جلسة 12 من مارس سنة 1963
برياسة السيد المستشار/ السيد أحمد عفيفي، وبحضور
السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وحسين السركي.
-----------------
(38)
الطعن رقم 10 لسنة 33
قضائية
إثبات "بوجه عام". حكم.
"تسبيبه". "تسبيب معيب".
للمحكمة الأخذ برواية
منقولة، متى تبينت صحتها، واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.
وجوب أن تكون مدونات
الحكم كافية بذاتها لإيضاح إلمام المحكمة الصحيح بمبنى الأدلة القائمة في الدعوى
وتبينها حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد. إيراد الحكم رواية أحد شهود
الإثبات على صورة غامضة يجعله مشوباً بالغموض في هذه الناحية. وجوب نقضه والإحالة.
-------------
ليس في القانون ما يمنع
المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه،
إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت
في الدعوى بالإدانة قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت
حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه
أورد رواية أحد شهود الإثبات على صورة غامضة قد توحي بأنه يروى واقعة شهدها بنفسه
كما أنها قد تحمل على الظن بأنه يروى رواية أبلغها إليه والد المجني عليه الذي شهد
برؤيته الحادث، فإن الحكم يكون مشوباً بالغموض في هذه الناحية مما يتعين معه نقضه
والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين الثلاثة ورابع
بأنهم في 12 يونيه سنة 1961 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: أولاً - المتهمون
جميعاً قتلوا عاطف عبد الصالحين عبد المعبود عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن
عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وتربصوا به في طريق عودته من حقله
وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به
الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته: وثانياً - المتهمون
الثلاثة الأول حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة "بنادق" بغير ترخيص من
وزير الداخلية أو من ينوبه. وثالثاً - المتهمون الثلاثة الأول أيضاً: حازوا
وأحرزوا ذخائر "طلقات" مما تستعمل في أسلحة نارية لم يرخص لهم بحيازتها.
ورابعاً: المتهم الرابع - حاز وأحرز سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية
خرطوش" وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و231 و232 من
قانون العقوبات و1 و26/ 1 - 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل
بالقانون رقم 546 لسنة 1956 والجدولين 2 و3 المرفقين. وادعى عبد الصالحين عبد
المعبود عبد الصالحين (والد القتيل) بحق مدني بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض
المؤقت قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 24/ 3/
1962 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بالنسبة
إلى المتهمين الثلاثة الأول والمواد 1 و5 و8 و29 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 2 المرافق بالنسبة إلى المتهم
الرابع أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس
عشرة سنة عما أسند إلى كل منهم وبإلزامهم متضامنين أن يؤدوا للمدعى بالحق المدني
عبد الصالحين عبد المعبود عبد الصالحين مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت
وألزمتهم المصروفات المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وثانياً -
بتغريم المتهم الرابع مبلغ عشرة جنيهات ومصادرة السلاح المضبوط وذلك عن تهمة إحراز
السلاح وبراءته من تهمة القتل المسندة إليه ورفض الدعوى المدنية قبله. فطعن
الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه
الإبهام والغموض ذلك أنه حين أشار إلى شهادة الشاهد محمود علي خليفة أوردها على
صورة مبهمة لا يبين منها إن كان الشاهد المذكور قد شاهد وقوع الحادث أم أن ما شهد
به إنما جاء نقلاً عن رواية سمعها من شاهد آخر.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى قال "إن الأدلة على جريمة القتل توافرت قبل
المتهمين الثلاثة (الطاعنين) من أقوال وشهادة كل من عبد الصالحين عبد المعبود عبد
الصالحين ومحمد عبد الرحمن أحمد شاهين ومحمود علي خليفة وبهنساوى أحمد عبد الحق وعبد
الرحمن أحمد عبد الكريم ومن تقرير الصفة التشريحية". ثم أورد شهادة الشاهدين
الأولين بما يفيد رؤيتهم الطاعنين يطلقون النار من بنادقهم على المجني عليه. وحين
أشار إلى شهادة محمود علي خليفة نقل عنه أنه شهد أمام النيابة والجلسة بأنه
"أثناء عودة والد المجني عليه عبد الصالحين عبد المقصود إلى بلدته الحريدات
البحرية وبصحبته كل من المجني عليه والشاهد الثاني محمد عبد الرحمن شاهين خرج
عليهم المتهمون الثلاثة الأول من زراعتهم وأطلقوا النار عليهم من بنادقهم التي
كانوا يحملونها وقد تمكن هو ومحمد عبد الرحمن شاهين من النجاة بينما وقع المجني
عليه في قبضة المتهمين فأطلقوا عليه النار حتى أجهزوا عليه. وقد ارتكب المتهمون
الحادث لوجود ثأر بينهم وبين الشاهد الثاني محمد عبد الرحمن شاهين... إلخ".
ولما كان إيراد رواية الشاهد محمود علي خليفة على هذه الصورة الغامضة قد يوحى بأنه
يروى واقعة شهدها بنفسه كما أنه قد يحمل على الظن بأنه يروى رواية أبلغها إليه
والد المجني عليه الذي شهد برؤيته الحادث.
وحيث إنه وإن لم يكن في
القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى تبينت صحتها واقتنعت بصدورها
عمن نقلت عنه إلا أنه مع ذلك يجب أن تكون مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن
المحكمة حين قضت في الدعوى بالإدانة قد ألمت الماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة
فيها وأنها تبينت حقيقة الأساس الذي تقوم عليه شهادة كل شاهد مما قصر الحكم
المطعون فيه في استظهاره فجاء مشوباً بالغموض في هذه الناحية ومن ثم فإنه يتعين قبول
الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى مع
إلزام المطعون ضده المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق