جلسة 5 من أكتوبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وعلي الصادق عثمان وإبراهيم عبد المطلب.
---------------
(131)
الطعن رقم 3744 لسنة 58 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض دون تقديم الأسباب: أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. علة ذلك؟
(2) عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن". اختلاس أموال أميرية. تزوير. اشتراك.
نعى الطاعن على الحكم قصوره في التدليل على جريمة الاشتراك في التزوير. غير مجد. متى كانت المحكمة قد دانته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه.
(3) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. متى لا يعيب الحكم؟
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف". اعتراف.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك. تقدير صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه كان نتيجة إكراه. موضوعي.
(5) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "تطبيقها".
إعمال نص المادة 118 مكرراً أ. جوازي للمحكمة. مجال تطبيقه. ألا يجاوز المال موضوع الجريمة أو الضرر الناتج عنها خمسمائة جنيه.
(6) اختلاس أموال أميرية. استيلاء على أموال أميرية. موظفون عموميون. غرامة. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. نسبية. التزام المتهمين بها بالتضامن فيما بينهم. أساس ذلك؟
إنزال الحكم عقوبة الغرامة النسبية على كل من المحكوم عليهم. خطأ في القانون يوجب النقض والتصحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر. بأنهم أولاً: المتهم الأول (الطاعن) بصفته موظفاً عاماً (أمين مخازن بشركة.... إحدى وحدات القطاع العام) اختلس كمية الغزل المبينة بالتحقيقات والبالغ مقدارها عشرين كرتونة قيمتها 5254.326 جنيه المملوكة للشركة سالفة البيان حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة التزوير موضوع التهمة التالية ارتباطاً لا يقبل التجزئة 2 - بصفته السالفة ارتكب أثناء تأديته لوظيفته تزويراً في محررات الشركة........ المملوكة للدولة هي إذني التحويل رقمي 14، 24 ودفتر حركة بوابة المخزن حالة تحريرها المختص بوظيفته بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها وبتغيير المحررات بأن أثبت بإذني التحويل استلامه 82 كرتونة غزل، 34 كرتونة غزل على التوالي وإضافتها إلى عهدته خلافاً للحقيقة وأدرج بدفتر البوابة أن مقدار الكمية الأولى 18 كرتونة ثم عدل هذا البيان إلى 28 كرتونة على النحو المفصل بالتحقيقات ثانياً: المتهمين الثاني والرابع والخامس والآخر: اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جنايتي الاختلاس والتزوير في محررات شركة........ المتقدم بيانها بأن اتفقوا معه على اختلاس كمية الغزل موضوع التهمة الأولى واقتسام ثمنها وساعدوه على ذلك بأن قبل المتهمان الثالث والرابع ورود كميات الغزل تقل عن القدر المنصرف وقام المتهم الخامس بنقل الكمية المختلسة إلى أحد التجار لبيعها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1، 2، 118/ 2 أ، 119/ ب، 119 مكرراً/ هـ، 211، 214 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة كل من...... بالسجن لمدة خمس سنوات ومعاقبة....... و....... بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزلهم جميعاً من وظائفهم وبإلزامهم متضامنين برد مبلغ 2555.916 جنيهاً وتغريمهم متضامنين مبلغ 5254.326 جنيهاً عما نسب إليهم.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....... لسنة 57، القضائية) وفي..... قضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول طعن..... شكلاً.
ثانياً: بقبول طعن...... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهم الثلاثة الآخرين، وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً في...... بمعاقبة كل من...... و...... و ....... و..... و...... بالسجن لمدة ثلاث سنوات والعزل من الوظيفة وبتغريمهم مبلغ 5254.623 جنيهاً، وألزمتهم متضامنين برد مبلغ 2555.916 جنيهاً عما هو منسوب لكل منهم.
فطعن المحكوم عليهم والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه....... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن كلاً من طعن النيابة العامة وباقي الطاعنين قد استوفى الشكل المقرر له في القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من........ هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بالاشتراك في جريمتي الاختلاس وتزوير محررات لإحدى الشركات المملوكة للدولة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل على كيفية اشتراكه في الجريمتين وعول في ثبوتهما في حقه على أنه قبل توريد كمية من الغزل أقل من المنصرف في حين أن الكميتين المختلستين أولاها لا صلة له بالمصنع الذي وردها ولا بالذي صدرت إليه، والثانية قام بتصديرها كاملة إلى مخزن آخر، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان اعترافه لحصوله نتيجة اعتداء عليه وباقي المتهمين، ولم يتفطن إلى أن نتيجة جرد المخزنين اللذين وقع بهما الاختلاس وفي عهدة المتهم الأول - لم تكشف عن عجز وإنما عن زيادة، هذا إلى أن المحكمة لم تجب الطاعن وباقي المتهمين إلى الاطلاع على الدفاتر والمستندات ومحاضر الجرد وأعرضت عن طلب ندب خبير لتحقيق قيمة العجز إزاء التضارب بشأن تحديدها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من...... أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بالاشتراك في الجريمتين آنفتي الذكر قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يحدد من المحكوم عليهم المقصود بالغرامة ولم يقض بالتضامن فيها، ولم تستجب المحكمة إلى طلب ندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان قيمة العجز في كمية الغزل بعد استنزال ما ضبطه رجال الرقابة الإدارية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن مبنى طعن...... أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمتي الاختلاس وتزوير محررات إحدى الشركات المملوكة للدولة قد شابه الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة أعرضت عن طلب مدافعه ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق مبلغ العجز الذي تضاربت الأرقام