الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 14 مارس 2023

الطعن 352 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 95 ص 607

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(95)
الطعن رقم 352 لسنة 29 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "موانع الطعن". دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "ترك الخصومة".
منع المحكوم له من الطعن فيما قضى له به الحكم من طلباته. قضاء الحكم للطاعن بما طلبه من ترك مخاصمته لأحد الخصوم. عدم جواز طعنه على قضاء الحكم في هذا الخصوص.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "المسائل التي تعترض سير الخصومة". "ترك الخصومة". بطلان.
التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام القانون الخاصة بترك الخصومة، عدم قبوله إلا ممن شرع هذا البطلان لمصلحته وهو من قبلت المحكمة ترك مخاصمته على خلاف ما تقضى به هذه الأحكام.
(جـ) تنفيذ عقاري. "دعوى الاستحقاق الفرعية". "الخصوم فيها". استئناف. دعوى.
اختصام أشخاص معينين في دعوى الاستحقاق الفرعية. الخلاف على الجزاء الذي يترتب على عدم اختصام أحدهم. مجاله عند رفع الدعوى ابتداه. رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة باعتبارها دعوى استحقاق فرعية اختصم فيها جميع من توجب المادة 705 مرافعات اختصامهم وترتب عليها فعلاً وقف إجراءات البيع. لزوم اختصام هؤلاء في الاستئناف الذي يرفع عن الحكم الصادر في موضوع هذه الدعوى. إغفال اختصام أحدهم في الاستئناف يترتب عليه عدم قبول الاستئناف برمته.
(د) تنفيذ عقاري. "دعوى الاستحقاق الفرعية". استئناف. "حدوده". دعوى. "تكييف الدعوى".
رفع الدعوى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية وترتب عليها وقف إجراءات البيع. لا يقبل تغيير طبيعتها في الاستئناف واعتبارها دعوى استحقاق أصلية.

--------------
1 - يمتنع قانوناً على من حكم له بطلب من طلباته أن يطعن في قضاء الحكم بإجابته هذا الطلب. فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بما طلبه من قبول ترك مخاصمته لأحد الخصوم فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يطعن في قضاء الحكم في هذا الخصوص.
2 - التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام القانون الخاصة بترك الخصومة لا يقبل إلا ممن شرع هذا البطلان لمصلحته وهو من قبلت المحكمة ترك مخاصمته على خلاف ما تقضى به هذه الأحكام.
3 - إنه وإن اختلف الرأي على الجزاء الذي يترتب على عدم اختصاص أحد الأشخاص الذين أوجبت المادة 705 مرافعات اختصامهم في دعوى الاستحقاق الفرعية، إلا أن مجال هذا الخلاف هو عند رفع الدعوى ابتداء، أما إذا كانت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الدرجة الأولى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية مستوفية الشرائط التي يتطلبها القانون في هذه الدعوى واختصم فيها جميع من توجب هذه المادة اختصامهم وترتب عليها فعلاً وقف إجراءات البيع، فإن اختصام هؤلاء يكون لازماً في الاستئناف الذي يرفع عن الحكم الصادر في موضوع هذه الدعوى ويترتب على إغفال اختصام أحدهم في المرحلة الاستئنافية عدم قبول الاستئناف برمته طبقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض في خصوص الدعاوي التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها (1).
4 - متى كانت الدعوى قد رفعت باعتبارها دعوى استحقاق فرعية وترتب عليها وقف إجراءات البيع فإنه لا يتأتى بعد ذلك تغيير طبيعتها في المرحلة الاستئنافية واعتبارها من دعاوى الاستحقاق الأصلية التي لا توقف البيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أنه بعريضة معلنة في 12، 13 من فبراير و14 من مارس سنة 1955 أقام الطاعن الدعوى رقم 145 سنة 1955 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم طلب فيها الحكم: أولاً - بإيقاف البيع المحدد له يوم 16 من مارس سنة 1955 في القضية البيع رقم 62 سنة 1954 كلي المنصورة. ثانياً - باستحقاقه للأطيان المبينة الحدود والمعالم بعريضة الدعوى وبإلغاء إجراءات نزع الملكية ومحو جميع القيود والتسجيلات المشهرة على الأطيان المذكورة - وقال في بيان دعواه أن المطعون عليه الأول اتخذ إجراءات نزع ملكية 8 ف و6 ط و10 س بزمام بلدة غرور مركز السنبلاوين باعتبارها مملوكة لمدينة المطعون عليه الثاني وذلك في الدعوى رقم 62 سنة 1954 بيوع كلي المنصورة وتحدد لبيع هذه الأطيان أمام قاضي البيوع يوم 16 من مارس سنة 1955 وأنه لما كان يمتلك الأطيان المذكورة بعقد بيع صادر إليه من المطعون عليه الثاني ومسجل في 18 من يناير سنة 1954 فقد أقام الدعوى بطلباته السابقة واختصم فيها المطعون عليهم الثلاثة الأول باعتباره مباشراً للإجراءات والثاني بصفته مديناً والثالث بوصفه أول الدائنين المقيدين على العقار الجاري التنفيذ عليه - وبتاريخ 28 من مارس سنة 1955 قضت المحكمة بوقف إجراءات البيع ثم حكمت في 23 من يناير سنة 1956 برفض الدعوى مؤسسة قضاءها على عدم نفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني (المدين) للطاعن في حق دائني البائع لتوافر شروط الدعوى البوليسية - استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالباً الحكم بإلغائه والحكم له بطلباته السابقة وقيد استئنافه برقم 106 سنة 8 ق وبجلسة 12 من مايو سنة 1957 قرر الطاعن بنزوله عن مخاصمة المطعون عليه الثالث وذكر أنه تصالح مع المطعون عليهما الأول (الدائن مباشر الإجراءات) والثاني (المدين) وقدم للمحكمة عقد صلح موقعاً عليه منه ومن المطعون عليهما المذكورين يتضمن إقرار المطعون عليه الأول بتخالصه عن دينه المنفذ به وبتنازله عن الحكم الصادر له بهذا الدين وعن إجراءات التنفيذ والبيع المتخذة في قضية البيع رقم 62 سنة 1954 سالفة الذكر وبتنازله أيضاً عن التمسك بالحكم المستأنف وقبوله إلغاء هذا الحكم واعتباره كأن لم يكن وتعهده بعدم منازعة الطاعن في طلباته الواردة بصحيفة الاستئناف - وقد اعترض المطعون عليه الثالث على ترك مخاصمته كما عارض في قبول الصلح المقدم عقده استناداً إلى أنه لم يستوف دينه وأن من حقه باعتباره أول الدائنين المقيدين وله حق امتياز البائع على الأطيان المنفذ عليها أن يستمر في إجراءات التنفيذ لأنه طرف فيها وذكر أن الطاعن قصد بذلك الصلح أن يحول بينه وبين استعمال حقه هذا - وبجلسة 5 إبريل سنة 1959 حكمت المحكمة: أولاً - بإثبات ترك المستأنف (الطاعن) خصومته قبل المستأنف عليه الثالث (المطعون عليه الثالث). ثانياً - بعد قبول الاستئناف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بما جاء في مذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 27 من فبراير سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة أوجه حاصل أولها أن محكمة الاستئناف قضت بإثبات ترك الخصومة في الاستئناف قبل المطعون عليه الثالث رغم اعتراض هذا الأخير واعتمدت في قضائها بذلك على أن ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك على اعتبار أن الحكم الابتدائي أعلن إلى الطاعن في 18 من مارس سنة 1956 وأن المادة 414 مرافعات تقضي بقبول ترك الخصومة في الاستئناف في جميع الأحوال إذا نزل المستأنف عن حقه أو كان ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك هذا في حين أن الحكم الابتدائي أعلن للطاعن من المطعون عليه الأول وحده ولم يعلن إليه من المطعون عليه الثالث وبذلك كان ميعاد الاستئناف ما زال مفتوحاً له قبل المطعون عليه المذكور ويكون الحكم إذ اعتبر أن ميعاد الاستئناف قد انقضى وقت الترك وأعمل حكم المادة 414 مرافعات قد أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى - ويقول الطاعن في بيان الوجه الثاني إن محكمة الاستئناف رتبت على قضائها بإثبات ترك الطاعن خصومته قبل المطعون عليه الثالث الحكم بعدم قبول الاستئناف على أساس أن المطعون عليه وهو أول الدائنين المقيدين يعتبر بعد ترك الخصومة قبله غير مختصم في الدعوى مع أن اختصامه في دعوى الاستحقاق الفرعية واجب في جميع مراحلها طبقاً للمادة 705 مرافعات - وفات المحكمة أن القانون لم يرتب على عدم اختصام أي من الخصوم الذين ورد ذكرهم في هذه المادة اعتبار الدعوى غير مقبولة وإنما كل ما يترتب عليه هو اعتبارها دعوى استحقاق عادية لا توقف البيع - ويتحصل الوجه الثالث من هذا السبب في أن المطعون عليه الثالث ليس أول الدائنين المقيدين كما ذهبت إلى ذلك محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه بل يوجد دائنون سابقون عليه ومن ثم فلم يكن اختصامه في الاستئناف لازماً.
وحيث إن الوجه الأول من هذا السبب مردود بأنه: أولاً - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى للطاعن بما طلبه من قبول ترك مخاصمته للمطعون عليه الثالث فإنه لا يجوز له بعد ذلك أن يطعن في قضاء الحكم في هذا الخصوص لأنه يمتنع قانوناً على من حكم له بطلب من طلباته أن يطعن في قضاء الحكم بإجابة هذا الطلب. ثانياً - إن التمسك بالبطلان الناشئ عن عدم مراعاة أحكام القانون الخاصة بترك الخصومة لا يقبل إلا ممن شرع هذا البطلان لمصلحتهم وهم من قبلت المحكمة ترك مخاصمتهم على خلاف ما تقضى به هذه الأحكام وإذ كان الطاعن ليس من بين هؤلاء فإن نعيه على الحكم ببطلان الإجراءات في هذا الخصوص يكون غير مقبول - والنعي مردود في وجهه الثاني بأنه وإن اختلف الرأي على الجزاء الذي يترتب على عدم اختصام أحد الأشخاص الذين أوجبت المادة 705 مرافعات اختصامهم في دعوى الاستحقاق الفرعية إلا أن مجال هذا الخلاف هو عند رفع الدعوى ابتداء أما إذا كانت الدعوى قد رفعت أمام محكمة الدرجة الأولى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية مستوفية الشرائط التي يتطلبها القانون في هذه الدعوى واختصم فيها جميع من توجب المادة 705 من قانون المرافعات اختصامهم فيها وترتب عليها فعلاً وقف إجراءات البيع - وهو ما قضت به المحكمة الابتدائية في الدعوى التي رفعها الطاعن - فإن اختصام هؤلاء يكون لازماً في الاستئناف الذي يرفع عن الحكم الصادر في موضوع هذه الدعوى ويترتب على إغفال اختصام أحدهم في المرحلة الاستئنافية عدم قبول الاستئناف برمته طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص الدعاوي التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها - ذلك أنه في هذا الفرض لا تستقيم حجة القائلين بأن يكون جزاء عدم الاختصام هو اعتبار الدعوى من دعاوى الاستحقاق الأصلية التي لا توقف إجراءات البيع لأن هذا الإيقاف قد ترتب فعلاً على رفع الدعوى باعتبارها دعوى استحقاق فرعية فلا يتأتى بعد ذلك تغيير طبيعتها في المرحلة الاستئنافية واعتبارها من دعاوى الاستحقاق الأصلية التي لا توقف البيع ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم قبول الاستئناف بعد أن ترك الطاعن الخصومة قبل المطعون عليه الثالث الذي كان مختصماً في المرحلة الابتدائية باعتباره أول الدائنين المقيدين لا يكون مخالفاً للقانون - والنعي مردود في وجهه الثالث بأن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من أن المطعون عليه الثالث ليس أول الدائنين المقيدين هو دفاع يخالطه واقع ولم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن اعترض المطعون عليه الثالث على الصلح وعلى ترك مخاصمته عاد الطاعن وطلب في مذكرته الختامية المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودع صورتها بملف هذا الطعن الفصل في موضوع الاستئناف والحكم له بطلباته الواردة بصحيفة الاستئناف لكن المحكمة أغفلت هذا الطلب ولم ترد عليه مما يعتبر قصوراً يعيب حكمها ويبطله - ويضيف الطاعن أنه ناقش في هذه المذكرة موضوع الدعوى وأثبت انتفاء شروط الدعوى البوليسية التي أسس الحكم الابتدائي قضاءه برفض الدعوى على توافرها ولكن المحكمة لم تلتفت لهذا الدفاع ولم تتعرض له في حكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الصورة الرسمية للمذكرة التي أشار إليها الطاعن في سبب النعي أنها قدمت لجلسة 8 من مارس سنة 1959 وقد صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 5 من إبريل سنة 1959 وورد في بياناته أن الحاضر عن المستأنف (الطاعن) قرر بهذه الجلسة الأخيرة بتنازله عن مخاصمة المستأنف ضده الثالث (المطعون عليه الثالث) وكان الطاعن لم يقدم صورة من محضر الجلسة المذكورة التي صدر فيها الحكم لينفي بها صدور هذا التنازل منه في تلك الجلسة فإن ما ورد في الحكم في هذا الخصوص يعد حجة غير منقوضة على أن الطاعن عاد بعد تقديمه المذكرة سالفة الذكر وقرر بترك مخاصمته للمطعون عليه المذكور وإذ كانت محكمة الاستئناف قد قبلت هذا الترك ورتبت على ذلك اعتبار الاستئناف غير مقبول فإنه لم يكن عليها بعد ذلك أن تناقش ما ورد في المذكرة المشار إليها خاصاً بموضوع الاستئناف.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) تراعى التعديلات التي أدخلها القانون رقم 100 لسنة 1962 بشأن الاستئناف.

الطعن 12 لسنة 37 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 أحوال شخصية ق 16 ص 90

جلسة 14 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد طوسون حسين.

--------------

(16)
الطعن رقم 12 لسنة 37 القضائية "أحوال شخصية"

( أ ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". حكم. "الطعن في الحكم". نقض. "الأحكام الجائز الطعن فيها".
الطعن في الحكم الصادر في شأن التصديق على التبني بالنسبة لذوي الشأن مقصور على الاستئناف. الدعوى المرفوعة - ممن عدا المتبني والمتبنى - ببطلان التبني. الطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها جائز.
(ب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". اختصاص. "اختصاص نوعي". "توثيق محضر التبني".
الاختصاص بتوثيق محضر التبني معقود لرئيس المحكمة الابتدائية دون وكلائها أو قضاتها. المادة 911 من قانون المرافعات السابق.

