جلسة 30 من ديسمبر سنة
1963
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة
المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.
---------------
(186)
الطعن رقم 963 لسنة 33
القضائية
(أ) تزوير. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة
التزوير: تحققه بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً، وبنية
استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه. تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن
هذا الركن. لا يلزم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه.
(ب) تزوير. محررات رسمية.
خدمة عسكرية.
كشف العائلة الذي يحرر
للإعفاء من الخدمة العسكرية. اعتباره ورقة رسمية. متى كان قد وقع من شيخ الحارة
واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم الجمهورية. لا يؤثر في ذلك: أن يكون شيخ الحارة
غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف متى كان هذا العيب قد فاتت ملاحظته على
الموظفين المختصين فصدرت على أساسه شهادة الإعفاء من الخدمة العسكرية.
----------------
1 - الأصل أن القصد
الجنائي في جريمة التزوير وإنما يتحقق بتعمد تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من
شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت من أجله الحقيقة فيه. ولا يلزم
التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا الركن، ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل
على قيامه.
2 - مفاد نصوص المواد 7
و16 و17 و19 و34 و35 من القانون رقم 9 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 505 لسنة
1955 الخاص بالخدمة العسكرية والوطنية - أنه إذ حرر الطاعن كشفاً بعائلة المتهم
الذي أريد إعفاؤه من الخدمة العسكرية بدون وجه حق ووقع عليه بوصفه شيخ الحارة
واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم الجمهورية فإنه يكون قد اكتسب بذلك صفة الأوراق
الرسمية، ولا يقدح في هذا أن يكون الطاعن غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف أو أن
يكون شيخ القسم لم يوقع مع الطاعن على الكشف المذكور. ذلك بأنه من المقرر أنه إذا
كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب عدم اختصاص من نسب إليه تحريره مما تفوت ملاحظته
على كثير من الناس فإن العقاب واجب على اعتبار أن المحرر رسمي لتوقع حصول الضرر
بسببه على كل حال. ولما كان هذا العيب بفرض قيامه قد فاتت ملاحظته على الموظفين
المختصين فصدرت على أساسه شهادة إعفاء المتهم من الخدمة العسكرية بدون وجه حق فإن
الحكم إذ اعتبر التغيير في الحقيقة الذي حصل في الورقة الرسمية سالفة البيان
تزويراً رسمياً يكون قد طبق القانون على الوجه الصحيح.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم
2 من أكتوبر سنة 1958 بدائرة قسم العرب محافظة بور سعيد: (المتهم الأول) بصفته
موظفاً عمومياً "شيخ حارة منتزه سعد بور سعيد" ارتكب تزويراً في محرر
رسمي هو كشف العائلة المحرر عنه النموذج رقم 20 تجنيد الخاص بالمتهم الثالث حال
تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها
بأن اغفل إثبات اسم صالح السيد على عمر بين أسماء أشقاء المتهم المذكور حتى يستحق
الإعفاء من التجنيد الإجباري و(المتهم الثاني) استعمل المحرر المزور سالف الذكر مع
علمه بتزويره بأن أرسله إلى إدارة التجنيد لاستخراج شهادة إعفاء المتهم الثالث من
التجنيد الإجباري بموجبه. و(المتهم الثاني أيضاً مع المتهمين الثالث والرابع)
اشتركوا مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير في
المحرر الرسمي المنسوب إليه وذلك بأن اتفقوا معه على إغفال ذكر اسم صالح السيد على
عمر من ضمن أشقاء المتهم الثالث في هذا المحرر وقدموه له لهذا الغرض فتمت الجريمة
بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة و(المتهم الأول أيضاً مع المتهمين الثالث
والرابع) اشتركوا مع المتهم الثاني بطريق الاتفاق في ارتكاب جريمة استعمال المحرر
