنفيذ القرار الهندسي بعقوبة الحبس الذي لا يقل عن شهرين والغرامة التي لا تقل عن 100 جنيه أو أحدهما وكان الحكم المستأنف قد أوقع عقوبة الغرامة هذه في حدها الأدنى ونزل عنها الحكم المطعون فيه مستنداً إلى نص المادة 46 من القانون 52 لسنة 1969 الملغي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه بتأييد الحكم المستأنف.