الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 2 مايو 2023

الطعن 22080 لسنة 89 ق جلسة 28 / 2 / 2022

باسم الشعب
محكمــة النقــــــــض
الدائــــــرة الجنائيــــــــــة
الاثنين (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / هاني عبد الجابر نائب رئيس المحكمــــة وعضوية السادة القضاة / أحمد عبد الودود و حازم بدوي وائـل شوقي و هاني مختار المليجي نواب رئيـــس المحكمـــة وحضور السيد رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد نبيل .

وأمين السر السيد / حسام الدين أحمد .

في الجلسة العلنية المُنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 27 من رجب سنة 1443 هـ الموافق 28 من فبراير سنة 2022م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقـم 22080 لسنة 89 القضائية .

المرفوع من :
...... محكوم عليــــــــــــه
ضــــــــــد
النيابــــة العامـــــــــــة

--------------------
" الوقائــــــع "
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضيه الجناية رقم 6655 لسنة ٢٠١٩ جنايات قسم أول الغردقة والمقيدة بالجدول الكلي برقم 556 لسنة ٢٠١٩ البحر الأحمر بوصف أنه في يوم 20 من مايو سنة 2019 بدائرة قسم أول الغردقة - محافظة البحر الأحمر:
1- أحرز بقصد التعاطي جوهر الترامادول مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- قاد مركبة آلية ( سيارة نقل بمقطورة ) تحت تأثير المخدر موضوع الاتهام الأول وترتب على ذلك موت كلاً من / حمدي عبد السلام حسين محمد وخالد بولس أسطس برسوم وأحمد محمد حسين، وإصابة كـلاً مـن / بطيحة أحمـد بطيحـة وأمـل فـؤاد السخاوي ومحمد جابر محمد وعثمان عبيد محمود ومحمود محمد محمود ومصطفى محمود على وسمير فرحان سعد ومحمد جابر عبد الوهاب ومصطفى محمود بدوي ووليد محمد زيدان.
3- تسبب خطأ في موت كل من / حمدي عبد السلام حسين محمد، وخالد بولس أسطس برسوم، وأحمد محمد حسين وكان ذلك ناشئاً عن أهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة وذلك بقيادته سيارة نقل بمقطورة حال تعاطيه المادة المخدرة محل الاتهام الأول.
4- تسبب خطأ في جرح / بطيحه أحمد بطيحة، وأمل فؤاد السخاوي، ومحمد جابر محمد، وعثمان عبيد محمود، ومحمود محمد محمود، ومصطفي محمود على، وسمير فرحان سعد، ومحمد جابر عبد الوهاب، ومصطفى محمود بدوي، ووليد محمد زيدان وكان ذلك ناشئاً عن أهماله ورعونته وعدم مراعاته للقوانين واللوائح والأنظمة وذلك بقيادته سيارة نقل بمقطورة حال تعاطيه المادة المخدرة محل الاتهام الأول.
وأحالته إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمُعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 7 مـن أكتوبر ۲۰۱۹ عملاً بالمواد ۲۳۸ الفقرتين الأولى والثانية، ٢٤٤ مـن قـانون العقوبات، والمواد ۱، ۲، 37/1 من القانون رقم ١٨٢ لسنة 1960 والمعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ والبند رقم (١٥٢) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1977، والمواد 1، 3، 4، 66، 67، 70 مكرراً، 76 من القانون 66 لسنة 1973 والمعدل بالقوانين أرقام ٢۱۰ لسنة 1980، 155 لسنة ۱۹۹۹، ۱۲۱ لسنة ٢٠٠٨، ٥٩ لسنة ٢٠١٤، ١٤٢ لسنة ٢٠١٤ مع إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات، بمُعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه عن التهمه الأولى وبمُعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات عن الثانية والثالثة والرابعة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 12 من نوفمبر سنة 2019، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 5 من ديسمبر من السنة ذاتها موقعٌ عليها من الأُستاذ / ...... المُحامى.
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

-------------------
" المحـكـمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز مخدر الترامادول بقصد التعاطي، والقتل والإصابة الخطأ، وقيادة سيارة تحت تأثير المخدر، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، والإخلال بحق الدفاع، والبطلان، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها، ولم يورد مؤدی أقوال شهود الإثبات ومضمون محضر الضبط الذى عول عليهما، ونص القانون الذي حكم بموجبه، في قضائه بالإدانة، وتمسك دفاع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي وركن الخطأ في حقه، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، وأن الحادث حصل نتيجة خطأ قائد السيارة الأخرى، وللقوة القاهرة، وخلو الأوراق من ثمة دليل على تجاوزه السرعة المقررة، وعدم جدية التحريات وتناقضها مع بعضها البعض، إلا أن المحكمة أطرحت بعض دفوعه بما لا يسوغ، ولم يرد على باقي دفوعه بمحضر الجلسة، وأقام الحكم قضائه بالإدانة على أدلة مبناها الظن والاحتمال، وعلى ما لا أصل له في الأوراق، فضلاً عن صدوره في غيبة النيابة العامة، ولم يعرض لأقوال شهود نفي الواقعة، وقضى بعقوبة مستقلة عن كل جريمة في حين أن الجرائم جميعها مرتبطة، مما يتعين توقيع عقوبة الجريمة الأشد، وخلت الأوراق من تقرير تلخيص لوقائعها، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله أن المتهم ...... بتاريخ الواقعة وحال قيادته السيارة نقل بمقطورة السيارة رقم ط ر ب ٦٧٤٨ ومقطورة رقم ط ر ج 5983 - واقعاً تحت تأثير جوهراً مخدراً تعاطاه - الترامادول المخدر - اصطدم بالسيارة الأجرة رقم ط ر ف 9487 - حال وقوفها بالجانب الأيمن للطريق لإنزال أحد الركاب مما تسبب خطأ في موت كل من / حمدي عبد السلام حسين محمد وخالد بولس أسطس برسوم وأحمد محمد حسين وجرحه خطأ كل من / بطيحة أحمد طيحة وأمل فؤاد السخاوي ومحمد جابر عبدالوهاب ومصطفى محمود بدوي ووليد محمد زيدان وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم مراعاته القوانين واللوائح . وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعن أدلة، مستمدة من أقوال شهود الإثبات، ومما ثبت من تقرير المعمل المشترك بالغردقة، والتقارير الطبية للمتوفين والمصابين، وتقرير فحص بلاغ المصادمة والرسم الكروكي لمكان الواقعة، وتقرير وحدة الفحص الفني بإدارة مرور البحر الأحمر، وإقرار المتهم بتحقيقات النيابة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد -على خلاف ما يدعى الطاعن بأسباب طعنه مؤدي أقوال شهود الإثبات، وأشار إلى نص القانون الذي حكم بموجبه في بيانٍ وافٍ، فان ما أورده الحكم - على السياق المُتقدم - واضحٌ وكافٍ في بيان واقعة الدعوى - بيانا تتحقق به أركان الجرائم التي دان الطاعن بها، والأدلة التي استند إليها، وينبىء بجلاء عن ثبوتها في حقه، ومن ثم ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب، في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها، ولم يعول في ذلك على ما تضمنه محضر الضبط الذي لم يشر إليه في مدوناته، فإن ما ينعاه على الحكم من عدم بيان مؤدي محضر الضبط يكون غير قويم . لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه من المواد المخدرة، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً في الدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - في نطاق سلطته التقديرية وفي منطق سائغ وتدليل مقبول- قد استخلص من ظروف الواقعة وعناصرها - ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن، واستظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الواقع من قيادة الطاعن سيارته تحت تأثير المخدر واصطدامه بالسيارة الأجرة حال وقوفها على الجانب الأيمن للطريق لإنزال أحد الركاب، مما سبب الحادث، كما أورد الحكم - بناءً على التقارير الطبية - وفاة المجني عليهم وإصابة آخرين، وكان هذا الذي استخلصه له أصله الثابت بالأوراق وليس محل جدل من الطاعن، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا يقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من واقعات الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر، ومن ثم فإن ما أورده الحكم المطعون فيه يتوافر به الخطأ في حق الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين النتيجة، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً ويكون ما يثيره الطاعن في غير محله. أما ما يثيره الطاعن من أن خطا الغير السائق الآخر كان السبب في وقوع الحادث، فإنه لا جدوى له فيه لأنه - بفرض قيامه - لا ينفي مسئوليته الجنائية عن الحادث التي أثبت الحكم قيامها في حقه، ذلك بأن الخطأ المشترك - في نطاق المسئولية الجنائية - لا يخلى المتهم من المسئولية ومادام الحكم في هذه الدعوى قد دلل على توافر الأركان القانونية لجريمة القتل والإصابة الخطأ التي دان الطاعن بها من ثبوت نسبة الخطأ إليه ومن نتيجة مادية وهي وقوع الضرر ومن رابطة سببية بينهما، وكان يشترط لتوافر حالة الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته منعه فإذا اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق الطاعن وأوردت صورة الخطأ الذي وقع منه ورتبت عليه مسئوليته فإن في ذلك ما ينتفى معه القول بحصول الواقعة عن حادث قهري، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم أنه لم يركن في إثبات الخطأ لدى الطاعن إلى أنه كان يقود سيارته بسرعة عالية أو تجاوزه السرعة المقررة، ومن ثم فلا جدوى مما يدعيه من خلو الأوراق من ثمة دليل يشير إلى ذلك، إذ أنه لا أثر له في قضاء الحكم، ومن ثم يكون ما ينعاه في هذا الشق غير سائغ . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيرادا له وردا عليه . لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه من أوجه تناقض التحريات مع بعضها البعض، بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التي يقول إنه أثارها وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة، فان ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكما مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فان منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق، بل ساق نعيه مرسلاً مجهلاً، وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن النيابة العامة كانت ممثلة في الدعوى، وكان الأصل في الإجراءات الصحة، فإن الزعم بإثبات هذا البيان مغاير للواقع يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك، وكان الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه إذ أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات، يدل على ذلك أن المادة 381 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها إلى الأحكام التي تتبع في الجنح والمخالفات وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .لما كان ذلك، وكان صحيحاً ما ذهب إليه الطاعن من خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذا أوقع عليه عقوبة مستقلة عن جرائم القتل والإصابة الخطأ، وقيادة السيارة تحت تأثير المخدر رغم عدم وجوب توقيعها - لقيام الارتباط بين تلك الجرائم وبين جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي التي أوقع عليه عقوبتها باعتبارها الجريمة الأشد - مما يتعين- إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959- تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبتي الحبس والغرامة عن التهم الثانية والثالثة والرابعة، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن التهم الثانية والثالثة والرابعة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

فتوى 693 في 15/ 10/ 1995 جلسة 4/ 10/ 1995 ملف رقم 32/ 2/ 2320 مكتب فني 50 ق 7 ص 21

(فتوى رقم 693 بتاريخ 15 / 10/ 1995 في جلسة 4/ 10/ 1995 رقم الملف 32/ 2/ 2320)
(7)
جلسة 4 من أكتوبر سنة 1995

رسوم - رسوم جمركية - اتفاق التعاون الفني بين جمهورية مصر العربية وحكومة هولندا - إعفاء سيارات الركوب الخاصة.
المادة (5) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1973 - المشرع وضع أصلاً عاماً يقضي بخضوع جميع الواردات للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب الإضافية استثناءً من ذلك: المادة 101 من القانون ذاته - أجاز المشرع الإفراج مؤقتاً عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم المقررة - شرط ذلك: أن يتم بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية - اتفاق التعاون الفني بين جمهورية مصر العربية وحكومة هولندا الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 65 لسنة 1977 - مفاده: إعفاء المركبات ذات المحركات والمعدات الأخرى المقدمة من الحكومة الهولندية للحكومة المصرية من كافة الرسوم على الواردات - نتيجة ذلك: إعفاء سيارات الركوب الخاصة من الرسوم الجمركية - تطبيق.

---------------
استبان للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع أن المادة (5) من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 تنص على أن "تخضع البضائع التي تدخل أراضي الجمهورية لضرائب الواردات المقررة في التعريفة الجمركية علاوة على الضرائب الأخرى المقررة وذلك إلا ما يستثنى بنص خاص .. وتحصل الضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم التي تستحق بمناسبة ورود البضاعة أو تصديرها وفقاً للقوانين والقرارات المنظمة لها. ولا يجوز الإفراج عن أية بضاعة قبل إتمام الإجراءات الجمركية وأداء الضرائب والرسوم المستحقة ما لم ينص على خلاف ذلك في القانون" وتنص المادة (10) من القانون ذاته على أنه "يجوز الإفراج مؤقتاً عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم المقررة وذلك بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير الخزانة ...". كما تبين للجمعية العمومية أن اتفاق التعاون الفني بين جمهورية مصر العربية وحكومة هولندا الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 65 لسنة 1977 نص في المادة الخامسة منه على أنه "ستعفى حكومة (ج. م. ع) المعدات (المركبات ذات المحركات) والمعدات الأخرى التي تقدمها الحكومة الهولندية والمرتبطة بمشروع ما من كافة الرسوم على الواردات أو أي رسوم أخرى".
ومفاد ما تقدم, أن المشرع وضع أصلاً عاماً في قانون الجمارك يقضي بخضوع جميع الواردات للضرائب الجمركية وغيرها من الضرائب الإضافية الأخرى المقررة على الواردات ما لم يرد نص خاص بإعفائها وتحصل هذه الضرائب عند ورود البضاعة. واستثناءً من ذلك أجاز المشرع الإفراج مؤقتاً عن البضائع دون تحصيل الضرائب والرسوم المقررة وذلك بالشروط والأوضاع التي يحددها وزير المالية. وأن اتفاق التعاون الفني بين جمهورية مصر العربية وحكومة هولندا الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 65 لسنة 1977 أعفى المركبات ذات المحركات والمعدات الأخرى التي تقدمها الحكومة الهولندية للحكومة المصرية والمرتبطة بمشروع ما يجرى تنفيذه من كافة الرسوم على الواردات أو أي رسوم أخرى. وقد ورد إعفاء المركبات ذات المحركات بصيغة مطلقة لما مفاده انسحاب حكمها على سيارات الركوب الخاصة باعتبارها من المركبات ذات المحركات بركيزة من أن عبارة النص إذ وردت مطلقة فلا يسوغ تقييدها دون مقتضى أو دليل. ومن ثم تتمتع السيارة محل المنازعة الواردة برسم معهد شلل الأطفال بالإعفاء من الرسوم الجمركية وتغدو مطالبة مصلحة الجمارك الماثلة لا سند لها من صحيح القانون متعينة الرفض.

لذلك

انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى رفض المطالبة المقدمة من مصلحة الجمارك بإلزام معهد شلل الأطفال التابع للهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية أداء مبلغ 30885 (ثلاثين ألفاً و ثمانمائة وخمسة وثمانين جنيهاً) كرسوم جمركية مستحقة على سيارة ماركة بيجو طراز 505 مشمول البيان الجمركي رقم 1339 م. س.

الطعن 116 لسنة 13 ق جلسة 1 / 6 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 144 ص 396

جلسة أول يونيه سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-----------------

(144)
القضية رقم 116 سنة 13 القضائية

أ - نقض وإبرام. 

حكم تمهيدي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وفاء الدين الزائد على عشرة جنيهات بالبينة. تنفيذ هذا الحكم من جانب من صدر ضده ومناقشته شهادة الشهود مع سبق اعتراضه عليه. الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. لدفع بعدم قبول الطعن لسبق قبول الحكم بتنفيذه. لا يقبل.
ب - إثبات. 

مانع أدبي من الحصول على دليل كتابي (قرابة). تقديره. موضوعي.
(المادة 215 مدني)
جـ - حكم. تسبيبه. 

تضمن الحكم أسباباً غير سليمة. لا يضير الحكم ما دام فيه من الأسباب الأخرى ما يبرر قضاءه.

---------------
1 - إذا أصدرت محكمة الاستئناف حكماً تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وفاء الدين الزائد على عشرة جنيهات بالبينة لوجود مانع أدبي هو علاقة القربى بين طرفي الخصومة ولما هو ظاهر من ظروف الدعوى، فقام الصادر ضده هذا الحكم بتنفيذ مقتضاه، وناقش شهادة الشهود طالباً عدم الاعتداد بها، فلا يعتبر ذلك منه قبولاً للحكم مانعاً له من الطعن فيه (1). وخصوصاً إذا كان الثابت في مذكرته المقدمة منه للمحكمة الصادر منها هذا الحكم أنه اعترض على الادعاء بوجود مانع أدبي من الاستحصال على الكتابة.
2 - إن تقدير قيام المانع الأدبي من الحصول على دليل كتابي بالحق المتنازع فيه هو من المسائل التي تملك محكمة الموضوع تقديرها. فإذا أجازت المحكمة الإثبات بالبينة لوجود علاقة القربى بين طرفي الخصومة ولظروف الدعوى، وكانت القرابة قائمة حقيقة، فإنها تكون قد بينت بما فيه الكفاية ما أسست عليه قضاءها في ذلك.
3 - ما دام الحكم قد أجاز الإثبات بالبينة لوجود المانع الأدبي من الحصول على دليل كتابي فلا يجدي النعي عليه بأنه قد قبل إثبات التخالص من الدين المطالب به مجزءاً أجزاء يقل كل منها عن عشرة جنيهات احتيالاً على القاعدة الأصلية في الإثبات، لأنه لا يضير الحكم أن يكون قد تضمن أسباباً قانونية غير سليمة متى كان فيه من الأسباب الأخرى ما يبرر قضاءه.


(1) المفهوم من نص المادتين 361 و362 من قانون المرافعات في صدد الاستئناف هو أن تنفيذ الحكم التمهيدي برضاء الصادر ضده هذا الحكم لا يسقط حقه في استئنافه، وأن استئناف الحكم الصادر في أصل الدعوى يترتب عليه حتماً استئناف جميع الأحكام التحضيرية والتمهيدية التي سبق صدورها فيها ما لم تقرر المحكمة الاستئنافية أن طالب الاستئناف قبل تلك الأحكام قبولاً صريحاً. فالمناط في عدم قبول استئناف الأحكام التي تأمر بإجراء من إجراءات الإثبات هو الرضاء بالحكم رضاءً صريحاً لا تنفيذه ولو بالرضاء. وخصوصاً أن هذه الأحكام واجبة النفاذ حتماً رغم استئنافها (المادة 394 مرافعات). والطعن بطريق النقض يقاس - في هذا الخصوص - بالاستئناف، لأن الأمر بالنسبة إلى كليهما من هذه الناحية يؤول إلى ما إذا كان تنفيذ الحكم من جهة ما قضى به من التحقيق يعتبر قبولاً له أو لا يعتبر، وهاتان المادتان تقطعان بأن تنفيذ الحكم لا يعتبر لذاته قبولاً له.

الطعن 103 لسنة 13 ق جلسة 1 / 6 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 143 ص 395

جلسة أول يونيه سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(143)
القضية رقم 103 سنة 13 القضائية

إثبات. يمين. 

توجيه اليمين الحاسمة بصيغة معينة. المحكمة لا تملك تغيير هذه الصيغة تغييراً يؤثر في مدلولها ومعناها. حق المحكمة في رفض توجيه اليمين إلى الورثة عن واقعة علمها عند مورثهم.

-----------------
إذا ما وجهت اليمين الحاسمة بصيغة معينة فإن المحكمة لا تملك تغيير هذه الصيغة تغييراً يؤثر في مدلولها ومعناها، إذ الشأن في ذلك هو لمن يوجه اليمين دون غيره. فإذا رفضت المحكمة توجيه اليمين للورثة لكونها عن واقعة شخصية للمورث، وعلمها عنده هو - دون الورثة - باعتراف موجه اليمين، فإنه لا يصح لموجه اليمين أن ينعى عليها ذلك بمقولة إنه إنما كان يقصد منها أن يحلفوا على العلم فقط.
وخصوصاً إذا كان الورثة قد تمسكوا بأن توجيه اليمين بالصيغة التي وجهت بها غير جائز، وأن اليمين التي يصح توجيهها إليهم، بوصفهم ورثة، هي يمين الاستيثاق فقط، ومع ذلك لم يعدل الخصم صيغة اليمين بل لم يقل إنه إنما قصد يمين العلم.

الطعن 257 لسنة 46 ق جلسة 9 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 236 ص 1200

جلسة 9 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، صلاح الدين يونس ومحمد وجدي عبد الصمد.

---------------

(236)
الطعن رقم 257 لسنة 46 القضائية

(1، 2) ضرائب. "دعوى الضرائب". دعوى "ترك الدعوى". وقف. استئناف.
(1) وقف الدعوى طبقاً للقانون 14 لسنة 1962. اختلافه عن الوقف الاتفاقي المقرر في المادة 128 مرافعات. عدم تعجيل الدعوى خلال الثمانية أيام التالية لانتهاء مدة الوقف الاتفاقي. أثره. وجوب اعتبار المدعي تاركاً لدعواه.
(2) وقف محكمة الاستئناف نظر النزاع طبقاً للقانون 14 لسنة 1962. لا يحول دون أن تقضي بتأييد الحكم المستأنف القاضي باعتبار المدعي تاركاً لدعواه تعجيلها في الميعاد بعد انتهاء مدة الوقف الاتفاقي.

----------------
1 - وقف الدعوى طبقاً للقانون 14 لسنة 1962 له شروطه وأوضاعه الخاصة والمتميزة المقررة في القانون، وهو يختلف في مناطه وفي نطاقه عن أحكام الوقف الاتفاقي المقررة في المادة 128 من قانون المرافعات، وبمقتضاها رخص الشارع للخصوم في أن يتفقوا على وقف السير في الدعوى لمدة لا تزيد على ستة شهور من تاريخ إقرار المحكمة لهذا الاتفاق أياً كان سببه وأوجب تعجيلها خلال الثمانية أيام التالية لانقضاء هذه المدة ورتب على عدم تعجيلها في الميعاد اعتبار المدعي تاركاً استئنافه. لما كان ذلك وكانت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية قد أوقفت في 22/ 2/ 1972 لمدة ستة شهور باتفاق الطرفين ولم يعجل الطاعن دعواه إلا في 11/ 6/ 1973 وبعد انتهاء مدة الإيقاف بأكثر من ثمانية أيام ولم يثبت أن إجراءات الوقف المنصوص عليها في القانون 14 لسنة 1962 قد أثبتت أمام تلك المحكمة، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من اعتبار الطاعن تاركاً دعواه يكون طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من اعتبار الطاعن تاركاً دعواه - لعدم تعجيلها خلال الميعاد القانوني بعد انتهاء مدة الوقف الاتفاقي - فإنه لا يؤثر في ذلك أن تكون محكمة الاستئناف سبق أن أوقفت الدعوى مدة ثمانية عشر شهراً طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1962 لإعادة النظر في النزاع بين الطاعن ومصلحة الضرائب، لأنه متى كان الثابت إن إجراءات إعادة النظر لم تسفر عن اتفاق بين الطرفين، فإن الدعوى تعود بقوة القانون إلى الحالة التي كانت عليها قبل الوقف وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون سالف الذكر، ويكون للمحكمة عندئذ أن تفصل فيما هو مطروح عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت أرباح الطاعن من مهنة التصوير في السنوات من 1965 إلى 1968، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 25/ 4/ 1971 باعتبار أرباحه في كل السنوات من 1965 إلى 1967 مبلغ 832 جنيه وفي 1968 مبلغ 984 جنيه فقد أقام الدعوى رقم 132 سنة 1971 تجاري دمياط الابتدائية طعناً في هذا القرار. وبتاريخ 22/ 2/ 1972 قضت المحكمة بوقف الدعوى ستة شهور باتفاق الطرفين وفي 11/ 6/ 1973 عجل الطاعن الدعوى ودفعت مصلحة الضرائب باعتباره تاركاً دعواه. وبتاريخ 26/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم..... المنصورة وقضت المحكمة بوقف الدعوى ثمانية عشر شهراً طبقاً لأحكام القانون رقم 14 سنة 1962 في شأن إعادة النظر في المنازعات بين مصلحة الضرائب والممولين، ولم يتم الاتفاق بين الطرفين. وبتاريخ 11/ 1/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قضى بقبول الدفع المبدى من مصلحة الضرائب باعتبار الطاعن تاركاً لدعواه واستناداً إلى أنه لم يقم بتعجيلها خلال الثمانية أيام التالية لمدة الوقف عملاً بنص المادة 128 من قانون المرافعات، في حين أن الطاعن كان قد تقدم بطلب للصلح مع مصلحة الضرائب وكان الأمر معروضاً على لجنة إعادة النظر في المنازعات الضريبية، ومن ثم يكون الدفع باعتباره تاركاً دعواه لا محل له وما كان يجوز للمحكمة الابتدائية أن تقضي بقبوله بل كان يجب عليها أن توقف الدعوى مدة ثمانية عشر شهراً طبقاً لأحكام القانون رقم 14 سنة 1962.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن وقف الدعوى طبقاً للقانون رقم 14 سنة 1962 له شروطه وأوضاعه الخاصة والمتميزة المقررة في القانون، وهو يختلف في مناطه وفي نطاقه عن أحكام الوقف الاتفاقي المقرر في المادة 128 من قانون المرافعات، وبمقتضاها رخص الشارع للخصوم في أن يتفقوا على وقف السير في الدعوى لمدة لا تزيد على ستة شهور من تاريخ إقرار المحكمة لهذا الاتفاق أياً كان سببه وأوجب تعجيلها خلال الثمانية أيام التالية لانقضاء هذه المدة ورتب على عدم تعجيلها في الميعاد اعتبار المدعي تاركاً دعواه والمستأنف تاركاً استئنافه. لما كان ذلك وكانت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية قد أوقفت في 22/ 2/ 1972 لمدة ستة شهور باتفاق الطرفين، ولم يعجل الطاعن دعواه إلا في 11/ 6/ 1973 وبعد انتهاء مدة الإيقاف بأكثر من ثمانية أيام - ولم يثبت إن إجراءات الوقف المنصوص عليها في القانون رقم 14 سنة 1962 قد اتبعت أمام تلك المحكمة - فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من اعتبار الطاعن تاركاً دعواه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وذلك أنه انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي باعتبار الطاعن تاركاً دعواه مع أن محكمة الاستئناف سبق أن أوقفت الدعوى مدة ثمانية عشر شهراً عملاً بأحكام القانون رقم 14/ 1962 لإعادة النظر في النزاع بين الطرفين.
حيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من الرد على السببين السابقين - وقد انتهى صحيحاً إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من اعتبار الطاعن تاركاً دعواه فإنه لا يؤثر في ذلك أن تكون محكمة الاستئناف سبق أن أوقفت الدعوى مدة ثمانية عشر شهراً طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1962 لإعادة النظر في النزاع بين الطاعنة ومصلحة الضرائب، لأنه متى كان الثابت أن إجراءات النظر لم تسفر عن اتفاق بين الطرفين، فإن الدعوى تعود بقوة القانون إلى الحالة التي كانت عليها قبل الوقف وفقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون سالف الذكر، ويكون للمحكمة عندئذ أن تفصل فيما هو مطروح عليها، إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن رقم 43 لسنة 16 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 4 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من أبريل سنة 2023م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 43 لسنة 16 قضائية دستورية

المقامة من
شركة أطلس العامة للمقاولات والتنمية العقارية (الشركة المساهمة المصرية للمقاولات العبد - حاليًا)
ضــد
1 - رئيس الجمهوريـــة
2 - رئيس مجلس الوزراء
3 - وزير الصناعـة
4 -نقيب التطبيقييـــن

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر سنة 1994، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (52) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1979.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
كما قدمت نقابة المهن الفنية التطبيقية مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين ثلاثة تقارير برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وفى الجلسة الأخيرة قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، رددت فيها طلب الحكم برفض الدعوى، وقدمت الشركة المدعية حافظة مستندات طويت على صورة قرار الشركة القابضة للتشييد والتعمير رقم 180 لسنة 2020، بدمج الشركة المدعية في الشركة المساهمة المصرية للمقاولات العبد، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم. وبتاريخ 9/ 3/ 2023، قدم المدعى عليه الرابع طلبًا لفتح باب المرافعة في الدعوى، أرفق به حافظة مستندات ومذكرة.

---------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن نقابة المهن الفنية التطبيقية أقامت أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 5342 لسنة 1994 مدني كلي، ضد الشركة المدعية وآخرين، طالبة الحكم بندب خبير حسابي لتقدير قيمة دمغة نقابة المهن الفنية التطبيقية المستحقة لها عن الأعمال الإنشائية التي أقامتها الشركة لحساب وزارة العدل والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، وعن الأعمال التي قامت بها الشركة لحساب الغير لكافة قطاعات الدولة، إعمالاً لنص المادة (52) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية. ومن جانبها أقامت الشركة المدعية، أمام المحكمة ذاتها، الدعوى رقم 11390 لسنة 1994 مدني كلي، ضد النقابة المذكورة، طالبًة الحكم بعدم أحقيتها في المطالبة بتلك الدمغة. ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 15/ 11/ 1994، دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية نص المادة (52) من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1979، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، قررت التأجيل لجلسة 3/ 1/ 1995، لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت الشركة دعواها الدستورية المعروضة.
وحيث إنه عن الطلب المقدم من المدعى عليه الرابع لفتح باب المرافعة في الدعوى المعروضة، وإذ قُدم هذا الطلب بعد أن تهيأت الدعوى للحكم، فإن المحكمة تلتفت عنه.
وحيث إن المادة (52) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، معدلة بالقانون رقم 40 لسنة 1979، تنص على أنه يكون لصق دمغة النقابة إلزاميًّا على الأوراق والدفاتر والرسومات الآتية :
(أ) أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يقوم بها عضو النقابة لحسابه الخاص وأوامر التوريد الخاصة بها، وكذلك صورها التي تعتبر مستندًا ويعتبر العقد أصلاً إذا حمل توقيع الطرفين مهما تعددت الصور.
(ب) أوامر التوريد بالأمر المباشر وأوامر التكليف بالأعمال الفنية التطبيقية وعقود التوريد عن السلع والأدوات والأجهزة والمعدات التي تلزم للأعمال الفنية التنفيذية، وكذلك عقود الأعمال الفنية التنفيذية الأخرى على اختلاف أنواعها كالآلات والأدوات والأجهزة والمعدات وذلك كله طبقًا لما يحدده النظام الداخلي للنقابة وتعتبر الفواتير الخاصة بهذه التوريدات كعقود إذا لم تحرر لها عقود.
(ج) تقارير الخبراء الفنيين من أعضاء النقابة. وتكون قيمة الدمغة المستحقة طبقًا للفقرات السابقة كما يلى:
100 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 100 جنيه.
500 مليم عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 500 جنيه.
جنيه واحد عن العقود التنفيذية وأوامر التوريد والتقارير الفنية التي لا تزيد قيمتها على 1000 جنيه.
وتزاد خمسمائة مليم عن كل ألف جنيه تزيد على الألف جنيه الأولى.
(د) .......... (ه) ........
ويتحمل قيمة الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال أو التوريد أو مقدم الشكوى أو طالب تقدير الأتعاب أو رافع الدعوى حسب الأحوال ........
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألـة الدستورية، لازمًا للفصـل في الطلبـات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يدور حول طلب النقابة المدعى عليها الرابعة، إلزام الشركة المدعية بأداء قيمة الدمغة المستحقة على عقود الأعمال الإنشائية المبرمة بين تلك الشركة وكل من وزارة العدل والهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، وجميع عقود أعمال الإنشاءات التي أجرتها لحساب كافة قطاعات الدولة، خلال السنوات الخمس السابقة على تاريخ إقامة دعواها الموضوعية. وفي المقابل انحصرت طلبات الشركة المدعية في دعواها الموضوعية، في عدم أحقية النقابة المذكورة في المطالبة بأداء قيمة الدمغة المقررة على أصول عقود الأعمال الفنية السالف بيانها وصورها، ومن ثم تتحقق للشركة المدعية مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستورية البند (أ) من المادة (52) من القانون رقم 67 لسنة 1974 بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، معدلاً بالقانون رقم 40 لسنة 1979، وعجز المادة ذاتها فيما نصا عليه من أنه يكون لصق دمغة النقابة إلزاميًا على أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة، وكذلك صورها التي تعتبر مستندًا، ويتحمل قيمة الدمغة الطرف المسند إليه تنفيذ الأعمال. ويتحدد بهما نطاق الدعوى الدستورية المعروضة، دون باقي أحكام ذلك البند، وغيره من بنود المادة المطعون عليها، لعدم اتصالها بالنزاع الموضوعي.
وحيث إن الشركة المدعيـــة تنعى على النص المطعــون فيه - محددًا نطاقًا على النحو المتقدم - مخالفته للدستور، وللقوانين أرقام 66 لسنة 1974 بشأن نقابة المهندسين، و 84 لسنة 1976 بإنشاء نقابة مصممي الفنون التطبيقية، وقانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980، تأسيسًا على أن الدمغة المفروضة بموجب النص المطعون فيه على أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية وصورها، من شأنها تعدد الفرائض المالية على الوعاء ذاته، في حين أن قانون نقابة المهندسين هو القانون الواجب التطبيق على عقود أعمال المقاولات الإنشائية والمعمارية دون غيره، بحسبان الشركة تباشر أعمالاً هندسية بحتة، وأن ما قرره النص ذاته من استحقاق الدمغة على عقود الأعمال الفنية وكذلك صورها التي تعتبر مستندًا، إنما يصمه بالغموض واللبس وعدم الوضوح، لكونه رسمًا نسبيًّا لا يُحصّل إلا مرة واحدة على الأصل، كما أنه ألزم المخاطبين به بأداء فريضة مالية لا تقابلها خدمة فعلية تكون النقابة قد بذلتها لمن يتحملون بها، بالإضافة إلى أن إفراد النقابة المدعى عليها بمزية تحصيل تلك الدمغة على أصول العقود وصورها، يُعد تمييزًا جائرًا بينها وبين غيرها من النقابات المهنية، التي تحصل رسم الدمغة المقرر بشأنها على الأصل فقط، الأمر الذي يعيب مسلك المشرع في النص المطعون فيه، بمخالفة مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من دستور عام 1971، المقابلة للمادة (53) من دستور عام 2014.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبر عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، بحسبان نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة. متى كان ما تقدم، وكانت المناعي التي وجهتها الشركة المدعية إلى النص المطعون فيه، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقــوم في مبناهــا على مخالفته لقاعـدة فــي الدستور، مــن حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم، تباشر هذه المحكمة رقابتها القضائية على دستورية النص المطعون فيه، الذي ما انفك قائمًا نافذًا ومعمولاً به، في ضوء أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها، إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، الذي يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام- وعِوضًا عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الفريضة المالية محل النزاع الماثل، وعلى ضوء ما قرره النص المطعون فيه - في نطاقه المحدد سلفًا - من أيلولة حصيلتها إلى النقابة المدعى عليها، واختصها بحصيلتها التي تؤول إليها مباشرة، ولا تقابلها خدمة فعلية بذلتها تلك النقابة لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة عامة من الناحية الدستورية.
وحيث إن مؤدى ما نص عليه عجز نص الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور، من أنه ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأي متحصلات سيادية أخرى، وما يـودع منها في الخزانة العامة للدولة، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلاً عامًا يقتضي أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، فإنه يستفاد من هذا النص، بدلالة المخالفة - على ما أفصحت عنه مناقشات لجنــة الخمسين التي أعـــدت مشـروع الدستور- أن مقتضى هــذا النص أن الدستور قد أجـاز للمشـرع، على سبيل الاستثناء، وفي أضيق الحـــدود، أن يحــدد ما لا يودع من حصيلة المـــوارد العامة في الخزانـــة العامة، ليكون إعمـــال هـــذه الرخصــة - بحسبانها استثناء من الأصل العام- أداته القانون، وفي حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذي طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر المشرع، استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه.
وحيث إن الدستور قد اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعي أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدًا من ذلك، على ما أفصحت عنه المادة (8) منه، ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وناط بالقانون تنظيم القواعد التي تحقق هذا الهدف، وألزمت المادة (17) منه، الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعي، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمة، هو وأسرته.