المزور المنسوب إليه بأن اتفقوا معه على إرسال هذا المحرر بعد تزويره إلى إدارة
التجنيد لاستخراج شهادة إعفاء المتهم الثالث من التجنيد الإجباري بموجبه فتمت
الجريمة بناء على هذا الاتفاق وطلبت إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد
40/ 2 - 3 و41 و213 و214 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بور
سعيد قضت حضورياً بتاريخ 27 من مارس سنة 1962 عملاً بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و211
و212 و214 من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 17 و32/ 2 و55 و 56 من القانون
المذكور بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذ
العقوبة لمدة ثلاث سنوات بالنسبة لهم جميعاً. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق
النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك
بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة التزوير في محرر رسمي هو كشف العائلة
المحرر على النموذج رقم 20 تجنيد الخاص بالمتهم الثالث معه في الدعوى وبالاشتراك
في استعمال هذا المحرر المزور في حين أنه باطل ولا حجية له لصدوره منه وهو غير
مختص إذ أنه يعمل شيخاً للحارة بقسم العرب وقد وقع على كشف عائلة ذلك المتهم
المقيمة بدائرة قسم آخر هو قسم المناخ في الخانة المعدة لتوقيع شيخ الحارة ولم
يوقع شيخ هذا القسم عليه ومن ثم فلا يعتد به في الإثبات لأن القانون رقم 9 لسنة 1959
في شأن الخدمة العسكرية والوطنية قد أوجب أن يكون كشف العائلة محرراً من شيخ
الحارة ومن شيخ القسم ومندوب التجنيد بعد مراجعة وتمحيص من هذين الأخيرين ثم يعتمد
من مأمور القسم المختص وهذا البطلان بالإضافة إلى عدم اختصاص الطاعن بالتوقيع ما
كان يفوت على أحد من الموظفين المختصين الذين يشترط فيهم الدقة في قيامهم بأعمالهم
ولهذا فإن ركن الضرر في جريمة التزوير يكون غير متوافر. كما أن الطاعن قد وقع بحسن
نية على هذا الكشف بناء على طلب المتهم الثاني معه في الدعوى وهو مندوب التجنيد
الذي أوهمه أن المتهم الثالث المراد إعفاؤه من التجنيد - قريبه - وقد ثبت أنه لا
علاقة لهذا الأخير بالطاعن مما ينفى عنه القصد الجنائي في هذه الجريمة. غير أن
الحكم ذهب إلى أن الطاعن كان يعلم بأن المتهم الثاني - الموظف المختص بشئون
التجنيد - ليس من أهالي بور سعيد ولا تربطه بالمتهم الثالث أية رابطة مع أن الثابت
من أقوال المتهم الثاني نفسه أنه من مواليد بور سعيد وهو ما كان يعلمه عنه الطاعن
ولكنه لم يكن يعلم أنه لا قرابة بينه وبين المتهم الثالث موضوع الكشف الذي دين به.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن شيخ قسم المناخ ببور سعيد اكتشف أن "السيد
السيد عمر" المتهم الثالث في الدعوى قد أعفى من الخدمة العسكرية إعفاء
نهائياً بدعوى أنه أكبر أفراد أسرته التالي لأخيه الذي استشهد بأبي حماد في خلال
العدوان على بور سعيد سنة 1956 مع أن الذي يستحق الإعفاء قانوناً هو أخيه صالح
السيد على عمر وقد تبين من التحقيق أن الطاعن هو الذي قام بملء بيانات كشف العائلة
المدون على الأنموذج رقم 20 تجنيد المؤرخ 2/ 10/ 1958 ووقع عليه بإمضائه في خانة
شيخ الحارة كما وقع عليه مأمور قسم العرب وختم بختم الجمهورية وجاء بذيل هذا الكشف
أن الطالب وهو المتهم الثالث هو بذاته الأخ الثاني لأخيه العسكري الذي استشهد بجهة
أبى حماد ووقع الطاعن على هذه العبارة كذلك وقد صدرت شهادة الإعفاء باسم المتهم
الثالث تأسيساً على تلك البيانات وذلك على خلاف الحقيقة. وساق الحكم على ثبوت
الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وخلص الحكم
إلى قوله "وحيث إنه لا جدال في أن كشف العائلة المحرر على النموذج رقم 20
تجنيد يعتبر محرراً رسمياً بعد أن يوقع عليه الشيخ ومأمور القسم وأن الأول يعتبر
موظفاً عمومياً وأن المتهم الثاني قد استعمل هذا المحرر بعد تزويره وهو عالم بحصول
هذا التزوير. كما أن اشتراك المتهمين الثاني والثالث والرابع مع المتهم الأول