---------------
1 - وإن كانت المادة 915 من قانون المرافعات قد قصرت الطعن في الحكم الصادر في شأن التصديق على التبني - بالنسبة لذوي الشأن - على الاستئناف، رغبة في وضع حد للطعن في حكم لا يتعدى عمل المحكمة فيه التحقق من توفر شروط وأحكام معينة، إلا أن المادة 918 من القانون المذكور - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أجازت لمن عدا المتبني، والمتبنى رفع دعوى ببطلان التبني، تخضع من حيث الإجراءات والطعن في الحكم الذي يصدر فيها إلى القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل الثاني من الكتاب الرابع من القانون رقم 126 لسنة 1951.
2 - مؤدى نص المادة 911 من قانون المرافعات أن الشارع قصد - استثناء من أحكام قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 - إسناد الاختصاص بتوثيق محضر التبني إلى رئيس المحكمة الابتدائية دون وكلائها أو قضاتها، وذلك لاعتبارات تتعلق بطبيعة التبني، من حيث جوازه وتوافر ما تستلزمه القوانين الأجنبية من شروط قد تدق على غيره، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 126 لسنة 1951 بإضافة كتاب رابع إلى قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 12/ 1/ 1952 تقدمت السيدة/ ماري روسو أرملة ليزاتدر واليونانية الجنسية بطلب إلى رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية تقول فيه إن جورج درازيكس اليوناني الجنسية كان يخدمها بإخلاص وأمانة، كما لو كان ابناً لها وأنها وحيدة وطاعنة في السن ولها من الظروف ما يجعلها في حاجة إلى تبنيه" وطلبت إثبات هذا التبني وفقاً للقانون اليوناني الواجب التطبيق وفي 17/ 2/ 1952 باشر الأستاذ محمد زكي الشوربجي وكيل محكمة الإسكندرية توثيق محضر التبني بحضور الطرفين والشهود، حيث أصرت السيدة المذكورة على رغبتها في تبني جورج درازيكس مقررة أنه ليس لها فروع ولا زوج ولا أولاد كما قبل جورج هذا التبني - وطلبا اعتبار ما أثبتاه بمثابة عقد رسمي - وفي 20/ 2/ 1952 تقدم المذكوران بطلب إلى رئيس المحكمة للتصديق على محضر التبني طبقاً للمادة 913 من قانون المرافعات، وقيد هذا الطلب برقم 322 لسنة 1952 إسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية أجانب، وأثناء نظر الطلب تدخل باسكوالي روسو ودمنيكوروسو وجيتارد اسبورتيو وفتشتسوفوليني - باعتبارهم من أقارب السيدة/ ماري روسو معترضين على التصديق على محضر التبني تأسيساً على أن السيدة/ ماري طاعنة في السن وتبلغ 85 عاماً وليست كاملة الأهلية، وقررت النيابة العامة أن نيابة الأحوال الشخصية تحقق في طلب بتوقيع الحجر على طالبة التبني للعته والسفه والغفلة، وطلبت التأجيل حتى يفصل في دعوى الحجر رقم 368 لسنة 1952 الإسكندرية الابتدائية. وبتاريخ 3/ 2/ 1953 حكمت المحكمة بوقف السير في الدعوى حتى يفصل في دعوى الحجر نهائياً وبعد أن توفيت طالبة التبني عجل جورج درازيكس الدعوى لجلسة 17/ 5/ 1955، فدفع طالبوا التدخل ببطلان إجراءات التعجيل وبسقوط الخصومة، وبتاريخ 29/ 12/ 1958 حكمت المحكمة بقبول طالبي التدخل خصوماً في الدعوى - وأرجأت البت في طلب تدخل بيت المال - وطلب المتدخلون الحكم ببطلان محضر التبني، لمخالفته لنص المادة 911 من قانون المرافعات التي ناطت الاختصاص في التوثيق برئيس المحكمة دون وكيلها، ولأن المتبنية غير كاملة الأهلية وقت تحريره فضلاً عن عدم جواز التصديق على المحضر لوفاة الطالبة. وبتاريخ 7/ 11/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض طلب تدخل بيت المال (وثانياً) برفض الدفع بسقوط الخصومة (وثالثاً) برفض الدفع ببطلان إجراءات التعجيل وبصحتها (ورابعاً) برفض طلب التصديق على محضر التبني المؤرخ 17/ 2/ 1952 وألزمت طالب التصديق بالمصروفات وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة واستأنف جورج درازيكس هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض طلب التصديق على محضر التبني والحكم له بطلباته ورفض تدخل المتدخلين وقيد هذا الاستئناف برقم 12 سنة 18 قضائية أجانب. وفي 9/ 2/ 1967 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصروفات الاستئنافية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم. ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إنه وإن كان النص في المادة 915 من قانون المرافعات قد قصر الطعن في الحكم الصادر في شأن التصديق على التبني - بالنسبة لذوي الشأن - على الاستئناف رغبة في وضع حد للطعن في حكم لا يتعدى عمل المحكمة فيه بالتحقق من توفر شروط وأحكام معينة، إلا أن النص في المادة 918 من القانون المذكور، وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية, أجاز لمن عدا المتبني والمتبنى رفع دعوى ببطلان التبني تخضع من حيث الإجراءات والطعن في الحكم الذي يصدر فيها إلى القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل الثاني من الكتاب الرابع من القانون رقم 126 لسنة 1951، ومنها الطعن بالنقض، إذ كان ذلك وكان المطعون عليهم عدا الأول - النيابة العامة - قد تدخلوا في الدعوى رقم 322 لسنة 1952 إسكندرية الابتدائية ودفعوا ببطلان محضر التبني وصدر الحكم في هذه الدعوى برفض التصديق على التبني، وتأيد هذا الحكم استئنافياً في الاستئناف رقم 22 سنة 18 قضائية، فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه استخلص من قرار الجمعية العمومية لقضاة محكمة الإسكندرية الصادر في 25/ 10/ 1951 أنه لم يسند إلى الأستاذ محمد زكي الشوربجي وكيل المحكمة توثيق محاضر التبني وهو استخلاص فاسد، لأن القرار ينص على أن "يكون لرئيس الدائرتين الثانية والعاشرة اختصاص رئيس المحكمة في الأحوال الشخصية فيما عدا إثبات الوراثة، ويكون عمل وكيل المحكمة الأستاذ الشوربجي, نظر مواد إثبات الوراثة والأمور الوقتية للأحوال الشخصية فيما يخرج عن اختصاص رئيس الدائرتين المشار إليهما" وهو ما يفيد أن الجمعية العمومية خولت وكيل المحكمة المذكور اختصاص توثيق محاضر التبني، فيكون توثيق محضر التبني - محل الطعن - صادراً ممن يملكه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 911 من قانون المرافعات على أن "إذا كان قانون بلد الشخص الذي يريد التبني وقانون بلد الشخص المراد تبنيه يجيزان التبني يثبت التبني بمحضر يحرر لدى رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها موطن أحدهما ويدون في هذا المحضر إقرارات الطرفين شخصياً بعد التحقق من توفر الشروط والأحكام التي ينص عليها القانونان المذكوران لانعقاده وصحته" - يدل على أن الشارع قصد - استثناء من أحكام قانون التوثيق رقم 68 لسنة 1947 - إسناد الاختصاص بتوثيق محضر التبني إلى رئيس المحكمة الابتدائية دون وكلائها أو قضائها لاعتبارات تتعلق بطبيعة التبني من حيث جوازه وتوافر ما تستلزمه القوانين الأجنبية من شروط قد تدق على غيره، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 126 لسنة 1951 بإضافة كتاب رابع إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية بقولها "ويختص رئيس المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها موطن الطرفين بتلقي إقرارات الطرفين وتحرير محضر بها، مع مراعاة شروط الانعقاد والصحة - التي ينص عليها القانون الواجب تطبيقه - وهي أحكام فيها من الدقة ما يحسن معه أن يعهد بالتوثيق إلى رئيس المحكمة"، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن محضر التبني وثقة وكيل المحكمة وهو غير مختص بتوثيقه، فإن الحكم يكون قد التزم في نتيجته صحيح القانون، ولا جدوى من التحدي بقرار الجمعية العمومية وتعييب الحكم، من استدلاله بهذا القرار على أن وكيل المحكمة لم يكن مختصاً بتوثيق محضر التبني طالما أن الاختصاص في توثيق محضر التبني لا ينعقد إلا لرئيس المحكمة طبقاً للقانون.
وحيث إن حاصل السببين الأول والثالث أن الحكم المطعون فيه اعتبر محضر التبني المؤرخ 17/ 2/ 1952 باطلاً، مستنداً في ذلك إلى أن الأستاذ محمد زكي الشوربجي وكيل المحكمة الذي وثقه لم يكن له هذه السلطة، وهو مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه وقصور في التسبيب، لأن قرار الجمعية العمومية الصادر في 25/ 10/ 1951 أسند إلى وكيل المحكمة المذكور جميع الأمور الولائية (الوقتية) للأحوال الشخصية التي ليس لها نزاع قائم ومطروح على الدائرتين الثانية والعاشرة، كما أن المادة 911 من قانون المرافعات لا تمنع من يقوم مقام رئيس المحكمة من توثيق محاضر التبني، وأن وكيل المحكمة الأستاذ الشوربجي يقوم مقام رئيسها على ما يجري به العمل، هذا إلى أن رئيس المحكمة وقد سلمه طلب التبني يعد ذلك ندباً منه بالتوثيق ولا يشترط في الندب أن يكون بالكتابة، وهو ما يتفق مع نظرية الأوضاع الظاهرة، ومع تمسك الطاعن بهذا الدفاع الجوهري فقد أغفله الحكم المطعون فيه ولم يعن بالرد عليه مما يجعله مشوباً بالقصور فضلاًَ عن مخالفته للقانون للأسباب المشار إليها.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سبق الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، من أن الشارع أوجب في المادة 911 من قانون المرافعات أن يقوم رئيس المحكمة الابتدائية دون وكلائها أو قضاتها بتوثيق محاضر التبني للاعتبارات سالفة البيان وإذ التزم الحكم المطعون فيه صحيح القانون في هذا الخصوص، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو شابه قصور.

الطعن 139 لسنة 29 ق جلسة 30 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 94 ص 593

جلسة 30 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

--------------

(94)
الطعن رقم 139 لسنة 29 القضائية

( أ ) إصلاح زراعي. "القانون 452 لسنة 1953" "تقسيم المغارم بين البائع والمشتري". بيع.
قاعدة تقسيم المغارم بين البائع والمشتري التي جاء بها القانون 452 لسنة 1953، شروط تطبيقها، كون سند المشتري عقد بيع ثابت التاريخ قبل 33/ 7/ 1952، وكون الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ، ووقوع الاستيلاء على الأرض المبيعة كلها أو بعضها لدى المشتري. لا أثر لرفع الدعوى من البائع أو المشتري قبل صدور هذا القانون ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي.
(ب) إصلاح زراعي. "القانون 452 لسنة 1953". "مجال تطبيقه". بيع.
نص القانون 452 لسنة 1953 من العموم بحيث يشمل التصرفات الصادرة من الشركات. استثناء الشركات التي تقوم باستصلاح الأراضي من حكم تحديد الملكية لا شأن له بقواعد صحة وبطلان التصرفات الصادرة من هذه الشركات قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي 178 لسنة 1952. عدم التفرقة بين هذه الشركات وبين الأفراد فيما يختص بالقواعد التي وضعها المشرع في شأن الاعتداد بتلك التصرفات.
(ج) إصلاح زراعي. "القانون 452 لسنة 1953". "تطبيقه" حوادث طارئة. بيع.
اقتصر القانون 452 لسنة 1953 على تنظيم العلاقة بين البائع والمشتري فيما يتعلق بتحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان التي خضعت للاستيلاء. أما ما لم يخضع للاستيلاء من الصفقة المبيعة فتنظيم علاقة طرفيه متروك لأحكام القانون المدني ومنها حكم الظروف الطارئة.

------------------
1 - قاعدة تقسيم المغارم بين البائع والمشتري التي جاء بها القانون رقم 452 لسنة 1953 تنطبق بصريح نص القانون متى كان سند المشتري عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليو سنة 1952، وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ، ووقع الاستيلاء على الأرض المبيعة كلها أو بعضها لدى المشتري لمجاوزة المستولى عليه المائتي فدان التي يجوز للمشتري الاحتفاظ بها. ولا يحول دون إعمال حكم هذا القانون أن تكون الدعوى قد رفعت من البائع أو المشتري قبل صدوره ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي.
2 - نص القانون رقم 452 لسنة 1953 من العموم بحيث يشمل التصرفات الصادرة من الشركات. وإذا كان قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 قد استثنى الشركات التي تقوم باستصلاح الأراضي من حكم تحديد الملكية الذي تضمنته المادة الأولى وأجاز لها أن تتملك أكثر من مائتي فدان في الأراضي التي تستصلحها لبيعها، فإن هذا الاستثناء لا شأن له بقواعد صحة وبطلان التصرفات الصادرة من هذه الشركات قبل صدور ذلك القانون، ولم يفرق المشرع بين هذه الشركات وبين الأفراد فيما يختص بالقواعد التي وضعها في شأن الاعتداد بتلك التصرفات.
3 - اقتصر القانون رقم 452 لسنة 1953 على تنظيم العلاقة فيما بين البائع والمشتري على وجه معين عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان التي خضعت للاستيلاء حتى لا تختلف معايير التقدير بشأنها. أما ما لم يخضع لهذا الاستيلاء من الصفقة المبيعة فإن المشرع ترك تنظيم علاقة الطرفين بشأنه لأحكام القانون المدني ومن بينها حكم الظروف الطارئة الواردة في المادة 147/ 2 منه (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام في 9 من أكتوبر سنة 1952 الدعوى رقم 4746 سنة 1952 كلي القاهرة ضد الشركة المطعون عليها طالباً الحكم - أولاً: بانفساخ عقد البيع الابتدائي المبرم بينهما في 11 من يناير سنة 1952 والمتضمن بيع الشركة المذكورة له 251 ف و22 ط و19 س واعتبار هذا العقد كأن لم يكن مع براءة ذمته من كل ما التزم به فيه. ثانياً - إلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع له مبلغ 50767 ج و855 م قيمة ما عجله إليها الطاعن من الثمن مع فوائده القانونية - وقال الطاعن في بيان دعواه هذه إنه بموجب العقد سالف الذكر باعت له الشركة 251 ف و22 ط و19 س كائنة بزمام ميت لوزه وميت جراح مركز المنصورة مقابل ثمن قدره 403 ج للفدان وأنه عجل من جملة الثمن نصفه البالغ 50767 ج و855 م والتزم بدفع النصف الباقي على قسطين متساويين يستحق أولهما في أول نوفمبر سنة 1952 والثاني في أول نوفمبر سنة 1953 واتفق على تحرير العقد النهائي بعد الوفاء بجميع الثمن وأنه حدث قبل أن يحرر هذا العقد أن صدر قانون الإصلاح الزراعي في سبتمبر سنة 1952 متضمناً نصاً صريحاً يحرم على أي شخص أن يتملك أكثر من مائتي فدان ونصاً آخر يقضي ببطلان وعدم جواز تسجيل كل عقد يترتب عليه مخالفة الحكم السابق وأنه إذ كان مالكاً لأكثر من مائتي فدان قبل شراء الصفقة المشار إليها فقد أضحى مستحيلاً عليه استحالة قانونية أن يتملك أرضاً أخرى بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي وبالتالي أضحى مستحيلاً على الشركة البائعة أن توفى بالتزامها الخاص بنقل ملكية المبيع إليه مما يترتب عليه انفساخ العقد طبقاً للمادتين 159 و160 من القانون المدني وإعفاؤه من الالتزامات المترتبة على هذا العقد والتزام الشركة البائعة بأن ترد إلى ما قبضته من الثمن ولهذا أقام دعواه بهذه الطلبات وبتاريخ 25 فبراير سنة 1953 أقامت الشركة المطعون عليها ضد الطاعن أمام المحكمة ذاتها الدعوى رقم 1214 سنة 1953 وطلبت بها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المبرم بينهما في 11 من يناير سنة 1952 والسالف الإشارة إليه مع التصريح بتسجيل الحكم ليقوم مقام تسجيل هذا العقد وإلزام الطاعن بمصاريف التسجيل ومصاريف الدعوى. واستندت الشركة في دعواها هذه وفي طلب رفض دعوى الطاعن إلى أن العقد يعتبر ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 بتقديم طلب عنه للشهر العقاري في 26 من فبراير سنة 1952 وبتبادل خطابات مسجلة بشأنه في شهر مايو سنة 1952 وأنه لذلك لا يمتد إليه حكم البطلان الوارد في المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي ويظل العقد بعد صدور هذا القانون نافذاً بكل ما فيه ولا تحول أحكام ذلك القانون دون تنفيذه وتسجيله ولكن يترتب على مجاوزة الطاعن بهذا التصرف الحد الأقصى للملكية أن تستولي الدولة على الزيادة لديه إن لم يتصرف فيها طبقاً للمادة الرابعة من القانون المذكور. وقد قررت المحكمة ضم الدعويين وقضت في 24 من مايو سنة 1954 بإحالتهما إلى محكمة الإصلاح الزراعي بناء على طلب الطرفين وبتاريخ 2 من إبريل سنة 1955 قررت المحكمة المذكورة إعادة الدعويين إلى محكمة القاهرة الابتدائية بناء على اتفاق الطرفين أيضاً وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1955 حكمت المحكمة الأخيرة: أولاً - في دعوى الطاعن رقم 4746 سنة 1952 برفض طلباته فيما عدا طلب براءة ذمته من باقي ثمن الأطيان وقررت إعادة القضية للمرافعة في هذا الطلب ومناقشة الطرفين فيه توطئة لتطبيق القانون رقم 452 سنة 1953 والمادة 147/ 2 من القانون المدني عند الاقتضاء. ثانياً - في دعوى الشركة المطعون عليها بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 11 يناير سنة 1952 الصادر منها إلى الطاعن ببيعها له أرضاً زراعية مقدارها 251 فداناً و22 قيراطاً و19 سهماً بما تبعها من الملحقات طبقاً للحدود والمواقع المبينة بالعقد وصرحت المحكمة بتسجيل هذا الحكم ليقوم مقام تسجيل عقد البيع... وبعد أن فصلت المحكمة في الدعويين على هذا النحو عادت بهيئة أخرى وأصدرت فيهما بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1956 حكماً آخر على نقيض حكمها السابق إذ قضت به في دعوى المطعون عليها برفضها وفي دعوى الطاعن باعتبار عقد البيع المؤرخ 11 يناير سنة 1952 منفسخاً اعتباراً من 9 سبتمبر سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 178 لسنة 1952 وبإلزام الشركة المطعون عليها بأن تدفع للطاعن مبلغ 50767 جنيهاً و855 مليماً قيمة ما عجله من الثمن وفوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 9/ 10/ 1952 حتى السداد فطعنت الشركة المطعون عليها في هذا الحكم الأخير بطريق الاستئناف طالبة القضاء ببطلانه وإعادة النزاع إلى محكمة أول درجة لتنفيذ ما ورد في الحكم الأول الصادر في 27/ 6/ 1955 وقيد هذا الاستئناف برقم 564 سنة 74 ق القاهرة. وكان الطاعن قد استأنف بتاريخ 3 من مارس سنة 1956 الحكم الأول طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته الابتدائية وقيد استئنافه برقم 243 سنة 73 ق القاهرة وبتاريخ 25 من يناير سنة 1959 حكمت محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين بقبولهما شكلاً وفي الموضوع - أولاً: وفي الاستئناف المرفوع من الطاعن برفضه وتأييد الحكم الابتدائي الصادر في 27 من يونيه سنة 1955. ثانياً - وفي الاستئناف المرفوع من الشركة المطعون عليها ببطلان الحكم الابتدائي الصادر في 10 من ديسمبر سنة 1956 بالنسبة لما سبق القضاء فيه بالحكم الصادر في 27 يونيه سنة 1955 وبإلغائه فيما عدا ذلك وفتح باب المرافعة لمناقشة الخصوم وللمرافعة في الدعوى على أساس تطبيق القانون رقم 452 سنة 1953 بالنسبة لباقي الثمن الذي لم يدفع. وبتاريخ 18 من مارس سنة 1959 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6 من فبراير سنة 1962 وفيها صممت النيابة على ما ورد في مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون كما أخطأ في تطبيقه على واقعة الدعوى وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه وإن كان قد سلم في هذه الأسباب بأن تفسير المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 سنة 1952 تفسيراً دقيقاً يؤدى إلى اعتبار العقد محل النزاع باطلاً ولا يجوز تسجيله بعد صدور ذلك القانون وأنه لذلك تكون هذه المادة قد فرضت استحالة قانونية تحول دون تنفيذ الشركة البائعة لالتزامها بنقل ملكية الأطيان المبيعة إلى الطاعن وإن كان قد سلم الحكم بذلك إلا أنه عاد وقرر أن صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 يفيد أن نية المشرع اتجهت إلى احترام مثل هذا العمل متى كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 واعتباره ملزماً لطرفيه وأن ما جاء به هذا القانون يعتبر تفسيراً تشريعياً للمسألة الرئيسية التي ثار بشأنها الخلاف ويقتضي رفض طلب الطاعن اعتبار العقد منفسخاً والحكم للشركة المطعون عليها بصحة ونفاذ هذا العقد والتصريح بتسجيله. ويرى الطاعن أن الحكم قد أخطأ في تفسيره للقانون رقم 452 لسنة 1953 على النحو الذي ذهب إليه، ذلك أن القانون المذكور صدر تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة المنصوص عليها في المادة 147/ 2 من القانون المدني وأنه إذ نص في عجز مادته الأولى على أن الحكم الوارد فيها لا يخل بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة فإن ذلك يدل على أنه قصد الإبقاء على أحكام القانون المدني الأخرى التي تحكم العقود، ومؤدى تطبيق تلك الأحكام هو اعتبار العقد نحل النزاع منفسخاً بسبب تعذر الوفاء من جانب الشركة البائعة (المطعون عليها) بالتزامها الرئيسي وهو نقل ملكية الأطيان المبيعة إلى الطاعن بالتسجيل وذلك لتعارض إجراءات الشهر مع نص المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي الذي يقضي ببطلان وبعدم جواز تسجيل كل عقد يترتب عليه زيادة ما يملكه المشتري على مائتي فدان ومتى استحال على البائع تنفيذ التزامه الخاص بنقل ملكية المبيع انقضى تبعاً لذلك التزام المشتري بدفع الثمن وانفسخ العقد تلقائياً وذلك بالتطبيق لنص المادتين 159 و160 من القانون المدني وتستطيع الشركة المطعون عليها أن تتصرف في الأطيان بالبيع للغير وإذا فرض وباعتها بثمن أقل من الثمن الذي كانت قد اتفقت عليه مع الطاعن فيمكنها الرجوع عليه بالتعويض إن كان ثمة موجب قانوني لهذا الرجوع ويكون ذلك بدعوى أصلية تختلف عن الدعوى الحالية - ويضيف الطاعن أن القانون رقم 452 لسنة 1953 لا ينطبق أيضاً على واقعة الدعوى لأنه لا ينطبق إلا حيث يكون البائع والمشتري من الأفراد أما إذا كان البائع شركة - كما هو الحال في النزاع الماثل - فإنه لا محل لتطبيقه لأن الشركات مستثناة من حكم المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي ويجوز لها أن تتملك أكثر من مائتي فدان كذلك يضيف في مذكرته الشارحة أن المشرع قصد قصر إعمال أحكام القانون رقم 452 لسنة 1953 على الحالة التي يؤول فيها بعض الصفقة المبيعة إلى هيئة الإصلاح الزراعي بدليل أنه يتحدث صراحة عن الحكم بالنسبة إلى باقي الصفقة أما حيث يكون مآل الصفقة جميعها إلا الاستيلاء لأن المشتري يملك من الأصل مائتي فدان فإن هذا القانون لا ينطبق - هذا إلى أنه قد صدر بعد رفع الدعوى الحالية بأكثر من أحد عشر شهراً مما لا يجوز معه الاستناد إليه في هذه الدعوى فضلاً عن أنه لم يتحدث صراحة عن صحة العقد الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 أو بطلانه ولا أهمية لما ورد في مذكرته الإيضاحية من أن هذا العقد واجب الاحترام لتعارض هذا القول مع صريح نص المادة الأول من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الذي يجعل هذا العقد باطلاً وعير جائز تسجيله كما أنه لا يصح في العقل أن يلزم القانون الطاعن بقبول الصفقة ودفع ثمنها الذي يجاوز مائة ألف جنية لتستولي عليها هيئة الإصلاح الزراعي.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر في 27 من يونيه سنة 1955 والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد المبرم بين الطرفين على قوله "وحيث إنه كان ينبغي اعتبار العقد باطلاً إذا ما فسرت المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي تفسيراً دقيقاً على ضوء القواعد العامة لأن هذه المادة التي لا شبهة في اتصالها بالنظام العام تنص صراحة على بطلان العقد وامتناع تسجيله وهي بهذه المثابة قد فرضت استحالة قانونية تحول دون نقل الملكية مع أن هذا الأمر في حد ذاته هو لب التعاقد وجوهرة ولا محل للتحدي في هذا المجال بنظرية الأثر الرجعي إذ أن هذه النظرية مقيدة باستثناء قوانين النظام العام. كما أن سريان القانون على العقد غير المسجل بمنح تسجيله لا يعد من قبيل الأثر الرجعي بل إنه الأثر المباشر للقانون حين يمنع إجراء التسجيل من تاريخ نفاذه - كان ينبغي اعتبار العقد باطلاً على هذا المناط لو لا أن صدر القانون رقم 452 لسنة 1953 بتاريخ 17 ديسمبر سنة 1953 مقرراً في مادته الوحيدة" ثم أورد الحكم نص هذه المادة وقال "وظاهر من هذا القانون أن المشرع افترض صحة عقود البيع الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 حتى لو كان المشتري يملك أكثر من مائتي فدان وإلا لما أمكن اعتبار المشتري ملزماً بدفع الثمن المتفق عليه في العقد. وهذا الاتجاه هو الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون" ثم أورد الحكم نص هذه المذكرة وقال "والذي يبين من هذا القانون ومذكرته التفسيرية أن نية المشرع اتجهت إلى احترام عقد الشراء واعتباره ملزماً لطرفيه. وهذا الاتجاه يكشف عن تفسير تشريعي للمسألة الرئيسية التي ثار بشأنها الخلاف ويقتضي الحكم - في الدعويين - بصحة ونفاذ العقد والتصريح بتسجيله دفعاً لكل لبس أو إبهام ورفض طلب انفساخه. وحيث إنه وقد بقي العقد قائماً فإن طلب استرداد نصف الثمن المدفوع لا يجد سنداً من القانون العام إذ ينبغي تنفيذ العقد كاملاً على اعتبار أنه شريعة المتعاقدين وهذا الطلب يتعارض أيضاً مع ما يقرره القانون الخاص رقم 452 لسنة 1953 من أنه تطبيق في أحكامه يجب ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن كله وهذا معناه أن البائع لا يرد شيئاً مما قبضه في جميع الأحوال" ثم عرض الحكم لشروط تطبيق القانون المذكور وقال إن هذه الشروط ومن بينها أن يكون العقد ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 متوافرة في الدعوى الماثلة وانتهى إلى الحكم بصحة ونفاذ العقد ورفض طلبات الطاعن فيما عدا طلب براءة ذمته من باقي ثمن الأطيان فقد رأى إعادة القضية إلى المرافعة للنظر في هذا الطلب ومناقشة الطرفين فيه توطئة لتطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953 والمادة 147/ 2 مدني عند الاقتضاء وقد قضى الحكم المطعون فيه بتأييد هذا الحكم لأسبابه ورأى بالنسبة لطلب باقي الثمن الذي لم يدفع إعادة القضية للمرافعة (أمام محكمة الاستئناف) بالنسبة لهذا الطلب لمناقشة الخصوم وللمرافعة في الدعوى على أساس تطبيق القانون رقم 452 لسنة 1953.
وحيث إنه يبين من استقراء نصوص المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي أن المشرع أورد في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه القاعدة الأساسية التي يقوم عليها هذا الإصلاح فنص على أنه "لا يجوز لأي شخص أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائتي فدان" ولا شبهة في اتصال هذه القاعدة بالنظام العام فيسري حكمها بأثر مباشر على كل من يمتلك وقت العمل به في 9 من سبتمبر سنة 1952 أكثر من القدر الجائز تملكه كما يحظر تجاوز الملكية هذا الحد في المستقبل. وبعد أن أرسى المشرع هذه القاعدة الأصلية نظم الأحكام التي تكفل تنفيذها بالنسبة للحاضر والمستقبل ورأى في سبيل توقى زيادة الملكية عن هذا الحد في المستقبل أن يضمن عدم تملك الزيادة ابتداء عن طريق تقرير بطلان العقود التي تؤدي إلى هذا التملك ومنع تسجيلها حتى يوفر على نفسه مشقة متابعة التصرفات المستقبلة وملاحقتها على الدوام بالاستيلاء ولهذا نص في الفقرة الثانية من المادة الأولى على أن كل عقد يترتب عليه مخالفة حكم الفقرة الأولى يقع باطلاً ولا يجوز تسجيله ثم عالج المشرع بعد ذلك في المادة الثالثة تصفية تركة الماضي من الملكيات الزائدة على مائتي فدان فنص على أن "تستولي الحكومة في خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ العمل بالقانون على ملكية ما يجاوز مائتي الفدان التي يستبقيها المالك لنفسه على ألا يقل المستولى عليه كل سنة عن خمس مجموع الأراضي الواجب الاستيلاء عليها ويبدأ الاستيلاء على أكبر الملكيات الزراعية" وأجاز في المادة الرابعة للمالك أن يتصرف في خلال خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون بنقل ملكية ما لم يستول عليه من أطيانه الزائدة على مائتي فدان إلى من عينتهم هذه المادة وبالقيود الوارد فيها، وقد حرص المشرع وهو يقرر الاستيلاء على المساحات الزائدة وقت العمل بالقانون ألا يمس تصرفات الملاك السابقة عليه ولو كانت غير مشهرة متى تيقن من سلامتها من شبهة الصورية والتهرب من القانون وإذ لاحظ أن كثيرين منهم لجأوا بعد قيام الثورة إلى التصرف في أطيانهم بقصد تهريبهاً من قانون تحديد الملكية الذي بات مرتقباً صدوره منذ قامت هذه الثورة باعتبار أنه يحقق أحد أهدافها الرئيسية فقد جعل المناط في الاعتداد بالتصرفات غير المشهرة هو ثبوت تاريخها قبل تاريخ 23 يوليه سنة 1952 وهو يوم قيام الثورة فما لم يكن ثابت التاريخ قبل هذا اليوم لا يعتد به بمعنى أن يعتبر المتصرف فيه باقياً على ملك المتصرف فيما يختص بتطبيق أحكام الاستيلاء وهذا هو ما نص عليه المشرع في البند ( أ ) من الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة بقوله "لا يعتد في تطبيق أحكام هذا القانون ( أ ) بتصرفات المالك ولا بالرهون التي لم يثبت تاريخها قبل 23 يوليه سنة 1952" واستثنى المشرع من ذلك تصرفات المالك إلى فروعه وزوجه وأزواج فروعه إذ استلزم في البند "ب" للاعتداد بها أن تكون ثابتة التاريخ قبل أول يناير سنة 1944 وهي السنة التي تقرر فيها رسم الأيلولة على التركات وذلك لما صرح به في المذكرة الإيضاحية من أن بعض الملاك قد لجأوا إلى التصرف في أملاكهم تصرفاً صورياً بقصد التهرب من هذا الرسم كما نص المشرع على أن الحكم الوارد في هذا البند الأخير لا يضر بحقوق الغير الذين تلقوها عن المذكورين فيه بتصرفات ثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وذلك لأن سبب عدم الاعتداد لا يقوم بالنسبة لسند السلف وإن قام بالنسبة إلى خلفه - ومن ثم فإن تصرف المالك إلى غير فروعه وزوجه وأزواج فروعه متى كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 فإنه يظل على أصله قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي فإن كان هذا التصرف قد وقع صحيحاً طبقاً لأحكام القانون المدني فإنه يبقى على صحته ملزماً لعاقديه ويسري قبل جهة الإصلاح الزراعي ويجوز شهره بعد قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنه أن يجعل المتصرف إليه مالكاً لأكثر من مائتي فدان وفي هذه الحالة تخضع الزيادة لأحكام الاستيلاء المقررة في القانون ويجرى الاستيلاء عليها لدى المتصرف إليه. ولقد نفذ الشهر العقاري مقتضى هذا النظر بإصداره منشوره رقم 6 فني بتاريخ 25 مارس سنة 1953 الذي ورد فيه ما يلي "تفسيراً للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وبالإحالة إلى البند (ب) من المنشور رقم 11 بتاريخ 14/ 9/ 1952 يراعى بالنسبة للتصرفات التي ثبت تاريخها قبل يوم 23/ 7/ 1952 إمكان شهرها ولو كان يترتب عليها إبلاغ ملكية المشتري إلى ما يجاوز مائتي فدان من الأراضي الزراعية" وجاء هذا المنشور مزيلاً لما كان قد أثاره المنشور السابق الصادر في 14/ 9/ 1952 من شك في إمكان شهر تلك التصرفات. وليس يصح في هذا المقام القول بأن ما يعنيه المشرع بالاعتداد بالتصرف الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 هو مجرد جواز الاحتجاج به قبل جهة الإصلاح الزراعي دون نفاذه بين عاقديه ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن المقصود بالاعتداد بالتصرف في معنى المادة الثالثة هو نفاذه قبل جهة الإصلاح الزراعي إلا أن الأصل أن عقد البيع متى استكمل شروط صحته وفقاً لأحكام القانون المدني فإنه تكون له قوته الملزمة بين عاقديه وتنتقل به الملكية إلى المشتري متى أشهر إلا إذا حال دون ذلك الصالح العام الذي يكفله قانون الإصلاح الزراعي وعلى ذلك فإن مؤدى اعتبار هذا العقد نافذاً في حق جهة الإصلاح الزراعي - وهي معتبرة من الغير في تطبيق أحكام القانون المذكور - انتفاء ذلك الصالح العام الذي كان يمكن أن يتأثر به العقد أو يحول دون تسجيله وبالتالي ترك روابط عاقديه على أصلها - ولو كان حكم البطلان الوارد في المادة الأولى يتناول مثل هذا العقد لما أمكن اعتباره نافذاً قبل الغير إذ لا يتأتى أن يكون العقد نافذاً في حق هذا الغير إلا إذا كان صحيحاً وملزماً لعاقديه وليس في اعتبار هذا التصرف صحيحاً ونافذاً ما يتعارض مع قاعدة تحديد الملكية الزراعية بما لا يجاوز مائتي فدان ما دام الاستيلاء سيقع في النهاية على القدر الزائد عن هذا الحد لدى المتصرف لديه، ويخلص مما تقدم أن حكم البطلان الوارد في الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 لا مجال لإعماله إلا بالنسبة للتصرفات التي تبرم بعد 9 سبتمبر سنة 1952 تاريخ العمل بهذا القانون أما التصرفات السابقة على هذا التاريخ فإن هذا الحكم لا ينسحب عليها لأن المشرع قد عالجها بحكم خاص في المادة الثالثة راعى فيه عدم المساس بها متى ما انتفت عنها مظنة الصورية والتلاعب وهي لا تنتفي في نظر القانون رقم 178 لسنة 1952 إلا بثبوت تاريخ التصرف قبل يوم 23 يوليه سنة 1952 - على أن المشرع بإصداره القانون رقم 452 لسنة 1953 قد قضى على كل شك يمكن أن يثور في صحة ونفاذ التصرفات الثابتة التاريخ قبل اليوم المذكور وفي إمكان شهرها بعد إصدار قانون الإصلاح الزراعي ولو كان من شأنها زيادة ما يملكه المتصرف إليه عن الحد الأقصى المقرر للملكية الزراعية إذ نص القانون رقم 452 لسنة 1953 على أنه "إذ كان سند المستولى لديه عقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ تحمل كل من البائع والمشتري نصف الفرق بين ثمن المستولى عليه من الأرض المبيعة والتعويض المستحق له على ألا يجاوز ما يتحمله البائع الباقي من الثمن وذلك دون إخلال بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة"، فالمشرع بما نص عليه في هذا القانون وبما صرح به في مذكرته الإيضاحية قد أكد أن العقد الثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 يظل بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي ملزماً لطرفيه وواجب الاحترام ويلتزم على أساسه المشتري بالوفاء بالثمن المتفق عليه، ولو كان يترتب على تنفيذ هذا العقد زيادة ما يملكه على مائتي فدان. واعتبر المشرع أن الاستيلاء في هذه الحالة يقع على الزيادة لدى هذا المشتري بدليل أنه عبر عنه بأنه "مستولى لديه" غير أن المشرع رأى تحقيقاً للعدالة أن يتدخل لرفع بعض العنت عنه عن طريق إلزام البائع بالمساهمة بنصيب معين في الغرم الذي غرمه المشتري بسبب الاستيلاء على الأرض المبيعة كلها أو بعضها وذلك متى كان الأجل المعين للوفاء ببعض الثمن أو بجمعيه يحل أصلاً بعد 23 يوليه سنة 1952. ولو كان حكم البطلان الوارد في المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي يمتد إلى العقود الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 لبقيت الأرض المبيعة على ملك البائع ولما أمكن اعتبار المشتري ملزماً بدفع الثمن المتفق عليه في العقد بل ولحق له أن يسترد ما يكون قد عجله من الثمن ولما تحمل في جميع الأحوال غرماً ما حتى يلزم البائع بالمساهمة فيه ولانتفت لذلك دواعي إصدار القانون رقم 452 لسنة 1953. ولا عبرة بما يقوله الطاعن من أنه لا محل للاستناد إلى القانون المذكور في الدعوى الحالية أو لتطبيقه على النزاع القائم بين الطرفين فيها وذلك لصدور هذا القانون بعد رفعها ذلك أن هذا القانون - على ما سلف القول وخلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - إذ افترض صحة ونفاذ التصرفات الثابتة التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 وتدخل على هذا الأساس لتحديد العلاقة بين البائع والمشتري لم يستحدث هذه الصحة بل إنها كانت مقررة من قبل صدوره بمقتضى أحكام قانون الإصلاح الزراعي على ما يمليه التفسير الصحيح لتلك الأحكام أما فيما يختص بتطبيق قاعدة تقسيم المغارم بين البائع والمشتري التي جاء بها القانون رقم 452 لسنة 1953 فإن نص هذا القانون صريح في انطباقها متى كان سند المشتري عقد بيع ثابت التاريخ قبل يوليه 23 سنة 1952 وكان الأجل المعين للوفاء بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ ووقع الاستيلاء على الأرض المبيعة كلها أو بعضها لدى المشتري لمجاوزة المستولى عليه المائتي فدان التي يجوز للمشتري الاحتفاظ بها ولا يحول دون إعمال حكم هذا القانون أن تكون الدعوى قد رفعت عن البائع والمشتري قبل صدوره ما دام لم يصدر فيها حكم نهائي. كذلك فإنه لا سند لما يقوله الطاعن من أن القانون المذكور لا ينطبق حين يكون البائع شركة كالشركة المطعون عليها ولا عندما يشمل الاستيلاء الأرض المبيعة كلها كما هو الحال في النزاع الماثل ذلك أن نص القانون من العموم بحيث يشمل هاتين الحالتين متى توافرت الشروط السالف ذكرها ولا يجوز تخصيص إطلاق النص بغير مخصص وإذا كان قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 استثنى الشركات التي تقوم باستصلاح الأراضي من حكم تحديد الملكية الذي تضمنته المادة الأولى وأجاز لها أن تمتلك أكثر من مائتي فدان في الأراضي التي تستصلحها لبيعها فإن هذا الاستثناء لا شأن له بقواعد صحة وبطلان التصرفات الصادرة من هذه الشركات قبل صدور ذلك القانون ولم يفرق المشرع بين هذه الشركات وبين الأفراد فيما يختص بالقواعد التي وضعها في شأن الاعتداد بتلك التصرفات. أما إشارة القانون في عجزه إلى خضوع باقي الصفقة الذي لم يستول عليه لأحكام القانون المدني فعلتها أن هذا الباقي لا يتناوله الحكم الوارد في القانون رقم 452 لسنة 1953 الذي اقتصر على تنظيم العلاقة فيما بين البائع والمشتري على وجه معين عن طريق ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان التي أخضعت للاستيلاء حتى لا تختلف معايير التقدير بشأنها أما ما لم يخضع لهذا الاستيلاء من الصفقة المبيعة فإن المشرع ترك تنظيم علاقة الطرفين بشأنه لأحكام القانون المدني ومن بينها حكم الظروف الطارئة الوارد في المادة 147/ 2 وإذ كان قانون الإصلاح الزراعي - على ما سلف بيانه - لا يترتب عليه بطلان العقد محل النزاع متى كان ثابت التاريخ قبل 23 يوليه سنة 1952 ولا يمنع من شهره وبالتالي لا يحول دون تنفيذ البائع لالتزامه بنقل الملكية فإن القول بانفساخ العقد محل النزاع لاستحالة وفاء الشركة البائعة بهذا الالتزام لا يكون له سند في أحكام القانون المدني. ولا يغير من الأمر أن يكون مآل هذه الأطيان إلى الاستيلاء لأن هذه النتيجة مهما كان فيها من ضرر بالطاعن فإنما هي من آثار تطبيق قانون الإصلاح الزراعي ولا دخل للبائعة فيها. هذا إلى أنه لم يكن من المحتم أن تستولي الدولة فعلاً على الأرض المبيعة إلى الطاعن فقد كان مباحاً له في المادة الرابعة من قانون الإصلاح الزراعي التصرف بالبيع فيما يجاوز المائتي فدان التي يحق له الاحتفاظ بها على أن يحصل التصرف إلى صغار الزراع الذين عينتهم تلك المادة وبالقيود المنصوص عليها فيها.
وحيث إنه لما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار العقد صحيحاً وملزماً لطرفيه ورتب على ذلك قضاءه برفض طلب الطاعن استرداد ما عجله من الثمن لا يكون مخالفاً القانون وما دام هذا الحكم صحيحاً في نتيجته فإنه لا يؤثر في سلامته خطؤه فيما قرره في أسبابه من أن التفسير الدقيق للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 كان يؤدى قبل صدور القانون رقم 452 لسنة 1953 إلى اعتبار العقد باطلاً ولمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ من غير أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 3/ 1/ 1963 الطعن 263 س 26 ق السنة 14 ص 37.
ملاحظة: تضمن هذا الحكم مبادئ أخرى وردت بحكم الطعن 44 لسنة 29 ق المنشور بالعدد الحالي. ( ص 577 قاعدة 94)

الطعن 319 لسنة 32 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 15 ص 85

جلسة 14 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد، ومحمد أبو حمزة مندور، وأحمد طوسون.

----------------

(15)
الطعن رقم 319 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "ضريبة التركات ورسم الأيلولة". تركة. "استيفاء حقوق الدائن". تأمينات عينية. "حق الامتياز".
ضريبة التركات ورسم الأيلولة يفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى. لدائني المتوفى أن يستوفوا ديونهم من أموال التركة. امتياز مصلحة الضرائب المقرر في المادة 43 من قانون رسم الأيلولة رقم 142 لسنة 1944. لا أثر له على حقوق هؤلاء الدائنين.

----------------
مؤدى نص المادة 1/ 1 من القانون رقم 159 لسنة 1952 - بشأن ضريبة التركات - والمواد 1/ 1 و12 و14 و43 من القانون رقم 142 لسنة 1944 - بشأن رسم الأيلولة - أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة إنما يفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى، وهذا الصافي لا يكون إلا بعد تقدير قيمة أصول التركة وما عليها من ديون والتزامات واستبعاد قيمة هذه الديون والالتزامات من أصول التركة، فيكون لدائني المتوفى الثابتة ديونهم بمستندات تصلح دليلاً عليه أمام القضاء، أن يستوفوا هذه الديون من أموال التركة، ولا يكون للامتياز المقرر لمصلحة الضرائب بمقتضى المادة 43 أي أثر على حقوق هؤلاء الدائنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الصناعي اتخذ إجراءات نزع ملكية عقار مملوك لمدينه المرحوم أحمد محمد الحسيني في القضية رقم 106 لسنة 1956 بيوع كلي القاهرة ورسا مزاد هذا العقار على السيدة هيلانة رزق الله مقابل ثمن قدره 3500 ج خلاف المصروفات وقدرها 59 ج و260 م. وبعد إيداع الثمن والمصروفات خزانة المحكمة، تقدم البنك الصناعي بطلب توزيع المبلغ المودع على الدائنين وأصدر قاضي التوزيع القائمة المؤقتة على الوجه الآتي: (1) تخصيص مصلحة الضرائب بمبلغ 1670 ج و61 م منه مبلغ 229 ج و930 م قيمة باقي الضريبة العامة على الإيراد المستحقة على المدين المذكور عن السنوات من 1950 إلى 1954 ومبلغ 1440 ج و131 م قيمة رسم الأيلولة على تركته. أما مبلغ الـ 3472 ج و542 م قيمة ضريبة التركات المستحقة على هذه التركة فقد استبعد من القائمة. (2) تخصيص البنك الصناعي بباقي المبلغ المودع وقدره 1747 ج و514 م باعتباره دائناً مرتهناً. واعترضت مصلحة الضرائب على هذه القائمة طالبة تخصيصها بطريق الامتياز بكل المبلغ المودع خصماً من ضريبة الإيراد العام ورسم الأيلولة وضريبة التركات المستحقة لها والبالغ مجموعها 5042 ج و603 م. كما اعترض كل من البنك الصناعي والأستاذ جمال العبد بصفته وكيلاً للدائنين في تفليسة المدين المرحوم أحمد محمد الحسيني، والأستاذ عبده أبو شقة بصفته دائناً على أساس وجوب استنزال ديون المدين من التركة قبل رسم الأيلولة وضريبة التركات. وإذ تعذرت التسوية أمام قاضي التوزيع فقد أحيلت الاعتراضات إلى المحكمة، وفي 5/ 4/ 1962 حكمت المحكمة برفض الدفع المبدى من مصلحة الضرائب بعدم جواز مناقضة الأستاذين عبده أبو شفة وجمال العبد وبقبول المناقضة شكلاً وبقبول مناقصة مصلحة الضرائب شكلاً وبعدم قبول مناقضة البنك الصناعي وفي الموضوع برفض مناقضة مصلحة الضرائب وبتعديل قائمة التوزيع المؤقتة رقم 4 سنة 1961 كلي القاهرة المحررة في 18/ 7/ 1961، وذلك بتخصيص مصلحة الضرائب بمبلغ 229 ج و930 م قيمة باقي ضريبة الإيراد العام المستحقة على المورث وبتخصيص البنك الصناعي بمبلغ 2709 ج و488 م قيمة دينه المضمون برهن والسابق في المرتبة على رهن الأستاذ عبده أبو شقة، وبتخصيص الأستاذ عبده أبو شقة بمبلغ 429 ج و111 م والباقي وقدره 56 ج و47 م يعود إلى التركة، استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه, والحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 577 سنة 79 قضائية، وفي 27/ 5/ 1962 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يقدم المطعون ضدهما الأول والثالث دفاعاً، وطلب المطعون ضده الثاني رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض تخصيص مصلحة الضرائب بطريق الامتياز بالمبلغ موضوع التوزيع خصماً من ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحقين لها، استناداً إلى أن المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 159 سنة 1952 والمادة الأولى من القانون رقم 142 سنة 1944 أن ضريبة التركات، ورسم الأيلولة لا يستحقان إلا على صافي التركة بعد استنزال الديون المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 142 سنة 1944، وهي الديون الثابتة بمستند يصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء، وإذ كان دين كل من البنك الصناعي والأستاذ عبده أبو شقة ثابتاً بسند رسمي فإنهما يستبعدان من أصول التركة، وما يبقى هو الذي يعتبر تركة تسري عليه ضريبة التركات ورسم الأيلولة، عملاً بقاعدة لا تركة إلا بعد سداد الدين. كما أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة لا يلزمان إلا من آلت إليه أصول التركة فتكون مصلحة الضرائب ممتازة بدينها الناتج من الضريبتين المذكورتين على دائني هؤلاء. أما دائني المورث فإنهم يستبعدون أصلاًً لأن ديونهم لا تعتبر تركة ولا تدخل في أصولها. وهذا منه خطأ ومخالفة للقانون، إذ المستفاد من نصوص المواد 1139، 1134/ 2 مدني، 43 من القانون رقم 142 سنة 1944 و1/ 2 من القانون رقم 159 سنة 1952 أن امتياز مستحقات الخزانة من ضرائب ورسوم، ومنها ضريبة ورسم الأيلولة على التركات، امتياز عام من نوع خاص يخول الدولة حق تتبع المال المنقل به في أي يد كانت وحق استيفاء الدين المضمون به بالأولوية على أي حق آخر ولو كان ممتازاً أو مضموناً برهن رسمي، وبذلك يكون لمصلحة الضرائب امتياز عام على أموال المرحوم أحمد محمد الحسيني يخولها حق استيفاء مستحقاتها منها بالأولوية على البنك الصناعي والأستاذ عبده أبو شقة، مما كان يتعين معه تخصيصها بكامل مبلغ التوزيع خصماً من هذه المستحقات، كما أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من وجوب استبعاد الديون المستحقة على التركة ينطوي على خلط بين أحكام تقدير وربط ضريبة ورسم الأيلولة على التركات التي نظمها المشرع في المواد 36 و37 و38 من القانون رقم 142 سنة 1944 والمادة 1 من القانون رقم 159 سنة 1952 والتي بمقتضاها يصبح ربط الضريبة نهائياً إذا لم يطعن فيه الممول أو المصلحة بالطرق التي بينتها هذه المواد، وبين أحكام تحصيل الضريبة والرسم المبينة في المواد من 39 إلى 44 من القانون رقم 142 لسنة 1944 والمادة 1 من القانون رقم 159 لسنة 1952، وإذ حددت المحكمة صافي الضريبة ونسبت الخطأ إلى مصلحة الضرائب في ربطها، فإنها تكون قد خرجت عن ولايتها وفصلت في أمر تقدير التركة الذي يخرج عن اختصاصها، كما أخطأ الحكم إذ قرر أن المصلحة لا تزاحم بحق امتيازها دائني المورث، إذ أنه وإن كانت ضريبة التركات ورسم الأيلولة لا يستحقان إلا على صافي التركة بعد استنزال الديون المستحقة عليها، إلا أن هذا الإجراء ليس إلا عملية حسابية للوصول منها إلى تحديد صافي الضريبة، ولا يمنع المصلحة من أن تزاحم بمستحقاتها أصحاب الديون المستحقة على التركة والتي لم يتم الوفاء بها حتى تاريخ التحصيل، والقول بغير ذلك ينطوي على تخصيص لحق الامتياز المقرر للحكومة بالمادة 43 من القانون رقم 142 سنة 1944 بغير مخصص.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 1/ 1 من القانون رقم 159 سنة 1952 تنص على أنه: "تفرض على التركات ضريبة تعتبر مستحقة من وقت الوفاة وتحسب على صافي قيمة تركة كل من يتوفى طبقاً للنسب الآتية:..... وتستحق هذه الضريبة مع رسم الأيلولة وبالإضافة إليه وتسري بالنسبة إليها أحكام القانون رقم 142 سنة 1944 المشار إليه" وتنص المادة 1/ 1 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أنه "يفرض على أيلولة التركات رسم يعتبر مستحقاً من وقت الوفاة على صافي نصيب الوارث طبقاً للنسب الآتية...." كما تنص المادة 12 من القانون رقم 142 لسنة 1944 على أنه "تشمل التركات الخاضعة لرسم الأيلولة جميع الأموال التي تتألف منها التركة منقولة كانت أو ثابتة والنقود والأوراق والإيرادات المرتبة لمدى الحياة والديون المطلوبة للتركة والحقوق والدعاوى والتأمينات على الحياة وكل ما عداه من التأمينات التي استحق تسديدها بعد وفاة المورث، وكذلك كل ما أبرمه من عقود التأمين في حياته لمصلحة ورثته أو غيرهم، وذلك كله بعد خصم ما على التركة من الديون والالتزامات واستبعاد الأوراق والقيم المالية المعفاة من هذا الرسم قانوناً". وتنص المادة 14 منه على أنه "يستبعد من التركة كل ما عليها من الديون والالتزامات إذا كانت ثابتة بمستندات تصلح دليلاً على المتوفى أمام القضاء" وتنص المادة 43 منه على أنه "ويكون للحكومة لأجل تحصيل رسوم الأيلولة المقررة بموجب هذا القانون حق امتياز على نصيب كل وارث بقدر المطلوب منه وحق تتبعه تحت يد الغير" وهذه النصوص صريحة في أن ضريبة التركات ورسم الأيلولة إنما تفرضان على صافي قيمة تركة المتوفى. وهذا الصافي لا يكون إلا بعد تقدير قيمة أصول التركة وما عليها من ديون والتزامات، واستبعاد قيمة هذه الديون والالتزامات من أصول التركة فيكون لدائني المتوفى الثابتة ديونهم بمستندات تصلح دليلاً عليه أمام القضاء أن يستوفوا هذه الديون من أموال التركة، ولا يكون للامتياز المقرر لمصلحة الضرائب بمقتضى المادة 43 أي أثر على حقوق هؤلاء الدائنين. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون. ولا وجه للقول بأن الحكم المطعون فيه قد فصل في أمر تقدير التركة وربط الضريبة، وخرج بذلك على قواعد الاختصاص حين انتهى إلى تفضيل حقوق دائني المتوفى على حق مصلحة الضرائب، ذلك أن المصلحة لم تنازع في مقدار التركة، ولا في أمر استحقاق هذه الديون وإنما اقتصرت منازعتها على القول بأن لها امتيازاً عاماً يخولها حق تتبع أعيان التركة، واستيفاء حقها بالأولوية على دائني المتوفى وهي منازعة لا تتصل بأمر تقدير التركة أو ربط الضريبة عليها.

الطعن 220 لسنة 32 ق جلسة 14 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 14 ص 79

جلسة 14 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

---------------

(14)
الطعن رقم 220 لسنة 32 القضائية

ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". "وعاء الضريبة".
يتكون وعاء الضريبة العامة على الإيراد - عدا إيراد العقارات - من مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة. الدخل الذي لا يخضع لضريبة نوعية لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة.

---------------
مؤدى نص المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 أن الشارع فرق في تحديد الإيرادات الصافية بين تلك الناتجة من العقارات وبين هذه الناتجة من المصادر الأخرى، وقصد - بالنسبة للأخيرة - أن يتكون وعاء الضريبة العامة على الإيراد من مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة، وأن كل دخل لا يخضع لضريبة نوعية لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور فجاء في تقرير لجنة الشئون المالية بمجلس النواب أنها "استعرضت أحكام وعاء الضريبة العامة على الإيراد وارتأت حسماً لكل خلاف اتباع المبدأ المقرر في التشريع الإيطالي، وهو أن يكون وعاء الضريبة العامة هو مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة بمعني أن الإيراد المعفى من الضريبة النوعية يعفى من الضريبة العامة، وما يخضع للضرائب النوعية يخضع بدوه للضريبة العامة. كما جاء في مناقشات مجلس الشيوخ على لسان ممثل الحكومة طبيعة هذه الضريبة أنها ضريبة تكميلية أو ثانوية بمعنى أن المال الذي تفرض عليه الضريبة يجب أن يكون قد تقرر من قبل فرض ضريبة أخرى عليه ولذلك قيل إن وعاء الضريبة هو مجموع أوعية الضرائب الأخرى". ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون المشار إليه بقولها "أما الأجانب غير المتوطنين في مصر فلا يخضعون للضريبة إلا على ذلك الجزء من الإيراد الذي نتج في المملكة المصرية" لأن هذه المادة وردت أساساً لتحديد الأشخاص الخاضعين للضريبة وتركت تحديد مدى الخضوع للمادة السادسة، ولذلك فإن ما تعنيه هذه المادة على ضوء ما نصت عليه المادة السادسة، هو أن إيراد الأجنبي غير المتوطن في مصر والذي نتج في البلاد المصرية يخضع للضريبة العامة متى كان هذا الإيراد قد خضع لضريبة نوعية مقررة في مصر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى عقد مؤرخ 3/ 3/ 1955 كلفت شركة النيل للغزل الرفيع بالإسكندرية المهندس كيوث كوينهوفر بوضع تصميمات المباني والمنشآت والأشغال الكهربائية ومعدات ومحطات تكييف الهواء ومواصفاتها جميعاً في مقابل نسبة قدرها 4.5% من قيمة مقاولة المنشآت والأشغال والمعدات، ولما كان المهندس كيوث يتمتع بالجنسية الألمانية ويقيم بصفة دائمة في ستتجارت بألمانيا فقد اتفق في العقد على تحمل الشركة كافة نفقات حضوره إلى مصر لمعاينة الموقع وأخذ الرأي في المقترحات الفنية، وكذلك مصاريف سفره إلى انجلترا، ونظراً لأنه يلزم لاعتماد التصميمات وغيرها توقيعها من مهندس مقيد بسجلات نقابة المهن الهندسية في مصر، فقد عهد إلى مكتب المهندسين فتكاأوزمو بالإسكندرية، بالقيام عنه بكافة الأعمال التي يتعين تنفيذها بمصر في مقابل تنازله عن 20% من قيمة مستحقاته للمكتب المذكور. وقد اتصلت الشركة بمصلحة الضرائب قبل تحويلها للمهندس كيوث ما يستحقه لإفادتها عما يجب إتباعه في هذا الشأن. ولاحظت المصلحة أن المهندس المذكور حضر إلى مصر فعلاً للإشراف على وضع تصميماته في فترات متقاربة أثناء القيام بالأعمال، ورأت أن أتعابه استحقت في مصر وتخضع للضريبة على أرباح المهن غير التجارية كما تخضع للضريبة العامة على الإيراد، وأخطرته بما استقر عليه رأيها في 26/ 7/ 1959 على النموذج رقم 19 عن ضريبة المهن الحرة وعلى النموذج رقم 5 بالنسبة للضريبة العامة على الإيراد. وإذ اعترض على هذا الربط استناداً إلى عدم خضوعه لضريبة ما عن الأتعاب التي يستحقها قبل الشركة المذكورة وأحيل الخلاف على لجنة الطعن وبتاريخ 31/ 1/ 1960 قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً فقد أقام الدعوى رقم 246 سنة 1960 الإسكندرية الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن على هذا القرار، طالباً إلغاءه والحكم بعدم خضوعه لضريبة المهن غير التجارية وللضريبة العامة على الإيراد. وبتاريخ 11/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبعدم خضوع الممول للضريبة على المهن غير التجارية وللضريبة العامة على الإيراد عن المبالغ التي استحقها بمقتضي عقد الاتفاق المبرم بينه وبين شركة النيل للغزل الرفيع بالإسكندرية في 3/ 3/ 1953 وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 34 سنة 17 قضائية. وبتاريخ 26/ 3/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات الاستئنافية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت المصلحة في هذا الحكم - فيما قضى به من عدم خضوع الممول للضريبة العامة على الإيراد بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير - وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم. ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم خضوع المطعون عليه للضريبة العامة على الإيراد، مستنداً في ذلك إلى أن المادة السادسة من القانون رقم 99 سنة 1949 المعدلة بالقانون رقم 218 سنة 1951 تنص على سريان الضريبة العامة على الإيراد على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي، وفرقت هذه المادة في تحديد الإيرادات الصافية بين تلك الناتجة من العقارات وبين الإيرادات الناتجة من المصادر الأخرى، وقضت بأن الأخيرة تحدد طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضرائب النوعية الخاصة بها، وعلى ذلك وطالما ثبت عدم خضوع المطعون عليه لأية ضريبة نوعية فإنه وبالتالي لا يخضع للضريبة العامة على الإيراد، ولا يغير من الأمر شيئاً ما تنص عليه المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 من أن الأجانب غير المتوطنين في مصر لا يخضعون للضريبة العامة على الإيراد, إلا عن ذلك الجزء من الإيراد الذي نتج في مصر، إذ أنه يشترط لخضوع هؤلاء لهذه الضريبة أن يكون الإيراد قد خضع لضريبة نوعية في مصر، فليس كل إيراد يخضع للضريبة العامة على الإيراد وهي التي لا تفرض إلا على مجموعة أوعية الضرائب النوعية في مصر، وهو منه مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، لأنه من المقرر طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1949 خضوع إيراد الأجنبي الذي نتج في مصر للضريبة العامة على الإيراد ولو كان غير متوطن في مصر، وهذا الأصل المقرر لا يعطل تنفيذه ما ورد بالمادة السادسة من القانون المذكور والتي تحدد ذلك للإيراد الخاضع للضريبة العامة طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضرائب النوعية الخاصة بها، لأن تلك المادة لا تقيد ارتباط الضريبة العامة على الإيراد بالضرائب النوعية المختلفة بحيث تقوم بقيامها وتنعدم بانعدامها، ولأن الضريبة العامة على الإيراد ضريبة مستقلة عن باقي أنواع الضرائب وهي في نفس المرتبة مع هذه الأنواع، وقد حدد القانون الأشخاص الخاضعين لها سواء كانوا مصريين أم أجانب، تحقق إيرادهم في مصر أو في الخارج، وعالج المشرع بعد ذلك طريقة تحديد الإيراد الخاضع لها سواء بالنسبة للعقارات أو لباقي الإيرادات، وإذا كان الممول لا يخضع لأي ضريبة نوعية فهذا لا يعني إعفاءه من الخضوع للضريبة العامة على الإيراد، لأن القول بهذا الرأي يؤدي إلى نتيجة غريبة، فيكون الشخص الذي لا يخضع لأي نوع من الضرائب أحسن حال من ذلك الذي يخضع إيراده لعدة ضرائب نوعية يضاف إليها الضريبة العامة على الإيراد، وبذلك يكون الخلط بين الضريبة العامة على الإيراد والضرائب النوعية المختلفة بحيث تدور الأولى في فلك الثانية خلطاً مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أن "تسري الضريبة على المجموع الكلي للإيراد السنوي الصافي الذي حصل عليه الممول خلال السنة السابقة". وفي الفقرة الثانية على أن "يتحدد هذا الإيراد من واقع ما ينتج من العقارات ورؤوس الأموال المنقولة بما في ذلك الاستحقاق في الوقف وحق الانتفاع ومن المهن ومن المرتبات وما في حكمها والأجور والمكافآت والأتعاب والمعاشات والإيرادات المرتبة مدى الحياة". وفي الفقرة الثالثة على أن "يكون تحديد إيراد العقارات مبنية كانت أو زراعية على أساس القيمة الإيجارية ... ..." وفي الفقرة الرابعة على أن "ومع ذلك يجوز تحديد إيراد العقارات مبنية كانت أو زراعية على أساس الإيراد الفعلي... وفي الفقرة السادسة على أن "أما باقي الإيرادات فتحدد طبقاً للقواعد المقررة فيما يتعلق بوعاء الضرائب النوعية الخاصة بها" يدل على أن الشارع فرق في تحديد الإيرادات الصافية بين تلك الناتجة من العقارات، وبين هذه الناتجة من المصادر الأخرى، وقصد - بالنسبة للأخيرة - أن يتكون وعاء الضريبة العامة على الإيراد من مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة، وأن كل دخل لا يخضع لضريبة نوعية لا تسري عليه أحكام الضريبة العامة، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون المذكور. فجاء في تقرير لجنة الشئون المالية بمجلس النواب أنها "استعرضت أحكام وعاء الضريبة العامة على الإيراد وارتأت حسماً لكل خلاف اتباع المبدأ المقرر في التشريع الإيطالي وهو أن يكون وعاء الضريبة العامة هو مجموع أوعية الضرائب النوعية حسب القواعد المقررة لكل ضريبة، بمعني أن الإيراد المعفى من الضريبة النوعية يعفى من الضريبة العامة، وما يخضع للضرائب النوعية يخضع بدوره للضريبة العامة" كما جاء في مناقشات مجلس الشيوخ على لسان ممثل الحكومة لهذا المجلس أن "طبيعة هذه الضريبة أنها ضريبة تكميلية أو ثانوية بمعنى أن المال الذي تفرض عليه الضريبة يجب أن يكون قد تقرر من قبل فرض ضريبة أخرى عليه, ولذلك قيل إن وعاء الضريبة هو مجموع أوعية الضرائب الأخرى" ولا يغير من ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون المشار إليه "بقولها أما الأجانب غير المتوطنين في مصر فلا يخضعون للضريبة إلا على ذلك الجزء من الإيراد الذي نتج في المملكة المصرية" لأن المادة الأولى وردت أساساً لتحديد الأشخاص الخاضعين للضريبة، وتركت تحديد مدى الخضوع للمادة السادسة، ولذلك فإن ما تعنيه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى على ضوء ما نصت عليه المادة السادسة هو أن إيراد الأجنبي غير المتوطن في مصر والذي نتج في البلاد المصرية يخضع للضريبة العامة على الإيراد متى كان هذا الإيراد قد خضع لضريبة نوعية مقررة في مصر. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن "وطالماً ثبت عدم خضوع الممول لأية ضريبة نوعية فإنه بالتالي لا يخضع للضريبة العامة على الإيراد" فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.

الطعن 50 لسنة 31 ق جلسة 29 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 أحوال شخصية ق 92 ص 573

جلسة 29 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وعبد المجيد يوسف الغايش، وإبراهيم محمد عمر هندي.

---------------

(92)
الطعن رقم 50 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. استئناف. "الحكم فيه".
الحكم الصادر بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للسير فيها طبقاً للمنهج الشرعي. مؤداه إلغاء الحكم المستأنف.

-----------------
الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية الشرعية (بهيئة استئنافية) بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للسير فيها طبقاً للمنهج الشرعي، مؤداه إلغاء الحكم المستأنف، ومن ثم فمتى كان  الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على أن الحكم المستأنف قائم لم يمسسه الحكم الصادر في الاستئناف بإعادة القضية لمحكمة أول درجة للسير فيها لا بالتأييد ولا بالتعديل ولا بالإلغاء وأنه قرار إجرائي لم ينل من الحكم شيئاً، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة رفعت على المطعون عليه الدعوى رقم 703 سنة 1946 أمام محكمة العطارين الجزئية الشرعية طلبت فيها أمره بأداء نفقة بأنواعها لبنتهما أمينة المرزوقة بها منه على فراش لزوجية الصحيحة وقدمت شهادة ميلادها في 15/ 11/ 1945. وبتاريخ 22/ 12/ 1946 قررت المحكمة اعتبار الدعوى كأن لم تكن لتخلفها عن الحضور ثم عادت الطاعنة فرفعت عليه الدعوى رقم 580 سنة 1948 أمام المحكمة المذكورة طلبت فيها الحكم عليه بأداء نفقة لهذه البنت وبتاريخ 23/ 5/ 1948 فرضت عليه المحكمة غيابياً مائتي قرش لنفقة هذه البنت بنوعيها وأمرته بالأداء فعارض المطعون عليه في هذا الحكم طالباً إلغاءه لبطلان الإجراءات. وبتاريخ 24/ 5/ 1952 قررت المحكمة قبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المعارض فيه ورفض الدعوى حضورياً بانية حكمها على وجود تزوير مادي بالشطب والإضافة وتوجيه الإعلان إلى المطعون عليه في غير المحل الذي يقيم فيه فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية وقيد استئنافها برقم 722 سنة 1952 طالبة إلغاءه وتأييد الحكم المعارض فيه، وبتاريخ 29/ 11/ 1954 قررت المحكمة إعادة القضية إلى محكمة أول درجة للسير فيها حسبماً يقتضيه المنهج الشرعي وبعد أن أعيدت القضية إلى محكمة العطارين الشرعية بمقتضى الحكم المذكور قضت بتاريخ 26/ 4/ 1955 حضورياً بانتهاء ولايتها من نظر القضية لأنها فصلت في موضوعها وفي دعوى التزوير فجددت الطاعنة السير في ذات الاستئناف رقم 722 سنة 1952، وبتاريخ 10/ 12/ 1956 قضت المحكمة حضورياً بعدم قبول تجديد السير في هذا الاستئناف تأسيساً على أن الحكم بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة يجعل هذا الاستئناف معدوماً والمعدوم لا يلحقه التجديد ثم رفع المطعون عليه على الطاعنة الدعوى رقم 223 سنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية طالباً الحكم عليها بمنع تعرضها له بادعاء نسب البنت المذكورة وبحكم نفقتها الغيابي الصادر بتاريخ 23/ 5/ 1948 في القضية رقم 580 سنة 1948 شرعي العطارين لأنه ألغى في المعارضة فدفعت الطاعنة هذه الدعوى بعدم سماعها لأن الحكم الصادر في المعارضة ألغى من محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية بقرار إعادة القضية إلى محكمة أول درجة وبذلك أصبح حكم النفقة نهائياً وبتاريخ 30/ 4/ 1959 حكمت المحكمة برفض الدعوى فاستأنفت المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 8 سنة 1960 طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وبتاريخ 12/ 1/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً (1) بقبول الاستئناف شكلاً (2) رفض الدفع بعدم سماع الدعوى باعتبارها دعوى نفي نسب (3) رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم في الدعوى رقم 580 سنة 1958 بتاريخ 22/ 5/ 1948 (4) وقبل الفصل في موضوع الدعوى بإحالتها على التحقيق لإثباتها من المطعون عليه ونفيها من الطاعنة وبعد سماع شهود الطرفين ودفاعهما عادت المحكمة - وبتاريخ 21/ 6/ 1961 فحكمت المحكمة حضورياً في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبمنع تعرض الطاعنة للمطعون عليه بادعاء نسب البنت أمينة فطعنت الطاعنة في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على هذه الدائرة وعند نظره صممت الطاعنة على طلب نقض الحكمين وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة ثانية أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت نقض الحكمين للسببين الثالث والرابع من أسباب الطعن.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة في السبب السادس أن الحكم الصادر في 12/ 1/ 1961 أخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه على حجية الحكم الصادر في المعارضة واعتبره حائزاً لقوة الشيء المحكوم فيه في حين أن هذا الحكم قد ألغاه قرار الهيئة الاستئنافية القاضي بإعادة القضية لمحكمة أول درجة للسير فيها طبقاً للمنهج الشرعي.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الأوراق أن القضية رقم 580 سنة 1948 العطارين قضى فيها غيابياً بنفقة للبنت أمينة وعارض المطعون عليه في هذا الحكم وقضى في المعارضة بإلغائه ورفض الدعوى فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية بالاستئناف رقم 722 سنة 1952 وقد قضت فيه المحكمة بتاريخ 29/ 11/ 1954 بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للسير فيها طبقاً للمنهج الشرعي مما مؤداه إلغاء الحكم الصادر في المعارضة.
وبعد إعادة القضية لمحكمة العطارين الشرعية وتجديد السير في المعارضة أمامها قررت بتاريخ 26/ 4/ 1956 إنهاء ولايتها من نظر المعارضة تأسيساً على أنها سبق أن فصلت في موضوعها وانتهت بذلك ولايتها فعادت الطاعنة وجددت السير في الاستئناف رقم 722 سنة 1952 - أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية. وبتاريخ 10/ 12/ 1956 قضت المحكمة بعدم قبول التجديد لأن حكمها السابق بالإعادة يجعل الاستئناف معدوم الأثر أي غير قائم أمامها والمعدوم لا يلحقه التجديد - عاد المطعون عليه بعد ذلك ورفع على الطاعنة الدعوى رقم 223 سنة 1957 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية طالباً منع تعرضها له بنسب هذه البنت ونفقتها المقررة بموجب الحكم الغيابي الصادر في الدعوى رقم 580 سنة 1948 العطارين الشرعية وبتاريخ 30/ 4/ 1960 حكمت المحكمة برفض الدعوى ولما استأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية (الاستئناف رقم 8 سنة 1960 شرعي) أصدرت المحكمة حكمها الأول في 12/ 1/ 1961 بقبول الاستئناف شكلاً ورفض الدفوع وإحالة الدعوى على التحقيق وأسست قضاءها هذا على أن الحكم الصادر في المعارضة قائم لم يمسه حكم المحكمة الاستئنافية بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة لا بتأييد ولا بتعديل ولا بإلغاء وأنه قرار إجرائي لم ينل من الحكم شيئاً ثم عادت وأصدرت حكمها الثاني في 21/ 6/ 1961 بإلغاء الحكم المستأنف وعدم تعرض الطاعنة للمطعون عليه في نسب هذه البنت - يبين مما سبق أن الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية بهيئة استئنافية بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للسير فيها طبقاً للمنهج الشرعي قد ألغى الحكم الصادر في المعارضة ورفضت محكمة العطارين السير في إجراءاتها إعمالاً لآثار هذا الحكم كما رفضت محكمة الإسكندرية تجديد السير في الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في المعارضة بعد الفصل فيها ومؤدى هذا الوضع أن المعارضة المرفوعة عن الحكم النفقة الغيابي الصادر في 23/ 5/ 1948 لا تزال معلقة لم يفصل فيها ولم يتخذ بشأنها إجراء ما - بما لا يأتي معه الحكم للمطعون عليه بعدم التعرض في حكم النفقة قبل الفصل فيها إذ كان ذلك، وكان الحكم الصادر في 12/ 1/ 1961 قد أسس قضاءه على أن الحكم الصادر في المعارضة قائم لم يمسسه حكم المحكمة الاستئنافية بإعادة القضية لمحكمة أول درجة للسير فيها لا بتأييد ولا بتعديل ولا بإلغاء وأنه قرار إجرائي لم ينل من هذا الحكم شيئاً فإنه يكون قد خالف القانون وبما يوجب نقضه وبما ينبني عليه نقض الحكم الصادر في 21/ 6/ 1961 باعتباره مترتباً عليه.

الطعن 255 لسنة 29 ق جلسة 29 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 91 ص 568

جلسة 29 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

----------------

(91)
الطعن رقم 255 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "الضريبة على كسب العمل". "المرتبات وما في حكمها والأجور والمكافآت والمعاشات". "وعاء الضريبة".
الضريبة على كسب العمل. نطاق الإعفاء منها. قصره على الماهيات والأجور الأصلية وحدها دون غيرها من مكافآت ومعاشات وإيرادات مرتبة لمدى الحياة ومزايا نقدية أو عينية قد يستوفى عليها من عدا موظفي الحكومة ومستخدميها ممن لهم الحق في المعاش.

-----------------
مؤدى الفقرتين الأولى والثانية من المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 أن الشارع أراد أن يقصر نطاق الإعفاء من الضريبة على كسب العمل على الماهيات والأجور الأصلية وحدها دون غيرها من مكافآت ومعاشات وإيرادات مرتبة لمدى الحياة ومزايا نقدية أو عينية قد يستولى عليها من عدا موظفي الحكومة ومستخدميها الذين لهم الحق في المعاش، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 33 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 بقولها "تستبعد بالنسبة للموظفين والمستخدمين الذين لهم الحق في المعاش. احتياطي المعاش بالغة ما بلغت قيمة هذا الاحتياطي. ولا يدخل في ذلك الاستقطاعات للمعاش عن مدد سابقة - أما بالنسبة لغيرهم من الموظفين والمستخدمين فيستبعد 7.5% من قيمة الماهيات أو الأجور ولا تستبعد ال 7.5% من أي إيراد آخر من الإيرادات الخاضعة للضريبة" ففي هذه الحدود يكون الشارع قد سوى - في حكم الإعفاء - بين موظفي الحكومة ومستخدميها الذين لهم الحق في المعاش وغيرهم من سائر الموظفين والمستخدمين سواء كانوا في خدمة الحكومة أو غيرها حيث لا يسري حكم الاستقطاع لحساب المعاش على المبالغ التي تعطي لهم علاوة على المرتب الأصلي بأية صفة كانت كالمكافآت وبدل السفر وبدل التمثيل والإعانات بجميع أنواعها، ولا محل للتحدي في هذا الخصوص بأن الأجر طبقاً لقواعد القانون المدني يشمل الأجر الأصلي والإضافي (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه قدم إقراراته إلى مأمورية الضرائب المختصة عن صافي إيراده الخاضع للضريبة على الإيراد العام في السنوات من سنة 1949 إلى سنة 1953 فلم تأخذ بها وإذ اعترض الطاعن على ذلك أحيل الخلاف على لجنة الطعن المختصة وبتاريخ 13 سبتمبر سنة 1956 أصدرت اللجنة قرارها بتحديد صافي إيراده الخاضع للضريبة في السنوات المذكورة بالمبالغ 1567 ج و862 م و1484 ج و734 م و2227 ج و936 م 2647 ج و833 م و3381 ج و161 م على الترتيب وقد رفضت اللجنة خصم 7.5% من إجمالي المرتب طبقاً للمادة 62/ 2 من القانون رقم 14 لسنة 1939 واعتبرت راتب الزوجة والأولاد ونفقات السيارة ومقابل السكن الذي يشغله ضمن وعاء الضريبة ولم تستبعد منه النفقة الشهرية التي يؤديها لوالدته كما اعتبرت مصاريف السفر التي دفعت له من شركة القنال المؤممة ميزة نقدية تدخل في وعاء الضريبة. فأقام الدعوى رقم 145 لسنة 1956 كلي تجاري الإسماعيلية ضد مصلحة الضرائب بطلب الحكم بتعديل قرار اللجنة واعتبار صافي إيراده الخاضع للضريبة على الإيراد العام طبقاً لما جاء بإقراراته. وبتاريخ 27/ 5/ 1957 قضت المحكمة بسريان خصم السبعة ونصف في المائة على جميع ما يتقاضاه المطعون عليه وباستبعاد مصاريف السفر من مجموع الإيراد، وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير لبيان ما يتقاضاه من أجر ثابت ونسبته في الأرباح ومصاريف السفر وغير ذلك لمعرفة الدخل الكلي له. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت محكمة بور سعيد الابتدائية في 28 أكتوبر سنة 1957 "بتعديل قرار لجنة الطعون (السويس) رقم 11 د. وجعل صافي إيراد الطاعن الخاضع للضريبة العامة على الإيراد عن السنوات من 1949 حتى 1953 بمبلغ 1286 ج و738 م و1393 ج و202 م 1732 ج و330 م و2434 ج و590 م و2531 ج و634 م على التوالي." واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه وتأييد قرار لجنة الطعن وقيد هذا الاستئناف برقم 145 تجاري سنة 9 قضائية. وبجلسة 20 فبراير سنة 1959 استأنف المطعون عليه هذا الحكم استئنافاً مقابلاً طالباً إلغاءه فيما يتعلق بنفقة والدته والحكم بخصم ما يقابلها في سني النزاع. وفي 28/ 4/ 1958 حكمت المحكمة "أولاً - وفي الاستئناف الأصلي بقبوله شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. ثانياً - وفي الاستئناف المقابل بعدم قبوله شكلاً وإلزام رافعه مصروفاته" وقد طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وصممت النيابة العامة على طلب رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله إذ قام قضاءه في الدعوى على أن نص الفقرة الثانية من المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 لا يدل على أن الشارع أراد أن يقصر الإعفاء من الضريبة على كسب العمل على المرتب الأساسي وحده دون ملحقاته وأن تحديد الأجر طبقاً لقواعد القانون المدني يشمل الأجر وملحقاته - في حين - أنه يبين من المقارنة بين الفقرتين الأولى والثانية من المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 كما يبين من الفقرة الثانية من المادة 33 من اللائحة التنفيذية للقانون أن نطاق الإعفاء يقتصر على المرتب الأساسي وحده - في حين - أن قوانين الضرائب من النظام العام ولا يتوسع في تفسيرها خصوصاً وأن النص على إعفاء الـ 7.5% من الضريبة على كسب العمل نص استثنائي ولو أراد الشارع أن يمتد هذا الإعفاء إلى الملحقات لنص على ذلك أسوة بما نص عليه عند تحديد الإيرادات الخاضعة للضريبة في الفقرة الأولى من المادة 62 ذاتها أو اكتفى في تحديده بالإحالة إلى الفقرة الأولى وأنه متى كان ذلك، فلا محل للتحدي بأحكام القانون المدني حيث لا يرجع إليها إلا في حالة عدم وجود نص في قانون الضرائب.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 62 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أنه "تربط الضريبة على مجموع ما يستولى عليه صاحب الشأن من مرتبات وماهيات ومكافآت وأجور ومعاشات وإيرادات مرتبة لمدى الحياة يضاف إلى ذلك ما قد يكون ممنوحاً له من المزايا نقداً أو عيناً". ونصت الفقرة الثانية على أنه "يعفي من المبالغ التي تربط عليها الضريبة بالنسبة لموظفي ومستخدمي الحكومة الذين لهم الحق في المعاش قيمة احتياطي المعاش. وفيما يتعلق بسائر من عداهم من الموظفين والمستخدمين سواء كانوا في خدمة الحكومة أم في خدمة غيرها 7.5% من قيمة الماهيات أو الأجور" فإنها بذلك تكون قد دلت على أن الشارع أراد أن يقصر نطاق الإعفاء - وهو استثناء لا يجوز الترخص فيه - على الماهيات والأجور الأصلية وحدها دون غيرها من مكافآت ومعاشات وإيرادات مرتبة لمدى الحياة ومزايا نقدية أو عينية قد يستولى عليها من عدا موظفي الحكومة ومستخدميها الذين لهم الحق في المعاش - يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة "ثانياً" من المادة 33 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 بقولها "تستبعد بالنسبة للموظفين والمستخدمين الذين لهم الحق في المعاش احتياطي المعاش بالغة ما بلغت قيمة هذا الاحتياطي. ولا يدخل في ذلك الاستقطاعات للمعاش عن مدد سابقة - أما بالنسبة لغيرهم من الموظفين والمستخدمين فيستبعد 7.5% من قيمة الماهيات أو الأجور ولا تستبعد الـ 7.5% من أي إيراد آخر من الإيرادات الخاضعة للضريبة" إذ في هذه الحدود يكون الشارع قد سوى في حكم الإعفاء بين موظفي الحكومة ومستخدميها الذين لهم الحق في المعاش وبين غيرهم من سائر الموظفين والمستخدمين سواء كانوا في خدمة الحكومة أو غيرها حيث لا يسري حكم الاستقطاع لحساب المعاش على المبالغ التي تعطي لهم علاوة على المرتب الأصلي بأية صفة كانت كالمكافآت وبدل السفر وبدل التمثيل والإعانات بجميع أنواعها كما لا يمتد إلى المزايا العينية أو النقدية إلا إذا كانت ملحوظة في الأجر. ومن ثم فلا محل للتحدي في هذا الخصوص بأن الأجر طبقاً لقواعد القانون المدني يشمل الأجر الأصلي والإضافي. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الخصم يمتد إلى جميع ما يتقاضاه الممول فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نفس المبدأ : الطعنين 246، 284 لسنة 29 ق بنفس الجلسة.

الطعن 382 لسنة 29 ق جلسة 16 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 90 ص 556

جلسة 16 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

---------------

(90)
الطعن رقم 382 لسنة 29 القضائية

( أ ) حكر. "أجرة الحكر". "تعديلها". محكمة الموضوع.
اشتراط المادة 1004 مدني لقبول طلب تعديل أجرة الحكر مضي ثماني سنوات على آخر تقدير. حكم مستحدث. أما في ظل القانون المدني الملغي كان المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة. وكان تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع.
(ب) نقض. "إجراءات الطعن". "ضم الأوراق".
سلطة رئيس محكمة النقض في ضم الأوراق مقصورة على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه. عدم جواز التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ولو صدر أمر بضمه.
(جـ) حكر. "تصقيع الحكر". "تقدير الأجرة".
المعول عليه في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه، اعتبار الأرض المحكرة حرة خالية من البناء. لا يلاحظ في ذلك سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها. صرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. لا تأثير لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر في التقدير. نبذ نظرية النسبة.
(د) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية". حكر.
على المحتكر إثبات الحالة القديمة للأرض المحكرة إن ادعى أنها لم تكن وقت تحكيرها أرضاً فضاء. عدم ادعائه بذلك أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالفه من واقع.

----------------
1 - ما تشترطه المادة 1004 من القانون المدني القائم لقبول طلب تعديل أجرة الحكر من مضي ثماني سنوات على آخر تقدير هو حكم مستحدث وليس في أحكام الشريعة الإسلامية ولا في القواعد التي قررها الفقه والقضاء قبل صدور هذا القانون ما كان يقيد طلب تصقيع الحكر بوجوب مضي مدة معينة على أخر تقدير بل إن ما تقضى به أحكام الشريعة هو أن المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة. ولقد كان من المقرر في ظل القانون المدني الملغي أن تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.
2 - سلطة رئيس محكمة النقض في ضم الأوراق مقصورة على ما تقرره المادة 7 من القانون 57 لسنة 1959 - على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه. ومن ثم فإن ما لم يثبت أنه كان ضمن أوراق هذا الملف لا يجوز الأمر بضمه، وبالتالي فإنه لا يمكن الاستناد إليه أمام محكمة النقض حتى ولو كان قد صدر أمر بضمه وذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
3 - القاعدة الصحيحة الواجبة الاتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه هي - على ما قررته محكمة النقض - أخذاً من المبادئ الشرعية - في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 وجرى عليه قضاؤها - أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء وأن لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين للاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر، وأن لا يكون لحق البقاء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير. وقد صرحت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر بأنها ترفض الأخذ بنظرية "النسبة" التي تقضى بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت وقالت عنها إنه لا أصل لها في الشريعة الإسلامية وأن أجرة الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل. ولقد أخذ التقنين المدني بالقاعدة التي قررتها محكمة النقض وقننها بما نص عليه في المادة 1005 منه ونبذ نظرية النسبة وذلك على ما يبين من الأعمال التحضيرية وإذا كانت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي قد تضمنت عبارات صريحة تفيد الأخذ بهذه النظرية وإسنادها خطأ إلى محكمة النقض فقد نسخ ذلك ما جرى بعدها من تعديلات أدخلتها لجنة الشيوخ على النص الذي كان وارداً في المشروع التمهيدي وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة إلى عدم الأخذ بنظرية النسبة وفات واضعو المشرع بعد إدخال هذا التعديل أن يصححوا على مقتضاه ما تضمنته المذكرة في هذا الخصوص (1).
4 - المحتكر هو المكلف بإثبات الحالة القديمة للأرض المحكرة إن ادعى أنها لم تكن وقت تحكيرها أرضاً فضاء - كما اعتبرتها المحكمة عند تصقيع الحكر بل كانت بركة وأصلحها على نفقته. إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر، وإذا لم يدع المحتكر هذه الدعوى أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز له أن يتحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 27 من يناير سنة 1948 أقام المطعون عليه بصفته ناظراً على وقف المنيكلى الدعوى رقم 2615 سنة 1949 كلي القاهرة ضد الشركة الطاعنة وذكر في بيان هذه الدعوى أن هذه الشركة مستحكرة لأرض مملوكة للوقف المشمول بنظره مساحتها 2220 متراً مربعاً وكائنة بمدينة القاهرة بشارع عماد الدين وقنطرة الدكة وكانت قد حددت أجرة الحكر بمبلغ 270 جنيهاً ابتداء من 22 مارس سنة 1941 وذلك بحكم صدر من محكمة مصر المختلطة بتاريخ 24 فبراير سنة 1947 في الدعوى رقم 2704 سنة 66 ق وأنه لما كانت قيمة الأرض المحكرة قد ارتفعت ارتفاعاً كبيراً منذ أن قدر الخبير الذي ندب في تلك الدعوى قيمتها في سنة 1940 مما يستتبع زيادة أجرة الحكر وبخاصة وأن تقدير هذا الخبير بني على أساس خاطئ هو الاحتفاظ بالنسبة التي كانت بين قيمة الأرض وأجرة الحكر عند ابتداء التحكير، فقد أقام الوقف الدعوى الحالية بطلب زيادة أجرة الحكر إلى 888 جنيهاً وإلزام الشركة المحتكرة بأن تدفع له هذا المبلغ سنوياً ابتداء من أول يناير سنة 1948 بدلاً من 270 جنيهاً السابق تقريره بالحكم الصادر من المحكمة المختلطة - دفعت الشركة الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم المذكور ولأنه لم تمض من تاريخ تقريره الزيادة حتى تاريخ رفع الدعوى الحالية مدة تسمح بزيادة أخرى. وبتاريخ 8 من مايو سنة 1950 حكمت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع وبجواز نظر الدعوى وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء المهندسين بوزارة العدل للانتقال إلى الأرض المحكرة وتقدير أجرة الحكر في أول يناير سنة 1948 وذلك على اعتبار أن هذه الأرض حرة خالية من البناء أو الغراس ولا يلاحظ في التقدير سوى حالة الصقع أي الجهة أو الناحية التي فيها الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو في صقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. وقد باشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى تقدير أجرة الحكر بمبلغ 1998 جنيهاً سنوياً ابتداء من أول يناير سنة 1948 ونوه في تقريره بأن القيمة التي يطالب بها ناظر الوقف وهي 888 جنيهاً تعتبر ضئيلة ولا تتناسب مع قيمة الأرض وهي فضاء. وعلى أثر تقديم هذا التقدير عدل الوقف طلباته وطلب إلزام الشركة المحتكرة (الطاعنة) بأن تدفع له أجرة الحكر بواقع 1998 جنيهاً ابتداء من أول يناير سنة 1948 وطعنت الشركة المذكورة على تقرير الخبير بأنه لم يتبع في تقديره لأجرة الحكر القاعدة الصحيحة الواجب اتباعها ذلك أنه قدر قيمة الأرض في أول يناير سنة 1948 بمبلغ 30 ج للمتر المربع الواحد وقدر أجرة الحكر في هذا التاريخ بواقع 3% من هذه القيمة مع أنه لا توجد قاعدة شرعية تقضى باحتساب الحكر بهذه النسبة المئوية وأضافت الشركة أنه لما كانت قيمة الأرض المحكرة عند ابتداء التحكير في سنة 1900 - 150 قرشاً للمتر الواحد وقد أصبحت قيمة المتر فيها حسب تقدير الخبير 30 جنيهاً فتكون قد زادت عشرين ضعفاً ومن ثم فإنه طبقاً للقاعدة الصحيحة في تصقيع الحكر والتي اتبعتها المحكمة المختلطة في حكها السالف الإشارة إليه - لا يجوز أن تزيد أجرة الحكر بأكثر من هذه النسبة كما أنه وقد حدد المشرع أجور المساكن ومنع زيادتها على حد معين فإنه لا يصح مخالفة هذه التشريعات عند تحديد أجرة الحكر وانتهت الشركة الطاعنة في دفاعها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً بتحديد أجرة الحكر بمبلغ 405 جنيهات أو ندب خبير آخر لإعادة التقدير على أساس النسبة التي كانت قائمة أصلاً بين قيمة الأرض المحكرة وأجرة الحكر وقت إنشائه في سنة 1900 - وبتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1951 حكمت المحكمة الابتدائية في موضوع الدعوى بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للوقف المحكر (المطعون عليه بصفته) مبلغ 1998 جنيهاً أجراً سنوياً للحكر ابتداء من أول يناير سنة 1948 استأنفت الشركة المحتكرة هذا الحكم والحكم القاضي بتعيين الخبير وقيد استئنافها برقم 76 سنة 69 ق القاهرة وتمسكت في الاستئناف بدفاعها السابق. وبتاريخ 2 من مايو سنة 1959 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لثلاثة أرباع المبلغ المحكوم به وبإلغائه ورفض الدعوى بالنسبة للربع الباقي. وبنت قضاءها برفض الدعوى بالنسبة لهذا الربع على أن المستحق له وهو محمد سعيد حليم قد صودرت أمواله باعتباره أحد أفراد أسرة محمد علي. وبتاريخ أول يونيو سنة 1959 طعنت الشركة المحتكرة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8 من يناير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وانتهت فيها إلى طلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل ثانيهما في أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وأسست هذا الدفع على أنه سبق للوقف المحكر أن طلب زيادة أجرة الحكر بالدعوى رقم 2704 سنة 66 ق التي أقامها أمام محكمة مصر المختلطة وقضى له فيها بتاريخ 24 من فبراير سنة 1947 بزيادة هذه الأجرة إلى270 جنيهاً وأنه إذ كان الحكم الصادر في الدعوى المذكورة لا يمكن أن ينسحب أثره إلا إلى تاريخ رفعها الحاصل في 22 مارس سنة 1941 وكان لم يمض على هذا التاريخ عند رفع الدعوى الحالية مدة الثماني السنوات التي توجب المادة 1004 من القانون المدني انقضاءها على آخر تقدير فإن هذه الدعوى تكون غير مقبولة. لكن محكمة الموضوع رفضت هذا الدفع مستندة في رفضه إلى واقعة غير صحيحة ذلك أنه على الرغم مما كان ثابتاً في الأوراق المطروحة عليها وأقر به الوقف في صحيفة دعواه الحالية من أن الدعوى السابقة لم ترفع إلا في 22 من مارس سنة 1941 وأن الحكم الصادر فيها من المحكمة المختلطة جعل مبدأ سريان الزيادة التي قررها من هذا التاريخ فإن المحكمة الابتدائية ذكرت في أسباب حكمها الصادر في 8 مايو سنة 1950 برفض الدفع أنها اطلعت على تقرير الخبير المقدم في الدعوى السابقة والذي قدر أجرة الحكر في سنة 1940 وأنه قد مضي على هذا التاريخ مدة توجب إعادة النظر في تقدير هذه الأجرة وقد انساقت محكمة الاستئناف وراء المحكمة الابتدائية في هذا الخطأ وتوهمت هي الأخرى أن تقدير الخبير في الدعوى السابقة حصل في سنة 1940 وعلى أساس هذا الفهم الخاطئ اعتبرت أن مدة الثماني سنوات التي يتطلبها القانون قد انقضت على ذلك التقدير قبل رفع الدعوى الحالية في 27 يناير سنة 1948 وتقول الطاعنة إنه لو أن محكمة الاستئناف تبينت أن آخر تقدير إنما كان في سنة 1941 وليس في سنة 1940 لما انتهى قضاؤها إلى أحقية الوقف في طلب الزيادة في بالدعوى الحالية وتضيف الطاعنة أنه على الرغم من أنها نبهت محكمة الاستئناف إلى الخطأ الذي وقعت فيه المحكمة الابتدائية في هذا الخصوص فإنها أيضاً وقعت في نفس الخطأ كما أنها لم تعن في حكمها المطعون فيه بالرد على دفاع الطاعنة في هذا الصدد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تشترطه المادة 1004 من القانون المدني لقبول طلب تعديل أجرة الحكر من مضي ثماني سنوات على آخر تقدير هو حكم مستحدث وليس في أحكام الشريعة الإسلامية ولا في القواعد التي قررها الفقه والقضاء قبل صدور هذا القانون ما كان يقيد طلب تصقيع الحكر بموجب مضي مدة معينة على آخر تقدير بل إن ما تقضى به أحكام الشريعة هو أن المحتكر تلزمه الزيادة كلما زادت أجرة المثل زيادة فاحشة (المواد 337 و339 من قانون العدل والإنصاف، 593 من مرشد الحيران) ولقد كان من المقرر في ظل القانون المدني الملغي أن تقدير ما إذا كان التغيير الذي طرأ على أجرة المثل بلغ الحد الذي يبرر طلب الزيادة أو لم يبلغه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر في أسبابه أنه يرى أنه قد مضي على تقدير الخبير لأجرة الحكر في الدعوى السابقة رقم 2704 سنة 66 ق مختلط والمطالبة بإعادة تصقيعه بالدعوى الحالية التي رفعت في سنة 1948 فترة توجب النظر في تعديله لما طرأ من الظروف الاقتصادية في هذه الفترة التي أثرت في قيمة الأراضي وإيجاراتها، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن عدم كفاية المدة التي مضت على آخر تقدير يكون جدلاً في أمر موضوعي مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. أما ما تقوله الطاعنة من أن رأي الحكم في هذا الخصوص قد بني على فهم خاطئ لحقيقة تاريخ تقدير الخبير في الدعوى السابقة إذ توهم الحكم أن هذا التقدير كان عن سنة 1940 بينما الواقع هو أنه كان عن سنة 1941 فإنه لما كان الحكم قد أورد في تقريراته أن "الطاعنة طلبت ندب خبير تكون مهمته وفق الأسس الآتية: أولاً - أن يجد أساساً لتقدير الأرض سنة 1900 التي حددها الخبير أحمد رشدي في تقريره المؤرخ 12/ 9/ 1940. ثانياً - تحديد نسبة زيادة قيمة الأرض سنة 1948 بالنسبة لها في سنة 1940. ثالثاً - تطبيق هذه النسبة عند تحديد زيادة حق الحكر". وقال الحكم في موضع آخر "يلاحظ أنه قد مضى بين تقدير الخبير في سنة 1940 والمطالبة بإعادة التصقيع في سنة 1948 فترة توجب النظر في تعديله" وكانت الطاعنة لم تضمن طعنها نعياً على ما أسنده إليها الحكم في خصوص تحديدها لمأمورية الخبير الذي طلبت ندبه على النحو الذي ذكره الحكم - كما أنها لم تقدم صدوره من محضر الجلسة أو المذكرة التي حددت فيها مأمورية هذا الخبير لتدلل بهما على أن الحكم قد خالف الثابت فيهما في خصوص تعيين تاريخ تقدير الخبير أحمد رشدي المعين في الدعوى السابقة، لما كان ما تقدم، وكان لا يجوز الالتفات إلى الصورة الرسمية لتقرير هذا الخبير المقدمة من الطاعنة إلى محكمة النقض لما هو ثابت من البيانات المدونة على هذه الصورة من أنها مستخرجة في 31 من مايو سنة 1959 أي بعد تاريخ صدور الحكم المطعون فيه مما يقطع بأنها لم تكن معروضة على محكمة الاستئناف كما لا يجوز أيضاً الالتفات إلى ما تتضمنه أوراق الدعوى رقم 2704 سنة 66 ق مختلط المضمومة إلى ملف الطعن وذلك لخلو هذه الأوراق مما يفيد أنها كانت معروضة على محكمة الموضوع ولأن الطاعنة من جانبها تقدم دليلاً على ذلك ولا يغير من هذا صدور أمر من رئيس هذه المحكمة بضم ملف الدعوى المذكورة بناء على الطلب الذي تقدم به محامي الطاعنة لسيادته بتاريخ 2 من مايو سنة 1959 ذلك أن سلطة رئيس المحكمة في ضم الأوراق مقصورة على ما تقرره المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 الذي يحكم هذه المسألة - على ضم ملف القضية الصادر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن ما لا يثبت أنه كان ضمن أوراق هذا الملف لا يجوز الأمر بضمه وبالتالي فلا يكون للطاعنة أن تستند إليه أمام محكمة النقض حتى ولو كان قد صدر أمر بضمه وذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل التحدي أمام محكمة النقض بمستند لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع - لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأنه خالف الثابت في الأوراق في خصوص تحديده تاريخ التقدير السابق لأجرة الحكر لا يكون له من سند. كذلك فإن ما تقوله الطاعنة من أنها لفتت نظر محكمة الاستئناف إلى الخطأ الذي وقع فيه الحكم الابتدائي في شأن تحديد ذلك التاريخ وأن الحكم المطلوب فيه أغفل الرد على دفاعها في هذا الصدد هذا القول عار عن الدليل إذ أن الحكم خلا مما يفيد تمسكها بهذا الدفاع ولم تقدم هي إلى محكمة النقض دليلاً على هذا التمسك.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم لم يتبع حكم القانون في تصقيع الحكر إذ أن القاعدة التي كانت مقررة قبل صدور القانون المدني القائم وقننها هذا القانون في المادتين 1004، 1005 منه تقضى بأن يجب أولاً تقدير قيمة الأرض وقت التحكير ويستلزم هذا معرفة ما كانت عليه حالة الأرض في ذلك الوقت فربما كانت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلاً أو أنقاضاً متهدمة فردمها المحتكر أو أزال التل والأنقاض على نفقته حتى أصبحت صالحة للبناء أو الغراس فمثل هذه الأرض يجب عند تقدير أجرتها أن تقدر قيمتها باعتبار ما كانت عليه حالتها قبل أن يصلحها المحتكر ومتى قدرت قيمة الأرض عند ابتداء التحكير نسبت إليها أجرة الحكر التي اتفق عليها وقتئذ إعمال وتعين هذه النسبة عند تصقيع الحكر، وقد خالفت المحكمة الابتدائية في حكمها القاضي بتعيين الخبير هذه القاعدة وطلبت من الخبير تقدير أجرة الحكر على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء أو الغراس وعلى أن لا يلاحظ في تقديره سوى حالة الصقع ورغبات الناس فيها. وأنساق الحكم المطعون فيه وراء المحكمة الابتدائية في هذا الخطأ فلم يهتم بمعرفة قيمة العقار وقت إنشاء الحكر أو النسبة التي كانت قائمة أصلاً بين قيمة هذا العقار وبين أجرة الحكر في ذلك الوقت حتى يحتفظ بهذه النسبة عند تصقيع الحكر وهو ما يقتضيه تطبيق القانون على وجهه الصحيح حسبما قررته محكمة النقض في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 وأفصحت عند المذكرة الإيضاحية للقانون المدني القائم كما أن الحكم أغفل الرد على ما تمسكت به الطاعنة من وجوب مراعاة هذه النسبة وعلى ما طلبته من ندب خبير آخر لتقدير أجرة الحكر على الأساس الصحيح الذي تمسكت به، ولم يبين الحكم العناصر الواقعية التي اعتمد عليها في تقدير أجرة الحكر على النحو الذي انتهي إليه واكتفي بالإحالة إلى تقرير الخبير مع أن هذا الخبير علاوة على أنه لم يعن ببحث ما كانت عليه حالة الأرض المحكرة وقت التحكير والنسبة بين قيمة هذه الأرض وأجرة الحكر وقتئذ فإنه أيضاً أغفل التحري عن أجرة مثل العقار المحكر بالرجوع إلى العقارات المجاورة والمماثلة له في الصقع ولم يبين القيمة التي قدرها لما أحدثه المحتكر من تحسين في ذات الأرض في صقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه على هذه الأرض مكتفياً بوصفها وتقدير قيمتها وقت التصقيع ثم تحديد نسبة تحكمية كفائدة قدرها 3% من قيمة الأرض وصفها بأنها تمثل أجرة الحكر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القاعدة الصحيحة الواجبة الاتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب تصقيعه هي - على ما قررته هذه المحكمة - أخذاً من المبادئ الشرعية في حكمها الصادر في 14 من يونيو سنة 1934 في الطعن رقم 94 سنة 3 ق وجرى عليه قضاؤها أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض المحكرة حرة خالية من البناء وأن لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر وأن لا يكون لحق البناء والقرار الذي للمحتكر تأثير في التقدير - وقد صرحت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر بأنها ترفض الأخذ بنظرية "النسبة" التي تقضى بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت وقالت عنها إنه لا أصل لها في الشرعية الإسلامية وأن أجرة الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل - ولقد أخذ التقنين المدني بالقاعدة التي قررتها محكمة النقض وقننها بما نص عليه في المادة 1005 من أن "يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها بغض النظر عما يوجد فيه من بناء أو غراس ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار" ومن ثم يكون غير صحيح ما تسنده الطاعنة إلى حكم النقض سالف الذكر من أنه أخذ بنظرية "النسبة" التي تعيب على الحكم المطعون فيه عدم إعماله لها. كما أنه غير صحيح أيضاً ما تقوله من أن القانون المدني الجديد قصد إلى الأخذ بهذه النظرية ذلك أنه يبين من الأعمال التحضيرية أن المشرع قد نبذ هذه النظرية بعد أن تبين فسادها عند مناقشة المشروع أمام لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وإذ كانت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي قد تضمنت عبارات صريحة تفيد الأخذ بهذه النظرية وإسنادها خطأ إلى محكمة النقض قد نسخ ذلك ما جرى بعدها من تعديلات أدخلتها لجنة الشيوخ على النص الذي كان واردا في المشروع التمهيدي وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة إلى عدم الأخذ بتلك النظرية وفات واضعو المشروع بعد إدخال هذا التعديل أن يصححوا على مقتضاه ما تضمنته المذكرة في هذا الخصوص، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثارته الطاعنة من اعتراضات على الأسس التي رسمتها المحكمة الابتدائية للخبير في حكمها القاضي بتعيينه وعلى اعتراضاتها على تقرير الخبير - رد على ذلك بقوله "وحيث إن تقدير أجرة الحكر لا يعتبر فيه بحق القرار والبقاء الذي للمحتكر فإن هذا الحق هو مقابل أجرة الأرض المحكرة وصاحبه لا يحصل عليه إلا بهذا المقابل فلا يمكن أن يكون لهذا الحق أثر في تقدير المقابل له ومن ثم يكون المحتكر ملزماً دائماً ولا بد بأجرة المثل كاملة غير منقوصة... وحيث إن أجرة الحكر التي قدرها الخبير بصرف النظر عن النسبة المئوية التي جعلها أساساً لتقديره مناسبة ويبرر زيادتها عن التقدير السابق الظروف الاقتصادية التي مرت بالبلاد بعد التقدير السابق في سنة 1940 وما طرأ على قيمة أراضي البناء من ارتفاع في أثمانها ولأن المنطقة التي تقع فيها أرض النزاع ذات صقع سكنى وتجاري جيد جداً فشارع عماد الدين هو الشارع الرئيسي لدور السينما والملاهي وهو في وسط الحي التجاري ويقرب من معظم الفنادق الكبرى وإدارات الشركات التجارية والصناعية مما يجعل رغبات الناس شديدة في امتلاك أي أرض فضاء بها. وحيث إن تقدير أجرة الحكر - على أصح الآراء - يكون: أولاً - على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء. ثانياً - لا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع أي الجهة أو الناحية التي فيها الأرض المحكورة ورغبات الناس فيها وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر. وهذا ما قضت به على حق محكمة أول درجة وما جعله الخبير أساساً لتقدير أجرة الحكر" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه - على خلاف ما تزعم الطاعنة - قد بين العناصر الواقعية التي روعيت فعلاً في التقدير وهي عناصر صحيحة تتفق مع القواعد السابق بيانها والتي قررتها محكمة النقض من قبل صدور القانون المدني القائم وقننها هذا القانون - ومتى كان الحكم قد طبق القاعدة القانونية الصحيحة فإنه لم يكون عليه أن يرد استقلالاً على نظرية "النسبة" التي طلبت الطاعنة إعمالها إذ أن في أخذه بالقاعدة التي طبقها ما يفيد إطراحه ما يخالفها. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يأخذ بالنسبة المئوية التي اعتبرها الخبير ممثلة لأجرة الحكر بالنسبة لقيمة الأرض المحكرة على اعتبار أنها قاعدة عامة واجبة الاتباع في تصقيع الحكر وإنما اعتبر - في حدود سلطة المحكمة التقديرية - أن المبلغ الذي انتهى إليه الخبير في تقريره وقدره 1998 جنيهاً ممثلاً لأجرة المثل للأرض المحكرة باعتبارها أرضاً فضاء ودون تأثر بما عسى أن يكوم قد أحدثه المحتكر من تحسين بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه - لما كان ذلك، وكان ما تقوله الطاعنة من أن الحكم لم يعن ببحث ما كانت عليه حالة الأرض المحكرة عند ابتداء التحكير وذلك لاحتمال أن تكون هذه الأرض في ذلك الوقت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلاً أو أنقاضاً متهدمة وأصلحها المحتكر على نفقته فيتعين حينئذ تقدير أجرتها باعتبار ما كانت عليه حالتها قبل الإصلاح - هذا الذي تقوله الطاعنة مردود بأن المحتكر هو المكلف بإثبات الحالة القديمة للأرض إن ادعى أنها لم تكن عند تحكيرها أرضاً فضاء كما اعتبرتها المحكمة عند التصقيع إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر. وإذ كانت الطاعنة لم تقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك بل إنها لم تدع هذه الدعوى أصلاً أمام تلك المحكمة فإنه لا يجوز لها أن تتحدى بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع - لما كان ما تقدم كله، وكان الحكم الابتدائي قد رد في أسبابه التي أحال إليها الحكم المطعون فيه على ما طلبته الطاعنة من ندب خبير آخر لإجراء التقدير من جديد على الأسس التي تمسكت بها بأن المحكمة لا ترى محلاً لإجابة هذا الطلب بعد أن ثبت لديها سلامة الأسس التي بني عليه الخبير تقديره - وكان في هذا الذي قرره الحكم ما يسوغ رفض ذلك الطلب فإن النعي بهذا السبب يكون في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 14/ 6/ 1934 الطعن 94 س 3 ق، 11/ 4/ 1946 الطعن 61 س 15 ق مجموعة 25 سنة جزء 1 ص 528.