الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 436 لسنة 36 ق جلسة 15 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 75 ص 488

جلسة 15 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

--------------

(75)
الطعن رقم 436 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض "حالات الطعن". قوة الأمر المقضي.
الطعن في الحكم بطريق النقض لمخالفته حكماً آخر. شرطه. أن يكون الحكم السابق صادراً في ذات النزاع بين الخصوم أنفسهم، وحائزاً قوة الأمر المقضي. دعوى صحة التوقيع. تختلف موضوعاً عن دعوى صحة ونفاذ العقد.
(ب) حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً". قوة الأمر المقضي.
التمسك بحجية الحكم. لا يعد دفاعاً جوهرياً طالما أنه ليست له هذه الحجية إغفال المحكمة الإشارة إليه. لا يعد قصوراً.
(ج) إثبات. "الإقرار غير القضائي". نقض "مسائل الواقع".
التمسك بالدلالة المستمدة من الإقرار. من مسائل الواقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(د) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن". إثبات "البينة".
خطأ المحكمة في إسناد أقوال الشاهد لشاهد آخر. لا يؤدي لنقض الحكم طالما أن هناك أدلة أخرى تكفي لحمله.
(هـ) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "القرائن". نقض "مسائل الواقع".
لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير القرائن. استناد المحكمة لأقوال الشهود دون القرائن. مسألة موضوعية عدم جواز إثارتها أمام محكمة النقض.

----------------
1 - يشترط لقبول الطعن في الحكم لمخالفته حكما آخر، أن يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في نزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته، بين الخصوم أنفسهم، وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، وإذ كان الحكم المقبول بصدور الحكم المطعون فيه على خلافه قد أقتصر على القضاء بصحة التوقيع على عقد البيع، فلا يتعدي أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن هذا العقد، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد الصلح والتخارج فإن موضوع كل من الدعويين يكون مختلفا عن الآخر.
2 - متى كان الحكم الصادر في الدعوى السابقة - بين ذات الخصوم - ليست له حجية في النزاع المعروض، وكان التمسك به لا يعتبر دفاعا جوهريا قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن إغفال المحكمة الإشارة إليه لا يعيب حكمها بالقصور في التسبيب أو بالإخلال بحق الدفاع.
3 - إغفال الحكم المطعون فيه للدلالة المستمدة من إقرار مورثه المطعون عليها لما ورد بمحضر حصر التركة، لإتمام الحصر في حضورها دون اعتراض منها، واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على الأسباب التي أخذت بها محكمة أول درجة والتي لم تكن محل نعي من الطاعن، وأضاف إليها أقوال شاهدي الطاعن، وكانت هذه الأقوال تتفق مع ما قرره أحدهما في محضر التحقيق، فإن خطأ المحكمة في إسناد هذه الأقوال للشاهد الآخر - الذي شهد بأنه لا يعرف شيئاً - لا يؤدي إلى نقض الحكم لقيامه على أدلة أخرى تكفي لحمله.
5 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير القرائن التي لم يحدد القانون حجيتها، ولها وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ومن ثم فإن المجادلة في أخذها بأقوال الشهود دون القرائن لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية في تقديرها للأدلة المقدمة إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المرحومة عنبرية علام - مورثة المطعون عليهم الخمسة الأولين - أقامت الدعوى رقم 10 سنة 1957 كلي قنا ضد الطاعن والمطعون عليهما السادسة والسابعة تطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد التخارج المؤرخ 27/ 6/ 1946 المبرم بينها وبين المرحوم عبد الرحيم علام - مورث المدعى عليهم - في تركة والدهما المرحوم علام إبراهيم مقابل الأموال الموضحة فيه وهي 2 ف شيوعاً في أربعة أفدنة و150 ذاعاً شيوعاً في 300 ذارع ونخلتان شيوعاً في أربع نخلات، وقالت شرحاً للدعوى إن والدها المرحوم علام إبراهيم توفى عنها وعن أختها زكية وأخيهما عبد الرحيم علام وأنها تخارجت بمقتضى العقد المذكور من تركة والدها واختصت بالأموال سالفة الذكر ووضعت اليد عليها من تاريخ التعاقد، وحدث بعد وفاة أخيها أن اغتصب ورثته من هذا النصيب مساحة قدرها 23 ط فأقامت ضدهم الدعوى رقم 1114 سنة 1951 نجع حمادي للمطالبة بريعها فقضى برفضها ابتدائياً بحجة تزوير عقد التخارج، ثم ألغى الحكم في الاستئناف وقضى بعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى على أساس أن قيمة العقد المدعى تزويره تدخل في نصاب المحكمة الابتدائية، ومن ثم فقد أقامت الدعوى الحالية بالطلبات السابقة، وأنكر المدعى عليهم صدور العقد من مورثهم وسلكوا طريق الإدعاء بالتزوير، وفي 4/ 4/ 1960 حكمت المحكمة بسقوط إدعاء المطعون عليها السادسة بصفتها بالتزوير وبتغريمها 25 جنيهاً وبقبول إدعاء الطاعن بالتزوير شكلاً وقبول الشاهد الأول من شواهده وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مدعي التزوير بكافة الطرق أن مورثه لم يوقع ببصمة ختمه على العقد المدعى تزويره وأن بيومي محمد عوض زوج المدعية تسلم ختم المورث المذكور عقب وفاته واختلس بصمته الموضوعة على العقد ولتنفي المدعية ذلك بذات الطرق، ثم عادت في 23/ 6/ 1962 وقضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مدعي التزوير أن العقد لم ينفذ بوضع اليد واستغلال العين من تاريخ صدوره حتى وفاة مورثه ولتنفي المدعية ذلك وتثبت العكس، وبعد تنفيذ هذين الحكمين بسماع شهود الطرفين حكمت المحكمة في 28/ 11/ 1964 برفض الإدعاء بالتزوير وتغريم الطاعن 25 جنيهاً وبصحة العقد المطعون فيه، واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 20 سنة 40 قضائية، وبتاريخ 5/ 6/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يقدم المطعون عليهم مذكرة بدفاعهم، وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه فصل في النزاع الحالي خلافاً لحكم آخر صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن جده المرحوم علام إبراهيم باع إلى عبد الرحيم علام - مورث الطاعن - 9 ف و20 ط و8 س بمقتضى عقد مؤرخ 2/ 2/ 1944 وقضى بصحة توقيع البائع على هذا العقد في الدعوى رقم 1104 سنة 1946 نجع حمادي التي أقامها المورث ضد المرحومة عنبرية علام وباقي ورثة البائع، وبذلك أصبحت تركة الجد علام إبراهيم 4 أفدنة فقط يخص مورث الطاعن منها فدانان ويخص كلاً من عمتيه عنبرية وزكية فدان واحد، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة عقد التخارج فإنه يكون قد خالف الحكم السابق، إذ أن الفدانين المحكوم بهما لمورثة المطعون عليهم الخمسة الأول يدخل فيها فدان من القدر المحكوم به لمورثه في الدعوى 1104 سنة 1946 نجع حمادي، ويضيف الطاعن أنه قدم لمحكمة الموضوع عقد البيع موضوع الدعوى السابقة وصورة رسمية من صحيفتها ومن الحكم الصادر فيها ولكن المحكمة التفتت عنها كما التفتت عما أشار إليه الحكم الصادر في دعوى الريع رقم 1114 سنة 1951 نجع حمادي من أن حصر تركة مورثه قد تم في حضور مورثه المطعون عليهم الخمسة الأولين وأن هذه التركة تتضمن القدر الذي اشتراه من والده والقدر الذي آل إليه بالميراث في الأربعة أفدنة التي بقيت للمورث الأصلي، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع وجاء مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أنه يشترط لقبول الطعن في الحكم لمخالفته حكما آخر أن يكون الحكم المطعون فيه قد فصل في نزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر في النزاع ذاته بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم فيه، ولما كان الحكم الصادر في الدعوى 1104 سنة 1946 نجع حمادي المقول بصدور الحكم المطعون فيه على خلافه قد اقتصر على القضاء بصحة توقيع الجد على عقد البيع الصادر منه لمورث الطاعن فلا يتعدي أثره إلى صحة التزامات الطرفين الناشئة عن العقد، بينما قضي الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد الصلح والتخارج المبرم بين مورث الطاعن وأختيه بالنسبة لنصيب إحداهما، ومن ثم فإن موضوع كل من الدعويين يكون مختلفا عن الآخر ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه على غير أساس، ومتى كان الحكم الصادر في الدعوى السابقة ليست له حجية في النزاع الحالي وكان التمسك به لا يعتبر دفاعاً جوهرياً قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن إغفال المحكمة الإشارة إليه لا يعيب حكمها بالقصور في التسبيب أو بالإخلال بحق الدفاع، وما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الدلالة المستمدة من إقرار مورثة المطعون عليهم الخمسة الأولين لما ورد بمحضر حصر تركة مورثه لإتمام الحصر في حضورها دون اعتراض منها، واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول إن الحكم عول في قضائه بصحة عقد التخارج على ما قرره الشاهد حامد عبد الغني في محضر جلسة 10/ 11/ 1962 من أنه علم بحصول التخارج وباختصاص مورثه المطعون عليهم الخمسة الأولين بالقدر الوارد به في حين أنه بالرجوع إلى المحضر المشار إليه يبين أن الشاهد أقر بأنه لا يعرف شيئاً عن التخارج المدعى به وهذا خطأ في الإسناد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد جاء به في هذا الخصوص قوله "وحيث إن الحكم المستأنف في محله للأسباب الواردة به والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتضيف إليها أن ما ورد بصحيفة الاستئناف قد ردت عليه محكمة أول درجة بما فيه الكفاية خصوصاً وأن شاهدي الطاعن حامد عبد الغني وعبد الله فراج أقرا بمحضر تحقيق جلسة 10/ 11/ 1962 بحصول التخارج بين المرحومة عنبرية علام وأخيها عبد الرحيم علام واختصاصها بالقدر الوارد بعقد التخارج وأن الثابت أنها أجرتها أولاً لخليفة محمود ثم أجرتها لزوجها في حياة أخيها وأنها كانت تحصل الإيجار الأمر الذي يؤكد صحة الورقة المطعون عليها بالتزوير" ويبين من ذلك أن الحكم أقام قضاءه على الأسباب التي أخذت بها محكمة أول درجة والتي لم تكن محل نعي من الطاعن وأضاف إليها أقوال حامد عبد الغني وعبد الله فراج شاهدي الطاعن وإذ كانت الأقوال تتفق مع ما قرره أحدهما في محضر التحقيق فإن خطأ المحكمة في إسناد هذه الأقوال للشاهد الآخر لا يؤدي إلى نقض الحكم لقيامه على أدلة أخرى تكفي لحمله، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه بنى دفاعه بتزوير العقد على أن ختم المورث كان في حوزة المطعون عليه الأول زوج المرحومة عنبرية الصادر لصالحها العقد وأنه هو الذي سلم الختم لمعاون محكمة الأحوال الشخصية لكسره بعد أن أقر بأنه إذا ظهرت أوراق استعمل فيها هذا الختم تكون لاغية، واستدل على ذلك بالحكم رقم 1114 سنة 1951 نجع حمادي الثابت به اطلاع المحكمة على ملف تركة مورثه وأن تركته تتضمن 12 ف، عشرة منها بالشراء من والده علام إبراهيم والباقي بالميراث، ولما كانت تركة المورث الأصلي 14 ف وأن نصيب كل من بنتيه زكية وعنبرية فدان واحد فقط وكان المطعون عليه الأول قد حضر جرد تركة مورث الطاعن ولم يعترض على ما ثبت به رغم توقيعه على عقد التخارج المدعي بتزويره فإن أخذ الحكم المطعون فيه بأقوال الشهود في هذا الصدد وقضاءه بصحة العقد بالرغم من الأدلة السابقة مما يعيبه بالخطأ والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن استخلص من أقوال الشهود حصول التخارج واختصاص مورثة المطعون عليهم بنصيبها الوارد به أورد في خصوص ما يثيره الطاعن في هذا السبب قوله "إنه وقد ثبت وجود هذا العقد أثناء حياة المورث وتنفيذه بوضع يد المرحومة عنبرية علام فلم يكن هناك حاجة لذكره في الإقرار المحرر في 9/ 4/ 1965 الصادر من زوجها ومن ثم يكون ما يثيره المستأنف (الطاعن) استناداً إلى هذا الإقرار في غير محله" كما أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه أسبابه بعد أن أثبت أن أقوال شاهدي الطاعن لا تدل بذاتها على واقعة اختلاس بصمة ختم المورث بعد وفاته علل عدم قيام زوج المدعية بتقديم العقد لمعاون المحكمة الحسبية بأنه "عقد قديم تحرر حال حياة المورث واقترن بالتنفيذ وبوضع اليد فأصبح لا لزوم لإبرازه وإثابته وأنه إذا كان زوج عنبرية قد وجد معه ختم المورث فليست كل ورقة تظهر بعد الوفاة تؤول على أنها مصطنعة" ومن ذلك يبين أن محكمة الموضوع قد عرضت لدفاع الطاعن وأجرت الموازنة بين الأدلة المطروحة في الدعوى ثم انتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى الأخذ بأقوال الشهود لاطمئنانها إليها ودللت على ذلك بأسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهت إليه، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في تقدير القرائن التي لم يحدد القانون حجيتها وكان لها وهي تباشر سلطتها في تقدير الأدلة أن تأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، فإن المجادلة في أخذها بأقوال الشهود دون القرائن لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية في تقديرها للأدلة المقدمة إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي على الحكم بفساد الاستدلال على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 443 لسنة 36 ق جلسة 15 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 74 ص 482

جلسة 15 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

------------

(74)
الطعن رقم 443 لسنة 36 القضائية

إعلان. "الإعلان لجهة الإدارة" بطلان. "بطلان الإعلان".
الإعلان لجهة الإدارة. وجوب إثبات المحضر بالإعلان البيان الخاص بإخطار المعلن إليه بطريق البريد الموصى عليه. عدم جواز تكملة النقض بورقة الإعلان بدليل مستمد من غير الورقة ذاتها.

---------------
حتمت المادة 12 من قانون المرافعات السابق على المحضر في حالة تسليم الإعلان إلى جهة الإدارة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، وقد حرص المشرع على أن يذيل هذه المادة بأنه يجب على المحضر "أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" وهو ما يفيد أن المشرع أراد من المحضر أن يثبت تفصيلاً الخطوات التي يتخذها في إتمام إجراءات الإعلان لضمان وصول ورقة الإعلان إلى المعلن إليه أو وصول الإخطار بمكان وجودها إن لم تصل إليه، وحتى يكون في هذا التفصيل رقابة على المحضر فيما يباشره من إجراءات يترتب على إتمامها آثار قانونية مختلفة، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحضر اكتفى بتحرير عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام" وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة، كما لا تفيد عبارة سركي عام أن الإخطار تم بطريق الكتاب الموصى عليه، وكان الحكم قد رتب على هذا النقص بطلان الإعلان، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه للقول بأنه كان على المحكمة أن تطلع على السركي العام بقلم المحضرين حتى تتبين منه أن الإخطار أرسل إلى المعلن إليه بطريق الكتاب الموصى عليه، ذلك أنه لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكملة النقص الموجود بورقة الإعلان بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة إقبال حسن رضا بصفتها حارسة قضائية على العقار رقم 83 شارع بوالينو أقامت الدعوى رقم 65 سنة 1964 مدني كلي الإسكندرية ضد محمد كامل بدوي تطلب فيها اعتبار الحكم الصادر في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية باطلاً وعديم الأثر. وقالت في بيان دعواها إنها كانت قد طالبت المدعى عليه بالأجرة المستحقة عن العقار الذي أقيمت حارسة عليه، وذلك في المدة من مايو إلى أكتوبر سنة 1963 بواقع إيجار الشهر الواحد 84 ج و360 م، إلا أنه أعلنها في 22 أكتوبر سنة 1963 بحكم صادر في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية بتاريخ 25/ 6/ 1963 ضد عارف جمال جوركي الحارس القضائي السابق ويقضى بتخفيض أجرة المبنى المؤجر إلى 56 ج و250 م شهرياً في حين أن صفة هذا الحارس كانت قد زالت عنه بالحكم الصادر بعزله في 13/ 2/ 1973، كما أنها تبينت من ملف تلك الدعوى أن المحكمة قضت بشطب الدعوى بتاريخ 2/ 12/ 1962 بعد أن كان الخبير الذي ندبته قد أودع تقريره، ولما قام المستأجر بتحديد السير فيها أعلن الحارس السابق لجلسة 12/ 2/ 1963، ولكن الحارس المذكور تخلف عن الحضور فقضت المحكمة في 16/ 3/ 1963 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الحارس ما كان قد دفع به الدعوى من أن الخبير لم يلتفت إلى التحسينات القائمة بالعين المؤجرة إلا أن هذا الحكم لم يعلن إلى الحارس السابق ولم يعلن به حتى صدر الحكم في موضوع الدعوى، وإذ كانت إجراءات الخصومة السابقة على الحكم في الموضوع بتخفيض الأجرة قد انقطعت بزوال صفة الحارس السابق وتعيين السيد بدوي بدلاً منه بالحكم الصادر في الدعوى المستعجلة 5051 سنة 1962 الإسكندرية ثم استبدالها بهذا الأخير بموجب الحكم الصادر في الاستئناف بتاريخ 13/ 4/ 1963، حيث قامت بإخطار جميع المستأجرين بخطابات موصى عليها مؤرخة 29/ 4/ 1963 بتعيينها حارسة، وكان المدعى عليه قد تجاهل ذلك كله، حتى صدر الحكم بالتخفيض، فإن الإجراءات تكون باطلة ويمتد هذا البطلان إلى الأحكام الصادرة بناءً عليها سواء أكانت هذه الأحكام قطعية أم صادرة قبل الفصل في الموضوع، ثم عدلت المدعية طلباتها سالفة الذكر إلى اعتبار الدعوى اعتراضاً على الحكم رقم 682 سنة 1960 بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة تطبيقاً لنص المادة 450 مرافعات وأسست اعتراضها على أمرين أولهما إهمال الحارس السابق إهمالاً جسيماً بعدم متابعته الدعوى وإحضار الشهود لإثبات دفاعه تنفيذاًَ لحكم الإحالة إلى التحقيق، وثانيهما وقوع الغش من المدعى عليه بسكوته عن إخطار المحكمة بزوال صفة الحارس السابق رغم إخطار الحارسة الجديدة له بذلك، وطلبت المدعية إزاء ذلك قبول اعتراضها وإعادة الخصومة من جديد، وبتاريخ 16/ 12/ 1965 حكمت المحكمة بعدم قبول الاعتراض وتغريم المعترضة خمسمائة قرش، واستأنفت المعترضة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 149 سنة 22 ق، وبتاريخ 6/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي ذهب في نفي علم الحارس السابق بالحكم الصادر بالتحقيق إلى أن هذا الحكم لم يعلن لا لشخص الحارس ولا في موطنه وإنما أعلن في مواجهة الإدارة ودون أن يوجه إليه خطاباً مسجلاً وفقاً لحكم القانون، ورغم أن الطاعنة أظهرت لمحكمة الاستئناف خطأ ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية استناداً إلى ما أثبته المحضر على ورقة إعلان حكم التحقيق من أنه وجد منزل المطلوب إعلانه مغلقاً ثم أثبت في اليوم التالي وعلى ذات الورقة أنه أعلنه في مواجهة مأمور قسم محرم بك، كما أثبت في ركن من ورقة الإعلان عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام"، وهو ما يفيد إتمام إخطار الحارس السابق وعلمه بهذا الإعلان، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر استناداً إلى أن عبارة الإخطار التي أثبتها المحضر على ورقة الإعلان لا يتضح منها من هو المقصود بها، هذا بالإضافة إلى أن المادة 12 من قانون المرافعات أوجبت على المحضر في هذا الحالة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن الصورة سلمت لجهة الإدارة إلا أن المحضر اكتفى بإثبات عبارة تفيد استنتاجاً قيامه بإجراء الإخطار دون أن يبين الطريقة التي نفذ بها هذا الإخطار، وانتهى الحكم من ذلك إلى تقرير صحة ما انتهى إليه الحكم الابتدائي في هذا الصدد وهو منه استلال فاسد لأن الإخطار لا يكون ألا للمعلن إليه دون حاجة لإعمال الاستنتاج كما أن عبارة سركي عام التي أضافها المحضر إلى عبارة أخطر في 30/ 4/ 1963 تشير إلى السركي المخصص لإخطار جميع الموجه إليهم الخطابات الموصى عليها طبقاً للنظام المتبع في قلم المحضرين، وأنه كان على المحكمة أن تطلب الاطلاع على هذا السركي.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أن المادة 12 من قانون المرافعات السابق المنطبق على واقعة الدعوى حتمت على المحضر في حالة تسليم الإعلان إلى جهة الإدارة توجيه كتاب موصى عليه إلى المعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه أن الصورة سلمت إلى جهة الإدارة، وقد حرص المشرع على أن يذيل هذه المادة بأنه يجب على المحضر "أن يبين كل ذلك في حينه بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته" وهو ما يفيد أن المشرع أراد من المحضر أن يثبت تفصيلاً الخطوات التي يتخذها في إتمام إجراءات الإعلان لضمان وصول ورقة الإعلان إلى المعلن إليه أو وصول الإخطار بمكان وجودها إن لم تصل إليه وحتى يكون في هذا التفصيل رقابة على المحضر فيما يباشره من إجراءات يترتب على إتمامها آثار قانونية مختلفة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحضر اكتفى بتحرير عبارة "أخطر في 30/ 4/ 1963 سركي عام" وهي عبارة لا تفيد بذاتها قيام المحضر بإرسال كتاب للمعلن إليه في موطنه الأصلي أو المختار يخبره فيه بأن صورة الإعلان سلمت إلى جهة الإدارة، كما لا تفيد عبارة سركي عام أن الإخطار تم بطريق الكتاب الموصى عليه، وكان الحكم قد رتب على هذا النقص بطلان الإعلان فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا وجه للقول بأنه كان على المحكمة أن تطلع على السركي العام بقلم المحضرين حتى تتبين منه أن الإخطار أرسل إلى المعلن إليه بطريق الكتاب الموصى عليه، ذلك أنه لا يجوز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تكملة النقص الموجود بورقة الإعلان بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه نفي الإهمال عن الحارس السابق على أساس أنه ظل مواظباً على حضور جلسات الدعوى منكراً حق المستأجر في طلب تخفيض الأجرة ولما اعترض على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى عهدت المحكمة إلى الخبير فحص هذه الاعتراضات، كما أصدرت المحكمة بتاريخ 19/ 3/ 1963 حكماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت هذا الحارس دفاعه المبني على أن العين أقيمت فيها منشآت ومبان بمعرفة المستٍأجر السابق، في حين أن هذا الحارس قد فقد صفته في الحراسة بعزله منها بتاريخ 13/ 2/ 1963 بالحكم الصادر في الدعوى 5051 سنة 1962 وبعد أن كانت دعوى تخفيض الأجرة قد حكم بشطبها بتاريخ 20/ 12/ 1962 لتخلف طرفاها عن الحضور، ولما أعلن الحارس السابق بتجديد السير فيها لجلسة 12/ 2/ 1963 لم يمثل في الدعوى حتى صدور الحكم فيها، وذلك منه إهمال شديد يدل على أنه كان قد نفض يده من مباشرة الدعوى وتتبع ما تم فيها ودون أن يعن بإخطار المحكمة بعزله من الحراسة، رغم أن القانون 100 سنة 1962 كان قد صدر بتعديل مواعيد الطعن على الأحكام فجعلها تبدأ من تاريخ صدورها، وذلك الموقف السلبي من الحارس يتصف بالإهمال الشديد الذي ضيع على جهة الحراسة 500 ج سنوياً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى - وعلى ما جاء في الرد على السبب الأول - إلى أن الحارس السابق لم يعلن بالحكم الصادر بتاريخ 19/ 3/ 1963 في الدعوى 682 سنة 1960 مدني كلي الإسكندرية بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو بالجلسة المحددة لإجرائه، فإنه يكون بذلك قد نفى علم الحارس بذلك الحكم أو بما تلاه من إجراءات وما يترتب على ذلك من نفي الإهمال عنه، ولما كان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ومؤدياً إلى ما انتهى إليه فإن النعي في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع.

الطعن 126 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 91 ص 642

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(91)
الطعن رقم 126 لسنة 28 القضائية

(أ) حكم. "عيوب التدليل". "تناقض". "ما يعد كذلك". إجارة. "التزامات المؤجر".
تقرير الحكم مسئولية الطاعن (المؤجر) عن تعويض الضرر الذي لحق الزراعة بسبب عدم قيامه بإصلاح الآلات الزراعية، وإقراراه في الوقت ذاته بقيام المطعون عليهم (المستأجرين) بإصلاح تلك الآلات. قضاؤه مع ذلك بإلزام الطاعن بتكاليف إصلاحها. تناقض.
(ب) حكم "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى يعيبه بالقصور.
(ج) إجارة. "التزامات المؤجر". "بيع العين المؤجرة". بيع. حكم "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
لا يحظر القانون على المؤجر التصرف في العين المؤجرة بالبيع أثناء سريان عقد الإيجار ولا يحتم انفساخ العقد بحصول البيع في جميع الأحوال. ولا يعتبر به البائع مؤجراً ذلك للغير. الأمر في ذلك مرده إلى اتفاق البائع والمشتري ونفاذ العقد في حق المشتري الجديد وعدم نفاذه طبقاً للمادة 389 مدني قديم. إغفال الحكم الرد على دفاع المؤجر بحصول البيع بعد التأجير وهو دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى، يجعل الحكم مشوباً بالقصور.

--------------
1 - متى كان الحكم قد رتب على عدم قيام الطاعن "المؤجر" بإصلاح الآلات الزراعية مسئوليته عن تعويض المستأجرين عن الضرر الذي لحق الزراعة لهذا السبب وكان في الوقت ذاته قد أقر المطعون عليهم (المستأجرين) على أنهم قاموا بإصلاح تلك الآلات وقضى بإلزام الطاعن بتكاليف إصلاحها فإنه يكون مشوباً بالتناقض.
2 - إذا كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه ومذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف أنه تمسك بانتفاء مسئوليته عن الضرر الذي لحق الزراعة بسبب عدم تطهير المصارف واستدل على ذلك بما أورده الخبير في تقريره من عدم الجدوى من التطهير بسبب ارتفاع المصرف الحكومي بمنسوبه العالي وذلك من شأنه أن يرد مياه الصرف مهما صار تطهير المصارف الفرعية والجامعة، وكان مؤدى هذا الدفاع أن الضرر الذي يدعيه المطعون عليهم ليس نتيجة مباشرة لخطأ الطاعن بل هو نتيجة سبب أجنبي لا يد له فيه، وكان من شأن هذا الدفاع إذا صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، فإن التفات الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع الجوهري وعدم الرد عليه يجعله معيباً بالقصور.
3 - لا يحظر القانون على المؤجر التصرف في العين المؤجرة بالبيع أثناء سريان عقد الإيجار، ولا يحتم انفساخ هذا العقد بحصول البيع في جميع الأحوال ولا يعتبر به البائع مؤجراً لملك الغير. بل مرد الأمر في ذلك إلى اتفاق البائع والمشتري ونفاذ عقد الإيجار في حق المشتري الجديد أو عدم نفاذه طبقاً لما تنص عليه المادة 389 من القانون المدني القديم. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض عن عدم انتفاع المستأجر بجزء من الأطيان المؤجرة على أن بيع هذا الجزء كان سابقاً على الإيجار. في حين أن المؤجر قد تمسك في دفاعه الذي أثبته ذلك الحكم بأن البيع لاحق للإيجار وأنه ما كان ليمنع المستأجر من الانتفاع بهذه الأطيان. وكان الحكم لم يبين المصدر الذي استقى منه حصول البيع قبل التأجير ولم يرد على دفاع الطاعن (المؤجر) سالف الذكر وهو دفاع جوهري لو صح لتغيير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في أن المطعون عليه الأول هو والمرحوم فايز عبد المسيح مورث المطعون عليهما الثانية والثالث - استأجرا من الطاعن بعقد إيجار مؤرخ 25 سبتمبر سنة 1946 325 فداناً لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1946 بواقع إيجار الفدان 14 جنيهاً سنوياً. وفي ذات التاريخ حرر الطاعن لهما خطاباً طلب إليهما فيه معاينة الآلات وما لحق بها من تلف بفعل المستأجر السابق وعمل مناقصة عن الإصلاحات للرجوع بها عليه وتعهد لهما بتسليمها عند بدء الإيجار صالحة للاستعمال. وكذلك تسليم المصارف الفرعية مطهرة على أن يقوما بتطهيرها في مدة الإيجار حسب شروط العقد. وقد أقام المستأجران دعوى إثبات الحالة رقم 320 سنة 1947 مستعجل القاهرة ضد الطاعن قضى فيها بتاريخ 7 ديسمبر سنة 1946 بندب خبير ميكانيكي وآخر زراعي لمعاينة آلات الري والحرث الموجودة بالأطيان وتقدير مدى صلاحيتها ومصاريف إصلاحها ومعاينة المصارف وكيفية تطهيرها ومدى ما تأثرت به الزراعة من عدم تطهير المصارف وتلف الآلات. وبتاريخ 17 أبريل سنة 1947 أنذر المستأجران الطاعن إنذاراً رسمياً نبها فيه إلى إصلاح الآلات وإلى استكمال تطهير المصارف وإلا قاما هما بهذا العمل على حسابه. ثم أقام الطاعن دعوى إثبات الحالة رقم 1674 سنة 1947 مستعجل مصر ندب فيها الخبير الزراعي المهندس عبد العزيز والي لمعاينة المصارف الفرعية وبيان ما إذا كانت مطهرة طبقاً للأصول الزراعية ومعاينة المصارف الجامعة. وما إذا كان المستأجران قد طهراها طبقاً لتعهدهما وتأثير ذلك على الزراعة القائمة ثم أقام المطعون عليه الأول هو والمرحوم فايز عبد المسيح مورث باقي المطعون عليهم الدعوى الموضوعية رقم 608 سنة 1948 كلي القاهرة بصحيفة معلنة في 13 يناير سنة 1948 طلبا فيها إلزام الطاعن بتعويض مقداره 5000 جنيه عدلاه فيما بعد إلى 11239 جنيهاً و634 مليماً - وقالا في بيان دعواهما إن الطاعن لم ينفذ تعهده لهما بتطهير المصارف الفرعية وإصلاح الآلات الزراعية كما أنه امتنع عن تسليمهما 27 فداناً من الأطيان المؤجرة باعها الطاعن للغير. وأصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 24 ديسمبر سنة 1951 برفض هذه الدعوى مؤسسة قضاءها على أن المستأجرين (المطعون عليهما) قد أقرا في خطابهما المؤرخ 4 مارس سنة 1947 بأن المقاول قام بتطهير بعض المصارف ولكن التطهير لم يتم على الوجه الأكمل حسب المواصفات التي أعطاها الخبير الزراعي الأول ومفهوم ذلك أنه كان هناك مقاول يباشر تطهير المصارف من قبل المؤجر وأن المستأجرين قد رددا هذه الواقعة في إنذارهما الموجه إلى المؤجر في 17 أبريل سنة 1947 - وأضافت المحكمة أنه لا يترتب على عدم قيام المؤجر بالتزامه في عمل إصلاحات بالعين المؤجرة ضرر بالمستأجرين لأنهما كانا يستطيعان أن يجريا ذلك على نفقة المؤجر. وهو ما أبدياه في إنذارهما السالف ذكره. فضلاً عن أن القانون يلزم مستأجر الأطيان الزراعية بأن يجرى الإصلاحات التي يقتضيها الانتفاع المألوف ومن بينها تطهير وصيانة المساقي والمصارف. خصوصاً وأن المستأجرين قد التزما أمام الخبير الزراعي الأول بتطهير المصارف الجامعة وثبت من تقرير الخبير الزراعي الثاني المهندس عبد العزيز والي أنهما لم يطهراها وأنه لا فائدة من تطهير المصارف الفرعية إذا لم تكن المصارف الجامعة مطهرة - استأنف المستأجران هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة - وقيد الاستئناف برقم 395 سنة 69 ق - وقضت محكمة الاستئناف في 25 أبريل سنة 1945 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الزراعي عبد العزيز والي السابق ندبه في دعوى إثبات الحالة رقم 1674 سنة 1947 مستعجل للاطلاع على تقريره السابق والتقريرين المقدمين في دعوى إثبات الحالة رقم 320 سنة 1947 مستعجل القاهرة. وبيان ما تم من تطهير المصارف الفرعية على ضوء خطاب 4 مارس سنة 1947 وإنذار 17 إبريل سنة 1947 والمعاينة التي أجراها من قبل - وإيضاح إن كان لعدم التطهير على الوجه المتفق عليه وعدم إصلاح الآلات أثر في ضعف الزراعة ومداه - وبعد أن قدم الخبير تقريره أصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 26 نوفمبر سنة 1957 - بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم 1198 ج و758 م والمصروفات المناسبة عن الدرجتين - وقد طعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم الصادر في 25 أبريل سنة 1954 بتقرير مؤرخ 16 أبريل سنة 1957 - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها في 17 يونيه سنة 1962 بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية - وتحدد أخيراً لنظر الطعن جلسة 11 أبريل سنة 1963 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ضمن السببين الثاني والرابع نعياًًً على الحكم المطعون فيه بالقصور - وقال في بيان ذلك - إن المطعون عليهم قرروا في دفاعهم أنهم قاموا بإصلاح الآلات الزراعية واستدلوا على ذلك بفواتير قدموها بمبلغ 312 ج و965 م وإذ أقام الحكم قضاءه بمساءلة الطاعن عن تعويض الضرر الذي لحق الزراعة بسبب عدم القيام بإصلاح الآلات الزراعية يكون متناقضاً مع قضائه في ذات الحكم بإلزام الطاعن بمبلغ 99 ج و700 م على أنه مصاريف إصلاح الآلات وفق ما قدره الخبير الميكانيكي في دعوى إثبات الحالة - كما نعى الطاعن بأنه كان قد تمسك في دفاعه بما أثبته الخبير الزراعي الأول المنتدب في الدعوى رقم 320 سنة 1947 مستعجل مع أن منسوب المصرف الرئيسي عال جداً وأن حالته هذه هي السبب في ارتفاع مستوى الرشح ومن شأنها أن تجعل تطهير المصارف الفرعية والجامعة غير مجد - وبما أثبته الخبير عبد العزيز والي في دعوى إثبات الحالة رقم 1674 سنة 1947 مستعجل من أن المصارف الفرعية والجامعة غير مطهرة - واستدل الطاعن بذلك على أن ما أصاب الزراعة من تلف يرجع إلى عدم تطهير المصارف الجامعة التي يقع الالتزام بتطهيرها على عاتق المطعون عليهم. وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري الذي عولت عليه محكمة الدرجة الأولى في قضائها.
وحيث إن هذا النعي سديد في شقيه ذلك أنه في خصوص الشق الأول يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه "أن الطاعن تعهد بإصلاح الآلات - كما هو ثابت من تقرير الخبير الميكانيكي" وأنه لم يقم بتنفيذ تعهده كما ثبت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى رقم 1674 سنة 1947 مستعجل فتسبب عن ذلك حصول أضرار لحقت بالمستأجرين..." ثم أورد الحكم في نهايته ما يلي "وحيث إنه عن مصاريف الإصلاح فقد قدرها الخبير الميكانيكي الدكتور محمد علي صالح الذي احتكم إليه الطرفان في دعوى إثبات الحالة رقم 320 سنة 1947 مستعجل بمبلغ 99 ج و700 م فترى المحكمة الأخذ بهذا التقرير - وحيث إنه لما تقدم يكون جملة ما لحق بالمستأنفين من خسارة وضاع عليهم من كسب من عدم استغلال الأطيان المؤجرة والانتفاع بها حسب شروط التأجير بسبب إخلال المستأنف عليه بالتزاماته هو مبلغ 902 ج و58 وهو ما يعادل النقص في غلة الأرض عن سنة 1947 + 189 ج ما يقابل عدم الاستفادة من 27 ف باعها الطاعن + 99 ج و700 م تكاليف إصلاح الآلات الزراعية = 1190 ج و758 م وهو ما يتعين إلزام المستأنف عليه بدفعه للمستأنفين" - ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على عدم قيام الطاعن بإصلاح الآلات الزراعية مسئوليته عن تعويض الضرر الذي لحق الزراعة لهذا السبب. وكان في الوقت ذاته قد أقر المطعون عليهم على أنهم قاموا بإصلاح الآلات الزراعية وقضى بإلزام الطاعن بما قدره الخبير الميكانيكي من تكاليف إصلاحها فإنه يكون مشوباً بالتناقض - وفي خصوص ما جاء بالشق الثاني من هذا النعي فإنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بالتعويض على عدم قيام الطاعن بتطهير المصارف. واستند إلى تقرير الخبير عبد العزيز والي المقدم لمحكمة الاستئناف والذي أثبت فيه أن عدم إتمام التطهير وعدم إصلاح الآلات طبقاً لما اتفق عليه قد نتج عنه ضعف في الزراعة بما يوازي 15% من جملة الزراعة التي كانت عليها وقت المعانية كما يبين من تقريرات الحكم المطعون فيه ومذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودع صورتها بملف الطعن أن الطاعن قد تمسك بانتفاء مسئوليته في هذا الخصوص واستدل على ذلك بما أورده هذا الخبير نفسه في تقريره الأول المقدم في دعوى إثبات الحالة رقم 1674 سنة 1947 مستعجل والمقدم صورته بملف الطعن - متضمناً عدم الجدوى من التطهير بسبب ارتفاع المصرف الحكومي بمنسوبه العالي وذلك من شأنه أن يرد مياه الصرف مهما صار تطهير المصارف الفرعية والجامعة - ولما كان مؤدى هذا الدفاع الذي أبداه الطاعن أن الضرر الذي يدعيه المطعون عليهم ليس نتيجة مباشرة لخطئه بل هو نتيجة سبب أجنبي لا يد له فيه - وكان هذا الدفاع من شأنه إذا صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى - لما كان ذلك، فإن التفات الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع الجوهري وعدم الرد عليه يجعله معيباً بالقصور.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب السادس على الحكم الطعون فيه خطأه في القانون - ذلك أنه أقام قضاءه بالتعويض عن عدم انتفاع المطعون عليهم بسبعة وعشرين فداناً ضمن الأطيان المؤجرة على أن الطاعن باعها للغير دون إخطار المستأجرين وأن تأجير هذا القدر يعتبر تأجيراً لملك الغير من أن القانون لا يمنع المالك الذي أجر أطيانه من التصرف فيها بالبيع بعد الإيجار على أن يبقى المستأجر منتفعاً بها بعد حصول البيع - وقد قام الطاعن بتسليم الأطيان جميعها للمستأجرين في أول نوفمبر سنة 1947 ولم يحصل البيع إلا في غضون سنة 1947.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه في هذا الخصوص على ما أورده في قوله "وحيث إنه عن الـ 27 فداناً المستأجرة ضمن الأطيان والتي يدعي المستأنفون عدم الانتفاع بها فإن المستأنف عليه أقر في مذكرته الأخيرة بحصول بيعها للغير دون أن يخطر المستأنفين بهذا البيع فكان الواجب عليه عدم تأجيرها لهم ويعتبر تأجيرها لهم في هذه الحالة تأجيراً لملك الغير ويلزمه بتعويضهم عن الخسارة التي عادت عليهم من عدم استغلالها - ويبين من هذا أن الحكم أسس قضاءه على أن البيع كان سابقاً على الإيجار في حين أن الطاعن قد تمسك في دفاعه الذي أثبته الحكم المطعون فيه بأنه باع الـ 27 فداناً بعد مضي فترة طويلة من تاريخ تسلم المستأجرين للأرض جميعها. وأن هذا البيع ما كان ليمنعهم من الانتفاع بهذه الأرض - ولما كان الحكم لا يبين منه المصدر الذي استقى منه حصول البيع قبل التأجير ولم يرد على دفاع الطاعن السالف بيانه وهو دفاع لو صح يتغير به وجه الرأي في الدعوى - ذلك أن القانون لا يحظر على المؤجر التصرف ببيع الأطيان المؤجرة منه أثناء سريان عقد الإيجار ولا يحتم انفساخ عقد الإيجار بحصول البيع في جميع الأحوال ولا يعتبر به البائع مؤجراً لملك الغير. بل إن الأمر في ذلك مرده إلى اتفاق البائع والمشتري. ونفاذ عقد الإيجار في حق المشتري الجديد أو عدم نفاذه طبقاً لما تنص عليه المادة 389 من القانون المدني القديم - لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 5017 لسنة 43 ق جلسة 6 / 3 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 أحزاب ق 4 ص 57

جلسة 6 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الشخصيات العامة: الأستاذ/ د. عاصم أحمد السيد الدسوقي، الأستاذ/ د. عمرو عزت سلامة، الأستاذ/ د. أحمد نبيل عبد الوهاب السلاوي، الأستاذ/ محمد رفقي محمد صديق والأستاذ/ حسن محمد حسين حسني.

----------------

(4)

الطعن رقم 5017 لسنة 43 قضائية - عليا

أحزاب سياسية - التمييز بين الحزب والجمعية والنقابة - تحديد هوية الشخص المعنوي.
المواد 5، 55، 56 من الدستور، المواد 1، 2، 3، 4، 9 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية، المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 932 لسنة 1966.
لا يجوز وفقاً للدستور والقانون إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية، ولا جمعية في شكل حزب، ولا نقابة في شكل جمعية - يتعين أن ينشأ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والقانون الخاص به - تأسيساً على ذلك - الحزب إذا ما استهدف تحقيق أغراض غير الأغراض التي حددها الدستور والقانون المنظم للأحزاب حق للجنة الأحزاب السياسية رفضه - في المقابل إذا ما استهدفت الجمعية تحقيق أغراض خلاف ما هو محدد لها كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها حسب الأحوال - يتعين على مؤسس الشخص المعنوي تحديد هويته وشخصيته وفقاً للدستور والقانون بحيث لا تختلط طبيعة تلك الأشخاص ببعضها على نحو يؤدي إلى التحلل من الالتزامات المفروضة قانوناً وفقاً لكل نوع منها أو اكتسابها لحقوق ومزايا على نحو يخل بالتنظيم القانوني المقرر لكل منها أو يقلل من الرقابة والمتابعة للجهات الإدارية على كل شخص من هذه الأشخاص. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 3/ 7/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5017 لسنة 43 ق في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 25/ 5/ 1997 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ........ بتأسيس حزب باسم "حزب الحياة".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على الطلب المقدم بتأسيس حزب سياسي باسم حزب الحياة واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 13/ 12/ 1997 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ ....... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب الحياة تقدم بتاريخ 22/ 1/ 1997 بإخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب باسم حزب الحياة، وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسي وكشفاً بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 126 عضواً منهم (51) من الفئات و(75) من العمال مصدق على توقيعاتهم جميعاً بصفة رسمية، وقد عرض هذا الإخطار على اللجنة على النحو الثابت بمحاضرها حيث استمعت إلى إيضاحات وكيل طالبي تأسيس الحزب، وبجلسة 25/ 5/ 1997 أصدرت قرارها المطعون فيه وذلك بعد أن استعرضت تفصيلاً برنامج الحزب ثم أضافت أنه بجلستها المنعقدة بتاريخ 22/ 5/ 1997 استمعت اللجنة إلى إيضاحات وكيل طالبي تأسيس الحزب فقرر في بدايتها ما نصه "الحزب يعد حزباً اجتماعياً أساساً يهدف للخدمة الاجتماعية أولاً وأخيراً" ثم عرض ملخصاً لما ورد ببرنامج الحزب المقدم منه إلى اللجنة أعقبه ببيان أوجه تميز هذا البرنامج عن برامج الأحزاب القائمة وفي هذا المجال قرر ما نصه "الأحزاب الموجودة تؤدي دورها ولكني أقول أنني كحزب الحياة حزب اجتماعي سيبدأ من خدمة الأفراد العاديين - توجد بعض الأحزاب لها أهداف سياسية فالحزب الناصري أو حزب الوفد مثلاً لكل منهما هدف سياسي ونحن كحزب ليس له هدف سياسي ولكن لخدمة المجتمع".
واستطردت اللجنة في قرارها إلى أن "ما قرره وكيل طالبي التأسيس على النحو المتقدم يفيد أن الحزب المطلوب تأسيسه يقوم أساساً على طابع اجتماعي وليست له أية أهداف سياسية ومن ثم فإنه بذلك قد أخرج الحزب من مجال العمل السياسي إلى مجال العمل الاجتماعي وهو مجال يختلف كلية عن مجال العمل الحزبي إذ ينفي عن الحزب الصفة السياسية ويفقده بالتالي كيانه كحزب سياسي. وأنه تأسيساً على كل ما سبق يبين للجنة أن برنامج حزب الحياة "تحت التأسيس" يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي إذ أن هذا البرنامج قد جاء في جملته ترديداً لبرامج وخطط قائمة أو يجرى تنفيذها ولا يحمل أية سمات تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة بالإضافة إلى أن ما أوضحه وكيل المؤسسين أمام اللجنة - من أن الحزب يسعى أساساً إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست له أهداف سياسية - يفقد الحزب قوامه السياسي الذي هو أساس العمل الحزبي ومن ثم فإن الحزب المطلوب تأسيسه يكون غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة نظراً لأنه لا تتوافر فيه الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه ولذلك قررت اللجنة الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ....... بتأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب الحياة".
ومن حيث إن الطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب المطعون فيه يتأسس على الأسباب الآتية:
أولاً: تميز برنامج الحزب: فقد تناولت المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها شرط التميز في برنامج الحزب وحددت مفهومه بأن المقصود بالتميز هو الاختلاف في البرامج والسياسات أو الأساليب من تلك التي يقوم عليها حزب آخر، فالتميز لا يقصد به أن يكون برنامج الحزب متميزاً عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب الأخرى كلها، إنما يتحقق التميز متى توافر التفرد والانفصال في برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه عن حزب آخر، كما قررت المحكمة أن التميز يكمن صدقاً وحقاً في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة وتعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة أو اختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة في ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المصريين ينفرد به عن باقي الأحزاب ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة وأوضح الطاعن أنه بإنزال المفهوم المتقدم على برنامج حزبه المكون من أربع عشرة صفحة يبين أنه متميز تميزاً جوهرياً عن برامج الأحزاب في الآتي:
أ - في مجال السياسة الداخلية: يدعو الحزب إلى حرية تشكيل النقابات، وهو ما يعني تبني فكرة وجود أكثر من نقابة واحدة للعاملين في المنشأة أو أكثر من اتحاد صناعي أو أكثر من اتحاد واحد للعمال فذلك هو أحد جوانب الحرية النقابية، كما يدعو الحزب إلى حرية الامتناع عن العمل في حدود القانون أي أنه يدعو إلى حق العاملين في الإضراب عن العمل على أن يكون الإضراب في إطار الأهداف المهنية، كما يدعو إلى أن يكون عقد العمل الفردي هو وحده الذي يحكم علاقات العمل، وهو ما يعني إلغاء تعدد النظم القانونية التي تحكم علاقات العمل في القطاع العام وقطاع الأعمال العام والمناجم والقطاع الخاص، كما يطالب برنامج الحزب بنظام غلاء المعيشة تبعاً للأعباء العائلية بدلاً من الزيادات العشوائية للمرتبات أو العلاوات الخاصة.
كما يتميز برنامج الحزب أياً كانت الآراء الأخرى بالدعوة إلى وضع برنامج جديد لتطوير التعليم، بحيث يشتمل على ثلاثة مراحل الأولى مرحلة إلزامية مجانية مدتها تسع سنوات الدراسة فيها إجبارية للقضاء على الأمية وتتولى الدولة كل ما يخص هذه المرحلة من بناء مدارس وتوفير مدرسين وأدوات وأجهزة تعليمية، ومرحلة تجريبية (الثانوية الحالية) بحيث تتضمن الدراسة فيها جانب نظري علمي وجانب تطبيقي عملي يؤهل الطالب للالتحاق بالدراسات العليا أو الاكتفاء بهذه المرحلة والعمل بموجب ما تعلمه أو اكتسبه من خبرات ومهارات وتأهيل علمي وتكون هذه المرحلة نصف مجانية، أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة الدراسات العليا ويحب أن ترتكز على معاهد متخصصة وجامعات متكاملة على أن يشرف عليها جميعاً مجلس أعلى مستقل عن الحكومة، وهذا المجلس يشرف على مراكز للبحوث ومشروعات تجريبية تمول ذاتياً بعيداً عن الحكومة ويدعو البرنامج إلى جعل هذه المرحلة بمصروفات كاملة مع تخصيص منح للمتفوقين، وهذا التصور بصورته المتكاملة فيه تميز ظاهر عن البرامج الأخرى للأحزاب حتى وإن كانت ثمة جزئيات منه في هذا البرنامج أو ذاك.
وفي مجال الصحة: يركز البرنامج على الصحة الوقائية والأخذ بنظام طبيب العائلة في التجمعات السكانية المختلفة، وقد اضطرت لجنة شئون الأحزاب أن تعلق على هذا البند الظاهر التميز فقالت "أما دعوة الحزب إلى الأخذ بنظام طبيب العائلة فهي دعوة مطروحة على الساحة تنادي بها بعض الأقلام وتثار في المؤتمرات والندوات الصحية والطبية وكانت ضمن ما ناقشه المؤتمر العلمي السنوي التاسع لكلية طب جامعة القاهرة الذي أقيم خلال شهر فبراير 1997" ولم تذكر اللجنة طبعاً أن هذه الفكرة واردة في برامج الأحزاب الأخرى.
ويدعو برنامج الحزب في مجال الثقافة والإعلام، إلى نقاط متميزة لا يجدي معها الاستشهاد ببعض نصوص دستورية كما فعلت لجنة شئون الأحزاب ومن ذلك ما تضمنه برنامج الحزب من حق الأفراد في تملك الصحف والمجلات حيث لا تزال ملكية الصحف والدوريات معترف بها للحكومة أو الأحزاب أو الشركات المساهمة برأسمال ضخم، كما أن الدعوة إلى ملكية الأفراد لمحطات الإذاعة والتليفزيون دعوة متميزة مع إلغاء الرقابة على الإنتاج الفكري والفني على أن يكون الخروج على مقتضيات الآداب والنظام العام خاضعاً لرقابة المحاكم العادية. وأن تبتعد الدولة عن إدارة الهيئات الثقافية والفنية (فنون تشكيلية وسينما ومسرح وموسيقى) بحيث تديرها مجالس منتخبة وأن تقتصر الأنشطة التي تدار بواسطة الحكومة على المكتبات العامة والمعارض والآثار والمتاحف فقط، كما يطالب البرنامج بإنشاء صندوق لدعم الهيئات الثقافية والإعلامية يتم تمويله شعبياً (تبرعات وهبات ومساهمات) من الشركات والجمعيات...".
وفي مجال الإسكان، يدعو البرنامج إلى استمرار الأخذ بفكرة عقد الإيجار غير محدد المدة بحيث لا يطرد المستأجر طالما يدفع القيمة الإيجارية التي يمكن أن تزداد بنسبة متفق عليها في عقد الإيجار أي أن الاقتراح المذكور يتعارض مع التعديلات التشريعية التي أجريت أو ستجرى مستقبلاً على نحو ما تعلن الحكومة من تطبيق قواعد القانون المدني على عقد الإيجار مع استمرار الأخذ بفكرة الإيجار غير محدد المدة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، ولا شك أن في هذا تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى وأيضاً عن توجهات الحكومة وتشريعاتها المزمع إصدارها. ويدعو البرنامج إلى استخدام مواد البناء المحلية للقضاء على ارتفاع أسعار الأسمنت وحديد التسليح، والاستفادة بأراضي المناطق القريبة من الصحراء لمقاومة ارتفاع أسعار أراضي البناء.
وفي مجال الشئون الاجتماعية والتكافل والتضامن الاجتماعي، يتميز برنامج الحزب بالدعوة إلى تحريم تشغيل الأطفال إطلاقاً (أي خلال المرحلة السنية الممتدة حتى 18 سنة طبقاً لتعريف الطفل في القانون المصري واتفاقية حماية الطفل) ويدعو البرنامج إلى دعم الأسر التي يقل دخلها عن مائة جنيه شهرياً مع إنشاء صندوق للتكافل يمول من أموال الزكاة والتبرعات والدعم الحكومي.
وفي مجال التربية الدينية، يدعو البرنامج إلى أفكار متميزة مثل اكتفاء وزارة الأوقاف بتعيين وتدريب الدعاة وتوزيعهم على المساجد على أن تترك إدارة المساجد لمجالس منتخبة أو للجمعيات الأهلية مع السماح للجمعيات بإنشاء معاهد لتخريج الدعاة على أن تعترف بهم الأوقاف وأن تتولى وزارة الأوقاف وضع برامج إعلامية للقضاء على البدع والأمور الدخيلة على الإسلام، ويدعو البرنامج صراحة إلى فصل الدين عن السياسة.
وفي مجال الاقتصاد، يدعو البرنامج إلى تصفية ملكية الدولة وتحويلها إلى شكل الشركات المساهمة تحديداً أو تشجيع القطاع الخاص والتعاوني والحرفي وإطلاق آليات السوق بحيث يكون قانون العرض والطلب هو الحاكم للنشاط الاقتصادي، ويطالب البرنامج بأن تقوم وزارة الزراعة بإعداد خريطة زراعية لمائة عام تحدد مستقبل الأراضي وطرق الانتفاع بها، مع إطلاق حرية تملك الأراضي للمصريين بدون حدود للملكية وهو موقف متميز أياً كانت آراء الآخرين في ذلك.
ب - في مجال السياسة الخارجية:
يدعو برنامج الحزب إلى التركيز على التعاون مع دول حوض النيل تحديداً لأهمية قضية المياه بالنسبة لمصر وكذا دول الجوار (ليبيا والسودان)، ويرفض البرنامج محاولات الدخول في تكتلات إقليمية أو دولية.
ثانياً: من حيث جدارة الحزب المطلوب تأسيسه بالانتماء إلى حلبة العمل السياسي:
إذ يستند اعتراض لجنة شئون الأحزاب إلى صدور قولة عفوية لوكيل طالبي التأسيس مؤداها أن الحزب المطلوب تأسيسه يقوم أساساً على طابع اجتماعي وليست له أهداف سياسية وتنتهي اللجنة إلى أن الحزب ترتيباً على ذلك يخرج من مجال العمل الحزبي إذ تنتفي عنه الصفة السياسية التي هي أساس كل حزب سياسي. وهذه مماحكة لا جدوى منها لأن الرجوع إلى برنامج الحزب يقطع بأن الحزب يحوز الصفة السياسية حيث أن له رؤية في مختلف القضايا السياسية (السياسة الخارجية والسياسة الداخلية من تصورات حول الديمقراطية والمجتمع المدني والتعددية الحزبية والنقابية والتنمية الشاملة وعلاقات العمل والثقافة والإعلام....".
إذ لا يمكن أن تكون هذه التصورات السياسية الشاملة سمة جمعية خيرية أو نقابة تدافع عن المصالح المهنية لأعضائها أو هيئة اجتماعية تهتم بمسائل مجتمعية مثل قضايا المرأة أو الأحداث أو المعوقين."
وينتهي الطاعن إلى أن طرح كل هذه القضايا وتنظيم العمل حولها وبناءً هيكل تنظيمي من كادر وعضوية وأساليب للعمل هو انغماس في السياسة حتى النخاع ولا يمكن اصطياد تعبير غير دقيق وعرض ورد في إيضاحات وكيل المؤسسين لبناء هذا الحكم التعسفي بأن الحزب المطلوب تأسيسه ليس حزباً سياسياً.
ومن حيث إن المادة (5) من الدستور تنص على أن "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وينظم القانون الأحزاب السياسية."
وتنص المادة (55) من الدستور على أن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري".
وتنص المادة (56) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي، حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية..".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية تنص على أن "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون".
