باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة " الخميس " ( د ) المدنية
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد الراضي عياد الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناصر السعيد مشالي نائب رئيس المحكمة وخالد إبراهيم طنطاوي ، تامر محمد سعودي و محمد إبراهيم سمهان
وحضور رئيس النيابة السيد / محمد المسلمي .
وأمين السر السيد / إبراهيم محمد عبد المجيد .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة .
في يوم الخميس 17 من شوال سنة 1440 ه الموافق 20 من يونيه سنة 2019 م .
أصدرت الحكم الآتى :-
فى الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 7594 لسنة 65 ق .
------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المُقرِّر / مُحَمَّد سَمْهَان ، والمُرافعة ، وبعد المُداولة :
حيث إنَّ الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إنَّ الواقعات – على ما يبين من الحُكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصَّل في أنَّ الطاعنين أقاموا على المطعون ضدها الأولى ومُورثة باقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 7833 لسنة 1985 مدني كُلي الزقازيق ، بطلب الحُكم بصحة ونفاذ عقد البيع المُؤرخ يناير سنة 1976 المُتضمن بيع المطعون ضدها الأُولى الأرض المُبينة بالصحيفة لمُورثتهم المرحومة " فاطمة عبد الوهاب أيوب " لقاء ثمنٍ مقداره " ستمائة " جُنيه ، وتثبيت ملكيتهم للمنزل المُقام عليها وكف مُنازعة سالفتي الذكر لهم فيها ، وقالوا بياناً لدعواهم إنَّه وعقب إبرام هذا البيع حصلت المطعون ضدها الأُولى من زوج مُورثتهم على عقد البيع سالف البيان وقامت بإعادة بيع الأرض والمنزل محل التداعي بمُوجب عقد البيع المُؤرخ 24/1/1976 لإحدى أقاربها ، والتي أقامت الدعوى رقم 3319 لسنة 1978 مدني أبو كبير ، فتدخلوا فيها ، إلا أنَّه قُضي برفض تدخلهم ، ممَّا دعاهم لإقامة دعواهم . أحالتها المحكمة للتحقيق ، ولعَجْز الطاعنين عن تقديم شهودهم حكمت برفض الدعوى . استأنف الطاعنون هذا الحُكم بالاستئناف رقم 285 لسنة 37 ق لدى محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق " ، والتي قضت بتاريخ 16/5/1995م بتأييد الحُكم المُستأنف . طعن الطاعنون في هذا الحُكم بطريق النقض ، وقدَّمت النيابة مُذكرة أبدت الرأي فيها برفض الطعن ، عُرض الطعن على هذه المحكمة – في غُرفة مشورة – حدَّدت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إنَّ ممَّا ينعاه الطاعنون على الحُكم المطعون فيه القُصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، وبياناً لذلك يقولون إنَّهم تمسَّكوا في دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بملكيتهم لعين النزاع ، وطلبوا ضم ملف الدعوى رقم 7750 لسنة 1985 مدني كلي الزقازيق – والتي كانت مُقيدة برقم 24 لسنة 1981 مدني جزئي أبو كبير – والمُردَّدة بين الخصوم أنفسهم ، والتي ثبت من تقرير الخبير المُودع فيها والحُكم الصادر فيها ملكيتهم لعين النزاع خلفاً لمُورثتهم بالشراء من مُورثة المطعون ضدهم ، وحيازتهم لها حيازة هادئة وظاهرة وقيامهم باستكمال المباني المُقامة عليها ، وقدَّموا صُورة ضوئية – غير مجحودة – من هذا الحُكم وذلك التقرير بناءً على تكليف المحكمة لهم بذلك ، هذا فضلاً عن أنَّهم أودعوا رفق طعنهم صُورة رسمية من كُلٍ منهما ، وإذ التفت الحُكم المطعون فيه عن تمحيص هذا الدفاع وتلك المُستندات فإنَّه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إنَّ هذا النعي في مَحَلِه ، ذلك أنَّ من المُقرَّر – في قضاء هذه المحكمة – أنَّ إغفال الحُكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتَّب عليه بُطلان الحُكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومُؤثِّراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة ، إذ يُعتبر ذلك الإغفال قُصُوراً في أسباب الحُكم الواقعية يقتضي بُطلانه ، بما مُؤدَّاه أنَّه إذا طُرح على المحكمة دفاعٌ كان عليها أنْ تنظر في أثره في الدعوى ، فإنْ كان مُنتجاً فعليها أنْ تُقدِّر مدى جديته حتى إذا رأته مُتسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإنْ هي لم تفعل كان حُكمها قاصراً ، وأنَّ كُل طلب أو وجه دفاع يُدلى به لدى محكمة الموضوع ويُطلب إليها بطريق الجزم أنْ تفصل فيه ويكون الفصل فيه ممَّا يجوز أنْ يترتَّب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أنْ تُجيب عليه في أسباب حُكمها وإلا كان حُكمها مشوباً بالقُصور ، وأنَّه متى قدَّم الخصم إلى محكمة الموضوع مُستنداً من شأنه التأثير في الدعوى وتمسَّك بدلالته فالتفت الحُكم عن التحدث عنه مع ما قد يكون له من أثر في الدعوى فإنَّه يكون مشوباً بالقُصور ، كما أنَّ النص في المادة 101 من قانون الإثبات المُقابلة للمادة 405 من القانون المدني على أنَّ " الأحكام التي حازت قُوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحُقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ...... وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها " يُعد خروجاً على الأصل الذي يُعطي لمحكمة الموضوع السُلطة التامَّة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والمُوازنة بينها ثُمَّ الأخذ بما تقتنع به واطراح ما عداه بأسباب سائغة بما في ذلك الأدلة التي سبق طرحها في دعوى سابقة ، لأنَّ تقدير الأدلة في ذاته لا يحوز حجية ، إلا أنَّ النص ألزم المحكمة – مهما كان اقتناعها – بألا تقضي في دعوى على خِلاف حُكم آخر سبق أنْ صدر بين الخُصوم أنفسهم وحاز قُوة الأمر المقضي وذلك حماية للنظام القضائي ومنعاً لتضارب الأحكام وتجديد المُنازعات وتأبيدها حسبما أفصحت المُذَكِّرَة الإيضاحية للقانون المدني ، وليس لأنَّ الحُكم الحائز على قُوة الأمر المقضي صحيحٌ على سبيل الحتم – وفي ذلك تقول المُذَكِّرَة الإيضاحية " إنَّ القُضاة تعوزهم العصمة ، شأنهم في هذه الناحية شأن البشر كافة ، بَيْد أنَّ المُشرع أطلق قرينة الصحة في حَكْوَمة القاضي رعاية لحُسن سير العدالة ، واتقاءً لتأبيد الخُصومات " ثُمَّ أضافت أنَّ " هذه الحجية شُرعت كفالة لحُسْن سير العدالة وضمان الاستقرار من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية ، وهذان الفرضان مُجتمعان يتعلقان دُون شك بالنظام العام ثُمَّ إنَّها بُنيت على قرينة قاطعة لا يجوز نقض دلالتها بأي دليل عكسي ولو كان هذا الدليل إقراراً أو يميناً " وكُل ذلك لحماية النظام القضائي ومنع تضارب الأحكام ، وهي أُمور واجبة ولو جانبت العدالة في نزاع بذاته ، أمَّا إذا فات هذا الغرض الأصلي بأنْ صدر حُكمان مُتناقضان في نزاع بذاته وبين الخُصوم أنفسهم ، وإزاء خلو التشريع والعُرْف من حُكم مُنظم لتلك الحالة فإنَّه إعمالاً للفقرة الثانية من المادة الأُولى من القانون المدني تعيَّن اللجوء لمبادئ الشريعة الإسلامية ومُؤدَّاها إذا سقط الأصل يُصار إلى البدل ولا حجية مع تناقض ، فإذا تناقض مُتساويان تساقطا وتماحيا ووجب الرجوع للأصل باسترداد محكمة الموضوع لسُلطتها في الفصل في النزاع على هدى من الأدلة المطروحة تحقيقاً للعدالة دُون تقيد بأي من هذين الحُكمين ، وعلى ذلك فلا وجه للرأي الذي يعتد بالحُكم الأسبق بمقولة إنَّه الأَوْلى لأنَّه لم يُخالف غيره ولا للحُكم اللاحق لتضمنه نُزول المحكوم له عن حقه في السابق بل الأَوْلى هُو اطراحهما والعودة للأصل بأنْ يتحرى القاضي وجه الحق في الدعوى على ضوء الأدلة المطروحة ، لمَّا كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أنَّ الطاعنين أقاموا الدعوى المُبتدأة على المطعون ضدها الأُولى ومُورثة باقي المطعون ضدهم بطلب الحُكم بصحة ونفاذ عقد البيع المُؤرخ يناير سنة 1976 المُتضمن بيع المطعون ضدها الأُولى أرض التداعي لمُورثتهم لقاء ثمنٍ مقداره " ستمائة " جُنيه ، وتثبيت ملكيتهم للمباني المُقامة عليها وكف مُنازعة سالفتي الذكر لهم فيها ، تأسيساً على أنَّه وعقب إبرام هذه البيعة حصلت المطعون ضدها الأُولى من زوج مُورثتهم على العقد السالف وقامت بإعادة بيع الأرض والمنزل محل التداعي بمُوجب عقد البيع المُؤرخ 24/1/1976 لإحدى أقاربها ، والتي قامت برفع الدعوى رقم 3319 لسنة 1978 مدني جُزئي أبو كبير ، فتدخلوا فيها ، إلا أنَّه قُضي في استئناف الحُكم الصادر فيها رقم 39 لسنة 24 ق الزقازيق برفض طلب تدخلهم ، وإذ استند الحُكم المطعون فيه لهذا الحُكم الأخير وانتهى إلى عدم جواز نظر الدعوى الابتدائية لسبق الفصل فيها في طلب التدخل في الدعوى السابقة ، دُون أنْ يبسط سُلطته على الحُكم الصادر في الدعوى رقم 7750 لسنة 1985 مدني كُلي الزقازيق الذي تمسَّك به الطاعنون وقدَّموا – بمُوجب تصريح محكمة الاستئناف – صُورة ضوئية غير مجحودة منه ومن تقرير الخبير المُودع في تلك الدعوى المذكورة أخيراً ، والذي اعتبره الحُكم المُحاج به مُكملاً لأسبابه ، كما أودعوا رفق الطعن صُورة رسمية من كُلٍ منهما ، بما مُؤدَّاه أنَّه – إذا ما صار الحُكم الابتدائي سالف البيان نهائياً وكان يتعلق بالعين موضوع النزاع الراهن – فإنَّه يُصبح أمام محكمة الموضوع حُكمان نهائيان مُتناقضان في ملكية عين التداعي الأمر الذي يُوجب عليها ألا تعتد بحجية أي منهما وتسترد كامل سُلطتها في الفصل في النزاع بحسب ما يُقدَّم إليها من أدلة دُون التقيد بأي منهما ، وإذ خالف الحُكم المطعون فيه هذا النظر وعوَّل على الحُكم الصادر في الدعوى رقم 3319 لسنة 1978 مدني جُزئي أبو كبير واستئنافه رقم 39 لسنة 24 ق الزقازيق دُون الحُكم الصادر في الدعوى رقم 7750 لسنة 1985 مدني كُلي الزقازيق ، ونأى بجانبه عن الرد على الدفاع الجوهري المشفوع بالمُستندات والذي تمسَّك به الطاعنون بشأن حجية الحُكم الأخير وملكيتهم لعين التداعي فإنَّه يكون معيباً بالقُصور بما يُوجب نقضه لهذا السبب دُون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن ، على أنْ يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحُكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدهم المصاريف ومبلغ " مائتي " جُنيه مُقابل أتعاب المُحاماة ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف المنصورة " مأمورية الزقازيق " .