الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 2 أبريل 2023

الطعن 142 لسنة 31 ق جلسة 9 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 189 ص 1210

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

---------------

(189)
الطعن رقم 142 لسنة 31 القضائية

(أ) و(ب) رسم. تقادم. "تقادم مسقط".
(أ) رسم التسجيل. استحقاقه بمجرد التسجيل ولو تعذر تحديده ابتداءً بصفة نهائية. 

(ب) تقادم هذا الرسم من اليوم الذي يصبح فيه مستحق الأداء بتمام مقابله وهو شهر المحرر.
(جـ) تقادم "تقادم مسقط". "مدة التقادم". ضرائب "رسوم". قانون.
القانون 646 لسنة 1953. تعديل مدة تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة وجعلها خمس سنوات بدلاً من ثلاث. اكتمال التقادم قبل العمل به. لا تأثير للقانون 646 لسنة 1953 عليه.
(د) تقادم "قطع التقادم". خبرة. رسوم.
ندب الخبير لتقدير الرسم. لا يعتبر إجراءً قاطعاً للتقادم وكذلك رفع المعارضة في تقدير الرسم. اعتبارها موقفة لسريان التقادم.

-----------------
1 - الرسم بصفة عامة هو مبلغ من النقود تجبيه الدولة جبراً من شخص معين مقابل خدمة تؤديها له السلطة العامة وإذ كان هذا التعريف يصدق على رسم التسجيل باعتبار أنه مقابل خدمة خاصة هي شهر المحررات المطلوب تسجيلها فإن هذا الرسم يصبح مستحق الأداء للدولة بمجرد القيام بتلك الخدمة وتستطيع الدولة حينئذ أن تطالب به ولا يقدح في ذلك أن يكون الرسم المستحق غير ممكن تحديده ابتداء بصفة نهائية إذ لا تعارض بين ذلك وبين استحقاقه.
2 - إذ كانت المادة 377 من القانون المدني تنص على أن تتقادم بثلاث سنوات الرسوم المستحقة للدولة وكانت المادة 381 من القانون المذكور تنص على أنه لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء وإذ لم يرد بشأن رسوم التسجيل نص خاص يقضي ببدء سريانها من تاريخ آخر غير تاريخ استحقاقها فإن سريان التقادم بالنسبة لهذه الرسوم يبدأ من اليوم الذي تصبح فيه مستحقة الأداء وفقاً للقاعدة الواردة في المادة 381 من القانون المدني. فإذا كان الثابت من وقائع الدعوى أن عقد التخارج المطلوب الرسم التكميلي عنه قد أشهر فإن رسم التسجيل المستحق عنه قد أصبح مستحق الأداء بتمام مقابله وهو شهر العقد ومنه يبدأ تقادم ذلك الدين (الرسم).
3 - متى كانت مدة التقادم قد اكتملت قبل العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل مدة تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة وجعلها خمس سنوات بدلاً من ثلاث فإن هذا القانون لا ينطبق ولا يؤثر في اكتمال التقادم بمضي ثلاث سنوات.
4 - لا يعتبر ندب مصلحة الشهر العقاري خبيراً لتقدير الرسوم إجراءً قاطعاً للتقادم لأنه ليس موجهاً إلى المدين حتى يقطع التقادم لمصلحة الدائن كما أنه لا يعدو أن يكون إجراءً من إجراءات تقدير الرسوم وهو بعد لا يعتبر من أسباب قطع التقادم الواردة على سبيل الحصر في المادتين 383، 384 من القانون المدني. كما أن رفع المعارضة في تقدير الخبير لا يعتبر إجراءً قاطعاً للتقادم. إذ فضلاً عن أنها ليست من أسباب قطع التقادم المنصوص عليها في المادة 383 من القانون المدني فإنها إجراء صادر من المدين وليس من الدائن وطبقاً لنص المادة 384 من القانون المدني لا ينقطع التقادم بإجراء صادر من المدين إلا إذا كان ما هو صادر منه يعتبر إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن. ولما كانت هذه المعارضة تتضمن إنكاراً لحق الدائن لا إقراراً به فإنها لا تقطع التقادم وإنما تعتبر موقفة لسريان التقادم عند حساب مدته باعتبارها مانعاً يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه حسبما تقضي المادة 382 من القانون المدني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 24 من يونيه سنة 1948 وبمكتب توثيق القاهرة وثق عقد تخارج رسمي بين الكونتيس ايفا نوبار وبين الطاعنة الأولى وأركيل نوبار ووهرام نوبار مورثي باقي الطاعنات يفيد تخارج الكونتيس ايفا نوبار بلا عوض عن حصتها البالغ قدرها السبع في مائتين وواحد وسبعين فداناً وإحدى عشر قيراطاً وستة أسهم ونصف أطياناً زراعية وسبعة وستين متراً مربعاً وخمسين سنتيمتراً أرضاً فضاء بناحية شبرا الخيمة وثمانية وخمسين فداناً وأربعة قراريط وسبعة عشر سهماً ونصف أطياناً زراعية بناحية دمنهور شبرا وقد قدرت هذه الحصة في عقد التخارج بمبلغ ثلاثة آلاف ومائتين وخمسين جنيهاً منها ثلاثة آلاف ومائتان وخمسة وأربعون جنيهاً للأطيان الزراعية وخمسة جنيهات للأرض الفضاء وبتاريخ 31 من يونيو سنة 1948 قدم هذا العقد لمكتب الشهر العقاري بقليوب لشهره فقدر المكتب رسم الشهر على أساس القيمة الواردة بالعقد ثم سدد الرسم وأشهر العقد في 5 من يوليو سنة 1948 برقم 2728 إلا أن مصلحة الشهر العقاري عملاً بالحق المخول لها في المادة التاسعة من القانون رقم 92 لسنة 1944 المعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1948 ندبت في 4 من مارس سنة 1951 مكتب الخبراء لتقدير القيمة الحقيقية للعقارات موضوع التخارج للتحقق من حقيقة الرسم المستحق عن عقد التخارج المذكور - وقد باشر مكتب الخبراء مأموريته وقدم تقريره مظهراً فيه أحقية مصلحة الشهر العقاري في اقتضاء رسوم تكميلية بسبب زيادة قيمة العقارات موضوع التخارج عن القيمة المقدرة في العقد وقد أخطر الطاعنات بإيداع هذا التقرير في 2/ 6/ 1951 فعارضت الطاعنة الأولى ومورث باقي الطاعنات فيه بتاريخ 28/ 6/ 1951 أمام محكمة بنها الابتدائية وقيدت المعارضة برقم 143 لسنة 1951 كلي بنها - وبتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1951 قضي في هذه المعارضة بسقوطها لعدم رفعها في الميعاد القانوني وكانت الطاعنة الأولى ومورث باقي الطاعنات قد رفعوا الدعوى الحالية برقم 93 لسنة 1951 كلي بنها في 11 من نوفمبر سنة 1950 على المطعون ضدها (مصلحة الشهر العقاري) طالبين الحكم ببراءة ذمتهم من الرسم التكميلي عن عقد التخارج فدفعت مصلحة الشهر العقاري الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها في المعارضة رقم 143 لسنة 1951 كلي بنها وبتاريخ 31 من مارس سنة 1953 قضت محكمة الدرجة الأولى بقبول الدفع وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فاستأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 786 لسنة 70 قضائية ومحكمة الاستئناف قضت بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 11 من فبراير سنة 1960 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة مؤسسة قضاءها على أن موضوع هذه الدعوى وهو عدم ملزومية الطاعنات برسم تكميلي يختلف عن موضوع المعارضة في تقدير الخبير وهي المعارضة رقم 143 لسنة 1951 المشار إليها وإذ توفى أراكيل نوبار ووهرام نوبار فقد طلب ورثتهما وزارية نوبار وهم الطاعنات في 24 من أغسطس سنة 1960 من محكمة الاستئناف الحكم مجدداً بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمتهم من أي رسم تكميلي عن العقد المشهر برقم 2728 ودفعوا بسقوط الحق في المطالبة بهذا الرسم بالتقادم وبتاريخ 4 من فبراير سنة 1961 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم 143 لسنة 1951 وبرفض الدفع وبقبول الدعوى وبرفضها موضوعاً - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنات ينعين بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك يقلن إنهن دفعن أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المصلحة في اقتضاء أي رسم تكميلي بالتقادم استناداً إلى نص المادة 377 من القانون المدني التي تنص على تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة بثلاث سنوات لا تنقطع إلا بالأسباب الواردة في المادة 383 من القانون المدني وإذ كان العقد المشهر والمستحق عنه الرسم التكميلي قد حرر في 24 من يونيو سنة 1948 وأشهر في 5 من يوليو سنة 1948 فإن حق المصلحة في المطالبة بالرسم التكميلي يكون قد سقط في 24 من يونيو سنة 1951 أو في 5 من يوليو سنة 1951 على الأكثر إذ أن المصلحة لم تقم بأي إجراء قاطع للتقادم إلا في 17 من ديسمبر سنة 1952 حيث أعلنت الطاعنات بأمر تقدير الرسوم التكميلية - وإذ ندبت المصلحة خبيراً لتقدير قيمة العقارات موضوع العقد المشهر فإن ذلك الندب لا يعتبر إجراءً قاطعاً للتقادم بل إجراء قصد به تقدير قيمة العقارات توطئة لتقدير الرسوم التكميلية - ولكن الحكم المطعون فيه مع اعتباره ندب الخبير إجراء غير قاطع للتقادم فإنه اعتبر المعارضة في تقدير الخبير قاطعة للتقادم بحيث لا تبدأ مدته إلا من تاريخ الفصل في تلك المعارضة إذ من هذا التاريخ يعتبر تقدير الخبير نهائياً وتستطيع المصلحة حينئذ استعمال حقها في المطالبة بالرسم وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن المعارضة التي اعتبرها الحكم قاطعة للتقادم ليست إجراءً صادراً من الدائن حتى تقطع التقادم لمصلحته لكنها إجراء صادر من المدين فلا تقطع التقادم لمصلحة الدائن وإن صح أن تلك المعارضة منعت المصلحة من استعمال حقها في المطالبة بالرسم فإنها تعتبر إجراء يوقف التقادم ولا يقطعه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الرسم بصفة عامة هو مبلغ من النقود تجبيه الدولة جبراً من شخص معين مقابل خدمة خاصة تؤديها له السلطة العامة وإذ كان هذا التعريف يصدق على رسم التسجيل باعتبار أنه مقابل خدمة خاصة هي شهر المحررات المطلوب تسجيلها فإن هذا الرسم يصبح مستحق الأداء للدولة بمجرد القيام بتلك الخدمة وتستطيع الدولة حينئذ أن تطالب به ولا يقدح في ذلك أن يكون الرسم المستحق غير ممكن تحديده ابتداءً بصفة نهائية إذ لا تعارض بين ذلك وبين استحقاقه ولما كانت المادة 377 من القانون المدني التي تحكم التقادم في هذا النزاع تنص على أن تتقادم بثلاث سنوات الرسوم المستحقة للدولة وكانت المادة 381 من القانون المذكور تنص على أنه لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء وإذ لم يرد بشأن رسوم التسجيل نص خاص يقضي ببدء سريانها من تاريخ آخر غير تاريخ استحقاقها فإن سريان التقادم بالنسبة لهذه الرسوم يبدأ من اليوم الذي تصبح فيه مستحقة الأداء وفقاً للقاعدة الواردة في المادة 381 من القانون المدني - وإذ كان الثابت من الوقائع المتقدمة أن عقد التخارج المطلوب الرسم التكميلي عنه قد أشهر في يوليو سنة 1948 فإن رسم التسجيل المستحق عنه قد أصبح مستحق الأداء بتمام مقابله وهو شهر العقد في ذلك التاريخ، ومنه يبدأ تقادم ذلك الدين وينتهي في 22 من ديسمبر سنة 1951 إذ أن المدة بين رفع المعارضة في تقدير الخبير في 28 من يونيو سنة 1951 وبين القضاء في تلك المعارضة في 15 من ديسمبر سنة 1951 لا تحسب في مدة التقادم لأن التقادم يقف أثناء نظر تلك المعارضة باعتبارها مانعاً يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه حسبما تقضي المادة 382 من القانون المدني ومتى كانت مدة التقادم قد اكتملت قبل العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 الذي عدل مدة تقادم الضرائب والرسوم المستحقة للدولة وجعلها خمس سنوات بدلاً من ثلاث فإن هذا القانون لا ينطبق ولا يؤثر في اكتمال التقادم بمضي ثلاث سنوات - لما كان ذلك، وكانت مدة تقادم الرسوم موضوع هذه الدعوى لم يرد عليها سبب من الأسباب القاطعة للتقادم مما ورد ذكره في المادة 383 من القانون المدني سوى إعلان الطاعنات بأمر تقدير تلك الرسوم مع التنبيه عليهن بالوفاء في 17 من ديسمبر سنة 1952 أي بعد أن اكتملت مدة التقادم فإن هذا الإجراء لا يكون ذا أثر في اكتمال مدة تقادم الرسوم محل النزاع. ولا يمكن اعتبار ندب الخبير لتقدير تلك الرسوم إجراءً قاطعاً للتقادم لأنه ليس موجهاً إلى المدين حتى يقطع التقادم لمصلحة الدائن كما أنه لا يعدو أن يكون إجراءً من إجراءات تقدير الرسوم وهو بعد لا يعتبر من أسباب قطع التقادم الواردة على سبيل الحصر في المادتين 383، 384 من القانون المدني - كما أنه خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لا يعتبر رفع المعارضة من الطاعنات في تقدير الخبير إجراءً قاطعاً للتقادم ذلك أنه علاوة على أن هذه المعارضة لا تعتبر من أسباب قطع التقادم المنصوص عليها في المادة 383 من القانون المدني فإنها إجراء صادر من المدين وليس من الدائن وطبقاً لنص المادة 384 من القانون المدني لا ينقطع التقادم بإجراء صادر من المدين إلا إذا كان ما صدر منه يعتبر إقراراً صريحاً أو ضمنياً بحق الدائن وهو الأمر الذي لا يصدق على المعارضة المرفوعة من الطاعنات إذ هي تتضمن إنكاراً لحق الدائن لا إقراراً به والصحيح أن هذه المعارضة تعتبر موقفة لسريان التقادم على ما تقدم ذكره عند حساب مدة التقادم لا قاطعة له.
وحيث إنه لذلك يكون التزام الطاعنات بدين الرسم قد انقضى بالتقادم ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بسقوط حق مصلحة الشهر العقاري المطعون ضدها في المطالبة بهذا الدين بالتقادم تأسيساً على ما قاله من أن رفع المعارضة من الطاعنات يقطع التقادم لأن مصلحة الشهر العقاري لا تستطيع المطالبة بالرسم التكميلي الذي أظهره الخبير إلا بعد الفصل في هذه المعارضة وأن الرسم لم يكن مستحق الأداء قبل تاريخ الفصل في تلك المعارضة يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الآخر من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يتعين القضاء ببراءة ذمة الطاعنات من الرسم التكميلي عن عقد التخارج المشهر في 5 يوليو سنة 1948 برقم 2728.

