جلسة 15 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار
محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد
اللطيف، وحافظ محمد بدوى، ومحمد أبو حمزة مندور؛ ومحمد صدقي البشبيشي.
--------
(282)
الطعن رقم 353 لسنة 32
القضائية
حكم. "عيوب
التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". مرض الموت.
"ماهيته".
إقامة الحكم قضاءه على
مرض موت البائعة وقت البيع. عدم بيان الحكم نوع هذا المرض وهل كان يغلب فيه الهلاك
وقت حصول التصرف. قصور.
------------
متى اقتصر الحكم المطعون
فيه على تقرير أن البائعة كانت وقت البيع مريضة بمرض انتهى بها إلى الوفاة دون أن
يبين نوع هذا المرض وهل كان يغلب فيه الهلاك وقت حصول التصرف وهو بيان لازم لمعرفة
هل يصح اعتباره مرض موت أم لا يصح، ولا يغنى في ذلك ما أشار إليه الحكم من أقوال
بعض الشهود من أن المورثة (البائعة) كانت مريضة بمرض السكر وقت صدور التصرف منها
إلى الطاعنة متى كان الحكم لم يبين كيف يغلب الهلاك في مرض السكر ودليله على ذلك
فان الحكم يكون قاصر البيان بما يستوجب نقضه (1).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون
ضدهما الدعوى رقم 4759 لسنة 1959 مدنى كلى القاهرة طالبة الحكم بصحة ونفاذ البيع العرفي
المؤرخ 23 ديسمبر سنة 1957 والمتضمن بيه والدتها المرحومة زينب أحمد بدوى لها كامل
أرض وبناء المنزل المبين بالصحيفة وبالعقد بثمن قدره 600 جنيه وقالت بيانا للدعوى
أنها دفعت من الثمن وقت التعاقد 550 جنيها ثم توفيت والدتها قبل التوقيع على العقد
النهائي فنازعها المطعون ضدهما وهما باقي ورثة البائعة ومن ثم أقامت الدعوى
بطلباتها سالفة الذكر. وقد أنكر المطعون ضدهما توقيع مورثتهما على عقد البيع فقضت
محكمة أول درجة في 9 يناير سنة 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة
بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن البائعة لها وقعت على العقد ولينفي المطعون
ضدهما ذلك بذات الطرق. وبعد أن سمعت تلك المحكمة شهود الطرفين أصدرت في 19 مارس
سنة 1960 حكما يقضى بندب قسم تحقيق الشخصية لمضاهاة بصمة الإبهام المنسوبة للبائعة
والموقع بها على عقد البيع على بصمتها الثابتة على عقد إيجار مؤرخ 1 ديسمبر سنة
1943. وقدم قسم تحقيق الشخصية تقريرا يفيد عدم صلاحية البصمة الثابتة على عقد
البيع للمضاهاة لعدم وضوح النقط المميزة بها. وبتاريخ 28 مايو سنة 1960 قضت
المحكمة برفض الطعن بالإنكار وتغريم المطعون ضدهما أربعة جنيهات وبصحة ونفاذ عقد
البيع العرفي المؤرخ 23/ 12/ 1957. استأنف المطعون ضدهما ذلك الحكم بالاستئناف
المقيد برقم 1150 لسنة 77 ق طالبين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى ونعيا عليه
إغفاله الرد على تقرير قسم تحقيق الشخصية وتمسكا بأن التصرف بفرض صدوره من البائعة
قد صدر في مرض موتها وعلى سبيل التبرع فيأخذ لذلك حكم الوصية عملا بالمادتين 477
و916 من القانون المدني. وبتاريخ 31/ 12/ 1961 - قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد
الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الطعن بإنكار توقيع البائعة على عقد البيع ومن
إلزام المطعون ضدهما بالغرامة القانونية وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون
ضدهما بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة أن عقد البيع صدر من البائعة في مرض
الموت وأنه بالتالي تسرى عليه أحكام الوصية، ولتنفي الطاعنة ذلك بذات الطرق. وبعد
أن سمعت محكمة الاستئناف شهود الطرفين أصدرت في 3 يونية سنة 1962 حكما يقضى بإلغاء
الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 23 ديسمبر سنة 1957
وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم الأخير بطريق النقض وقدمت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السببين الأول والثاني.
وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب
الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والفساد في الاستدلال وفى بيان
تقول أن ذلك الحكم أقام قضاءه باعتبار العقد صادرا في مرض موت البائعة على ما قرره
من أنها كانت مريضة بمرض انتهى بوفاتها، مع أن مجرد مرض البائعة في ذاته لا يؤدى
إلى اعتبار التصرف صادرا منها في مرض الموت، بل يشترط لذلك أن يكون هذا المرض مما
يغلب فيه الهلاك وينتهى بالوفاة فعلا في بحر سنة من قيامه، وإذا كانت أقوال الشهود
التي استند إليها الحكم المطعون فيه تدل على أن المورثة البائعة كانت مريضة بمرض
السكر فان هذا المرض لا ينطبق عليه تعريف مرض الموت لأنه لا يغلب فيه الهلاك ومن
ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اعتبار البائعة مريضة بمرض الموت وقت
البيع قد أخطأ في تطبيق بخطئه في فهم التعريف القانوني لمرض الموت كما شابه فساد
في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح
ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر ما نصه "وبما أن المحكمة تستخلص من سماع الشهود
إثباتا ونفيا ما ذهب إليه المستأنفان من أن عقد البيع سالف الذكر إنما حرر في مرض
الموت وعلى سبيل التبرع بقصد إيثار المستأنف ضدها وحرمان أخوى البائعة المستأنفين
من نصيبهما الميراثي". ثم أورد الحكم مضمون أقوال الشهود وانتهى إلى القول
"ومؤدى ذلك أن البائعة كانت وقت تحرير عقد البيع مريضة بمرض انتهى بوفاتها
بعد تحرير العقد ببضعة أشهر وأنها لم تقبض ثمنا من ابنتها المشترية أمام أى شاهد
وأنها كلفت ابنتها المشترية وقت تحرير العقد بالصرف على مأتمها مقابل شرائها
المنزل موضوع الدعوى شعورا منها بدنو أجلها، ولم تقدم المشترية أى دليل على أنها
وضعت يدها على المنزل الذى اشترته في حياة والدتها البائعة وكانت الأخيرة موسرة
بشهادة شهود المستأنف عليها وبالتالي لم تكن في حاجة إلى بيع منزلها. ولكل ما تقدم
ترى المحكمة أن عقد البيع موضوع الدعوى هو في حقيقته وصية تسرى عليه أحكامها"
ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر على تقرير أن البائعة كانت
وقت البيع مريضة بمرض انتهى بها إلى الوفاة، دون أن يبين نوع هذا المرض وهل كان
يغلب فيه الهلاك وقت حصول التصرف وهو بيان لازم لمعرفة هل يصح اعتباره مرض موت أم
لا يصح، ولا يغنى في ذلك أن يكون بعض الشهود الذين أشار الحكم إلى أقوالهم قد قرر
أن المورثة كانت مريضة بمرض السكر وقت صدور التصرف منها إلى الطاعنة لأن الحكم لم
يبين كيف يغلب الهلاك في مرض السكر ودليله على ذلك، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون
فيه يكون قاصر البيان بما يستوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
(1) راجع نقض 30/ 4/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 626.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق