الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 4 أغسطس 2023

الطعن 353 لسنة 46 ق جلسة 13 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 206 ص 1142

جلسة 13 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، منصور وجيه وفهمي الخياط.

--------------------------

(206)
الطعن رقم 353 لسنة 46 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن" "التنازل عن الإيجار".
المنع من التأجير من الباطن يقتضي المنع من التنازل. م 594/ 1 مدني لا تحول دون ظهور نية المنع الصريحة من أحدهما دون الأخرى. استقلال محكمة الموضوع باستخلاصها متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.
(2) نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد".
ورود النعي على أسباب الحكم الابتدائي. عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الاستئناف. اعتباره سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) حكم "تسبيب الحكم".
عدم النص في منطوق الحكم على ما أثاره الطاعن من عدم قبول الدعوى. رفض هذا الدفع في الأسباب بصيغة صريحة. لا عيب.

---------------------------------
1 - النص في المادة 594/ 5 من القانون المدني على أن "منع المستأجر من أن يؤجر من باطنه يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس" لا يمنع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني - من ظهور نية صريحة في المنع من أحد السببين دون الآخر، وكان من المقرر أن تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارات الاتفاق تحتمل المعنى الذي حصلته.
2 - لما كان سبب النعي وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع، وهو دفاع يخالطه واقع لما يستلزم من مقارنة ما تناوله قضاء محكمة الدرجة الأولى بطلبات المدعي الختامية أمامها لبيان ما بينها من تطابق واختلاف، ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية، فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد عرض في أسبابه للدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة وفصل فيه فصلاً قاطعاً برفضه ولا يعيبه عدم نصه في منطوقه على رفض هذا الدفع ما دام قد نص عليه في أسبابه بصيغة صريحة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 6441 لسنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم على المطعون ضده من الثاني إلى الرابعة إخلائهم من العين المؤجرة لمورثهم المرحوم..... وذلك في مواجهة الطاعن تأسيساً على أن المورث المذكور استأجر منه الشقة المبينة بالصحيفة بموجب عقد مؤرخ 17/ 3/ 1972 صرح له فيه بالتأجير من الباطن دون التنازل عن الإيجار، وبعد وفاته تنازل عنها المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابعة للطاعنة بغير موافقته مخالفين بذلك شروط عقد الإيجار والقانون 52 لسنة 1969، وبتاريخ 18/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإخلاء عين النزاع من المدعى عليهم في الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1745 لسنة 92 ق طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة واحتياطياً برفضها، وبتاريخ 11/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، في بيان ذلك يقول إن عقد إيجار عين النزاع المؤرخ 17/ 3/ 1972 نص في بنده السادس المطبوع على حظر التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار ثم أضاف إليه الطرفان بتاريخ 1/ 7/ 1972 بنداً يتضمن التصريح للمستأجر بالتأجير من الباطن بما يدل على اتجاه نيتهما إلى العدول عن الحظر الوارد في البند السادس من العقد ويعتبر - طبقاً للمادة 594/ 1 من القانون المدني - تصريحاً للمستأجر بالتنازل عن الإيجار، إذ لو كانت نية الطرفين قد اتجهت إلى حظر التنازل لنصا على ذلك صراحة، ومما يؤكد نيتهما إلى اعتبار التنازل والتأجير من الباطن عبارتين مترادفتين لمعنى واحد أن البند السادس من العقد ينص على أنه إذا صرح المؤجر بالتنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن يكون المستأجر الأصلي ومن حل محله أو استأجر من باطنه متضامنين في دفع الإيجار وتنفيذ شروط العقد، إلا أن حكم محكمة أول درجة قد خالف هذا النظر واعتبر أن التصريح للمستأجر بالتأجير من الباطن لا يقتضي التصريح له بالتنازل عن الإيجار المحظور بالبند السادس وإذ أيده الحكم المطعون فيه فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 594/ 1 من القانون المدني على أن "منع المستأجر من أن يؤجر من باطنه يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس"، لا يمنع - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني - من ظهور نية صريحة في المنع من أحد السببين دون الآخر، وكان من المقرر أن تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها أمر تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارات الاتفاق تحتمل المعنى الذي حصلته، لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه أنه قد استدل على قيام الشرط المانع من التنازل عن الإيجار من النص الصريح عليه في البند السادس من عقد الإيجار المؤرخ 17/ 3/ 1972 ومن قصر الإذن للمستأجر الأصلي في البند الإضافي على التأجير من الباطن فقط، وهذا الذي استند إليه الحكم يتفق مع عبارة العقد الواضحة ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تفسير العقد مما يستقل به قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى بطلب الحكم بإخلاء المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابعة من عين النزاع وذلك في مواجهة الطاعن، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه حكم بإخلاء العين المؤجرة من المدعى عليهم جميعاً، وفي ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم يبطل الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان هذا السبب وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع، وهو دفاع يخالطه واقع لما يستلزم من مقارنة ما تناوله قضاء محكمة الدرجة الأولى بطلبات المدعي الختامية أمامها لبيان ما بينها من تطابق واختلاف ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه عرض هذا الدفاع على محكمة الدرجة الثانية، فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع في صحيفة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة ومع ذلك فقد تجاهل الحكم المطعون فيه هذا الدفع ولم ينص في منطوقه على رفضه أو قبوله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد عرض في أسبابه للدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي كامل صفة وفصل فيه فصلاً قاطعاً برفضه ولا يعيبه عدم نصه في منطوقه على رفض هذا الدفع ما دام قد نص عليه في أسبابه بصيغة صريحة.

الطعنان 505 ، 549 لسنة 48 ق جلسة 9 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 205 ص 1134

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد كمال سالم، محمد رأفت خفاجي؛ محمد سعيد عبد القادر وماهر قلادة.

----------------------

(205)
الطعنان رقما 505 و549 لسنة 48 القضائية

(1) تزوير "الادعاء بالتزوير".
الادعاء بالتزوير. وجوب التقرير به في قلم الكتاب. م 49 إثبات. عدم سلوك هذا السبيل. أثره. لمحكمة الموضوع الحق في اعتبار العقد صحيحاً ما دامت لم تر من ظروف الدعوى أنه مزور. قضاء المحكمة بصحة العقد وفي الموضوع معاً. لا خطأ. م 58 إثبات.
(2) إعلان "أوراق المحضرين". بطلان.
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعدم كفاية التحريات. نسبي مقرر لمصلحة من شرع له. ليس لغيره التمسك به.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". حكم "تسبيب الحكم".
لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى. كفاية إقامة قضاءها على أسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق. المنازعة في ذلك جدل في تقدير المحكمة للأدلة. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.

------------------------
1 - لئن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات لا الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو الخصم المحكوم بصحة الورقة قبله - من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى، أو يسوق دفاعاً جديداً، أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة إذا كانت المحكمة لم تر فيما ساقه الطاعن من قرائن على مجرد ادعائه بتزوير السند - دون سلوك طريق الادعاء بالتزوير - مما يقنعها باستعمال الرخصة المخولة لها في المادة 58 من ذات القانون في القضاء برده وبطلانه، لما كان ذلك، وكان المشرع قد نظم في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير، وأوجب في المادة 49 منه أن يكون ذلك الادعاء بتقرير في قلم الكتاب، وكان المقرر أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات لكي ينتج الادعاء أثره القانوني، وكان الثابت أن الطاعن - وإن أثار أمام محكمة الموضوع أن التوقيع المنسوب إليه على التنازل عن الإيجار المسطر بالعقد مزور عليه، إلا أنه لم يسلك السبيل الذي رسمه القانون، فإنه يكون من حق تلك المحكمة أن تعتبر العقد صحيحاً، ما دامت لم تر هي من ظروف الدعوى وفقاً للمادة 58 سالفة البيان أنه مزور - فلا على المحكمة إذ هي قضت بصحة ذلك التنازل، وفي الموضوع بحكم واحد.
2 - إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص المراد إعلانه أو في موطنه، وإن كان لا يصح اللجوء إليه قبل قيام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة عن محل إقامة المعلن إليه، إلا أن بطلان الإعلان لعدم كفاية هذه التحريات لا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع هذا البطلان لمصلحته، ذلك أن بطلان الخصومة لعدم إعلان أحد الخصوم إعلاناً صحيحاً هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام، فلا يجوز لغير الخصم الذي بطل إعلانه الدفع به، ولو كان له مصلحة في ذلك أو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه عنها، واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وتقديرها للأدلة وكفايتها في الإقناع من شأنها وحدها، متى كان هذا التقدير سائغاً ولا خروج فيه على ما هو ثابت بأوراق الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1793 سنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنين بطلب الحكم بإخلاء عين النزاع وتسليمها، وقالت شرحاً لدعواها إنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1964 استأجر منها للطاعن في الطعن الأول الشقة موضوع التداعي، إلا أنه تخلى عن حيازتها للطاعن في الطاعن الثاني - سواء بتأجيرها له من الباطن أو تنازله عن الإيجار، فيحق لها طلب إخلائها طبقاً للمادة 23/ ب من القانون رقم 52 سنة 1969. وبتاريخ 29/ 1/ 1975 قضت محكمة الدرجة الأولى بالإخلاء والتسليم. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 972 س 92 ق، 3571 س 94 ق القاهرة، وبعد ضم الاستئنافين قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 30/ 1/ 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمي 505، 549 س 48 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفضه موضوعاً. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، قررت فيها المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، والتزمت النيابة رأيها.

أولاً: عن الطعن رقم 505 سنة 48 ق:

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بصحة التنازل عن عقد الإيجار المنسوب صدوره منه إلى المطعون ضده الثاني، في حين أنه قرر بتزوير توقيعه على هذا التنازل، وإذ قضت المحكمة في ادعائه بالتزوير وفي الموضوع بحكم واحد فإنها تكون قد خالفت حكم المادة 44 من قانون الإثبات، ويكون حكمها قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو الخصم المحكوم بصحة الورقة قبله - من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى، أو يسوق دفاعاً جديداً، أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة إذا كانت المحكمة لم تر فيما ساقه الطاعن من قرائن على مجرد ادعائه تزوير السند - دون سلوك طريق الادعاء بالتزوير - مما يقنعها باستعمال الرخصة المخولة لها في المادة 58 من ذات القانون في القضاء برده وبطلانه، ولما كان ذلك وكان المشرع قد نظم في المواد من 49 إلى 58 من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير، وأوجب في المادة 49 منه أن يكون ذلك الادعاء بتقرير في قلم الكتاب، وكان المقرر أنه يجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء به الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات لكي ينتج الادعاء أثره القانوني، وكان الثابت أن الطاعن - وإن أثار أمام محكمة الموضوع أن التوقيع المنسوب إليه على التنازل عن الإيجار المسطر بالعقد مزور عليه، إلا أنه لم يسلك السبيل الذي رسمه القانون، فإنه يكون من حق تلك المحكمة أن تعتبر العقد صحيحاً، ما دامت لم تر هي من ظروف الدعوى وفقاً للمادة 58 سالفة البيان أنه مزور، ذلك أن مؤدى هذه المادة التي جاءت خالية من أي قيد أو شرط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع وهي تقضي برد وبطلان الورقة تطبيقاً لها إنما تستعمل حقاً خوله لها القانون، فهي ليست ملزمة بتثبيته الخصوم إلى ذلك، وبالتالي فإن محكمة الموضوع إذ خلصت في الحكم المطعون فيه في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الدليل وبأسباب سائغة تكفي لحمل ما انتهت إليه من صحة حصول التنازل عن الإيجار واعتبرته غير مطعون عليه بالتزوير بالطريق الذي رسمه القانون، وقضت تبعاً لذلك بتأييد حكم الإخلاء للتنازل، فإنه لا على المحكمة إذ هي قضت بصحة ذلك التنازل وفي الموضوع بحكم واحد، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانياً: عن الطعن رقم 549 سنة 48 ق:

