جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل ومحمود محمد إبراهيم وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.
-----------------
(25)
القضية رقم 771 لسنة 5 القضائية
دعوى - طلبات في الدعوى - رسوم قضائية
- اشتمال الدعوى على طلبين أحدهما أصلي والآخر احتياطي - لا يترتب عليه اعتبارها مشتملة على طلبات متعددة - استحقاق أرجح الرسمين للخزانة - الحكم باستبعاد الطلب الاحتياطي بحجة عدم تسديد رسمه - غير سديد طالما أن الرسم المستحق على الطلب الأصلي قد دفع وكان مساوياً لرسم الطلب الاحتياطي - أساس ذلك - الفقرة الرابعة من المادة السادسة من لائحة الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بها القانون رقم 90 لسنة 1944.
إجراءات الطعن
بتاريخ 25 من إبريل سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 27 من يوليه سنة 1958 من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين في القضية رقم 414 لسنة 3 القضائية المرفوعة من حسين خليل خيري ضد وزارة الزراعة والقاضي بقبول الطلب الأصلي شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات وباستبعاد الطلب الثاني الوارد بمذكرة المدعي المودعة سكرتيرية المحكمة في 27 من يوليه سنة 1958 لعدم سداد الرسوم عنه. وينصب طعن السيد رئيس هيئة المفوضين على ما قضى به الحكم بشأن استبعاد الطلب الاحتياطي لعدم سداد الرسوم عنه ويطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى للمحكمة الإدارية للفصل فيها. أعلنت صحيفة الطعن للحكومة في 14 من يوليه سنة 1959 وللمدعي في 22 منه وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26 من يونيه سنة 1960 وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا لجلسة 29 من أكتوبر سنة 1960 وبعد سماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما هو ثابت من أوراق الطعن تتحصل في أن المدعي رفع هذه الدعوى ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة المذكورة في 25 من أغسطس سنة 1956 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 1014 الصادر في 7 من مارس سنة 1956 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة (كادر فني متوسط) فيما تضمنه من تخطيه في الترقية في نسبة الاختيار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إنه حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1937 والتحق بخدمة وزارة الزراعة في 24 من إبريل سنة 1938 في الدرجة الثامنة بفرع التدخين التابع لمصلحة وقاية المزروعات ونقل في 26 من فبراير سنة 1941 إلى قسم التفتيش الزراعي وألحق بفرع تنفيذ القوانين. وفي 10 من يوليه سنة 1951 حصل على دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية فوضعته الوزارة في الدرجة السادسة (كادر فني متوسط) من تاريخ حصوله على المؤهل المذكور وقد قدر رئيسه المباشر كفايته في سنة 1954 بمائة درجة فخفضها مدير التفتيش إلى 99 درجة. وفي سنة 1955 قدرت كفايته بمائة درجة ولم يجر عليها رئيس المصلحة أي تغيير وترتب على هذا أن أصبح متوسط كفايته في السنتين 99.5 درجة، وقد تخطته الوزارة في الترقيات التي أجرتها في 30 من يونيه سنة 1955 ولم يتظلم أملاً في الترقية في أول حركة تالية ولكنها تخطته في الحركة التي صدرت في 7 من مارس سنة 1956 بالقرار رقم 1014 مفضلة عليه زميلاً له أحدث منه تخرجاً والتحاقاً بالخدمة وأقدمية في الدرجات الثامنة والسابعة والسادسة هو المهندس عبد السلام حسين حرب الموظف بقسم الكيمياء التابع لمصلحة الزراعة بدعوى أن متوسط تقدير كفايته في العامين السابقين مائة من مائة، والمهندس المذكور حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1939 والتحق بالخدمة في سنة 1940 أي أنه لاحق للمدعي في تاريخ التخرج والخدمة والدرجة الثامنة ولئن كان قد حصل على الدرجة السابعة معه إلا أن المدعي سبقه في الحصول على دبلوم الدراسات التكميلية لزراعية فوضع في الدرجة السادسة من 10 من يوليه سنة 1951 في حين أن المطعون في ترقيته وضع فيها من 10 من يونيه سنة 1952. ويقول المدعي إنه وإن كان القانون قد نص على أن المعول عليه هو درجة كفاية الموظف في التقريرين المقدمين عن أعماله في العامين السابقين على الترقية إلا أن المفهوم أن التفاوت بين موظفين بنصف درجة لا يمكن أن يعد مترجماً عن أفضلية أحدهما على الآخر إلا إذا كان واضع التقريرين واحداً أما إذا كانت التقارير من رئيسين مختلفين فلا يمكن أن يضبط المعيار.
وقدم المدعي مذكرة أضاف بها إلى طلباته الواردة في صحيفة الدعوى طلباً بصفة احتياطية في حالة عدم الحكم له بالطلب الأصلي وهو الحكم بإلغاء القرار الصادر في 8 من مارس سنة 1958 بالأمر رقم 1024 بإجراء ترقيات إلى الدرجة الخامسة الفنية المتوسطة فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الدرجة في نسبة الاختيار مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأسس طلبه الاحتياطي على أن جميع المرقين بالاختيار ابتداء من السيد فؤاد حلمي إلى آخر من بالكشف جميعهم تالون له في أقدمية الدرجة السادسة وجميعهم لم يحصلوا على مؤهل دراسي بعد دبلوم الزراعة وهو يزيد عنهم في المؤهل العلمي وأقدمية الدرجة السادسة، وتقارير كفايته في العامين السابقين هو مائة في المائة فليس بينهم من يفضله.
وقد أجابت الوزارة على الطلب الأصلي بأن المطعون في ترقيته إلى الدرجة الخامسة الفنية في الحركة الصادر بها القرار رقي في نسبة الاختيار وطبقاً لما تنص عليه المادة 40 من قانون التوظف تكون الترقية إلى الدرجات المخصصة للاختيار حسب ترتيب درجات الكفاية في العامين الأخيرين ومتوسط تقريري المطعون في ترقيته في العامين 1953، 1954 مائة درجة ومتوسط تقريري المدعي في هذين العامين هو 99.5 درجة. وعن الطلب الاحتياطي فقد أجابت الوزارة بأن لجنة شئون الموظفين بالوزارة بجلستيها المنعقدتين في يومي 15، 23 من فبراير سنة 1958 وضعت قواعد للترقية إلى درجات الاختيار وكان الشرط الذي وضعته اللجنة للترقية بالاختيار من الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة في الكادر الفني العالي هو أن تكون الترقية إلى تلك الدرجة حسب أقدمية الحصول على الدرجة السابعة وبشرط الحصول على مائة درجة في التقريرين السريين الأخيرين وكانت اللجنة تستهدف من وضع تلك القاعدة ترقية الموظفين الأكفاء الممتازين الذين التحقوا بالخدمة من مدة طويلة واكتسبوا من طول هذه المدة خبرة ومزايا مع امتيازهم وكفاءتهم ولم تقصر اللجنة هذه القاعدة على الترقية من الدرجة السادسة إلى الخامسة، بل إنه روعي في الترقية بالاختيار إلى الدرجات السادسة والخامسة والرابعة في هذا الكادر أقدمية الدرجة السابعة مع الحصول على مائة درجة في التقريرين السريين الأخيرين. وفي الكادر الكتابي روعيت أقدمية الدرجة الثامنة في الترقيات بالاختيار إلى الدرجات السابعة والسادسة والخامسة والرابعة. وفي الكادر الفني العالي روعيت أقدمية الدرجة السادسة في الترقية إلى الدرجتين الرابعة والثالثة بالاختيار. والمدعي حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة في سنة 1937 وعلى دبلوم الدراسات التكميلية الزراعية سنة 1951 وطبقاً لقانون المعادلات الدراسية اعتبر في الدرجة السابعة من 24 من إبريل سنة 1940 وفي السادسة من 10 من يوليه سنة 1951 وقد حصل على مائة درجة في التقريرين السريين عن عامي 1955 و1956 ولم يدركه الدور للترقية بالأقدمية كما لم تنطبق عليه القاعدة الموضوعة للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين أصدرت في 27 من يوليه سنة 1958 حكمها المطعون فيه وهو يقضي بقبول الطلب الأصلي شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام المدعي بالمصروفات وباستبعاد الطلب الثاني الوارد بمذكرة المدعي المودعة سكرتيرية المحكمة في 27 من يوليه سنة 1958 لعدم سداد الرسوم عنه. وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأصلي على أن الترقية بالاختيار بالقرار المطعون فيه تمت في ظل حكم المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بعد تعديلها بالقانون رقم 579 لسنة 1952 وقبل تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وأن المطعون ضده حصل على 100 درجة في تقريريه عن عامي 1953، 1954 وهو أعلى من متوسط تقارير من سبقوه في الأقدمية ممن لم تتناولهم الترقية ومنهم المدعي الذي كان متوسط تقريريه السريين في العامين المذكورين 99.5 درجة، وأشارت إلى ما قضت به المحكمة العليا بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1956 في الطعن رقم 1443 لسنة 2 القضائية من أن هذه التقديرات لا رقابة للقضاء عليها ولا سبيل إلى مناقشتها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة التي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها، ولما كان ثمة فارق فعلي في الدرجات المقدرة ينهض عنصراً مرجحاً لكفة المطعون في ترقيته على زميله في مجال الاختيار للترقية على أساس الكفاية فإن قيام هذا الفارق يشهد بصحة التطبيق القانوني وينفي إساءة استعمال السلطة ويكون القرار المطعون فيه مطابقاً للقانون.
أما عن الطلب الاحتياطي فقد قالت المحكمة أنه منبت الصلة بالطلب الأصلي لاختلاف موضوع كل من الطعنين إذ الطلب الأصلي ينصب على إلغاء قرار 7 من مارس سنة 1956 بينما الطلب الاحتياطي على إلغاء القرار الصادر في 8 من مارس سنة 1958، ومن ثم فلا يمكن اعتبار الطلب الثاني طلباً احتياطياً للطلب الأصلي بل هو في واقع الأمر دعوى إلغاء جديدة موجهة إلى قرار إداري جديد منبت الصلة بالقرار الأصلي، ولما كان المدعي لم يقم بسداد الرسم عن هذا الطلب فإنه تطبيقاً للمادة 13 من القانون رقم 90 الصادر في 19 من يوليه سنة 1944 بتنظيم الرسوم القضائية يستبعد من جدول المحكمة.
ومن حيث إن الطعن ينصب على ما قررته المحكمة من استبعاد الطلب الاحتياطي لعدم سداد الرسوم، ويقوم على أنه طبقاً للمادة السابعة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية إذا اشتملت الدعوى الواحدة على طلبات متعددة معلومة القيمة ناشئة عن سند واحد قدر الرسم باعتبار مجموع الطلبات فإذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حدة. وإذا اشتملت الدعوى على طلبات مجهولة القيمة جميعها أخذ الرسم الثابت عن كل طلب منها على حدة إلا إذا كان بينها ارتباط يجعلها في حكم الطلب الواحد ففي هذه الحالة يستحق بالنسبة لهذه الطلبات رسم واحد. وأن المدعي تقدم بطلب إلغاء القرار الصادر في 8 من يوليه سنة 1958 بصفة احتياطية ولم تكن له مصلحة في مثل هذا الطلب لو أجيب إلى الطلب الأصلي ومن ثم يتعين اعتبارهما في حكم الطلب الواحد ولا يكون ثمة رسم على الطلب الاحتياطي.
ومن حيث إن تقدم المدعي بطلب أصلي وآخر احتياطي لا يترتب عليه اعتبار الدعوى مشتملة على طلبات متعددة يتعدد الرسم المستحق على كل منها؛ ذلك لأن المدعي لا يطلب الحكم له بالطلبين الأصلي والاحتياطي معاً وإنما يطلب الحكم بواحد منهما فقط واختار أحدهما بصفة أصلية والآخر بصفة احتياطية في حالة رفض الطلب الأصلي. وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة السابعة من لائحة الرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية الصادر بها القانون رقم 90 لسنة 1944 على أنه "في حالة وجود طلبات تبعية لبعض الطلبات الأصلية يستحق أرجح الرسمين للخزانة. كذلك يكون الحكم في حالة ما إذا كان بعض الطلبات مقدمة للمحكمة على سبيل الخيرة فيكتفي بالنسبة لها وللطلبات الأخرى محل الخيرة بأرجح الرسمين للخزانة".
ومن حيث إن الطلب الأصلي رسمه ثابت ومساو لرسم الطلب الاحتياطي وقد سدده المدعي حين رفع الدعوى بطلبه الأصلي؛ ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون فيما قضى به من استبعاد الطلب الاحتياطي ومن إلزام المدعي بمصروفات الدعوى قبل الفصل في هذا الطلب، ويتعين إلغاؤه وإعادة الدعوى إلى المحكمة الإدارية للفصل في الطلب الاحتياطي وفي مصروفات الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استبعاد الطلب الاحتياطي ومن إلزام المدعي بالمصروفات وبإعادة القضية للمحكمة الإدارية لوزارة الزراعة للفصل في الطلب الاحتياطي.