الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أبريل 2023

قرار المجلس التنفيذي رقم (78) لسنة 2022 بشأن تنظيم المكتبات العامّة في إمارة دبي

 قرار المجلس التنفيذي رقم (78) لسنة 2022

بشأن

تنظيم المكتبات العامّة في إمارة دبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نحن   حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم  ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي

 

بعد الاطلاع على المرسوم بقانون اتحادي رقم (18) لسنة 2016 في شأن القِراءة،

وعلى القانون رقم (3) لسنة 2003 بشأن إنشاء مجلس تنفيذي لإمارة دبي،

وعلى القانون رقم (6) لسنة 2008 بشأن إنشاء هيئة الثّقافة والفُنون في دبي،

وعلى القانون رقم (1) لسنة 2016 بشأن النِّظام المالي لحُكومة دبي، ولائِحته التنفيذيّة وتعديلاتها،

وعلى القانون رقم (5) لسنة 2021 بشأن مركز دبي المالي العالمي،

وعلى المرسوم رقم (22) لسنة 2009 بشأن مناطق التطوير الخاصّة في إمارة دبي،

وعلى الأمر المحلي رقم (9) لسنة 2003 بشأن تنظيم المكتبات العامّة التابعة لبلديّة دبي ولائِحته التنفيذيّة،

وعلى التشريعات المُنشِئة والمُنظِّمة للمناطق الحُرّة في إمارة دبي،

 

قررنا ما يلي:

التعريفات

المادة (1)

 

تكون للكلمات والعبارات التالية، حيثُما وردت في هذا القرار، المعاني المُبيّنة إزاء كُلٍّ منها، ما لم يدل سياق النّص على غير ذلك:

الإمارة

:

إمارة دبي.

الهيئة

:

هيئة الثّقافة والفُنون في دبي.

أوعِية المعلومات

:

وتشمل جميع مواد القِراءة بمُختلف أشكالها وأنواعها، المطبوعة والرقميّة، المُتوفِّرة في المكتبة العامّة، بما في ذلك الكُتُب، المجلات، الدوريّات، الرّسائل، الأبحاث، المخطوطات، المُراسلات، الخرائط، الأشرِطة، المواد السمعيّة والبصريّة، الرُّسومات والمُجسّمات الطبيعيّة والصناعيّة.

المكتبة العامّة

:

مبنى أو موقع إلكتروني تابع للهيئة، يتم فيه جمع وتنظيم وإتاحة أوعِية المعلومات للاطلاع عليها من أفراد المُجتمع بكافّة الطُّرق المُتاحة، وكذلك الذي يتم فيه تقديم الخدمات التقليديّة والمُبتكرة المُتعلِّقة بالثّقافة والفُنون والآداب، وتشمل المكتبة الرقميّة.

المكتبة الرقميّة

:

منصّة إلكترونيّة تُنشِئها الهيئة أو تشترك فيها أو تنضم إليها، تحتوي على أوعِية المعلومات المُخزّنة بصُورة إلكترونيّة، والتي تُدار وتُستخدم وتُعرض بطريقة رقميّة، يُمكِن الوصول إليها بواسِطة الشّبكة الإلكترونيّة أو التطبيقات الذكيّة.

 

نطاق التطبيق

المادة (2)

 

‌أ-        تُطبّق أحكام هذا القرار على جميع المكتبات العامّة في الإمارة، بما في ذلك مناطق التطوير الخاصّة، والمناطق الحُرّة بما فيها مركز دبي المالي العالمي.

‌ب-    تُستثنى من تطبيق أحكام هذا القرار ما يلي:

1.       المكتبات المُنشأة بمُوجب تشريع خاص ولا تتبع الهيئة.

2.       المكتبات التي تُنشِئها الجهات الحُكوميّة في مقار عملِها.

 

أهداف المكتبة العامّة

المادة (3)

 

تهدف المكتبة العامّة إلى تحقيق ما يلي:

1.       نشر العِلم والثّقافة والوعي بين أفراد المُجتمع، وإتاحة مُختلف أشكال وأنواع أوعِية المعلومات لهُم.

2.       ترسيخ ثقافة المُطالعة والتعلُّم الذّاتي لدى الأجيال النّاشِئة، ورفع مُستوى وعيِهم بأهمّية القِراءة والبحث العِلمي والمعرفي والتفكير الابتكاري.

3.       المُساهمة في تعزيز الهويّة الوطنيّة، والتعريف بالتُّراث الثّقافي والعِلمي والأدبي لدولة الإمارات العربيّة المُتّحِدة، وموروثها الحضاري والإنساني.

4.       تطوير المهارات والقُدرات الثقافيّة والفكريّة والفنّية والإبداعيّة لجميع أفراد المُجتمع.

 

 

 

اختصاصات الهيئة

المادة (4)

 

لغايات هذا القرار، تتولّى الهيئة، في سبيل تحقيق أهداف المكتبة العامّة، القيام بالمهام والصلاحيّات التالية:

1.       إنشاء المكتبات العامّة في الإمارة، والإشراف على تجهيزها وتشغيلها وإدارتها، وتوفير الموارد البشريّة والمادّية والتقنيّة اللازمة لذلك.

2.       القيام بالدِّراسات اللازمة لتحديد مدى احتياج المناطق المُختلِفة في الإمارة لإنشاء المكتبات العامّة فيها.

3.       تقديم الخدمات المُختلِفة داخل المكتبات العامّة بجودة عالية ووفق أحدث الأساليب العلميّة والتكنولوجيّة، التي تُساعِد رُوّاد المكتبة العامّة على الاطلاع والبحث المعرِفي والثّقافي والعِلمي بِسُهولة ويُسر، وتحديث تلك الخدمات بشكلٍ مُستمِر.

4.       تنظيم الفعاليّات والأنشِطة الثقافيّة والفنّية والأدبيّة المُتنوِّعة في المكتبات العامّة، بما يتناسب مع مُختلف مُستويات أفراد المُجتمع وميولِهم واحتياجاتِهم.

5.       تزويد المكتبات العامّة بأوعِية المعلومات في مُختلف ميادين الثّقافة والعلم والمعرفة، وتغذِيتها بهذه الأوعِية بشكلٍ دوري ومُستمِر، وفقاً للمعايير والسِّياسات المُعتمدة لدى الهيئة في هذا الشأن.

6.       المُحافظة على مُحتويات ومُقتنيات المكتبات العامّة من الكُتُب والمخطوطات النّفيسة، وفقاً لأفضل المعايير والمُواصفات العالميّة، وعرضها بطريقة تُبرِز قيمتها الثقافيّة والأدبيّة والتاريخيّة.

7.       وضع الشُّروط والمعايير الخاصّة باختيار وامتلاك أوعِية المعلومات والاشتراك في قواعد البيانات والمكتبات الرقميّة.

8.       توفير أوعِية المعلومات المُناسِبة للأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص ذوي التحدّيات القِرائيّة.

9.       تأسيس وتطوير علاقات التعاون والشّراكات مع مُختلف المكتبات والمُؤسّسات الثقافيّة والتعليميّة والمِهنيّة التخصُّصيّة وغيرها من الجهات المعنيّة داخل الإمارة وخارجها.

10.   عقد الدّورات التدريبيّة في مجال علم المكتبات للعامِلين في المكتبات العامّة، لرفع كفاءتِهم وتنمِية مهاراتِهم.

11.   عرض وتقديم أفضل المُمارسات التي تقوم الهيئة باتِّباعها في مجال إنشاء المكتبات العامّة وإدارتها والإشراف عليها، وتقديم الاستشارات الفنّية والتخصُّصيّة في هذا المجال للجهات العامّة والخاصّة عند طلبها.

12.   إقامة معارض الكُتُب وعقد المُؤتمرات والنّدوات والمُحاضرات في المجالات المُتعلِّقة بالمكتبات والثّقافة والتُّراث والأدب والمُشاركة فيها.

13.   إتاحة فُرص اللقاء والحوار العِلمي بين مُرتادي المكتبات العامّة، وتزويدِهم بالمعلومات والأساليب اللازمة للبحث عن أوعِية المعلومات وتدريبهم على حُسن استعمالها لتحقيق الاستفادة المُثلى منها.

14.   الترويج لخدمات وفعاليّات المكتبات العامّة بكافّة وسائل الإعلام ومواقع التواصُل الاجتماعي.

15.   أي مهام أو صلاحيّات أخرى تكون لازمة لتحقيق أهداف المكتبة العامّة، تُحدِّدها اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

المكتبة الرقميّة

المادة (5)

 

‌أ-        تسري على المكتبة الرقميّة أحكام هذا القرار، بالقدر الذي لا يتعارض فيه مع طبيعتِها.

‌ب-    يتم تنظيم إنشاء المكتبة الرقميّة، وشُروط وضوابط استخدامها، والاستفادة من خدماتِها، بمُوجب اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

العُضويّة في المكتبة العامّة

المادة (6)

 

‌أ-        تكون العُضويّة في المكتبة العامّة مفتوحة لجميع أفراد المُجتمع ومُؤسّساتِه، وعلى الهيئة تحديد وتسهيل وتبسيط كافّة الإجراءات اللازمة لذلك.

‌ب-    تكون مُدّة الاشتراك في عُضويّة المكتبة العامّة (5) خمس سنوات، قابلة للتجديد لمُدَد مُماثِلة.

‌ج-     تُنظّم شُروط وفئات ومزايا العُضويّة في المكتبات العامّة، وكافة المسائِل المُتعلِّقة بهذه العُضويّة بمُوجب اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

 

 

استعارة أوعِية المعلومات

المادة (7)

 

يتم تنظيم أحكام استعارة أوعِية المعلومات، وتحديد الضّوابط والإجراءات اللازمة لذلك، بما فيها استيفاء التأمين وحالات مُصادرتِه، بمُوجب اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

التزامات الجهات والأفراد

المادة (8)

 

‌أ-        تلتزم الجهات الحُكوميّة والخاصّة في الإمارة بعدم إنشاء أي مكتبة مفتوحة للجُمهور في غير مقار عمل هذه الجهات إلا بعد الحُصول على مُوافقة الهيئة المُسبقة على ذلك.

‌ب-    يلتزم الأفراد بعدم إنشاء أي مكتبات مفتوحة للجُمهور في مساكِنهم الخاصّة بالإمارة إلا بعد الحُصول على مُوافقة الهيئة المُسبقة على ذلك.

 

الأفعال المحظورة

المادة (9)

 

يُحظر إتيان أي من الأفعال التالية داخل المكتبة العامّة:

1.       الإضرار بمرافق المكتبة العامّة ومُقتنياتِها من أوعِية المعلومات أو الأجهِزة أو الأنظِمة أو الأدوات أو الأثاث أو المُستلزمات أو إساءة استخدامها، أو الاعتداء على تطبيقاتها الذكيّة أو موقعها الإلكتروني أو اختراقه.

2.       التأخُّر في إعادة أوعِية المعلومات التي تم استعارتها من المكتبة العامّة عن الموعد المُحدّد لذلك أو إتلافها.

3.       استخدام عُضويّة تعود لشخص آخر للانتفاع من المزايا والخدمات التي تُقدِّمها المكتبة العامّة.

4.       عدم التزام الهُدوء داخل قاعات المكتبة العامّة، والتسبُّب في إزعاج الآخرين.

5.       الدُّخول إلى المكتبة العامّة بهيئة غير لائِقة أو بملابِس غير مُحتشِمة.

6.       دُخول الأماكن غير المُصرَّح بدُخولها داخل المكتبة العامّة دون إذن مُسبق من الهيئة.

7.       التدخين داخل المكتبة العامّة أو في أحد مرافِقها وقاعاتها المُغلقة.

8.       إدخال الحيوانات إلى المكتبة العامّة.

9.       استخدام مخارج الطّوارئ المُحدَّدة في المكتبة العامّة في الحالات غير الطارئة.

10.   التنظيم أو الدّعوة لعقد اجتماع أو تنفيذ فعاليّة في المكتبة العامّة دون الحُصول على تصريح مُسبق بذلك من الهيئة.

11.   تناول الطّعام أو الشّراب في غير الأماكن المُخصّصة لذلك داخل المكتبة العامّة، أو بشكل يضُر بمُقتنياتِها وبيئتِها الداخليّة.

12.   القيام بأي فعل من شأنه الإخلال بنظافة المكتبة العامّة.

13.   جمع التبرُّعات، أو الترويج لأي سِلَع أو بضائع بأي طريقٍ من طُرُق الدِّعاية والإعلان، أو الدّعوة لأي أفكار أو مُعتقدات، أو توزيع أي منشورات، قبل الحُصول على مُوافقة الهيئة المُسبقة على ذلك.

14.   أي أفعال أخرى يتم تحديدها في اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

الرُّسوم والتأمينات

المادة (10)

 

تستوفي الهيئة نظير الاشتراك في عُضويّة المكتبة العامّة، الرُّسوم والتأمينات المُحدَّدة في الجدول رقم (1) المُلحق بهذا القرار.

 

الجزاءات والتدابير الإداريّة

المادة (11)

 

‌أ-        مع عدم الإخلال بأي عُقوبة أشد ينُص عليها أي قرار آخر، يُعاقب كُل من يرتكِب أيّاً من الأفعال المُحدَّدة في الجدول رقم (2) المُلحق بهذا القرار بالغرامة المُبيّنة إزاء كُلٍّ منها.

‌ب-    تُضاعف قيمة الغرامة المُحدّدة في الجدول المُشار إليه في الفقرة (أ) من هذه المادة، في حال مُعاودة ارتكاب المُخالفة ذاتها خلال سنة واحدة من تاريخ ارتكاب المُخالفة السّابقة لها، وبما لا يزيد على (1000) ألف درهم.

‌ج-     بالإضافة إلى عُقوبة الغرامة المُشار إليها في الفقرة (أ) من هذه المادة، يجوز للهيئة اتخاذ واحد أو أكثر من التدابير التالية بحق المُخالِف:

1.     تعليق عُضويّته في المكتبة العامّة لمُدّة لا تزيد على (6) ستة أشهُر.

2.     إلغاء العُضويّة في المكتبة العامّة بشكلٍ دائم.

3.     الحرمان من دُخول المكتبة العامّة.

4.     مُصادرة مبلغ التأمين الذي تم استيفاؤه للعُضويّة في المكتبة العامّة وفقاً لأحكام هذا القرار.

‌د-       لا يحول فرض الغرامات المُقرّرة بمُوجب هذه المادة، دون قيام الهيئة بإلزام المُخالِف بالتعويض عن قيمة الأضرار التي تسبّب بوقوعِها، سواءً للمكتبة العامّة أو لأوعِية المعلومات، مُضافاً إليها ما نسبته (25%) من هذه القيمة كمصاريف إداريّة، ويُعتبر تقدير الهيئة لتلك التعويضات والمصاريف نِهائيّاً.

 

الضبطيّة القضائيّة

المادة (12)

 

تكون لمُوظّفي الهيئة الذين يصدُر بتسمِيتهم قرار من مُديرها العام صفة الضبطيّة القضائيّة في إثبات الأفعال التي تقع بالمُخالفة لأحكام هذا القرار ولائحته التنفيذيّة والقرارات الصّادرة بموجبِهما، ويكون لهُم في سبيل ذلك تحرير محاضر الضّبط اللازمة، والاستعانة بأفراد الشُّرطة عند الاقتضاء.

 

أيلولة الإيرادات

المادة (13)

 

تؤول حصيلة الإيرادات التي يتم استيفاؤها وفقاً لأحكام هذا القرار، بما فيها الرُّسوم والتأمينات والغرامات والتعويضات والمصاريف، إلى حساب الخزانة العامّة لحُكومة دبي.

 

إصدار اللائحة التنفيذيّة

المادة (14)

 

يُصدِر رئيس الهيئة اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

 

الإلغاءات

المادة (15)

 

يُلغى الأمر المحلّي رقم (9) لسنة 2003 ولائحته التنفيذيّة المُشار إليهِما، كما يُلغى أي نص في أي قرار آخر إلى المدى الذي يتعارض فيه وأحكام هذا القرار.

 

 

 

النّشر والسّريان

المادة (16)

 

يُنشر هذا القرار في الجريدة الرسميّة، ويُعمل به من تاريخ نشره.

 

 

حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم

ولي عهد دبي

رئيس المجلس التنفيذي

 

صدر في دبي بتاريخ 7 ديسمبر 2022م

الموافـــــــــــــق 13 جمادى الأولى 1444هـ

 

 

 

 


 

الجدول رقم (1)

بتحديد الرُّسوم والتأمينات الخاصّة بالعُضويّة في المكتبة العامّة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مبلغ التأمين (بالدرهم)

رسم العُضويّة (بالدرهم)

فئة العُضويّة

م

75

-

لمن هو دون سن (12) الثانية عشر عاماً.

1

150

50

لمن بلغ سن (12) الثانية عشر عاماً فأكثر، من غير طلبة المدارس ومُؤسّسات التعليم العالي.

2

150

-

الأشخاص ذوي الإعاقة، مِمّن بلغ سن (12) الثانية عشر عاماً فأكثر.

3

150

25

طُلاب المدارس ومُؤسّسات التعليم العالي.

4

150

-

حملة بطاقة ذخر، الصّادرة عن هيئة تنمِية المُجتمع في دبي.

5

150

25

مُوظّفو الجهات الحُكوميّة الاتحاديّة والمحلّية.

6

400

50

المُؤسّسات والجمعيّات غير الربحيّة.

7

200

100

العائِلات.

8

400

150

الجهات الحُكوميّة الاتحاديّة والمحلّية.

9

400

200

الشّركات والمُؤسّسات الخاصّة.

10

 


 

الجدول رقم (2)

بتحديد المُخالفات والغرامات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

م

وصف المُخالفة

مقدار الغرامة

(بالدرهم)

1

الإضرار بمرافق المكتبة العامّة ومُقتنياتِها من أوعِية المعلومات أو الأجهزة أو الأنظِمة أو الأدوات أو الأثاث أو أي مُستلزمات أخرى أو إساءة استخدامها.

50

2

التأخُّر في إعادة أوعِية المعلومات التي تم استعارتها من المكتبة العامّة عن الموعد المُحدَّد لإعادتها أو إتلافها.

50 فلس لِكُل وعاء عن كل يوم تأخير، وبحد أقصى 250 درهم

3

السّماح لشخص آخر باستخدام بطاقة العُضويّة في المكتبة العامّة للانتفاع من المزايا والخدمات التي تُقدِّمها المكتبة العامّة.

250

4

عدم التزام الهُدوء داخل قاعات المكتبة العامّة، والتسبُّب في إزعاج الآخرين.

250

5

دُخول الأماكن غير المُصرّح بدُخولها في المكتبة العامّة دون إذن مُسبق من الهيئة.

500

6

الدُّخول إلى المكتبة العامّة بهيئة غير لائِقة أو بلِباس غير مُحتشِم.

250

7

التدخين داخل المكتبة العامّة أو في أحد مرافِقها وقاعاتها المُغلقة.

500

8

إدخال الحيوانات إلى المكتبة العامّة.

250

9

استخدام مخارج الطّوارئ المُحدّدة في المكتبة العامّة في الحالات غير الطارئة.

500

10

التنظيم أو الدّعوة لعقد اجتماع أو تنفيذ فعاليّة في المكتبة العامّة، قبل الحُصول على تصريح مُسبق بذلك من الهيئة.

500

11

تناول الطّعام أو الشّراب في غير الأماكن المُخصّصة لذلك داخل المكتبة العامّة أو بشكل يضُر بمُقتنياتِها وبيئتِها الداخليّة.

250

12

القيام بأي فعل من شأنِه الإخلال بنظافة المكتبة العامّة.

250

13

جمع التبرُّعات، أو الترويج لأي سِلَع أو بضائع بأي طريقٍ من طُرُق الدّعاية والإعلان، أو الدّعوة لأي أفكار أو مُعتقدات، أو توزيع أي منشورات، دون الحُصول على مُوافقة مُسبقة من الهيئة.

500

14

مُخالفة أي التزامات أخرى تفرضها الهيئة بمُوجب اللائحة التنفيذيّة لهذا القرار.

250

 

الطعن 71 لسنة 9 ق جلسة 29 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 36 ص 93

جلسة 29 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(36)
القضية رقم 71 سنة 9 القضائية

تقادم. 

قطع المدّة. الانقطاع المدني. الانقطاع الطبيعي. شروطه. مرور أكثر من سنة على وضع اليد. زوال الحيازة بفعل أجنبي. بنك. تعيينه حارساً على أرض متنازع عليها. رفع يد المالك عن هذه الأرض. لا يقطع التقادم. 

(المواد 81 و82 مدني و26 مرافعات)

---------------
إن القانون المدني الأهلي قد نص في المادة 81 منه عن التملك بمضي المدّة على أنه "إذا انقطع التوالي في وضع اليد فلا تحسب المدّة السابقة على انقطاعه"، كما نص في المادة 82 على أنه "تنقطع المدّة المقرّرة للتملك بوضع اليد إذا ارتفعت اليد ولو بفعل شخص أجنبي. وتنقطع المدّة المذكورة أيضاً إذا طلب المالك استرداد حقه بأن كلف واضع اليد بالحضور للمرافعة أمام المحكمة أو نبه عليه بالرد تنبيهاً رسمياً إلخ". وانقطاع المدّة في الحالة الأولى يعرف بالانقطاع الطبيعي، وفي الحالة الثانية بالانقطاع المدني. والقانون المصري لم ينص على تحديد مدّة للانقطاع الطبيعي كما فعل القانون الفرنسي الذي نص في المادة 2243 على أنه يجب أن تكون مدة الانقطاع زائدة على سنة، وما ذلك منه إلا بالقياس على دعوى وضع اليد التي يشترط لرفعها ألا يكون قد مضى أكثر من سنة على غصب العين المطلوب استردادها مما يفيد أن الانقطاع الذي يستمرّ طوال هذه المدّة يكون واجباً الاعتداد به.
على أن القانون المصري ما دام قد حدّد في الفقرة الثالثة من المادة 26 مرافعات أهلي لقبول دعوى إعادة وضع اليد نفس المدّة التي حدّدها القانون الفرنسي فقد دل بذلك على أنه قد قصد هو الآخر إلى أن الحكم بإعادة وضع يد الحائز يزيل عنها شائبة الانقطاع فتكون الحيازة رغم ما كان قد طرأ عليها مستمّرة لها كل نتائجها. هذا ويجب في الانقطاع الطبيعي، فضلاً عن شرط المدّة، أن يكون زوال الحيازة بفعل شخص أجنبي. ولا يكفي لذلك مجرّد منع الحائز من الانتفاع بشخصه بالعين، بل يجب أن يكون واضع اليد الجديد منتفعاً بالعين لغير حساب الحائز. وبعبارة أخرى يجب أن يكون من شأن رفع يد الحائز حرمانه من ثمرات العين التي كان يحوزها ومن منافعها. فإذا عين البنك العقاري حارساً على أرض للمحافظة على حقوق الدائنين، وتسلم هذه الأرض، وارتفعت يد مالكها عنها فإن ذلك لا يصح اعتباره قطعاً للتقادم، لأن وضع يد البنك على الأرض بهذه الصفة لم يكن ملحوظاً فيه أن ينتفع بها البنك لنفسه بل ليحصل غلتها ويستوفى منها دينه ثم يرد ما بقى منها للمالك. 


الوقائع

تتضمن وقائع هذه الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق الأخرى المقدّمة لهذه المحكمة من الطرفين وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - أن السيدتين نبوية السيد حسن وفرحة أبو شعيشع المطعون ضدّهما الثانية والثالثة باعتا إلى الست زينب محمد المطعون ضدّها الأولى اثنين وعشرين فداناً بناحية الحامول مركز شربين بعقد عرفي لم يسجل، وذلك في أوّل يناير سنة 1915، وثابت تاريخه بصفة رسمية بقلم كتاب محكمة مصر المختلطة في 12 من فبراير سنة 1917 وقد ذكر في ذلك العقد أن المشترية تسلمت الأرض ووضعت يدها عليها والتزمت بسداد ما عليها من أقساط الدين المطلوب للبنك العقاري المصري. وفي 16 من إبريل سنة 1931 باعت السيدتان نبوية وفرحة إلى الطاعن 24 فداناً و11 قيراطاً و10 أسهم وكان من بينها الـ 22 فداناً المبيعة منهما من قبل إلى الست زينب. وقد سجل الطاعن عقد مشتراه في 18 من إبريل سنة 1931 ثم أجر الأرض إلى نفس المستأجر من الست زينب وتمكن بهذه الوسيلة من انتزاعها من حيازتها.
وفي 11 من نوفمبر سنة 1935 رفعت الست زينب محمد الدعوى رقم 53 سنة 1936 كلي المنصورة ضدّ الطاعن والمطعون ضدّهما الثانية والثالثة طلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها وكف منازعة المدّعى عليهم لها ومحو التسجيلات الموقعة على الأرض لمصلحة الطاعن. وقد حكمت محكمة المنصورة الابتدائية في 19 من مايو سنة 1936 بطلبات الست زينب. فاستأنف الطاعن حكمها طالباً إلغاءه ورفض دعوى الست زينب. وفي 9 من يونيه سنة 1937 قضت محكمة استئناف مصر بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضدّها الأولى. فطعنت هذه الأخيرة في حكم محكمة الاستئناف بطريق النقض والإبرام، ومحكمة النقض قضت في 24 من فبراير سنة 1938 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى.
وبإعلان تاريخه 13 من مارس سنة 1938 عجلت المطعون ضدّها الأولى الدعوى أمام محكمة الاستئناف طالبة تأييد الحكم المستأنف الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في 19 من مايو سنة 1936. وفي 24 من يناير سنة 1939 قضت محكمة استئناف مصر تمهيدياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدّها الأولى بكافة الطرق القانونية وضع يدها على الأرض المتنازع عليها بصفتها مالكة لها من تاريخ شرائها في أوّل يناير سنة 1915 إلى أن نزعها الطاعن من تحت يدها في سنة 1935 ورخصت لهذا الأخير بالنفي وإثبات أن المطعون ضدّها الأولى لم تضع يدها أصلاً، وأن الأرض كانت داخلة ضمن حراسة البنك العقاري المصري، وكلفت الطاعن بأن يودع المستندات المثبتة وضع الأرض تحت يد الحارس فعلاً. وقد نفذ ذلك الحكم التمهيدي بسماع شهود الطرفين إثباتاً ونفياً. وبعد المرافعة في الدعوى قضت محكمة الاستئناف في 16 من مايو سنة 1939 في موضوع الاستئناف المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقد بنت المحكمة حكمها على ما يأتي: (1) أنه قد ثبت لديها أن المطعون ضدّها الأولى قد وضعت يدها على الأرض منذ شرائها إياها في سنة 1915 إلى أن انتزعها الطاعن منها في سنة 1931 على إثر شرائه الجديد، وكان انتزاعها من طريق تأجيرها إلى نفس المستأجر للأرض من المطعون ضدّها الأولى. (2) أن حراسة البنك العقاري على الأرض لم تنفذ ولم يقدّم الطاعن ما يدل على أن البنك قد استولى فعلاً على الأرض تنفيذاً لحكم الحراسة. (3) أن الغرض من حراسة البنك كان الحصول على أقساط دينه وضمان سدادها، وقد تم له ذلك بصرف النظر عن الأمر الصادر بالحراسة.
وفي 27 من يونيه سنة 1939 قرّر محامي الطاعن أنه يطعن في حكم محكمة الاستئناف بطريق النقض والإبرام للأسباب التي دوّنها في تقرير طعنه... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يبنى طعنه على وجهين: (الأول) مسخ وتحريف المستندات المقدمة في الدعوى. (والثاني) خطأ في تطبيق القانون.
ويقول الطاعن في بيان الوجه الأول إنه قدّم حكماً من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة المنصورة المختلطة صادراً في 22 من أغسطس سنة 1917 قضى بتعيين البنك العقاري حارساً قضائياً على أرض النزاع ضمن أرض أخرى وخطاباً من ذلك البنك يفيد دخول تلك الأرض فيما عين حارساً عليه وخطاباً آخر من البنك أيضاً مذكوراً به أنه استلم فعلاً الأرض التي عين حارساً عليها، ولكن محكمة الاستئناف لم تأخذ بهذه المستندات القاطعة واعتبرتها لا تفيد استلام البنك للأرض المتنازع عليها استلاماً فعلياً.
ويقول الطاعن في بيان الوجه الثاني إن المادة (81) من القانون المدني تنص على أنه إذا انقطع التوالي في وضع اليد فلا تحسب المدّة السابقة على انقطاعه، وإن هذا الانقطاع قد حصل فعلاً بالنسبة لوضع يد المطعون ضدّها الأولى باستلام البنك الأرض بصفته حارساً عليها واستمرار حراسته إلى 29 من إبريل سنة 1918 ولم يكن البنك في وضع يده بهذه الصفة ممثلاً أو نائباً عن المطعون ضدّها الأولى التي لم تكن خصماً في دعوى الحراسة، ولم يكن عقدها مسجلاً حتى كانت تعتبر حائزة للعقار (tiers détenteur) ويصح اختصامها فيها، وإنه باحتساب مدّة وضع اليد بعد انتهاء الحراسة تكون أقل من مدّة التقادم المكسب للملكية.
هذا هو ما بني عليه الطعن المقدم.
وحيث إنه يتعين أن يستظهر بادي الرأي حكم القانون في أثر تسلم البنك العقاري بالفعل الأرض المتنازع عليها تنفيذاً لحكم الحراسة، وهل هذا التسلم، بفرض حصوله، يقطع مدة التقادم أو لا يقطعها إذ أنه في حالة ما يكون التسلم غير قاطع للتقادم يصبح الوجه الأوّل غير منتج إطلاقاً.
وحيث إن القانون المدني الأهلي قد نص في المادة (81) على أنه "إذا انقطع التوالي في وضع اليد فلا تحسب المدّة السابقة على انقطاعه". كما نص في المادة (82) على أنه "تنقطع المدّة المقررة للتملك بوضع اليد إذا ارتفعت اليد ولو بفعل شخص أجنبي. وتنقطع المدّة المذكورة أيضاً إذا طلب المالك استرداد حقه بأن كلف واضع اليد بالحضور للمرافعة أمام المحكمة أو نبه عليه بالرّد تنبيهاً رسمياً...". وانقطاع المدّة في الحالة الأولى يعرف بالانقطاع الطبيعي (interruption naturelle) وفي الحالة الثانية يعرف بالانقطاع المدني (interruption civile).
وحيث إن الحالة التي نحن بصددها إنما هي حالة انقطاع طبيعي ناشئ عن رفع يد الحائز بفعل شخص آخر.
وحيث إن القانون المصري لم يحدّد مدّة الانقطاع الطبيعي الذي يؤثر في التقادم المكسب للملكية، كما فعل القانون الفرنسي في المادة 2243 بأن أوجب أن تزيد مدّة الانقطاع عن سنة. والحكمة في تحديد هذه المدّة هي أنه متى استردّ الحائز حيازته من غاصبها في أثنائها فإن الانقطاع يعتبر كأنه لم يكن. أما إذا لم يفعل فلا يكون له حق في الاسترداد بعد انقضاء تلك المدّة التي لا تحمى إلا في أثنائها يد الحائز والتي تبدأ من تاريخ التعرض (مادة 23 من قانون المرافعات الفرنسي).
وحيث إن القانون المصري قد حدّد في الفقرة الثالثة من المادة 26 مرافعات أهلي نفس المدّة التي حدّدها القانون الفرنسي لقبول دعوى إعادة وضع اليد إذ قد نص على ما يأتي: "الدعاوى المتعلقة بالمنازعة في وضع اليد على العقار المبنية على فعل صادر من المدّعى عليه لم تمض عليه سنة قبل رفع الدعوى". فهو إذن يسير في روحه على هذه المبادئ التي تؤدّي - على ما سبق بيانه - إلى أن الحكم بإعادة وضع يد الحائز يزيل شائبة انقطاعها ويجعلها حيازة مستمرة ولها كل نتائجها.
وحيث إنه من جهة أخرى يجب أن يتوافر في انقطاع المدّة انقطاعاً طبيعياً أمران أساسيان: (الأوّل) زوال الحيازة (la dépossession) عن الحائز بفعل شخص أجنبي غير المالك. (الثاني) استمرار مدّة هذا الزوال لأكثر من سنة بحيث يمتنع على الحائز حق استرداد حيازته.
وحيث إنه بالنسبة للأمر الأوّل فإنه لا يكفي لتوافره مجرّد منع الحائز من الانتفاع بشخصه بالعين (la jouissance) بل يجب أن يكون واضع اليد الجديد منتفعاً بالعين لغير حساب الحائز. وبعبارة أخرى يجب أن يكون من شأن رفع يد الحائز حرمانه من ثمرات ومنافع العين التي كان يحوزها.
وحيث إنه في الدعوى الحالية قد عين البنك العقاري بتاريخ 22 من أغسطس سنة 1917 حارساً على أرض النزاع في وقت كانت فيه المطعون ضدّها الأولى مالكة للأرض تحت أحكام القانون القديم بموجب عقد البيع العرفي الصادر لها من المالكتين (المطعون ضدّهما الثانية والثالثة) في أوّل يناير سنة 1915 والثابت تاريخه بصفة رسمية في 12 من فبراير سنة 1917، وكان السبب في تلك الحراسة هو "المحافظة على حقوق الدائنين" على ما هو مذكور ذكراً صريحاً في إعلان دعوى الحراسة بناء على طلب البنك.
وحيث إنه وإن كان يترتب على نفاذ هذه الحراسة رفع يد المطعون ضدّها الأولى عن الأرض إلا إنه لا يصح أن يعتبر رفع يدها هذا قاطعاً للتقادم المكسب للملكية الذي تستند إليه الآن لحماية نفسها من تصرف البائعتين مرة ثانية إلى الطاعن. وذلك: (أوّلاً) لأن البنك لم يضع يده على الأرض لينتفع بها لنفسه بل ليحصل غلتها ويستوفي منها دينه (وهذا بلا ريب عمل في مصلحة المالك الظاهر) ويعود ما بقى منها لصاحب الحق فيه وهو بلا جدال المطعون ضدّها الأولى. (ثانياً) لأن وضع يد البنك على الأرض بهذه الصفة يجعله بعيداً عن الخضوع لأحكام دعاوى وضع اليد (Actions possessoires).
وحيث إنه يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد كان على حق في اعتباره حراسة البنك العقاري غير قاطعة للتقادم، وذلك حين ذكر ما يأتي: "يضاف إلى ذلك أن الغرض من صدور أمر الحراسة لصالح البنك المذكور لم يكن إلا بدافع المحافظة على ما استحق من أقساط دينه وضمان سدادها".
وحيث إنه متى استبان أن تسلم البنك للأرض المتنازع عليها تنفيذاً للحراسة لا يقطع التقادم في الدعوى المطروحة يكون البحث في الوجه الأول من وجهي الطعن غير منتج على ما تقدّم إيضاح ذلك جميعاً، ويتعين إذن رفض الطعن برمته.

الطعن 67 لسنة 9 ق جلسة 29 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 35 ص 85

جلسة 29 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(35)
القضية رقم 67 سنة 9 القضائية

مسئولية. 

تعهد الزوج بتعويض زوجته إذا طلقها. لا يخالف الشريعة ولا النظام العام. اضطراره إلى تطليقها بسبب فعل أتته. انقضاء الالتزام. تقدير ذلك. موضوعي.

--------------
إن تعهد الزوج بتعويض زوجته إذا طلقها ليس فيه مخالفة لأحكام الشريعة ولا للنظام العام. لكن هذا التعهد ينتفي الالتزام به إذا كان الزوج لم يطلق زوجته إلا بناء على فعل أتته هي اضطره إلى ذلك. وهذا من الأمور الموضوعية التي تقدّرها المحكمة بحسب ظروف كل دعوى وملابساتها.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر المستندات المقدّمة من طرفي الخصومة وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أن الطاعن تعرّف بالمطعون ضدّها في إنجلترا أيام إقامته بها فاتفقا في سنة 1929 على الزواج برضاء والديهما، وتم العقد في القاهرة بتاريخ 28 من مايو سنة 1930 أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية، وكان المهر المسمى في عقد الزواج ثلاثين جنيهاً ثلثاها معجل أقرّت الزوجة بقبضه والثلث مؤخر حتى حلول أحد الأجلين. وقد تعاشر الزوجان ثم اختلفا فتوجها لمحكمة مصر الشرعية يوم 9 من مارس سنة 1937 حيث أوقع الطاعن أمام القاضي طلقة رجعية على زوجته والتزم لها بنفقة عدّة بجميع أنواعها لمدة سنة مقدارها 17 جنيهاً شهرياً ابتداء من أوّل إبريل سنة 1937 إلى آخر مارس سنة 1938. ولما لم يؤدّ تلك النفقة تقدمت المطعون ضدّها لمحكمة عابدين الشرعية طالبة حبسه فقضت تلك المحكمة بتاريخ أوّل أغسطس سنة 1938 في القضية الجزئية رقم 860 سنة 37 - 1938 بحبسه ثلاثين يوماً نظير امتناعه عن دفع مائتين وأربعة جنيهات من تاريخ القبض عليه حتى يؤدّي لمطلقته هذا المبلغ أو يقدّم كفيلاً مقتدراً ترضاه فيفرج عنه حالاً.
وفي 14 من أغسطس سنة 1938 تنازل محامي المطعون ضدّها عن هذا الحكم وعن تنفيذه اكتفاءً بما تم يومها من المحاسبة وتسلم المطعون ضدّها باقي متجمد النفقة.
وكانت المطعون ضدّها رفعت قبل ذلك على الطاعن أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 559 كلي سنة 1938 وذكرت في صحيفتها المعلنة له بتاريخ 9 من فبراير سنة 1938 أنها تداينه في مبلغ ألفي جنيه بموجب سند وإقرار بالمديونية تاريخه 29 من إبريل سنة 1933 موقع عليه منه وثابت التاريخ بمحكمة الجيزة الجزئية في 4 من يناير سنة 1934 وطلبت سماعه الحكم بأن يدفع لها هذا المبلغ وفوائده بواقع خمسة في المائة من تاريخ المطالبة لحين السداد مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة والأمر بالنفاذ.
دفع الطاعن هذه الدعوى بأن الإقرار الصادر منه خال من ذكر سببه، وأنه من المحتم قانوناً أن يقوم كل التزام على سبب صحيح مشروع، وأن الالتزام هنا إنما قصد به تعويض المطعون ضدّها عن طلاقها، ولما كان الطلاق مقرّراً شرعاً فالسبب إذن غير مشروع.
والمحكمة بعد أن سمعت الأقوال الختامية لطرفي الخصومة قضت في 25 من يونيه سنة 1938 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدّها ألفي جنيه مصري وفوائدها باعتبار المائة خمسة سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية في 9 من فبراير سنة 1938 حتى تمام الوفاء والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المؤقت بلا كفالة ورفضت ما خالف ذلك من الطلبات.
استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بصحيفة أعلنها للمطعون ضدّها في 8 من أكتوبر سنة 1938 وقيدها تحت رقم 58 سنة 56 قضائية طالباً للأسباب التي أوردها الحكم بقبول استئنافه شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وإلزام رافعتها بمصاريفها والأتعاب عن الدرجتين.
وأمام محكمة الاستئناف صمم الطاعن على هذه الطلبات وطلبت المطعون ضدّها تأييد الحكم المستأنف، والمحكمة قضت بتاريخ 9 من مارس سنة 1939 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بالمصاريف وبثلثمائة قرش أتعاباً للمحاماة للمطعون ضدّها.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 22 من يونيه سنة 1939 فطعن فيه محاميه بطريق النقض في 22 من يوليه سنة 1939 بتقرير أعلنه للمدّعى عليها في الطعن بتاريخ 26 منه... إلخ.


المحكمة

وبما أن الطعن بني على أربعة وجوه: يتلخص الأوّلان منها في أن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أن المطعون ضدّها قد وافقت الطاعن على أن الدين المحرّر عنه إقرار 29 من إبريل سنة 1933 هو تعويض لها عن الطلاق قد ذهب إلى أن الإقرار بهذا الوضع لا يخالف الشريعة الإسلامية ولا النظام العام، وإنما لا يكون للمطلقة التعويض المشترط بمجرّد وقوع الطلاق، بل يجب أن يكون وقوعه غير مترتب على عمل من جانبها كسوء السلوك أو غيره، وأن يكون قد نالها من الطلاق ضرر. والبحث في هذا جميعاً مرتبط بأمور موضوعية تقدّرها المحكمة في كل دعوى على مقتضى ظروفها.
ويقول الطاعن إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه خطأ في القانون. فإن الشريعة الغرّاء قد منحت الزوج حق الطلاق دون أن يبين سببه، وذلك حرصاً على سمعة الزوجة وحفظاً للأخلاق العامّة وصيانة لكرامة العائلات. فإذا ما طولب الزوج بتعويض عند استعماله هذا الحق كان طبيعياً أن يبين سبب الطلاق ليدرأ عن نفسه الالتزام بالتعويض، وقد يكون في هذا البيان ما يفوّت حرص الشريعة الإسلامية على سمعة الزوجة والمحافظة على الأخلاق - ذلك الحرص الذي منحت من أجله حرية الطلاق من غير قيد. ومن هنا يستبين خطأ الحكم أيضاً في إجازته بحث ما إذا كان الطلاق ترتب على عمل من جانب المطلقة كسوء سلوكها أو لم يترتب، وهل أصابها منه ضرر أو لم يصبها إذ هذا البحث لا بد أن ينكشف به ما أرادت الشريعة ستره.
ويتلخص الوجه الثالث في أن الحكم المطعون فيه استخلص من واقعة انتقال الزوجين للمحكمة الشرعية، وتوقيع الزوج الطلاق، وفرضه على نفسه نفقة لها بمحض إرادته، أن الطلاق لم يكن سببه ما أشير إليه تلميحاً في مذكرة الطاعن من سوء سلوكها.
ويقول الطاعن إن هذا الذي استخلصه الحكم هو خطأ آخر في القانون فإن فرض النفقة للزوجة طواعية عند طلاقها هو تحقيق لفكرة الشارع من ستر سمعتها أو إخفاء السبب الذي دعا إلى طلاقها فلا يجوز أن يحاج الزوج به.
ويتلخص الوجه الرابع في أن محكمة أوّل درجة التي أخذ الحكم المطعون فيه فيما أخذ بأسباب حكمها قد فرقت بغير موجب قانوني بين حق إيقاع الطلاق وبين حق التعويض الناشئ عنه. فقالت إن التعهد بعدم إيقاع الطلاق هو تعهد غير قانوني دون التعهد الآخر، مع أن التعهد بدفع تعويض عند الطلاق منشؤه حق إيقاع الطلاق ذاته ومرتبط به فلا يجوز أن يظل قائماً ما دام المساس بحق إيقاع الطلاق يخالف النظام العام.
تلك هي وجوه الطعن المقدّمة.
وبما أن مرد ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي هو أوّلاً ما جاء في الفقرات الآتية من الحكم الابتدائي:
"وحيث إنه مع التسليم بأن في التزام الزوج بدفع تعويض لزوجته عند طلاقها قيداً لحق الطلاق المقرّر له شرعاً يتعين البحث فيما إذا كان في هذا القيد الذي قبله الزوج طواعية واختياراً مناقضة للمصلحة العامّة أو تعارض مع نظرة الشارع في شئون الزوجية مما لا تستسيغه النظم المقرّرة وتأباه قواعد الآداب المتواضع عليها".
"وحيث إن حق الطلاق وإن كان مقرّراً للزوج المسلم شرعاً إلا أنه حق مكروه، ويكفي في بيان كراهيته ما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق". وإنه بنص الفقهاء يرى أن الأصل في الطلاق المنع ولا يباح إلا لحاجة كبرى وريبة، فهو مشروع من جهة ومحظور من جهة أخرى، فمشروعيته من حيث إن فيه إزالة الزواج عندما تكون هناك داعية إليه، وحظره من جهة أن فيه قطع الزواج المترتبة عليه المصالح الدنيوية والأخروية. ولقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة). ففي الطلاق كفران النعمة وقطع هذه المودّة والرحمة التي بها مصالح الدين والدنيا (كتاب الأحوال الشخصية للشيخ محمد زيد الإبياني الجزء الأوّل صفحة 291 و292)".
"وحيث إنه متى كانت هذه هي النظرية الشرعية الصحيحة لحق الطلاق فلا جناح في التزام الزوج بإرادته واختياره تعويض زوجته عند طلاقها بما يدفع عنها المضرة. وهذا التعويض كثيراً ما يرد في نفس العقد على صورة جزء مؤجل من الصداق يستحق في أقرب الأجلين: الطلاق أو الوفاة. وليس ما يمنع من الاتفاق عليه بطريقة أخرى. ولا مخالفة في هذا الاتفاق للقانون أو النظام أو الآداب العامة حتى يمتنع على القاضي إقراره والأخذ به. ولقد أباحت الشريعة السمحاء للزوج أن ينزل عن شيء من حقوقه، كما أجازت للزوجة أن تشترط على زوجها ما تراه أكفل براحتها وأوفى بحاجتها. فللزوج شرعاً أن يفوّض الطلاق للمرأة ويملّكها إياه، وللزوجة أن ترضى بأقل من مهر مثلها في مقابل أن لا يخرجها زوجها من بلدها أو من بيت أبويها، أو تشترط أن يطلق ضرتها، أو أن لا يتزوّج عليها، فإن وفى بالشرط فلها المهر المسمى وقد تم رضاها، وإن لم يف بالشرط فلها مهر مثلها بتمامه. وقال الإمام أحمد: إذا تزوّجها على أن يطلق ضرتها في أسبوع فإن وفى فبها وإن لم يف فلها فسخ العقد لأنها لم تتزوّجه إلا على شرط مرغوب فيه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحق الشرط أن توافوا به ما استحللتم به الفروج" (كتاب الأحوال الشخصية السابق الإشارة إليه صفحة 125 - 137). فإذا كانت الشريعة الإسلامية قد أحلت للزوجة أن تشترط هذا، وقبله عند زواجها، وأوصى عليه الصلاة والسلام بالوفاء به بل جعله أحق الشروط بالوفاء، فكيف يعترض على الزوجة إذا هي اشترطت على زوجها أن ينزل إليها عن بعض ماله إذا طلقها، وكيف لا يباح لها ذلك وقد أبيح في الخلع أن يأخذ الزوج قضاء من زوجته العوض المتفق عليه مقابل طلاقها مهما كانت قيمته وسواء أكان هو المتسبب في الفرقة أم الزوجة أم هما معاً (كتاب الأحوال الشخصية ص 389). فإذا كان للزوج أن يتقاضى من زوجته ثمن فكاكها منه متى ارتضته فلا غضاضة في أن تتقاضى الزوجة من زوجها تعويضاً عن طلاقها متى ارتضاه والتزم به".
"وحيث إنه تبين مما تقدّم أن سبب الالتزام كما يصوّره المدعى عليه سبب صحيح مشروع لا شائبة عليه ولا مخالفة فيه للشرع أو للنظام أو الآداب العامة".
"وحيث إنه من المتفق عليه فوق ذلك أنه يجوز للشخص أن يتعهد مقدّماً بتعويض ضرر يحدثه للغير بعمل يأتيه ولو كان هذا العمل مشروعاً كالطلاق أو الزواج بامرأة ثانية. فإذا تعهد الزوج المسلم لزوجته ألا يتخذ غيرها زوجاً مدّة قيام الزوجية فهذا التعهد وإن كان لا يمنعه من الزواج بأخرى إلا أنه إذا التزم أن يدفع تعويضاً مالياً لزوجته الأولى في هذه الحالة فالتزامه صحيح. ولا يعترض عليه بأن الالتزام هنا شرط جزائي تابع لالتزام أصلي باطل فإن الالتزام بدفع التعويض في هذه الحالة يعتبر التزاماً أصلياً معلقاً على شرط مؤقت هو الزواج بأخرى. ومثل ذلك التزام الزوج بدفع تعويض لزوجته إذا طلقها. فلا يكيف هذا الاتفاق على أنه تعهد من الزوج بعدم الطلاق يقترن بشرط جزائي بل على أنه التزام أصلي معلق على شرط مؤقت هو وقوع الطلاق (النظرية العامة للالتزامات للأستاذ السنهوري ص 510 هامش 216".
أما الحكم المطعون فيه فقد ورد به ما يأتي:
"وحيث إن الاستئناف بني على سببين: (الأوّل) أن الإقرار موضوع النزاع جاء خالياً من ذكر سبب الدين. (والثاني) أن سبب الدين غير مشروع لأنه تعويض للمستأنف ضدّها يستحق لها في حالة طلاقها".
"وحيث إن محكمة أوّل درجة تناولت في حكمها الردّ على هذين السببين بغاية التفصيل سواء من الوجهة الشرعية أو من الوجهة القانونية، وهذه المحكمة تقرّها على ما أبدته في أسبابها، وتوافقها على ما رأته من أن التعهد من قبل الزوج بدفع تعويض لزوجته عن الطلاق لا يخالف الشريعة الغرّاء ولا النظام العام".
"وحيث إن المستأنف ضدّها قد وافقت المستأنف على أن الدين المحرّر عنه الإقرار موضوع النزاع هو تعويض لها عن الطلاق، فلا محل حينئذ للإحالة على التحقيق كما يطلب المستأنف لإثبات سبب المديونية".
"وحيث إنه بعد الأخذ بمبدأ أن مثل هذا التعهد جائز قانوناً فإن المستأنف ضدّها لا تستحق التعويض بمجرّد وقوع الطلاق بل يجب أن لا يكون وقوعه مترتباً على عمل حصل من جانبها كسوء السلوك مثلاً أو غيره ويشترط أن يكون قد نالها ضرر من وقوعه. وهذه مسائل موضوعية تقدّرها المحكمة في كل دعوى حسب ظروفها وملابساتها".
"وحيث إنه ثبت من الاطلاع على إشهاد الطلاق أن الزوج والزوجة انتقلا للمحكمة الشرعية، وقرّر الزوج توقيع الطلاق، وفرض على نفسه نفقة شهرية لمدّة سنة بمحض إرادته مما يقطع بأن الطلاق لم يكن سببه ما أشير إليه تلميحاً في مذكرة المستأنف من سوء سلوك الزوجة، كما أنه لم يتقدّم من المستأنف ما يستدل منه على صحة ما أشار إليه".
"وحيث إن المستأنف ضدّها قد نالها بلا شك ضرر من وقوع الطلاق فقد تركت بلادها وأهلها وقدمت مصر وتزوّجت بالمستأنف على عقيدة أنها ستصبح ربة منزل تجد فيه السعادة والطمأنينة على مستقبلها. أما وقد وقع الطلاق من جانب الزوج وبدون ما يبرره فقد فقدت كل هذه الآمال، ولذلك فهي تستحق التعويض المتفق عليه".
"وحيث إنه للأسباب المتقدّمة ولأسباب محكمة أوّل درجة التي تأخذ بها هذه المحكمة أيضاً يكون الحكم المستأنف في محله ويتعين تأييده".
تلك هي الأسباب التي تناولها الطاعن بالنقد في وجوه طعنه الأربعة.
وبما أن مناط ما تركز فيه البحث في الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي وفي وجوه الطعن هو ما إذا كان اتفاق الزوج على تضمين زوجته إذا ما طلقها يمس النظام العام من ناحية أن هذا الاتفاق يقيد بطبيعته حرّيته الكاملة التي منحته إياها الشريعة الإسلامية في تطليق زوجته إذا ما قامت عنده أسباب خاصة تدعوه إلى ذلك بأن يضطره إما إلى كشف هذه الأسباب وتفويت حكمة الشريعة الإسلامية والنظام العام في سترها وإما الرضاء بتأدية التعويض كرهاً إتاوة لعمله في ستر ما رغب الشارع في ستره. وبهذا يحرم بطريق غير مباشر من حرّيته في التطليق.
وبما أن افتراض أن الشريعة الإسلامية حين سنت حرية الطلاق كانت تلحظ حماية هذه الحرّية ببوادر أهمها أن تعفي الزوج من ضرورة الإفضاء بما دعاه إلى الفرقة - إن هذا الافتراض لا أثر له في بحوث الفقهاء. وحتى لو قال به قائل بغير سند معتمد فإن المنطق السليم لا يطمئن له. والواقع الذي لا شبهة فيه أن الطلاق حق أباحه الشارع كعلاج لحالات اجتماعية ليس عنه من محيص. ولما كان تقدير هذه الحالات ألصق ما يكون بدخائل النفس فقد ترك أمرها لوجدان صاحب الشأن وإيمانه بالعقاب والثواب، وجاءت أحاديث السنة هادية في هذا وفيها كل الغناء. فنبه على أن الطلاق حق مكروه وعلى إقامة حكم من أهل الزوج وآخر من أهل الزوجة للتوفيق والإصلاح إن كان إليه من سبيل وإلا فتسريح بإحسان. فليس إذن من قيود للطلاق إلا معان دينية للتثبت والرصانة في إجراء له معقبات وفيه تبعات. أما أنها خطر على ستر عيوب العرض أو غيرها فقول ينقضه أن الشريعة الغرّاء قد أباحت فيما أباحت أن تطلب الزوجة الطلاق لعيوب في زوجها. ذلك أباح المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 للزوجة أن تطلب الفرقة إذا ادّعت إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما (المادة السادسة). وبدهي أن بحث ذلك دفعاً ودفاعاً قد يكشف الستر عما يقول الطاعن إن الشريعة تتطلب ستره من شئون الزوجين.
وبما أن ما قال به الطاعن من مخالفة النظام العام إذا ما اضطر الزوج بدعوى التضمين إلى بيان سبب الطلاق وكشف مستوره إنما جاء تفريعاً عن نظرية الطاعن غير المسلم بها من أن الشريعة حظرت إذاعة سبب الطلاق. ومتى أهملت هذه النظرية تعين طرح ما تفرّع عنها وامتنع القول بأن الاتفاق على تعويض الزوجة عند طلاقها هو اتفاق غير مشروع لمساسه بأحكام الشريعة الإسلامية وبالنظام العام، وأصبح لزاماً احترام مثل هذا الاتفاق. وهنا ينتقل النظر إلى نقطة أخرى وهي أنه مع التسليم مشروعية الاتفاق على تعويض الزوجة عند طلاقها فإنه لا مراء في أن للزوج الذي في عنقه هذا الالتزام أن يتحلل منه إذا كانت الزوجة هي التي دفعته بفعلها إلى الطلاق الذي تتطلب تضمينها عنه.
ولما كان الفيصل في ذلك ظروف كل دعوى بخصوصها فقد أصابت محكمة الاستئناف حين تناولت هذا الأمر بعد أن أيدت وجاهة رأي محكمة أوّل درجة في مشروعية الاتفاق على التعويض. وهي فيما ذهبت إليه من هذه الناحية قد عالجت مسألة موضوعية وقضت فيها بما اطمأن إليه فهمها للواقع بشأنها، وهو فهم لا عيب فيه ولم ينتقد منه الطاعن إلا ما فتئ يدّعيه من المساس بالنظام العام وسرية دواعي الطلاق مما سبق الرد عليه.
وبما أنه يبين من ذلك جميعاً أن الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون حين أخذ بمشروعية الاتفاق على تضمين المطلقة وحين استخلص من فهم المحكمة للواقع في الدعوى أن الطلاق الذي أوقعه الطاعن لم يدفع إليه بفعل من المطعون ضدها. وإذن فكل ما أتى به الطاعن في الوجوه الأربعة التي قدّمها يكون معدوم الأساس وموجباً لرفض الطعن برمته.

الطعن 48 لسنة 9 ق جلسة 29 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 34 ص 75

جلسة 29 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(34)
القضية رقم 48 سنة 9 القضائية

(أ) إثبات. 

دليل. تعلقه بالأمر المطلوب إثباته لا بالمسئولية في حدّ ذاتها. مسئولية تعاقدية. إثبات مخالفة المتعهد لتعهده. بالبينة والقرائن. مسئولية جنائية أو تقصيرية. جريمة خيانة الأمانة. عقد الوديعة. زيادة قيمة المودع على ألف قرش. إثباته بالكتابة في غير الأحوال المستثناة. (المواد 214 - 234 مدني)
(ب) نقض وإبرام. 

القضاء بتأييد الحكم الابتدائي. النص في أسباب الحكم الاستئنافي على استبعاد مبلغ مما قضى به ابتدائياً. الطعن بذلك أمام محكمة النقض. لا يصح. سبب للالتماس.
(جـ) مسئولية. قبض. إدارة. 

المسئولية عن القبض. المسئولية عن الإدارة. مخالفة إحداهما للأخرى.

--------------
1 - إن الدليل لا ارتباط له بالمسئولية في حدّ ذاتها، وإنما يتعلق بذات الأمر المطلوب إثباته. فقد تكون المسئولية تعاقدية ومع ذلك يكون الإثبات فيها بالبينة والقرائن كما في حالة التعهد بعدم فعل شيء (Obligation de ne pas faire) عندما يرغب المتعهد له إثبات مخالفة المتعهد لتعهده. وقد تكون المسئولية جنائية أو تقصيرية ومع ذلك يكون الإثبات فيها بالكتابة حتماً بالنسبة للعقد المرتبط بها إذا كانت قيمته تزيد على ألف قرش في غير المواد التجارية والأحوال الأخرى المستثناة، كما هي الحال في جريمة خيانة الأمانة.
2 - إذا كانت محكمة الاستئناف قد قضت بتأييد الحكم الابتدائي وفي ذات الوقت نصت في أسباب حكمها على وجوب استبعاد مبلغ من المبالغ المحكوم بها ابتدائياً فلا يجوز التحدّي بذلك أمام محكمة النقض إذ هو من أسباب الالتماس.
3 - المسئولية عن القبض تختلف عن المسئولية عن الإدارة ولو أن عملية القبض تدخل في الإدارة. وذلك لأن مبنى المسئولية الأولى هو الغصب ومبنى الثانية العلاقة التعاقدية.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - كما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والأوراق الأخرى المقدمة بالملف وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أن المرحوم علي شعراوي باشا مورّث طرفي الخصومة توفى في 14 من مارس سنة 1922 وترك نيفاً وسبعة آلاف فدّان وقفها في حياته على ورثته وجعل كل مستحق ناظراً على حصته وكانوا جميعاً من السيدات عدا الطاعن وأخيه محمد بك الذي كان قاصراً. ولما كان الطاعن هو أرشد الورثة وكانت له ولأخيه محمد القاصر الحصة الكبرى في الوقف فقد مضى الطاعن - كما يقول باقي الورثة - يتصرف في المحصولات التي كانت موجودة بالأرض الموقوفة ويحّصل الأجر المستحقة للمورّث قبل وفاته مما يعتبر جميعه تركة، فنبت الخلاف بينه وبين باقي الورثة بسبب ذلك، وانتهى الأمر بأن اتفقوا جميعاً بعقد تاريخه 10 من يونيه سنة 1922 على أن يضع كل ناظر من الورثة يده على الأرض الموقوفة عليه ويتولى تجهيز المحصولات التي كانت بها وقت الوفاة ويبيعها ويعطي لكل وارث نصيبه فيها ويحصّل الأجر المتأخرة في ذمة المستأجرين على وقت الوفاة ويدفع لكل وارث نصيبه فيها أيضاً. واتفق الورثة على اعتبار الإجارات التي تبدأ في يونيه سنة 1921 وثلث الإجارات التي تبدأ في نوفمبر سنة 1921 من أموال التركة المستحقة للورثة حسب أنصبائهم في الميراث.
والظاهر أن هذا الاتفاق لم يدخل عملياً في دور التنفيذ. فرفعت السيدة هدى هانم هي وولداها محمد القاصر والسيدة بثنة هانم المطعون ضدّها في يوليه سنة 1922 دعوى مستعجلة أمام محكمة المنيا الجزئية ضدّ باقي الورثة، ومن بينهم الطاعن، طلبوا فيها الحكم بتعيين حراس قضائيين لاستلام أعيان التركة وأموالها والتصرف فيها طبقاً للاتفاق المحرّر بين الورثة في 10 من يونيه سنة 1922. وقد قضت محكمة المنيا في أوّل أغسطس سنة 1922 بتعيين كل ناظر من الورثة حارساً على الحصة الموقوفة عليه وأن يكون الطاعن حارساً على حصته وحصة أخيه محمد القاصر حتى يبلغ رشده. على أن يقوم كل حارس باستلام المحصولات الناتجة من حصته وتجهيزها واستلام المعدّ منها بالأجران والمخازن وبيع ذلك جميعاً وإيداع صافي الثمن بخزانة المحكمة لحساب جميع الورثة، وأن يستلم كل حارس جميع المنقولات والمواشي وأدوات الزراعة الموجودة في حصته لإدارتها وحفظها حتى ينتهي النزاع القائم بين الورثة. والظاهر أيضاً أن هذا الحكم لم ينفذ إذ ليس في الأوراق ما يدل على تنفيذه.
وفي 5 من سبتمبر سنة 1922 استصدرت السيدة هدى هانم وولداها والسيدات عائشة هانم ومنيرة هانم وشفيقة هانم أمراً من رياسة محكمة مصر الابتدائية ضد الطاعن بالحجز على جميع أوراق ودفاتر الدائرة بالصعيد ومصر وإسكندرية ورفعوا ضدّه دعوى طلبوا فيها إلزامه بأن يقدّم لهم حساباً عما قبضه وصرفه من إيرادات الأعيان المتروكة عن المورّث مع تثبيت الحجز التحفظي. وقد قضت محكمة مصر في 21 من مارس سنة 1923 بإلزام الطاعن بتقديم الحساب المطلوب وتثبيت الحجز التحفظي على الأوراق والدفاتر وندب خبير لفحصها ومعرفة ما في ذمة الطاعن لكل واحد من باقي الورثة.
استأنف الطاعن حكم محكمة مصر طالباً إلغاءه. ومحكمة استئناف مصر قضت في 27 من يونيه سنة 1923 بتأييد الحكم المستأنف فيما يتعلق بتثبيت الحجز على أوراق ودفاتر التركة وإلغائه فيما عدا ذلك ورفض دعوى المطالبة بالحساب. وكانت الدعوى مقيدة برقم 725 سنة 40 قضائية.
وقد بنت المحكمة حكمها سالف الذكر على أن الطاعن غير مسئول قبل باقي الورثة عن إدارته أموال التركة ولكن لكل وارث أن يطلع على الدفاتر المحجوزة ويتبين منها ما له وما عليه.
وتنفيذاً لما قرّرته محكمة الاستئناف اطلع الورثة على الدفاتر وطالبوا الطاعن بما تبين لهم أن ذمته مشغولة به لكل منهم، فرفعت السيدة هدى هانم وولداها بثنة هانم المطعون ضدّها ومحمد بك في 31 من يوليه سنة 1923 الدعوى رقم 1574 سنة 1923 كلي مصر ضدّ الطاعن طلبوا فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 17159 جنيهاً و736 مليماً قيمة ما حصّله لحسابهم من مال التركة من أثمان محصولات وأجر أطيان. ورفعت المرحومة السيدة شفيقة هانم مورّثة باقي المطعون ضدّهم في 23 من إبريل سنة 1924 الدعوى رقم 1375 سنة 1924 كلي مصر ضدّ الطاعن وهدى هانم طلبت فيها الحكم أصلياً بإلزام الطاعن بأن يدفع لها مبلغ 4812 جنيهاً و215 مليماً واحتياطياً إلزام هدى هانم بما تكون قد قبضته من هذا المبلغ. ثم رفعت السيدتان عائشة هانم ومنيرة هانم الدعوى رقم 112 سنة 1925 كلي مصر ضدّ الطاعن طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع للأولى منهما مبلغ 981 جنيهاً و874 مليماً وللثانية مبلغ 782 جنيهاً و597 مليماً.
وفي 6 من ديسمبر سنة 1926 أصدرت محكمة مصر حكماً تمهيدياً في كل من تلك القضايا الثلاث قضى بندب ثلاثة خبراء للاطلاع على الدفاتر الموجودة بقلم الكتاب والتي تقدّم لهم من الخصوم لمعرفة حقيقة الأثمان التي بيعت بها المحصولات الشتوية وما حصل من الأجر المتأخرة المنّوه عنها في عقد 10 من يونيه سنة 1922 وبيان ما للمدّعين في ذمة المدّعى عليه مع تحقيق مقدار وأثمان المحصولات، وذلك بمعاينة الأطيان التي كانت منزرعة بها وما يجاورها من الأطيان المماثلة.
وفي 25 من مايو سنة 1929 أصدرت محكمة مصر حكماً تمهيدياً ثانياً في كل من تلك القضايا قضى بإعادة القضية للخبراء لتحقيق ما ادعاه المدعون من أن مبلغ 19819 جنيهاً الثابت تحصيله بمعرفة الطاعن في دفتر اليومية لم يدخل فيه شيء من ثمن المحصولات والأجر المطالب بها.
وفي 28 من مارس سنة 1931 قرّرت محكمة مصر ضم القضايا الثلاث بعضها إلى بعض وأصدرت فيها كلها حكماً تمهيدياً قضت فيه بإعادة القضايا إلى الخبراء للسير فيها طبقاً لما بينته بالأسباب. وقد باشر الخبراء عملهم وقدّموا تقريرهم. وفي أثناء نظر الدعوى تصالح كل من هدى هانم ومحمد بك مع الطاعن في 5 من أكتوبر سنة 1932 بعقد مستقل، وتنازل كل منهما عن دعواه قبله. وقد نص في كل عقد من عقدي الصلح على أن المحاسبة تمت بين الطرفين بموجب كشف أرفق بالعقد وموقع عليه من الطرفين. وبمقتضى هذا الصلح قبض الطاعن من هدى هانم مبلغ 4507 جنيهات و837 مليماً قيمة ما بقى له في ذمتها بعد خصم مالها في ذمته وقبض محمد بك من الطاعن 9845 جنيهاً و300 مليم قيمة ما ظهر له في ذمة الطاعن.
وفي 14 من مايو سنة 1934 قضت محكمة مصر في القضايا الثلاث: (أوّلاً) بإثبات تنازل هدى هانم ومحمد بك عن دعواهما في القضية رقم 1574 سنة 1923 كلي مصر وألزمتهما بمصاريفها. (ثانياً) بإلزام الطاعن بأن يدفع للسيدة بثنة هانم المطعون ضدّها مبلغ 3605 جنيهات و300 مليم والفوائد بسعر 5% سنوياً من 3 من أكتوبر سنة 1933 لحين السداد مع المصاريف المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثالثاً) بإلزام الطاعن بأن يدفع للسيدة شفيقة هانم مورّثة باقي المطعون ضدّهم مبلغ 2458 جنيهاً و219 مليماً والمصاريف المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (رابعاً) بإلزام الطاعن بأن يدفع للسيدتين منيرة هانم وعائشة هانم مبلغ 2671 جنيهاً و253 مليماً مع المصاريف المناسبة و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف الطاعن حكم محكمة مصر أمام محكمة استئناف مصر ضدّ بثنة هانم والمرحومة شفيقة هانم ومنيرة هانم وعائشة هانم.
ومحكمة استئناف مصر قضت في 3 من فبراير سنة 1935 بعدم قبول الاستئناف شكلاً بالنسبة للسيدتين عائشة هانم ومنيرة هانم وبقبوله شكلاً بالنسبة للسيدتين بثنة هانم وشفيقة هانم، كما قرّرت في 15 من ديسمبر سنة 1935 مناقشة الخصوم فيما هو لازم تنويراً للدعوى. وقد نفذ هذا القرار بسماع أقوال الطرفين ثم توفيت المرحومة السيدة شفيقة هانم وحل محلها ورثتها المطعون ضدّهم عدا الأولى.
وفي 16 من إبريل سنة 1939 قضت محكمة استئناف مصر بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام الطاعن بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن حكم الاستئناف إلى الطاعن بناء على طلب السيدة بثنة هانم في 24 من مايو سنة 1939.
وفي 22 من يونيه سنة 1939 قرّر الأستاذ وهيب دوس بك المحامي بصفته وكيل الطاعن أنه يطعن بطريق النقض والإبرام في حكم محكمة استئناف مصر سالف الذكر للأسباب التي ذكرها في تقريره وزادها بياناً في المذكرات المقدمة منه... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن يبنى طعنه هذا على.......
الوجه الأوّل - بطلان جوهري في الحكم وخطأ في تطبيق القانون:
ويقول الطاعن في بيان هذا الوجه إنه كان من بين أقلام الحساب المتنازع عليها مبلغ 19511 جنيهاً و795 مليماً قال الخبراء إن تحصيله بمعرفة الطاعن ثابت من دفتر اليومية ولم يكن من مأمورية الخبراء أن يقولوا من الذي حصّل هذا المبلغ أهو الطاعن أم أي شخص آخر. وقد أنكر الطاعن قبض هذا المبلغ أو أنه لم يعترف بقبضه فكان لزاماً على المطعون ضدّهم أن يقيموا الدليل القانوني على أنه هو الذي قبضه، ومعرفة نوع هذا الدليل تتوقف على تحديد نوع مسئولية الطاعن عن القبض، فإذا كانت مسئولية تعاقدية وجب أن يكون الدليل كتابياً أو إقراراً، وإن كانت مسئولية عن جنحة كان الدليل هو البينة والقرائن. وقد قصرت محكمة الاستئناف في بيان هذه المسئولية حتى يتبين ما إذا كانت قد أخذت في إثباتها بالدليل القانوني أو لم تأخذ. وإنه بفرض أنها اعتبرت الطاعن مسئولاً عن فعل هو جنحة فكان واجباً عليها أن تبين في أسباب حكمها سبب هذا التكييف الذي هو في الواقع تكييف خاطئ. على أن الطاعن يرى أن مسئوليته عن القبض هي مسئولية تعاقدية لا تثبت بالقرائن التي استندت إليها محكمة الاستئناف.
الوجه الثاني - قصور معيب في الأسباب وخطأ في الإسناد.
ويقول الطاعن في بيان تفريعات هذا الوجه:
1 - إن محكمة الاستئناف أثبتت في أسباب حكمها وجوب استبعاد مبلغ 225 جنيهاً و941 مليماً مما قضى به ابتدائياً لكل من السيدتين بثنة هانم وشفيقة هانم وهو قيمة نصيب كل منهما في مبلغ 2065 جنيهاً و745 مليماً الذي أضيف بدون مبرر على حساب الطاعن، ورغما من هذا فإنها قضت بتأييد الحكم المستأنف، فيكون قضاؤها للسيدتين بثنة هانم والمرحومة شفيقة هانم بنصيبهما في مبلغ 2065 جنيهاً و745 مليماً هو قضاء لا يستند إلى أسباب.
2 - إن محكمة الاستئناف ذكرت في أسباب حكمها أنها تعتبر عدم إنكار الطاعن قبضه مبلغ 19511 جنيهاً و795 مليماً من أول الأمر، وسكوته عن دفع مسئولية القبض عن نفسه، وسيره في الدعوى سنين عديدة متخذاً لنفسه دفاعاً آخر لا يدل على الإنكار - اعتبرت كل ذلك اعترافاً منه بأساس المسئولية.
ويقول الطاعن في هذا الصدد إن الاعتراف لا يصح أن يؤخذ استنتاجاً من مجرّد السكوت عن الإنكار، وإن ما نسبته محكمة الاستئناف إلى الطاعن من عدم الصياح بالإنكار لا يطابق الواقع الثابت في المذكرات المقدّمة منه أمام المحكمة الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف، واستند إلى فقرات ذكرها منقولة عن تلك المذكرات... إلخ.
الوجه الأوّل:
من حيث إن محصل هذا الوجه أن المحكمة الاستئنافية لم تبين نوع المسئولية التي ألزمت بمقتضاها الطاعن بنصيب المطعون ضدّهم في مبلغ 19511 جنيهاً و795 مليماً فلم تقل إنها كانت مسئولية تعاقدية أم مسئولية تقصيرية (délictuelle) إلى آخر ما سبق ذكره في تلخيص هذا الوجه.
ومن حيث إنه لا حاجة بمحكمة الاستئناف إلى أن تعرض لبيان نوع مسئولية الطاعن على الصورة التي يرغبها ما دام أنها قد اعتبرته مسئولاً وأثبتت عليه ما ألزمته به بالدليل المقبول قانوناً. على أن محكمة الاستئناف قد أبانت بعبارة لا تحتمل الشك أن مسئولية الطاعن هي مسئولية تقصيرية إذ قالت "ومن حيث إن دعوى المستأنف عليهما في مطالبة المستأنف بنصيبهم الشرعي في هذا المبلغ بنيت على أن المستأنف قبض هذا المبلغ فالقبض حينئذ هو أساس المسئولية". وقالت في موضع آخر: "لو كان المستأنف لم يقبض المبلغ المذكور لصاح في وجه الورثة بذلك وأنكر أساس المطالبة وهو القبض". ولا ترى هذه المحكمة محلاً لزيادة الإيضاح بأكثر مما قالته محكمة الاستئناف.
ومن حيث إن الطاعن يخلط بين المسئولية والدليل، ويرتب على هذا الخلط أنه متى كانت المسئولية تعاقدية كان الدليل كتابياً أو بالإقرار وإن كانت تقصيرية أمكن أن يكون الإثبات بالبينة والقرائن. وهو فيما يذهب إليه غير مصيب، لأن الدليل لا يتعلق إلا بما هو مطلوب إثباته (المواد 214 - 234 من القانون المدني) ولا يرتبط بالمسئولية في ذاتها. فقد تكون المسئولية تعاقدية كالتعهد بعدم فعل شيء (obligation de ne pas faire) ومع ذلك يكون الإثبات بشأنها بالبينة والقرائن عندما يرغب المتعهد له إثبات مخالفة المتعهد لتعهده، وقد تكون المسئولية تقصيرية أو جنائية، كما هو الحال في جريمة خيانة الأمانة، ومع ذلك يكون الإثبات بشأنها بالكتابة بالنسبة للعقد الذي ترتبت به الوديعة متى كان الشيء المودع تزيد قيمته على ألف قرش في غير الأحوال التجارية.
وحيث إنه فيما يتعلق بإثبات قبض الطاعن مبلغ 19511 جنيهاً و795 مليماً فإن هذا القبض الذي تم في صورة الغصب هو أمر جائز إثباته قانوناً بالبينة والقرائن إذ أنه لم يخرج عن كونه واقعة مادية. فإذا كانت محكمة الاستئناف قد أخذت في إثباته بالقرائن فلا تكون قد خالفت القانون. فهذا الوجه إذن لا أساس له.
عن الوجه الثاني:
وحيث إن الطاعن ينعى على محكمة الاستئناف في تفريعات هذا الوجه أوّلاً أنها قضت بتأييد الحكم الابتدائي مع أنها نصت في أسباب حكمها على وجوب استبعاد مبلغ 225 جنيهاً و941 مليماً مما قضى به ابتدائياً لكل من السيدتين بثنة هانم والمرحومة شفيقة هانم.
وحيث إن هذا التحدّي لا يصح الاستناد إليه في الطعن بطريق النقض والإبرام، ومحله الطعن بطريق الالتماس، وقد سلك الطاعن هذا الطريق فعلاً. على أن مصلحة الطاعن في هذا التحدّي سواء أكانت عن طريق النقض أم عن طريق الالتماس قد انعدمت باستبعاد المطعون ضدّهم لهذا المبلغ مما قضى به لهم.
وحيث إن الطاعن ينعى أيضاً في هذا الوجه على محكمة الاستئناف أنها نسبت إليه خطأ أنه لم ينكر مسئوليته عن قبض مبلغ 19511 جنيهاً و795 مليماً واستنتجت من سكوته عن دفع المسئولية أنه معترف بالقبض حالة كونه قد أنكر تلك المسئولية أمام المحكمة الابتدائية وحالة كون الاعتراف لا يصح أن يؤخذ استنتاجاً بل يجب أن يكون صريحاً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه يقول في هذا الصدد ما يأتي:
"ولو كان المستأنف لم يقبض المبلغ المذكور كما يدعي أخيراً لصاح في وجه الورثة بذلك وأنكر من أوّل الأمر أساس المطالبة وهو القبض، أما وهو لم يفعل، وقد سكت عن دفع أساس الدعوى الذي هو قبضه الإيجار ولم ينكره، بل سار في الدعوى وفي المرافعة سنين عديدة أمام الخبراء وأمام المحكمة متخذاً في دفاعه سبيلاً آخر لا يدل على إنكار القبض مع أنه الأولى بالتقديم لو كان صحيحاً لأنه إنكار لأساس الدعوى على أن المحكمة عندما كانت تتبع أدوار الدعوى وأقوال المستأنف فيها طول هذه المدّة الكبيرة ما كانت تشعر بأن هناك شكاً أو نزاعاً في قبض المستأنف مبالغ الإيجار المذكور...... حتى جاء بهذا الدفع لأوّل مرة في مذكرته لجلسة 27 أكتوبر سنة 1935 أمام هذه المحكمة إذ كان كل دفاعه قبل ذلك في هذا الشأن قد اقتصر على استبعاد مبلغ 19819 جنيهاً من الحساب وعدم إدخاله فيه بحجة أن هذا المبلغ لم يدخل في الدعوى ولم يطلبه الخصوم ولأنه مرفوع به دعوى أخرى، وليس في هذا الدفاع ما يدل على أنه ينكر قبض المبلغ المذكور، فسلوكه هذا وسيره مع هذا في الدعوى مراحل طويلة هو بلا شك اعتراف منه بأساس الدعوى الذي ينكره الآن".
وحيث إن محكمة الاستئناف عندما آخذت الطاعن بسكوته عن إنكار القبض لم تتجن عليه بل عاملته بإقراره في المذكرة المقدّمة منه لتلك المحكمة بعد حجز القضية للحكم في جلسة 27 من أكتوبر سنة 1935 إذ هو يقول فيها:
"... ولكن - على ما نعتقد - أمام خطأ قضائي خطير كان أساسه دائماً أن الدعوى استغرقت بالتفصيلات التي شغل الخصوم بها فشغلت بها المحكمة في أحكامها المتنوّعة وفات الجميع أثناء هذا الانشغال بالتفصيل أن أساس المسئولية في أهم جزء من الدعوى ليس له وجود بل والدليل مقدّم على نقيضه في نفس الملف وكان تحت نظر الخبراء طوال السنوات التي اشتغلوا فيها بتحضير تقريراتهم المطوّلة، ولعلنا لأوّل مرة نطرح هذا البيان على وجه التفصيل الذي يظهر منه وجه الصواب".
وحيث إنه فضلاً عما تقدّم فإن هذه المحكمة قد راجعت ما قدّمه الطاعن بملف الطعن من العبارات التي اقتطفها من مذكراته المقدّمة أمام المحكمة الابتدائية فلم تجد فيها إنكاراً صريحاً للقبض في ذاته، وكل ما فيها هو إنكار للمسئولية استناداً إلى حكم محكمة الاستئناف الصادر في 27 من يونيه سنة 1923 في الاستئناف رقم 725 سنة 40 قضائية الذي قضى بعدم توافر مسئولية الطاعن قبل باقي الورثة مسئولية ناشئة عن إدارة أموال التركة. ولا جدال في أن مسئولية القبض غير مسئولية الإدارة ولو أنها تتضمن القبض أيضاً لأن المسئولية الأولى مبناها الغصب أما الثانية فمبناها علاقة تعاقدية.
وحيث إن محكمة الاستئناف قد استنتجت اعتراف الطاعن بالقبض من اتخاذه دفاعاً يتعارض مع إنكار القبض، ومن سيره في الدعوى بهذا الدفاع مراحل طويلة، ولم تكن المحكمة مخطئة فيما ذهبت إليه إذ يكفي لتكوين هذه العقيدة أن يكون الطاعن لم يستأنف الحكم التمهيدي القطعي الصادر في 27 من مارس سنة 1931 الذي قضى بمسئوليته عن قبض مبلغ 19511 جنيهاً، وكلف الخبراء بتوزيعه على الورثة بل قبله ونفذه. وفي هذا الرضاء اعتراف ضمني بالمسئولية. وليس في هذا التقدير أية مخالفة للقانون أو للاستنتاج الصحيح لابتنائه على قرينة قانونية قاطعة.
وحيث إنه فضلاً عما تقدّم فإن المحكمة لم تقصد بما سمته "اعترافاً" الإقرار بمعناه القانوني (aveu) وهي لم تكن في حاجة إلى هذا الإقرار لإثبات قبض الطاعن المبلغ المحكوم به عليه.

الطعن 97 لسنة 8 ق جلسة 22 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 33 ص 74

جلسة 22 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(33)
القضية رقم 97 سنة 8 القضائية

إثبات. 

سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل. مداها.

--------------
ليس لمحكمة النقض أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح بين ما قدّمه الخصوم لمحكمة الموضوع من الدلائل والبينات وقرائن الأحوال إثباتاً ونفياً، فإن قاضي الدعوى حر في تقدير الدليل المقدّم له، يأخذ به إذا اطمأن إليه ويطّرحه إذا تشكك فيه. ولا يصح الطعن على تقديره ما دام هو لم يستند في قضائه إلى أوراق وهمية لا وجود لها أو إلى أوراق موجودة ولكنها تناقض ما أثبته أو يستحيل عقلاً أن يستخلص منها ما استخلصه.

الطعن 66 لسنة 9 ق جلسة 15 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 32 ص 69

جلسة 15 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

--------------

(32)
القضية رقم 66 سنة 9 القضائية

اختصاص. 

دعوى بين خصمين خاضعين للقضاء الأهلي. الحكم فيها ابتدائياً. إفلاس أحد الخصمين وحلول السنديك محله. إعلان السنديك الحكم الابتدائي للخصم الآخر. دفعه في جلسة التحضير بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم شكلاً. إحالة القضية إلى المرافعة. دفع السنديك بعد ذلك بعدم الاختصاص. لا يقبل. 

(المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية والمادتان 25 و26 من لائحة التنظيم القضائي الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937)

-----------------
إذا كانت الدعوى قد أقيمت أمام المحكمة الأهلية ثم بعد صدور الحكم الابتدائي فيها أفلس أحد الخصمين وحل محله ومحل دائنيه سنديك التفليسة فتولى بنفسه إعلان الحكم للخصم الآخر، ولما رفع الاستئناف عنه من وصى الخصومة الذي حل محل ذلك الخصم دفع السنديك في جلسة التحضير بعدم قبول الاستئناف شكلاً بحجة أن الوصية على القصر قبلت الحكم المستأنف، ثم تداولت القضية في التحضير وأحيلت إلى المرافعة، فلا يقبل من هذا السنديك أن يدفع بعدم اختصاص القضاء الأهلي، لأن مسلكه ذلك يفيد قبوله الاختصام أمامه؛ وبمقتضى المادتين 25 و26 من لائحة التنظيم القضائي الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 لا يكون له بعد قبوله أن يطلب عدم الاختصاص.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات المقدّمة وكانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أن إبراهيم عزب توفى في 22 من فبراير سنة 1930 عن زوجته جوهرة بنت جرجس خليل وولديه أنور إبراهيم عزب (القاصر) وإسكندر إبراهيم عزب، وترك ما يورث عنه منزلين ببندر المنيا.
وكان إسكندر اعتنق الدين الإسلامي في حياة والده وأثبت إسلامه بإشهاد شرعي صدر من محكمة المنيا الشرعية بتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1926 وتزوّج بمسلمة، وكان أنور قاصراً وظل للآن فعينت والدته جوهرة وصية عليه بقرار من مجلس حسبي المنيا في 19 من مارس سنة 1930. وفي 25 من فبراير سنة 1930 بعد وفاة المورّث بثلاثة أيام تقدّم إسكندر لمجلس ملي المنيا الفرعي بطلب إثبات عودته للمسيحية فأحال هذا الطلب على رجال الدين لتحقيق ما ورد فيه ثم أصدر في 28 من مارس سنة 1930 قراراً بعودة إسكندر للديانة المسيحية. وفي 12 من مارس سنة 1930 طلب من نفس المجلس الملي المذكور إثبات وراثته لوالده فأصدر بذلك قراراً في 14 من إبريل سنة 1930. وفي 25 من مايو سنة 1930 رفعت جوهرة بنت جرجس خليل بصفتها وصية على ولدها أنور القاصر الدعوى رقم 354 كلي سنة 1930 أمام محكمة المنيا الابتدائية على ولدها الآخر إسكندر، وذكرت في صحيفتها أن ولدها المذكور كان وقت وفاة والده معتنقاً الدين الإسلامي فلا يرثه، وطلبت الحكم لها عليه بتثبيت ملكيتها بصفتها إلى عشرة قراريط ونصف قيراط مشاعة في منزلين تركهما المورث إبراهيم عزب وكف منازعة إسكندر لها في هذا المقدار وتسليمه إليها مع إلزامه بالمصاريف والأتعاب والأمر بالنفاذ المعجل مع حفظ حقها في المطالبة بالريع بدعوى على حدتها. دفع إسكندر هذه الدعوى بأنه عاد إلى النصرانية بعد وفاة والده بمدّة وجيزة، وأن المجلس الملي الفرعي بالمنيا قد قرّر بتاريخ 14 من إبريل سنة 1930 إثبات وراثته لوالده.
ومحكمة المنيا اعتبرت ذلك القرار صحيحاً وقضت بتاريخ 5 من يناير سنة 1931 برفض الدعوى. وفي 5 من فبراير سنة 1931 باع إسكندر لزوجته الثانية لويزة داود عزب نصيبه في المنزلين وذكر في عقد البيع أنه ورث ذلك النصيب عن والده إبراهيم عزب المتوفى في 22 من فبراير سنة 1930 وقد سجل عقد البيع بقلم الرهون بمحكمة مصر المختلطة في 8 من فبراير سنة 1931 برقم 47960. وفي 13 من مايو سنة 1933 أصدرت محكمة مصر المختلطة حكماً بإشهار إفلاس إسكندر وتعيين الخواجة إيزاك أنكونا (الطاعن) سنديكاً للتفليسة، فرأى ذلك السنديك أن يعلن الست جوهرة التي كان صدر ضدّها الحكم الابتدائي برفض دعواها بتاريخ 5 من يناير سنة 1931 وفعلاً تم الإعلان في 10 يوليه سنة 1937 وأعقب ذلك في 25 من أغسطس سنة 1937 أن عين مجلس حسبي المنيا الأستاذ عزيز الدليل (المطعون ضدّه) وصى خصومة، فبادر هذا الوصي إلى رفع استئناف عن حكم 5 من يناير سنة 1931 أمام محكمة استئناف مصر في 4 من سبتمبر سنة 1937 وطلب في صحيفته الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وتثبيت ملكيته بصفته إلى عشرة قراريط ونصف قيراط شيوعاً في المنزلين المبينة حدودهما في صحيفة الدعوى الأصلية وكف منازعة الطاعن بصفته وتسليمها مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وحفظ الحق في الريع بدعوى خاصة.
وفي جلسة 29 من نوفمبر سنة 1937 دفع محامي الطاعن فرعياً بعدم قبول الاستئناف لأن الوصية السابقة كانت قبلت الحكم المستأنف وأقرّها المجلس الحسبي على ذلك، وقد نفذت تلك الوصية الحكم.
بعد ذلك دفع محامي الطاعن في جلسة المرافعة يوم 9 من مايو سنة 1938 دفعاً آخر بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى لوجود مصلحة أجنبية مظهرها قيام سنديك على تفليسة إسكندر إبراهيم عزب وتمسك في الوقت نفسه بالدفع الأوّل الخاص بعدم قبول الاستئناف لسبق قبول الحكم وتنفيذه من الوصية الأولى، وطلب محامي المطعون ضدّه رفض الدفعين والقضاء بطلباته الواردة في صحيفة الاستئناف.
والمحكمة قضت بتاريخ 24 من مايو سنة 1938 حضورياً برفض الدفعين وباختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإيقاف الفصل فيه حتى يقضي من المحكمة الشرعية في أحقية إسكندر إبراهيم عزب في أن يرث والده إبراهيم عزب.
بادر وصى الخصومة إلى رفع الدعوى الشرعية على السنديك فقضت محكمة المنيا الشرعية في 3 من يناير سنة 1939 بعدم أحقية إسكندر لشيء من ميراث والده ولم يقدّم ما يثبت أن هذا الحكم أصبح نهائياً.
لم يعلن حكم محكمة الاستئناف للسنديك ولكن وكيله طعن فيه بطريق النقض في 20 من يوليه سنة 1939 بتقرير أعلنه للمدّعى عليه في الطعن بتاريخ 23 منه إلخ.


المحكمة

الوجه الأوّل - يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد خالف المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية فقد أشهر إفلاس إسكندر إبراهيم عزب وعين الطاعن سنديكاً لتفليسته، وذلك في 13 من مايو سنة 1933 بحكم أصدره القضاء المختلط. وفي هذا قرينة على قيام مصلحة لأجنبي فتصبح المحاكم الأهلية من تاريخ ذلك الحكم غير مختصة بالنظر والفصل في نزاع تكون التفليسة طرفاً فيه.
عن الوجه الأوّل:
وبما أن ما أثاره الطاعن في هذا الوجه يلاحظ عليه بادي الرأي أن الدعوى نشأت أصلاً بين خصمين خاضعين للقضاء الأهلي وسارت سيرتها أمام هذا القضاء حتى صدر فيها الحكم الابتدائي، ثم نبت عارض وهو إفلاس المحكوم له ابتدائياً وحل محله ومحل دائنيه سنديك التفليسة، وهذا تولى إعلان الحكم الابتدائي لخصم المفلس، وذلك بطبيعة الحال ليجرى في حقه ميعاد الاستئناف. فلما رفع الاستئناف في ميعاده من وصى الخصومة الذي حل محل خصم المفلس دفع السنديك في جلسة التحضير يوم 29 من نوفمبر سنة 1937 بعدم قبول الاستئناف شكلاً لأن الوصية على القاصر قد سبق لها أن قبلت الحكم المستأنف ونفذته. ثم تداولت القضية بعد ذلك في التحضير بجلسات 8 و29 من يناير سنة 1938 و26 من مارس سنة 1938 إلى أن أحيلت إلى المرافعة فتقدّم الطاعن بدفعه الثاني بعدم اختصاص المحاكم الأهلية.
وبما أن في تلك الخطوات التي خطاها الطاعن ما يقطع بأنه بعد أن نبت عارض التفليسة بظله من قيام ما كان يسمى "الصالح الأجنبي" قد سار في الخصومة وهو الممثل لذلك "الصالح الأجنبي" سيرة من قبل الاختصام أمام القضاء الأهلي. وما كان له إلا أن يقبل هذا القضاء أمام الرأي المستقر بأن تغيير جنسية المتخاصمين أنفسهم أمام القضاء الأهلي إذا حصل بعد بدء الخصومة لا يعطل هذا الاختصاص، فأولى بذلك أن لا يكون تغيير حصل بل أن تكون نبتت فقط مصلحة أجنبية عن طريق تفليسة يعلنها القضاء المختلط أثناء قيام الخصومة أمام القضاء الأهلي لوجود أجانب بين دائني المفلس المختصم.
على أن التشريع الذي صدر بعد معاهدة "مونترو" وقوامه لائحة التنظيم القضائي قد بيّن في المادتين 25 و26 من تلك اللائحة الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 أثر القبول الضمني لاختصام الأجانب أمام القضاء الأهلي، وأنه يربطهم بذلك القبول ربطاً، فما بال الحال إذا كانوا أصلاً من الخاضعين للقضاء الأهلي وساروا فيه حتى صدر الحكم الابتدائي، ثم استمروا بعد ذلك خطوات تقطع بالقبول على ما سبق بيانه. إنهم عندئذ لا يستطيعون أن ينقلبوا مطالبين بالخروج عن الاختصاص الأهلي.
وبما أن ما تذرّع به الطاعن من القول بأن حكم الشئون الخاصة بالتفليسة استثناء للقبول الضمني أو القبول الصريح على ما يفهم من المادة 35 من لائحة التنظيم القضائي - هذا القول لا يلتفت إليه فإن الدعوى الحالية ليست دعوى تفليسة، وإنما هي دعوى عادية بين فردين وطنيين أفلس أحدهما في مرحلة التقاضي أمام القضاء الأهلي بل وبعد صدور الحكم الابتدائي، فقام السنديك الذي يمثل المفلس ويمثل دائنيه يستمسك "بالصالح الأجنبي" العتيد.
وبما أنه يبين من ذلك جميعاً أن الوجه الأوّل لا أساس له.

الطعن 65 لسنة 9 ق جلسة 15 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 31 ص 69

جلسة 15 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(31)
القضية رقم 65 سنة 9 القضائية

(أ) حكم. 

إقامته على دليل لا يصح الاستناد إليه. نقض. مثال. تقرير خبير. إطّراحه. الاعتماد على واقعة وردت فيه. تأسيس الحكم على هذه الواقعة وحدها. لا يصح.
(ب) القضاء بعلم القاضي. 

ذكر أمور في الحكم عن طريق الخبرة بالشئون العامة. أثمان القطن. المقارنة بينها في سنوات مختلفة. ليس من قبيل القضاء بعلم القاضي.

---------------
1 - إذا كان الحكم قد أقيم على دليل لا يصح الاستناد إليه قانوناً فإنه يكون من المتعين نقضه. فإذا كانت المحكمة قد رأت عدم الأخذ بالتقرير المقدّم من الخبير المعين في الدعوى للاعتبارات التي أوردتها فلا ينبغي لها أن تعتمد في حكمها على دليل مستمد من هذا التقرير. خصوصاً إذا كان هذا الدليل واقعة ذكرها أحد الشهود للخبير على سبيل الرواية من غير يمين، ولم يكن مراد الخبير من إيرادها سوى توكيد التقدير الذي انتهى إليه في تقريره الذي لم تأخذ هي به. وعلى الأخص إذا كان اعتمادها على هذا الدليل لم يكن لمجرّد تعزيز أدلة أخرى بل كان هو وحده الذي أقامت حكمها عليه.
2 - ليس من قبيل قضاء القاضي بعلمه أن تقول المحكمة في حكمها إن ثمن القطن في السنين المقدّم عنها الحساب وهي 1920 و1921 و1922 كان ثلاثة أضعاف ثمنه في سنة 1937 فإن هذا القول لم يكن صدوره منها عن علم قضاتها الشخصي وإنما هو من التحصيل المستقى من الخبرة بالشئون العامة المفروض إلمام الكافة بها.

الطعن 62 لسنة 9 ق جلسة 15 / 2 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 30 ص 68

جلسة 15 فبراير سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل الرشيدي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

--------------

(30)
القضية رقم 62 سنة 9 القضائية

(أ) خبير.

 خبير استشاري. طلب مناقشته. طلب مواجهة الخبير بخبير أو بشاهد. حرّية المحكمة في إجابة هذه الطلبات أو رفضها. سلطتها في تعيين الخبراء وفي تقدير تقاريرهم. قرارها باستدعاء الخبير لمناقشته. وجوب تنفيذه. (المادة 243 المكررة مرافعات)
(ب) انقطاع المرافعة. 

وفاة أحد المستأنفين أثناء نظر الاستئناف. استمرار محامي المستأنفين في الحضور عنهم جميعاً حتى صدر الحكم في الدعوى. عدم إخباره المستأنف عليه بالوفاة. صحة الإجراءات. (المواد 297 - 299 مرافعات)

---------------
1 - إن المادة 243 المكررة من قانون المرافعات ليس في نصها ما يلزم المحكمة بأن تناقش الخبير الذي لم تعينه وقدّم تقريره بصفة استشارية، ولا بأن تعيد مناقشة خبير سبق أن ناقشته ورأت استبدال غيره به للقيام بالمأمورية التي كان مكلفاً بها، ولا بأن تجيب الخصم إلى ما يطلبه من مواجهة الخبير بخبير أو بشاهد، بل كل ما توجبه هو أنه إذا قرّرت المحكمة استدعاء الخبير لمناقشته فإنه يجب عليها تنفيذ قرارها. وفيما عدا ذلك فإن المحكمة حرّة في تعيين الخبراء أو عدم تعيينهم وفي الأخذ بتقاريرهم أو عدم الأخذ بها.
2 - إذا كان الثابت أن وفاة أحد المستأنفين إنما حصلت أثناء قيام الاستئناف، وأن المحامي الموكل عن جميع المستأنفين استمّر يباشر إجراءات الدعوى باسمهم جميعاً حتى صدر الحكم فيها، ولم يخبر المستأنف عليه (وهو مصلحة الأملاك) بالوفاة، فإن الإجراءات لا تكون باطلة، لأن السبب الذي كان يجب أن توقف من أجله الدعوى كان مخفياً على المستأنف عليه فلم يكن له أن يظن أن المحامي قد انقضت وكالته بوفاة الموكل (1).


(1) راجع مع هذا حكم محكمة النقض الصادر في 30 يونيه سنة 1932 المنشور بمجموعة القواعد القانونية في المواد المدنية جزء أوّل برقم 62 ص 135.

الطعن 264 لسنة 30 ق جلسة 29 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 213 ص 1358

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

---------------

(213)
الطعن رقم 264 لسنة 30 القضائية

وقف. "الاستحقاق في الوقف". "مناطه".
وقف. حق الانتفاع. سريان أحكام الشريعة الإسلامية عليه. مناط الاستحقاق في الوقف. طلوع الغلة. معناه. الوقت الذي ينعقد فيه الحب أو يؤمن فيه على الثمر من العاهة.

--------------
متى كان العقد المترتب عليه حق الانتفاع هو عقد وقف فإن أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تجري في شأنه وتطبق عليه من جهة تعيين مدى حقوق المستحقين فيه وما يكون لهم من التصرف في أعيانه وما لا يكون. ومقتضى الشريعة الإسلامية أن الاستحقاق في الوقف منوط بطلوع الغلة وهو الوقت الذي ينعقد فيه الحب أو يؤمن فيه على الثمر من العاهة وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن عثمان إسماعيل فاضل بصفته قيماً على شقيقه المحجور عليه جميل إسماعيل فاضل أقام الدعوى رقم 537 سنة 1952 مدني القاهرة الابتدائية ضد السيدة فاطمة مرتضى - وآخرين - بطلب إلزامها بأن تدفع له 1661 ج و598 م وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية للسداد مع المصاريف والأتعاب وهذا المبلغ هو قيمة ما يخصه في تركة مورثته المرحومة خديجة فاضل رستم من ثمن قطن ونقود مودعة بنك مصر وديون ومواشي وآلات زراعية وأثناء نظرها توفيت المدعى عليها وأدخل المدعي ورثتها السيد حياة مرتضى ومحمد الغزالي الشندي خصوماً فيها وعدل طلباته إلى طلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 4985 ج قيمة ما يخصه ويخص شقيقه في التركة ثم انضم إليهما أخوهما أحمد إسماعيل فاضل طالباً الحكم بنصيبه مع إلزام التركة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وقالوا شرحاً لها إن المرحومة خديجة فاضل رستم توفيت في 7 أغسطس سنة 1950 عن ابنتها فاطمة مرتضى وأولاد أخويها عمر وإسماعيل "والدهم" وتركت 493 قنطاراً من القطن محصول 120 فداناً من أطيان الوقف الكائنة بناحية أورين مركز شبراخيت التي كانت هي المستحقة الوحيدة فيه وقد باعتها السيدة فاطمة بثمن قدره 12325 ج استولت عليه باعتباره استحقاقاً لها لا تركة عن المورثة ويخص المدعين ثلاثة أعشاره، كما تركت مواشي وآلات زراعية قيمتها 3366 ج ونقوداً مودعة بنك مصر وديناً لها سدده المدين بعد وفاتها، وجرى النزاع فيها - من بين ما جرى - حول محصول القطن وهل هو استحقاق المورثة فيدخل ضمن تركتها أم استحقاق ابنتها الموقوف عليها من بعدها فلا يدخل، والمواشي والآلات الزراعية وقيمتها - وبتاريخ 26/ 1/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا من تركة مورثة مورثتهما المرحومة خديجة مرتضى مبلغ 102 ج و300 م مع المصاريف المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات مع المقاصة في أتعاب المحاماة وأسست قضاءها على أن محصول القطن والمواشي والآلات الزراعية لا تدخل ضمن عناصر التركة واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين تعديله والحكم بإلزام المستأنف عليهما متضامنين بأن يدفعا لهم من تركة مورثة مورثتهم المرحومة خديجة رستم مبلغ 4915 ج و472 م والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية والمصروفات المناسبة والأتعاب عن الدرجتين وقيد هذا الاستئناف برقم 939 سنة 75 ق. وبتاريخ 21/ 4/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهما بأن يدفعا من تركة مورثتهما المرحومة خديجة هانم رستم مبلغ 747 ج و900 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 6/ 2/ 1952 لغاية السداد مع المصاريف المناسبة عن الدرجتين لما قضى به وألزمت المستأنفين بباقي المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وأسست قضاءها على أن المواشي والآلات الزراعية تعتبر تركة. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه الأول رفض الطعن ولم تحضر المطعون عليها الثانية وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثاني أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار محصول القطن استحقاقاً للمرحومة فاطمة مرتضى لا تركة عن مورثتها مستنداً في ذلك إلى أن القانون الواجب التطبيق هو الشريعة الإسلامية لا القانون المدني وأن زراعة القطن كان ينفق عليها من مال الوقف، الذي كانت المرحومة خديجة رستم هي المستحقة الوحيدة فيه، لا من مالهما الخاص، وهو خطأ ومخالفة للقانون وقصور يعيبه ويبطله من وجهين (أولهما) أنه طبق على واقعة النزاع في الدعوى أحكام الشريعة الإسلامية في حين أن القانون الواجب التطبيق هو القانون المدني، وفي حين أن أحكام الشريعة - وعلى ما جاء في الفتوى المودعة ملف الطعن - لا تخالف أحكام القانون المدني، في هذا الخصوص لأن أطيان الوقف كانت منزرعة على الذمة ومصاريف زراعة القطن لم تكن من مال الوقف ولكن من مال المرحومة خديجة رستم المستحقة الوحيدة فيه (وثانيهما) أنه مع تمسك الطاعنين بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة الاستئناف وبأن نفقات زراعة القطن صرفت من مال المورثة لا من مال الوقف فقد أغفل الحكم الرد عليه وكان واجباً أن يقول كلمته فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه بأنه متى كان العقد المترتب عليه حق الانتفاع هو عقد وقف فإن أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تجري في شأنه وتطبق عليه من جهة تعيين مدى حقوق المستحقين فيه وما يكون لهم من التصرف في أعيانه وما لا يكون، ومقتضى هذه الأحكام أن الاستحقاق في الوقف منوط بطلوع الغلة وهو الوقت الذي ينعقد فيه الحب أو يؤمن فيه على الثمر من العاهة، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ومردود في الوجه (الثاني) بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "الحكم المستأنف في محله للأسباب التي أوردها" ومنها أنه "لم يثبت أن زراعة القطن قد صرفت عليها المرحومة خديجة رستم من مالها الخاص" وفي ذلك ما يكفي للرد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن محكمة الاستئناف رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات مقدار وقيمة المواشي والآلات الزراعية التي استولت عليها المرحومة فاطمة مرتضى واكتفت بإقرار المطعون عليهما بحجة أن التحقيق أصبح غير منتج لوفاتها منذ عشر سنين، وهو خطأ في القانون لا يحتاج إلى بيان.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من أن "المحكمة لا ترى محلاً لإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ثمن هذه المواشي والآلات الزراعية لمرور أكثر من عشر سنوات على وفاة السيدة خديجة رستم مما يجعل طريق الإثبات بالبينة غير منتج وترى المحكمة الاكتفاء بما هو ثابت بمحضر تسليم الحراسة المؤرخ 2 يونيه سنة 1952" وهي تقريرات سائغة وليس في سبب الطعن ما يكشف عن وجه الخطأ فيما جرى وعول عليه الحكم من ذلك.

الطعن 253 لسنة 30 ق جلسة 29 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 212 ص 1353

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات؛ ومحمد نور الدين عويس.

-------------------

(212)
الطعن رقم 253 لسنة 30 القضائية

(أ) ضرائب. "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية". "الربط الحكمي".
ضريبة. الربط الحكمي. شرطه. توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة. المقصود بوحدة النشاط. نوعه لا كميته.
(ب) ضرائب. "الالتزام بالضريبة". أساسه.
الضريبة لا ترتكن على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والتاجر. تحددها القوانين التي تفرضها. ليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها. للتاجر أن يسترد ما دفعه بغير حق. وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم.

-----------------
1 - يشترط لسريان قاعدة الربط الحكمي - وعلى ما جاء في المذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون 240 لسنة 1952 - توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة. والمقصود بوحدة النشاط - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - نوع النشاط لا كميته بحيث إذا كان الممول يزاول نوعاً معيناً من النشاط في سنة القياس واستمر على مزاولته في السنوات المقيسة فإن قاعدة الربط الحكمي تجري عليه ولا يعتد بما عساه أن يطرأ على كمية هذا النشاط أو مقداره من تغيير.
2 - لا ترتكن الضريبة على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والتاجر وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها فللتاجر أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 9/ 1951 قدرت مأمورية ضرائب اللبان أرباح الممول عبد الرحيم محمد علي عن نشاطه في استغلال محلين لتجارة العلف بشارعي المزدلفة والميرغني بالإسكندرية في السنوات من 1946 إلى 1950 بالمبالغ الآتية: 310 ج و325 ج و324 ج و218 ج و218 ج وبتاريخ 25/ 3/ 1953 قدرت أرباحه في سنة 1951 بمبلغ 218 ج وذلك على أساس أرباحه المقدرة في سنة 1949 وأنه تنازل عن محل تجارته الكائن بشارع الميرغني للغير، وإذا عادت وفي 13/ 2/ 1956 فقدرت أرباحه عن هذه السنة بمبلغ 325 ج على أساس أرباحه المقدرة في سنة 1947 كما قدرت أرباحه في السنوات من 1952 إلى 1954 بمبلغ 325 ج وذلك على أساس أرباحه المقدرة في سنة 1947 واعترض على تقديرات المصلحة لأرباحه عن السنوات من 1951 إلى 1954 لسابقة ربط الضريبة عليه عن سنة 1951 وصيرورة هذا الربط نهائياً فضلاً عن أن أرباح سنة 1947 خاصة بمحلين في حين أنه أصبح منذ سنة 1948 لا يمتلك سوى محل واحد ويتعين اتخاذ أرباح سنة 1949 أساساً للربط في باقي السنوات من 1952 إلى 1954، وعرض الخلاف على لجنة الطعن، وبتاريخ 25/ 11/ 1956 أصدرت اللجنة قرارها برفضه، فقد أقام الدعوى رقم 994 سنة 1959 تجاري كلي الإسكندرية بالطعن في هذا القرار طالباً الحكم ببطلانه فيما قضى به من اتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في سنوات النزاع وجعل سنة الأساس هي سنة 1949 واتخاذ أرباحها المقدرة بمبلغ 218 ج أساساً للربط مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصروفات والأتعاب وبتاريخ 26/ 11/ 1957 حكمت المحكمة حضورياً وفي مادة تجارية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار المطعون فيه في كل من السنوات من 1951 إلى 1954 بمبلغ 218 ج وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات وبمائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة مؤسسة قضاءها في ذلك على أن إعادة ربط الضريبة عن سنة 1951 بمبلغ 325 ج تم في غير الحالات المنصوص عليها في المادة 47 مكرراً من القانون رقم 14 لسنة 1939 ويتعين اعتماد الربط الأول الذي تم عن هذه السنة وأصبح نهائياً بمبلغ 218 ج وهي ذات الأرباح التي قدرت في سنة 1949 واتخاذ هذه الأرباح أساساً للربط في كل من السنوات من 1952 إلى 1954 إذ أن الممول كان يمتلك محلين للعلاقة في سنة 1947 وتنازل عن أحدهما لأخيه في آخر سنة 1948 ولا يجوز اتخاذ الأرباح المقدرة عنهما في سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في سنوات النزاع. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافها برقم 274 سنة 14 ق. وبتاريخ 7/ 4/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصروفات وبخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث طلبت الطاعنة نقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - قضى باتخاذ أرباح سنة 1949 أساساً لربط الضريبة في السنوات من 1951 إلى 1954 مستنداً في ذلك إلى أن الممول كان يمتلك محلين لتجارة العلف وتنازل عن أحدهما لأخيه في آخر سنة 1948 وهذا التنازل يمنع من اتخاذ الأرباح المقدرة في سنة 1947 عن المحلين أساساً لربط الضريبة في سنة 1951 عن محل واحد وأن المصلحة كانت قد اتخذت أرباح سنة 1949 - لا سنة 1947 - أساساً لربط الضريبة في سنة 1951 وأصبح الربط نهائياً بما لا يجوز معه تصحيح هذا الخطأ الذي شاب الربط واتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في سنة 1951، وهذا الذي أسس الحكم قضاءه عليه خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) أن قاعدة الربط الحكمي طبقاً للمرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 والقانون رقم 587 لسنة 1954 و206 لسنة 1955 تفترض وحدة النشاط في سنة القياس وفي السنوات المقيسة والمقصود بوحدة النشاط الوحدة النوعية لا الوحدة الكمية وهو ما ينبني عليه أن الممول وإن كان يمتلك محلين لبيع العلف في سنة 1947 ثم تنازل عن أحدهما لأخيه في سنة 1948 إلا أن ذلك لا يمنع من اتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليه في سنة 1949 وفي السنوات التالية إلى سنة 1954 (وثانيهما) أن قوانين الربط الحكمي لا تحول دون تدارك الخطأ الذي يشوب ربط الضريبة بحيث يجوز للمصلحة العدول عن هذا الربط الذي يتم مخالفاً للقانون طالما أن حقها في المطالبة بالضريبة لم يتقادم بعد وإذ أخطرت المصلحة الممول في 20/ 3/ 1953 باتخاذ أرباح سنة 1949 أساساً لربط الضريبة في سنة 1951 وهو خطأ في القانون فإنه يكون لها تصحيح هذا الخطأ وإعادة الربط في تلك السنة على أساس الأرباح المقدرة في سنة 1947.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يشترط لسريان قاعدة الربط الحكمي - وعلى ما جاء في المذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون 240 لسنة 1952 - توافر وحدة النشاط في سنة القياس والسنوات المقيسة، والمقصود بوحدة النشاط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - نوع النشاط لا كميته بحيث إذا كان الممول يزاول نوعاً معيناً من النشاط في سنة القياس واستمر على مزاولته في السنوات المقيسة فإن قاعدة الربط الحكمي تجري عليه ولا يعتد بما عساه أن يطرأ على كمية هذا النشاط أو مقداره من تغيير، ومن جهة أخرى فإن الضريبة لا ترتكن في أساسها على رباط عقدي بين مصلحة الضرائب والتاجر وإنما تحددها القوانين التي تفرضها وليس في هذه القوانين ولا في القانون العام ما يحول دون تدارك الخطأ الذي يقع فيها فللتاجر أن يسترد ما دفعه بغير حق وللمصلحة أن تطالب بما هو مستحق زيادة على ما دفع - ما لم يكن هذا الحق قد سقط بالتقادم - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ولم يتخذ الأرباح المقدرة سنة 1947 أساساً لربط الضريبة في السنوات من سنة 1951 إلى سنة 1954 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.