بشأنه وحدده خطاب الشركة المجني عليها بمبلغ 374.700 جنيه فكان أن فوتت المحكمة بذلك على الطاعن إمكان استفادته من نص المادة 118 مكرراً (1) من قانون العقوبات التي طلب إعمالها والتي تجيز النزول بالعقوبة إلى الحبس أو إلى واحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها فيها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان المحكوم عليهم بجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات وقضى بتغريم كل منهم على استقلال مبلغ 5254.326 جنيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن تلك الغرامة من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من ذلك القانون وهو ما من شأنه أن يكون الجناة - فاعلين أو شركاء - متضامنين في الالتزام بها ما لم يخص الحكم كلاً منهم بنصيب منها، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أن المتهم الأول...... وهو يعمل أميناً لمخازن....... إحدى وحدات القطاع العام قام خلال يومي 14، 19/ 7/ 1984 بدائرة قسم محرم بك محافظة الإسكندرية فاختلس كميات من الغزل مقدارها 20 عدد عشرين كرتونة يقدر ثمنها بمبلغ 5254.326 جنيه المملوكة للشركة سالفة الذكر والتي كانت قد سلمت إليه بصفته سالفة الذكر وذلك بأن قام بإثبات إذني التموين رقمي 14، 24 استلامه عدد 28، عدد 34 كرتونة غزل على التوالي وإضافتها إلى عهدته على غير الحقيقة كما أدرج بدفتر (كارته) بوابة الشركة أن مقدار الكمية الأولى 18 كرتونة من الغزل ثم عدل هذا البيان إلى عدد 28 كرتونة وذلك طبقاً لما هو موضح تفصيلاً بالتحقيقات وقد اشترك معه في ارتكاب ما سلف ذكره كل من المتهمين الثاني...... و...... و........ و...... وذلك بطريق الاتفاق والمساعدة إذ اتفق هؤلاء معه على اختلاس كميات الغزل المذكورة واقتسام ثمنها فيما بينهم وقبل المتهمان الثالث والرابع باستلام ورود كميات الغزل التي تقل عن القدر المنصرف لهما وقام المتهم الخامس بنقل كمية الغزل المختلسة إلى أحد التجار لبيعها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة" وساق الحكم في التدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها لها أصلها الثابت بالأوراق ومستمدة من أقوال الشهود وما جاء بكتاب الشركة المدعى عليها في خصوص تقدير كمية الغزل المختلسة ومن اعتراف المتهمين في تحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين كمية الغزل موضوع الاختلاس وقيمتها وأفصح عن تحديد مصدرها ووجهتها وكيفية اختلاسها وهو ما له معينه من الأوراق وهو الخطاب الصادر من الشركة المجني عليها - فإنه لا محل لمنازعة أي من الطاعنين من بعد ما أسفرت عنه تقرير لجنة الجرد بعد وقوع الجريمة عن وجود عجز أو وجود زيادة في موجودات المخزنين عهدة وإشراف المتهم الأول، ولا ما ينعاه هو أو غيره على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع في عدم ندب مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق قيمتها ما دامت عن موجودات غير التي وقعت الجريمة عليها كذلك لا جدوى للطاعن...... من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على ارتكابه جريمة الاشتراك في التزوير ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاشتراك في الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه، وما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها الحكم أن التزوير لم يكن هو الأساس في ارتكاب جريمة الاختلاس. لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه ذات الطاعن من خطئه في الإسناد فيما حصله من أنه قبل كمية من الغزل أقل من المنصرف - على فرض قيامه - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها. ودلل عليها وهي اشتراكه بالاتفاق في جريمة الاختلاس. فإن ما يثيره بصدد الخطأ في الإسناد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان اعتراف المتهمين جميعاً ورد عليه بقوله: "وحيث إنه لا دليل على ما دفع به المتهمون جميعاً بشأن وقوع إكراه مادي أو معنوي أو وقوع تدليس دفعهم إلى الإقرار بما هو مدون بالتحقيقات التي أجرتها النيابة العامة ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذا الدفاع ظهرياً وتأخذ بما جاء في التحقيقات من أقوال وإقرارات أدلى بها المتهمون". وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن لمحكمة الموضوع دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت من أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه على السياق المتقدم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليهم لصدوره تحت تأثير الإكراه وأفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإنه يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن قيمة الغزل المختلس 2555.911 جنيه فإنه لا محل لإعمال نص المادة 118 مكرراً (1) من قانون العقوبات ذلك إن هذا النص فضلاً عن أن إعماله جوازي للمحكمة فإن مجال تطبيقه أن يكون المال موضوع الجريمة أو الضرر الناتج عنها لا تجاوز قيمته خمسمائة جنيه - وليس الحال كذلك في الدعوى - ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن الأول بخصوص ذلك وطلبه تحقيق قيمة العجز فضلاً عما سبق ذكره عن مغايرته للكمية المختلسة موضوع الجريمة فهو أيضاً لما سلف غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر في قولها "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافاً للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك". وبالتالي يكون المتهمون أياً كان صفاتهم متضامنين في الالتزام بها فلا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كل منهم بنصيب فيه، لما كان ذلك، وكان الشارع في المادة 118 من ذلك القانون قد ألزم الجاني بهذه الغرامة بصفة عامة دون تخصيص وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو من في حكمه. وكان الحكم المطعون فيه قد أنزل عقوبة الغرامة النسبية على كل من المحكوم عليهم الطاعنين فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون ويكون ما تنعاه النيابة العامة والمحكوم عليه الطاعن....... في هذا الخصوص صحيح في القانون ويتعين لذلك تصحيح الحكم بالنسبة لجميع المحكوم عليهم وذلك بإلزامهم متضامنين بالغرامة المحكوم بها - ورفض باقي أوجه الطعون عدا طعن النيابة العامة.