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الثاني هو المستأجر الأصلي الذي يجب اختصامه في دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن، وأن مصلحته - أي الطاعن - تتأثر بالحكم الصادر في الدعوى يسري في حقه ولو لم يختصم فيها، وإذ كانت الشركة المطعون ضدها قد سلمت صورة إعلان صحيفة الدعوى الخاصة بالمطعون ضده الثاني للنيابة العامة دون أن تبذل جهداً في التحري عن موطنه، في حين أن الثابت بالمحضر رقم 6903 سنة 1971 إداري الأزبكية أن الطاعن قرر في حضور ممثل الشركة المؤجرة بوجود المطعون ضده الثاني بأمريكا، مما كان يتعين معه إعلانه بالطريق الدبلوماسي، فضلاً عن ذكر أخر موطن معلوم له في الخارج في ورقة الإعلان، ومن ثم يكون الإعلان باطلاً. وتكون الخصومة لم تنعقد ويبطل تبعاً لذلك الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن إعلان الأوراق القضائية في النيابة بدلاً من إعلانها لشخص المراد إعلانه أو في موطنه وإن كان لا يصح اللجوء إليه قبل قيام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة عن محل إقامة المعلن إليه، إلا أن بطلان الإعلان لعدم كفاية هذه التحريات لا يجوز أن يتمسك به إلا من شرع هذا البطلان لمصلحته، ذلك أن بطلان الخصومة لعدم إعلان أحد الخصوم إعلاناً صحيحاً هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام، فلا يجوز لغير الخصم الذي بطل إعلانه الدفع به، ولو كان له مصلحة في ذلك أو كان موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة، لما كان ذلك، وكان البطلان الذي يتمسك به الطاعن إنما يدعى حصوله في إعلان المطعون ضده الثاني بصحيفة افتتاح الدعوى، وكان هذا الأخير - وهو الطاعن في الطعن الأول - قد حصر أسباب طعنه في سبب واجد، لم ينع فيه على الحكم المطعون فيه البطلان لهذا السبب، فلا يجوز للطاعن إثارة هذا الدفع أمام محكمة النقض لانتفاء صفته فيه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، في بيان ذلك يقول إنه لما كان مفاد المادة 26/ 1 من القانون رقم 51 سنة 1969 أنه يجوز للمستأجر في حالة إقامته في الخارج بصفة مؤقتة أن يؤجر العين مفروشة أو غير مفروشة، وكان الطاعن قد أقر بالمحضر الإداري المشار إليه في السبب الأول أن إقامته بالعين كانت بمناسبة سفر المستأجر الأصلي للخارج، فإن هذا التنازل لا يعدو كونه تنازلاً مؤقتاً لا نهائياً، بما لا يخرج عن مجال تطبيق المادة 23/ ب من ذات القانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بالإخلاء تأسيساً على هذا السبب فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة إليها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها، واستخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، وتقديرها للأدلة وكفايتها في الإقناع من شأنها وحدها، متى كان هذا التقدير سائغاً، ولا خروج فيه على ما هو ثابت بأوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت تنازل المطعون ضده الثاني عن عقد الإيجار للطاعن على قوله... ورغم أن المستأجر - المطعون ضده الثاني - ادعى في صحيفة استأنفه رقم 3571 س 94 ق أنه لم يتنازل عن العقد، وبأن هذا الإمضاء مزور عليه، وأنه على استعداد للتقرير بالطعن بالتزوير على هذا التنازل المنسوب إليه، ثم ردد الحاضر عنه الادعاء به في محضر الجلسة مقرر بأنه سيتخذ طريق الطعن بالتزوير، غير أنه لم يفعل، رغم أن الادعاء بالتزوير له طريق محدد رسمه الشارع في المادة 49 وما بعدها من قانون الإثبات. ومتى كان ذلك فإن المحرر العرفي يعتبر صادراً من الموقع عليه..... المطعون ضده الثاني - وحجة عليه من حيث صحته وصحة البيانات المدرجة فيه، عملاً بحجية الأوراق العرفية المقررة في المادة 14 من قانون الإثبات... لما كان ذلك، وكان التنازل عن عقد الإيجار قد أدرج في ذلك المستند في عبارة صريحة وألفاظ ظاهرة لا لبس فيها ولا غموض، ودلالته على هذا التنازل الصريح الذي أقر به وأيده المستأنف.... - الطاعن - في الطلب الذي قدمه إلى الشركة المؤجرة - المطعون ضدها الأولى - بتاريخ 26/ 4/ 73 بأن شغل العين المؤجرة موضوع النزاع بعد أن تنازل عنها مستأجرها الأصلي... المطعون ضده الثاني - بمناسبة سفره إلى الخارج بصفة مؤقتة، وتلتفت المحكمة أيضاً إلى ادعاء المستأجر الأصلي بأنه لم يتنازل، وإنما أناب... - الطاعن - لإدارة الشقة، لأن كل هذا لا يستقيم وصراحة التنازل ودلالته... فإذا كان..... - الطاعن - قد تسلم من المستأجر الأصلي - المطعون ضده الثاني - النسخة الثانية من عقد الإيجار، وهذه النسخة تتضمن التنازل عن عقد الإيجار، ثم شغل الشقة بنفسه وأقر بشغلها وبالتنازل له عنها، فإن كل ادعاء يناقض هذا التنازل سواء منه أو من المستأجر الأصلي، يكون القصد منه التحايل على هذا التنازل وإهدار آثاره القانونية". وكانت هذه التقريرات موضوعية وسائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم وتكفي فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة التي اقتنعت بها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون إذ أن الطاعن سدد أجرة شقة النزاع بالمحضر المؤرخ 21/ 3/ 1972 بناء على محضر الحجز التحفظي رقم 314 سنة 1972 في حضور وكيل الشركة المؤجرة، وتم إيقاف التنفيذ للسداد، مما يتضمن موافقة الشركة على التنازل عن الإيجار، وهو ما يقوم مقام الإذن الكتابي من المالك، ويحول دون الحكم بالإخلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد أن الطاعن سبق أن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن سداد الأجرة يفيد موافقة الشركة المؤجرة ضمناً على التنازل عن الإيجار - وإن كان قد قدم محضر إيقاف التنفيذ للسداد دون أن يتمسك بدلالته - وإذ كان هذا الدفاع يقوم على واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع، فإن النعي في هذا الخصوص يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الخميس، 3 أغسطس 2023

الطعن 179 لسنة 46 ق جلسة 8 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 204 ص 1131

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.

-------------------------

(204)
الطعن رقم 179 لسنة 46 القضائية

حجز. "حجز ما للمدين لدى الغير".
حجز ما للمدين لدى الغير. إلزام المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله في حالة تقريره غير الحقيقة. م 343 مرافعات. شرطه.

--------------------------
يشترط لتوقيع الجزاء المقرر في المادة 343 من قانون المرافعات وإلزام المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله في حالة تقريره غير الحقيقة، أن تكون مديونيته للمحجوز عليه ثابتة وقت التقرير، وأن يكون المحجوز لديه على علم بثبوتها وبمقدارها وأنه تعمد مجانبة الحقيقة بأن أقر بأقل من الدين الذي يعلم بأن ذمته مشغولة به أو أقر بأنه غير مدين أصلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 2864 سنة 1973 مدني طنطا الابتدائية ضد الطاعنين والمطعون عليه الخامس، بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 20000 ج وقالوا شرحاً للدعوى إنه قضي لصالحهم في الدعوى رقم 516 سنة 1973 مدني شمال القاهرة الابتدائية بفسخ عقد البيع المؤرخ 15/ 10/ 1972 الصادر لهم من المطعون عليه الخامس وإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 15000 ج وبصحة إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير الموقع منهم تحت يد الطاعنين بتاريخ 12/ 3/ 1973على ما للمطعون عليه الخامس في ذمتهم، وإذ قرر الطاعنون خلافاً للحقيقة ببراءة ذمتهم قبل المطعون عليه الخامس، فقد أقام المطعون عليهم الأربعة الأول هذه الدعوى بطلباتهم سالفة البيان وبتاريخ 27/ 1/ 1975 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون عليهم الأربعة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 71 سنة 25 ق مدني" وبتاريخ 21/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم الأربعة الأول مبلغ 5000 ج طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه، القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأنهم أقاموا الدعوى رقم 8401 سنة 1972 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه الخامس بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر منه إليهم، وأوفوه كامل الثمن وبجلسة 21/ 2/ 1973 سلم بطلباتهم. كما أقر بجلسة 14/ 3/ 1973 باقتضائه كامل ثمن البيع، فكانت ذمتهم بريئة من أي دين له عند توقيع الحجز تحت يدهم بتاريخ 12/ 3/ 1973 وهو ما قرروا به في 8/ 3/ 1973 واستندوا في تقريرهم إلى إقرار المطعون عليه الخامس في الجلسة آنفة الذكر ولم يقع منهم ما يستوجب إلزامهم بالمبلغ المقضى به، غير أن الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع وذهب إلى أنهم لم يفصحوا في إقرارهم عن كيفية انقضاء علاقة المديونية التي كانت تربطهم بالمطعون عليه الخامس وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يشترط لتوقيع الجزاء المقرر في المادة 343 من قانون المرافعات وإلزام المحجوز لديه بالمبلغ المحجوز من أجله في حالة تقريره غير الحقيقة، أن تكون مديونيته للمحجوز عليه ثابتة وقت التقرير وأن يكون المحجوز لديه على علم بثبوتها وبمقدارها وأنه تعمد مجانبة الحقيقة بأن أقر بأقل من الدين الذي يعلم بأن ذمته مشغولة به أو أقر بأنه غير مدين أصلاً، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنين قرروا بتاريخ 18/ 3/ 1973 بقلم كتاب المحكمة ببراءة ذمتهم من باقي الثمن المستحق للمطعون عليه الخامس لوفائهم به طبقاً لإقراره في محضر جلسة 24/ 3/ 1973 في الدعوى رقم 8401 سنة 1972 مدني شمال القاهرة الابتدائية قبل إعلانهم بأمر الحجز آنف الذكر، وقد تمسكوا بذلك وبدفاعهم سالف البيان أمام محكمة الموضوع، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهري مجتزئاً بالقول بأن الطاعنين لم يفصحوا عن كيفية انقضاء علاقة المديونية التي كانت تربطهم بالمطعون عليه الخامس، ورتب الحكم على ذلك إيقاع الجزاء المنصوص عليه في المادة 343 من قانون المرافعات، وحجب الحكم نفسه عن تحقيق دفاع الطاعنين الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 15 لسنة 48 ق جلسة 6 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 203 ص 1123

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ أحمد شيبة الحمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود مصطفى سالم، صلاح محمد أحمد، محمد محمد يحيى وأحمد طارق البابلي.

---------------------------

(203)
الطعن رقم 15 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. نيابة. إدارة قضايا الحكومة. هيئة التأمينات الاجتماعية.
الطعن بالنقض. رفعه من إدارة قضايا الحكومة نيابة عن هيئة التأمينات الاجتماعية دون تفويض خاص صحيح، علة ذلك. م 6 ق 75 لسنة 1963. اختصاص الإدارة القانونية للهيئة بمباشرة الدعاوى أمام المحاكم لا يحول دون ذلك.
(2) تأمينات اجتماعية. عمل "علاقة عمل". حكم جنائي.
القضاء ببراءة ذمة صاحب العمل من اشتراكات هيئة التأمينات عن فترة سابقة على عقد الشركة المبرم بينه وبين العمال المستحقة عنهم تلك الاشتراكات استناداً إلى حكم جنائي قضى ببراءته من تهمة عدم التأمين على هؤلاء العمال في تاريخ لاحق لعقد الشركة. خطأ في القانون. علة ذلك.
(3) عمل "علاقة عمل: أجر" شركات.
للشريك المتضامن. علاقته بالشركة، ليست علاقة عمل. ما يأخذه مقابل عمله حصة من الربح وليست أجراً.

---------------------
1 - مفاد نصوص المادتين 1 و3 من قانون الإدارات القانونية 47 لسنة 73 والمادة الثانية من مواد إصداره والمادة السادسة من القانون 75 لسنة 63 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة أن اختصاص الإدارات القانونية والمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها بالمرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات عنها أمام المحاكم لا يخل باختصاص إدارة قضايا الحكومة أن تنوب عن الجهات فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً، لما كان ذلك وكانت إدارة قضايا الحكومة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة مختصة بنص المادة السادسة المشار إليها أن تنوب عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام. فإن هذه الإدارة تكون مختصة بأن تنوب عن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها دون حاجة لتفويض خاص في كل قضية.
2 - لما كان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم قدم إلى الطاعنة استمارات موقعاً عليها منه بطلب الاشتراك لديها عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع بصفتهم عما لديه اعتباراً من 1/ 10/ 1965 بالنسبة للمطعون ضده الثاني واعتباراً من 1/ 4/ 1964 بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع، وأنه في 8/ 5/ 1967 أخطر الطاعنة بانتهاء خدمتهم لديه بعد أن أصبحوا شركاء معه بمقتضى عقد الشركة المبرم في 1/ 5/ 1966 والثابت التاريخ في 25/ 5/ 1966 وخروجهم بذلك من نطاق تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 64 وكان الحكم الصادر في الجنحة رقم 1453 لسنة 66 قنا قد قضى ببراءة مورث المطعون ضدهم من تهمة عدم التأمين عن عماله استناداً إلى قيام عقد الشركة في 25/ 6/ 1966 وكانت الواقعة محل المحاكمة في 28/ 6/ 1966 بما لا يتأدى معه الاحتجاج به في النزاع حول علاقة العمل التي نشأت بين المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع وبين المورث قبل هذا التاريخ كما هو مقرر بنص المادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1966 من أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيه وكان فصل ضرورياً. لما كان ذلك فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة ذمة مورث المطعون ضدهم من اشتراكات التأمين وفوائد التأخير المستحقة عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع في الفترة السابقة على قيام عقد الشركة تأسيساً على أنهم كانوا شركاء للمورث ولم يكونوا عمالاً لديه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - لما كانت علاقة المدير الشريك المتضامن في شركة التضامن وفي شركة التوصية ليست - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - علاقة عمل وإنما علاقة شركة وأن ما يحصل عليه من الشركة مقابل إدارته هو في حقيقته حصة من الربح وليس أجراًَ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم - ...... أقام على الطاعنة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - وآخر الدعوى رقم 195 لسنة 1973 مدني كلي قنا بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 376 ج و870 م. وقال بياناً لها إن الطاعنة طالبته باشتراكات تأمين وفوائد وغرامات تأخير قيمتها 376 ج و870 م ولما كانت ذمته بريئة من هذا المبلغ لعدم استخدامه عمالاً ولأن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع كانوا شركاء معه ولم يكونوا عمالاً لديه فقد أقام الدعوى بطلبه آنف البيان. وبتاريخ 19/ 3/ 1974 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبندب مكتب الخبراء لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 18/ 3/ 1975 ببراءة ذمة مورث المطعون ضدهم فيما زاد على مبلغ 7 ج و126 م، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط، وقيد الاستئناف برقم 111 لسنة 50 ق. وبتاريخ 15/ 11/ 1973 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وببراءة ذمة مورث المطعون ضدهم فيما زاد على مبلغ 20 ج و666 م، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه بصحيفة موقع عليها من ممثل إدارة قضايا الحكومة دون أن يكون لديه تفويض من الطاعنة برفعه. وأبدت رأيها في موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 1/ 11/ 1982 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع من النيابة العامة بعدم قبول الطعن أن إدارة قضايا الحكومة أقامت الطعن عن الهيئة الطاعنة في حين أن الإدارة القانونية للهيئة هي المختصة بمباشرة الدعاوى والمنازعات أمام المحاكم عملاً بنص المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1973 الخاص بالإدارات القانونية وما لم تقدم إدارة قضايا الحكومة تفويضاً من الهيئة يخولها التقرير بهذا الطعن عملاً بنص المادة الثالثة من هذا القانون، فإن الطعن يكون غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من قانون الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة وللوحدات التابعة لها الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن "...... تتولى الإدارة القانونية في الجهة المنشأة فيها ممارسة الاختصاصات التالية (أولاً) المرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات أمام المحاكم وهيئات التحكيم ولدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ومتابعة تنفيذ الأحكام" والنص في المادة الثالثة من ذات القانون على أن "لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة تكليف إداراتها القانونية بأي عمل مما تختص به الإدارات القانونية للوحدات التابعة لها بسبب أهميته وظروفه، كما يجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو الوحدة التابعة لها، بناء على اقتراح إداراتها القانونية إحالة بعض الدعاوى والمنازعات التي تكون المؤسسة أو الهيئة أو إحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لها طرفاً فيها إلى إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها أو التعاقد. مكاتب المحامين الخاصة لمباشرة بعض الدعاوى والمنازعات بسبب أهميتها والنص في المادة الثانية من مواد إصدار هذا القانون على أنه "لا يترتب على تطبيق أحكام القانون المرافق الإخلال باختصاصات الهيئات النقابية المقرر في قوانينها ولا بأحكام قانون المحاماة" والنص في المادة السادسة من القانون رقم 57 لسنة 63 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع عنها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً" يدل على أن اختصاص الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها بالمرافعة ومباشرة الدعاوى والمنازعات عنها أمام المحاكم لا يحل باختصاص إدارة قضايا الحكومة بأن تنوب عن الجهات المنصوص عليها في المادة السادسة من قانونها فيما يرفع من هذه الجهات أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً، لما كان ذلك, وكانت إدارة قضايا الحكومة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة مختصة بنص المادة السادسة المشار إليها بأن تنوب عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام، فإن هذه الإدارة تكون مختصة بأن تنوب عن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها دون حاجة لتفويض خاص في كل قضية، ومن ثم يكون الطعن الماثل قد رفع ممن يملك رفعه عن الهيئة، ويكون الدفع المبدى من النيابة في هذا الشأن قائماً على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه ببراءة ذمة مورث المطعون ضدهم من اشتراكات التأمين ومن فوائد التأخير المستحقة عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع على أنهم كانوا شركاء للمورث وليسوا عمالاً لديه واستدل على ذلك بعقد الشركة المبرم بين الطرفين في 1/ 5/ 1966 والثابت التاريخ في 25/ 1/ 1966 وبالحكم الصادر في الجنحة رقم 1453 لسنة 1966 قنا بتاريخ 8/ 5/ 1967 ببراءة المورث من تهمة عدم التأمين على المطعون ضدهما الثاني والرابع في 28/ 1/ 1966 - في حين أن المطعون ضده الثاني كان عاملاً لدى المورث، في 1/ 10/ 1965 وكان المطعون ضدهما الثالث والرابع عاملين لديه في 1/ 4/ 1964 واستمرت علاقة العمل بين الطرفين حتى قيام الشركة في 25/ 6/ 1969 وخروجهم منذ هذا التاريخ من نطاق تطبيق القانون رقم 63 لسنة 1964 باعتبارهم قد أصبحوا أصحاب عمل وانتفت عنهم صفة العامل. ولا حجية للحكم الجنائي سالف الذكر في نفى علاقة العمل بين الطرفين لأن الواقعة التي فصل فيها لاحقة على تاريخ إبرام عقد الشركة. وقد تمسكت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بحقها في اقتضاء اشتراكات التأمين وفوائد التأخير المستحقة عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع خلال الفترة من 1/ 4/ 1964 حتى تاريخ قيام الشركة في 25/ 6/ 1966 إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه لما كان المشرع قد أصدر القانون رقم 63 لسنة 1964 بقانون التأمينات الاجتماعية المعمول به اعتباراً من 1/ 4/ 1964 والذي يحكم واقعة الدعوى، ونص في مادته الثانية على أن (تسري أحكام هذا القانون على جميع العاملين وكذا المتدرجين منهم فيما عدا الفئات الآتية: (1) العاملين في الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة ووحدات الإدارة المحلية المنتفعين بأحكام قوانين التأمين والمعاشات. (2) العاملين في الزراعة إلا فيما يرد به نص خاص. (3) خدم المنازل. ولرئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير العمل وبعد موافقة مجلس الإدارة أن يصدر قراراً بسريان أحكام هذا القانون على الفئات الآتية كلها أو بعضها ويبين هذا القرار شروط وأوضاع لانتفاع بالتأمينات الاجتماعية وطريقة حساب الأجور والمزايا بالنسبة إلى هذه الفئات: (1)....... (2)...... (3) ذوي المهن الحرة والمشتغلون لحسابهم وأصحاب الحرف (4) أصحاب الأعمال أنفسهم) بما مفاده سريان أحكام هذا القانون على جميع العاملين عدا من نوهت عنهم تلك المادة ومن بينهم أصحاب لأعمال الذين يخرجون عن نطاق تطبيق القانون طالما لم يصدر في شأن سريان أحكامه بالنسبة لهم قرار بذلك من رئيس الجمهورية، وكان الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم قدم إلى الطاعنة استمارات موقعاً عليها منه بطلب الاشتراك لديها عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع بصفتهم عمالاً لديه اعتباراً من 1/ 10/ 1965 بالنسبة للمطعون ضده الثاني واعتباراً من 1/ 4/ 1964 بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع، وأنه في 8/ 5/ 1967 أخطر الطاعنة بانتهاء خدمتهم لديه بعد أن أصبحوا شركاء معه بمقتضى عقد الشركة المبرم في 1/ 5/ 1966 والثابت التاريخ في 25/ 5/ 1966 وخروجهم بذلك من نطاق تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، وكان الحكم الصادر في الجنحة رقم 1453 لسنة 66 قنا قد قضى ببراءة مورث المطعون ضدهم من تهمة عدم التأمين عن عماله استناداً إلى قيام عقد الشركة في 25/ 6/ 1966 وكانت الواقعة محل المحاكمة في 28/ 6/ 1966 بما لا يتأدى معه الاحتجاج به في النزاع حول علاقة العمل التي نشأت بين المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع وبين المورث قبل هذا التاريخ لما هو مقرر بنص المادة 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1966 من أن القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها وكان فصله فيها ضرورياً - لما كان ذلك فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة ذمة مورث المطعون ضدهم من اشتراكات التأمين وفوائد التأخير المستحقة عن المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع في الفترة السابقة على قيام عقد الشركة تأسيساً على أنهم كانوا شركاء للمورث ولم يكونوا عمالاً لديه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان الثابت بعقد الشركة أنها شركة توصية بسيطة وأن مورث المطعون ضدهم المدير المسئول عنها فجمع بين صفة الشريك في الشركة وصفة العامل بها ويتعين بالتالي إخضاعه لقانون التأمينات الاجتماعية. وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى استبعاده من نطاق تطبيق هذا القانون من تاريخ نشوء عقد الشركة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه لما كانت علاقة المدير الشريك المتضامن في شركة التضامن وفي شركة التوصية ليست - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - علاقة عمل وإنما علاقة شركة. وأن ما يحصل عليه من الشركة مقابل إدارته هو في حقيقته حصة من الربح وليس أجراً. وكان واقع الدعوى أن عقد الشركة الثابت التاريخ في 25/ 6/ 1966 تضمن الاتفاق بين مورث المطعون ضدهم وبين المطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع على إنشاء شركة توصية بسيطة يكون المورث مديرها ويتخذ اسمه عنواناً لها بما مفاده أن المورث كان مديراً للشركة وشريكاً متضامناً فيها ولم يكن عاملاً لديها ومن ثم لا يكون خاضعاً لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964. فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما ورد بالوجه الأول من سبب الطعن.

الطعن 243 لسنة 25 ق جلسة 31 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 134 ص 884

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباسي، ومحمود القاضي المستشارين.

---------------------------

(134)
الطعن رقم 243 سنة 25 القضائية

عمل "انحلال عقد العمل" "الفصل التعسفي".حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما لا يعد كذلك"."بيانات التسبيب" "كفاية الرد الضمني".
تقرير الحكم أن العامل إنما طالب بحق يعتقد أنه مهضوم وإنه لم يكن سيئ القصد يحمل الرد الضمني على ما تمسك به رب العمل مبرراً للفصل من عبارات وردت في صحيفة دعوى المطالبة اعتبرها رب العمل قذفاً في حقه وتعدياً عليه.
تحديد الحكم أن السبب الذي عرضه رب العمل في خطابه مبرراً لفصل العامل كان متقطع الصلة بمسلك هذا الأخير قبل رفع دعوى المطالبة وأنه كان النتيجة المباشرة لرفعه لها وتحصيله لأسباب سائغة أن الفصل كان بغير مبرر لا يصح النعي عليه بالخطأ في القانون أو القصور.