الطعن 250 لسنة 36 ق جلسة 22 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 208 ص 1272

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

----------------

(208)
الطعن رقم 250 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "ميعاد الطعن".
ميعاد الطعن بالنقض ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه المادة الأولى من القانون 4 لسنة 1967 المعمول بها من تاريخ نشر القانون رقم 43 لسنة 1965.
(ب) نقض. "إعلان الطعن" محل مختار. إعلان.
إعلان الطعن في الموطن المختار. شرطه. اتخاذ الخصم له محلاً مختاراً في ورقة إعلان الحكم.
(ج) نقض. "الخصوم في الطعن". دعوى "المصلحة في الدعوى".
لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه.
(و) حكم. "عيوب التدليل". خبرة.
استناد الحكم في قضائه على تقرير لخبير ثان. إغفاله الإشارة إلى تقرير الخبير الأول. لا قصور.
(هـ) نقض "أسباب الطعن".
وجوب تضمين تقرير الطعن ماهية الاعتراضات والمستندات المقول بأن الحكم قد أغفل الرد عليها. وإلا كان النعي غير مقبول.
(و) إثبات. "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع حيازة، حكم "تسبيب الحكم".
إثبات وضع اليد بالقرائن. جائز. إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم. حسب محكمة الموضوع بيان القرائن المقبولة التي اعتمدت عليها. والأسباب السائغة لرفض طلب التحقيق.

--------------------
1 - مؤدى نص المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم 4 لسنة 1967 أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 لسنة 1955، لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانونين رقمي 57 لسنة 1957 و100 لسنة 1962، وإنما يبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
2 - مفاد نص المادة 380 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز للطاعن أن يعلن خصمه في الموطن المختار، إلا إذ أثبت أن هذا الخصم قد أدرج هذا الاختيار في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه. وإذ خلت الأوراق مما يدل على أن المطعون عليهم السبعة الأول قد اتخذوا موطن..... موطناً مختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، فإنه لا يصح إعلانهم بالطعن في موطنه.
3 - لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون عليهما الثامنة والتاسعة (وزارة الإصلاح الزراعي وإدارة الأموال المصادرة) أمام محكمة الموضوع ليصدر الحكم في مواجهتها، وأن المطعون عليهما سالفتى الذكر قد وقفتا من الخصومة موقفاً سلبياً، وقررتا أنه لا صلة لهما بعين النزاع، وطلبتا إخراجهما من الدعوى ولم يحكم بشيء عليهما، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون عليهم السبعة الأول والأخير، فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن.
4 - متى كان الثابت أن محكمة الاستئناف ندبت من مكتب الخبراء خبيراً آخر خلاف الخبير السابق ندبه أمام محكمة أول درجة، وبعد أن قدم الخبير تقريره، ترافع الخصوم فيما جاء بهذا التقرير وانتهى إليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا التقرير يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد قضى حتماً وضمناً بعدم تعويله على التقرير السابق تقديمه في الدعوى ولا يمكن اعتبار إغفاله الإشارة إليه قصوراً في أسبابه.
5 - إذا كان الطاعن لم يبين بوجهي الطعن ماهية الاعتراضات التي قدمها على تقرير الخبير، وماهية المستندات التي تمسك بها وأغفل الحكم الرد على كل منها، ولا يكفي في ذلك القول بأن الحكم لم يرد على الاعتراضات على تقرير الخبير والمستندات التي قدمها الطاعن دون بيان لها بتقرير الطعن، مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة فإن النعي بهذين الوجهين يكون غير مقبول.
6 - تحقيق وضع اليد هو مما يجوز فيه قبول القرائن كدليل من أدلة الإثبات، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل أمر ذلك متروك لمحكمة الموضوع، ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير أنه لا حاجة لها به وأن في أوراق الدعوى والقرائن المستنبطة من هذه الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، وحسبها أن تبين في حكمها القرائن المقبولة التي استندت إليها، والأسباب السائغة التي اعتمدت عليها في رفض طلب التحقيق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 55 سنة 1956 مدني كلي الزقازيق على المطعون عليهم، عدا الأخير، وطلب الحكم ضد المطعون عليهم السبعة الأول في مواجهة المطعون عليهما الثامنة والتاسعة - وزارة الإصلاح الزراعي وإدارة الأموال المصادرة - بتثبيت ملكيته إلى 8 ف و17 ط و13 س المبينة بصحيفة الدعوى. وقال بياناً لدعواه إنه كان يملك عشرة أفدنة بطريق الشراء من الياس عبد الله، وفي سنة 1938 قايض بها تفتيش صبيح مقابل 8 ف و17 ط و13 س مبينة بصحيفة الدعوى، وظل يضع اليد عليها حتى صدر قانون الإصلاح الزراعي، ثم صدر قانون مصادرة أموال أسرة محمد علي، وإذ استولى الإصلاح الزراعي على أطيان تفتيش صبيح ومنها العشرة أفدنة التي كان يملكها الطاعن، وقايض بها الأطيان محل الدعوى، قد نازعه المطعون عليهم السبعة الأول سنة 1954 في ملكية هذا القدر بدعوى أنه ملك لهم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان دفع المطعون عليهم السبعة الأول الدعوى بأن الأطيان محل النزاع تدخل ضمن أعيان وقف السيدة شمع نور فادن وأنها تقع في النصيب الذي آل إليهم بعد حل هذا الوقف. وأثناء سير الدعوى تدخل فيها المطعون عليه الأخير طالباً رفضها على أساس أنه اشترى الأطيان موضوع الدعوى من المطعون عليهم السبعة الأول بعقد مسجل بتاريخ 17/ 3/ 1959. وطلبت المطعون عليهما الثامنة والتاسعة إخراجهما من الدعوى استناداً إلى أن الأطيان موضوع النزاع لا تقع ضمن الأطيان المستولى عليها أو المصادرة، وبتاريخ 26/ 11/ 1960 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لتحقيق ما إذا كانت الأطيان موضوع النزاع تدخل ضمن أعيان وقف شمع نور قادن وتحقيق وضع اليد عليها وسببه وصفته، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 28/ 4/ 1962 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) وقيد الاستئناف برقم 164 سنة 5 ق، وبتاريخ 6/ 1/ 1964 قضت محكمة الاستئناف بندب مكتب الخبراء ليعهد إلى خبير آخر خلاف خبير محكمة أول درجة، بيان ما إذا كانت الأطيان محل النزاع تدخل ضمن أعيان وقف شمع نور قادن، وتحقيق وضع اليد عليها وسببه ومدته، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 7/ 3/ 1966 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون عليه الأخير بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد، وأبدت النيابة العامة الرأي ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم السبعة الأول وبعدم قبوله بالنسبة للمطعون عليهما الثامنة والتاسعة وبرفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأخير، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الدفع الذي أبداه المطعون عليه الأخير بسقوط الحق في الطعن لرفعه بعد الميعاد في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 4 سنة 1967 قد عدلت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 في شأن السلطة القضائية وقررت أن ميعاد الطعن بالنقض يبقى ستين يوماً وأشارت المادة الثالثة من القانون رقم 4 سنة 1967 بأن يعمل بالمادة الأولى سالفة البيان من تاريخ نشر القانون رقم 43 سنة 1965. وهو 22 يوليه سنة 1965، فإن مؤدى ذلك هو أن العود إلى النصوص الخاصة بالإجراءات والمواعيد التي كان معمولاً بها أمام محكمة النقض قبل إنشاء دوائر فحص الطعون بالقانون رقم 104 سنة 1950 لا يمتد إلى نص المادة 428 من قانون المرافعات السابق قبل تعديله بالقانونين رقمي 57 سنة 1957، 100 سنة 1962، وإنما يبقى ميعاد الطعن بالنقض وهو ستون يوماً سارياً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، وإذ صدر الحكم بتاريخ 7 مارس سنة 1966، وكان للطاعن ميعاد مسافة يقدر بإضافة يوم إلى ميعاد الطعن لكل مسافة مقدارها خمسين كيلو متراً من المكان الذي يجب الانتقال منه، وهو محل إقامة الطاعن بمركز ههيا بمحافظة الشرقية والمكان الذي حصل الانتقال إليه لمباشرة الإجراء فيه وهو القاهرة مقر محكمة النقض التي حصل التقرير بالطعن في قلم كتابها، ويوم لكل ما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو متراً مما مؤداه أن يزاد على ميعاد الطعن المقرر ميعاد مسافة قدره يومان على أساس أن المسافة بين مدينة ههيا والقاهرة تزيد على ثمانين كيلو متراً، وكان الطاعن قد قرر بالطعن بالنقض بتاريخ 8 مايو سنة 1966، فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد بما يتعين معه رفض الدفع بسقوط الحق في الطعن.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة العامة ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون عليهم السبعة الأول، يستند إلى أن إعلان الطعن بالنقض يجب أن يسلم للمطعون عليه نفسه أو في موطنه أو في الموطن المختار المبين في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه وقد أعلن المطعون عليهم السبعة الأول بتقرير الطعن في موطن محمد سامي الخانجي، وليس في الأوراق ما يدل على أنهم اتخذوا محل إقامته موطناً مختاراً لهم.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أن المادة 380 من قانون المرافعات السابق إذ قضت بأن يكون إعلان الطعن لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم، فقد أفادت - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز للطاعن أن يعلن خصمه في الموطن المختار، إلا إذا أثبت أن هذا الخصم قد أدرج هذا الاختيار في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، وإذ خلت الأوراق، مما يدل على أن المطعون عليهم السبعة الأول قد اتخذوا موطن محمد سامي الخانجي موطناً مختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم المطعون فيه، فإنه لا يصح إعلانهم بالطعن في موطنه ويكون إعلانهم بتقرير الطعن على الوجه الذي حصل به قد وقع باطلاً، ويتعين لذلك قبول الدفع الذي أبدته النيابة في هذا الخصوص وبطلان الطعن بالنسبة لهم.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثامنة والتاسعة، وزارة الإصلاح الزراعي وإدارة الأموال المصادرة، هو أنه لم توجه إليهما أي طلبات ولم تنازعا الطاعن في مزاعمه أو طلباته، بل وقفتا موقفاً سلبياً على أساس أن أطيان النزاع لم يحصل الاستيلاء عليها أو مصادرتها ولم يحكم عليهما بشيء.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون عليهما الثامنة والتاسعة أمام محكمة الموضوع، ليصدر الحكم في مواجهتهما، وأن المطعون عليهما سالفتى الذكر قد وقفتا من الخصومة موقفاً سلبياً وقررتا أن لا صلة لهما بعين النزاع، وطلبتا إخراجهما من الدعوى ولم يحكم بشيء عليهما، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تعلق لها إلا بالمطعون عليهم السبعة الأول والمطعون عليه الأخير، فإنه لا يقبل اختصامهما في الطعن ويتعين لذلك قبول الدفع وعدم قبول الطعن بالنسبة إلى المطعون عليهما المذكورتين.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. بالنسبة للمطعون عليه الأخير.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالأوجه الأول والثاني والرابع والخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ويقول في بيان الوجه الأول إن الحكم أخذ بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف فيما انتهى إليه من أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع بدأ في سنة 1947 وأطرح تقرير الخبير، الذي ندبته محكمة أول درجة فيما خلص إليه من أن وضع يد الطاعن بدأ في سنة 1938 دون أن يورد الحكم أسباباً لترجيحه التقرير الذي أخذ به، ويتحصل الوجهان الثاني والخامس فيما يقوله الطاعن من أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الخبير أثبت في تقريره وقائع غير صحيحة، كما قدم إلى المحكمة مستندات تدل على ملكيته للأطيان المتنازع عليها، ولم يعرض الحكم المطعون فيه إلى دفاعه أو يرد على المستندات التي قدمها. ويتحصل الوجه الرابع في أن الحكم اتخذ من تقرير الخبير دليلاً على أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع بدأ في سنة 1947، وكان من بين ما استند إليه الخبير الدعوى رقم 231 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق، والحكم الصادر فيها وذلك على الرغم من أنها لم تكن مضمومة إلى أوراق الدعوى الحالية، ولا يصح الاستدلال بها على تاريخ بدء وضع يد الطاعن، إذ لا يجوز الاستناد إلى حكم صادر في دعوى أخرى دون أن يكون ضمن أوراق الدعوى بحيث يصبح عنصراً من عناصر الإثبات فيها يتناضل فيها الخصوم.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف ندبت من مكتب الخبراء خبيراً آخر خلاف الخبير السابق ندبه أمام محكمة أول درجة، وكلفت الخبير الجديد بتحقيق وضع اليد على أعيان النزاع وسببه ومدته، وأنه بعد أن قدم هذا الخبير تقريره ترافع الخصوم فيما جاء بهذا التقرير وانتهى إليه. فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ بهذا التقرير يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد قضى حتماً وضمناً بعدم تعويله على التقرير السابق تقديمه في الدعوى، ولا يمكن اعتبار إغفاله الإشارة إليه قصوراً في أسبابه. والنعي بالوجهين الثاني والخامس مردود، ذلك أن الطاعن لم يبين بوجهي الطعن ماهية الاعتراضات التي قدمها على تقرير الخبير، وماهية المستندات التي تمسك بها وأغفل الحكم الرد على كل منها، ولا يكفي في ذلك القول بأن الحكم لم يرد على الاعتراضات على تقرير الخبير أو المستندات التي قدمها الطاعن دون بيان لها بتقرير الطعن، مع أن ذلك مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجوهه منذ ابتداء الخصومة، ويكون النعي بهذين الوجهين غير مقبول والنعي في وجهه الرابع غير صحيح، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أن الدعوى رقم 231 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق كانت مضمومة إلى الدعوى الحالية وأشار الحكم المطعون فيه إلى الاطلاع على أوراقها والحكم الصادر فيها. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم بالقصور بهذه الأوجه من السبب الأول يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة لم تستجب إلى طلب الإحالة إلى التحقيق الذي أبداه لإثبات وضع يده على الأطيان محل النزاع المدة المكسبة للملكية، مع أن التحقيق المطلوب يتناول دفاعاً جوهرياً لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى، هذا إلى أن الحكم اتخذ من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير قرينة ضمن قرائن أخرى، دليلاً على بدء وضع يد الطاعن على أرض النزاع في سنة 1947، مع أنه يجب في الدليل المستمد من أقوال الشهود أن تسمع شهادتهم أمام المحكمة، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان تحقيق وضع اليد هو مما يجوز فيه قبول القرائن كدليل من أدلة الإثبات، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إجراء التحقيق لإثبات وقائع يجوز إثباتها بالبينة ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه في كل حالة، بل أمر ذلك متروك لمحكمة الموضوع ترفض الإجابة إليه متى رأت بما لها من سلطة التقدير أنه لا حاجة لها به وأن في أوراق الدعوى والقرائن المستنبطة من هذه الأوراق ما يكفي لتكوين عقيدتها، وحسبها أن تبين في حكمها القرائن المقبولة التي استندت إليها والأسباب السائغة التي اعتمدت عليها في رفض طلب التحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استند في بيان بدء وضع يد الطاعن على أرض النزاع في سنة 1947 إلى تقرير الخبير الذي أخذ به وإلى ما استند إليه هذا الخبير، مما ثبت له من الدعوى رقم 233 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق المضمومة لأوراق الدعوى الحالية، من أن الطاعن بدأ وضع يده على أرض النزاع في سنة 1947 بطريق الإيجار بالبدل الزراعي مع تفتيش صبيح ومن أقوال شهود المطعون عليه العاشر الذي سمعهم الخبير وتأيدت أقوالهم بالشهادة الإدارية المؤرخة 25/ 10/ 1964، وكشوف حساب تفتيش صبيح التي أرفقها الخبير بأوراق الدعوى، والتي تثبت أن علاقة الطاعن بالتفتيش بدأت في سنة 1947، وإلى ما هو ثابت من هذه الكشوف من أن الطاعن استرد في سنة 1951 أطيانه التي كان قد تبادل عنها زراعياً في سنة 1947، وتصرف فيها بالبيع والرهن، وخلص الحكم من كل هذا إلى أن وضع يده على أرض النزاع بدأ في سنة 1947، ولم تكمل به المدة المكسبة للملكية، وكان ما أورده الحكم من أدلة وقرائن على أن وضع يد الطاعن على أرض النزاع كان في سنة 1947، على النحو المتقدم هو تدليل سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويغني عن إحالة الدعوى إلى التحقيق، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب في هذا الخصوص يكون على غير أساس.