وتنص المادة الثانية على أنه "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم".
وتنص المادة الثالثة على أن "تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور، وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً".
وتنص المادة الرابعة على أنه "يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي:
أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثاً: ...... رابعاً: ........ تاسعاً: ......"
وتنص المادة التاسعة على أن "يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي.."
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة تنص على أن "تعتبر جمعية في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية لا يقل عددهم عن عشرة أو من أشخاص اعتبارية بغرض غير الحصول على ربح مادي." وقد حددت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 932 لسنة 1966 ميادين عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة بما يلي:
1 - رعاية الطفولة والأمومة. 2 - رعاية الأسرة. 3 - المساعدات الاجتماعية. 4 - رعاية الشيخوخة. 5 - رعاية الفئات الخاصة والمعوقين. 6 - الخدمات الثقافية والعلمية والمدنية. 7 - تنمية المجتمعات. 8 - ميدان الإدارة والتنظيم. 9 - ميدان رعاية المسجونين. 10 - ميدان تنظيم الأسرة. 11 - ميدان الصداقة بين شعب الجمهورية العربية المتحدة والشعوب الصديقة. 12 - ميدان أصحاب المعاشات.
ويجوز لوزير الأوقاف والشئون الاجتماعية أن يضيف بقرار منه ميادين عمل جديدة للجمعيات والمؤسسات الخاصة. ولا يجوز للجمعية أن تعمل في أكثر من ميدان واحد رئيسي من الميادين المذكورة إلا بعد أخذ رأي الاتحاد المختص وموافقة مجلس المحافظة."
ومن حيث إن البين من النصوص السابقة أن الحزب السياسي هو جماعة منظمة تؤسس في إطار الشرعية طبقاً لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف البيان، وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة تعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم، ويتقيد من ثم بالأسس الجوهرية للدستور وإلا فلا يعد حزباً يمكن أن تقرر له الشرعية للمشاركة في مسئوليات الحكم التي تحكمها المبادئ الأساسية للنظام الدستوري ويتقيد بالشرعية وسيادة القانون والدستور كذلك فإن البين من نصوص القانون رقم 32 لسنة 1964 المشار إليه ومذكرته الإيضاحية أن الجمعيات والمؤسسات الخاصة هي تجمع لأشخاص طبيعية أو اعتبارية يهدف إلى تحقيق أغراض غير مادية تتمثل في ميادين الرعاية الاجتماعية المختلفة وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والعمل على تنمية المجتمع، وهي في ذلك كله تخضع لإشراف الجهة الإدارية التي لها حق توجيهها ومراقبة تنفيذ الجمعية لنشاطها وتحقيق الغرض من تكوينها.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية التي تمثل النظام العام للأشخاص المعنوية أن هدف هذه الأشخاص ينشأ وفقاً لما يحدده الدستور والقانون وبإرادة من الذين يؤسسونها بعد موافقة السلطة المختصة في الدولة لتحقيق أغراض محددة ومتخصصة لكل نوع منها فالحزب السياسي يوافق عليه وتقوم شخصيته وفقاً لأحكام المادة (5) من الدستور وأحكام القانون المنظم للأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. وتكوين الجمعيات الخاصة يقوم طبقاً للمادة (55) من الدستور وأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 المنظمة لها ولأغراض غير سياسية، والنقابات تقوم طبقاً للمادة (56) من الدستور ووفقاً لقوانين النقابات المهنية ولقانون العمل ولأغراض نقابية... ومن ثم فإنه يتعين لشرعية قيام أي من الأشخاص المعنوية المختلفة داخل الدولة في إطار سيادة الدستور والقانون أن تنشأ وفقاً لأحكامها وفي حدود الغرض والهدف المخصص له هذا النوع من الأشخاص المعنوية فلا يجوز وفقاً للدستور والقانون إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية، ولا جمعية في شكل حزب، ولا نقابة في شكل جمعية.... بل يتعين أن ينشأ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والنظام القانوني الخاص به وتأسيساً على ذلك فإن الحزب إذا ما استهدف تحقيق أغراض غير الأغراض التي حددها الدستور والقانون المنظم للأحزاب حق للجنة المشار إليها في القانون رفضه، وفي المقابل فإن الجمعية إذا ما استهدفت تحقيق أغراض خلاف ما هو محدد لها كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها - حسب الأحوال - ويتعين على مؤسس الشخص المعنوي تحديد هويته وشخصيته وفقاً للدستور والقانون بحيث لا تختلط طبيعة تلك الأشخاص ببعضها على نحو يؤدي إلى التحلل من الالتزامات المفروضة قانوناً وفقاً لكل نوع منها أو اكتسابها لحقوق ومزايا والجمع بين تلك المزايا على نحو يخل بالتنظيم القانوني المقرر لكل منها أو يقلل من الرقابة والمتابعة المقررة للجهات الإدارية على كل شخص من تلك الأشخاص.
ومن حيث إنه من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم (40) لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند ثانياً من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراره، تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ومن حيث إنه لا شك أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأ أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ التعدد الحزبي وفقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر وحتى يكون الحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى، وذلك حتى يكون لمبدأ تعدد الأحزاب السياسية جدوى سياسية محققة للصالح العام بما تحقق من إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب أمامهم واختيار أصلحها من حيث تبنيها لأنسب الحلول وأنفعها لتحقيق المصالح العامة للشعب.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية القائمة فعلاً أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه والمتمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور، وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 و15 مايو 1971.
كما تلتزم بالمحافظة على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 40 لسنة 1977، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه، قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز دستورياً وقانوناً سواءً في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً، لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس في عبارة النص المشار إليه - أو دلالته أو مقتضاه - ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية، منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل إن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى.
فذلك أمر منطقي وطبيعي، مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد، يلزمهم جميعاً وفقاً للمبدأ الأساسي لوطنية الأحزاب فالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي تواضعت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها وتمسكت بها من خلال تجاربها عبر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ وكونت لها شخصيتها المصرية المتحدة المتعارف عليها بين الدول، فكل حزب إذا كان مصرياً لا بد أن يحمل على كاهله - وهو يعد برامجه وسياساته - تراث آلاف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفي سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع متطور يتمتع بالقوة والرفاهية وهذه التجارب وما نجم عنها جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث، مما يفرض فوراً وحتماً عديداً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية عند وضعها للسياسات والبرامج الخاصة بكل منها، دون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة غير مكررة للحياة السياسية المصرية.
ومن حيث إن التميز يكمن - صدقاً وحقاً - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح حزبية متميزة ومعبرة عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة، واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة ينفرد بها عن باقي الأحزاب ويعرف به بينها فلا يكون نسخة أخرى مكررة من برامج وسياسات يتبناها حزب قائم فعلاً، فالتميز يختلف عن الإنفراد ذلك لأن التميز - وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس بينما الإنفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة، وهو أمر يستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين على النحو المشار إليه.
ومن حيث إن الامتياز والأفضلية لحزب على غيره يكمنان في مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والتفكير إلى دائرة الواقع والتطبيق، ومن ثم يكفي ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت في عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنة عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها، أما إذا كانت مستحيلة التنفيذ أو مغرقة في الأوهام أو تدخل في مجال الأمنيات فإن هذا يكشف عن حزب غير جاد في رعاية مصالح الجماهير ومن ثم يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي، وفي المقابل فإن المبادئ الأساسية التي قررتها نصوص الدستور وقانون الأحزاب السياسية المشار إليه تحتم تحقيقاً للنظام العام الدستوري ألا توصد الأبواب أمام أي حزب تحت التأسيس له تميز ظاهر في برامجه أو سياساته يجعله أهلاً للمشاركة في حل مشاكل الجماهير والانضمام إلى ساحة الأحزاب السياسية القائمة.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب بالاعتراض على تأسيس حزب الحياة قد أقام اعتراضه - طبقاً لما ورد بأسباب القرار - على ما استبان للجنة من أن الحزب المطلوب تأسيسه - وعلى ما قرره وكيل طالبي التأسيس على النحو المتقدم - أن الحزب يعد حزباً اجتماعياً أساساً، ويهدف للخدمة الاجتماعية أولاً وأخيراً وليست له أهداف سياسية ومن ثم فإنه بذلك قد خرج من مجال العمل السياسي إلى مجال العمل الاجتماعي وهو مجال يختلف كلية عن مجال العمل الحزبي إذ ينفي عن الحزب الصفة السياسية ويفقده بالتالي كيانه كحزب سياسي.
وأضافت اللجنة أن برنامج حزب الحياة "تحت التأسيس" يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي إذ أن هذا البرنامج قد جاء في جملته ترديداً لبرامج وخطط قائمة أو يجري تنفيذها ولا يحمل أي سمات تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة بالإضافة إلى أن ما أوضحه وكيل المؤسسين أما اللجنة - من أن الحزب يسعى أساساً إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست أهداف سياسية، يفقد الحزب قوامه السياسي الذي هو أساس العمل الحزبي ومن ثم فإن الحزب المطلوب تأسيسه يكون غير جدير بالانتماء إلى الأحزاب القائمة الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه.
ومن حيث إنه يبين من برنامج الحزب تحت التأسيس ومن الإيضاحات التي قدمها وكيل طالبي التأسيس أمام اللجنة المطعون على قراراها، أنه لا يعدو أن يكون إما تأكيداً لما هو قائم ومعمول به فعلاً من مبادئ وسياسات تقوم بها الدولة، أو تكفلت به برامج الأحزاب القائمة فعلاً، أو هي أمور تكفل الدستور أو القوانين المعمول بها ببيانها ولم يتجاوز الحزب في بعضها مجرد النقل منها، أو هو في النهاية أمنيات وأحلام تذخر بها صدور المصريين جميعاً لم يحدد الحزب تحت التأسيس الوسيلة لتحقيقها في ظل الظروف والإمكانيات المتاحة، أو عبارات خطابية إنشائية تطرق أسماع المتلقين لها إلا أنها لا تكفي وحدها كي تشكل برنامجاً متميزاً لحزب ينوي دخول معترك السياسة وممارسة أساليب الحكم لتطبيق برنامجه، وقد تكفل القرار الطعين وأسبابه تفصيلاً بيان ذلك على نحو يغني عن تكراره دون أن يعقب الطاعن على ذلك، والبادي أن الطاعن حين أقبل هو ومؤسسي الحزب على تأسيسه قد اختلط عليهم الأمر بين تأسيس حزب أو مجرد جمعية تمارس نشاطها الاجتماعي في نطاق المجالات السابق بيانها، فصدر برنامج الحزب عجز عن الإلمام بكافة ظروف المجتمع وقدراته السياسية والاقتصادية ولم يبرز سياسة متكاملة متجانسة للحزب توضح مشكلات الجماهير وأسس وأساليب حلها بما يتناسب والظروف والقدرات المشار إليها واقتصر البرنامج على مجرد ترديد لسياسات قائمة تتبناها الدولة أو تضمنتها برامج أحزاب قائمة، أو أمور تناولها الدستور الحالي والقوانين المطبقة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشروعات والأفكار التي عرضها الحزب تحت التأسيس في برنامجه لا تعدو أن تكون إما شعارات ومجموعة من الأفكار والأقوال المرسلة التي لا يتوافر فيها الجدية الواجبة، ولا يتحقق من ورائها أية جدوى ظاهرة، وتفتقر إلى تحديد وسائل تحقيقها، وإما تبني لمبادئ وسياسات قائمة بالفعل مما يجعل من ترديدها وتكرارها مجرد تكرار لنسخة جديدة من الأحزاب القائمة فضلاً عما ساقه وكيل طالبي التأسيس بأنه يهدف إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست سياسية.
وفي ضوء ما تقدم فإن برنامج الحزب تحت التأسيس محل الطعن الماثل يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي ومن ثم فإنه غير جدير بالانتماء إلى حلبة الأحزاب السياسية القائمة.
ومن حيث إنه وإذ انتهت لجنة الأحزاب إلى افتقار برنامج الحزب للتحديد والتميز وأصدرت قرارها بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ...... لتأسيس حزب الحياة فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه، ويكون النعي على قرارها على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد خسر طعنه ومن ثم فإنه يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 496 لسنة 34 ق جلسة 14 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 73 ص 477