-----------------------
إذا كان يبين مما أورده الحكم الابتدائي وأقره الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استعرضت مستندات المطعون عليه الذي استدل بها على تعاونه مع الشركة وحسن مسلكه معها، كما استعرضت مستندات الطاعنة ووجهة نظرها في فصل المطعون عليه وهي أنه وقف موقفاً غير لائق نحو رؤسائه بمطالبته لهم جبراً بحقوق ليست له وأنه أصبح من الصعب التعاون بينه وبين الشركة كما جاء في خطاب الفصل، وخلصت من كل ذلك إلى أن السبب المباشر الذي حمل الطاعنة على فصل المطعون عليه هو رفعه للدعوى التي طالب فيها بفرق حصيلة النسبة المئوية التي يدفعها نزلاء الفندق ورواده، وأنه ليس في الأوراق أو أقوال الشهود ما يمس مسلك المطعون عليه بل إن فيها ما ينطق بحسن سيره وسلوكه مما يتنافى مع أقوال الشركة الطاعنة - وبذلك عرض الحكم المطعون فيه للأساس الذي عرضته الطاعنة في خطابها مبرراً للفصل، وحدد سبب الفصل بأنه كان منقطع الصلة بمسلك المطعون عليه قبل رفع الدعوى وأنه كان النتيجة المباشرة لرفع المطعون عليه دعوى المطالبة بفرق الحصيلة - فإنه لا يكون الحكم قد فسر عبارات خطاب الفصل تفسيراً غير سائغ - لما كان ذلك وكان ما قرره الحكم من أن المطعون عليه إنما طالب بحق يعتقد أنه مهضوم وأنه لم يكن من سيئ القصد يحمل الرد الضمني على ما تمسكت به الطاعنة مبرراً للفصل من عبارات وردت في صحيفة دعوى المطالبة اعتبرتها الطاعنة قذفاً في حق إدارتها وتعدياً على مديريها، وكان ما حصلته محكمة الموضوع من أن الشركة الطاعنة قد فصلت المطعون عليه بغير مبرر قد أسندته إلى أسباب سائغة، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون أو القصور يكون في غير محله.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه رفع الدعوى 1283 سنة 1953 كلي مصر - على شركة الفنادق الطاعنة قال فيها أنه عين مستخدماً لديها في سنة 1919 وظل يتدرج في وظائفها إلى أن وصل في سنة 1944 إلى وظيفة رئيس الاستعلامات بفندق الكونتننتال ثم نقل إلى وظيفة مماثلة بفندق سميراميس بمترب رمزي مقداره ثمانية جنيهات شهرياً بالإضافة إلى المرتب الحقيقي المعول عليه، وقد جرت العادة على أن يتقاضي من شغل هذه الوظيفة ستين بنطاً من حصيلة الـ 10% التي يدفعها نزلاء الفندق ورواده، إلا أن الشركة الطاعنة بدلاً من أن تعطيه ستين بنطاً من هذه الحصيلة كما جرت العادة كانت تعطيه خمسين بنطاً فقط، ولذلك طالب الشركة عدة مرات برفع حصته إلى ستين بنطاً. وقد ظل ينتظر رفع حصته على غير جدوى، ولذلك أقام الدعوى 1283 سنة 1953 كلي القاهرة طلب فيها الحكم بإلزام شركة الفنادق بأن تدفع له مبلغ 780 جنيهاً متجمد استحقاقه في هذه الحصيلة من أول ديسمبر سنة 1948 تاريخ مطالبته الأولى حتى 31 من مارس سنة 1953 وفوائده القانونية مع إلزامها بدفع ستين بنطاً من حصيلة الـ 10% والمصاريف والأتعاب والنفاذ. ودفعت الشركة الطاعنة هذه الدعوى بأن حق المدعي قاصر على خمسين بنطاً من حصيلة الـ 10% كما هو ثابت بعقد استخدامه وبلائحة الفندق وقد حرقا في حادث حريق 26 من يناير سنة 1952، وعلى أثر إعلان الشركة بصحيفة الدعوى في 9 من مارس سنة 1953 أرسلت الشركة خطابها في 18 من مارس سنة 1953 إلى المطعون عليه متضمناً فصله من عمله هذا نصه "بعد أن أعلنتم إلى شركتنا بتاريخ 9/ 3/ 1953 صحيفة دعواكم التي لا ترتكز على أساس من الصحة، ونظراً لموقفكم غير اللائق نحو رؤسائكم ترون أنه من الصعب التعاون بين شركتنا وبينكم. وقد أرسلنا خطابنا هذا لكم لنخطركم بالاستغناء عنكم اعتباراً من 30/ 4/ 1953" ولذلك أقام المطعون عليه دعوى ثانية قيدت برقم 1303 سنة 1953 كلي القاهرة على الشركة الطاعنة قال فيها أن الشركة فصلته من خدمتها على أثر رفع دعواه الأولى، وأن هذا الفصل يعد عملاً بالغ التعسف وقد ألحق به أضراراً مادية وأدبية، وطلب في صحيفته المعلنة إلى الشركة بتاريخ 4 من إبريل سنة 1953 الحكم بإلزامها بمبلغ 10615 ج و800 م تعويضاً له عن الفصل بلا مبرر، إذ أنه يبلغ من العمر حينذاك ستاً وخمسين. وكان يستطيع أن يعمل حتى الخامسة والستين، فتكون المدة الباقية في خدمته مائة وأربعة شهراً، وقد وصل مرتبه بإقرار الشركة إلى 102 ج و75 م، ولذلك فإنه يستحق المبلغ المطالب به تعويضاً طبقاً للمادة 39 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952، ودفعت الطاعنة هذه الدعوى بأن الفصل يرجع إلى استمرار المدعي "المطعون عليه" على الوقوف مواقف غير لائقة مع رؤسائه، مما تعذر معه التعاون معه في أداء العمل المنوط به وهو يتطلب قدراً من اللياقة والكياسة لم تعد تتوافر فيه، فضلاً عن انسياقه أخيراً نحو مطلب لا حق له فيه وهو الذي رفع به الدعوى الأولى، وقد أصدرت المحكمة الابتدائية قرارها في 28 من يونيه سنة 1953 بضم الدعويين للارتباط، وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن فصله من الخدمة كان بلا مبرر وأنه أصابه ضرر يقدر بالمبلغ المطلوب ولتثبت الطاعنة أن الاتفاق المعقود بينها وبين المطعون عليه يتضمن هو ولائحة الفندق أن استحقاق المطعون عليه في حصيلة الـ 10% هو 50 بنطاً ولينفي كل منهما ما يثبته الآخر بكافة الطرق بما فيها البينة. وبعد سماع شهود الطرفين أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 14/ 6/ 1954 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 250 ج والمصروفات المناسبة ورفض ما خالف ذلك من الطلبات، واستندت في قضائها إلى أن الطلب الخاص بفرق حصيلة الـ 10% لا أساس له من الصحة، وأما بالنسبة لطلب التعويض فقد رأت أن المستندات المقدمة من الشركة عن شكاوى وتصرفات وقعت من المطعون عليه لا تبرر الفصل وأن شهوده قد شهدوا بحسن سيره مما يجعل الفصل حاصلاً بسبب رفعه للدعوى الأولى ضد الشركة وهو في رفعها قد طالب بما يعتقده حقاً له ولم يكن سيء القصد في هذه المطالبة مما يجعل فصله بغير مبرر ويستوجب التعويض عن الضرر اللاحق به من هذا الفصل وقدرت التعويض بالمبلغ المحكوم به، استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف بجدولها برقم 824 سنة 71 ق طالباً الحكم له بفرق الحصيلة وبالتعويض وفق طلباته الأولى، كما استأنفته الطاعنة فرعياً طالبة إلغاء الحكم فيما يتعلق بالتعويض. وقيد استئنافها الفرعي برقم 1039 سنة 71 ق. وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في الاستئنافين بتاريخ 31 يناير سنة 1955 بقبولهما شكلاً. وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتعويض وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 600 ج والمصروفات المناسبة عن الدرجتين، وذلك للأسباب التي بني عليها الحكم الابتدائي ولما رأته المحكمة من رفع قيمة التعويض بما يتعادل مع الضرر، طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 21 من مايو سنة 1955، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 28 من أكتوبر سنة 1959، وفيها صممت الطاعنة على ما جاء بتقرير طعنها وأصرت النيابة على ما جاء بمذكرتها المتضمنة رفض الطعن، وأصدرت دائرة الفحص قرارها بتلك الجلسة بإحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لنظره بجلسة 10 من ديسمبر سنة 1959، وفيها صمم كل طرف على دفاعه كما أصرت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في السبب الأول والثاني منها على الحكم قصور تسبيبه ومخالفته للقانون وتقول في بيان ذلك. أولاً - إن الحكم أغفل الرد على دفاعها الأساسي فيما تضمنه من أن فصلها للمطعون عليه يرجع أصلاً إلى صعوبة التعاون معه بسبب ما ورد في عريضة دعواه الأولى من طعن وقذف في حق مجلس إدارة الشركة وتعد على مديريها بما نسبه إليهم من التعصب ضد المصريين وغمط حقوقهم - وأن هذه التعدي في ذاته مما يبرر الفصل طبقاً للفقرة العاشرة من المادة 40 من المرسوم بقانون 317 سنة 52 وأن الفصل لم يكن لمجرد رفع الدعوى بل لما تضمنته صحيفتها من عبارات القذف والسب الجارحة مما يصعب معه التعاون مع المطعون عليه. ثانياً - أن الحكم أثبت حصول شكاوى ضد المطعون عليه ولكنه أغفل ثبوت طعنه بالقذف في صحيفة دعواه رقم 1283 سنة 52 في حق إدارة الشركة وتعد على مديريها بنسبته غمط حقوق المصريين لإحلال الأجانب محلهم - كما أغفل الحكم ثبوت صعوبة التعاون بين الشركة والمطعون عليه. وهذا هو سبب الفصل كما يستفاد من مدلول خطاب الشركة، وقد أدى هذا القصور بالحكم إلى تأويل خاطئ لعبارة الخطاب بما يفيد أن سبب الفصل هو مجرد رفع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه قد ورد به ما يلي. "ومن حيث إنه بالنسبة لطلب التعويض عن الفصل التعسفي ويقدره المدعي بمبلغ 10615 جنيهاً و800 مليم فإن مبررات فصل المدعى عليها حصرتها بالخطاب المفصل المرسل له منها في 18/ 3/ 1953، وهي تخلص في أنها نسبت إلى المدعي أنه وقف موقفاً غير لائق نحو رؤسائه بمطالبته لهم جبراً بحقوق ليست له وأنه أصبح من الصعب التعاون بين الشركة وبين المدعي مع قيام هذه الظروف، ويبين من ذلك أن السبب المباشر الذي ارتكنت إليه الشركة في فصل المدعي هو رفعه هذه الدعوى. وأما ما قدمته المدعى عليها من مستندات لتبرير هذا الفصل على أساس عدم إمكان التعاون معه لسوء أخلاقه وسوء معاملته لنزلائه ورؤسائه، فإن هذه المستندات عبارة عن شكوى مقدمة في سنة 1948 من بعض زملاء المدعي بفندق كونتننتال بسوء معاملته لهم وأخرى في سنة 1950 من بعض السعاة إلى مدير فندق سميراميس لخلاف بينهم وبين المدعي على القومسيون والبقشيش، وكذا باقي الشكاوى المقدمة يبين من تواريخها أنها ترجع جميعاً إلى سنة 1948 وسنة 1950، ولو كانت هذه الشكاوى جدية أو محل اهتمام المدعى عليها لفصلته في وقت معاصر لها وإنما سكوتها حتى الآن دليل على عدم أهميتها وجديتها من ناحية الصالح العام للمنشأة، وأما عن خطاب حكمدار البوليس السياحي إلى مدير الفندق عن شكوى التراجمة الملحقين بالفندق من تدخل المدعي في شئونهم وتضررهم من ذلك فإنه لا يعدو سوى رجاء منه إلى الإدارة للتنبيه على المدعي بعدم التعرض لهم وأن يبلغ البوليس السياحي عن أية مخالفة تحدث منهم وهو مؤرخ 7/ 1/ 1953، وقد رد عليه المدعي بخطاب إلى المدعى عليها ينفي وجود هذا التعرض وأنه دائماً يساعدهم ولا يقصد من ذلك سوى تنظيم حركتهم لكثرة عددهم وأن سبب شكوى التراجمة من المدعي هو منعه لهم من دخول غرف "الفندق" أداء منه لواجبه وهذا الخطاب الصادر من الحكمدارية والرد عليه من المدعي لا يدلان على أن المدعي سيء السير والسلوك وأنه لا يمكن التعاون معه - يضاف إلى ذلك أن المدعي قدم عدة شهادات صادرة له من شركات مختلفة ومن بينها شهادة مؤرخة 28/ 2/ 1953 من رئيس مجلس إدارة ومدير عام شركة الفنادق المصرية وكلها ناطقة بحسن سيره وسلوكه وكفاءته، وذلك مما يتنافى مع ما نسبته إليه الشركة المدعى عليها، ويضاف إلى ذلك أن شهود المدعي شهدوا بأن المدعي حسن السير والسلوك ولم يبدر منه ما يبرر الفصل. ومن حيث إنه يبين من ذلك أن فصل المدعى عليها للمدعي لم يكن له مبرر قانوني، إذ أن السبب الأساسي كما هو ظاهر من الأوراق ومن كتاب الفصل هو رفع المدعي لدعوى المطالبة بفرق حصيلة 10% على أساس 60 بنطاً بدلاً من 50 ولا غبار عليه في المطالبة بحق يعتقد أنه مهضوم وأن غيره من نظرائه قد تمتع به كما يبين من خطاب مدير الشركة المدعى عليها المؤرخ 9/ 11/ 1948 للمدعي وأنه لم يكن سيء القصد في إقامة الدعوى سالفة الذكر لمجرد الإضرار بالمدعى عليها. وفي فصل الأخير لهذا السبب لكبت لحرية العمال في المطالبة بالطريق القانوني بحقوقهم المهضومة أي مما يعتقدون أنها مستحقة لهم كما يبين في الخطاب المرسل من المدعي إلى وزارة الشئون في سنة 1950 بخصوص المطالبة بهذه الحصيلة لتعامله الشركة كما عاملت سلفه، مما يدل على أن المدعي لم يكن سيء النية في هذه المطالبة". ويبين من هذا الذي أورده الحكم الابتدائي وأقره الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استعرضت مستندات المطعون عليه التي استدل بها على تعاونه مع الشركة وحسن مسلكه معها، كما استعرضت مستندات الطاعنة ووجهة نظرها في فصل المطعون عليه وهي أنه وقف موقفاً غير لائق نحو رؤسائه بمطالبته جبراً بحقوق ليست له وأنه أصبح من الصعب التعاون بينه وبين الشركة كما جاء في خطاب الفصل، وخلصت من كل ذلك إلى أن السبب المباشر الذي حمل الطاعنة على فصل المطعون عليه هو رفعه للدعوى التي طالب فيها بفرق حصيلة الـ 10%، وأنه ليس في الأوراق أو أقوال الشهود ما يمس مسلك المطعون عليه بل أن فيها ما ينطق بحسن سيره وسلوكه مما يتنافى مع أقوال الشركة الطاعنة. وبذلك عرض الحكم المطعون فيه للأساس الذي عرضته الطاعنة في خطابها مبرراً للفصل وحدد سبب الفصل بأنه كان منقطع الصلة بمسلك المطعون عليه قبل رفع الدعوى وأنه كان النتيجة المباشرة لرفع المطعون عليه دعوى المطالبة بفرق حصيلة الـ 10%، وعلى ذلك لا يكون الحكم قد فسر عبارات خطاب الفصل تفسيراً غير سائغ، كما أن ما قرره الحكم من أن المطعون عليه إنما طالب بحق يعتقد أنه مهضوم وأن غيره من نظرائه قد تمتع به وأنه لم يكن سيء القصد، هذا الذي قرره الحكم يحمل الرد الضمني على ما تمسكت به الطاعنة مبرراً للفصل من عبارات وردت في صحيفة دعوى المطالبة بفرق حصيلة الـ 10% اعتبرتها الطاعنة قذفاً في حق إدارتها وتعدياً على مديريها - ولما كان ذلك وكان ما حصلته محكمة الموضوع من أن الشركة الطاعنة قد فصلت المطعون عليه بغير مبرر قد أسندته إلى أسباب سائغة، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون أو بالقصور يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه أنه إذ اعتبر الفصل بلا مبرر قد أخطأ تطبيق القانون. ذلك أن الفصل هو استعمال لحق قانوني، ولا يعتبر استعمالاً غير مشروع إلا إذا تمخض للإضرار بالعامل أو تحقيق مصالح غير مشروعة أو قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب مع الضرر الحاصل منه طبقاً للمادة الخامسة من القانون المدني. وقد وقع الفصل لتحقيق مصلحة مشروعة كبيرة الأهمية هي مصلحة العمل في المنشأة. ولما قدرته الطاعنة من صعوبة التعاون مع المطعون عليه وهي صاحبة الرأي في هذا التقدير، ولم يقصد من ذلك مجرد الإضرار به.
وحيث إن هذا النعي مردود بما ورد في الحكم المطعون فيه من أن السبب الوحيد للفصل على ما سبق بيانه هو إقامة المطعون عليه الدعوى بفرق الحصيلة واطراح الحكم لما عداه من الأسباب الأخرى التي بررت بها الطاعنة فصل المطعون عليه. بما في ذلك ما ادعته الطاعنة من صعوبة التعاون بينها وبين المطعون عليه وهو الأمر الذي أقامت عليه هذا السبب من أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.

الطعن 2062 لسنة 51 ق جلسة 5 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 202 ص 1116

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري البشري نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، وعبد العزيز فوده، ومحمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.

-----------------------

(202)
الطعن رقم 2062 لسنة 51 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
اختصام بعض المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف دون توجيه طلبات إليهم وقوفهم من الخصومة موقفاً سلبياً وعدم الحكم لهم أو عليهم بشيء أثره عدم قبول الطعن بالنسبة لهم.
(2، 3، 4) قرار إداري. اختصام "اختصاص ولائي". دعوى. تعويض. قانون. ملكية أدبية "منع تداول المطبوعات".
(2) القرار الإداري. ماهيته الإجراء الذي لا يستند فيه مصدره إلى قانون أو قرار إداري يخوله سلطة القيام به هو عمل مادي. اختصاص القضاء العادي بنظر دعوى منع التعرض والتعويض على أساسه.
(3) مجمع البحوث الإسلامية. واجباته. متابعة ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات. سبيله إلى ذلك. إصدار التوصيات إلى العاملين في الهيئات العامة والخاصة والأفراد العاملين في مجال الثقافة الإسلامية. م 17 من اللائحة التنفيذية للقانون 103 لسنة 1961.
(4) مجلس الوزراء. اختصاصه بإصدار قرارات منع تداول المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام. م 30 ق 20 لسنة 1936.
(5، 6) محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه".
(5) محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
(6) عدم التزام محكمة الموضوع بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة.
(7، 8) دفوع "الدفع بعدم القبول". دعوى "الصفة".
(7) الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة. جواز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى. م 115 مرافعات.
(8) مجمع البحوث الإسلامية. شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيله في التقاضي م 8 ق 103 لسنة 1961.

-----------------------
1 - لما كان المطعون ضدهم من الثاني للأخير اختصموا في الاستئناف المرفوع من الطاعنين دون أن توجه لهم طلبات والتزموا من الخصومة موقفاً سليباً فلم تصدر عنهم منازعة أو يثبت لهم دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ومن ثم فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
2 - القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
3 - إذ كان الثابت من استقراء نصوص قانون الأزهر رقم 103 لسنة 61 أنها قد خلت مما يخول التحفظ على مثل الكتاب موضوع النزاع وإنما فقط جاء في نص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانوني المذكور الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1957 في بيان واجبات مجمع البحوث الإسلامية ما نصت عليه الفقرة السابعة في المادة سالفة الذكر من تتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات في الداخل والخارج للانتفاع بها بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد، ونص في عجز هذه المادة على أن للمجمع في سبيل تحقيق أهدافه وفي حدود اختصاصه أن يصدر توصيات إلى العاملين في مجال الثقافة الإسلامية من الهيئات العامة والخاصة والأفراد.
4 - أجاز قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 لمجلس الوزراء أن يمنع من التداول في مصر المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام ونصت المادة 30 من ذات القانون على ضبط المطبوعات في حالة مخالفة ما سلف.
5 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
6 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة.
7 - الدفع بعدم القبول لانتفاء الصفة يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص المادة 115 من قانون المرافعات.
8 - نصت المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 على أن تكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة ونصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أن شيخ الأزهر هو الذي يمثل الأزهر كما نصت المادة الثامنة منه على أن الأزهر يشمل هيئة مجمع البحوث الإسلامية ومؤدى ذلك أن شيخ الأزهر صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية في التقاضي وأن وزير الأوقاف الطاعن الثاني ليست له هذه الصفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 7066 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بمنع تعرض الطاعنين له في نشر كتاب "نظرات في الدين" في مواجهة المطعون ضدهما الرابع والخامس وإلزامهما بالمصاريف وبإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بأن يدفعوا له مبلغ 251 ج، على سند من القول بأن المباحث العامة أمرت بعدم بيع الكتاب المذكور بناء على خطاب من إدارة البحوث الإسلامية وأن المطعون ضدهما الثاني والثالث امتنعا عن نشر ما طلبه منهما في خصوص ما وقع، وبتاريخ 27/ 1/ 1980 قضت محكمة أول درجة بمنع تعرض الطاعنين له في نشر كتاب "نظرات في الدين" وذلك في مواجهة المطعون ضدهما الرابع والخامس وإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 251 ج - استأنف المطعون ضده الأول الحكم كما استأنفه الطاعنان وقيد الاستئنافان برقمي 1661، 1701 سنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 5/ 1981، قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الأول وقبوله شكلاً بالنسبة للمطعون ضده الأول وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير فهو سديد ذلك أنهم اختصموا في الاستئناف المرفوع من الطاعنين دون أن توجه لهم طلبات والتزموا من الخصومة موقفاً سلبياً فلم تصدر عنهم منازعة أو يثبت دفاع ولم يحكم لهم أو عليهم بشيء ومن ثم فإن اختصامهم في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما سلف قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بني على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن الأول بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن ما صدر منه بصفته من تحفظ على الكتاب موضوع النزاع كان له سنده في قانون الأزهر ولائحته التنفيذية ونظرية الضبط الإداري ولعدم حصول المطعون ضده الأول على ترخيص سابق بالنشر طبقاً لقانون المطبوعات وبالتالي لا يعتبر عملاً مادياً وإنما يعتبر قراراً إدارياً بالتحفظ ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر النزاع للمحاكم الإدارية دون القضاء العادي، وإذا قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي على أساس أن ما صدر من الطاعن عمل مادي يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القرار الإداري الذي لا تختص جهة القضاء العادي بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ذلك القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه مصلحة عامة - لما كان ذلك - وكان الثابت من استقراء نصوص قانون الأزهر رقم 103 لسنة 1961 أنها قد خلت مما يخول التحفظ على مثل الكتاب موضوع النزاع وإنما فقط جاء في نص المادة 17 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1957 في بيان واجبات مجمع البحوث الإسلامية ما نصت عليه الفقرة السابعة من المادة سالفة الذكر من تتبع ما ينشر عن الإسلام والتراث الإسلامي من بحوث ودراسات في الداخل والخارج للانتفاع بها بما فيها من رأي صحيح أو مواجهتها بالتصحيح والرد، وقد نص في عجز هذه المادة على أن للمجمع في سبيل تحقيق أهدافه وفي حدود اختصاصه أن يصدر توصيات إلى العاملين في مجال الثقافة الإسلامية من الهيئات العامة والخاصة والأفراد - كذلك فإن قانون المطبوعات رقم 20 لسنة 1936 قد أجاز لمجلس الوزراء أن يمنع من التداول في مصر المطبوعات المثيرة للشهوات وكذلك المطبوعات التي تتعرض للأديان تعرضاً من شأنه تكدير السلم العام، ونصت المادة 30 من ذات القانون على ضبط المطبوعات في حالة مخالفة ما سلف، وإذ خلت الأوراق مما يدل على صدور قرار من مجلس الوزراء بمنع الكتاب محل النزاع من التداول، وكان الطاعن الأول قد قام بضبط الكتاب المذكور بناء على خطاب مجمع البحوث الإسلامية الذي لا يملك قانوناً أكثر من التوصية المشار إليها آنفاً ولا يوجد في قانون المطبوعات ما يحول الطاعن الأول سلطة التحفظ على الكتاب خاصة وأنه لم يصدر قرار من مجلس الوزراء بمنعه من التداول فإن الإجراء الذي اتخذه الطاعن الأول بالتحفظ على الكتاب موضوع النزاع لم يكن مستنداً فيه إلى قانون أو قرار إداري بالمعنى السابق تحديده يخوله سلطة القيام به ومن ثم لا يعدو هذا الإجراء أن يكون عملاً مادياً والدعوى بمنع التعرض وبالتعويض على أساسه تكون من اختصاص القضاء العادي، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون والنعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لا يقوم على أساس سليم.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون، وبياناً لذلك يقول إنه أوضح في دفاعه أن الكتاب احتوى على ما يسئ إلى الإسلام والتشكيك في المبادئ التي يقوم عليها مما يتوافر معه المبرر للتحفظ الذي ليس فيه مساس بحرية الرأي، وهذه الحرية ليست مطلقة بل يتعين أن يكون في حدود القانون، ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بعدم مشروعية التحفظ على الكتاب موضوع النزاع دون ما رد منه على دفاعه سالف البيان مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور في التسبيب مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ أن الحكم المطعون فيه بعد أن جرد الإجراء الذي اتخذه الطاعن الأول بالتحفظ على الكتاب من أية صفة إدارية باستخلاص واقعي سائغ وله سنده في الأوراق وتكييف قانوني للواقع صحيح منتهياً إلى أنه عمل مادي لا يستند إلى قانون فإنه لا يكون ملزماً ببحث ما أثاره الطاعن في نعيه لأنه على فرض صحته لا يخول الطاعن بمجرده سلطة اتخاذ هذا الإجراء بل يتعين أن يكون قد صدر من مجلس الوزراء المختص قرار بمنع الكتاب من التداول وإذ خلا دفاع الطاعن من التحدي بصدور مثل هذا القرار فإنه يكون غير منتج في الدعوى، والمحكمة غير ملزمة بالرد عليه لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالرد على دفاع غير جوهري لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم إذ في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الكافي المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في نعيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً غير جائز أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن الثاني ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول بياناً لذلك إن الحاضر عنه دفع في المذكرة المقدمة منه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له لأنه لا يمثل الأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية ومع ذلك رفض الحكم هذا الدفع بمقولة إن جدلاً حول الصفة لم يثر أمام محكمة أول درجة أو بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة مما يعتبر تنازلاً عن الدفع المذكور وهذا من الحكم مخالفة لصحيح القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها عملاً بنص المادة 115 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الحاضر عن الطاعن الثاني دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة له لأن شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية وانتهى الحكم إلى أن إدارة قضايا الحكومة تمثل وزارة الأوقاف وشيخ الأزهر وقد حضر ممثلها طوال نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وأن عدم إثارة الدفع أمامها أو في صحيفة الاستئناف أو بالجلسة أمام محكمة ثاني درجة مفاده النزول الضمني عن التمسك بالدفع وهذا من الحكم رد غير صحيح في القانون لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 103 لسنة 1961 نصت على أن يكون للأزهر شخصية معنوية عربية الجنس ويكون له الأهلية الكاملة للمقاضاة، ونصت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون المذكور على أن شيخ الأزهر هو الذي يمثل الأزهر، كما نصت المادة الثامنة منه على أن الأزهر يشمل هيئة مجمع البحوث الإسلامية، ومؤدى ذلك أن شيخ الأزهر هو صاحب الصفة في تمثيل مجمع البحوث الإسلامية في التقاضي وأن وزير الأوقاف للطاعن الثاني ليست له هذه الصفة ويكون الدفع المبدى على أساس سليم من القانون ويتعين نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب.

الطعن 234 لسنة 25 ق جلسة 31 / 12 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 133 ص 879

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------------

(133)
الطعن رقم 234 لسنة 25 القضائية

(أ) إعلان "كيفية الإعلان".
عدم إيجاب الم 12 مرافعات على المحضر إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان. غاية ما تطلبته إرسال المحضر الإخطار في الميعاد المنصوص عليه فيها وإثباته في محضره قيامه بإرسال هذا الإخطار في الميعاد.
إغفال إرفاق إيصال الإخطار الموصى عليه لا ينفي واقعة الإخطار في ذاتها.
(ب) حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما يعد كذلك".
استخلاص الحكم المتناقض مع صراحة نص العقد وعدم تبيانه العناصر التي استند إليها في عدوله عنه يعيبه بالقصور. مثال في بيع.

--------------------------
1 - المادة 12 من قانون المرافعات إذ نصت على أنه "يجب على المحضر أن يرسل إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة وعلى المحضر أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" فإنها لم توجب على المحضر إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان وغاية ما تطلبته أن يرسل المحضر الإخطار في الميعاد المنصوص عليه فيها وأن يثبت في محضره قيامه بإرسال هذا الإخطار في الميعاد وإذن فليس في إغفال إرفاق إيصال الإخطار الموصى عليه ما ينفي واقعة الإخطار في ذاتها.
2 - إذا كان عقد البيع الصادر من المورث قد نص فيه على أن ثمن العقار المبيع هو من مال أولاده المشترين المخلف لهم عن والدتهم، وكان مفاد هذا النص أن الثمن هو نصيب المشترين في هذا المال المخلف لهم عن والدتهم، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن هذا المال هو كل ما تركته المورثة، وكان ما استخلصه الحكم يتناقض مع صراحة عقد البيع ولم يبين العناصر التي استند إليها في عدوله عن النص الواضح في العقد، فإنه يكون مشوباً بقصور التسبيب بما يستوجب نقضه.


المحكمة

من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن الطاعنة جميلة سليمان جوهر أقامت الدعوى رقم 321 سنة 1947 كلي الجيزة على المطعون عليهم الثاني والثالثة والرابعة طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي الصادر لها منهم بتاريخ 7/ 2/ 1944 والمتضمن بيعهم لها حصة مقدارها 9 قراريط و14 سهماً شيوعاً في كامل أرض وبناء الدور الأول من المنزل رقم 4 بشارع مراحق ابن عامر وحصة قدرها 4 قراريط و33 سهماً شيوعاً في مباني الدور الثاني في نفس المنزل مقابل ثمن قدره 550 جنيهاً مع إلزامهم بالمصاريف وأتعاب المحاماة - وأثناء نظر الدعوى تدخل المطعون عليه الأول في الخصومة منضماً إلى باقي إخوته في طلب رفض الدعوى - ثم رفع الدعوى رقم 43 سنة 1950 كلي الجيزة طالباً الحكم بتثبيت ملكيته لـ 3 قراريط و10 أسهم من 12 قيراطاً من كامل أرض وبناء الدور الأول مؤسساً دعواه على أن والده المرحوم محمد صابر كان مديناً لوالدته المرحومة نرجس محمد خلف الله بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه وأن والده كان غاضباً عليه بسبب سجنه بليمان طره فباع لأولاده منها نصف المنزل بثمن قدره 1500 جنيه وقد نص في العقد على أن الثمن دفع من مال والدتهم في ذمته، ومن ثم يكون نصف المنزل تركة عن والدته ما دام أن ثمنه قد دفع من مالها. وأثناء سير الخصومة رفع المدعى عليهم في الدعوى رقم 321 دعوى فرعية طلبوا فيها الحكم بفسخ عقد البيع الصادر منهم إليها مؤسسين دعواهم على أن هذا العقد ملحق بعقد الصلح الذي ورد فيه أن إخلال المدعية بالتزاماتها يؤدي إلى فسخ عقد البيع وأن المدعية أخلت بالتزاماتها وذلك بعدم دفعها أتعاب المحاماة. وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1953 قضت المحكمة بضم الدعويين وأصدرت فيهما حكماً واحداً قضى فيما تعلق بالدعوى رقم 321 لسنة 1947 بصحة ونفاذ عقد البيع وبرفض الدعوى الفرعية المقامة من المدعى عليهم وبرفض الدعوى رقم 43 لسنة 1951 مؤسسة قضاءها فيما يتعلق بالدعويين الأصلية والفرعية على أن العقد صحيح ومستوف الأركان أقر فيه المدعى عليهم بقبض الثمن وأنه بإمكانهم المطالبة بالحقوق التي يرتبها لهم عقد الصلح بدعوى مستقلة وأن حق الفسخ بموجب عقد الصلح متروك للمدعية وفيما تعلق بالدعوى رقم 43 لسنة 1951 على أن ادعاء المطعون عليه الأول بأن نصف المنزل يعتبر تركة عن والدته فهو قول غير سديد إذ أن حقه لو صح يتعلق بنصيبه في المال الذي خلفته والدته وأما نصف المنزل فلم يكن تركة. فاستأنف إبراهيم محمد صابر هذا الحكم، وفي 28/ 2/ 1955 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوع الدعوى رقم 321 بتعديل الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع لحصة وقدرها 6 قراريط و4 أسهم على الشيوع من كامل أرض وبناء الدور الأول وفي الدعوى المقامة من المستأنف رقم 43 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المستأنف إلى 3 قراريط و10 أسهم على الشيوع في المنزل المذكور مستندة في قضائها إلى أن المورث وقد رغب في إبراء ذمته من مال أولاده الذي دخل في ذمته باع نصف المنزل إلى أربعة منهم متجاهلاً المستأنف الذي كان يقضي عقوبة بالسجن، وأن في تصرفه هذا قد حرمه من حقه الشرعي في ميراث والدته، وأن عقد البيع صريح الدلالة في أن المورث قد استبدل المال المخلف عن الوالدة بالعقار وأنه قام بهذا الإجراء بصفته الولي الشرعي على أولاده فلم يكن له أن يحرم الطاعن من حقه الشرعي مما يجعل المستأنف مستحقاً لحصة في العقار تعادل حصته في التركة - ثم قررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحصر الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المعينة لنظره أبدت النيابة رأيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهما الثالثة والرابعة وبالنسبة للموضوع صممت على ما ورد بمذكرتها من طلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهما الثالثة والرابعة يتلخص في أن المحضر وإن كان قد أثبت في محضر إعلانهما بتقرير الطعن أنه أرسل لكل منهما إخطاراً موصى عليه بتسليم الصورة لجهة الإدارة إلا أنه لم يرفق بالمحضر إيصالي الخطابين الموصى عليهما والمتضمنين هذا الإخطار.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن المادة 12 من قانون المرافعات إذ نصت على أنه يجب على المحضر أن يرسل إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار كتاباً موصى عليه يخبره فيه أن الصور سلمت لجهة الإدارة وعلى المحضر أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته فإنها لم توجب على المحضر إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه بأصل الإعلان وغاية ما يتطلبه نص المادة أن يرسل المحضر الإخطار في الميعاد المنصوص عليه فيها وأن يثبت في محضره قيامه بإرسال هذا الإخطار في الميعاد وليس في إغفال ربط إيصال الإخطار الموصى عليه ما ينفي واقعة الإخطار ذاتها.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب وتقول في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف افترضت في أسباب حكمها أن الثمن الذي تضمنه عقد 10 سبتمبر سنة 1927 ومقداره 1500 جنيه هو كل ما تركته المورثة نرجس محمد خلف الله وقرر أن هذا المبلغ استبدل به العقار المبيع ورتب على ذلك أن العقار أصبح تركة عن المورثة يستحق فيه المطعون عليه الأول نصيبه الشرعي في حين أنه لم يكن في أوراق الدعوى ما يفيد أن مبلغ الـ 1500 جنيه هو كل ما تركته المورثة وأن العقد المشار إليه صريح الدلالة في أن المبلغ المذكور هو من مال المشترين المخلف لهم عن والدتهم.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يتبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار نصف المنزل تركة عن المورثة نرجس على ما يأتي: "وحيث إنه من الثابت من الإقرار المسلم من المرحوم محمد صابر للسيد أحمد زكي الذي كان العقد المذكور مودعاً لديه أن المرحوم محمد صابر أقر أنه قبض ثمن القدر المبيع البالغ 1500 جنيهاً من مال أولاده المشترين المخلف لهم عن والدتهم المرحومة نرجس كما يتبين من مفاد التحقيقات التي قامت بها المحكمة في الدعوى 1222 سنة 37 كلي مصر أن المورثة المذكورة تركت مالاً وعقاراً ومصوغات استولى عليها جميعها زوجها المرحوم محمد صابر بحكم أنه الولي الطبيعي على أولاده منها وأن المورث المذكور إذ رغب في إبراء ذمته من مال أولاده الذي دخل في ذمته عمد إلى بيع نصف المنزل لأربعة منهم متجاهلاً المستأنف الذي كان وقت صدور ذلك العقد يقضي العقوبة المحكوم عليه بها وبذلك يكون بتصرفه هذا قد اتجه إلى حرمان المستأنف من حقه الشرعي في ميراث والدته وهو أمر مخالف للشرع والقانون معاً وترى المحكمة أن العقد المصدق عليه في 10 سبتمبر سنة 1927 صريح الدلالة أن المورث المرحوم محمد صابر استبدل المال المخلف عن المرحومة مورثة المستأنف بالعقار المبين بالعقد وقد قام المرحوم بهذا الإجراء بصفته الولي على أولاده فلم يكن له أن يحرم المستأنف من حقه الشرعي في ميراث والدته والذي تحول من المال الذي خلفته إلى المنزل موضوع الدعوى". ولما كان عقد البيع المؤرخ في 10 سبتمبر قد تضمن كما هو ثابت من الحكم المطعون فيه أن الثمن وقدره 1500 جنيه هو من مال أولاده المشترين المخلف لهم عن والدتهم وكان مفاد هذا النص أن الثمن هو نصيب المشترين في المال المخلف لهم عن والدتهم - وكان الحكم إذا قرر أن البائع قد استبدل المال المخلف عن الوالدة بالعقار يكون قد انتهى إلى أن هذا المال هو كل ما تركته المورثة وكان ما استخلصه الحكم يتناقض مع صراحة عقد البيع ولم يبين العناصر التي استند إليها في عدوله عن النص الواضح في العقد المذكور - لما كان ذلك فإن الحكم يكون مشوباً بقصور التسبيب مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب.

الطعن 766 لسنة 16 ق جلسة 25 / 6 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 86 ص 629

جلسة 25 من يونيه سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي، المستشارين.

--------------------------

(86)

القضية رقم 766 لسنة 16 القضائية

عاملون مدنيون. معاش. مدة خدمة سابقة.
اعتبار مدرسي التعليم الحر الذين ضموا إلى وزارة التربية والتعليم ولا يحملون مؤهلاً في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في عمل فني - مدة الخمس السنوات المذكورة هي مدة خدمة فعلية أخذت في الاعتبار - وجوب حسابها في المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 - بيان ذلك.

---------------------------
إن القانون رقم 250 لسنة 1959 بحساب مدد العمل السابقة في المعاش والمعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 يقضي بأن تحسب في المعاش بالنسبة إلى الموظفين الذين تسري عليهم أحكام القوانين أرقام 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929، 394 لسنة 1956 مدد العمل السابقة التي قضيت في غير الحكومة أو الهيئات ذات الميزانيات المستقلة التي يتقرر ضمها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة طبقاً لقرار رئيس الجمهورية الصادر بتاريخ 20 فبراير سنة 1958 أو طبقاً لأية قوانين أو قرارات أخرى..
ومن حيث إنه ثابت أن الوزارة عند ضم المطعون ضده إلى خدمتها في أول ديسمبر سنة 1950 قد سوت حالته بضم مدة عمله في التعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 إلى أول ديسمبر سنة 1950 في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة. وآية ذلك أنها عينته على الدرجة الثامنة بدلاً من الدرجة التاسعة المقررة للمؤهل الحاصل عليه وهو ابتدائية الأزهر مستنده في ذلك إلى احتساب خمس سنوات من مدة عمله السابق كمدة خبرة فنية بديلة عن المؤهل المقرر للتعيين على تلك الدرجة تطبيقاً للقواعد التي قررها المجلس الأعلى للتعليم الحر والتي تقضي باعتبار مدرس التعليم الابتدائي الذين ضموا لوزارة التربية والتعليم في درجات مماثلة لدرجات الكادر الحكومة واعتبار من لا يحمل مؤهلاً منهم في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في عمل فني تطبيقاً لكادر سنة 1939. ثم حددت الوزارة أقدمية المطعون ضده في تلك الدرجة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1938 أي بعد أن استبعدت من الأقدمية في تلك الدرجة مدة السنوات الخمس المشار إليها وبذلك تكون مدة عمل المطعون ضده السابقة في التعليم الحر قد روعيت بأكملها عند تسوية حالته، إذ حسبت الوزارة جزءاً منها مقداره خمس سنوات في تقدير الدرجة التي عينته عليها وحسبت باقي المدة في أقدمية تلك الدرجة ومن ثم فلا اعتداد بما ذهبت إليه الجهة الإدارية في طعنها من أن المدة من أول أكتوبر سنة 1933 حتى أول أكتوبر سنة 1938 اعتبرت عنصراً من عناصر الصلاحية في التعيين ولم تحسب في أقدمية الدرجة ذلك أن تلك المدة وهي مدة خدمة فعلية قضاها المطعون ضده في التعليم الحر لم تهدر عند تسوية حالته وإنما أخذت في الاعتبار وحسبت في تقدير الدرجة التي عين عليها وبذلك توفر بشأنها الشرط المقرر لحسابها في المعاش بالتطبيق للقانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 وهي أن تكون تلك المدة قد تقرر ضمها في تقدير الدرجة.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1226 لسنة 22 القضائية ضد وزارة التعليم العالي والهيئة العامة للتأمين والمعاشات بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 16 من يونيه سنة 1968 وطلب فيها الحكم باستحقاقه ضم مدة خدمته السابقة من أول أكتوبر سنة 1933 حتى أول أكتوبر سنة 1938 في معاشه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لدعواه أنه عمل في التعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 حتى ضم إلى وزارة التربية والتعليم في ديسمبر سنة 1950 وكان مشتركاً عن هذه المدة في صندوق التأمين والادخار وأن هذه المدة حسبت له في المعاش طبقاً للقانون رقم 394 لسنة 1956 وصدر قرار بذلك في 29 من يناير سنة 1963 وأن وزارة التعليم العالي قامت بالخصم من راتبه لسداد الأقساط المستحقة عن حساب هذه المدة في المعاش وأنه في 11 من أكتوبر سنة 1967 اعترضت هيئة التأمين والمعاشات على حساب تلك المدة كلها واستبعدت منها خمس سنوات بمقولة أنه قضاها كمدة خبرة بديلة عن المؤهل التربوي طبقاً للمنشور الدوري رقم 79 لسنة 1965 الذي ينص على أن مدد العمل التي يجوز حسابها في المعاش هي المدد التي تكون روعيت في أقدمية الدرجة والمرتب وهذا لا يتأتى إلا بالتعيين في غير أدنى الدرجات أو في أدني الدرجات ولكن بمرتب أكبر وبأقدمية تميزه عن زملائه. فإذا كان التعيين في أدني الدرجات وبأول مربوط الدرجة دون أقدمية تميزه عن زملائه فلا تحسب مدة الخدمة السابقة في المعاش أما إذا كانت مدة الخبرة روعيت في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة فإنه يجوز حساب هذه المدة في المعاش.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأنها حسبت للمدعي المدة من أول أكتوبر سنة 1938 إلى أول ديسمبر سنة 1951 في المعاش وقبل المدعي سداد المستحق عنها على أقساط حتى تاريخ بلوغه الستين ولكن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات رأت تعديل المدة الاعتبارية المحسوبة في المعاش وإضافة السنوات الخمس البديلة للمؤهل أي حساب المدة في المعاش من أول أكتوبر سنة 1933 وبناء على ذلك عدلت قيمة القسط وحصلت منه الفروق غير أن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات عدلت عن رأيها ورأت أن تحسب المدة من أول أكتوبر سنة 1938 بدلاً من أول أكتوبر سنة 1933 ورد الفروق المستحقة إليه طبقاً للتعليمات دون أن تبين أسباب عدولها عن رأيها الأول ثم أضافت إدارة قضايا الحكومة في مذكرة دفاعها أن المدعي كان يعمل في التعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 حتى تاريخ ضم موظفي التعليم الحر إلى خدمة وزارة التربية والتعليم في أول ديسمبر سنة 1950 واستمرت خدمته حتى أحالته إلى المعاش في 24 من أغسطس سنة 1967 وقد صدر قرار المجلس الأعلى للتعليم باعتبار المدة من سنة 1933 حتى سنة 1938 هي المدة البديلة للمؤهل وأنه يشترط لحساب المدة الاعتبارية في المعاش أن تضم أولاً أقدمية الدرجة المرتب وهو ما لم يحدث بالنسبة إلى المدعي ومن ثم فإن سلك الهيئة العامة للتأمين والمعاشات يكون سليماً مطابقاً للقانون.
وبجلسة 29 من يونيه سنة 1970 قضت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعي في حساب المدة من أول أكتوبر سنة 1933 إلى أول أكتوبر سنة 1938 ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وبشرط سداد الأقساط المستحقة عليه كاحتياطي معاشه عن هذه المدة، وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 يقضي بحساب مدد العمل السابقة في المعاش إذا تقرر ضمها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة طبقاً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 أو طبقاً لأية قوانين أو قرارات أخرى وأنه نظراً لأن المدعي حاصل على ابتدائية الأزهر سنة 1927، وهي تؤهله للتعيين في الدرجة التاسعة وعند تسوية حالته وضمه للوزارة اعتبر في الدرجة الثامنة من أول أكتوبر سنة 1938 بعد خمس سنوات خبرة وهي سنوات عمل فعلية في وظائف التدريس من أول أكتوبر سنة 1933 إلى أول أكتوبر سنة 1938 ومن ثم تكون هذه المدة قد روعيت في تقدير الدرجة والمرتب للمدعي طبقاً لقرارات ضم موظفي التعليم الحر للوزارة وبالتالي يتعين حساب هذه المدة في المعاش بالتطبيق لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قضى بحساب المدة المشار إليها في المعاش استناداً إلى أنها روعيت في تقدير الدرجة والمرتب والحال أنها لم تحسب على هذا الوجه بل كانت شرطاً للتعيين في الدرجة الثامنة ابتدءاً من أول أكتوبر سنة 1938 وبديلاً عن المؤهل المطلوب للتعيين في هذه الدرجة ومن ثم فإن هذه المدة وقد اعتبرت عنصراً من عناصر الصلاحية في التعيين ولم تعتبر مدة أقدمية ولم تحسب في أقدمية الدرجة وبالتالي فلا يجوز حسابها ضمن المدة المحسوبة في المعاش وذلك تطبيقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962.
ومن حيث إنه تبين من الأوراق أن المطعون ضده حصل على ابتدائية الأزهر سنة 1927 ثم عمل في التعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 إلى أن ضم مع معلمي مدرسة التربية والحديثة الابتدائية التابعة لمنطقة القاهرة إلى خدمة وزارة التربية والتعليم اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1950 وسويت حالته عند الضم بتعيينه بالدرجة الثامنة بأقدمية فيها من أول أكتوبر سنة 1938 بعد خصم خمس سنوات من مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر كبديل عن المؤهل المطلوب للتعيين في تلك الدرجة: ثم تقدم المطعون ضده في 14 من ديسمبر سنة 1959 بطلب حساب مدة عمله بالتعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 حتى أول ديسمبر سنة 1950 ضمن مدد خدمته المحسوبة في المعاش وذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 فقامت الوزارة في 5 من مارس سنة 1960 بحساب مدد عمله السابقة في المعاش على أساس أن التاريخ الافتراضي لدخوله الخدمة هو أول أكتوبر سنة 1938 أي بعد استبعاد خمس سنوات من تلك المدد مقابل المؤهل المطلوب للتعيين في الدرجة الثامنة وقام المطعون ضده بسداد الأقساط المقررة طبقاً لهذه التسوية. وفي 29 من يناير سنة 1963 أرسلت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات إلى وزارة التربية والتعليم كتاباً تفيد به أن ضم المطعون ضده وأقرانه إلى وزارة التربية والتعليم مع مراعاة تسوية حالاتهم على الدرجة الثامنة لمن حصل منهم على الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها على أساس منح الدرجة الثامنة بعد خمس سنوات من تاريخ التعيين بالتعليم الحر لا يعني إسقاط تلك السنوات الخمس من خدمة التعليم الحر وهي مدة خدمة فعلية لم يتطرق إليها المشرع بالحذف عند ضم التعليم الحر للتعليم العام اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1950 فإنها ترى حساب مدة الخمس سنوات المشار إليها ضمن مدد الخدمة التي يجوز حسابها في المعاش وفقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962. وعند انتهاء خدمة المطعون ضده قامت الوزارة بتسوية معاشة باعتبار أن مدة خدمته تبدأ من أول أكتوبر سنة 1933، إلا أن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات طلبت بكتابها الموجه للوزارة في 16 من أكتوبر سنة 1967 إعادة تقدير المستحق عن المدة الاعتبارية للمطعون ضده باعتبارها تبدأ من أول أكتوبر سنة 1938 بدلاً من أول أكتوبر سنة 1933 ورد الفروق المستحقة مستندة في ذلك إلى الكتاب الدوري رقم 79 لسنة 1965 في شأن أعمال قواعد القانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 والذي يشترط لاحتساب المدة في المعاش أن يكون قد سبق احتسابها في أقدمية الدرجة والمرتب.
ومن حيث إن القانون رقم 250 لسنة 1959 بحساب مدد العمل السابقة في المعاش والمعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 يقضي بأن تحسب في المعاش بالنسبة إلى الموظفين الذين تسري عليهم أحكام القوانين أرقام 5 لسنة 1909، 37 لسنة 1929، 394 لسنة 1956 مدد العمل السابقة التي قضيت في غير الحكومة أو الهيئات ذات الميزانيات المستقلة التي يتقرر ضمها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة طبقاً لقرار رئيس الجمهورية الصادر بتاريخ 20 فبراير سنة 1958 أو طبقاً لأية قوانين أو قرارات أخرى..
ومن حيث إنه ثابت أن الوزارة عند ضم المطعون ضده إلى خدمتها في أول ديسمبر سنة 1950 قد سوت حالته بضم مدة عمله في التعليم الحر من أول أكتوبر سنة 1933 إلى أول ديسمبر سنة 1950 في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة. وآية ذلك أنها عينته على الدرجة الثامنة بدلاً من الدرجة التاسعة المقررة للمؤهل الحاصل عليه وهو ابتدائية الأزهر مستندة في ذلك إلى احتساب خمس سنوات من مدة عمله السابق كمدة خبرة فنية بديلة عن المؤهل المقرر للتعيين على تلك الدرجة تطبيقاً للقواعد التي قررها المجلس الأعلى للتعليم الحر والتي تقضي باعتبار مدرسي التعليم الحر الذين ضموا لوزارة التربية والتعليم في درجات مماثلة لدرجات الكادر الحكومي واعتبار من لا يحمل مؤهلاً منهم في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في عمل فني تطبيقاً لكادر سنة 1939. ثم حددت الوزارة أقدمية المطعون ضده في تلك الدرجة اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1938 أي بعد أن استبعدت من الأقدمية في تلك الدرجة مدة السنوات الخمس المشار إليها وبذلك تكون مدة عمل المطعون ضده السابقة في التعليم الحر قد روعيت بأكملها عند تسوية حالته، إذ حسبت الوزارة جزءاً منها مقداره خمس سنوات في تقدير الدرجة التي عينته عليها وحسبت باقي المدة في أقدمية تلك الدرجة ومن ثم فلا اعتداد بما ذهبت إليه الجهة الإدارية في طعنها من أن المدة من أول أكتوبر سنة 1933 حتى أول أكتوبر سنة 1938 اعتبرت عنصراً من عناصر الصلاحية في التعيين ولم تحسب في أقدمية الدرجة ذلك أن تلك المدة وهي مدة خدمة فعلية قضاها المطعون ضده في التعليم الحر لم تهدر عند تسوية حالته وإنما أخذت في الاعتبار وحسبت في تقدير الدرجة التي عين عليها وبذلك توفر بشأنها الشرط المقرر لحسابها في المعاش بالتطبيق للقانون رقم 250 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1962 وهي أن تكون تلك المدة قد تقرر ضمها في تقدير الدرجة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد أصاب الحق ويكون الطعن الموجه إليه قد بني على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة بمصروفاته.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً: برفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية بمصروفاته.

الطعن 290 لسنة 49 ق جلسة 2 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 201 ص 1111

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل البناوي.

--------------------

(201)
الطعن رقم 290 لسنة 49 القضائية

(1) شفعة "إجراءات الشفعة".
ميعاد الخمسة عشر يوماً المسقط لحق الشفيع في إعلان رغبته في الشفعة. بدء سريانه من تاريخ إنذاره رسمياً من البائع أو المشتري بوقوع البيع. علمه بذلك بأي طريق آخر لا يغني عن الإنذار. المادتان 940، 941 مدني.
(2) حكم "ما لا يعد قصوراً".
إغفال الحكم الرد على الدفاع الذي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح. لا قصور.
(3) إرث. شهر عقاري.
انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة. تمامه بمجرد الوفاة. عدم شهر حق الإرث. جزاؤه. منع شهر تصرف الوارث في حق من هذه الحقوق. م 13 ق 114 لسنة 1946.

-----------------------------
1 - مفاد نص المادتين 940، 941 من القانون المدني - وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لهذا القانون - أن الإجراء الوحيد الذي ينفتح به ميعاد الخمسة عشر يوماًُ المسقط لحق الشفيع إذا لم يعلن خلاله رغبته في الأخذ بالشفعة هو إنذاره رسمياً من البائع أو المشتري بوقوع البيع وبالبيانات المشار إليه "بيان العقار والثمن"، ولا يغني عنه ثبوت علم الشفيع بذلك بأي طريق آخر.
2 - متى كان دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
3 - نص المادة 13 من القانون رقم 114 لسنة 46 بتنظيم الشهر العقاري، مفاده أن المشرع لم يعلق انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة على إشهار حق الإرث كما هو الحال بالنسبة لتسجيل التصرفات العقارية فظل انتقال حقوق المورث إلى الورثة بمجرد الوفاة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية وانحصر جزاء عدم شهر حق الإرث على منع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2692 سنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث طالباً الحكم بأحقيته في أخذ العقار المبين بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل ما أودعه خزانة المحكمة من ثمن ومصروفات وقال بياناً للدعوى إن الطاعن اشترى الأرض المبينة بالصحيفة من المطعون ضدها الثانية والثالث بالعقد المسجل برقم 1025 سنة 1977 القاهرة، وأنه لما كان مالكاً لعقار ملاصق لهذه الأرض فقد أعلنهم برغبته في الشفعة بتاريخ 16، 19/ 3/ 1977 ثم أودع الثمن والمصاريف خزانة المحكمة في 9/ 4/ 1977 وأقام دعواه للحكم له بطلباته. بتاريخ 25/ 2/ 1978 قضت المحكمة له بطلباته، فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2024 سنة 95 ق طالباً إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً بسقوط حق المطعون ضده الأول في الأخذ بالشفعة، ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى، بتاريخ 18/ 12/ 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه بتاريخ 17/ 2/ 1977 أعلن المطعون ضده الأول بإنذار أخبره فيه بالبيع وبرقم عقد شرائه المسجل مما يتيح له العلم بكافة بيانات هذا البيع، وإذ قام على أثر ذلك بتقديم طلب للشهر العقاري بتاريخ 3/ 3/ 1977 تضمن كافة بيانات الصفقة محل طلب الشفعة فإنه يكون من هذا التاريخ قد ثبت علمه اليقيني بهذه الصفقة وينفتح به ميعاد سقوط حقه في الأخذ بالشفعة الذي اكتمل بانقضاء يوم 17/ 3/ 1977 قبل إعلان الرغبة إلى الطاعن الحاصل في 19/ 3/ 1977، وإذ رفض الحكم المطعون فيه الدفع بسقوط حق المطعون ضده الأول تأسيساً على بطلان الإنذار المعلن إليه من الطاعن لخلوه من بيان الثمن وأنه لا يعتد بعلم الشفيع علماً يقينياً بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 210 من القانون المدني على أنه "على ما يريد الأخذ بالشفعة أن يعلن رغبته فيها إلى كل من البائع والمشتري خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإنذار الرسمي الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري وإلا سقط حقه...." وفي المادة 941 منه على أن "يشتمل الإنذار الرسمي المنصوص عليه في المادة السابقة على البيانات الآتية وإلا كان باطلاً: ( أ ) بيان العقار..... (ب) بيان الثمن......" مفاده - وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لهذا القانون - أن الإجراء الوحيد الذي ينفتح به ميعاد الخمسة عشر يوماً المسقط لحق الشفيع إذا لم يعلن خلاله رغبته في الأخذ بالشفعة، هو إنذاره رسمياً من البائع أو المشتري بوقوع البيع وبالبيانات المشار إليه، ولا يغني عنه ثبوت علم الشفيع بذلك بأي طريق آخر. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان الإنذار الموجه من الطاعن إلى المطعون ضده الأول لخلوه من بيان الثمن وإنه لذلك لا ينفتح به ميعاد سقوط الحق في طلب الشفعة، وأنه لا أثر في هذا الخصوص لعلم الشفيع اليقيني بذلك البيان من طريق اطلاعه على عقد البيع، ورتب على ذلك رفض الدفع بالسقوط، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم ملكية المطعون ضده الأول للعقار المشفوع به لأن كونه أحد ورثة زوجته المالكة أصلاً لهذا العقار لا يجعله مالكاً فيه طالما لم يشهر حق الإرث وبالتالي لا يكون هذا العقار سنداً له في طلب الأخذ بالشفعة، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع يكون معيباً بالقصور مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له. وكان النص في المادة 13 من القانون رقم 114 سنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري من أنه "يجب شهر حق الإرث بتسجيل شهادات الوراثة الشرعية أو الأحكام النهائية أو غيرها من السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة إذا اشتملت على حقوق عينية عقارية وذلك بدون رسم وإلى أن يتم هذا التسجيل لا يجوز شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق" مفاده أن المشرع لم يعلق انتقال الحقوق العقارية من المورث إلى الورثة على إشهار حق الإرث كما هو الحال بالنسبة لتسجيل التصرفات العقارية فظل انتقال حقوق المورث إلى الورثة بمجرد الوفاة طبقاً لقواعد الشريعة الإسلامية وانحصر جزاء عدم شهر حق الإرث على منع شهر أي تصرف يصدر من الوارث في حق من هذه الحقوق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن العقار المشفوع به كان مملوكاً لمورثة المطعون ضده الأول الذي أصبح مالكاً لحصة شائعة فيه بوفاة هذه المورثة من قبل حصول البيع المشفوع فيه، فإن النعي عليه بالقصور لعدم تعرضه لدفاع الطاعن المؤسس على عدم إشهار المطعون ضده حق إرثه، يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور استند في قيام التلاصق بين العقار المشفوع به والعقار المشفوع فيه إلى القول بأن ذلك ثابت من البيانات المساحية الصادرة من مكتب الشهر العقاري عن العقار المشفوع فيه ومن الخريطة المساحية، وهو استخلاص غير صحيح إذ ليس في بيانات الشهر العقاري ولا في الخريطة المساحية ما يفيد ذلك، ومن ثم يكون قد خالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة عدم قبول النعي المفتقر إلى الدليل، وكان الطاعن لم يقدم صورة رسمية من ورقة البيانات المساحية الصادرة من الشهر العقاري عن العقار المشفوع فيه، ولا الخريطة المساحية، وهما سنده في الادعاء بأن الحكم المطعون فيه قد خالف الوارد بهما، فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 161 لسنة 49 ق جلسة 2 / 12 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 200 ص 1108

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد؛ إبراهيم زغو.

------------------------

(200)
الطعن رقم 161 لسنة 49 القضائية

حيازة "دعوى الحيازة".
عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق. مخالفة ذلك. أثره. سقوط الادعاء بالحيازة بمجرد رفع دعوى الحق ولو أعقبه ترك الخصومة فيها. الاستثناء. وقوع الاعتداء على الحيازة بعد رفع دعوى أصل الحق.

---------------------------
من المقرر وفقاً لصريح الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة، وهذا السقوط مرده أن التجاء المدعي لرفع الدعوى بأصل الحق حين يقع اعتداء على حيازته يعد تسلماً ضمنياً بحيازة خصمه وتنازلاً عن الحماية التي قررها القانون لها بما يستتبع أن يكون هذا السقوط مترتباً على مجرد رفع الدعوى بأصل الحق ولو أعقبه ترك الخصومة فيها، ما لم يكن العدوان على الحيازة قد وقع من بعد رفع دعوى أصل الحق فحينئذ يجوز للحائز أن يرفع دعوى الحيازة مع قيام الدعوى بأصل الحق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7658 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهم قال شرحاً لها إنه بتاريخ 5/ 7/ 1972 اشترت المرحومة...... الشقة المبينة بصحيفة الدعوى من المطعون ضده الخامس بصفته، ثم قامت بتأجيرها إلى الطاعن على أن يقوم بسداد أقساط عن شرائها خصماً من الأجرة المستحقة عليه، وفي شهر فبراير سنة 1974 تزوج السيدة المذكورة بعقد عرفي واتفقا على أن تظل الشقة سالفة البيان على وضعها السابق الاتفاق عليه، وبتاريخ 24/ 3/ 1974 تحرر عقد مشاركة بينه وبين زوجته آنفة الذكر تنازلت له بمقتضاه عن ملكية ثلثي تلك الشقة نظير سداده لباقي ثمنها إلى الشركة البائعة. ويضيف الطاعن أنه أثناء سفره إلى عمله خارج الجمهورية دخل المطعون ضدهم الأربعة الأول الشقة المذكورة عنوة واستولوا على ما بها من أثاث رغم وضع يده عليها كمستأجر ثم مالكاً بعد ذلك، وخلص في صحيفة افتتاح دعواه إلى طلب الحكم بصفة مستعجلة برد حيازته لشقة النزاع وفي الموضوع بتثبيت ملكيته لثلثي الشقة المذكورة، وبجلسة 7/ 2/ 1978 قرر الطاعن أنه يقصر طلباته على طلب رد حيازته لشقة النزاع باعتباره طلباً موضوعياً، دفع المطعون ضده الرابع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في الادعاء بالحيازة عملاً بالمادة 44 من قانون المرافعات، ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية قضت بجلسة 28/ 3/ 1978 بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 327 سنة 95 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت بجلسة 30/ 11/ 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول إنه وإن كانت المادة 44/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة، إلا أن هذا النص مقيد بما ورد في المادتين 143، 144 من قانون المرافعات، ذلك أنه يجب لكي يسقط حق المدعى في الادعاء بالحيازة أن يستمر على المطالبة بأصل الحق، أما إذا استعمل المدعي الحق المخول له في ترك الخصومة وفقاً للمادة 143 مرافعات، أو ترك إجراء أو ورقة من أوراق المرافعات طبقاً للمادة 144 مرافعات، فإنه يترتب على ذلك أما إلغاء صحيفة دعوى المطالبة بالحق أو اعتبار الإجراء كأن لم يكن على ما تقضي به المادتان 143، 144 سالفتى الذكر. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يعمل الأثر المترتب على ترك الطاعن الخصومة بالنسبة لأصل الحق، ورتب على ذلك الحكم بعدم قبول دعوى الحيازة المرفوعة منه مع دعوى أصل الحق، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن من المقرر وفقاً لصريح الفقرة الأولى من المادة 44 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة، وهذا السقوط مرده أن التجاء المدعي لرفع الدعوى بأصل الحق حين يقع اعتداء على حيازته يعد تسليماً بحيازة خصمه وتنازلاً عن الحماية التي قررها القانون لها بما يستتبع أن يكون هذا السقوط مترتباً على مجرد رفع الدعوى بأصل الحق ولو أعقبه ترك الخصومة فيها، ما لم يكن العدوان على الحيازة قد وقع من بعد رفع دعوى أصل الحق فحينئذ يجوز للحائز أن يرفع دعوى الحيازة مع قيام الدعوى بأصل الحق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون لا أساس له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.