الطعن 122 لسنة 31 ق جلسة 9 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 188 ص 1203

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(188)
الطعن رقم 122 لسنة 31 القضائية

حكم. "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". "أموال عامة". "جبانات".
الأرض التي تقع حول مسجد الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن. خروجها عما هو مخصص للدفن مع بقائها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة. استدلال الحكم على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها كجبانة مع أنها ليست مخصصة للدفن ولم يكن العمران طارئاً ولا نتيجة لانتهاء التخصيص للمنفعة العامة. استدلال فاسد.

-----------------
مفاد نصوص المادتين 1 و2 من المرسوم الصادر في 10 من فبراير سنة 1924 والمادة السادسة من لائحة جبانات المسلمين المؤرخة 4 مارس سنة 1926 أن المشرع قد أخرج الأرض التي تقع حول مسجد الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن مما هو مخصص للدفن وإن كان قد أبقاها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة وذلك توصلاً لإمهال أصحاب تلك المباني ريثما تتلاشى مع الزمن بعد أن حرم تجديدها وترميمها فتخلو منها منطقة الجبانات التي لا يجوز صحياً أن تكتنفها مساكن الأحياء. وإذ استدل الحكم المطعون فيه على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها وآثارها كجبانة وانتشار العمران فيها مع أنها لم تكن مخصصة للدفن ولم يكن العمران طارئاً ولا نتيجة لانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة فإن هذا الاستدلال يكون فاسداً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2443 سنة 1953 كلي القاهرة على الطاعن بصفته رئيساً لمجلس بلدي مدينة القاهرة التابعة له لجنة الجبانات وعلى المطعون ضدهما الثانية والثالثة قائلاً إنه بموجب عقد بيع ابتدائي تاريخه 9 فبراير سنة 1954 اشترى من المطعون ضدهما المذكورتين كامل أرض وبناء المنزل رقم 11 بحارة مبروك قسم الخليفة بثمن قدره ثلاثمائة وتسعون جنيهاً وأن البائعتين قعدتا عن التوقيع على عقد البيع النهائي كما أنه عندما طلب البيانات المساحية الخاصة بالمنزل المبيع تمهيداً لتحرير هذا العقد وشهره ورد بهذه البيانات أن أرض المنزل تدخل ضمن منطقة الجبانات المعتبرة من المنافع العامة مع أنها خارجة عن هذه المنطقة لذلك فقد أقام هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب الحكم على المدعى عليهم جميعاً بصحة ونفاذ عقد البيع المشار إليه - وقد أقرت البائعتان بصحة البيع ولم تعترضا على الحكم للمطعون ضده بطلباته. أما الطاعن فقد دفع الدعوى بأن الأرض المقام عليها المنزل المبيع تدخل في منطقة الجبانات وتعتبر من الأملاك العامة التي لا يجوز أن يرد عليها أي تعامل وبتاريخ 27 أكتوبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لمعاينة الأرض المقام عليها المنزل موضوع الدعوى وبيان ما إذا كانت تقع ضمن أرض الجبانات من عدمه وقد قدم الخبير تقريراًً انتهى فيه إلى أنه تبين له من الاطلاع على الخرائط المساحية أن أرض النزاع تقع ضمن ما يسمى في الخرائط بمسكن الإمام الشافعي وأن هذا المسكن بمجموعه يقع ضمن نطاق الحدود المقررة للجبانات وأن هذه المنطقة وضمنها أرض النزاع فقدت صفة الجبانة من مدة طويلة وأصبحت آهلة بالسكان والمنازل السكنية وقد اعترض الطاعن على ما ورد بهذا التقرير قائلاً إن المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1944 بتحديد منطقة جبانات الإمامين الشافعي والليثي قد أخرج بمقتضى المادة الثانية منه من التخصيص للدفن الأراضي المشغولة بمجموعات سكنية محتفظاً للحكومة بجميع حقوقها على هذه الأراضي مما يؤكد بقاء صفة المال العام لها وأن مؤدى هذا النص ونصوص لائحة الجبانات الصادرة في 24 من يونيه سنة 1926 أنه ليس لأصحاب المباني المقامة داخل حدود الجبانات قبل تاريخ صدور المرسوم المشار إليه إلا حق الانتفاع بها وأن الأرض المقام عليها المباني من المال العام وليست من الأماكن المخصصة للدفن - وبتاريخ 27 نوفمبر سنة 1958 أصدرت المحكمة حكماً آخر قبل الفصل في الموضوع انتهت في أسبابه إلى أن وضع اليد على أرض الجبانات يكسب الملكية متى وقع بعد زوال تخصيص الجبانة للدفن واندثار معالمها وآثارها وأن الثابت من تقرير الخبير أن الأرض المقام عليها المنزل محل النزاع فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة وقضت المحكمة في منطوق هذا الحكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (المطعون ضده الأول) أنه وسلفه وضعا اليد على العقار موضوع الدعوى وضع اليد المكسب للملكية بشرائطه القانونية وذلك بعد زوال صفة الملك العام وأجازت للطاعن النفي وبعد أن سمعت شهود المدعي حكمت في 29 سبتمبر 1959 للمطعون ضده الأول بطلباته فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 1307 سنة 76 قضائية وتمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاعه أمام محكمة أول درجة وبتاريخ 28 يناير سنة 1961 حكمت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت بجلسة 27 أكتوبر سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 حدد جبانات المسلمين وفقاً للقوائم وخرائط المساحة المرافقة له ونص في المادة الثانية منه على أن يخرج من التخصيص للدفن الأراضي المشغولة بمجموعات مساكن واقعة حول مسجد الإمام الشافعي والإمام الليثي مع حفظ جميع حقوق الحكومة على هذه الأراضي ثم صدرت بعد ذلك وبتاريخ 28 فبراير سنة 1926 لائحة جبانات المسلمين بمدينة القاهرة ونصت في المادة السادسة منها على أن جميع المباني الموجودة داخل حدود الجبانات لا يصرح بتجديدها ولا بترميمها عدا الحيشان والمدافن وبذلك يكون المشرع قد أخرج تلك الأراضي المشغولة بمجموعات سكنية من التخصيص للدفن إمهالاً لأصحابها ريثما تتلاشى مع الزمن دون أن يخرجها من الأملاك العامة - ولما كان الثابت أن أرض المنزل محل النزاع تدخل في حدود جبانة الإمام الشافعي على ما قرره الخبير وسلم به الحكم المطعون فيه وكان عقد البيع أساس الدعوى قد شمل كامل أرض وبناء هذا المنزل فإن ذلك الحكم إذ قضى بصحة ونفاذ هذا العقد استناداً إلى ما قرره الخبير من أن المنطقة الواقع فيها هذا المنزل أصبحت آهلة بالسكان وتتمتع بالمظاهر العمرانية والحيوية وأنها بذلك قد فقدت صفة المال العام يكون قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال إذ علاوة على ما تقدم ذكره من أن صفة المال العام لم تزل للأراضي التي حددها المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 فإن الاستدلال على زوال هذه الصفة عنها بتمتع الحي الذي تقع فيه بمظاهر العمران والحيوية هو استدلال فاسد ذلك أن تمتع تلك المنطقة بهذه المظاهر لم يكن أمراً طارئاً ووليداً لزوال صفة الملك العام بل إن هذه المظاهر كانت موجودة بالفعل عند صدور المرسوم سالف الذكر بدليل أنه أخرجها من التخصيص للدفن كما كانت هذه المظاهر موجودة أيضاً عند صدور لائحة الجبانات التي منعت من تجديد المساكن وترميمها ومتى كانت هذه المظاهر موجودة بالفعل عند تخصيص هذه المنطقة للمنفعة العامة فإنه لا يجوز الاستدلال بتلك المظاهر على زوال صفة المال العام عنها.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه أنهما وإن سلما بأن المنطقة التي يقع فيها المنزل المبيع للمطعون ضده الأول تدخل في حدود الأراضي المخصصة للجبانات والمعتبرة من الأموال العامة إلا أن الحكمين قررا زوال صفة المال العام عن هذه المنطقة وذلك بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة واستندا في ذلك إلى ما ورد بتقرير الخبير الذي ندبته المحكمة الابتدائية من أن الأرض المقام عليها المنزل موضوع الدعوى قد فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة وأنشئت فيها مجموعات سكنية وشقت فيها طرقات وأقيمت فيها المدارس الحكومية حتى أصبح المنزل وسط منطقة كثيفة السكان وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول بأن انتشار مظاهر العمران والحيوية في تلك المنطقة على النحو المبين بتقرير الخبير مما يبعد بها كثيراً عن أن تكون أرضاً مخصصة للانتفاع بها كجبانة من جبانات المسلمين ورتب الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه على ذلك قوله إن وضع اليد على أرض الجبانات يكسب الملكية متى وقع بعد زوال تخصيص الجبانة للدفن واندثار معالمها وآثارها وأنه ما دامت أرض النزاع قد فقدت صفة الجبانة منذ مدة طويلة فإنه يجوز تملكها بالتقادم المكسب وعلى هذا الأساس أجازت محكمة أول درجة للمطعون ضده الأول أن يثبت بشهادة الشهود أنه وسلفه وضعا اليد على العقار محل النزاع بشرائطه القانونية المدة الطويلة المكسبة للملكية وإذ اعتبرت أن المطعون ضده المذكور قد نجح في إثبات ذلك فقد قضت له بصحة ونفاذ عقده - ولما كان المرسوم الصادر في 10 فبراير سنة 1924 بتحديد جبانات المسلمين الواقعة شرقي مدينة القاهرة وجنوبها بسفح جبل المقطم قد بين في المادة الأولى منه الجبانات المخصصة لدفن موتى المسلمين الواقعة في هذه المنطقة وأحال فيما يتعلق بمواقعها وحدودها إلى القوائم وخرائط المساحة المرافقة له ثم نص في المادة الثانية منه على أن "يخرج من التخصيص للدفن بمقتضى البيانات والحدود الموضحة بالقوائم والخرائط المرفقة بهذا المرسوم (1) المواقع المقام عليها مساجد وقره قولات أو مبان أخرى مخصصة لمنفعة عامة وكذا الأراضي المستعملة كطرق عامة أو سكك حديدية (2) الأراضي المشغولة بمجموعات مساكن واقعة حول مسجدي الإمام الشافعي والإمام الليثي مع حفظ حقوق الحكومة على هذه الأراضي (3) المناطق الأثرية... ولما صدرت لائحة جبانات المسلمين في 4 مارس سنة 1926 نصت في المادة السادسة منها على أن جميع المباني الموجودة داخل حدود الجبانات لا يصرح بتجديدها ولا بترميمها عدا الحيشان والمدافن - ومفاد ذلك أن المشرع قد أخرج الأراضي التي تقع حول مسجد الإمام الشافعي والتي كانت مشغولة بمجموعات مساكن مما هو مخصص للدفن وإن كان قد أبقاها في نطاق الجبانات المعتبرة من الأموال العامة وذلك توصلاً لإمهال أصحاب تلك المباني ريثما تتلاشى مع الزمن بعد أن حرم تجديدها وترميمها فتخلو منها منطقة الجبانات التي لا يجوز صحياً أن تكتنفها مساكن الأحياء, وإذ كان يبين مما تقدم أن الأراضي الواقعة حول مسجد الإمام الشافعي ومن بينها الأرض المقام عليها المنزل محل النزاع في هذه الدعوى على ما جاء بتقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه - وإن كانت داخلة في حدود منطقة الجبانات إلا أنها لم تكن مخصصة للدفن بل كانت منطقة مشغولة بالمساكن وتتمتع بمظاهر العمران من قبل صدور مرسوم 10 فبراير سنة 1924 وأن هذا المرسوم قد أبقى عليها مؤقتاً كمنطقة سكنية وأخرجها من التخصيص للدفن لما كان ذلك، فإن استدلال الحكم المطعون فيه على انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بزوال تخصيصها للدفن واندثار معالمها وآثارها كجبانة وانتشار العمران فيها مع أن هذا العمران لم يكن طارئاً ولا نتيجة لانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة هذا الاستدلال يكون فاسداً إذ الاستدلال بذلك إنما يكون له محل لو كانت الأرض مخصصة أصلاً لدفن الموتى ثم زال تخصيصها لهذا الغرض بعدم الدفن فيها واندثار معالمها وآثارها كجبانة أما وتلك الأراضي التي يقع فيها المنزل محل النزاع لم تكن مخصصة أصلاً لدفن الموتى بل كانت خارجة عما هو مخصص له وذلك بمقتضى مرسوم 10 فبراير سنة 1924 فإن هذا الاستدلال يكون في غير محله وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إنه لما تقدم ولما ثبت من أن الأرض المقام عليها المنزل المبيع للمطعون ضده الأول من الأموال العامة التي لا يجوز التصرف فيها أو تملكها بالتقادم ولأن ما قرره الخبير من انتشار العمران في المنطقة التي تقع فيها هذه الأرض على النحو الذي بينه في تقريره وبناء مساكن ومدارس حكومية فيها ليس من شأنه أن يؤدي إلى انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ما دامت هذه المنطقة كانت آهلة بالسكان عند تخصيصها لهذا الغرض وكانت خارجة عما هو مخصص للدفن لهذا كله يكون الحكم المستأنف إذ قضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضده الأول المتضمن بيع الأرض المقام عليها المنزل بما عليها مخالفاً للقانون بما يتعين معه إلغاؤه ورفض الدعوى ولا عبرة بما قرره الحاضر عن المطعون ضده الأول أمام هذه المحكمة وفي مذكرته من أن الحكومة صرحت ببيع الأراضي الواقعة في تلك المنطقة للأفراد وأنه صدر في سنة 1961 قرار من محافظة القاهرة بجعل منطقة الإمام الشافعي منطقة سكنية وبرفع سلطة لجنة الجبانات عنها - لا عبرة بهذا القول لأنه فضلاً عن تجرده عن الدليل فإنه حتى بفرض صدور قرار من المحافظة بهذا المعنى في سنة 1961 فإنه لا ينطبق على النزاع الحالي ولا يؤثر في النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة.

الطعن 248 لسنة 36 ق جلسة 22 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 207 ص 1270

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وإبراهيم علام، وعباس حلمي عبد الجواد.

---------------

(207)
الطعن رقم 248 لسنة 36 القضائية

حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الأحكام".
وجوب صدور الحكم باسم الأمة وإلا كان باطلاً. م 155 من دستور سنة 1964 المؤقت.

---------------
لما كانت المادة 155 من الدستور المؤقت الذي عمل به من 25/ 3/ 1964 تنص على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد العمل بهذا الدستور، وكان يبين من الاطلاع على صورة الحكم المطعون فيه أنه لم يدون به ما يفيد أنه صدر باسم الأمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً متعيناً نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم العشرين الأولين أقاموا الدعوى رقم 227 سنة 1960 مدني الفيوم الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليها الحادية والعشرين، وفي مواجهة المطعون عليه الثاني والعشرين يطلبون الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى 30 ف و21 ط و12 س، أطياناً زراعية شائعة في 32 ف و1 ط و20 س مبينة الحدود والمعالم بصحيفة، الدعوى وبإلغاء إجراءات التنفيذ العقاري التي اتخذها الطاعن ضد المطعون عليها الحادية والعشرين على هذه الأطيان في القضية رقم 10 سنة 1960 بيوع الفيوم وتسليمها إليهم. وبتاريخ 19/ 3/ 1963 حكمت محكمة أول درجة بطلباتهم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 402 سنة 1 ق بني سويف، وبتاريخ 8/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وتمسك في مذكرته الشارحة بسبب متعلق بالنظام العام حاصله إن الحكم المطعون فيه باطل لخلوه مما يفيد صدوره باسم الأمة. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كانت المادة 155 من الدستور المؤقت الذي عمل به في 25/ 3/ 1964 تنص على أن تصدر الأحكام وتنفذ باسم الأمة، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 8/ 3/ 1966 أي بعد العمل بهذا الدستور، وكان يبين من الاطلاع على صورة الحكم المطعون فيه أنه لم يدون به ما يفيد أنه صدر باسم الأمة طبقاً للقانون، فإنه يكون باطلاً متعيناً نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 63 لسنة 31 ق جلسة 7 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 187 ص 1195

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله.

--------------

(187)
الطعن رقم 63 لسنة 31 القضائية

(أ) دعوى. "سقوط الخصومة". استئناف.
مدة سقوط الخصومة تبدأ في حالة الانقطاع بسبب زوال الصفة من يوم إعلان من قام مقام من زالت صفته بوجود الدعوى. زوال الصفة في مباشرة الاستئناف بعد الحكم بإحالة القضية من محكمة النقض (1). مدة السقوط في هذه الحالة لا تبدأ من تاريخ حكم النقض بالإحالة ولكن من اليوم الذي يتم إعلان من آلت إليه الصفة في مباشرة الاستئناف بوجوده.
(ب) استئناف. "نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف". نقض. "الحكم في الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام".
أحكام محكمة النقض لا تقبل الطعن بأي مطعن. لا يجوز تعييبها أمام محكمة الإحالة بأي وجه من الوجوه.

--------------
1 - مدة سقوط الخصومة - وفقاً للمادة 302 مرافعات - لا تبدأ في حالة الانقطاع بسبب زوال الصفة إلا من اليوم الذي يقوم فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان من قام مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي. فإذا كان الاستئناف قد رفع أصلاً من والد المطعون عليهم بصفته ولياً عليهم ثم زالت عنه هذه الولاية ببلوغهم سن الرشد فإنه يترتب على زوال صفته في مباشرة الاستئناف والسير فيه وانتقال هذه الصفة إليهم أن مدة سقوط الخصومة في هذه الحالة لا تبدأ من اليوم الذي صدر فيه حكم محكمة النقض بإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف وإنما من اليوم الذي يتم فيه إعلان المطعون عليهم (المستأنفين) بوجود الاستئناف.
2 - متى كان دفاع الطاعنين أمام محكمة الاستئناف ينطوي على تعييب حكم محكمة النقض - بنقض الحكم الاستئنافي والإحالة - ومن شأن ذلك أن تتعرض محكمة الموضوع لقضاء تلك المحكمة وكانت أحكام محكمة النقض لا تقبل الطعن بأي مطعن ولا يجوز تعييبها أمام محكمة الإحالة بأي وجه من الوجوه، فإن هذا الدفاع يكون مما لا يصح طرحه أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وغيره من أوراق الطعن - تتحصل في أن أيوب يوسف إبراهيم بصفته ولياً على أولاده المطعون عليهم الأربعة الأولين وقت أن كانوا قصراً مشمولين بولايته، أقام الدعوى رقم 65 لسنة 1950 كلي المنيا، ضد الطاعن الأول وآخرين، طالباً الحكم بتثبيت ملكيته بصفته المذكورة، إلى الفدانين المبينين بالصحيفة، وأسس دعواه على أنه اشترى هذين الفدانين لأولاده المذكورين من المرحوم فهيم أخنوخ عبد الملك مورث الطاعنين الثاني والثالثة والمطعون عليهم الباقين، عدا العاشر، بموجب عقد بيع تاريخه 23/ 10/ 1940 رفع بشأنه دعوى صحة تعاقد سجلت صحيفتها بتاريخ 27/ 8/ 1941 برقم 757 وحكم فيها بتاريخ 20/ 5/ 1942 وسجل ذلك الحكم في 6/ 6/ 1942. دفع الطاعن الأول الدعوى بأن السيدة/ نزهة أخنوخ عبد الملك - المطعون عليها الأخيرة - باعته الفدانين المتنازع عليهما مع فدانين آخرين بموجب عقد بيع تاريخه 30/ 9/ 1948 سجل في 8/ 12/ 1948 وقال في بيان مصدر ملكية البائعة للأفدنة الأربعة المذكورة، إنها ضمن 6 ف و18 ط و16 س كان المرحوم فهيم أخنوخ عبد الملك قد باعها إلى المدعو بطرس شحاتة عبد الملك الذي أقام بدوره دعوى صحة تعاقد سجلت صحيفتها في 27/ 8/ 1941 برقم 758 وسجل الحكم الصادر فيها لصالحه في 16/ 11/ 1941، وأن السيدة/ نزهة رفعت عن هذا البيع دعوى شفعة حكم فيها استئنافياً لصالحها بتاريخ 23/ 11/ 1944 في القضية رقم 1949 لسنة 60 ق استئناف القاهرة وأدخل الطاعن الأول السيدة المذكورة خصماً في الدعوى ليحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضده - وبتاريخ 29/ 3/ 1952 حكمت المحكمة برفض الدعوى وقررت في حكمها أن النزاع من أساسه يدور حول المفاضلة بين عقد شراء أيوب يوسف إبراهيم بصفته وعقد شراء بطرس شحاتة عبد الله ولتعذر إجراء هذه المفاضلة على أساس تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد المقامة من كل منهما لأن الصحيفتين مسجلتان في تاريخ واحد وفي ساعة واحدة، فقد فضلت المحكمة البيع الصادر إلى بطرس شحاتة لأن حكم صحة التعاقد الذي استصدره عن هذا البيع مسجل قبل تسجيل حكم صحة التعاقد الذي استصدره أيوب يوسف إبراهيم - استأنف هذا الأخير بصفته ذلك الحكم بالاستئناف رقم 513 لسنة 69 ق القاهرة، وبنى استئنافه على أن العبرة في المفاضلة بأسبقية تسجيل صحيفة الدعوى لا الحكم الذي يصدر فيها - ومحكمة الاستئناف قضت في 19/ 1/ 1954 بتأييد الحكم المستأنف مؤسسة قضاءها على نفس النظر الذي التزمته محكمة أول درجة - طعن أيوب يوسف إبراهيم بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 204 لسنة 24 ق وبتاريخ 15/ 5/ 1958 قضت المحكمة بنقض الحكم وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة تأسيساً على أن الأسبقية في التعاقد - تحدد بأسبقية رقم التسجيل - عجل أيوب يوسف إبراهيم بصفته الاستئناف واختصم فيه ورثة البائع فهيم أخنوخ عبد الملك نظراً لوفاته، ثم باشره المطعون عليهم الأربعة الأولون بأنفسهم لبلوغهم سن الرشد، وفي 31/ 12/ 1960 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبثبوت ملكية المطعون عليهم المذكورين إلى الفدانين محل النزاع، متبعة في إجراء المفاضلة بين عقد بطرس شحاتة عبد الله والعقد الصادر إلى أيوب يوسف إبراهيم بصفته ما قضت به محكمة النقض في هذا الخصوص - طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17/ 10/ 1964 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وفي الجلسة التي حددت لنظره التزمت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب، حاصل أولها، خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون بقضائه برفض الدفع بعدم قبول تعجيل الاستئناف، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنه بعد صدور الحكم من محكمة النقض، عجل والد المطعون عليهم الأربعة الأولين الاستئناف بصفته ولياً عليهم، وإذ كانت ولايته قد زالت لبلوغهم سن الرشد فقد دفع الطاعن الأول بعدم قبول التعجيل لحصوله من غير ذي صفة غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أنه غدا في غير محله لأن المطعون عليهم الأربعة الأولين صححوا شكل طلبهم بأن أجروا تعجيلاً آخر للاستئناف بمعرفتهم - هذا في حين أن التعجيل الذي قام به المطعون عليهم بأنفسهم قد حصل في 26 و30 إبريل وفي 4 مايو سنة 1960، أي بعد انقضاء أكثر من سنة من تاريخ حكم النقض الصادر في 15/ 5/ 1958 - ولو تنبه الحكم المطعون فيه إلى ذلك لتبين أن طلب سقوط الخصومة الذي تقدم به الطاعن الثاني كان صحيحاً, وأنه كان يتعين إجابته إليه - وحاصل السبب الثاني, خطأ الحكم في تطبيق القانون بقضائه برفض طلب سقوط الخصومة الذي أبدى أمام محكمة الاستئناف ذلك أن الطاعن الثاني تقدم بهذا الطلب وبناء على أنه لم يعلن بتعجيل الاستئناف إلا في 4/ 5/ 1960 أي بعد مضي أكثر من سنة على صدور حكم النقض في 15/ 5/ 1958 - غير أن الحكم المطعون فيه، قضى برفض هذا الطلب واستند إلى أن تعجيل الاستئناف الذي قام به والد المطعون عليهم الأربعة الأولين، معلن إلى باقي ورثة المرحوم فهيم أخنوخ عبد الملك قبل مضي سنة من تاريخ صدور حكم النقض - هذا في حين أن سقوط الخصومة بالنسبة للطاعن الثاني المذكور، كان يترتب عليه سقوطها بالنسبة لهؤلاء الورثة لأن الموضوع غير قابل للتجزئة.
وحيث إن النعي على الحكم بهذين السببين مردود، ذلك أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الاستئناف كان مقاماً أصلاً من والد المطعون عليهم الأربعة الأولين بصفته ولياً عليهم، ولما زالت عنه هذه الولاية ببلوغهم سن الرشد أجروا تعجيلاً للاستئناف بمعرفتهم وساروا فيه بأنفسهم - ولما كانت مدة سقوط الخصومة - على ما تقضي به المادة 302 مرافعات - لا تبدأ في حالة الانقطاع بسبب زوال الصفة إلا من اليوم الذي يقوم فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان من قام مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي - وكان طلب سقوط الخصومة الذي تقدم به الطاعن الثاني إلى محكمة الاستئناف يستند إلى مضي أكثر من سنة بين تاريخ صدور حكم محكمة النقض وتاريخ تعجيل الاستئناف بمعرفة المطعون عليهم الأربعة الأولين، دون اعتبار لما يترتب قانوناً على زوال صفة والد المطعون عليهم الأربعة المذكورين، في مباشرة الاستئناف والسير فيه وانتقال هذه الصفة إليهم، من أن مدة السقوط لا تبدأ في هذه الحالة من اليوم الذي صدر فيه حكم محكمة النقض وإنما من اليوم الذي يتم فيه إعلان هؤلاء بوجود الاستئناف - لما كان ذلك، وكان الطاعنون لم يثبتوا أنهم قدموا إلى محكمة الموضوع ما يدل على أن المطعون عليهم المذكورين - بعد أن زالت صفة وليهم الشرعي ببلوغهم سن الرشد - أعلنوا بوجود الاستئناف - فإن الحكم المطعون فيه بقضائه برفض طلب سقوط الخصومة يكون قد انتهى صحيحاً - ومن ثم يكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه، بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الطاعنين الثاني والثالثة دفعا أمام محكمة الاستئناف بأن حكم محكمة النقض السابق لا يحتج به عليهما وتمسكا ببطلان ذلك الحكم واستندا في هذا الخصوص إلى أن مورثهما، المرحوم فهيم أخنوخ عبد الملك، لم يعلن بذلك الطعن إعلاناً صحيحاً، وأنه توفي بتاريخ 8/ 7/ 1957 أثناء سير الإجراءات أمام محكمة النقض وقبل أن تقضي في الطعن ولم يختصم ورثته - ومع ذلك فقد قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع بالرغم من أن انقطاع سير الخصومة بوفاة أحد الخصوم يحصل بقوة القانون ويترتب عليه بطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع.
وحيث إن النعي على الحكم بهذا السبب مردود، ذلك أن الطاعنين يثيرون في سبب النعي أن محكمة الاستئناف قضت برفض دفاعهم الذي تمسكوا به أمامها، والمبني على أن محكمة النقض، سارت في الطعن السابق المحكوم فيه بتاريخ 15/ 5/ 1958 مع أن مورثهم لم يكن قد أعلن بهذا الطعن إعلاناً صحيحاً، وقد توفى أثناء سير الإجراءات أمام المحكمة ولم يختصم ورثته رغم أن الوفاة يترتب عليها انقطاع سير الخصومة - ولما كان هذا الوجه من دفاع الطاعنين ينطوي على تعييب حكم محكمة النقض ومن شأنه أن تتعرض محكمة الموضوع لقضاء تلك المحكمة - وكانت أحكام محكمة النقض لا تقبل الطعن بأي مطعن ولا يجوز تعييبها أمام محكمة الإحالة بأي وجه من الوجوه، فإن هذا الدفاع يكون مما لا يصح طرحه أمام محكمة الموضوع - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أخطأ بتعرضه لهذا الدفاع، إلا أنه وقد انتهى إلى رفضه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل سببي الطعن الرابع والخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، بقضائه برفض دفاع الطاعن الأول المؤسس على تملكه الأطيان محل النزاع بالتقادم القصير - وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن تقريرات الحكم تفيد أنه أسس قضاءه في موضوع النزاع على المفاضلة بين البيع الصادر إلى بطرس شحاتة - وهو التصرف الذي قام عليه أصلاً البيع الصادر للطاعن الأول - وبين البيع الصادر لوالد المطعون عليهم الأربعة الأولين بصفته ولياً عليهم، ولم يستند الحكم في نفي حسن النية عن الطاعن الأول في وضع يده على الأطيان محل النزاع إلى أنه كان يعلم فعلاً أن البائعة إليه ليست مالكة، وإنما استند في هذا الشأن إلى أنه كان يتعين على الطاعن المذكور أن يعلم ذلك من تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد التي أقامها بطرس شحاتة عبد الملك وتلك التي أقامها أيوب يوسف إبراهيم - أما المفاضلة التي أجراها الحكم بين البيع الصادر إلى بطرس شحاتة والبيع الصادر إلى المطعون عليهم الأربعة الأولين، فيقول الطاعنون إنها مفاضلة في غير موضعها لأن الأطيان محل كل من هذين البيعين، شائعة في أطيان أخرى تتسع للقدرين المتصرف فيهما، ومن أجل ذلك فلا محل للتزاحم والمفاضلة بين هذين البيعين، وكان على محكمة الاستئناف بعد أن أحيلت إليها القضية من محكمة النقض بمقتضى الحكم السابق أن تقوم بتحقيق هذا الواقع لا أن تقضي في النزاع على أساس المفاضلة التي أجرتها - وهي إذ لم تفعل ذلك فإن حكمها يكون معيباً بالقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لما تمسك به الطاعن الأول من أنه تملك الأطيان محل النزاع بوضع يده عليها المدة القصيرة، وخلص من ذلك إلى قوله (... كل ذلك إنما يدل بوضوح على أن تلك الملكية لم تكن وقت التنازل له - أي للطاعن الأول - مستقرة للمشتري المشفوع منه ولا للشفيعة المحكوم لها بالشفعة تبعاً لذلك ومن ثم فإن شرط حسن النية يكون منتفياً، ويبيت هذا الدفاع في غير محله ويتعين بالتالي إطراحه جانباً) وقد استطرد الحكم بعد ذلك إلى القول (ومن حيث إنه بعد جميع ما سلف يبقى النزاع منحصراً بين طرفي الخصومة في مسألة واحدة وهي تحري ملكية الأطيان البالغ مساحتها فدانين... التي يطالب بها المستأنفون - المطعون عليهم الأربعة الأولون - وما دام بائعها شخصاً واحداً هو المأسوف عليه "فهيم أخنوخ عبد الملك" وقد تصرف فيها بعقدين مختلفين أحدهما للمستأنفين والآخر ضمن أطيان أخرى إلى المشتري "بطرس شحاتة عبد الله" وقد أقام كل منهما دعوى بصحة تعاقده وسجل صحيفة دعواه ثم سجل الحكم الذي صدر فيها فإن المفاضلة بينهما تكون بمن هو أسبق تسجيلاً لصحيفة دعوى صحة التعاقد) وبعد أن قرر الحكم ما تبينه من أن الصحيفتين قد سجلتا في تاريخ واحد وساعة واحدة وما يترتب على ذلك من أن المفاضلة بينهما تكون برقم التتابع الذي يدل على ترتيب تقديم الصحيفة وقيدها في دفتر العرائض قال (ولما كان رقم التتابع الذي قيدت به صحيفة دعوى صحة التعاقد المقامة من المستأنفين أسبق من الرقم الذي قيدت به صحيفة دعوى "بطرس شحاتة عبد الملك" وقد سجل الحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد المرفوعة من المستأنفين طبقاً للقانون فإن الحكم الصادر لهم يكون بأثره الرجعي أسبق من الحكم الصادر "لبطرس شحاتة عبد الملك" في دعواه وعلى هذا تكون الأفضلية بينهما معقودة للمستأنفين... وتغدو في محلها مطالبتهم بثبوت ملكيتهم إلى هذه الأطيان المبيعة لهم بذلك العقد المحكوم بصحته وفقاً لما سلف البيان) ولما كان المستفاد من تقريرات الحكم هذه أن الفدانين محل النزاع مبيعان إلى المطعون عليهم الأربعة الأولين بالعقد الذي استصدره والدهم بصفته ولياً عليهم، من المرحوم فهيم أخنوخ عبد الملك، وأن هذين الفدانين هما بذاتهما من الأطيان التي باعها هذا الأخير إلى المدعو بطرس شحاتة عبد الله، والأطيان التي قضي للسيدة نزهة أخنوخ عبد الملك بأحقيتها في أخذها بالشفعة وبالتالي من الأطيان التي باعتها إلى الطاعن الأول، وكان ما يثيره الطاعنون بسبب النعي من أنه لا محل للمفاضلة التي أجراها الحكم المطعون فيه لأن الأطيان محل التصرفين شائعة في أطيان أخرى تتسع للعقدين المتصرف بهما - هو منازعة موضوعية لم يقدم الطاعن ما يدل على سبق إثارتها أمام محكمة الموضوع، فلا يقبل منه التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض - لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف أن الفدانين محل النزاع عين واحدة باعها مالكها لشخصين مختلفين، فإن المفاضلة بين هذين البيعين تكون على مقتضى الأسبقية المبينة قواعدها في قانون التسجيل والقرارات الوزارية المنفذة له - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأجرى المفاضلة التي استند إليها على صحيح حكم القانون فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب كافية لحمله، ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون على غير أساس - أما تقريرات الحكم عن تمسك الطاعن الأول في دفاعه بأنه تملك الأطيان محل النزاع بالتقادم القصير - وإطراحه هذا الدفاع استناداً إلى عدم توافر حسن النية لدى الطاعن المذكور، فهو تزيد من الحكم، لم يكن له محل في النزاع المعروض، الذي يدور في أساسه، حول ملكية عين بذاتها تصرف فيها مالكها مرتين على النحو سالف الذكر - وإذ كان الحكم على ما سبق بيانه - يقوم بدون هذا التزيد، فإنه لا يعيبه وجوده به، أياً كان وجه خطئه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين الحكم برفض الطعن.


(1) راجع نقض 21/ 6/ 1956 مجموعة المكتب الفني س 7 ص 746.

الطعن 40 لسنة 9 ق جلسة 30 / 11 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 10 ص 22

جلسة 30 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

----------------

(10)
القضية رقم 40 سنة 9 القضائية

إجارة. 

النص في عقد الإجارة على استبقاء جزء من الأجرة لدى المستأجر ليدفعه في الأموال الأميرية المقرّرة على العين المؤجرة. هذا الجزء لا يخرج عن كونه دين أجرة. مدّة سقوطه. خمس سنوات.
(المادة 211 مدني)

-------------------
متى كان منصوصاً في عقد الإجارة على أن المستأجر يستبقى من الأجرة المستحقة عليه مبلغاً معيناً ليدفعه في الأموال الأميرية المقرّرة على العين المؤجرة فهذا النص لا يخرج المبلغ المستبقى عن طبيعته وهي أنه دين أجرة سبب الالتزام به عقد الإجارة. وتخصيصه ليدفع في الأموال الأميرية لا يعدّ تبديلاً للالتزام. وإذن فمدّة السقوط المقرّرة له هي خمس سنوات عملاً بالمادة 211 من القانون المدني.

الطعن 188 لسنة 31 ق جلسة 2 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 186 ص 1190

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام.

----------------

(186)
الطعن رقم 188 لسنة 31 القضائية

(أ) إصلاح زراعي "نزع ملكية الأطيان المتصرف فيها لصغار الزراع". تنفيذ. "تنفيذ عقاري". "رسو المزاد".
نزع الدائن ملكية الأطيان المتصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن. وجوب إيقاع البيع في هذه الحالة على الحكومة دون غيرها. عدم جواز رسو المزاد على الدائن سواء كانت ملكيته تزيد بعد رسو المزاد على الحد الأقصى للملكية أو لا تزيد.
(ب) قانون. "تفسير القانون". "علة الحكم وحكمته".
دوران حكم القانون مع علته لا مع حكمته. لا محل للاستهداء بحكمة التشريع إلا عند غموض النص أو وجود لبس فيه. النص الواضح قطعي الدلالة في المراد منه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله.

-----------------
1 - مؤدى صريح نص الفقرة الثانية من البند "و" من المادة الثانية من قانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 245 لسنة 1955 أنه إذا قام الدائن بنزع ملكية الأطيان التي كان قد تصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن فإنه يجب إيقاع البيع على الحكومة دون غيرها بالثمن المحدد بتلك الفقرة. ولما كانت كلمة "الدائن" قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل من تزيد ملكيته بعد رسو المزاد عليه على الحد الأقصى للملكية ومن لا تزيد على ذلك فإن تخصيص هذا اللفظ بقصر حظر التملك على الدائن الذي تزيد ملكيته من الأرض بعد رسو المزاد عليه على النصاب القانوني يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص.
2 - متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول كان ممن انطبق عليهم قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 - وعملاً بما يجيزه له هذا القانون احتفظ لنفسه ولأولاده بمقدار 300 فدان من هذه الأطيان وتصرف في القدر الزائد إلى صغار المزارعين وفقاً لحكم المادة الرابعة فقرة ب من القانون المشار إليه - وكان من بين من تصرف إليهم في هذا القدر المطعون ضده الثاني إذ باع له 4 ف و23 ط و1 س بموجب عقد تم التوقيع عليه بمكتب توثيق القاهرة بمصلحة الشهر العقاري في أول يناير سنة 1956 برقم 38 سنة 1956 - ولما عجز عن الوفاء بباقي الثمن وقدره 757 ج و525 م اتخذ المطعون عليه الأول ضده إجراءات التنفيذ العقاري على الأطيان المبيعة وفاءً لهذا المبلغ وذلك في دعوى البيوع رقم 95 سنة 1958 كلي المنصورة - وبجلسة 11 من مايو سنة 1960 تدخلت الطاعنة (وزارة الإصلاح الزراعي في الدعوى طالبة إيقاع البيع على الحكومة - في حالة رسو المزاد - وذلك بالثمن الذي يرسو به المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل طبقاً لما تقضي به المادة الثانية فقرة "و" من قانون الإصلاح الزراعي - وانضم إليها المطعون ضده الثاني في هذا الطلب إلا أن المطعون ضده الأول اعترض على ذلك استناداً إلى القول بأنه لم يعد يخضع لقانون الإصلاح الزراعي لأنه تصرف بعد صدور هذا القانون في جميع ما يملك فلا يمتنع إيقاع البيع عليه وبتاريخ 11 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة الابتدائية بإيقاع البيع على المطعون ضده الأول مباشر الإجراءات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 122 سنة 62 قضائية - وبجلسة 6 مارس سنة 1961 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بالمصروفات - وبتاريخ 5 إبريل سنة 1961 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 5 من ديسمبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى أنها ترى نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده الثاني دفع بعدم قبول الطعن تأسيساً على أن الطاعنة لم تعد لها مصلحة فيه إذ أن الراسي عليه المزاد "المطعون ضده الأول" قد تنازل له عن حكم مرسى المزاد المطعون فيه بعد صدوره وبذلك عادت إليه أرضه - وقد أقر الإصلاح الزراعي هذا التنازل واعتد به.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الطاعنة وقد كانت طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وقضى هذا الحكم ضدها بإيقاع البيع على المطعون ضده الأول وبإلزامها بالمصروفات فقد كانت لها مصلحة في الطعن في هذا الحكم ولا ينفي قيام هذه المصلحة حصول التنازل المدعى به - إذ علاوة على أن الحاضر عن الطاعنة أمام هذه المحكمة قد أنكر بجلسة المرافعة اعتداد الإصلاح الزراعي بهذا التنازل فإنه يكفي لتوافر المصلحة في الطعن قيامها وقت الطعن في الحكم ولا يحول دون قبول الطعن زوال هذه المصلحة بعد ذلك - بفرض زوالها - هذا إلى أنه حتى لو صح حصول هذا التنازل واعتداد الإصلاح الزراعي به فلا زالت للطاعنة مصلحة محققة في الطعن في الحكم لقضائه بإلزامها بمصروفات الدعوى.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ ذهب في تفسيره للفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة 2 من قانون الإصلاح الزراعي إلى أن حكمها قاصر على الدائن مباشر الإجراءات الذي يملك أكثر من مائتي فدان قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لما في هذا التخصيص من مخالفة لعموم النص وصراحته فضلاً عن مخالفته كذلك لحكم المادة الرابعة مكررة من قانون الإصلاح الزراعي التي تمنع المزارع الصغير من أن يتصرف في الأطيان التي آلت إليه بمقتضى الفقرة (ب) من المادة الرابعة المذكورة إلى المالك الأصلي أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة - وهذا الحظر يسري على التصرف بعقد أو عن طريق القضاء لأنه من المقرر قانوناً أن المدين المنزوعة ملكيته هو البائع للعقار المراد بيعه وأن صفة الدائن المباشر للإجراءات لا تتعدى صفة النائب عنه في البيع القضائي وأن الراسي عليه المزاد يتلقى الملكية من المدين لا من دائنه ويضيف الطاعن أن المشرع وقد أوجب رسو هذه الأطيان على الحكومة بالثمن الذي يرسو به المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل فإنه قصد من ذلك إلى عدم عودة الأرض إلى المالك الأصلي حتى تقوم الحكومة بتوزيعها بما يحقق أهداف التشريع من توزيع الثروة العقارية الزراعية على فئات معينة من الناس تتوافر فيهم شروط خاصة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض حكم المادتين الأولى والثانية من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 قال "وظاهر بجلاء أن الاستثناء الوارد في الفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة الثانية وارد على الأصل وهو حالة الدائن مباشر الإجراءات المنوه عنه في الفقرة الأولى من البند "و" وهو بطبيعة الحال الذي يجوز له أن يمتلك أكثر من مائتي فدان إن كان سبب الزيادة هو نزع ملكية مدينه ورسو المزاد عليه طبقاً للمادة 664 من قانون المرافعات فليس نص هذه الفقرة الأخيرة من البند "و" عاماً بالنسبة للدائن الذي سبق له التصرف في الأطيان المنفذ عليها وفقاً لحكم البند ب من المادة الرابعة من نفس القانون ولو لم يمتلك مائتي فدان لأن حكمة النص في هذه الحالة أن يحد الزائد على القدر المسموح بامتلاكه فإذا ما كان إيقاع البيع على الدائن الأخير المذكور لا يملكه أكثر من مائتي فدان انعدمت حكمة النص وانعدم تطبيق القانون المشار إليه برمته" وهذا الذي قرره الحكم و أقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن الفقرة الأخيرة من البند "و" من المادة الثانية من قانون الإصلاح الزراعي المضافة بالقانون رقم 245 لسنة 1955 إذ نصت على أنه "عند نزع الدائن لملكية الأطيان التي سبق له التصرف فيها وفقاً لحكم البند "ب" من المادة الرابعة من هذا القانون - فإن مزاد شرائها يرسو على الحكومة بثمن رسو المزاد أو بعشرة أمثال القيمة الإيجارية أيهما أقل" فقد دلت بعبارة صريحة لا لبس فيها ولا غموض على أنه إذا قام الدائن بنزع ملكية الأطيان التي كان قد تصرف فيها إلى صغار الزراع بسبب عجزهم عن الوفاء بباقي الثمن فإنه يجب إيقاع البيع على الحكومة دون غيرها وذلك بالثمن المحدد في تلك الفقرة - ولما كانت كلمة "الدائن" قد وردت بصيغة عامة بحيث تشمل من تزيد ملكيته بعد رسو المزاد عليه على الحد الأقصى للملكية ومن لا تزيد على ذلك فإن تخصيص هذا اللفظ بقصر حظر التملك على الدائن الذي تزيد ملكيته من الأرض بعد رسو المزاد عليه على النصاب القانوني يكون تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص ومتى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة على المراد منه فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه إذ أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح وسليم لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى في الدعوى على أساس أن حظر إيقاع البيع على الدائن مقصور على من يصبح بعد رسو المزاد عليه مالكاً لأكثر من الحد الأقصى للملكية يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.

الطعن 34 لسنة 9 ق جلسة 30 / 11 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 8 ص 17

جلسة 30 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

---------------

(8)
القضية رقم 34 سنة 9 القضائية

استئناف. 

الأثر القانوني لرفعه. نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف. مستأنف عليه محكوم له بكل طلباته. الأسانيد القانونية التي أقام عليها دعواه أمام محكمة الدرجة الأولى. تمسكه بها أمام محكمة الدرجة الثانية. جوازه. استئناف فرعي. محله. عدم القضاء بكل الطلبات. معنى الطلب في القانون. دعوى بالشفعة. إقامتها على الشيوع وعلى أن أطيان المدّعي تجاور الأطيان المشفوع فيها من جهتين ولها عليها حق ارتفاق. القضاء فيها لثبوت الجوار من حدّين دون السببين الآخرين. تمسك الشفيع (المستأنف عليه) أمام محكمة الاستئناف بهذين السببين أيضاً. التفات المحكمة عنهما بمقولة إنه لا يجوز له التمسك بهما مع عدم رفع استئناف منه عن الحكم. لا يصح. (المواد 357 و368 و369 مرافعات)

---------------
يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع برمته إلى محكمة الاستئناف وإعادة طرحه عليها مع أسانيده القانونية وأدلته الواقعية، ولذلك يكون للمستأنف عليه الذي صدر الحكم الابتدائي لمصلحته أن يتمسك بكل الأسانيد القانونية التي أقام عليها دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى دون أن يكون مطالباً بأن يرفع استئنافاً فرعياً. وذلك إذا كان قد حكم له بطلباته كلها، إذ في هذه الحالة تكون مصلحته في رفع الاستئناف منعدمة. أما إذا كان لم يحكم له إلا ببعض الطلبات فيكون هناك محل للاستئناف للمطالبة بما لم يحكم له به. ويجب في هذا المقام أن يكون المحكوم برفضه طلباً بالمعنى الصحيح في القانون (Chef de demande). فإذا كان المدّعي قد أقام دعواه بالشفعة على أنه مالك بالشيوع، وأن أطيانه تجاور العقار المشفوع فيه من جهتين، وأن لها عليه حق ارتفاق، فندبت المحكمة الابتدائية خبيراً في الدعوى لتحقيق هذه الأسباب، ثم قضت للشفيع بطلباته استناداً على ما ظهر من تقرير الخبير من ثبوت الجوار من الحدّين، وعندما استأنف المشتري هذا الحكم أصرّ الشفيع أمام محكمة الاستئناف على تمسكه بسببي الشفعة الآخرين، وطلب تأييد الحكم المستأنف، فمن الخطأ أن تقول محكمة الاستئناف إن الشفيع بعدم استئنافه الحكم فيما يتعلق بذينك السببين يكون قد انتهى إلى التمسك بسبب الجوار فقط، وتلتفت بناء على ذلك عن السببين الآخرين اللذين أصرّ عليهما أمامها.


الوقائع

تتلخص وقائع الدعوى - على ما جاء بتقرير الطعن والحكم المطعون فيه وباقي الأوراق المقدّمة من طرفي الخصومة والتي كانت من قبل مقدّمة لمحكمة الموضوع - فيما يلي:
يقول الطاعن إنه يملك فدانين و8 قراريط و20 سهماً شائعة مع شركائه المطعون ضدّهم عدا الأوّل، وإن هذه الأطيان تقع في نقطتين: الأولى في القطعة رقم 14 بحوض أبي جابر رقم 6 ويملك فيها فداناً و6 قراريط و20 سهماً، والثانية في القطعة رقم 124 بحوض العمدة رقم 5 ويملك فيها فداناً وقيراطين. وإنه بعقد عرفي ابتدائي تاريخه 24 من نوفمبر سنة 1933 مسجل في 20 من فبراير سنة 1934 اشترى محمد فريد علي يوسف أفندي المطعون ضدّه الأوّل من باقي المطعون ضدّهم 3 فدادين وقيراطين و4 أسهم. منها فدانان وقيراطان بحوض أبي جابر رقم 6 ضمن القطعة رقم 14 وفدان و4 أسهم بحوض العمدة رقم 5 ضمن القطعة رقم 124. وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1934 أبدى الطاعن رغبته في أخذ هذه الأطيان بالشفعة فأنذر المشتري بذلك رسمياً في هذا التاريخ، ثم أعقب ذلك في 19 من مارس سنة 1934 بإعلان دعوى الشفعة التي تقيدت تحت رقم 224 سنة 1934 بجدول محكمة بني سويف الكلية واستند في دعواه إلى: (1) أنه شريك على الشيوع في العين المشفوع فيها. (2) أن أرضه تجاور الأرض المشفوع فيها من ناحيتين. (3) أن له حق ارتفاق عليها. وطلب الحكم بأحقيته لأن يأخذ بطريق الشفعة أو الاسترداد الأرض المذكورة نظير قيامه بدفع ثمنها الحقيقي وقدره 200 جنيه وملحقاته أو الثمن الوارد بالعقد وقدره 262 جنيهاً و660 مليماً ومصاريف التسجيل مع إلزام المشتري بالمصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة.
أنكر المشتري على الشفيع دعواه بأنه شريك على الشيوع في الأرض المشفوع فيها وأنه يحدّها من جهتين، وأن له حق ارتفاق عليها، وزاد بأن طلب الحكم بسقوط حقه في الأخذ بالشفعة لمضي أكثر من خمسة عشر يوماً على علمه بالبيع قبل إبداء رغبته في الأخذ بالشفعة.
وبتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1934 حكمت محكمة بني سويف الأهلية بندب خبير لمعاينة الأطيان المشفوع فيها وأطيان الشفيع وتحقيق الأوجه التي يستند إليها الشفيع. فباشر الخبير مأموريته، وقدّم تقريره، فناقشته المحكمة في هذا التقرير، وخلاصته أن الشفيع يجاور الأرض المشفوع فيها من الحدّين الشرقي والغربي ولكنه ليس بمالك فيها على المشاع، كما أنه ليس له حق ارتفاق عليها. بعد ذلك وبتاريخ 5 من فبراير سنة 1936 حكمت المحكمة بتحقيق ما ادعاه المشتري من مضي أكثر من خمسة عشر يوماً على علم الشفيع قبل إبداء رغبته رسمياً في الأخذ بالشفعة، ونفذت المحكمة هذا الحكم وسمعت شهود الطرفين ورجحت شهود الشفيع. ولذلك قضت له بالشفعة في نظير المبلغ الوارد بالعقد.
صدر هذا الحكم بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1937 فاستأنفه المشتري بتاريخ 7 من فبراير سنة 1938 وتقيد استئنافه بجدول محكمة استئناف مصر تحت رقم 445 سنة 55 قضائية، وقد طلب الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول دعوى الشفعة وسقوط حق الشفيع فيها مع إلزامه بالمصاريف عن الدرجتين وأتعاب المحاماة. وبتاريخ 7 من مارس سنة 1939 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول دعوى الشفعة وإلزام الشفيع بالمصاريف عن الدرجتين و300 قرش أتعاب محاماة عنهما للمدعى عليه الأوّل في الطعن.
لم يعلن هذا الحكم للطاعن ولكن وكيله قرّر بالطعن فيه بطريق النقض في 10 من مايو سنة 1939 بتقرير أعلن إلى المدعى عليهم في الطعن في 17 و20 من ذلك الشهر، وأودع إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الوجه الأوّل من وجهي الطعن أن الطاعن استند في طلب الشفعة إلى ثلاثة أمور: الأول الشركة على الشيوع في الأرض المشفوع فيها. الثاني الجوار لها من جهتين. الثالث وجود حق ارتفاق لأطيانه على الأرض المشفوع فيها. وأن الطاعن قد تمسك بهذه الأسس إلى إقفال باب المرافعة أمام محكمة الاستئناف ولكن الحكم المطعون فيه أغفل البحث في الأمرين الأوّل والثالث مع أن كلاً منهما قد يؤدّي إلى أحقيته في الأخذ بالشفعة، وقصر الحكم بحثه على الجوار بمقولة إن الشفيع انتهى إلى التمسك بالجوار دون سواه مع أنه استمسك بالسببين الآخرين.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم الابتدائي يبين أن الطاعن أقام دعواه على أسس ثلاثة. الأوّل الشيوع. الثاني الجوار من حدّين. الثالث حق الارتفاق.
وقد ندبت محكمة أوّل درجة خبيراً في الدعوى لتحقيق هذه الأوجه الثلاثة فقدّم تقريره وعلقت عليه المحكمة في حكمها بقولها: "إن الخبير قدّم تقريره الذي ظهر منه أن المدعي - الطاعن - ليس مالكاً على المشاع في العين المطلوب أخذها بالشفعة وليس له حق ارتفاق عليها ولكنه يجاورها من الحدّين الشرقي والغربي كما تبين ذلك من مناقشة الخبير بجلسة 15 يناير سنة 1936". وعوّلت المحكمة على قيام هذا السبب وهو الجوار من حدّين واعتبرته كافياً لأحقية المدّعي في الأخذ بالشفعة وحكمت له بطلباته. وعندما استأنف المشتري هذا الحكم أصر الشفيع على طلباته وقدّم مذكرته الختامية التي استهلها بما نصه "أساس الشفعة ثلاثة أوجه: (1) الجوار من حدّين. (2) الشركة على الشيوع. (3) حق الارتفاق. وأي سبب من هذه الأسباب وحده كافٍ للأخذ بالشفعة... إلخ".
وبعد أن أسهب الشفيع في بيان كل سبب من هذه الأسباب تناول دفع المشتري وردّ عليه، ثم ختم مذكرته بما نصه "فبناء عليه وعلى ما سبق إيضاحه بمذكراتنا السابقة نطلب بحق تأييد الحكم المستأنف". (صورة هذه المذكرة مقدّمة بحافظة مستندات الطاعن رقم 8/ 4 تحت رقم 6).
وهذا كله صريح في أن الطاعن استمسك أمام محكمة الاستئناف بجميع الأسس التي أقام عليها دعواه أمام محكمة أوّل درجة، فمن الخطأ أن يقول الحكم المطعون فيه "إن الطاعن انتهى إلى التمسك بالجوار دون سواه" ويغضي عن الأساسين الآخرين مع أن أيهما لو صح يكون كافياً لأحقية الشفيع في الأخذ بالشفعة.
وحيث إن المدعى عليه الأوّل في الطعن ذهب في مذكرته التي ردّ بها على الطاعن إلى أنه ليس لهذا الأخير أن يتمسك بالشيوع أو بحق الارتفاق بعد أن فصلت محكمة أول درجة بانعدامهما، وبعد أن سكت الطاعن عن استئناف ذلك الحكم ولو استئنافاً فرعياً.
وحيث إن هذا القول في غير محله. لأن الأثر القانوني الذي يترتب على رفع الاستئناف هو نقل موضوع النزاع برمته وإعادة طرحه على محكمة الاستئناف مع أسانيده القانونية والأدلة المقدمة عليها، ولذلك يجوز للمستأنف عليه الذي صدر الحكم لمصلحته أن يعيد كل ما تمسك به أمام محكمة أوّل درجة من الأسانيد القانونية التي أقام عليها دعواه، ولا يطلب منه في أية حال أن يرفع استئنافاً فرعياً لانعدام المصلحة في هذا الاستئناف بعد أن حكم له ابتدائياً بطلباته كلها، وإنما محل الاستئناف الفرعي أن تكون محكمة أوّل درجة لم تقض للمحكوم له بكل طلباته فيحق له عندئذ أن يرفع استئنافاً فرعياً يطلب فيه الحكم بالطلبات التي رفضت ابتدائياً، وكل ما يجب في هذه الحالة هو أن يكون هناك طلب بالمعنى القانوني (Chef de demande)، وفي الدعوى المطروحة لم تكن الحال كذلك.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في إغفال الرد على هذين الأساسين اللذين استند إليهما الطاعن في دعواه واللذين لو صح أيهما لكان منتجاً في مصيرها. وهذا القصور يعيب الحكم ويقتضي نقضه بغير حاجة إلى بحث الوجه الثاني من وجهي الطعن.