جلسة 14 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا علي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد ضياء الدين حنفي.

----------------

(73)
الطعن رقم 496 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". خبرة.
حق محكمة الموضوع في الإسناد إلى تقرير خبير مودع في دعوى غير مرددة بين الخصوم، كدليل يدعم باقي الأدلة ما دامت صورته قد قدمت لها.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". عمل. تعويض.
رفض دعوى التعويض عن فصل العامل لتوافر مبرر إنهاء العقد. لا محل لبحث الضرر.

---------------
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه لم يحل إلى تقرير الخبير المودع في دعوى أخرى - غير مرددة بين الخصوم - وإنما فقط استند إلى صورته الرسمية كدليل يدعم باقي الأدلة بعد أن أودعت الشركة المطعون عليها هذه الصورة ملف الدعوى فأصبحت بذلك ورقة من أوراقها يتناضل كل خصم في دلالتها، فإن النعي عليه - بأنه اعتد في بيان المركز المالي للشركة المطعون عليها بذلك التقرير - يكون غير سديد.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى التعويض - عن فسخ عقد العمل - على توافر مبرر إنهاء العقد لدى الشركة المطعون عليها، فذلك حسبه ولا يكون عليه بعد ذلك أن يتقصى وقوع ضرر للطاعن أو أن يلتفت لما ساقه من أسانيد لإثبات هذا الضرر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن "أنور مفتاح سعيد عوض" تقدم بشكوى إلى مكتب العمل المختص ضد شركة النقل والتصدير والتأمين "فاروس" قال فيه إنه التحق بالعمل لدى الشركة وتدرج في وظائفها حتى وصل إلى درجة مدير بمرتب شهري قدره 312 ج و600 م وأن الشركة فصلته تعسفياً بتاريخ 19/ 11/ 1960 أثناء غيابه بالخارج. ولم يتمكن المكتب من تسوية النزاع وأحاله إلى محكمة الإسكندرية الجزئية لشئون العمال، وفي 1/ 4/ 1961 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار الفصل وألزمت الشركة بأن تؤدي للمدعي مرتبه بواقع 120 ج لمدة شهر وحددت جلسة لنظر الموضوع، وإذ حدد طلباته بملغ 2500 ج تعويضاً عن فصله بلا مبرر فقد أحالت المحكمة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 918 سنة 1961. كما أقام المدعي الدعوى رقم 832 سنة 1961 الإسكندرية الابتدائية ضد الشركة طالباً الحكم له عليها بطلباته السابقة، فقررت المحكمة ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وبتاريخ 27/ 11/ 1962 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع للمدعي مبلغ 5000 ج والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بغير كفالة وأعفت المدعي من المصروفات. استأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 781 سنة 18 قضائية. وبتاريخ 28/ 5/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه وأعفته من المصروفات عن الدرجتين. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي الذي قضى بتعويض الطاعن عن فصله تعسفياً على ما قرره من أنه يجب للتعرف على المركز المالي للشركة المطعون عليها الرجوع إلى ما يقرره الخبراء والمحاسبون وما تسفر عنه تقاريرهم في هذا الصدد وأن حالة الشركة المالية كانت في تدهور مستمر يستلزم إعادة تنظيم شئونها فإن هي قامت بإلغاء بعض الوظائف الكبيرة فإن ذلك يكون أمراً طبيعياً، وهو من الحكم المطعون فيه خطأ وقصور في التسبيب من وجوه "أولها" أنه اعتد في بيان المركز المالي للشركة المطعون عليها بتقرير خبير مودع في قضية أخرى غير مرددة بين الخصوم ولم يلتزم الخبير المعين فيها حدود الحكم القاضي بندبه و"ثانيها" أن الطاعن كان قد تقدم بملاحظات على التقرير المذكور تضمنها التقرير الاستشاري المقدم منه للمحكمة، وهي تتحصل في أن مركز الشركة المالي خلال السنة السابقة على فصله كان سلمياً بدليل ما حققته في تلك السنة من أرباح وتقييم أسمهما بسعر 4 ج و181 م للسهم الواحد، في حين أن قيمة إصدار السهم هي أربعة جنيهات فقط، وأن ما تعلل به الخبير من أن الشركة قد حجزت مقابل احتياطي الديون المشكوك فيها واحتياطي الضرائب وتعويضات الموظفين مردود بأن الخبير المذكور لم يوضح مقدار هذه الاحتياطات وأن احتياطاتها السابقة كانت تغنيها عن تكوين احتياطي جديد، وأنه وإن كانت إيرادات الشركة في سنة 1959 قد انكمشت إلى 47954 ج و685 م مقابل مصاريف مقدارها 45554 ج و 910 م، فإن ذلك لم يؤثر على متانة مركزها المالي ولكن الحكم المطعون فيه أغفل هذه الملاحظات ولم يعن بالرد عليها و"ثالثاً" أن الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أفاد التقرير الذي أحالت عليه المحكمة سوء المركز المالي للشركة وقت فصل الطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه "الأول" منه بأن الحكم المطعون فيه لم يحل إلى تقرير الخبير المودع في دعوى أخرى وإنما فقط استند إلى صورته الرسمية كدليل يدعم باقي الأدلة بعد أن أودعت الشركة المطعون عليها هذه الصورة ملف الدعوى فأصبحت بذلك ورقة من أوراقها يتناضل كل خصم في دلالتها. ومردود في "الوجهين الثاني والثالث" ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في الدعوى على ما قرره من أنه "يبين من مطالعة الأوراق وتقرير الخبير المودع في القضية رقم 511 سنة 1961 كلي الإسكندرية والمقدم صورته الرسمية من الشركة أن صافي أرباح الشركة في سنة 1957 كان 6008 ج وكسور وفي سنة 1958 كان 2720 ج وكسور وفي سنة 1959 كان 459 ج وكسور ثم أصيبت بخسارة قدرها 4322 ج وكسور في سنة 1960 كما أشار الخبير إلى أنه وإن كانت سنة 1959 قد أظهرت أرباحاً إلا أنه لو احتجزت الاحتياطات الواجب خصمها كما حدث في السنوات السابقة لأدى الأمر إلى خسارة. وقد أشار الخبير إلى أن مركز الشركة المالي يعتبر متدهوراً وأن سبب ذلك هو نقص الإيرادات بنسبة أكبر من نقص المصروفات، وأن هذا التدهور كانت له أسوأ الأثر على عمل الشركة وكان لابد من إعادة تنظيمها بضغط مصروفاتها وإحكام الرقابة الإدارية وزيادة الضغط الداخلي لرفع الإيرادات. وقد أشار الخبير إلى أن الشركة بدأت تنظيماتها بالاستغناء عن مدير فرع القاهرة ثم المدير المالي لفرع الإسكندرية (المستأنف عليه) وبعض صغار الموظفين والمستخدمين" وأنه "يستفاد من ذلك أن حالة الشركة المالية كانت في تدهور مستمر وقد زاد هذا التدهور إلى أن حقق خسارة كبيرة في سنة 1960 وكان لا بد للشركة والحالة هذه أن تعمل على إعادة تنظيم شئونها فإذا ما قامت بإلغاء بعض الوظائف الكبيرة لتحقق ضغطاً في مصروفاتها، فإن هذا إنما يكون أمراً طبيعياً وحقاً من حقوق صاحب العمل" وأنه "لا يمكن أن يقال إن الشركة إنما قصدت إلى الإساءة بالمستأنف عليه أو أنها تعسفت بالاستغناء عنه أو رمت إلى التشهير به كما يدعي لأنه لم يكن الوحيد الذي تم الاستغناء عنه كما أن الشركة صرفت له كافة حقوقه دون أي تعنت أو كيد". وهي تقريرات سائغة وفيها الرد الكافي على كل ما أثير من أوجه الدفاع الموضوعية الأخرى.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الطاعن كان قد قرر أمام محكمة الاستئناف أنه اضطر إلى العمل التجاري الحر فاستخرج سجلاً تجارياً في القاهرة ولما وفق لعمل جديد قام بشطب اسمه من السجل التجاري، كما أنه كان قد أدخل ضمن عناصر التعويض عما لحقه من ضرر عنصر الكيد له والتشهير به ورغبة الشركة في إيذائه ، ولكن الحكم المطعون فيه فسر ما قرره على أنه اشتغل فعلاً بالتجارة في الفترة بين فصله من الشركة المطعون عليها وبين التحاقه بالعمل الجديد، في حين أنه لم يستخرج هذا السجل إلا على مجرد أمل الاشتغال بالتجارة بعد أن أغلقت في وجهه الأبواب وهو ما لا يعني أنه اشتغل بالتجارة فعلاً، كما أغفل تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته بسبب إساءة الشركة إليه. وهو من الحكم فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس، ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد أقام قضاءه برفض دعوى التعويض على توافر مبرر إنهاء العقد الذي لدى المطعون عليها وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، فذلك حسبه إذ لم يكن عليه بعد ذلك أن يتقصى وقوع ضرر للطاعن أو أن يلتفت لما ساقه من أسانيد لإثبات هذا الضرر.

الطعن 461 لسنة 36 ق جلسة 8 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 72 ص 473

جلسة 8 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(72)
الطعن رقم 461 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) اختصاص. "اختصاص ولائي". أموال. "الأموال العامة". نقض. "حالات الطعن". عقد. إيجار.
(أ) الميادين العامة من أملاك الدولة العامة. الترخيص بالانتفاع بها من الأعمال الإدارية. لا ولاية للمحاكم العادية بشأنها.
(ب) مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص الولائي. جواز الطعن فيه بطريق النقض ولو كان صادراً من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وذلك في ظل القانون رقم 57 لسنة 1959.

---------------
1 - الميادين العامة تعتبر طبقاً لنص المادة 78 من القانون المدني من أملاك الدولة العامة، وتصرف الإدارة فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهو مؤقت يبيح للسلطة المرخصة دواماً ولدواعي المصلحة العامة الحق في إلغائه أو الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله، وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم في شأنها، ولا تخضع للقانون الخاص.
2 - مخالفة الحكم لقواعد الاختصاص الولائي يجيز الطعن فيه بطريق النقض ولو كان صادراً من المحكمة الابتدائية في استئناف حكم صادر من المحكمة الجزئية وذلك وفقاً لنص المادة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المعطون عليه أقام الدعوى رقم 6334 سنة 1965 لدى محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية، طلب فيها الحكم بوقف الآثار المترتبة على إجراءات المزايدة التي تمت في 12/ 10/ 1965 بشأن تأجير الدكان رقم 11 بميدان سانت كاترين المؤجر له وبوقف تنفيذ الأمر الإداري المعدوم بإخلائه في آخر ديسمبر سنة 1965، وقال شرحاً لدعواه إنه يستأجر من محافظة الإسكندرية هذا الدكان بعقد تاريخه 13/ 1/ 1963 لاستعماله في الاتجار بالزهور مقابل أجرة شهرية إلا أن محافظة الإسكندرية أرادت التهرب من تطبيق أحكام القانون 121 سنة 1947 في خصوص امتداد عقود الإيجار فأجبرته على التوقيع بطريق الإذعان على العقد الذي سمته ترخيصاً، ثم عمدت في 4 أكتوبر سنة 1965 إلى إجراء مزايدة لتأجير هذا الدكان ورسى مزاده على آخر، وأنه لما كان عقد الإيجار يمتد بحكم قانون الإيجارات فإن قرار المحافظة المتضمن فسخ هذا العقد بغير الطريق القانوني وإجراء المزايدة لا أثر لهما، وتنفيذهما لا يعدو أن يكون اعتداء مادياً يطلب إزالته، ودفعت المحافظة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأن النزاع يدور حول عقد إداري، وبعد أن رفضت المحكمة هذا الدفع حكمت بتاريخ 29/ 12/ 1965 بعدم الاعتداد بالمزاد الذي أجرته المدعى عليها عن الحانوت رقم 11 ميدان سانت كاترين في 4/ 10/ 1965، وبوقف تنفيذ الأمر بإخلاء المدعي منه، واستأنفت المحافظة هذا الحكم لدى محكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - طالبة إلغاءه، والحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل ولائياً بنظر الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 114 سنة 1966 س الإسكندرية. وبتاريخ 25/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وطعنت المحافظة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن تأسيساً على أن الحكم المطعون فيه إذ لم يخالف قواعد الاختصاص الولائي، فإنه لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض لصدوره من المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الاختصاص الولائي، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه لما كانت مجموعة الدكاكين المرخص للمطعون عليه بشغل إحداها هي من الأموال العامة إذ تقع بوسط ميدان سانت كاترين وتشكل جزءاً من تخطيطه وقصد منها تجميله عن طريق تخصيصها لعرض أنواع الزهور وبيعها، ولم تهدف المحافظة من إنشائها مجرد تحقيق الربح فإن انتفاع الأفراد بها لا يمنحهم حقاً من الحقوق التي ينظمها القانون المدني وإنما تخضع حقوقهم عليها لأحكام القانون العام، لأن هذا الانتفاع لا يمكن أن يكون إلا بمقتضى ترخيص إداري هو بطبيعته مؤقت وغير ملزم للسلطة المرخصة وإن كان المنتفع يخضع لحكم الشروط والقيود الواردة به، وهذا الترخيص والقيود الواردة هي من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم في شأنها، وأن هذه القيود وأن أخذت شكل العقد فإنها بمخالفتها طبيعة الإيجار واستهدافها تحقيق مصلحة عامة دون الربح أو استغلال محل معد للتجارة تخرج التعاقد عن نطاقه، وتجعل منه عقداً إدارياً حتى ولو خلا العقد من الشروط الاستثنائية غير المألوفة في القانون الخاص، إذ لا ينظر إلى هذه الشروط متى تعلق العقد بالانتفاع بالمال العام لأن طبيعة هذا المال واتصاله بالنفع العام يسبغ على العقد الصفة الإدارية أياً كانت شروطه، وبذلك يستوي أن يكون قوام العلاقة ترخيصاً إدارياً أو عقد إدارياً إذ يكون النزاع عندئذ من اختصاص جهة القضاء الإداري طبقاً لقانون مجلس الدولة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى انعقاد الاختصاص لجهة القضاء العادي، فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي ويكون من المتعين نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن محل التصرف الصادر من محافظة الإسكندرية جزء من ميدان عام هو الدكان رقم (11) الكائن بميدان سانت كاترين، كما يبين أن الطاعن بنى دفعه بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى بالمذكرة المقدمة منه إلى محكمة ثاني درجة والتي أودع صورتها ملف الطعن على أن هذا الدكان ضمن مجموعة دكاكين تقع بوسط ميدان سانت كاترين، وتعتبر جزءاً من تخطيط هذا الميدان، وأن التصرف الذي يصدر عن الإدارة بشأن الانتفاع بالمال العام يخضع لأحكام القانون العام وحده سواء اعتبر التصرف ترخيصاً أم عقد إدارياً. لما كان ذلك، وكانت الميادين العامة تعتبر طبقاً لنص المادة 78 من القانون المدني من أملاك الدولة العامة، وكان تصرف الإدارة فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكون إلا على سبيل الترخيص، وهو مؤقت يبيح للسلطة المرخصة دواماً ولدواعي المصلحة العامة الحق في إلغائه أو الرجوع فيه ولو قبل حلول أجله، وكل أولئك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا ولاية للمحاكم في شأنها ولا تخضع للقانون الخاص. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون مخالفاً لقواعد الاختصاص الولائي وهو ما يجيز الطعن فيه بطريق النقض رغم صدوره من المحكمة الابتدائية في استئناف حكم صادر من محكمة جزئية، وذلك وفقاً لنص المادة الثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي تم الطعن في ظله، ومن ثم فإن الطعن يكون بذلك قد حاز أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.

الطعن 1848 لسنة 41 ق جلسة 6 / 3 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 أحزاب ق 3 ص 49

جلسة 6 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش - نواب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الشخصيات العامة: الأستاذ/ د. حسن محمد حسين حسني، الأستاذ/ د. عاصم أحمد السيد الدسوقي، الأستاذ/ د. أحمد نبيل عبد الوهاب السلاوي، الأستاذ/ محمد رفقي محمد صديق، والأستاذ/ فؤاد محمد أحمد بدر.

-----------------

(3)

الطعن رقم 1848 لسنة 41 قضائية. عليا

أحزاب سياسية - الطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب - ميعاد الطعن.
المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية.
ميعاد الطعن بالإلغاء في قرارات الاعتراض على تأسيس الأحزاب الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لنشر القرار في الجريدة الرسمية - استلزم المشرع قيام رئيس اللجنة بإخطار ممثلي طالبي تأسيس الحزب بقرار الاعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار كما استلزم نشر قرارات اللجنة سواءً بالموافقة أو الاعتراض في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال ذات الميعاد - التقرير بالطعن بعد انقضاء مدة الثلاثين يوماً المحددة للطعن والتي تبدأ من اليوم التالي لنشر القرار في الجريدة الرسمية. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 9/ 3/ 1995 أودع الأستاذ/ ...... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن تقرير الطعن الماثل في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 26/ 1/ 1995 القاضي بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ..... بتأسيس حزب باسم "حزب الأمل" والذي تم إخطار الطاعن به وعلم به علم اليقين بتاريخ 7/ 2/ 1995.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس الحزب، واعتباره كأن لم يكن، مع ما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وجرى تداول نظر الطعن أمام الدائرة المشكلة بالتطبيق لحكم المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 14/ 6/ 1997 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 11/ 10/ 1997 لتقدم هيئة مفوضي الدولة تقريراً تكميلياً في شكل الطعن وموضوعه في ضوء المستندات والمذكرات المتبادلة بين طرفي النزاع، وما أثير في هذا الشأن من مسائل قانونية، وأودعت هيئة مفوضي الدولة التقرير التكميلي الذي خلصت فيه إلى أنها ترى الحكم أصلياً - بعدم قبول الطعن شكلاً، وإلزام الطاعن المصروفات، واحتياطياً، برفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات، ثم أعيد الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميلي ثان في المسائل المثارة من الطاعن والمبينة بقرار المحكمة بجلسة 14/ 6/ 1997 على النحو المبين تفصيلاً تحت أرقام 3 و4 و5 من التعقيب على التقرير التكميلي في المذكرة المقدمة من الطاعن بجلسة 14/ 2/ 1998، وبعد أن أودعت الهيئة التقرير التكميلي الثاني، وتقرر التأجيل بناءً على طلب الحاضر مع الطاعن للاطلاع على التقرير وتقديم مذكرات ومستندات لجلسة 9/ 1/ 1999، ثم لجلسة 6/ 2/ 1999، على أن يكون آخر أجل، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمرافعة والمداولة قانوناً.
من حيث إنه يتعين التصدي للدفوع الشكلية، قبل النظر في موضوع الطعن.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً، لأنه مقدم بعد الميعاد المحدد في المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1997، وقد تناولت المذكرات المقدمة من الطرفين هذه المسألة، كما تناولتها تقارير هيئة مفوضي الدولة المقدمة في الطعن، سواءً في ذلك التقرير الأصلي أو التقريرين التكميليين الأول والثاني، وخلصت جميعها إلى أنها ترى بصفة أصلية عدم قبول الطعن شكلاً، لتقديمه بعد الميعاد القانوني.
ومن حيث إن المادة (8) من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 نصت على أنه "..... ويخطر رئيس اللجنة ممثلي طالبي التأسيس بقرار الاعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار.
وتنشر القرارات التي تصدرها اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب أو بالاعتراض على تأسيسه في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال ذات الميعاد المحدد في الفقرة السابقة.
ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أما الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة....".
ومفاد نص المادة السابقة أن ميعاد الطعن بالإلغاء في قرارات الاعتراض على تأسيس الأحزاب الصادرة من لجنة شئون الأحزاب السياسية، ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لنشر القرار في الجريدة الرسمية، كما استلزم المشرع قيام رئيس اللجنة بإخطار ممثلي طالبي تأسيس الحزب بقرار الاعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار، ويتم نشر قرارات اللجنة سواءً بالموافقة أو بالاعتراض في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال ذات الميعاد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق المقدمة من الجهة الإدارية ضمن حافظة المستندات بجلسة 22/ 4/ 1995، أن لجنة شئون الأحزاب السياسية أصدرت قرارها المطعون فيه بتاريخ 26 يناير سنة 1995 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ...... بتأسيس حزب باسم "حزب الأمل" وأن هذا القرار نشر بالجريدة الرسمية - السنة الثامنة والثلاثون العدد 5 في 2 رمضان سنة 1415 هـ الموافق 2 فبراير سنة 1995، كما أن الثابت من حافظة المستندات المقدمة منها بجلسة 9/ 11/ 1996 أن القرار نشر بجريدتي الأهرام والأخبار بتاريخ 27 يناير سنة 1995، هذا فضلاً عما أقر به الطاعن في صحيفة الطعن من أنه تم إخطاره بالقرار على النحو الذي حدده القانون بتاريخ 7/ 2/ 1995، الأمر الذي يستفاد منه أن الجهة الإدارية المختصة، قد التزمت أحكام القانون بشأن الإخطار بالاعتراض على تأسيس الحزب ونشره في الجريدة الرسمية وفي جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار خلال الميعاد المحدد قانوناً.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن أنه قدم بتاريخ 9/ 3/ 1995 بعد انقضاء مدة الثلاثين يوماً المحددة للطعن، والتي بدأت بتاريخ 3 فبراير سنة 1995 التاريخ التالي لنشر القرار في الجريدة الرسمية، ومن ثم فإنه يكون غير مقبول شكلاً.
ولا يؤثر فيما تقدم ما يدعيه الطاعن من أنه لا يبدأ ميعاد الطعن في هذه القرارات إلا من تاريخ العلم اليقيني الذي لا يستقيم إلا من تاريخ علمه بالأسباب التي قام عليها القرار، وأن هذا التاريخ بالنسبة لحالته هو تاريخ إخطاره بقرار اللجنة في 7 فبراير سنة 1995، ذلك أن هذا القول لا سند له من القانون وصراحة النص فيه الذي يجعل سريان الميعاد وبدأ سريان الطعن من اليوم التالي لنشر القرار في الجريدة الرسمية، وقد أتاح القانون لصاحب الشأن الاطلاع على أسباب القرار من خلال الإخطار الذي يصل لممثلي طالبي التأسيس بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار، وأنه في الحالة الراهنة وصل هذا الإخطار، كما أقر بذلك الطاعن بتاريخ 7/ 2/ 1995، ومن ثم كان أمامه سعة من الوقت لتقديم طعنه خلال الميعاد القانوني، ولكنه تقاعس عن ذلك، ولم يتقدم بالطعن إلا بعد فوات ذلك الميعاد.
كما أنه لا مقنع فيما ذهب إليه الطاعن من أن النشر في الجريدة الرسمية، يعتبر قرينة على العلم بالقرار، إلا أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس، مستدلاً على ذلك بالحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 24 يونيو سنة 1958 في الطعن رقم 256 سنة 24 ق.
لا مقنع فيما تذرع به الطاعن من دفاع في هذا الخصوص، لأن الثابت من الاطلاع على الإفادتين المقدمتين ضمن حافظة المستندات المودعة منه بجلستي 27/ 5/ 1995 و7/ 1/ 1996 اللتين تضمنتا إجابة أحد العاملين بمركز بيع المطبوعات بفرع الأوبرا وبفرع نوبار، أن تلك الإفادة وردت عامة غير محددة، ولا يترتب عليها انتفاء القرينة التي رتبها المشرع، وهي علم الكافة بالقرار من تاريخ نشره، ولم تتضمن بيانات مؤكدة عن العدد الذي تم نشر القرار المطعون فيه، وهل تأخر إصداره في التاريخ الثابت أو استحال الحصول عليه من الهيئة أو أحد المراكز بها.
وفي ضوء ما سلف تعتبر الأسباب التي استند إليها الطاعن لاعتبار طعنه مقدماً في الميعاد القانوني، غير قائمة على أساس صحيح من القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً، لتقديمه بعد الميعاد القانون وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 125 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 90 ص 638

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(90)
الطعن رقم 125 لسنة 28 القضائية

(أ) ملكية "أسباب كسب الملكية". "التصاق".
المادة 65 من القانون المدني الملغي إنما تنطبق على المنشآت التي يقصد بإنشائها بقاؤها على وجه الدوام سواء كانت بناء أو غراساً، لا مجال لإعمال حكم تلك المادة على المحاصيل الزراعية الدورية.
(ب) حكم "عيوب التدليل". قصور. "ما يعد كذلك".
قضاء الحكم باستحقاق المستأجر للمصروفات التي أنفقها على الزراعة وإلزام المؤجر بها دون بيان الأساس القانوني لذلك. غموض أسبابه مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون. قصور.

---------------
1 - لا ينطبق حكم المادة 65 من القانون المدني الملغي إلا على المنشآت التي يقصد بإنشائها بقاؤها على وجه الدوام سواء كانت بناء أو غراساً ومن ثم فلا مجال لإعمال حكمها على المحاصيل الزراعية الدورية لما لها من نهاية معلومة.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه حين قرر استحقاق المستأجر للمصروفات التي أنفقها على الزراعة القائمة في العين المؤجرة حتى تاريخ التسليم وقضى بإلزام المؤجر بها لم يبين الأساس القانوني لهذا الإلزام بل جاءت أسبابه في هذا الخصوص مبهمة بحيث يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق الحكم لأحكام القانون، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليهم رفعوا على الطاعن الدعوى رقم 1527 سنة 1948 مدني كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبين الحكم بإلزامه بدفع مبلغ 796 ج والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة قائلين في بيان دعواهم إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 25/ 9/ 1946 أجر لهما الطاعن 325 فداناً لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أول نوفمبر سنة 1946 وتنتهي في آخر أكتوبر سنة 1949 مقابل إيجار سنوي قدره 4550 ج يدفع على قسطين أولهما وقدره 1550 ج في أول يونيه من كل سنة وثانيهما وقدره 3000 ج في أول أكتوبر من كل سنة. ولما لم يقم بالتزاماته المترتبة على العقد المذكور رفعوا عليه عدة دعاوى فلجأ من جانبه إلى رفع الدعوى رقم 207 سنة 1948 مستعجل مصر طلب فيها إخلاء العين المؤجرة وإذ وافقوه على هذا الطلب فقد صدر الحكم بالإخلاء والتسليم ونفذ الحكم في 6 مارس سنة 1648 واستلم العين بما عليها من الزراعة الشتوية ولما كانوا قد أنفقوا في سبيل هذه الزراعة وتهيئة الأرض لزراعة القطن مبلغ 796 ج فقد رفعوا هذه الدعوى للمطالبة بهذا المبلغ ومحكمة الدرجة الأولى قضت في 24 ديسمبر سنة 1951 بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعيين (المطعون عليهم) مبلغ 743 ج و555 م والمصاريف المناسبة ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 366 سنة 69 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 25/ 4/ 1954 بندب خبير زراعي لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها ثم قضت في موضوع الدعوى بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1957 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف عليهم المطعون عليهم مبلغ 722 ج والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة - وبتاريخ 16 من أبريل سنة 1958 طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصوره في بيان السند القانوني الذي أقام عليه قضاءه ذلك أن عقد الإيجار الذي كان مبرماً بين الطاعن والمطعون عليهم اتفق فيه صراحة على أنه إذا تأخر المستأجر في سداد أي قسط من أقساط الإيجار في المواعيد المتفق عليها يفسخ العقد من تلقاء نفسه بقوة القانون وبغير حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو صدور حكم بذلك وقد تأخر المطعون عليهم في سداد إيجار السنة الزراعية الأولى المستحق في أول أكتوبر سنة 1947 وبذلك فسخ عقد الإيجار بقوة القانون منذ ذلك التأخير إلا أن المطعون عليهم ظلوا يضعون اليد على العين المؤجرة حتى صدر ضدهم حكم بالإخلاء في 21 يناير سنة 1948 نفذ بالتسليم في 6 مارس سنة 1948 وبناء على ذلك فإن وضع يدهم على العين المؤجرة وزراعتهم لها بعد فسخ عقد الإيجار يجعلهم في حكم من زرع في أرض غيره بسوء نية مما ينطبق عليه نص المادة 65 من القانون المدني الملغي ولما كانت تلك المادة تخير صاحب الأرض - إذا اختار إبقاء الغراس - بين دفع قيمة الغراس مستحق القلع وبين دفع مبلغ مساو لما زاد في قيمة الأرض بسبب ما حدث فيها وقد اختار الطاعن دفع قيمة الغراس مستحق القلع إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بتكاليف الزراعة وهو ما يعني قيمة الغراس مستحق البقاء دون أن يبين السند القانوني الذي أقام عليه قضاءه مما يشوبه بالقصور.
وحيث إنه وإن كانت المادة 65 من القانون المدني الملغي لا تحكم واقعة الدعوى إذ هي لا تنطبق إلى على المنشآت التي يقصد بإنشائها بقاؤها على وجه الدوام سواء كانت بناء أو غراساً ومن ثم فلا مجال لإعمال حكمها على المحاصيل الزراعية الدورية لما لها من نهاية معلومة إلا أن الحكم المطعون فيه حين عرض للفصل في الدعوى قرر ما يأتي "أما عن باقي المزروعات الموجودة فإنها زرعت في مواعيدها واستلمها المستأنف جاهزة في طور النضوج ولم يعد على المستأنف عليهم أية فائدة منها. ولما كانت الزراعة بعد تسليمها لم يعين عليها حارس ولم يبين ما إذا كان المستأنف قد اعتنى بها وأنتجت محصولاً وفيراً من عدمه فتقدير المحصول الناتج منها يكون محلاً للتأويل ولذلك يكون أقرب حل لتقدير صافي ما يستحقه المستأنف عليهم قبل المستأنف هو تقدير ما صرفوه على هذه الزراعة لحين تسليمها وقد احتسب الخبير المنتدب تقدير هذه المصروفات مبلغ 813 جنيهاً يستنزل منها ثمن البرسيم الأخضر الذي استلمه المستأنف عليهم قدره 91 جنيهاً فالباقي هو 722 جنيهاً وهو ما يقرب من المبلغ الذي صدر به الحكم المستأنف" ويبن من ذلك أن الحكم المطعون فيه حين قرر استحقاق المطعون عليهم للمصروفات التي صرفوها على الزراعة حتى تاريخ التسليم وقضى بإلزام الطاعن بها لم يبين الأساس القانوني لإلزام الطاعن بتلك المصروفات وجاءت أسبابه في هذا الخصوص مبهمة بحيث تعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق الحكم لأحكام القانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث سائر أسباب الطعن.

الطعن 442 لسنة 36 ق جلسة 8 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 71 ص 467

جلسة 8 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(71)
الطعن رقم 442 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "أجرة الحكر".
تقدير أجرة الحكر. يكون باعتبار الأرض المحكرة خالية من البناء أو الغراس. وجوب مراعاة صقع الأرض ورغبات الناس فيها فحسب.
(ب) إثبات "الإقرار". وقف.
إقرار ناظر الوقف بما لا يملك إنشاءه أو بما يضر بمصلحة الوقف. غير ملزم للوقف.

----------------
1 - تقدير القيمة الإيجارية للأرض المحكرة طبقاً لنص المادة 1005 من القانون المدني لا يكون إلا على اعتبار أنها حرة خالية من البناء أو الغراس ولا يراعى فيه غير صقع الأرض ورغبات الناس فيها، ولا يجوز أن يتأثر بما للمحتكرين عليها من حق القرار.
2 - إقرار ناظر الوقف بما لا يملك إنشاءه أو بما يضر بمصلحة الوقف، لا يعتبر ملزماً للوقف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الأوقاف أقامت الدعوى رقم 982 سنة 1951 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد ورثة ليونارد بوتاري طالبة الحكم "أولاً" بجعل الحكر السنوي 1403 ج و691 م ابتداء من مارس سنة 1950 وإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لها ما يستجد حتى الإخلاء والإزالة والتسليم "ثانياً" بفسخ عقد الحكر في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم مع إلزامهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت شرحاً للدعوى أن لوقف سيدي جابر الخيري قطعة أرض مساحتها 9357.94 ذراعاً مربعاً كائنة بشارع تانيس برمل الإسكندرية، وأن هذه الأرض محكرة للمطعون عليهم بأجرة سنوية قد رها 10 ج و750 م، ولما كان الحكر يتغير بتغيير الصقع والزمان والمكان وأن قومسيون الوزارة قد رأي في 6/ 10/ 1949 رفع هذه الأجرة إلى 1403 ج و961 م في السنة، وكان المطعون عليهم لم يستغلوا الأرض المحكرة من مدة طويلة فقد رفعت هذه الدعوى بالطلبات السابقة. دفع المطعون عليهم بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها، وفي 5/ 5/ 1952 حكمت المحكمة برفض الدفع برفض الطلب الخاص بالفسخ والتسليم وبندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر ابتداء من 10/ 5/ 1951 على أساس أجرة المثل، وقدم مكتب الخبراء تقريراً أطرحته المحكمة لإغفاله الأخذ عند تقدير القيمة الإيجارية بقاعدة النسبة القائمة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض عند التحكير، وقضت في 28/ 6/ 1953 بندب خبير لتقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل ثم تحديد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير، فباشر الخبير هذه المأمورية، وقدم تقريراً انتهى فيه إلى تقدير ثمن الأرض بمبلغ 53896 ج و6 م وتحديد أجرة الحكر على أساس النسبة بين قيمة الأرض في سنة 1282 هجرية وأجرة حكرها في ذلك التاريخ بمبلغ 1293 ج و504 م سنوياً، وعلى أساس أجرة المثل بمبلغ 1648 ج و429 م سنوياً. وفي 23/ 1/ 1955 حكمت المحكمة "أولاً" بجعل الحكر السنوي للأرض موضوع النزاع 1403 ج و690 م اعتباراً من 10 مايو سنة 1951 "ثانياً" بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعية بصفتها مبلغ 12 ج و811 م الحكر المستحق عن المدة من أول مارس سنة 1950 لغاية 9 مايو سنة 1951 بواقع 10 ج و750 م سنوياً "ثالثاً" إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعية بصفتها مبلغ 900 ج و719 م قيمة الحكر عن المدة من 10 مايو سنة 1951 لغاية 31 ديسمبر سنة 1951 بواقع 1403 ج و690 م سنوياً "رابعاً" إلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعية بصفتها مبلغ 4211 ج و70 م قيمة الحكر المستحق من أول يناير سنة 1952 لغاية 31 ديسمبر سنة 1954 مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذلك أخذاً بأجرة المثل في حدود طلبات الوزارة. وعدلت في أسباب حكمها عن الأساس الذي أمرت بمراعاته بالحكم الصادر في 28/ 6/ 1953 استناداً إلى نص المادة 165 من قانون المرافعات الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949، فاستأنف المدعى عليهم هذا الحكم منكرين على المحكمة حقها في العدول عن الأساس الوارد بالحكم السابق. وفي 21 فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، فطعن المحكوم ضدهم في ذلك الحكم بطريق النقض، وقيد طعنهم برقم 292 سنة 27 قضائية. وفي 10/ 1/ 1963 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية على محكمة استئناف الإسكندرية وقيدت بجدولها برقم 199 سنة 19 ق. وفي 3/ 2/ 1964 قضت المحكمة مجدداً بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتقدير قيمة حكرها في 10/ 5/ 1951 على أساس قيمتها الإيجارية في هذا التاريخ الذي رفعت فيه الدعوى مراعياً صقع الأرض ورغبات الناس فيها دون اعتبار لما يوجد بها من غرس أو بناء أو ما عسى أن يكون المحتكر قد أحدثه فيها من إتلاف أو تحسين ودون التأثر بما له من حق القرار. وأقام الحكم قضاءه على أنه إنما يتقيد في تقدير أجرة الحكر بالضوابط التي نصت عليها المادة 1005 من القانون المدني وأطرح بذلك حكم 28/ 6/ 1963 الذي اتبع قاعدة النسبة، فباشر الخبير هذه المأمورية وقدم تقديراً أثبت فيه أن وزارة التربية والتعليم استولت في 30/ 9/ 1958 على جزء من هذه الأرض مساحته 3222.50 متراً مربعاً وأصبح الباقي للمطعون عليهم 1986.91 متراً مربعاً وقدر الخبير أجرة الحكر للمتر المربع الواحد في تاريخ رفع الدعوى بمبلغ ستين مليماً في السنة وذلك وفقاً للأسس التي أوردها في تقريره. وفي 6/ 6/ 1966 حكمت المحكمة (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنفين (المطعون عليهم) بأن يدفعوا للمستأنفة مبلغ 12 ج و811 م قيمة الحكر المستحق عن المدة من 1/ 3/ 1950 حتى 9/ 5/ 1951 (ثانياً) بتعديل الحكم المستأنف وذلك بجعل الحكر السنوي لقطعة الأرض الموضحة بصحيفة الدعوى مبلغ ستين مليماً للمتر المربع سنوياً من 10/ 5/ 1951. (ثالثاً) بإلزام المستأنفين بأن يدفعوا للمستأنف عليها بصفتها مبلغ 1934 جنيهاً و717 مليماً قيمة المستحق لها من قيمة الحكر عن المدة من 10/ 5/ 1951 حتى 30/ 5/ 1966. طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وقدم المطعون عليهما الثاني والثالث والمطعون عليها الخامسة مذكرة بدفاعهم وطلبوا رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق من وجهين (أولهما) أن الحكم اعتمد في قضائه على تقرير الخبير المؤرخ 28/ 12/ 1965 الذي انتهى إلى تقدير القيمة الإيجارية لأرض النزاع بواقع 60 مليماً للمتر المربع الواحد في السنة، رغم فساد الأسس التي استند إليها واعتراض الطاعنة عليها، إذ جاء به أن الأرض المذكورة تقع في منطقة سكنية هادئة تفصل اقتناءها الطبقة فوق المتوسطة نظراً لكبرها وسهولة استغلالها، وقدر الخبير ثمنها عند رفع الدعوى في 10/ 5/ 1951 بواقع 15 ج للمتر المربع، وحدد القيمة الإيجارية لها بواقع 5% من ثمنها دون أن يوضح الأساس الذي بني عليه هذا التقدير، ثم عاد وخفض هذه القيمة من 75 قرشاً للمتر المربع إلى 75 مليماً بمقولة أنه هذه النسبة لا تتأتى إلا بإقامة مبان على الأرض بأقصى ارتفاع يسمح به عرض الشارع طبقاً لقوانين المباني، وأن هذه القوانين وإن كانت تسمح بإقامة عشرة أدوار على أرض النزاع إلا أن المحتكر لا ينبغي له أن يبني سوى دور واحد فقط لأن إقامة المباني المرتفعة تهدده بخسارة كبيرة عند انتهاء الحكر حيث تعود الأرض بما عليها عندئذ لمالك الرقبة أو يقوم المحتكر بهدمها، وبذلك يكون الخبير قد تأثر في تقدير أجرة الحكر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار خلافاً لما تقضي به المادة 1005 من القانون المدني ولمنطوق الحكم الصادر بندبه، كما أن الخبير عاد وهبط بالقيمة الإيجارية إلى 60 مليماً للمتر المربع الواحد في السنة تأسيساً على أن الأرض لا تحكر إلا إذا كانت فاسدة بأن كانت بركة أو مستنقعاً أو تلا فردهما المحتكر أو زال التل والأنقاض بنفقات من عنده، في حين أن الثابت بالأوراق أن المطعون عليهم لم يتمسكوا بهذا الوجه من الدفاع وأن أرض النزاع تقع على شارع الكورنيش بمنطقة اسبورتنج بالإسكندرية، وأنها كانت محكرة للمطعون عليهم منذ سنوات طويلة سابقة على تاريخ رفع الدعوى، وكانوا يقومون باستغلالها وأداء حكرها و(ثانيهما) أن الحكم المطعون فيه بعد أن اعتمد النتيجة التي انتهى إليها الخبير في تقدير أجرة الحكر للمتر المربع في السنة بمبلغ 60 مليماً بالنسبة لأرض النزاع جميعاً وقدرها 5308.87 متراً مربعا من تاريخ رفع الدعوى في 10/ 5/ 1951 حتى تاريخ استيلاء وزارة التربية والتعليم على جزء منها في 29/ 9/ 1958 وبالنسبة للباقي من الأرض وقدره 1986.915 متراًَ مربعاً من 30/ 9/ 1958 حتى 6/ 6/ 1966 تاريخ إصدار الحكم احتسب قيمة المستحق بواقع 3/ 5 القيمة الإجمالية، بحجة أنها طلبت في مذكرتها تقسيم الأجرة بين مالك الرقبة والمحتكر على أساس هذه النسبة، في حين أن المذكرة المقدمة منها قد تضمنت الأسس التي بنت عليها الطاعنة تقدير أجرة الحكر ولم تكن النسبة المذكورة سوى عنصر من عناصر التقدير فأطرح الحكم جميع الأسس الواردة بها فيما عدا النسبة سالفة البيان وإذ كان المبلغ المحكوم به أقل من أجرة المثل فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف المادتين 1004، 1005 من القانون المدني ولا يشفع للحكم قوله في هذا الخصوص أن الطاعنة قد تمسكت في مذكرتها الأخيرة بتقسيم الأجرة على أساسها، ذلك أن إقرار محامي الطاعنة لا ينهض حجة عليها لما فيه من ضرر على مصلحة الوقف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع نص في المادتين 1004، 1005 من القانون المدني على أنه لا يجوز التحكير بأقل من أجرة المثل وأن يرجع في تقدير الزيادة أو النقص في هذه الأجرة إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها بغض النظر عما يوجد بها من بناء أو غراس ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو صقع الجهة ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار، وقضى الحكم الاستئنافي الصادر في 3/ 2/ 1964 بندب خبير بضرورة إتباع أحكام المادتين السابقتين إلا أن الخبير بعد أن قدر ثمن المتر المربع من الأرض بخمسة عشر جنيهاً وحدد القيمة الإيجارية بواقع 5% من الثمن أي بمبلغ 75 قرشاً للمتر المربع عاد وهبط بهذه القيمة إلى العشر بمقولة إن المطعون عليهم لا ينبغي لهم أن يقيموا على أرض النزاع إلا دوراً واحداً من الأدوار العشرة التي يسمح بها عرض الشارع الذي تطل عليه طبقاً لقوانين المباني، وبذلك يكون قد تأثر في تقديره للقيمة الإيجارية لأرض النزاع بما للمحتكرين عليها من حق القرار، في حين أن تقدير هذه القيمة طبقاً لنص المادة 1005 من القانون المدني، لا يكون إلا على اعتبار أنها حرة خالية من البناء أو الغراس ولا يراعي فيه غير صقع الأرض ورغبات الناس فيها. وإذ هبط الخبير بهذه القيمة إلى 60 مليماً للمتر المربع على أساس أن الأرض لا تحكر إلا إذا كانت فاسدة وأن المحتكرين قد قاموا بالصرف عليها لجعلها قابلة للاستغلال، فإنه يكون قد بني ذلك على مجرد افتراض من جانبه لم يقل به المطعون عليهم أنفسهم ولم يقم عليه دليل من الأوراق، ويكون تقديره للقيمة الإيجارية لأرض النزاع على هذا النحو مخالفاً للقانون ولمنطوق الحكم الصادر بندبه. ولما كانت الطاعنة قد أبدت اعتراضها على الأسس التي بني عليها تقدير الخبير، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد هذا التقرير وأجاز التحكير بأقل من أجرة المثل ودون أن يناقش اعتراضات الطاعنة عليه فإنه يكون قد خالف القانون وجاء مشوباً بالقصور، كما أن الحكم إذ عول في قضائه على ما طلبه محامي الطاعنة في مذكرته الأخيرة من تقسيم أجرة الحكر بين مالك الرقبة والمحتكر وقضى بتخفيض الأجرة المستحقة للطاعنة إلى ثلاثة أخماس القيمة الإجمالية التي قدرها الخبير، مع أنه كان يتعين عليه الالتفات عن هذا الطلب على أساس أن التحكير لا يجوز بأقل من أجرة المثل وأن إقرار ناظر الوقف بما لا يملك إنشاءه أو بما يضر بمصلحة الوقف لا يعتبر ملزماً للوقف، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. ولما كان هذا الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين ضم المفردات لإمكان الفصل في الموضوع.