وحيث إن المشرع منح النقابة المدعى عليها، بموجب المادة (1) من قانون إنشائها رقم 67 لسنة 1974، الشخصية الاعتبارية، واعتبرها الهيئة الممثلة للتطبيقيين المتمتعين بجنسية جمهورية مصر العربية، واتخذها هيئة استشارية للدولة في مجال تخصصها، تقوم على تحقيق أهداف الارتقاء بالمهن الفنية التطبيقية وتطويرها والمحافظة على كرامتها، ورفع مستوى أعضاء النقابة العلمي والفني، وذلك بتشجيع إصدار المجلات والنشرات الدورية وتشجيع التأليف والابتكارات العلمية والفنية التطبيقية بمواقع الإنتاج والعمل، والاشتراك في عقد المؤتمرات والندوات المتعلقة بشئون هذه المهن في داخل الجمهورية وخارجها، وتنمية وتعميق روح الإخاء والتعاون بين أعضاء النقابة، والمساهمة في توفير فرص العمل لهم وتوفير الخدمات الثقافية والاجتماعية والصحية والاقتصادية المناسبة لهؤلاء الأعضاء وأسرهم، ووضع وتطبيق الأسس الكفيلة بتنظيم واجبات أعضاء النقابة في خدمة الإنتاج ومراقبة قيامهم بها، وتعبئة وتنظيم جهود الأعضاء في خدمة الإنتاج لتحقيق الأهداف القومية وأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع ودعم مساهمة أعضاء النقابة في تحقيق التقدم الفني في مجال المهن الفنية التطبيقية واقتراح الحلول المناسبة لمشكلات هذه المهن، والمساهمة في تخطيط وتطوير وتنفيذ برامج ومناهج التعليم والتدريب الفني والمهني والصناعي بحيث تفي بحاجات المجتمع المتطورة، والتعاون مع المنظمات والجمعيات الفنية والهندسية الداخلية والخارجية، وعلى الأخص في البلاد العربية والإفريقية والأسيوية وتوثيق الروابط معها وتبادل الخبرات والمعلومات، ويشمل ذلك دراسة الموضوعات الفنية والمهنية ذات الطابع المشترك بالتعاون مع المنظمات المماثلة وتبادل المعلومات والخبرة والمطبوعات الفنية مع المنظمات المختلفة المهتمة بالارتقاء بالمهن الفنية والصناعية والتقدم بأساليبها التطبيقية، والتعاون مع التنظيمات المختلفة التي تعمل وتشارك في مجال الإنتاج الصناعي الفني والهندسي والمساهمة مع المنظمات الصناعية والفنية والهندسية المحلية والعربية والدولية في كل ما يخدم أهداف الإنتاج في المجتمع. كما نصت المادة (81) من القانون ذاته على إنشاء صندوق للمعاشات والإعانات يتولى منــح معاشــات وإعانــات لأعضــاء النقابــة، وجعــل مــن موارد هــذا الصندوق - على ما تضمنته المادة (82/ 7) من القانون المشار إليه - حصيلة طوابع الدمغة على الأوراق والدفاتر والعقود وغيرها، المنصوص عليها في المادة (52) منه.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن سبب فرض الضريبة، وأداة فرضها، ووعاءها، وسعرها، وعدالتها، إنما هي عناصر يتشكل منها بنيان الضريبة، فإن خالف أحدها الموازين الدستورية المقررة، وجب القضاء بعدم دستوريتها. متى كان ذلك، وكان فرض الضريبة المبينة بالنص المطعون فيه - محددًا نطاقًا على ما سلف بيانه - تغيا به المشرع تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة، وتقديم الرعاية الصحية لأعضاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، ممن أنشئت نقابتهم للدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، على ما جرى به نص المادة (76) من الدستور. وبهذه المثابة، فقد تراءى للمشرع توافر مبرر موضوعي، وسبب منطقي، لاستثناء الضريبة المشار إليها من مبدأ وحدة الموازنة، فأقرها بقانون، واختار وعاءها وفق سلطته التقديرية بضوابط تتماهى مع الغرض من إقرارها، وحدد سعرها ملتزمًا تخوم التناسب والاعتدال، وبيّن المكلفين بعبئها، مقيمًا رابطة سببية مباشرة لإلزامهم بها، بما يتفق وقواعد العدالة الضريبية، فيكون النص المطعون فيه - على ما تقدم بيانه - قد استوفى الضوابط الدستورية لفرض الضريبة بمقتضاه، ومن ثم، يغدو النعي عليه بمخالفة نص المادة (38) من الدستور، مفتقدًا سنده، خليقًا برفضه.
ولا يغير مما تقدم، قالة إن النص المطعون فيه - في حدود النطاق المحدد سلفًا- قد شابه الغموض واللبس وعدم الوضوح، وأفضى إلى تعدد الفرائض المالية على الوعاء الواحد، لأن ذلك مردود أولاً: بأن من المقرر قانونًا، أن العبارة التي يفرغ المشرع فيها أحد النصوص القانونية، إنما يتعين فهمها على ضوء المعنى الذي يستخلص منها عادة، وفق موضوعها، وبمراعاة سياقها، وبالنظر إلى الأغراض التي توخاها المشرع من مجموع النصوص التي أتى بها. وإذ جاءت عبارة النص المطعون فيه واضحة الدلالة على ما قصده المشرع منها، محددة وعاء الضريبة وسعرها والمحمل بعبئها على نحو ما سلف، فإن ما رمته به الشركة المدعية لا يكون صائبًا. فضلاً عن أن هذا النعي ينحل في حقيقته إلى طلب تفسير تشريعي، لم يتصل بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة في قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
ومردود ثانيًا : بأن دمغة نقابة التطبيقيين المفروضة بموجب النص المطعون فيه، تستحق على أصول وصور عقود الأعمال الفنية التنفيذية التي يباشرها أو يشرف عليها عضو النقابة، في حين أن دمغة نقابة المهندسين المفروضة بالقانون رقم 66 لسنة 1974 المشار إليه - وفقًا لأحكام المادة (46) منه - تستحق على الرسومات الهندسية التي يباشرها أو يوقعها عضو النقابة بصفته المهنية الخاصة، وإزاء تلك المغايرة، تنتفي قالة ازدواج الفريضة المالية المفروضة بالنص الطعين، مع الفريضة المالية المقررة بقانون إنشاء نقابة المهندسين المشار إليه. فضلاً عن أن تعدد الفرائض المالية على الوعاء الواحد، لا يُشكل في ذاته عيبًا دستوريًّا، طالما ثبت أن النهج الذى اختاره المشرع في تحديد سعر الفريضة المالية لا يؤدي إلى تآكل رأس المال المحمل بها، أو يتجاوز حدود المقدرة التكليفية للممولين المكلفين بأدائها.
ومردود ثالثًا: بأن المشرع قد نظم بموجب أحكام القانون المشتمل على النص المطعون فيه، قواعد تحصيل هذه الفريضة وجبايتها، كما فصَّل قواعد صرفها، ضمانًا لإنفاقها في الأغراض التي خُصصت لها، إعمالاً لمقتضى نص المادة (126) من الدستور، فضلاً عن خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وفقًا لأحكام قانون ذلك الجهـاز الصـادر بالقانـون رقـم 144 لسنة 1988. ومـن ثم، فإن ما تنعاه الشركة المدعية على النص المطعون فيه من غموض وتعدد للفرائض المالية، يضحى لا أساس له، متعينًا الالتفات عنه.
وحيث إنه عما تنعاه الشركة المدعية على النص المطعون فيه - في النطاق المحدد سلفًا - إخلاله بمبدأ المساواة، إذ منح النقابة المدعى عليها الحق في تحصيل دمغة النقابة على أصول عقود الأعمال الفنية التنفيذية وصورها التي تعتبر مستندًا مهما تعددت، دون غيرها من نقابات مهنية أخرى، فهو مردود بأن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مبدأ المساواة أمام القانون ليس مبدأ تلقينيًّا منافيًا للضرورة العملية، ولا هو بقاعدة صماء تنبذ صور التمييز جميعها، ولا كافلاً لتلك الدقة الحسابية التي تقتضيها موازين العدل المطلق بين الأشياء، وإذا جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائمًا من التدابير، لتنظيم موضوع محدد وتوقي شر تقدر ضرورة رده، وكان دفعها الضرر الأكبر بالضرر الأقل لازمًا، فإن تطبيقها مبدأ المساواة لا يجوز أن يكــون كاشفًا عن نزواتها، ولا منبئًا عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقادًا تنفلت بها ضوابط سلوكها، ولا هشيمًا معبرًا عن بأس سلطاتها، بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالاً في مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاءً أو عسفًا، ومن الجائز بالتالي، أن تغايـر السلطة التشريعية - ووفقًا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها ولا تخيل، ذلك أن ما يصون مبدأ المساواة ولا ينقض محتواه، هو ذلك التنظيم الذى يقيم تقسيمًا تشريعيًّا ترتبط فيه النصوص القانونية التي يضمها، بالأغراض المشروعة التي يتوخاها.
متى كان ما تقدم، وكانت الممايزة بين وعاء الضريبة التي فرضها النص المطعون فيه، وغيره من أوعية ضرائب الدمغة التي تفرضها تشريعات أخرى، مرده من وجهةٍ أولى: إلى اختلاف طبيعة أصول وصور عقود الأعمال الفنية التنفيذية عن غيرها من الأوراق والمستندات والعقود التي تفرض بمناسبتها ضريبة الدمغة في تشريعات النقابات المهنية الأخرى. ومن وجهةٍ ثانية: فإن تحديد وعاء الضريبة المطعون عليها، يتساند إلى السلطة التقديرية للمشرع، منضبطًا بالشرعية الدستورية الحاكمة لهذا العنصر من عناصر فرض الضريبة المشار إليها، كما أنه ومن وجهةٍ ثالثة: فإن النص المطعون فيه لم يقم تفرقة تحكمية بين المكلفين بعبئها، الأمر الذي يكون معه النص المطعون فيه قد التزم مبدأ المساواة، ولم يخرج على نص المادة (53) من الدستور فى أي من أحكامه.
وحيث إن النص المطعون فيه - في النطاق المحدد سلفًا - لا يخالف حكــمًا آخـر من أحكام الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن رقم 47 لسنة 44 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 8 / 4 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من أبريل سنة 2023م، الموافق السابع عشر من رمضان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 44 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بحكمها الصادر بجلسة 3/ 9/ 2022، ملف الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا

المقام من
على أنور ميزار باتع
ضــد
1 - رئيس الجمهوريــة
2 - وزيـر العدل
3- رئيس هيئة النيابة الإدارية

---------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الرابع من أكتوبر سنة 2022، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 3/ 9/ 2022، بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة، للفصل في دستورية نص المادة (40 مكرراً-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين مــن حكــم الإحالة وســائر الأوراق - في أن علي أنور ميزار باتع، أقام أمام المحكمة الإدارية العليا، الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، طالبًا الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 239 لسنة 2020 الصادر بتاريخ 22/ 5/ 2020، فيما تضمنه مـــن تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية، وما يترتب على ذلك من آثار، أخصها: أحقيته في التعيين بتلك الوظيفة من تاريخ صدور القرار، وإرجاع أقدميته بين زملائه المعينين، وصرف الفروق المالية المستحقة. قولاً منه إن هيئة النيابة الإدارية كانت قد أعلنت عن شغل وظيفة معاون نيابة إدارية بها، ونظرًا لاستيفائه الشروط اللازمة لشغل هذه الوظيفة، فقد تقدم لشغلها، واجتاز الاختبارات المقررة لذلك، إلا أنه فوجئ بتعيين آخرين دونه، مما حدا به إلى إقامة طعنه المشار إليه، توصلاً للقضاء له بطلباته. وبجلسة 3/ 9/ 2022، قضت المحكمة بوقف الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المــادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
وحيث إن المادة (40 مكرراً-1) من القرار بالقانون المشار إليه، تنص على أن تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء النيابة الإدارية بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.
كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات.
وتختص أيضًا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء النيابة الإدارية أو لورثتهم ولا تحصل رسوم على هذه الطلبات.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستوريـــة، وهى شـــرط لقبولهـا، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحـة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضـوع. ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة. والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحـرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولهــا. ومؤدى ذلك: أن الإحالة من محكمـة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعـــن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذي ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
متى كان ذلك، وكان المدعي في الدعوى الموضوعية، قد أقام أمام المحكمة الإدارية العليا، الطعن رقم 74219 لسنة 66 قضائية عليا، بطلب الحكم بإلغاء قرار تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية، بما قد يؤول إلى التأثير في المركز القانوني لأحد أعضاء النيابة الإدارية، ويعتبر بذلك متصلاً بشأن من شئونهم، ولو كان مقدمًا من غيرهم. وكان نص المادة (40 مكررًا-1) من القرار بالقانون رقم 117 لسنة 1958 المار ذكره - النص المحال - قد قصر الاختصاص بالفصل في الطلبات والمنازعات المبينة فيه، على إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها، وجعل التقاضي فيما يتعلق بها على درجة واحدة. ومن ثم فإن حسم دستورية ذلك النص، في حدود هذا النطاق، يكـون ذا أثر وانعكاس أكيد على النزاع الموضوعي المرتبط به، والتنظيم القانوني الحاكم لقواعد الفصل فيه، وولاية الدائرة المسند إليها الفصل في طلبات أعضاء النيابة الإدارية، بالمحكمة الإدارية العليا، لتتوافر بذلك المصلحة في الدعوى المعروضة في اختصام هذا النص في حدود نطاقه المتقدم.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال، إخلاله بمبادئ العدل وتكافؤ الفرص والمساواة، في مجال حق كل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي؛ وذلك بأن قصر التقاضي بالنسبة لأعضاء النيابة الإدارية على درجة واحدة، فعقد الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بشئونهم إلى المحكمة الإدارية العليا، دون محكمة القضاء الإداري، مكرسًا بذلك تمييزًا غير مبرر بين أعضاء الجهات والهيئات القضائية، بالمخالفة للمواد (4 و53 و97) من الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًّا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصـــر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الدستور قد اعتمد كذلك بمقتضى نص المادة (4) منه، مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضـة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها؛ فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند بالتالي إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (97) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعًا عن مصالحهم الذاتية. وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقــرر دستوريًّا بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى، أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها. كما أن هذا الحق باعتباره من الحقوق العامة التي كفل الدستور بنص المادتين (4 و53) المساواة بين المواطنين فيها، لا يجوز حرمان طائفة منهم من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهـو قيـام منازعة في حـــق مـن الحقوق - وإلا كان ذلك إهدارًا لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من الحق ذاته.
وحيث إن من المقرر أن تنظيم الحقوق منوط بالمشرع، وكان استعماله لسلطته في هذا الشأن رخصة يباشرها، كلما اقتضاها الصالح العام، وفي الوقت الذي يراه مناسبًا، إلا أن تدخله يغدو عزيمة إذا ما دعاه الدستور إلى تنظيم حق من الحقوق، كما هو الحال بالنسبة لحق التقاضي، فإن أدى مسلكه إلى الإخلال بهذا الحق كان ذلك مخالفًا للدستور.
وحيث إن الدستور قد حرص على تخصيص الباب الخامس منه لنظام الحكم، وحدد فيه السلطات العامة التي يتكون منها هذا النظام، وخصص الفرع الأول من الفصل الثالث للأحكام العامة الحاكمة للسلطة القضائية، باعتبارها إحدى السلطات العامة التي يتكون منها نظام الحكم في الدولة، مؤكدًا في المادة (184) منه على استقلالها، وأن تتولاها المحاكم بمختلف أنواعها ودرجاتها، ولذلك أوجب الدستور في المادة (186) منه كفالة استقلال القضاة الذين يتحملون أعباء هذه الولاية، وحصنهم بضمانـة عدم القابلية للعزل، وعدم خضوعهم في عملهم لغير القانون، وذلك باعتبار جهــات القضاء - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هى إحدى سلطات الدولة الثلاث، وتقوم على ولاية القضاء، وتستقل بشئون العدالة في مقابلة السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويجمعها مع الهيئات القضائية إسهامهم جميعًا في سير العدالة. ومن أجل ذلك كفلت المادة (185) من الدستور لكل جهة أو هيئة قضائية استقلالها، وتقوم كل منها على شئونها، وهو ما أكدته المادة (197) من الدستور، بنصها على أن هيئة النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، وحددت اختصاصاتها وصلاحياتها. وإذا كان الدستور قد كفل بمقتضى المادتين (4 و53) منه، مبدأ المساواة، بوصفه أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية - كما سلف البيان - فقد ضمن نص المادة (186) منه أحد تطبيقات هذا المبدأ، فساوى بين جميع القضاة في الحقوق والواجبات، أيًّا كانت جهة القضاء التابعين لها، والتي يندرج ضمنها حق التقاضي، باعتباره أحد الحقوق الشخصية التي كفلها الدستور في المادة (97) منه، وهو حق كفله الدستور بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة (197) منه لأعضاء النيابة الإدارية، حين قرر صراحة تمتعهم بكافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، لا سيما في خصوص المنازعات الإدارية المتعلقة بشئون أعضاء كل منها، بما يوجب إحاطتها بالوسائل الإجرائية عينها التي يقتضيها الدفاع عن حقوقهم، ذلك أن حرمان بعضهم منها دون مسوغ، يُعد عدوانًا على حقوقهم، وتقليص فرص حمايتها، رغم اتحاد طبيعتها، مما يستوجب أن تحكمها القواعد القانونية ذاتها عند توافر شروط تطبيقها، وبوجه خاص على صعيد الطعن في الأحكام الصادرة فيها، إذ لا يجوز أن يكون هذا الطريق متاحًا لأفراد فئة ومحجوبًا عن نظرائهم، بحسبانه أحد الوسائل القانونية للدفاع عن الحقوق والحريات التي كفلها الدستور، بمقتضى نص المادة (98) منه.
وحيث إن المادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، فيما تضمنته من النص على اختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا، دون غيرها، بالفصل في الطلبات والمنازعات المتعلقة بشئون أعضاء النيابة الإدارية، مقتضاه أن التقاضي بشأنها يتم على درجة واحدة. وإذ انتهج المشرع نهجًا جديدًا بالنسبة لأعضاء السلطة القضائية، الذين منحهم بمقتضى المادة (83) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، بعد استبدالها بالقانون رقم 142 لسنة 2006، الحق في التقاضي في شأن الطلبات الخاصة بهم على درجتين، فجعل الاختصاص معقودًا للدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة، مع إمكانية الطعن على أحكامها أمام دوائر المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض، مما يتيح لهم حماية أكبر في مجال استئداء حقوقهم، بأن أتاح لهم درجة أخرى من درجات التقاضي، يتناضلون فيها عسى أن يدركوا فيها ما فاتهم من أدلة لم يقدموها للدائرة المختصة، أو يكتشفوا وجهًا للدفاع لم يمكنهم اكتشافه في المرحلة الأولى، بما يكفل لهم الطمأنينة، حتى ينصرفوا لأداء رسالتهم على أكمل وجـه، وحتى ينالوا الترضية القضائية إنصافًا. وفي ضوء ذلك، قضت المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2018، في الدعوى رقم 125 لسنة 35 قضائية دستورية، بعدم دستورية نص المادة (104) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المستبدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1973، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بنظر الطلبات والمنازعات المتعلقة برجال مجلس الدولة على درجة واحدة. ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 45 (مكرر) بتاريخ 13/ 11/ 2018، كما قضت بحكمها الصادر بجلسة6/ 2/ 2021، في الدعوى رقم 82 لسنة 41 قضائية دستورية بعدم دستورية نص المادة (25 مكررًا) من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 المضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون أعضاء هيئة قضايا الدولة وطلبات التعويض عنها، والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو للمستحقين عنهم، على درجة واحدة. وهو ما حُرم منه أعضاء النيابة الإدارية، الذين عقدت المادة (40 مكررًا/ 1) - المحالة - الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بأي شأن من شئونهم إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها، وعلى درجة واحدة. ومن ثم يكون هذا النص قد أقام تمييزًا غير مبرر بين أعضاء تلك الهيئة وأقرانهم من أعضاء السلطة القضائية، رغم تماثل مراكزهم القانونية، إذ يجمعهم أنهم متساوون في الحقوق والواجبات، ويتمتعون بذات الحقوق وكافة الضمانات، ليضحى حرمان أعضاء النيابة الإدارية من هذا الحق، انتقاصًا من فرص الحماية القانونية للحقوق المقررة لهم بمقتضى أحكام الدستور ووسائلها التي اعتمدها المشرع، لا يرتكن إلى أسس موضوعية تبرره، بما يهدر شرط التناسب بين التنظيم الذي سنه كوسيلة لتحقيق الأهداف التي رصدها له، وبين تلك الغايــات، ليغــدو مصادمًا لتلك الأغــراض، وغير مرتبط بهــا برابطة منطقية، ومتضمنًا تمييزًا تحكميًّا بين كلتا الفئتين فــي مجــال مباشـرة الحـــق في التقاضي، والحـق في الدفـاع، ممـا يوقـع ذلك النص في حومـة مخالفـــة مبادئ العدل وتكافؤ الفرص والمساواة التي كفلها الدستور في المــواد (4 و9 و53 و185 و186 و197) منه، ويتضمن مساسًا بالحق في التقاضي وكذا الحق في الدفاع المقررين بالمـادتين (97 و98) منه، ومعطلاً بذلك مبدأ خضوع الدولة للقانون، الذي كفلته المادة (94) من الدستور، بعد أن قيد من نطاق ممارسة كل من هـــذين الحــقين، وانتقص من محتواهما ومضمونهما، بما يمس أصلهما وجوهرهما، وهو ما يصم النص المحال كذلك بمخالفة المادة (92) من الدستور، التي تضمنت الفقرة الثانية منها قيدًا عامًّا على سلطة المشرع التقديرية في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، بمقتضاه لا يجوز لأى قانون يسنه في هذا الخصوص أن يقيدها بما يمس أصلها أو جوهرها، فضلاً عن أنه بحرمانه لأعضاء النيابة الإدارية من هذه الضمانة، يكون قد انتقص من الاستقلال الممنوح للهيئة وأعضائها بالمخالفة للمادتين (185 و197) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (40 مكررًا-1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989، فيما تضمنه من قصر الاختصاص بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئون أعضاء النيابة الإدارية وطلبات التعويض عنها، والمنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم، على درجة واحدة.