(الطاعن) بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب التزوير في ذلك المحرر واشتراك
المتهمين الأول (الطاعن) والثالث والرابع مع المتهم الثاني في ارتكاب جريمة
الاستعمال كل ذلك ثابت من تعاصر فعل الفاعل مع ما وقع من غيره من الشركاء ومن
توافر النية لدى الشركاء للتدخل مع الفاعل تدخلاً مقصوداً قد تجاوب صداه مع فعله
وتحقق فيه معنى تسهيل الجريمة". وما انتهى إليه الحكم فميا تقدم سائغ وصحيح
في القانون. ذلك بأن القانون رقم 9 لسنة 1958 المعدل للقانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص
بالخدمة العسكرية والوطنية المطبق على واقعة الدعوى. قد نص في الفقرة الرابعة من
البند الأول من المادة السابعة منه على أنه يعفى من الخدمة العسكرية والوطنية
نهائيا.... الأخ الأكبر أو التالي للمجند إلزامياً أو المتطوع طبقاً لأحكام
المادتين 34 و35 الذي توفى بسبب الخدمة العسكرية أو الوطنية أو سرح لمرض أو إصابة
أو عاهة أصابته بسبب الخدمة فيها وكان من شأنها عجزه عن الكسب ونظمت المادتان 16،
17 كيفية إعداد كشوف الخاضعين للتجنيد وطريقة التظلم من الأخطاء التي قد تتضح فيها
من حيث إدراج أسماء أو إسقاطها بدون وجه حق. ثم نصت المادة 19 على أنه "يحرر
العمد والمشايخ بالاشتراك مع الصيارف بالمراكز والبنادر ومشايخ الحارات والأقسام
بالاشتراك مع مندوبي التجنيد بالأقسام وعمد ومشايخ قبائل العربان بالاشتراك مع
موظفي الإدارة المختصين لمناطق الحدود كشوفاً مستوفاة بعائلات المدرجين بالكشف
المنصوص عنه بالبند (ج) من المادة 16 الذين يتوافر فيهم سبب من أسباب الإعفاء
النهائي وتعتمد تلك الكشوف من مأمور المركز أو البندر أو القسم" ومفاد هذه
النصوص أنه إذ حرر الطاعن كشفاً بعائلة المتهم الثالث، الذي أريد إعفاؤه من الخدمة
العسكرية بدون وجه حق ووقع عليه بوصفه شيخ الحارة واعتمده مأمور القسم وختم بخاتم
الجمهورية فإنه يكون قد اكتسب بذلك صفة الأوراق الرسمية ولا يقدح في هذا أن يكون
الطاعن غير مختص مكانياً بتحرير ذلك الكشف أو أن يكون شيخ القسم لم يوقع مع الطاعن
على الكشف المذكور. ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب
عدم اختصاص من نسب إليه تحريره مما تفوت ملاحظته على كثير من الناس فإن العقاب
واجب في هذه الصورة على اعتبار أن المحرر رسمي لتوقع حصول الضرر بسببه على كل حال
ولما كان هذا العيب بفرض قيامه قد فاتت ملاحظته على الموظفين المختصين فصدرت على
أساسه شهادة إعفاء المتهم الثالث من الخدمة العسكرية بدون وجه حق فإن الحكم إذ
اعتبر التغيير في الحقيقة الذي حصل في الورقة الرسمية سالفة البيان تزويراً رسمياً
يكون قد طبق القانون على الوجه الصحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم قد تناول ما تمسك
به الطاعن من أنه كان حسن النية حين وقع على هذا الكشف فرد عليه بقوله "إن
المتهم الأول وهو شيخ منتزه سعد ببور سعيد ما كان يحق له التوقيع على كشف عائلة
المتهم الثالث ولم يكن من بين أفراد شياخته ومن غير المستساغ وقد قضى في عمله سنين
طويلة، أن يصدق ما ذكره له المتهم الثاني من أن المتهم الثالث ابن خالته أو يمت له
بصلة القربى وهو يعلم أن المتهم الثاني ليس من أهالي بور سعيد ولا تربطه بالمتهم
الثالث أية رابطة" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وله مأخذه من دفاع المتهم
الثاني بالجلسة من أن الطاعن يعلم أنه من أهالي القاهرة ويتوافر به قيام سوء القصد
لدى الطاعن ذلك بأن الأصل أن القصد الجنائي في جريمة التزوير إنما يتحقق بتعمد
تغيير الحقيقة في محرر تغييراً من شأنه أن يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما
غيرت من أجله الحقيقة فيه. ولا يلزم التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن هذا
الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه وهو ما لم يخطئ الحكم في
تقديره. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق