الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 13 أغسطس 2022

الطعن 163 لسنة 25 ق جلسة 26 / 1 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 5 ص 60

جلسة 26 من يناير سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

--------------

(5)
الطعن رقم 163 لسنة 25 القضائية

(أ) بورصة. قطن. عقد "تفسيره".
مثال لحكم مسخ نصاً في عقد بيع أقطان تحت القطع وانحراف في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعباراته، إذ فسره على أنه يفيد وجوب إجراء المحاسبة على سعر إقفال بورصة العقود يوم 31/ 1/ 1952 ولو كان سعر الإقفال في اليوم المذكور اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة. مع أنه ليس في العقد ما يفيد هذا المعنى الذي ذهب إليه الحكم. ما ورد بالنص من أن تكون المحاسبة على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً. صريح في الدلالة على أن المقصود به تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات العمل في اليوم الذي يقطع فيه هذا السعر.
(ب) بورصة. قطن. عقد "تفسيره". حكم "عيوب التدليل". "المسخ - الخطأ في الإسناد" "ما يعد كذلك".
مثال لحكم مسخ نصاً في عقد بيع أقطان تحت القطع مسخاً ترتب عليه أنه أهدار إعمال حكمه بغير موجب كما شابه خطأ في الإسناد...
تقرير الحكم عدم جواز تمسك المشتري (الطاعنة) بما ورد في هذا النص من إعفائها من المسئولية في حالة ما إذا لم يتسير لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه لعدم وجود مشتر بالأسعار الاسمية المحددة - استناداً إلى القول بأن عدم مسئوليتها حسبما جاء في هذا النص مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل.
المسخ:
تخويل العقد المشتري الحق في قطع السعر نيابة عن البائع في اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع لطلب القطع فيه. يستوي أن يستعمل البائع حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه المشتري بتفويض سابق معطى له في العقد. إعفاء المشتري من المسئولية المقرر في النص يسري في الحالتين. هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود بيع الأقطان تحت القطع أقره المشرع بالقانون 131/ 1939 المعدل بالقانون 184/ 1959.
خطأ الإسناد:
ماثل في قول الحكم إنه لم يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل 31/ 1/ 1952 مع أن الثابت بنشرة البورصة التي أشار إليها الحكم أن سعر فبراير 95.10 هو (حد أدنى بائع). هذه العبارة تفيد بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه وعدم وجود مشتر بهذا السعر. تدخل الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر به قرار وزير المالية رقم 7/ 1952 في 16/ 1/ 1952. الحد الأدنى لاستحقاق فبراير متوسط التيلة 95.10 استمرار السعر عند هذا الحد إلى ما بعد 31/ 1/ 1952. لم يلغ إلا بالقرار 16/ 1952 في 17/ 2/ 1952.
(ج) بورصة. قطن.
للمشتري في عقود بيع الأقطان تحت القطع خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل. إذا كانت التغطية تجري في خصوص النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة العقود في اليوم الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان. تعذر القيام بها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد لعدم وجود مشتر يقبل الشراء بهذه الأسعار.

----------------
1 - إذا كان قد ورد في عقد البيع تحت القطع المبرم بين الطرفين ما يأتي "تم هذا البيع بحسب الأسعار الموضحة أعلاه قرين كل رتبة من رتب القطن وعلى حسب كونتراتات شهر فبراير سنة 1952 وللبائع الحق في قطع السعر ابتداءً من يوم التسلم لغاية يوم 31 من يناير سنة 1952 وعليه إخطار المشتري تلغرافياً عن اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر شرطاً أن التلغراف يصله الساعة التاسعة صباحاً على الأكثر في اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر والمحاسبة تكون على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً بعد الظهر... وإذا لم يطلب البائع قطع السعر أو النقل لغاية التاريخ المذكور (31 من يناير سنة 1952) سيكون للمشتري الحق في قطع سعر القطن في اليوم المذكور 31 من يناير سنة 1952 وإذا كان هذا اليوم يوم عطلة رسمية للبورصة فالمحاسبة تكون على أول يوم تفتح فيه البورصة بعد العطلة الرسمية"، وكان الحكم المطعون فيه قد فسر نص ها البند من العقد على أنه يفيد وجوب إجراء المحاسبة بينهما على سعر إقفال بورصة العقود في يوم 31 من يناير سنة 1952 - وهو نهاية الأجل المضروب للبائع لطلب قطع السعر فيه - ولو كان سعر الإقفال في اليوم المذكور سعراً اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة، فإنه يكون قد مسخ هذا النص وانحرف في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعباراته - ذلك أن ما أورد في هذا النص من أن تكون المحاسبة على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً صريح في الدلالة على أن المقصود به تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات العمل في اليوم الذي يقطع فيه هذا السعر وذلك حتى لا يثور خلاف على الوقت الذي جرت فيه عملية القطع لأن الأسعار في البورصة عرضة للتقلبات من ساعة لأخرى ولا تستقر على حال في اليوم الواحد وليس في النص المشار إليه ما يفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم من وجوب المحاسبة على سعر 31 من يناير سنة 1952 حتى لو استحال على المشتري قطع السعر في هذا اليوم بسبب عدم وجود مشتر بالسعر الاسمي المحدد.
2 - إذا كان قد نص في عقد البيع تحت القطع المبرم بين الطرفين على أنه "إذا رغب البائع قطع سعر قطنه أو جزء منه وتصادف أن الحكومة عينت الأسعار أو حددت تقلباتها لأي سبب كان فالمشتري لا يكون مسئولاً في تلك الحالة إذا لم يتيسر له قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة وعلى ذلك تكون التعليمات المعطاة سارية المفعول من جلسة إلى أخرى حتى يتم القطع بدون أي إلزام على المشتري، وعلى المشتري إعلان البائع بما يقطعه أولاً بأول إلى أن يتيسر له تغطية الكمية المذكورة في بورصة الكونتراتات في أي وقت كان وعمل الحساب النهائي بدون أية معارضة من البائع"، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرر بعدم جواز تمسك المشتري - الطاعنة - بما ورد في هذا النص من إعفائها من المسئولية في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه لعدم وجود مشتر بالأسعار الاسمية المحددة - استند إلى القول بأن عدم مسئوليتها حسبما جاء في هذا النص مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل، فإنه يكون قد مسخ هذا النص مسخاً ترتب عليه أنه أهدر إعمال حكمه بغير موجب كما شابه خطأ في الإسناد - ذلك أن العقد خوّل المشتري - الطاعنة - الحق في قطع السعر نيابة عن البائع - المطعون ضده - في اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع لطلب القطع فيه إذا ما تخلف عن طلبه قبل حلول هذا اليوم ويستوي أن يستعمل البائع حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه المشتري بتفويض سابق معطى له في العقد ومن ثم فإن إعفاء الطاعنة من المسئولية إذا لم يتيسر لها قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة يسري في الحالتين، والنص في العقد على هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود بيع الأقطان تحت القطع ذلك العرف الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 1939 الذي عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959 - أما عن الخطأ في الإسناد فماثل في قول الحكم بأنه لم يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل يوم 31 من يناير سنة 1952 ذلك أنه ثابت بنشره البورصة المؤرخة 31 من يناير سنة 1952 التي كانت تحت نظر محكمة الاستئناف وأشار إليها الحكم المطعون فيه أن سعر فبراير وهو 10 و95 ريالاً هو (حد أدنى بائع) - وهذه العبارة تفيد بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه وعدم وجود مشتر بهذا السعر كما أن تدخل الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر به قرار وزير المالية رقم 7 لسنة 1952 في 16 من يناير سنة 1952 بتعيين حد أدنى لأسعار عقود القطن ببورصة العقود وقد حدد هذا القرار الحد الأدنى لاستحقاق فبراير متوسط التيلة بـ 10 و95 ريالاً واستمر السعر عند هذا الحد إلى ما بعد يوم 31 من يناير سنة 1952 ولم يلغ الحد الأدنى إلا بالقرار الوزاري رقم 16 لسنة 1952 الصادر في 17 من فبراير سنة 1952.
3 - العرف التجاري السائد في شأن عقود بيع الأقطان تحت القطع الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 39 الذي عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959 - مقتضاه أن يكون للمشتري في تلك العقود خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل وذلك تأميناً للمشتري من مخاطر تقلبات الأسعار خلال الأجل الممنوح للبائع لقطع السعر فيه. فإذا كانت التغطية تجرى في خصوص هذا النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة العقود في اليوم الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان فإنه يتعذر إجراؤها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد وذلك لعدم وجود مشتر يقبل الشراء بهذه الأسعار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1961 سنة 1952 مدني كلي الإسكندرية على المطعون عليه طالبة الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً والفوائد بواقع 7% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكرت الطاعنة في بيان هذه الدعوى أنه بموجب عقدي بيع تحت القطع محررين في 6 من سبتمبر سنة 1951، 30 من ديسمبر سنة 1951 باع لها المطعون عليه 254 قنطار، 38 رطلاً من القطن الأشموني الزهر محصول عام 51/ 1952 وقد تم قطع 50 قنطاراً من هذه الكمية بناءً على طلبه بأسعار لا خلاف عليها أما باقي الكمية وقدره 204 قنطاراً، 38 رطلاً فقد اتفق على تحديد سعره على أساس عقود شهر فبراير سنة 1952 وخول البائع حق قطع السعر حتى يوم 31 من يناير سنة 1952 فإذا لم يطلب القطع حتى هذا التاريخ حق للشركة المشترية (الطاعنة) قطع السعر في اليوم المذكور على أساس سعر إقفال الساعة الواحدة بعد الظهر، ولما حل يوم 31 من يناير سنة 1952 وهو نهاية الأجل المضروب للمطعون عليه لقطع سعر أقطانه ولم يكن قد أخطر الطاعنة بطلبه قطع السعر وأرادت الطاعنة إعمالاً لنص العقد أن تقطع سعر الكمية الباقية من أقطانه في بورصة العقود في ذلك اليوم استحال عليها إجراء عملية القطع بسبب تحديد الأسعار بمعرفة الحكومة ووصول عقد فبراير إلى 10، 95 ريالاً وهو الحد الأدنى الذي كانت قد حددته الحكومة والذي لم يجر به تعامل لعدم وجود مشتر بهذا السعر واضطرت الطاعنة أن ترجئ القطع إلى الوقت الذي يحصل فيه تعامل بالبورصة وذلك إعمالاً منها لنص البند الثالث من العقد واستمرت الحال على هذا الاضطراب وتحديد الأسعار بحد أدنى بائع حتى يوم 17 من فبراير سنة 1952 حين أصدر وزارة المالية قراره رقم 17 بتحديد الاستحقاقات الجائز التعامل عليها في بورصة العقود وبمنع إجراء أية عملية من عمليات البيع على استحقاقات فبراير وإبريل للقطن المتوسط التيلة كما قررت لجنة بورصة مينا البصل بمنشورها رقم 27 الصادر في 5 من مارس سنة 1952 تنفيذاً للقرار الوزاري سالف الذكر مد كافة عمليات القطع من هذين الشهرين إلى شهر يونيه بدون غرامة أو خصم على أن يحصل القطع في أول يوم يجرى فيه تعامل بالبورصة على أساس عقود هذا الشهر، وقد قامت الطاعنة بإخطار المطعون عليه بأنها ستقطع أقطانه على عقود يونيه في أول يوم يجرى فيه تعامل ببورصة العقود وقطعتها فعلاً في 24 من أبريل سنة 1952 بسعر إقفال الساعة الواحدة في هذا اليوم وقدره 67 و67 ريالاً وأخطرته بذلك في 25 من الشهر المذكور وعند تصفية حساباته على هذا الأساس بعد احتساب ما كان قد قبضه من مبالغ تبين مديونيته للطاعنة بمبلغ 666 جنيهاً و996 مليماً ولما أصدرت لجنة بورصة مينا البصل قرارها المؤرخ 14 من مايو سنة 1952 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المؤرخ 17 من مارس سنة 1952 بتحديد سعر 72 ريالاً لعقود يونيه وخصم المصاريف الفعلية بواقع ريالين عن كل قنطار أعادت الطاعنة تصفية الحساب على أساس سعر 70 ريالاً للقنطار فتبين أن جملة المستحق لها في ذمته هو مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً الذي رفعت به الدعوى الابتدائية، وقد طلب المطعون عليه رفض هذه الدعوى وتمسك بوجوب إجراء المحاسبة على أساس السعر الرسمي في يوم 31 من يناير سنة 1952 الذي ظهر في نشرة البورصة وقدره 95.10 ريالاً للقنطار قائلاً إن الطاعنة تلتزم بهذا السعر طبقاً لنص العقد وأنه لو أجرى الحساب على أساس السعر المذكور لكان رصيده لدى الشركة دائناً بمبلغ 517 جنيهاً و960 مليماً وقد وجه دعوى فرعية إلى الشركة الطاعنة يطالبها فيها بهذا المبلغ ثم عدل طلباته في مذكرته الختامية إلى طلب الحكم له في دعواه الفرعية بمبلغ 458 جنيهاً و500 مليم مع الفوائد والمصاريف - وقد أخذت المحكمة الابتدائية بوجهة نظر الشركة الطاعنة وقضت بتاريخ 31 من مارس سنة 1954 حضورياَ - أولاً - في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغ 571 جنيهاً و756 مليماً والفوائد بواقع 7% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10/ 8/ 1952 حتى تمام الوفاء وإلزامه بالمصاريف ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - ثانياً - في الدعوى الفرعية برفضها وإلزام رافعها بمصاريفها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 283 سنة 10 ق الإسكندرية متمسكاً بدفاعه السابق، وبتاريخ 13 من فبراير سنة 1955 قضت محكمة استئناف الإسكندرية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بالنسبة للدعوى الأصلية المرفوعة من الشركة المستأنف عليها بإلغاء الحكم المستأنف وبرفضها وإلزام رافعتها بالمصروفات عن الدرجتين وبالنسبة للدعوى الفرعية المرفوعة من المستأنف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام شركة إسكندرية للأقطان المستأنف عليها بأن تدفع للمستأنف مبلغ 458 جنيهاً و500 مليم والمصروفات ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد قررت الشركة الطاعنة بالطعن بالنقض في هذا الحكم بتاريخ 10 من إبريل سنة 1955 وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 5 من أكتوبر سنة 1960 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة أول ديسمبر سنة 1960 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف الذكر.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أولاً مسخ عقدي البيع تحت القطع المبرمين بينها وبين المطعون عليه وخرج في تفسيره لهما عن قصد المتعاقدين منهما وذلك من ناحيتين - الأولى - أنه خالف في تفسيره للبند الثاني من العقدين المعنى الظاهر لعبارته، وذلك فيما قرره من أن نص هذا البند يوجب إجراء المحاسبة بين الطرفين على أساس السعر الرسمي لإقفال يوم 31 من يناير سنة 1952 وهو اليوم الذي اتفق على أن يكون نهاية الميعاد المحدد لقطع السعر فيه ولو ثبت استحالة القطع بذلك السعر الرسمي لكونه سعراً اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة وتعذر بالتالي على الطاعنة إجراء علمية تغطية في هذا اليوم وتقول الطاعنة إن نص البند المذكور لا يفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم وأن ما نص فيه من أن تجرى المحاسبة على قفل بورصة العقود الساعة الواحدة إنما قصد به تعيين الوقت الذي يعتمد من بين ساعات العمل في اليوم الذي يتم القطع فيه في حالة إمكان حصوله - الثانية - إن الحكم قد خالف ظاهر مدلول البند الثالث من العقدين وذلك فيما قرره من أنه لا يجوز للطاعنة التمسك بما يقضى به نص هذا البند من عدم مسئوليتها في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم المحدد لقطعه بسبب عدم وجود مشتر بالسعر المحدد من الحكومة ومن تخويل الطاعنة في هذه الحالة الحق في إرجاء قطع السعر إلى أول يوم يجرى فيه تعامل بالبورصة وذلك استناداً من الحكم إلى أن نص البند المذكور لا يعمل به إلا في حالة ما إذا طلب البائع قطع سعر قطنه فإذا هو لم يطلب حتى نهاية الأجل المحدد للقطع وأرادت الطاعنة أن تقطع على حسابه طبقاً لما يخوله لها نص البند الثاني من بنود العقد فإنها لا تستفيد من نص البند الثالث وتلتزم بالسعر الرسمي في اليوم المتفق على أنه نهاية الأجل المحدد للقطع حتى ولو عجزت عن القطع في هذا اليوم لعدم وجود مشتر بهذا السعر الاسمي، وتقول الطاعنة إنه لا محل للتفرقة التي قال بها الحكم بين ما إذا كان قطع السعر بناء على طلب المطعون عليه في الأجل المشروط لذلك في العقد وبين ما إذا كان القطع بمعرفتها في نهاية الأجل لتخلف البائع عن طلبه لأنها في الحالة الأخيرة إنما تستعمل حقه عند تراخيه في استعماله وقد خول لها في العقد استعمال هذا الحق عنه ويؤكد هذا النظر أن البائع - على ما تفيد البرقية المرسلة منه إلى الطاعنة في 26 إبريل سنة 1952 - لم يتمسك بالسعر الرسمي في يوم أول يناير سنة 1952 وهو 10 و95 ريالاً وإنما طلب محاسبته على أساس 80 ريالاً بدعوى أنه السعر الذي حددته الحكومة لتصفية ما لم يقطع من الأقطان. ثانياً - أن الحكم المطعون فيه قد شابه بطلان في الإسناد ذلك أنه استند في عدم إعماله لحكم البند الثالث من العقد الذي يعفي الطاعنة من مسئولية عدم القطع عند تحديد الأسعار بمعرفة الحكومة إلى أنه لم يثبت أن الحكومة تدخلت في السعر قبل يوم 31 يناير سنة 1952 - حالة أن الثابت أن الطاعنة تقدمت بحافظة مستنداتها المودعة بملف الدعوى الابتدائية الذي كان مضموماً للاستئناف بعديد من نشرات البورصة تدل كلها على أن الأسعار الموضحة بها كانت "حد أدنى بائع" مما يفيد تحديد الأسعار كما هو مفهوم هذه العبارة، هذا فضلاً عما أشير إليه في هذه النشرات من النسب المئوية المسموح بها لنزول الأسعار طبقاً لتعليمات الحكومة.
وحيث إنه ورد بالبند الثاني من عقدي البيع تحت القطع المبرمين بين الطرفين ما يأتي "تم هذا البيع بحسب الأسعار الموضحة أعلاه قرين كل رتبة من رتب القطن وعلى حسب كونتراتات شهر فبراير سنة 1952 وللبائع الحق في قطع السعر ابتداءً من يوم التسليم لغاية يوم 31 يناير سنة 1952 وعليه إخطار المشتري تلغرافياً عن اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر شرطاً أن التلغراف يصله الساعة التاسعة صباحاً على الأكثر في اليوم الذي يرغب فيه قطع السعر والمحاسبة تكون على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً بعد الظهر... وإذا لم يطلب البائع قطع السعر أو النقل لغاية التاريخ المذكور (31 يناير سنة 1952) سيكون للمشتري الحق في قطع سعر القطن في اليوم المذكور 31 يناير سنة 1952، وإذا كان هذا اليوم يوم عطلة رسمية للبورصة فالمحاسبة تكون على أول يوم تفتح فيه البورصة بعد العطلة الرسمية" وورد في البند الثالث ما يلي "إذا رغب البائع قطع سعر قطنه أو جزء منه وتصادف أن الحكومة عينت الأسعار أو حددت تقلباتها لأي سبب كان فالمشتري لا يكون مسئولاً في تلك الحالة إذا لم يتيسر له قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة وعلى ذلك تكون التعليمات المعطاة سارية المفعول من جلسة إلى أخرى حتى يتم القطع بدون أي إلزام على المشتري، وعلى المشتري إعلان البائع بما يقطعه أولاً بأول إلى أن يتيسر له تغطية الكمية المذكورة في بورصة الكونتراتات في أي وقت كان وعمل الحساب النهائي بدون أية معارضة من البائع" وقد قال الحكم المطعون فيه إذ عرض لتفسير نصوص هذين البندين قال "وحيث إن عقدي البيع صريحان في أن البيع قد تم بين الطرفين فعلاً وكل ما هناك أنهما اتفقا على تحديد الثمن مستقبلاً حسب رغبة البائع في قطع السعر ابتداءً من يوم التسليم لغاية 31 يناير سنة 1952 وما دام أن البائع لم يستعمل حقه وانتظر حتى تاريخ القطع المتفق عليه وجب حتماً قطع السعر في ذلك التاريخ وهو 31 يناير سنة 1952 أما قول الشركة بأنها لم تجد مشترياً في اليوم المذكور وأن التعامل في البورصة قد أوقف بعد ذلك إلى أن صدر القرار الوزاري في 17 فبراير سنة 1952بالنقل إلى شهر يونيه، فمردود بأن البيع قد تم فعلاً بصريح نص العقدين وأنهما اتفقا على أن تكون المحاسبة على الثمن على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية في يوم 31 يناير سنة 1952 إن لم يبد البائع رغبته في قطع السعر قبل ذلك اليوم وقد ثبت من المستندات المقدمة من الطرفين أن السعر الرسمي لبيع الأقطان في ذلك التاريخ هو 95.10 ريالاً للقطن متوسط التيلة وهو سعر العقود في فبراير سنة 1952 كما ثبت ذلك من النشرة المقدمة المؤرخة 31 يناير سنة 1952 - وحيث إنه لا يجدي المستأنف ضدها أن تتمسك بالبند الثالث من عقدي البيع وبالقرار الوزاري رقم 17 لسنة 1952 إذ أن عدم مسئولية الشركة حسبما جاء بالبند الثالث المشار إليه مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهو ما لم يحصل في النزاع الحالي فلم يثبت أن البائع طلب قطع السعر قبل يوم 31 يناير سنة 1952 أو أن الحكومة تدخلت في السعر قبل التاريخ المذكور، أما القرار الوزاري سالف الذكر فإنه صدر بعد ذلك في 17 فبراير سنة 1952 وقد نص فيه على أن يعمل به من تاريخ نشره أي أنه ليس له أثر رجعي على العمليات التي تمت قبل ذلك التاريخ".
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ فسر نص البند الثاني من عقدي البيع المبرمين بين الطرفين على أنه يفيد وجوب إجراء المحاسبة بينهما على سعر إقفال بورصة العقود في يوم 31 يناير سنة 1952 - وهو نهاية الأجل المضروب للبائع لطلب قطع السعر فيه - ولو كان سعر الإقفال في اليوم المذكور سعراً اسمياً لم تجر به معاملات في البورصة يكون قد مسخ هذا النص وانحرف في تفسيره له عن المعنى الظاهر لعبارته ذلك أن ما ورد في هذا النص من أن تكون المحاسبة على قفل بورصة كونتراتات الإسكندرية الساعة الواحدة تماماً صريح في الدلالة على أن المقصود به تعيين الوقت الذي يعتمد لتحديد السعر من بين ساعات العمل في اليوم الذي يقطع فيه هذا السعر وذلك حتى لا يثور خلاف على الوقت الذي جرت فيه عملية القطع لأن الأسعار في البورصة عرضة للتقلبات من ساعة لأخرى ولا تستقر على حال في اليوم الواحد وليس في النص المشار إليه ما يفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم من وجوب إجراء المحاسبة على سعر 31 يناير سنة 1952 حتى لو استحال على المشتري قطع السعر في هذا اليوم بسبب عدم وجود مشتر بالسعر الاسمي المحدد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قرر بعدم جواز تمسك الطاعنة بما ورد في العقد في بنده الثالث من إعفائها من المسئولية في حالة ما إذا لم يتيسر لها قطع السعر في اليوم المتفق على قطعه فيه لعدم وجود مشتر بالأسعار الاسمية المحددة استناداً إلى القول بأن عدم مسئوليتها حسبما جاء في هذا البند مشروط بإظهار البائع رغبته في قطع سعر قطنه وهو لم يظهرها وبتدخل الحكومة بتعيين الأسعار أو تحديد تقلباتها وهي لم تتدخل، إذ قرر الحكم ذلك فإنه يكون قد مسخ هذا النص مسخاً ترتب عليه أنه أهدر إعمال حكمه بغير موجب كما شابه خطأ في الإسناد ذلك أن العقد خول المشتري - الطاعنة - الحق في قطع السعر نيابة عن البائع - المطعون ضده - في اليوم الأخير من الأجل المحدد لهذا البائع لطلب القطع فيه إذا ما تخلف عن طلبه قبل حلول هذا اليوم ويستوي أن يستعمل البائع حقه في القطع بنفسه أو يستعمله عنه المشتري بتفويض سابق معطى له في العقد ومن ثم فإن إعفاء الطاعنة من المسئولية إذا لم يتيسر لها قطع السعر لعدم وجود مشتر بالأسعار المحددة وهو الإعفاء المقرر في البند الثالث من العقد يسري في الحالتين والنص في العقد على هذا الإعفاء إن هو إلا تطبيق للعرف التجاري السائد في شأن عقود بيع الأقطان تحت القطع ذلك العرف الذي أقره المشرع بالقانون رقم 131 لسنة 1939 الذي عدل أخيراً بالقانون رقم 184 لسنة 1959، ومقتضاه أن يكون للمشتري في تلك العقود خيار التغطية مقابل حق البائع في قطع السعر في زمن آجل وذلك تأميناً للمشتري من مخاطر تقلبات الأسعار خلال الأجل الممنوح للبائع لقطع السعر فيه ولما كانت هذه التغطية تجري في خصوص هذا النزاع بعملية بيع يجريها المشتري في بورصة العقود في اليوم الذي يطلب فيه البائع قطع سعر أقطانه وبما يوازي كمية هذه الأقطان فإنه يتعذر إجراؤها في حالة وصول الأسعار إلى الحد الأدنى المحدد وذلك لعدم وجود مشتر يقبل الشراء بهذه الأسعار - أما عن الخطأ في الإسناد فماثل في قول الحكم بأنه لم يثبت تدخل الحكومة لتحديد الأسعار قبل يوم 31 من يناير سنة 1952 ذلك أنه ثابت بنشرة البورصة المؤرخة 31 من يناير سنة 1952 التي كانت تحت نظر محكمة الاستئناف وأشار إليها الحكم المطعون فيه أن سعر فبراير وهو 10 و95 ريالاً هو حد أدنى بائع وهذه العبارة تفيد بذاتها تحديد حد أدنى لا يجوز نزول الأسعار عنه وعدم وجود مشتر بهذا السعر كما أن تدخل الحكومة في البورصة وتحديدها للأسعار صدر به قرار وزير المالية رقم 7 لسنة 1952 في 16 من يناير سنة 1952 بتعيين حد أدنى لأسعار عقود القطن ببورصة العقود وقد حدد هذا القرار الحد الأدنى لاستحقاق فبراير متوسط التيلة ب 10 و95 ريالاً واستمر السعر عند هذا الحد إلى ما بعد يوم 31 من يناير سنة 952 ولم يبلغ الحد الأدنى إلا بالقرار الوزاري رقم 16 لسنة 952 الصادر في 17 من فبراير سنة 1952.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.

الطعن 58 لسنة 26 ق جلسة 6 / 4 / 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 46 ص 348

جلسة 6 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

--------------

(46)
الطعن رقم 58 لسنة 26 القضائية

(أ) أموال عامة. "صفة المال العام وحصانته".
مجرد تخصيص المال المملوكة للأفراد للمنفعة العامة بالفعل لا يكفي. وجوب اقترانه بانتقال الملكية للحكومة. وضع اليد المدة الطويلة. كفايته.
(ب) حكم. تسبيب الأحكام. قصور "ما لا يعد ذلك".
مثال.

-------------
1 - يعد من الأموال العامة بمجرد التخصيص بالفعل للمنفعة العامة الأموال المملوكة للحكومة أو الهيئات العامة عملاً بالمادتين 9 من القانون المدني الملغى و87 من القانون المدني الجديد. أما الأموال المملوكة للأفراد فلا تكتسب صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة إلا إذا انتقلت ملكيتها إلى الحكومة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها في القانون ومنها وضع اليد المدة الطويلة. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن ملكية الشارع محل النزاع قد انتقلت إلى الحكومة بتخصيصه ابتداءً للمنفعة العامة المدة الطويلة المكسبة للملكية ومن ثم فتسري في شأنه، أحكام الأموال العامة ولا تزول عنه صفة المال العام إلا بقانون أو مرسوم أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص للمنفعة العامة على ما تقضي به المادة 88 من القانون المدني.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين دفاع الطاعنين وأشار إلى المستندات التي يعتمدان عليها في إثبات ملكيتهما للشارع موضوع النزاع قرر أن ما يدعيانه في هذا الخصوص مردود بأن طبيعة الشارع باعتباره من المنافع العامة ثابتة من مرور الترام به منذ عام 1912 إلى الآن نتيجة لاتفاق شركة الترام مع المالكين أصلاً للعقار الذي يقع ضمن الشارع على تسيير خط الترام به وما زال كذلك حتى اليوم وما استتبع ذلك من استطراقه بمعرفة الأهالي ومرور السيارات والعربات به بدون قيد ولا شرط تلك الفترة الطويلة، فإنه لا يكون قد شابه قصور أو انطوى على إغفال وتشويه للمستندات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 4338 سنة 1949 كلي مصر على المطعون عليهم طالباً فيها الحكم بإلزام المطعون عليهما الأولين بصفة مستعجلة بإزالة الأشياء التي وضعاها بالشارع المملوك لهما والمبين بالعريضة خلال أسبوع من تاريخ الحكم وإلا كان من حقهما إزالتها بمصاريف يرجعان بها على المطعون عليهما المذكورين متضامنين مع مصلحة التنظيم. وإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ خمسمائة جنية كتعويض مقابل الأضرار التي أصابتهما من جراء شغل الشارع ومقابل انتفاع المطعون عليهما الأولين به وأسس الطاعنان الدعوى على أنهما يملكان قطعة أرض بجزيرة الزمالك جعلاها شارعاً خصوصياً لأملاكهما وأن المطعون عليهما الأولين وضعا مواد بناء على قطعة من أرض الشارع المذكور استناداً إلى تصريح مصلحة التنظيم لهما بذلك بعد أن دفعا رسوم رخصة إشغال الطريق - دفع المطعون عليهما الأولان بعدم وقوع خطأ من جانبهما لأن إشغالهما الطريق بأدوات البناء تم استناداً إلى ترخيص مصلحة التنظيم ودفعت المصلحة المذكورة بأن الشارع محل النزاع أصبح مخصصاً بالفعل للمنفعة العامة وبات بالتالي من أملاك الدولة العامة بمضي المدة القانونية. وفي 31 من ديسمبر سنة 1951 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 270 سنة 29 ق القاهرة وفي 26 نوفمبر سنة 1955 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف - وفي أول فبراير سنة 1956 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 11 من مايو سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وقدمت النيابة مذكرة صممت فيها على ما جاء بمذكرتها قبل الإحالة من طلب نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على تعييب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في البيان وإغفال وتشويه المستندات من وجوه أربعة: أولها أن الحكم اعتمد في قضائه برفض الدعوى على أن الشارع أصبح من المنافع العامة لمرور الترام به منذ سنة 1912 وما استتبع ذلك من استطراقه بمعرفة الأهالي ومرور السيارات والعربات فيه بدون قيد أو شرط تلك الفترة الطويلة ووجه الخطأ في ذلك على ما يقول الطاعنان إن أرض الشارع من أملاكهما الخاصة ولم تتبع الحكومة في شأنهما الإجراءات الخاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة ومن ثم تبقى ملكهما وأنه يشترط لاعتبار أرض ما من الملاك العامة بمجرد تخصيصها للمنفعة العامة أن تكون من أملاك الدولة على ما هو ظاهر من نص المادة التاسعة من القانون المدني الملغى والمادة 87 من القانون المدني الجديد. أما أملاك الأفراد فلا يلحقها وصف الأملاك العامة إلا إذا اتخذت في شانها إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة. وثانيها أن ما أورده الحكم المطعون فيه من أن طبيعة الطريق موضوع النزاع باعتباره من المنافع العامة ثابتة من مرور الترام به من سنة 1912 إلى الآن نتيجة اتفاق شركة الترام مع المالكين له أصلاً بالعقد المؤرخ 15/ 6/ 1912. وما أورده من أن الطاعنين ومورثهما قد فقدوا كل مظهر من مظاهر الملكية لمدة تربو على الأربعين عاماً الأمر الذي يلخص منه تنازلهم عن الملكية واكتسابه صفة المنفعة العامة. كل ذلك ينطوي على خطأ في القانون لأن عقد 15/ 6/ 1912 يؤيد ملكية الطاعنين للشارع لأنه لم يتضمن سوى التصريح لشركة الترام بمرور الترام به مقابل التزامها برصفه وإضاءته. وثالثها - إن الحكم أغفل وشوه المستندات التي استند إليها الطاعنان بما قرره من أنه لا جدوى لتلك المستندات في حين أنها تتضمن اعترافات متكررة من مصلحة التنظيم بملكيتهما للشارع وساير الحكم المطعون فيه في ذلك حكم محكمة أول درجة الذي ذكر أن تاريخ تلك الخطابات يرجع إلى أكثر من خمس عشرة سنة في حين أن أحدها مؤرخ في 24 أكتوبر سنة1944 - فضلاً عن أن الحكم عاره قصور فيما قرره من أن الشارع أصبح من الأملاك العامة وأن لا سبيل إلى تغيير صفته إلى أملاك خاصة إلا بقانون أو أمر إذ لم يبين الحكم كيف أن الشارع وهو ملك خاص للطاعنين قد اكتسب صفة الأملاك العامة - ورابعها أن ما قرره الحكم من أن الطاعنين ومورثهما قد تنازلاً عن ملكية الطريق وأنه اكتسب صفة الأملاك العامة إذ فقد الطاعنان ومورثهما مظاهر الملكية لمن تزيد على أربعين سنة. إن ما قرره الحكم في هذا الخصوص ينطوي على تشويه للمستندات المقدمة من الطاعنين الدالة على تمسكهما بملكية الشارع وعلى اعتراف المطعون عليها الأخيرة لهما بهذه الملكية وعلى أن تساهلهما ومورثهما من قبل في السماح للأفراد بالمرور من الشارع. إنما كان من قبيل التسامح الذي لا يكسب حقاً مهما تقادم عليه العهد.
ومن حيث إن النعي بهذه الوجه مردود. ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين دفاع الطاعنين وأشار إلى المستندات التي يعتمدان عليها في إثبات ملكيتهما للشارع موضوع النزاع قرر أن ما يدعيانه في هذا الخصوص "مردود بأن طبيعة الشارع باعتباره من المنافع العامة ثابتة من مرور الترام به منذ عام 1912 إلى الآن نتيجة لاتفاق شركة الترام مع المالكين أصلاً للعقار الذي يقع ضمنه الشارع تسيير خط للترام به وذلك بالعقد المؤرخ 15/ 6/ 1912 ولا زال هذا الخط قائماً حتى اليوم وما استتبع ذلك من استطراقه بمعرفة الأهالي ومرور السيارات والعربات به بدون قيد ولا شرط تلك الفترة الطويلة" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون ولا يشوبه قصور كما أنه لا ينطوي على إغفال وتشويه للمستندات التي اعتمد عليها الطاعنان في إثبات ملكيتهما للشارع موضوع النزاع - لأنه وإن كانت الأموال التي تصبح من الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة هي الأموال المملوكة للحكومة أو الهيئات العامة عملاً بالمادتين 9 من القانون المدني الملغي، 87 من القانون المدني الجديد - ومن ثم لا تكتسب الأموال المملوكة للأفراد صفة الأموال العامة بمجرد تخصيصها بالفعل للمنفعة العامة إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من انتقال الأموال إلى الحكومة بإحدى طرق كسب الملكية المنصوص عليها في القانون المدني ولما كان للحكومة أن تتملك بوضع اليد المدة الطويلة شأنها في ذلك شأن الأفراد وكان وضع اليد المدة الطويلة من وسائل كسب الملكية التي نص عليها القانون المدني الملغي والقانون المدني الجديد وكانت المطعون عليها الأخيرة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها تملكت أرض الشارع بمضي المدة الطويلة وكان الحكم المطعون فيه قد أضفى على الشارع المتنازع على ملكيته في الدعوى صفة الأموال العامة استناداً إلى مرور الترام به من سنة 1912 واستطراقه بمعرفة الأهالي ومرور السيارات والعربات فيه بغير قيد أو شرط فإن مؤدى ذلك أن الحكم قرر أن ملكية الشارع قد انتقلت إلى الحكومة بتخصيصه ابتداءً للمنفعة العامة المدة الطويلة المكسبة للملكية. ومن ثم تسري في شأنه أحكام الأموال العامة فلا تزول عنه صفة المال العام إلا بقانون أو مرسوم أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصص للمنفعة العامة على ما تقضي به المادة 88 من القانون المدني - ولما كان لم يصدر قانون أو مرسوم بزوال صفة المال العام عن ذلك الشارع كما أن الغرض الذي من أجله خصص للمنفعة العامة لم ينته فإنه يظل معتبراً من الأموال العامة - ولا يغير من ذلك ما جاء بخطاب المطعون عليها الأخيرة إلى سكرتير نادي سبورتنج بالجزيرة المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1944 من أن الشارع لا يدخل في ملكية الحكومة وأنه من أملاك الطاعنين. لأن هذا الخطاب لا يقوم مقام القانون أو المرسوم كما أن لا ينبئ عن انتهاء تخصيص الشارع للمنفعة العامة إذا كانت ملكية الشارع قد انتقلت إلى الحكومة للمنفعة العامة. قبل صدور هذا الخطاب - لما كان ذلك فإن الطعن يكون متعين الرفض.

الطعن 5 لسنة 30 ق جلسة 24 / 6 / 1961 مكتب فني 12 ج 2 دعوى مذهبية ق 15 ص 339

جلسة 24 من يونيه سنة 1961

برئاسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، وإسحق عبد السيد، ومحمد زعفراني سالم، وعبد الحسيب عدى، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، ومحمود إسماعيل، وحسن خالد، ومحمود توفيق المستشارين.

----------------

(15)
الطلب رقم 5 لسنة 30 ق/ 1393 لسنة 1959 (دعوى مذهبية)

اختصاص. "أحوال شخصية" اختصاص المحاكم الروحية.
هدايا الخطبة تعد من قبيل الهبات. القضاء بردها يخرج عن ولاية المحاكم الروحية. نقض. عدم الاختصاص.

----------------
الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين إلى الآخر إبان فترة الخطبة تعد من قبيل الهبات إذ أنها ليست ركنا من أركان الزواج ولا شرطاً من شروطه وينبني على ذلك أن القضاء بردها يخرج عن اختصاص المحاكم الروحية فإذا كانت المحكمة الروحية قد قضت في حكمها المطعون فيه بإلزام الطاعنة بأداء مبلغ معين في مقابل تلك الهدايا فإنها تكون قد فصلت في نزاع خارج عن ولايتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع - تتحصل حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون عليه فتح الله كساب خطب الطاعنة نعيمة كريكور تيميان في 23/ 11/ 1957 وبمناسبة الخطبة تبادلا الهدايا ثم اختلفا فأعادت له بعض هداياه واحتفظت بالباقي مما دعا الخطيب لإقامة الدعوى في 5/ 9/ 1958 لدى المحكمة الروحية لطائفة السريان الأرثوذكس في حلب يطلب فيها الحكم بإلزام الطاعنة بإعادة بقية الهدايا إليه - دفعت الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن الهدية من نوع الهبة وتخرج النزاع في شأنها عن ولاية المحاكم الروحية ولكن المحكمة رفضت الدفع وقضت بتاريخ 18/ 10/ 1959 بفسخ الخطبة وبإلزام الطاعنة بأن تعيد إلى المطعون ضده الأشياء المذكورة في الحكم مع إلزامه بأن يعيد إليها هداياها - استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 30/ 6/ 1959 بإلغاء الفقرة الثامنة من الحكم المستأنف وألزمت الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 390 ليرة سورية وأيدت الحكم فيما عدا ذلك وألزمت الطاعنة بالمصروفات.
في 12/ 8/ 1959 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وطلبت من الهيئة العامة للمواد المدنية القضاء بنقض الحكم لأسباب منها عدم اختصاص المحكمة الروحية للفصل في هذه الدعوى لأن الأشياء المدعى بها تعتبر من قبيل الهبة وتخضع للقانون المدني. وطلبت النيابة العامة نقض الحكم والقضاء بعدم اختصاص المحاكم الروحية للنظر في هذه الدعوى.
وحيث إن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين إلى الآخر أثناء فترة الخطبة تعتبر من قبيل الهبة لأنها ليست ركناً من أركان الزواج ولا شرطاً من شروطه إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها ولا يتوقف عليها، ولذلك فإن طلب القضاء بردها يخرج عن اختصاص المحاكم الروحية. وعلى ذلك فإن المحكمة الروحية إذ قضت في حكمها المطعون فيه بإلزام الطاعنة بأداء مبلغ معين في مقابل تلك الهدايا تكون قد فصلت في نزاع خارج عن ولايتها مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى مناقشة بقية أوجه الطعن.

الطعن 15 لسنة 30 ق جلسة 29 / 4 / 1961 مكتب فني 12 ج 2 هيئة عامة ق 14 ص 334

جلسة 29 من إبريل سنة 1961

برئاسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، ومحمد زعفراني سالم، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدي، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وحسن خالد، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق المستشارين.

------------

(14)
الطلب رقم 15 لسنة 30 ق/ 925 لسنة 1960 (هيئة عامة)

)أ) نقض. "الخصوم في الطعن"
اختصام من ليس خصماً في الدعوى لا يجوز. عدم قبول الطعن بالنسبة له.
)ب) أوراق تجارية. الوفاء بالكمبيالة (السفتجة). مسئولية المظهر.
رجوع الحامل على المظهر بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناعه عن الوفاء عدم وجوب توجيه الاحتجاج بعد الوفاء، إلى المظهر.

--------------
1 - لا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في الدعوى فإذا كان الثابت من الحكم الاستئنافي المطعون فيه أن المستأنف تنازل عن مخاصمة أحد المطعون عليهم وقضت محكمة الاستئناف بقبول التنازل فإن الطعن بالنقض يكون غير مقبولاً شكلاً بالنسبة له.
2 - إن قانون التجارة السوري لا يلزم مظهر الكمبيالة بالوفاء بقيمتها يوم الاستحقاق وإنما يلزمه في حالة عدم قيام الملتزم بالوفاء بأداء قيمة السند غير المدفوع (م 467 تجارة سوري) وعلى ذلك فلا يجوز لحامل الكمبيالة الرجوع على المظهر إلا بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناع الأخير عن الوفاء. فالمظهر من هذه الناحية ضامن للوفاء لا ملتزم به ابتداءً ولا يصح القول بوجوب توجيه إلى المظهر إذ لو كان توجيه الاحتجاج إليه واجباً لكان من العبث النص على لزوم توجيه الإشعار إلى المظهر (م 469 تجارة سوري). ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة (470 تجارة سوري) من جواز الإعفاء من توجيه الاحتجاج، وذلك لأن الشارع أراد بهذه المادة إنما يجيز للمظهر إعفاء الحامل من الاحتجاج اقتصاداً في النفقات التي قد يرجع بها عليه عند الاقتضاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى لدى المحكمة الابتدائية بحلب قالت فيها إن المطعون عليهما الثالث والرابع حررا بتاريخ 28 من يوليه سنة 1954 سنداً بمبلغ عشرة آلاف وستمائة ليرة سورية يستحق في أول أغسطس سنة 1955 لأمر الطاعن الذي ظهره لها وظهرته هي بدورها لبنك سوريا ولبنان - المطعون عليه الثاني - وأنها قبل استحقاقه بخمسة عشر يوماً طلبت إلى البنك إجراء الاحتجاج ضد موقعي السند في حالة عدم وفاء قيمته في تاريخ الاستحقاق وأن المصرف المذكور لم يرسل الاحتجاج في الميعاد القانوني مما جعل الطاعن في موقف يستطيع فيه إعفاءه من التزام قيمة السند ولذلك تطلب إلزام المصرف بالمبلغ مع الفوائد، وقد رأت المحكمة أن الملزم بوفاء السفتجة هو المسحوب عليه وحده وأن المظهر والساحب لا يلزمان بوفائها إلا إذا تقاعس الملتزم عن وفائها عند الاستحقاق وأنه لا يوجد نص قانوني يلزم حامل السند بتبليغ الاحتجاج إلى المظهرين لأن قانون التجارة الجديد ألغى هذا الالتزام وعلى ذلك قضت برفض الدعوى، فطعنت المدعية في ذلك الحكم بطريق النقض واعتبر منقوضاً لأن المظهر لم يدخل في الدعوى وقد أقامت المدعية دعوى أخرى ضد الطاعن ودعوى ثالثة ضد المطعون عليهما الثالث والرابع وطلبت ضم هاتين الدعويين للدعوى الأولى والحكم لها على المطعون عليهم بالمبلغ بالتضامن مع الفوائد، وبعد أن قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى رأت أن قانون التجارة لا يلزم حامل السفتجة بأن يبلغ الاحتجاج إلى المظهر وقضت برفض الدعوى ضد مصرف سوريا ولبنان وبإلزام الباقين بالتضامن بالمبلغ مع الفوائد من تاريخ الادعاء. استأنفت المدعية الحكم كما استأنفه تبعياً الطاعن ثم تنازلت المدعية عن مخاصمة المطعون عليه الرابع فقضت محكمة الاستئناف بإثبات هذا التنازل وبتعديل الحكم فيما قضى به من الفوائد وبسريان الفوائد من تاريخ الاستحقاق وبتاريخ 20 من فبراير سنة 1960 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية فقررت هذه الدائرة إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية لأن أغلبية المحكمة رأت العدول عن المبدأ الذي قررته محكمة التمييز من قبل في هذا الموضوع. وفي أثناء نظر الدعوى أمام الهيئة العامة دفعت النيابة بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع وطلبت رفض الطعن بالنسبة للباقين.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المستأنف تنازل عن مخاصمة المطعون عليه الرابع وقضت محكمة الاستئناف بقبول التنازل ولا يجوز أن يختصم في الطعن إلا من كان خصماً في الدعوى على ذلك يكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون عليهم. وحيث أن الطاعن ينعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ويقول في بيان ذلك إن المادة 478 من قانون التجارة السوري صريحة في وجوب توجيه الاحتجاج إلى موطن الملزم لوفاء السفتجة وإلى موطن الأشخاص المعينين في السفتجة لوفائها عند الاقتضاء وإلى موطن من قبلها بطريق التدخل، وأن الملتزمين بوفاء السفتجة عملاً بالمادة 471 من القانون المذكور هم الساحب والقابل والمظهر والضامن الاحتياطي مما كان يتعين معه توجيه الاحتجاج إلى الطاعن بوصفه مظهراً في الميعاد القانوني وإزاء تخلف هذا الإجراء فإن حق الحامل في الرجوع عليه يسقط ما جرى به اجتهاد محكمة التمييز في قرارها رقم 406 بتاريخ 24 من أكتوبر عام 1953 ويؤكد ذلك نص المادة 476 تجاري التي تقضي بسقوط حق الحامل قبل المظهر والساحب وغيرهما من الملتزمين ما عدا القابل وكذلك المادة 467 من نفس القانون التي تعطي الحامل عند عدم الوفاء حق الرجوع على المظهرين والساحبين وغيرهم هذا إلى أن المادة 470 تجاري تؤيد صحة نظرة ذلك أنها أجازت للساحب ولأي مظهر أن يعفي الحامل عند المطالبة على وجه الرجوع من تقديم احتجاج بعدم الدفع إذا كتب في السفتجة عبارة (المطالبة بدون احتجاج) ولولا وجوب توجيه الاحتجاج إليه لما جاز له التنازل عنه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه طبقاً للمادة 456 تجاري عند حلول ميعاد استحقاق السند يتقدم الحامل إلى المسحوب عليه لوفائه فإذا امتنع عن الوفاء حررت وثيقة الاحتجاج التي أن تشتمل على الإنذار بوفاء قيمته وذكر حضور أو غياب الملتزم بالوفاء وأسباب الامتناع عن الوفاء - الأمر الذي يستفاد منه بجلاء أن الملتزم بالوفاء في تاريخ الاستحقاق هو الشخص الذي يتعين عليه وفاء السند في ميعاد استحقاقه أما غيره من الملتزمين فقد تكفلت المادة 476 من القانون ببيان دورهم فقالت: لحامل السفتجة عند عدم وفائها له في تاريخ الاستحقاق الرجوع على مظهريها وساحبيها وغيرهم من الملتزمين بها كما نصت المادة 469 على أنه يجب على حامل السفتجة أن يرسل للمظهر له وللساحب إشعاراً بعدم الوفاء في خلال أربعة أيام العمل التالية ليوم الاحتجاج، وصريح هذين النصين أن حق الحامل في الرجوع على المظهر لا ينشأ إلا بعد تقديم السند للمسحوب عليه وامتناعه عن الدفع وإثبات الامتناع، وعندئذ يقوم الحامل بإرسال الإشعار المنوه به في المادة 469 أما قبل ذلك فلا يحق له إلا مطالبة المدين الأصلي وهو المسحوب عليه، ويؤيد ذلك ما ورد في الفقرة الثانية للمادة 468 تجاري التي نصت على أنه في حال توقف المسحوب عليه عن الوفاء لا يجوز للحامل الرجوع على ضامنيه إلا بعد تقديم السند المسحوب عليه وتقديم الاحتجاج عليه بعدم الوفاء - وهذا الذي جرى عليه الحكم صحيح ذلك أن قانون التجارة السوري على ما هو صريح موداه لا يلزم المظهر بالوفاء يوم الاستحقاق وإنما يلزمه في حالة عدم قيام الملتزم بالوفاء بأداء قيمة السند غير المدفوع فقد نصت المادة 467 على أنه لحامل السفتجة عند عدم وفائها له في تاريخ الاستحقاق - الرجوع على المظهر - ومفهوم هذا النص أنه ليس للحامل الرجوع على المظهر إلا بعد مطالبة المسحوب عليه وامتناعه عن الوفاء والمظهر من هذه الناحية إنما هو ضامن للوفاء لا ملتزم به ابتداءً ولا يصح إيجاب توجيه الاحتجاج إليه ولو كان توجيه الاحتجاج إلى المظهر واجباً لكان من العبث النص على لزوم توجيه الإشعار إلى المظهر ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة - 470 تجاري ذلك أن الشارع أراد بهذه المادة أن يجيز للمظهر إعفاء الحامل من الاحتجاج اقتصاداً في النفقات التي قد يرجع بها عليه عند الاقتضاء.
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم في السبب الأخير أن المحكمة وإن أوردت في حيثيات قرارها المطعون فيه ما يستفاد منه رد الاستئناف بالنسبة لبنك مصر إلا أنها لم تقرر ذلك في منطوقه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن عبارة "التعديل" الواردة في منطوق الحكم المستأنف تفيد ذلك المراد.
وحيث إنه لما تقدم ترى الهيئة العامة بالإجماع العدول عما يكون قد صدر من أحكام مخالفة لهذا النظر ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 4 من القانون رقم 56 لسنة 1959 قد خولت هذه الهيئة الفصل في الدعوى المحالة إليها وكان الحكم المطعون فيه صحيحاً ومطابقاً للقانون فإنه يتعين رفض الطعن موضوع


 (*)كان قضاء محكمة التمييز الملغاة بالإقليم الشمالي قد جرى على أن حق الحامل في الرجوع على المظهر يسقط إذا تخلف الحامل عن توجيه الاحتجاج إلى المظهر في الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة 468 تجاري سوري (قرار محكمة التمييز رقم 406 بتاريخ 24/ 10/ 1953).

الجمعة، 12 أغسطس 2022

الطعن 6195 لسنة 86 ق جلسة 15 / 3 / 2017 مكتب فني 68 ق 58 ص 356

جلسة 15 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى ثابت عبد العال وحماده عبد الحفيظ إبراهيم نواب رئيس المحكمة
---------------

(58)
الطعن رقم 6195 لسنة 86 القضائية

(1 - 3) حكم" الطعن في الحكم: الأحكام الجائز الطعن فيها".
(1) جواز الطعن في الأحكام من عدمه. يتعين على المحكمة أن تعرض لبحثه من تلقاء ذاتها. علة ذلك. تعلقه بالنظام العام.

(2) قاعدة المصلحة في الدعوى. تطبيقها حال رفعها وعند الطعن في الحكم الصادر فيها. مناطها. كون الحكم المطعون فيه قد أضر الطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو بعضها أو أن يكون محكوما عليه بشيء لخصمه أيا كان مركزه في الدعوى سواء كان مدعيا أو مستأنفا أو مدعى عليه أو مستأنف ضده.

(3) قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام. شرطها. عدم مخالفة الحكم المطعون فيه لقواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام أو حجية الأحكام. علة ذلك.

(4) دعوى "دعوى إثبات الحالة".
دعوى إثبات الحالة. ماهيتها. إجرائية تحفظية تقام على نفقة رافعها لتكون سندا يتقدم به إلى محكمة الموضوع ولها أن تطرحه أو تأخذ ببعض ما جاء به.

(5) محاكم اقتصادية" اختصاص المحاكم الاقتصادية: اختصاصها النوعي".
اختصاص الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية بنظر دعوى إثبات الحالة. مناطه. إقامتها بقصد تهيئة الدليل لإثبات حق موضوعي يدخل في نطاق الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية. م6 ق 120 لسنة 2008. عدم تضمنها طلب موضوعي. أثره. الحكم فيها بانتهاء الدعوى لم يفصل في خصومة. علة ذلك. الطعن فيها بطريق النقض غير جائز.

(6) حكم "الطعن في الأحكام: الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها".
قضاء الحكم المطعون فيه بانتهاء الخصومة لاقتصار الطلبات على ندب خبير دون إبداء طلبات موضوعية. صحيح. عدم جواز الطعن عليه. علة ذلك. اعتباره إجراء تحفظيا.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن جواز الطعن في الأحكام من عدمه هو مما يتعلق بالنظام العام ويتعين على المحكمة أن تعرض لبحث هذا الأمر ولو من تلقاء ذاتها.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن مفاد نص المادتين 3، 211 من قانون المرافعات أن قاعدة المصلحة مناط الدعوى كما تطبق في الدعوى حال رفعها تطبق عند الطعن على الحكم الصادر فيها إذ إن مناط المصلحة الحقة فيه إنما هو كون الحكم المطعون عليه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر أو أن يكون محكوما عليه بشيء لخصمه أيا كان مركز المحكوم عليه في الدعوى سواء كان مدعيا أو مستأنفا أو مدعى عليه أو مستأنفا ضده.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مناط إعمال قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام ألا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف قواعد الاختصاص الولائي أو النوعي أو القيمي التي رسمها القانون وألا يخرج صراحة أو ضمنا على ما كان من تلك القواعد متعلقا بالنظام العام وأن يحترم مبدأ حجية الأحكام إذ إن هذه الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام.

4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن دعوى إثبات الحالة بصورها المتعددة- وفي غير الحالة المنصوص عليها في المادتين 133، 134 من قانون الإثبات التي ينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء المستعجل- لا تعدو أن تكون دعوى إجرائية تحفظية صرفة يقيمها رافعها على نفقته ليكون ما يثبت فيها من وقائع سمعها الخبير المنتدب في الدعوى من طرفيها وشهودهم وما يطلع عليه من أوراق أو مستندات تقدم له، سندا يتقدم به لمحكمة الموضوع بما قد يدعيه مستحقا له تملك هذه المحكمة أن تطرحه أو تأخذ ببعض ما جاء به، ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها في غير الحالة المشار إليها ينعقد للمحكمة الابتدائية باعتبارها دعوى غير مقدرة القيمة.

5 - إذا رفعت (دعوى إثبات الحالة) بقصد تهيئة الدليل لإثبات حق موضوعي يدخل في نطاق الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية المحددة بالمادة السادسة من قانون إنشائها رقم 120 لسنة 2008 ينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة الاستئنافية بتلك المحكمة. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الراهنة أقامها المطعون ضدهم الثلاثة الأول على البنك الطاعن لدى الدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية بطلب ندب خبير لفحص مستندات القرض الذي حصلوا عليه وبيان المبلغ المستخدم منه والعائد المستحق عليه وفقا للعقد دون أن تتضمن أي طلب موضوعي فإنها تعد - بذلك - من قبيل دعاوى إثبات الحالة التي ينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية باعتبارها مقامة- كما سلف- بطلب غير مقدر القيمة وأن الحق الموضوعي الذي رفعت بقصد تهيئة الدليل مقدما لإثباته يتعلق بعمليات البنوك المنصوص عليها في قانون التجارة التي تختص بنظر المنازعات بشأنها المحكمة الاقتصادية.

6 - إذ قضى الحكم الصادر فيها بانتهاء الدعوى دون أن يفصل في خصومة ولم يتضمن قضاء ضارا بالطاعن إذ لم يلزمه بشيء ومن ثم فإنه لا يكون محكوما عليه في معنى المادة 211 من قانون المرافعات ويضحى الطعن فيه بطريق النقض غير جائز لانتفاء المصلحة بعد أن خلت أسباب النقض من نعي يتعلق ببطلان إجرائي لأعمال الخبير مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.

---------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على البنك الطاعن الدعوى رقم ..... لسنة 5ق القاهرة الاقتصادية- الدائرة الاستئنافية- بطلب الحكم بندب خبير لفحص مستندات القرض رقم ..... لتحديد المبلغ المستخدم منه والعائد المستحق عليه وقالوا بيانا لذلك إنهم حصلوا على القرض سالف الذكر من الطاعن وقد تضمن جزءا مدعما عن طريق وزارة المالية بعائد منخفض بواقع 6% والجزء الآخر بعائد 15.5% وإذ خالف البنك شروط التعاقد، واحتسب العائد الأخير على إجمالي مبلغ القرض ولم يخطرهم بكشوف حسابهم لديه ومن ثم كانت الدعوى، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 23/2/2016 بانتهاء الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية لهذه المحكمة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، ورأى دائرة فحص الطعون الاقتصادية، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن جواز الطعن في الأحكام من عدمه هو مما يتعلق بالنظام العام ويتعين على المحكمة أن تعرض لبحث هذا الأمر ولو من تلقاء ذاتها، وكان مفاد نص المادتين 3، 211 من قانون المرافعات أن قاعدة المصلحة مناط الدعوى كما تطبق في الدعوى حال رفعها تطبق عند الطعن على الحكم الصادر فيها إذ إن مناط المصلحة الحقة فيه إنما هو كون الحكم المطعون عليه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر أو أن يكون محكوما عليه بشيء لخصمه أيا كان مركز المحكوم عليه في الدعوى سواء كان مدعيا أو مستأنفا أو مدعى عليه أو مستأنفا ضده، وأن مناط إعمال قاعدة عدم جواز الطعن في الأحكام ألا يكون الحكم المطعون فيه قد خالف قواعد الاختصاص الولائي أو النوعي أو القيمي التي رسمها القانون وألا يخرج صراحة أو ضمنا على ما كان من تلك القواعد متعلقا بالنظام العام وأن يحترم مبدأ حجية الأحكام إذ إن هذه الحجية تسمو على اعتبارات النظام العام، وكانت دعوى إثبات الحالة بصورها المتعددة- وفي غير الحالة المنصوص عليها في المادتين 133، 134 من قانون الإثبات التي ينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء المستعجل- لا تعدو أن تكون دعوى إجرائية تحفظية صرفة يقيمها رافعها على نفقته ليكون ما يثبت فيها من وقائع سمعها الخبير المنتدب في الدعوى من طرفيها وشهودهم وما يطلع عليه من أوراق أو مستندات تقدم له، سندا يتقدم به لمحكمة الموضوع بما قد يدعيه مستحقا له تملك هذه المحكمة أن تطرحه أو تأخذ ببعض ما جاء به، ومن ثم فإن الاختصاص بنظرها في غير الحالة المشار إليها ينعقد للمحكمة الابتدائية باعتبارها دعوى غير مقدرة القيمة بيد أنها إذا رفعت بقصد تهيئة الدليل لإثبات حق موضوعي يدخل في نطاق الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية المحدد بالمادة السادسة من قانون إنشائها رقم 120 لسنة 2008 ينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة الاستئنافية بتلك المحكمة. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الراهنة أقامها المطعون ضدهم الثلاثة الأول على البنك الطاعن لدى الدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية بطلب ندب خبير لفحص مستندات القرض الذي حصلوا عليه وبيان المبلغ المستخدم منه والعائد المستحق عليه وفقا للعقد دون أن تتضمن أي طلب موضوعي فإنها تعد – بذلك - من قبيل دعاوى إثبات الحالة التي ينعقد الاختصاص بنظرها للدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية باعتبارها مقامة- كما سلف- بطلب غير مقدر القيمة وأن الحق الموضوعي الذي رفعت بقصد تهيئة الدليل مقدما لإثباته يتعلق بعمليات البنوك المنصوص عليها في قانون التجارة التي تختص بنظر المنازعات بشأنها المحكمة الاقتصادية وإذ قضى الحكم الصادر فيها بانتهاء الدعوى دون أن يفصل في خصومة ولم يتضمن قضاء ضارا بالطاعن إذ لم يلزمه بشيء ومن ثم فإنه لا يكون محكوما عليه في معنى المادة 211 من قانون المرافعات ويضحى الطعن فيه بطريق النقض غير جائز لانتفاء المصلحة بعد أن خلت أسباب النقض من نعي يتعلق ببطلان إجرائي لأعمال الخبير مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن.

الطعن 990 لسنة 76 ق جلسة 28 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 44 ص 278

جلسة 28 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ حامد زكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ إبراهيم الضبع، هشام فراويلة، رضا إبراهيم كرم الدين ومجدي محمد عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(44)

الطعن 990 لسنة 76 ق

(1 ، 2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية". نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام.
(1) أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. للخصومة وللنيابة ولمحكمة النقض إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم. م 253 مرافعات.

(2) الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي. اعتباره قائما ومطروحا دائما على المحكمة لتعلقه بالنظام العام. الحكم الصادر في موضوع الدعوى. اشتماله على قضاء ضمني في الاختصاص. الطعن فيه. انسحابه بالضرورة على القضاء في الاختصاص. مؤدى ذلك.

(3 - 5) تنفيذ "إشكالات التنفيذ: الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية".
(3) الاختصاص بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية. انعقاده في الأصل للمحكمة الجنائية. الاستثناء. انعقاده للمحكمة المدنية. شرطه. أن يكون الحكم ماليا بجزاء نقدي. مقتضاه. تطبيق قواعد التنفيذ المدنية بالحجز والبيع الجبري. مؤداه. دخول الأحكام الصادرة بالغرامة وما يجب رده والتعويض والمصاريف. شرطه. أن يتم التنفيذ على أموال المحكوم عليه ويرفع الإشكال من غير المحكوم عليه الذي يدعي لنفسه حقوقا على تلك الأموال. الإشكال المرفوع من المحكوم عليه. انعقاده للمحكمة الجنائية دون غيرها. علة ذلك. المادتان 524، 527 إ. ج.

(4) طلب الطاعن المحكوم عليه براءة ذمته من مبلغ الغرامة في جنحة استنادا لصدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بجواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة فيما يتعلق بالمادة 156/ 2 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966. مقتضاه. اعتبار دعواه إشكال قطعي في التنفيذ. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظره للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم الجنائي. تصدى القضاء المدني له بنظر ذلك النزاع وفصله في موضوعه رغم عدم اختصاصه نوعيا. مخالفة للقانون وخطأ.

(5) رفع الإشكال أمام المحكمة الجنائية. مقتضاه. تقديمه ابتداء للنيابة العامة والتي تقدمه للمحكمة المختصة. م 525 إ.ج. مخالفة ذلك. عدم قبوله أمام الأخيرة لتعلقه بالنظام العام. مؤداه. وقوف محكمة النقض بقضائها عند تعيين المحكمة المختصة دون الإحالة إليها.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.

2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- إن مسألة الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على محكمة الموضوع لتعلقها بالنظام العام، إذ الحكم الصادر في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.

3 - النص في المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "كل إشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادر منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك" وفي المادة 527 منه على أنه "في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقا لما هو مقرر في قانون المرافعات". فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية وإن كان ينعقد أصلا للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم لما يثيره تنفيذ هذه الأحكام من منازعات ذات طابع جنائي يكون من الوضع الطبيعي أن تختص بها المحاكم الجنائية، فإنه ينعقد أيضا للمحكمة المدنية وذلك في حالة ما إذا كان الحكم ماليا أي ينطق بجزاء نقدي يقتضي تنفيذه تطبيق قواعد التنفيذ المدنية وهي الحجز والبيع الجبري فتدخل في ذلك الأحكام الصادرة بالغرامة وما يجب رده والتعويض والمصاريف وكان التنفيذ يتم على أموال المحكوم عليه سواء أكانت مملوكة له أصلا أو اعتقدت سلطة التنفيذ أنها مملوكة له وأن يكون الإشكال مرفوعا من غير المحكوم عليه الذي يدعى لنفسه حقوقا على أموال المحكوم عليه أما إذا كان الإشكال مرفوعا من المحكوم عليه فإن الاختصاص بنظره ينعقد للمحكمة الجنائية باعتبار أنه- وفي الحالة الأخيرة– يتعلق بالحكم ذاته سواء من حيث وجوده أو قوته التنفيذية أو إجراءات تنفيذه وهي جميعها من المسائل الجنائية التي لا مبرر لأن تختص بها المحكمة المدنية.

4 - إذ كان الثابت أن طلبات الطاعن- المحكوم عليه- في الدعوى الراهنة هي الحكم ببراءة ذمته من مبلغ الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة رقم ... لسنة 1991 مستأنف بنها والتي جرى الحجز على أمواله تنفيذا له استنادا إلى أنه وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 37 لسنة 15ق دستورية بتاريخ 3/8/1996 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 156 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة فإنه يحق له طلب وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة سالفة الذكر واعتبار الحكم الصادر بشأنها كأن لم يكن كأثر لحكم المحكمة الدستورية آنف البيان وباعتباره قانونا أصلح للمتهم فإن دعواه- وبهذه المثابة- تكون- وفي تكييفها القانوني السليم- إشكال قطعي في تنفيذ حكم الغرامة الصادر ضده في الجنحة السالف ذكرها مرفوع من المحكوم عليه ومن ثم فلا تختص المحكمة المدنية بنظره وإنما ينعقد الاختصاص بذلك للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم الجنائي. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع استئناف الحكم الصادر من محكمة الخانكة الابتدائية وهي غير مختصة نوعيا بنظر النزاع بما يتضمن قضاء ضمنيا باختصاصه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

5 - لئن كانت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية قد انتهت في حكمها الصادر في الطعن رقم 2050 لسنة 74ق جلسة 24/6/2014 إلى أن القضاء بعدم الاختصاص يكون مع الإحالة إلا أنه لما كان رفع الإشكال أمام المحكمة الجنائية يتم عن طريق تقديمه ابتداء للنيابة العامة التي تقدمه للمحكمة عملا بنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية فلا يكون مقبولا أمامها إذا رفع بغير هذا الطريق لتعلق طرق رفع الدعاوى وتقديم الطلبات بالنظام العام، فإن المحكمة (محكمة النقض) تقف بقضائها عند حد تعيين المحكمة المختصة دون أن يكون ذلك متبوعا بالإحالة.

-----------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني محكمة الخانكة الابتدائية، بطلب الحكم ببراءة ذمته من دين الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة رقم ... لسنة 1991 مستأنف بنها على سند من أنه قدم للمحاكمة الجنائية في الجنحة آنفة الذكر بتهمة تبوير أرض زراعية وحكم عليه فيها بالحبس ثلاثة أشهر مع الإيقاف وبتغريمه مبلغ عشرة آلاف جنيه بحكم صار باتا وأن تابعي المطعون ضده الأول قاموا بالحجز على أمواله تنفيذا لهذا الحكم، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 37 لسنة 15ق دستورية بجلسة 3/8/1996 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 156 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 فيما تضمنته من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة، وإذ كان يتعين وكأثر لهذا الحكم وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة سالفة البيان واعتبار الحكم الصادر بشأنها كأن لم يكن فقد أقام الدعوى. رفضت محكمة أول درجة الدعوى بحكم استأنفه الطاعن أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية بنها" بالاستئناف رقم ... لسنة 38 ق وفيه قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة طلبت فيها أصليا نقض الحكم لصدوره من محكمة غير مختصة نوعيا بنظره، واحتياطيا رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن السبب المبدى من النيابة في محله ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكانت مسألة الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على محكمة الموضوع لتعلقها بالنظام العام، إذ إن الحكم الصادر في موضوع الدعوى يشتمل حتما على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها. وكان النص في المادة 524 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "كل إشكال من المحكوم عليه في التنفيذ يرفع إلى محكمة الجنايات إذا كان الحكم صادر منها وإلى محكمة الجنح المستأنفة فيما عدا ذلك" وفي المادة 527 منه على أنه "في حالة تنفيذ الأحكام المالية على أموال المحكوم عليه إذا قام نزاع من غير المتهم بشأن الأموال المطلوب التنفيذ عليها يرفع الأمر إلى المحكمة المدنية طبقا لما هو مقرر في قانون المرافعات. فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بنظر الإشكال في تنفيذ الأحكام الجنائية وإن كان ينعقد أصلا للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم لما يثيره تنفيذ هذه الأحكام من منازعات ذات طابع جنائي يكون من الوضع الطبيعي أن تختص بها المحاكم الجنائية، فإنه ينعقد أيضا للمحكمة المدنية وذلك في حالة ما إذا كان الحكم ماليا أي ينطق بجزاء نقدي يقتضي تنفيذه تطبيق قواعد التنفيذ المدنية وهي الحجز والبيع الجبري فتدخل في ذلك الأحكام الصادرة بالغرامة وما يجب رده والتعويض والمصاريف وكان التنفيذ يتم على أموال المحكوم عليه سواء أكانت مملوكة له أصلا أو اعتقدت سلطة التنفيذ أنها مملوكة له وأن يكون الإشكال مرفوعا من غير المحكوم عليه الذي يدعي لنفسه حقوقا على أموال المحكوم عليه أما إذا كان الإشكال مرفوعا من المحكوم عليه فإن الاختصاص بنظره ينعقد للمحكمة الجنائية باعتبار أنه- وفي الحالة الأخيرة- يتعلق بالحكم ذاته سواء من حيث وجوده أو قوته التنفيذية أو إجراءات تنفيذه وهي جميعها من المسائل الجنائية التي لا مبرر لأن تختص بها المحكمة المدنية. لما كان ذلك، وكانت طلبات الطاعن- المحكوم عليه- في الدعوى الراهنة هي الحكم ببراءة ذمته من مبلغ الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة رقم ... لسنة 1991 مستأنف بنها والتي جرى الحجز على أمواله تنفيذا له استنادا إلى أنه وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 37 لسنة 15ق دستورية بتاريخ 3/8/1996 بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 156 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 من عدم جواز وقف تنفيذ عقوبة الغرامة فإنه يحق له طلب وقف تنفيذ عقوبة الغرامة المحكوم بها عليه في الجنحة سالفة الذكر واعتبار الحكم الصادر بشأنها كأن لم يكن كأثر لحكم المحكمة الدستورية آنف البيان وباعتباره قانونا أصلح للمتهم فإن دعواه – وبهذه المثابة- تكون- وفي تكييفها القانوني السليم- إشكال قطعي في تنفيذ حكم الغرامة الصادر ضده في الجنحة السالف ذكرها مرفوع من المحكوم عليه ومن ثم فلا تختص المحكمة المدنية بنظره وإنما ينعقد الاختصاص بذلك للمحكمة الجنائية التي أصدرت الحكم الجنائي. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع استئناف الحكم الصادر من محكمة الخانكة الابتدائية وهي غير مختصة نوعيا بنظر النزاع بما يتضمن قضاء ضمنيا باختصاصه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إنه ولئن كانت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية قد انتهت في حكمها الصادر في الطعن رقم 2050 لسنة 74 ق جلسة 24/6/2014 إلى أن القضاء بعدم الاختصاص يكون مع الإحالة إلا أنه لما كان رفع الإشكال أمام المحكمة الجنائية يتم عن طريق تقديمه ابتداء للنيابة العامة التي تقدمه للمحكمة عملا بنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية فلا يكون مقبولا أمامها إذا رفع بغير هذا الطريق لتعلق طرق رفع الدعاوى وتقديم الطلبات بالنظام العام، فإن المحكمة تقف بقضائها عند حد تعيين المحكمة المختصة دون أن يكون ذلك متبوعا بالإحالة.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة الخانكة الابتدائية المدنية نوعيا بنظر النزاع وباختصاص محكمة جنح بنها المستأنفة نوعيا بنظره.