الطعن 166 لسنة 31 ق جلسة 2 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 185 ص 1184

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(185)
الطعن رقم 166 لسنة 31 القضائية

(أ) إثبات. "إجراءات الإثبات". "استجواب الخصم". "شهادة الشهود".
عدم جواز استجواب من ليس خصماً في الدعوى. لا يجوز سماع من ليس خصماً إلا باعتباره شاهداً بعد أدائه اليمين وصدور حكم بإحالة الدعوى إلى التحقيق. ولا يجوز للخصم المقرر باستجوابه أن ينيب غيره عنه في الإجابة على الاستجواب. في حالة التخلف عن الحضور بغير عذر أو الامتناع عن الإجابة بلا مبرر للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "الدفع بالجهالة". "الإنكار". "قوة الورقة العرفية في الإثبات".
للوارث الاكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة على الورقة العرفية لمورثه دون الدفع بالإنكار. الدفع بالجهالة من الوارث وحلفه اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني. زوال قوة الورقة في الإثبات مؤقتاً. وجوب إقامة الدليل على صحتها من جانب المتمسك بها. لا حاجة لاتباع طريق الطعن بالتزوير.

----------------
1 - لا يجوز قانوناً استجواب من ليس خصماً في الدعوى كما لا يجوز للخصم المقرر استجوابه أن ينيب عنه في الإجابة على الاستجواب شخصاً آخر. وقد رسم قانون المرافعات للمحكمة ما يجب عليها اتباعه في حالة تخلف الخصم المطلوب استجوابه عن الحضور بنفسه وأجاز لها في حالة تخلفه عن الحضور بغير عذر مقبول أو امتناعه عن الإجابة بغير مبرر قانوني أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك. أما من لم يكن خصماً في الدعوى فإنه لا يجوز للمحكمة أن تسمع أقواله إلا باعتباره شاهداً بعد أدائه اليمين وبعد صدور حكم منها بالتحقيق على النحو المبين في المادة 190 من قانون المرافعات.
2 - أباح القانون في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمورثه دون أن يقف موقف الإنكار صراحة فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء الذي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 سالفة الذكر زالت عن هذه الورثة مؤقتاً قوتها في الإثبات وتعين على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات ولا يتطلب من الوارث لإسقاط حجية هذه الورقة سلوك طريق الطعن بالتزوير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع هذا الطعن حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول رفع على ورثة أخيه المرحوم سليمان بدوي وهم الطاعنات والمطعون ضدهم الثاني والثالث والرابع وعلى المطعون ضدهما الأخيرين الدعوى رقم 687 لسنة 1954 كلي القاهرة وانتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بإلزام هؤلاء الورثة بأن يدفعوا له من تركة مورثهم مبلغ 7969 ج و565 م وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الوفاء واحتياطياً إلزام المطعون ضدهما الأخيرين متضامنين بأن يدفعا له المبلغ المذكور وقال شرحاً لدعواه إن المطعون ضدهما الأخيرين اشتريا منه 475.57 قنطاراً من القطن من محصول سنة 1949 تحت القطع وأنه فوض أخاه المرحوم سليمان علي بدوي بقطع سعر هذا القطن وقبض ثمنه وقد تسلم أخوه هذا الثمن وقدره 7969 ج و565 م وبقى في ذمته حتى توفى ولما طالب ورثته به امتنعوا عن الوفاء مما اضطره لرفع هذه الدعوى عليهم وقد اختصم فيها المطعون ضدهما المشتريين حتى إذا ما تبين للمحكمة أنهما لم يؤديا لأخيه الثمن ألزمتهما به، وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 977 لسنة 74 ق وطلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم له بطلباته السابقة وبتاريخ 25/ 2/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع باستجواب المستأنف (المطعون ضده الأول) والمستأنف عليهما السابع والثامن (المطعون ضدهما السابع والثامن) شخصياً في بعض نقط الدعوى المشار إليها في هذا الحكم". وبتاريخ 23 فبراير سنة 1961 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام ورثة المرحوم سليمان بدوي بأن يدفعوا من تركة مورثهم للمطعون ضده الأول مبلغ 7969 جنيهاً و565 مليماً وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام الوفاء... وبتاريخ 23 مارس سنة 1961 طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 11 من نوفمبر سنة 1965 وفيها تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه أنه أولاً خالف القانون ذلك أن محكمة الاستئناف قضت في 25 فبراير سنة 1960 باستجواب المطعون ضدهما الأخيرين روبير وأدمون خوري شخصياً في بعض نقط الدعوى المشار إليها في أسباب ذلك الحكم لكنها بدلاً من أن تستجوب الخصمين المقرر استجوابهما استجوبت ضيف الله عطا الله الذي قرر أنه يشتغل كاتباً لديهما وعولت في حكمها المطعون فيه على الأقوال التي أدلى بها هذا الشخص في محضر الاستجواب وإذ كان الاستجواب لا يوجه إلا لمن يكون خصماً في القضية ولا يجوز سماع أقوال من ليس خصماً إلا باعتباره شاهداً وبعد تحليفه اليمين فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتمد في قضائه على أقوال ضيف الله عطا الله في محضر الاستجواب دون أن يحلف يميناً يكون قد خالف القانون. ثانياً إن الحكم المطعون فيه خالف الثابت في الأوراق وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعنات قد تمسكن في مذكراتهن المقدمة لمحكمة الاستئناف بأنهن يجهلن توقيع مورثهن المرحوم سليمان بدوي على الفاتورة المؤرخة في 12 فبراير سنة 1950 وذكرن أنها حررت بعد وفاة هذا المورث خدمة من عمال محلج خوري للمطعون ضده الأول وأنها لذلك لا تعتبر حجة عليهم ومع ذلك فقد اعتمد الحكم المطعون فيه على هذه الفاتورة واعتبرها دليلاً كتابياً كاملاً على ملكية المطعون ضده الأول بكمية القطن محل النزاع مقرراً على خلاف الثابت في الأوراق أنه مسلم من الخصوم جميعاً بصحة توقيع مورث الطاعنات عليها وأنه لا سبيل لهن إلى الطعن فيما تضمنته إلا بالادعاء بالتزوير فيها وهن لم يطلبنه ولم يلجأن إليه وبذلك أخطأ الحكم في القانون إذ أن الطاعنات ورثة ويكفي الوارث أن يدفع بجهله توقيع مورثه ليصبح على خصمه عبء إثبات أن التوقيع صادر من المورث وذلك دون حاجة إلى طعن بالتزوير.
وحيث إن هذا النعي صحيح في شقيه ذلك أنه يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن أن محكمة الاستئناف قضت في 25 فبراير سنة 1960 باستجواب المطعون ضده الأول والمطعون ضدهما الأخيرين شخصياً في بعض نقط الدعوى المشار إليها في أسباب ذلك الحكم لكنها بدلاً من أن تستجوب المطعون ضدهما الأخيرين شخصياً كما أمرت فإنها استجوبت شخصاً آخر يدعى ضيف الله عطا الله لم يكن مختصماً في الدعوى قال إنه مدير محلج خوري وقد اعتمد الحكم المطعون فيه في إثبات صحة دعوى المطعون ضده الأول على الأقوال التي أدلى بها هذا الشخص في محضر الاستجواب وقال في تبرير استجوابه بدلاً من المطعون ضدهما المقرر استجوابهما ما يلي "وحيث إن المحكمة نفاذاً لحكم الاستجواب قد سمعت أقوال السيد/ ضيف الله عطا الله مدير محلج المستأنف عليهما الأخيرين (المطعون ضدهما الأخيرين) اللذين أناباه عنهما في الإدلاء بأقوالهما باعتباره بحكم عمله هو الملم بكل ما يتصل بهذا النزاع" ولما كان لا يجوز قانوناً استجواب من ليس خصماً في الدعوى كما لا يجوز للخصم المقرر استجوابه أن ينيب عنه في الإجابة على الاستجواب شخصاً آخر وقد رسم قانون المرافعات للمحكمة ما يجب عليها اتباعه في حالة تخلف الخصم المطلوب استجوابه عن الحضور بنفسه وأجاز لها في حالة تخلفه عن الحضور بغير عذر مقبول أو امتناعه عن الإجابة بغير مبرر قانوني أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك - أما من لم يكن خصماً في الدعوى فإنه لا يجوز للمحكمة أن تسمع أقواله إلا باعتباره شاهداً بعد أدائه اليمين وبعد صدور حكم منها بالتحقيق على النحو المبين في المادة 190 من قانون المرافعات، لما كان ما تقدم، فإن محكمة الاستئناف إذ سمعت أقوال ضيف الله عطا الله بغير الطريق الذي رسمه القانون وعولت في قضائها على تلك الأقوال فإنها تكون قد خالفت القانون ولا يصح تبرير مسلكها هذا بأن المادة 174 من قانون المرافعات قد أجازت في حالة ما إذا كان الخصم شخصاً معنوياً توجيه الاستجواب إلى من يمثله قانوناً وأن المطعون ضدهما الأخيرين قد اختصما في الدعوى بوصفهما ممثلين لشركة خوري مما تعتبر معه هذه الشركة هي الخصم الحقيقي ذلك أن ضيف الله عطا الله الذي استجوبته المحكمة لا يمثل قانوناً هذه الشركة وإنما يمثلها بإقرار المطعون ضده الأول المطعون ضدهما الأخيران روبير وأدمون خوري إذ قد اختصمهما في الدعوى بهذه الصفة.
وحيث إن النعي في شقه الثاني صحيح أيضاً ذلك أن يبين من الصور الرسمية المقدمة بملف الطعن للمذكرات المقدمة من الطاعنات الثلاث الأوليات إلى محكمة الاستئناف أنهن تمسكن في مذكرتيهما المقدمتين بجلسة 8 يناير سنة 1959 و23 فبراير سنة 1961 بأن مورثهن المرحوم سليمان بدوي لم يوقع على الفاتورة المؤرخة في 12 من فبراير سنة 1950 وذكرن في موضع آخر أن هذه الفاتورة "لا يعلمها الورثة إطلاقاً ولا حجية لها من جهة الإثبات إطلاقاً" ثم قلن إن هذه الورقة كتبت لخدمة المستأنف - المطعون ضده الأول - بعد وفاة المورث - ولما كان القانون قد أباح في المادة 394 من القانون المدني للوارث الاكتفاء بنفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمورثه دون أن يقف موقف الإنكار صراحة فإذا نفى الوارث علمه بأن الإمضاء الذي على الورقة العرفية المحتج بها عليه لمورثه وحلف اليمين المنصوص عليها في المادة 394 من القانون المدني زالت عن هذه الورقة مؤقتاً قوتها في الإثبات وتعين على المتمسك بها أن يقيم الدليل على صحتها وذلك باتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة 262 من قانون المرافعات ولا يتطلب من الوارث لإسقاط حجية هذه الورقة سلوك طريق الطعن بالتزوير - لما كان ذلك، وكانت الطاعنات الثلاثة الأوليات على ما تقدم ذكره قد نفين أمام محكمة الاستئناف علمهن بأن التوقيع المنسوب لمورثهن على الفاتورة سالفة الذكر صادر منه بل وزدن على ذلك بأن أنكرن صدور هذا التوقيع منه فإن الحكم المطعون فيه إذ أورد في أسبابه أنه مسلم من الخصوم جميعاً بصحة هذا التوقيع يكون قد خالف الثابت في الأوراق كما أنه إذ اعتمد على هذه الورقة العرفية في قضائه واعتبرها حجة على الطاعنات ودليلاً كتابياً كاملاً على ملكية المطعون ضده الأول لكمية القطن محل النزاع وعلى أن الأخير قد وكل أخاه مورث الطاعنات في قطع سعر هذا القطن وقبض ثمنه وذلك على الرغم من طعنهن فيها بالإنكار أو في القليل بالجهالة وإذ قرر الحكم أن لا سبيل للطاعنات إلى الطعن في هذه الفاتورة إلا سلوك طريق الادعاء بالتزوير فإنه يكون قد أخطأ في القانون علاوة على مخالفة الثابت في الأوراق على النحو السالف بيانه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 285 لسنة 36 ق جلسة 17 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 206 ص 1263

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-------------------

(206)
الطعن رقم 285 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد". حق. "تعسف في استعمال الحق". عقد. "شرط إذعان".
عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بإساءة استعمال الحق، وتضمن المناقصة لشرط إذعان. سبب جديد. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الجديد".
لا يقبل نعي لم يرد في تقرير الطعن.
(ج) نقض. "أسباب الطعن". "السبب المجهل".
وجوب بيان مواضع القصور في الحكم تقرير الطعن. وإلا كان النعي بهذا السبب مجهلاً.
(د) إثبات. "إجراءات الإثبات". "الإثبات بالكتابة". "طلب إلزام الخصم بتقديم ورقة تحت يده". محكمة الموضوع.
تكليف الخصم بتقديم ورقة تحت يده وفقاً لنص المادة 253 من قانون المرافعات. متروك لتقدير محكمة الموضوع.
(هـ) إثبات. "إجراءات الإثبات". "الإحالة على التحقيق". نقض. محكمة الموضوع.
عدم تمسك الطاعن بصفة جازمة بطلب الإحالة إلى التحقيق أو ندب خبير. لا يقبل منه النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص. حق محكمة الموضوع في الأمر بالتحقيق من تلقاء نفسها. جوازي لها. لا معقب لمحكمة النقض عليها.

-----------------
1 - لما كانت أوراق الطعن قد خلت مما يدل على أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع، بأن المطعون عليها أساءت استعمال حقها المقرر في البند السادس من دفتر الشروط، أو أن ما تضمنه هذا البند هو من شروط الإذعان يجوز للقاضي تعديله أو الإعفاء منه، ولم يقدم الطاعن ما يدل على تمسكه أمامها بهذا الدفاع، فإن ما جاء بهذا النعي يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - إذا كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه خالف أحكام المادتين 8 و10 من القانون رقم 236 سنة 1954، فهو نعي غير مقبول لعدم ذكره في تقرير الطعن.
3 - لما كان الطاعن لم يبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي يقول إن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليها، وكان لا يغني عن هذا البيان ما أورده الطاعن عن تلك الأوجه بمذكرته الشارحة لأن العبرة - على ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)] - في بيان وجه الطعن بما يرد في التقرير فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً.
4 - لئن أجازت المادة 253 من قانون المرافعات للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده إذا توافرت إحدى الأحوال الثلاثة الواردة فيها، إلا أن الفصل في هذا الطلب باعتباره متعلقاً بأوجه الإثبات متروك لتقدير قاضي الموضوع، فله أن يرفضه إذا ما كون عقيدته في الدعوى من الأدلة التي اطمأن إليها.
5 - إذا كان الطاعن لم يقدم ما يدل على تمسكه بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير بصفة جازمة، فإنه لا يقبل منه النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة القانون، ولما كان ذلك وكان الحق المخول لمحكمة الموضوع في المادة 190 من قانون المرافعات السابق في أن تأمر من تلقاء نفسها بالتحقيق، متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة هو حق جوازي متروك لرأيها ومطلق تقديرها فإنه هي لم تر بها حاجة لإحالة الدعوى إلى التحقيق، فلا معقب لمحكمة النقض عليها في ذلك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصطفى محمد محمد فلفل (الطاعن) أقام الدعوى رقم 915 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد شركة الكابلات الكهربائية المصرية (المطعون عليها) طالباً إلزامها بأن تدفع له مبلغ 4000 ج وقال في بيان دعواه إن الشركة أعلنت في النصف الأول من شهر إبريل سنة 1964 عن مناقصة عامة لتوريد - بكر حديد - بالشروط والمواصفات المبينة بدفتر الشروط، فتقدم بعطائه كما تقدم آخرون غيره بعطاءاتهم وعند فتح المظاريف يوم 38/ 4/ 1964 تبين أن عطاءه البالغ 9000 ج يقل عن أي عطاء، ولما كان الراسي عليه المناقصة ملزماً بتقديم عينات للشركة لاعتمادها والتوريد على مقتضاها، فقد استدعاه مهندس الشركة في 24/ 5/ 1964 وأخبره برسو العطاء عليه واستكتبه تعهداً بتوريد العينات في بحر 15 يوماً من تاريخ أمر التوريد، إلا أنه علم في 8/ 6/ 1964 بإلغاء المناقصة، فقدم شكوى لرئيس مجلس إدارة الشركة تثبت من تحقيقها خطأ الشركة، وفي 9/ 7/ 1964 كلفه مدير عام الشركة شفوياً بتقديم العينات على أن يرسل له أمر التوريد ويكلفه بدفع باقي التأمين النهائي البالغ 450 ج إذا ما قبلت هذه العينات، وفي 14/ 7/ 1964 قدم أربع بكرات لمهندس الشركة، ولما أخطره شفوياً بأنها حازت القبول تعاقد مع شركة الشرق الأوسط للخراطة الميكانيكية على شراء 60 طن من الصاج بسعر 70 ج للطن، ودفع لها تأميناً قدره 600 ج من حقها مصادرته دون حاجة إلى حكم أو اتخاذ أي إجراء إذا أخل بالتزاماته، وفي 6/ 9/ 1964 أخطرته الشركة المدعى عليها بأن المناقصة لم ترس عليه، ولما كانت المناقصة قد رست عليه فعلاً ثم سحبت منه بدون مبرر وأصيب نتيجة سحبها الخاطئ بأضرار في سمعته ومصالحه التجارية، كما خسر مبلغ التأمين المدفوع لشركة الشرق الأوسط وقدره 600 ج ومبلغ 1800 ج قيمة ما كان سيجرى في حالة رسو المناقصة عليه، و700 ج ثمن الصاج الذي التزمت شركة الشرق الأوسط بشرائه، 500 ج صافي الربح أي ما جملته 4600 ج، إلا أنه يكتفى مؤقتاً بالمبلغ المطالب به، وطلبت الشركة المدعى عليها رفض الدعوى، وقدم المدعي في فترة حجز الدعوى للحكم مذكرة طلب فيها أصلياً الحكم له بطلباته، واحتياطياً فتح باب المرافعة مع إلزام الشركة بتقديم المستندات التي كانت مودعة ملف المناقصة والتي أشار إليها، وبتاريخ 8/ 4/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة، طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 419 سنة 82 ق، وبتاريخ 29/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه - والحكم الابتدائي معه - جرى في قضائه على أن الشركة المطعون عليها الحق في قبول أو رفض أي عطاء بدون إبداء الأسباب، عملاً بحقها المقرر في البند السادس من دفتر الشروط، وهو خطأ ومخالفة لأحكام المادة الخامسة من القانون المدني، ذلك أن الشركة قد تعسفت في استعمال حقها ولم تقصد من استعماله سوى الإضرار به وإرضاء مناقصين آخرين، كما لم تكن لها مصلحة في استعماله بل على العكس فقد أدى استعماله إلى رسو المناقصة على إحدى شركات القطاع العام بمبلغ يزيد عن عطائه بأكثر من ألف جنيه، وفضلاً عن أن ما تضمنه هذا البند لا يعدو أن يكون شرط إذعان مطبوع يجوز للقاضي تعديله أو الإعفاء منه عملاً بالمادة 149 من القانون المدني، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد خالف - على ما أضافه الطاعن بمذكرته الشارحة أحكام المادتين 8، 10 من القانون رقم 236 سنة 1964 - فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كانت أوراق الطعن قد خلت مما يدل على أن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليها أساءت استعمال حقها المقرر في البند السادس من دفتر الشروط أو أن ما تضمنه هذا البند هو من شروط الإذعان يجوز للقاضي تعديله أو الإعفاء منه، ولم يقدم الطاعن ما يدل على تمسكه أمامها بهذا الدفاع، فإن ما جاء بهذا النعي يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وأما ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه خالف أحكام المادتين 8، 10 من القانون رقم 236 سنة 1954 فإنه نعي غير مقبول كذلك لعدم ذكره في تقرير الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن الذي أغفلته محكمة أول درجة بقوله إن المحكمة غير ملزمة بالرد على كل ما يثيره الخصوم، بعد أن كونت عقيدتها في الدعوى، وهذا من الحكم قصور ومخالفة لأحكام المادة 349 من قانون المرافعات التي توجب بيان ما قدمه الخصوم من طلبات أو دفاع وخلاصة ما استندوا إليه من الأدلة الواقعية والحجج القانونية ومراحل الدعوى ورأي النيابة ثم تذكر بعد ذلك أسباب الحكم ومنطوقه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الطاعن لم يبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي يقول إن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليها وكان لا يغني عن هذا البيان ما أورده الطاعن عن تلك الأوجه بمذكرته الشارحة لأن العبرة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في بيان وجه الطعن بما يرد في التقرير فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلاً.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه استدل على عدم رسو المناقصة عليه بعدم دفعه التأمين النهائي، مع أن دفع هذا التأمين لا يكون واجباً - على ما نص عليه في البند التاسع من دفتر الشروط - إلا بعد إخطاره رسمياً بقبول العطاء، والثابت أنه لم يخطر رسمياً بقبوله ولم تقل الشركة المطعون عليها أنها ألغت العطاء لتأخره عن دفعه، كما وأن الفقرة (د) من البند 25 من دفتر الشروط الذي اعتمد عليه الحكم المطعون فيه قاطعة الدلالة في أن المناقصة قد رست عليه، إذ ألزمت المقاول الذي يرسو عليه العطاء، وتم التعاقد معه بتقديم عينة لاعتمادها ولقد قدم الطاعن العينة للشركة المطعون عليها بعد أن أخطره المهندس بقبول عطائه فتسلمها وفحصها وحازت قبولها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد استدل على رفض عطاء الطاعن بعدم إخطاره رسمياً بقبوله استكمال التأمين الابتدائي وبعدم استعداد الورشة التي يقوم بالتشغيل فيها، وأفصح عن أن الطاعن قد قدم العينات المنوه عنها في الفقرة (د) من البند 25 من دفتر الشروط من تلقاء نفسه، وإذ كان هذا الذي أورده سائغاً ويبرر قضائه فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب إلزام الشركة المطعون عليها بتقديم الأوراق التي حددها بطلبه، إلا أن المحكمة الاستئنافية لم تجبه إلى هذا الطلب لأن الشركة أنكرت وجودها مع أن إنكار وجودها لا يكفي لأن تأخذ به المحكمة على علاته، بل كان عليها أن توجه لها اليمين المنصوص عنها في المادة 256 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن أجازت المادة 253 من قانون المرافعات للخصم أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أية ورقة منتجة في الدعوى تكون تحت يده، إذا توافرت إحدى الأحوال الثلاثة الواردة فيها إلا أن الفصل في هذا الطلب باعتباره متعلقاً بأوجه الإثبات متروك لتقدير قاضي الموضوع، فله أن يرفضه إذا ما كون عقيدته في الدعوى من الأدلة التي اطمأن إليها، ولما كانت محكمة الاستئناف قد انتهت إلى أن العطاء لم يرس على الطاعن وكونت عقيدتها في الدعوى من الأدلة السائغة التي أوردتها - وعلى ما جاء في الرد على السبب الثالث - فإنه لا جدوى من تعييب قضاء الحكم برفض طلب إلزام الشركة المطعون عليها بتقديم الأوراق التي ألمح إليها الطاعن.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الخامس على الحكم المطعون فيه إخلاله بحقه في الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه طلب من باب الاحتياط إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات رسو العطاء عليه وتكاليف العينات التي طلبتها الشركة المطعون عليها منه، وأن تنفيذ العقد لن يعود عليه بخسارة. كما ذهب إلى ذلك الحكم الابتدائي ولم يستجب الحكم المطعون فيه إلى هذا الطلب مع أن المادة تجارية فأخل بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن ما جاء بالحكم المطعون فيه عند سرده أسباب الطعن من أنه "كان في إمكان المحكمة والمادة تجارية أن تأمر بالإثبات" لا تدل على أن الطاعن قد تمسك بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات ما ألمح إليه بسبب الطعن، وإذ لم يقدم الطاعن ما يدل على تمسكه بهذا الطلب بصفة جازمة، فإنه لا يقبل منه النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة القانون. لما كان ذلك وكان الحق المخول لمحكمة الموضوع في المادة 190 من قانون المرافعات السابق في أن تأمر من تلقاء نفسها بالتحقيق، متى رأت في ذلك فائدة للحقيقة، هو حق جوازي لها متروك لرأيها ومطلق تقديرها فإن هي لم تر بها حاجة لإحالة الدعوى إلى التحقيق، فلا معقب لمحكمة النقض عليها في ذلك.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 7/ 1/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 51.