الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

الطعن 353 لسنة 34 ق جلسة 11 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 109 ص 755

جلسة 11 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، السيد عبد المنعم الصراف، سليم راشد أبو زيد، محمد صدقي البشبيشي.

----------------

(109)
الطعن رقم 353 لسنة 34 القضائية

(أ) وقف. "الدعاوى المتعلقة بالوقف". نيابة عامة. "تدخل النيابة العامة في الدعوى". دعوى.
الدعوى بطلب تثبيت ملكية جزء من الأطيان الموقوفة بعد إلغاء الوقف على غير الخيرات استناداً إلى استحقاق مورث المدعي حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين. المنازعة في الاستحقاق وفي كون المدعي من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق. التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية وتفسير أحكام قانون الوقف. هي دعوى من الدعاوى المتعلقة بالوقف. وجوب تدخل النيابة العامة فيها وإلا كان الحكم باطلاً.
(ب) اختصاص. "اختصاص المحاكم الشرعية". وقف. "دعاوى الاستحقاق في الأوقاف الملغاة".
اختصاص المحاكم الشرعية - قبل إلغائها - بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه. صيرورة هذا الاختصاص للمحاكم العادية بعد إلغاء المحاكم الشرعية.
(ج) بطلان. "البطلان المتعلق بالنظام العام". نيابة عامة. "تدخل النيابة في الدعاوى". دعوى. وقف.
البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف. بطلان متعلق بالنظام العام. لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك الطاعن به بل وبالرغم من معارضته في الأخذ به.

-----------------
1 - متى كانت الدعوى قد رفعت بطلب تثبيت ملكية المدعية لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها في الوقف استناد إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً من المدعية بأن مورثها كان يستحق حصة الخمس في غلة الوقف وأنه من طبقة المستحقين الحاليين وعلى ذلك تصبح هذه الحصة ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها في ذلك المدعى عليهما وهما ولدا الواقف وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة سالفة الذكر، وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من محكمة الموضوع التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات والتعرض أيضاً لتفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه، فإن الدعوى على هذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً.
2 - لئن أنهى المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، فإنه قد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون 399 لسنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه ثم صار هذا الاختصاص للمحاكم العادية بالقانون رقم 462 لسنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. فإذا كانت الدعوى لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق الذي أثير فيها فإنه يجب تدخل النيابة فيها.
3 - إذا كان البطلان المترتب على عدم تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بالوقف بطلاناً متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعن به بل ومن معارضته في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 485 سنة 1960 كلي الزقازيق على المطعون ضدهما وقالت شرحاً لها إنه بموجب إشهاد شرعي صادر أمام محكمة ههيا الشرعية بتاريخ 21 فبراير سنة 1903 وقف المرحوم محمد دقن أطياناً زراعية مساحتها 413 ف و5 ط و11 س على نفسه حال حياته ثم من بعده على أولاده الذكور على وإسماعيل ومحمد صديق وعبد العزيز وعمر ومن يحدثه الله له من الأولاد الذكور بالسوية بينهم ثم من بعدهم على أولادهم الذكور ثم على أولاد أولادهم الذكور دون الإناث وهكذا طبقة بعد طبقة ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره يستقل الواحد منهم إذا انفرد ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع وعلى أن من مات منهم دون عقب من الذكور انتقل نصيبه لأخوته الذكور فإذا انقرضت ذرية الواقف من الذكور يكون الاستحقاق لذريته من البنات على الوجه المبين بكتاب الوقف وقد توفى الواقف في سنة 1904 عن أولاده الخمسة الذكور المبينة أسماؤهم بكتاب الوقف فاستحق كل منهم خمس غلة هذا الوقف. ثم توفى ولده عبد العزيز في سنة 1913 ثم ولده محمد صديق في سنة 1937 وآلت حصة كل منهما إلى أولاده الذكور. وفي سنة 1937 توفى عمر ابن الواقف دون عقب من الذكور وانحصر ميراثه في بنتيه منيرة (الطاعنة) ووردة وبدرتاس بنت ابنه محمد الذي توفى في سنة 1933 قبل وفاة والده وطبقاً لشرط الواقف عاد نصيب عمر إلى أخويه علي وإسماعيل واستمر الحال كذلك حتى صدر القانون رقم 180 سنة 1952 في 14 سبتمبر سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات ونص في مادته الثالثة على أن يصبح ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للواقف إن كان حياً وكان له حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق. فأقامت الطاعنة الدعوى رقم 224 سنة 1952 أمام محكمة القاهرة الشرعية طالبة الحكم باستحقاقها لعشر فاضل ريع هذا الوقف بعد صرف الخيرات والمرتبات التي شرطها الواقف استناداً إلى القانون رقم 180 سنة 1952 سالف الذكر. وفي 13 مايو سنة 1953 قضت محكمة القاهرة الشرعية برفض تلك الدعوى لما رأته من أن القانون المذكور لا يرتب استحقاقاً لأحد في غلة الوقف وإنما يقضي بإنهائه وجعل ما ينتهي فيه ملكاً لمستحقيه على النحو الوارد في المادة الثالثة منه وعلى أثر صدور هذا الحكم أقامت الطاعنة الدعوى الحالية أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها إلى ثلث نصيب والدها وقدره 27 ف وقيراطان و4 أسهم من الأطيان المبينة بالصحيفة وكف المنازعة لها فيها وذلك تأسيساً على المادة 3 من القانون رقم 180 سنة 1952 سالفة الذكر وفي 25 يونيه سنة 1963 قضت تلك المحكمة للطاعنة بطلباتها فاستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 188 سنة 6 ق وطلبا بطلان الحكم المستأنف وإلغاءه ورفض الدعوى وكان ضمن ما تمسكا به في صحيفة الاستئناف أن الفصل في هذا النزاع يقتضي الرجوع إلى كتاب الوقف وتفسير شروطه وإلى أحكام قانون الوقف رقم 48 سنة 1946 وهي مسائل تدخل في اختصاص دوائر الأحوال الشخصية ولا تختص بها الدوائر المدنية هذا علاوة على وجوب تدخل النيابة في هذه الدعوى لتعلقها بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 وفي 6 من إبريل سنة 1964 قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبتقرير تاريخه 27 مايو سنة 1964 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة تمسكت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه بطلاناً مطلقاً لعدم تدخل النيابة في الدعوى عملاً بالمادة الأولى من القانون 628 لسنة 1955 ورأت نقض الحكم لهذا السبب وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن النيابة العامة طلبت نقض الحكم المطعون فيه لبطلانه بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قرر أن النزاع بين طرفين يدور حول ملكية عين كانت موقوفة وتتصل اتصالاً وثيقاً بمراد الشارع من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وهو أمر لا يتعلق بإنشاء الوقف أو صحته أو بالاستحقاق فيه وبالتالي لا يجب تدخل النيابة في الدعوى. وترى النيابة أن هذا الذي قرره الحكم غير صحيح ذلك أن الطاعنة وإن أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لأطيان زراعية إلا أنها تؤسس هذه الدعوى على أن الأطيان التي تطالب بملكيتها هي نصيبها في حصة والدها المرحوم عمر دقن في وقف المرحوم محمد دقن وأنها تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق ممن هم في طبقة المستحقين الحاليين في حكم المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 ولما كانت محكمة الاستئناف قد بحثت هذه المسألة وأطرحتها استناداً إلى كتاب الوقف الذي جعل الاستحقاق للذكور دون الإناث من ذرية الواقف إلى أن ينقرض الذكور من ذريته، فإن حكمها يكون - خلافاً لما قررته - قد صدر في مسألة من صميم الوقف دون أن تكون النيابة ممثلة في الدعوى مما يجعل هذا الحكم باطلاً بطلاناً مطلقاً عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 وأن الطاعنة وإن كانت لم تتمسك بهذا السبب في تقرير الطعن إلا أن لمحكمة النقض أن تأخذ به من تلقاء نفسها لأنه من الأسباب المبنية على النظام العام.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أقامت الدعوى بطلب تثبيت ملكيتها لجزء من الأطيان الموقوفة يعادل نصيبها الميراثي في حصة والدها المرحوم عمر دقن في الوقف استناداً إلى المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 التي تجعل ما ينتهي فيه الوقف المرتب الطبقات ملكاً للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق وقولاً منها بأن والدها المرحوم عمر دقن إذ كان يستحق حصة مقدارها الخمس في غلة الأطيان الموقوفة وكان من طبقة المستحقين الحاليين فإن هذه الحصة تصبح ملكاً لها ولباقي ذريته وقد نازعها المطعون ضدهما وهما ولدا الواقف المرفوعة عليهما الدعوى وأنكرا عليها استحقاقها في الوقف وتمسكا بأنها لا تعتبر من ذرية من مات من ذوي الاستحقاق الذين تؤول إليهم ملكية الوقف بمقتضى المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 - قائلين إن المقصود بالذرية التي تؤول إليها ملكية الأطيان الموقوفة والمشار إليها بهذه المادة هي الذرية التي تستحق في غلة الوقف إذا ما انقرضت طبقة أصلها التي حالت دون استحقاقها بناءً على ما شرطه الواقف من ترتيب الاستحقاق في الوقف وأن الطاعنة وإن كانت من ذرية المرحوم عمر دقن ابن الواقف إلا أنها محرومة من الاستحقاق فيه بما شرطه الواقف في كتاب وقفه من جعل الاستحقاق لأولاده الذكور دون الإناث وأن من مات منهم عن غير ذرية من الذكور يؤول نصيبه إلى الأحياء من إخوته الذكور وقد توفى عمر دقن والد الطاعنة ولم يعقب نسلاً من الذكور فآلت حصته طبقاً لشرط الواقف إلى أخويه علي وإسماعيل المطعون ضدهما لما كان ذلك وكان الفصل في الدعوى قد اقتضى من المحكمتين الابتدائية الاستئنافية التعرض لتفسير كتاب الوقف وشروطه وتحديد الذرية التي تؤول إليها ملكية الوقف طبقاً للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات. كما تعرضت محكمة الاستئناف أيضاً في حكمها المطعون فيه إلى تفسير بعض أحكام قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 واستجلاء قصد الواقف وهذه كلها مسائل تتعلق بالوقف والاستحقاق فيه فإن الدعوى بهذه الصورة تكون من القضايا المتعلقة بالوقف بالمعنى المقصود في الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 والتي يجب أن تتدخل فيها النيابة العامة وإلا كان الحكم باطلاً ولا يقدح في ذلك كون المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 الذي استندت إليه الطاعنة في دعواها قد أنهى الوقف على غير الخيرات وجعل ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للمستحقين على التفصيل الوارد في المادة الثالثة منه، ذلك أنه مع نصه على ذلك فقد أبقى في المادة الخامسة منه المعدلة بالقانون رقم 399 سنة 1953 على اختصاص المحاكم الشرعية بنظر دعاوى الاستحقاق التي ترفع بشأن الأوقاف التي أصبحت منتهية بمقتضاه - والدعوى الحالية لا يمكن الفصل فيها قبل الفصل في النزاع على الاستحقاق وهو أمر كانت تختص به المحاكم الشرعية وصار من اختصاص المحاكم العادية بالقانون رقم 462 سنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية والملية. ومن ثم يجب طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 سنة 1955 أن تتدخل النيابة في الدعوى، ولما كان الثابت أن النيابة لم تتدخل فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن الواردة في التقرير. وإذ كان هذا البطلان متعلقاً بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضي به من تلقاء نفسها على الرغم من عدم تمسك الطاعنة به بل ومن معارضتها في الأخذ به وذلك عملاً بحق المحكمة المقرر بالفقرة الأخيرة من المادة 429 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955.

الطعن 636 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 16 ص 98

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة عبد المنعم سالم مشهور وحسني جورجي ومحمود عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-----------------

(16)

القضية رقم 636 لسنة 5 القضائية

(أ) دعوى 

- دعوى التعويض - ميعاد رفعها - عدم سريان ميعاد الستين يوماً في شأنها - جواز رفعها طالما لم يسقط الحق في إقامتها - أساس ذلك.
(ب) دعوى 

- دعوى التعويض عن الحرمان من العلاوة الدورية المستحقة - هي في حقيقتها منازعة في مرتب.

----------------
1 - إن ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والذي رددته المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة، أن هذا الميعاد خاص بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات فلا يسري على طلبات التعويض التي يجوز رفعها ما دام لم يسقط الحق في إقامتها طبقاً للأصول العامة وذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً: لأن عبارة المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) تقطع في تخصيص حكمها بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات إذ هي قد جعلت مبدأ سريان الميعاد من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. كما قضت بوقف سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية، وبأنه يعتبر في حكم قرار بالرفض فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة. ومفاد ذلك أن المادة المذكورة إذ تحدد ميعاد الستين يوماً لا تتحدث إلا عن الدعوى الخاصة بإلغاء قرار إداري، ومن هنا جعلت إعلانه أو نشره مبدأ لسريان الميعاد والتظلم موقفاً لهذا السريان.
ثانياً: لأن الميعاد السابق ذكره مأخوذ عن القانون الفرنسي وترديد لأحكامه وهذا القانون يقصر هذا الميعاد على طلبات الإلغاء دون طلبات التعويض.
ثالثاً: لأن طلب التعويض منوط بحلول الضرر وهذا لا يترتب حتماً على إعلان القرار الإداري أو نشره بل يترتب في الغالب على تنفيذ القرار فلو أن ميعاد الستين يوماً يسري على طلب التعويض لكان مقتضى هذا أنه يلزم رفعه حتى لو لم يحل الضرر بصاحب الشأن، مما تأباه البداهة القانونية.
رابعاً: لأن الحكمة التشريعية لقصر رفع الدعوى على ستين يوماً هي استقرار القرارات الإدارية حتى لا تكون مستهدفة لخطر الإلغاء وقتاً طويلاً، وهذه الحكمة إن كانت متوافرة فيما يتعلق بطلبات إلغاء القرارات فإنها منعدمة بالنسبة إلى دعاوى التعويض إذ هذه لا تخرج عن كونها دعاوى عادية.
خامساً: إن المشرع عندما تكلم عن طلبات الإلغاء في المادة 19 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) قضى بأن ميعاد رفع الدعوى ستون يوماً بأن نص على ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً بينما أطلق المشرع في المادة 9 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة 9 من القانون رقم 55 لسنة 1959) ولم يحدد ميعاداً لدعوى التعويض تاركاً ذلك للقواعد العامة - بأن قال "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة السابقة إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية".
2 - إذا كان المدعي يطلب التعويض لحرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 فتكون الدعوى في حقيقتها هي مطالبة المدعي بالعلاوة المذكورة، وهذه العلاوة إذ استحقت للموظف تعتبر جزءاً من مرتبه فالمنازعة فيها هي منازعة في المرتب طبقاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959).


إجراءات الطعن

في يوم 12 من إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 9 من فبراير سنة 1959 في القضية رقم 720 لسنة 2 القضائية المقامة من حلمي محمد ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي "بأحقية المدعي في أن يقتضي من الحكومة مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الحكومة مصروفات هذا الطلب وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من يونيه سنة 1959 وللمدعي في 21 من يونيه سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12 من يونيه سنة 1960 - وأبلغت الحكومة والمدعي في 18 من مايو سنة 1960 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا وعينت لذلك جلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية في 21 من سبتمبر سنة 1955 طالباً إلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الموظفين بمصلحة المساحة في 28 من إبريل سنة 1955 بتأجيل منحه علاوته الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة المعلن إليه في 3 من مايو سنة 1955 والمتظلم منه في 14 من مايو سنة 1955 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصاريف وأتعاب المحاماة - وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه التحق بمصلحة المساحة إثر حصوله على دبلوم مدرسة المساحة وكان متفانياً في أداء عمله حريصاً على القيام بواجبه على أكمل وجه وأحسن نحو وكان القدوة الحسنة لأقرانه كما كان عند رؤسائه المثال الطيب لما ينبغي أن يكون عليه الموظف علماً وخلقاً ويذكر أنه رقي بالاختيار للدرجات السادسة والخامسة والرابعة ويقول إن الأمور ظلت تسير سيرها الطبيعي وظل محلاً لرضاء وتقدير جميع رؤسائه حتى وقع الخلاف بين رابطة مهندسي المساحة، التي تنتظم في عضويتها جميع خريجي مدرسة المساحة والتي شرفته برئاستها، وبين نقابة المهن الهندسية بشأن تفسير نصوص القانون ومدى انطباقه على المهندسين المساحين وأحقيتهم في الانضمام إلى النقابة فتقرر خصم خمسة عشر يوماً من مرتبه عن شهر أغسطس سنة 1954 بمقولة إنه خرج عن حدود اللياقة والأدب عند وجوده بمكتب السيد مساعد المدير وتلفظه بعبارات غير لائقة مع سيادته كما عمدت إلى نقله من وظيفته الرئيسية التي شغلها من سنة 1949 وهي وظيفة مفتش مساحة المدن إلى وظيفة مساعد مفتش المدن مع نقله إلى أسيوط فرفع الدعوى رقم 121 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري يطلب فيها إلغاء القرار التأديبي الصادر من مدير عام مصلحة المساحة بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه وإلغاء القرار الصادر من مدير عام مصلحة المساحة في سبتمبر سنة 1954 بتكليفه بأخذ الجشنى على أعمال المدن بالوجه القبلي من المنيا إلى أسوان ويكون مقره تفتيش أسيوط وما يترتب على ذلك من آثار منها حرمانه من لقب مفتش مساحة المدن، وعلى أثر ذلك فوجئ بخطاب من مصلحة المساحة في 3 من مايو سنة 1955 يتضمن أن لجنة شئون الموظفين قررت بجلستها المنعقدة في يوم 28 من إبريل سنة 1955 تأجيل منحه العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 لمدة سنة واحدة لضعف كفايته في العمل وذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - ويقول المدعي إنه بادر من فوره في 12 من مايو سنة 1955 إلى التظلم من هذا القرار ويذكر أنه انقضى من يوم إرسال التظلم بالبريد المسجل أكثر من ستين يوماً دون أن ترد المصلحة لذلك اعتبر هذا السكوت منها بمثابة رفض لتظلمه الأمر الذي يجعله في حل من رفع دعواه بالطعن في قرار تأجيل علاوته طالباً إلغاءه - ويستطرد المدعي قائلاً أن القرار المذكور لم يستهدف الصالح العام وأنه لا يستقيم عقلاً أن يصبح الكفء الممتاز في غمضة عين ضعيف الكفاية وأن لجنة شئون الموظفين لا تستطيع أن تحرم موظفاً من علاوته أو تؤجلها دون سبب قوي يتصل بالصالح العام ويستقي من واقع ملفات وتقارير الموظف وفي ذلك تقول المادة 42 (ولا تمنح العلاوة إلا لمن يقوم بعمله بكفاية وتقرير ذلك يرجع فيه إلى لجنة شئون الموظفين المختصة على أساس من التقارير السنوية) أي أن العبرة في تقرير منح العلاوة أو منعها أو تأجيلها هو التقارير السنوية وغير ذلك يكون من قبيل العقوبة التأديبية المنصوص عليها في المادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والذي يملك مجلس التأديب وحده توقيعها. وأن أساس القرار المطعون فيه وسنده باطلان إذ أن القول بضعف كفايته قول غير صحيح لمخالفته ما اضطردت عليه تقاريره السابقة من الإشادة بكفايته وأن الأمر دبر وبيت وأن هذا القرار قصد به النكاية فهو قرار بعيد عن الصالح العام - مخالف للقانون متسم بإساءة استعمال السلطة ما يجعله حرياً بالإلغاء.
وأجابت مصلحة المساحة على الدعوى بمذكرتها المؤرخة 22 من أكتوبر سنة 1955 ضمنتها أنه عرض على لجنة شئون الموظفين بالمصلحة التقرير السنوي السري لعام 1954 المقدم عن المدعي فقدرت اللجنة درجة كفايته عن ذلك العام بما يقل عن أربعين درجة الأمر الذي يرتب قانوناً اعتبار هذا الموظف ضعيفاً في الكفاية خلال العام المذكور ولدى نظر اللجنة أمر العلاوات المستحقة لموظفي المصلحة اعتباراً من أول مايو سنة 1955 قررت بجلستها المنعقدة في 28 من إبريل سنة 1955 إعمالاً لاختصاصها المنصوص عليه بالمادتين 42، 43 من القانون تأجيل منح العلاوة الدورية المستحقة لبعض الموظفين ومن بينهم المدعي لحصولهم على درجة ضعيف في كفاية العمل بالتقارير السنوية المقدمة عنهم عام 1954 وأخطرت المصلحة المدعي بذلك القرار بموجب خطاب موصى عليه بتاريخ 3 من مايو سنة 1955 فقدم تظلماً إدارياً بالطعن في القرار ناعياً عليه أنه بني على التعسف وإساءة استعمال السلطة ومخالفة القانون فأجيب المدعي عن تظلمه بالخطاب المرسل إليه في 9 من أغسطس سنة 1955.
وأضافت المصلحة رداً على ما أثاره المدعي بأن سلامة ماضي خدمة الموظف لا تنهض دليلاً على كفايته في السنوات اللاحقة وأن قرار توقيع الجزاء وقرار النقل اللذين أشار إليهما المدعي قد صدرا بناء على إجراءات قانونية سليمة وفي حدود القواعد المقررة وأنهما محل طعن في دعوى أخرى وأن لجنة شئون الموظفين تختص بتقرير تأجيل العلاوة الاعتيادية لضعف الكفاية وأن ليس هناك من دليل على قيام عيب إساءة استعمال السلطة المدعى به وانتهت المصلحة إلى طلب رفض الدعوى.
وقدم المدعي مذكرة في 21 من يناير سنة 1957 ضمنها أن تقرير سنة 1954 تقرير باطل لأن المهندس تادرس فام الذي وقعه لم يكن رئيساً له - ويقول إنه لو رجعت المحكمة إلى كشوف الحضور والانصراف لوجدت أن المدعي لم يتغيب إطلاقاً أو لم يتأخر في الحضور إلى عمله ولذا فهو يستحق 3 درجات بدلاً من درجة عن الغياب وثلاث درجات كاملة عن التأخير بدلاً من درجة واحدة ولهذا فهو يطلب زيادة التقدير أربع درجات - كما ضمن المدعي مذكرته هذه طلب الحكم بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزامها بالمصروفات والأتعاب.
وبجلسة 19 من مارس سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول دعوى الإلغاء وألزمت المدعي بالمصروفات وقررت إحالة طلب التعويض إلى مفوض الدولة لتهيئته. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت في الدعوى أن المدعي أعلن بالقرار المطعون فيه بخطاب مؤرخ في 3 مايو سنة 1955 فتظلم منه إلى وزير الأشغال العمومية بتظلم أرسل بالبريد المسجل بعلم الوصول في 14 من مايو سنة 1955 ووصل في 15 من مايو سنة 1955 ولم تجب الجهة الإدارية على هذا التظلم خلال ستين يوماً من هذا الوصول الذي يعتبر تاريخاً لتقديم التظلم يبدأ منه الميعاد لذلك فإن فوات هذا الميعاد دون رد يعتبر بمثابة رفض للتظلم ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة أي ميعاد غايته 12 من سبتمبر سنة 1955 لذلك فإن الدعوى وقد رفعت بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 21 من سبتمبر سنة 1955 تكون قد رفعت بعد الميعاد ويتعين الحكم بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وقالت المحكمة أن المدعي أضاف بمذكرته المودعة بجلسة 22 من يناير سنة 1957 إلى طلبه الأصلي طلباً احتياطياً هو إلزام الوزارة بأن تدفع له قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت وهو طلب جديد أبدي بعد أن قدم مفوض الدولة تقريره الذي اقتصر فيه على مناقشة طلب الإلغاء من الناحية الشكلية لذلك يتعين وقد أبدي هذا الطلب في ظل القانون رقم 165 لسنة 1955 أن تقرر المحكمة بإحالته إلى مفوض الدولة لتهيئته طبقاً للمواد 27 وما بعدها من القانون المذكور. وبناء على ذلك قامت هيئة المفوضين بتحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة وأودعت تقريراً برأيها القانوني انتهت فيه إلى التوصية بالحكم بالتعويض. وبجلسة 9 من فبراير 1959 صدر الحكم المطعون فيه وقضت المحكمة بأحقية المدعي في أن يقتضي من الحكومة مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الإدارة لا تسأل عن القرارات التي تصدر منها إلا في حالة وقوع خطأ من جانبها بأن تكون هذه القرارات غير مشروعة أي مشوبة بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وهذه العيوب هي عدم الاختصاص ووجود عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ في تطبيقها وتأويلها أو إساءة استعمال السلطة بشرط أن يتحقق الضرر الناجم عنها وأن تقوم رابطة السببية بين الخطأ والضرر فإذا برأت من هذه العيوب كانت سليمة مشروعة مطابقة للقانون فلا تسأل الإدارة عن نتائجها مهما بلغت جسامة الضرر المترتب عليها لانتفاء ركن الخطأ إذ لا مندوحة من أن يتحمل الأفراد في سبيل المصلحة العامة نتائج نشاط الإدارة المشروع أي المطابق للقانون - وتقول المحكمة إنه يخلص من أوراق الدعوى أن المدعي يبني طلب التعويض على أن جهة الإدارة أخطأت حين أصدرت قرارها بتأجيل العلاوة المستحقة له ذلك أن هذا القرار بنى سببه على التقرير السري المقدم عن حالة المدعي في سنة 1954 والذي قدرت كفايته فيه بدرجة ضعيف ولما كان هذا التقرير في نظر المدعي باطلاً فإن القرار المبني عليه يكون بالتالي باطلاً هو الآخر؛ ومن ثم يتعين تعويضه بما أصابه من ضرر بسبب هذا الخطأ.
ولما كان المدعي يرجع بطلان التقرير سالف الذكر إلى سببين الأول أنه انتقص من درجتي التأخير والغياب في حين أنه لم يتأخر عن عمله مرة واحدة كما أنه لم يحدث أن غاب بدون إذن - والثاني أنه لا صفة للسيدين تادرس فام وعبد الحليم أمين في التوقيع على التقرير إذ أن الأول لم يكن رئيسه المباشر ولم يكن الثاني المدير المحلي.
وتقول المحكمة إنه لما كان الثابت من الاطلاع على هذا التقرير وهو مرفق بملف الخدمة أنه منح درجة من ثلاث درجات عن كل من الغياب والتأخير وأن الرئيس المباشر قدر كفايته بأربعين درجة من مائة فأنقص المدير المحلي التقدير إلى 39 درجة أي بدرجة ضعيف وسجلت لجنة شئون الموظفين هذا التقدير بجلستها المنعقدة في 28 من إبريل سنة 1955 وبذات الجلسة قررت تأجيل علاوته الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة استناداً إلى أن تقدير كفايته في التقرير المذكور جاء بدرجة ضعيف.
ولما كان الواضح من رد المصلحة ومن المناقشة التي أجراها مفوض الدولة مع السيدين تادرس فام وعبد الحليم أمين الموقعين على التقرير أنه في المدة من أول يناير سنة 1954 لم تكن ثمة كشوف للحضور والانصراف مخصصة للتوقيع عليها من موظفي الدرجة الرابعة فما علا حال حضورهم فانصرافهم وأنه لما احتاج الأمر إلى ضبط هذه العملية خصصت كشوف لهذا الغرض اعتباراً من أول أغسطس سنة 1954، غير أن المدعي لم يوقع عليها لأنه من 16 من يونيه سنة 1954 انتدب للعمل في جرد المخازن وظل في هذا العمل إلى أن منح إجازة مرضية اعتباراً من 16 من أكتوبر سنة 1954 حتى نهاية العام، وأن كلاً منهما قدر درجة التأخير والغياب على أساس التقدير الشخصي ولم يكن ذلك مبنياً على أي كشوف حضور أو انصراف أو أي بيان آخر.
وإنه وإن كانت تقديرات الرؤساء لكفاية الموظف لا رقابة للقضاء عليها لتعلقها بصميم اختصاص الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها فيه إلا أن هذه الرقابة تعمل في حالتين إذا لم تتبع الإدارة الإجراءات السليمة المنصوص عليها في القانون حتى تصل إلى تقدير درجة الكفاية وإذا كان محل التقدير عناصر أصولها محدودة في الأوراق - ولما كانت المادة 30 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 نصت في فقرتها الثانية على أن التقارير السنوية تكتب على النموذج وبحسب الأوضاع التي يقررها وزير المالية والاقتصاد بقرار يصدر منه بعد موافقة ديوان الموظفين.
وإذ جاء بظهر النموذج المعتمد على الوجه المتقدم بقرار وزير المالية رقم 4 لسنة 1954 ملاحظات أولاها أن هذه التقديرات تبنى على البيانات الموجودة في.... (د) دفاتر الحضور والغياب والإجازات؛ فكأن هناك قاعدة تنظيمية في هذا الشأن هي أن تقدير بيان الغياب والتأخير يجب أن يرجع فيه إلى دفاتر الغياب والحضور.
ولما كانت جهة الإدارة قد خالفت هذه القاعدة فلم تخصص دفاتر لهذا الغرض عن المدة من أول عام 1954 حتى أول أغسطس منه أما المدة الباقية والسابقة على قيامه بالإجازة المرضية فكان المدعي منتدباً في جرد المخازن ولم تقدم المصلحة دفاتر أو كشوف حضور وغياب عن هذه المدة حتى يمكن الرجوع إليها وإعمال رقابة المحكمة على التقدير الواجب أن يستمد منها فإذا أضيف إلى ذلك أن ملف خدمة المدعي خلا من أية إشارة أو تحقيق أجري معه بسبب تأخيره أو تغيبه بدون إذن طيلة العام فإن الأمر يقتضي أن يمنح النهاية القصوى في بندي التأخير والغياب. وبذلك يرتفع تقدير كفايته إلى 43 أي يتخطى درجة ضعيف وأنه من مقتضى هذه النتيجة، ودون بحث في باقي أوجه الطعن أن يكون التقرير السنوي المقدم عن حالة المدعي في سنة 1954 باطلاً لمخالفته القانون وبالتالي يكون قرار لجنة شئون الموظفين بتأجيل علاوة المدعي هو الآخر معيباً عملاً بقاعدة أن ما بني على الباطل فهو باطل وبذلك يكون ركن الخطأ متوافراً في جانب الإدارة ويحق للمدعي أن ينال تعويضاً عما أصابه من ضرر هو تأجيل علاوته لمدة سنة إذ لولا صدور هذا القرار الخاطئ ما كان وقع الضرر وانتهى الحكم إلى القول بأنه يبين مما تقدم أن المدعي على حق في طلب التعويض ويتعين الحكم له به.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 42 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلاً بالقانون رقم 579 لسنة 1953 تنص على أن "يمنح الموظف علاوة اعتيادية طبقاً للنظام المقرر بالجداول المرافقة، بحيث لا يجاوز المرتب نهاية مربوط الدرجة، ولا تمنح العلاوة إلا لمن يقوم بعمله بكفاية وتقرير ذلك يرجع فيه إلى لجنة شئون الموظفين المختصة على أساس من التقارير السنوية" - والمستفاد من هذا النص أن منح العلاوة الاعتيادية طبقاً للنظام المقرر بالجداول المرفقة بقانون التوظف رهين بقيام الموظف بعمله بكفاية وقد ناط القانون بلجنة شئون الموظفين تقدير درجة هذه الكفاية وترك لها الحرية في اختيار العناصر التي تستقي منها هذا التقدير ولم يقيدها بالتقرير السري المقدم عن الموظف فحسب بحيث يصبح المصدر الوحيد الذي تستمد منه تقديرها، وإنما جعله عنصراً تستهدي به إلى جانب ما يقوم لديها من عناصر أخرى، فإذا كانت لجنة شئون الموظفين حسبما هو ثابت بمحضر اللجنة المؤرخ 28 من إبريل سنة 1955 بعد أن استهلت هذا المحضر ببيان حكم المادتين 42، 44 من قانون التوظف قررت تأجيل العلاوة الاعتيادية المستحقة للمدعي في أول مايو سنة 1955 نظراً لحصوله على درجة ضعيف في كفاية العمل فإن هذا القرار لا يمكن حمله على أن درجة التقدير في التقرير السنوي عن سنة 1954 هي السبب الوحيد لهذا القرار.
ويضاف إلى ذلك أن تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة في التقرير السنوي لدرجة الكفاية هو أمر لا رقابة للقضاء عليه ولا سبيل له إلى مناقشته لتعلقه بصميم عمل الإدارة الذي ليس للقضاء أن ينصب نفسه مكانها. ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الرخصة التي خولها القانون للإدارة في تقدير كفاية الموظف تجد حدها الطبيعي في حالة ما إذا كان يتعين تقدير الدرجة اللازمة لأحد العناصر الواردة بالتقرير على أساس أصل ثابت في الأوراق كما هو الشأن بالنسبة لعنصري التأخير والغياب، لا وجه لذلك؛ لأن طبيعة عمل المدعي في سنة 1954 كانت تقتضي إعفائه من التوقيع على كشوف الحضور والانصراف الأمر الذي كان يستوجب عدم الاعتداد بواقعة عدم توقيع المدعي على تلك الكشوف أو بعدم وجودها للقول ببطلان ما جاء بالتقرير السنوي عن عنصري الحضور والغياب. ويضاف إلى ذلك أن القانون لم يرسم للإدارة طريقاً معيناً تلتزم به في تقدير كافة العناصر المنصوص عليها في التقرير السنوي بحيث يكون هو المصدر الوحيد الذي تستقي منه تقديرها ولا يسوغ الخروج عليه وإلا كان تقديرها مخالفاً للقانون. وعلى هذا المقتضى فليست كشوف الحضور والانصراف هي وحدها المعول عليه في تقدير عنصري التأخير والغياب؛ إذ قد يستفاد التأخير والغياب من أصول أخرى كشهادة الرئيس المباشر أو غير ذلك مما لا سبيل للقضاء إلى التعقيب عليه.
ويقول الطعن إنه لما كان الحكم المطعون فيه باستحقاق المدعي للتعويض المؤقت يقوم على أساس أن القرار الصادر من جهة الإدارة بتأجيل علاوته الدورية المستحقة في أول مايو سنة 1955 لمدة سنة هو قرار باطل لانبنائه على التقرير الباطل المقدم عن المدعي عن سنة 1954 وهو ما لا يمكن الأخذ به للأسباب المشار إليها فيما تقدم فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون متعيناً الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه مما يجب التنبيه إليه بادئ ذي بدء أنه لا محل للتحدي بفوات ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة والذي رددته المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة للجمهورية العربية المتحدة إذ أن هذا الميعاد خاص بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات فلا يسري على طلبات التعويض التي يجوز رفعها ما دام لم يسقط الحق في إقامتها طبقاً للأصول العامة وذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً - لأن عبارة المادة 19 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) تقطع في تخصيص حكمها بطلبات إلغاء القرارات الإدارية دون غيرها من المنازعات إذ هي قد جعلت مبدأ سريان الميعاد من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن به. كما قضت بوقف سريان هذا الميعاد في حالة التظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئيسية، وبأنه يعتبر في حكم قرار بالرفض فوات ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة. ومفاد ذلك أن المادة المذكورة إذ تحدد ميعاد الستين لا تتحدث إلا عن الدعوى الخاصة بإلغاء قرار إداري. ومن هنا جعلت إعلانه أو نشره مبدأ لسريان الميعاد والتظلم منه موقفاً لهذا السريان.
ثانياً - لأن الميعاد السابق ذكره مأخوذ عن القانون الفرنسي وترديد لأحكامه وهذا القانون يقصر هذا الميعاد على طلبات الإلغاء دون طلبات التعويض.
ثالثاً - لأن طلب التعويض منوط بحلول الضرر وهذا لا يترتب حتماً على إعلان القرار الإداري أو نشره بل يترتب في الغالب على تنفيذ القرار فلو أن ميعاد الستين يوماً يسري على طلب التعويض لكان مقتضى هذا أنه يلزم رفعه حتى لو لم يحل الضرر بصاحب الشأن، مما تأباه البداهة القانونية.
رابعاً - لأن الحكمة التشريعية لقصر رفع الدعوى على ستين يوماً هي استقرار القرارات الإدارية حتى لا تكون مستهدفة لخطر الإلغاء وقتاً طويلاً، وهذه الحكمة إن كانت متوافرة فيما يتعلق بطلبات إلغاء القرارات فإنها منعدمة بالنسبة إلى دعاوى التعويض إذ هذه لا تخرج عن كونها دعاوى عادية.
خامساً - إن المشرع عندما تكلم على طلبات الإلغاء في المادة 19 (22 من القانون رقم 55 لسنة 1959) قضى بأن ميعاد رفع الدعوى ستون يوماً بأن نص على أن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً، بينما أطلق المشرع في المادة 9 من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة 9 من القانون رقم 55 لسنة 1959) ولم يحدد ميعاداً لدعوى التعويض تاركاً ذلك للقواعد العامة - بأن قال "يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها في المادة السابقة إذا رفعت إليه بصفة أصلية أو تبعية".
ومن حيث إن المدعي يطلب التعويض لحرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1955 فتكون الدعوى في حقيقتها هي مطالبة المدعي بالعلاوة المذكورة.
ومن حيث إن هذه العلاوة إذا استحقت للموظف تعتبر جزءاً من مرتبه فالمنازعة فيها هي منازعة في المرتب طبقاً للفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 165 لسنة 1955 (المادة الثامنة من القانون رقم 55 لسنة 1959). ومن ثم تكون هذه الدعوى قد أقيمت في الميعاد.
ومن حيث إن المدعي ينعى على القرار المطعون فيه استناده إلى تقريره السنوي عن سنة 1954 وهو صادر من غير مختص فضلاً عن أن غياب المدعي لم يثبت من الأوراق.
ومن حيث إنه عن المسألة الأولى فإن هذا الموضوع بداية قد عرض على لجنة شئون الموظفين وارتأت ضمناً أن التقرير صادر من الرئيس المباشر والمدير المحلي المختص ولم يقدم المدعي دليلاً على خلاف ذلك.
من حيث إنه عن المسألة الثانية فإنه يبين من مطابقة الأوراق أن التقرير السنوي السري عام 1954 عن المدعي يتضمن حصوله على أربعين درجة من رئيسه المباشر (وهو تادرس فام) وعلى 39 درجة من كل من المدير المحلي وهو (عبد الحليم أمين) ورئيس المصلحة وأن لجنة شئون الموظفين قد قدرت درجة الكفاية بتسعة وثلاثين درجة.
ومن حيث إن المادة 31 من قانون موظفي الدولة معدلة بالقانون رقم 579 لسنة 1953، الذي تم التقرير السنوي في ظله تنص على أن "يقدم القانون السنوي السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقريرها نهائياً".
ومن حيث إن المشرع يستهدف بتعديله المادة 31 من قانون نظام موظفي الدولة بالقانون رقم 579 لسنة 1953 الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1953 ضمان تقدير درجات الكفاية وذلك بأن يكون التقدير بمعرفة الرئيس المباشر للموظف ثم يعرض التقرير على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة ليبدي كل منهما ملاحظاته عليه ثم يعرض التقرير على لجنة شئون الموظفين للتصديق عليه إذا لم يكن هناك خلاف على التقدير العام وإلا فيكون لهذه اللجنة أن تقدر كفاية الموظف ويكون تقديرها في هذا الشأن نهائياً.
ومن حيث إنه بمطابقة التقرير السري عن عام سنة 1954 على النحو السالف بيانه يتضح أن الخلاف على تقدير كفاية المدعي كان ظاهراً بين الرئيس المباشر من جهة وبينه وبين المدير المحلي ورئيس المصلحة من جهة أخرى: فالأول كان تقديره للمدعي بأربعين درجة بينما هبط به المدير المحلي ورئيس المصلحة إلى درجة ضعيف بتقديرهما كفايته بتسعة وثلاثين درجة وفضلاً عن ذلك فقد نعى المدعي على كل من الرئيس المباشر والمدير المحلي بأن التقدير الصادر منهما في حقه صدر من غير مختص، فلا مناص والحالة هذه للجنة شئون الموظفين، كما قضى بذلك المشرع في نهاية المادة 31 المشار إليها علاجاً للموقف وتوحيداً لمقاييس التقدير بين مختلف الموظفين أن تقوم بتقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً - ولجنة شئون الموظفين إذ تضع التقدير النهائي في مثل هذه الحالة تعتمد على معرفة أعضائها لأحوال الموظفين.
ومن حيث إن المدعي ينعى على تقدير كفايته عن عام 1954 غبنه في درجة المواظبة بدعوى أنه لم يتخلف عن الحضور حتى يستقطع منه بدرجات لو أضيفت لرفع تقديره إلى أكثر من 40 درجة لا محل للتحدي بذلك ما دام رؤساء المدعي المباشرون قرروا - كما يبين من مطابقة الأوراق - بأن المدعي إذا كان لم يتغيب إلا أنه كان لا يحرص على البقاء طوال الوقت كما كان لا يحرص على تنفيذ ما يعهد إليه من عمل على نحو يثبت حرصه على تأدية عمله بالدقة المطلوبة وفي الوقت المناسب وكان منصرفاً عن عمله الرسمي إلى أعمال لا علاقة لها بالعمل الرسمي مولياً تلك الأعمال وقته باذلاً فيها جهده.
ومن حيث إن ما عدا ذلك من عناصر التقدير فلا يعدو دفاع المدعي فيها أن يكون مجادلة في أمور هي من صميم الإدارة بسلطتها التقديرية مما يخرج عن رقابة القضاء الإداري ما دام لم ينطو على إساءة استعمال السلطة، الأمر الذي لم يقم عليه دليل صحيح في الأوراق وبوجه خاص إذا لوحظ من مقارنة التقارير في السنوات السابقة أن حالة المدعي كانت في التدهور.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر مطابقاً للقانون ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 351 لسنة 37 ق جلسة 25 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 17 ص 87

جلسة 25 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عثمان زكريا، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين، وأحمد صفاء الدين.

---------------

(17)
الطعن رقم 351 لسنة 37 القضائية

إفلاس. "جماعة الدائنين". تنفيذ عقاري. "حكم مرسى المزاد". تسجيل. ملكية.
وجوب اختصام وكيل الدائنين في الإجراءات التي تتخذ بعد شهر إفلاس المدين. لا محل لذلك إذا بلغت الإجراءات نهايتها بحكم مرسى المزاد قبل شهر الإفلاس. تسجيل حكم مرسى المزاد منوط بقلم الكتاب. القضاء بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان المحكوم برسو مزادها تأسيساً على أن التسجيل الذي تم بناء على طلب قلم الكتاب غير نافذ في حق جماعة الدائنين. خطأ.

----------------
إنه وإن كان يجب اختصام وكيل الدائنين في الإجراءات التي تتخذ بعد شهر إفلاس المدين، ويترتب على إغفال اختصامه فيها عدم جواز الاحتجاج بها على جماعة الدائنين، إلا أنه لا محل لهذا الاختصام إذا كانت الإجراءات قد تمت وبلغت نهايتها بحكم مرسى المزاد قبل شهر الإفلاس، ذلك أن المادة 687 من قانون المرافعات السابق الذي اتخذت الإجراءات في ظله قد أوجبت على قلم الكتاب أن يقوم بالنيابة عن ذوي الشأن بطلب تسجيل حكم مرسى المزاد خلال الثلاثة الأيام التالية لصدوره، ومن ثم فإن قلم الكتاب يعتبر نائباً عن ذوي الشأن، وقائماً مقامهم بحكم القانون في طلب تسجيل حكم مرسى المزاد. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر التسجيل الذي تم بناء على طلب قلم الكتاب غير نافذ في حق جماعة الدائنين ورتب على ذلك الفضاء بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان المحكوم برسو مزادها على البنك الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن...... بصفته وكيلاً لدائني تفليسة شركة أتوبيس الروبي (المطعون عليه الأول) أقام الدعوى رقم 323 سنة 1957 كلي المنيا ضد البنك العقاري المصري (الطاعن) طالباً الحكم بتثبيت ملكية التفليسة التي يمثلها للنصف شائعاً في العقارات المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والبالغ مساحتها 114 ف و4 ط و3 س وبطلان تسجيل حكم مرسى المزاد الصادر لصالح البنك المدعى عليه في القضية رقم 31 سنة 1953 بيوع المنيا وما ترتب عليه من آثار، وقال في بيانها إنه صدر لصالح البنك المدعى عليه في 15/ 2/ 1955 في القضية رقم 31 سنة 1953 بيوع المنيا حكم برسو مزاد العقارات المرفوع بشأنها الدعوى عليه نظير ثمن قدره 11700 ج أعفى من إيداعه، وعلى أساس أنها مملوكة لـ....... و...... المدينين له في مبلغ 13086 ج و286 م، وإذ لا تنتقل الملكية بحكم مرسى المزاد إلا إذا سجل عملاً بحكم المادة التاسعة من القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري، وتراخى البنك في تسجيله حتى 11/ 2/ 1956 بينما حكم في 1/ 12/ 1955 في الدعوى رقم 332 سنة 1965 إفلاس مصر بإشهار وإفلاس....... أحد المدينين والمالك على الشيوع لنصف العقارات المنزوع ملكيتها، فإنه لا يجوز تسجيل أي تصرف أو حكم يقضي بنقل ملكية عقارات المفلس بعد الحكم بإشهار إفلاسه وتبقى هذه العقارات مع باقي أمواله الأخرى مخصصة للوفاء بديون دائنيه، ولما كان البنك هو الذي طلب البيع وهو أيضاً الراسي عليه المزاد فإنه يكون قد ضيع برسو المزاد درجة الامتياز التي كانت لدينه وأصبح دائناً عادياً بقيمة المبلغ الذي رست به الصفقة، وليس له أن يضع يده على نصف تلك العقارات باعتباره مالكاً، ويصبح كل تسجيل تم لصالحه بعد حكم إشهار الإفلاس معدوم الأثر في حق جماعة الدائنين، وأنه لذلك فقد أقام الدعوى بطلباته السابقة وطلب البنك المدعى عليه رفض الدعوى استناداً إلى أنه يداين...... و..... بالتضامن في مبلغ 12000 ج دفعه عنهما لـ....... و...... البائعين للأطيان موضوع الدعوى وحل محلهما في حق امتياز البائع عليها وذلك بعقد رسمي مؤرخ 25/ 2/ 1950 وتسجل في 1/ 3/ 1950 برقم 794، ولما تخلف المدينان عن الوفاء عمد إلى نزع ملكية تلك الأطيان لاستيفاء دينه وأعلنهما بالتنبيه ثم سجله في 30/ 5/ 1953، واستمر في الإجراءات إلى أن رسا عليه المزاد في 15/ 2/ 1955 قبل الحكم بإشهار الإفلاس الصادر في 3/ 12/ 1955، وإذ أوجبت المادة 682 من قانون المرافعات على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت حكم مرسى المزاد القيام بتسجيله بالنيابة عن ذوي الشأن، فإن حكم إشهار الإفلاس لا يمس حكم مرسى المزاد السابق عليه، خاصة وقد اعتبر بعض دينه الممتاز مقابلاً للوفاء بثمن العقارات الراسي عليه مزادها، فضلاً عن أن صاحب الدين الممتاز لا يدخل في تركيب جماعة الدائنين ويبقى بعيداً عن التفليسة لتعلق حقه ببعض أموال المفلس التي تحددت لضمان استيفاء دينه، وفي 29/ 3/ 1958 أدخل البنك المدعى عليه..... و...... المطعون عليهما الثانية والثالثة والمشتريتين لبعض الأطيان خصوماً في الدعوى لتقديم مستندات التمليك وإبداء ما لديهما من دفاع ولصدور الحكم في مواجهتهما ودفعت المدخلتان بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة كما طلبتا رفض الدعوى موضوعاً، وبعد أن حكمت المحكمة في 20/ 12/ 1964 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى عادت وحكمت في 24/ 4/ 1966 على المدعى عليه الأول في مواجهة المدعى عليهما المدخلتين بتثبيت ملكية تفليسة........ للنصف شائعاً في المساحة البالغ قدرها 114 ف و4 ط و3 س الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبطلان تسجيل حكم مرسى المزاد الصادر لصالح المدعى عليه الأول في القضية رقم 31 سنة 1953 بيوع المنيا وإلغاء ما ترتب عليه من آثار، واستأنف البنك العقاري المصري هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالباً إلغاءه ورفض دعوى وكيل الدائنين وقيد هذا الاستئناف برقم 90 سنة 2 ق، كما استأنفته....... و...... طالبتين إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 94 سنة 2 ق، وفي 16/ 4/ 1967 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً، وصممت النيابة العامة على الرأي الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ قرر أن تسجيل حكم مرسى المزاد الحاصل بعد إشهار إفلاس المدين دون اختصام وكيل الدائنين يجعل هذا التسجيل غير نافذ في حق جماعة الدائنين، في حين أن تسجيل حكم مرسى المزاد يتم بغير إرادة المدين وبمعرفة قلم الكتاب الذي يقوم به بالنيابة عن ذوي الشأن طبقاً للمادة 687 من قانون المرافعات، فلا يكون اختصام وكيل الدائنين واجباً في إجراء التسجيل ولم يوجه وكيل الدائنين أي طعن على حكم مرسى المزاد أو الإجراءات السابقة عليه، ولا أثر لتحديد يوم 19/ 10/ 1954 تاريخاً للتوقف عن الدفع، إذ يستند حكم مرسى المزاد إلى السند الرسمي بالمدين المؤرخ 25/ 2/ 1950 والمشهر في 1/ 3/ 1950.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان موضوع الدعوى وبطلان تسجيل حكم مرسى المزاد الصادر لصالح البنك الطاعن على قوله إنه "لا خلاف بين الطرفين في أن البنك العقاري وقد كان يداين...... و...... في مبلغ 12000 ج مكفول بحق امتياز على الأطيان موضوع النزاع وأن حق امتيازه أشهر قانوناً في 1/ 3/ 1950، ثم اتخذ طريق إجراءات نزع الملكية لهذه الأطيان وقدرها 114 ف و4 ط و3 س، ورسا مزادها عليه في القضية رقم 31 سنة 1953 بيوع بجلسة 25/ 2/ 1955، وذلك مقابل ثمن قدره 17000 ج وأعفى المشتري من إيداع الثمن بقدر دينه، وفي 10/ 12/ 1955 وقبل تسجيل حكم مرسى المزاد حكم بإشهار إفلاس المدين....... واعتبر يوم 19/ 10/ 1954 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع... وأن من آثار حكم مرسى المزاد أن تنتقل ملكية العقار إلى الراسي عليه المزاد بتسجيل حكم مرسى المزاد ولا يتم هذا الأثر فيما بين المشتري والبائع ولا بالنسبة للغير إلا بحصول التسجيل. لما كان ذلك وكان حكم مرسى المزاد لم يسجل إلا بعد إشهار الإفلاس ورفع يد المدين عن إدارة أمواله ومن بينها الأطيان موضوع الدعوى والتي ظلت في ملكيته حتى شهر إفلاسه وأنه لا يحتج بهذا التسجيل قبل جماعة الدائنين". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه خطأ ومخالفة للقانون، ذلك أنه وإن كان يجب اختصام وكيل الدائنين في الإجراءات التي تتخذ بعد شهر إفلاس المدين ويترتب على إغفال اختصامه فيها عدم جواز الاحتجاج بها على جماعة الدائنين، إلا أنه لا محل لهذا الاختصام إذا كانت الإجراءات قد تمت وبلغت نهايتها بحكم مرسى المزاد قبل شهر الإفلاس، ذلك أن المادة 687 من قانون المرافعات السابق الذي اتخذت الإجراءات في ظله قد أوجبت على قلم الكتاب أن يقوم بالنيابة عن ذوي الشأن بطلب تسجيل حكم مرسى المزاد خلال الثلاثة الأيام التالية لصدوره فإن قلم الكتاب يعتبر نائباً عن ذوي الشأن وقائماً مقامهم بحكم القانون في طلب تسجيل حكم مرسى المزاد. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر التسجيل الذي تم بناء على طلب قلم الكتاب غير نافذ في حق جماعة الدائنين، ورتب على ذلك القضاء بتثبيت ملكية التفليسة للأطيان المحكوم برسو مزادها على البنك الطاعن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 34 لسنة 36 ق جلسة 10 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 أحوال شخصية ق 108 ص 750

جلسة 10 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، ومحمد شبل عبد المقصود، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

----------------

(108)
الطعن رقم 34 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) إثبات. "طرق الإثبات". "القرائن". "القرائن القانونية". "قوة الأمر المقضي".

قرينة قوة الأمر المقضي. شروط الأخذ بها.
(ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين". "ديانة". "القانون الواجب التطبيق". دعوى. "دعاوى الأحوال الشخصية". قانون. اختصاص. "الاختصاص بمسائل الأحوال الشخصية".
دعاوى الأحوال الشخصية. الاختصاص بها والقانون الواجب التطبيق على أطرافها مناطه سير الدعوى وانعقاد الخصومة فيها.

-----------------
1 - من شروط الأخذ بقرينة قوة الأمر المقضي وفقاًَ للفقرة الأولى من المادة 405 من القانون المدني وحدة الموضوع في كل من الدعويين.
2 - مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الشارع أراد أن يتخذ من "سير الدعوى". و"انعقاد الخصومة فيها" - وهو وصف منضبط - لا من مجرد قيام النزاع مناطاً يتحدد به الاختصاص والقانون الواجب التطبيق على أطرافها (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وليم متياس عوض أقام الدعوى رقم 541 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد زوجته السيدة نازك فايق عبد الشهيد وطلب إثبات طلاقه لها بتاريخ 25/ 5/ 1965 مع استعداده لتأييده أمام المحكمة وإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لها إنهما قبطيان أرثوذكسيان وتزوجها في 29/ 9/ 1963 أمام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وإذ غير طائفته وانضم إلى طائفة الأقباط السريان في 27/ 12/ 1963 وأخطرت كنيسة الأقباط الأرثوذكس بهذا التغيير وأصبحا بذلك مختلفي الطائفة وطلقها فقد طلب الحكم بإثبات هذا الطلاق. ودفعت المدعى عليها بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم 24 سنة 82 ق أحوال شخصية القاهرة وبتاريخ 8/ 5/ 1966 حكمت المحكمة حضورياً بإثبات طلاق المدعي لزوجته المدعى عليها طلاقاً رجعياً بتاريخ 25/ 5/ 1965 وألزمت المدعى عليها المصروفات و100 قرش مقابل أتعاب المحاماة واستأنفت المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم 24 سنة 82 ق أحوال شخصية القاهرة واحتياطياً رفضها وقيد هذا الاستئناف برقم 62 سنة 83 قضائية وفي 30/ 10/ 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف عليها بالمصروفات وبمبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الطاعنة دفعت أمام محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 24 لسنة 82 قضائية الذي قطع في أسبابه بصورية تغيير المطعون عليه لطائفته وعدم جدية هذا التغيير وانطوائه على غش نحو القانون والحكم المذكور يعتبر حجة على المطعون عليه في هذا الصدد بحيث لا يجوز له قانوناً العودة إلى المنازعة فيه أو الاستناد في دعواه الثانية - الحالية - إلى جدية تغيير طائفته. وقضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع استناداً إلى أن يوصف تصرف المطعون عليه بالغش والعبث إنما ينصب فقط على الفترة من 27/ 12/ 1963 حتى 28/ 1/ 1965 التي اعتبر الحكم السابق أن المطعون عليه كان فيها منتمياً إلى طائفتين في وقت واحد، ولا ينصرف هذا الوصف إلى الفترة التالية ليوم 28/ 1/ 1959 وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأن وصف تغيير المطعون عليه لطائفته بعدم الجدية لا يمكن أن يكون مقصوراً على مدة بذاتها دون مدة أخرى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم 24 سنة 82 ق فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن من شروط الأخذ بقرينة قوة الأمر المقضي وفقاًَ للفقرة الأولى من المادة 405 من القانون المدني وحدة الموضوع في كل من الدعويين ويبين من الأوراق أن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 24 سنة 82 قضائية إنما صدر بشأن الطلاق الذي أوقعه المطعون عليه بتاريخ 7/ 12/ 1964 في الدعوى رقم 1235 سنة 1964 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية في حين أن النزاع الحالي يدور حول إثبات طلاق آخر هو الطلاق الحاصل بتاريخ 25/ 5/ 1965 في الدعوى رقم 541 سنة 1965 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية وهو ما يجعل شرط اتحاد الموضوع في الدعويين غير متوافر، والقول بأن الحكم السابق حسم النزاع من ناحية عدم جدية تغيير المطعون عليه لطائفته مردود بأن حجية الحكم في هذا الخصوص لا تتعدى نطاق الدعوى التي صدر فيها فضلاً عن أن الحكم السابق وإن كان قد وصف المطعون عليه بأنه ظل منتمياً لطائفتي الأقباط الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس في المدة من 27/ 12/ 1963 حتى 28/ 1/ 1965 ونعت الانتماء لطائفتين في وقت واحد بأنه عبث وغش ودليل على عدم جدية تغيير الطائفة إلا أنه قطع في أسبابه أيضاً أن يوم 28 يناير سنة 1965 وهو بدء انضمام المطعون عليه إلى طائفة السريان الأرثوذكس انضماماً صحيحاً ومن ثم لا ينصرف وصف العبث وعدم الجدية إلى الفترة التي تلي يوم 28/ 1/ 1965، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم 24 سنة 82 ق فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن تغيير المطعون عليه لطائفته - بفرض جديته - يعتبر حاصلاً أثناء سير الدعوى وقد نصت المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على أنه لا يؤثر في تطبيق الشريعة الخاصة بالمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة بما يخرج أحد الخصوم عن وحدة طائفية إلى أخرى أثناء سير الدعوى إلا إذا كان هذا التغيير إلى الإسلام فتطبق أحكام الشريعة الإسلامية وقد غير المطعون عليه طائفته في 28/ 1/ 1965 أثناء سير الدعوى إذ أن الطاعنة أقامت ضده دعوى نفقة أعلنته بصحيفتها في 25/ 1/ 1965 كما سبق تغيير الطائفة دعوى طلاق قضي فيها بالرفض في الاستئناف رقم 24 سنة 82 ق وأقام المطعون عليه بعدئذ دعوى إثبات الطلاق رقم 541 سنة 1965 أحوال شخصية القاهرة الابتدائية - محل التداعي - وشجر نزاع على حضانة الطفل وصل أمره إلى الشرطة وحرر عنه المحضر رقم 602 لسنة 1964 إداري روض الفرج بتاريخ 3/ 12/ 1964 غير أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن لكل دعوى كيانها المستقل وأنه ما دامت المنازعة لم تطرح أمام القضاء أو صدر فيها حكم نهائي قبل رفع دعوى الطلاق فلا يعتبر هذا التغيير حاصلاً أثناء سير الدعوى - وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن عبارة "أثناء سير الدعوى" تشمل كافة ما يثور بين الزوجين من منازعات وهو ما يحقق غرض الشارع من الحيلولة دون اتخاذ تغيير الملة أو الطائفة سبيلاً للتلاعب والغش نحو القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مؤدى نص المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع أراد أن يتخذ من "سير الدعوى" و"انعقاد الخصومة فيها" - وهو وصف منضبط - لا من مجرد قيام النزاع مناطاً يتحدد به الاختصاص والقانون الواجب التطبيق على أطرافها وإذ كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الدعوى رفعت في 30/ 5/ 1965 ومن بعد اعتبار المطعون عليه منضماً إلى طائفة السريان الأرثوذكس في 28/ 1/ 1965 وبذلك أصبح طرفاها مختلفي الطائفة والملة، وتطبق في شأن واقعة الطلاق أحكام الشريعة الإسلامية وعول الحكم المطعون فيه على هذا التغيير وأعمل أحكام الشريعة الإسلامية، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


(1) نقض 20/ 4/ 1966 - الطعن رقم 14 لسنة 35 ق "أحوال شخصية" - السنة 17 ص 889.

الطعن 534 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 15 ص 95

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور محمود سعد الدين الشريف وحسني جورجي ومحمد عزت عبد المحسن المستشارين.

-----------------

(15)

القضية رقم 534 لسنة 5 القضائية

(أ) قرار إداري - ترقية 

- ترخص الإدارة في اختيار وقت إجرائها - استنفاد ولايتها باستعمال هذا الحق - عدم جواز التمسك به بعد إلغاء قرار الترقية أو سحبه.
(ب) قرار إداري - ترقية 

سحب جزئي - تصحيح الإدارة قرارها الخاطئ - يكون بإرجاع الترقية إلى تاريخ صدور القرار المسحوب - سحب القرار دون إرجاع الترقية إلى هذا التاريخ - يعتبر سحباً جزئياً له.

--------------
1 - إنه وإن كانت الإدارة تترخص بما لها من ولاية اختيارية في إصدار حركات الترقية وتوقيتها إلا أنها متى كشفت عن نيتها في إصدار حركة في وقت معين فليس لها أن تعود بعد إلغاء هذه الحركة أو سحب القرار الصادر بها وتتمسك بهذا الحق بعد أن استنفدت ولايتها باستعماله في موعد سبق لها تحديده.
2 - إذا ثبت أن الإدارة قد أصدرت قرارها بالترقية على نحو خاطئ فإن تصويب هذا القرار يقتضي رد الأمور إلى وضعها الصحيح باعتبار ترقية المدعي راجعة إلى وقت صدور القرار المسحوب ومن ثم فإنه إذا سحبت الإدارة قرارها المطعون فيه بأن استجابت إلى ترقية المدعي دون إرجاعها إلى تاريخ الحركة الأولى فإنها قد تكون قد سحبته سحباً جزئياً. فيتعين والحالة هذه تصويب الوضع بإرجاع أقدمية المدعي إلى تاريخ تلك الحركة.


إجراءات الطعن

في 21 من مارس سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 534 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري الهيئة الثالثة: بجلسة 21 من يناير سنة 1959 في الدعوى رقم 784 لسنة 12 القضائية المقامة من الدكتور محمد عز الدين الناظر ضد وزارة التربية والتعليم وجامعة القاهرة باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الفنية راجعة إلى 6 من نوفمبر سنة 1957 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بانتهاء الخصومة وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المدعي في 5 من مايو سنة 1959 وإلى وزارة التربية والتعليم وجامعة القاهرة في 10 من مايو سنة 1959 وعين لنظر الطعن أمام هيئة فحص الطعون جلسة 29 من مايو سنة 1960 وفيها قررت الهيئة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحاضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 9 من إبريل سنة 1958 طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من السيد مدير جامعة القاهرة بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1957 والذي قضى بترقية الدكتور عزيز كامل البنداري إلى الدرجة الرابعة الفنية مع أحقيته في الترقية إلى هذه الدرجة من تاريخ صدور القرار المذكور وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. وقال شرحاً لدعواه إنه بعد حصوله على شهادة بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة في سنة 1949 عين طبيباً بمصلحة السجون في الدرجة السادسة فني عالي ثم انتقل عام 1950 إلى إدارة الجامعة وفي 31 من مارس سنة 1953 رقي إلى الدرجة الخامسة (كادر فني عالي)، وفي 6 من نوفمبر سنة 1957 أصدر السيد مدير الجامعة قراراً بترقية الدكتور عزيز كامل البنداري الطبيب بإدارة الجامعة إلى الدرجة الرابعة الفنية بالأقدمية المطلقة ولما كانت أقدمية الدكتور عزيز في الدرجة الخامسة ترجع إلى 5 من أغسطس سنة 1954 بينما ترجع أقدميته هو إلى 31 من مارس سنة 1953 فقد تظلم من هذا القرار في 14 من ديسمبر سنة 1957 ولما لم ترد الوزارة على هذا التظلم أقام الدعوى الحالية.
دفع المدعى عليهما الدعوى طالبين اعتبار الخصومة منتهية استناداً إلى أن المدعي قد أجيب إلى طلبه بعد رفع الدعوى حيث سحب القرار المطعون فيه وصدر قرار آخر في 7 من يونيه سنة 1958 بترقية المدعي والمطعون عليه إلى الدرجة الرابعة الفنية بالأقدمية المطلقة.
وبتاريخ 21 من يناير سنة 1959 صدر الحكم المطعون فيه قاضياً باعتبار أقدمية المدعي في الدرجة الرابعة الفنية راجعة إلى 6 من نوفمبر سنة 1957 استناداً إلى أن نية الإدارة كانت قد انصرفت إلى الترقية إلى الدرجة الرابعة الفنية العالية في تاريخ القرار المطعون فيه، ولما كان المدعي هو الأقدم في هذه الدرجة فكان من الواجب ترقيته في ذلك التاريخ بدلاً من المطعون عليه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن سحب القرار ليس له من أثر سوى انعدام القرار المسحوب وأن الإدارة ليست ملزمة بالترقية في وقت معين ويكون الحكم إذ قضى بإرجاع أقدمية المدعي إلى الوقت الذي صدر القرار المطعون فيه وبإلزام الحكومة بالمصروفات بعد أن سحبت القرار المطعون فيه قد خالف القانون مما يتعين معه إلغاؤه والحكم بانتهاء الخصومة.
ومن حيث إنه وإن كانت الإدارة تترخص بما لها من ولاية اختيارية في إصدار حركات الترقية وتوقيعها إلا أنها متى كشفت عن نيتها في إصدار حركة في وقت معين فليس لها أن تعود بعد إلغاء هذه الحركة أو سحب القرار الصادر بها وتتمسك بهذا الحق بعد أن استنفذت ولايتها باستعماله في موعد سبق لها تحديده.
ومن حيث إنه علاوة على ما سبق فإن الإدارة لو أنها أصدرت الحركة المطعون عليها على وجهها الصحيح لكان المدعي هو الذي صدر القرار بترقيته في 6 من فبراير سنة 1957 أما وقد صدر قرارها على نحو خاطئ فإن تصويب هذا القرار يقتضي رد الأمور إلى وضعها الصحيح باعتبار ترقية المدعي راجعة إلى وقت صدور القرار المسحوب ومن ثم تكون الإدارة قد سحبت قرارها المطعون فيه سحباً جزئياً إذ استجابت إلى ترقية المدعي دون إرجاعها إلى تاريخ الحركة الأولى. وبما أن الدعوى قائمة فيتعين والحالة هذه تصويب الوضع بإرجاع أقدمية المدعي إلى تاريخ تلك الحركة.
ومن حيث إنه لذلك ولما جاء بالحكم المطعون عليه من أسباب تأخذ بها هذه المحكمة يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق ويكون الطعن والحالة هذه على غير أساس متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 65 لسنة 34 ق جلسة 9 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 106 ص 741

جلسة 9 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

----------------

(106)
الطعن رقم 65 لسنة 34 القضائية

(أ، ب، ج) حيازة. "الحيازة المكسبة للملكية". تقادم. "التقادم المكسب". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص نية التملك".
(أ) وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية يعد سبباً مستقلاً لاكتسابها. عدم لزوم تقديم الدليل على مصدر آخر للملكية أو صحة سندها.
(ب) سلطة محكمة الموضوع في استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها. وجوب قيامه على أسباب مقبولة.
(ج) حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة لا ينفي عنها صفة الهدوء ولا يقطع التقادم.

-----------------
1 - وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها (1) ويعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها.
2 - إذا كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها بحسب ما يقوم باعتبارها من وقائع الدعوى وملابساتها. إلا أنه يجب أن يكون استخلاصها مقاماً على اعتبارات مقبولة.
3 - وضع اليد واقعة لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عنها مجرد حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة ولا يعد هذا التصرف تصرفاً قاطعاً للتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعنة الثالثة الدعوى رقم 20 سنة 1960 أمام محكمة حلوان الجزئية بالصحيفة المعلنة في 3/ 11/ 1959 طلبت فيها الحكم بإلزام هذه الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 143 ج و750 م مقابل ريع حصتها في المنزل المبين الحدود والمعالم بالصحيفة عن المدة من أول مارس سنة 1950 حتى آخر سبتمبر سنة 1959 وما يستجد من ريع حتى الفصل في الدعوى بواقع 125 قرشاً في الشهر. وقالت بياناً للدعوى إنها تمتلك في كامل أرض وبناء هذا المنزل حصة قدرها 12 ط بمقتضى عقد بيع مصدق عليه في 26/ 11/ 1933 ومسجل برقم 5202 جيزة ورقم 9752 مصر وأنه بالرغم من أن الطاعنة الثالثة لا تملك في هذا العقار سوى حصة شائعة مقدارها ستة قراريط بمقتضى حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 حلوان فإنها وضعت يدها منذ رسو المزاد على المنزل جميعه واستأثرت وحدها بريعه، وقد طالبتها المطعون عليها بنصيبها في الريع بالدعوى رقم 169 سنة 1949 مدني حلوان عن المدة من 19/ 4/ 1946 حتى 18/ 4/ 1949، وقدر الخبير المنتدب فيها هذا النصيب بمبلغ 51 ج و24 م باعتبار ريع المنزل 250 قرشاً في الشهر، وصدر للمطعون عليها حكم ابتدائي بهذا المبلغ وتأيد في الاستئناف رقم 176 سنة 1951 القاهرة. غير أن الطاعنة الثالثة ظلت واضعه يدها على المنزل كله وأصبح متجمد الريع المستحق عليها ابتداءً من أول مارس سنة 1950 حتى آخر سبتمبر سنة 1959 بواقع 125 قرشاً عن كل شهر مبلغ 143 ج و750 م وهو ما أقامت به الدعوى الحالية. والمحكمة قضت في 31/ 1/ 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يد الطاعنة الثالثة على نصيب المطعون عليها في المنزل. وبعد سماع شهود الطرفين تدخل الطاعنان الأول والثانية خصمين في الدعوى طالبين رفضها استناداً إلى أنهما يمتلكان 18 ط من المنزل موضوع النزاع ويضعان يدهما عليه مع الطاعنة الثالثة التي تمتلك 6 ط منه. وقضت المحكمة في 23/ 4/ 1961 بقبول التدخل في الدعوى وبندب خبير لمعاينة المنزل وبيان المالك للقدر موضوع النزاع وتحقيق وضع اليد ومدته وتقدير الريع عنه. وبعد أن قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعنين يضعون اليد على المنزل وأن صافي الريع المستحق للمطعون عليها عن مدة النزاع بحق النصف بقدر بمبلغ 291 ج و256 م قضت محكمة حلوان الجزئية في 25/ 6/ 1961 بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 4752 كلي القاهرة. وأثناء نظر الدعوى أمام هذه المحكمة عدلت المطعون عليها طلباتها إلى إلزام الطاعنين الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 291 ج و256 م. وفي 5/ 3/ 1962 قضت محكمة القاهرة الابتدائية للمطعون عليها بهذه الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1068 سنة 78 ق القاهرة. والمحكمة قضت في 5/ 12/ 1963 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بملكيتهم للمنزل موضوع النزاع استناداً إلى أنه كان في الأصل ملكاً لسيدة حسن الشرقاوي التي تصرفت للطاعنين الأول والثانية في 12 ط منه بموجب الوصية الصادرة منها في 4/ 5/ 1925 والثابتة التاريخ في 20/ 10/ 1925 وأنهما بعد وفاتها في 13/ 8/ 1925 وضعا اليد على المنزل المدة المكسبة للملكية بالتقادم الطويل. وعلى الرغم من أن الخبير أثبت في تقريره وضع يد هذين الطاعنين على المنزل عقب وفاة الموصية في 13/ 8/ 1925 بالقيام بتأجيره للغير وتحصيل الأجرة عنه فإن الحكم المعطون فيه قرر أن وضع اليد لم يكن بنية التملك استناداً إلى أن الوصية غير مسجلة ولم يثبت تاريخها إلا بعد وفاة المالكة الأصلية وأن وضع يد الطاعنين كان عرضياً لشراء الطاعنة الثالثة حصة في المنزل بموجب حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 وإقامتهما معها فيه باعتبارها زوجة للطاعن الأول وأختاً شقيقة للطاعنة الثانية. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون واستدلال فاسد لأن وضع اليد سبب للتملك متى توافرت في الحيازة شروطها القانونية ويستقل بذاته عن التملك بسبب الوصية فلا يؤثر فيه أن تكون الوصية باطلة أو غير مسجلة كما أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة الثالثة اشترت حصة بالمنزل في سنة 1945 وأن وضع يد الطاعنين على المنزل بدأ في سنة 1925 ولكن الحكم استدل على أن وضع يدهما كان عرضياً من صلة المصاهرة والقرابة مع الطاعنة الثالثة رغم ما هو ثابت من أنها اشترت حصتها في المنزل بعد اكتمال مدة التقادم. هذا إلى أن الحكم اعتبر التصرف الصادر إلى البائع للمطعون عليها المسجل في 4/ 9/ 1925 والتصرف الصادر إليها من هذا البائع المسجل في 7/ 12/ 1933 تعرضاً قاطعاً للتقادم مع أن تسجيل التصرفات لا شأن له بوضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة ولا يقطع التقادم مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون. كما أخطأ الحكم في الاستدلال إذ اعتبر الدعوى رقم 169 سنة 1949 التي أقامتها المطعون عليها بالمطالبة بريع حصتها المشتراة في المنزل تعرضاً لوضع يد الطاعنين مع أن هذه الدعوى لم ترفع إلا بعد اكتمال المدة المكسبة لملكيتهما المنزل بالتقادم الطويل.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الطاعنين الأول والثانية تمسكا أمام محكمة الاستئناف بوضع يدهما على المنزل موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية ابتداء من 13/ 8/ 1925 عقب وفاة المالكة الأصلية للمنزل والتي كانت قد أوصت لهما قبل وفاتها بحصة فيه، وكان وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها ويعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها، فإن الحكم وقد اعتمد في نفي نية التملك لدى هذين الطاعنين في حيازتهما للمنزل موضوع النزاع المدة الطويلة على بطلان الوصية أو عدم تسجيلها يكون قد جانب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد استخلص أن وضع يد الطاعنين على المنزل لم يكن بنية التملك لصلة المصاهرة والقرابة مع الطاعنة الثالثة التي اشترت حصة فيه بموجب حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 حلوان وهي زوجة الطاعن الأول وأخت شقيقة للطاعنة الثانية، ولئن كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها بحسب ما يقوم باعتقادها من وقائع الدعوى وملابساتها، إلا أنه يجب أن يكون استخلاصها مقاماً على اعتبارات مقبولة، وإذ يبين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الثالثة لم تشتر حصتها في المنزل إلا في سنة 1945 وأن الطاعنين الأول والثانية تمسكا بوضع يدهما على المنزل عقب وفاة المالكة في سنة 1925 مما مؤداه - إن صح ادعاؤهما - أن مدة التقادم الطويل قد اكتملت بمضي خمسة عشر عاماً دون انقطاع أو توقف قبل شراء الطاعنة الثالثة لهذه الحصة، وكان الحكم قد استخلص التسامح في وضع يدهما خلال هذه المدة ونفي نية التملك من جانبهما استناداً إلى تملك الطاعنة الثالثة حصتها في المنزل سنة 1945، فإن الحكم يكون قد استند في هذا الاستخلاص إلى سبب غير مقبول. لما كان ما تقدم وكان وضع اليد واقعة لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عنها مجرد حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة ولا يعد هذا التصرف تعرضاً قاطعاً للتقادم، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه تصرف أحد ورثة المالكة الأصلية ببيع حصة في المنزل إلى المشتري الذي تصرف فيه بدوره إلى المطعون عليها وتسجيل التصرف الأول في 4/ 9/ 1925 ثم تسجيل التصرف الثاني في 7/ 12/ 1933 - تعكيراً لحيازة الطاعنين التي بدأت في 13/ 8/ 1925 وتعرضاً قاطعاً للتقادم، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد اتخذ من الدعوى رقم 169 سنة 1949 التي أقامتها المطعون عليها ضد الطاعنة الثالثة بطلب ريع حصتها المشتراة في المنزل أساساً لنفي صفة الهدوء أو الاستمرار في حيازة الطاعنين الأول والثانية للمنزل، وكانت هذه الدعوى لا تعتبر تعكيراً للحيازة ولا تعد إجراء قاطعاً للتقادم خلال مدته المدعى بها على النحو السالف بيانه، فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون. وإذ رتب الحكم المطعون فيه على انتفاء نية التملك وصفة الهدوء والاستمرار عن حيازة هذين الطاعنين رفض الادعاء بتملك حصتهما بالتقادم الطويل وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به للمطعون عليها ضد الطاعنين الثلاثة من إلزامهم متضامنين بالريع مقابل حيازتهم لحصتها في المنزل خلال المدة المطالب بها. فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 17/ 1/ 1963 - الطعن رقم 249 لسنة 27 ق مجموعة المكتب الفني - السنة 14 رقم 12 ص 111. ونقض 25/ 6/ 1964 - الطعن 500 لسنة 29 ق المجموعة السابقة - السنة 15 رقم 138 ص 890.

الخميس، 28 سبتمبر 2023

الطعن 476 لسنة 37 ق جلسة 23 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 16 ص 83

جلسة 23 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمد طايل راشد، وعثمان حسين عبد الله، ومصطفى الفقي.

---------------

(16)
الطعن رقم 476 لسنة 37 القضائية

اختصاص. "الاختصاص الولائي". قرار إداري. جمرك. "تهريب جمركي".
الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عدا ما يستثنى بنص خاص. قرارات مدير عام مصلحة الجمارك في مواد التهريب الجمركي. ماهيتها. الطعن فيها في ظل ق 66 لسنة 1963. يكون أمام محكمة القضاء الإداري. لا محل للاحتجاج بما استقر في ظل اللائحة الجمركية الملغاة. علة ذلك.

----------------
الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره، عدا ما يرى المشرع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره وذلك عملاً بمفهوم المادتين 8، 11 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 59 الذي أقيم الطعن في ظله، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القرارات التي يصدرها مدير عام مصلحة الجمارك في مواد التهريب الجمركي تعتبر قرارات إدارية وكان قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل أحكامه قد نص في المادة 119 منه على جواز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة المختصة، ولم يرد به نص خاص يخول المحاكم العادية حق الفصل في هذه الطعون، فتكون المحكمة التي عناها المشرع هي المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة في توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري وفقاً للأصول العامة في توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية، وهى محكمة القضاء الإداري ولا محل للاحتجاج بما كان مستقراً في ظل اللائحة الجمركية الملغاة من اختصاص المحاكم العادية بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات الصادرة في شأن مواد التهريب الجمركي، ذلك أن المادة 33 من تلك اللائحة كانت تنص صراحة على اختصاص المحكمة التجارية التابعة لها دائرة الجمرك بنظر الطعون في تلك القرارات، في حين أن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد جاء خلواً من نص مماثل لتلك المادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 658 لسنة 1965 تجاري كلي الإسكندرية على مصلحة الجمارك الطاعنة طلبت فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر من مدير عام مصلحة الجمارك الطاعن في التظلم المقدم في القرار الصادر من مدير جمرك المحمودية والقاضي بفرض غرامة على الشركة بصفتها وكيلة على السفينة كافوري، وقالت بياناً لدعواها إن مدير جمرك المحمودية أصدر قراراً رقم 51 لسن 1965 يقضي بتغريمها مبلغ 152 ج و170 م لوجود عجز قدره 418 جوالاً من الدقيق في شحنة السفينة كافوري التي وصلت إلى ميناء الإسكندرية في 16/ 10/ 1964، وأنها تظلمت من هذا القرار إلى مدير عام مصلحة الجمارك، وإذ أصدر قراره برفض هذا التظلم وتأييد القرار المتظلم منه، فقد أقامت المطعون ضدها دعواها بطلباتها السابق بيانها. دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه هو قرار إداري نهائي يختص مجلس الدولة وحده بإلغائه، وبتاريخ 2/ 10/ 1966 قضت المحكمة برفض هذا الدفع وباختصاصها بنظر الدعوى وبقبول التظلم وبإلغاء القرار المطعون فيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد استئنافها برقم 406 لسنة 22 ق تجاري إسكندرية، وبتاريخ 13/ 6/ 1967 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفى بيان ذلك تقول إن القرارات التي يصدرها مدير عام مصلحة الجمارك في مواد مخالفات التهريب الجمركي تعتبر قرارات إدارية، وإنه منذ صدور قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 أصبح الاختصاص معقوداً للقضاء الإداري وحده بنظر الطعون في تلك القرارات، لأن هذا القانون لم يتضمن نصاً مشابهاً لنص المادة 33 من اللائحة الجمركية التي كانت تبيح للطعن في هذه القرارات أمام المحكمة التجارية، وإنما نص في المادة 119 منه على جواز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة المختصة مما مفاده أن محكمة القضاء الإداري قد أصبحت وحدها في ظل القانون المشار إليه هي المختصة بالنظر في هذه الطعون باعتبارها صاحبة الولاية الأصلية بنظر الطعون في القرارات الإدارية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الاختصاص بنظر الطعون التي ترفع عن القرارات الإدارية النهائية سواء صدرت من الإدارة أو من الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ينعقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره، عدا ما يرى المشرع بنص خاص إعطاء القضاء العادي ولاية نظره، وذلك عملاً بمفهوم المادتين 8، 11 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 - الذي أقيم الطعن في ظله - وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القرارات التي يصدرها مدير عام مصلحة الجمارك في مواد التهريب الجمركي تعتبر قرارات إدارية، وكان قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل أحكامه قد نص في المادة 119 منه على جواز الطعن في تلك القرارات أمام المحكمة المختصة ولم يرد به نص خاص يخول المحاكم العادية حق الفصل في هذه الطعون، فتكون المحكمة التي عناها المشرع هي المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة في توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري وفقاً للأصول العامة في توزيع الاختصاص بين المحاكم الإدارية وهي محكمة القضاء الإداري، ولا محل للاحتجاج بما كان مستقراً في ظل اللائحة الجمركية الملغاة من اختصاص المحاكم العادية بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات الصادرة في شأن مواد التهريب الجمركي ذلك أن المادة 33 من تلك اللائحة كانت تنص صراحة على اختصاص المحكمة التجارية التابعة لها دائرة الجمرك بنظر الطعون في تلك القرارات في حين أن قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 قد جاء خلواً من نص مماثل لتلك المادة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأيد الحكم المستأنف الذي قضى باختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك نقضه، والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة.

الطعن 278 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 14 ص 88

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي ومحمود محمد إبراهيم والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

------------------

(14)

القضية رقم 278 لسنة 5 القضائية

دعوى - مصلحة في الدعوى - قبول الدعوى - منازعة في مرتب 

- نقابات - الدعاوى التي يجوز لها إقامتها - هي المتعلقة بالمصلحة الشخصية المباشرة للنقابة، وتلك المتعلقة بالمصلحة الجماعية المتصلة بمباشرة المهنة - المصلحة الجماعية للنقابة تتحقق في حالة ما إذا كان ثمة ضرر أصاب أعضاءها بصفتهم وبسبب مباشرة المهنة - التفرقة بين المصالح الجماعية والمصالح الفردية لأعضاء النقابة - رفع النقابة، دون ذوي الشأن، دعوى تتعلق بمصالح فردية - يجعلها غير مقبولة - أساس ذلك - مثال بالنسبة لدعوى نقابة عمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة بتقرير أحقيتهم في العلاوة الاستثنائية المقررة بكتاب دوري إدارة البلديات رقم 110 لسنة 1952.

----------------
من المسلم أن للنقابات المنشأة وفقاً للقانون أن ترفع الدعاوى المتعلقة بحقوقها بصفتها شخصاً معنوياً عادياً كالحقوق التي عساها أن تكون في ذمة أعضائها أو قبل الغير الذين يتعامل معهم. كذلك استقر الرأي فقهاً وقضاء على أن للنقابات أن ترفع الدعاوى المتعلقة بالمصلحة الجماعية أو المشتركة للدفاع عن مصالح المهنة وجرى القضاء في فرنسا على اعتبار أن للنقابة مصلحة جماعية إذا كان ثمة ضرر قد أصاب أعضاءها بصفتهم أعضاء في النقابة وبسبب مباشرتهم للمهنة التي وجدت النقابة للدفاع عنها، غير أنه يجب التفرقة بين هذه المصالح الجماعية الفردية لهؤلاء الأعضاء، فهذه المصالح الفردية هي ملك لأصحابها وهم أصحاب الحق في المطالبة بها ورفع الدعاوى عنها ولا تقبل الدعوى بشأنها من النقابة.
وترتيباً على ما تقدم فإنه إذا كانت الدعوى المرفوعة من نقابة عمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة تهدف إلى المطالبة بأحقيتهم في العلاوة الاستثنائية المقررة بكتاب دوري إدارة البلديات رقم 110 لسنة 1952 فإنها لا تتصل بالمصلحة الشخصية المباشرة للنقابة التي رفعتها ولا بالمصلحة الجماعية المتصلة بمباشرة المهنة وإنما هي متعلقة بحقوق فردية لبعض أعضائها فالدعوى المرفوعة من النقابة للمطالبة بها تكون غير مقبولة.


إجراءات الطعن

بتاريخ 9 من فبراير سنة 1959 أودعت سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن مقدم من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في الحكم الصادر بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1958 من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية في القضية رقم 450 لسنة 3 القضائية المرفوعة من محمد كامل إسماعيل بصفته رئيساً لنقابة عمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة ضد وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدي المنصورة والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبأحقية المدعي بصفته في علاوة اعتباراً من أول مايو سنة 1952 بالتطبيق لكتاب دوري البلديات رقم 110 لسنة 1952 وإلزام مجلس بلدي المنصورة بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، ويطلب السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها بالمصروفات.
أعلنت صحيفة هذا الطعن للحكومة في 12 من إبريل سنة 1959 وللمدعي في 14 منه وعين لنظره أمام هيئة فحص الطعون جلسة 21 من فبراير سنة 1960 وأحيل إلى المحكمة العليا لجلسة 9 من إبريل سنة 1960 وبعد تداوله في الجلسات وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات أرجئ النطق بالحكم لجلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وقد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 30 من مايو سنة 1956 رفع عبد الرازق حسن عسكر بصفته رئيساً لنقابة عمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة هذه الدعوى وطلب فيها الحكم بإلزام بلدية المنصورة بأن تدفع لعمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة المعينين قبل أول يناير سنة 1914 وسنة 1919 العلاوة الاستثنائية المقررة بكتاب البلديات الدوري رقم 110 لسنة 1952 مع إلزام المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 16 من أغسطس سنة 1954 تقدمت النقابة التي يمثلها بشكوى لمدير عام الإدارة العامة لشئون البلديات طالبت فيها بصرف العلاوات الاستثنائية المقررة بكتاب المصلحة رقم 110 لسنة 1952 على العمال القدامى أسوة بما اتبع مع العمال المستجدين بالمجلس.
وقد أرسل مجلس بلدي المنصورة مذكرة برده على الدعوى أرسل إلى المحكمة الإدارية بكتاب الإدارة العامة بالبلدية برقم 46/ 4/ 445 المؤرخ 24 من سبتمبر سنة 1956 قال فيها إن عمال البلدية كانوا إلى ما قبل سنة 1944 يأخذون أجراً يومياً أقل من 1 مليم وفي سنة 1943 أرسلت الإدارة العامة المنشور رقم 45 لسنة 1943 تبلغ فيه المجلس تعليمات وزارة المالية التي تقضي بمنح عمال البلدية الذين قضوا ست سنوات دون زيادة في أجورهم علاوة استثنائية قدرها عشرة مليمات ولم ينفذ المجلس هذا المنشور في هذه السنة وفي سنة 1944 صدرت قواعد الإنصاف فرفعنا أجور العمال إلى 100 مليم وحصل بذلك أكثرهم على علاوة قدرها 25 مليماً ولو كان المنشور رقم 45 لسنة 1943 نفذ حين صدوره لخصمت الزيادة مما حصل عليه العمال بالإنصاف. وفي سنة 1949 أرسلت الإدارة العامة المنشور رقم 50 لسنة 1949 بمنح عمال اليومية علاوة استثنائية قدرها 10 مليمات لمن قضى منهم ثلاث سنوات حتى 30 من إبريل سنة 1949 وطبق هذا المنشور على جميع العمال الذين قضوا هذه المدة. وفي سنة 1950 طبق المجلس الكتاب الدوري الصادر في سنة 1943 ومنح العمال بما فيهم الذين حصلوا على علاوة سنة 1949 علاوة قدرها عشرة مليمات بعد أن اعتمد المبلغ في الميزانية. أما الكتاب الدوري رقم 110 لسنة 1952 فقد طبق فعلاً على الذين كانت آخر علاوة لهم في سنة 1949، ولم يمنحوها سنة 1950. وأما ما تطالب به النقابة من منح العمال علاوة في سنة 1952 فلا حق لها لأن العمال استولوا على علاوة في سنة 1950 خطأ وبغير حق من سنة 1950 إلى 30 من إبريل سنة 1952 وعدد هؤلاء العمال 3049 عاملاً وتقدر العلاوة التي صرفت لهم خطأ بمبلغ 1031 جنيهاً سنوياً أي مبلغ 2063 جنيهاً في السنتين. ثم قدمت وزارة الشئون البلدية مذكرة رددت فيها ما ورد في دفاع المجلس البلدي وأضافت أن المجلس لم ينفذ ما أشارت به إدارة البلديات اكتفاء بالعلاوات التي منحت لهم في أول مايو سنة 1950 بوجه الخطأ وأن الإدارة طلبت بكتابها برقم 310 / 6/ 153 منحهم العلاوات الاستثنائية المستحقة لهم من أول مايو سنة 1952 وتحصيل ما سبق صرفه إليهم بدون حق اعتباراً من أول مايو سنة 1950 في حدود ما نص عليه القانون رقم 324 لسنة 1956.
وأثناء نظر الدعوى حضر محمد سعيد زكي رئيس النقابة الذي حل محل رافع الدعوى في إحدى جلساتها ثم حل محله في رياسة النقابة محمد كامل إسماعيل (المطعون ضده) وبجلسة 8 من نوفمبر سنة 1958 طلبت الوزارة بكتابها المؤرخ 29 من أكتوبر سنة 1958 الحكم بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن النقابة المدعية من النقابات الحرة التي لا تجبر الأعضاء على الالتحاق بها وعلى ذلك فلا تملك سوى مباشرة الدعاوى الخاصة بخصومة الشخص المعنوي ذاته.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية أصدرت حكمها المطعون فيه وهو يقضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبأحقية المدعي بصفته في علاوة اعتباراً من أول مايو سنة 1952 بالتطبيق لكتاب دوري البلديات رقم 110 لسنة 1952 وإلزام مجلس بلدي المنصورة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقامت قضاءها بالنسبة لرفض الدفع على أن لنقابة عمال ومستخدمي بلدية المنصورة وقد تم تسجيلها بوزارة الشئون الاجتماعية برقم 14/ 1/ 29 في سنة 1953 الشخصية المعنوية ومن ثم يكون لها الحق في رفع الدعاوى، ولما كان البند ثانياً من المادة 2 من لائحة نظامها الأساسي يقضي بأن الغرض من تكوينها هو الدفاع عن مصالح أعضائها والمحافظة على حقوقهم بكافة الطرق السلمية والمشروعة وأنه بذلك يكون لها مصلحة في رفع هذه الدعوى للمطالبة بالعلاوة بكتاب إدارة البلديات رقم 110 لسنة 1952، ولا اعتداد بما ذكرته الجهة الإدارية من أن هذه العلاوة لن تشمل في حالة تقرير أحقيتها جميع العمال المستحقين لها بسبب عدم وجود ما يلزم جميع عمال المجلس بالالتحاق بالنقابة المشار إليها لأن النقابة تهدف بهذه الدعوى رعاية مصالح أفرادها فقط فهي لا تقصد تقرير أحقية كافة عمال المجلس سواء منهم المنضم إليها أو غير المنضم. وبالنسبة للموضوع أقامت المحكمة قضاءها على أن الجهة الإدارية كانت قد أنكرت حق المدعي في العلاوة التي يطالب بها ثم عادت وقررت بأنها قامت بصرفها لمن لم يصرفها من العمال مع أجور شهر سبتمبر إلا أن المحكمة لم تتبين من الكتاب المذكور ما إذا كانت الجهة الإدارية قد صرفت هذه العلاوة اعتباراً من أول مايو سنة 1952 تاريخ استحقاقها على ما يقول المدعي أم اكتفت بصرفها عن شهر سبتمبر سنة 1958 وعلى ذلك فلا محل للحكم باعتبار الخصومة منتهية، وأن الثابت من الأوراق أن مجلس بلدي المنصورة صرف للمدعي وزملائه العلاوة التي تقررت بموجب منشور البلديات رقم 45 لسنة 1943 في أول مايو سنة 1950 وأن كتاب البلديات الدوري رقم 110 لسنة 1952 يقضي بمنح علاوة لعمال اليومية اعتباراً من أول مايو سنة 1952 لمن مضى على تعيينه ثلاث سنوات لغاية 30 من إبريل سنة 1952 أو مضى على آخر زيادة في أجره ثلاث سنوات لغاية التاريخ المشار إليه، وبذلك ينحصر مثار المنازعة في أثر العلاوة التي منحت في أول مايو سنة 1950 بالنسبة للقيد الذي أورده الكتاب رقم 110 سالف الذكر لاستحقاق العلاوة التي قررها وهو مضي ثلاث سنوات على آخر زيادة في الأجر وقالت المحكمة أن الزيادة التي تقررت بالمنشور رقم 45 في 3 من يوليه سنة 1943 تنفيذاً لكتاب وزارة المالية المؤرخ 22 من أغسطس سنة 1940 قد صدر لعلاج أجور العمال المنخفضة في ذلك الحين ولم تكن وزارة المالية تقصد وضع قاعدة تنظيمية عامة لجعل هذه الزيادة في صورة علاوة يستمر العمل بها في المستقبل وأنه لما صدرت قواعد الإنصاف برفع أجور عمال اليومية إلى ثلاثة جنيهات شهرياً وقد استفاد منها جميع عمال مجلس بلدي المنصورة إذ كانوا يحصلون على أجور أقل من 100 مليم يومياً مما كان يسوغ للمجلس أن يصرف للمدعي وزملائه العلاوة التي تقررت بموجب المنشور رقم 45 لسنة 1943 في سنة 1950 إذ أن صرف العلاوة المشار إليها قبل العمل بقواعد الإنصاف وهي في حالة المدعي وزملائه 8 مليمات يومياً يترتب عليه جب هذه العلاوة بما عاد عليهم نتيجة تطبيق هذه القواعد لرفع أجورهم إلى ما يوازي 3 جنيهات شهرياً طالما أنهم استفادوا جميعاً من هذه القواعد على ما هو ثابت من رد الإدارة وبذلك تكون العلاوة التي صرفت للمدعي في أول مايو سنة 1950 تنفيذاً للمنشور رقم 45 لسنة 1943 تكون قد صرفت عن خطأ لصرفها في غير ميعادها القانوني ولا يعتد بها بالنسبة للشرط الوارد في كتاب البلديات رقم 110 سنة 1952 وهو مضي ثلاث سنوات دون الحصول على زيادة في الأجر وبذلك يتوافر هذا الشرط في حق المدعي وزملائه ويحق لهم الحصول على العلاوة التي قررها الكتاب المشار إليه اعتباراً من أول مايو سنة 1952.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن دعوى استحقاق العضو في نقابة ما لعلاوة ليست من الدعاوى التي تملكها النقابة والتي يجوز لممثلها القانوني أن يرفعها باسمها بل هي دعوى فردية خاصة ببعض الأعضاء وتتوفر إفادتهم منها بحسب حالتهم وربما لم يكن رافعها نفسه ممن يفيدون منها وهذا ما لم يستظهره الحكم ولم يتبين من الملف بأن حل ممثل قانوني مكان آخر في دعوى لا تملكها النقابة وإذا كان من غرض هذه النقابة الدفاع عن مصالح أعضائها فإن المقصود بذلك هو الدفاع عن مصالحهم النظامية وليس عن مصالحهم الفردية الخاصة، فالنقابة ليست مجموعة من المصالح الفردية المتجمعة بل هي مصلحة عامة مشتركة تتوفر في حق جميع أعضائها بمعيار واحد وليس لممثل النقابة وكالة خاصة عن كل عضو في مسائله الفردية على اختلاف أنواعها، وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين في طعنه إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه وعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
ومن حيث إن المطعون ضده قدم مذكرة وحافظة مستندات تضمنت لائحة النظام الأساسي لنقابة عمال مجلس بلدي المنصورة والخارجين عن هيئة العمال قال فيها أن المطعون ضده وسائر العمال القدامى أعضاء النقابة يستحقون العلاوة المقررة بكتاب البلديات الدوري رقم 110 لسنة 1952 اعتباراً من أول مايو سنة 1952 وبذلك كانت مصلحة المطعون ضده مشتركة مع مصلحة سائر العمال المذكورين في تقرير أحقيتهم في العلاوة المذكورة ودياً أو قضائياً إذا لزم الأمر، فالتمس ذلك من جهة الإدارة بالطلب رقم 421 بتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1954 ولما لم يجد هذا الطريق لجأ إلى القضاء بالدعوى رقم 540 لسنة 4 القضائية (صحتها 450 لسنة 4 ق وهي الدعوى موضوع الطعن) معتمداً على وحدة المصلحة المشتركة بينه وبين سائر الأعضاء مستعينين في ذلك بإمكانيات النقابة المالية والأدبية وهذا الربط الاشتراك في المصلحة قد استظهرته أسباب الحكم المطعون فيه إذ ورد فيها "أن الثابت من الأوراق أن مجلس بلدي المنصورة صرف للمدعي وزملائه العلاوة التي تقررت بموجب منشور البلديات رقم 45 لسنة 1943 في أول مايو 1950 ثم صدر كتاب البلديات الدوري رقم 110 لسنة 1952 قضى بمنح علاوة لعمال اليومية اعتباراً من أول مايو سنة 1952 لمن مضى على تعيينه ثلاث سنوات لغاية التاريخ المشار إليه فإن مثار المنازعة والحالة هذه ينحصر في بحث أثر العلاوة التي منحت للمدعي وزملائه في أول مايو سنة 1950". وخلص المطعون ضده من ذلك إلى القول بأنه لا يكون هناك شك في وحدة مصلحته وسائر زملائه في الدعوى المذكورة وأضاف أن شمول المصلحة المادية والأدبية لأعضاء النقابة يرتفع بتلك المصلحة إلى مستوى الدعوى النقابية وبخاصة لأن لائحة النظام الأساسي الخاص بالنقابة والمسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية تحت رقم 14/ 1/ 939 لسنة 1953 طبقاً للمرسوم بقانون رقم 319 لسنة 1952 قد نصت المادة الثانية منها على أن من أغراض هذه النقابة وفي مقدمتها "تحسين حال العمال الخارجين عن هيئة العمال والدفاع عن مصالحهم والمحافظة على حقوقهم بكافة الطرق السلمية والمشروعة" وبهذا التكليف وتنفيذاً لهذا النص تصبح المصلحة المادية للأعضاء وما يتبعها من مصالح أدبية خليقة بأن تعتبر دعوى النقابة باعتبارها الراعية لمصالح العمال جميعاً. ولو فرض جدلاً ولم يكن رافعها ممن لهم نصيب شخصي في تلك المصلحة وهذا الوجه وحده كاف لقبول دعاوى الجماعات ذات الشخصية المعنوية وهو أكثر قبولاً في هذه الدعوى بالذات نظراً لما سبق بيانه من أن المدعي في دعواه والحكم في أسبابه قد أقاما الدعوى على أساس وضع المدعي فيها شخصياً وباستظهار ما حدث في شأنه وما يطلبه من استحقاقات له هو وسائر زملائه - ولا يتسرب أدنى شك إلى أن هذا هو قصد المدعي حينذاك من دعواه وهو فعلاً القصد الذي سلمت به المحكمة في حكمها وأقامت عليه أسبابه ثم أضاف المطعون ضده أن الطعن لم يثر أي خلاف أو تشكك في سلامة الحكم موضوعاً.
ومن حيث إنه يشترط لقبول الدعوى طبقاً لما يقضي به قانون مجلس الدولة أن يكون لرافعها مصلحة شخصية فيها.
ومن حيث إن هذه الدعوى رفعت أصلاً من عبد الرازق حسن عسكر بصفته رئيساً لنقابة عمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة يطلب فيها الحكم بإلزام بلدية المنصورة بأن تدفع لعمال ومستخدمي مجلس بلدي المنصورة المعينين قبل أول يناير سنة 1914 وسنة 1919 العلاوة الاستثنائية المقررة بكتاب البلديات الدوري رقم 110 لسنة 1952 وأثناء نظر الدعوى زالت صفة رافع الدعوى فحضر عن النقابة ممثلها الجديد محمد سعيد زكي ثم خلفه بعد زوال صفته أيضاً محمد كامل إسماعيل وهو المطعون ضده الحالي.
ومن حيث إنه من المسلم أن للنقابات المنشأة وفقاً للقانون أن ترفع الدعاوى المتعلقة بحقوقها بصفتها شخصاً معنوياً عادياً كالحقوق التي عساها أن تكون في ذمة أعضائها أو قبل الغير الذين يتعامل معهم. كذلك استقر الرأي فقهاً وقضاء على أن للنقابات أن ترفع الدعاوى المتعلقة بالمصلحة الجماعية أو المشتركة للدفاع عن مصالح المهنة وجرى القضاء في فرنسا على اعتبار أن للنقابة مصلحة جماعية إذا كان ثمة ضرر قد أصاب أعضاءها بصفتهم أعضاء في النقابة وبسبب مباشرتهم للمهنة التي وجدت النقابة للدفاع عنها غير أنه يجب التفرقة بين هذه المصالح الجماعية وبين المصالح الفردية لهؤلاء الأعضاء فهذه المصالح الفردية ملك لأصحابها وهم أصحاب الحق في المطالبة بها ورفع الدعاوى عنها ولا تقبل الدعوى بشأنها من النقابة.
ومن حيث إن الدعوى المرفوعة من النقابة لا تتصل بالمصلحة الشخصية المباشرة للنقابة التي رفعتها ولا بالمصلحة الجماعية المتصلة بمباشرة المهنة وإنما هي متعلقة بحقوق فردية لبعض أعضائها فالدعوى المرفوعة من النقابة للمطالبة بها تكون غير مقبولة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبولها قد انطوى على مخالفة للقانون ويتعين إلغاؤه والحكم بعدم قبول الدعوى وإلزام رافعها بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

الطعن 15 لسنة 32 ق جلسة 10 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 107 ص 747

جلسة 10 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

---------------

(107)
الطعن رقم 15 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "الربط الحكمي".
الربط الحكمي. سريانه. شرطه. توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة. المقصود بوحدة النشاط. نوع النشاط لا كميته.

---------------
يشترط لسريان الربط الحكمي - وعلى ما جاء في المذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 - توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة. والمقصود بوحدة النشاط - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - نوع النشاط لا كميته (1) بحيث إذا كان الممول يزاول نوعاً معيناً من النشاط في سنة القياس واستمر على مزاولته في السنوات المقيسة فإن قاعدة الربط الحكمي تجرى عليه ولا يعتد بما عساه أن يطرأ على كمية هذا النشاط أو مقداره من تغيير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن حسن سالم مبارك يمتلك ثلاث سيارات نقل ومطحن وقدرت مأمورية الضرائب المختصة أرباحه في كل من السنوات من 1952 إلى 1954 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 587 لسنة 1954 بمبلغ 840 ج على أساس أن أرباح المطحن في سنة 1947 مبلغ 245 ج وأرباح السيارات مبلغ 595 ج وإذ لم يوافق على هذا التقدير وأحيل الخلاف على لجنة الطعون وبتاريخ 1/ 12/ 1958 أصدرت قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بإلغاء الربط الذي أجرته المأمورية على الطاعن عن نشاطه في سيارات النقل في كل من سنتي 1953 و1954 لعدم وجود نشاط فيها (ثانياً) تحديد صافي أرباح الطاعن الحكمية بمبلغ 840 ج عن سنة 1952 عن نشاطه في سيارات النقل والمطحن وبمبلغ 245 ج عن كل من سنتي 1953، 1954 عن نشاطه من المطحن فقط فقد أقام الدعوى رقم 30 سنة 1959 أسيوط الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً تعديله وتقدير أرباح المطحن بمبلغ 122.5 ج وإلغاء الربط الخاص بنشاط السيارات في سنة 1952 لتوقفه إذ باع سيارتين منها سنة 1951 وكانت الثالثة غير صالحة للاستعمال وباعها في 13/ 2/ 1952 وبتاريخ 22/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الشطر الأول من القرار المطعون فيه واعتبار صافي أرباح الطاعن بمبلغ 438 ج عن سنة 1952 عن نشاطه في سيارة النقل رقم 24369 عمومي فقط والمطحن وبتأييده فيما عدا ذلك وألزمت كلاً من الطرفين بنصف المصاريف وإيقاع المقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 198 سنة 36 قضائية وبتاريخ 7 ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المصلحة المستأنفة المصروفات وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم أحقية مصلحة الضرائب في اتخاذ أرباح المطعون عليه من سيارات النقل في سنة 1951 أساساً للربط في سنة 1952 مستنداً في ذلك إلى أنه تصرف في سيارتين منها في سنة 1951 ولم يبق في حيازته خلال سنة 1952 إلا سيارة واحدة وهو خطأ ومخالفة للقانون لأن مناط العمل بقاعدة الربط الحكمي المنصوص عليها في القانون رقم 587 لسنة 1954 هو وحدة النشاط في سنة القياس والسنة المقيسة وبالتالي لا يعول على نقص عدد السيارات في سنة 1951 عند ربط الضريبة في سنة 1952 كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يشترط لسريان قاعدة الربط الحكمي وعلى ما جاء في المذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة والمقصود بوحدة النشاط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نوع النشاط لا كميته بحيث إذا كان الممول يزاول نوعاً معيناً من النشاط في سنة القياس واستمر على مزاولته في السنوات المقيسة فإن قاعدة الربط الحكمي تجرى عليه ولا يعتد بما عساه أن يطرأ على كمية هذا النشاط أو مقداره من تغيير وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على عدم اتخاذ الأرباح المقدرة في سنة 1951 للمطعون عليه من نشاطه في السيارات أساساً للربط عليه عنها في سنة 1952 رغم وحدة النشاط واعتد بنقص عددها في السنة المقيسة عن سنة القياس فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نقض 29/ 12/ 1965 - الطعن رقم 253 لسنة 30 ق - السنة 16 ص 1353.

الطعن 317 لسنة 37 ق جلسة 23 / 1 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 15 ص 77

جلسة 23 من يناير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود عمر المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.

---------------

(15)
الطعن رقم 317 لسنة 37 القضائية

حراسة. "حراسة إدارية. رفع الحراسة". التزام. "انقضاء الالتزام. الوفاء". نيابة. "نيابة قانونية". دعوى. "شروط قبول الدعوى".
رفع الحراسة وفقاً للقانون 150 لسنة 1964. وجوب تقدم دائني الأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أموالهم بديونهم إلى مدير عام إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة قبل الالتجاء إلى القضاء. للمدير إن يرفض أداء أي دين غير جدي أو صوري بقرار مسبب. عدم جواز الرجوع على المدين بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها. امتناع المدير رغم مضي مدة كافية عن إصدار قرار بأداء هذه الديون أو برفضها. أثره. أحقية الدائن في الالتجاء إلى القضاء العادي لمطالبة المدير بدينه.

----------------
مفاد ما تقضي به المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم طبقاً لأحكام قانون الطوارئ وما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الصادر بالاستناد إلى ذلك القانون، أنه يجب على الدائنين للأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أموالهم وآلت إلى الدولة - أن يتقدموا إلى المدير العام لإدارة الأموال المذكورة بديونهم قبل التجائهم إلى القضاء للمطالبة بها، وأن ما يؤول إلى الدولة إنما هو صافي قيمة أموال الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة وهو ما يتحدد بعد استنزال الديون التي في ذمتهم وإجراء تصفية يتولاها المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بحيث تعطى لهم سندات التعويض بقيمة ناتج هذه التصفية، ويلتزم المدير المذكور في سبيل ذلك بأن يؤدي إلى الدائنين ديونهم بوصفه مصفياً ينوب في الوفاء بها عن المدين نيابة قانونية، ويصدق ذلك بالنسبة إلى جميع الديون سواء كانت عقارية أو ممتازة أو عادية متى كان قد تم الإخطار عنها وفقاً للقانون، وكانت تدخل في نطاق قيمة الأصول المملوكة للمدين ولا يستثنى من ذلك سوى الدين الذي يصدر المدير قراراً مسبباً برفض أدائه لعدم جديته أو صوريته أو لغير ذلك من الأسباب التي يتحقق معها أن الدين قد اتفق عليه مع المدين بقصد إخراج بعض الأموال من نطاق الحراسة إضراراً بالمصلحة العامة فيمتنع على ذلك المدير بحكم القانون أداؤه من جانبه، كما يمتنع على الدائن مطالبته به، وإن كان يجوز لهذا الدائن أن يرجع به قضاء على المدين صاحب سندات التعويض، أما إذا لم يصدر المدير قراراً مسبباً برفض الدين، ومن ثم لم يتعلق به سبب من أسباب الاعتراض من جانب السلطة العامة فإن امتناعه عن أداء ذلك الدين يكون بمثابة امتناع المدين أو نائبه عن الوفاء بدين لم يجحده، مما يحق معه للدائن أن يطالبه به أمام القضاء العادي صاحب الولاية في نظر كافة المنازعات المدنية دون أن يقوم ثمة وجه للادعاء بمجاوزة هذا القضاء ولايته أو تعديه على اختصاص السلطة التنفيذية لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المطعون ضدها - الدائنة - قد تقدمت إلى الجهة المختصة بطلب أداء دينها وفقاً للأوضاع المقررة في هذا الشأن، وقدمت المستندات المؤيدة لجديته، ولم يصدر الطاعن بصفته - مدير إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة - قراراً مسبباً برفض الدين حتى صدور الحكم المطعون فيه، وكان هذا الحكم قد أقام قضاءه في الدعوى على تقدير منه بأن الطاعن إذ لم يصدر قراراً مسبباً برفض الدين رغم مضي مدة اعتبرها الحكم كافية ومعقولة لكي يمارس الطاعن فيها سلطته، فإن ذلك من جانبه في الظروف المتقدمة يحمل على أن الطاعن لم يجد أن هذا الدين يقوم به سبب من أسباب عدم الجدية أو الصورية أو غير ذلك مما يدعوه إلى رفضه، وانتهى الحكم إلى أنه ليس ثمة ما يبرر امتناع الطاعن بصفته عن أداء الدين أو ما يحول بين الدائنة وبين أن تسلك للمطالبة بدينها سبيل القضاء العادي وإلزامه بالدين موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 2/ 5/ 1964 استصدرت المطعون ضدها الأولى أمر الحجز التحفظي رقم 25 لسنة 1964 كلي الجيزة على ما لمدينها - المطعون ضده الأخير - تحت يد الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وفاء لمبلغ 3874 ج و726 م وفوائده القانونية، وقامت بإعلان هذا الأمر بتاريخ 19، 21/ 5/ 1964 ثم اتبعت ذلك بأن استصدرت في 26/ 5/ 1964 أمر الأداء رقم 32 لسنة 1964 كلي الجيزة بإلزام المطعون ضده الأخير باعتباره مديناً والطاعن بصفته مصفياً ومديراً لإدارة الأموال الآيلة للدولة بأن يدفعا لها المبلغ المشار إليه وبصحة إجراءات الحجز التحفظي وجعله نافذاً. تظلم الطاعن بصفته من أمر الحجز لدى محكمة الجيزة الابتدائية بالدعوى رقم 661 سنة 1964، كما تظلم من أمر الأداء بالدعوى رقم 471 سنة 1964 كلي الجيزة وطلب في هاتين الدعويين إلغاء الأمرين المشار إليهما استناداً إلى أن المطعون ضده الأخير قد خضع للحراسة بمقتضى الأمر رقم 138 لسنة 1961، ثم رفعت عنه وآلت أمواله إلى الدولة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964، وأنه لا يجوز قانوناً توقيع حجز على أموال آلت إلى الدولة وأصبحت مملوكة لها والطاعن نائب عنها في إدارتها ولم يعد نائباً عن المطعون ضده الأخير بعد أن رفعت عنه الحراسة بالقانون السالف ذكره. وبتاريخ 29/ 5/ 1966 قضت المحكمة الابتدائية للطاعن بصفته بطلباته استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 1011 سنة 83 ق، ومحكمة الاستئناف حكمت في 30/ 3/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وبإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 2874 و736 م وفوائده القانونية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إنه وإن كانت القاعدة العامة الواردة في المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 هي أيلولة أموال الأشخاص الطبيعيين الذين رفعت عنهم الحراسة إلى الدولة مقابل التعويض المشار إليه في هذه المادة، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة صدر القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 وناط في المادة الأولى منه - في فقرتها الرابعة - بالسلطة التنفيذية ممثلة في المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة ولاية الفصل في جدية الديون التي يطلبها أصحابها من الأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أوالهم، فلا يجوز لهؤلاء الدائنين الالتجاء مباشرة إلى القضاء للمطالبة بديونهم قبل عرضها على المدير المذكور، كما لا يجوز للمحاكم أن تقضي بقبول هذه الديون أو برفضها وإلا كان عملها هذا اغتصاباً لما خص به ذلك القانون السلطة التنفيذية، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته بالدين موضوع الدعوى على الرغم من عدم صدور قرار منه بشأنه، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم طبقاً لأحكام قانون الطوارئ تقضي بأن تؤول إلى الدولة الأموال والممتلكات التي رفعت الحراسة عنها ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالي قدره 30 ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة، وتنص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الصادر بالاستناد إلى ذلك القانون على أن الأموال والممتلكات التي تؤول إلى الدولة ويعوض عنها صاحبها وفقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه هي صافي قيمتها بعد استنزال جميع الديون العقارية والممتازة والعادية بحيث تكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية، ولا يجوز الرجوع على صاحب هذه السندات بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقره القانون، ومفاد ذلك أنه يجب على الدائنين للأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أموالهم وآلت إلى الدولة أن يتقدموا إلى المدير العام لإدارة الأموال المذكورة بديونهم قبل التجائهم إلى القضاء للمطالبة بها، وأن ما يؤول إلى الدولة إنما هو صافي قيمة أموال الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة وهو ما يتحدد بعد استنزال الديون التي في ذمتهم وإجراء تصفية يتولاها المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بحيث تعطى لهم سندات التعويض بقيمة ناتج هذه التصفية، ويلتزم المدير المذكور في سبيل ذلك بأن يؤدي إلى الدائنين ديونهم بوصفه مصفياً ينوب في الوفاء بها عن المدين نيابة قانونية، ويصدق ذلك بالنسبة إلى جميع الديون سواء كانت عقارية أو ممتازة أو عادية متى كان قد تم الإخطار عنها وفقاً للقانون، وكانت تدخل في نطاق قيمة الأصول المملوكة للمدين، ولا يستثنى من ذلك سوى الدين الذي يصدر المدير قراراً مسبباً برفض أدائه لعدم جديته أو صوريته أو لغير ذلك من الأسباب التي يتحقق معها أن الدين قد اتفق عليه مع المدين بقصد إخراج بعض الأموال من نطاق الحراسة إضراراً بالمصلحة العامة، فيمتنع على ذلك المدير بحكم القانون أداؤه من جانبه، كما يمتنع على الدائن مطالبته به، وإن كان يجوز لهذا الدائن أن يرجع به قضاء على المدين صاحب سندات التعويض أما إذا لم يصدر المدير قراراً مسبباً برفض الدين، ومن ثم لم يتعلق به سبب من أسباب الاعتراض من جانب السلطة العامة فإن امتناعه عن أداء ذلك الدين يكون بمثابة امتناع المدين أو نائبه عن الوفاء بدين لم يجحده، مما يحق معه للدائن أن يطالبه به أمام القضاء العادي صاحب الولاية في نظر كافة المنازعات المدنية، دون أن يقوم ثمة وجه للادعاء بمجاوزة هذا القضاء ولايته أو تعديه على اختصاص السلطة التنفيذية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المطعون ضدها - الدائنة - قد تقدمت إلى الجهة المختصة بطلب أداء دينها وفقاً للأوضاع المقررة في هذا الشأن، وقدمت المستندات المؤيدة لجديته ولم يصدر الطاعن بصفته قراراً مسبباً برفض الدين حتى صدور الحكم المطعون فيه، وكان هذا الحكم قد أقام قضاءه في الدعوى على تقدير منه بأن الطاعن إذ لم يصدر قراراً مسبباً برفض الدين رغم مضي مدة اعتبرها الحكم كافية ومعقولة لكي يمارس الطاعن فيها سلطته، فإن ذلك من جانبه في الظروف المتقدمة يحمل على أن الطاعن لم يجد أن هذا الدين يقوم به سبب من أسباب عدم الجدية أو الصورية أو غير ذلك مما يدعوه إلى رفضه وانتهى الحكم إلى أنه ليس ثمة ما يبرر امتناع الطاعن بصفته عن أداء الدين، أو ما يحول بين الدائنة وبين أن تسلك للمطالبة بدينها سبيل القضاء العادي وإلزامه بالدين موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك رفض الطعن.